More Related Content More from kotob arabia (20) 2. ﻧﻬﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ
ﻟﻺﻣﺎم ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ
ﺟﻤﻌﻪ اﻟﺸﺮﻳﻒ اﻟﺮﺿﻲ
ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺑﺄﺎ ﻗﺪ ﻗﻮﺑﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺓ ﻧﺴﺦ ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ، ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﻭﺷﺮﻭﺡ
ﻟﻸﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ، ﻭﲢﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﲨﺔ ﻣﻔﺼﻠﺔ ﻟﻠﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻭﺩﺭﺍﺳﺔ ﺣﻮﻝ ﺻﺤﺔ ﻧﺴﺐ
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ.
ﻗﺮأﻩ وﻋﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ
د. ﻳﺤﻴﻰ ﻣﺮاد
3. ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﳌﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ
א א א
. אא
א
)ﻋـﱪ ﺍﻻﻧﱰﻧـﺖ ﺃﻭ א אא
ﻟﻠﻤﻜﺘﺒــﺎﺕ ﺍﻻﻟﻜﱰﻭﻧﻴــﺔ ﺃﻭ ﺍﻷﻗــﺮﺍﺹ ﺍﳌﺪﳎــﺔ ﺃﻭ ﺍﻯ
א ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ (
א א .
. א א
4. ١ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺤﻘﻖ
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺍﶈﻘﻖ
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ، ﻓﺈﻥ )ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ( ﺍﺳﻢ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺏ ﲨﻊ ﻓﻴﻪ- ﻛﻤﺎ
ﻫﻮ ﻣﺬﻛﻮﺭ- ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻃﺎﻟﺐ- ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ﰲ
ﲨﻴﻊ ﻓﻨﻮﻧﻪ ﻭﻣﺘﺸﻌﺒﺎﺕ ﻏﺼﻮﻧﻪ.
ﻭﻗﺪ ﺍﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺐ ﻭﺍﳌﻮﺍﻋﻆ ﻭﺍﻟﻌﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺍﳊﻜﻢ
ﻭﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺎ ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ، ﺗﻮﺯﻋﺖ ﻋﻠﻰ ٨٣٢ ﺧﻄﺒﺔ ﻭ٩٧ ﺑﲔ ﻛﺘﺎﺏ ﻭﻭﺻﻴﺔ ﻭﻋﻬﺪ، ﻭ٨٨٤ ﻣﻦ
ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻘﺼﺎﺭ.
ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﰲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﺇﱃ ﲨﻌﻪ، ﺣﻴﺚ ﺷﻐﻞ ﰲ ﺃﻭﻝ ﺷﺒﺎﺑﻪ
ﺑﺘﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺎﺏ ﰲ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻷﺋﻤﺔ، ﻭﻓﺮﻍ ﻣﻦ ﺍﳋﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﱵ ﲣﺺ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ
ﻋﻨﻪ، ﰒ ﻋﺎﻗﺘﻪ ﻋﻦ ﺇﲤﺎﻡ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻋﻮﺍﺋﻖ، ﻭﺍﻃﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﲨﺎﻋﺔ
ﻣﻦ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﻭﺇﺧﻮﺍﻧﻪ، ﻓﺎﺳﺘﺤﺴﻨﻮﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﺧﲑ ﻣﻨﻪ، ﻭﻫﻮ ﺍﳋﺎﺹ ﲟﺎ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﺃﻣﲑ
ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻘﺼﲑ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﻋﻆ ﻭﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﻷﻣﺜﺎﻝ ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ، ﺩﻭﻥ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ،
ﻭﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳌﺒﺴﻮﻃﺔ، ﻓﺎﺳﺘﺤﺴﻨﻮﻩ، ﻭﺳﺄﻟﻮﺍ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺃﻥ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺘﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺎﺏ ﳛﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﳐﺘﺎﺭ
ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﰲ ﲨﻴﻊ ﻓﻨﻮﻧﻪ، ﻣﻦ ﺧﻄﺐ ﻭﻛﺘﺐ ﻭﻣﻮﺍﻋﻆ ﻭﺁﺩﺍﺏ، ﻓﺄﺟﺎﻢ ﺇﱃ ﻃﻠﺒﻬﻢ،
ﻭﺟﻌﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻳﺪﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻗﻄﺎﺏ ﺛﻼﺛﺔ، ﺃﻭﳍﺎ ﺍﳋﻄﺐ ﻭﺍﻷﻭﺍﻣﺮ، ﻭﺛﺎﻧﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ،
ﻭﺛﺎﻟﺜﻬﺎ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﳌﻮﺍﻋﻆ، ﻭﻓﺼﻞ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺑﲔ ﺑﻌﺾ ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻭﺑﻌﺾ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ
ﻟﻴﻠﺘﺤﻖ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺜﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻴﺎﻧﻪ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺗﺮﻙ ﰲ ﺁﺧﺮ ﻛﻞ ﺑﺎﺏ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ
ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻐﺮﺽ)١(.
ﻭﻗﺪ ﲰﻰ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ: ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻠﻨﺎﻇﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺑﻮﺍﺎ، ﻭﻳﻘﺮﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﻃﻼﺎ )٢(، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ- ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ﻣﺸﺮﻉ ﺍﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﻭﻣﻮﺭﺩﻫﺎ، ﻭﻣﻨﺸﺄ
ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭﻣﻮﻟﺪﻫﺎ، ﻭﻣﻨﻪ- ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ﻇﻬﺮ ﻣﻜﻨﻮﺎ، ﻭﻋﻨﻪ ﺃﺧﺬﺕ ﻗﻮﺍﻧﻴﻨﻬﺎ، ﻭﻋﻠﻰ
ﺃﻣﺜﻠﺘﻪ ﺣﺬﺍ ﻛﻞ ﻗﺎﺋﻞ ﺧﻄﻴﺐ، ﻭﺑﻜﻼﻣﻪ ﺍﺳﺘﻌﺎﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﻋﻆ ﺑﻠﻴﻎ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺳﺒﻖ
ﻭﻗﺼﺮﻭﺍ، ﻭﺗﻘﺪﻡ ﻭﺗﺄﺧﺮﻭﺍ، ﻷﻥ ﻛﻼﻣﻪ- - ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- - ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺴﺤﻪ ﻣﻦ
) ١( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٩١، ٠٢، ﻭﺍﻧﻈﺮ ٢٣٤.
) ٢( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٢٢.
5. ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺤﻘﻖ ٢
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻹﳍﻲ، ﻭﻓﻴﻪ ﻋﺒﻘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ )١(.
ﻭﱂ ﻳﻨﺺ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﰲ ﻛﻞ ﻛﻼﻡ ﻳﻮﺭﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﺩﺭﻩ، ﻭﺇﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﻣﺼﺪﺭﻩ
ﻧﺪﻭﺭﺍ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺃﻧﻪ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﳉﻤﻞ ﻟﻠﻮﺍﻗﺪﻱ )٢(، ﻭﻋﻦ ﺍﳌﻐﺎﺯﻱ، ﻟﺴﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﳛﲕ
ﺍﻷﻣﻮﻱ)٣(، ﻛﻤﺎ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﻫﺸﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻜﻠﱯ ﺣﻠﻔﺎ ﻟﻌﻠﻲ ﻛﺘﺒﻪ ﺑﲔ ﺭﺑﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ )٤(، ﻭﻋﻦ
ﺍﳌﻘﺎﻣﺎﺕ ﰲ ﻣﻨﺎﻗﺐ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ. ﻷﰊ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻹﺳﻜﺎﰲ،ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻟﻌﻠﻲ )٥(، ﻛﻤﺎ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ
ﺍﳉﺎﺣﻆ ﻭﺍﻟﻄﱪﻱ )٦(.
ﻭﱂ ﻳﻘﺼﺪ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺇﱃ ﲨﻊ ﻛﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻨﺴﻮﺏ ﺇﱃ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ، ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ: ))ﻭﻻ
ﺃﺩﻋﻲ،ﻣﻊ ﺫﻟﻚ، ﺃﱐ ﺃﺣﻴﻂ ﺑﺄﻗﻄﺎﺭ ﲨﻴﻊ ﻛﻼﻣﻪ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ، ﺣﱴ ﻻ ﻳﺸﺬ ﻋﻠﻲ ﻣﻨﻪ ﺷﺎﺫ،
ﻭﻻ ﻳﻨﺪ ﻧﺎﺩ، ﺑﻞ ﻻ ﺃﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﲏ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺇﱄ، ﻭﺍﳊﺎﺻﻞ ﰲ ﺭﺑﻘﱵ ﺩﻭﻥ
ﺍﳋﺎﺭﺝ ﻣﻦ ﻳﺪﻱ، ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻲ ﺇﻻ ﺑﺬﻝ ﺍﳉﻬﺪ،ﻭﺑﻼﻍ ﺍﻟﻮﺳﻊ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﺞ
ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ، ﻭﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ، ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ(( )٧(، ﺑﻞ ﺇﻧﻪ ﻳﺼﺮﺡ ﰲ ﻛﺘﺒﻪ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﰲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ
ﻣﻮﺿﻊ ﺑﺄﻥ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﳐﺘﺎﺭ ﻛﻼﻡ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ )٨(، ﺃﻭ ﲨﻴﻊ ﳐﺘﺎﺭ ﻛﻼﻣﻪ )٩(،
ﻭﻟﻮ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺃﻥ ﳚﻤﻊ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺴﺐ ﺇﱃ ﻋﻠﻲ- - ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- - ﻻﺟﺘﻤﻊ ﻟﻪ
ﺍﻟﻜﺜﲑ)٠١(.
ﻭﻳﺮﻯ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﻋﺒﺎﺱ ﺃﻥ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ، ﻻ ﺍﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ﰲ
ﳏﺎﻛﻤﺔ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ، ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﰲ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﻣﻨﻬﺎ )١١(، ﻭﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺑﺄﺧﺬ
) ١( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٠٢.
) ٢( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٩١٢، ٣٦٣.
) ٣( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٤٦٣.
) ٤( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٢٦٣.
) ٥( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٨٤٣.
) ٦( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٩٥، ٤١٤.
) ٧( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ١٢، ٢٢.
) ٨( ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ٨٧١، ﺍﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ٩٩١.
) ٩( ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ٥/ ٧٦١، ﺍﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ٩٣، ٠٤.
) ٠١( ﺍﻧﻈﺮ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﰲ ﺻﻔﺤﺔ ٣٣٣.
) ١١( ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺿﻲ ٣٥.
6. ٣ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺤﻘﻖ
ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺑﺮﺃﻱ ﺍﳉﺎﺣﻆ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻭﺭﺩ ﺧﻄﺒﺔ ﳌﻌﺎﻭﻳﺔ، ﺣﲔ ﺗﺸﻜﻚ ﰲ ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻗﺎﻝ: ﺇﺎ
ﺑﻜﻼﻡ ﻋﻠﻲ ﺃﺷﺒﻪ، ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻔﻪ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺑﺄﻧﻪ ﻧﺎﻗﺪ ﺑﺼﲑ)١(، ﻭﻋﺪﻡ ﺃﺧﺬﻩ ﺑﺮﺃﻱ ﺍﳉﺎﺣﻆ
ﺣﲔ ﺃﻭﺭﺩ ﺧﻄﺒﺔ ﻟﻘﻄﺮﻱ ﺑﻦ ﺍﻟﻔﺠﺎﺀﺓ)٢(، ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﰲ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﻟﻌﻠﻲ)٣(، ﻗﺎﻝ: ﻭﱂ ﻳﺜﻖ
ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺓ ﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻣﻦ ﲰﺎﻩ ﻧﺎﻗﺪﺍ ﺑﺼﲑﺍ)٤(، ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺃﻭﺭﺩ ﰲ
ﺑﻌﺾ ﻛﺘﺒﻪ ﺣﺪﻳﺜﹰﺎ ﻟﻠﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﰒ ﻗﺎﻝ: ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻳﻨﺴﺐ ﻟﻌﻠﻲ ﻋﻠﻰ
ﻭﺟﻪ ﺁﺧﺮ. ﻭﺿﻤﻨﻪ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ)٥(.
ﻭﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﲢﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﻓﻀﻞ ﺑﻴﺎﻥ ﻳﻈﻬﺮ ﺑﻪ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻓﻴﻬﺎ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺍﻋﺘﻤﺪ
ﰲ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﳋﻄﺒﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻟﻌﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﻟﺔ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﺍﳉﺎﺣﻆ، ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ: ﻭﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻄﺒﺔ –ﺃﺑﻘﺎﻙ
ﺍﷲ- ﺿﺮﻭﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺠﺐ، ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻻ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ﺩﻋﺎﻫﻢ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ،
ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﰲ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﰲ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﻋﻤﺎ ﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻬﺮ ﻭﺍﻹﺫﻻﻝ،
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻴﺔ ﻭﺍﳋﻮﻑ، ﺃﺷﺒﻪ ﺑﻜﻼﻡ ﻋﻠﻲ- ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ﻭﻣﻌﺎﻧﻴﻪ، ﻭﺣﺎﻟﻪ ﻣﻨﻪ ﲝﺎﻝ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ،
ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﻧﺎ ﱂ ﳒﺪ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﰲ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﳊﺎﻻﺕ ﻳﺴﻠﻚ ﰲ ﻛﻼﻣﻪ ﻣﺴﻠﻚ ﺍﻟﺰﻫﺎﺩ، ﻭﻻ ﻳﺬﻫﺐ
ﻣﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ، ﻭﺇﳕﺎ ﻧﻜﺘﺐ ﻟﻜﻢ ﻭﳔﱪ ﲟﺎ ﲰﻌﻨﺎﻩ، ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺄﺻﺤﺎﺏ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ، ﻭﺑﻜﺜﲑ
ﻣﻨﻬﻢ )٦(، ﻭﻫﺬﺍ ﻧﻘﺪ ﺩﺍﺧﻠﻲ ﻟﻠﻨﺺ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﺑﻪ ﺍﳉﺎﺣﻆ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﳋﺮﻳﺖ،
ﻭﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﺍﻟﺒﺼﲑ )٧(، ﻭﱂ ﻳﻌﺪﻝ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻋﻦ ﺭﺃﻳﻪ ﰲ ﺍﳉﺎﺣﻆ ﺣﲔ ﺟﻌﻞ ﺍﳋﻄﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﺴﺒﻬﺎ
ﺍﳉﺎﺣﻆ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻟﻘﻄﺮﻱ ﺑﻦ ﺍﻟﻔﺠﺎﺀﺓ ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﱃ ﻋﻠﻲ- ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ﰲ ﺍﻟﻨﻬﺞ، ﻓﻘﺪ
ﻛﺎﻥ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻋﻠﻪ ﻫﺬﺍ،ﻭﻗﺪ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﺑﻦ ﺃﰊ ﺍﳊﺪﻳﺪ، ﺣﲔ ﻗﺎﻝ:
ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻄﺒﺔ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺷﻴﺨﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺍﳉﺎﺣﻆ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﲔ، ﻭﺭﻭﺍﻫﺎ
ﻟﻘﻄﺮﻱ ﺑﻦ ﺍﻟﻔﺠﺎﺀﺓ، ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺮﻭﻭﺎ ﻷﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ، ﻭﻫﻲ ﺑﻜﻼﻡ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ
) ١( ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﻮﺍﻟﺘﺒﻴﲔ ٢/ ١٦، ﻭﺍﻟﻨﻬﺞ ٩٥.
) ٢( ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﲔ ٢/ ٦٢١.
) ٣( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٥٣١.
) ٤( ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺿﻲ ٣٥.
) ٥( ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ، ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺍﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ٩٩١.
) ٦( ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﲔ ٢/ ١٦.
) ٧( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٩٥.
7. ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺤﻘﻖ ٤
ﺃﺷﺒﻪ، ﻭﻟﻴﺲ ﻳﺒﻌﺪ ﻋﻨﺪﻱ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﻄﺮﻱ ﻗﺪ ﺧﻄﺐ ﺎ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺧﺬﻫﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ، ﻓﺈﻥ ﺍﳋﻮﺍﺭﺝ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﺃﻧﺼﺎﺭﻩ، ﻭﻗﺪ ﻟﻘﻲ
ﻗﻄﺮﻱ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ )١(، ﻫﺬﺍ ﻭﱂ ﳛﺘﺞ ﺍﳉﺎﺣﻆ ﻹﻳﺮﺍﺩ ﺍﳋﻄﺒﺔ ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ ﻟﻘﻄﺮﻱ، ﻭﱂ ﻳﻌﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ،
ﻓﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﰲ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ، ﻭﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﻠﲔ ﻣﺼﺎﺩﺭﻩ ﺍﻟﱵ ﻫﺪﺗﻪ ﺇﱃ ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ.
ﻭﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﳌﺮﺀ ﻳﻘﺘﻨﻊ ﺣﻴﻨﺎ ﲟﺎ ﻳﻮﺭﺩﻩ ﻋﺎﱂ ﻓﻴﺄﺧﺬ ﺑﺮﺃﻳﻪ،ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﰒ ﳜﺎﻟﻔﻪ
ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻟﻪ ﻻ ﻳﻘﺘﻨﻊ ﺑﺮﺃﻳﻪ ﻓﻴﻪ، ﻓﻼ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻪ، ﻭﺻﻨﻴﻌﻪ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻨﺎﻗﺾ ﺻﻨﻴﻌﻪ ﺍﻷﻭﻝ.
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺇﱃ
ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ، ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﳌﻔﺮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﻋﺒﺎﺱ،
ﻭﺇﳕﺎ ﻭﺭﺩ ﻫﺬﺍ ﰲ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺃﺧﺮﻯ، ﺇﻟﻴﻚ ﺑﻴﺎﺎ:
ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ، ))ﻛﺄﻥ ﺍﳌﻮﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻧﺎ ﻗﺪ ١-
ﻛﺘﺐ(( ﻭﻗﻮﻟﻪ: ))ﻃﻮﰉ ﳌﻦ ﺫﻝ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ(( ﰒ ﻗﺎﻝ: ))ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻳﻨﺴﺐ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ –ﺃﻱ ﺍﻷﺧﲑ- ﻏﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ،
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺒﻠﻪ(( )٢(.
ﺭﻭﻯ ﻗﻮﻝ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ: ))ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻣﺎﻝ ﻻ ﻳﻨﻔﺪ(( ﰒ ﻗﺎﻝ: ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻯ ٢-
ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ)٣(.
ﻛﻤﺎ ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻗﻮﻝ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ: ))ﺍﳊﺠﺮ ﺍﻟﻐﺼﺐ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺭ ٣-
ﺭﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﺧﺮﺍﺎ(( ﰒ ﻗﺎﻝ: ﻭﻳﺮﻭﻱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻻ ﻋﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﺒﻪ ﺍﻟﻜﻼﻣﺎﻥ، ﻓﺈﻥ ﻣﺴﺘﻘﺎﳘﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﻴﺐ،
ﻭﻣﻔﺮﻏﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺫﻧﻮﺏ)٤(.
ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻣﺎ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ))ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺃﻭﻋﻴﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ٤-
ﺃﻭﻋﻰ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ(( ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺓ. ﰒ ﻗﺎﻝ: ))ﻭﺭﲟﺎ ﻧﺴﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﱃ
ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ، ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﰲ ﻟﻔﻈﻪ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﰲ ﲨﻠﺔ
) ١( ﺷﺮﺡ ﺍﺑﻦ ﺃﰊ ﺍﳊﺪﻳﺪ ٧/ ٦٣٢.
) ٢( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ١٨٣، ٢٨٣.
) ٣( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٧٢٤.
) ٤( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٧٩٣.
8. ٥ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺤﻘﻖ
ﻛﻼﻣﻪ ﻟﻜﻤﻴﻞ ﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ ﺍﻟﻨﺨﻌﻲ، ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ(( )١(، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ
ﰲ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ: ))ﻳﺎ ﻛﻤﻴﻞ ﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ، ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺃﻭﻋﻴﺔ، ﻓﺨﲑﻫﺎ
ﺃﻭﻋﺎﻫﺎ، ﻓﺎﺣﻔﻆ ﻋﲏ ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻚ(( )٢(.
ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻗﻮﻝ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ: ﺍﺧﱪ ﺗﻘﻠﺔ، ﰒ ﻗﺎﻝ: ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ٥-
ﻣﻦ ﻳﺮﻭﻱ ﻫﺬﺍ ﻟﻠﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ، ﻭﳑﺎ ﻳﻘﻮﻯ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ
ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ، ﻣﺎ ﺣﻜﺎﻩ ﺛﻌﻠﺐ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻷﻋﺮﺍﰊ، ﻗﺎﻝ
ﺍﳌﺄﻣﻮﻥ: ﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﻋﻠﻴﺎ ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﱪ ﺗﻘﻠﺔ. ﻟﻘﻠﺖ: ﺃﻗﻠﻪ ﲣﱪ )٣(.
ﻛﻤﺎ ﺭﻭﻯ ﻗﻮﻝ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ: ))ﺍﻟﻌﲔ ﻭﻛﺎﺀ ﺍﻟﺴﻪ(( ،ﻭﺷﺮﺡ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ٦-
ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺓ، ﰒ ﻗﺎﻝ: ))ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻷﺷﻬﺮ ﺍﻷﻇﻬﺮ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻨﱯ
ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ، ﻭﻗﺪ ﺭﻭﺍﻩ ﻗﻮﻡ ﻷﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ،ﻭﺫﻛﺮ
ﺫﻟﻚ ﺍﳌﱪﺩ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﳌﻘﺘﻀﺐ، ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﺎﳊﺮﻑ(( )٤(.
ﻭﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺣﺮﺻﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻳﻨﺴﺐ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ
ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺇﱃ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ، ﻟﻴﺘﻤﻴﺰ ﻫﺬﺍ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻄﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ
ﻳﻨﺸﺪ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻷﻏﻔﻞ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ، ﻭﺗﺮﻯ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻌﲔ ﺍﻷﻭﻟﲔ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﺘﻔﻲ
ﺑﺬﻛﺮ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﰲ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻌﻠﻞ ﳍﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺑﺎﺷﺘﺒﺎﻩ ﻛﻼﻣﻴﻬﻤﺎ، ﺣﻴﺚ
ﺍﻻﲢﺎﺩ ﰲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭﺍﳌﻮﺭﺩ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺇﺣﺴﺎﻥ
ﻋﺒﺎﺱ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ))ﺃﻻ ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻗﺪ
ﺍﺭﲢﻠﺖ ﻣﺪﺑﺮﺓ،ﻭﺇﻥ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻗﺪ ﺍﺭﲢﻠﺖ ﻣﻘﺒﻠﺔ(( ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ: ))ﻭﻳﺮﻭﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﲑ
) ١( ﺍﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ٠٩٣، ١٩٣.
) ٢( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٦٨٣.
) ٣( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٢٤٤، ﻭﺃﺧﱪ: ﻓﻌﻞ ﺃﻣﺮ ﻣﻦ: ﺧﱪﺗﻪ، ﺃﻱ: ﻋﻠﻤﺘﻪ. ﻭﺗﻘﻠﻪ: ﻣﻦ ﻗﻼﻩ ﻳﻘﻠﺒﻪ: ﺇﺫﺍ ﺃﺑﻐﻀﻪ. ﺃﻱ
ﺇﺫﺍ ﺃﻋﺠﺒﻚ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻓﺎﺧﺘﱪﻩ، ﻓﺮﲟﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺴﺮﻙ ﻓﺘﺒﻐﻀﻪ، ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ
ﺍﻷﻭﱃ، ﻭﻭﺟﻪ ﻣﺎ ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﺍﳌﺄﻣﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﶈﺒﺔ ﺳﺘﺮ ﻟﻠﻌﻴﻮﺏ، ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺑﻐﻀﺖ ﺷﺨﺼﺎ ﺃﻣﻜﻨﻚ ﺃﻥ ﺗﻌﻠﻢ ﺣﺎﻟﻪ
ﻛﻤﺎ ﻫﻮ.
) ٤( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٦٢٤، ﻭﺍﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ٨٧٣، ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺍﳌﻘﺘﻀﺐ ١/ ٤٣.
9. ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺤﻘﻖ ٦
ﰲ ﺃﻟﻔﺎﻇﻪ ﻷﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻃﺎﻟﺐ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ(( )١(، ﻓﺈﻥ ﻛﻼﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ
ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﳚﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ،ﻭﻫﻮ ﳜﻄﺐ ﺃﻭ ﻳﻜﺘﺐ.
ﻭﺗﺮﻯ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺃﻥ ﻛﻼﻡ ﻋﻠﻲ- ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ﰲ ))ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ(( ﻣﻘﺘﺒﺲ
ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻧﺒﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﲟﺎ ﻳﱪﺉ ﺫﻣﺘﻪ،
ﻭﳜﻠﻲ ﺻﻔﺤﺘﻪ، ﺃﻣﺎ ﺣﲔ ﳚﺪ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺳﺒﻴﻼ ﺇﱃ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﱃ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ،
ﺃﻭ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﻠﻜﻪ، ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻌﲔ ﺍﳋﺎﻣﺲ
ﻭﺍﻟﺴﺎﺩﺱ، ﻭﻫﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﻣﻨﻬﺞ ﻣﻦ ﻳﻨﺸﺪ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻭﺍﻟﺘﺜﺒﺖ، ﻻ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻜﺜﲑ
ﻣﻨﻬﺎ.
ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﰲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﻧﻪ ﺭﲟﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﳌﺮﺩﺩ،
ﻭﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻜﺮﺭ، ﻭﺍﻟﻌﺬﺭ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﻛﻼﻣﻪ ﻳﻌﲏ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻴﺎ ﲣﺘﻠﻒ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ،
ﻓﺮﲟﺎ ﺍﺗﻔﻖ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻓﻨﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻪ، ﰒ ﻭﺟﺪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ
ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻏﲑ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻷﻭﻝ، ﺇﻣﺎ ﺑﺰﻳﺎﺩﺓ ﳐﺘﺎﺭﺓ، ﺃﻭ ﺑﻠﻔﻆ ﺃﺣﺴﻦ ﻋﺒﺎﺭﺓ، ﻓﺘﻘﺘﻀﻲ ﺍﳊﺎﻝ ﺃﻥ
ﻳﻌﺎﺩ، ﺍﺳﺘﻈﻬﺎﺭﺍ ﻟﻼﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﻏﲑﻩ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺎﺋﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻭﺭﲟﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺃﻳﻀﺎ ﲟﺎ ﺍﺧﺘﲑ ﺃﻭﻻ،
ﻓﺄﻋﻴﺪ ﺑﻌﻀﻪ ﺳﻬﻮﺍ ﺃﻭ ﻧﺴﻴﺎﻧﺎ، ﻻ ﻗﺼﺪﺍ ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍ )٢(.
ﻭﻗﺪ ﺃﺩﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ، ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮ
ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺘﲔ ﺇﺫﺍ ﺍﺧﺘﻠﻔﺘﺎ)٣( ﺃﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﺣﺪﺍﳘﺎ ﺯﺍﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﺮﻯ )٤(، ﺃﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ
ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺃﻭﺿﺢ ﻭﺃﺷﺮﺡ)٥(،ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺭﻏﻢ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﳚﻨﺢ ﺇﱃ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺭ، ﻓﻴﺘﺮﻙ ﺑﻌﺾ
ﻛﻼﻡ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﺧﻮﻑ ﺍﻹﻃﺎﻟﺔ ﻭﺍﳋﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ، ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻌﻘﻮﺩﺍ
ﻟﻠﻔﺼﻮﻝ ﺍﻟﻘﺼﲑﺓ)٦(، ﺃﻭ ﻳﺸﲑ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ، ﺭﻏﺒﺔ ﰲ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺭ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻜﺮﺍﺭ)٧(.
ﻭﻗﺪ ﺍﻟﺘﺰﻡ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻛﻠﻪ ﻣﻦ ﻧﺜﺮ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ، ﻭﱂ ﻳﺮﻭ ﻟﻪ ﺷﻌﺮﺍ ﺇﻻ
) ١( ﺍﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ٨٩١، ٩٩١.
) ٢( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ١٢.
) ٣( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٥٥، ٣٧، ٤٨، ٥٢١، ٨٢١، ٧٥٣، ١٧٣، ٥٢٤.
) ٤( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٧٩٢.
) ٥( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٥١٤.
) ٦( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٠٧٣.
) ٧( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٩٩٣، ٠٠٤.
10. ٧ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺤﻘﻖ
ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺒﻴﺘﲔ:
ﻏﻴﺐ ﻭﺍﳌﺸﲑﻭﻥ ﺬﺍ ﻓﻜﻴﻒ ﻓﺈﻥ ﻛﻨﺖ ﺑﺎﻟﺸﻮﺭﻯ ﻣﻠﻜﺖ ﺃﻣﻮﺭﻫﻢ
)١(
ﻭﺃﻗﺮﺏ ﺑﺎﻟﻨﱯ ﺃﻭﱃ ﻓﻐﲑﻙ ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺑﺎﻟﻘﺮﰉ ﺣﺠﺠﺖ ﺧﺼﻴﻤﻬﻢ
ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﳎﺮﺩ ﲨﻊ ﻛﻼﻡ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ، ﻭﺇﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ
ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺩ ﻓﻴﻪ )٢(، ﻭﻳﺸﺮﺡ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﰲ
ﻋﺼﺮﻩ)٣(، ﺑﻞ ﺇﻧﻪ ﺃﻓﺮﺩ ﻏﺮﻳﺐ ﺧﻄﺒﺔ ﺍﻟﻄﺎﻭﺱ ﺑﺎﻟﺸﺮﺡ )٤(، ﻭﻋﻘﺪ ﻓﺼﻼ ﰲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ
ﻟﺸﺮﺡ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ )٥(، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﺮﺡ ﺍﻟﻨﻜﺖ ﺍﻟﺒﻼﻏﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺩ ﰲ
ﻛﻼﻡ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ)٦(، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﻋﻘﻴﺐ ﻛﻼﻡ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﻭﺟﻬﻪ ﺇﱃ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺃﻥ ﻋﻠﻴﺎ-
ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ))ﻫﻮ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﲰﻌﺖ ﻣﻨﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ، ﺃﻋﲏ: ﻓﻤﺎ ﻋﺪﺍ ﳑﺎ ﺑﺪﺍ(()٧(، ﻭﻛﺎﻥ
ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺒﻴﺎﻥ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ، ﺇﻳﻀﺎﺣﺎ ﻟﻠﻘﺎﺭﺉ، ﻭﻛﺸﻔﹰﺎ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﲣﻔﻰ
ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻﻳﻌﺮﻑ ﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﻨﺺ)٨(، ﻭﺃﺑﺪﻯ ﺇﻋﺠﺎﺑﻪ ﺑﻜﻼﻡ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ، ﻭﺑﲔ ﺳﺮ
ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻋﺠﺎﺏ ﰲ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﻛﺜﲑﺓ، ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﺇﻳﺮﺍﺩ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺧﻄﺒﺘﻪ ﳌﺎ ﺑﻮﻳﻊ ﺑﺎﳌﺪﻳﻨﺔ: ﺃﻗﻮﻝ:
ﺇﻥ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻷﺩﱏ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺒﻠﻐﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﺳﺘﺤﺴﺎﻥ، ﻭﺇﻥ ﺣﻆ
ﺍﻟﻌﺠﺐ ﻣﻨﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﻆ ﺍﻟﻌﺠﺐ ﺑﻪ، ﻭﻓﻴﻪ – ﻣﻊ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻔﻨﺎ- ﺯﻭﺍﺋﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﺎﺣﺔ
ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﺎ ﻟﺴﺎﻥ، ﻭﻻ ﻳﻄﻠﻊ ﻓﺠﻬﺎ ﺇﻧﺴﺎﻥ، ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺿﺮﺏ ﰲ ﻫﺬﻩ
) ١( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ١٩٣.
) ٢( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٥٩، ٩٩٣.
) ٣( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٦٣، ٧٣، ٩٤، ١٥، ٥٦، ٦٦، ٧٦، ٨٦، ١٧، ٤٨، ٥٢١، ٢٤١، ٣٤١، ٠٥١،
٨٩٢، ٥٢٣، ٩٧٣، ٧١٤ ، ٣٢٤، ٨٢٤.
) ٤( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٣٩١.
) ٥( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٩٢٤- ١٣٤.
) ٦( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٣٧، ١٨٢، ٥٢٤، ٦٢٤، ٧٢٤، ٩٢٤، ١٣٤.
) ٧( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٧٥، ﻭﻋﺪﺍﻩ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﺮ: ﺻﺮﻓﻪ. ﻭﺑﺪﺍ: ﻇﻬﺮ: ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﲟﻌﲎ ﻋﻦ. ﺃﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺮﻓﻚ
ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﺪﺍ ﻭﻇﻬﺮ ﻣﻨﻚ.
) ٨( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٧٤، ٤٧، ٩٧، ٥٢١، ٣٤١، ٣٦١، ١٦٣، ١٧٣، ٠٨٣، ٤٨٣، ٦٩٣، ٥٠٤،
٦٠٤، ٨٢٤.
11. ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺤﻘﻖ ٨
ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﲝﻖ، ﻭﺟﺮﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﻕ }ﻭﻣﺎ ﻳﻌﻘﻠﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻌﺎﳌﻮﻥ{ )١(، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺘﻨﺒﻪ ﺇﱃ ﻏﺮﺍﺑﺔ
ﻣﺎ ﻳﻨﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﻔﺮﺩﺍ ﺑﻪ ﻭﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ، ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ ﻋﻠﻲ ﻟﻘﻮﻟﻪ
ﺗﻌﺎﱃ: }ﻭﺍﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﳕﺎ ﺃﻣﻮﺍﻟﻜﻢ ﻭﺃﻭﻻﺩﻛﻢ ﻓﺘﻨﺔ{، ﻭﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ: ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﻋﻮﺫ
ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ، ﻭﺇﳕﺎ ﻳﺴﺘﻌﻴﺬ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﻣﻀﻼﺕ ﺍﻟﻔﱳ، ﻓﻘﺎﻝ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻋﻘﻴﺐ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ:
))ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻏﺮﻳﺐ ﻣﺎ ﲰﻊ ﻣﻨﻪ- ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ﰲ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ(( )٢(.
ﻭﻗﺪ ﻳﺪﻳﺮ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻧﻘﺎﺷﺎ ﺣﻮﻝ ﻛﻠﻤﺔ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ، ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﰲ ﺷﺮﺡ
)٣(
–ﺃﻭ ﻧﺺ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ- ﻓﺎﻟﻌﺼﺒﺔ ﺃﻭﱃ(( ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ: ))ﺇﺫﺍ ﺑﻠﻎ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻧﺺ ﺍﳊﻘﺎﻕ
)٤(
ﻓﻘﺪ ﺃﻭﺭﺩ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻼﻡ ﰲ ﻏﺮﻳﺐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ، ﰒ ﺫﻛﺮ ﺭﺃﻳﻪ ﻫﻮ،
ﻓﻘﺎﻝ: ))ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻋﻨﺪﻱ ﺃﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﻨﺺ ﺍﳊﻘﺎﻕ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺑﻠﻮﻍ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺇﱃ ﺍﳊﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻮﺯ ﻓﻴﻪ
ﺗﺰﻭﳚﻬﺎ،ﻭﺗﺼﺮﻓﻬﺎ ﰲ ﺣﻘﻮﻗﻬﺎ ﻭﻣﻀﻰ ﳛﺘﺞ ﻟﺮﺃﻳﻪ(( )٥(.
ﻭﻗﺪ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﺧﺘﺒﺎﺭ ﺭﺃﻱ ﳑﺎ ﻳﺴﻮﻗﻪ، ﻭﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﻟﻪ، ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﰲ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻜﻨﺎﻳﺔ ﰲ ﻗﻮﻝ
ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ: ))ﻛﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﲪﺮ ﺍﻟﺒﺄﺱ ﺍﺗﻘﻴﻨﺎ ﺑﺮﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ(()٦(.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻣﻦ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﺣﺎﻓﻼ ﺑﻔﺼﻴﺢ ﺍﻟﻘﻮﻝ،ﻭﺭﺍﺋﻊ ﺍﳌﻌﺎﱐ،
ﻭﻣﻌﺮﺿﺎ ﻟﻠﺮﺃﻱ، ﻭﳎﺎﻻ ﻟﻠﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ، ﳑﺎ ﺃﺩﺍﺭ ﺣﻮﻟﻪ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ، ﻭﻋﻄﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳓﻮﻩ، ﻋﻠﻰ
ﻣﺮ ﺍﻷﻳﺎﻡ، ﻭﺗﻌﺎﻗﺐ ﺍﻷﺯﻣﺎﻥ.
ﻭﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﳘﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺣﻈﻲ ﺎ ﻛﺘﺎﺏ )ﺍﻟﻨﻬﺞ( ﻓﻘﺪ ﺍﻣﺘﺪﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﻬﺎﻡ ﺍﻟﺸﻚ ﻣﻨﺬ ﺃﻥ
ﺻﺪﺭ ﻋﻦ ﺟﺎﻣﻌﻪ ﻭﺣﱴ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ، ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻵﺭﺍﺀ، ﻭﰲ ﻛﻮﻧﻪ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ- ﺭﺿﻲ ﺍﷲ
ﻋﻨﻪ- ﺃﻡ ﻟﻠﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺿﻲ، ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﳍﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺒﺖ ﰲ ﺫﻟﻚ، ﺭﻏﻢ ﺃﻥ
ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻨﻔﺬ ﺍﻟﺒﺤﺚ.
) ١( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٢٤، ٣٤، ﻭﲡﺪ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ﰲ ﺻﻔﺤﺎ ٧٤، ٨٤، ٠٥، ٥٥، ٦٨، ٦٥٢، ٨٩٢،
٨٦٣، ١٧٣، ٥٧٣، ٦٧٣.
) ٢( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٧٧٣.
) ٣( ﺍﻟﻨﺺ: ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻭﻣﺒﻠﻎ ﺃﻗﺼﺎﻫﺎ. ﻭﺾ ﺍﳊﻘﺎﻕ: ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ، ﻷﻧﻪ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺼﻐﺮ، ﻭﺍﻟﻮﻗﺖ
ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺮﺝ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺼﻐﲑ ﺇﱃ ﺣﺪ ﺍﻟﻜﺒﲑ، ﺷﺮﺡ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٩٢٤.
) ٤( ﻏﺮﻳﺐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ٣/ ٧٥٤، ٨٥٤.
) ٥( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ٠٣٤.
) ٦( ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ١٣٤.
12. ٩ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺤﻘﻖ
ﻫﻞ ﰲ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﺩﺧﻴﻞ؟
ﺫﻫﺐ ﺷﻄﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﺑﻦ ﺃﰊ ﺍﳊﺪﻳﺪ ﻓﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﳌﺆﺭﺧﲔ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ
ﺍﻤﻮﻉ ﰲ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻓﺔ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺜﺒﻮﺕ ﻗﻄﻌﻲ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﻣﻦ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ
ﻣﻦ ﻓﻤﻪ ﺃﻭ ﻣﻦ ﻗﻠﻤﻪ.
ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﺷﺮﺣﻪ ﻋﻠﻰ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ، ﺝ٠١، ﺹ٦٤٥ ﺑﻌﺪ ﺇﻳﺮﺍﺩﻩ ﳋﻄﺒﺔ ﺍﺑﻦ ﺃﰊ
ﺍﻟﺸﺤﻨﺎﺀ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: "ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﳍﻮﻯ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺃﻥ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﻦ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ
ﻛﻼﻡ ﳏﺪﺙ ﺻﻨﻌﻪ ﻗﻮﻡ ﻣﻦ ﻓﺼﺤﺎﺀ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﺭﲟﺎ ﻋﺰﻭﺍ ﺑﻌﻀﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﺃﰊ ﺍﳊﺴﻦ
ﻭﻏﲑﻩ، ﻭﻫﺆﻻﺀ ﻗﻮﻡ ﺃﻋﻤﺖ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﺃﻋﻴﻨﻬﻢ ﻓﻀﻠﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﻭﻧﻜﺒﻮﺍ ﺑﻴﻨﺎﺕ
ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺿﻼﻟﺔ ﻭﻗﻠﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻭﺿﺢ ﻟﻚ ﺑﻜﻼﻡ ﳐﺘﺼﺮ ﻣﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ
ﺍﳋﺎﻃﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻠﻂ ﻓﺄﻗﻮﻝ: ﻻ ﳜﻠﻮ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻞ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻣﺼﻨﻮﻋﺎ ﻣﻨﺤﻮﻻ ﺃﻭ
ﹰ ﹰ
ﺑﻌﻀﻪ ﻭﺍﻷﻭﻝ ﺑﺎﻃﻞ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻷﻧﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺘﻮﺍﺗﺮ ﺻﺤﺔ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺑﻌﻀﻪ ﺇﱃ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ
ﻭﻗﺪ ﻧﻘﻞ ﺍﶈﺪﺛﻮﻥ ﻛﻠﻬﻢ ﺃﻭﺟﻠﻬﻢ ﻭﺍﳌﺆﺭﺧﻮﻥ ﻛﺜﲑ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻟﻴﺴﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻟﻴﻨﺴﺒﻮﺍ ﺇﱃ
ﻏﺮﺽ ﰲ ﺫﻟﻚ؛ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻷﻥ ﻣﻦ ﻗﺪ ﺁﻧﺲ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﻭﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻭﺷﺪ ﻃﺮﻓﺎ
ﹰ
ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺻﺎﺭ ﻟﻪ ﺫﻭﻕ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺮﻛﻴﻚ ﻭﺑﲔ
ﺍﻟﻔﺼﻴﺢ ﻭﺍﻷﻓﺼﺢ ﻭﺑﲔ ﺍﻷﺻﻴﻞ ﻭﺍﳌﻮﻟﺪ. ﻭﺇﺫﺍ ﻭﻗﻔﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺍﺱ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻛﻼﻣﺎ
ﹰ
ﳉﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺒﺎﺀ ﺃﻭ ﻻﺛﻨﲔ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻘﻂ ﻓﻼﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻜﻼﻣﲔ ﻭﲤﻴﺰ ﺑﲔ
ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺘﲔ".
ﻭﺫﻫﺐ ﻓﺮﻳﻖ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﳌﺆﺭﺧﲔ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻨﺤﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ –
ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ﻭﺃﻥ ﻭﺍﺿﻌﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﳌﺮﺗﻀﻲ ﺃﻭ ﺃﺧﻮﻩ ﺍﻟﺮﺿﻲ.
- ﺫﻛﺮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺬﻫﱯ ﰲ ﺍﻟﺴﲑ )٧١/٩٨٥( ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﰲ ﻣﺆﻟﻒ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻘﺎﻝ :
ﺍﳌﺮﺗﻀﻰ ، ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻟ ﹸﺮﺷﻲ ﺍﻟﻌﻼﻣ ﹸ، ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ُ، ﺍﳌﺮﺗﻀﻰ ، ﻧﻘﻴ
ِﺐ ﹸ ﻘ ِ ﱠ ﺔ ِ ِﺣ ِ ِ ﹸ
ﺍﻟﻌﻠﻮﺔ ، ﹶﺃﻮ ﻃﹶﺎِﻟﺐ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻟﻘﺮﺷِﻲ ﱡ، ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ ، ﺍ ﹸﺴﻴِﻨﻲ ، ﺍ ﹸﻮﺳﻮﻱ ،
ﹶ ِ ﳊ ﳌ ِ ﹸ ٍ ِﺣ ِ ﹶ ِﻳ ﺑ
ﺍﻟﺒﻐﺪﺍﺩﻱ ، ﻣﻦ ﻭﻟﺪ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻟﻜﹶﺎﻇِﻢ .
ِ ِ
ﻭﻟِﺪ َ: ﺳﻨﺔ ﺧﻤﺲ ﻭﺧﻤﺴﻴﻦ ﻭﹶﺛﻼﺙ ﻣﺎﺋﹶﺔ ٍ. ﻭﺣﺪﺙ ﻋﻦ ْ: ﺳﻬﻞ ﺑﻦ ﹶﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟ ﻳﺒﺎﺟِﻲ
ِ ِ ﺪ ﹶ ﹶ ِ ٍ ﹶ ِ
، ﻭﹶﺃﺑِﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﳌﺮ ﺎﻧِﻲ ّ، ﻭﻏﲑﳘﹶﺎ . ﻗﹶﺎﻝ ﺍﳋﻄﻴﺐ ُ: ﻛﺘﺒ ﻋﻨ .
ﹶ ﺖ ﻪ ﹶ ﹶِ ِ ِ ﹶ ﺯﺑ
ﻗﻠﹾﺖ ُ: ﻮ ﺟﺎﻣﻊ ﻛﺘﺎﺏ ) ﻧﻬﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﹶﺔ ( ، ﺍﳌﻨﺴﻮﺑﺔ ﺃﹶﻟﻔﹶﺎ ﹸﻪ ِﺇﻟﹶﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ- -
ِ ِ ِ ﻇ ِ ِ ِ ﻫ ﹸ
ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- - ، ﻭﻻ ﹶﺃﺳﺎﻧﻴﺪ ِﻟﺬﻟِﻚ َ، ﻭﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺎﻃِﻞ ٌ، ﻭﻓﻴﻪ ﺣﻖ ﱞ، ﻭﹶﻟﻜِﻦ ﻓﻴﻪ
ِِ ِ ِ ﹶ ﹶ
13. ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺤﻘﻖ ٠١
ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﺣﺎﺷﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻄﻖ ِﺑﻬﺎ ، ﻭﹶﻟﻜﻦ ﹶﺃﻳﻦ ﺍ ﹸﻨﺼﻒ ُ؟!
ِ ﳌ ِ ِ ِ ﹾِ
ﻭﻗﻴﻞ َ: ﺑﻞ ﺟﻤ ﹶﺃﺧﻴﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟ ﺿﻲ .ﺍ.ﻫـ.
ﹾ ﻊ ِ ِ ِ ﺮ ِ
- ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ ﰲ ﺍﳌﻴﺰﺍﻥ )٣/٤٢١( : ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺘﻬﻢ ﺑﻮﺿﻊ ﻛﺘﺎﺏ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ .
ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﳌﻴﺰﺍﻥ )٤/٦٥٢ – ٨٥٢( ﰲ ﺗﺮﲨﺘﻪ .
- ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﲑ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ )٢١/٦٥ – ٧٥( ﰲ ﺳﻨﺔ ﺳﺖ ﻭﺛﻼﺛﲔ ﻭﺃﺭﺑﻊ
ﻣﺌﺔ ﻋﻨﺪ ﺗﺮﲨﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﳌﺮﺗﻀﻰ :
ﻗﺎﻝ : ﻭﻳﻘﺎﻝ : ﺇﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻊ ﻛﺘﺎﺏ " ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ " .ﺍ.ﻫـ.
- ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺧﻠﻜﺎﻥ ﰲ ﻭﻓﻴﺎﺕ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﰲ ﺗﺮﲨﺔ ﺍﳌﺮﺗﻀﻰ :
ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ " ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ " ﺍﻤﻮﻉ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻃﺎﻟﺐ-
ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ، ﻫﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ ﲨﻌﻪ ﺃﻡ ﲨﻊ ﺃﺧﻴﻪ ﺍﻟﺮﺿﻲ ؟ .
ﻭﻗﺪ ﻗﻴﻞ : ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﻋﻠﻲ- ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ، ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﲨﻌﻪ ﻭﻧﺴﺒﻪ ﺇﻟﻴﻪ
ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻌﻪ .ﺍ.ﻫـ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﻨﻮﺟﻲ ﰲ ﺃﲜﺪ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ )٣/٧٦( ﻋﻨﺪ ﺗﺮﲨﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﳌﺮﺗﻀﻲ :
ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ، ﺍﻤﻮﻉ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﰊ
ﻃﺎﻟﺐ ، ﻫﻞ ﻫﻮ ﺟﻤﻌﻪ ، ﺃﻡ ﺟﻤ ﺃﺧﻴﻪ ﺍﻟﺮﺿﻲ ؟ ﻭﻗﺪ ﻗﻴﻞ : ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﻋﻠﻲ، ﻭﺇﳕﺎ
ﻊ
ﺍﻟﺬﻱ ﲨﻌﻪ ﻭﻧﺴﺒﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻌﻪ .ﺍ.ﻫـ.
- ﻭﻗﺎﻝ ﳏﺐ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﰲ ﺗﻌﻠﻴﻘﻪ ﻋﻠﻰ " ﺍﳌﻨﺘﻘﻰ ﻣﻦ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﺴﻨﺔ " ) ﺹ
٠٢( :
ﻭﻫﺬﺍﻥ ﺍﻷﺧﻮﺍﻥ ﺗﻄﻮﻋﺎ ﻟﻠﺰﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺐ ﺃﻣﲑ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻃﺎﺭﺉ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻏﺮﻳﺐ ﻣﻨﻬﺎ ؛ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﺑﺈﺧﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ، ﻭﻫﻮ ﺑﺮﻱﺀ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﻦ
ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ، ﻭﺳﻴﱪﺃ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﻘﺘﺮﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﰒ .ﺍ.ﻫـ.
- ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ ) ﺹ ٨٠٥( :
ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻘﻄﻮﻉ ﺑﻪ ﺃﻥ ﺃﺧﺎﻩ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﳊﺴﲔ ﺍﳌﺮﺗﻀﻰ ﺍﳌﺘﻮﰲ ﺳﻨﺔ )٦٢٤ ﻫـ( ﺷﺎﺭﻛﻪ
ﰲ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺩ ﺖ ﰲ ﺍﻟﻨﻬﺞ ، ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺍ ﹸﻤﻞ ﺍﻟﱵ ﳍﺎ ﻣﺴﺎﺱ ﺑﺄﺣﺒﺎﺏ ﻋﻠﻲ ﻭﺃﻭﻟﻴﺎﺀ
ﳉ ﺳ
ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﻘﻮﻝ ﺍﻷﺧﻮﻳﻦ ﺃﻭ ﺃﺣﺪﳘﺎ : ﻟﻘﺪ ﺗﻘﻤﺼﻬﺎ ﻓﻼﻥ ، ﻭﻣﺎ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ
ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻤﺄﺓ .ﺍ.ﻫـ.
- ﻭﻗﺪ ﺭﺟﺢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺻﺎﱀ ﺍﻟﻔﻮﺯﺍﻥ ﰲ " ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻷﺧﻄﺎﺀ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ " ) ﺹ ٢٧(
14. ١١ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺤﻘﻖ
ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻦ ﻭﺿﻊ ﺍﻻﺛﻨﲔ ﻓﻘﺎﻝ :
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻬﺮ ﱄ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻭﺿﻊ ﺍﻻﺛﻨﲔ ... ﻭﳑﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻛﺘﺎﺏ " ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ "
ﺇﻣﺎ ﻣﻦ ﻭﺿﻊ ﺍﳌﺮﺗﻀﻰ ﺃﻭ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﺰﺍﻟﻴﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ،
ﻭﺍﳌﺮﺗﻀﻰ ﻛﻤﺎ ﹸﻛﺮ ﰲ ﺗﺮﲨﺘﻪ ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﳌﻌﺘﺰﻟﺔ .ﺍ.ﻫـ.
