1. ‫بسم هللا الرحمن الرحٌم‬
‫مبادئ وتوجٌهات عامة للثورة السورٌة للشٌخ معاذ الخطٌب قبٌل انعقاد اجتماع هٌئة المبادرة الوطنٌة‬
‫فً الدوحة 8-9/11/2102.‪‎‬‬
‫دعٌت إلى اجتماع الدوحة وسأذهب إلٌه وعندي أفكار لم ٌتح لً أن اصوغها بشكل أفضل .. أرجو من‬
‫الصالحٌن الدعاء ومن المخذلٌن أن ٌصبروا قلٌال .. مع الشكر للجمٌع.‬
‫من أحالم أحد طالب كلٌة العمارة فً سورٌة أن ٌكتب رسالة دكتوراه عنوانها: فن العمارة البعثٌة! وقبل أن‬
‫أتكلم عن مبادرة رٌاض سٌف، أحب أن أتكلم عن العقلٌة البعثٌة التً صارت فً عقول مجموعة منا نحن‬
‫شعب سورٌة دون أن ندري، فال ٌظنن أحد أن تأثٌر 05 عاما ً لم ٌحفر أخادٌده فٌنا.‬
‫التبجح وشهوة السلطة، الوقاحة فً الخطاب، التخوٌن واالتهام بالعمالة والشك بأي عامل، الحدٌث عن‬
‫الفضائل مع الخلو عنها، التسلط والقهر لآلخرٌن، التخرٌب لكل عمل، إبعاد كل نظٌف ومخلص عن‬
‫الساحة، مصادرة كل شًء مادي ومعنوي، اإلعجاب بالذات والنرجسٌة القاتلة، دفع الناس إلى االنسحاب‬
‫والسكوت عن كل منكر، إرهاق الناس وإغراقهم بالتفاصٌل المملة ومصٌرهم تحت خطر الفناء، حصر‬
‫الوطنٌة المؤٌدٌن والتحطٌم اإلعالمً واالجتماعً والنفسً لكل مخالف، بذاءة اللسان والشتم دون استثناء‬
‫دٌن والنبً وال أم وال أخت، قلة الحٌاء ونسف األخالق وتحطٌم أي مرجعٌة، الشمولٌة والطائفٌة والتعصب‬
‫.. المثالٌة فً األفكار والهبوط فً الواقع...اللصوصٌة .. وصفات أخرى مشابهة هً سمات أساسٌة ألغلب‬
‫البعثٌٌن الحالٌٌن عموما وللعصابة الحاكمة فً سورٌة بالتخصٌص.‬
‫هذه الصفات انعسكت فٌنا بنسب مختلفة، وقد زرع النظام فٌنا فٌروساته لنصاب بمرض نقص مناعة‬
‫حضاري ٌطٌح بنا مئات السنٌن فً قعر واد مظلم مخٌف.‬
‫نؤمن بأنه الٌوجد داء إال وله دواء، ولكن اإلحاطة بأسباب المرض والتشاور حول معالجته، بل رفق كل‬
‫مرٌض بأخٌه المرٌض من أسباب العافٌة والشفاء.‬
‫أرى أن أولوٌات العمل تجاه شعبنا الذبٌح هً ماٌلً :‬
‫1- توحٌد صفوفه.‬
‫2- إٌقاف نزٌف دمائه .‬
‫3- إسقاط النظام الفاشً .‬
‫4- النهوض ببلدنا شعبا وأرضا.‬
‫ٌحدثنا القرآن الكرٌم أن موسى علٌه السالم لما عاد من رحلته وجد قومه ٌعبدون العجل! فالم أخاه هارون‬
‫الذي تحمل كفر قومه كً ال ٌفرق صفوفهم (سورة طه 29-79). فالوحدة فً تلك الحال أهم من أي مسألة‬
‫أخرى.‬
‫كل التٌارات والقوى والمبادرات هً مكمالت‬ ‫أي شخص مخلص لسورٌة فهو أخ لنا فً هذا الوطن،‬
‫1‬

2. ‫لبعضها، ومن ٌبحث عن ذاته فسٌفضح نفسه، وفرض علٌنا إبعاد السمات البعثٌة فً تعاملنا مع بعضنا،‬
‫إسالمٌٌن وقومٌٌن ولٌبٌرالٌٌن وعلمانٌٌن، وبدل ما أورثنا إٌاه حزب البعث والعصابة الحاكمة من الصفات‬
‫فلنكن ٌداً واحدة ولسانا ً وقلبا ً واحداً. ننتقد بحب، ونعترض بحرص على بلدنا، ونتهم أنفسنا قبل أن نتهم‬
‫اآلخرٌن.‬
‫ال أحب سٌطرة أحدهم على إعالن دمشق، فالرجل ٌحمل عقلٌة دٌكتاتورٌة واضحة (مع االعتذار منه)‬
‫ولكنً بصراحة أشعر باألمان لوجود رجل عنٌد مثله فً الصفوف، وال ٌنبغً االستغناء عن مشورته.‬
