1. ‫عن التفاعلي والترابطي والرقمي والواقعي الرقمي‬
‫محمد سناجلة‬
‫ويحدثنا التاريخ عن مشاريع إبداعية كبرى، أحدث كل واحد منها ثورة في عالم الفكر‬
‫والدب، ويحدثنا هذا التاريخ أيضا عن اؤلئك )النقاد والمثقفين( الذين حاولوا التصدي لهذه‬
‫المشاريع البداعية الكبرى في بداياتها، فلم يفعلوا سوى أن جعلوا من أنفسهم أضحوكة‬
‫وسخرية للجيال اللحقة وعلى مر الزمن.‬
‫وسأكتفي بضرب مثل واحد على هذه المشاريع البداعية ومن تصدى‬
‫لها.‬
‫عن أبي تمام والمدي ونفي الخر‬
‫ل يحدثنا التاريخ عن شاعر عربي قديم جوبه بالرفض والنقد والهجاء المر مثل ما جوبه‬
‫به أبو تمام في بدايات طرحه لمشروعه الشعري المختلف، حيث هاجمه نقاد عصره هجوما‬
‫قاسيا، وصل إلى حد النفي واللغاء، ولعل المدي كان الشد في الهجوم على أبي تمام‬
‫ل‬
‫ومحاولة نفيه تماما، فها هو في كتابه "الموازنة" يشن هجوم ً شرس ً على أبي تمام قائ ً‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫"إ ّ أبا تمام شديد التكلف، صاحب صنعة، ويستكره اللفاظ والمعاني، وشعره ل يشبه شعر‬ ‫ن‬
‫الوائل")1(.‬
‫ويذهب المدي إلى أبعد من ذلك حين ينفي صفة الشاعر عن أبي تمام بقوله "يا هذا قد‬
‫جئت بحكمة وفلسفة، ومعان لطيفة حسنة، فإن شئت دعوناك حكيم ً أو سميناك فيلسوف ً،‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫ولكن ل نسميك شاعرً، ول ندعوك بليغ ً، ل ّ طريقتك ليست على طريقة العرب ول على‬
‫ا ن‬ ‫ا‬
‫مذاهبهم")2(.‬
‫لحظوا مقدار القسوة والمبالغة والقصدية في نفي الخر وحتى تدميره إن أمكن، وهي‬
‫صفات أصيلة متوارثة لدى نقادنا ومثقفينا.‬
‫والسؤال الذي يطرح نفسه بعد كل هذا الزمن، من وكيف يذكر المدي الن؟‬
‫أل نقول ساخرين: هذا هو الناقد الذي قال عن أبي تمام"أنت لست بشاعر" ثم نضحك‬
‫هازئين.‬
‫عن المدي الجديد‬
‫طالعتنا صحيفة أخبار الدب الغراء في عددها الصادر بتاريخ 03 /5002/01 بمقالة‬
‫للدكتور سعيد الوكيل تحت عنوان "خرافة اسمها الواقعية اللكترونية" وقد لحظنا لدى‬

2. ‫قراءة المقالة وتحليلها تحليل علميا معرفيا عددا من النقاط الغريبة على ناقد نجله ونحترمه‬
‫مثل الدكتور الوكيل، منها:‬
‫1- أن هناك نية مسبقة ومخططا لها لدى الدكتور الوكيل في المحاولة للنيل من مصطلح‬
‫"رواية الواقعية الرقمية" وما يندرج تحته من كتابة، وتعدى المر محاولة النقد المعرفي‬
‫العلمي إلى حد النفي والغتيال، لحظوا العنوان "خرافة اسمها الواقعية الرقمية". إن مجرد‬
‫العنوان يشي بما سيليه من طروحات ستركز كل جهدها على إثبات اللغاء والمحو الممنهج‬
‫المخطط له، إن كلمة خرافة تعني الكذب والخداع، وهو أقصى أنواع النفي التي ل يمكن أن‬
‫يستخدمها )ناقد معرفي( في وصف شيء هو موجود أصل، حتى لو كان هذا الوجود ل يلبي‬
‫طموح الناقد كما سنكتشف لدى مواصلة القراءة.‬
‫2- بعد أن نخلص من العنوان وندخل في الموضوع، نفاجأ أن محاولة النفي هذه لدى‬
‫الدكتور الوكيل لم تقتصر على المصطلح وصاحبه، بل تعدتها إلى كل من كتب حول هذا‬
‫المفهوم من نقاد وأدباء في شتى أرجاء الوطن العربي والمهجر، وهو يقولها صراحة أنتم‬
‫جميعا ل تفهمون ما تكتبون عنه، وأنا وحدي من يعرف أبعاد القصة الخرافة، أما أنتم فمجرد‬
