SlideShare a Scribd company logo

624

•
•
K
kotob arabia
Education
1 of 174
Download to read offline
‫ﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﻤﺴﺘﻘﺒل‬ ‫ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫ﺼﻼﺡ ﺴﺎﻟﻡ‬
‫ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﳌﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ‬ ‫א‬ ‫א‬ ‫א‬ ‫.‬ ‫אא‬ ‫א‬ ‫)ﻋـﱪ ﺍﻻﻧﱰﻧـﺖ ﺃﻭ‬ ‫א‬ ‫אא‬ ‫ﻟﻠﻤﻜﺘﺒــﺎﺕ ﺍﻻﻟﻜﱰﻭﻧﻴــﺔ ﺃﻭ ﺍﻷﻗــﺮﺍﺹ ﺍﳌﺪﳎــﺔ ﺃﻭ ﺍﻯ‬ ‫א‬ ‫ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ (‬ ‫א‬ ‫א‬ ‫.‬ ‫.‬ ‫א א‬
‫ﻓﻬﺭﺱ‬ ‫ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ‬ ‫ﺘﺼﺩﻴﺭ‬ ‫ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل‬ ‫ﺘﺤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ‬ ‫ﺘﻘﺩﻴﻡ : ﺍﺯﺩﻭﺍﺠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ‬ ‫ﺃﻭﻻ : ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻨﺔ، ﻭﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ‬ ‫ﺜﺎﻨﻴﺎ : ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ، ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﺍﻟﺫﺭﺍﺌﻌﻴﺔ‬ ‫ﺜﺎﻟﺜﺎ : ﺍﻻﺴﺘﺎﺘﻴﻜﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺠﻤﻭﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﺩﺍﺌﺭﻴﺔ‬ ‫ﺭﺍﺒﻌﺎ : ﺃﻨﻌﺩﺍﻡ ﺍﻟﻤﺭﻭﻨﺔ ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺘﺴﺎﻤﺢ‬ ‫ﺨﺎﻤﺴﺎ : ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺸﻤﻠﺔ ﻟﺤﺴﺎﺏ ﺍﻵﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺯﺌﻴﺔ‬ ‫ﺴﺎﺩﺴﺎ : ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﻤﺤﺩﻭﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻰ، ﻭﻏﻠﺒﺔ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﺍﻟﺴﻠﺒﻰ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻻﻴﺠﺎﺒﻴﺔ .‬ ‫ﺴﺎﺒﻌﺎ : ﺍﺴﺘﺤﻀﺎﺭ ﺍﻵﺨﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ‬ ‫ﺜﺎﻤﻨﺎ : ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻷﺤﺎﺩﻴﺔ ﻟﻸﺸﻴﺎﺀ ﻭﻓﻘﺩﺍﻥ ﺃﺩﺏ ﺍﻻﺨﺘﻼﻕ‬ ‫ﺘﻌﻘﻴﺏ : ﻨﺤﻭ ﺭﺅﻴﺔ ﻤﺘﻔﺎﺌﻠﺔ ﻵﻓﺎﻕ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ‬ ‫ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻰ‬ ‫ﺘﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺒﻌﺩ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ‬ ‫ﺘﻘﺩﻴﻡ : ﺒﻴﻥ ﺍﻻﻓﺘﺭﺍﻕ ﻭﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻻﻟﺘﻘﺎﺀ‬ ‫ﺃﻭﻻ : ﺍﻟﺘﻔﻜﻙ ﺍﻟﺠﺯﺌﻰ ﻟﺘﺤﺎﻟﻔﻰ ﺃﺯﻤﺔ – ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ‬ ‫ﺜﺎﻨﻴﺎ : ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﻌﺠﺯ ﻋﻥ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‬ ‫ﺜﺎﻟﺜﺎ : ﺍﻟﺠﺩل ﺤﻭل ﺇﻤﻜﺎﻨﺎﺕ ﻭﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺘﻁﻭﻴﺭ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ .‬ ‫ﺭﺍﺒﻌﺎ : ﺍﻟﺘﺴﻭﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻟﻠﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ – ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻰ‬ ‫ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ‬ ‫ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ‬ ‫ﺘﻘﺩﻴﻡ : ﻋﻥ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﻨﺱ، ﻭﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ‬
‫ﺃﻭﻻ : ﺘﺤﺩﻯ ﺍﻟﻭﻀﻌﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ‬ ‫ﺜﺎﻨﻴﺎ : ﺘﺤﺩﻯ ﻓﻜﺭﻴﺎﺕ ﺍﺸﻠﺭﻕ ﺃﻭﺴﻁﻴﺔ‬ ‫ﺜﺎﻟﺜﺎ : ﺍﻻﻨﺸﻐﺎل ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻰ ﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻰ‬ ‫ﺭﺍﺒﻌﺎ : ﺍﻻﻨﺸﻐﺎل ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻰ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺒﻰ‬ ‫ﺨﺎﺘﻤﺔ‬ ‫ﺍﺴﺘﺸﺭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻼﺕ ﺍﻟﺒﺩﻴﻠﺔ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ‬ ‫ﻗﺎﺌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺭﺍﺠﻊ‬ ‫ﺍﻟﻔﻬﺭﺱ‬
‫ﺒﺴﻡ ﺍﷲ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺭﺤﻴﻡ‬ ‫ﺇﻫﺩﺍﺀ‬ ‫ﻋﻠﻰ .. ﻭﺍﻟﺩﻯ‬ ‫ﻭﻓﺎﺀ ﻟﺒﻌﺽ ﻗﻠﻴل .. ﻤﻥ ﻓﻀل ﻜﺜﻴﺭ‬ ‫ﺼﻼﺡ ﺴﺎﻟﻡ‬
‫ﺘﺼﺩﻴﺭ‬ ‫ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻻﺕ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﻋﻠـﻰ ﻭﻋﻴﻨـﺎ ﺍﻟﻘـﻭﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼـﺭ‬ ‫ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﻭﺍﻴﻼﻤﺎ ﻋﻥ ﺠﺩﻭﻯ ﻭﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﻔﻀﻼ ﻋﻤﺎ ﺘﺜﻴـﺭﻩ ﺼـﻴﻐﺔ‬ ‫ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻤﻥ ﻤﺭﺍﺭﺍﺕ ﻜﺭﺴﻬﺎ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺭﻜﻭﺩ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤﺎﻀـﻲ ، ﺃﻭ ﻫـﻭﺍﺠﺱ ﺘـﺩﻓﻌﻬﺎ‬ ‫ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺯﻏﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻕ ﺭﺒﻤﺎ ﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﻌﻴﺸﻬﺎ ﺘﻜﺎﺩ‬ ‫ﺘﺠﺘﻤﻊ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﻭﺘﺜﻭﺭ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﻤﻨﻬﺎ ﺫﺭﻭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺩﻯ ﺍﻟﻘـﻭﻤﻲ‬ ‫ﺘﺩﻓﻊ ﻨﺤﻭ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺎﺕ ﻤﺘﻔﺎﻭﺘﺔ ﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩﻯ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺒﻭﺠﻪ ﺨﺎﺹ .‬ ‫ﻭﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﺍﻨﻤﺎﻁﺎ ﺜﻼﺜﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺘﻁﺭﺡ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻭﺒﻘﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺼﻌﺩﺓ ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ .‬ ‫ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺘﺤﺩﻯ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺭﺯﻩ ﻓﻲ ﺍﻨﻤﺎﻁ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤـل ﺍﻟﻘﺴـﺭﻱ ﻤـﻊ‬ ‫ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺘﺤﺩﻯ ﺍﻟﻨﺎﺠﻡ ﻋﻥ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﻔﺠﻭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺼﻠﺩ ﻟﺘﻭﺍﺯﻥ‬ ‫ﺍﻟﻘﻭﻯ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻫﻴﻤﻥ ﻋﻠﻰ ﺘﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺒـﺎﺭﺩﺓ ، ﻭﺍﻟﻤﻔﻬـﻭﻡ ﺍﻟﺭﺨـﻭ ﻟﺘـﻭﺍﺯﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻅل ﻁﺭﺤﺎ ﻨﻅﺭﻴﺎ ﻭﻗﻴﻤﻴﺎ ﺤﺘﻰ ﺃﻻﻥ .‬ ‫ﻭﺃﻡ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻷﻭل ﻗﺩ ﺃﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﺴﺘﺎﺘﻴﻜﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺠﺴﺩﻩ ﺍﻻﺴـﺘﻘﻁﺎﺏ‬ ‫ﺍﻟﺩﻭﻟﻰ ﻟﻨﺤﻭ ﺜﻼﺜﺔ ﻋﻘﻭﺩ ﺃﻭ ﻴﺯﻴﺩ ﻓﺎﻥ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻭﻤﻌﺎﺩﻻﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻗﺩ ﻋﻤﻠﺕ ﻋﻠﻰ ﺘﻐﻁﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺠﺯ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺘﻭﺍﺯﻥ ﺍﻟﻘﻭﻯ .‬ ‫ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻗﺩ ﺃﻨﻁﻠﻕ ﻓﻲ ﺒﻴﺌﺔ ﻜﻭﻨﻴﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﺩﻴﻨﺎﻤﻴﻜﻴﺔ ﻭﻤـﻥ ﺭﺅﻴـﺔ‬ ‫ﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﻔﺎﺭﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ . ﻓﻠﻡ ﻴﺴﺘﻁﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻼﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻥ ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺒﺎﻟﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ﻏﺫ ﺒﺩﺕ ﻤﻬﻤﺔ ﺼﻌﺒﺔ ، ﺠﻌﻠﻬﺎ ﺍﻟﻔﺎﺭﺱ ﻤﺴﺘﺤﻴﻠﺔ ﺤﺘﻰ ﺒـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﺭﺍﺤﻠﻪ ﺍﻨﻜﺸﺎﻓﺎ ﻟﻴﺱ ﻓﻘﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﺍﻟﺼﻭﻤﺎل ﺒـل‬ ‫ﺭﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﻜﺎﻓﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﻭﺘﻌﺒﻴﺭﺍﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ .‬ ‫ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺃﻴﻀﺎ ﺍﻟﺘﺤﺩﻯ ﺍﻷﺨﻁﺭ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺘﺤﺩﻯ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﺍﻟﻨﺎﺠﻡ ﻋﻥ ﻀـﺭﻭﺭﺍﺕ‬ ‫ﺘﻠﺒﻴﺔ ﻤﺘﻁﻠﺒﺎﺕ ﺍﻻﻨﻌﻁﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ – ﺍﻻﺴـﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﺤـﻭﺭﺓ‬ ‫ﺤﻭل ﻓﻜﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺃﻭﺴﻁﻴﺔ ﺒﺘﺠﻠﻴﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ .‬ ‫ﻭﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻭﺼﻔﻬﺎ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ – ﻭﺒﺄﻯ ﺤﺎل‬ ‫ﻤﻥ ﺍﻷﺤﻭﺍل – ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺼﺭﺍﻉ ﺍﺫ ﺘﺤﻭﻯ ﻓﻲ ﻜﺘﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴـﻴﺔ ﺸـﺘﻰ ﺘﻌﺒﻴـﺭﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﺘﺴﺎﻤﺢ ﻭﻤﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺎﻴﺵ ﺒﺎﻟﻘﺩﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﻭﻟﻨﺎ ﺒﺘﺠﺎﻭﺯ ﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫– ﺍﻻﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ﺒﻜل ﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺘﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﻤﺨﺎﻁﺭ ﻴﺜﻴﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺸـﻬﺩ ﺍﻟـﺭﺍﻫﻥ ﻭﺘﺠـﺩ‬ ‫ﺩﻭﺍﻓﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻥ .‬ ‫ﺃﻭﻻ : ﻭﻫﻭ ﺍﻓﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﻔل ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻓﻀﻼ ﻋﻥ‬ ‫ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺘﻬﺎ ﻭﻨﺠﺎﺤﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺸﺭﻭﻁ ﺘﺘﻤﺤﻭﺭ ﺤﻭل ﺘﺠﺎﻨﺱ ﺭﺅﻴـﺔ ﺃﻁﺭﺍﻓﻬـﺎ ﻟﻠﻌـﺎﻟﻡ‬ ‫ﺒﺤﻘﺎﺌﻘﻪ ﺍﻟﺜﺎﺒﺘﺔ ﻭﺘﻔﺎﻋﻼﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘﺤﻭﻟﺔ . ﺍﺫ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﻤﺭ ﻴﻜﺸﻑ ﻋﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻻﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ‬ ‫– ﺒﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ ﻨﻭﻫﺎ – ﻴﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﺍﺩﺍﺭﻙ ﺍﺴﺎﺴﻲ ﻴﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﻭﻴﺅﻜﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﺼﺎﻋﺩ‬ ‫ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﺒﻤﻴﺭﺍﺜﻪ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭﻱ ﺍﻟﻤﻌـﺭﻭﻑ ﻭﻫﺒـﻭﻁ ﺍﻟﻤﺸـﺭﻭﻉ‬ ‫ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺩﻓﻊ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻘل ﻻﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻭﺘﺼﻭﻴﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ‬ ‫ﺃﺼﺒﺢ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻨﺒﺭﺓ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺒﺩﺕ ﻓﻲ ﺃﻋﻘﺎﺏ ﻫﺯﻴﻤﺔ ﻴﻭﻨﻴﻭ ﻭﺘـﻭﺍﺭﺕ‬ ‫ﻨﻭﻋﺎ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺤﺭﺏ ﺍﻜﺘﻭﺒﺭ ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﻌﻭﺩ ﻤﺠﺩﺩﺍ – ﻓﻴﻤﺎ ﺘﻌﻜﺴـﻪ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴـﺎﺕ ﻗﺒـل‬ ‫ﺍﻟﻁﺭﻭﺤﺎﺕ – ﺃﻋﻘﺎﺏ ﺯﻟﺯﺍل ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻟﺘﻔﺭﺯ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﻜﺜﺎﻓﺔ ﺼﺭﺍﻉ ﺘﺒـﺩﻭ ﻭﺍﻀـﺤﺔ‬ ‫ﻭﺘﺜﻴﺭ ﻫﻭﺍﺠﺱ ﻋﻤﻴﻘﺔ .‬ ‫ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻲ : ﻫﻭ ﻀﻌﻑ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﻨﻅﻡ ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ . ﻓﻀﻼ ﻋﻤﺎ ﺘﻌﻜﺴﻪ‬ ‫ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺘﻭﻯ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﺫ ﺍﻨﻬﺎ ﺘـﺄﺘﻲ ﻤﺤﻤﻠـﺔ ﺒﺸـﺘﻰ‬ ‫ﺭﻭﺍﺴﺏ ﺍﻟﻌﺠﺯ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻜﺎﻤل ﻭﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ، ﻭﺍﻷﻋﺠﺎﺏ ﺒﺎﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﻟﺘﻭﺤﺩ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺹ ﻴﺩﻓﻊ ﺒﺎﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ﻨﺤـﻭ ﺍﻻﺒﺤـﺎﺭ ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻬﻭل ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺃﻭﺴﻁﻰ ﺒﺭﻓﻘﺔ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻴﺔ ﻭﺘﺤﺕ ﺍﻻﻤﺎﻤﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴـﺔ ﻓـﻲ‬ ‫ﻤﻐﺎﻤﺭﺓ ﻟﻥ ﺘﺴﻠﻡ ﻋﻭﺍﻗﺒﻬﺎ ﺍﺫ ﺘﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﺍﺩﺭﺍﻙ ﺒﺎﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺍﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺒﺂﻟﻴـﺎﺕ‬ ‫ﺩﻭﻟﻴﺔ – ﺍﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻗﺩ ﺘﻨﺎل ﻤﻥ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﻟﻭ ﻤﻨﺤﺕ ﺒﻌﺽ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ .‬ ‫ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺍﻴﻀﺎ ﺍﻟﺘﺤﺩﻯ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﺭﻜﻭﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻜﺸﻑ ﻋﻨﻪ ﺨﺒﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﻴﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﻋﺠﺯ ﻫﻴﺎﻜل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻋﻥ ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻁﻤﻭﺤﺎﺘـﻪ ﺍﻷﻤـﺭ‬ ‫ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺴﻠﻡ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻰ ﺃﺯﻤﺎﺘﻪ ﻭﺯﺍﺩ ﻤﻥ ﺘﻔﻌﻴل ﺍﻟﻤـﺅﺜﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴـﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴـﺔ‬ ‫ﻭﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺩﺍ ﻓﻲ ﻨﻅﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﻥ ﻋﻨﻪ ﻤﺸﺭﻭﻋﺎ‬ ‫ﻋﺎﺠﺯﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺤﻘﻕ ﻭﺍﻻﻜﺘﻤﺎل ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺒﺎﻻﺴﺘﻤﺭﺍﺭ .‬
‫ﻭﻻﻴﻤﺎﻨﻨﺎ ﺒﺄﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴـﺔ ،‬ ‫ﻭﺃﻴﻀﺎ ﺒﺩﻭﺭ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻻﺴﺘﺠﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﻭﻀـﻭﻋﻴﺔ ﻟﻠﺘﺤـﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴـﺘﻘﺒﻠﻴﺔ‬ ‫ﻨﻌﻭﺽ ﺒﺎﻴﺠﺎﺯ ﺒﻴﻥ ﺩﻓﺘﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻟﻔﺼﻭل ﺜﻼﺜﺔ ﺘﺘﻨﺎﻭل ﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴـﻲ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺤﻴﺙ ﻨﻌﺭﺽ ﻷﻫﻡ ﺍﻟﻤﻼﻤﺢ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﺒﻎ ﺒﻨﻤﻁﻬﺎ ﻤﻨﺘﺞ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻘل ﻓﻴﻤﺎ‬ ‫ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﻭﺍﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ، ﺜﻡ ﺘﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻭﺍﻗـﻊ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﻌﺩ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻜل ﺒﻤﻜﻭﻨﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﺭﺒﻌﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻻﻁﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ‬ ‫ﻟﻠﻔﻌل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ ، ﺜﻡ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﻫـﻲ‬ ‫ﺃﻴﻀﺎ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﺘﺘﻭﺯﻉ ﻋﻠﻰ ﻤﺤﻭﺭﻴﻥ .. ﺍﻷﻭل ﺠﻐﺭﺍﻓﻲ ﻴﺜﻴـﺭ ﺍﻻﻨﺸـﻐﺎل ﺍﻻﻗﻠﻴﻤـﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺒﻲ ﻭﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﺒﻌﻴﺩﺍ ﻋﻥ ﺍﻻﻨﺸﻐﺎل ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ، ﻭﺍﻵﺨﺭ ﻭﻅﻴﻔـﻲ ﺘﺜﻴـﺭﻩ‬ ‫ﻀﻐﻭﻁ ﺍﻟﺒﻴﺌﺘﻴﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﻴﻬﺩﺩ ﺒﻨﺯﻉ ﺒﻌﺽ ﻭﻅﺎﺌﻑ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ‬ ‫ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ، ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ﺨﺎﺘﻤﺔ ﻻﺴﺘﺸﺭﺍﻕ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻤﺴـﺘﻘﺒل ﻋﺒـﺭ ﺼـﻴﺎﻏﺔ ﻷﺭﺒﻌـﺔ‬ ‫ﺴﻴﻨﺎﺭﻴﻭﻫﺎﺕ ﺘﺘﺭﺍﻭﺡ ﺒﻴﻥ ﺘﻔﺎﺅل ﺘﺜﻴﺭﻩ ﺒﺩﺍﺌل ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﻤﺴـﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻷﻗﺼـﻰ ﻟﻠﻔﻌـل‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺘﺠﺎﻩ ﺘﺤﺩﻴﺎﺘﻪ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ . ﻭﺒﻴﻥ ﺘﺸﺎﺅﻡ ﺘﺜﻴﺭﻩ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻷﺩﻨﻲ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻔﻌـل ،‬ ‫ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻜﻠﻴﻬﻤﺎ ، ﺍﻟﺘﻔﺎﺅل ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻡ ﻴﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﺍﻁﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻁ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺤـﻭل‬ ‫ﺩﻭﻥ ﺍﻨﺒﻌﺎﺙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ، ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻤﻥ ﻋﻤﻕ ﻤﺭﺍﺭﺍﺕ ﻟﺤﻅـﺎﺕ ﺴـﺎﺒﻘﺔ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻫﻭ ﺍﻨﺒﻌﺎﺙ ﻨﺄﻤﻠﻪ ﻭﻨﺩﻋﻭ ﺍﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺭﺠـﻭﻩ ﻤﺤﻘﻘـﺎ ﻟـﺒﻌﺽ‬ ‫ﺍﻟﻔﺎﺌﺩﺓ ﻟﻔﻜﺭﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ .‬ ‫ﻭﺍﷲ ﻤﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻘﺼﺩ‬ ‫ﺼﻼﺡ ﺴﺎﻟﻡ‬
‫ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل‬ ‫ﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ‬ ‫ﻤﻼﻤﺢ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ‬ ‫ﺘﻘﺩﻴﻡ : ﺍﺯﺩﻭﺍﺠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ :‬ ‫ﺒﺩﺃ ﻓﻜﺭﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻊ ﻋﺼﻭﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﻴﻌﻴﺵ ﺤﺎﻟﺔ ﻤـﻥ ﺍﻟﺘـﻭﺘﺭ‬ ‫ﺼﺎﺤﺒﺕ ﺭﺴﻭﺥ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﻠﻤﻰ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺒﻲ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﻴﺔ ﺘﺯﺍﻴﺩﺕ ﺤﺩﺘﻬﺎ ﻋﻘﺏ‬ ‫ﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﺨﻀﻤﻬﺎ ﺤﻴﺙ ﺃﺨﺫ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫ﻴﺘﺭﺩﺩ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﺼﺎﺭ‬ ‫ﻴﺴﻤﻰ ﺒﺎﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻷﺼﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ .‬ ‫ﻭﺭﻏﻡ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﺩﺍﺌﺏ ﻋﻥ ﺍﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻴﻥ ﺍﻻ ﺃﻥ ﺫﻟﻙ ﺒﺩﺍ ﻤﻊ‬ ‫ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺤﺩﻴﺜﺎ ﻁﻭﺒﺎﻭﻴﺎ ﻟﻡ ﺘﻌﻜﺴﻪ ﺍﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ – ﺒﺸﻜل ﻭﺍﻀـﺢ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻷﻗل ﺤﻴﺙ ﻭﻗﻑ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺎﻓﺔ ﻤﻥ ﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻪ ﺍﻷﺼـﻠﻴﺔ ﻴﺤﺎﻭﺭﻫـﺎ ﻭﻻ‬ ‫ﻴﺘﻀﻤﻨﻬﺎ ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻭﻗﻑ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺎﻓﺔ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻪ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ﻴﻐﺎﺯﻟﻬـﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻥ‬ ‫ﻴﺘﺒﻨﺎﻫﺎ . ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺒﺩﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻬﻀﻡ ﻭﺍﻟﺠﻤﻊ ﻭﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﻭﺍﻻﺤﺘﻭﺍﺀ ﻋﺴـﻴﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﺎﻗﺕ ﺘﻜﺎﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﺨـﻼﻕ . ﻭﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻌﺘـﺭﻑ ﺍﻟـﻭﻋﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻻﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﻓﻘﺩ ﻋﺎﺸﻬﺎ ﻭﺍﻗﻌﺎ ﻤﺴﺘﻤﺭﺍ ﻴﺅﻜﺩ ﻜﻭﻨﻪ ﻭﻋﻴﺎ ﺴﻠﻔﻴﺎ ﻫﺭﻤـﺎ ،‬ ‫ﻭﻭﻋﻴﺎ ﺤﺩﺍﺜﻴﺎ ﺘﺎﺒﻌﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻓﻌﺕ ﻜﺎﺘﺒﺎ ﻤﺼﺭﻴﺎ ﻤﻌﺎﺼﺭﺍ ﻟﻠﻘﻭل ﺒﺄﻨﻨﺎ ﻨﻌﻴﺵ‬ ‫ﻓﻲ ﻅل ﺜﻘﺎﻓﺘﻴﻥ . ﻭﻟﻘﺩ ﺘﺭﺩﺩ ﺼﺩﻯ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺒﻌﻤﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫ﺤﻴﺙ ﻭﻗﻊ ﺍﺸﺘﺒﺎﻙ ﺒﻴﻥ ﺃﻨﺼﺎﺭ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻴﻥ ﻓﻲ ﻭﻋﻴﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻨﺫ ﻗﺭﻥ ﻭﻨﻴﻑ ﺤـﻭل‬ ‫ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺫﻱ ﻁﺎﺒﻊ ﺤﻀﺎﺭﻱ ﻜﺎﻟﻨﻬﻀﺔ ﻭﺍﻟﻬﻭﻴﺔ . ﻭﺒﻌﻀـﻬﺎ ﺃﺨـﺫ ﺍﻟﺼـﺒﻐﺔ‬ ‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻭﺍﻀﺤﺔ ﻜﺎﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻀـﺎﻴﺎ ﺍﻟﺘـﻲ‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺍﺨﺘﺯﺍل ﺍﻟﺠﺩل ﺤﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﺜﻨﺎﺌﻴﺎﺕ ﻤﺘﻘﺎﺒﻠﺔ ﺘﻌﻜﺱ ﻓﻲ ﻜل ﺘﻜﺭﺍﺭﺍﺘﻬـﺎ ﺇﺤـﺩﻯ‬ ‫ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻑ ﻤﺎ ﻤﻥ ﻤﺤﻭﺭ ﻓﻠﺴﻔﻰ ﻤﺸـﺘﺭﻙ ﺒﻴﻨﻤـﺎ ﺘﻌﻜـﺱ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﻑ ﺍﻵﺨﺭ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﺃﻭ ﻏﻴﺭ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ .‬
‫ﻭﻟﻘﺩ ﻤﺜﻠﺕ ﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴﻼﻡ ﺍﺤﺩﻯ ﺃﺒﺭﺯ ﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ‬ ‫ﻁﻴﻠﺔ ﺍﻟﻨﺼﻑ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘل ﺒﻁﻭل ﻭﻋﺭﺽ ﺍﻟﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ ﻭﺤﺘـﻰ‬ ‫ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺸﻬﺩﺕ – ﺒﻔﻌل ﺘﻁﻭﺭﺍﺕ ﻤﻌﻘﺩﺓ – ﻨﻭﻋﺎ ﻤـﻥ ﺍﻻﻟﺘﻘـﺎﺀ‬ ‫ﺍﻟﺠﺯﺌﻲ ﺍﻟﻭﺍﻀﺢ ﻭﺍﻟﻐﻴﺭ ﻤﻨﻅﻡ ﺘﺩﺭﻴﺠﻴﺎ ﺒـﻴﻥ ﺍﻟﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻴـﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴـﺔ ﻤـﻥ ﺠﺎﻨـﺏ‬ ‫ﻭﺍﻟﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺁﺨﺭ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻤﺎ ﺒﺩﺍ ﻭﻜﺄﻨﻪ ﺍﻟﺘﻘﺎﺀ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﺘﻘﺎﺭﺏ ﺒﻴﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻴﻥ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺘﻴﻥ ﻟﻠﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ . ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻨﻤـﺎ‬ ‫ﻫﻭ ﺘﺠﺴﻴﺩ ﻟﻠﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﻴﺔ ﻋﻠـﻰ ﺍﺨـﺘﻼﻑ ﺼـﻴﻐﻬﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴـﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴـﺔ ، ﺃﻭ‬ ‫ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ، ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﺍﻷﺭﺒﻊ ﺍﻟﻤﻨﻘﻀﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﺸﻬﺩﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﻗﺩ ﺃﻓﺭﺯﺕ ﻤﻭﺍﻗﻑ ﻭﺭﺅﻯ ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ ﻨﻭﻋﺎ ﻤـﻥ ﺭﺅﻯ ﺘﻠـﻙ‬ ‫ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﻭﻤﺅﻜﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﺭﻭﺍﻓﺩ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﻭﺍﻻﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﺍﻟﻰ ﺤﺩ ﺒﻌﻴﺩ . ﺤﻴـﺙ‬ ‫ﺒﺩﺍ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺒﻤﺭﻭﺭ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻤﺤﺩﻭﺩﺍ ﺒﺎﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻤﻌﺘﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻨﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻭﺍﻻﺴﻼﻤﻲ‬ ‫ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻤﻠﻤﺢ ﺍﻟﺫﻱ ﺼﺎﺭ ﻭﺍﻀﺤﺎ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻁﺭﻓﻴﻥ . ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻀﻭﺡ‬ ‫ﻫﻭ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻓﺭﺯﺘﻪ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺘﻀﺎﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻵﺨـﺭ ﺍﺫﺍ ﻤـﺎ‬ ‫ﺃﺩﺭﻜﻨﺎ ﺃﻥ ﻗﺒﻭﻻ ﻓﻜﺭﻴﺎ ﻜﺎﻤﻨﺎ ﺃﻭ ﺼﺎﻤﺘﺎ ﻗﺩ ﺘﻭﻓﺭ ﻟﻬﻤﺎ ﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺃﻋﻨﻑ ﻤﺭﺍﺤل ﺼﺭﺍﻉ‬ ‫ﺘﻴﺎﺭﻴﻬﻤﺎ .‬ ‫ﻭﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﺘﺩﻟﺔ ﺍﻟﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻴﺔ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻤﻌﺴﻜﺭﻴﻥ ﻓﺴـﺭﻋﺎﻥ ﻤـﺎ‬ ‫ﺘﻭﺍﺭﻯ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﻤﻊ ﺘﺼﺎﻋﺩ ﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻻﺤﺘﺠﺎﺝ ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ﺩﺍﺨل ﺒﻠـﺩﺍﻥ ﻋﺭﺒﻴـﺔ‬ ‫ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺭﺍﺴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎل ﺍﻷﻓﺭﻴﻘﻲ ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺘﻴﺎﺭ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﻥ . ﻭﻫﻭ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺎﺕ ﻴﻬﺩﺩ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﻤﻤﺎ ﺩﻓـﻊ ﺠـل‬ ‫ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﺩ ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ﻭﻤﻥ ﺒﻴﻨﻬـﺎ ﺍﻟﺘﻴـﺎﺭ ﺍﻟﻘـﻭﻤﻲ‬ ‫ﺍﻟﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻰ ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﺩل . ﻭﻤﻊ ﺍﺨﺘﺯﺍل ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻻﺴﻼﻤﻰ ﺍﻻﻋﺘﺩﺍﻟﻰ ﺍﻟـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻬﺎﻤﺵ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﻤﻊ ﺍﻨﻔﻼﺕ ﺍﻷﺠﻨﺤﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﺩﺍﺨـل ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﻋﻥ ﻗﺎﺩﺘﻬﺎ ﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﺩﻟﻴﻥ ﺃﻤﺭﺍ ﻏﻴﺭ‬ ‫ﺫﻯ ﺠﺩﻭﻯ ﻓﻲ ﻅل ﻭﺍﻗﻊ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﻓﻴﻥ . ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺘﻴﺎﺭ ﺍﺴـﻼﻤﻲ ﻤﺘﺼـﺎﻋﺩ‬ ‫ﻴﻤﺘﻠﻙ ﺒﻌﺽ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻭﻤﻭﺍﺭﺩ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻴﺭﻏﺏ ﻓﻲ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺫﺍﺘﻴﺘﻪ ﻭﻴﺴـﻌﻰ ﺍﻟـﻰ ﻓـﺭﺽ‬
‫ﻤﺸﺭﻭﻋﻪ ﻭﺘﻴﺎﺭ ﻗﻭﻤﻰ ﺃﺨﺫ ﻴﻨﺴﺤﺏ ﻓﻜﺭﻴﺎ ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻓﻲ ﻅل ﻅﺭﻭﻑ ﻤﻌﻘـﺩﺓ ﺩﻭﻟﻴـﺎ‬ ‫ﻭﺩﺍﺨﻠﻴﺎ ﺤﺘﻰ ﺼﺎﺭ ﻴﺤﺘل ﻤﻭﻗﻌﺎ ﻤﺠﺎﻭﺭﺍ ﺃﻭ ﻤﺸﺎﺒﻬﺎ ﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺤﻜـﻡ ﻓـﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﺼﺎﻋﺩ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻟﻌﻨﻴﻑ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺨﺼﻭﺹ .‬ ‫ﻭﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻜﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﺠﺩل ﻓﻜﺭﻯ ﻓﺎﻥ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﻭﻴﺔ ﻗﺩ‬ ‫ﻋﻜﺴﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺠﺩل ﺒﻴﻥ ﺍﺼﺎﻟﺔ ﺍﺴﻼﻤﻴﺔ ، ﻭﺤﺩﺍﺜﺔ ﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ﻭﻴﻠﻴﻬـﺎ ﺍﻟﺠـﺩل ﺤـﻭل‬ ‫ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﻏﺭﺒﻲ ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﺴﻼﻤﻲ ، ﺜﻡ‬ ‫ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ، ﻭﺍﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ، ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻜﺜﻴﺭ ﺒﻤـﺎ‬ ‫ﻴﺭﻜﺩ ﺍﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﺯﺩﻭﺍﺝ ﻭﺘﻨﺎﺯﻉ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﻟﻠﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼـﺭ ﺒـﻴﻥ ﺘﻴـﺎﺭﻴﻥ‬ ‫ﺃﺴﺎﺴﻴﻴﻥ .‬ ‫ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺘﻴﺎﺭ ﻴﺼﻑ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﺎﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﻴﺘﺒﻨﻰ ﻤﺸﺭﻭﻋﺎ ﻟﻠﻨﻬﻀـﺔ ﻴـﺩﻋﻰ ﺃﻨـﻪ‬ ‫ﺍﻷﻓﻀل ﺩﻭﻥ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺘﺎﻡ ﻟﻤﻼﻤﺤﻪ .‬ ‫ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻵﺨﺭ ﺘﻴﺎﺭ ﻋﺎﻡ ﻴﻀﻡ ﻗﻭﻯ ﻏﻴﺭ ﻤﺘﺠﺎﻨﺴﺔ ﻴﺘﺤﺩ ﻓﻘﻁ ﻓﻲ‬ ‫ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻭﻴﺼﻔﻪ ﺒﺎﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴـﺔ ، ﻭﻤﺅﻜـﺩﺍ ﻋﻠـﻰ ﺤﺩﺍﺜـﺔ‬ ‫ﻤﺸﺭﻭﻋﺎﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ ﻭﻴﻘﻊ ﻓﻲ ﻗﻠﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﻴﻤﻴﻨﻬﺎ ﻭﻴﺴـﺎﺭﻫﺎ‬ ‫ﺘﺄﺘﻲ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻷﺨﺭﻱ .‬ ‫ﻭﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺃﻋﻤﻕ ﻤﻤﺎ ﺘﺒﺩﻭ ﺍﺫ ﻻ ﻴﻘﻑ ﺍﻻﻨﻘﺴـﺎﻡ ﻋﻨـﺩ ﻨﻤﻁـﻪ‬ ‫ﺍﻟﺭﺃﺴﻲ ﻓﻘﻁ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ، ﺒل ﻴﺘﺠﺎﻭﺯﻩ ﺍﻟﻰ ﺃﻨﻘﺴﺎﻡ ﺁﺨﺭ ﺃﻜﺜـﺭ‬ ‫ﺨﻁﻭﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻷﻓﻘﻰ ﺒﻴﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺘﻌﻴﺵ ﺍﺴﺘﻘﻁﺎﺒﺎ‬ ‫ﺒﻴﻥ :‬ ‫ﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﺒﻨﻴﻭﻴﺔ ﺘﻌﻜﺴـﻬﺎ ﺍﻟﻬﻴﺎﻜـل ﺍﻻﻗﺘﺼـﺎﺩﻴﺔ ﺍﻷﺤﺎﺩﻴـﺔ ،‬ ‫ﺃ-‬ ‫ﻭﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻬﺸﺔ ﻭﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﻭﺴﻁﻰ ﺍﻟﻤﻬﻤﺸﺔ ، ﻤﻊ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‬ ‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻠﻰ ﻤﻥ ﻋﻭﺍﻤل ﺍﻻﻨﺸﻁﺎﺭ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻟﺘﺴﺎﻤﺢ ﻤـﻊ ﺴـﻴﺎﺩﺓ‬ ‫ﺭﻭﺡ ﺍﻻﻟﺘﺤﺎﻕ ﺒﺎﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﻭﻏﻴﺭﻫﻡ ﻓـﻲ ﻀـﻭﺀ‬ ‫ﻀﻌﻑ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﻭﺠﻪ ﻋﺎﻡ .‬ ‫ﺤﺩﺍﺜﺔ ﻤﻅﻬﺭﻴﺔ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﺒﺎﻟﺘﻘﻠﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﺼﻌﺩﺓ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻭﻗﻴﺔ‬ ‫ﺏ-‬ ‫ﻟﻠﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻥ ﻭﺍﻻﻋﻼﻡ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﺅﺴﺴـﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴـﻴﺔ .‬
‫ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻁﺎﺒﻌﻬﺎ ﺍﻟﻔﻭﻗﻲ ﺘﺄﺘﻲ ﻤﻨﺯﻭﻋﺔ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﻭﻤﺴﻠﻭﺒﺔ ﺍﻟﻔﻌل ﻤﻭﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﻨﺤﻰ‬ ‫ﻷﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﻨﺘﺎﺝ ﻋﻘل ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﺒل ﻨﺘﺎﺝ ﺍﺭﺍﺩﺓ ﻓﻭﻗﻴﺔ ﺘﺩﻋﻴﻬﺎ ﺘﺸﺒﺴﺎ ﺒﻤﻭﻗﻌﻬـﺎ‬ ‫ﻭﻨﻔﺎﻗﺎ ﻟﻠﻌﺼﺭ .‬ ‫ﻭﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﺍﻟﺒﻨﻭﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻟﻔﻭﻗﻴﺔ ﺘﻌـﻴﺵ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻨـﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻨﻘﺴﺎﻤﺎﺘﻬﺎ ، ﻭﺘﻨﺎﺯﻉ ﻓﻜﺭﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻪ . ﻭﺘﺄﺘﻲ ﺘﺠﻠﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻨﻌﻜﺎﺴﺎ ﺃﻤﻴﻨﺎ‬ ‫ﻟﻌﺠﺯﻩ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﺘﺴﺎﻗﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻨﺭﺼﺩﻩ ﺒﺎﻴﺠﺎﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ .‬ ‫ﺃﻭﻻ : ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻨﺔ ﻭﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ :‬ ‫ﻭﻫﻭ ﺃﺤﺩ ﺃﺒﺭﺯ ﻤﻼﻤﺢ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺍﺭﺠﺎﻋﻪ ﺍﻟﻰ ﻋﻭﺍﻤـل‬ ‫ﺜﻼﺜﺔ ﺘﻔﺎﻋﻠﺕ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ﻟﺘﻔﺭﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﻜﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ‬ ‫ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ . ﻨﺫﻜﺭﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻠﻲ :-‬ ‫ﻋﺎﻤل ﺍﻴﻜﻭﻟـﻭﺠﻲ : ﻴﺘﻌﻠـﻕ ﺒﺎﻟﻁﺒﻴﻌـﺔ ﺍﻟﺼـﺤﺭﺍﻭﻴﺔ‬ ‫)١(‬ ‫ﻟﻼﻤﺘﺩﺍﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﺴﺎﻋﻪ ﻭﻤﺎ ﺘﻭﺤﻰ ﺒﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﻨﺴـﺎﺒﺔ ﺒـﻼ‬ ‫ﻗﻴﻭﺩ ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺒﻼ ﻋﻭﺍﺌﻕ ﻤﻥ ﺍﺤﺴﺎﺱ ﺒﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺍﻟﻜل ﻭﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴـﺏ‬ ‫ﻤﻤﺎ ﻴﺠﺏ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺍﻟﻰﺍﻟﺘﺠﺯﻱﺀ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﺤﻴﺙ ﻻ ﺘﻌﻘﻴﺩ ﻭﺍﻨﻤـﺎ ﺒﺴـﺎﻁﻪ‬ ‫ﻓﻁﺭﻴﺔ .‬ ‫ﻋﺎﻤل ﻓﻠﺴﻔﻰ : ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﻤﺸﺎﻜﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺎﺭ ﺍﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘـل‬ ‫)٢(‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﺘﺒﺎﻋﺎ ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﻭﻋﻰ ﻤﻨﻪ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺨﻠـﻁ ﺒـﻴﻥ ﻭﺍﺤﺩﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺴﺒﺏ ﺃﻯ ﺘﻭﺤﻴﺩ ﺍﷲ ﻋﺯ ﻭﺠل ﻭﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻫـﻲ ﻤﺘﻌـﺩﺩﺓ‬ ‫ﺒﻁﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ، ﻜﻤﺎ ﻗﻀﺕ ﺴﻨﺔ ﺍﻟﻜﻭﻥ ﻭﻓﻁﺭﺓ ﺍﻟﺨﻠﻕ . ﻭﻟﻘـﺩ ﺍﺘﺴـﻌﺕ ﻫـﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻭﺘﺩﻋﻤﺕ ﺒﻔﻌل ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﻭﻴﺔ . ﻭﺍﻟﺘﻲ‬ ‫ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻫﻡ ﺩﻭﺍﻓﻊ ﺍﺠﺘﻴﺎﺡ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻭﺘﻤﻜﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ‬ ‫ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻥ ﻤﺜﻼ ﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﺍﻷﺩﻴﺎﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻴﺔ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﻜﺎﻥ ﻤﻬﺒﻁﻬﺎ‬ ‫ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺒﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ .‬ ‫ﻋﺎﻤل ﻨﻔﺴﻰ ﻭﺸﺨﺼﻰ : ﻴﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﻴﺔ ﺍﻟﺘﻁﻠـﻊ‬ ‫)٣(‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﻠﺩﻭﺭ ﺍﻟﻔﺭﺩﻯ ﺍﻟﺴﺎﻤﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻌﺒﻪ ﺍﻟﺭﺴﻭل ﺍﻟﻜـﺭﻴﻡ ﻓـﻲ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ‬
‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻜﻤﺅﺴﺱ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻤﻨﺎﻁ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ، ﻭﻓـﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗـﺕ‬ ‫ﻜﻤﺅﺴﺱ ﻟﻠﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺜﻠﺕ ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ، ﻭﺠﻭﻫﺭ ﻋﻘﻴﺩﺘﻬﺎ .‬ ‫ﻭﺍﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺭﺴﻭل ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴﻠﻡ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﺤﻰ ﺍﻟﻴﻪ ﻭﻻ ﻴﻨﻁﻕ ﻋـﻥ‬ ‫ﺍﻟﻬﻭﻯ . ﻭﺍﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺨﻠﻔﺎﺅﻩ ﺍﻟﺭﺍﺸﺩﻭﻥ ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻡ ﻗﺩ ﺃﻤﻨﻭﺍ ﻟﻠﺭﻋﻴﺔ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻌـﺩل‬ ‫ﻭﺍﻟﺭﺸﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻜﺄﺴﺎﻨﻴﺩ ﺸﺭﻋﻴﺔ ﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺩﻭﺭ . ﻓﻀﻼ ﻋـﻥ ﺨﻀـﻭﻋﻬﻡ‬ ‫ﻟﻠﺸﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺘﺄﺴﻴﺴﻪ ﻜﻤﺎ ﺒﺩﺍ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻤﻼﺒﺴﺎﺕ ﺘﻭﻟﻴﻪ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺜﻡ ﺨﻁﺒﻬﻡ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺒﻴﻌـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﺎﻥ ﺍﻓﺘﻘﺎﺩ ﻤﻥ ﺨﻠﻔﻭﻫﻡ ﻷﻫﻠﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺘﺄﺴﻴﺴﺎ ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ، ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﻏﻴﺎﺏ‬ ‫ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻗﺎﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻥ ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴـﺌﻭﻟﻴﺔ‬ ‫ﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﺎﻤل ﻜﺎﻥ ﻤﺩﻋﺎﺓ ﻟﻜل ﺍﻟﺭﺍﻏﺒﻴﻥ ﻓﻲ ﻓﺭﺽ ﻓﺭﺩﻴﺘﻬﻡ ﻋﻠـﻰ ﻜﻴـﺎﻥ ﺍﻷﻤـﺔ‬ ‫ﺒﺩﻋﻭﻯ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺘﺄﺴﻴﺱ ﺍﻹﻤﺎﻤﺔ ﻭﻓﻲ ﻅل ﺼﻤﺕ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺨﺎﻀﻊ ﺒﻁﻥ ﻓـﻲ ﺍﻟﻌﻘـل‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﺤﺘﻰ ﻭﺠﺩ ﺘﻨﻅﻴﺭﺍ ﺘﺒﺭﻴﺭﺍ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻤﻘﻭﻟﺔ ﺍﻻﻤﺎﻡ ﺒﻥ ﺘﻴﻤﻴﺔ " ﺴﺘﻭﻥ ﻋﺎﻤﺎ ﻤـﻥ‬ ‫ﺴﻠﻁﺎﻥ ﺠﺎﺌﺭ ﺨﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﻟﻴﻠﺔ ﺒﻼ ﺴﻠﻁﺎﻥ " ﻭﻗﺩ ﺃﺭﺥ ﻟﻬـﺫﺍ ﺍﻟﺘﺤـﻭل ﻓـﻲ ﺍﻟﺘـﺎﺭﻴﺦ‬ ‫ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻤﻌﺎﻭﻴﺔ ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺤﻴﺙ ﺒﺩﺃ ﻤﻊ ﺤﻜﻤﻪ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺘﺴـﻤﻴﺘﻪ ﺒﻌﺼـﻭﺭ‬ ‫ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺴﻼﻡ . ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺩﺩﺕ ﺃﻨﻤﺎﻁﻬﺎ ﻓﻲ ﻅل ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﻓﺭﺩﻴﺘﻬﺎ ﻭﺸﺨﺼﻴﺘﻬﺎ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻜﻤﺕ ﺘﺎﺭﻴﺨﻨﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ .‬ ‫ﻓﻔﻲ ﺃﻭل ﺨﻁﺒﺔ ﻟﻪ ﺒﺎﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ﻗﺎل ﻤﻌﺎﻭﻴﺔ ﺭﻀﻰ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺨﺎﻟﻌﺎ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﺘﺒﺎﻉ‬ ‫ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺭﺍﺸﺩﻴﻥ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺼﻌﺩ ﺍﻟﻤﻨﺒﺭ ﻭﺫﻜﺭ ﺍﷲ ﻭﺃﺜﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ " ﻭﺍﷲ ﻤﺎ ﻭﻟﻴﺘﻬﺎ ﺒﻤﺤﺒﺔ‬ ‫ﻋﻠﻤﺘﻬﺎ ﻤﻨﻜﻡ ﻭﻻ ﻤﺴﺭﺓ ﺒﻭﻻﻴﺘﻰ . ﻭﻟﻜﻨﻰ ﺠﺎﻟﺩﺘﻜﻡ ﺒﺴﻴﻔﻰ ﻫﺫﺍ ﻤﺠﺎﻟﺩﺓ ، ﻭﻟﻘﺩ ﺭﻀﻴﺕ‬ ‫ﻟﻜﻡ ﻨﻔﺴﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﻤل ﺍﺒﻥ ﺍﺒﻲ ﻗﺤﺎﻓﺔ ﻭﺃﺭﺩﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻤل ﻋﻤﺭ ﻓﻨﻔﺭﺕ . ﻭﺃﺭﺩﺘﻬﺎ ﻤﺜل‬ ‫ﺜﻨﻴﺎﺕ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻓﺄﺒﺕ ﻋﻠﻰ ﻓﺴﻠﻜﺕ ﺒﻬﺎ ﻁﺭﻴﻘﺎ ﻟﻰ ﻭﻟﻜﻡ ﻓﻴﻪ ﻤﻨﻔﻌﺔ "‬ ‫ﻭﻨﻅﺭﺓ ﻤﺩﻗﻘﺔ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﺨﺎﻤﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﻭﻜﻤﺎ‬ ‫ﻫﻭ ﻤﺫﻜﻭﺭ ﺒﺎﻟﻌﻘﺩ ﺍﻟﻔﺭﻴﺩ ﻨﺠﺩ ﺍﻓﺘﻘﺎﺩﻩ ﺍﻟﻭﺍﻀﺢ ﻟﺸـﺭﻋﻴﺘﻰ ﺍﻟﺘﺄﺴـﻴﺱ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴـﺔ .‬ ‫ﻓﺸﺭﻋﻴﺔ ﺘﺄﺴﻴﺴﻪ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﻴﻔﻪ ، ﻭﺃﻤﺎ ﺸﺭﻋﻴﺔ ﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻪ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﻤﻨﻔﻌﺔ ﻋﻠـﻰ ﻋﻤﻭﻤﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻠﻔﻅ ، ﻭﺫﺍﺘﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﻨﺴﺒﻴﺔ ﺍﻻﺩﺭﺍﻙ ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻫﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺌﻭﻟﻴﺔ .‬ ‫ﻭﺍﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﻗﺩ ﺃﻨﺘﺠﺕ ﻤﺠﺘﻤﻌﺔ ﻓﻜﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﺴﻠﻁ‬ ‫ﻓﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻤل ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻗﺩ ﺃﻨﺘﺞ ﻤﺭﻀﺎ ﺁﺨﺭ ﺨﻁﻴﺭﺍ ﻭﻫﻭ ﺸﺨﺼـﻨﺔ ﺍﻟﻘـﻴﻡ ﻭﺍﻟﻤﻌـﺎﻴﻴﺭ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻭﻜﻴﺔ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺘﺠﺴﻴﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﺸﺨﺎﺹ ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﺤﺎﻟﺘﻬـﺎ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﺭﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﺘﻔﻲ ﺒﻬﺎ ﺍﻨﻤﺎﻁﺎ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺨﺎﺼﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ .‬ ‫ﻭﺠﻭﻫﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺃﻨﻪ ﻗﺩ ﺭﺴﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘل ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺜل ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺩ ﺸﺨﺹ ﻭﺠﺩ‬ ‫ﺒﺎﻟﻔﻌل ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺘﻤﺜﻠﻪ ، ﻓﺎﺫﺍ ﻤﺎ ﻓﺸل ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺤﻀﺎﺭ ﺴﻤﺎﺘﻪ‬ ‫ﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﺘﺩﻨﻴﺎ ﻤﺭﻓﻭﻀﺎ ﺩﻋﺎﻫﻡ ﺍﻟﻰ ﺘﻤﺜل ﺼﻭﺭﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭ ﻭﺍﻨﻜﺎﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻔـﺎﺀ‬ ‫ﺒﻤﺎ ﻴﺅﺩﻯ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺸﻴﺯﻭﻓﺭﻴﻨﻴﺎ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻔﻲ ﻤﻘﺎﺒل ﻤﺎ ﺘﺅﺩﻯ ﺒﻪ ﺘﺠﺭﻴﺩﻴﺔ ﺍﻟﻘﻴﻡ‬ ‫ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻋﺩﻡ ﻓﺭﻀﻬﺎ ﺠﺴﺩﺍ ﺍﻨﺴﺎﻨﻴﺎ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺅﺸـﺭﺍﺕ‬ ‫ﻟﻠﻁﻴﺏ ﻭﺍﻟﺨﺒﻴﺙ ﻭﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﻀﺎﺭ ﺘﺎﺭﻜﺔ ﻟﻠﻔﺭﺩ ﻴﺼﻴﺏ ﻤﻨﻬﺎ ﻗﺩﺭ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺘﻪ ﺍﻟﻜﺎﻤﻨﺔ‬ ‫ﻓﻲ ﺘﻜﻭﻴﻨﻪ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﺜﻡ ﻤﺤﺎﺴﺒﺘﻪ ﺩﻭﻥ ﺨﺸﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﺴﺒﻕ ﺒﺎﻟﺘـﺩﻨﻰ – ﻤـﻥ ﺸـﺠﺎﻋﺔ‬ ‫ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﻓﺭﺩﻴﺔ ﺜﻡ ﻤﺼﺎﺭﺤﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻋﺎﻤﺔ . ﺃﺩﺕ ﺸﺨﺼﻨﺔ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺘﺒﺎﺱ‬ ‫ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﺴﺎﺩﺕ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﺘﺤﺕ ﺩﻋﺎﻭﻯ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﺴﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﺒـﺩﺍﻓﻊ‬ ‫ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺴﺎﻤﻲ . ﻭﻜﺭﺴﺕ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺤﺘﻰ ﺼﺎﺭ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ‬ ‫ﺃﻜﺜﺭ ﻗﺒﻭﻻ ﻟﻬﺎ . ﺒل ﻭﺤﻤﺎﺴﺎ ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﺩﻋﻭﺓ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩﻩ ﺒﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﻀﻰ ﻭﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﻰ ﺍﻟﻰ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩ ﺍﻟﻌﺎﺩل .‬ ‫ﺜﺎﻨﻴﺎ : ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﺍﻟﺫﺭﺍﺌﻌﻴﺔ :‬ ‫ﻭﺘﻌﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻤﺔ ﺍﻤﺘﺩﺍﺩﺍ ﻟﻠﻤﺴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺍﻨﻌﻜﺎﺴﺎ ﻟﻔﻘﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺒل ﺭﺒﻤﺎ‬ ‫ﻏﻴﺎﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ . ﻓﺎﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﺘﺸﺒﻪ ﻤﺼﺒﺎ ﻟﻪ ﻤﻨﺒﻌﺎﻥ . ﺍﻟﻤﻨﺒﻊ‬ ‫ﺍﻷﻭل ﻫﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺜل ﺍﻟﻤﻜﻭﻥ ﺍﻟﻘﻴﻤﻰ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻯ . ﻭﺍﻟﻤﻨﺒﻊ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺜل ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺠﺴﺩ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻥ ﺍﻻﻨﺘﺎﺠﻲ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ ﻓـﻲ ﻜـل‬ ‫ﻋﺼﺭ ﻭﻤﺩﻯ ﻨﺼﻴﺒﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻗﻰ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ . ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺘﻌﻤل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴـﺔ‬ ‫ﻜﺭﺍﻗﺩ ﻴﺼل ﺍﻟﻤﻨﺒﻌﻴﻥ ﻤﻌﺎ ﺒﻤﺎ ﻴﺭﻓﺭ ﻟﻬﻤﺎ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋل ﺍﻟﺨﻼﻕ ﻗﺒل ﺃﻡ ﻴﺼﺒﺎ ﻤﻌﺎ ﻓﻲ ﻤﻌﻴﻥ‬ ‫ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ .‬ ‫ﻭﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺎﻥ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻋﻥ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻡ ﻴﺤﺩﺙ ﻓﺠﺄﺓ ﺒل‬ ‫ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﻨﻅﺭﻨﺎ ﻴﻌﻭﺩ ﺍﻟﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﻗﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻭﺍﻟـﺫﻯ ﺍﻨﺘﻘـل‬ ‫ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻤﻥ ﻤﺠﺭﺩ ﻜﻭﻨﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺘﻭﻟﻴﺩ ﻤﻨﻁﻘﻲ ﻤﺘﻤﺤﻭﺭﺓ ﺃﺴﺎﺴﺎ ﺤﻭل ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻰ ﻋﻤﻠﻴـﺔ‬ ‫ﺃﺨﺭﻯ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﺃﺒﺩﻟﺕ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺒﺎﻟﻠﻐﺔ ﻭﺘﺠﺎﻭﺯﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺯﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﻓﻠﺴﻔﺔ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺃﺒﺩﻋﺕ ﻋﺒﺭ ﻗﺭﻭﻥ ﺍﻟﺘﻭل ﻭﻤﻊ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﻠﻤـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺏ ﻭﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺜﻡ ﺒﺎﻗﻲ ﻗﻴﻡ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ .‬ ‫ﺍﺫﻥ ﻭﺒﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺩﻕ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺘﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﻋﺩﻡ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ‬ ‫ﻟﻠﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ، ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺒﻲ ﺒﺫﺍﺕ ﻗﺩﺭ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺘﻪ ﻟﻠﻔﻜـﺭ ﺍﻟﻔﻠﺴـﻔﻲ ﻭﺍﻟﻤﻨﻁـﻕ‬ ‫ﺍﻷﺭﺴﻁﻰ ﻭﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﻠﻐﻭﻯ ﻭﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻲ ﺤﻴﺙ ﺒﺩﺕ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺃﻗـﺭﺏ‬ ‫ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻷﺭﺴﻁﻰ ﻭﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﻠﻐﻭﻯ ﻭﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻲ ﺤﻴﺙ ﺒﺩﺕ ﺁﻟﻴـﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴـﺭ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺃﻗﺭﺏ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻻﺴﺘﻨﺒﺎﻁﻰ ﻭﺃﺒﻌﺩ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺌﻲ ﺍﻟـﺫﻱ ﺼـﺎﺭ‬ ‫ﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻭﺭﻭﺡ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ . ﻓﻬل ﻴﺭﺠﻊ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻰ ﺠﻭﻫﺭ‬ ‫ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﻟﻠﺨﺎﻟﻕ ﺒﻤـﺎ‬ ‫ﻴﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻤﻭل ؟ ﻭﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻤﻠﺔ ﻭﺍﻟﻤﻁﻠﻘـﺔ‬ ‫ﻟﻠﺨﺎﻟﻕ ﻗﺩ ﺃﻋﺎﻗﺕ ﺘﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﺠﺯﺌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺴـﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘـﻲ ﻴﻘـﻭﻡ ﻋﻠﻴﻬـﺎ‬ ‫ﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﻠﻤــﻲ ؟.‬ ‫ﺍﻨﻨﺎ ﻻ ﻨﺠﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻘﺭﺁﻨﻴﺔ ﻤﺎ ﻴﺤﻭل ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺘﺩﺒﺭ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ‬ ‫ﻭﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺘﻔﺴﻴﺭﻫﺎ ﺒﺩﻭﻥ ﺨﻠل ﻓﻲ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻻﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻐﻴﺒﻲ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ‬ ‫ﻓﺎﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺘﺸﻴﺭ ﺍﻟﻰ ﺍﻓﺘﺭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﻠﻤﻰ ﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺌﻲ‬ ‫ﻓﺎﻥ ﻋﻠﺔ ﺫﻟﻙ ﺘﻌﻭﺩ ﺭﺒﻤﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﻜﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺎﺭ ﺍﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻭﺩﻋﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺨﻁـﺎ ﺒـﻴﻥ‬ ‫ﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺒﺏ ﻭﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺍﻻﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺒﻁﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ . ﻓﺎﷲ ﻭﺤﺩﻩ ﻤﻁﻠـﻕ ،‬ ‫ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻜﻭﻥ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻌﻘﺩ ﻭﻤﺭﻜﺏ ، ﻭﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺤﻀﻨﺎ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻋﻠﻰ ﺘﻭﺤﻴﺩ ﺍﷲ ﻓﺭﺩﺍ ﺼﻤﺩﺍ‬ ‫، ﻓﺎﻨﻪ ﻻ ﻴﺤﻭل ﺒﻴﻨﻨﺎ ﻭﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻋﻠﻠﻬـﺎ . ﻭﺘﺭﻜﻴـﺏ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻜـﻭﻥ‬ ‫ﻭﻤﻌﺎﺩﻻﺕ ﻭﺠﻭﺩﻩ ﻭﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻩ ﺍﻻ ﺃﻥ ﺼﻭﺭ ﺍﻟﻀﻌﻑ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻯ ﻭﺍﻟﺘﺩﺍﻋﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ‬ ‫ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻤﺎ ﺘﺤﻤل ﻓﻲ ﺜﻨﺎﻴﺎﻫﺎ ﺘﺸﻭﻫﺎﺕ ﻷﻫﻡ ﺍﻟﻤﻀﺎﻤﻴﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴـﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴـﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺤﻭﺭﻴﺔ ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺤﺎل ﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﺨﻤﺴﺔ ﻗﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل .‬ ‫ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻴﺄﺘﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻜﺄﺤﺩ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻴـﺔ ﻤﻨﺒـﺕ‬ ‫ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺍﻟﻰ ﺤﺩ ﺒﻌﻴﺩ ﺒﻘﻭﺍﻋﺩ ﻭﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﻤﺸﺤﻭﻨﺎ ﺒﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ﻤﻌﻭﻻ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻭﺍﻴﺎ ﻭﻤﺤﺘﻜﻤﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺼﺩﻓﺔ ﻤﺠﺎﻓﻴﺎ ﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻌﻘﻠﻨﺔ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘـﺭﺘﺒﻁ ﺍﻟﻤﻘـﺩﻤﺎﺕ‬ ‫ﻭﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺤﺘﻰ ﻟﻴﺒﺩﻭ ﻤﺤﻜﻭﻤﺎ ﺒﻤﻨﻁﻕ ﺍﻻﺯﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺌﺎﺕ ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﺴﻤﺎﺕ ﻤﻨﻬﺠﻴﺔ‬
‫ﻫﺎﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻌﻰ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺤﺴﺎﺏ ﺍﻟﻨﺴﺒﻰ ﻭﻫـﻭ ﻤـﻨﻬﺞ ﻴﺠـﺎﻓﻰ‬ ‫ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻁﻠﺏ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺠﺯﺌﻴﺔ ﻨﺴﺒﻴﺔ ﻤﺭﻨﺔ ﻗـﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻤﺴـﺎﻭﻤﺔ‬ ‫ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴل .‬ ‫ﻭﻤﻤﺎ ﻴﺯﻴﺩ ﺍﻷﻤﺭ ﺘﻌﻘﻴﺩﺍ ﺃﻥ ﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺠﻤـﺎﻋﻲ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻴﺼﺎﺤﺒﻪ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺴﻴﺎﺩﺓ ﺭﻭﺡ ﺒﺭﺍﺠﻤﺎﺘﻴﺔ ﻨﻔﻌﻴﺔ ﺸﺩﻴﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ‬ ‫ﺍﻟﻔﺭﺩﻯ ﻟﻴﺱ ﻓﻘﻁ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺭﺴﻤﻰ ﻷﺸﺨﺎﺹ ﻴﺠﺎﻫﺩﻭﻥ ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻤـﻭﺍﻗﻌﻬﻡ‬ ‫ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒل ﺤﺘﻰ ﻟﺩﻯ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻭﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺎﻭل ﺍﻻﻟﺘﺤـﺎﻕ‬ ‫ﺒﻤﻭﺍﻗﻊ ﻭﺒﺅﺭ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﻜﺎﺴﺏ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﻋﻠـﻰ ﺤﺴـﺎﺏ ﻤﻘـﻭﻻﺕ‬ ‫ﻭﻤﻭﺍﻗﻑ ﻭﺭﺅﻯ ﻓﻜﺭﻴﺔ ﺭﺒﻤﺎ ﺍﺴﺘﻬﻠﻜﺕ ﺩﻫﺭﺍ ﻤﻥ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻡ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺘﻜﻴﻴﻔﻬﺎ ﻟﻬـﺎ‬ ‫ﻓﻲ ﻅﺭﻭﻑ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ .‬ ‫ﺍﻥ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﻌﻘﻠﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻴﻌﺩ ﺃﺤﺩ ﺃﺒﺭﺯ ﺍﻵﻓﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻬﺩﺩ‬ ‫ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ، ﺒل ﻭﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ ﻟﻤﺎ ﺘﺨﻠﻔﻪ ﻤﻥ ﺘﻭﻗﻌﺎﺕ ﻤﺘﺯﺍﻴﺩﺓ ﻻ‬ ‫ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺴﺎﺒﺎﺕ ﺒل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺭ ﻭﻤﺎ ﻴﺅﺩﻴﻪ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻰ ﺨﻠﻕ ﺍﻷﺯﻤﺎﺕ ، ﻭﺍﻫﺩﺍﺭ‬ ‫ﺍﻟﺠﻬﻭﺩ ، ﻭﺘﻀﻴﻴﻊ ﺍﻟﻔﺭﺹ .‬ ‫ﺜﺎﻟﺜﺎ : ﺍﻻﺴﺘﺎﺘﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﻭﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﺩﺍﺜﺭﻴﺔ :‬ ‫ﺃﻥ ﻨﻅﺭﺓ ﺴﺭﻴﻌﺔ ﺍﻟﻰ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻰ ﻤـﺜﻼ‬ ‫ﺘﺅﻜﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻤﺔ . ﻓﻼ ﻴﺯﺍل ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻋﻠﻰ ﻤﺸﺎﺭﻑ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻯ ﻭﺍﻟﻌﺸـﺭﻴﻥ‬ ‫ﻴﺩﻭﺭ ﺤﻭل ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﺍﺭ ﺤﻭﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸـﺭ ، ﻭﺒﺩﺍﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ . ﺭﺒﻤﺎ ﺘﻐﻴﺭﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ، ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺃﺨﺘﻠﻔـﺕ ﺍﻷﺴـﺎﻟﻴﺏ‬ ‫ﺍﻟﻤﺘﺩﺍﻭﻟﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ، ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺠﺩﺕ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺃﺨﺭﻯ ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻤﺤﻭﺭﻴـﺔ ﻜﻘﻀـﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل ﻭﺍﻟﺠﺩل ﺤﻭل ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﺴـﻭﺍﺀ ﺤﺴـﺏ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻷﺼﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ﻻ ﺘﺯﺍل ﻤﺤﻭﺭ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺠﺏ ﺍﻨﺘﻬﺎﺠﻪ ﻤﻥ ﻤﺴﺎﻟﻙ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺎ ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﻭﻤﻨـﺫ ﺒـﺩﺀ‬ ‫ﺍﻟﻴﻘﻅﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﻭﻤﻊ ﺃﻭﺍﺌل ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸﺭ ﻭﺍﻟﻔﻜـﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻰ ﺒﻤﺨﺘﻠـﻑ‬ ‫ﺘﻴﺎﺭﺍﺘﻪ ﻴﻌﻴﺵ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ " ﺒل ﺍﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻭﻻ ﺘﺯﺍل ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻨﺒﻌﺎﺙ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ‬ ‫ﻭﺍﻨﻘﺴﺎﻤﻪ ﺍﻟﻰ ﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ .‬
‫ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻔﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﺠﻊ ﻓﻲ ﺍﺴﺎﺴﻪ ﺍﻷﺨﻼﻗﻰ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻰ ﺍﻟـﻰ ﺴـﻤﻰ‬ ‫ﺍﻟﻌﻘل ﻋﻘﻼ ﻷﻨﻤﻪ ﻴﻌﻘل ﺼﺎﺤﺒﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻭﺭﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻬﺎﻟﻙ ﺃﻯ ﻴﺤﺒﺴﻪ . ﻭﻴﺴﺘﻤﺩ ﻫـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﻓﻌﺎﻟﻴﺘﻪ ﻤﻥ ﻜﻭﻨﻪ ﻴﻌﻘل ﻋﻥ ﺍﷲ ﺍﻤﺎ ﺒﻔﻜﺭ ﻭﻨﻅﺭ ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻭﻥ ، ﻭﺍﻤـﺎ‬ ‫ﺒﺼﻴﺭﺓ ﻭﻤﻌﺭﻓﺔ ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ﺍﻟﺴﻨﻴﻭﻥ . ﻭﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻠﻔﻰ ﺍﺫﻥ ﻤﻜﺒﻭﺡ ﺍﻟﺠﻤﺎﺡ‬ ‫ﻤﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﺸﻁﻁ ﻻ ﻴﻨﺘﺞ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺒل ﻫﻭ ﺼﺩﻴﻕ ﻟﻪ ﻓﻘﻁ ﻴﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺍﺴﺭﺍﺭ ﺍﻟﻜﻭﻥ ﻭﻟﻜـﻥ‬ ‫ﻤﻊ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺤﻘﺎﺌﻕ ﺍﻟﺜﺎﺒﺘﺔ . ﺍﻨﻪ ﻋﻘل ﺍﻟﻤﺎﻀﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺒﺢ ﺠﻤﺎﺡ ﻤﺴـﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﻬﻀـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﻀﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺸﻴﺩﻫﺎ ﻋﻘل ﺍﻟﻤﻌﺘﺯﻟﺔ ﻭﺍﻟﻔﻼﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ )١( .‬ ‫ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻅل ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺘﺤﻜﻡ ﻟﺩﻯ ﻫـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻌﻘﺩﻴﻥ ﺍﻷﺨﻴﺭﻴﻥ ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ ﺒﺩﺕ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺘﺩﻋﻭ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ‬ ‫ﻭﺍﻟﻌﻨﻑ ﻜﻭﺴﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺭ ﺤﺘﻰ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻥ ﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﻗﺩ ﻁﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ‬ ‫ﻭﺤل ﻤﺤل ﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل .‬ ‫ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻵﺨﺭ " ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻰ ﺃﻭ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻰ ﻭﺍﻟﻠﺫﺍﻥ‬ ‫ﻴﺴﻌﻴﺎﻥ ﺍﻟﻰ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﻟﻠﻨﻬﻀﺔ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺘﻤﺜـل ﻤﺴـﺎﺭﻫﺎ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒـﻲ ﺍﻟﻐﺭﺒـﻲ‬ ‫ﻭﺍﺴﻠﻭﺏ ﺘﻁﻭﺭﻫﺎ ﻭﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﺴﺘﺭﺠﺎﻋﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺃﻯ ﺃﻥ ﻜﻼ ﻤﻥ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﻴﻥ‬ ‫ﺴﻠﻔﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻤﻊ ﺃﺨﺘﻼﻑ ﻴﻨﺎﺒﻴﻊ ﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ ﻭﻤﻭﻗﻔﻴﻬﻤﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟـﺫﻱ ﻴﺠـﺎﻓﻰ‬ ‫ﺍﻻﺒﺩﺍﻉ ﻭﻴﺘﻤﺤﻭﺭ ﺤﻭل ﺍﻟﺼﺩﺍﻗﺔ ﻭﺍﻥ ﺒﺩﺕ ﻫﻨﺎﻙ ﺼﺩﺍﻗﺔ ﺍﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺼﺩﺍﻗﺔ ﺴﻠﺒﻴﺔ‬ ‫)٢( .‬ ‫ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺃﺨﺭﻯ ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺒﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ . ﺒل ﺭﺒﻤﺎ ﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﻭل ﺍﻨﻬﺎ‬ ‫ﺍﺤﺩ ﺘﺠﻠﻴﺘﻬﺎ . ﻓﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺘﻌﺩ ﻤﺜﻼ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻓﻬﻲ ﺘﺜﻴﺭ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺠﺩل ﺒـﻴﻥ‬ ‫ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ . " ﻓﺎﻟﻔﺼل ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﺸـﺭﻁ ﻤﺤـﻭﺭﻯ ﻟـﺩﻯ ﺍﻟﻔﻜـﺭ " ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟـﻰ ﺃﻭ‬ ‫ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻷﺠل ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺤﻴﺙ ﻜﺘﺏ ﺭﻭﺍﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻴﻘﻭل ﻤﻨﺫ‬ ‫ﻗﺭﻥ" ﻭﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﻗﻭﻤﻨﺎ ﻻ ﻴﻤﻴﺯﻭﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﺩﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﺒﺩ ﻭﺨﺎﻟﻘـﻪ‬ ‫ﻭﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻭﺒﻴﻥ ﻭﻁﻨﻪ ﺃﻭ ﺒﻴﻨﻪ ﻭﺒﻴﻥ ﺤﻜﻭﻤﺘـﻪ ﻭﻻ ﻴﻀـﻌﻭﻥ‬ ‫ﻓﺎﺼﻼ ﺒﻴﻥ ﻫﺫﻴﻥ ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺯﻴﻥ ﻓﻼ ﻴﺅﻤل ﻨﺠﺎﺤﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﺤﺩﻫﻤﺎ ﻭﻻ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ‬ ‫".‬
‫ﻭﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩ ﺁﺨﺭ ﻴﻌﺩ ﺍﻟﺭﺒﻁ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﺍﺴﺎﺴﺎ ﻀﺭﻭﺭﻴﺎ ﻟﻠﻨﻬﻀﺔ ﻟـﺩﻯ ﺍﻟﺘﻴـﺎﺭ‬ ‫ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ﺒﻜﺎﻓﺔ ﻓﺼﺎﺌﻠﻪ ﺤﻴﺙ ﻴﻘﻭل ﻤﻔﻜﺭ ﺴﻠﻔﻰ ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﻭﻟـﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟـﻰ " ﺃﻨـﺎ‬ ‫ﻤﻌﺸﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺍﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﺅﺴﺱ ﻨﻬﻭﻀﻨﺎ ﻭﺘﻤﺩﺩﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻭﺍﻋﺩ ﺩﻴﻨﻨﺎ ﻭﻗﺭﺁﻨﻨﺎ ﻓﻼ ﺨﻴـﺭ‬ ‫ﻓﻴﻪ ﻟﻨﺎ ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﻭﺼﻤﺔ ﺍﻨﺤﻁﺎﻁﻨﺎ ﻭﺘﺄﺨﺭﻨﺎ ﺍﻻ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ . ﻭﺍﻥ‬ ‫ﻤﺎ ﻨﺭﺍﻩ ﻤﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﻭﺤﺴﻨﺔ ﻓﻴﻨﺎ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺭﻗﻲ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﻭﺍﻷﺨﺫ ﺒﺄﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻤﺩﻥ‬ ‫ﻫﻭ ﻋﻴﻥ ﺍﻟﺘﻘﻬﻘﺭ ﻭﺍﻻﻨﺤﻁﺎﻁ ﻷﻨﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺘﻤﺩﻨﻨﺎ ﻤﻘﻠﺩﻭﻥ )٣( .‬ ‫ﻭﺘﺠﺴﺩ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﻭﺒﺔ ﻭﺍﻻﺴﻼﻡ ﺘﺠﻠﻴﺎ ﺁﺨﺭ ﺃﻗل ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻤﻥ ﺴـﺎﺒﻘﺘﻬﺎ ﻭﻫـﻲ‬ ‫ﻗﻀﻴﺔ ﻗﺩﻴﻤﺔ ﻤﺘﺠﺩﺩﺓ ﺸﻬﺩﺕ ﻤﺩﺍﺨﻼﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﺤﻭل ﻤﻭﺍﻗﻑ ﻤﺘﻁﺭﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻀﻰ ﺍﻻ‬ ‫ﺃﻨﻬﺎ ﺍﻵﻥ ﺘﺸﻬﺩ ﻨﻭﻋﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ – ﺍﺜﺭ ﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻟﺩﻯ‬ ‫ﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻟﻠﺘﻭﻓﻴﻕ ﺒﻴﻥ ﻁﺭﻓﻲ ﺍﻻﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺤﻴﺙ ﻴﺤـﺎﻭل ﺍﻟﺨﻁـﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻘﻭﻤﻰ " ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺘﺭﺘﻴﺏ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﻭﺒﺔ ﻭﺍﻹﺴﻼﻡ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ﻭﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺎ ﻤﺅﻜﺩﺍ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺃﻥ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺘﻪ ﺍﻟﺼﺎﻓﻴﺔ ﻨﺸﺄ ﻋﻥ ﻗﻠﺏ ﺍﻟﻌﺭﻭﺒﺔ ﻭﺃﻓﺼﺢ ﻋﻥ ﻋﺒﻘﺭﻴﺘﻬﺎ ﺃﺤﺴـﻥ‬ ‫ﺍﻓﺼﺎﺡ ﻓﻼ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺼﺩﺍﻡ . ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻴﺅﻜﺩ ﺃﻴﻀـﺎ ﻋﻠـﻰ ﺃﻥ ﺍﻻﻋﺘـﺯﺍﺯ‬ ‫ﺒﺎﻹﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﻭﺍﻋﻁﺎﺀ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﻤﻨﺯﻟﺘﻬﺎ ﻻ ﻴﻌﻨﻰ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻴﻤﻜﻥ‬ ‫ﺍﻗﺎﻤﺔ ﻜﻴﺎﻥ ﺴﻴﺎﺴﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺴﻬﺎ ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﻁﺭﺡ ﻤﻔﻜﺭ ﺴﻠﻔﻰ ﺭﺅﻴﺘﻪ ﺍﻟﻨﻘﻴﻀﺔ ﻓﻴﻘﻭل " ﺍﻥ‬ ‫ﺃﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺩ ﻋﺯﺕ ﺒﺎﻟﺩﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﺭﺍﺩﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺭﻏﺒﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺯﺓ ﻓﻠﻥ ﺘﻘﻭﻡ ﺍﻷﻤﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ‬ ‫ﺍﻻ ﺒﻤﺎ ﻗﺎﻡ ﺒﻪ ﺃﻭﻟﻬﺎ " )٤( .‬ ‫ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻁﺭﺤﻴﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻭﺍﻹﺴﻼﻤﻰ ﻓﻲ ﺍﺒﺭﺯ ﺼﻭﺭﻫﻤﺎ ﺍﻟﻨﻘﻴﺔ ﻴﻜـﺎﺩﺍﻥ‬ ‫ﻴﺘﻭﺤﺩﺍﻥ ﺤﻭل ﺍﻟﻤﻀﺎﻤﻴﻥ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻔـﺎﺭﻕ ﺍﻟﻭﺤﻴـﺩ ﻴﺒﻘـﻰ ﻫـﻭ‬ ‫ﺒﺭﺍﺠﻤﺎﺘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻓﻲ ﻤﺭﺍﻋﺎﺘﻪ ﻟﺠﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤـل ﺍﻟﺩﻭﻟﻴـﺔ ﺍﻟﺤﻀـﺎﺭﻴﺔ ﻓﻴﻬـﺎ‬ ‫ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒل ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻭﻕ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺎ ﺘﻤﺜل ﻜﻴﺎﻥ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺇﺴﻼﻤﻲ ﺒﺄﻯ ﺸﻜل‬ ‫ﻤﻥ ﺍﻷﺸﻜﺎل ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺘﻭﻓﺭ ﻟﻠﺠﺴﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﻭﺭﻜﺎﺌﺯ ﺘﻔﻭﻕ ﺒﻜﺜﻴﺭ – ﻟﻴﺱ ﻓﻘـﻁ‬ ‫ﺭﻜﺎﺌﺯ ﺍﻟﺠﺴﺩ ﺍﻹﺴﻼﻤﻰ ﺒل ﻭﺃﻴﻀﺎ ﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻭﻀـﻭﻋﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬـﺎ ﻭﺫﻟـﻙ ﻓـﻲ‬ ‫ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺤﺕ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻤﻥ ﺠﻤﺎﻉ ﺘﺠﺭﻴﺩﺍﺕ ﺘﺒﺩﻭ ﻓﻲ ﻋﺯﻟـﺔ‬ ‫ﻭﺍﻨﻔﺼﺎﻡ ﻓﻲ ﻤﻭﻗﻔﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺒﻜل ﻤﻜﻭﻨﺎﺘﻬﺎ .‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﻀﻠﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻓﺭﺯﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻨﻭﻥ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ ﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭ‬ ‫ﻭﺘﺒﻘﻰ ﺭﻫﻴﻨﺔ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻻﻨﻔﻼﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻯ ، ﻭﺍﻟﺘﻀﺎﺭﺏ ﺍﻟﻀﺎﺭﻯ ﺒﻴﻥ ﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻨـﻑ‬ ‫ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺜﺎﺭﺕ ﺠﻭﻫﺭﻫﺎ ﺍﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻭﻓﻴﻕ ﺒﻴﻥ‬ ‫ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ . ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻷﺼﻠﻴﺔ ، ﻭﻓﻲ ﻨﺘـﻭﺀﺍﺕ ﺍﻟﻌﻨـﻑ‬ ‫ﺍﻟﻤﺘﺒﺭﻋﻤﺔ ﻤﻨﻬﺎ ﻤﻤﺎ ﻴﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺘﻜﺎﻤل ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ ﻭﻴﻌﻘﺩ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﻟﺘﺌﺎﻡ ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺒﻭﺠﻪ ﻋﺎﻡ .‬ ‫ﻭﻓﻲ ﻅل ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺃﻴﻀﺎ ﻨﻠﻤﺢ ﺘﺠﻠﻴﺎ ﺍﺨﺭﺍﻓﻲ ﺍﻟﺠـﺩل ﺤـﻭل ﺘﻁﺒﻴـﻕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ . ﻭﻫﻰ ﻗﻀﻴﺔ ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻟﺼـﻠﺔ ﺒﺎﺸـﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺼـﺤﻭﺓ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻴﺔ‬ ‫ﻭﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺒﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ ﺍﻟﺘﻰ ﻤﺎﺭﺴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﻟﻜﻥ‬ ‫ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﻫﻭ ﺃﻥ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺘﻡ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴـﺔ‬ ‫ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻭﺒﺂﻟﻴﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺩﻤﺔ ﺃﻤﺎ ﺍﻵﻥ ﻓﺎﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﺜﻭﺭﻴـﺔ ﺒﻌـﺩ‬ ‫ﺍﻻﻨﻌﻁﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ﺍﺜـﺭ ﻤﺭﺤﻠـﺔ‬ ‫ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻭﺤﻴﺙ ﺘﺤﺎﻭل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺃﻥ ﺘﺤﻘﻕ ﻤـﻥ ﺨـﺎﺭﺝ‬ ‫ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩﺓ ﺍﻵﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺼﺒﺢ ﻴﺴﻤﻰ ﺒﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺼﺤﻭﺓ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ .‬ ‫" ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺍﺭﺘﺒﺎﻁ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺒﺄﺤﺩﺍﺙ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺍﺴـﻬﺎ ﺍﻟﺜـﻭﺭﺓ‬ ‫ﺍﻻﻴﺭﺍﻨﻴﺔ ، ﻭﻅﻬﻭﺭ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺒﻨﻰ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﺍﻟـﻰ ﺘﻁﺒﻴـﻕ‬ ‫ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ﻓﻲ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﻤﺭﺍﻓﻕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓـﺎﻥ‬ ‫ﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺼﺤﻭﺓ ﺘﺒﻘﻰ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻏﺭﻴﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻤﻭﺱ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺃﻭ ﺍﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗـل ﻻ‬ ‫ﺘﺘﻨﺎﺴﺏ ﻤﻊ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻜﺎﺌﻥ ﻭﻻ ﻴﻨﺒﻐﻰ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ . ﺫﻟﻙ ﻷﻥ ﻭﺼﻑ ﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺍﻴﺭﺍﻥ‬ ‫ﻭﻤﺎ ﻋﺭﻓﺘﻪ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﺴﻼﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺤﺭﻜﺎﺕ ﻭﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺘﺘﺒﻨﻰ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻰ ﺘﻁﺒﻴـﻕ ﺍﻟﻨﻅـﺎﻡ‬ ‫ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺒﺄﻨﻪ ﺼﺤﻭﺓ ﺍﺴﻼﻤﻴﺔ ﻴﻭﺤﻰ ﺒﺄﻥ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻜﺎﻥ ﻗﺒل ﺫﻟﻙ ﻨﺎﺌﻤﺎ ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻨـﻪ‬ ‫ﺴﻭﺍﺀ ﻜﻌﻘﻴﺩﺓ ﺃﻭ ﺸﺭﻴﻌﺔ ﺃﻭ ﻤﺜل ﺃﻋﻠﻰ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻟﻡ ﻴﻨﻡ ﻴﻭﻤﺎ ﻭﻟﻡ ﻴﻐـﺏ ﻋـﻥ ﻭﺠـﺩﺍﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺃﻭ ﺴﻠﻭﻜﻬﻡ )٥( .‬ ‫ﻭﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﻗﻀـﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀـﺔ ﻭﺍﻤـﺩﺍﺩﺍﺘﻬﺎ ، ﻭﻋﻠـﻰ ﺼـﻌﻴﺩ ﺍﻻﺴـﺘﻤﺭﺍﺭ‬ ‫ﻭﺍﻻﺴﺘﺎﻴﻴﻜﻴﺔ ﻴﻌﻜﺱ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﻤﺎ ﻴﺭﺒﻭ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺍﻟﻘﺭﻥ ﻭﻓﻰ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺸﺘﻌﻠﺕ ﻓﻴﻪ ﻗﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀـﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟﻭﺠـﺩﺍﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻰ ،‬
‫ﻭﺒﺩﺭﺠﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﺤﺩﺓ ﺠﻌﻠﺕ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻤﺤﻭﺭ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺨﺫ‬ ‫ﻴﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺭﻜﺎﺌﺯﻫﺎ ، ﻭﺃﻨﻤﺎﻁﻬﺎ ، ﻭﺘﺤﺩﻴﺎﺘﻬﺎ ، ﻭﺍﺸﻜﺎﻻﺘﻬﺎ ﻋﺒﺭ ﻤﺭﺍﺤل ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻤـﻥ‬ ‫ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ .‬ ‫ﻓﻠﻘﺩ ﻤﺜل ﺍﻟﺘﺠﺎﻨﺱ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻔﺭﻴﺩ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﻭﺍﻟﺩﺍﻓﻊ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻯ ﻟﻠﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴـﺔ‬ ‫ﻭﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﻲ ﻭﻗﺕ ﻭﺍﺤﺩ ﻓﻘﺩ ﺘﻌﻴﻨﺕ ﻫﻭﻴﺔ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻨﻅـﺎﻡ ﻭﺤـﺩﻭﺩﻩ‬ ‫ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ . ﻭﻗﺩ ﺘﻀﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺒـﺩﻭﺭﻩ ﺍﻨﻘﻁﺎﻋـﺎ‬ ‫ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻭﺭﻤﺯﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﺼل ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﺴﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﻡ ﺍﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫ﺍﺠﺯﺍﺀ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﻏﺭﺏ ﺁﺴﻴﺎ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﻜﺫﺍ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻷﻓﺭﻴﻘﻲ ﻭﺠﺯﺀ ﻤـﻥ‬ ‫ﻏﺭﺏ ﺍﻓﺭﻴﻘﻴﺎ . ﻭﻟﻡ ﻴﻤﻨﻊ ﺫﻟﻙ ﺒﺭﻭﺯ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻯ ﻟﻠﻨﻅـﺎﻡ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﺎﻟﺩﻋﻭﺍﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻷﺼﻭﻟﻴﺔ ﻁﺭﺤﺕ ﻤﻨﺫ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺴـﻊ ﻋﺸـﺭ‬ ‫ﻫﻭﻴﺔ ﺃﻭﺴﻊ ﺘﻀﻡ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻜﻤﺎ ﺘﻀﻡ ﻏﻴﺭﻫﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻨـﺏ ﺍﻵﺨـﺭ‬ ‫ﺒﺭﺯ ﺘﺤﺩﻯ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺠﻬﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺩﺓ ﺃﻗﺎﻟﻴﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺘﻤﻠﻙ‬ ‫ﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﻓﺭﻋﻴﺔ ﻤﺘﻤﻴﺯﺓ . ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻫﻭ ﺭﺒﺎﻁ ﺠـﺎﻤﻊ ﺒـﻴﻥ‬ ‫ﺩﻭل ﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻭﻟﻴﺱ ﺒﻴﻥ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻓﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﻟﻡ ﻴﻤﻨﻊ ﻅﻬﻭﺭ ﺤﺭﻜﺎﺕ ﻤﺤﻠﻴﺔ ﺘﻌﺒﺭ ﻋﻥ‬ ‫ﻫﻭﻴﺎﺕ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻗﻠﻴﺎﺕ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﺭﻗﻴﺔ ﺃﻭ ﻟﻐﻭﻴﺔ ﺭﺃﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ﻨﻔﻴـﺎ ﺃﻭ‬ ‫ﺍﺫﺍﺒﺔ ﺃﻭ ﺘﺠﺎﻫﻼ ﻤﺘﻌﻤﺩﺍ ﻟﻜﻴﻨﻭﻨﺘﻬﺎ . ﻭﻗﺩ ﻜﺸﻔﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﻟﻸﺴﺎﺱ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﺯﻤﺎﺕ ﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻤﺭ ﺒﻬﺎ ﻭﻫﺯﺘﻪ ﻫﺯﺍ ﻋﻨﻴﻔﺎ )٦( .‬ ‫ﻭﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻨﻅﺎﻤﺎ ﺃﻭ ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺒﻴﻥ ﺩﻭل ﻟﻡ ﻴﺸﻜل‬ ‫ﻋﺎﺌﻘﺎ ﺩﻭﻥ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻗﺎﻟﻴﻡ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺒﺼﻴﺎﻏﺔ ﺸﺨﺼﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﻁﺎﺭ ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ‬ ‫ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ . ﻜﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻤﻨﻊ ﺃﻭ ﻴﺼﺎﺩﺭ ﺤﻕ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ﻤﻊ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ . ﺭﺒﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺎﺩﻓﻬﺎ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﻗﺩ ﻨﺸﺄﺕ ﻋﻥ ﺍﻟﺨﻠـﻁ‬ ‫ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻲ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ . ﻭﻗـﺩ ﻤﺎﻟـﺕ‬ ‫ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻟﻰ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﻤﻘﻭﻻﺘﻬﺎ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﻴﻌﻁﻰ ﺍﻴﺤﺎﺀ ﻗﻭﻴﺎ ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ ﻓﺭﺽ ﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ﺍﻟﻘﺴﺭﻯ ﻟﻸﻗﻠﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻭﺤﻴـﺩ‬ ‫ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻬﺭ ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﻤﻀﺎﻓﺭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻡ ﺍﻟﻔﺭﻋﻴﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ )٧( . ﻭﻭﺍﻗﻊ‬ ‫ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻥ ﺍﻻﺴﺘﺎﺘﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺎﻭل ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺒﺎﻟـﺫﺍﺕ‬
‫ﺭﺒﻤﺎ ﻻ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ ﻤﻌﻨﻰ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﻁﺭﺤﻬﺎ ﻋﻠـﻰ ﺠـﺩﻭل ﺃﻋﻤﺎﻟـﻪ ﻭﺭﺒﻤـﺎ ﺃﻴﻀـﺎ‬ ‫ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩل ﺤﻭل ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﺍﺠﻬﻬﺎ ﻭﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﻭﺼﺤﻴﺢ‬ ‫ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺩل ﺫﺍﺘﻪ ﺤﻭل ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﻗﺩ ﺃﺼﺎﺒﻪ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﻬﺭﻡ ﻭﺍﻟﻜﻤﻭﻥ ﺍﻻ ﺃﻨﻪ ﻭﺭﻏـﻡ‬ ‫ﺫﻟﻙ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﻓﻲ ﻨﻅﺭﻨﺎ ﺃﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﺍﺸﺘﻌﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺠـﺩﺍﻥ ﻭﺍﻟﻔﻜـﺭ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﻴﻥ ﻗﺩ ﺸﻬﺩﺕ ﺘﻁﻭﺭﺍﺕ ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩﻴﻥ‬ ‫ﺃﺴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل .‬ ‫ﺍﻷﻭل : ﻫﻭ ﺼﻌﻴﺩ ﺘﺤﺩﻴﺎﺘﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﺭﺍﺴﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻤﺎﻀـﻰ ﺭﺒﻤـﺎ‬ ‫ﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ . ﻭﻓﻜﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻻﻗـﺕ ﺭﻭﺍﺠـﺎ‬ ‫ﺤﺘﻰ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺒل ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺠﺎﺯ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻗﺩ ﻤﺜﻠﺕ ﺃﺴﺎﺴﺎ ﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ، ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺭﺩﺤﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺸﻬﻴﺩ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﻭﻋﻠﻰ‬ ‫ﺭﻏﻡ ﺘﻐﻴﺭ ﻭﻫﺒﻭﻁ ﻫﺎﻤﺵ ﺘﺤﺩﻯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﺜـﻡ ﺍﻟﺴـﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ،‬ ‫ﻓﺄﻨﻬﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺒﻘﻭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ ﻟﺘﻤﺜل ﺍﺒﺭﺩ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ .‬ ‫ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺫﺍﺘﻪ ﺘﺒﺭﺯ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﻬﻭﻴﺔ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺩﻭﻟـﺔ ﺍﻟﻘﻁﺭﻴـﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ‬ ‫ﻟﺘﺭﺘﺴﻡ ﺤﻭل ﺃﻗﻠﻴﺎﺕ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﺭﻗﻴﺔ ﺃﻭ ﻟﻐﻭﻴﺔ ﺃﻭ ﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﻴﺩﻓﻌﻬﺎ ﺍﻓﺘﻘﺎﺩ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ‬ ‫ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻰ ﺍﻟﻰ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻤﺘﻭﻫﻤﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﻴﺸﻜل ﻻ ﺒﻘﻭﺍﻨﻴﻨﻪ‬ ‫ﻭﻻ ﺒﺘﻘﺎﻟﻴﺩﻩ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺃﻭ ﻗﻴﻭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺤﺭﻜﺔ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ . ﻭﺍﻟـﺫﻯ ﺃﻋﺎﻗﻬـﺎ‬ ‫ﺒﺎﻟﻔﻌل ﻜﺎﻥ ﻫﻭ ﺠﻤﻭﺩ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻰ ﻭﻋﺩﻡ ﻨﻀﺞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴـﺔ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻘﻁﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻗﺩ ﺒﺭﺯﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﻬﻭﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﻨﻅـﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ﻭﻻ‬ ‫ﺘﺯﺍل ﺘﻭﺍﺠﻪ ﻜﻤﺎ ﻴﺘﻭﻗﻊ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻤﺭ ﺤﺘﻰ ﻴﺠﺩ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫ﺤﻼ ﻻ ﻨﻅﻨﻪ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺤل ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ .‬ ‫ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ : ﻓﻬﻭ ﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻭﺤﺩﻭﻯ ﺫﺍﺘﻪ ﻓﻲ ﻁﺒﻴﻌﺘﻪ ﻭﻤﻀﻤﻭﻨﻪ ﻭﺍﻟﺫﻱ‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻨﻪ ﻤﺭ ﺒﻤﺭﺍﺤل ﺘﻁﻭﺭﻴﺔ ﻫﺎﻤﺔ ﻭﺃﺴﺎﺴﻴﺔ .‬ ‫ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﻁﺭﺤﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻋﺎﻁﻔﻴﺎ ﺼﺭﻓﺎ ﻓﻠـﻡ ﻴﻜـﻥ ﺍﻻﻫﺘﻤـﺎﻡ‬ ‫ﻤﻭﺠﻬﺎ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻷﺴﺱ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﻤﻤﻜﻨﺔ ، ﻭﻻ ﻋـﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺭﺍﺤل ﺍﻟﻰ ﺍﻻﺒﺩ ﻤﻥ ﻗﻁﻌﻬﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺸﺎﻤﻠﺔ ﻫﺫﻩ ﻜﺒﺩﻴل ﻋﻥ ﻭﺍﻗﻊ‬
‫ﺍﻟﻤﺄﺴﺎﺓ ﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺨﻠﻑ ﻭﺍﻟﺘﺠﺯﺌﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺭﻏـﻡ ﻋـﺩﻡ ﺘﻬﻴـﺅ ﺍﻟﻅـﺭﻭﻑ‬ ‫ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﻟﺫﻟﻙ ﻭﻫﻭ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺅﻟﻡ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ .‬ ‫ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ : ﺘﻤﻴﺯﺕ ﺒﻁﺭﺡ ﺍﻗل ﺭﻭﻤﺎﻨﺴﻴﺔ ﻭﺍﻥ ﺍﺘﺴـﻤﺕ ﺒﻤﻼﻤـﺢ‬ ‫ﺍﻓﻼﻁﻭﻨﻴﺔ ﺭﻜﺯﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﺒﺩﺃ ﻭﻟﻴﺴﺕ ﻓﻜﺭﺓ ﺘﺩﻋﻭ ﺍﻟﻴﻬـﺎ .‬ ‫ﻓﺎﻟﻤﺒﺩﺃ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﻁﺎﺭﺌﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻭﺠﺩ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻟﺘﻨﺘﻬﻰ ﻏـﺩﺍ ﻭﺍﻨﻤـﺎ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺠﻭﺩ ﻗﺎﺌﻡ ﻟﻴﺱ ﻟﻨﺎ ﺤﻴﻠﺔ ﻓﻴﻪ . ﻻ ﻓﻲ ﺍﻻﺒﻘﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺌـﻪ ﻭﻨﺤـﻥ‬ ‫ﺤﻴﻨﻤﺎ ﻨﺩﻋﻭ ﻟﻠﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﻨﺤﻥ ﻻ ﻨﺩﻋﻭ ﺍﻟﻰ ﺍﻻﻴﻤﺎﻥ ﺒﻔﻜﺭﺓ ﻭﺍﻨﻤـﺎ ﻨـﺩﻋﻭ ﺍﻟـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻭﻋﻰ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺩ ﻭﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻼ ﻴﻜﺘﻤل ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﻱ ﻭﻻ ﺘﺘﻔﺘﺢ ﺤﻀﺎﺭﺘﻪ ﺍﻻ‬ ‫ﺒﻭﻋﻴﻪ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ .‬ ‫ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ : ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺼﺭﺕ ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﻤﺩ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ‬ ‫ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﺤﺒﺔ ﻟﻠﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻌﺜﻴﺔ ﻭﻗﺩ ﺃﺘﺴﻤﺕ ﺒﺴﻤﺘﻴﻥ :‬ ‫ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺨﻠﻁ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺒﺎﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻭﺍﻗﺎﻤﺔ ﺭﺒﺎﻁ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ . ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻁﺭﺤﺕ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻟﻴﺱ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺘﻁـﻭﺭﺍ‬ ‫ﻟﻠﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺒل ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﺸﺭﻁ ﻟﻪ .‬ ‫ﻭﺍﻟﺴﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ : ﻫﻲ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺒﻐﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﻭﺩﻋﺕ ﺍﻟﻰ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻘـﻭﺓ‬ ‫ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻨﻌﻁﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﺘﺴـﺘﻭﺠﺏ‬ ‫ﺫﻟﻙ ﺍﻻﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺤﻴﺙ ﻋﺒﺭ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﻤﻔﻜﺭ ﻗﻭﻤﻲ ﻗﺎﺌﻼ " ﺃﻥ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻥ‬ ‫ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﻁﻭﺭﺓ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻷﻤﺔ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻭﻟﻤﺠﺭﺩ ﺩﻓﺎﻋﻬﺎ ﻋـﻥ‬ ‫ﺒﻘﺎﺌﻬﺎ ﻤﺎ ﻴﻔﻭﻕ ﻓﻲ ﻤﻴﺯﺍﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺍﻟﺜﻤﻥ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺘﻁﻠﺒﻪ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻘﻭﺓ .‬ ‫ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺭﺍﺒﻌﺔ ﻭﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ : ﻓﻬﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺃﻗل ﺜﻭﺭﻴﺔ ﻭﺃﻜﺜﺭ ﻋﻘﻼﻨﻴﺔ ﻓـﻲ‬ ‫ﺩﻋﻭﺘﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﻭﺘﺭﻜﺯ ﻓﻲ ﻁﺭﻭﺤﺎﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻻﻴﺩﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻻﺒﺩ ﺃﻥ ﺘﺴﺒﻕ‬ ‫ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺩﺓ ﻭﺫﻟﻙ ﻤﺎ ﻴﺴﺘﺨﻠﺼﻪ ﻜﺎﺘﺏ ﻗﻭﻤﻲ ﻓﻴﻘﻭل " ﺍﻥ ﻓﻜﺭﻨﺎ‬ ‫ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻻ ﻴﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﻤﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻭﻻ ﻴﺸﻕ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻗﻨﻭﺍﺕ ﻤﺸـﺘﺭﻜﺔ ﻭﻫـﻭ ﻟﻬـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﺴﺒﺏ ﻴﺸﻜﻭ ﻤﻥ ﺘﻌﺩﺩ ﺍﻻﺠﺘﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﺩﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﺘﺸﻭﻴﺵ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫ﻭﻤﻨﻊ ﺒﻨﺎﺀ ﺘﺼﻭﺭ ﻤﺸﺘﺭﻙ ﻟﻠﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ )٨( .‬
‫ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻥ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻟﻠﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻤﻤﺜﻠﺔ ﻓـﻲ ﺘﻴـﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ . ﻭﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻤﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﻬﻭﻴﺔ ، ﺒﺎﻻﻀﺎﻓﺔ ﻟﻠﻤﺘﻐﻴـﺭﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺼﺎﺨﺒﺔ ﺍﻻﻴﻘﺎﻉ ، ﻭﺍﻨﻬﻴﺎﺭﺍﺕ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴـﺔ‬ ‫ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻤﺎ ﻓﺭﻀﺘﻪ ﻤﻥ ﻤﺭﺍﺠﻌﺎﺕ ﻻ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺏ ﺍﻷﺤـﻭﺍل ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻜﺎﻗﻠﻴﻡ ، ﻭﺍﻟﻤﻐﺭﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﻜﺎﻗﻠﻴﻡ . ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻋﻭﺍﻤل ﻓﺭﻀـﺕ‬ ‫ﻗﻴﻭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻋﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺍﻟﺤﺎﻟﻡ ﺒﺎﻟﻭﺤﺩﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺘﻴـﺎﺭ ﺍﻟﻘـﻭﻤﻲ ﻋﻠـﻰ ﻭﺠـﻪ‬ ‫ﺍﻟﺨﺼﻭﺹ ﻻﻋﺎﺩﺓ ﺒﻨﺎﺀ ﻤﻘﻭﻻﺘﻪ ﻓﻲ ﺼﻴﻎ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﻭﺍﻗل ﺜﻭﺭﻴﺔ ﻤﻊ ﺘﻔﻜﻴـﻙ‬ ‫ﻭﻨﺯﻉ ﻜل ﺍﻻﺭﺘﺒﺎﻁﺎﺕ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﺒﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﻭﻜﺄﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻴـﺎﺭ ﻴﺒﻨـﻰ‬ ‫ﺼﻴﺎﻏﺎﺕ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﺒﺸﺭﻭﻁ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺒل ﻭﻤﺤﺎﻟﻴﺔ ﻤﻌﺎﺼﺭﺓ .‬ ‫ﻭﺘﺄﺘﻲ ﺃﺨﺭﺍ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻜﺜﺎﻟﺙ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻤﺤﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻜـﺭ‬ ‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ . ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺤﺯﻤﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻔﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﻬﺎ‬ ‫ﻜﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺘﻤﺜل ﺍﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻭﻤﻌﻘﺩﺓ‬ ‫ﺘﺭﺠﻊ ﺍﻟﻰ ﺤﻘﻴﻘﺘﻴﻥ .‬ ‫ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻟﻡ ﺘﻤﺜل ﻴﻭﻤﺎ ﻤﻁﻠﺒﺎ ﻤﻠﺤﺎ ﺒﺎﻟﻔﻌل ﺴـﻭﺍﺀ ﺒﺎﻟﻨﺴـﺒﺔ‬ ‫ﻟﻠﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺍﻭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻭﻟﺫﺍ ﻓﻬﻰ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻋﻠﻰ ﺠـﺩﻭل ﺃﻋﻤﺎﻟﻬـﺎ‬ ‫ﺍﻟﻔﻌﻠﻰ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﺎﺩ ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﻤﺜل ﻫﻤﺎ ﻋﺭﺒﻴﺎ ﻓﻜﺭﻴﺎ ﺃﻭ ﻨﻅﺎﻤﻴﺎ .‬ ‫ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ : ﺃﻥ ﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻫﻭ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺭﻭﺍﺠـﺎ ﻓـﻲ ﺴـﺎﺤﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺏ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ، ﻓﻬﻰ ﺍﻟﻤﻁﻠﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻜﺎﺩ ﻴﺤﻅﻰ ﺍﻵﻥ ﺒﺎﻹﺠﻤﺎﻉ‬ ‫ﻓﺎﻟﺠﻤﻴﻊ ﻴﻨﺎﺩﻭﻥ ﺒﻬﺎ ، ﻭﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯﻫـﺎ ﺍﻟﺭﺴـﻤﻴﻭﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻭﺍﺠﻬـﻭﺍ‬ ‫ﺒﻀﻐﻭﻁ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ .‬ ‫ﻭﺘﻔﺴﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻴﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﺘﻔﺎﻋل ﻨﻭﻋﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل :-‬ ‫ﺍﻷﻭل : ﻫﻭ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﻀﻐﻭﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻓﺭﺯﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴـﺭﺍﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴـﺔ ﻓﻜﺭﻴـﺎ‬ ‫ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ .‬ ‫ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ ﺘﺸﻜﻠﺕ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺤﻭﻻﺕ ﺍﺘﻠﻤﺘﻔﺎﻋﻠﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ ﻴﻤﻜﻥ‬ ‫ﺍﻴﺠﺎﺯﻫﺎ ﻓﻲ ﻤﺴﻤﻰ ﻗﻴﻡ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜـﺔ ﺸـﻜﻠﺕ ﻓـﻲ ﺠﻤﺎﻋﻬـﺎ ﻀـﻐﻭﻁﺎ ﻨﺤـﻭ‬ ‫ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﻨﻜﺸﺎﻑ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻰ ﺍﻟﺘـﻲ ﺼـﺎﺤﺒﺕ‬
‫ﺜﻭﺭﺓ ﺍﻻﺘﺼﺎل ﺍﻟﻜﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﻟﺩ ﻤﻌﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﺜﻨﺎﻴﺎﻫﺎ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ ﺒﺎﻟﻤﻭﺠﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﻁﻔﺭﺕ ﺍﻟﺘﺤﻭﻻﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺒﺎﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻭﺃﻭﺭﻭﺒﺎ‬ ‫ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻨﺤﻭ ﺍﻻﻨﻔﺭﺍﺩ ﺒﻘﻤﺔ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺩﻭﻟﻰ . ﻤﻊ ﻤﺎ ﺼﺎﺤﺏ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻁﻔﺭﻻﺓ ﻟﺠﻤـﺎﻉ‬ ‫ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺍﺴﻬﺎ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺼﺎﺭﺕ – ﻓﻲ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ‬ ‫ﻭﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﺨﺎﺼﺔ – ﻀﻤﻴﺭ ﻭﺍﻟﻬﺎﻡ ﺘﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻰ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟـﺫﻱ ﺘﺤـﺎﻭل‬ ‫ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻀﻐﻭﻁ ﻟﻔﺭﻀﻪ ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺭﻀﻬﺎ ﻜﻘﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﻘﺎﻟﻴﻡ‬ ‫ﺍﻟﻔﺭﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ .‬ ‫ﻭﺒﻴﻨﻤﺎ ﻭﺠﺩﺕ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤـﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤـل‬ ‫ﻁﺭﻴﻘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻟﺘﺠﺴﺩ ﺯﺨﻤﺎ ﻫﺎﺌﻼ ﻭﻤﺩﺍ ﻻ ﻤﺴﺒﻭﻗﺎ ﻨﺤﻭ‬ ‫ﻗﻴﻤﺔ ﻭﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﺒﺎﺘﺕ ﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﻨﺴﻕ ﺘﻔﻜﻴﺭﻩ ﺒﺎﻟﺤﺎﺡ ﺸﺩﻴﺩ .‬ ‫ﻓﺎﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﻁﺭﺡ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺒﺫﺍﺕ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﺍﻟﻨﺎﻓﺫ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻨﺘﻴﺠـﺔ‬ ‫ﻟﺒﺭﻭﺯ ﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﺘﺼﺎﻋﺩ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﺍﻟﻤﺼﺎﺤﺒﺔ ﻟﻪ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﺴـﺎﺤﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻌﺩ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻭﺤﻴﺙ ﻟـﻡ ﻴﺴـﻤﺢ ﺍﻟﺘﻭﻅﻴـﻑ ﺍﻟـﺫﺭﺍﺌﻌﻲ ﻟﻘﻴﻤـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺒﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻀﻐﻭﻁﻬﺎ ﻋﻠـﻰ ﺍﻷﻨﻅﻤـﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺘﺤﺎﻟﻔﺔ ﻤﻌﻬﺎ ﻟﻠﺘﺴﺎﻤﺢ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻰ ﺒﺼﻌﻭﺩ ﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﺴﻼﻤﻴﺔ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴـﺔ ﻤـﻥ‬ ‫ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻜﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ . ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺘﻁﻭﺭﺍ ﻫﺎﻤﺎ ﻗﺩ ﺤﺩﺙ ﻋﻠﻰ ﺼـﻌﻴﺩ‬ ‫ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺠﻭﻫﺭﺓ ﺴـﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼـﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴـﺔ ﻟﻬـﺎ .‬ ‫ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻤﺯﻴﺠﺎ ﻤﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺘﺸﻜﻴل‬ ‫ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ، ﻭﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺏ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻻﻗﺕ ﻗﺩﺭﺍ ﻜﺒﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺩ ﻭﺍﻻﺴﺘﻬﺠﺎﻥ‬ ‫ﻓﻲ ﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﻤﺩ ﺍﻟﻘﻭﻤﻰ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻻ ﺘﺨﺩﻡ ﺍﻟﻁﻤﻭﺤـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﻭﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ .‬ ‫ﻭﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻰ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻴﺒﺭﺯ ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻰ‬ ‫ﻟﻬﺎ ﻭﺠﻭﻫﺭﻩ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﺎﻥ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺘﻌﺩ ﻤﻔﻬﻭﻤﺎ ﻗﻴﻤﻴﺎ ﻤﻐﺎﻴﺭﺍ‬ ‫ﺍﻟﻰ ﺤﺩ ﻤﺎ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ . ﻴﺭﻜﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺩل ﺃﻭﻻ ، ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﺜﺎﻨﻴـﺎ‬ ‫ﻭﻴﺅﻜﺩ ﺍﻟﺭﺸﺎﺩﺓ ﻭﺍﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ ﺜﺎﻟﺜﺎ . ﻭﻴﻌﻭل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀـﻤﻴﺭ ﺍﻟﻔـﺭﺩﻯ ﻟﻠﺤـﺎﻜﻡ ﺭﺍﺒﻌـﺎ‬ ‫ﻭﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻗﻴﻡ ﻗﺩ ﺘﺼﻴﺏ ﻤﻀﺎﻤﻴﻥ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺘﻤﺎﻤﺎ‬
‫ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻁﺭﺤﻴﻥ . ﻭﻟﻴﺱ ﺒﻌﻴﺩﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﺫﻫﻥ ﺩﻋﻭﺓ ﻤﻔﻜﺭ ﺇﺴﻼﻤﻰ ﻤﺘﺤـﺭﺭ ﻫـﻭ ﺍﻟﺸـﻴﺦ‬ ‫ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩﻩ ﻤﻨﺫ ﻗﺭﻥ ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩ ﺍﻟﻌﺎﺩل .‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﻭﺭﻏﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺒﺎﻴﻥ ﺘﺒﻘﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻬﺎﻤﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻜﺎﻤﻨﺔ ﻓـﻲ ﺘـﻭﺍﺭﻯ‬ ‫ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ، ﻤﻊ ﺘﺼﺎﻋﺩ ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻹﺴﻼﻤﻰ ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺸـﻭﺭﻯ‬ ‫ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻰ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ .‬ ‫ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ : ﻭﻫﻭ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﻘﻁـﺭﻯ‬ ‫ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﻤﻭ ، ﻭﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ‬ ‫، ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺩ ﺍﻟﻤﺘﺯﺍﻴﺩ ﻟﻠﻬﻴﺎﻜل ﺍﻻﻗﺘﺼﺩﺍﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤـﻊ ﺍﻟﺘﺯﺍﻴـﺩ‬ ‫ﺍﻟﻁﻔﻴﻑ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ، ﻭﺘﺯﺍﻴﺩ ﺩﻭﺭ ﻗﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨـﺩﻤﺎﺕ ﻓـﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼـﺎﺩﻴﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ، ﻭﺘﻨﺎﻤﻲ ﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﻭﺴﻁﻰ ﻜﺸﺭﻴﺤﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺘﻀـﻡ ﻜﺜﻴـﺭﺍ ﻤـﻥ ﺍﻟﻔﺌـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻁﺎﻤﺤﺔ ﻨﺤﻭ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻗﻴﻡ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜـﺭ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴـﺭ ، ﻭﺒﺎﻟﺘـﺎﻟﻲ ﺘﺯﺍﻴـﺩ ﺍﻻﻫﺘﻤـﺎﻡ‬ ‫ﻭﺍﻻﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻟﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ، ﺘﺄﺘﻲ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﻴﺎﺕ‬ ‫ﻟﺘﻤﺜل ﺃﻫﻡ ﺍﻟﺤﻭﺍﻓﺯ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺘﺄﺠﺠﻬﺎ ﻓـﻲ ﺍﻟـﻭﻋﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ﺍﺫ ﺘﻘـﺩﻡ‬ ‫ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻷﺤﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤل ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻭ ﺍﻷﻤﺜل ﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻷﻗﻠﻴـﺎﺕ‬ ‫ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ .‬ ‫" ﻓﺎﻟﺨﺭﻴﻁﺔ ﺍﻻﺜﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺘﻀﻡ ﻨﺤﻭ ٣١% ﻤﻥ ﻤﺠﻤـﻭﻉ‬ ‫ﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﻫﻡ ﺍﻷﻜﺭﺍﺩ ﻭﺍﻷﺭﻤـﻥ ﻭﺍﻵﺭﺍﻤﻴـﺔ ﻭﺍﻟﺴـﺭﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺸـﺭﻜﺱ‬ ‫ﻭﺍﻟﺘﺭﻜﻤﺎﻥ ﻭﺍﻷﺘﺭﺍﻙ ﻭﺍﻻﻴﺭﺍﻨﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﻴﻬﻭﺩ ﻭﺍﻟﺯﻨﻭﺝ ﻭﺍﻟﻨﻭﺒﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﺒﺭﺒـﺭ . ﻭﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺩﻴﻨﻰ ﺘﺸﻤل ﻨﺤﻭ ٠٢ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺒﻨﺴﺒﺔ ٩% ﻤﻥ ﺠﻤﻠﺔ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻫﻡ‬ ‫ﺍﻟﻴﻬﻭﺩ ﺍﻟﺭﺒﺎﻨﻴﻭﻥ ، ﻭﺍﻻﺭﺜﻭﺫﻜﺱ ، ﻭﺍﻟﻴﻬﻭﺩ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﻥ ﻭﺍﻟﺴﺎﺩﻴﻭﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﺩﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﻭﻓﻴﻘﻴﺔ‬ ‫ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺌﺒﺔ ﻭﺍﻟﻴﺯﻴﺩﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺒﻬﺎﺌﻴﺔ ﺜﻡ ﺍﻟﺩﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﺍﻟﺯﻨﺠﻴﺔ )٩( .‬ ‫ﻭﻻ ﺸﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺭﻴﻁﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻻﻨﺜﻨﻴﺔ ﺘﺜﻴﺭ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺸـﻜل ﻗـﺩﺭﺍ ﻫﺎﻤـﺎ ﻤـﻥ‬ ‫ﺍﻟﺘﻭﺘﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺘﺨﻠﻕ ﻤﺯﻴﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻬﻤﻭﻡ ﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﻥ ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ‬ ‫ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﻟﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺘﺠﺎﻫل ﺘﻠـﻙ ﺍﻟﻘﻀـﻴﺔ‬ ‫ﻭﺍﻟﻌﺒﻭﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻭﻗﻑ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﻭﻜﺫﺍ ﻴﺭﺼﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺜﻼﺙ ﻤﻌﻀﻼﺕ ﺃﺴﺎﺴـﻴﺔ‬ ‫ﺘﻤﺜل ﺩﺍﻓﻌﺎ ﻟﺘﺄﺠﻴﺞ ﺤﺩﺓ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻭﻫﻲ :‬
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624
624