‫والتعجبنً طرٌقة جماعة إسالمٌة فً التعاطً السٌاسً، وأعتقد أنها بحاجة لصقل طوٌل، ولكن من الذي‬
‫ٌنزع عنهم صفة الوطنٌة غٌر هذا النظام المتسلط، وقٌاداتهم الحالٌة لم تأت من الكتب واألوراق بل من‬
‫المعاناة والقهر والمنافً والسجون.‬
‫كما أنه لٌس من الصواب أن ٌشتط بعض العلمانٌٌن فً مطالبهم وٌظهروا أنفسهم كأنهم نصف سورٌة ،‬
‫وأعترف أنهم أبرع منا نحن اإلسالمٌٌن فً اإلعالم وفهم السٌاسة وإدارة كثٌر من األمور .. ووجودهم‬
‫الٌنبغً أن ٌقلقنا فً كثٌر وال قلٌل، وإن كان قد ظهر لً أن فٌهم تطرفا ً أخطر بكثٌر من التطرف اإلسالمً‬
‫الذي ٌدندنون علٌه فً اللٌل والنهار.‬
‫الحدٌث عن ضمان لؤلقلٌات البد منه، ولكنه باستغالل اإلعالم الدولً له والدندنة علٌه سٌوجد شرخا ً مع‬
‫الحاضنة األعظم التً بقٌت خمسٌن عاما ً تحت االضطهاد .. وصارت تقول: ومن الذي ٌعطً الضمان‬
‫ألغلبٌة أرادوها أن تموت بصمت، ولم ٌعلموا أنه فً أعماقها تتدفق الحٌاة.‬
‫إن الثورة سلمٌة رغم كل ماحصل، وإننً أكره الحرب والقتال (كتب علٌكم القتال وهو كره لكم) والنظام‬
‫وحده هو الذي ألجأ الناس إلى حمل السالح، وهو حق مشروع للدفاع عن أنفسهم، ولكنً أخشى من‬
‫غرور السالح فً أٌدي المقاتلٌن، فأعظم جٌش الٌنجح من دون عقل سٌاسً جبار ٌقوده، وفً نفس‬
‫الوقت فإن النظام ٌقود حملة إبادة ضد الشعب بشراً وحجراً وشجراً، وال أوافق أحداً ممن ٌجلد المقاتلٌن‬
‫وٌجعلهم فً ندٌة مع النظام المتوحش الذي ظهر أنه مستعد حتى لقتل جنوده وتفجٌراألحٌاء التً ٌقطنها‬
‫أتباعه من أجل إشعال فتٌل االقتتال الداخلً.‬
‫إننا مدعوون إلى اإلنصاف والعدل والرحمة ولكن الثورات العظٌمة ومنها ثورة بالدنا على ظلم وحشً‬
‫تجذر خمسٌن سنة الٌمكن أن نجلد فٌها بطرٌقة أفالطونٌة مثالٌة من وضعوا أرواحهم على أكفهم‬
‫وتقدموا إلى األمام متحدٌن همجٌة الدم والسالح.‬
‫نعم لثقتنا بأمانة من ٌشاركنا الدرب ولوخالفناه، نعم للتوحد فً أمورنا المصٌرٌة، نعم لبٌت تحفظ أموره‬
‫داخله.. نعم لنقاش ٌطول ثم ٌزٌدنا فهما لما ٌجري .. وٌراكم األلفة والحب فٌما بٌننا.‬
‫رٌاض سٌف منذ أشهر ٌعمل بال كلل والملل واتصل بكثٌرٌن ، كانت هناك لجنة حكماء ٌوافقه فٌها برهان‬
‫غلٌون، تطورت لجنة الحكماء .. ثم انفصل الرجالن .. من البداٌة.‬
‫فً منتصف اللٌل أخبرنً أحدهم أن الدولة الفالنٌة قد فرضت 62 شٌخ قبٌلة على الهٌئة الوطنٌة السورٌة،‬
‫واتصلت باألستاذ رٌاض فً لٌحلف لً باهلل أن هذا لم ٌحصل.‬
‫2‬

3. ‫اتهموا رٌاض سٌف بأنه ٌحمل الثانوٌة ولم ٌتابع دراسته فً كلٌة العلوم! فهل هذا عار؟ هل نقبل عقلٌة‬
‫البعثٌٌن الذٌن قال أحدهم للطاغوت: الٌكفً أن تحكم سورٌة بل ٌجب أن تحكم العالم! والنقبل برٌاض سٌف‬
‫الذي قتلوا ولده وهددوا أسرته عدة مرات، ودفع من حٌاته ثمانً سنوات فً السجون وكان من أوائل من‬
‫أشهروا سٌف الحق فً وجه النظام من أجل صفقة الخلٌوي.. وقال بعضهم: هو ٌطمع أن ٌكون رئٌسا‬
