إن فكرة المجتمع الحديث في السوسيولوجيا الدوركهايمية، تقوم على اقتناع صاحب "في تقسيم العمل الاجتماعي" مثله مثل كل مؤسسي الفكر السوسيولوجي خاصة كارل ماركس وأوكست كونت؛ بأن المجتمعات الغربية بشكل عام تعيش مرحلة انتقالية بين نموذجين من الوجود الاجتماعي، يختلف كل واحد منهما عن الآخر بشكل كلي، ورغم اختلاف تقدير دوركهايم للمجتمع الحديث، مقارنة مع باقي مؤسسي الفكر السوسيولوجي وخاصة كونت وماركس. فإن أهم ما يميز مقاربته للحداثة هو المكانة التي منحها لتقسيم العمل، باعتباره مصدراً مهماً ومركزياً في تحليل التمايز البنيوي داخل المجتمعات الحديثة.

1. 2016 © ‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‬ ‫اﻟﺤﻘﻮق‬ ‫ﺟﻤﻴﻊ‬All rights reserved © 2016
‫ﻣﺤﻜﻢ‬ ‫ﺑﺤﺚ‬2016 ‫ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ‬ 29 ‫ا�ﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬ ‫واﻟﻌﻠﻮم‬ ‫اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ‬ ‫ﻗﺴﻢ‬
‫دوركايم‬‫إميل‬
‫للحداثة‬‫السوسيولوجي‬‫والتأسيس‬
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
‫مغربي‬ ‫باحث‬

2. ‫للحداثة‬‫السوسيولوجي‬‫والتأسيس‬‫دوركايم‬‫إميل‬

3. 3
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
www.mominoun.com ‫اإلنسانية‬ ‫والعلوم‬ ‫الفلسفة‬ ‫قسم‬
:‫امللخص‬
‫أعماله‬ ‫مجموع‬ ‫في‬ ‫دوركايم‬ ‫رسمها‬ ‫كما‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫مالمح‬ ‫عند‬ ‫الوقوف‬ ‫الدراسة‬ ‫هذه‬ ‫تحاول‬
‫والعلمية‬ ‫الفكرية‬ ‫حياة‬ ‫تطور‬ ‫من‬ ‫مختلفة‬ ‫فترات‬ ‫في‬ ‫األخير‬ ‫هذا‬ ‫قدمها‬ ‫التي‬ ‫الدراسات‬ ‫من‬ ‫الكثير‬ ‫وفي‬ ،‫الكبرى‬
‫التي‬ ‫التصورات‬ ‫مجموع‬ ‫بين‬ ‫المجتمع‬ ‫لنفس‬ ‫دوركايم‬ ‫تصور‬ ‫موقعة‬ ‫إلى‬ ‫تسعى‬ ‫أنها‬ ‫كما‬ ،‫كذلك‬ ‫واإليديولوجية‬
‫القراءات‬ ‫لتجاوز‬ ‫محاولة‬ ‫نظرنا‬ ‫في‬ ‫يمثل‬ ‫ما‬ ‫وهو‬ ،‫الفترة‬ ‫نفس‬ ‫في‬ ‫الحديثة‬ ‫والمجتمعات‬ ‫الحداثة‬ ‫حول‬ ‫تشكلت‬
‫كنا‬ ‫وإن‬ ‫التي‬ ‫للمعرفة‬ ‫نظريته‬ ‫في‬ ‫األحيان‬ ‫من‬ ‫كثير‬ ‫في‬ ‫وحاصرته‬ ‫حصرته‬ ‫التي‬ ،‫الرجل‬ ‫لمتن‬ ‫الكالسيكية‬
‫والمجتمعي‬ ‫العلمي‬ ‫المشروع‬ ‫من‬ ‫جزءا‬ ‫نعتبرها‬ ‫أننا‬ ‫إال‬ ،‫الدوركايمي‬ ‫المتن‬ ‫اقتحام‬ ‫في‬ ‫بأهميتها‬ ‫مقتنعين‬
.‫األخير‬ ‫هذا‬ ‫أنجزه‬ ‫الذي‬ ‫المشروع‬ ‫كل‬ ‫وليس‬ ،‫لدوركايم‬
‫ومفاهيم‬ ‫أفكار‬ ‫هي‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫والحداثة‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫أن‬ ‫على‬ ‫تقوم‬ ‫الدراسة‬ ‫لهذه‬ ‫األساسية‬ ‫الفكرة‬ ‫إن‬
‫تقسيم‬ ‫في‬ ‫نفسها‬ ‫تقدم‬ ‫أنها‬ ‫رغم‬ ،‫منه‬ ‫المعرفي‬ ‫حتى‬ ‫الدوركايمي‬ ‫المتن‬ ‫كل‬ ‫في‬ ‫توجد‬ ،‫اجتماعية‬ ‫وتصورات‬
‫بشكل‬ ،‫التربية‬ ‫حول‬ ‫المتعددة‬ ‫دوركايم‬ ‫وأعمال‬ ‫الدينية‬ ‫للحياة‬ ‫األولية‬ ‫واألشكال‬ ‫واالنتحار‬ ‫االجتماعي‬ ‫العمل‬
‫بنياته‬ ‫تتمايز‬ ‫الذي‬ ‫المجتمع‬ ‫ذلك‬ ‫هو‬ ‫لدوركايم‬ ‫بالنسبة‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫أن‬ ‫القول‬ ‫أمكننا‬ ‫لذلك‬ ،‫وواضح‬ ‫جلي‬
‫ما‬ ‫بكل‬ ‫االجتماعي‬ ‫للعمل‬ ‫وكبير‬ ‫كثيف‬ ‫تقسيم‬ ‫على‬ ‫يقوم‬ ‫الذي‬ ‫المجتمع‬ ‫إنه‬ ،‫فيه‬ ‫ومعتقداتهم‬ ‫األفراد‬ ‫وأفعال‬
‫إنه‬ ،‫الدولة‬ ‫ومؤسسات‬ ‫والمصانع‬ ‫المعامل‬ ‫في‬ ‫والثقافة‬ ‫واالقتصاد‬ ‫السياسة‬ ‫في‬ ،‫معاني‬ ‫من‬ ‫الكلمة‬ ‫هذه‬ ‫تحمله‬
‫إنه‬ .‫باألساس‬ ‫والالشخصانية‬ ‫الثانوية‬ ‫للعالقات‬ ‫كبير‬ ‫انتعاش‬ ‫مقابل‬ ‫األولية‬ ‫العالقات‬ ‫فيه‬ ‫تضعف‬ ‫الذي‬ ‫المجتمع‬
‫الدولة‬ ‫فيه‬ ‫وتصبح‬ ،‫األسرة‬ ‫مكان‬ ‫المدرسة‬ ‫فيه‬ ‫وتستمحل‬ ‫عام‬ ‫شأن‬ ‫إلى‬ ‫التربية‬ ‫فيه‬ ‫تتحول‬ ‫الذي‬ ‫المجتمع‬ ‫كذلك‬
‫تقوم‬ ‫الذي‬ ‫المجتمع‬ ‫هو‬ ‫لدوركايم‬ ‫بالنسبة‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫إن‬ ،‫االجتماعية‬ ‫التنشئة‬ ‫عملية‬ ‫عن‬ ‫األول‬ ‫المسئول‬
‫كثافة‬ ‫وأن‬ ‫خاصة‬ ‫الجميع‬ ‫استيعاب‬ ‫على‬ ‫قادرة‬ ‫تكون‬ ‫بحيث‬ ‫الئكية‬ ‫قيم‬ ‫على‬ ‫األخالقية‬ ‫والمعاني‬ ‫األخالق‬ ‫فيه‬
‫تربوية‬ ‫كمؤسسات‬ ‫واألسرة‬ ‫الدين‬ ‫من‬ ‫يجعل‬ ‫والثقافات‬ ‫والديانات‬ ‫األعراق‬ ‫تنوع‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬
‫خروج‬ ‫في‬ ‫فيظهر‬ ،‫دوركايم‬ ‫تمثله‬ ‫كما‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫الثالث‬ ‫البعد‬ ‫أما‬ .‫للتربية‬ ‫مانعة‬ ‫بل‬ ‫فاشلة‬ ‫مؤسسات‬
‫ستصبح‬ ‫التي‬ ‫العلمية‬ ‫المعرفة‬ ‫تقدم‬ ‫بسبب‬ ،‫عام‬ ‫بشكل‬ ‫المجتمع‬ ‫من‬ ‫وانسحابه‬ ‫بل‬ ،‫العمومي‬ ‫المجال‬ ‫من‬ ‫الدين‬
.‫وتحليله‬ ‫العالم‬ ‫لفهم‬ ‫األفراد‬ ‫يستعملها‬ ‫التي‬ ‫والمعاني‬ ‫المعارف‬ ‫لكل‬ ‫األول‬ ‫السجل‬

4. 4
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
‫اإلنسانية‬ ‫والعلوم‬ ‫الفلسفة‬ ‫قسم‬www.mominoun.com
‫التقديم‬ ‫سبيل‬ ‫عىل‬
‫االجتماعي‬ ‫العلم‬ ‫في‬ ‫الباحثين‬ ‫بعض‬ ‫كان‬ ‫وإذا‬ ،ً‫ونقدا‬ً‫درسا‬ ‫قتلت‬ ‫قد‬ ‫اإلبيستمولوجية‬ ‫دوركايم‬ ‫أعمال‬ ‫كانت‬ ‫إذا‬
،‫كعلم‬ ‫للسوسيولوجيا‬ ‫تصوره‬ ‫زاوية‬ ‫ومن‬ ‫المعرفة‬ ‫في‬ ‫نظريته‬ ‫باب‬ ‫من‬ ‫إال‬ ،‫الدوركايمي‬ ‫اإلرث‬ ‫يناقشون‬ ‫ال‬
،‫األساسية‬ ‫أطروحاته‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫تجاوزه‬ ‫يجب‬ ‫أو‬ ‫تجاوزه‬ ‫تم‬ ً‫علميا‬ ً‫تقليدا‬ ‫باعتبارها‬ ‫السوسيولوجية‬ ‫والممارسة‬
ً‫حيزا‬ ‫تحتل‬ ‫التي‬ ‫الكبرى‬ ‫االجتماعية‬ ‫القضايا‬ ‫من‬ ‫وعدد‬ ‫الحديثة‬ ‫المجتمعات‬ ‫حول‬ ‫وتصوراته‬ ‫أفكاره‬ ‫بعض‬ ‫فإن‬
،‫االشتراكية‬ ،‫الصراع‬ ،‫االجتماعي‬ ‫التمايز‬ ،‫التربية‬ ،‫(الدين‬ ‫مثل‬ ‫المعاصر‬ ‫والسياسي‬ ‫العلمي‬ ‫النقاش‬ ‫في‬ ً‫مهما‬
‫من‬ ‫محدودة‬ ‫فئة‬ ‫قبل‬ ‫من‬ ‫إال‬ ،‫الفعل‬ ‫نفس‬ ‫من‬ ‫الكافي‬ ‫بالشكل‬ ‫حقها‬ ‫تنل‬ ‫لم‬ ،)‫األسرة...الخ‬ ،‫األخالق‬ ،‫الدولة‬
‫ورايمون‬ 4
‫تورين‬ ‫وآالن‬ 3
‫وهابرماس‬ 2
‫مارتيشولي‬ ‫ودانيلو‬ 1
‫آرون‬ ‫كرايمون‬ ‫االجتماع‬ ‫علم‬ ‫في‬ ‫الباحثين‬
،‫المعاصرة‬ ‫السوسيولوجيا‬ ‫تجاوز‬ ‫عن‬ ‫المتداول‬ ‫الحديث‬ ‫أن‬ ‫بآخر‬ ‫أو‬ ‫بشكل‬ ‫يعني‬ ‫ما‬ ‫وهذا‬ .‫...الخ‬5
‫بودون‬
‫الفردانية‬ ،‫االجتماعية‬ ‫الفينومينولوجيا‬ ،‫(اإلثنوميتودولوجيا‬ 6
‫المعرفية‬ ‫صيغتها‬ ‫في‬ ‫الدوركايمية‬ ‫للسوسيولوجيا‬
‫الدوركايمي‬ ‫التصور‬ ‫راهنية‬ ‫عنا‬ ‫يحجب‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫ال‬ ،)‫التكوينية...الخ‬ ‫البنيوية‬ ،‫النسقية‬ ‫الوظيفية‬ ،‫المنهجية‬
‫االجتماعية‬ ‫والمؤسسات‬ ‫العالقات‬ ‫بنية‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫سواء‬ ،‫اجتماعية‬ ‫ظاهرة‬ ‫باعتبارها‬ ‫وللحداثة‬ ‫الحديث‬ ‫للمجتمع‬
‫والتربية‬ ‫والعمل‬ ‫الدين‬ ‫وجود‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫أو‬ ،‫داخلها‬ ‫الفردي‬ ‫والفعل‬ ‫الفرد‬ ‫مكانة‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫أو‬ ،‫تؤسسها‬ ‫التي‬
‫المجتمع‬ ‫تشكل‬ ‫في‬ ‫مساهمتها‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫تختلف‬ ‫كبنيات‬ ‫أو‬ ‫حديثة‬ ‫كقيم‬ ‫فيها‬ ..‫والقانون‬ ‫والدولة‬ ‫واألسرة‬ ‫والقيم‬
‫هذا‬ ‫في‬ ‫أحدثتها‬ ‫أو‬ ‫أنتجتها‬ ‫التي‬ ‫االجتماعية‬ ‫واإلختالالت‬ ‫األمراض‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫حتى‬ ‫أو‬ ،‫ووجوده‬ ‫الحديث‬
.‫فعلها‬ ‫مستويات‬ ‫وتباين‬ ‫اختالفها‬ ‫على‬ ‫االجتماعية‬ ‫وبنياته‬ ‫مؤسساته‬ ‫كل‬ ‫وفي‬ ‫األخير‬
‫األسئلة‬ ‫تجاوز‬ ‫على‬ ً‫أوال‬ ‫تتأسس‬ ،‫الدوركايمية‬ ‫للسوسيولوجيا‬ ‫الدراسة‬ ‫هذه‬ ‫في‬ ‫نقدم‬ ‫التي‬ ‫القراءة‬ ‫إن‬
‫السوسيولوجي‬ ‫المنهج‬ ‫قواعد‬ ‫األحيان‬ ‫أغلب‬ ‫في‬ ‫تتعدى‬ ‫لم‬ ‫والتي‬ ‫دوركايم‬ ‫أعمال‬ ‫إلى‬ ‫وجهت‬ ‫التي‬ ‫الكالسيكية‬
.‫االجتماعي‬ ‫العمل‬ ‫وتقسيم‬‫والتربية‬ ‫بالدين‬ ‫المرتبط‬ ‫خاصة‬ ‫الدوركايمي‬ ‫المتن‬ ‫لباقي‬ ‫قراءتها‬‫عند‬ ‫حتى‬ ،‫واالنتحار‬
‫ومفهوم‬ ‫تجربة‬ ‫أن‬ ‫وهي‬ ‫المعاصر؛‬ ‫المعرفي‬ ‫المجال‬ ‫داخل‬ ‫األهمية‬ ‫في‬ ‫غاية‬ ‫نقطة‬ ‫عند‬ ‫ثانية‬ ‫مرحلة‬ ‫في‬ ‫وتتضح‬
‫مجال‬ ‫أو‬ ‫العقل‬ ‫حدود‬ ‫عند‬ ‫يقف‬ ‫ال‬ ‫الطبيعي‬ ‫مكانها‬ ‫أن‬ ‫كما‬ ،‫وحدها‬ ‫الفلسفية‬ ‫المعرفة‬ ‫تخص‬ ‫ال‬ ‫ظاهرة‬ ‫الحداثة‬
‫ظاهرة‬ ‫إنها‬ ‫بل‬ ،7
‫والمعاصرة‬ ‫الحديثة‬ ‫الفلسفية‬ ‫والمتون‬ ‫االتجاهات‬ ‫من‬ ‫الكثير‬ ‫ذلك‬ ‫عن‬ ‫دافعت‬ ‫كما‬ ‫الوعي‬
1 Raymond, Aron, Les sociétés modernes, PUF, 2006.
2 Danilo, Martuccelli, Sociologie de la modernité L’itinéraire du XXe siècle, Editions Gallimard, 1999.
3 Jürgen, Habermas, Théorie de l’agir communicationnelle, paris, Fayard, 1987.
4 Alain, Touraine, Critique de la modernité, paris, Fayard, 1992.
5 Raymond, Boudon, Etude sur les Sociologues Classiques, PUF, 1998.
.‫دراستها‬ ‫عند‬ ‫االجتماعية‬ ‫والظواهر‬ ‫الألفعال‬ ‫تشييء‬ ‫قاعدة‬ ‫عرفت‬ 6
،‫الحديث‬ ‫للمجتمع‬ ‫المؤسسة‬ ‫البنيات‬ ‫باقي‬ ‫إغفال‬ ‫ويتم‬ ‫الحديث‬ ‫للمجتمع‬ ‫المؤسسة‬ ‫البنية‬ ‫باعتبارها‬ ‫العقل‬ ‫مشكلة‬ ‫على‬ ‫للحداثة‬ ‫العربي‬ ‫التلقي‬ ‫يركز‬ ‫ما‬ ‫7غالبا‬
‫رباعية‬ ‫في‬ ‫الجابري‬ ‫عابد‬ ‫محمد‬ ‫أطروحة‬ ‫إلى‬ ‫اإلطار‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫العودة‬ ‫يمكن‬ ،‫خالص‬ ‫نظري‬ ‫هو‬ ‫وبما‬ ‫بالوعي‬ ‫ترتبط‬ ‫للحداثة‬ ‫الكبرى‬ ‫المشكلة‬ ‫أن‬ ‫لو‬ ‫كما‬
‫للحداثة‬ ‫الكبرى‬ ‫العتبة‬ ‫باعتبارها‬ ‫الديكارتية‬ ‫على‬ ‫التركيز‬ ‫أن‬ ‫كما‬ ،‫المجال‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫كثيرة‬ ‫واألمثلة‬ ‫العقل‬ ‫مفهوم‬ ‫في‬ ‫العروي‬ ‫هللا‬ ‫عبد‬ ‫إلى‬ ‫أو‬ ،‫العربي‬ ‫العقل‬
.‫للحداثة‬ ‫أخرى‬ ‫عتبات‬ ‫إلى‬ ‫االنتباه‬ ‫في‬ ‫مثال‬ ‫العربية‬ ‫المجتمعات‬ ‫على‬ ‫الوقت‬ ‫من‬ ‫كثير‬ ‫ضياع‬ ‫إلى‬ ‫أدى‬