‫مخدوعين سذج، استطاع هذا الشاب الذي اسمه محمد سناجلة خداعكم، وأقتبس هنا من‬
‫مقالة الوكيل "النوايا الطيبة ل تكفي لن تصنع نوعا أدبيا جديدا! أقول هذا ليكون تعقيبا‬
‫مبدئيا ¬ ل يخلو من مرارة _ علي ما دأبت عليه الصحافة العربية )المطبوعة واللكترونية(‬
‫¬ في الفترة الخيرة ¬ من مطالعتنا بالتبشير بميلد أدب عربي جديد وبداية عصر الواقعية‬
‫اللكترونية، وبأن بعض أدبائنا اخترع في إبداعه الدبي تقنية رواية الواقعية الرقمية، بل‬
‫وصل المر إلي حد العلن عن الحاجة إلي مدرسة نقدية توائم بين أبجديات النقد التقليدي،‬
‫وتقنيات الكتابة الرقمية بأدواتها الحديثة، والتي تشكل الكلمة إحدي عناصرها فحسب، وهذه‬
‫كلها ل َمْري أضغاث أحلم" انتهى القتباس، ولحظوا هنا أن كل من يخالف ناقدنا إنما هو‬
‫ع‬
‫يعيش في أضغاث أحلم، مخدوع، ساذج، أي نفي هذا وأية أنا متضخمة ل ترى سواها في‬
‫هذا الكون الذي من المفترض أنه يتسع لنا جميعا!‬
‫3- ول يتوقف بل يستمر في محاولته المستميتة لنفي كل من يخالفه الرأي فيقول "وأدعي‬
‫أن الرواية العربية التي تستوعب المكانات التي تتيحها النترنت ل ٌا تولد بعد، لكنها ستولد‬
‫م‬
‫يوما ما ليس ببعيد، ولكن ليحدث ذلك لبد من أن نعرف أبعاد القضية، وأل نسارع إلي‬
‫تصديق الوهام". هو مصر تماما على أن كل النقاد والكتاب العرب الذين كتبوا عن "ظلل‬
‫الواحد" ورواية الواقعية الرقمية، إنما هم جميعا قد صدقوا الوهم، وهو وحده من يمتلك‬
‫مفتاح الحقيقة، وكأن اولئك النقاد والكتاب لم يقرأوا ولم يبحثوا ولم.... يا الهي، المشكلة أن‬
‫من كتب وقرأ هم كثر، ليسوا واحدا ول اثنين ول ثلثة ول عشرة ول عشرين، وأغلبهم ل‬
‫أعرفهم معرفة شخصية، ولم يسبق لي أن التقيت بهم أبدا، فهل كل هؤلء مخدوعون،‬
‫صدقوا الوهم الخرافة !‬
‫4- بعد ذلك يدخل الوكيل- لثبات وجهة نظره – في مغالطات لها أول وليس لها اخر، وكل‬
‫واحدة منها تشي بعدم المعرفة والتحامل المقصود، وسنناقش بعضا منها في هذه العجالة،‬

3. ‫يقول الدكتور الوكيل "ترجع جذور الموضوع إلي مقال لحد الروائيين الردنيين المتحمسين‬
‫الجادين هو محمد سناجلة، نشره في المجلة اللكترونية الفلسطينية( دنيا الوطن )العدد‬
‫المنشور علي الشبكة بتاريخ 41 سبتمبر 3002م(، مبشرا بما أسماه رواية الواقعية‬
‫الرقمية" وهذه أولى المغالطات التي تشي بعدم اطلع الناقد ول متابعته ول معرفته، فهذا‬
‫المقال مثل نشر لول مرة في صحيفة القدس العربي اللندنية بتاريخ 2002/9/4 ثم نشرته‬
‫العديد من الصحف والمواقع الرقمية في مواقعها، ومنها صحيفة دنيا الوطن الفلسطينية،‬
‫وهو جزء من الفصل الول من كتاب "رواية الواقعية الرقمية" الذي نشرت فصوله تباعا في‬
‫أكثر من صحيفة وموقع، ثم بعد ذلك نشر كامل على موقع ميدل ايست اون لين، وكنت‬
‫أتمنى على الناقد أن ل يقرأ جزءا من فصل من كتاب ينظر لرواية جديدة، بل يقرأ الكتاب‬
‫كامل هذا لو كان الناقد علميا معرفيا، لكن من الواضح أن ناقدنا قد قرأ مقالة هنا، وأخرى‬
‫هناك ثم تصفح "ظلل الواحد" بشكل سريع وجاء ليدعي مطلق العلم والمعرفة، مكفرا‬
‫الخرين نافيا لهم.‬
