1. ‫أجمع آية للخير والشر‬
‫بقلم الدكتور نظمي خليل أبو العطا‬
‫- نعرض عليكم اليوم الية القرآنية التي جمعت الخير كله فأمرت به، والشر كله‬
‫فنهت عنه، حتى قال فيها ابن مسعود رضي ال عنهما: هي أجمع آية في القرآن‬
‫الكريم للخير والشر ، وان لم يكن فيه ) أي في القرآن الكريم ( غير هذه الية لكفت‬
‫.‬
‫- تلك الية التي أمر عمر بن عبد العزيز المسلمين أن يختموا بها خطبة الجمعة‬
‫بدل من كلمات الشقاق والفرقة التي كان البعض يختم بها خطبة الجمعة، إرضاء‬
‫لتجاه معين، أو تعصبا لفئة بعينها.‬
‫وكثيرا ما نسمع الخطباء يختمون بها خطبتهم حتى يومنا هذا، وهى الية التي قال‬
‫ال سبحانه وتعالى فيها: ) إن ال يأمر بالعدل والحسان وإيتاء ذي القربى وينهى‬
‫عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ( النحل آية )٩( .‬
‫- والعدل: هو العتدال والتوسط في المور اعتقادا وعمل.‬
‫) حسنين مخلوف – كلمات القرآن ( .‬
‫وقال الراغب الصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن:‬
‫- العدل: هو المساواة في المكافأة إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشرا.‬
‫- والحسان: هو إتقان العمل، أو نفع الخلق ) مخلوف- مرجع سابق ( .‬
‫- وهو على وجهين إحدهما: النعام على الغير، يقال: أحسن فلن إلى فلن.‬
‫والثاني: إحسان في فعله، وذلك إذا علم علما حسنا، أو عمل عمل حسنا.‬
‫والحسان فوق العدل وذاك أن يعطى أكثر مما عليه ويأخذ أقل مما له، أو أن يقابل‬
‫الخير بأكثر منه والشر بأقل منه ) الصفهاني- مرجع سابق ( .‬
‫- والفحشاء: الذنوب المفرطة في القبح )مخلوف ( : والفحش، والفحشاء،‬
‫والفاحشة: ما عظم قبحه‬
‫من الفعال والقوال ) الصفهاني (‬
‫- والمنكر: كل فعل تحكم العقول الصحيحة ) والصريحة ( بقبحه، أو تتوقف في‬
‫استقباحه واستحسانه العقول، فتحكم بقبحه الشريعة ) الصفهاني(.‬

2. ‫- والبغي: هو التطاول والتجبر على الناس وهو تجاوز الحق إلى الباطل أو‬
‫تجاوزه إلى ال ّبه كما قال الصفهاني.‬
‫ش‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه ال في تفسير هذه الية : فالعدل الذي أمر‬
‫ال به، يشمل العدل في حقه، وفى حق عباده .‬
‫- فالعدل في ذلك، أداء الحقوق كاملة موفورة، بأن يؤدى العبد ما أوجب ال عليه‬
‫من الحقوق المالية والبدنية، والمركبة منهما، في حقه وحق عباده، ويعامل الخلق‬
‫بالعدل التام، فيؤدى كل وال، ما عليه، تحت وليته، سواء في ذلك ولية المامة‬
‫الكبرى ) أي الخلفة (، وولية القضاء، ونواب الخليفة، ونواب القاضي.‬
‫- والعدل هو: ما فرضه ال عليهم في كتابه، وعلى لسان رسوله، وأمرهم‬
‫بسلوكه. ومن العدل في المعاملت، أن تعاملهم في عقود البيع والشراء وسائر‬
‫المعوضات، بإيفاء جميع ما عليك، فل تبخس لهم حقا، ول تغشهم ول تخدعهم‬
‫وتظلمهم . فالعدل واجب، والحسان فضيلة مستحبة، وذلك كنفع الناس، بالمال‬
‫والبدن، والعلم، وغير ذلك من أنواع النفع، حتى يدخل فيها الحسان إلى الحيوان‬
‫البهيم المأكول ) والنبات ( وغيره.‬
‫- وخص ال إيتاء ذي القربى – وإن كان داخل في العموم – لتأكد حقهم، وتعين‬
‫صلتهم وبرهم، والحرص على ذلك. ويدخل في ذلك جميع القارب، قريبهم‬
‫وبعيدهم، لكن كل من كان أقرب، كان أحق بالبر.‬
‫- وقوله: )وينهى عن الفحشاء( وهو ) كما قلنا سابقا ( كل ذنب عظيم،‬
‫استفحشته الشرائع والفطر، كالشرك بال، والقتل بغير حق، والزنا، والسرقة،‬
‫وال ُجب، والكبر، واحتقار الخلق، وغير ذلك من الفواحش. ويدخل في المنكر كل‬
‫ع‬
‫ذنب ومعصية، تتعلق بحق ال تعالى. وبالبغي، كل عدوان على الخلق، في الدماء،‬
‫والموال، والعراض .‬
‫فصارت هذه الية جامعة لجميع المأمورات والمنهيات، لم يبق شيء، إل دخل‬
‫فيها، فهذه قاعدة ترجع إليها سائر الجزئيات، فكل مسألة مشتملة على عدل أو‬
‫أحسان، أو إيتاء ذي قربى، فهي مما أمر ال به . وكل مسألة مشتملة على فحشاء‬
‫أو منكر، أو بغي، فهي مما نهى ال عنه. وبها يعلم حسن ما أمر ال به، وقبح ما‬
‫نهي عنه، وبها يعتبر ما عند الناس من القوال وترد إليها سائر الحوال‬
‫) والعمال ( .‬

3. ‫- فتبارك من جعل من كلمه، الهدى، والشفاء، والنور، والفرقان بين جميع‬
‫الشياء .‬
‫- ولهذا قال: ) يعظكم ( أي: بما بينه لكم في كتابه يأمركم بما فيه غاية صلحكم‬
‫ونهيكم، عما فيه مضرتكم. ) لعلكم تذكرون (: ما يعظكم به، فتفهمونه وتعقلونه‬
‫وتعملوا بمقتضاه فسعدتم سعادة ل شقاوة معها ) أ.هـ. ( .‬
‫وهكذا أخي المسلم .. أختي المسلمة:‬
‫جمعت تلك الية المر بالخير كله، والنهى عن الشر كله. فماذا لو وضع المسلم‬
‫هذه الية نصب عينيه وفقه ما فيها، وعمل بمقتضاها، وعمل المسلمون جميعا بما‬
‫في هذه الية الجامعة الكافية، لعشنا في سعادة بالغة وأمن وأمان فل ُحش ول‬
‫ف‬
‫)١(‬
‫منكر ول بغي، بل عدل وإحسان وصله رحم فتبارك الكريم الرحمن .‬
‫إعداد الستاذ الدكتور نظمى خليل أبو العطا موسى‬
‫‪www.nazme.net‬‬