5. 5
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
www.mominoun.com ‫اإلنسانية‬ ‫والعلوم‬ ‫الفلسفة‬ ‫قسم‬
‫في‬ ‫تظهر‬ ‫االجتماعية؛‬ ‫الحياة‬ ‫تضاعيف‬ ‫مختلف‬ ‫في‬ ‫وتبدو‬ ،‫شيء‬ ‫كل‬ ‫وقبل‬ ‫أوال‬ ‫المجتمع‬ ‫تعني‬ ‫كلية‬ ‫اجتماعية‬
‫العالقات‬ ‫نوع‬ ‫في‬ ‫وتظهر‬ ،‫األنماط‬ ‫هذه‬ ‫عليها‬ ‫تقوم‬ ‫التي‬ ‫الوسائل‬ ‫وفي‬ ،‫المجتمع‬ ‫يعتمدها‬ ‫التي‬ ‫اإلنتاج‬ ‫أنماط‬
‫والتوافق‬ ‫والصراع‬ ‫والتمايز‬ ‫والتواصل‬ ‫والسلطة‬ ‫الحكم‬ ‫أشكال‬ ‫وفي‬ ،‫الوسائل‬ ‫هذه‬ ‫تنتجها‬ ‫التي‬ ‫والتضامنات‬
‫األسرية‬ ‫العالقات‬ ‫في‬ ‫الوقت‬ ‫نفس‬ ‫في‬ ‫وتبدو‬ ،‫العمومي‬ ‫الفضاء‬ ‫في‬ ‫وتخلق‬ ‫تتشكل‬ ‫التي‬ ‫والحراك‬ ‫والتحرر‬
‫والموسيقى‬ ‫والفن‬ ‫المدرسة‬ ‫طبيعة‬ ‫وفي‬ ‫األخالق‬ ‫نوع‬ ‫في‬ ،‫التربية‬ ‫وأشكال‬ ،‫التدين‬ ‫أنماط‬ ‫في‬ ،‫والزواجية‬
‫في‬ ‫وتؤسسها‬ ‫إليها‬ ‫تنتهي‬ ‫التي‬ ،‫....الخ‬8
‫الطهي‬ ‫وأنواع‬ ‫المطبخ‬ ‫في‬ ‫والبناء‬ ‫العمارة‬ ‫في‬ ‫والشعر‬ ‫األدب‬ ‫في‬
‫للوجود‬ ‫كأدوات‬ ‫يستعملونها‬ ‫أو‬ ‫األفراد‬ ‫يمتلكها‬ ‫التي‬ ‫والفعل‬ ‫والوعي‬ ‫المعرفة‬ ‫أشكال‬ ‫في‬ ‫تبدو‬ ،‫الوقت‬ ‫نفس‬
.‫والعيش‬
،‫وفهمه‬ ‫العالم‬ ‫تأمل‬ ‫حدود‬ ‫عند‬ ‫يقف‬ ‫وعي‬ ‫حالة‬ ‫مجرد‬ ‫اعتبارها‬ ‫يتجاوز‬ ‫للحداثة‬ ‫السوسيولوجي‬ ‫المعنى‬ ‫إن‬
‫تتضمن‬ ‫أشياء‬ ‫ذلك‬ ‫من‬ ‫أكثر‬ ‫إنها‬ ،‫الرأس‬ ‫في‬ ‫تحدث‬ ‫أشياء‬ ‫مجرد‬ – ‫الثقافة‬ ‫عن‬ ‫حديثه‬ ‫في‬ - ‫غيرتز‬ ‫يقول‬ ‫كما‬ ‫أو‬
‫معينة‬ ‫نظرة‬ ‫تحوي‬ ‫إنها‬ ،‫والمؤسسات‬ ‫والحركات‬ ‫والمعاني‬ ‫واألحداث‬ ‫واألفعال‬ ‫واآلالت‬ ‫والكلمات‬ ‫الرموز‬
‫والتنظيمات‬ ‫بالمؤسسات‬ ‫محددة‬ ‫معرفة‬ ،‫له‬ ً‫خاصا‬ ‫واستعماال‬ ‫للمجال‬ ًَ‫معينا‬ ‫تمثال‬ ،‫فيه‬ ً‫محددا‬ ً‫وتصرفا‬ ،‫للزمن‬
.‫لها...الخ‬ ‫متميز‬ ‫واستهالك‬ ،‫االجتماعية‬ ‫والبنيات‬
‫أن‬ ‫يجب‬ ‫ال‬ ،‫الحديث‬ ‫والمجتمع‬ ‫الحداثة‬ ‫في‬ ‫دروكايم‬ ‫إميل‬ ‫بـأطروحة‬ ‫االهتمام‬ ‫أن‬ ‫التوضيح‬ ‫عن‬ ‫الغني‬ ‫من‬
‫الذي‬ ‫والدور‬ ‫الحديثة‬ ‫المجتمعات‬ ‫في‬ ‫السوسيولوجيا‬ ‫موقع‬ ‫هو‬ ‫مهم‬ ‫أول‬ ،‫اثنين‬ ‫واقعين‬ ‫الحقيقة‬ ‫في‬ ‫عنا‬ ‫يخفي‬
‫اإلنسانية‬ ‫المعرفة‬ ‫تاريخ‬ ‫وأن‬ ‫السيما‬ ،‫وبناءه‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫وصياغة‬ ‫وتفسير‬ ‫تحليل‬ ‫في‬ ‫تلعبه‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬
‫العلم‬ ‫وتشكل‬ ‫والدة‬ ‫شروط‬ ‫قاربت‬ ‫التي‬ ‫المتون‬ ‫من‬ ‫العديد‬ ‫في‬ ‫تقديمه‬ ‫تم‬ ‫كما‬ ‫أو‬ ،9
‫كونت‬ ‫صاغه‬ ‫كما‬ ‫سواء‬
‫مجتمعات‬ ‫معرفة‬ ‫أجل‬ ‫من‬ ‫تشكلت‬ ‫التي‬ ‫األنتربولوجيا‬ ‫خاصة‬ ،‫منه‬ ‫قريبة‬ ‫أخرى‬ ‫علوم‬ ‫مع‬ ‫مقارنة‬ ،‫االجتماعي‬
‫أهم‬ ‫وثاني‬ .10
‫الحديثين‬ ‫والزمن‬ ‫المجتمع‬ ‫عن‬ ‫البعد‬ ‫كل‬ ‫بعيدة‬ ‫الباحثين‬ ‫من‬ ‫الكثير‬ ‫طرف‬ ‫من‬ ‫اعتبرت‬ ‫أخرى‬
‫دانيلو‬ ‫ذلك‬ ‫إلى‬ ‫يذهب‬ ‫كما‬ ‫الدوركايمي‬ ‫الفكر‬ ‫داخل‬ ‫للحداثة‬ ‫مكتملة‬ ‫صورة‬ ‫لنقل‬ ‫أو‬ ‫كامل‬ ‫مشروع‬ ‫بغياب‬ ‫ويتعلق‬
‫الصورة‬ ‫لتجميع‬ ‫محاولة‬ ‫هو‬ ‫السياق‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫به‬ ‫سنقوم‬ ‫الذي‬ ‫العمل‬ ‫فإن‬ ‫وبالتالي‬ ،Martuccelli ‫مارتشولي‬
‫يتصور‬ ‫فكيف‬ .‫تشكلها‬ ‫وسياقات‬ ‫موضوعاتها‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫والمختلفة‬ ‫الكثيرة‬ ‫دوركايم‬ ‫أعمال‬ ‫في‬ ‫للحداثة‬ ‫المتفرقة‬
.‫األخير‬ ‫هذا‬ ‫تمثله‬ ‫كما‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫أو‬ ‫الحداثة‬ ‫مجتمع‬ ‫مقومات‬ ‫وماهي‬ ‫إذن؟‬ ‫الحداثة‬ ‫دوركايم‬ ‫إميل‬
‫مقارنة‬ ‫واألسيوية‬ ‫اإلفريقية‬ ‫المجتمعات‬ ‫في‬ ‫والمطبخ‬ ‫الطبخ‬ ‫حول‬ Jack Goody ‫غودي‬ ‫جاك‬ ‫قدمها‬ ‫التي‬ ‫الدراسات‬ ‫من‬ ‫مجموعة‬ ‫اإلطار‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫توجد‬ 8
.‫الغربي‬ ‫المطبخ‬ ‫مع‬
‫المعاصرة‬ ‫المجتمعات‬ ‫وتحتاجه‬ ‫الحديث‬ ‫العقل‬ ‫أبدعه‬ ‫علم‬ ‫كآخر‬ ‫السوسيولوجيا‬ ‫يضع‬ ‫للعلوم‬ ‫كونت‬ ‫أوكست‬ ‫تصنيف‬ 9
‫قام‬ ‫التي‬ ‫الكثيرة‬ ‫المراجعات‬ ‫إلى‬ ‫العودة‬ ‫يمكن‬ ‫كما‬ ،‫بلير....الخ‬ ‫وميشو‬ ‫ودوتي‬ ‫ومورغان‬ ‫مالينوفسكي‬ ،‫برويل‬ ‫ليفي‬ ‫إلى‬ ‫اإلطار‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫اإلشارة‬ ‫يمكن‬ 10
.‫بيرك...الخ‬ ‫وجاك‬ ‫شتروس‬ ‫ليفي‬ ‫وكلود‬ ‫بالندييه‬ ‫جورج‬ ‫لمثال‬ ‫سبيل‬ ‫على‬ ‫نذكر‬ ،‫األعمال‬ ‫لهذه‬ ‫األنتربولوجيين‬ ‫من‬ ‫الكثير‬ ‫بعض‬ ‫بها‬

6. 6
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
‫اإلنسانية‬ ‫والعلوم‬ ‫الفلسفة‬ ‫قسم‬www.mominoun.com
.‫والتأسيس‬ ‫التنظري‬ ‫جدلية‬ :‫والسوسيولوجيا‬ ‫الحداثة‬ :‫أوال‬
‫النقاش‬ ‫إنكار‬ ،‫االجتماعي‬ ‫بالعلم‬ ‫الحداثة‬ ‫عالقة‬ ‫أدق‬ ‫وبشكل‬ ‫بالحداثة‬ ‫األمر‬ ‫يتعلق‬ ‫عندما‬ ً‫جدا‬ ‫الصعب‬ ‫من‬
‫واألنتربولوجيا‬ ،‫الحديثة‬ ‫الغربية‬ ‫المجتمعات‬ ‫بدراسة‬ ‫يهتم‬ ‫كعلم‬ ‫السوسيولوجيا‬ ‫بظهور‬ ‫ارتبط‬ ‫الذي‬ ‫المعرفي‬
‫موضوع‬ ‫بين‬ ‫الفصل‬ ‫هذا‬ ‫إن‬ ،‫متوحشة‬ ‫أو‬ ‫بدائية‬ ‫المسماة‬ ‫المجتمعات‬ ‫بدراسة‬ ‫يهتم‬ ‫معرفي‬ ‫اتجاه‬ ‫هي‬ ‫حيث‬ ‫من‬
‫هذا‬ ‫قام‬ ‫عندما‬ ،Tönnies ‫تونيس‬ ‫فرديناند‬ ‫عند‬ ‫أولي‬ ‫بشكل‬ ‫ظهر‬ ،‫واألنتربولوجية‬ ‫السوسيولوجية‬ ‫المعرفتين‬
‫العمل‬ ‫تقسيم‬ ‫في‬ ‫نفسه‬ ‫دوركايم‬ ‫وعند‬ ،Société ‫والمجتمع‬ Communauté ‫الجماعة‬ ‫بين‬ ‫بالتمييز‬ ‫األخير‬
Les formes ‫الدينية‬ ‫للحياة‬ ‫األولية‬ ‫األشكال‬ ‫في‬ ‫أو‬ ،De la division de travail sociale ‫االجتماعي‬
De quelques ‫للتصنيف‬ ‫البدائية‬ ‫األشكال‬ ‫بعض‬ ‫وفي‬ ،élémentaires de la vie religieuses
‫وفي‬ ،‫والمجتمع‬ ‫االقتصاد‬ ‫في‬ ‫فيبر‬ ‫ماكس‬ ‫عند‬ ‫ظهر‬ ‫كما‬ ،formes primitives de classification
‫وباريتو‬ ‫سبنسر‬ ‫عند‬ ‫وبدا‬ ‫أمريكا...الخ‬ ‫في‬ ‫الديموقراطية‬ ‫في‬ ‫طوكفيل‬ ‫وعند‬ ،‫للموسيقى‬ ‫العقالنية‬ ‫األسس‬
.‫مختلفة‬ ‫بأشكال‬ ‫وماركس‬
‫بداية‬ ‫عند‬ ‫واضح‬ ‫بشكل‬ ‫اكتملت‬ ‫والتي‬ - ‫الكالسيكية‬ ‫السوسيولوجية‬ ‫المتون‬ ‫إليها‬ ‫انتهت‬ ‫التي‬ ‫الفكرة‬ ‫إن‬
11
‫بدائية‬ ‫المسماة‬ ‫المجتمعات‬ ‫دراسة‬ ‫أن‬ ‫على‬ ‫تقوم‬ ،-‫األوربية‬ ‫غير‬ ‫بالمجتمعات‬ ‫كمعرفة‬ ‫األنتربولوجيا‬ ‫تشكل‬
‫التي‬ ‫المجتمعات‬ ‫وتحليل‬ ‫فهم‬ ‫في‬ ‫استخدامها‬ ‫يجب‬ ‫التي‬ ‫تلك‬ ‫عن‬ ‫ومتميزة‬ ‫مختلفة‬ ‫علمية‬ ‫معرفة‬ ‫إلى‬ ‫تحتاج‬
‫لم‬ ‫الذي‬ ‫التغير‬ ‫من‬ ‫طويل‬ ‫مسار‬ ‫بفعل‬ ،12
‫واالختالف‬ ‫التمايز‬ ‫مستويات‬ ‫أشد‬ ‫إلى‬ ‫المجتمعية‬ ‫بنياتها‬ ‫وصلت‬
‫والتحكم‬ ‫تفسيره‬ ‫أجل‬ ‫من‬ ‫إما‬ ‫لوجودها؛‬ ‫أساسيا‬ ً‫حافزا‬ ‫كان‬ ‫أن‬ ‫بعد‬ ،13
‫السوسيولوجيا‬ ‫ظهور‬ ‫بعد‬ ‫حتى‬ ‫يتوقف‬
.14
‫وتشجيعه‬ ‫وتعزيزه‬ ‫تغذيته‬ ‫لغاية‬ ‫وإما‬ ،‫وكبحه‬ ‫وضبطه‬ ‫فيه‬
‫العلمية‬ ‫األعمال‬ ‫مخطط‬ ‫في‬ ‫اعتبر‬ ‫عندما‬ ،‫بعده‬ ‫غموض‬ ‫ال‬ ‫بوضوح‬ ‫الموقف‬ ‫هذا‬ ‫عن‬ ‫كونت‬ ‫عبر‬ ‫لقد‬
‫تلخيصها‬ ‫يمكن‬ ‫الغربية‬ ‫المجتمعات‬ ‫تعيشها‬ ‫التي‬ ‫الراهنة‬ ‫الحالة‬ ‫أن‬ ‫المجتمع؛‬ ‫تنظيم‬ ‫إعادة‬ ‫أجل‬ ‫من‬ ‫الضرورية‬
‫من‬ ً‫التشكل...وانطالقا‬ ‫من‬ ‫بناءه‬ ‫ويدنو‬ ‫النضج‬ ‫إلى‬ ‫الوصول‬ ‫من‬ ‫يقترب‬ ‫وآخر‬ ‫يغلق‬ ‫اجتماعي‬ ‫“نسق‬ ‫وجود‬ ‫في‬
،Désorganisation ‫النظام‬ ‫فقدان‬ ‫هي‬ ‫األولى‬ ،‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫تفعالن‬ ‫اثنتين‬ ‫حركتين‬ ‫هناك‬ ‫أن‬ ‫القول‬ ‫يمكن‬ ‫ذلك‬
‫يبدو‬ ‫التي‬ ‫والسياسية‬ ‫األخالقية‬ ‫الفوضى‬ ‫في‬ ‫فتبدو‬ ‫األولى‬ ‫فأما‬ ،Réorganisation ‫التنظيم‬ ‫إعادة‬ ‫هي‬ ‫والثانية‬
‫البشري‬ ‫النوع‬ ‫اكتمال‬ ‫حالة‬ ‫نحو‬ ‫محالة‬ ‫ال‬ ‫تقود‬ ‫فإنها‬ ‫الثانية‬ ‫أما‬ ،‫الحتمي‬ ‫الزوال‬ ‫نحو‬ ‫المجتمعات‬ ‫هذه‬ ‫تقود‬ ‫أنها‬
11 Jean, copans, et autres, L’anthropologie sciences des sociétés primitives? Collection le point de ma question,
1971.
‫وتوجد‬ ،‫بدائية‬ ‫المسماة‬ ‫المجتمعات‬ ‫تدرس‬ ‫علمية‬ ‫معرفة‬ ‫بناء‬ ‫أهمية‬ ‫عن‬ ‫دافعت‬ ‫التي‬ ‫لألطروحات‬ ً‫ا‬‫متميز‬ ‫نموذجا‬ ‫السياق‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫دوركايم‬ ‫أعمال‬ ‫تشكل‬ 12
.‫تونيس‬ ‫فرديناند‬ ‫عند‬ ‫والمجتمع‬ ‫الجماعة‬ ‫وفي‬ ،‫الدينية‬ ‫للحياة‬ ‫األولية‬ ‫األشكال‬ ‫في‬ ‫األطروحة‬ ‫هذه‬ ‫معالم‬ ‫بعض‬
‫ذلك‬ ‫في‬ ‫الغربية‬ ‫أوروبا‬ ‫عرفتها‬ ‫التي‬ ‫التغيرات‬ ‫لسرعة‬ ً‫ا‬‫متحمس‬ ‫يكن‬ ‫لم‬ ،‫السوسيولوجيا‬ ‫في‬ ‫اإلصالحي‬ ‫باالتجاه‬ ‫يسمى‬ ً‫ا‬‫واسع‬ ‫إرثا‬ ‫هنا‬ ‫أن‬ ‫يخفى‬ ‫ال‬ 13
.‫فيه‬ ‫والتحكم‬ ‫التغير‬ ‫وضبط‬ ‫اإلصالح‬ ‫بضرورة‬ ‫تنادي‬ ‫وكانت‬ ،‫الوقت‬
‫في‬ ،‫العالم‬ ‫تفسير‬ ‫على‬ ‫إال‬ ‫اليوم‬ ‫حدود‬ ‫إلى‬ ‫الفالسفة‬ ‫يعمل‬ ‫"لم‬ :‫المعروفة‬ ‫الماركسية‬ ‫بالعبارة‬ ‫السوسيولوجي‬ ‫الفكر‬ ‫تاريخ‬ ‫في‬ ‫الباحثون‬ ‫يستدل‬ ‫ما‬ ‫غالبا‬ 14
."‫العالم‬ ‫تغيير‬ ‫هو‬ ‫المطلوب‬ ‫أن‬ ‫حين‬