Recommended

5504
55045504
5504kotob arabia
 
5578
55785578
5578kotob arabia
 
5308
53085308
5308kotob arabia
 
1573
15731573
1573kotob arabia
 
5974
59745974
5974kotob arabia
 
5862
58625862
5862kotob arabia
 
5534
55345534
5534kotob arabia
 
5537
55375537
5537kotob arabia
 

Recommended

5504
55045504
5504kotob arabia
 
5578
55785578
5578kotob arabia
 
5308
53085308
5308kotob arabia
 
1573
15731573
1573kotob arabia
 
5974
59745974
5974kotob arabia
 
5862
58625862
5862kotob arabia
 
5534
55345534
5534kotob arabia
 
5537
55375537
5537kotob arabia
 
5888
5888 5888
5888 kotob arabia
 
3545
35453545
3545kotob arabia
 
1080
10801080
1080kotob arabia
 
5850
58505850
5850kotob arabia
 
1377
13771377
1377kotob arabia
 
1004
10041004
1004kotob arabia
 
896
896896
896kotob arabia
 
1063
10631063
1063kotob arabia
 
5749
57495749
5749kotob arabia
 
5799
57995799
5799kotob arabia
 
4531
45314531
4531kotob arabia
 
3182
31823182
3182kotob arabia
 
4816
48164816
4816kotob arabia
 
515
515515
515kotob arabia
 
86
8686
86kotob arabia
 
4392
43924392
4392kotob arabia
 
1074
10741074
1074kotob arabia
 
1387
13871387
1387kotob arabia
 
3795
37953795
3795kotob arabia
 
4395
43954395
4395kotob arabia
 
5709
57095709
5709kotob arabia
 
394
394394
394kotob arabia
 

More Related Content

What's hot

What's hot (20)

5888
5888 5888
5888
 
3545
35453545
3545
 
1080
10801080
1080
 
5850
58505850
5850
 
1377
13771377
1377
 
1004
10041004
1004
 
896
896896
896
 
1063
10631063
1063
 
5749
57495749
5749
 
5799
57995799
5799
 
4531
45314531
4531
 
3182
31823182
3182
 
4816
48164816
4816
 
515
515515
515
 
86
8686
86
 
4392
43924392
4392
 
1074
10741074
1074
 
1387
13871387
1387
 
3795
37953795
3795
 
4395
43954395
4395
 

Similar to 624

Similar to 624 (20)

5709
57095709
5709
 
394
394394
394
 
3866
38663866
3866
 
6250
62506250
6250
 
676
676676
676
 
1080
10801080
1080
 
576
576576
576
 
1348
13481348
1348
 
85
8585
85
 
486
486486
486
 
1692
16921692
1692
 
3475
34753475
3475
 
1067
10671067
1067
 
1463
14631463
1463
 
1243
12431243
1243
 
1327
13271327
1327
 
1331
13311331
1331
 
4381
43814381
4381
 
4098
40984098
4098
 
589
589589
589
 

More from kotob arabia

More from kotob arabia (20)

1086
10861086
1086
 
960
960960
960
 
764
764764
764
 
6487
64876487
6487
 
6205
62056205
6205
 
942
942942
942
 
96
9696
96
 
5962
59625962
5962
 
763
763763
763
 
6486
64866486
6486
 
745
745745
745
 
6204
62046204
6204
 
6435
64356435
6435
 
5961
59615961
5961
 
6182
61826182
6182
 
959
959959
959
 
941
941941
941
 
594
594594
594
 
762
762762
762
 
744
744744
744
 

Recently uploaded

درس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمد
درس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمددرس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمد
درس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمدجامعة جنوب الوادي
 
الوعي المعلوماتي لدى العاملين في المكتبات و مراكز المعلومات
الوعي المعلوماتي لدى العاملين في المكتبات و مراكز المعلوماتالوعي المعلوماتي لدى العاملين في المكتبات و مراكز المعلومات
الوعي المعلوماتي لدى العاملين في المكتبات و مراكز المعلوماتMohamadAljaafari
 
immunology_3.ppt.................................
immunology_3.ppt.................................immunology_3.ppt.................................
immunology_3.ppt.................................hakim hassan
 
_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناء
_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناء_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناء
_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناءOmarSelim27
 
1-G9-حل درس سورة الواقعة للصف التاسع 57-74 (1).pptx
1-G9-حل درس سورة الواقعة للصف التاسع 57-74 (1).pptx1-G9-حل درس سورة الواقعة للصف التاسع 57-74 (1).pptx
1-G9-حل درس سورة الواقعة للصف التاسع 57-74 (1).pptxAhmedFares228976
 
الترادف بين اللغة العربية والإنجليزية.pptx
الترادف بين اللغة العربية والإنجليزية.pptxالترادف بين اللغة العربية والإنجليزية.pptx
الترادف بين اللغة العربية والإنجليزية.pptxssuser53c5fe
 
إعادة الإعمار-- غزة فلسطين سوريا العراق
إعادة الإعمار-- غزة فلسطين سوريا العراقإعادة الإعمار-- غزة فلسطين سوريا العراق
إعادة الإعمار-- غزة فلسطين سوريا العراقOmarSelim27
 
أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...
أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...
أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...Osama ragab Ali
 
تطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها في العلوم البيولوجية والطبية
تطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها في العلوم البيولوجية والطبيةتطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها في العلوم البيولوجية والطبية
تطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها في العلوم البيولوجية والطبيةMohammad Alkataan
 
عرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
عرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdfعرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
عرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdfr6jmq4dqcb
 
دمشق تاريخ معطر بالياسمين - ماهر أسعد بكر
دمشق تاريخ معطر بالياسمين - ماهر أسعد بكردمشق تاريخ معطر بالياسمين - ماهر أسعد بكر
دمشق تاريخ معطر بالياسمين - ماهر أسعد بكرMaher Asaad Baker
 
سلسلة في التجويد للدورات التمهيدية والمتوسطة والمتقدمة.pdf
سلسلة في التجويد للدورات التمهيدية والمتوسطة والمتقدمة.pdfسلسلة في التجويد للدورات التمهيدية والمتوسطة والمتقدمة.pdf
سلسلة في التجويد للدورات التمهيدية والمتوسطة والمتقدمة.pdfbassamshammah
 
تهيئة ممتعة استراتيجية شريط الذكريات.pptx
تهيئة ممتعة استراتيجية شريط الذكريات.pptxتهيئة ممتعة استراتيجية شريط الذكريات.pptx
تهيئة ممتعة استراتيجية شريط الذكريات.pptxfjalali2
 
شكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdf
شكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdfشكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdf
شكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdfshimaahussein2003
 
الصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptx
الصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptxالصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptx
الصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptxv2mt8mtspw
 
محمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريم
محمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريممحمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريم
محمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريمelqadymuhammad
 
دور مجتمعات التعلم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
دور مجتمعات التعلم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdfدور مجتمعات التعلم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
دور مجتمعات التعلم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf575cqhpbb7
 
لطلاب المرحلة الابتدائية طرق تدريس التعبير الكتابي
لطلاب المرحلة الابتدائية طرق تدريس التعبير الكتابيلطلاب المرحلة الابتدائية طرق تدريس التعبير الكتابي
لطلاب المرحلة الابتدائية طرق تدريس التعبير الكتابيfjalali2
 

Recently uploaded (20)

درس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمد
درس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمددرس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمد
درس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمد
 
الوعي المعلوماتي لدى العاملين في المكتبات و مراكز المعلومات
الوعي المعلوماتي لدى العاملين في المكتبات و مراكز المعلوماتالوعي المعلوماتي لدى العاملين في المكتبات و مراكز المعلومات
الوعي المعلوماتي لدى العاملين في المكتبات و مراكز المعلومات
 
immunology_3.ppt.................................
immunology_3.ppt.................................immunology_3.ppt.................................
immunology_3.ppt.................................
 