‫5- كل ما سبق يعد مغالطات صغرى إذا ما قورن بما سيأتي من مقالة الدكتور الوكيل، التي‬
‫تقول صراحة وبملء الفم إنه يتحامل بقصدية مبيتة أو – وهذا هو الدهى- أنه ل يعرف شيئا‬
‫مما يتكلم عنه، فيتم خلط مصطلحات مثل الرواية التفاعلية والترابطية والرواية الرقمية‬
‫ورواية الواقعية الرقمية بطريقة تدل على عدم المعرفة والقدرة على التمييز كما سنبين‬
‫لحقا.‬
‫عن التفاعلي والترابطي والرقمي والواقعي الرقمي‬
‫لغاية الن وصلنا إلى حوالي ثلثي المقالة، ونحن لم ندخل في صلب الموضوع بعد، رواية‬
‫الواقعية الرقمية الذي كان عنوان مقالته العتيدة يتحدث عن خرافتها، ولم يدخلنا الناقد بعد‬
‫في أول تجليات هذه الرواية وهي رواية "ظلل الواحد" وها نحن الن بعد ثلثي المقالة‬
‫تقريبا ندخل بوابة الدار، فيبدأ حديث الدكتور الوكيل عن الرواية التفاعلية والنص التشعبي،‬
‫وحيث أنه ل يلم بهذا الموضوع اللمام الكافي، فإنه يجتزيء مقولة من هنا لسعيد يقطين في‬
‫كتابه من النص إلى النص المترابط، ومقولة من هناك للستاذة عبير سلمة، كي بين لنا أنه‬
‫يفهم في هذا الموضوع، وهنا يبدأ الخلط الكبير الذي يدل على القصدية أو اللمعرفة، فهو ل‬
‫يميز بين الرواية التفاعلية، والرواية الرقمية، ورواية النص المترابط ، ورواية الواقعية‬
‫الرقمية ويتحدث عن الجميع وكأنها شيء واحد، وإن في هذا مغالطة ل تغتفر من ناقد‬
‫يتصدى لما تصدى له، ويدخل مدخل كالذي دخله!‬
‫وحتى نضع المور في نصابها سنتحدث عن كل نوع من هذه الجناس الروائية، ونبين‬
‫بماذا تتفق أو تختلف عن غيرها، لكن قبل ذلك علينا أن نعرج إلى بعض التعريفات التي نراها‬
‫ضرورية لتوضيح الصورة.‬
‫في البداية علينا أن نفرق بين مصطلحين مهمين كل واحد منهما يعني جنسا إبداعيا يختلف‬
‫عن الخر في بعض الوجه، ويتفق معه في أوجه أخرى، وهذا المصطلحان هما:‬

4. ‫الول: مصطلح ‪interactive novel‬‬
‫الثاني: مصطلح ‪ hypertext novel‬ولها اسم اخر هو ‪hyper fiction‬‬
‫وقبل الدخول في دهاليز المصطلحين علينا أن نعرف مصطلحين اخرين أيضا هما:‬
‫‪ Hypertext‬و ‪interactive‬‬
‫وذلك حتى تتضح الصورة ونبين الخلط الكبير الذي وقع فيه الدكتور الوكيل.‬
‫تعريف الـ ‪interactive text‬‬
‫إن كلمة ‪ Interactive‬تعني حسب التعريف النجليزي لها مايلي بالحرف‬
‫‪Involving the communication or collaboration of people or‬‬
‫3(‪(things‬‬
‫والترجمة الحرفية لها هومصطلح " يحوي اتصال أو تعاون مجموعة من الناس أو‬
‫الشياء" وهو ما اصطلح على ترجمته بالتفاعلي، ونفهم من هذا أنه عمل مشترك يتعاون‬
‫على تحقيقه مجموعة من الناس بغض النظر عن طبيعة هذا العمل، هو المجموع المشترك‬
‫لتفاعلهم.‬
‫تعريف مصطلح ‪hypertext‬‬
‫حسب مايكروسوفت انكارتا أيضا فان تعريف الهايبر تكست هو:‬
‫‪data storage system: a system of storing images, text, and‬‬
‫,‪other computer files that allows direct links to related text‬‬
‫4(.‪(images, sound, and other data‬‬
‫والترجمة الحرفية "نظام لتخزين الصور والنصوص وملفات الكمبيوتر الخرى التي تسمح‬
‫بربط مباشر إلى النص أو الصورة أو الصوت أو أية معلومات أخرى "‬
‫وباختصار شديد فإن الهايبر تكست هو رابط يستخدم للوصول إلى معلومات، أو نصوص‬