7. 7
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
www.mominoun.com ‫اإلنسانية‬ ‫والعلوم‬ ‫الفلسفة‬ ‫قسم‬
‫الكبرى‬ ‫األزمة‬ ‫هو‬ ‫المتناقضتين‬ ‫الحالتين‬ ‫هاتين‬ ‫تجاور‬ ‫إن‬ ... ‫طبيعته‬ ‫مع‬ ً‫توافقا‬ ‫األكثر‬ ‫الحالة‬ ‫إلى‬ ‫ووصوله‬
‫تسميتها‬ ‫على‬ ‫يدرج‬ ‫والتي‬ ً‫تحضرا‬ ‫األقل‬ ‫المجتمعات‬ ‫أما‬ .15
”ً‫تحضرا‬ ‫األكثر‬ ‫المجتمعات‬ ‫منها‬ ‫تعاني‬ ‫التي‬
‫ستفز‬ُ‫ت‬ ‫التي‬ ‫التطور‬ ‫من‬ ‫المرحلة‬ ‫هذه‬ ‫إلى‬ ‫بعد‬ ‫تصل‬ ‫لم‬ ‫التي‬ ‫المجتمعات‬ ‫فإنها‬ ،‫المتوحشة‬ ‫أو‬ ‫البدائية‬ ‫بالمجتمعات‬
‫هذه‬ ‫التفكك‬ ‫حالة‬ ‫إلى‬ ‫للوصول‬ ‫أو‬ ،‫الوضعية‬ ‫العلمية‬ ‫المرحلة‬ ‫إلى‬ ‫للوصول‬ ‫سواء‬ ‫االجتماعية‬ ‫البنيات‬ ‫كل‬ ‫فيها‬
.‫التنظيم‬ ‫وبإعادة‬ ،‫أوالالتنظيم‬ ‫بالفوضى‬ ‫كونت‬ ‫يسميها‬ ‫والتي‬ 16
‫المتحضرة‬ ‫أوروبا‬ ‫تعيشها‬ ‫التي‬
‫عن‬ ً‫صريحا‬ ً‫تعبيرا‬ ‫باعتباره‬ ،‫الثالث‬ ‫الحاالت‬ ‫قانون‬ ‫يكتب‬ ‫وهو‬ ‫كونت‬ ‫على‬ ً‫صعبا‬ ‫يكن‬ ‫لم‬ ‫السياق‬ ‫نفس‬ ‫في‬
‫خاصة‬ ،‫األخرى‬ ‫المجتمعات‬ ‫من‬ ‫غيره‬ ‫مع‬ ‫مقارنة‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫خصائص‬ ‫يعدد‬ ‫أن‬ ،‫اإلنساني‬ ‫الفكر‬ ‫تطور‬
‫يقدم‬ ‫فهو‬ ،‫الغربية‬ ‫للمجتمعات‬ ‫صفة‬ ‫الحداثة‬ ‫من‬ ‫يجعل‬ ‫أن‬ ،‫الحديثين‬ ‫والتفكير‬ ‫الوعي‬ ‫بنمط‬ ‫ترتبط‬ ‫التي‬ ‫تلك‬
‫“حضارتنا‬ :‫قبيل‬ ‫من‬ ‫عبارات‬ ،‫الكثيرة‬ ‫كتاباته‬ ‫في‬ ‫مرة‬ ‫ما‬ ‫غير‬ ‫يكرر‬ ‫عندما‬ ‫غربية‬ ‫حالة‬ ‫أنها‬ ‫لو‬ ‫كما‬ ‫الحداثة‬
.”‫الغربيون....الخ‬ ‫والحداثيون‬ ‫الحداثيون‬ ‫نحن‬ ،‫الحداثة‬ ‫مجتمعات‬ ‫نحن‬ ،‫الحديثة‬
‫حيث‬ ‫من‬ ،‫الكونتية‬ ‫صيغته‬ ‫في‬ ‫الحداثة‬ ‫بمفهوم‬ ‫األمر‬ ‫يتعلق‬ ‫عندما‬ ‫إليها‬ ‫ننتهي‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫خالصة‬ ‫أهم‬ ‫إن‬
‫الزمن‬ ‫تعني‬ ‫ال‬ ‫الحداثة‬ ‫أن‬ ‫هو‬ ،‫واألولية‬ ‫األولى‬ ‫صيغته‬ ‫في‬ ‫السوسيولوجي‬ ‫الفكر‬ ‫وتشكل‬ ‫والدة‬ ‫لحظة‬ ‫هي‬
‫تتميز‬ ‫فكر‬ ‫حالة‬ ،‫تعني‬ ‫ما‬ ‫بقدر‬ ،‫المعاصرة‬ ‫المجتمعات‬ ‫أو‬ ‫الراهن‬ ‫الزمن‬ ‫إلى‬ ‫باالنتماء‬ ‫تتحدد‬ ‫ال‬ ‫أنها‬ ‫أي‬ ،‫فقط‬
‫ظواهره‬ ‫وتفسير‬ ‫العالم‬ ‫فهم‬ ‫نحو‬ ‫اإلنسان‬ ‫اتجه‬ ‫كلما‬ ‫اإلنساني‬ ‫الفكر‬ ‫على‬ ‫الوضعي‬ ‫التفسير‬ ‫وهيمنة‬ ‫العلم‬ ‫بسيادة‬
.‫اآلخر‬ ‫عن‬ ‫منهما‬ ‫الواحد‬ ‫يتميز‬ ‫وال‬ ‫منفصلين‬ ‫غير‬ ‫الفكر‬ ‫وتاريخ‬ ‫المجتمعات‬ ‫تاريخ‬ ‫وأن‬ ‫السيما‬ ،17
‫وأفعاله‬
‫كل‬ ‫في‬ ‫الكون‬ ‫إلى‬ ‫والنظر‬ ‫العالم‬ ‫فهم‬ ‫في‬ ‫العلم‬ ‫استعمال‬ ‫لحظة‬ ‫فقط‬ ‫تعني‬ ‫ال‬ ‫لكونت‬ ‫بالنسبة‬ ‫الحداثة‬ ‫إن‬
‫البشري‬ ‫النوع‬ ‫بوحدة‬ ‫االعتراف‬ ‫خاللها‬ ‫من‬ ‫تم‬ ‫التي‬ ‫اللحظة‬ ‫كذلك‬ ‫تعني‬ ‫ولكنها‬ ،‫وتكوينه‬ ‫تشكله‬ ‫مستويات‬
‫الحياة‬ ‫في‬ ً‫خاصا‬ ‫مجاال‬ ‫تخص‬ ‫ال‬ ‫حالة‬ ‫فالحداثة‬ ،‫اإلنساني‬ ‫التاريخ‬ ‫بوحدة‬ ‫واإليمان‬ ‫االعتراف‬ ‫خالل‬ ‫من‬
،18
‫بعد‬ ‫يكتمل‬ ‫لم‬ ‫مشروع‬ ‫للحداثة‬ ‫الفلسفي‬ ‫الخطاب‬ ‫في‬ ‫هابرماس‬ ‫يقول‬ ‫كما‬ ‫أنها‬ ‫كما‬ ،‫أخرى‬ ‫دون‬ ‫االجتماعية‬
‫فالحديث‬ ،‫المنطق‬ ‫لنفس‬ ‫تحتكم‬ ‫وال‬ ‫السرعة‬ ‫بنفس‬ ‫عناصرها‬ ‫تسير‬ ‫ال‬ ‫سيرورة‬ ‫الحداثة‬ ‫أن‬ ‫مادام‬ ً‫أبدا‬ ‫يكتمل‬ ‫ولن‬
‫نفسه‬ ‫هو‬ ‫يكون‬ ‫ال‬ ‫قد‬ ‫االقتصاد‬ ‫في‬ Moderne ‫والحديث‬ ،‫السياسة‬ ‫في‬ ‫كذلك‬ ‫يكون‬ ‫ال‬ ‫قد‬ ‫الفن‬ ‫في‬ Moderne
‫ربما‬ ‫هو‬ ،‫إنسانيا‬ ً‫مشروعا‬ ‫باعتبارها‬ ‫الحداثة‬ ‫اكتمال‬ ‫عدم‬ ‫إن‬ ،‫دواليك‬ ‫وهكذا‬ ‫والتواصل‬ ‫االتصال‬ ‫وسائل‬ ‫في‬
‫مابعد‬ ‫مثقف‬ ‫أكبر‬ ‫“أول‬ ‫باعتباره‬ ‫ماركس‬ ‫عن‬ ‫الحداثة‬ ‫نقد‬ ‫في‬ ‫تحدث‬ ‫عندما‬ ‫القول‬ ‫إلى‬ ‫تورين‬ ‫آالن‬ ‫دفع‬ ‫ما‬
15 A. Comte, Plan des Travaux Scientifiques nécessaires pour réorganiser la société, Paris: Les Éditions Aubier-
Montaigne, 1970, p. 50.
notre Civilis a ‫الحديثة‬ ‫حضارتنا‬ ‫قبيل‬ ‫من‬ ‫كثيرة‬ ‫عبارات‬ ،‫المجتمع‬ ‫حول‬ ‫نظريته‬ ‫تتضمن‬ ‫التي‬ ‫تلك‬ ‫وخاصة‬ ‫كتاباته‬ ‫في‬ ‫كونت‬ ‫أوكست‬ ‫استعمل‬ 16
.Les Modernes Occidentaux ‫الغربيون‬ ‫الحداثيون‬ ،les Modernes ‫والحداثيون‬ tion Moderne
‫كونت‬ ‫كان‬ ‫ما‬ ‫باألحرى‬ ‫أو‬ ،‫عنه‬ ‫الحديث‬ ‫نريد‬ ‫ما‬ ‫يصف‬ ‫أنه‬ ‫لو‬ ‫كما‬ ‫المعاني‬ ‫من‬ ‫الكثير‬ ‫تحمل‬ ‫عبارة‬ ‫والحداثة‬ ‫اإلسالم‬ ‫في‬ ‫العروي‬ ‫هللا‬ ‫عبد‬ ‫يستعمل‬ 17
."‫أحد‬ ‫يوقفها‬ ‫أن‬ ‫يستطيع‬ ‫وال‬ ‫المجاالت‬ ‫كل‬ ‫تجتاح‬ ‫"الحداثة‬ ‫قوله‬ ‫على‬ ً‫ا‬‫حريص‬
18 Jürgen, Habermas, le discours philosophique de la modernité, paris, Gallimard, 1988.