_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناء
_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناء_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناء
_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناء
 
1-G9-حل درس سورة الواقعة للصف التاسع 57-74 (1).pptx
1-G9-حل درس سورة الواقعة للصف التاسع 57-74 (1).pptx1-G9-حل درس سورة الواقعة للصف التاسع 57-74 (1).pptx
1-G9-حل درس سورة الواقعة للصف التاسع 57-74 (1).pptx
 
الترادف بين اللغة العربية والإنجليزية.pptx
الترادف بين اللغة العربية والإنجليزية.pptxالترادف بين اللغة العربية والإنجليزية.pptx
الترادف بين اللغة العربية والإنجليزية.pptx
 
إعادة الإعمار-- غزة فلسطين سوريا العراق
إعادة الإعمار-- غزة فلسطين سوريا العراقإعادة الإعمار-- غزة فلسطين سوريا العراق
إعادة الإعمار-- غزة فلسطين سوريا العراق
 
أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...
أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...
أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...
 
تطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها في العلوم البيولوجية والطبية
تطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها في العلوم البيولوجية والطبيةتطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها في العلوم البيولوجية والطبية
تطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها في العلوم البيولوجية والطبية
 
عرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
عرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdfعرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
عرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
 
عرض تقديمي عن اسم المفعول.امل عرفات محمد العربي جامعة جنوب الوادي تربيه عام ...
عرض تقديمي عن اسم المفعول.امل عرفات محمد العربي جامعة جنوب الوادي تربيه عام ...عرض تقديمي عن اسم المفعول.امل عرفات محمد العربي جامعة جنوب الوادي تربيه عام ...
عرض تقديمي عن اسم المفعول.امل عرفات محمد العربي جامعة جنوب الوادي تربيه عام ...
 
دمشق تاريخ معطر بالياسمين - ماهر أسعد بكر
دمشق تاريخ معطر بالياسمين - ماهر أسعد بكردمشق تاريخ معطر بالياسمين - ماهر أسعد بكر
دمشق تاريخ معطر بالياسمين - ماهر أسعد بكر
 
سلسلة في التجويد للدورات التمهيدية والمتوسطة والمتقدمة.pdf
سلسلة في التجويد للدورات التمهيدية والمتوسطة والمتقدمة.pdfسلسلة في التجويد للدورات التمهيدية والمتوسطة والمتقدمة.pdf
سلسلة في التجويد للدورات التمهيدية والمتوسطة والمتقدمة.pdf
 
تهيئة ممتعة استراتيجية شريط الذكريات.pptx
تهيئة ممتعة استراتيجية شريط الذكريات.pptxتهيئة ممتعة استراتيجية شريط الذكريات.pptx
تهيئة ممتعة استراتيجية شريط الذكريات.pptx
 
شكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdf
شكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdfشكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdf
شكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdf
 
الصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptx
الصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptxالصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptx
الصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptx
 
محمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريم
محمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريممحمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريم
محمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريم
 
دور مجتمعات التعلم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
دور مجتمعات التعلم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdfدور مجتمعات التعلم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
دور مجتمعات التعلم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
 
.العروض التقديمية والرسومات التعليمية bdf
.العروض التقديمية والرسومات التعليمية bdf.العروض التقديمية والرسومات التعليمية bdf
.العروض التقديمية والرسومات التعليمية bdf
 
لطلاب المرحلة الابتدائية طرق تدريس التعبير الكتابي
لطلاب المرحلة الابتدائية طرق تدريس التعبير الكتابيلطلاب المرحلة الابتدائية طرق تدريس التعبير الكتابي
لطلاب المرحلة الابتدائية طرق تدريس التعبير الكتابي
 