ﺫ
ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻠﻢ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺏ "ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ" ﺑﺄﺩﻟﺔ ﻇﺎﻫﺮﺓ
ﻭﺍﺿﺤﺔ ﺳﺎﻃﻌﺔ ﲟﺎ ﻻ ﻳﺪﻉ ﳎﺎﻻ ﻟﻠﺸﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﺃﻥ ﻳﻨﺴﺐ ﺇﱃ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﰊ
ﻃﺎﻟﺐ- ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ، ﻭﺇﻟﻴﻚ ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﳍﻢ .
- ﻗﺎﻝ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺍﻟﺒﻐﺪﺍﺩﻱ ﰲ ﺍﳉﺎﻣﻊ )٢/١٦١( :
ﻭﻧﻈﲑ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﺁﻧﻔﺎ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﳌﻼﺣﻢ ، ﻭﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳊﻮﺍﺩﺙ ، ﻓﺈﻥ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ
ﻣﻮﺿﻮﻉ ، ﻭ ﻠﻬﺎ ﻣﺼﻨﻮﻉ ، ﻛﺎﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﳌﻨﺴﻮﺏ ﺇﱃ ﺩﺍﻧﻴﺎﻝ ، ﻭﺍ ﹸﻄﺐ ﺍﳌﺮﻭﻳﺔ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ
ﳋ ﺟ
ﺃﰊ ﺍﳋﻄﺎﺏ .ﺍ.ﻫـ.
- ﻭﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﰲ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﺴﻨﺔ )٨/٥٥ – ٦٥( :
ﻭﺃﻳﻀﺎ ؛ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﻘﻠﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ "ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ "ﻛﺬﺏ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻲ ،
ﻭﻋﻠ -ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ﺃﺟ ﱡ ﻭﺃﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭﺍ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻜﻼﻡ ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺆﻻﺀ
ﻞ ﻲ
ﻭﺿﻌﻮﺍ ﺃﻛﺎﺫﻳﺐ ﻭﻇﻨﻮﺍ ﺃﺎ ﻣﺪﺡ ، ﻓﻼ ﻫﻲ ﺻﺪﻕ ﻭﻻ ﻫﻲ ﻣﺪﺡ ، ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺇﻥ ﻛﻼﻡ ﻋﻠﻲ
ﻭﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻓﻮﻕ ﻛﻼﻡ ﺍﳌﺨﻠﻮﻕ ﻓﻘﺪ ﺃﺧﻄﺄ ، ﻭﻛﻼﻡ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻮﻕ
ﻛﻼﻣﻪ ، ﻭﻛﻼﳘﺎ ﳐﻠﻮﻕ ...
ﻭﺃﻳﻀﺎ ؛ ﻓﺎﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﻛﻼﻡ ﻋﻠﻲ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﻛﻼﻡ ﻏﲑﻩ ، ﻟﻜﻦ
ﺻﺎﺣﺐ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺠﻌﻠﻮﻩ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﻋﻠﻲ ، ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ
ﳛﻜﻰ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺃﻧﻪ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﻪ ، ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻛﻼﻡ ﺣﻖ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﻪ ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻮ ﰲ
ﻧﻔﺲ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﻏﲑﻩ .
ﻭﳍﺬﺍ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﲔ ﻟﻠﺠﺎﺣﻆ ﻭﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻛﻼﻡ ﻣﻨﻘﻮﻝ ﻋﻦ
ﻏﲑ ﻋﻠﻲ ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﳚﻌﻠﻪ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﳌﻨﻘﻮﻟﺔ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺞ
ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺼﻨﻒ ﻣﻨﻘﻮﻟﺔ ﻋﻦ
ﻋﻠﻲ ﺑﺎﻷﺳﺎﻧﻴﺪ ﻭﺑﻐﲑﻫﺎ ، ﻓﺈﺫﺍ ﻋﺮﻑ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺧﱪﺓ ﺑﺎﳌﻨﻘﻮﻻﺕ ﺃﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻞ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﻻ
ﻳﻌﺮﻑ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻛﺬﺏ ، ﻭﺇﻻ ﻓﻠﻴﺒﻦ ﺍﻟﻨﺎﻗﻞ ﳍﺎ ﰲ ﺃﻱ ﻛﺘﺎﺏ ﺫﻛﺮ ﺫﻟﻚ ، ﻭﻣﻦ
ﻴ
ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻘﻠﻪ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ، ﻭﻣﺎ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ، ﻭﺇﻻ ﻓﺎﻟﺪﻋﻮﻯ ﺍﺮﺩﺓ ﻻ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﺣﺪ ، ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ
15. ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺤﻘﻖ ٢١
ﻟﻪ ﺧﱪﺓ ﲟﻌﺮﻓﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻭﺍﳌﻨﻘﻮﻝ ﺑﺎﻷﺳﺎﻧﻴﺪ ﻭﺗﺒﲔ ﺻﺪﻗﻬﺎ ﻣﻦ
ﻛﺬﺎ ؛ ﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻘﻠﻮﻥ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ ﺃﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻘﻮﻻﺕ
ﻭﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﲔ ﺻﺪﻗﻬﺎ ﻭﻛﺬﺎ .ﺍ.ﻫـ.
- ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺬﻫﱯ ﰲ ﺍﳌﻴﺰﺍﻥ )٣/٤٢١( :
ﻭﻣﻦ ﻃﺎﻟﻊ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ " ؛ ﺟﺰﻡ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻜﺬﻭﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﻋﻠﻲ-
ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ، ﻓﻔﻴﻪ ﺍﻟﺴﺐ ﺍﻟﺼﺮﺍﺡ ﻭﺍﳊ ﱡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﺪﻳﻦ ﺃﰊ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ
ﻂ
ﻋﻨﻬﻤﺎ ، ﻭﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻭﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺮﻛﻴﻜﺔ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﻟﻪ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻘﺮﺷﻴﲔ
ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ، ﻭﺑﻨﻔﺲ ﻏﲑﻫﻢ ﳑﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ، ﺟﺰﻡ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﻛﺜﺮﻩ ﺑﺎﻃﻞ
.ﺍ.ﻫـ.
ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻳﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻗﻄﻌﺔ ﻧﺜﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻋﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﺎﺣﺔ
ﻭﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ، ﻭﺇﺫ ﺗﻨﺸﺮﻩ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻣﺼﺮ ﻟﻴﺲ ﺗﻌﺼﺒﺎ ﳌﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺭﺃﻱ؛ ﻭﻟﻜﻦ ﳌﺎ ﻓﻴﻪ
ﻣﻦ ﺛﺮﺍﺀ ﻟﻐﻮﻱ ﻭﻓﻦ ﺑﻼﻏﻲ، ﻭﻧﺪﻉ ﺍﳊﻜﻢ ﺣﻮﻝ ﺻﺤﺔ ﻧﺴﺐ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻷﻫﻞ ﺍﳊﻜﻢ، ﻣﻊ
ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺒﻬﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﳐﺎﻟﻔﺎﺕ ﺗﺘﻌﺎﺭﺽ ﻣﻊ ﻣﺬﻫﺐ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﻦ ﺗﻮﻗﲑ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ
ﺍﻷﺟﻼﺀ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﲨﻌﲔ، ﻭﻋﺪﻡ ﻗﺒﻮﻟﻨﺎ ﻟﻠﻄﻌﻦ ﰲ ﺃﻱ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ، ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﺯﻛﺎﻫﻢ ﺍﷲ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ: ]ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﻭﺭﺿﻮﺍ ﻋﻨﻪ[، ﻭﺯﻛﺎﻫﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ
ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ: "ﺍﷲ ﺍﷲ ﰲ ﺃﺻﺤﺎﰊ".
ﻭﻗﺪ ﺍﻗﺘﺼﺮ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ:
١- ﺿﺒﻂ ﺍﻟﻨﺺ ﺿﺒﻄﺎ ﻟﻐﻮﻳﺎ.
ﹰ
٢- ﲣﺮﻳﺞ ﺍﻷﻳﺎﺕ ﻭﺍﻷﺷﻌﺎﺭ.
٣- ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻐﺎﻣﺾ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ.
٤- ﺗﺮﲨﺔ ﺍﻷﻋﻼﻡ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ.
٥- ﻋﻤﻞ ﻓﻬﺮﺱ ﺗﻔﺼﻴﻠﻲ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻋﺎﺕ.
٦- ﻋﻤﻞ ﺗﺮﲨﺔ ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ.
ﻭﻟﻘﺪ ﺣﺮﺻﻨﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺴﺨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺑﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ،
ﻣﻊ ﺇﻛﻤﺎﻝ ﻣﺎ ﺗﺮﻛﻪ ﻣﻦ ﺷﺮﺡ ﻟﻠﻐﺎﻣﺾ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ.
ﻭﺍﷲ ﺍﳌﻮﻓﻖ ﻭﺍﳍﺎﺩﻱ ﺇﱃ ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ.
16. ١ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﺸﺮﻳﻒ اﻟﺮﺿﻲ
ﺗﺮﲨﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺿﻲ
ﻭﻟﺪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﳍﺠﺮﻱ، ﻭﻗﺪ ﻟﻘﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﰲ
ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ، ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ، ﻭﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻛﺒﲑﺍ، ﻭﺣﺮﺻﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺸﻒ ﺟﻮﺍﻧﺒﻪ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻣﻦ
ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺔ؛ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﻋﺪﺓ، ﺃﻇﻬﺮﻫﺎ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻠﻐﺖ
ﻓﻴﻪ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺫﺭﻭﺎ ﻭﺍﺳﺘﻮﺕ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻮﻗﻬﺎ. ﻭﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻮﻥ ﺗﻐﺮﻳﻬﻢ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺍﻟﻔﺘﺮﺍﺕ
ﺍﳌﻀﻴﺌﺔ ﰲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻷﻣﻢ؛ ﻷﺎ ﺑﻀﻮﺋﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻤﺎﻋﻬﺎ ﲡﺬﻢ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎ ﻓﺮﻏﻮﺍ ﻣﻦ ﺗﻌﺮﻑ
ﺃﺳﺮﺍﺭﻫﺎ ﺛﻨﻮﺍ ﻋﻄﻔﻬﻢ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻗﻞ ﺍﻟﺘﻤﺎﻋﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ.
ﻭﻟﺴﺖ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺼﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺘﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻣﻀﻴﻔﹰﺎ ﳉﺪﻳﺪ، ﺃﻭ
ﻛﺎﺷﻔﹰﺎ ﻋﻦ ﺧﱯﺀ، ﻟﺬﻟﻚ ﺭﺃﻳﺖ ﺃﻥ ﺃﻛﺘﻔﻲ ﲟﺎ ﺑﺬﻝ ﻗﺒﻠﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﻮﺩ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻀﻤﺎﺭ،
ﻓﺄﺳﺘﻬﺪﻱ ﺑﻪ ﻟﻜﻲ ﻳﻌﻴﻨﲏ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﳚﺐ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺮﺿﻲ، ﺭﺟﺎﺀ ﺃﻥ ﺃﲤﻜﻦ
ﻣﻦ ﺗﻮﺿﻴﺤﻪ، ﻭﺟﻼﺀ ﺧﻔﺎﻳﺎﻩ.
ﻭﺭﻏﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﺍﳌﺸﻜﻮﺭﺓ ﰲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﻥ، ﻓﺈﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﻌﺾ ﺍﳉﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﱵ
ﳚﺪ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻣﻨﺎﺹ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺑﺬﻝ ﺍﳉﻬﺪ ﰲ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ، ﳑﺎ ﻳﺘﺼﻞ ﲜﺰﺋﻴﺎﺕ
ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ، ﻭﻳﻠﻘﻲ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻋﻠﻰ ﻏﻮﺍﻣﻀﻪ.