8. 8
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
‫اإلنسانية‬ ‫والعلوم‬ ‫الفلسفة‬ ‫قسم‬www.mominoun.com
‫هي‬ ‫إنها‬ ‫بل‬ .19
”‫لإلنسان‬ ‫معين‬ ‫لتمثل‬ ‫كتحقق‬ - ‫فقط‬ – ‫وليس‬ ،‫الطبيعة‬ ‫لتحرر‬ ً‫مسارا‬ ‫التقدم‬ ‫اعتبر‬ ‫ألنه‬ ...‫حداثي‬
،‫وكونت‬ ‫ماركس‬ ‫بين‬ ‫الجمع‬ ‫إلى‬ ‫السوسيولوجي‬ ‫الفكر‬ ‫لتاريخ‬ ‫كتابته‬ ‫عند‬ ‫آرون‬ ‫رايمون‬ ‫دفعت‬ ‫التي‬ ‫هي‬ ‫نفسها‬
‫فقط‬ ‫ليس‬ :‫الرجلين‬ ‫يجمع‬ ‫ما‬ ‫أن‬ ‫قال‬ ‫عندما‬ ،‫منهما‬ ‫واحد‬ ‫لكل‬ ‫والعلمي‬ ‫الفكري‬ ‫والمشروع‬ ‫النسق‬ ‫اختالف‬ ‫رغم‬
‫علم‬ ‫أو‬ ،‫للثاني‬ ‫بالنسبة‬ ‫المجتمع‬ ‫وإصالح‬ ‫وتفسير‬ ‫فهم‬ ‫على‬ ‫قادر‬ ‫جديد‬ ‫علم‬ ‫تأسيس‬ ‫في‬ ‫منهما‬ ‫واحد‬ ‫كل‬ ‫رغبة‬
‫منهما‬ ‫واحد‬ ‫كل‬ ‫ألن‬ ‫وإنما‬ ،‫تفسيره‬ ‫على‬ ‫إال‬ ‫اليوم‬ ‫حدود‬ ‫إلى‬ ‫به‬ ‫المهتمون‬ ‫يعمل‬ ‫لم‬ ‫الذي‬ ‫المجتمع‬ ‫بتغيير‬ ‫خليق‬
‫آخر‬ ‫ووالدة‬ ‫مجتمع‬ ‫بموت‬ ‫أساسي‬ ‫بشكل‬ ‫تتميز‬ ‫الغربية‬ ‫المجتمعات‬ ‫تعيشها‬ ‫التي‬ ‫التاريخية‬ ‫اللحظة‬ ‫أن‬ ‫إال‬ ‫انتهى‬
‫اليوم‬ ‫أوروبا‬ ‫تعيشها‬ ‫التي‬ ‫اللحظة‬ ‫أن‬ ‫يعتقد‬ ‫كونت‬ ‫كان‬ ‫لقد‬ ،‫اآلخر‬ ‫تشكل‬ ‫وبداية‬ ‫اجتماعي‬ ‫تنظيم‬ ‫بنهاية‬ ،‫جديد‬
‫الكنسية‬ ‫فيه‬ ‫تحتل‬ ‫كانت‬ ‫والذي‬ ،‫الوسطى‬ ‫القرون‬ ‫ميز‬ ‫الذي‬ ،‫العسكري‬ ‫الثيولوجي‬ ‫المجتمع‬ ‫أفول‬ ‫بداية‬ ‫تعرف‬
،‫العامة‬ ‫الحياة‬ ‫من‬ ‫تدريجيا‬ ‫ينسحب‬ ‫أصبح‬ ،‫المجتمع‬ ‫في‬ ً‫مركزيا‬ ً‫موقعا‬ ‫العسكرية‬ ‫والقوة‬ ،‫وتعاليمها‬ ‫الكاثوليكية‬
‫القرن‬ ‫نهاية‬ ‫في‬ ‫ولد‬ ‫الذي‬ ‫الصناعي؛‬ ‫العلمي‬ ‫المجتمع‬ ‫إنه‬ ،‫بالظهور‬ ‫المجتمعات‬ ‫من‬ ‫آخر‬ ‫لنوع‬ ‫السماح‬ ‫مقابل‬
‫أسسه‬ ‫بناء‬ ‫في‬ ‫يعتمد‬ ‫كان‬ ‫بعدما‬ ‫المجتمع‬ ‫تحول‬ ‫حيث‬ ،‫بالعلماء‬ ‫الدين‬ ‫ورجال‬ ‫األنبياء‬ ‫عن‬ ‫واستعاض‬ ،‫الماضي‬
،‫والمعرفة‬ ‫والقيم‬ ‫لألفكار‬ ‫األول‬ ‫المصدر‬ ‫أصبحوا‬ ‫الذين‬ ‫العلماء‬ ‫نحو‬ ،‫الكنسية‬ ‫رجال‬ ‫على‬ ‫واألخالقية‬ ‫الفكرية‬
‫التي‬ ‫النهاية‬ ‫نفسها‬ ‫هي‬ ‫كونت‬ ‫إليها‬ ‫انتهى‬ ‫التي‬ ‫الخالصة‬ ‫إن‬ .‫بالمجتمع‬ ‫الروحية‬ ‫للسلطة‬ ‫الشرعيون‬ ‫والورثة‬
‫الذي‬ ‫األمر‬ ‫وهو‬ ،‫انجلترا‬ ‫وخاصة‬ ‫الغربية‬ ‫المجتمعات‬ ‫لواقع‬ ‫تحليله‬ ‫في‬ ‫منها‬ ‫انطلق‬ ‫ماركس‬ ‫أن‬ ‫آرون‬ ‫يرى‬
‫االجتماعي‬ ‫التحول‬ ‫عملية‬ ‫“إن‬ ‫قائال‬ ‫الرأسمال‬ ‫لكتاب‬ ‫األولى‬ ‫الطبعة‬ ‫مقدمة‬ ‫في‬ ‫واضح‬ ‫بشكل‬ ‫ماركس‬ ‫عنه‬ ‫عبر‬
‫تحوال‬ ‫إال‬ ‫ليس‬ ،‫الرأسمال‬ ‫صاحب‬ ‫هاهنا‬ ‫عنه‬ ‫يتحدث‬ ‫الذي‬ ‫التحول‬ ‫إن‬ ،”‫اليد‬ ‫لمس‬ ‫لمسها‬ ‫يمكن‬ ‫إنجلترا‬ ‫في‬
‫أي‬ ،‫عام‬ ‫بشكل‬ ‫المجتمع‬ ‫وجود‬ ‫ونمط‬ ‫شكل‬ ‫وجوده‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫يعادل‬ ‫اإلنتاج‬ ‫نمط‬ ‫وأن‬ ‫خاصة‬ ،‫اإلنتاج‬ ‫أنماط‬ ‫في‬
.‫الرأسمالي‬ ‫اإلنتاج‬ ‫نمط‬ ‫إلى‬ ‫الفيودالي‬ ‫اإلنتاج‬ ‫نمط‬ ‫من‬ ‫التحول‬
‫يمكن‬ ،‫الحداثة‬ ‫في‬ ‫السوسيولوجي‬ ‫للتفكير‬ ‫مدخلين‬ ‫باعتبارهما‬ ‫ماركس‬ ‫وعلى‬ ‫كونت‬ ‫على‬ ‫يقال‬ ‫ما‬ ‫إن‬
‫بحالة‬ ‫كونت‬ ‫اهتمام‬ ‫أن‬ ‫ذلك‬ ،»‫أمريكا‬ ‫في‬ ‫«الديمقراطية‬ ‫في‬ ‫خاصة‬ ‫توكفيل‬ ‫دي‬ ‫ألكسيس‬ ‫أعمال‬ ‫على‬ ‫إسقاطه‬
،‫الوضعي‬ ‫الفكر‬ ‫إليه‬ ‫انتهى‬ ‫وما‬ ‫العلم‬ ‫على‬ ‫القائم‬ ‫للعمل‬ ‫الجديد‬ ‫التنظيم‬ ‫طبيعة‬ ‫ومعها‬ ‫عصره‬ ‫في‬ ‫السائدة‬ ‫الفكر‬
،‫عام‬ ‫بشكل‬ ‫االجتماعية‬ ‫والعالقات‬ ‫وللمجتمع‬ ‫للعمل‬ ‫الرأسمالي‬ ‫اإلنتاج‬ ‫أنماط‬ ‫تغير‬ ‫تحليل‬ ‫نحو‬ ‫ماركس‬ ‫واتجاه‬
‫توكفيل‬ ‫دي‬ ‫اهتمام‬ ‫غير‬ ،‫للحداثة‬ ‫السوسيولوجي‬ ‫بالبعد‬ ‫األمر‬ ‫يتعلق‬ ‫عندما‬ ‫األهمية‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫يوازيه‬ ‫ولم‬ ‫ال‬
‫الحديثة‬ ‫المجتمعات‬ ‫بين‬ ‫الفرق‬ ‫وأن‬ ‫خاصة‬ ،‫الحديث‬ ‫للمجتمع‬ ‫السياسي‬ ‫المظهر‬ ‫باعتبارها‬ ،‫بالديمقراطية‬
‫النمو‬ ‫طريق‬ ‫في‬ ‫السائرة‬ ‫أو‬ ‫المتأخرة‬ ‫أو‬ ‫بالمتخلفة‬ ‫سميت‬ ‫سواء‬ ‫األخرى‬ ‫اإلنسانية‬ ‫المجتمعات‬ ‫من‬ ‫وغيرها‬
‫نظامها‬ ‫شكل‬ ‫في‬ ‫يوجد‬ ‫ال‬ ‫كما‬ ،‫المجتمعات‬ ‫هذه‬ ‫في‬ ‫السائد‬ ‫الفهم‬ ‫أو‬ ‫الوعي‬ ‫شكل‬ ‫عند‬ ‫فقط‬ ‫يقف‬ ‫ال‬ ،‫التقليدية‬ ‫أو‬
‫اتجهت‬ ‫كما‬ ‫الحديثة‬ ‫والمجتمعات‬ ‫الحداثة‬ ‫من‬ ‫فاالقتراب‬ ،‫السياسي‬ ‫تدبيرها‬ ‫نوع‬ ‫في‬ ‫كذلك‬ ‫وإنما‬ ،‫االقتصادي‬
‫الشأن‬ ‫تدبير‬ ‫في‬ ‫وفلسفة‬ ‫نظام‬ ‫هي‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫الديمقراطية‬ ‫نحو‬ ‫واتجاه‬ ‫اقتراب‬ ‫هو‬ ،‫توكفيل‬ ‫دي‬ ‫أعمال‬ ‫ذلك‬ ‫إلى‬
.‫عام‬ ‫بشكل‬ ‫اإلنساني‬ ‫والشرط‬ ‫العمومي‬
19 A. Touraine, Critique de la Modernité, Paris, les Editions fayard, 1992, p. 125.

9. 9
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
www.mominoun.com ‫اإلنسانية‬ ‫والعلوم‬ ‫الفلسفة‬ ‫قسم‬
‫القول‬ ‫يمكن‬ ‫الذي‬ ‫فيبر‬ ‫ماكس‬ ‫إلى‬ ‫االنتباه‬ ‫دون‬ ‫إليها‬ ‫اإلشارة‬ ‫أو‬ ‫الحداثة‬ ‫عن‬ ‫الحديث‬ ‫الحقيقة‬ ‫في‬ ‫يمكن‬ ‫ال‬
‫سبقوا‬ ‫الذي‬ ‫السوسيولوجي‬ ‫الفكر‬ ‫مؤسسي‬ ‫مختلف‬ ‫مع‬ ‫مقارنة‬ ‫استهالك‬ ‫األكثر‬ ‫كانت‬ ‫متنه‬ ‫في‬ ‫الحداثة‬ ‫فكرة‬ ‫أن‬
‫التأسيس‬ ‫في‬ ‫فيبر‬ ‫بمساهمات‬ ‫االهتمام‬ ‫على‬ ‫أكثر‬ ‫الباحثين‬ ‫شجع‬ ‫ما‬ ‫ولعل‬ ،‫فيبر‬ ‫جايلوا‬ ‫أو‬ ‫أعمالهم‬ ‫حيث‬ ‫من‬
‫الفيبري‬ ‫المشروع‬ ‫وأن‬ ‫خاصة‬ ،‫والعقالنية‬ ‫العقلنة‬ ‫مسألة‬ ‫على‬ ‫لفيبر‬ ‫الكبير‬ ‫االشتغال‬ ‫هو‬ ‫للحداثة‬ ‫السوسيولوجي‬
،‫للغرب‬ ‫التاريخي‬ ‫التطور‬ ‫في‬ Rationalisation ‫العقلنة‬ ‫عملية‬ ‫لعبته‬ ‫الذي‬ ‫الدور‬ ‫على‬ ‫معظمه‬ ‫في‬ ‫يقوم‬ ‫كان‬
،21
‫واالجتماع‬ 20
‫السياسة‬ ‫في‬ ‫عامة‬ ‫قاعدة‬ ‫على‬ ‫تأسس‬ ‫الغربية‬ ‫المجتمعات‬ ‫تطور‬ ‫أن‬ ‫معها‬ ‫القول‬ ‫يمكن‬ ‫درجة‬ ‫إلى‬
.‫...الخ‬23
‫للمجال‬ ‫االجتماعي‬ ‫االستعمال‬ ‫تطور‬ ‫وفي‬ ،22
‫الدينية‬ ‫الحياة‬ ‫تدبير‬ ‫في‬
‫الفكر‬ ‫داخل‬ ‫الكالسيكية‬ ‫المتون‬ ‫في‬ ‫الحداثة‬ ‫مسألة‬ ‫إلى‬ ‫االنتباه‬ ‫عند‬ ‫إذن‬ ‫إليها‬ ‫االنتهاء‬ ‫يمكن‬ ‫فكرة‬ ‫أهم‬ ‫إن‬
‫حالة‬ ‫أو‬ ‫ظاهرة‬ ‫هي‬ ‫بما‬ ‫األخير‬ ‫هذه‬ ‫أن‬ ‫هو‬ ،‫للحداثة‬ ‫السوسيولوجي‬ ‫التأصيل‬ ‫محاولة‬ ‫عند‬ ‫أي‬ ،‫السوسيولوجي‬
‫الوجود‬ ‫في‬ ‫فقط‬ ‫ختزل‬ُ‫ت‬ ‫ال‬ ،Danilo, Martuccelli ‫مارتشيلو‬ ‫دانيلو‬ ‫ذلك‬ ‫إلى‬ ‫يذهب‬ ‫كما‬ ‫اجتماعية‬ état
،‫وأعمق‬ ‫أكبر‬ ‫فعل‬ ‫إلى‬ ،‫ذلك‬ ‫تتجاوز‬ ‫إنها‬ ‫بل‬ ،‫وحسب‬ ‫العالم‬ ‫ماهية‬ ‫بمعرفة‬ ‫انشغاال‬ ‫ليست‬ ‫إنها‬ ‫كما‬ ،‫الحاضر‬
‫عبر‬ ‫التحول‬ ‫تعيش‬ ‫التي‬ ‫المجتمعات‬ ‫تطور‬ ‫فهم‬ ‫بمحاولة‬ ‫إما‬ :Linda Rouleau ‫رولو‬ ‫ليندا‬ ‫تقول‬ ‫كما‬ ‫يرتبط‬
‫وعواملها‬ ‫مظاهرها‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫المجتمعات‬ ‫هذه‬ ‫عاشتها‬ ‫التي‬ ‫القطيعة‬ ‫لحظات‬ ‫على‬ ‫الوقوف‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫التاريخ‬
‫المستقبل‬ ،»Néomodernité ‫الجديدة‬ ‫الحداثة‬ ،Modernité ‫«الحداثة‬ ‫الحاضر‬ ،»‫التقليد‬ :‫«الماضي‬
Haut ‫العليا‬ ‫الحداثة‬ ،Modernité Avancé ‫المتقدمة‬ ‫الحداثة‬ ،Poste Modernité ‫الحداثة‬ ‫بعد‬ ‫«ما‬
‫الحالة‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ،‫الزمن‬ ‫عبر‬ ‫والمجتمعات‬ ‫العالم‬ ‫معرفة‬ ‫أنماط‬ ‫يميز‬ ‫ما‬ ‫فهم‬ ‫محاولة‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫أو‬ .”Modernité
‫السوسيولوجيا‬ ‫وظيفة‬ ‫تكون‬ ‫الحالة‬ ‫هذه‬ ‫وفي‬ ،‫اإلنسانية‬ ‫المجتمعات‬ ‫معرفة‬ ‫يميز‬ ‫ما‬ ‫فهم‬ ‫بمحاولة‬ ‫األمر‬ ‫يتعلق‬
‫القول‬ ‫ويمكن‬ ،‫معينة‬ ‫تاريخية‬ ‫مراحل‬ ‫ومقارنتها‬ ‫المعارف‬ ‫إنتاج‬ ‫علمية‬ ‫تميز‬ ‫التي‬ ‫العامة‬ ‫الخصائص‬ ‫رصد‬ ‫هي‬
‫اإلمبريقية‬ ‫الوقائع‬ ‫على‬ ‫تقوم‬ ‫الحديثة‬ ‫المعارف‬ ‫أن‬ ،‫األوضاع‬ ‫من‬ ‫النوع‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫الحصر‬ ‫ال‬ ‫المثال‬ ‫سبيل‬ ‫على‬
‫ليست‬ ‫االجتماعية‬ ‫األفعال‬ ‫أن‬ ‫إلى‬ ‫بالمجتمع‬ ‫األمر‬ ‫يتعلق‬ ‫عندما‬ ‫دوركايم‬ ‫ذلك‬ ‫إلى‬ ‫انتهى‬ ‫كما‬ ‫وتتجه‬ ،‫الخالصة‬
‫والقيم‬ ‫الدينية‬ ‫المعتقدات‬ ‫استدعاء‬ ‫يقوم‬ ،‫وللمجتمع‬ ‫للعالم‬ ‫تمثل‬ ‫أو‬ ‫تصور‬ ‫كل‬ ‫تقليديا‬ ً‫يعتبرا‬ ‫المقابل‬ ‫في‬ ،‫أشياء‬ ‫إال‬
.24
‫إليه‬ ‫والنظر‬ ‫بالعالم‬ ‫الوعي‬ ‫فهم‬ ‫في‬ ،‫...القبلية‬ ‫واألخالق‬ ‫واألعراف‬
‫في‬ ‫تفكيرها‬ ‫لحظة‬ ً‫سابقا‬ ‫ذكرناها‬ ‫التي‬ ‫السوسيولوجية‬ ‫والمتون‬ ‫األنساق‬ ‫ونتائج‬ ‫أفكار‬ ‫بعض‬ ‫في‬ ‫النظر‬ ‫إن‬
‫بوضوح‬ ‫يبدو‬ ‫حيث‬ ،‫الحداثة‬ ‫لسوسيولوجيا‬ ‫رولو‬ ‫ليندا‬ ‫قدمته‬ ‫الذي‬ ‫الوصف‬ ‫وجاهة‬ ‫الواقع‬ ‫في‬ ‫يعكس‬ ،‫الحداثة‬
20 Max, weber, Le savant et le politique, Poche, 2002.
21 Max, weber, Economie et Société, Pocket, 2003.
22 Max, weber, Ethique protestante et l’esprit de capitalisme, Poche, 1991.
23 Max, weber, La ville, La Découverte, 2014.
24 Linda, Rouleau, théories des organisations, approches classiques et contemporaines et de l’avant-garde, presses
de l’université de Québec, 2007, p. 5.