624

  • 1.
  • 2. ‫ﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﻤﺴﺘﻘﺒل‬ ‫ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫ﺼﻼﺡ ﺴﺎﻟﻡ‬
  • 3. ‫ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﳌﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ‬ ‫א‬ ‫א‬ ‫א‬ ‫.‬ ‫אא‬ ‫א‬ ‫)ﻋـﱪ ﺍﻻﻧﱰﻧـﺖ ﺃﻭ‬ ‫א‬ ‫אא‬ ‫ﻟﻠﻤﻜﺘﺒــﺎﺕ ﺍﻻﻟﻜﱰﻭﻧﻴــﺔ ﺃﻭ ﺍﻷﻗــﺮﺍﺹ ﺍﳌﺪﳎــﺔ ﺃﻭ ﺍﻯ‬ ‫א‬ ‫ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ (‬ ‫א‬ ‫א‬ ‫.‬ ‫.‬ ‫א א‬
  • 4. ‫ﻓﻬﺭﺱ‬ ‫ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ‬ ‫ﺘﺼﺩﻴﺭ‬ ‫ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل‬ ‫ﺘﺤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ‬ ‫ﺘﻘﺩﻴﻡ : ﺍﺯﺩﻭﺍﺠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ‬ ‫ﺃﻭﻻ : ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻨﺔ، ﻭﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ‬ ‫ﺜﺎﻨﻴﺎ : ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ، ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﺍﻟﺫﺭﺍﺌﻌﻴﺔ‬ ‫ﺜﺎﻟﺜﺎ : ﺍﻻﺴﺘﺎﺘﻴﻜﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺠﻤﻭﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﺩﺍﺌﺭﻴﺔ‬ ‫ﺭﺍﺒﻌﺎ : ﺃﻨﻌﺩﺍﻡ ﺍﻟﻤﺭﻭﻨﺔ ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺘﺴﺎﻤﺢ‬ ‫ﺨﺎﻤﺴﺎ : ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺸﻤﻠﺔ ﻟﺤﺴﺎﺏ ﺍﻵﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺯﺌﻴﺔ‬ ‫ﺴﺎﺩﺴﺎ : ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﻤﺤﺩﻭﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻰ، ﻭﻏﻠﺒﺔ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﺍﻟﺴﻠﺒﻰ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻻﻴﺠﺎﺒﻴﺔ .‬ ‫ﺴﺎﺒﻌﺎ : ﺍﺴﺘﺤﻀﺎﺭ ﺍﻵﺨﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ‬ ‫ﺜﺎﻤﻨﺎ : ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻷﺤﺎﺩﻴﺔ ﻟﻸﺸﻴﺎﺀ ﻭﻓﻘﺩﺍﻥ ﺃﺩﺏ ﺍﻻﺨﺘﻼﻕ‬ ‫ﺘﻌﻘﻴﺏ : ﻨﺤﻭ ﺭﺅﻴﺔ ﻤﺘﻔﺎﺌﻠﺔ ﻵﻓﺎﻕ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ‬ ‫ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻰ‬ ‫ﺘﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺒﻌﺩ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ‬ ‫ﺘﻘﺩﻴﻡ : ﺒﻴﻥ ﺍﻻﻓﺘﺭﺍﻕ ﻭﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻻﻟﺘﻘﺎﺀ‬ ‫ﺃﻭﻻ : ﺍﻟﺘﻔﻜﻙ ﺍﻟﺠﺯﺌﻰ ﻟﺘﺤﺎﻟﻔﻰ ﺃﺯﻤﺔ – ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ‬ ‫ﺜﺎﻨﻴﺎ : ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﻌﺠﺯ ﻋﻥ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‬ ‫ﺜﺎﻟﺜﺎ : ﺍﻟﺠﺩل ﺤﻭل ﺇﻤﻜﺎﻨﺎﺕ ﻭﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺘﻁﻭﻴﺭ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ .‬ ‫ﺭﺍﺒﻌﺎ : ﺍﻟﺘﺴﻭﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻟﻠﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ – ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻰ‬ ‫ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ‬ ‫ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ‬ ‫ﺘﻘﺩﻴﻡ : ﻋﻥ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﻨﺱ، ﻭﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ‬
  • 5. ‫ﺃﻭﻻ : ﺘﺤﺩﻯ ﺍﻟﻭﻀﻌﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ‬ ‫ﺜﺎﻨﻴﺎ : ﺘﺤﺩﻯ ﻓﻜﺭﻴﺎﺕ ﺍﺸﻠﺭﻕ ﺃﻭﺴﻁﻴﺔ‬ ‫ﺜﺎﻟﺜﺎ : ﺍﻻﻨﺸﻐﺎل ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻰ ﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻰ‬ ‫ﺭﺍﺒﻌﺎ : ﺍﻻﻨﺸﻐﺎل ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻰ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺒﻰ‬ ‫ﺨﺎﺘﻤﺔ‬ ‫ﺍﺴﺘﺸﺭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻼﺕ ﺍﻟﺒﺩﻴﻠﺔ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ‬ ‫ﻗﺎﺌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺭﺍﺠﻊ‬ ‫ﺍﻟﻔﻬﺭﺱ‬
  • 6. ‫ﺒﺴﻡ ﺍﷲ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺭﺤﻴﻡ‬ ‫ﺇﻫﺩﺍﺀ‬ ‫ﻋﻠﻰ .. ﻭﺍﻟﺩﻯ‬ ‫ﻭﻓﺎﺀ ﻟﺒﻌﺽ ﻗﻠﻴل .. ﻤﻥ ﻓﻀل ﻜﺜﻴﺭ‬ ‫ﺼﻼﺡ ﺴﺎﻟﻡ‬
  • 7. ‫ﺘﺼﺩﻴﺭ‬ ‫ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻻﺕ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﻋﻠـﻰ ﻭﻋﻴﻨـﺎ ﺍﻟﻘـﻭﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼـﺭ‬ ‫ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﻭﺍﻴﻼﻤﺎ ﻋﻥ ﺠﺩﻭﻯ ﻭﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﻔﻀﻼ ﻋﻤﺎ ﺘﺜﻴـﺭﻩ ﺼـﻴﻐﺔ‬ ‫ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻤﻥ ﻤﺭﺍﺭﺍﺕ ﻜﺭﺴﻬﺎ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺭﻜﻭﺩ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤﺎﻀـﻲ ، ﺃﻭ ﻫـﻭﺍﺠﺱ ﺘـﺩﻓﻌﻬﺎ‬ ‫ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺯﻏﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻕ ﺭﺒﻤﺎ ﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﻌﻴﺸﻬﺎ ﺘﻜﺎﺩ‬ ‫ﺘﺠﺘﻤﻊ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﻭﺘﺜﻭﺭ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﻤﻨﻬﺎ ﺫﺭﻭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺩﻯ ﺍﻟﻘـﻭﻤﻲ‬ ‫ﺘﺩﻓﻊ ﻨﺤﻭ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺎﺕ ﻤﺘﻔﺎﻭﺘﺔ ﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩﻯ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺒﻭﺠﻪ ﺨﺎﺹ .‬ ‫ﻭﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﺍﻨﻤﺎﻁﺎ ﺜﻼﺜﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺘﻁﺭﺡ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻭﺒﻘﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺼﻌﺩﺓ ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ .‬ ‫ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺘﺤﺩﻯ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺭﺯﻩ ﻓﻲ ﺍﻨﻤﺎﻁ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤـل ﺍﻟﻘﺴـﺭﻱ ﻤـﻊ‬ ‫ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺘﺤﺩﻯ ﺍﻟﻨﺎﺠﻡ ﻋﻥ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﻔﺠﻭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺼﻠﺩ ﻟﺘﻭﺍﺯﻥ‬ ‫ﺍﻟﻘﻭﻯ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻫﻴﻤﻥ ﻋﻠﻰ ﺘﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺒـﺎﺭﺩﺓ ، ﻭﺍﻟﻤﻔﻬـﻭﻡ ﺍﻟﺭﺨـﻭ ﻟﺘـﻭﺍﺯﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻅل ﻁﺭﺤﺎ ﻨﻅﺭﻴﺎ ﻭﻗﻴﻤﻴﺎ ﺤﺘﻰ ﺃﻻﻥ .‬ ‫ﻭﺃﻡ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻷﻭل ﻗﺩ ﺃﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﺴﺘﺎﺘﻴﻜﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺠﺴﺩﻩ ﺍﻻﺴـﺘﻘﻁﺎﺏ‬ ‫ﺍﻟﺩﻭﻟﻰ ﻟﻨﺤﻭ ﺜﻼﺜﺔ ﻋﻘﻭﺩ ﺃﻭ ﻴﺯﻴﺩ ﻓﺎﻥ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻭﻤﻌﺎﺩﻻﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻗﺩ ﻋﻤﻠﺕ ﻋﻠﻰ ﺘﻐﻁﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺠﺯ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺘﻭﺍﺯﻥ ﺍﻟﻘﻭﻯ .‬ ‫ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻗﺩ ﺃﻨﻁﻠﻕ ﻓﻲ ﺒﻴﺌﺔ ﻜﻭﻨﻴﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﺩﻴﻨﺎﻤﻴﻜﻴﺔ ﻭﻤـﻥ ﺭﺅﻴـﺔ‬ ‫ﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﻔﺎﺭﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ . ﻓﻠﻡ ﻴﺴﺘﻁﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻼﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻥ ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺒﺎﻟﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ﻏﺫ ﺒﺩﺕ ﻤﻬﻤﺔ ﺼﻌﺒﺔ ، ﺠﻌﻠﻬﺎ ﺍﻟﻔﺎﺭﺱ ﻤﺴﺘﺤﻴﻠﺔ ﺤﺘﻰ ﺒـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﺭﺍﺤﻠﻪ ﺍﻨﻜﺸﺎﻓﺎ ﻟﻴﺱ ﻓﻘﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﺍﻟﺼﻭﻤﺎل ﺒـل‬ ‫ﺭﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﻜﺎﻓﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﻭﺘﻌﺒﻴﺭﺍﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ .‬ ‫ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺃﻴﻀﺎ ﺍﻟﺘﺤﺩﻯ ﺍﻷﺨﻁﺭ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺘﺤﺩﻯ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﺍﻟﻨﺎﺠﻡ ﻋﻥ ﻀـﺭﻭﺭﺍﺕ‬ ‫ﺘﻠﺒﻴﺔ ﻤﺘﻁﻠﺒﺎﺕ ﺍﻻﻨﻌﻁﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ – ﺍﻻﺴـﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﺤـﻭﺭﺓ‬ ‫ﺤﻭل ﻓﻜﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺃﻭﺴﻁﻴﺔ ﺒﺘﺠﻠﻴﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ .‬ ‫ﻭﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻭﺼﻔﻬﺎ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ – ﻭﺒﺄﻯ ﺤﺎل‬ ‫ﻤﻥ ﺍﻷﺤﻭﺍل – ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺼﺭﺍﻉ ﺍﺫ ﺘﺤﻭﻯ ﻓﻲ ﻜﺘﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴـﻴﺔ ﺸـﺘﻰ ﺘﻌﺒﻴـﺭﺍﺕ‬
  • 8. ‫ﺍﻟﺘﺴﺎﻤﺢ ﻭﻤﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺎﻴﺵ ﺒﺎﻟﻘﺩﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﻭﻟﻨﺎ ﺒﺘﺠﺎﻭﺯ ﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫– ﺍﻻﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ﺒﻜل ﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺘﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﻤﺨﺎﻁﺭ ﻴﺜﻴﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺸـﻬﺩ ﺍﻟـﺭﺍﻫﻥ ﻭﺘﺠـﺩ‬ ‫ﺩﻭﺍﻓﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻥ .‬ ‫ﺃﻭﻻ : ﻭﻫﻭ ﺍﻓﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﻔل ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻓﻀﻼ ﻋﻥ‬ ‫ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺘﻬﺎ ﻭﻨﺠﺎﺤﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺸﺭﻭﻁ ﺘﺘﻤﺤﻭﺭ ﺤﻭل ﺘﺠﺎﻨﺱ ﺭﺅﻴـﺔ ﺃﻁﺭﺍﻓﻬـﺎ ﻟﻠﻌـﺎﻟﻡ‬ ‫ﺒﺤﻘﺎﺌﻘﻪ ﺍﻟﺜﺎﺒﺘﺔ ﻭﺘﻔﺎﻋﻼﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘﺤﻭﻟﺔ . ﺍﺫ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﻤﺭ ﻴﻜﺸﻑ ﻋﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻻﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ‬ ‫– ﺒﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ ﻨﻭﻫﺎ – ﻴﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﺍﺩﺍﺭﻙ ﺍﺴﺎﺴﻲ ﻴﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﻭﻴﺅﻜﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﺼﺎﻋﺩ‬ ‫ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﺒﻤﻴﺭﺍﺜﻪ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭﻱ ﺍﻟﻤﻌـﺭﻭﻑ ﻭﻫﺒـﻭﻁ ﺍﻟﻤﺸـﺭﻭﻉ‬ ‫ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺩﻓﻊ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻘل ﻻﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻭﺘﺼﻭﻴﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ‬ ‫ﺃﺼﺒﺢ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻨﺒﺭﺓ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺒﺩﺕ ﻓﻲ ﺃﻋﻘﺎﺏ ﻫﺯﻴﻤﺔ ﻴﻭﻨﻴﻭ ﻭﺘـﻭﺍﺭﺕ‬ ‫ﻨﻭﻋﺎ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺤﺭﺏ ﺍﻜﺘﻭﺒﺭ ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﻌﻭﺩ ﻤﺠﺩﺩﺍ – ﻓﻴﻤﺎ ﺘﻌﻜﺴـﻪ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴـﺎﺕ ﻗﺒـل‬ ‫ﺍﻟﻁﺭﻭﺤﺎﺕ – ﺃﻋﻘﺎﺏ ﺯﻟﺯﺍل ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻟﺘﻔﺭﺯ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﻜﺜﺎﻓﺔ ﺼﺭﺍﻉ ﺘﺒـﺩﻭ ﻭﺍﻀـﺤﺔ‬ ‫ﻭﺘﺜﻴﺭ ﻫﻭﺍﺠﺱ ﻋﻤﻴﻘﺔ .‬ ‫ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻲ : ﻫﻭ ﻀﻌﻑ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﻨﻅﻡ ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ . ﻓﻀﻼ ﻋﻤﺎ ﺘﻌﻜﺴﻪ‬ ‫ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺘﻭﻯ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﺫ ﺍﻨﻬﺎ ﺘـﺄﺘﻲ ﻤﺤﻤﻠـﺔ ﺒﺸـﺘﻰ‬ ‫ﺭﻭﺍﺴﺏ ﺍﻟﻌﺠﺯ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻜﺎﻤل ﻭﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ، ﻭﺍﻷﻋﺠﺎﺏ ﺒﺎﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﻟﺘﻭﺤﺩ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺹ ﻴﺩﻓﻊ ﺒﺎﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ﻨﺤـﻭ ﺍﻻﺒﺤـﺎﺭ ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻬﻭل ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺃﻭﺴﻁﻰ ﺒﺭﻓﻘﺔ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻴﺔ ﻭﺘﺤﺕ ﺍﻻﻤﺎﻤﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴـﺔ ﻓـﻲ‬ ‫ﻤﻐﺎﻤﺭﺓ ﻟﻥ ﺘﺴﻠﻡ ﻋﻭﺍﻗﺒﻬﺎ ﺍﺫ ﺘﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﺍﺩﺭﺍﻙ ﺒﺎﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺍﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺒﺂﻟﻴـﺎﺕ‬ ‫ﺩﻭﻟﻴﺔ – ﺍﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻗﺩ ﺘﻨﺎل ﻤﻥ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﻟﻭ ﻤﻨﺤﺕ ﺒﻌﺽ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ .‬ ‫ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺍﻴﻀﺎ ﺍﻟﺘﺤﺩﻯ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﺭﻜﻭﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻜﺸﻑ ﻋﻨﻪ ﺨﺒﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﻴﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﻋﺠﺯ ﻫﻴﺎﻜل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻋﻥ ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻁﻤﻭﺤﺎﺘـﻪ ﺍﻷﻤـﺭ‬ ‫ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺴﻠﻡ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻰ ﺃﺯﻤﺎﺘﻪ ﻭﺯﺍﺩ ﻤﻥ ﺘﻔﻌﻴل ﺍﻟﻤـﺅﺜﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴـﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴـﺔ‬ ‫ﻭﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺩﺍ ﻓﻲ ﻨﻅﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﻥ ﻋﻨﻪ ﻤﺸﺭﻭﻋﺎ‬ ‫ﻋﺎﺠﺯﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺤﻘﻕ ﻭﺍﻻﻜﺘﻤﺎل ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺒﺎﻻﺴﺘﻤﺭﺍﺭ .‬
  • 9. ‫ﻭﻻﻴﻤﺎﻨﻨﺎ ﺒﺄﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴـﺔ ،‬ ‫ﻭﺃﻴﻀﺎ ﺒﺩﻭﺭ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻻﺴﺘﺠﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﻭﻀـﻭﻋﻴﺔ ﻟﻠﺘﺤـﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴـﺘﻘﺒﻠﻴﺔ‬ ‫ﻨﻌﻭﺽ ﺒﺎﻴﺠﺎﺯ ﺒﻴﻥ ﺩﻓﺘﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻟﻔﺼﻭل ﺜﻼﺜﺔ ﺘﺘﻨﺎﻭل ﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴـﻲ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺤﻴﺙ ﻨﻌﺭﺽ ﻷﻫﻡ ﺍﻟﻤﻼﻤﺢ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﺒﻎ ﺒﻨﻤﻁﻬﺎ ﻤﻨﺘﺞ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻘل ﻓﻴﻤﺎ‬ ‫ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﻭﺍﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ، ﺜﻡ ﺘﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻭﺍﻗـﻊ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﻌﺩ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻜل ﺒﻤﻜﻭﻨﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﺭﺒﻌﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻻﻁﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ‬ ‫ﻟﻠﻔﻌل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ ، ﺜﻡ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﻫـﻲ‬ ‫ﺃﻴﻀﺎ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﺘﺘﻭﺯﻉ ﻋﻠﻰ ﻤﺤﻭﺭﻴﻥ .. ﺍﻷﻭل ﺠﻐﺭﺍﻓﻲ ﻴﺜﻴـﺭ ﺍﻻﻨﺸـﻐﺎل ﺍﻻﻗﻠﻴﻤـﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺒﻲ ﻭﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﺒﻌﻴﺩﺍ ﻋﻥ ﺍﻻﻨﺸﻐﺎل ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ، ﻭﺍﻵﺨﺭ ﻭﻅﻴﻔـﻲ ﺘﺜﻴـﺭﻩ‬ ‫ﻀﻐﻭﻁ ﺍﻟﺒﻴﺌﺘﻴﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﻴﻬﺩﺩ ﺒﻨﺯﻉ ﺒﻌﺽ ﻭﻅﺎﺌﻑ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ‬ ‫ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ، ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ﺨﺎﺘﻤﺔ ﻻﺴﺘﺸﺭﺍﻕ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻤﺴـﺘﻘﺒل ﻋﺒـﺭ ﺼـﻴﺎﻏﺔ ﻷﺭﺒﻌـﺔ‬ ‫ﺴﻴﻨﺎﺭﻴﻭﻫﺎﺕ ﺘﺘﺭﺍﻭﺡ ﺒﻴﻥ ﺘﻔﺎﺅل ﺘﺜﻴﺭﻩ ﺒﺩﺍﺌل ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﻤﺴـﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻷﻗﺼـﻰ ﻟﻠﻔﻌـل‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺘﺠﺎﻩ ﺘﺤﺩﻴﺎﺘﻪ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ . ﻭﺒﻴﻥ ﺘﺸﺎﺅﻡ ﺘﺜﻴﺭﻩ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻷﺩﻨﻲ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻔﻌـل ،‬ ‫ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻜﻠﻴﻬﻤﺎ ، ﺍﻟﺘﻔﺎﺅل ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻡ ﻴﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﺍﻁﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻁ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺤـﻭل‬ ‫ﺩﻭﻥ ﺍﻨﺒﻌﺎﺙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ، ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻤﻥ ﻋﻤﻕ ﻤﺭﺍﺭﺍﺕ ﻟﺤﻅـﺎﺕ ﺴـﺎﺒﻘﺔ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻫﻭ ﺍﻨﺒﻌﺎﺙ ﻨﺄﻤﻠﻪ ﻭﻨﺩﻋﻭ ﺍﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺭﺠـﻭﻩ ﻤﺤﻘﻘـﺎ ﻟـﺒﻌﺽ‬ ‫ﺍﻟﻔﺎﺌﺩﺓ ﻟﻔﻜﺭﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ .‬ ‫ﻭﺍﷲ ﻤﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻘﺼﺩ‬ ‫ﺼﻼﺡ ﺴﺎﻟﻡ‬
  • 10. ‫ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل‬ ‫ﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ‬ ‫ﻤﻼﻤﺢ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ‬ ‫ﺘﻘﺩﻴﻡ : ﺍﺯﺩﻭﺍﺠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ :‬ ‫ﺒﺩﺃ ﻓﻜﺭﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻊ ﻋﺼﻭﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﻴﻌﻴﺵ ﺤﺎﻟﺔ ﻤـﻥ ﺍﻟﺘـﻭﺘﺭ‬ ‫ﺼﺎﺤﺒﺕ ﺭﺴﻭﺥ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﻠﻤﻰ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺒﻲ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﻴﺔ ﺘﺯﺍﻴﺩﺕ ﺤﺩﺘﻬﺎ ﻋﻘﺏ‬ ‫ﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﺨﻀﻤﻬﺎ ﺤﻴﺙ ﺃﺨﺫ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫ﻴﺘﺭﺩﺩ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﺼﺎﺭ‬ ‫ﻴﺴﻤﻰ ﺒﺎﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻷﺼﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ .‬ ‫ﻭﺭﻏﻡ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﺩﺍﺌﺏ ﻋﻥ ﺍﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻴﻥ ﺍﻻ ﺃﻥ ﺫﻟﻙ ﺒﺩﺍ ﻤﻊ‬ ‫ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺤﺩﻴﺜﺎ ﻁﻭﺒﺎﻭﻴﺎ ﻟﻡ ﺘﻌﻜﺴﻪ ﺍﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ – ﺒﺸﻜل ﻭﺍﻀـﺢ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻷﻗل ﺤﻴﺙ ﻭﻗﻑ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺎﻓﺔ ﻤﻥ ﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻪ ﺍﻷﺼـﻠﻴﺔ ﻴﺤﺎﻭﺭﻫـﺎ ﻭﻻ‬ ‫ﻴﺘﻀﻤﻨﻬﺎ ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻭﻗﻑ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺎﻓﺔ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻪ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ﻴﻐﺎﺯﻟﻬـﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻥ‬ ‫ﻴﺘﺒﻨﺎﻫﺎ . ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺒﺩﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻬﻀﻡ ﻭﺍﻟﺠﻤﻊ ﻭﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﻭﺍﻻﺤﺘﻭﺍﺀ ﻋﺴـﻴﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﺎﻗﺕ ﺘﻜﺎﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﺨـﻼﻕ . ﻭﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻌﺘـﺭﻑ ﺍﻟـﻭﻋﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻻﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﻓﻘﺩ ﻋﺎﺸﻬﺎ ﻭﺍﻗﻌﺎ ﻤﺴﺘﻤﺭﺍ ﻴﺅﻜﺩ ﻜﻭﻨﻪ ﻭﻋﻴﺎ ﺴﻠﻔﻴﺎ ﻫﺭﻤـﺎ ،‬ ‫ﻭﻭﻋﻴﺎ ﺤﺩﺍﺜﻴﺎ ﺘﺎﺒﻌﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻓﻌﺕ ﻜﺎﺘﺒﺎ ﻤﺼﺭﻴﺎ ﻤﻌﺎﺼﺭﺍ ﻟﻠﻘﻭل ﺒﺄﻨﻨﺎ ﻨﻌﻴﺵ‬ ‫ﻓﻲ ﻅل ﺜﻘﺎﻓﺘﻴﻥ . ﻭﻟﻘﺩ ﺘﺭﺩﺩ ﺼﺩﻯ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺒﻌﻤﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫ﺤﻴﺙ ﻭﻗﻊ ﺍﺸﺘﺒﺎﻙ ﺒﻴﻥ ﺃﻨﺼﺎﺭ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻴﻥ ﻓﻲ ﻭﻋﻴﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻨﺫ ﻗﺭﻥ ﻭﻨﻴﻑ ﺤـﻭل‬ ‫ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺫﻱ ﻁﺎﺒﻊ ﺤﻀﺎﺭﻱ ﻜﺎﻟﻨﻬﻀﺔ ﻭﺍﻟﻬﻭﻴﺔ . ﻭﺒﻌﻀـﻬﺎ ﺃﺨـﺫ ﺍﻟﺼـﺒﻐﺔ‬ ‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻭﺍﻀﺤﺔ ﻜﺎﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻀـﺎﻴﺎ ﺍﻟﺘـﻲ‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺍﺨﺘﺯﺍل ﺍﻟﺠﺩل ﺤﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﺜﻨﺎﺌﻴﺎﺕ ﻤﺘﻘﺎﺒﻠﺔ ﺘﻌﻜﺱ ﻓﻲ ﻜل ﺘﻜﺭﺍﺭﺍﺘﻬـﺎ ﺇﺤـﺩﻯ‬ ‫ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻑ ﻤﺎ ﻤﻥ ﻤﺤﻭﺭ ﻓﻠﺴﻔﻰ ﻤﺸـﺘﺭﻙ ﺒﻴﻨﻤـﺎ ﺘﻌﻜـﺱ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﻑ ﺍﻵﺨﺭ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﺃﻭ ﻏﻴﺭ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ .‬
  • 11. ‫ﻭﻟﻘﺩ ﻤﺜﻠﺕ ﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴﻼﻡ ﺍﺤﺩﻯ ﺃﺒﺭﺯ ﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ‬ ‫ﻁﻴﻠﺔ ﺍﻟﻨﺼﻑ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘل ﺒﻁﻭل ﻭﻋﺭﺽ ﺍﻟﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ ﻭﺤﺘـﻰ‬ ‫ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺸﻬﺩﺕ – ﺒﻔﻌل ﺘﻁﻭﺭﺍﺕ ﻤﻌﻘﺩﺓ – ﻨﻭﻋﺎ ﻤـﻥ ﺍﻻﻟﺘﻘـﺎﺀ‬ ‫ﺍﻟﺠﺯﺌﻲ ﺍﻟﻭﺍﻀﺢ ﻭﺍﻟﻐﻴﺭ ﻤﻨﻅﻡ ﺘﺩﺭﻴﺠﻴﺎ ﺒـﻴﻥ ﺍﻟﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻴـﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴـﺔ ﻤـﻥ ﺠﺎﻨـﺏ‬ ‫ﻭﺍﻟﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺁﺨﺭ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻤﺎ ﺒﺩﺍ ﻭﻜﺄﻨﻪ ﺍﻟﺘﻘﺎﺀ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﺘﻘﺎﺭﺏ ﺒﻴﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻴﻥ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺘﻴﻥ ﻟﻠﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ . ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻨﻤـﺎ‬ ‫ﻫﻭ ﺘﺠﺴﻴﺩ ﻟﻠﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﻴﺔ ﻋﻠـﻰ ﺍﺨـﺘﻼﻑ ﺼـﻴﻐﻬﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴـﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴـﺔ ، ﺃﻭ‬ ‫ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ، ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﺍﻷﺭﺒﻊ ﺍﻟﻤﻨﻘﻀﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﺸﻬﺩﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﻗﺩ ﺃﻓﺭﺯﺕ ﻤﻭﺍﻗﻑ ﻭﺭﺅﻯ ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ ﻨﻭﻋﺎ ﻤـﻥ ﺭﺅﻯ ﺘﻠـﻙ‬ ‫ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﻭﻤﺅﻜﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﺭﻭﺍﻓﺩ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﻭﺍﻻﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﺍﻟﻰ ﺤﺩ ﺒﻌﻴﺩ . ﺤﻴـﺙ‬ ‫ﺒﺩﺍ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺒﻤﺭﻭﺭ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻤﺤﺩﻭﺩﺍ ﺒﺎﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻤﻌﺘﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻨﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻭﺍﻻﺴﻼﻤﻲ‬ ‫ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻤﻠﻤﺢ ﺍﻟﺫﻱ ﺼﺎﺭ ﻭﺍﻀﺤﺎ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻁﺭﻓﻴﻥ . ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻀﻭﺡ‬ ‫ﻫﻭ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻓﺭﺯﺘﻪ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺘﻀﺎﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻵﺨـﺭ ﺍﺫﺍ ﻤـﺎ‬ ‫ﺃﺩﺭﻜﻨﺎ ﺃﻥ ﻗﺒﻭﻻ ﻓﻜﺭﻴﺎ ﻜﺎﻤﻨﺎ ﺃﻭ ﺼﺎﻤﺘﺎ ﻗﺩ ﺘﻭﻓﺭ ﻟﻬﻤﺎ ﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺃﻋﻨﻑ ﻤﺭﺍﺤل ﺼﺭﺍﻉ‬ ‫ﺘﻴﺎﺭﻴﻬﻤﺎ .‬ ‫ﻭﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﺘﺩﻟﺔ ﺍﻟﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻴﺔ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻤﻌﺴﻜﺭﻴﻥ ﻓﺴـﺭﻋﺎﻥ ﻤـﺎ‬ ‫ﺘﻭﺍﺭﻯ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﻤﻊ ﺘﺼﺎﻋﺩ ﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻻﺤﺘﺠﺎﺝ ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ﺩﺍﺨل ﺒﻠـﺩﺍﻥ ﻋﺭﺒﻴـﺔ‬ ‫ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺭﺍﺴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎل ﺍﻷﻓﺭﻴﻘﻲ ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺘﻴﺎﺭ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﻥ . ﻭﻫﻭ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺎﺕ ﻴﻬﺩﺩ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﻤﻤﺎ ﺩﻓـﻊ ﺠـل‬ ‫ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﺩ ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ﻭﻤﻥ ﺒﻴﻨﻬـﺎ ﺍﻟﺘﻴـﺎﺭ ﺍﻟﻘـﻭﻤﻲ‬ ‫ﺍﻟﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻰ ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﺩل . ﻭﻤﻊ ﺍﺨﺘﺯﺍل ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻻﺴﻼﻤﻰ ﺍﻻﻋﺘﺩﺍﻟﻰ ﺍﻟـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻬﺎﻤﺵ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﻤﻊ ﺍﻨﻔﻼﺕ ﺍﻷﺠﻨﺤﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﺩﺍﺨـل ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﻋﻥ ﻗﺎﺩﺘﻬﺎ ﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﺩﻟﻴﻥ ﺃﻤﺭﺍ ﻏﻴﺭ‬ ‫ﺫﻯ ﺠﺩﻭﻯ ﻓﻲ ﻅل ﻭﺍﻗﻊ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﻓﻴﻥ . ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺘﻴﺎﺭ ﺍﺴـﻼﻤﻲ ﻤﺘﺼـﺎﻋﺩ‬ ‫ﻴﻤﺘﻠﻙ ﺒﻌﺽ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻭﻤﻭﺍﺭﺩ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻴﺭﻏﺏ ﻓﻲ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺫﺍﺘﻴﺘﻪ ﻭﻴﺴـﻌﻰ ﺍﻟـﻰ ﻓـﺭﺽ‬
  • 12. ‫ﻤﺸﺭﻭﻋﻪ ﻭﺘﻴﺎﺭ ﻗﻭﻤﻰ ﺃﺨﺫ ﻴﻨﺴﺤﺏ ﻓﻜﺭﻴﺎ ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻓﻲ ﻅل ﻅﺭﻭﻑ ﻤﻌﻘـﺩﺓ ﺩﻭﻟﻴـﺎ‬ ‫ﻭﺩﺍﺨﻠﻴﺎ ﺤﺘﻰ ﺼﺎﺭ ﻴﺤﺘل ﻤﻭﻗﻌﺎ ﻤﺠﺎﻭﺭﺍ ﺃﻭ ﻤﺸﺎﺒﻬﺎ ﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺤﻜـﻡ ﻓـﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﺼﺎﻋﺩ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻟﻌﻨﻴﻑ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺨﺼﻭﺹ .‬ ‫ﻭﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻜﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﺠﺩل ﻓﻜﺭﻯ ﻓﺎﻥ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﻭﻴﺔ ﻗﺩ‬ ‫ﻋﻜﺴﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺠﺩل ﺒﻴﻥ ﺍﺼﺎﻟﺔ ﺍﺴﻼﻤﻴﺔ ، ﻭﺤﺩﺍﺜﺔ ﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ﻭﻴﻠﻴﻬـﺎ ﺍﻟﺠـﺩل ﺤـﻭل‬ ‫ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﻏﺭﺒﻲ ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﺴﻼﻤﻲ ، ﺜﻡ‬ ‫ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ، ﻭﺍﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ، ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻜﺜﻴﺭ ﺒﻤـﺎ‬ ‫ﻴﺭﻜﺩ ﺍﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﺯﺩﻭﺍﺝ ﻭﺘﻨﺎﺯﻉ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﻟﻠﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼـﺭ ﺒـﻴﻥ ﺘﻴـﺎﺭﻴﻥ‬ ‫ﺃﺴﺎﺴﻴﻴﻥ .‬ ‫ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺘﻴﺎﺭ ﻴﺼﻑ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﺎﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﻴﺘﺒﻨﻰ ﻤﺸﺭﻭﻋﺎ ﻟﻠﻨﻬﻀـﺔ ﻴـﺩﻋﻰ ﺃﻨـﻪ‬ ‫ﺍﻷﻓﻀل ﺩﻭﻥ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺘﺎﻡ ﻟﻤﻼﻤﺤﻪ .‬ ‫ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻵﺨﺭ ﺘﻴﺎﺭ ﻋﺎﻡ ﻴﻀﻡ ﻗﻭﻯ ﻏﻴﺭ ﻤﺘﺠﺎﻨﺴﺔ ﻴﺘﺤﺩ ﻓﻘﻁ ﻓﻲ‬ ‫ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻭﻴﺼﻔﻪ ﺒﺎﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴـﺔ ، ﻭﻤﺅﻜـﺩﺍ ﻋﻠـﻰ ﺤﺩﺍﺜـﺔ‬ ‫ﻤﺸﺭﻭﻋﺎﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ ﻭﻴﻘﻊ ﻓﻲ ﻗﻠﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﻴﻤﻴﻨﻬﺎ ﻭﻴﺴـﺎﺭﻫﺎ‬ ‫ﺘﺄﺘﻲ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻷﺨﺭﻱ .‬ ‫ﻭﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺃﻋﻤﻕ ﻤﻤﺎ ﺘﺒﺩﻭ ﺍﺫ ﻻ ﻴﻘﻑ ﺍﻻﻨﻘﺴـﺎﻡ ﻋﻨـﺩ ﻨﻤﻁـﻪ‬ ‫ﺍﻟﺭﺃﺴﻲ ﻓﻘﻁ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ، ﺒل ﻴﺘﺠﺎﻭﺯﻩ ﺍﻟﻰ ﺃﻨﻘﺴﺎﻡ ﺁﺨﺭ ﺃﻜﺜـﺭ‬ ‫ﺨﻁﻭﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻷﻓﻘﻰ ﺒﻴﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺘﻌﻴﺵ ﺍﺴﺘﻘﻁﺎﺒﺎ‬ ‫ﺒﻴﻥ :‬ ‫ﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﺒﻨﻴﻭﻴﺔ ﺘﻌﻜﺴـﻬﺎ ﺍﻟﻬﻴﺎﻜـل ﺍﻻﻗﺘﺼـﺎﺩﻴﺔ ﺍﻷﺤﺎﺩﻴـﺔ ،‬ ‫ﺃ-‬ ‫ﻭﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻬﺸﺔ ﻭﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﻭﺴﻁﻰ ﺍﻟﻤﻬﻤﺸﺔ ، ﻤﻊ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‬ ‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻠﻰ ﻤﻥ ﻋﻭﺍﻤل ﺍﻻﻨﺸﻁﺎﺭ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻟﺘﺴﺎﻤﺢ ﻤـﻊ ﺴـﻴﺎﺩﺓ‬ ‫ﺭﻭﺡ ﺍﻻﻟﺘﺤﺎﻕ ﺒﺎﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﻭﻏﻴﺭﻫﻡ ﻓـﻲ ﻀـﻭﺀ‬ ‫ﻀﻌﻑ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﻭﺠﻪ ﻋﺎﻡ .‬ ‫ﺤﺩﺍﺜﺔ ﻤﻅﻬﺭﻴﺔ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﺒﺎﻟﺘﻘﻠﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﺼﻌﺩﺓ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻭﻗﻴﺔ‬ ‫ﺏ-‬ ‫ﻟﻠﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻥ ﻭﺍﻻﻋﻼﻡ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﺅﺴﺴـﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴـﻴﺔ .‬
  • 13. ‫ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻁﺎﺒﻌﻬﺎ ﺍﻟﻔﻭﻗﻲ ﺘﺄﺘﻲ ﻤﻨﺯﻭﻋﺔ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﻭﻤﺴﻠﻭﺒﺔ ﺍﻟﻔﻌل ﻤﻭﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﻨﺤﻰ‬ ‫ﻷﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﻨﺘﺎﺝ ﻋﻘل ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﺒل ﻨﺘﺎﺝ ﺍﺭﺍﺩﺓ ﻓﻭﻗﻴﺔ ﺘﺩﻋﻴﻬﺎ ﺘﺸﺒﺴﺎ ﺒﻤﻭﻗﻌﻬـﺎ‬ ‫ﻭﻨﻔﺎﻗﺎ ﻟﻠﻌﺼﺭ .‬ ‫ﻭﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﺍﻟﺒﻨﻭﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻟﻔﻭﻗﻴﺔ ﺘﻌـﻴﺵ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻨـﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻨﻘﺴﺎﻤﺎﺘﻬﺎ ، ﻭﺘﻨﺎﺯﻉ ﻓﻜﺭﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻪ . ﻭﺘﺄﺘﻲ ﺘﺠﻠﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻨﻌﻜﺎﺴﺎ ﺃﻤﻴﻨﺎ‬ ‫ﻟﻌﺠﺯﻩ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﺘﺴﺎﻗﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻨﺭﺼﺩﻩ ﺒﺎﻴﺠﺎﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ .‬ ‫ﺃﻭﻻ : ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻨﺔ ﻭﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ :‬ ‫ﻭﻫﻭ ﺃﺤﺩ ﺃﺒﺭﺯ ﻤﻼﻤﺢ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺍﺭﺠﺎﻋﻪ ﺍﻟﻰ ﻋﻭﺍﻤـل‬ ‫ﺜﻼﺜﺔ ﺘﻔﺎﻋﻠﺕ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ﻟﺘﻔﺭﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﻜﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ‬ ‫ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ . ﻨﺫﻜﺭﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻠﻲ :-‬ ‫ﻋﺎﻤل ﺍﻴﻜﻭﻟـﻭﺠﻲ : ﻴﺘﻌﻠـﻕ ﺒﺎﻟﻁﺒﻴﻌـﺔ ﺍﻟﺼـﺤﺭﺍﻭﻴﺔ‬ ‫)١(‬ ‫ﻟﻼﻤﺘﺩﺍﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﺴﺎﻋﻪ ﻭﻤﺎ ﺘﻭﺤﻰ ﺒﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﻨﺴـﺎﺒﺔ ﺒـﻼ‬ ‫ﻗﻴﻭﺩ ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺒﻼ ﻋﻭﺍﺌﻕ ﻤﻥ ﺍﺤﺴﺎﺱ ﺒﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺍﻟﻜل ﻭﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴـﺏ‬ ‫ﻤﻤﺎ ﻴﺠﺏ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺍﻟﻰﺍﻟﺘﺠﺯﻱﺀ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﺤﻴﺙ ﻻ ﺘﻌﻘﻴﺩ ﻭﺍﻨﻤـﺎ ﺒﺴـﺎﻁﻪ‬ ‫ﻓﻁﺭﻴﺔ .‬ ‫ﻋﺎﻤل ﻓﻠﺴﻔﻰ : ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﻤﺸﺎﻜﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺎﺭ ﺍﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘـل‬ ‫)٢(‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﺘﺒﺎﻋﺎ ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﻭﻋﻰ ﻤﻨﻪ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺨﻠـﻁ ﺒـﻴﻥ ﻭﺍﺤﺩﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺴﺒﺏ ﺃﻯ ﺘﻭﺤﻴﺩ ﺍﷲ ﻋﺯ ﻭﺠل ﻭﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻫـﻲ ﻤﺘﻌـﺩﺩﺓ‬ ‫ﺒﻁﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ، ﻜﻤﺎ ﻗﻀﺕ ﺴﻨﺔ ﺍﻟﻜﻭﻥ ﻭﻓﻁﺭﺓ ﺍﻟﺨﻠﻕ . ﻭﻟﻘـﺩ ﺍﺘﺴـﻌﺕ ﻫـﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻭﺘﺩﻋﻤﺕ ﺒﻔﻌل ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﻭﻴﺔ . ﻭﺍﻟﺘﻲ‬ ‫ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻫﻡ ﺩﻭﺍﻓﻊ ﺍﺠﺘﻴﺎﺡ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻭﺘﻤﻜﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ‬ ‫ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻥ ﻤﺜﻼ ﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﺍﻷﺩﻴﺎﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻴﺔ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﻜﺎﻥ ﻤﻬﺒﻁﻬﺎ‬ ‫ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺒﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ .‬ ‫ﻋﺎﻤل ﻨﻔﺴﻰ ﻭﺸﺨﺼﻰ : ﻴﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﻴﺔ ﺍﻟﺘﻁﻠـﻊ‬ ‫)٣(‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﻠﺩﻭﺭ ﺍﻟﻔﺭﺩﻯ ﺍﻟﺴﺎﻤﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻌﺒﻪ ﺍﻟﺭﺴﻭل ﺍﻟﻜـﺭﻴﻡ ﻓـﻲ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ‬