‫مخزنة.‬
‫حسب الفهم السابق تعالوا لنعرف الرواية التفاعلية، ورواية النص المترابط، وقبل ذلك‬
‫النص الرقمي عموما بما فيه )الرواية الرقمية( ثم ننتهي بتعريف رواية الواقعية الرقمية.‬
‫النص الرقمي : هو كل نص ) بما فيه الرواية( ينشر نشرا إلكترونيا سواء كان على شبكة‬

5. ‫النترنت، أو على أقراص مدمجة، أو في كتاب إلكتروني، وهذا النص نوعان:‬
‫الول: النص الرقمي ذو النسق السلبي : وهو النص الذي ل يستفيد من تقنيات الثورة‬
‫الرقمية التي وفرتها التقنيات الرقمية المختلفة مثل تقنية النص المتفرع الهايبرتكست، أو‬
‫المالتي ميديا المختلفة من مؤثرات صوتية وبصرية وغيرها من المؤثرات المستخدمة، أي‬
‫هو النص أو الرواية العادية التي قد تنشر في كتاب ورقي عادي، واكتسب/اكتسبت صفة‬
‫الرقمية لنه نشر نشرا إلكترونيا.‬
‫الثاني: النص الرقمي ذو النسق اليجابي: وهو ذلك النص )بما فيه الرواية( الذي ينشر‬
‫نشرا رقميا، ويستخدم التقنيات التي أتاحتها الثورة المعلوماتية والرقمية من استخدام النص‬
‫المتفرع الهايبرتكست، والمؤثرات السمعية والبصرية الخرى، وفن النيميشنز والجرافيك‬
‫وغيرها من المؤثرات التي أتاحتها الثورة الرقمية)5(.‬
‫بعد هذا التعريف لمفهوم النص الرقمي عموما بما فيه الرواية باعتبارها نصا، تعالوا‬
‫لنعرف الرواية التفاعلية، ورواية النص المترابط، وهما مفهومان شاعا كثيرا مؤخرا، ويتم‬
‫استخدامهما بكثرة، وأحيانا بشكل تبادلي.‬
‫الرواية الترابطية: أو ما يعرف باسم الـ ‪ hypertext novel‬او الـ ‪hyper fiction‬‬
‫وهي تلك الرواية التي تستخدم النص المتفرع، والمؤثرات الرقمية الخرى، ولكن يقوم‬
‫بكتابتها شخص واحد ويتحكم في مساراتها، أي ل يشاركه في عملية الكتابة أحد غيره، فهي‬
‫رواية يكتبها مؤلفها فقط، ويطلق عليها بعض النقاد "تفاعلية" لنها تحتوي على أكثر من‬
‫مسار داخل النص وتسمح للقاريء بالختيار بين المسارات السردية المختلفة التي تحتويها)‬
‫6(‬
‫النوع الثاني: وهو ما يعرف باسم الـ ‪ interactive fiction‬وهي رواية تستخدم النص‬
‫المتفرع أيضا، وبقية المؤثرات الرقمية الخرى مثلها في ذلك مثل النوع الول، ولكنها‬
‫تختلف في أن كاتبها أكثر من واحد، أي يشترك في كتابتها عدة مؤلفين، وقد تكون مفتوحة‬
‫لمشاركة القراء في كتابتها )7(‬
‫وكما أسلفت فإن بعض النقاد الغربيين يطلق اسم الرواية التفاعلية مجازا على كل النوعين،‬
‫وقد أخذ منهم هذا أغلب النقاد العرب الذين تصدوا لهذا الموضوع، وهذا برأينا غير دقيق،‬
‫والصح هو التمييز بينهما كما فعلنا فيما سبق.‬
‫والن لنأتي إلى الرواية الخرى، تلك التي كنت مصدرها وأصلها، وقد أعطيتها اسم "رواية‬
‫الواقعية الرقمية" وكتبت كتابا كامل في التعريف بها، ذاك الذي لم يطلع الدكتور الوكيل إل‬
‫على بعض من الفصل الول منه.‬
‫ما هي رواية الواقعية الرقمية: هي تلك الرواية التي تستخدم الشكال الجديدة التي أنتجها‬
‫العصر الرقمي، وبالذات تقنية النص المترابط )هايبرتكست( ومؤثرات المالتي ميديا المختلفة‬

6. ‫من صورة وصوت وحركة وفن الجرافيك والنيميشنز المختلفة،وتدخلها ضمن البنية‬
‫السردية نفسها، لتعبر عن العصر الرقمي والمجتمع الذي أنتجه هذا العصر، وإنسان هذا‬