10. 10
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
‫اإلنسانية‬ ‫والعلوم‬ ‫الفلسفة‬ ‫قسم‬www.mominoun.com
‫إال‬ ،‫وسبنسر‬ ‫وتوكفيل‬ ‫وفيبر‬ ‫وماركس‬ ‫كونت‬ ‫طرف‬ ‫من‬ ‫تمثلها‬ ‫يتم‬ ‫لم‬ ‫باألحرى‬ ‫أو‬ ‫نفسها‬ ‫تقدم‬ ‫ال‬ ‫الحداثة‬ ‫أن‬
‫شكل‬ ‫على‬ ‫فيه‬ ‫ظهرت‬ ،‫أساسي‬ ‫بشكل‬ ‫الغربية‬ ‫المجتمعات‬ ‫عاشته‬ ‫التحول‬ ‫من‬ ‫طويل‬ ‫لمسار‬ ‫نتيجة‬ ‫باعتبارها‬
‫التجانس‬ ‫وضعية‬ ‫ومن‬ ،‫ماركس‬ ‫عند‬ ‫آخر‬ ‫إلى‬ ‫إنتاج‬ ‫نمط‬ ‫ومن‬ ،‫لكونت‬ ‫بالنسبة‬ ‫أخرى‬ ‫إلى‬ ‫فكر‬ ‫حالة‬ ‫من‬ ‫انتقال‬
‫انحصارها‬ ‫أو‬ ‫العقالنية‬ ‫غياب‬ ‫ومن‬ ،‫لسبنسر‬ ‫بالنسبة‬ Hétérogénéité ‫الالتجانس‬ ‫حالة‬ ‫إلى‬ Homogénéité
‫ما‬ ‫كل‬ ‫ومع‬ ‫للعمل‬ ‫ودقيق‬ ‫كثيف‬ ‫تقسيم‬ ‫إلى‬ ‫للعمل‬ ‫ومحدود‬ ‫بسيط‬ ‫تقسيم‬ ‫ومن‬ ،‫فيبر‬ ‫عند‬ ‫وسيادتها‬ ‫هيمنتها‬ ‫إلى‬
‫تتقاسمه‬ ‫والذي‬ ،‫اإلطار‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫رولو‬ ‫قدمته‬ ‫الذي‬ ‫الرأي‬ ‫وجاهة‬ ‫أن‬ ‫غير‬ .‫وضوابط...الخ‬ ‫أفعال‬ ‫من‬ ‫يؤسسه‬
‫بانفصال‬ ‫يرتبط‬ ،‫مركزي‬ ‫سؤال‬ ‫أمام‬ ‫نفسه‬ ‫يجد‬ ‫ما‬ ‫سرعان‬ ،‫السوسيولوجي‬ ‫الفكر‬ ‫مؤرخي‬ ‫من‬ ‫كبير‬ ‫عدد‬ ‫مع‬
‫بين‬ ،‫االجتماعية‬ ‫العلوم‬ ‫داخل‬ ‫الحداثة‬ ‫في‬ ‫التفكير‬ ‫عملية‬ ‫انفصال‬ ‫أي‬ ،‫األخير‬ ‫هذه‬ ‫عنهما‬ ‫تحدثت‬ ‫الذين‬ ‫الواقعين‬
‫االنتقال‬ ‫“أي‬ ‫إنساني‬ ‫وقانون‬ ‫تاريخي‬ ‫منطق‬ ‫هي‬ ‫بما‬ ‫بالحداثة‬ ‫السوسيولوجيا‬ ‫اهتمام‬ ‫أن‬ ‫نعتقد‬ ‫أننا‬ ‫ذلك‬ ،‫تيارين‬
‫مرحلة‬ ‫بكل‬ ‫ترتبط‬ ‫التي‬ ‫والمعرفة‬ ‫والوعي‬ ‫الفكر‬ ‫حاالت‬ ‫على‬ ‫بانفصال‬ ‫يتم‬ ‫لم‬ ،”‫أخرى‬ ‫إلى‬ ‫مرحلة‬ ‫من‬ ‫والتقدم‬
‫المجتمع‬ ‫لتطور‬ ‫مراحل‬ ‫يعكس‬ ‫كان‬ ‫كونت‬ ‫عند‬ ‫الثالث‬ ‫الحاالت‬ ‫فقانون‬ ،‫ومراحله‬ ‫التطور‬ ‫لحظات‬ ‫من‬ ‫حالة‬ ‫أو‬
‫يكتفي‬ ‫لم‬ ‫األخير‬ ‫هذا‬ ‫أن‬ ‫إذ‬ ،‫المدينة‬ ‫كتابه‬ ‫في‬ ‫مثال‬ ‫لفيبر‬ ‫بالنسبة‬ ‫الشيء‬ ‫ونفس‬ ،‫الوقت‬ ‫نفس‬ ‫في‬ ‫الفكر‬ ‫وتطور‬
‫ارتبطت‬ ‫التي‬ ‫الفكر‬ ‫حالة‬ ‫حتى‬ ‫بل‬ ،‫وقوانينه‬ ‫بالمدن‬ ‫االجتماعي‬ ‫التنظيم‬ ‫تطور‬ ‫وأشكال‬ ‫لمراحل‬ ‫تصوره‬ ‫بتقديم‬
ً‫دائما‬ ‫تتم‬ ‫االجتماعية‬ ‫البنيات‬ ‫وتحول‬ ‫وتقدم‬ ‫تطور‬ ‫عملية‬ ‫أن‬ ‫يعني‬ ‫ما‬ ،‫المدينة‬ ‫لحظات‬ ‫من‬ ‫ولحظة‬ ‫مرحلة‬ ‫بكل‬
.‫والمجتمع‬ ‫بالعالم‬ ‫والوعي‬ ‫بالمعرفة‬ ‫األمر‬ ‫يتعلق‬ ‫عندما‬ ‫العملية‬ ‫نفس‬ ‫مع‬ ‫بالموازاة‬
‫الدوركاميي‬ ‫املنت‬ ‫يف‬ ‫الحداثة‬ ‫فكرة‬ :ً‫ا‬‫ثاني‬
.‫وأسسها‬ ‫االجتامعية‬ ‫الحداثة‬ ‫مظاهر‬ ‫أول‬ ‫االجتامعي‬ ‫العمل‬ ‫تقسيم‬ .1
‫الدوركايمية‬ ‫السوسيولوجيا‬ ‫في‬ ‫الحداثة‬ ‫مفهوم‬ ‫أن‬ Danilo Martuccilo ‫مارتيشولي‬ ‫دانيلو‬ ‫يعتبر‬
‫السوسيولوجي‬ ‫متنه‬ ‫داخل‬ ‫يخصص‬ ‫لم‬ ‫فهو‬ ،‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫حول‬ ‫دروكايم‬ ‫كتبها‬ ‫التي‬ ‫األعمال‬ ‫جل‬ ‫يخترق‬
‫بينة‬ ‫تعين‬ ‫متفرقة‬ ‫لحظات‬ ‫متنه‬ ‫كل‬ ‫في‬ ‫جعل‬ ‫وإنما‬ ،‫ومظاهره‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫أوليات‬ ‫فيها‬ ‫يرصد‬ ً‫نصا‬
‫إلى‬ ‫االنتحار‬ ‫إلى‬ ‫التربية‬ ‫إلى‬ ‫الدين‬ ‫إلى‬ ‫العمل‬ ‫تقسيم‬ ‫من‬ ‫فاالنتقال‬ ‫لذلك‬ ،‫هناك‬ ‫وأخرى‬ ،‫هنا‬ ‫الحديث‬ ‫للمجتمع‬
‫أنها‬ ‫رغم‬ ،‫العناصر‬ ‫هذه‬ ‫على‬ ‫إال‬ ‫تقوم‬ ‫ال‬ ‫الحداثة‬ ‫أن‬ ‫في‬ ‫دوركايم‬ ‫من‬ ‫اعتقادا‬ ‫إال‬ ‫الحقيقة‬ ‫في‬ ‫يكن‬ ‫لم‬ ،‫األنوميا‬
.‫وفقط‬ ‫الظواهر‬ ‫هذه‬ ‫تلد‬ ‫ال‬
‫تتم‬ ‫ال‬ ‫تركيبية‬ ‫مهمة‬ ،‫الدوركايمية‬ ‫السوسيولوجيا‬ ‫في‬ ‫الحداثة‬ ‫وعن‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫مفهوم‬ ‫عن‬ ‫البحث‬ ‫إن‬
،‫السياق‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫ونقصد‬ ،‫الوقت‬ ‫نفس‬ ‫في‬ ‫وتركيبها‬ ‫الدوركايمي‬ ‫المتن‬ ‫أبواب‬ ‫كل‬ ‫عبور‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫إال‬ ‫تتم‬ ‫ولن‬
،‫األخالقية‬ ‫والتربية‬ ،‫الدينية‬ ‫للحياة‬ ‫األولية‬ ‫األشكال‬ ،‫االنتحار‬ ،‫االجتماعي‬ ‫العمل‬ ‫تقسيم‬ ‫إلى‬ ‫الرجوع‬ ‫ضرورة‬
‫المجتمع‬ ‫لفكرة‬ ‫المؤسسة‬ ‫النصوص‬ ‫هذه‬ ‫هامش‬ ‫على‬ ‫كتبت‬ ‫التي‬ ‫النصوص‬ ‫من‬ ‫كبير‬ ‫عدد‬ ‫إلى‬ ‫باإلضافة‬

11. 11
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
www.mominoun.com ‫اإلنسانية‬ ‫والعلوم‬ ‫الفلسفة‬ ‫قسم‬
‫وبنياتها‬ ‫الحداثة‬ ‫تجليات‬ ‫من‬ ‫مظهر‬ ‫أو‬ ‫بنية‬ ‫على‬ ‫يحيل‬ ‫منها‬ ‫واحد‬ ‫كل‬ ‫ألن‬ ‫فقط‬ ‫ليس‬ ،‫دوركايم‬ ‫عند‬ ‫الحديث‬
‫على‬ ‫الوقت‬ ‫نفس‬ ‫في‬ ‫وتحيل‬ ،‫الحديث‬ ‫للمجتمع‬ ‫دوركايم‬ ‫تصور‬ ‫من‬ ‫جزء‬ ‫عن‬ ‫تكشف‬ ‫ألنها‬ ‫وإنما‬ ،‫االجتماعية‬
.‫المفهوم‬ ‫لنفس‬ ‫أخرى‬ ‫عناصر‬ ‫أو‬ ‫بعد‬
‫صاحب‬ ‫اقتناع‬ ‫على‬ ‫تقوم‬ ،‫الدوركايمية‬ ‫السوسيولوجيا‬ ‫في‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫فكرة‬ ‫أن‬ ‫البيان‬ ‫عن‬ ‫الغني‬ ‫من‬
‫وأوكست‬ ‫ماركس‬ ‫كارل‬ ‫خاصة‬ ‫السوسيولوجي‬ ‫الفكر‬ ‫مؤسسي‬ ‫كل‬ ‫مثل‬ ‫مثله‬ ”‫االجتماعي‬ ‫العمل‬ ‫تقسيم‬ ‫“في‬
،‫االجتماعي‬ ‫الوجود‬ ‫من‬ ‫نموذجين‬ ‫بين‬ ‫انتقالية‬ ‫مرحلة‬ ‫تعيش‬ ‫عام‬ ‫بشكل‬ ‫الغربية‬ ‫المجتمعات‬ ‫بأن‬ ‫؛‬25
‫كونت‬
‫مجتمع‬ ‫ميالد‬ ‫تعلن‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫مظاهر‬ ‫أن‬ ‫يعتقدان‬ ‫كانا‬ ‫إذ‬ ،‫كلي‬ ‫بشكل‬ ‫اآلخر‬ ‫عن‬ ‫منهما‬ ‫واحد‬ ‫كل‬ ‫يختلف‬
‫اعتبر‬ ‫دوركايم‬ ‫فإن‬ ،‫يموت‬ ‫الذي‬ ‫والمجتمع‬ ‫يتشكل‬ ‫الذي‬ ‫المجتمع‬ ‫ومعنى‬ ‫شكل‬ ‫في‬ ً‫اختالفا‬ ‫وإن‬ ،‫اآلخر‬ ‫وأفول‬
‫أخرى‬ ‫وجود‬ ‫دون‬ ،‫واحتراقها‬ ‫التقليدية‬ ‫األخالق‬ ‫تراجع‬ ‫هو‬ ،‫الراهنة‬ ‫المجتمعات‬ ‫يميز‬ ‫ما‬ ‫أهم‬ ‫أن‬ ‫اآلخر‬ ‫هو‬
‫كونت؛‬ ‫مع‬ ‫مقارنة‬ ‫الحديث‬ ‫للمجتمع‬ ‫دوركايم‬ ‫تصور‬ ‫الحقيقة‬ ‫في‬ ‫يميز‬ ‫ما‬ ‫وهذا‬ ،‫مكانها‬ ‫تأخذ‬ ‫أو‬ ‫تعوضها‬
‫والمجتمع‬ ‫الوضعي‬ ‫الفكر‬ ‫والدة‬ ‫ظل‬ ‫في‬ ‫يتم‬ ‫العسكري‬ ‫والمجتمع‬ ‫الثيولوجي‬ ‫الفكر‬ ‫موت‬ ‫أن‬ ‫على‬ ‫ألح‬ ‫الذي‬
‫ماركس‬ ‫عنها‬ ‫يدافع‬ ‫التي‬ ‫تقريبا‬ ‫الفكرة‬ ‫نفس‬ ‫وهي‬ ،‫وبروزه‬ ‫الثاني‬ ‫تشكل‬ ‫على‬ ‫يقوم‬ ‫األول‬ ‫فانهيار‬ ،‫الصناعي‬
.‫الفيودالي‬ ‫المجتمع‬ ‫وأفول‬ ‫تراجع‬ ‫في‬ ً‫سببا‬ ‫الرأسمالي‬ ‫المجتمع‬ ‫والدة‬ ‫في‬ ‫يرى‬ ‫كان‬ ‫الذي‬
‫الفكر‬ ‫مؤسسي‬ ‫باقي‬ ‫مع‬ ‫مقارنة‬ ،‫الحديث‬ ‫للمجتمع‬ ‫دوركايم‬ ‫تقدير‬ ‫اختالف‬ ‫رغم‬ ‫أي‬ ،‫ذلك‬ ‫ورغم‬
‫هذا‬ ‫منحها‬ ‫التي‬ ‫المكانة‬ ‫هو‬ ‫للحداثة‬ ‫دوركايم‬ ‫مقاربة‬ ‫يميز‬ ‫ما‬ ‫أهم‬ ‫فإن‬ .‫وماركس‬ ‫كونت‬ ‫وخاصة‬ ‫السوسيولوجي‬
.‫الحديثة‬ ‫المجتمعات‬ ‫داخل‬ ‫البنيوي‬ ‫التمايز‬ ‫تحليل‬ ‫في‬ ‫ومركزيا‬ ً‫مهما‬ ‫مصدرا‬ ‫باعتباره‬ ‫العمل‬ ‫لتقسيم‬ ‫األخير‬
‫الحديث؟‬ ‫والمجتمع‬ ‫الحداثة‬ ‫تحليل‬ ‫في‬ ‫واستعماله‬ ‫المفهوم‬ ‫هذا‬ ‫على‬ ‫االعتماد‬ ‫يمكن‬ ‫فكيف‬
‫تحليل‬ ‫في‬ ‫الضيق‬ ‫االقتصادوي‬ ‫للمنطق‬ ‫تجاوزه‬ ‫هو‬ ،‫العمل‬ ‫تقسيم‬ ‫لمفهوم‬ ‫دوركايم‬ ‫تصور‬ ‫يميز‬ ‫ما‬ ‫أهم‬ ‫إن‬
‫يتجاوز‬ ‫المفهوم‬ ‫هذا‬ ‫به‬ ‫يستعمل‬ ‫الذي‬ ‫بالمعنى‬ ‫االجتماعي‬ ‫العمل‬ ‫تقسيم‬ ‫أن‬ ‫البداية‬ ‫منذ‬ ‫يعلن‬ ‫إذ‬ ،‫الظاهرة‬ ‫هذه‬
‫عند‬ ‫يقف‬ ‫وال‬ ،‫االجتماعية‬ ‫الحياة‬ ‫عناصر‬ ‫كل‬ ‫يمس‬ ‫فعل‬ ‫ألنه‬ ،26
‫االقتصادي‬ ‫والمنطق‬ ‫الصناعي‬ ‫المجال‬
‫الحياة‬ ‫مجاالت‬ ‫كل‬ ‫في‬ ‫الظاهرة‬ ‫هذه‬ ‫مالحظة‬ ‫معها‬ ‫يسهل‬ ‫درجة‬ ‫إلى‬ ،‫عنده‬ ‫ينتهي‬ ‫أو‬ ‫الصناعي‬ ‫العمل‬ ‫حدود‬
‫الفن‬ ‫إلى‬ ‫ويمتد‬ ،‫اإلدارية‬ ‫القطاعات‬ ‫يعني‬ ‫كما‬ ‫السياسي‬ ‫المجال‬ ‫يهم‬ ‫فهو‬ ،‫مستوياتها‬ ‫كل‬ ‫وعبر‬ ‫اإلجتماعية‬
‫االقتصادي‬ ‫العالم‬ ‫يخص‬ ‫“ال‬ ‫دوركايم‬ ‫يقوم‬ ‫كما‬ ‫االجتماعي‬ ‫العمل‬ ‫فتقسيم‬ ،‫والفلسفة‬ ‫العلم‬ ‫إلى‬ ‫حتى‬ ‫ويصل‬
‫تتجه‬ ‫والقانونية‬ ‫اإلدارية‬ ،‫السياسية‬ ‫فالوظائف‬ ،‫المجتمع‬ ‫من‬ ‫مختلفة‬ ‫جهات‬ ‫في‬ ‫مالحظته‬ ‫يمكن‬ ‫بل‬ ،‫فحسب‬
‫ما‬ ‫وهذا‬ .27
”‫والعلمية‬ ‫الفنية‬ ‫الوظائف‬ ‫إلى‬ ‫حتى‬ ”‫العمل‬ ‫تقسيم‬ ‫“أي‬ ‫امتد‬ ‫إنه‬ ‫بل‬ ،‫التخصص‬ ‫نحو‬ ‫فأكثر‬ ‫أكثر‬
.‫لها‬ ‫تصورهما‬ ‫من‬ ‫جزءا‬ ‫معهما‬ ‫تقاسم‬ ‫وإن‬ ‫حتى‬ ‫اللحظة‬ ‫لهذه‬ ‫قراءته‬ ‫في‬ ‫وكونت‬ ‫ماركس‬ ‫عن‬ ‫دوركايم‬ ‫يختلف‬ 25
‫يعود‬ ‫أن‬ ‫قبل‬ ‫البيولوجيا‬ ‫إلى‬ ‫انتقل‬ ‫ومنه‬ ،Adam Smith‫سميت‬ ‫آدام‬ ‫إلى‬ ‫يعود‬ ‫االجتماعي‬ ‫العلم‬ ‫تقسيم‬ ‫مفهوم‬ ‫ظهور‬ ‫في‬ ‫الفضل‬ ‫أن‬ ‫دوركايم‬ ‫يعتبر‬ 26
.‫السوسيولوجيا‬ ‫إلى‬ ‫أخرى‬ ‫مرة‬
27 Emil, Durkheim, De la division du travail sociale, PUF, p.2