ﻭﺳﻴﻤﺮ ﺑﻨﺎ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻛﺜﲑ ﳑﺎ ﻳﻠﻘﻲ ﺍﻷﺿﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﰲ
ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﳍﺠﺮﻱ، ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﱂ ﺃﺟﺪ ﻣﻨﻪ ﻓﻜﺎﻛﺎ ﰲ ﻣﻮﺍﺿﻌﻪ، ﺑﻞ ﺇﻧﻪ
ﺃﺿﻨﺎﱐ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﲢﻘﻴﻖ ﺑﻌﺾ ﺣﻮﺍﺩﺛﻪ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺑﻌﺾ ﺭﺟﺎﻟﻪ، ﻭﺗﺮﺗﻴﺐ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ
ﺗﺮﺗﻴﺒﺎ ﺯﻣﻨﻴﺎ ﻣﺘﺴﺎﻭﻗﹰﺎ، ﳝﻜﻦ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻓﻴﻪ ﺑﲔ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻮﻗﻬﺎ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺟﻢ
–ﻭﺑﻌﻀﻬﺎ ﻏﲑ ﺩﻗﻴﻖ؛ ﻟﻠﺘﺼﺮﻑ ﰲ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﺃﻭ ﺍﳋﻄﺄ ﰲ ﺍ ﻟﺘﺼﻮﺭ- ﻭﺑﲔ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺷﻌﺮ
ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺃﻭ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ. ﻭﻟﻘﺪ ﺟﺎﺀ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻣﻔﺮﻗﹰﺎ ﰲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺴﻢ، ﺣﺴﺐ ﻣﻮﺿﻌﻪ ﺍﻟﻼﺋﻖ
ﺑﻪ، ﻭﺃﺣﺐ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﺃﺿﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻌﺎﱂ ﻟﻪ، ﺣﱴ ﻻ ﺗﺘﻤﺰﻕ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﻭﻳﺼﻌﺐ ﲡﻤﻴﻊ ﺃﺟﺰﺍﺋﻬﺎ ﻣﻦ
ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺒﺤﺚ.
ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﰲ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﳍﺠﺮﻱ ﻭﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﺴﺖ
ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻦ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﳋﺎﻣﺲ، ﰲ ﺑﻐﺪﺍﺩ، ﻭﻋﺎﺻﺮ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﺎﺀ ﺑﲏ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ:
ﺍﳌﻄﻴﻊ ﷲ ﻭﺍﻟﻄﺎﻉ ﷲ ﻭﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﺎﷲ، ﻭﱂ ﺗﺆﻫﻠﻪ ﺳﻨﻪ ﻟﻠﺼﻠﺔ ﺑﺎﳌﻄﻴﻊ ﷲ، ﻭﺇﳕﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﺃﻋﻈﻢ
ﺍﻟﻌﻼﺋﻖ ﻳﻮﻟﺪﻩ ﺍﻟﻄﺎﺋﻊ ﷲ، ﰒ ﱂ ﻳﺘﺢ ﻟﻌﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﺎﷲ ﺍﻟﻨﺠﺎﻉ، ﺑﻞ ﻗﺎﻡ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ
ﺍﻟﻌﺪﺍﺀ.
17. ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﺸﺮﻳﻒ اﻟﺮﺿﻲ ٢
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﻮﻳﻬﻴﻮﻥ ﺍﳌﺘﺴﻠﻄﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻫﻢ: ﻣﻌﺰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻋﺰ
ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻋﻀﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺻﻤﺼﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺷﺮﻑ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻭﱂ
ﺗﻜﻦ ﺳﻦ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺗﺆﻫﻠﻪ ﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎﻷﺭﺑﻌﺔ ﺍﻷﻭﻝ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺸﺮﻑ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ،
ﻻ ﺗﺘﻌﺪﻯ ﺷﻜﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺇﻃﻼﻕ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻣﻦ ﺳﺠﻨﻪ، ﺃﻣﺎ ﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺃﻣﻠﻪ، ﻓﻠﻤﺎ ﻓﻘﺪﻩ
ﱂ ﳚﺪ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﺇﱃ ﻋﻼﻗﺔ ﳑﺎﺛﻠﺔ ﲞﻠﻔﻪ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ.
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﻔﺎﻃﻤﻴﺔ ﰲ ﻏﺮﺏ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻘﺮﺕ ﰲ ﻣﺼﺮ ﻭﴰﺎﻝ
ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺔ، ﻭﺑﺴﻄﺖ ﺳﻠﻄﺎﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻭﺍﳊﺠﺎﺯ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﻗﺪ ﻋﺎﺻﺮ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﻣﻦ
ﺧﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﺎﷲ ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﷲ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﻤﺪﺍﻧﻴﻮﻥ ﰲ ﴰﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
ﺑﺎﳌﻮﺻﻞ ﻭﺣﻠﺐ ﻳﺪﻓﻌﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﻡ، ﻭﻗﺪ ﺿﻌﻒ ﺃﻣﺮﻫﻢ، ﻓﺎﺳﺘﻮﱃ ﺍﻟﻌﻘﻴﻠﻴﻮﻥ ﺧﻼﻝ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ، ﻋﻠﻰ ﺇﻣﺎﺭﺓ ﺍﳌﻮﺻﻞ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭﺍﺳﺘﻮﱃ ﺍﻟﻔﺎﻃﻤﻴﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﻠﺐ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﻭﱃ
ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺍﳍﺠﺮﻱ.
ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻭﰲ ﳒﺪ ﻭﺳﻮﺍﺣﻞ ﺍﳋﻠﻴﺞ، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻗﺒﺎﺋﻞ
ﺍﻷﻋﺮﺍﺏ ﻣﻦ ﺧﻔﺎﺟﺔ ﻭﺃﺳﺪ ﻭﻏﲑﳘﺎ، ﺗﺴﺪ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺍﻓﻞ ﺍﳊﺠﺎﺝ، ﺃﻭ ﻳﻨﺘﺼﺮ ﺎ ﻗﻮﻡ
ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻡ، ﳑﺎ ﺟﻌﻞ ﳍﺎ ﺛﻘﻼ ﰲ ﺍﳌﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ.
ﻭﻗﺪ ﺃﺩﻯ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺷﻪ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺇﱃ ﺍﺿﻄﺮﺍﺏ
ﻋﻈﻴﻢ ﰲ ﺷﺌﻮﺎ ﺍﳊﻴﺎﺓ، ﻣﻦ ﻓﱳ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﻌﺔ، ﻭﺑﲔ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﻭﺍﻟﺪﻳﻠﻢ، ﻭﻣﻦ
ﺷﻐﺐ ﻳﺜﲑﻩ ﺍﻟﻌﻴﺎﺭﻭﻥ ﻭﺍﻟﺸﻄﺎﺭ، ﻭﻏﻠﺖ ﺍﻷﻗﻮﺍﺕ، ﻭﻭﻗﻌﺖ ﺍﺎﻋﺎﺕ ﺣﱴ ﺍﺿﻄﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﱃ
ﺃﻛﻞ ﺍﳉﻴﻒ، ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﺮﻭﺍﺕ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺜﻞ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﳛﲕ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ ﻋﻈﻴﻤﺔ
ﺟﺪﺍ، ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃﻥ ﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺻﺎﺩﺭ ﺑﻌﻀﻬﺎ، ﻓﻮﺻﻞ ﺇﱃ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻋﻴﻨﺎ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ
ﻻ ﳚﺪ ﻗﻮﺕ ﻳﻮﻣﻪ، ﻭﻗﺪ ﺃﺩﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﺇﱃ ﻣﺼﺎﺩﺭﺍﺕ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻠﻮﻙ ﺑﲏ ﺑﻮﻳﻪ،
ﻭﺛﻮﺭﺍﺕ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ.
ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺑﺎﺿﻄﺮﺍﺑﻪ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﻔﻞ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺑﺎﻟﺮﻗﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻷﺩﰊ، ﻭﻳﻜﻔﻲ ﺃﻧﻪ
ﺃﳒﺐ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻋﻼﻡ: ﺍﳌﺘﻨﱯ، ﻭﺃﺑﺎ ﻓﺮﺍﺱ ﺍﳊﻤﺪﺍﱐ، ﻭﺍﻟﺮﺿﻲ، ﻭﺍﳌﻌﺮﻱ، ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻌﻤﻴﺪ،
ﻭﺍﻟﺼﺎﺣﺐ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩ، ﻭﺃﺑﺎ ﺣﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، ﻭﺍﻟﺼﺎﰊ، ﻭﺑﺪﻳﻊ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻭﺃﺑﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ،
ﻭﺍﻟﺴﲑﺍﰲ، ﻭﺍﺑﻦ ﺟﲏ، ﻭﺍﻵﻣﺪﻱ، ﻭﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﳉﺮﺟﺎﱐ، ﻭﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ، ﻭﺃﺑﺎ ﻫﻼﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ،
ﻭﺍﻟﺜﻌﺎﻟﱯ، ﻭﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ، ﻭﺍﻟﺒﺎﻗﻼﱐ، ﻭﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﳉﺒﺎﺭ، ﻭﺃﺑﺎ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻹﺳﻔﺮﺍﻳﲏ، ﻭﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮ
ﺍﳋﻮﺍﺭﺯﻣﻲ، ﻭﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﳌﺮﺗﻀﻲ، ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳌﻔﻴﺪ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ.
18. ٣ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﺸﺮﻳﻒ اﻟﺮﺿﻲ
ﻭﻗﺪ ﻭﻟﺪ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﳊﺴﲔ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ، ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺍﳌﻮﺳﻮﻱ،
ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﻠﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺑﺴﻨﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﻧﺸﺄ ﰲ ﺑﻴﺖ
ﻋﺮﻑ ﲟﻜﺎﻧﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﺷﺮﻑ ﻧﺴﺒﻪ، ﻭﺗﻠﻘﻲ ﻣﻌﺎﺭﻓﻪ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻷﺷﺮﺍﻑ ﰲ
ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ، ﰒ ﺑﺪﺃ ﺑﺎﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺎﺑﺮ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻋﺼﺮﻩ ﻛﺎﻟﺴﲑﺍﰲ، ﻭﺍﻋﺘﻘﻞ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻭﻫﻮ ﰲ
ﺍﻟﻌﺎﺷﺮ، ﻓﺄﳍﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺎﺩﺙ ﻭﺟﺪﺍﻧﻪ، ﻭﺃﻧﻄﻘﻪ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ، ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻳﻨﺘﺒﻪ ﺇﱃ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﻌﺎﱄ ﻭﺍﺪ
ﰒ ﺍﺳﺘﺄﻧﻒ ﻣﺴﲑﺗﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﺪﺭﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳌﻔﻴﺪ، ﻭﻋﻠﻰ ﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻋﺼﺮﻩ،
ﻛﺎﻟﺮﺑﻌﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﺟﲏ ﻭﺍﳋﻮﺍﺭﺯﻣﻲ، ﻭﺣﲔ ﺃﻟﻖ ﻭﺍﻟﺪﻩ، ﻭﻗﺪﻡ ﺇﱃ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻣﻊ ﺷﺮﻑ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺳﻨﺔ
٦٧٣ﻫـ ﺃﺗﻴﺤﺖ ﻟﻠﺮﺿﻲ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻹﻇﻬﺎﺭ ﻣﻮﺍﻫﺒﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﻋﻈﻤﺖ ﻫﺬﻩ
ﺍﳌﻮﺍﻫﺐ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻄﺎﺋﻊ ﷲ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ، ﻭﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻇﻬﺮﺕ ﺑﺎﻛﻮﺭﺓ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ ﺳﲑﺓ ﻭﺍﻟﺪﻩ
ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ ﻭﻋﻤﻞ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﰲ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﱂ ﻳﺘﻤﻪ، ﻭﻧﺎﺏ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﰲ ﻣﻨﺎﺻﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﻗﺒﺔ
ﻭﺇﻣﺎﺭﺓ ﺍﳊﺞ ﻭﺍﳌﻈﺎﱂ ﺳﻨﺔ ٠٨٣ ﻫـ، ﰒ ﻭﻻﻩ ﺍﻟﻄﺎﺋﻊ ﷲ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ
ﺑﺒﻐﺪﺍﺩ ﰲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﺷﻬﺪ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺧﻠﻊ ﺍﻟﻄﺎﺋﻊ ﷲ ﺳﻨﺔ ١٨٣ﻫـ،
ﻭﺭﺃﻯ ﺑﻌﺪﻩ ﺗﻨﺼﻴﺐ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﺎﷲ، ﻭﻣﺪﺣﻪ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﱂ ﲡﺮ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺭﺧﺎﺀ، ﻭﺳﺎﺀﺕ ﺍﻷﻣﻮﺭ
ﰲ ﺳﻨﺔ ٤٨٣ ﻫـ، ﺇﱃ ﺣﺪ ﻫﺪﺩ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺑﺎﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﱃ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﻔﺎﻃﻤﻴﺔ ﰲ ﻣﺼﺮ، ﻓﻜﺎﻓﺄﻩ
ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﺎﷲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﲝﺮﻣﺎﻥ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺻﺒﻬﺎ، ﻭﱂ ﺪﺃ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺮﺿﻲ، ﺑﻞ
ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﺍﺷﺘﻌﺎﻻ، ﻭﺻﺤﺒﺘﻬﺎ ﻧﻐﻤﺔ ﺣﺰﻳﻨﺔ ﻟﻮﻓﺎﺓ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺼﺎﰊ ﺳﻨﺔ ٤٨٣ ﻫـ، ﰒ ﻭﻓﺎﺓ ﺃﻣﻪ
ﺳﻨﺔ ٥٨٣ﻫـ، ﻭﱂ ﺪﺉ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺻﻠﺘﻪ ﺍﻟﱵ ﺑﺪﺃﺕ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﻃﺪ ﺑﺒﻬﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻭﺗﻠﻘﻴﺒﻪ
ﺑﺎﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻷﺟﻞ، ﻣﻊ ﻧﻴﺎﺑﺘﻪ ﻋﻨﻪ ﰲ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﺳﻨﺔ ٨٨٣ ﻫـ، ﻭﰲ ﺳﻨﺔ ٩٨٣ ﻫـ، ﺣﺞ
ﺍﻟﺮﺿﻲ، ﻭﻭﺟﺪﻫﺎ ﻓﺮﺻﺔ ﻹﺣﻴﺎﺀ ﺃﻣﻠﻪ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﱄ، ﻭﻭﺻﻮﻟﻪ ﺇﱃ ﺳﺪﻩ ﺍﳋﻼﻓﺔ، ﻓﻌﻘﺪ ﻣﻊ ﺃﻋﺮﺍﰊ
ﻫﻮ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ﺍﺑﻦ ﻟﻴﻠﻰ ﻋﻬﺪﺍ ﻟﻴﺠﻤﻊ ﺍﻷﻋﺮﺍﺏ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﺮﺗﻪ، ﻭﻋﺎﺩ ﻟﻴﻮﻃﺪ ﺻﻠﺘﻪ ﺑﺒﻬﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ،
ﺧﺎﻟﻊ ﺍﳋﻠﻔﺎﺀ ﻭﻣﻮﻟﻴﻬﻢ، ﻭﻟﻜﻦ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻷﻋﺮﺍﰊ ﻳﻘﺘﻞ ﻭﻫﻮ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻪ، ﻭﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻳﺸﻐﻞ
ﺑﺎﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻜﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻭﺋﻴﻪ، ﻭﻳﻨﺼﺮﻑ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺑﻌﺪ ﺣﺠﻪ ﺳﻨﺔ ٩٨٣ ﻫـ ﺇﱃ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ
ﳛﻔﻈﻪ، ﻭﻳﺘﻘﻦ ﻗﺮﺍﺀﺗﻪ، ﻭﻳﺆﻟﻒ ﻓﻴﻪ، ﻛﻤﺎ ﻳﺆﻟﻒ ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ،
ﻭﻳﺒﺪﺃ ﺑﻜﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﰲ ﻣﺘﺸﺎﺑﻪ ﺍﻟﺘﱰﻳﻞ، ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﻣﺴﲑﺗﻪ ﻣﻌﻪ ﺇﱃ ﺁﺧﺮ
ﺣﻴﺎﺗﻪ. ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺭﻏﻢ ﺷﻮﺍﻏﻠﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻻ ﻳﻨﺴﻰ ﺃﻣﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺵ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ، ﺳﻠﻄﺔ ﻭﻣﻨﻌﺔ ﺗﻮﺻﻠﻪ
ﺇﱃ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﻭﺗﱪﻕ ﺃﺳﺎﺭﻳﺮ ﺍﻷﻣﻞ ﺑﺘﻮﻟﻴﺔ ﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻪ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺔ ﻭﺇﻣﺎﺭﺓ ﺍﳊﺞ ﺳﻨﺔ ٧٩٣ ﻫـ، ﰒ
ﻳﻮﺍﺻﻞ ﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺗﻜﺮﳝﻪ ﺑﺘﻠﻘﻴﺒﻪ ﺑﺎﻟﺮﺿﻲ ﺫﻱ ﺍﳊﺴﺒﲔ ﰲ ﺳﻨﺔ ٨٩٣ ﻫـ، ﻭﺑﺄﻥ ﺗﻜﻮﻥ
19. ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﺸﺮﻳﻒ اﻟﺮﺿﻲ ٤
ﳐﺎﻃﺒﺘﻪ ﺑﺎﻟﻜﻨﺎﻳﺔ ﺳﻨﺔ ٠٠٤ﻫـ، ﰒ ﺗﻠﻘﻴﺒﻪ ﺑﺎﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻷﺟﻞ ﻣﻀﺎﻓﹰﺎ ﺇﱃ ﳐﺎﻃﺒﺘﻪ ﺑﺎﻟﻜﻨﺎﻳﺔ ﺳﻨﺔ
١٠٤ﻫـ، ﰒ ﺗﻠﻘﻴﺒﻪ ﺑﺎﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻷﺟﻞ ﻣﻀﺎﻓﹰﺎ ﺇﱃ ﳐﺎﻃﺒﺘﻪ ﺑﺎﻟﻜﻨﺎﻳﺔ ﺳﻨﺔ ١٠٤ ﻫـ. ﻭﰲ ﺃﺛﻨﺎﺀ
ﺫﻟﻚ ﺗﱪﺯ ﻣﺆﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺍﻟﱵ ﺃﺿﲎ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﳌﺎﺿﻴﺔ، ﻓﻴﻈﻬﺮ ﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﺳﻨﺔ
٠٠٤ ﻫـ، ﻭﺗﻠﺨﻴﺺ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻋﻦ ﳎﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺳﻨﺔ ١٠٤ ﻫـ، ﰒ ﻳﺘﺒﻌﻪ ﳎﺎﺯﺍﺕ ﺍﻵﺛﺎﺭ
ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ، ﻭﻣﻊ ﺍﺷﺘﻐﺎﻝ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺬﺍ ﺍﳉﻬﺪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﻜﺒﲑ، ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻔﺘﺄ ﳛﻤﻞ ﻋﺐﺀ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺔ
ﻭﺇﻣﺎﺭﺓ ﺍﳊﺞ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻳﻀﻴﻒ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻋﺒﺎﺀ ﺟﺪﻳﺪﺓ، ﺣﻴﺚ ﻳﺮﲰﻪ ﰲ ﺧﺪﻣﺘﻪ ﺑﺎﻟﻨﲑﻭﺯ
ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ ﺳﻨﺔ ٢٠٤ﻫـ، ﻭﻳﻜﻠﻔﻪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﲔ ﲜﻤﻴﻊ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺳﻨﺔ ٣٠٤ ﻫـ ﻭﻫﻮ
ﺃﻣﺮ ﳌﻲ ﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﻧﻘﻴﺐ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ، ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺬﺍ ﻗﺪ ﺣﻘﻖ ﺑﻌﺾ ﺃﻣﻠﻪ، ﻓﺄﺻﺒﺢ ﺧﻠﻴﻔﺔ
ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺔ. ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻻ ﳝﺪ ﻟﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﻞ، ﻓﻴﻘﻀﻲ ﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﳔﺒﺔ –ﻭﻫﻮ
ﺳﻨﺪﻩ ﻭﻃﺮﻳﻘﻪ ﺇﱃ ﺍﺪ ﺳﻨﺔ ٣٠٤ ﻫـ، ﻭﳚﻨﺢ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺰﻟﺔ ﻭﻳﺘﺮﻙ ﻣﺪﺡ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﳉﺪﻳﺪ
ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﺣﱴ ﻳﻠﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻃﻠﺒﻪ، ﰒ ﻳﻠﻘﻰ ﺭﺑﻪ ﺳﻨﺔ ٦٠٤ ﻫـ، ﻋﻦ ﺳﺒﻌﺔ ﻭﺃﺭﺑﻌﲔ
ﻋﺎﻣﺎ.
20. ٩ ﻧﻬﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ
ﺑﺎﺏ ﺍﳌ ﺘَﺎﺭ ﻣﻦ ﻄﺐ ﻣﻮﻻﻧﺎ ﺃﻣﲑﺍﳌﺆﻣِﻨﲔ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻃﺎﻟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺃﻭﺍﻣﺮﻩ
ﺨ ِ ِ ﺧ
ﻭﻧﻮﺍﻫﻴﻪ ﻭﻛﻼﻣﻪ ﺍﳉﺎﺭﻱ ﳎﺮﻯ ﺍﳋﻄﺐ ﻭﺍﳌﻮﺍﻋﻆ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﶈﻀﻮﺭﺓ ﻭﺍﳌﻮﺍﻗﻒ
ﺍﳌﺬﻛﻮﺭﺓ ﻭﺍﳋﻄﻮﺏ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ
]١[
ﻭﻣﻦ ﺧﻄﺒﺔ ﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ(
ﻳﺬﻛﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺍﻻﹶﺭﺽ، ﻭﺧﻠﻖ ﺁﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ
ِ َ
]ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺫﻛﺮ ﺍﳊﺞ[
]ﻭﲢﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﲪﺪ ﺍﻟ ﱠﻪ، ﻭﺧﻠﻖ ﺍﻟﻌﺎﱂ، ﻭﺧﻠﻖ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ، ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻻﻧﺒﻴﺎﺀ، ﻭﻣﺒﻌﺚ
ﻠ
ﺍﻟﻨﱯ، ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﺍﻻﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ[
ﺍﳊﻤ ﻟﱠﻪ ﺍﱠﻟﺬﹶﻱ ﻻ ﻳﺒﹸ ﹸ ﻣﺪﺣﺘﻪ ﺍﻟﻘﹶﺎِﺋﹸﻮﻥﹶ، ﻭﻻ ﻳﺤﺼِﻲ ﻧﻌﻤﺎﺀﻩ ﺍﻟﻌﺎ ﻭﻥﹶ، ﻭﻻ ﻳﺆ ﻱ ﺣ ﱠ
ﹶ ﺩ ﻘﻪ َ ﺩ ﻠ ِ ﹶ ﻠﻎ ِ ﹶ ﺪ ﻠ
ِ ﹶ ِ ﺪ
ﺍﹸﻤﺠﺘﻬ ﻭﻥﹶ، ﺍﱠﻟﺬِﻱ ﻻ ﻳﺪﺭﻛﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﳍﻤﻢِ، ﻭﻻ ﻳﻨﺎﹸﻟﻪ ﻏﻮ ﺍﻟﻔﻄﻦِ، ﺍﱠﻟﺬِﻱ ﹶﻟﻴﺲ ِﻟﺼﻔِﺘﻪ ﺣ
ﹶ ﹸ ِ ﹶ ﹶ ﺹ ِ ﹶ ﻟ ِ ﺪ
ﻣﺤ ﻭ ،ﻭﻻ ﻧﻌﺖ ﻣﻮ ﻮ ،ﻭﻻ ﻭﻗﺖ ﻣﻌ ﻭ ،ﻭﻻ ﹶﺃﺟﻞ ﻣﻤ ﻭﺩ.
ﹲ ﺪ ﹾ ﺪ ﺩ ﺪ ﺩ ﹶ ﺟ ﺩ
ﻓﻄﺮ ﺍﳋﹶﻼِﺋﻖ)١( ِﺑﻘﺪﺭِﺗﻪ ،ﻭﻧﺸﺮ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ِﺑﺮﺣﻤِﺘﻪِ، ﻭﻭﺗﺪ)٢( ﺑِﺎﻟﺼ ﻮﺭ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﹶﺃﺭﺿﻪ)٣(.
ﺨ ِ ﹶ ِ ِ ﹸ ﹶ ﹶ
ﹶﺃ ﻝ ﺍﻟ ﻳﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘ ،ﻭﻛﻤﺎﻝ ﻣﻌﺮﻓِﺘﻪ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ِﺑﻪِ، ﻭﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﺼﺪِﻳﻖ ِﺑﻪ ﺗﻮﺣِﻴﺪ ،ﻭﻛﻤﺎﻝ
ﻭ ﹸ ﺪ ِ ِ ﹶ ﻪ ﹶ ﹸ ِ ﹶ ِ ﺘ ﹶ ﹸ ِ ِ ﻩ ﹶ ﹸ
ﺗﻮﺣِﻴﺪﻩ ﺍﻻﺧﻼﺹ ﹶﻟ ،ﻭﻛﻤﺎﻝ ﺍﻻﺧﻼﺹ ﹶﻟ ﻧﻔ ﺍﻟﺼﻔﹶﺎﺕ ﻋﻨ ِ ،ﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻛ ﱢ ﺻﻔﹶﺔ ﹶﺃﻬﺎ ﻏﻴ
ِ ﻪ ﹾﻲ ِ ﻪ ِ ﹸﻞ ِ ﻧ ﹶ ﺮ ﻪ ﹶ ﹸ ِﹾ ِ ِ ِ ﹾ
ﺍﳌﻮ ﻮﻑِ، ﻭﺷﻬﺎﺩﺓ ﻛ ﱢ ﻣﻮ ﻮﻑ ﹶﺃﻪ ﻏﻴ ﺍﻟﺼﻔﺔِ، ﻓﻤﻦ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﱠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧ ﻓﻘﺪ ﻗﺮﻧ ،ﻭﻣﻦ
ﻧ ﹶ ﺮ ﹶ ﹶ ﻠ ﻪ ﹶﹶ ﹶ ﻪ ِ ﹸﻞ ﺻ ﹶ ﺻ
ﻗﺮﻧﻪ ﻓﻘﺪ ﹶﺛﺎ ،ﻭﻣﻦ ﹶﺛﺎﻩ ﻓﻘﹶﺪ ﺟﺰﹶﺃ ،ﻭﻣﻦ ﺟﺰﹶﺃ ﻓﻘﺪ ﺟﻬﻠ ] ،ﻭﻣﻦ ﺟﻬﻠﻪ ﻓﻘﺪ ﺃﺷﺎﺭ ِﺇﹶﻟﻴﻪِ،[ﻭﻣﻦ
ﹶ ﹶ ﹶ ﻨ ﻩ ﻨ ﹶ ﻩ ﻩ ﹶ ﹶ ِ ﹶﻪ ِ ﹶ ﹶ ﹶ
ﺃﺷﺎﺭ ِﺇﹶﻟﻴﻪ ﻓﻘﺪ ﺣﺪ ،ﻭﻣﻦ ﺣ ﻩ ﻓﻘﺪ ﻋﺪ ،ﻭﻣﻦ ﻗﹶﺎﻝ: »ﻓِﻴﻢ« ﻓﻘﺪ ﺿـﻤﻨ ،ﻭﻣـﻦ ﻗﹶـﺎﻝ:
ﹶ ﻪ ﹶﹶ ِ ﹶ ﹶ ﻩ ﺪ ﹶ ﹶ ﻩ ﹶ
»ﻋﻼﻡ؟« ﻓﻘﺪ ﹶﺃﺧﻠﹶﻰ ﻣ.