‫العصر، النسان الرقمي الفتراضي الذي يعيش ضمن المجتمع الرقمي الفتراضي. ورواية‬
‫الواقعية الرقمية هي أيضا تلك الرواية التي تعبر عن التحولت التي ترافق النسان بانتقاله‬
‫من كينونته الولى كإنسان واقعي إلى كينونته الجديد كإنسان رقمي افتراضي.‬
‫نحن هنا أمام رواية شكل ومضمون، رواية تستخدم التقنيات الرقمية المختلفة، وتتحدث‬
‫عن المجتمع الرقمي وإنسان هذا المجتمع، النسان الفتراضي، وهذا هو اختلفها عن‬
‫الرواية التفاعلية أو الرواية الترابطية، فتلك روايات شكل غير محدد موضوعها، وهذه رواية‬
‫شكل وموضوع.‬
‫بعد هذه التعريفات البسيطة والتي أراها ضرورية جدا لتوضيح الصورة في ذهن الدكتور‬
‫الوكيل، نعود إلى طروحاته وخلطه العجيب، فهو يقول مرددا ومجتزئا ما قاله يقطين عن‬
‫سياقه "ويدعونا ظهور النص التشعبي بأنواعه المتعددة إلي إمكان الحديث عن الدب‬
‫التفاعلي بوصفه جنسا جديدا في البداع الدبي، يتجسد من خلل الرواية التفاعلية‬
‫‪ ."Hyperfiction‬لحظوا الخلط وعدم المعرفة فهو يعرف ال ‪ hyperfiction‬بالرواية‬
‫التفاعلية!!!!، وطبعا هو يجتزيء يقطين عن سياقه العام، فيقطين يعرف تماما الفرق بين‬
‫النص الترابطي والنص التفاعلي، ففي الصفحة السابقة تماما في كتاب يقطين ص 141‬
‫يضع يقطين عنوانا كبيرا اسمه " الترابط والتفاعل")8( ويميز فيه بين النص الترابطي‬
‫والنص التفاعلي، ولكنها القراءة الخاطئة والمجتزئة التي تأخذ المور عن سياقها العام‬
‫لغرض في ذهن الوكيل، وحسبنا ال ونعم الوكيل.‬
‫وكي يؤكد عدم اطلعه وإلمامه يقول" وفيما يتعلق بمسألة الريادة يجب الشارة إلي‬
‫الرواية الولي علي النترنت وهي رواية شروق شمس 96 لروبرت أرلنو المعروف باسم‬
‫بوبي رابيد وقد نشرتها ‪ Sonicnet‬في عام 6991م" وهذا خطأ اخر فأول رواية‬
‫)تفاعلية( كانت لمايكل جويس المريكي عام 6891 وهي رواية ، ‪story , afternoon‬‬
‫9(( وقد كانت رواية ترابطية، ولكن حيث أنه ل يميز بين التفاعلي والترابطي، وكل‬
‫المصطلحين لديه واحد فوضعنا كلمته بين قوسين، واستخدمناها وأمرنا الى ال.‬
‫ثم ينقل عن يقطين هذا القتباس" ومن المهم الن تأكيد أن عدم اتكاء نص ما علي الترابط‬
‫يقصيه تلقائيا عن مفهوم النص الجديد: إذ ل يمكننا أن نتحدث عن النص العربي الجديد حتي‬
‫وإن قدمناه علي الشبكة، واستعملنا تقنيات الحاسوب )برمجيات( لننا في الحقيقة ننتج نصا‬
‫ل ترابطيا، لن بعده الخطي يظل هو الساس، والسبب هو أن تصوراتنا عن النص غير‬
‫ملئمة وما تزال ترتهن إلي رؤية ما قبل ترابطية للنص"‬
‫جميل لنحفظ هذا، ما ردده عن سعيد يقطين من أن عدم وجود الترابطية في النص يقصيه‬
‫عن مفهوم النص الجديد وذلك حين يبدأ بنقاش رواية "ظلل الواحد".‬
‫ما يثير الستغراب هنا، أن الدكتور سعيد الوكيل نفسه، وقبل ثلثة أسابيع فقط من نشره‬

7. ‫مقالته هذه، نشر مقالة أخرى عن كتاب سعيد يقطين "من النص إلى النص المترابط" وعلى‬
‫نفس هذا المنبر" أخبار الدب في عددها الصادر بتاريخ 5002/01/9 " وفيها ينتقد سعيد‬
‫يقطين ونصه السابق تحديدا، لنه لم يشر إلى رواية ظلل الواحد، ول إلى كتابي التنظيري‬