  • 14. ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻜﻤﺅﺴﺱ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻤﻨﺎﻁ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ، ﻭﻓـﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗـﺕ‬ ‫ﻜﻤﺅﺴﺱ ﻟﻠﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺜﻠﺕ ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ، ﻭﺠﻭﻫﺭ ﻋﻘﻴﺩﺘﻬﺎ .‬ ‫ﻭﺍﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺭﺴﻭل ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴﻠﻡ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﺤﻰ ﺍﻟﻴﻪ ﻭﻻ ﻴﻨﻁﻕ ﻋـﻥ‬ ‫ﺍﻟﻬﻭﻯ . ﻭﺍﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺨﻠﻔﺎﺅﻩ ﺍﻟﺭﺍﺸﺩﻭﻥ ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻡ ﻗﺩ ﺃﻤﻨﻭﺍ ﻟﻠﺭﻋﻴﺔ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻌـﺩل‬ ‫ﻭﺍﻟﺭﺸﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻜﺄﺴﺎﻨﻴﺩ ﺸﺭﻋﻴﺔ ﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺩﻭﺭ . ﻓﻀﻼ ﻋـﻥ ﺨﻀـﻭﻋﻬﻡ‬ ‫ﻟﻠﺸﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺘﺄﺴﻴﺴﻪ ﻜﻤﺎ ﺒﺩﺍ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻤﻼﺒﺴﺎﺕ ﺘﻭﻟﻴﻪ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺜﻡ ﺨﻁﺒﻬﻡ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺒﻴﻌـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﺎﻥ ﺍﻓﺘﻘﺎﺩ ﻤﻥ ﺨﻠﻔﻭﻫﻡ ﻷﻫﻠﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺘﺄﺴﻴﺴﺎ ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ، ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﻏﻴﺎﺏ‬ ‫ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻗﺎﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻥ ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴـﺌﻭﻟﻴﺔ‬ ‫ﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﺎﻤل ﻜﺎﻥ ﻤﺩﻋﺎﺓ ﻟﻜل ﺍﻟﺭﺍﻏﺒﻴﻥ ﻓﻲ ﻓﺭﺽ ﻓﺭﺩﻴﺘﻬﻡ ﻋﻠـﻰ ﻜﻴـﺎﻥ ﺍﻷﻤـﺔ‬ ‫ﺒﺩﻋﻭﻯ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺘﺄﺴﻴﺱ ﺍﻹﻤﺎﻤﺔ ﻭﻓﻲ ﻅل ﺼﻤﺕ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺨﺎﻀﻊ ﺒﻁﻥ ﻓـﻲ ﺍﻟﻌﻘـل‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﺤﺘﻰ ﻭﺠﺩ ﺘﻨﻅﻴﺭﺍ ﺘﺒﺭﻴﺭﺍ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻤﻘﻭﻟﺔ ﺍﻻﻤﺎﻡ ﺒﻥ ﺘﻴﻤﻴﺔ " ﺴﺘﻭﻥ ﻋﺎﻤﺎ ﻤـﻥ‬ ‫ﺴﻠﻁﺎﻥ ﺠﺎﺌﺭ ﺨﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﻟﻴﻠﺔ ﺒﻼ ﺴﻠﻁﺎﻥ " ﻭﻗﺩ ﺃﺭﺥ ﻟﻬـﺫﺍ ﺍﻟﺘﺤـﻭل ﻓـﻲ ﺍﻟﺘـﺎﺭﻴﺦ‬ ‫ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻤﻌﺎﻭﻴﺔ ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺤﻴﺙ ﺒﺩﺃ ﻤﻊ ﺤﻜﻤﻪ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺘﺴـﻤﻴﺘﻪ ﺒﻌﺼـﻭﺭ‬ ‫ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺴﻼﻡ . ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺩﺩﺕ ﺃﻨﻤﺎﻁﻬﺎ ﻓﻲ ﻅل ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﻓﺭﺩﻴﺘﻬﺎ ﻭﺸﺨﺼﻴﺘﻬﺎ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻜﻤﺕ ﺘﺎﺭﻴﺨﻨﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ .‬ ‫ﻓﻔﻲ ﺃﻭل ﺨﻁﺒﺔ ﻟﻪ ﺒﺎﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ﻗﺎل ﻤﻌﺎﻭﻴﺔ ﺭﻀﻰ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺨﺎﻟﻌﺎ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﺘﺒﺎﻉ‬ ‫ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺭﺍﺸﺩﻴﻥ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺼﻌﺩ ﺍﻟﻤﻨﺒﺭ ﻭﺫﻜﺭ ﺍﷲ ﻭﺃﺜﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ " ﻭﺍﷲ ﻤﺎ ﻭﻟﻴﺘﻬﺎ ﺒﻤﺤﺒﺔ‬ ‫ﻋﻠﻤﺘﻬﺎ ﻤﻨﻜﻡ ﻭﻻ ﻤﺴﺭﺓ ﺒﻭﻻﻴﺘﻰ . ﻭﻟﻜﻨﻰ ﺠﺎﻟﺩﺘﻜﻡ ﺒﺴﻴﻔﻰ ﻫﺫﺍ ﻤﺠﺎﻟﺩﺓ ، ﻭﻟﻘﺩ ﺭﻀﻴﺕ‬ ‫ﻟﻜﻡ ﻨﻔﺴﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﻤل ﺍﺒﻥ ﺍﺒﻲ ﻗﺤﺎﻓﺔ ﻭﺃﺭﺩﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻤل ﻋﻤﺭ ﻓﻨﻔﺭﺕ . ﻭﺃﺭﺩﺘﻬﺎ ﻤﺜل‬ ‫ﺜﻨﻴﺎﺕ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻓﺄﺒﺕ ﻋﻠﻰ ﻓﺴﻠﻜﺕ ﺒﻬﺎ ﻁﺭﻴﻘﺎ ﻟﻰ ﻭﻟﻜﻡ ﻓﻴﻪ ﻤﻨﻔﻌﺔ "‬ ‫ﻭﻨﻅﺭﺓ ﻤﺩﻗﻘﺔ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﺨﺎﻤﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﻭﻜﻤﺎ‬ ‫ﻫﻭ ﻤﺫﻜﻭﺭ ﺒﺎﻟﻌﻘﺩ ﺍﻟﻔﺭﻴﺩ ﻨﺠﺩ ﺍﻓﺘﻘﺎﺩﻩ ﺍﻟﻭﺍﻀﺢ ﻟﺸـﺭﻋﻴﺘﻰ ﺍﻟﺘﺄﺴـﻴﺱ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴـﺔ .‬ ‫ﻓﺸﺭﻋﻴﺔ ﺘﺄﺴﻴﺴﻪ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﻴﻔﻪ ، ﻭﺃﻤﺎ ﺸﺭﻋﻴﺔ ﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻪ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﻤﻨﻔﻌﺔ ﻋﻠـﻰ ﻋﻤﻭﻤﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻠﻔﻅ ، ﻭﺫﺍﺘﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﻨﺴﺒﻴﺔ ﺍﻻﺩﺭﺍﻙ ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻫﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺌﻭﻟﻴﺔ .‬ ‫ﻭﺍﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﻗﺩ ﺃﻨﺘﺠﺕ ﻤﺠﺘﻤﻌﺔ ﻓﻜﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﺴﻠﻁ‬ ‫ﻓﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻤل ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻗﺩ ﺃﻨﺘﺞ ﻤﺭﻀﺎ ﺁﺨﺭ ﺨﻁﻴﺭﺍ ﻭﻫﻭ ﺸﺨﺼـﻨﺔ ﺍﻟﻘـﻴﻡ ﻭﺍﻟﻤﻌـﺎﻴﻴﺭ‬
  • 15. ‫ﺍﻟﺴﻠﻭﻜﻴﺔ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺘﺠﺴﻴﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﺸﺨﺎﺹ ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﺤﺎﻟﺘﻬـﺎ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﺭﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﺘﻔﻲ ﺒﻬﺎ ﺍﻨﻤﺎﻁﺎ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺨﺎﺼﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ .‬ ‫ﻭﺠﻭﻫﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺃﻨﻪ ﻗﺩ ﺭﺴﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘل ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺜل ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺩ ﺸﺨﺹ ﻭﺠﺩ‬ ‫ﺒﺎﻟﻔﻌل ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺘﻤﺜﻠﻪ ، ﻓﺎﺫﺍ ﻤﺎ ﻓﺸل ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺤﻀﺎﺭ ﺴﻤﺎﺘﻪ‬ ‫ﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﺘﺩﻨﻴﺎ ﻤﺭﻓﻭﻀﺎ ﺩﻋﺎﻫﻡ ﺍﻟﻰ ﺘﻤﺜل ﺼﻭﺭﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭ ﻭﺍﻨﻜﺎﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻔـﺎﺀ‬ ‫ﺒﻤﺎ ﻴﺅﺩﻯ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺸﻴﺯﻭﻓﺭﻴﻨﻴﺎ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻔﻲ ﻤﻘﺎﺒل ﻤﺎ ﺘﺅﺩﻯ ﺒﻪ ﺘﺠﺭﻴﺩﻴﺔ ﺍﻟﻘﻴﻡ‬ ‫ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻋﺩﻡ ﻓﺭﻀﻬﺎ ﺠﺴﺩﺍ ﺍﻨﺴﺎﻨﻴﺎ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺅﺸـﺭﺍﺕ‬ ‫ﻟﻠﻁﻴﺏ ﻭﺍﻟﺨﺒﻴﺙ ﻭﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﻀﺎﺭ ﺘﺎﺭﻜﺔ ﻟﻠﻔﺭﺩ ﻴﺼﻴﺏ ﻤﻨﻬﺎ ﻗﺩﺭ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺘﻪ ﺍﻟﻜﺎﻤﻨﺔ‬ ‫ﻓﻲ ﺘﻜﻭﻴﻨﻪ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﺜﻡ ﻤﺤﺎﺴﺒﺘﻪ ﺩﻭﻥ ﺨﺸﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﺴﺒﻕ ﺒﺎﻟﺘـﺩﻨﻰ – ﻤـﻥ ﺸـﺠﺎﻋﺔ‬ ‫ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﻓﺭﺩﻴﺔ ﺜﻡ ﻤﺼﺎﺭﺤﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻋﺎﻤﺔ . ﺃﺩﺕ ﺸﺨﺼﻨﺔ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺘﺒﺎﺱ‬ ‫ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﺴﺎﺩﺕ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﺘﺤﺕ ﺩﻋﺎﻭﻯ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﺴﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﺒـﺩﺍﻓﻊ‬ ‫ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺴﺎﻤﻲ . ﻭﻜﺭﺴﺕ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺤﺘﻰ ﺼﺎﺭ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ‬ ‫ﺃﻜﺜﺭ ﻗﺒﻭﻻ ﻟﻬﺎ . ﺒل ﻭﺤﻤﺎﺴﺎ ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﺩﻋﻭﺓ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩﻩ ﺒﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﻀﻰ ﻭﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﻰ ﺍﻟﻰ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩ ﺍﻟﻌﺎﺩل .‬ ‫ﺜﺎﻨﻴﺎ : ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﺍﻟﺫﺭﺍﺌﻌﻴﺔ :‬ ‫ﻭﺘﻌﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻤﺔ ﺍﻤﺘﺩﺍﺩﺍ ﻟﻠﻤﺴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺍﻨﻌﻜﺎﺴﺎ ﻟﻔﻘﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺒل ﺭﺒﻤﺎ‬ ‫ﻏﻴﺎﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ . ﻓﺎﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﺘﺸﺒﻪ ﻤﺼﺒﺎ ﻟﻪ ﻤﻨﺒﻌﺎﻥ . ﺍﻟﻤﻨﺒﻊ‬ ‫ﺍﻷﻭل ﻫﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺜل ﺍﻟﻤﻜﻭﻥ ﺍﻟﻘﻴﻤﻰ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻯ . ﻭﺍﻟﻤﻨﺒﻊ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺜل ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺠﺴﺩ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻥ ﺍﻻﻨﺘﺎﺠﻲ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ ﻓـﻲ ﻜـل‬ ‫ﻋﺼﺭ ﻭﻤﺩﻯ ﻨﺼﻴﺒﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻗﻰ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ . ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺘﻌﻤل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴـﺔ‬ ‫ﻜﺭﺍﻗﺩ ﻴﺼل ﺍﻟﻤﻨﺒﻌﻴﻥ ﻤﻌﺎ ﺒﻤﺎ ﻴﺭﻓﺭ ﻟﻬﻤﺎ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋل ﺍﻟﺨﻼﻕ ﻗﺒل ﺃﻡ ﻴﺼﺒﺎ ﻤﻌﺎ ﻓﻲ ﻤﻌﻴﻥ‬ ‫ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ .‬ ‫ﻭﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺎﻥ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻋﻥ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻡ ﻴﺤﺩﺙ ﻓﺠﺄﺓ ﺒل‬ ‫ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﻨﻅﺭﻨﺎ ﻴﻌﻭﺩ ﺍﻟﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﻗﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻭﺍﻟـﺫﻯ ﺍﻨﺘﻘـل‬ ‫ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻤﻥ ﻤﺠﺭﺩ ﻜﻭﻨﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺘﻭﻟﻴﺩ ﻤﻨﻁﻘﻲ ﻤﺘﻤﺤﻭﺭﺓ ﺃﺴﺎﺴﺎ ﺤﻭل ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻰ ﻋﻤﻠﻴـﺔ‬ ‫ﺃﺨﺭﻯ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﺃﺒﺩﻟﺕ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺒﺎﻟﻠﻐﺔ ﻭﺘﺠﺎﻭﺯﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺯﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﻓﻠﺴﻔﺔ‬
  • 16. ‫ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺃﺒﺩﻋﺕ ﻋﺒﺭ ﻗﺭﻭﻥ ﺍﻟﺘﻭل ﻭﻤﻊ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﻠﻤـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺏ ﻭﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺜﻡ ﺒﺎﻗﻲ ﻗﻴﻡ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ .‬ ‫ﺍﺫﻥ ﻭﺒﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺩﻕ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺘﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﻋﺩﻡ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ‬ ‫ﻟﻠﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ، ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺒﻲ ﺒﺫﺍﺕ ﻗﺩﺭ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺘﻪ ﻟﻠﻔﻜـﺭ ﺍﻟﻔﻠﺴـﻔﻲ ﻭﺍﻟﻤﻨﻁـﻕ‬ ‫ﺍﻷﺭﺴﻁﻰ ﻭﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﻠﻐﻭﻯ ﻭﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻲ ﺤﻴﺙ ﺒﺩﺕ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺃﻗـﺭﺏ‬ ‫ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻷﺭﺴﻁﻰ ﻭﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﻠﻐﻭﻯ ﻭﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻲ ﺤﻴﺙ ﺒﺩﺕ ﺁﻟﻴـﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴـﺭ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺃﻗﺭﺏ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻻﺴﺘﻨﺒﺎﻁﻰ ﻭﺃﺒﻌﺩ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺌﻲ ﺍﻟـﺫﻱ ﺼـﺎﺭ‬ ‫ﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻭﺭﻭﺡ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ . ﻓﻬل ﻴﺭﺠﻊ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻰ ﺠﻭﻫﺭ‬ ‫ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﻟﻠﺨﺎﻟﻕ ﺒﻤـﺎ‬ ‫ﻴﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻤﻭل ؟ ﻭﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻤﻠﺔ ﻭﺍﻟﻤﻁﻠﻘـﺔ‬ ‫ﻟﻠﺨﺎﻟﻕ ﻗﺩ ﺃﻋﺎﻗﺕ ﺘﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﺠﺯﺌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺴـﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘـﻲ ﻴﻘـﻭﻡ ﻋﻠﻴﻬـﺎ‬ ‫ﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﻠﻤــﻲ ؟.‬ ‫ﺍﻨﻨﺎ ﻻ ﻨﺠﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻘﺭﺁﻨﻴﺔ ﻤﺎ ﻴﺤﻭل ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺘﺩﺒﺭ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ‬ ‫ﻭﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺘﻔﺴﻴﺭﻫﺎ ﺒﺩﻭﻥ ﺨﻠل ﻓﻲ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻻﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻐﻴﺒﻲ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ‬ ‫ﻓﺎﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺘﺸﻴﺭ ﺍﻟﻰ ﺍﻓﺘﺭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﻠﻤﻰ ﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺌﻲ‬ ‫ﻓﺎﻥ ﻋﻠﺔ ﺫﻟﻙ ﺘﻌﻭﺩ ﺭﺒﻤﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﻜﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺎﺭ ﺍﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻭﺩﻋﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺨﻁـﺎ ﺒـﻴﻥ‬ ‫ﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺒﺏ ﻭﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺍﻻﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺒﻁﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ . ﻓﺎﷲ ﻭﺤﺩﻩ ﻤﻁﻠـﻕ ،‬ ‫ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻜﻭﻥ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻌﻘﺩ ﻭﻤﺭﻜﺏ ، ﻭﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺤﻀﻨﺎ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻋﻠﻰ ﺘﻭﺤﻴﺩ ﺍﷲ ﻓﺭﺩﺍ ﺼﻤﺩﺍ‬ ‫، ﻓﺎﻨﻪ ﻻ ﻴﺤﻭل ﺒﻴﻨﻨﺎ ﻭﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻋﻠﻠﻬـﺎ . ﻭﺘﺭﻜﻴـﺏ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻜـﻭﻥ‬ ‫ﻭﻤﻌﺎﺩﻻﺕ ﻭﺠﻭﺩﻩ ﻭﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻩ ﺍﻻ ﺃﻥ ﺼﻭﺭ ﺍﻟﻀﻌﻑ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻯ ﻭﺍﻟﺘﺩﺍﻋﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ‬ ‫ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻤﺎ ﺘﺤﻤل ﻓﻲ ﺜﻨﺎﻴﺎﻫﺎ ﺘﺸﻭﻫﺎﺕ ﻷﻫﻡ ﺍﻟﻤﻀﺎﻤﻴﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴـﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴـﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺤﻭﺭﻴﺔ ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺤﺎل ﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﺨﻤﺴﺔ ﻗﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل .‬ ‫ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻴﺄﺘﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻜﺄﺤﺩ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻴـﺔ ﻤﻨﺒـﺕ‬ ‫ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺍﻟﻰ ﺤﺩ ﺒﻌﻴﺩ ﺒﻘﻭﺍﻋﺩ ﻭﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﻤﺸﺤﻭﻨﺎ ﺒﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ﻤﻌﻭﻻ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻭﺍﻴﺎ ﻭﻤﺤﺘﻜﻤﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺼﺩﻓﺔ ﻤﺠﺎﻓﻴﺎ ﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻌﻘﻠﻨﺔ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘـﺭﺘﺒﻁ ﺍﻟﻤﻘـﺩﻤﺎﺕ‬ ‫ﻭﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺤﺘﻰ ﻟﻴﺒﺩﻭ ﻤﺤﻜﻭﻤﺎ ﺒﻤﻨﻁﻕ ﺍﻻﺯﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺌﺎﺕ ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﺴﻤﺎﺕ ﻤﻨﻬﺠﻴﺔ‬
  • 17. ‫ﻫﺎﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻌﻰ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺤﺴﺎﺏ ﺍﻟﻨﺴﺒﻰ ﻭﻫـﻭ ﻤـﻨﻬﺞ ﻴﺠـﺎﻓﻰ‬ ‫ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻁﻠﺏ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺠﺯﺌﻴﺔ ﻨﺴﺒﻴﺔ ﻤﺭﻨﺔ ﻗـﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻤﺴـﺎﻭﻤﺔ‬ ‫ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴل .‬ ‫ﻭﻤﻤﺎ ﻴﺯﻴﺩ ﺍﻷﻤﺭ ﺘﻌﻘﻴﺩﺍ ﺃﻥ ﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺠﻤـﺎﻋﻲ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻴﺼﺎﺤﺒﻪ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺴﻴﺎﺩﺓ ﺭﻭﺡ ﺒﺭﺍﺠﻤﺎﺘﻴﺔ ﻨﻔﻌﻴﺔ ﺸﺩﻴﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ‬ ‫ﺍﻟﻔﺭﺩﻯ ﻟﻴﺱ ﻓﻘﻁ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺭﺴﻤﻰ ﻷﺸﺨﺎﺹ ﻴﺠﺎﻫﺩﻭﻥ ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻤـﻭﺍﻗﻌﻬﻡ‬ ‫ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒل ﺤﺘﻰ ﻟﺩﻯ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻭﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺎﻭل ﺍﻻﻟﺘﺤـﺎﻕ‬ ‫ﺒﻤﻭﺍﻗﻊ ﻭﺒﺅﺭ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﻜﺎﺴﺏ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﻋﻠـﻰ ﺤﺴـﺎﺏ ﻤﻘـﻭﻻﺕ‬ ‫ﻭﻤﻭﺍﻗﻑ ﻭﺭﺅﻯ ﻓﻜﺭﻴﺔ ﺭﺒﻤﺎ ﺍﺴﺘﻬﻠﻜﺕ ﺩﻫﺭﺍ ﻤﻥ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻡ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺘﻜﻴﻴﻔﻬﺎ ﻟﻬـﺎ‬ ‫ﻓﻲ ﻅﺭﻭﻑ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ .‬ ‫ﺍﻥ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﻌﻘﻠﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻴﻌﺩ ﺃﺤﺩ ﺃﺒﺭﺯ ﺍﻵﻓﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻬﺩﺩ‬ ‫ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ، ﺒل ﻭﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ ﻟﻤﺎ ﺘﺨﻠﻔﻪ ﻤﻥ ﺘﻭﻗﻌﺎﺕ ﻤﺘﺯﺍﻴﺩﺓ ﻻ‬ ‫ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺴﺎﺒﺎﺕ ﺒل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺭ ﻭﻤﺎ ﻴﺅﺩﻴﻪ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻰ ﺨﻠﻕ ﺍﻷﺯﻤﺎﺕ ، ﻭﺍﻫﺩﺍﺭ‬ ‫ﺍﻟﺠﻬﻭﺩ ، ﻭﺘﻀﻴﻴﻊ ﺍﻟﻔﺭﺹ .‬ ‫ﺜﺎﻟﺜﺎ : ﺍﻻﺴﺘﺎﺘﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﻭﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﺩﺍﺜﺭﻴﺔ :‬ ‫ﺃﻥ ﻨﻅﺭﺓ ﺴﺭﻴﻌﺔ ﺍﻟﻰ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻰ ﻤـﺜﻼ‬ ‫ﺘﺅﻜﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻤﺔ . ﻓﻼ ﻴﺯﺍل ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻋﻠﻰ ﻤﺸﺎﺭﻑ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻯ ﻭﺍﻟﻌﺸـﺭﻴﻥ‬ ‫ﻴﺩﻭﺭ ﺤﻭل ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﺍﺭ ﺤﻭﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸـﺭ ، ﻭﺒﺩﺍﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ . ﺭﺒﻤﺎ ﺘﻐﻴﺭﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ، ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺃﺨﺘﻠﻔـﺕ ﺍﻷﺴـﺎﻟﻴﺏ‬ ‫ﺍﻟﻤﺘﺩﺍﻭﻟﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ، ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺠﺩﺕ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺃﺨﺭﻯ ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻤﺤﻭﺭﻴـﺔ ﻜﻘﻀـﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل ﻭﺍﻟﺠﺩل ﺤﻭل ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﺴـﻭﺍﺀ ﺤﺴـﺏ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻷﺼﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ﻻ ﺘﺯﺍل ﻤﺤﻭﺭ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺠﺏ ﺍﻨﺘﻬﺎﺠﻪ ﻤﻥ ﻤﺴﺎﻟﻙ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺎ ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﻭﻤﻨـﺫ ﺒـﺩﺀ‬ ‫ﺍﻟﻴﻘﻅﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﻭﻤﻊ ﺃﻭﺍﺌل ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸﺭ ﻭﺍﻟﻔﻜـﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻰ ﺒﻤﺨﺘﻠـﻑ‬ ‫ﺘﻴﺎﺭﺍﺘﻪ ﻴﻌﻴﺵ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ " ﺒل ﺍﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻭﻻ ﺘﺯﺍل ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻨﺒﻌﺎﺙ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ‬ ‫ﻭﺍﻨﻘﺴﺎﻤﻪ ﺍﻟﻰ ﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ .‬
  • 18. ‫ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻔﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﺠﻊ ﻓﻲ ﺍﺴﺎﺴﻪ ﺍﻷﺨﻼﻗﻰ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻰ ﺍﻟـﻰ ﺴـﻤﻰ‬ ‫ﺍﻟﻌﻘل ﻋﻘﻼ ﻷﻨﻤﻪ ﻴﻌﻘل ﺼﺎﺤﺒﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻭﺭﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻬﺎﻟﻙ ﺃﻯ ﻴﺤﺒﺴﻪ . ﻭﻴﺴﺘﻤﺩ ﻫـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﻓﻌﺎﻟﻴﺘﻪ ﻤﻥ ﻜﻭﻨﻪ ﻴﻌﻘل ﻋﻥ ﺍﷲ ﺍﻤﺎ ﺒﻔﻜﺭ ﻭﻨﻅﺭ ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻭﻥ ، ﻭﺍﻤـﺎ‬ ‫ﺒﺼﻴﺭﺓ ﻭﻤﻌﺭﻓﺔ ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ﺍﻟﺴﻨﻴﻭﻥ . ﻭﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻠﻔﻰ ﺍﺫﻥ ﻤﻜﺒﻭﺡ ﺍﻟﺠﻤﺎﺡ‬ ‫ﻤﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﺸﻁﻁ ﻻ ﻴﻨﺘﺞ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺒل ﻫﻭ ﺼﺩﻴﻕ ﻟﻪ ﻓﻘﻁ ﻴﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺍﺴﺭﺍﺭ ﺍﻟﻜﻭﻥ ﻭﻟﻜـﻥ‬ ‫ﻤﻊ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺤﻘﺎﺌﻕ ﺍﻟﺜﺎﺒﺘﺔ . ﺍﻨﻪ ﻋﻘل ﺍﻟﻤﺎﻀﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺒﺢ ﺠﻤﺎﺡ ﻤﺴـﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﻬﻀـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﻀﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺸﻴﺩﻫﺎ ﻋﻘل ﺍﻟﻤﻌﺘﺯﻟﺔ ﻭﺍﻟﻔﻼﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ )١( .‬ ‫ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻅل ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺘﺤﻜﻡ ﻟﺩﻯ ﻫـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻌﻘﺩﻴﻥ ﺍﻷﺨﻴﺭﻴﻥ ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ ﺒﺩﺕ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺘﺩﻋﻭ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ‬ ‫ﻭﺍﻟﻌﻨﻑ ﻜﻭﺴﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺭ ﺤﺘﻰ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻥ ﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﻗﺩ ﻁﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ‬ ‫ﻭﺤل ﻤﺤل ﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل .‬ ‫ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻵﺨﺭ " ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻰ ﺃﻭ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻰ ﻭﺍﻟﻠﺫﺍﻥ‬ ‫ﻴﺴﻌﻴﺎﻥ ﺍﻟﻰ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﻟﻠﻨﻬﻀﺔ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺘﻤﺜـل ﻤﺴـﺎﺭﻫﺎ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒـﻲ ﺍﻟﻐﺭﺒـﻲ‬ ‫ﻭﺍﺴﻠﻭﺏ ﺘﻁﻭﺭﻫﺎ ﻭﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﺴﺘﺭﺠﺎﻋﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺃﻯ ﺃﻥ ﻜﻼ ﻤﻥ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﻴﻥ‬ ‫ﺴﻠﻔﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻤﻊ ﺃﺨﺘﻼﻑ ﻴﻨﺎﺒﻴﻊ ﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ ﻭﻤﻭﻗﻔﻴﻬﻤﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟـﺫﻱ ﻴﺠـﺎﻓﻰ‬ ‫ﺍﻻﺒﺩﺍﻉ ﻭﻴﺘﻤﺤﻭﺭ ﺤﻭل ﺍﻟﺼﺩﺍﻗﺔ ﻭﺍﻥ ﺒﺩﺕ ﻫﻨﺎﻙ ﺼﺩﺍﻗﺔ ﺍﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺼﺩﺍﻗﺔ ﺴﻠﺒﻴﺔ‬ ‫)٢( .‬ ‫ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺃﺨﺭﻯ ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺒﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ . ﺒل ﺭﺒﻤﺎ ﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﻭل ﺍﻨﻬﺎ‬ ‫ﺍﺤﺩ ﺘﺠﻠﻴﺘﻬﺎ . ﻓﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺘﻌﺩ ﻤﺜﻼ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻓﻬﻲ ﺘﺜﻴﺭ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺠﺩل ﺒـﻴﻥ‬ ‫ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ . " ﻓﺎﻟﻔﺼل ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﺸـﺭﻁ ﻤﺤـﻭﺭﻯ ﻟـﺩﻯ ﺍﻟﻔﻜـﺭ " ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟـﻰ ﺃﻭ‬ ‫ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻷﺠل ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺤﻴﺙ ﻜﺘﺏ ﺭﻭﺍﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻴﻘﻭل ﻤﻨﺫ‬ ‫ﻗﺭﻥ" ﻭﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﻗﻭﻤﻨﺎ ﻻ ﻴﻤﻴﺯﻭﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﺩﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﺒﺩ ﻭﺨﺎﻟﻘـﻪ‬ ‫ﻭﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻭﺒﻴﻥ ﻭﻁﻨﻪ ﺃﻭ ﺒﻴﻨﻪ ﻭﺒﻴﻥ ﺤﻜﻭﻤﺘـﻪ ﻭﻻ ﻴﻀـﻌﻭﻥ‬ ‫ﻓﺎﺼﻼ ﺒﻴﻥ ﻫﺫﻴﻥ ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺯﻴﻥ ﻓﻼ ﻴﺅﻤل ﻨﺠﺎﺤﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﺤﺩﻫﻤﺎ ﻭﻻ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ‬ ‫".‬
  • 19. ‫ﻭﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩ ﺁﺨﺭ ﻴﻌﺩ ﺍﻟﺭﺒﻁ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﺍﺴﺎﺴﺎ ﻀﺭﻭﺭﻴﺎ ﻟﻠﻨﻬﻀﺔ ﻟـﺩﻯ ﺍﻟﺘﻴـﺎﺭ‬ ‫ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ﺒﻜﺎﻓﺔ ﻓﺼﺎﺌﻠﻪ ﺤﻴﺙ ﻴﻘﻭل ﻤﻔﻜﺭ ﺴﻠﻔﻰ ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﻭﻟـﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟـﻰ " ﺃﻨـﺎ‬ ‫ﻤﻌﺸﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺍﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﺅﺴﺱ ﻨﻬﻭﻀﻨﺎ ﻭﺘﻤﺩﺩﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻭﺍﻋﺩ ﺩﻴﻨﻨﺎ ﻭﻗﺭﺁﻨﻨﺎ ﻓﻼ ﺨﻴـﺭ‬ ‫ﻓﻴﻪ ﻟﻨﺎ ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﻭﺼﻤﺔ ﺍﻨﺤﻁﺎﻁﻨﺎ ﻭﺘﺄﺨﺭﻨﺎ ﺍﻻ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ . ﻭﺍﻥ‬ ‫ﻤﺎ ﻨﺭﺍﻩ ﻤﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﻭﺤﺴﻨﺔ ﻓﻴﻨﺎ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺭﻗﻲ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﻭﺍﻷﺨﺫ ﺒﺄﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻤﺩﻥ‬ ‫ﻫﻭ ﻋﻴﻥ ﺍﻟﺘﻘﻬﻘﺭ ﻭﺍﻻﻨﺤﻁﺎﻁ ﻷﻨﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺘﻤﺩﻨﻨﺎ ﻤﻘﻠﺩﻭﻥ )٣( .‬ ‫ﻭﺘﺠﺴﺩ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﻭﺒﺔ ﻭﺍﻻﺴﻼﻡ ﺘﺠﻠﻴﺎ ﺁﺨﺭ ﺃﻗل ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻤﻥ ﺴـﺎﺒﻘﺘﻬﺎ ﻭﻫـﻲ‬ ‫ﻗﻀﻴﺔ ﻗﺩﻴﻤﺔ ﻤﺘﺠﺩﺩﺓ ﺸﻬﺩﺕ ﻤﺩﺍﺨﻼﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﺤﻭل ﻤﻭﺍﻗﻑ ﻤﺘﻁﺭﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻀﻰ ﺍﻻ‬ ‫ﺃﻨﻬﺎ ﺍﻵﻥ ﺘﺸﻬﺩ ﻨﻭﻋﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ – ﺍﺜﺭ ﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻟﺩﻯ‬ ‫ﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻟﻠﺘﻭﻓﻴﻕ ﺒﻴﻥ ﻁﺭﻓﻲ ﺍﻻﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺤﻴﺙ ﻴﺤـﺎﻭل ﺍﻟﺨﻁـﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻘﻭﻤﻰ " ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺘﺭﺘﻴﺏ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﻭﺒﺔ ﻭﺍﻹﺴﻼﻡ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ﻭﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺎ ﻤﺅﻜﺩﺍ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺃﻥ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺘﻪ ﺍﻟﺼﺎﻓﻴﺔ ﻨﺸﺄ ﻋﻥ ﻗﻠﺏ ﺍﻟﻌﺭﻭﺒﺔ ﻭﺃﻓﺼﺢ ﻋﻥ ﻋﺒﻘﺭﻴﺘﻬﺎ ﺃﺤﺴـﻥ‬ ‫ﺍﻓﺼﺎﺡ ﻓﻼ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺼﺩﺍﻡ . ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻴﺅﻜﺩ ﺃﻴﻀـﺎ ﻋﻠـﻰ ﺃﻥ ﺍﻻﻋﺘـﺯﺍﺯ‬ ‫ﺒﺎﻹﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﻭﺍﻋﻁﺎﺀ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﻤﻨﺯﻟﺘﻬﺎ ﻻ ﻴﻌﻨﻰ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻴﻤﻜﻥ‬ ‫ﺍﻗﺎﻤﺔ ﻜﻴﺎﻥ ﺴﻴﺎﺴﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺴﻬﺎ ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﻁﺭﺡ ﻤﻔﻜﺭ ﺴﻠﻔﻰ ﺭﺅﻴﺘﻪ ﺍﻟﻨﻘﻴﻀﺔ ﻓﻴﻘﻭل " ﺍﻥ‬ ‫ﺃﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺩ ﻋﺯﺕ ﺒﺎﻟﺩﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﺭﺍﺩﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺭﻏﺒﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺯﺓ ﻓﻠﻥ ﺘﻘﻭﻡ ﺍﻷﻤﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ‬ ‫ﺍﻻ ﺒﻤﺎ ﻗﺎﻡ ﺒﻪ ﺃﻭﻟﻬﺎ " )٤( .‬ ‫ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻁﺭﺤﻴﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻭﺍﻹﺴﻼﻤﻰ ﻓﻲ ﺍﺒﺭﺯ ﺼﻭﺭﻫﻤﺎ ﺍﻟﻨﻘﻴﺔ ﻴﻜـﺎﺩﺍﻥ‬ ‫ﻴﺘﻭﺤﺩﺍﻥ ﺤﻭل ﺍﻟﻤﻀﺎﻤﻴﻥ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻔـﺎﺭﻕ ﺍﻟﻭﺤﻴـﺩ ﻴﺒﻘـﻰ ﻫـﻭ‬ ‫ﺒﺭﺍﺠﻤﺎﺘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻓﻲ ﻤﺭﺍﻋﺎﺘﻪ ﻟﺠﻤﺎﻉ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤـل ﺍﻟﺩﻭﻟﻴـﺔ ﺍﻟﺤﻀـﺎﺭﻴﺔ ﻓﻴﻬـﺎ‬ ‫ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒل ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻭﻕ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺎ ﺘﻤﺜل ﻜﻴﺎﻥ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺇﺴﻼﻤﻲ ﺒﺄﻯ ﺸﻜل‬ ‫ﻤﻥ ﺍﻷﺸﻜﺎل ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺘﻭﻓﺭ ﻟﻠﺠﺴﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﻭﺭﻜﺎﺌﺯ ﺘﻔﻭﻕ ﺒﻜﺜﻴﺭ – ﻟﻴﺱ ﻓﻘـﻁ‬ ‫ﺭﻜﺎﺌﺯ ﺍﻟﺠﺴﺩ ﺍﻹﺴﻼﻤﻰ ﺒل ﻭﺃﻴﻀﺎ ﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻭﻀـﻭﻋﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬـﺎ ﻭﺫﻟـﻙ ﻓـﻲ‬ ‫ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺤﺕ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻤﻥ ﺠﻤﺎﻉ ﺘﺠﺭﻴﺩﺍﺕ ﺘﺒﺩﻭ ﻓﻲ ﻋﺯﻟـﺔ‬ ‫ﻭﺍﻨﻔﺼﺎﻡ ﻓﻲ ﻤﻭﻗﻔﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺒﻜل ﻤﻜﻭﻨﺎﺘﻬﺎ .‬