12. 12
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
‫اإلنسانية‬ ‫والعلوم‬ ‫الفلسفة‬ ‫قسم‬www.mominoun.com
‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫غريبة‬ ‫أو‬ ‫عرضية‬ ‫ظاهرة‬ ‫عن‬ ‫دوركايم‬ ‫يقول‬ ‫كما‬ ‫فقط‬ ‫يعبر‬ ‫ال‬ ‫االجتماعي‬ ‫العمل‬ ‫تقسيم‬ ‫أن‬ ‫يعني‬
‫التحديث‬ ‫حركة‬ ‫إلى‬ ‫بإسنادها‬ ‫إال‬ ‫تفسر‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫ال‬ ،‫عامة‬ ‫صيرورة‬ ‫داخل‬ ‫كصورة‬ ‫نفسه‬ ‫يقدم‬ ‫ما‬ ‫بقدر‬ ،‫الحديث‬
.‫عام‬ ‫بشكل‬ ‫الغربية‬ ‫المجتمعات‬ ‫تعرفها‬ ‫التي‬ ‫العميقة‬
‫وجوده‬ ‫في‬ ‫فقط‬ ‫تكمن‬ ‫ال‬ ‫االجتماعي‬ ‫العمل‬ ‫تقسيم‬ ‫أهمية‬ ‫أن‬ ‫القول‬ ‫يمكن‬ ،‫أخرى‬ ‫جهة‬ ‫من‬ ،‫جهة‬ ‫من‬ ‫هذا‬
‫“كمصدر‬ ‫وجوده‬ ‫في‬ ‫كذلك‬ ‫تظهر‬ ‫وإنما‬ ،‫الحديثة‬ ‫االجتماعية‬ ‫الحياة‬ ‫تعرفه‬ ‫الذي‬ ‫البنيوي‬ ‫للتمايز‬ ‫مباشر‬ ‫كسبب‬
‫فدرجة‬ ،‫االجتماعي‬ ‫للتضامن‬ ‫محددة‬ ‫كبنية‬ ‫نقل‬ ‫لم‬ ‫إن‬ ‫هذا‬ ”‫االجتماعي‬ ‫للتضامن‬ ‫أساسي‬ ‫األقل‬ ‫على‬ ‫أو‬ ‫وحيد‬
‫االجتماعية‬ ‫والوظائف‬ ‫البنيات‬ ‫بين‬ ‫الموجود‬ ‫التمايز‬ ‫حجم‬ ‫عن‬ ‫تكشف‬ ‫أو‬ ‫فقط‬ ‫تعبر‬ ‫ال‬ ‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫العمل‬ ‫تقسيم‬
‫الوثيق‬ ‫الرتباطها‬ ،‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫السائد‬ ‫والوعي‬ ‫التضامن‬ ‫وطبيعة‬ ‫شكل‬ ‫تحدد‬ ‫إنها‬ ‫بل‬ ،‫الواحد‬ ‫المجتمع‬ ‫داخل‬
‫الكثافة‬ ‫وارتفاع‬ ‫الساكنة‬ ‫حجم‬ ‫نمو‬ ‫بسبب‬ ،‫والمجتمع‬ ‫األفراد‬ ‫بين‬ ‫التفاعالت‬ ‫ونمو‬ ‫االجتماعية‬ ‫بالدينامية‬
.‫السكانية‬
‫متمايز‬ ‫أول‬ ،‫المجتمع‬ ‫من‬ ‫نموذجين‬ ‫إلى‬ ‫دوركايم‬ ‫نظر‬ ‫في‬ ‫للعمل‬ ‫االجتماعي‬ ‫التقسيم‬ ‫أشكال‬ ‫كل‬ ‫تنتهي‬
‫والوظائف‬ ‫األعضاء‬ ‫من‬ ‫نسق‬ ‫من‬ ‫يتشكل‬ ‫ألنه‬ ،‫العضوي‬ ‫بالتضامن‬ ‫دوركايم‬ ‫يسميه‬ ‫ما‬ ‫على‬ ‫يقوم‬ ،‫حديث‬
‫يتأسس‬ ،‫ضعيف‬ ‫بشكل‬ ‫متمايز‬ ‫أو‬ ‫متمايز‬ ‫غير‬ ‫وثاني‬ ،‫محدد‬ ‫بدور‬ ‫منها‬ ‫عضو‬ ‫أو‬ ‫فرد‬ ‫كل‬ ‫يقوم‬ ‫حيث‬ ،‫المختلفة‬
‫التضامن‬ ‫ذو‬ ‫بالمجتمع‬ ‫دوركايم‬ ‫عليه‬ ‫ويطلق‬ ،‫الفعل‬ ‫بنفس‬ ‫تقوم‬ ‫ومتجانسة‬ ‫متشابهة‬ ‫عناصر‬ ‫تكرار‬ ‫على‬
.‫اآللي‬
‫للعمل‬ ‫االجتماعي‬ ‫التقسيم‬ ‫عن‬ ‫تنتج‬ ‫التي‬ ‫التضامن‬ ‫أشكال‬ ‫مختلف‬ ‫دراسة‬ ‫خالله‬ ‫من‬ ‫يمكن‬ ‫مدخل‬ ‫أهم‬ ‫إن‬
‫داخل‬ ‫األفراد‬ ‫سلوك‬ ‫وتنظيم‬ ‫تدبير‬ ‫في‬ ‫المجتمع‬ ‫يعتمدها‬ ‫التي‬ ‫القانونية‬ ‫القواعد‬ ‫نسق‬ ‫هو‬ ‫دوركايم‬ ‫نظر‬ ‫في‬
‫كل‬ ‫في‬ ‫يتقدم‬ ‫وال‬ ‫واحدة‬ ‫صورة‬ ‫في‬ ‫نفسه‬ ‫يقدم‬ ‫ال‬ ‫العمل‬ ‫تقسيم‬ ‫وألن‬ ،‫إليها‬ ‫ينتمون‬ ‫التي‬ ‫والمجتمعات‬ ‫الجماعات‬
‫منها‬ ‫واحد‬ ‫كل‬ ‫يرتبط‬ ‫التي‬ ‫العقاب‬ ‫أشكال‬ ‫من‬ ‫نوعين‬ ‫بين‬ ‫دوركايم‬ ‫يميز‬ ،‫النمط‬ ‫نفس‬ ‫على‬ ‫االجتماعية‬ ‫األنساق‬
.‫معين‬ ‫اجتماعي‬ ‫بنموذج‬
‫أو‬ ‫فيه‬ ‫الجريمة‬ ‫أما‬ ،De Nature Répressive ‫قمعية‬ ‫طبيعة‬ ‫متمايز‬ ‫غير‬ ‫مجتمع‬ ‫في‬ ‫العقاب‬ ‫يتخذ‬
‫احترامه‬ ‫وعدم‬ ،‫جماعي‬ ‫التفاق‬ ‫الفرد‬ ‫تجاوز‬ ‫هو‬ ً‫دائما‬ ‫نقل‬ ‫لم‬ ‫إن‬ ،‫األحوال‬ ‫أغلب‬ ‫في‬ ‫فيكون‬ ‫اإلجرامي‬ ‫الفعل‬
‫إجراميا‬ ‫يكون‬ ‫ال‬ ‫فالفعل‬ ‫لذلك‬ ،‫مستوياته‬ ‫كل‬ ‫في‬ ‫الجماعي‬ ‫الفعل‬ ‫تنظيم‬ ‫ولقواعد‬ ،‫وأخالقها‬ ‫الجماعة‬ ‫لمعتقدات‬
‫يكون‬ ‫ال‬ ‫العقاب‬ ‫أن‬ ‫كما‬ ،‫الجمعي‬ ‫الوعي‬ ‫عليها‬ ‫يوجد‬ ‫التي‬ ‫القوية‬ ‫الحالة‬ ‫يحترم‬ ‫ال‬ ‫ألنه‬ ‫إال‬ ‫دوركايم‬ ‫يقول‬ ‫كما‬
‫المجتمعات‬ ‫في‬ ‫العقوبات‬ ‫ونظام‬ ‫القانون‬ ‫يعتبر‬ ‫المقابل‬ ‫في‬ .‫الوعي‬ ‫هذا‬ ‫سيادة‬ ‫ضمان‬ ‫من‬ ‫يتمكن‬ ‫حتى‬ ً‫قمعيا‬ ‫إال‬
‫عن‬ ‫ينتج‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫التي‬ ‫الخسارة‬ ‫من‬ ‫الحد‬ ‫على‬ ‫يقوم‬ ‫أنه‬ ‫أي‬ Restitutive ً‫تقويميا‬ ‫العضوي‬ ‫التضامن‬ ‫ذات‬
.‫التجاوز‬ ‫هذا‬ ‫يحدثه‬ ‫أن‬ ‫المحتمل‬ ‫من‬ ‫الذي‬ ‫الضرر‬ ‫إصالح‬ ‫أو‬ ،‫معينة‬ ‫اجتماعية‬ ‫لقاعدة‬ ‫ما‬ ‫تجاوز‬

13. 13
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
www.mominoun.com ‫اإلنسانية‬ ‫والعلوم‬ ‫الفلسفة‬ ‫قسم‬
‫وإنما‬ ،‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫السائدة‬ ‫التضامن‬ ‫أنماط‬ ‫على‬ ‫فقط‬ ‫دوركايم‬ ‫بينها‬ ‫ميز‬ ‫التي‬ ‫العقاب‬ ‫أشكال‬ ‫تعبر‬ ‫ال‬
،ً‫قمعيا‬ ً‫شكال‬ ‫العقاب‬ ‫يتخذ‬ ‫حيث‬ ‫اآللي‬ ‫التضامن‬ ‫ذات‬ ‫فالمجتمعات‬ ،‫فيه‬ ‫السائد‬ ‫الوعي‬ ‫طبيعة‬ ‫كذلك‬ ‫تعكس‬
‫من‬ ‫منظم‬ ‫كل‬ ‫باعتباره‬ ‫أي‬ ،‫معنى‬ ‫من‬ ‫الكلمة‬ ‫هذه‬ ‫تحمله‬ ‫ما‬ ‫بكل‬ ‫الجمعي‬ ‫الوعي‬ ‫من‬ ‫قوية‬ ‫حالة‬ ‫على‬ ‫تقوم‬
‫األوعية‬ ‫كل‬ ‫اختراق‬ ‫على‬ ‫القدرة‬ ‫يمتلك‬ ‫وعي‬ ،‫الجماعة‬ ‫أعضاء‬ ‫كل‬ ‫بين‬ ‫المشتركة‬ ‫واألحاسيس‬ ‫المعتقدات‬
‫فإن‬ ‫ذلك‬ ‫من‬ ‫العكس‬ ‫على‬ ،‫واإلخضاع‬ ‫القهر‬ ‫آليات‬ ‫كل‬ ‫على‬ ‫يتوفر‬ ‫كما‬ ،‫الوقت‬ ‫نفس‬ ‫في‬ ‫وتشكليها‬ ،‫الفردية‬
‫المجال‬ ‫وتفسح‬ ،‫الفردية‬ ‫للشخصيات‬ ‫التأسيس‬ ‫على‬ ‫تقوم‬ ‫العضوي؛‬ ‫التضامن‬ ‫ذات‬ ‫المجتمعات‬ ‫في‬ ‫الوعي‬ ‫حالة‬
‫هذا‬ ‫في‬ ‫الجمعي‬ ‫الوعي‬ ‫أن‬ ‫على‬ ‫دوركايم‬ ‫يؤكد‬ ‫ذلك‬ ‫من‬ ‫األكثر‬ ‫بل‬ ،‫الفردي‬ ‫الفعل‬ ‫من‬ ‫واسعة‬ ‫أنماط‬ ‫لظهور‬
‫نظر‬ ‫في‬ ‫يمنح‬ ‫ما‬ ‫هذا‬ ‫ولعل‬ ،‫وبروزه‬ ‫الفردي‬ ‫الوعي‬ ‫لظهور‬ ‫مساحات‬ ‫يتيح‬ ‫ألن‬ ‫مضطر‬ ‫المجتمعات‬ ‫من‬ ‫النوع‬
‫كبينة‬ Différenciation Sociale ‫االجتماعي‬ ‫التمايز‬ ‫وجود‬ ‫على‬ ‫القائمة‬ ‫ألطروحته‬ ‫قوة‬ ‫مارتيشولي‬ ‫دانيلو‬
.28
‫الحديثين‬ ‫والمجتمع‬ ‫للفرد‬ ‫لتصوره‬ ‫مؤسسة‬
‫أجل‬ ‫من‬ ‫إال‬ ،‫الحقيقة‬ ‫في‬ ‫يكن‬ ‫لم‬ ،‫االجتماعي‬ ‫العمل‬ ‫بتقسيم‬ ‫دوركايم‬ ‫اهتمام‬ ‫أن‬ ‫األخيرة‬ ‫العبارة‬ ‫تظهر‬
‫وتمايز‬ ‫المجتمع‬ ‫تطور‬ ‫صيرورة‬ ‫في‬ ‫وموقعه‬ ،29
‫االجتماعي‬ ‫النظام‬ ‫داخل‬ ‫ومكانته‬ ‫الفرد‬ ‫وضع‬ ‫عن‬ ‫البحث‬
‫األفعال‬ ‫قبل‬ ،‫عام‬ ‫بشكل‬ ‫االجتماعي‬ ‫النظام‬ ‫على‬ ‫وانعكاساته‬ ‫الوضع‬ ‫هذا‬ ‫نتائج‬ ‫إلى‬ ‫باإلضافة‬ ،‫ومؤسساته‬ ‫بنياته‬
‫غريبة‬ ‫تبدو‬ ‫قد‬ ‫والتي‬ ‫اإلطار‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫إليها‬ ‫االنتهاء‬ ‫يمكن‬ ‫خالصة‬ ‫أهم‬ ‫أنه‬ ‫غير‬ .‫األفراد‬ ‫بين‬ ‫تتم‬ ‫التي‬ ‫والعالقات‬
‫النظام‬ ‫في‬ ‫للفرد‬ ‫دوركايم‬ ‫يمنحها‬ ‫التي‬ ‫المهمة‬ ‫المكانة‬ ‫هو‬ ،‫الدوركايمي‬ ‫للمتن‬ ‫اإلبيستمولوجية‬ ‫القراءة‬ ‫عن‬
‫“في‬ ‫في‬ ‫وردت‬ ‫عبارة‬ ‫من‬ ‫أكثر‬ ‫من‬ ‫استنتاجه‬ ‫يمكن‬ ‫ما‬ ‫هذا‬ ‫ولعل‬ ،‫وتنامى‬ ‫العمل‬ ‫تقسيم‬ ‫تعاظم‬ ‫كلما‬ ‫االجتماعي‬
‫“عند‬ ،30
”‫ألفعالك‬ ‫مستقال‬ ً‫مصدرا‬ ‫تكون‬ ‫أن‬ ‫يعني‬ ،ً‫شخصا‬ ‫تكون‬ ‫“أن‬ :‫قبيل‬ ‫من‬ ”‫االجتماعي‬ ‫العمل‬ ‫تقسيم‬
‫يحقق‬ ‫وأن‬ ،‫رفاقه‬ ‫مماثلة‬ ‫في‬ ‫لإلنسان‬ ‫الخاص‬ ‫الفعل‬ ‫قيمة‬ ‫تكمن‬ Les Peuples Inférieures ‫الدنيا‬ ‫الشعوب‬
‫في‬ ‫لكن‬ ،‫اإلنساني‬ ‫النموذج‬ ‫مع‬ ‫كبير‬ ‫بشكل‬ ‫اليوم‬ ‫خلطه‬ ‫يتم‬ ‫الذي‬ ‫الجماعي‬ ‫النموذج‬ ‫خصائص‬ ‫كل‬ ‫ذاته‬ ‫في‬
‫القيام‬ ‫في‬ ‫يتحدد‬ ‫الخاص‬ ‫وفعله‬ ،‫مجتمع‬ ‫في‬ ‫كعضو‬ ‫وجوده‬ ‫في‬ ‫كبير‬ ‫بشكل‬ ‫طبيعته‬ ‫تكمن‬ ،‫المتقدمة‬ ‫المجتمعات‬
.31
”ً‫عضوا‬ ‫باعتباره‬ ‫فعله‬ ‫عليه‬ ‫يجب‬ ‫بما‬
28 Danilo, Martucceli, sociologies de la modernité, op.cit. p.38.
‫العودة‬ ‫لكننا‬ ،‫الفرد‬ ‫على‬ ‫للمجتمع‬ ‫المطلقة‬ ‫الهيمنة‬ ‫على‬ ‫تقوم‬ ‫التي‬ ‫الدوركايمية‬ ‫األطروحة‬ ‫روح‬ ‫مع‬ ‫كبير‬ ‫بشكل‬ ‫تتناقض‬ ‫الفكرة‬ ‫هذه‬ ‫أن‬ ‫للبعض‬ ‫يبدو‬ ‫قد‬ 29
‫الفهم‬ ‫سوء‬ ‫حجم‬ ‫أن‬ ‫كبير‬ ‫بشكل‬ ‫يظهر‬ ،‫الدوركايمية‬ ‫للسوسيولوجيا‬ ‫المؤسس‬ ‫النص‬ ‫هذا‬ ‫عناصر‬ ‫من‬ ‫الكثير‬ ‫وإلى‬ ‫االجتماعي‬ ‫العمل‬ ‫تقسيم‬ ‫أطروحة‬ ‫إلى‬
‫وبين‬ ،‫أطروحاته‬ ‫في‬ ‫والمعرفي‬ ‫اإلبيستمولوجي‬ ‫المتن‬ ‫بين‬ ‫التمييز‬ ‫عدم‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫دوركايم‬ ‫ألعمال‬ ‫االجتماع‬ ‫علم‬ ‫في‬ ‫الباحثين‬ ‫بعض‬ ‫تناول‬ ‫طبع‬ ‫الذي‬
.‫والمجتمعي‬ ‫الفكري‬ ‫مشروعه‬
30 Emile, Durkheim, de la division du travail social, op.cit. p.399.
31 Ibidem.