‫"رواية الواقعية الرقمية" فيقول وأنا اقتبس" هناك جهودا لم يشر إليها يقطين، ومنها جهود‬
‫القاص الردني محمد سناجلة علي مستوي التنظير والبداع، فقد كتب روايته 'ظلل الواحد'‬
‫كما كتب دراسة نقدية بعنوان 'رواية الواقعية الرقمية' ")01( ينتقد يقطين لنه لم يشر إلى‬
‫جهودي حسب تعبيره، والسؤال الذي يطرح نفسه ما الذي حصل خلل هذه السابيع الثلثة‬
‫حتى تغير رأيك؟‬
‫عن ظلل الواحد‬
‫ندخل الن إلى الجزء الخير من مقالة أستاذنا الوكيل، حين يبدأ في الحديث عن رواية‬
‫"ظلل الواحد" باعتبارها ل تمت إلى الرواية الجديدة بصلة، ولنلحظ هنا أن كل ما سبق كان‬
‫مقدمات لهذا الجزء الخير، وقد كان الجدى به أن يبدأ من هنا، بدل محاولت نفي الخرين‬
‫واغتيالهم، أو ترديده لمقولت غيره من غير تمحيص أو تأكد كما ينبغي للباحث الحصيف!‬
‫يقول أستاذي الفاضل "ولعل الوقت قد حان لنتناول رواية ظلل الواحد من زاوية واحدة‬
‫تبحث مدي إفادة ذلك العمل من إمكانات الشبكة العالمية" جميل، اعتقدت هنا أنه سيبدا‬
‫بتحليل علمي معرفي لظلل الواحد، لكن أبدا، يتوقف أستاذنا عند صفحة الغلف فيقول" تقع‬
‫الرواية علي موقع مجاني يمتلئ بالعلنات المزعجة التي ل تمت للنص بصلة، وتنقسم‬
‫الصفحة التي ل تنتمي إلي عالم الرواية نفسه ¬ وسأسميها الصفحة قبل الرئيسية، إلى‬
‫إطارين أحدهما يخاطب القارئ العربي والخر يخاطب القارئ بالنجليزية، حيث يرد اسم‬
‫الرواية، واسم المؤلف، مصحوبين بسؤال عما إذا كانت الرواية قد أعجبتك، وما إذا كنت تود‬
‫أن ترسل رسالة برأيك إلي المؤلف. وهذه بداية غريبة لنها تصادر علي ما لم يقرأ بعد"‬
‫الموقع المجاني كان نظرا للظروف المادية في ذلك الوقت يا سيدي الفاضل، أما بالنسبة إلى‬
‫الغلف فلست أدري كيف تكون لوحة غلف أية رواية رقمية أم ورقية ل تمت إلى عالم‬
‫الرواية بصلة حسب تعبيرك، من قال هذا؟؟‬
‫لقد كان الستاذ قبل قليل يردد أن الرواية التفاعلية هي وأقتبس "عمل تعاوني يدمج مواهب‬
‫مجموعة من الفنانين..... وهو تعاوني أيضا بدعوة القراء لضافة تعييناتهم الفتراضية: ل‬
‫تنس إضافة مغامرتك إلي سجل ضيوف".‬
‫ال..ايه ده هوا انت بتناقض نفسك وإل إيه؟ قبل قليل كنت تقول إن القراء يشاركون‬
‫بأرائهم وكتاباتهم في الرواية التفاعلية، وحين طلبنا نحن هذا الشيء صار منقصة وعيبا؟!‬
‫أي نقد هذا يا قوم؟؟ ثم من قال إنني سأطلب رأي الناس قبل أن يقرأوا الرواية؟ أم هو مجرد‬
‫كلم وخلص؟!! ومن يصادر من بهذا الكلم اللمعرفي واللمسؤول؟‬
‫ثم بعد ذلك ياخذ بتصفح الرواية- ل قراءتها - ويختصر الرواية اختصارا عجيبا غريبا فل‬

8. ‫قراءة نقدية، وإنما تصفح سريع، يتناول فيه ما يؤكد وجهة نظره، وهو مقدمة الرواية أو‬
‫جذورها المتشابهه والخطية ظاهريا فقط، والتي تمتد على مدى ثلثين صفحة من غير‬
‫عناوين ول فصول، وحين يصل إلى ما ينبغي أنه يبحث عنه، وهو روابط الرواية‬
‫) الهايبرتكست( يقفز عنها بسرعة مختصرا هذه الروابط إلى رابطين أو ثلثة حسب تعبيره،‬
‫يقول " الجديد هنا أن هذا النص نفسه يتضمن رابطين أحدهما يتحقق بالضغط علي عبارة‬
‫فطار عقلي، والخر بالضغط علي آخر كلمتين في النص: غوايته حتي. و يأخذنا الرابطان‬
‫كلهما إلي جزء فرعي جديد" ثم يتابع نافيا ما تبقى ومريحا نفسه من البحث والنقاش" إنك‬