ﹶ ﹶ ﹶ ِ ﻨﻪ
ﻛﺎِﺋﻦ ﻻ ﻋﻦ ﺣﺪﺙ)٤(، ﻣﻮ ﻮﺩ ﻻ ﻋﻦ ﻋﺪﻡ، ﻣﻊ ﻛ ﱢ ﺷﻲﺀ ﻻ ِﺑﻤﻘﹶﺎﺭﻧﺔ، ﻭﻏﻴ ﻛ ﱢ
ﺟ ﹶ ﹸﻞ ﹶ ﹶ ﺮ ﹸﻞ ﹶ
ﺷﻲﺀ ﻻ ِﺑ ﺍﻳﻠﹶﺔ)٥(، ﻓﹶﺎﻋﻞ ﻻ ِﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﹾﻟﺤﺮﻛﹶﺎﺕ ﻭﺍﻻﹾﻟﺔِ، ﺑﺼﲑ ﺇﺫ ﻻ ﻣﻨ ﹸﻮﺭ ﺇﹶﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻪِ،
ِ ﹾ ﹶ ﻈ ِ ِ ﹾ ِ ِ ِ ﹲ ﻤﺰ
)١( ﻓﻄﺮ ﺍﳋﻼﺋﻖ: ﺍﺑﺘﺪﻋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﻣﺜﺎﻝ ﺳﺒﻖ.
ﹶ ﹶ
)٢( ﻭﺗﺪ - ﺑﺎﻟﺘﺸﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ -: ﺛﺖ.
ﺒ
)٣( ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺃﺭﺿﻪ: ﲢ ﻛﻬﺎ ﺑﺘﻤﺎﻳﻞ.
ﺮ
)٤( ﻻﻋﻦ ﺣﺪﺙ: ﻻ ﻋﻦ ﺇﳚﺎﺩ ﻣﻮﺟﺪ.
)٥( ﺍﳌﺰﺍﻳﻠﺔ: ﺍﳌﻔﺎﺭﻗﺔ ﻭﺍﳌﺒﺎﻳﻨﺔ.
21. ﻧﻬﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ ٠١
ﺘﻮﺣﺪ ﺇﺫ ﻻ ﺳﻜﻦ ﻳﺴﺘﺄِﻧﺲ ﺑﻪ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻮﺣ ِ ﻟﻔﻘﺪﻩ.
ﻣ ﹾ ﹶ ﹶ ﹾ ِ ﹶ ِ ﺶ ﹶ ﹾ ِ ِ
]ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻌﺎﱂ[
ﹶﺃﻧﺸﺄ ﺍﳋﻠﻖ ﺇﻧﺸﺎﺀً، ﻭﺍﺑﺘﺪﹶﺃﻩ ﺍﺑِﺘﺪﺍﺀً، ِﺑﻼ ﺭﻭﺔ ﹶﺃﺟﺎﹶﻟﻬﺎ)١(، ﻭﻻ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﺳﺘﻔﹶﺎﺩﻫﺎ، ﻭﻻ
ﹶ ِﹶ ﹶ ِ ﻳ ﹶ ﹶ ﹾ
ﺣﺮﻛﹶﺔ ﹶﺃﺣﺪﹶﺛﻬﺎ، ﻭﻻ ﻫﻤﺎﻣﺔ ﻧﻔﹾﺲ)٢( ﺍﻇﻄﺮﺏ ﻓِﻴﻬﺎ.
ﹾ ﹶ ﹶ ِ
ﹶﺃﺣﺎﻝ ﺍﻻﹾﺷﻴﺎﺀ ﻻﻭﻗﹶﺎِﺗﻬﺎ، ﻭﻻﻡ)٣( ﺑﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﹶﺎِﺗﻬﺎ، ﻭﻏﺮﺯ ﻏﹶﺮﺍِﺋﺰﻫﺎ)٤(، ﻭﺃﹶﻟﺰﻣﻬﺎ ﺃﺷﺒﺎﺣﻬﺎ،
ﹶ ِ َ ﹶ َ َِ ﹶ
ﻋﺎﻟِﻤﺎ ِﺑﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﺑِﺘﺪﺍِﺋﻬﺎ، ِ ﻴﻄﺎ ِﺑﺤ ﻭﺩِﻫﺎ ﻭﺍﻧِﺘﻬﺎِﺋﻬﺎ، ﻋﺎﺭﻓﺎ ِﺑﻘﺮﺍِﺋﻨِﻬﺎ ﻭﹶﺃﺣﻨﺎِﺋﻬﺎ)٥(.
ﹰ ﹶ ﻣ ﺤ ﹰ ﺪ ﹰ ﹶ ﹶ
ﹸﺛ ﹶﺃﻧﺸﺄ - ﺳﺒﺤﺎﻧ - ﻓﺘﻖ ﺍﻻﺟﻮﺍﺀِ، ﻭﺷﻖ ﺍﻻﺭﺟﺎﺀِ، ﻭﺳﻜﹶﺎِﺋﻚ)٦( ﺍﻟﹶﻬﻮﺍﺀِ، ﻓﺄﹶﺟﺎﺯ ﻓِﻴﻬﺎ
ﻢ ﹶ ﻪ ﹶ َ ﹾ َ ﹾ
)٩(
ﻣﺎﺀ ﻼﻃِﻤﺎ ﺗﺎﺭﻩ)٧(، ﻣﺘﺮﺍﻛِﻤﺎ ﺯ ﺎﺭﻩ)٨(، ﺣﻤﻠﻪ ﻋﻠﹶﻰ ﻣﺘﻦ ﺍﻟ ﻳﺢ ﺍﹾﻟﻌﺎﺻﻔﺔِ، ﻭﺍﻟﺰﻋﺰﻉ
ِ ِﹶ ﹶ ِ ﺮ ِ ً ﻣﺘ ﹰ ﻴ ﹰ ﺧ
ﺍﹾﻟﻘﹶﺎﺻﻔﺔِ، ﻓﺄﻣﺮﻫﺎ ِﺑﺮﺩﻩِ، ﻭﺳﻠﻄﻬﺎ ﻋﻠﹶﻰ ﺷﺪﻩِ، ﻭﻗﹶﺮﻧﻬﺎ ِﺇﻟﹶﻰ ﺣﺪﻩِ، ﺍﳍﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺗﺤﺘِﻬﺎ ﻓﺘِﻴﻖ)٠١(،
ﹶ ُ ِ ﹶ ِ ﹶ ﹶﹶ ﱠ ﹶ
ﺍﳌﹶﺎ ُ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻬﺎ ﺩﻓِﻴﻖ)١١(.
ﻭ ﺀ ِ ﹶ ِ
ﹸﺛ ﹶﺃﻧﺸﺄ ﺳﺒﺤﺎﻧ ﺭِﳛﺎ ﺍﻋﺘﻘﻢ ﻣﻬﺒﻬﺎ)٢١(، ﻭﹶﺃﺩﺍﻡ ﻣﺮﺑﻬﺎ)٣١(، ﻭﹶﺃﻋﺼﻒ ﻣﺠﺮﺍﻫﺎ، ﻭﹶﺃﺑﻌﺪ
ﻢ ﹶ ﻪ ﹰ ﹶ
ﻣﻨﺸﺎﻫﺎ، ﻓﺄﻣﺮﻫﺎ ِﺑﺘﺼﻔِﻴﻖ ﺍﳌﹶﺎﺀ)٤١( ﺍﻟﺰ ﺎﺭِ، ﻭِﺇﺛﹶﺎﺭﺓ ﻣﻮﺝ ﺍﻟِﺒﺤﺎﺭِ، ﻓﻤﺨﻀﺘﻪ (١٥)ﻣﺨﺾ
ﹶ ﺧ ِ ِ ِ ِ ﹶﹶ
)١( ﺍﻟﺮﻭﺔ: ﺍﻟﻔﻜﺮ، ﻭﺃﺟﺎﳍﺎ: ﺃﺩﺍﺭﻫﺎ ﻭﺭﺩﺩﻫﺎ.
ِ ﻳ
)٢( ﻫﻤﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ - ﺑﻔﺘﺢ ﺍﳍﺎﺀ -: ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﺑﺎﻻﻣﺮ ﻭﻗﺼﺪﻫﺎ ﺇﻟﻴﻪ.
)٣( ﻻﻡ: ﻗﺮﻥ.
َﹶ ﹶ ﹶ
)٤( ﻏﺮﺯ ﻏﹶﺮﺍﺋﺰﻫﺎ: ﺃﻭﺩﻉ ﻓﻴﻬﺎ ﻃﺒﺎﻋﻬﺎ.
ﹶ
)٥( ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ - ﻫﻨﺎ -: ﲨﻊ ﻗ ﻭﻧﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻭﺍﻻﺣﻨﺎﺀ: ﲨﻊ ﺣﻨﻮ - ﺑﺎﻟﻜﺴﺮ-: ﻭﻫﻮ ﺍﳉﺎﻧﺐ.
ِ ﹶﺮ
)٦( ﺍﻟﺴﻜﺎﺋﻚ: ﲨﻊ ﻜﺎﻛﺔ - ﺑﺎﻟﻀﻢ -: ﻭﻫﻲ ﺍﳍﻮﺍﺀ ﺍﳌﻼﻗﻲ ﻋﻨﺎﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ.
ﺳ
)٧( ﺍﻟﺘﺎﺭ - ﻫﻨﺎ-: ﺍﳌﻮﺝ.
ﻴ
)٨( ﺍﻟﺰ ﺎﺭ: ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺍﻟﺰﺧﺮ، ﺃﻱ ﺍﻻﻣﺘﺪﺍﺩ ﻭﺍﻻﺭﺗﻔﺎﻉ.
ﺧ
)٩( ﺍﻟ ﻋﺰﻉ: ﺍﻟﺮﻳﺢ ﺍﹼﱵ ﺗﺰﻋﺰﻉ ﻛﻞ ﺛﺎﺑﺖ.
ﹼ ﻟ ﺰ
)٠١( ﺍﻟﻔﺘﻴﻖ: ﺍﳌﻔﺘﻮﻕ.
)١١( ﺍﻟﺪﻓﻴﻖ: ﺍﳌﺪﻓﻮﻕ.
)٢١( ﺍﻋﺘﻘﻢ ﻣﻬﺒﻬﺎ: ﺟﻌﻞ ﻫﺒﻮﺎ ﻋﻘﻴﻤﺎﹰ، ﻭﺍﻟﺮﻳﺢ ﺍﻟﻌﻘﻴﻢ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﻠﻘﺢ ﺳﺤﺎﺑﺎ ﻭﻻ ﺷﺠﺮﹰﺍ.
ﹰ ﹶ
)٣١( ﻣﺮﻬﺎ - ﺑﻀﻢ ﺍﳌﻴﻢ - ﻣﺼﺪﺭ ﻣﻴﻤﻲ ﻣﻦ ﺃﺭﺏ ﺑﺎﳌﻜﺎﻥ: ﻻﺯﻣﻪ، ﻓﺎﳌﺮ :ﺍ ﹸﻼﺯﻣﺔ.
ﹸ ﺏ ﳌ ﺑ
)٤١( ﺗﺼﻔﻴﻖ ﺍﳌﺎﺀ: ﲢﺮﻳﻜﻪ ﻭﺗﻘﻠﻴﺒﻪ.
)٥١( ﻣﺨﻀﺘﻪ :ﺣ ﻛﺘﻪ ﺑﺸ ﺓ ﻛﻤﺎ ﻤﺨ ﺍﻟ ﻘﺎﺀ.
ﻳ ﺾ ﺴ ﺪ ﺮ