14. 14
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
‫اإلنسانية‬ ‫والعلوم‬ ‫الفلسفة‬ ‫قسم‬www.mominoun.com
،32
‫البدائية‬ ‫الشعوب‬ ‫عن‬ ‫دوركايم‬ ‫نظر‬ ‫في‬ ‫تختلف‬ ‫ال‬ ‫إذن‬ ‫المتقدمة‬ ‫المجتمعات‬ ‫أو‬ ،‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫إن‬
‫في‬ ‫ينسجم‬ ‫ما‬ ‫وهذا‬ ،‫الثانية‬ ‫مع‬ ‫مقارنة‬ ‫الفرد‬ ‫أمام‬ ‫األولى‬ ‫المجتمعات‬ ‫تتيحه‬ ‫الذي‬ ‫الحرية‬ ‫هامش‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫إال‬
‫هامش‬ ‫واتساع‬ ‫الفرد‬ ‫بروز‬ ‫أن‬ ‫تعتبر‬ ‫التي‬ ،‫للحداثة‬ ‫المعاصرة‬ ‫السوسيولوجية‬ ‫األطروحات‬ ‫من‬ ‫كثير‬ ‫مع‬ ‫الحقيقة‬
‫ومظاهرها‬ ‫أسسها‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫الحداثة‬ ‫في‬ ‫أساسيا‬ ً‫وبعدا‬ ‫هاما‬ ً‫عنصرا‬ ‫فقط‬ ‫يعدان‬ ‫ال‬ ،‫الفردية‬ ‫والمعرفة‬ ‫السلوك‬
.‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫االجتماعي‬ ‫للفعل‬ ‫مؤسسة‬ ‫بنية‬ ،‫اإلطار‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫يهمنا‬ ‫ما‬ ‫وهذا‬ ،‫وإنما‬ ،‫االجتماعية‬
‫الشعوب‬ ‫من‬ ‫دونه‬ ‫عن‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫يميز‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫بما‬ ‫دوركايم‬ ‫يبديه‬ ‫الذي‬ ‫االهتمام‬ ‫سياق‬ ‫نفس‬ ‫في‬
‫االجتماعية‬ ‫المؤسسات‬ ‫أكثر‬ ‫باعتباره‬ corporation ‫المهنيين‬ ‫جماعات‬ ‫األخير‬ ‫هذا‬ ‫يقدم‬ ،‫بدائية‬ ‫يسميها‬ ‫التي‬
‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫الذي‬ ‫الدور‬ ‫أن‬ ‫دوركايم‬ ‫يعتقد‬ ‫حيث‬ ،‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫األفراد‬ ‫إدماج‬ ‫عملية‬ ‫في‬ ‫ريادي‬ ‫دور‬ ‫للعب‬ ً‫استعدادا‬
‫انحسار‬ ‫بحكم‬ ‫فاألولى‬ ،‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫الدولة‬ ‫أو‬ ‫العائلة‬ ‫به‬ ‫تقوم‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫ما‬ ‫يتجاوز‬ ‫الهيئات‬ ‫هذه‬ ‫تلعبه‬
‫التي‬ ‫بالجماعة‬ ‫الفرد‬ ‫كافي‬ ‫أو‬ ‫صحيح‬ ‫بشكل‬ ‫تربط‬ ‫أن‬ ‫يصعب‬ ‫المجتمعات‬ ‫من‬ ‫النوع‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫ووظائفها‬ ‫أدوارها‬
‫عن‬ ‫بعيدة‬ ‫إال‬ ‫يجعلها‬ ‫لم‬ ،‫أكبر‬ ‫قضايا‬ ‫نحو‬ ‫واتجاهاها‬ ‫أدوارها‬ ‫اتساع‬ ‫فإن‬ ‫الدولة‬ ‫أي‬ ،‫الثانية‬ ‫أما‬ ،‫إليها‬ ‫ينتمي‬
‫ما‬ ‫“تمتلك‬ ‫دوركايم‬ ‫يقول‬ ‫فإنها‬ ‫المهنيين‬ ‫جماعات‬ ‫أما‬ ،‫بالمجتمع‬ ‫ارتباطه‬ ‫تضمن‬ ‫حتى‬ ‫الفرد‬ ‫عن‬ ‫كبير‬ ‫بشكل‬
‫عدم‬ ‫مع‬ ‫خاصة‬ ،‫يعيشها‬ ‫التي‬ Isolement Morale ‫األخالقية‬ ‫العزلة‬ ‫حالة‬ ‫من‬ ‫وجره‬ ،‫الفرد‬ ‫لتأطير‬ ‫يكفي‬
‫المهمة‬ ‫بهذه‬ ‫تقوم‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫التي‬ ‫الوحيدة‬ ‫إنها‬ ،‫الشيء‬ ‫نفس‬ ‫لفعل‬ ‫األخرى‬ ‫الجماعات‬ ‫على‬ ‫يبدو‬ ‫الذي‬ ‫القدرة‬
.33
”‫األساسية‬
‫مظاهر‬ ‫من‬ ً‫مظهرا‬ ‫باعتباره‬ ‫الدوركايمي‬ ‫المتن‬ ‫في‬ ‫ويقدم‬ ،‫االختالالت‬ ‫من‬ ‫سلسلة‬ 34
‫األمر‬ ‫هذا‬ ‫عن‬ ‫ينتج‬
‫وأعمق‬ ‫أكبر‬ ‫فيه‬ ‫اإلكراه‬ ‫مجال‬ ‫منغلق؛‬ ‫مجتمع‬ ‫هو‬ ‫بما‬ ‫التقليدي‬ ‫المجتمع‬ ‫ماضي‬ ‫مع‬ ‫الحداثة‬ ‫تعلنها‬ ‫التي‬ ‫القطيعة‬
‫دوركايم‬ ‫يسميها‬ ‫كما‬ ‫العضوي‬ ‫التضامن‬ ‫ذات‬ ‫المجتمعات‬ ‫أو‬ ‫الحديثة‬ ‫فالمجتمعات‬ ،‫وهوامشها‬ ‫الحرية‬ ‫ميدان‬ ‫من‬
‫في‬ ‫والشمولي‬ ‫الكلي‬ ‫طابعها‬ ‫تفقد‬ ‫الجماعية‬ ‫التمثالت‬ ‫أن‬ ‫أهمها‬ ،‫المخاطر‬ ‫من‬ ‫كبير‬ ‫لعدد‬ ‫معرضة‬ ‫تصبح‬
‫اتجاهاتها‬ ‫وتشاكل‬ ‫االجتماعية‬ ‫الحياة‬ ‫تنوع‬ ‫بقدر‬ ‫إذ‬ ،‫والتنوع‬ ‫التعدد‬ ‫هو‬ ً‫جديدا‬ ً‫طابعا‬ ‫وتكتسب‬ ،‫الحديث‬ ‫المجتمع‬
،‫بالواقع‬ ‫اإلحساس‬ ‫على‬ ‫القدرة‬ ‫الفرد‬ ‫يفقد‬ ‫ما‬ ‫بقدر‬ ،‫حولها‬ ‫االجتماعية‬ ‫القراءات‬ ‫وتعاظم‬ ،‫معظمها‬ ‫وتخارج‬
،‫فيه‬ ‫واالندماج‬ ‫الواقع‬ ”‫“فهم‬ ‫أجل‬ ‫من‬ ‫إليها‬ ‫عودة‬ ‫كل‬ ‫ويمنع‬ ‫بل‬ ،‫إليها‬ ‫ينتمي‬ ‫التي‬ ‫بالجماعة‬ ‫ارتباطه‬ ‫ويضعف‬
‫عندما‬ ‫السوسيولوجية‬ ‫دالالتها‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫وعميقة‬ ‫قوية‬ ‫عبارات‬ ‫استدعاء‬ ‫إلى‬ ‫دوركايم‬ ‫إميل‬ ‫دفع‬ ‫ما‬ ‫هذا‬ ‫ولعل‬
‫حيث‬ ،‫والمجتمع‬ ‫الجماعة‬ ‫بين‬ ‫تونيس‬ ‫أقامه‬ ‫الذي‬ ‫بالتمييز‬ ‫تأثره‬ ‫حجم‬ ‫يظهر‬ ،‫البدائية‬ ‫والشعوب‬ ‫المتقدمة‬ ‫المجتمعات‬ ‫بين‬ ‫دروكايم‬ ‫تمييز‬ ‫أن‬ ‫الواضح‬ ‫من‬ 32
‫المجتمعات‬ ‫نسميه‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫ما‬ ‫عن‬ ‫حديثه‬ ‫عند‬ ،‫الدينية‬ ‫للحياة‬ ‫األولية‬ ‫األشكال‬ ‫في‬ ‫أو‬ ‫االجتماعي‬ ‫العمل‬ ‫تقسيم‬ ‫في‬ ‫سواء‬ ‫يستعمل‬ ‫لم‬ ‫دروكايم‬ ‫إميل‬ ‫أن‬ ‫يظهر‬
‫بمرحلة‬ ‫أو‬ ‫الفرنسية‬ ‫بالثورة‬ ‫ترتبط‬ ‫سياسية‬ ‫حمولة‬ ‫هاهنا‬ ‫الدوركايمي‬ ‫المتن‬ ‫في‬ ‫الشعب‬ ‫كلمة‬ ‫تحمل‬ ‫"ال‬ ً‫ا‬‫شعوب‬ ‫باعتبارها‬ ‫اكتفي‬ ‫بل‬ ‫المجتمع‬ ‫مفهوم‬ ،‫البدائية‬
‫الفرنسية‬ peuple ‫كلمة‬ ‫أن‬ ‫كما‬ ،‫تونيس‬ ‫أقامه‬ ‫الذي‬ ‫بالتمييز‬ ‫ترتبط‬ ‫ما‬ ‫بقدر‬ ،‫ذلك‬ ‫نعتقد‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫كما‬ ‫عام‬ ‫بشكل‬ ‫الغربي‬ ‫السياسي‬ ‫الوعي‬ ‫تشكل‬ ‫من‬ ‫معينة‬
‫الفعل‬ ‫ومنه‬ ،‫بالسكان‬ ‫العامر‬ ‫المكان‬ ‫كذلك‬ ‫توظف‬ ‫إنها‬ ‫بل‬ ،‫االجتماعي‬ ‫الوجود‬ ‫من‬ ‫البعد‬ ‫هذا‬ ‫على‬ ‫فقط‬ ‫للداللة‬ ‫تستعمل‬ ‫وال‬ ‫المعنى‬ ‫هذا‬ ‫على‬ ‫فقط‬ ‫تحيل‬ ‫ال‬
peupler ‫الفرنسي‬
33 Émile, Durkheim, le suicide, Puf, paris, 1995, pp.435-436.
.‫والدولة‬ ‫العائلة‬ ‫أساسي‬ ‫بشكل‬ ‫ونقصد‬ ‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫المرجعية‬ ‫المؤسسات‬ ‫وانسحاب‬ ‫الفرد‬ ‫أمام‬ ‫الحرية‬ ‫هامش‬ ‫اتساع‬ ‫نقصد‬ 34