‫في كل الحالت ليس أمامك سوي ثلثة مسارات تنتهي كلها بنص آخره كلمة وراعني".‬
‫ودعونا هنا نتوقف قليل، لقد ذكر أستاذنا الفاضل قبل قليل مرددا ما قاله يقطين " ومن‬
‫المهم الن تأكيد أن عدم اتكاء نص ما علي الترابط يقصيه تلقائيا عن مفهوم النص الجديد"‬
‫وأتفق مع سعيد يقطين ومعك تماما هنا، وها أنت تعترف بقلمك أنك قد وجدت في هذه‬
‫الرواية ثلثة روابط، وكل واحد من هذه الروابط يأخذ الرواية إلى "مسار جديد" حسب‬
‫وصفك، ونضيف إلى قصة جديدة، ورواية أخرى مختلفة داخل الرواية الكلية التي أخذت بنية‬
‫الشجرة، فكل رابط هو رواية قصيرة وخط سردي مختلف، داخل الرواية الكلية، وهذا ما‬
‫اكتشفه الخرون الذين حاولت نفيهم والتشكيك بهم وبأقلمهم النزيهة، علما بأنني ل أعرف‬
‫أغلبهم، لكنه صدق الناقد والمثقف الحقيقي، فأين أنت؟‬
‫وبعد،،‬
‫لقد كانت "ظلل الواحد" مجرد بداية لمشروع كبير سياخذ مني العمر كله، ولو سألني‬
‫الدكتور الوكيل عن "ظلل الواحد" لذكرت له من عيوبها ما خفي عنه، وما لن يكتشفه‬
‫بقراءته السريعة المبتسرة، لو سألني لقلت له إنني كنت في بداية مشواري حين كتبت تلك‬
‫الرواية، وإن أدواتي التقنية لم تكن مكتملة، وينقص ظلل الواحد الكثير الكثير، وقد قلت هذا‬
‫في أكثر من مناسبة، وكتبته في مقالت نشرت في صحف ومجلت ومقابلت صحفية، وقبل‬
‫ذلك أثبته وذكرته في كتابي" رواية الواقعية الرقمية" المنشور على النترنت منذ عام‬
‫3002 حيث اقول في الفصل الثالث من الكتاب ص 47 " إن ظلل الواحد ليست سوى‬
‫البداية فأدواتي ما زالت بحاجة لتطوير وعمل كثير"‬
‫لقد اكتملت أدواتي التقنية يا أستاذي الن، وصدرت قبل أسابيع قليلة روايتي الجديدة "‬
‫شات" على الرابط:‬
‫‪www.arab-ewriters.com/chat‬‬
‫وهي المدماك الثاني في نظرية رواية الواقعية الرقمية، وفي هذه الرواية سيجد أستاذنا‬
‫الوكيل ما يبحث عنه، والسؤال المطروح لماذا تجاهل الوكيل رواية "شات" مكتملة العناصر‬
‫والبناء وركز على بداياتي فقط، وهذا ل يعني أن "ظلل الواحد" عمل غير مكتمل فنيا، بل‬
‫هي رواية واقعية رقمية تستخدم النص المترابط في بنيتها الدائرية، وفيها روايات داخل‬
‫رواية وكل لينك أو هايبرتكست يأخذ القاريء إلى قصة أخرى ترتبط بخيط رفيع مع المعادل‬

9. ‫الموضوعي العام للرواية، وقد كانت ظلل الواحد البداية الصحيحة التي أعتز بها لكنها ليست‬
‫نهاية المطاف، هي بداية فقط، وها قد صدرت روايتي الجديدة "شات" وهي أكثر نضجا‬
‫بكثير من "ظلل الواحد" من الناحية التقنية، فلماذا أغفلتها، أهو عدم معرفة أم تجاهل؟‬
‫وأخيرا،‬
‫لقد هوجمت كثيرا خلل مشواري القصير من قبل كثير من النقاد والكتاب العرب، ولم أرد‬
‫على واحد منهم من قبل، ولكن أن يأتي هذا الهجوم من مصر الحبيبة، ومن ناقد أعتز به‬
‫وأحترمه وأتابعه، فهذا ما فاجأني وأحزنني، وبمرارة أيضا أقول: هذه هي المقالة التي كنت‬
‫أود أن ل أكتبها، ولكنك حاولت نفيي من على منبر أعتز به، ومن بلد وقف معي وتبناني‬
‫حين حاربني الناس، هي مصر الحبيبة الغالية، ملذ كل المبدعين العرب، وكما كانت مصر‬
‫ملذا ووطن لغالب هلسا قبلي، هي ملذي ووطني أيضا...‬