  • 20. ‫ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﻀﻠﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻓﺭﺯﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻨﻭﻥ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ ﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭ‬ ‫ﻭﺘﺒﻘﻰ ﺭﻫﻴﻨﺔ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻻﻨﻔﻼﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻯ ، ﻭﺍﻟﺘﻀﺎﺭﺏ ﺍﻟﻀﺎﺭﻯ ﺒﻴﻥ ﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻨـﻑ‬ ‫ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺜﺎﺭﺕ ﺠﻭﻫﺭﻫﺎ ﺍﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻭﻓﻴﻕ ﺒﻴﻥ‬ ‫ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ . ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻷﺼﻠﻴﺔ ، ﻭﻓﻲ ﻨﺘـﻭﺀﺍﺕ ﺍﻟﻌﻨـﻑ‬ ‫ﺍﻟﻤﺘﺒﺭﻋﻤﺔ ﻤﻨﻬﺎ ﻤﻤﺎ ﻴﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺘﻜﺎﻤل ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ ﻭﻴﻌﻘﺩ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﻟﺘﺌﺎﻡ ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺒﻭﺠﻪ ﻋﺎﻡ .‬ ‫ﻭﻓﻲ ﻅل ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺃﻴﻀﺎ ﻨﻠﻤﺢ ﺘﺠﻠﻴﺎ ﺍﺨﺭﺍﻓﻲ ﺍﻟﺠـﺩل ﺤـﻭل ﺘﻁﺒﻴـﻕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ . ﻭﻫﻰ ﻗﻀﻴﺔ ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻟﺼـﻠﺔ ﺒﺎﺸـﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺼـﺤﻭﺓ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻴﺔ‬ ‫ﻭﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺒﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ ﺍﻟﺘﻰ ﻤﺎﺭﺴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﻟﻜﻥ‬ ‫ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﻫﻭ ﺃﻥ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺘﻡ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴـﺔ‬ ‫ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻭﺒﺂﻟﻴﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺩﻤﺔ ﺃﻤﺎ ﺍﻵﻥ ﻓﺎﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﺜﻭﺭﻴـﺔ ﺒﻌـﺩ‬ ‫ﺍﻻﻨﻌﻁﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ﺍﺜـﺭ ﻤﺭﺤﻠـﺔ‬ ‫ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻭﺤﻴﺙ ﺘﺤﺎﻭل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺃﻥ ﺘﺤﻘﻕ ﻤـﻥ ﺨـﺎﺭﺝ‬ ‫ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩﺓ ﺍﻵﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺼﺒﺢ ﻴﺴﻤﻰ ﺒﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺼﺤﻭﺓ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ .‬ ‫" ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺍﺭﺘﺒﺎﻁ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺒﺄﺤﺩﺍﺙ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺍﺴـﻬﺎ ﺍﻟﺜـﻭﺭﺓ‬ ‫ﺍﻻﻴﺭﺍﻨﻴﺔ ، ﻭﻅﻬﻭﺭ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺒﻨﻰ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﺍﻟـﻰ ﺘﻁﺒﻴـﻕ‬ ‫ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ﻓﻲ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﻤﺭﺍﻓﻕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓـﺎﻥ‬ ‫ﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺼﺤﻭﺓ ﺘﺒﻘﻰ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻏﺭﻴﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻤﻭﺱ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺃﻭ ﺍﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗـل ﻻ‬ ‫ﺘﺘﻨﺎﺴﺏ ﻤﻊ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻜﺎﺌﻥ ﻭﻻ ﻴﻨﺒﻐﻰ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ . ﺫﻟﻙ ﻷﻥ ﻭﺼﻑ ﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺍﻴﺭﺍﻥ‬ ‫ﻭﻤﺎ ﻋﺭﻓﺘﻪ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﺴﻼﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺤﺭﻜﺎﺕ ﻭﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺘﺘﺒﻨﻰ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻰ ﺘﻁﺒﻴـﻕ ﺍﻟﻨﻅـﺎﻡ‬ ‫ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺒﺄﻨﻪ ﺼﺤﻭﺓ ﺍﺴﻼﻤﻴﺔ ﻴﻭﺤﻰ ﺒﺄﻥ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻜﺎﻥ ﻗﺒل ﺫﻟﻙ ﻨﺎﺌﻤﺎ ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻨـﻪ‬ ‫ﺴﻭﺍﺀ ﻜﻌﻘﻴﺩﺓ ﺃﻭ ﺸﺭﻴﻌﺔ ﺃﻭ ﻤﺜل ﺃﻋﻠﻰ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻟﻡ ﻴﻨﻡ ﻴﻭﻤﺎ ﻭﻟﻡ ﻴﻐـﺏ ﻋـﻥ ﻭﺠـﺩﺍﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺃﻭ ﺴﻠﻭﻜﻬﻡ )٥( .‬ ‫ﻭﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﻗﻀـﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀـﺔ ﻭﺍﻤـﺩﺍﺩﺍﺘﻬﺎ ، ﻭﻋﻠـﻰ ﺼـﻌﻴﺩ ﺍﻻﺴـﺘﻤﺭﺍﺭ‬ ‫ﻭﺍﻻﺴﺘﺎﻴﻴﻜﻴﺔ ﻴﻌﻜﺱ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﻤﺎ ﻴﺭﺒﻭ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺍﻟﻘﺭﻥ ﻭﻓﻰ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺸﺘﻌﻠﺕ ﻓﻴﻪ ﻗﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀـﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟﻭﺠـﺩﺍﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻰ ،‬
  • 21. ‫ﻭﺒﺩﺭﺠﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﺤﺩﺓ ﺠﻌﻠﺕ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻤﺤﻭﺭ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺨﺫ‬ ‫ﻴﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺭﻜﺎﺌﺯﻫﺎ ، ﻭﺃﻨﻤﺎﻁﻬﺎ ، ﻭﺘﺤﺩﻴﺎﺘﻬﺎ ، ﻭﺍﺸﻜﺎﻻﺘﻬﺎ ﻋﺒﺭ ﻤﺭﺍﺤل ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻤـﻥ‬ ‫ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ .‬ ‫ﻓﻠﻘﺩ ﻤﺜل ﺍﻟﺘﺠﺎﻨﺱ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻔﺭﻴﺩ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﻭﺍﻟﺩﺍﻓﻊ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻯ ﻟﻠﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴـﺔ‬ ‫ﻭﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﻲ ﻭﻗﺕ ﻭﺍﺤﺩ ﻓﻘﺩ ﺘﻌﻴﻨﺕ ﻫﻭﻴﺔ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻨﻅـﺎﻡ ﻭﺤـﺩﻭﺩﻩ‬ ‫ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ . ﻭﻗﺩ ﺘﻀﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺒـﺩﻭﺭﻩ ﺍﻨﻘﻁﺎﻋـﺎ‬ ‫ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻭﺭﻤﺯﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﺼل ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﺴﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﻡ ﺍﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫ﺍﺠﺯﺍﺀ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﻏﺭﺏ ﺁﺴﻴﺎ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﻜﺫﺍ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻷﻓﺭﻴﻘﻲ ﻭﺠﺯﺀ ﻤـﻥ‬ ‫ﻏﺭﺏ ﺍﻓﺭﻴﻘﻴﺎ . ﻭﻟﻡ ﻴﻤﻨﻊ ﺫﻟﻙ ﺒﺭﻭﺯ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻯ ﻟﻠﻨﻅـﺎﻡ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﺎﻟﺩﻋﻭﺍﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻷﺼﻭﻟﻴﺔ ﻁﺭﺤﺕ ﻤﻨﺫ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺴـﻊ ﻋﺸـﺭ‬ ‫ﻫﻭﻴﺔ ﺃﻭﺴﻊ ﺘﻀﻡ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻜﻤﺎ ﺘﻀﻡ ﻏﻴﺭﻫﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻨـﺏ ﺍﻵﺨـﺭ‬ ‫ﺒﺭﺯ ﺘﺤﺩﻯ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺠﻬﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺩﺓ ﺃﻗﺎﻟﻴﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺘﻤﻠﻙ‬ ‫ﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﻓﺭﻋﻴﺔ ﻤﺘﻤﻴﺯﺓ . ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻫﻭ ﺭﺒﺎﻁ ﺠـﺎﻤﻊ ﺒـﻴﻥ‬ ‫ﺩﻭل ﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻭﻟﻴﺱ ﺒﻴﻥ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻓﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﻟﻡ ﻴﻤﻨﻊ ﻅﻬﻭﺭ ﺤﺭﻜﺎﺕ ﻤﺤﻠﻴﺔ ﺘﻌﺒﺭ ﻋﻥ‬ ‫ﻫﻭﻴﺎﺕ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻗﻠﻴﺎﺕ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﺭﻗﻴﺔ ﺃﻭ ﻟﻐﻭﻴﺔ ﺭﺃﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ﻨﻔﻴـﺎ ﺃﻭ‬ ‫ﺍﺫﺍﺒﺔ ﺃﻭ ﺘﺠﺎﻫﻼ ﻤﺘﻌﻤﺩﺍ ﻟﻜﻴﻨﻭﻨﺘﻬﺎ . ﻭﻗﺩ ﻜﺸﻔﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﻟﻸﺴﺎﺱ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﺯﻤﺎﺕ ﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻤﺭ ﺒﻬﺎ ﻭﻫﺯﺘﻪ ﻫﺯﺍ ﻋﻨﻴﻔﺎ )٦( .‬ ‫ﻭﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻨﻅﺎﻤﺎ ﺃﻭ ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺒﻴﻥ ﺩﻭل ﻟﻡ ﻴﺸﻜل‬ ‫ﻋﺎﺌﻘﺎ ﺩﻭﻥ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻗﺎﻟﻴﻡ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺒﺼﻴﺎﻏﺔ ﺸﺨﺼﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﻁﺎﺭ ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ‬ ‫ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ . ﻜﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻤﻨﻊ ﺃﻭ ﻴﺼﺎﺩﺭ ﺤﻕ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ﻤﻊ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ . ﺭﺒﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺎﺩﻓﻬﺎ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﻗﺩ ﻨﺸﺄﺕ ﻋﻥ ﺍﻟﺨﻠـﻁ‬ ‫ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻲ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ . ﻭﻗـﺩ ﻤﺎﻟـﺕ‬ ‫ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻟﻰ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﻤﻘﻭﻻﺘﻬﺎ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﻴﻌﻁﻰ ﺍﻴﺤﺎﺀ ﻗﻭﻴﺎ ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ ﻓﺭﺽ ﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ﺍﻟﻘﺴﺭﻯ ﻟﻸﻗﻠﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻭﺤﻴـﺩ‬ ‫ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻬﺭ ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﻤﻀﺎﻓﺭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻡ ﺍﻟﻔﺭﻋﻴﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ )٧( . ﻭﻭﺍﻗﻊ‬ ‫ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻥ ﺍﻻﺴﺘﺎﺘﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺎﻭل ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺒﺎﻟـﺫﺍﺕ‬
  • 22. ‫ﺭﺒﻤﺎ ﻻ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ ﻤﻌﻨﻰ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﻁﺭﺤﻬﺎ ﻋﻠـﻰ ﺠـﺩﻭل ﺃﻋﻤﺎﻟـﻪ ﻭﺭﺒﻤـﺎ ﺃﻴﻀـﺎ‬ ‫ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩل ﺤﻭل ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﺍﺠﻬﻬﺎ ﻭﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﻭﺼﺤﻴﺢ‬ ‫ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺩل ﺫﺍﺘﻪ ﺤﻭل ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﻗﺩ ﺃﺼﺎﺒﻪ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﻬﺭﻡ ﻭﺍﻟﻜﻤﻭﻥ ﺍﻻ ﺃﻨﻪ ﻭﺭﻏـﻡ‬ ‫ﺫﻟﻙ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﻓﻲ ﻨﻅﺭﻨﺎ ﺃﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﺍﺸﺘﻌﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺠـﺩﺍﻥ ﻭﺍﻟﻔﻜـﺭ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﻴﻥ ﻗﺩ ﺸﻬﺩﺕ ﺘﻁﻭﺭﺍﺕ ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩﻴﻥ‬ ‫ﺃﺴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل .‬ ‫ﺍﻷﻭل : ﻫﻭ ﺼﻌﻴﺩ ﺘﺤﺩﻴﺎﺘﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﺭﺍﺴﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻤﺎﻀـﻰ ﺭﺒﻤـﺎ‬ ‫ﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ . ﻭﻓﻜﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻻﻗـﺕ ﺭﻭﺍﺠـﺎ‬ ‫ﺤﺘﻰ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺒل ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺠﺎﺯ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻗﺩ ﻤﺜﻠﺕ ﺃﺴﺎﺴﺎ ﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ، ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺭﺩﺤﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺸﻬﻴﺩ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﻭﻋﻠﻰ‬ ‫ﺭﻏﻡ ﺘﻐﻴﺭ ﻭﻫﺒﻭﻁ ﻫﺎﻤﺵ ﺘﺤﺩﻯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﺜـﻡ ﺍﻟﺴـﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ،‬ ‫ﻓﺄﻨﻬﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺒﻘﻭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ ﻟﺘﻤﺜل ﺍﺒﺭﺩ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ .‬ ‫ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺫﺍﺘﻪ ﺘﺒﺭﺯ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﻬﻭﻴﺔ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺩﻭﻟـﺔ ﺍﻟﻘﻁﺭﻴـﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ‬ ‫ﻟﺘﺭﺘﺴﻡ ﺤﻭل ﺃﻗﻠﻴﺎﺕ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﺭﻗﻴﺔ ﺃﻭ ﻟﻐﻭﻴﺔ ﺃﻭ ﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﻴﺩﻓﻌﻬﺎ ﺍﻓﺘﻘﺎﺩ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ‬ ‫ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻰ ﺍﻟﻰ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻤﺘﻭﻫﻤﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﻴﺸﻜل ﻻ ﺒﻘﻭﺍﻨﻴﻨﻪ‬ ‫ﻭﻻ ﺒﺘﻘﺎﻟﻴﺩﻩ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺃﻭ ﻗﻴﻭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺤﺭﻜﺔ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ . ﻭﺍﻟـﺫﻯ ﺃﻋﺎﻗﻬـﺎ‬ ‫ﺒﺎﻟﻔﻌل ﻜﺎﻥ ﻫﻭ ﺠﻤﻭﺩ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻰ ﻭﻋﺩﻡ ﻨﻀﺞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴـﺔ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻘﻁﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻗﺩ ﺒﺭﺯﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﻬﻭﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﻨﻅـﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ﻭﻻ‬ ‫ﺘﺯﺍل ﺘﻭﺍﺠﻪ ﻜﻤﺎ ﻴﺘﻭﻗﻊ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻤﺭ ﺤﺘﻰ ﻴﺠﺩ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫ﺤﻼ ﻻ ﻨﻅﻨﻪ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺤل ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ .‬ ‫ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ : ﻓﻬﻭ ﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻭﺤﺩﻭﻯ ﺫﺍﺘﻪ ﻓﻲ ﻁﺒﻴﻌﺘﻪ ﻭﻤﻀﻤﻭﻨﻪ ﻭﺍﻟﺫﻱ‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻨﻪ ﻤﺭ ﺒﻤﺭﺍﺤل ﺘﻁﻭﺭﻴﺔ ﻫﺎﻤﺔ ﻭﺃﺴﺎﺴﻴﺔ .‬ ‫ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﻁﺭﺤﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻋﺎﻁﻔﻴﺎ ﺼﺭﻓﺎ ﻓﻠـﻡ ﻴﻜـﻥ ﺍﻻﻫﺘﻤـﺎﻡ‬ ‫ﻤﻭﺠﻬﺎ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻷﺴﺱ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﻤﻤﻜﻨﺔ ، ﻭﻻ ﻋـﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺭﺍﺤل ﺍﻟﻰ ﺍﻻﺒﺩ ﻤﻥ ﻗﻁﻌﻬﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺸﺎﻤﻠﺔ ﻫﺫﻩ ﻜﺒﺩﻴل ﻋﻥ ﻭﺍﻗﻊ‬
  • 23. ‫ﺍﻟﻤﺄﺴﺎﺓ ﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺨﻠﻑ ﻭﺍﻟﺘﺠﺯﺌﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺭﻏـﻡ ﻋـﺩﻡ ﺘﻬﻴـﺅ ﺍﻟﻅـﺭﻭﻑ‬ ‫ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﻟﺫﻟﻙ ﻭﻫﻭ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺅﻟﻡ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ .‬ ‫ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ : ﺘﻤﻴﺯﺕ ﺒﻁﺭﺡ ﺍﻗل ﺭﻭﻤﺎﻨﺴﻴﺔ ﻭﺍﻥ ﺍﺘﺴـﻤﺕ ﺒﻤﻼﻤـﺢ‬ ‫ﺍﻓﻼﻁﻭﻨﻴﺔ ﺭﻜﺯﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﺒﺩﺃ ﻭﻟﻴﺴﺕ ﻓﻜﺭﺓ ﺘﺩﻋﻭ ﺍﻟﻴﻬـﺎ .‬ ‫ﻓﺎﻟﻤﺒﺩﺃ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﻁﺎﺭﺌﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻭﺠﺩ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻟﺘﻨﺘﻬﻰ ﻏـﺩﺍ ﻭﺍﻨﻤـﺎ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺠﻭﺩ ﻗﺎﺌﻡ ﻟﻴﺱ ﻟﻨﺎ ﺤﻴﻠﺔ ﻓﻴﻪ . ﻻ ﻓﻲ ﺍﻻﺒﻘﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺌـﻪ ﻭﻨﺤـﻥ‬ ‫ﺤﻴﻨﻤﺎ ﻨﺩﻋﻭ ﻟﻠﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﻨﺤﻥ ﻻ ﻨﺩﻋﻭ ﺍﻟﻰ ﺍﻻﻴﻤﺎﻥ ﺒﻔﻜﺭﺓ ﻭﺍﻨﻤـﺎ ﻨـﺩﻋﻭ ﺍﻟـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻭﻋﻰ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺩ ﻭﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻼ ﻴﻜﺘﻤل ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﻱ ﻭﻻ ﺘﺘﻔﺘﺢ ﺤﻀﺎﺭﺘﻪ ﺍﻻ‬ ‫ﺒﻭﻋﻴﻪ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ .‬ ‫ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ : ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺼﺭﺕ ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﻤﺩ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ‬ ‫ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﺤﺒﺔ ﻟﻠﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻌﺜﻴﺔ ﻭﻗﺩ ﺃﺘﺴﻤﺕ ﺒﺴﻤﺘﻴﻥ :‬ ‫ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺨﻠﻁ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺒﺎﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻭﺍﻗﺎﻤﺔ ﺭﺒﺎﻁ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ . ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻁﺭﺤﺕ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻟﻴﺱ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺘﻁـﻭﺭﺍ‬ ‫ﻟﻠﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺒل ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﺸﺭﻁ ﻟﻪ .‬ ‫ﻭﺍﻟﺴﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ : ﻫﻲ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺒﻐﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﻭﺩﻋﺕ ﺍﻟﻰ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻘـﻭﺓ‬ ‫ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻨﻌﻁﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﺘﺴـﺘﻭﺠﺏ‬ ‫ﺫﻟﻙ ﺍﻻﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺤﻴﺙ ﻋﺒﺭ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﻤﻔﻜﺭ ﻗﻭﻤﻲ ﻗﺎﺌﻼ " ﺃﻥ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻥ‬ ‫ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﻁﻭﺭﺓ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻷﻤﺔ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻭﻟﻤﺠﺭﺩ ﺩﻓﺎﻋﻬﺎ ﻋـﻥ‬ ‫ﺒﻘﺎﺌﻬﺎ ﻤﺎ ﻴﻔﻭﻕ ﻓﻲ ﻤﻴﺯﺍﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺍﻟﺜﻤﻥ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺘﻁﻠﺒﻪ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻘﻭﺓ .‬ ‫ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺭﺍﺒﻌﺔ ﻭﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ : ﻓﻬﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺃﻗل ﺜﻭﺭﻴﺔ ﻭﺃﻜﺜﺭ ﻋﻘﻼﻨﻴﺔ ﻓـﻲ‬ ‫ﺩﻋﻭﺘﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﻭﺘﺭﻜﺯ ﻓﻲ ﻁﺭﻭﺤﺎﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻻﻴﺩﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻻﺒﺩ ﺃﻥ ﺘﺴﺒﻕ‬ ‫ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺩﺓ ﻭﺫﻟﻙ ﻤﺎ ﻴﺴﺘﺨﻠﺼﻪ ﻜﺎﺘﺏ ﻗﻭﻤﻲ ﻓﻴﻘﻭل " ﺍﻥ ﻓﻜﺭﻨﺎ‬ ‫ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻻ ﻴﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﻤﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻭﻻ ﻴﺸﻕ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻗﻨﻭﺍﺕ ﻤﺸـﺘﺭﻜﺔ ﻭﻫـﻭ ﻟﻬـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﺴﺒﺏ ﻴﺸﻜﻭ ﻤﻥ ﺘﻌﺩﺩ ﺍﻻﺠﺘﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﺩﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﺘﺸﻭﻴﺵ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‬ ‫ﻭﻤﻨﻊ ﺒﻨﺎﺀ ﺘﺼﻭﺭ ﻤﺸﺘﺭﻙ ﻟﻠﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ )٨( .‬
  • 24. ‫ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻥ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻟﻠﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻤﻤﺜﻠﺔ ﻓـﻲ ﺘﻴـﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ . ﻭﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻤﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﻬﻭﻴﺔ ، ﺒﺎﻻﻀﺎﻓﺔ ﻟﻠﻤﺘﻐﻴـﺭﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺼﺎﺨﺒﺔ ﺍﻻﻴﻘﺎﻉ ، ﻭﺍﻨﻬﻴﺎﺭﺍﺕ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴـﺔ‬ ‫ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻤﺎ ﻓﺭﻀﺘﻪ ﻤﻥ ﻤﺭﺍﺠﻌﺎﺕ ﻻ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺏ ﺍﻷﺤـﻭﺍل ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻜﺎﻗﻠﻴﻡ ، ﻭﺍﻟﻤﻐﺭﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﻜﺎﻗﻠﻴﻡ . ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻋﻭﺍﻤل ﻓﺭﻀـﺕ‬ ‫ﻗﻴﻭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻋﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺍﻟﺤﺎﻟﻡ ﺒﺎﻟﻭﺤﺩﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺘﻴـﺎﺭ ﺍﻟﻘـﻭﻤﻲ ﻋﻠـﻰ ﻭﺠـﻪ‬ ‫ﺍﻟﺨﺼﻭﺹ ﻻﻋﺎﺩﺓ ﺒﻨﺎﺀ ﻤﻘﻭﻻﺘﻪ ﻓﻲ ﺼﻴﻎ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﻭﺍﻗل ﺜﻭﺭﻴﺔ ﻤﻊ ﺘﻔﻜﻴـﻙ‬ ‫ﻭﻨﺯﻉ ﻜل ﺍﻻﺭﺘﺒﺎﻁﺎﺕ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﺒﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﻭﻜﺄﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻴـﺎﺭ ﻴﺒﻨـﻰ‬ ‫ﺼﻴﺎﻏﺎﺕ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﺒﺸﺭﻭﻁ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺒل ﻭﻤﺤﺎﻟﻴﺔ ﻤﻌﺎﺼﺭﺓ .‬ ‫ﻭﺘﺄﺘﻲ ﺃﺨﺭﺍ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻜﺜﺎﻟﺙ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻤﺤﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻜـﺭ‬ ‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ . ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺤﺯﻤﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻔﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﻬﺎ‬ ‫ﻜﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺘﻤﺜل ﺍﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻭﻤﻌﻘﺩﺓ‬ ‫ﺘﺭﺠﻊ ﺍﻟﻰ ﺤﻘﻴﻘﺘﻴﻥ .‬ ‫ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻟﻡ ﺘﻤﺜل ﻴﻭﻤﺎ ﻤﻁﻠﺒﺎ ﻤﻠﺤﺎ ﺒﺎﻟﻔﻌل ﺴـﻭﺍﺀ ﺒﺎﻟﻨﺴـﺒﺔ‬ ‫ﻟﻠﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺍﻭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻭﻟﺫﺍ ﻓﻬﻰ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻋﻠﻰ ﺠـﺩﻭل ﺃﻋﻤﺎﻟﻬـﺎ‬ ‫ﺍﻟﻔﻌﻠﻰ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﺎﺩ ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﻤﺜل ﻫﻤﺎ ﻋﺭﺒﻴﺎ ﻓﻜﺭﻴﺎ ﺃﻭ ﻨﻅﺎﻤﻴﺎ .‬ ‫ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ : ﺃﻥ ﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻫﻭ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺭﻭﺍﺠـﺎ ﻓـﻲ ﺴـﺎﺤﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺏ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ، ﻓﻬﻰ ﺍﻟﻤﻁﻠﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻜﺎﺩ ﻴﺤﻅﻰ ﺍﻵﻥ ﺒﺎﻹﺠﻤﺎﻉ‬ ‫ﻓﺎﻟﺠﻤﻴﻊ ﻴﻨﺎﺩﻭﻥ ﺒﻬﺎ ، ﻭﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯﻫـﺎ ﺍﻟﺭﺴـﻤﻴﻭﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻭﺍﺠﻬـﻭﺍ‬ ‫ﺒﻀﻐﻭﻁ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ .‬ ‫ﻭﺘﻔﺴﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻴﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﺘﻔﺎﻋل ﻨﻭﻋﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل :-‬ ‫ﺍﻷﻭل : ﻫﻭ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﻀﻐﻭﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻓﺭﺯﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴـﺭﺍﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴـﺔ ﻓﻜﺭﻴـﺎ‬ ‫ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ .‬ ‫ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ ﺘﺸﻜﻠﺕ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺤﻭﻻﺕ ﺍﺘﻠﻤﺘﻔﺎﻋﻠﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ ﻴﻤﻜﻥ‬ ‫ﺍﻴﺠﺎﺯﻫﺎ ﻓﻲ ﻤﺴﻤﻰ ﻗﻴﻡ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜـﺔ ﺸـﻜﻠﺕ ﻓـﻲ ﺠﻤﺎﻋﻬـﺎ ﻀـﻐﻭﻁﺎ ﻨﺤـﻭ‬ ‫ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﻨﻜﺸﺎﻑ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻰ ﺍﻟﺘـﻲ ﺼـﺎﺤﺒﺕ‬
  • 25. ‫ﺜﻭﺭﺓ ﺍﻻﺘﺼﺎل ﺍﻟﻜﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﻟﺩ ﻤﻌﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﺜﻨﺎﻴﺎﻫﺎ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ ﺒﺎﻟﻤﻭﺠﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﻁﻔﺭﺕ ﺍﻟﺘﺤﻭﻻﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺒﺎﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻭﺃﻭﺭﻭﺒﺎ‬ ‫ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻨﺤﻭ ﺍﻻﻨﻔﺭﺍﺩ ﺒﻘﻤﺔ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺩﻭﻟﻰ . ﻤﻊ ﻤﺎ ﺼﺎﺤﺏ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻁﻔﺭﻻﺓ ﻟﺠﻤـﺎﻉ‬ ‫ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺍﺴﻬﺎ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺼﺎﺭﺕ – ﻓﻲ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ‬ ‫ﻭﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﺨﺎﺼﺔ – ﻀﻤﻴﺭ ﻭﺍﻟﻬﺎﻡ ﺘﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻰ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟـﺫﻱ ﺘﺤـﺎﻭل‬ ‫ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻀﻐﻭﻁ ﻟﻔﺭﻀﻪ ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺭﻀﻬﺎ ﻜﻘﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﻘﺎﻟﻴﻡ‬ ‫ﺍﻟﻔﺭﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ .‬ ‫ﻭﺒﻴﻨﻤﺎ ﻭﺠﺩﺕ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤـﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤـل‬ ‫ﻁﺭﻴﻘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻟﺘﺠﺴﺩ ﺯﺨﻤﺎ ﻫﺎﺌﻼ ﻭﻤﺩﺍ ﻻ ﻤﺴﺒﻭﻗﺎ ﻨﺤﻭ‬ ‫ﻗﻴﻤﺔ ﻭﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﺒﺎﺘﺕ ﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﻨﺴﻕ ﺘﻔﻜﻴﺭﻩ ﺒﺎﻟﺤﺎﺡ ﺸﺩﻴﺩ .‬ ‫ﻓﺎﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﻁﺭﺡ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺒﺫﺍﺕ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﺍﻟﻨﺎﻓﺫ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻨﺘﻴﺠـﺔ‬ ‫ﻟﺒﺭﻭﺯ ﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﺘﺼﺎﻋﺩ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﺍﻟﻤﺼﺎﺤﺒﺔ ﻟﻪ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﺴـﺎﺤﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻌﺩ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻭﺤﻴﺙ ﻟـﻡ ﻴﺴـﻤﺢ ﺍﻟﺘﻭﻅﻴـﻑ ﺍﻟـﺫﺭﺍﺌﻌﻲ ﻟﻘﻴﻤـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺒﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻀﻐﻭﻁﻬﺎ ﻋﻠـﻰ ﺍﻷﻨﻅﻤـﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺘﺤﺎﻟﻔﺔ ﻤﻌﻬﺎ ﻟﻠﺘﺴﺎﻤﺢ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻰ ﺒﺼﻌﻭﺩ ﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﺴﻼﻤﻴﺔ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴـﺔ ﻤـﻥ‬ ‫ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻜﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ . ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺘﻁﻭﺭﺍ ﻫﺎﻤﺎ ﻗﺩ ﺤﺩﺙ ﻋﻠﻰ ﺼـﻌﻴﺩ‬ ‫ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻟﻔﻜﺭﻯ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺠﻭﻫﺭﺓ ﺴـﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼـﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴـﺔ ﻟﻬـﺎ .‬ ‫ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻤﺯﻴﺠﺎ ﻤﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺘﺸﻜﻴل‬ ‫ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ، ﻭﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺏ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻻﻗﺕ ﻗﺩﺭﺍ ﻜﺒﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺩ ﻭﺍﻻﺴﺘﻬﺠﺎﻥ‬ ‫ﻓﻲ ﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﻤﺩ ﺍﻟﻘﻭﻤﻰ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻻ ﺘﺨﺩﻡ ﺍﻟﻁﻤﻭﺤـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﻭﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ .‬ ‫ﻭﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻰ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻴﺒﺭﺯ ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻰ‬ ‫ﻟﻬﺎ ﻭﺠﻭﻫﺭﻩ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﺎﻥ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺘﻌﺩ ﻤﻔﻬﻭﻤﺎ ﻗﻴﻤﻴﺎ ﻤﻐﺎﻴﺭﺍ‬ ‫ﺍﻟﻰ ﺤﺩ ﻤﺎ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ . ﻴﺭﻜﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺩل ﺃﻭﻻ ، ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﺜﺎﻨﻴـﺎ‬ ‫ﻭﻴﺅﻜﺩ ﺍﻟﺭﺸﺎﺩﺓ ﻭﺍﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ ﺜﺎﻟﺜﺎ . ﻭﻴﻌﻭل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀـﻤﻴﺭ ﺍﻟﻔـﺭﺩﻯ ﻟﻠﺤـﺎﻜﻡ ﺭﺍﺒﻌـﺎ‬ ‫ﻭﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻗﻴﻡ ﻗﺩ ﺘﺼﻴﺏ ﻤﻀﺎﻤﻴﻥ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺘﻤﺎﻤﺎ‬
  • 26. ‫ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻁﺭﺤﻴﻥ . ﻭﻟﻴﺱ ﺒﻌﻴﺩﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﺫﻫﻥ ﺩﻋﻭﺓ ﻤﻔﻜﺭ ﺇﺴﻼﻤﻰ ﻤﺘﺤـﺭﺭ ﻫـﻭ ﺍﻟﺸـﻴﺦ‬ ‫ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩﻩ ﻤﻨﺫ ﻗﺭﻥ ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩ ﺍﻟﻌﺎﺩل .‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﻭﺭﻏﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺒﺎﻴﻥ ﺘﺒﻘﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻬﺎﻤﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻜﺎﻤﻨﺔ ﻓـﻲ ﺘـﻭﺍﺭﻯ‬ ‫ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ، ﻤﻊ ﺘﺼﺎﻋﺩ ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻹﺴﻼﻤﻰ ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺸـﻭﺭﻯ‬ ‫ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻰ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ .‬ ‫ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ : ﻭﻫﻭ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﻘﻁـﺭﻯ‬ ‫ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﻤﻭ ، ﻭﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ‬ ‫، ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺩ ﺍﻟﻤﺘﺯﺍﻴﺩ ﻟﻠﻬﻴﺎﻜل ﺍﻻﻗﺘﺼﺩﺍﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤـﻊ ﺍﻟﺘﺯﺍﻴـﺩ‬ ‫ﺍﻟﻁﻔﻴﻑ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ، ﻭﺘﺯﺍﻴﺩ ﺩﻭﺭ ﻗﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨـﺩﻤﺎﺕ ﻓـﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼـﺎﺩﻴﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ، ﻭﺘﻨﺎﻤﻲ ﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﻭﺴﻁﻰ ﻜﺸﺭﻴﺤﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺘﻀـﻡ ﻜﺜﻴـﺭﺍ ﻤـﻥ ﺍﻟﻔﺌـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻁﺎﻤﺤﺔ ﻨﺤﻭ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻗﻴﻡ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜـﺭ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴـﺭ ، ﻭﺒﺎﻟﺘـﺎﻟﻲ ﺘﺯﺍﻴـﺩ ﺍﻻﻫﺘﻤـﺎﻡ‬ ‫ﻭﺍﻻﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻟﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ، ﺘﺄﺘﻲ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﻴﺎﺕ‬ ‫ﻟﺘﻤﺜل ﺃﻫﻡ ﺍﻟﺤﻭﺍﻓﺯ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺘﺄﺠﺠﻬﺎ ﻓـﻲ ﺍﻟـﻭﻋﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ ﺍﺫ ﺘﻘـﺩﻡ‬ ‫ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻷﺤﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤل ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻭ ﺍﻷﻤﺜل ﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻷﻗﻠﻴـﺎﺕ‬ ‫ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ .‬ ‫" ﻓﺎﻟﺨﺭﻴﻁﺔ ﺍﻻﺜﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺘﻀﻡ ﻨﺤﻭ ٣١% ﻤﻥ ﻤﺠﻤـﻭﻉ‬ ‫ﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﻫﻡ ﺍﻷﻜﺭﺍﺩ ﻭﺍﻷﺭﻤـﻥ ﻭﺍﻵﺭﺍﻤﻴـﺔ ﻭﺍﻟﺴـﺭﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺸـﺭﻜﺱ‬ ‫ﻭﺍﻟﺘﺭﻜﻤﺎﻥ ﻭﺍﻷﺘﺭﺍﻙ ﻭﺍﻻﻴﺭﺍﻨﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﻴﻬﻭﺩ ﻭﺍﻟﺯﻨﻭﺝ ﻭﺍﻟﻨﻭﺒﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﺒﺭﺒـﺭ . ﻭﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺩﻴﻨﻰ ﺘﺸﻤل ﻨﺤﻭ ٠٢ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺒﻨﺴﺒﺔ ٩% ﻤﻥ ﺠﻤﻠﺔ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻫﻡ‬ ‫ﺍﻟﻴﻬﻭﺩ ﺍﻟﺭﺒﺎﻨﻴﻭﻥ ، ﻭﺍﻻﺭﺜﻭﺫﻜﺱ ، ﻭﺍﻟﻴﻬﻭﺩ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﻥ ﻭﺍﻟﺴﺎﺩﻴﻭﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﺩﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﻭﻓﻴﻘﻴﺔ‬ ‫ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺌﺒﺔ ﻭﺍﻟﻴﺯﻴﺩﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺒﻬﺎﺌﻴﺔ ﺜﻡ ﺍﻟﺩﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﺍﻟﺯﻨﺠﻴﺔ )٩( .‬ ‫ﻭﻻ ﺸﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺭﻴﻁﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻻﻨﺜﻨﻴﺔ ﺘﺜﻴﺭ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺸـﻜل ﻗـﺩﺭﺍ ﻫﺎﻤـﺎ ﻤـﻥ‬ ‫ﺍﻟﺘﻭﺘﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺘﺨﻠﻕ ﻤﺯﻴﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻬﻤﻭﻡ ﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﻥ ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ‬ ‫ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﻟﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﺘﺠﺎﻫل ﺘﻠـﻙ ﺍﻟﻘﻀـﻴﺔ‬ ‫ﻭﺍﻟﻌﺒﻭﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻭﻗﻑ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﻭﻜﺫﺍ ﻴﺭﺼﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺜﻼﺙ ﻤﻌﻀﻼﺕ ﺃﺴﺎﺴـﻴﺔ‬ ‫ﺘﻤﺜل ﺩﺍﻓﻌﺎ ﻟﺘﺄﺠﻴﺞ ﺤﺩﺓ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻭﻫﻲ :‬