15. 15
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
www.mominoun.com ‫اإلنسانية‬ ‫والعلوم‬ ‫الفلسفة‬ ‫قسم‬
‫من‬ ‫النوع‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫الفرد‬ ‫إليها‬ ‫يصل‬ ‫التي‬ ‫الحالة‬ ‫أن‬ ‫اعتبر‬ ‫حيث‬ ،‫المعطى‬ ‫هذا‬ ‫بوصف‬ ‫األمر‬ ‫يتعلق‬
.35
”‫الفراغ‬ ‫في‬ ‫“العوم‬ ‫بعيد‬ ‫حد‬ ‫إلى‬ ‫تشبه‬ ‫المواقف‬
‫التوافق‬ ‫غياب‬ ‫هو‬ ،‫ووظيفيا‬ ‫بنيويا‬ ‫متمايز‬ ‫مجتمع‬ ‫هو‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫يواجه‬ ‫خطر‬ ‫أهم‬ ‫إن‬
‫المجتمع‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫ال‬ ‫التي‬ ‫والبنية‬ ‫االجتماعية‬ ‫الحياة‬ ‫عصب‬ ‫دوركايم‬ ‫اعتبره‬ ‫لطالما‬ ‫الذي‬ Consensus
‫بآليات‬ ‫تسميته‬ ‫يمكن‬ ‫ما‬ ‫إلى‬ ‫بالرجوع‬ ‫الحقيقة‬ ‫في‬ ‫دوركايم‬ ‫إليه‬ ‫انتبه‬ ‫الذي‬ ‫األمر‬ ‫وهو‬ ،‫بحضورها‬ ‫إال‬ ً‫موجودا‬
‫تنوع‬ ‫عن‬ ‫تنتج‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫أو‬ ‫تنتج‬ ‫التي‬ ‫هذه‬ ‫الفوضى‬ ‫حالة‬ ‫لتجاوز‬ ‫أمامه‬ ‫الفرد‬ ‫يجدها‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫التي‬ ‫االندماج‬
‫الواقع‬ ‫في‬ ‫تخرج‬ ‫ال‬ ‫وهي‬ ،‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫منها‬ ‫يتشكل‬ ‫التي‬ ‫الثقافية‬ ‫المرجعيات‬ ‫وتتعدد‬ ‫االجتماعية‬ ‫الخطابات‬
‫اإلجماع‬ ‫من‬ ‫نوع‬ ‫وتحقيق‬ ،ً‫اجتماعيا‬ ‫الفرد‬ ‫تأهيل‬ ‫األولى‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫يتم‬ ،‫والدين‬ ‫التربية‬ ‫هما‬ ‫اثنتين‬ ‫بنيتين‬ ‫عن‬
.‫الثانية‬ ‫طريق‬ ‫عن‬
.ً‫ال‬‫ح‬ ‫باعتبارها‬ ‫الرتبية‬ .2
‫المدرسة‬ ‫وخاصة‬ ‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫التربوية‬ ‫المؤسسات‬ ‫كل‬ ‫خاللها‬ ‫ومن‬ ‫دوركايم‬ ‫نظر‬ ‫في‬ ‫التربية‬ ‫تلعب‬
‫واألفكار‬ ‫المعارف‬ ‫مجموع‬ ‫نقل‬ ‫خاللها‬ ‫من‬ ‫يتم‬ ‫التي‬ ‫القناة‬ ‫تعتبر‬ ‫فهي‬ ،‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫داخل‬ ً‫محوريا‬ ً‫دورا‬
‫خالله‬ ‫من‬ ‫تتواصل‬ ‫الذي‬ ‫الوحيد‬ ‫والرابط‬ ،‫األفراد‬ ‫بين‬ ‫جماعي‬ ‫بشكل‬ ‫تقاسمها‬ ‫يتم‬ ‫التي‬ ‫القيم‬ ‫أو‬ ‫الجماعية‬
‫أولئك‬ ‫على‬ ‫الراشدة‬ ‫األجيال‬ ‫طرف‬ ‫من‬ ‫يمارس‬ ‫الذي‬ ‫“الفعل‬ ‫بمثابة‬ ‫تعد‬ ‫فهي‬ ،‫الواحد‬ ‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫األجيال‬
‫الحاالت‬ ‫من‬ ‫عددا‬ ‫فيه‬ ‫وتنمي‬ ‫الطفل‬ ‫في‬ ‫توقظ‬ ‫أن‬ ‫هو‬ ‫غايتها‬ ‫إن‬ ،‫االجتماعية‬ ‫الحياة‬ ‫إلى‬ ‫بعد‬ ‫يتأهلوا‬ ‫لم‬ ‫الذين‬
‫توجه‬ ‫الذي‬ ‫الخاص‬ ‫والوسط‬ ،‫مجموعه‬ ‫في‬ ‫السياسي‬ ‫المجتمع‬ ‫منه‬ ‫يطلبها‬ ‫التي‬ ‫واألخالقية‬ ‫والفكرية‬ ‫النفسية‬
‫التي‬ ‫الوحيدة‬ ‫نقل‬ ‫لم‬ ‫إن‬ ‫الكبرى‬ ‫العملية‬ ‫باعتبارها‬ ‫المتون‬ ‫من‬ ‫النوع‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ،‫فقط‬ ‫نفسها‬ ‫تقدم‬ ‫ال‬ ‫أنها‬ ‫كما‬ .36
”‫إليه‬
‫القول‬ ‫يجب‬ ،‫المجتمع‬ ‫وجود‬ ‫في‬ ‫الفضل‬ ‫له‬ ‫من‬ ‫عن‬ ‫نبحث‬ ‫أن‬ ‫الالزم‬ ‫من‬ ‫كان‬ ‫“إذا‬ ‫خاللها‬ ‫من‬ ‫المجتمع‬ ‫يوجد‬
،37
”‫غيابها‬ ‫في‬ ‫المجتمع‬ ‫وجود‬ ‫يستحيل‬ ‫التي‬ ‫األفراد‬ ‫بين‬ ‫واألحاسيس‬ ‫األفكار‬ ‫من‬ ‫يكفي‬ ‫ما‬ ‫تضمن‬ ‫التربية‬ ‫أن‬
‫يكن‬ ‫لم‬ ‫الذي‬ ‫األمر‬ ‫وهو‬ ،‫نريد‬ ‫الذي‬ ‫المجتمع‬ ‫ونوع‬ ‫شكل‬ ‫في‬ ‫نتحكم‬ ‫أن‬ ‫خالله‬ ‫من‬ ‫يمكن‬ ‫الذي‬ ‫الفعل‬ ‫هي‬ ‫بل‬
‫كانت‬ ‫األخيرة‬ ‫هذه‬ ‫يقدمها‬ ‫التي‬ ‫التاريخية‬ ‫التجارب‬ ‫وأن‬ ‫خاصة‬ ،‫إلثباته‬ ً‫كبيرا‬ ً‫جهدا‬ ‫دوركايم‬ ‫إميل‬ ‫من‬ ‫يحتاج‬
‫في‬ ‫كبير‬ ‫بشطل‬ ‫يظهر‬ ‫والذي‬ ‫للتربية‬ ‫الخالص‬ ‫االجتماعي‬ ‫الطابع‬ ‫عن‬ ‫والكشف‬ ،‫المعطى‬ ‫هذا‬ ‫لبيان‬ ‫كافية‬
‫عبر‬ ‫كلي‬ ‫بشكل‬ ‫تختلف‬ ‫التربية‬ ‫“إن‬ :‫اإلنسانية‬ ‫المجتمعات‬ ‫وباختالف‬ ‫التاريخ‬ ‫عبر‬ ‫التربوية‬ ‫التجارب‬ ‫اختالف‬
‫بشكل‬ ‫يخضع‬ ‫حتى‬ ‫الفرد‬ ‫ترويض‬ ‫على‬ ‫التربية‬ ‫تعمل‬ ،‫والالتينية‬ ‫اليونانية‬ ‫المدن‬ ‫ففي‬ ،‫الدول‬ ‫وحسب‬ ‫األزمنة‬
‫كنا‬ ،‫أثينا‬ ‫في‬ .‫حرة‬ ‫شخصية‬ ‫جعله‬ ‫على‬ ‫تعمل‬ ‫فإنها‬ ‫اليوم‬ ‫أما‬ ،‫المجتمع‬ ‫ملكية‬ ‫في‬ ‫شيئا‬ ‫ويصبح‬ ،‫للجماعة‬ ‫أعمى‬
35 Émile, Durkheim, les règles de la méthode sociologique, édition électronique,
36 Emile, Durkheim, Education et sociologie, texte préparé par Jean-Marie Tremblay, Edition Electronique, les
classiques des sciences sociales, P. 9.
37 Ibid., P14..

16. 16
‫اإلبراهيمي‬ ‫زكرياء‬
‫اإلنسانية‬ ‫والعلوم‬ ‫الفلسفة‬ ‫قسم‬www.mominoun.com
‫تذوق‬ ‫على‬ ‫قادرة‬ ،‫واالنسجام‬ ‫بالقياس‬ ‫شغوفة‬ ،‫ثاقب‬ ‫فكر‬ ‫وصاحبة‬ ،‫متنبهة‬ ،‫مرهفة‬ ‫عقول‬ ‫تكوين‬ ‫على‬ ‫نبحث‬
‫رجال‬ ‫يصبحوا‬ ‫أن‬ ،‫شيء‬ ‫كل‬ ‫قبل‬ ‫األطفال‬ ‫من‬ ‫نريد‬ ‫كنا‬ ‫فقد‬ ،‫روما‬ ‫في‬ ‫أما‬ ،‫الخالص‬ ‫التأمل‬ ‫ونشوة‬ ‫الجميل‬
‫العصر‬ ‫في‬ ،‫والفنون‬ ‫باآلداب‬ ‫يتعلق‬ ‫بما‬ ‫مهتمين‬ ‫غير‬ ،‫العسكري‬ ‫للمجد‬ ‫تواقين‬ ،Homme d’action ‫أفعال‬
‫العمل‬ ‫فإن‬ ‫اليوم‬ ‫أما‬ ،‫أكثر‬ ً‫وأدبيا‬ ‫الئكيا‬ ً‫بعدا‬ ‫أخذت‬ ،‫النهضة‬ ‫في‬ ،‫شيء‬ ‫كل‬ ‫قبل‬ ‫مسيحية‬ ‫التربية‬ ‫كانت‬ ،‫الوسيط‬
.38
”‫الماضي‬ ‫في‬ ‫الفن‬ ‫يشغله‬ ‫كان‬ ‫الذي‬ ‫المكان‬ ‫استمحل‬
‫المكانة‬ ‫حدود‬ ‫عند‬ ‫فقط‬ ‫تقف‬ ‫ال‬ ‫كبرى‬ ‫اجتماعية‬ ‫عملية‬ ‫هي‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫التربية‬ ‫قيمة‬ ‫إن‬
‫التربية‬ ‫تلعبه‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫الذي‬ ‫الدور‬ ‫في‬ ‫أساسي‬ ‫بشكل‬ ‫توجد‬ ‫وإنما‬ ،‫االجتماعية‬ ‫األنظمة‬ ‫كل‬ ‫في‬ ‫تحتلها‬ ‫التي‬
‫عندما‬ ‫واضح‬ ‫بشكل‬ ‫دوركايم‬ ‫عنه‬ ‫عبر‬ ‫الذي‬ ‫األمر‬ ‫وهو‬ ،‫متنامي‬ ‫اجتماعي‬ ‫تمايز‬ ‫وأمام‬ ‫حديث‬ ‫مجتمع‬ ‫في‬
‫من‬ ‫الدولة‬ ‫إليها‬ ‫تلجأ‬ ‫التي‬ ‫الكبرى‬ ‫الحلول‬ ‫بين‬ ‫من‬ ً‫حال‬ ‫تكون‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫التربية‬ ‫أن‬ ‫اعتبر‬
‫على‬ ‫القدرة‬ ‫غياب‬ ‫مع‬ ‫خاصة‬ ،‫الكبرى‬ ‫األوروبية‬ ‫المجتمعات‬ ‫تعيشها‬ ‫أمست‬ ‫التي‬ ‫التمايز‬ ‫حالة‬ ‫تجاوز‬ ‫أجل‬
‫أعراق‬ ‫في‬ ‫وتستثمر‬ ،‫كبيرة‬ ‫ساكنة‬ ‫تتضمن‬ ‫الكبرى‬ ‫األوروبية‬ ‫المجتمعات‬ ‫“ألن‬ :‫دقيق‬ ‫بشكل‬ ‫الحالة‬ ‫هذه‬ ‫تحديد‬
‫عن‬ ‫بعضهم‬ ‫تام‬ ‫اختالف‬ ‫في‬ ‫يعيشون‬ ‫يشكلونها‬ ‫الذين‬ ‫األفراد‬ ‫فإن‬ ،‫النهاية‬ ‫ما‬ ‫إلى‬ ‫مقسم‬ ‫العمل‬ ‫وألن‬ ،‫مختلفة‬
.”‫البعض‬
‫أو‬ ‫خاصة‬ ‫مسألة‬ ‫ليست‬ ‫فهي‬ ،‫األولى‬ ‫بالدرجة‬ ‫سياسية‬ ‫مسألة‬ ‫التربية‬ ‫من‬ ‫األوضاع‬ ‫من‬ ‫النوع‬ ‫هذا‬ ‫يجعل‬
‫الدولة‬ ‫وتقصى‬ ،‫الطفل‬ ‫نحو‬ ‫األسرة‬ ‫تمتلكها‬ ‫التي‬ ‫والحدود‬ ‫الحقوق‬ ‫بمجموع‬ ‫وتتحدد‬ ‫المنزلي‬ ‫المجال‬ ‫عند‬ ‫تقف‬
‫وظيفة‬ ‫تدبير‬ ‫من‬ ‫الدولة‬ ‫تنسحب‬ ‫أن‬ ‫يعقل‬ ‫كيف‬ ‫إذ‬ ،‫واجتماعية‬ ‫جماعية‬ ‫قضية‬ ‫وإنما‬ ،‫آلي‬ ‫بشكل‬ ‫فيها‬ ‫التدخل‬ ‫من‬
‫الوسط‬ ‫مع‬ ‫الطفل‬ ‫تكيف‬ ‫هو‬ ‫منها‬ ‫الهدف‬ ‫كان‬ ‫فإذا‬ ،‫اجتماعية‬ ‫وظيفة‬ ،‫شيء‬ ‫كل‬ ‫قبل‬ ‫هي‬ ‫التربية‬ ‫“إن‬ ‫جماعية‬
‫لها‬ ‫يمكن‬ ‫كيف‬ ‫إذ‬ ،‫العمليات‬ ‫من‬ ‫النوع‬ ‫بهذا‬ ‫تهتم‬ ‫ال‬ ‫أن‬ ‫المستحيل‬ ‫من‬ ‫فإنه‬ ،‫فيه‬ ‫العيش‬ ‫له‬ ‫قدر‬ ‫الذي‬ ‫االجتماعي‬
‫مسئولة‬ ‫إنها‬ ‫وفعلها؟‬ ‫التربية‬ ‫خاللها‬ ‫من‬ ‫نوجه‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫التي‬ ‫المرجعية‬ ‫النقطة‬ ‫الشأن‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫وهي‬ ‫تغيب‬ ‫أن‬
‫أجل‬ ‫من‬ ‫الطفل‬ ‫في‬ ‫طبعها‬ ‫يجب‬ ‫التي‬ ‫واألحاسيس‬ ‫األفكار‬ ‫بنوع‬ ‫المدرسين‬ ‫تذكير‬ ‫على‬ ‫باستمرار‬ ”‫الدولة‬ ‫“أي‬
.39
”‫فيه‬ ‫يعيش‬ ‫الذي‬ ‫الوسط‬ ‫مع‬ ‫االنسجام‬ ‫تحقيق‬
‫التحوالت‬ ‫لمجموع‬ ً‫انكشافا‬ ‫أو‬ ‫المجتمع‬ ‫هذا‬ ‫حداثة‬ ‫مظاهر‬ ‫من‬ ً‫مظهرا‬ ‫الحديث‬ ‫المجتمع‬ ‫في‬ ‫التربية‬ ‫تعتبر‬ ‫ال‬
‫اإلنسانية‬ ‫المجتمعات‬ ‫من‬ ‫النوع‬ ‫هذا‬ ‫عليها‬ ‫ينهض‬ ‫أساسية‬ ‫بنية‬ ‫تعد‬ ‫إنها‬ ‫بل‬ ،‫تاريخه‬ ‫عبر‬ ‫عاشها‬ ‫التي‬ ‫البنيوية‬
‫فهو‬ ‫الواقع‬ ‫هذا‬ ‫صدق‬ ‫يكشف‬ ‫ما‬ ‫أما‬ ،‫ظهرانيه‬ ‫بين‬ ‫تعيش‬ ‫التي‬ ‫والمؤسسات‬ ‫األفعال‬ ‫لكل‬ ‫الوقت‬ ‫نفس‬ ‫في‬ ‫وتؤسس‬
،‫ومؤسساتها‬ ‫الدولة‬ ‫تخص‬ ‫كبرى‬ ‫سياسية‬ ‫مسألة‬ ‫إلى‬ ‫وتحولها‬ ،‫الضيقة‬ ‫المنزلية‬ ‫الدائرة‬ ‫من‬ ‫فيه‬ ‫التربية‬ ‫خروج‬
‫ما‬ ‫وهذا‬ ،‫وعامة‬ ‫ثانوية‬ ‫بنيات‬ ‫إلى‬ ،‫خاصة...الخ‬ ‫وأحاسيس‬ ‫ومعارف‬ ‫قيم‬ ‫هي‬ ‫بما‬ ،‫األولية‬ ‫القيم‬ ‫فيه‬ ‫وتتحول‬
‫اجتماعية‬ ‫وظيفة‬ ‫التربية‬ ‫أصبحت‬ ‫وقد‬ ‫“أما‬ :‫االجتماعية‬ ‫الوظيفة‬ ‫هذه‬ ‫تدبير‬ ‫في‬ ‫الدولة‬ ‫ودور‬ ‫مكانة‬ ‫يعزز‬
38 Ibid. p.5.
39 Ibid., P.13.