‫وقد حاولت نشر هذه المقالة في صحيفة "أخبار الدب" حيث هوجمت زورا وبهتانا‬
‫وبطريقة ل معرفية تشي بالتحامل المقصود المبيت، ولكن للسف لم يقم رئيس ومدير تحرير‬
‫الصحيفة بالسماح بنشر هذه المقالة، وحرموني بالتالي من حق الرد الذي هو حق طبيعي‬
‫لكل من يؤمن بحرية الرأي والرأي الخر، وان هذا لمستهجن جدا من أخبار الدب والقائمين‬
‫عليها؟!‬
‫واتساءل بعد هذا الموقف اللثقافي من أخبار الدب، هل كان الوكيل يكتب من تلقاء نفسه‬
‫ام كان مدفوعا للكتابة، ومن من ولماذا؟‬
‫محمد سناجلة‬
‫‪sanajleh@yahoo.com‬‬
‫***‬
‫إحالت ومراجع‬
‫)1( تاريخ النقد الدبي عند العرب/نقد الشعر) ص 951 (/دار الشروق للنشر‬
‫والتوزيع/عمان/الردن 6891‬
‫)2( المصدر السابق ص 261‬
‫)3( ‪http://encarta.msn.com/dictionary_/interactive.html‬‬
‫)4(‬
‫‪http://encarta.msn.com/dictionary_1861619620/hypertext.html‬‬
‫)5( انظر كتاب حسام الخطيب، الدب والتكنولوجيا وجسر النص المتفرع، المكتب العربي‬

10. .1996 ،1 ‫لتنسيق الترجمة والنشر، دمشق، ط‬
‫وانظر ايضا مقالة الدكتورة فاطمة البريكي/الرواية التفاعلية ورواية الواقعية الرقمية/ميدل‬
http://www.middle-east-online.com/?id=31231 / ‫ايست اون لين‬
web.cn.edu/kwheeler/lit_terms_H.html (6)
HYPERTEXT NOVEL: Also called hyperfiction, a hypertext
novel is one written using some variant of HTML
programming languages and published online or on CD-
ROM. The hypertext code allows a reader to click on or select
options in such a way that the narration can move from one
place to another in the text whenever the reader wishes to
follow a specific character, trace an idea, or (in the case of
interactive novels) choose between one or more courses of
action for a character. Examples include Stuart Moulthrop's
Victory Garden and Michael Joyce's Afternoon. Other writers
like Michael Arnzen have experimented with The Goreletter
(horror poetry that secretly installs itself in a subscriber's
computer and then "pops out" unexpectedly with dramatic
.(messages, images, or sounds
http://instruct.uwo.ca/mit/332/response5.html (7)
The ability for the reader or user to respond or react to the
text presented before them. This could be interaction with the
author or simpliy choosing different options that the author
has supplied. Examples would be text response boxes such
as the ones we are filling out now, clicking on hypertext links,
or simply a choose your own adventure novel
1 ‫)8( من النص الى النص المترابط ص 141/ سعيد يقطين/المركز الثقافي العرب ط‬
/ ‫)9( الرواية التفاعلية ورواية الواقعية الرقمية/ميدل ايست اون لين‬
http://www.middle-east-online.com/?id=31231l
http://www.eastgate.com/catalog/Afternoon.htm (9)
2005 ‫)01( أخبار الدب العدد 936 تاريخ 9 اكتوبر‬

11. Added On: 2005-12-30
‫المصدر‬
http://www.arab-ewriters.com/?action=showitem&&id=227