‫للوزراء أو لجمهورٌة قادمة.. فلٌطمع ٌاسٌدي.. لقد أخرسنا النظام جمٌعا وهو ٌضع مراهقا فً سدة الحكم‬
‫وٌغٌر الدستور كله .. فإن أراده الناس فلٌكن وماهو عٌبه ؟ (نفى رٌاض سٌف ذلك فً صحٌفة الحٌاة أول‬
‫البارحة، كما صرح لً بذلك عدة مرات) ..‬
‫اعترض إسالمٌون بأنه علمانً! وهو لٌبرالً كما أعلم، وعلمانً أو لٌبرالً عادل، خٌر من منافق دجال ..‬
‫والعجٌب هو خشٌة علمانٌٌن ولٌبٌرالٌٌن آخرٌن من زمالئه أن ٌكون عمٌالً للغرب! أما أخبرتكم بأخالق‬
‫البعثٌٌن ..‬
‫لست أدافع بباطل عن رٌاض سٌف وال غٌره.. ولً اعتراضات على المؤتمر الذي دعا إلٌه األستاذ رٌاض‬
‫ومنها:‬
‫1- ما ذكره من أن وثٌقة القاهرة هً األساس الجتماع الدوحة، وهو حر فً تبنٌه ماٌراه األفضل. وثٌقة‬
‫القاهرة فٌها اٌجابٌات كثٌرة وقد كتبها أشخاص تم انتقاؤهم برعاٌة (...) ولم تترك أمراً إال تحدثت فٌه‬
‫وقررت له وجوداً وحقوقا ً ... إال اإلسالم فهو ضٌف دخٌل علٌها.‬
‫قلت لؤلستاذ رٌاض أنه لن ٌوجد إسالمً واحد ٌقبل بهذه الضبابٌة وااللتفاف (وأنا أولهم) وهً وثٌقة توافق‬
‫علٌها أشخاص مختارون بعناٌة، وهً تمثل فً الحقٌقة من كتبها ومن حولهم.‬
‫وكً النفشل المبادرة سأقترح ماٌلً : المجتمع السوري متنوع والبد من مراعاة كل أبنائه، الذٌن تنبع‬
‫حقوقهم من وجودهم ال كثرتهم، وٌتم ذلك بوضع دستور جدٌد تقوم به هٌئة تأسٌسٌة بعد انتخابات حرة‬
‫تعقب المرحلة االنتقالٌة، وٌمكن متابعة العمل بالدستور الحالً أو دستور عام 0591إن مالت األكثرٌة إلى‬
‫ذلك).‬
‫2- كان هناك كالم على أن تطرح الهٌئة بصفة (الممثل الشرعً والوحٌد لشعب السوري) وقد تم‬
‫االعتراض على ذلك من قبل إسالمٌٌن، وطرح أن الهٌئة هً ( الممثل الشرعً للشعب السوري ) ولٌس‬
‫الوحٌد هً األنسب، ورحب األستاذ رٌاض بهذا. (بالمناسبة كانت هناك ثالث حكومات مؤقتة ضد نظام‬
‫عسكري حكم الٌونان، وكلها سارت تجاه الحرٌة).‬
‫3- تم االعتراض على عقد االجتماع فً الدوحة، وكنت ممن ٌؤثرون القاهرة كونها مقر جامعة الدول‬
‫العربٌة واللقاء تحت إشرافها، ولكنً ذهبت بصحبة األستاذ هٌثم المالح لنقابل مسؤوال كبٌرا فً الجامعة‬
‫لٌخبرنا أنه ال توجد مٌزانٌة لدٌهم لعقد مثل هذا االجتماع! (فواخجلتاه)، وبعد ذلك ماهً مشكلة الدوحة؟ هل‬
‫كانت وطنٌة عندما كان آل األسد ٌشحذون األموال منها وٌستجدون االستثمارات، واآلن خسرت وطنٌتها أو‬
‫عروبتها بشهادة آل األسد؟‬
‫4- عبر بعض اإلخوة من مخاوفهم أن تكون مشاركة بعض اإلسالمٌٌن فً االجتماع مفتاحا ً لتمرٌر صفقات‬
‫باسمهم على حساب اإلسالمٌٌن الذٌن ساهموا بالثورة وكانوا فً مقدمة من دفعوا دمائهم للحرٌة وبتكبٌراتهم‬
‫تزلزلت األرض تحت أقدام الطاغوت.‬
‫3‬

4. ‫ونقول لكل اإلخوة: إننا لن ننفصل عن شعبنا وآالمه وتضحٌاته، وعندما ال نستطٌع القٌام بدور إٌجابً‬
‫فإن االنسحاب وإعالن الموقف هو أقل شًء ٌمكن عمله .. وكل ما سٌتم الحقا ال ٌمكن قبوله من دون‬
‫التشاور والتوافق مع إخواننا فً الداخل. .. وفً حال وجود استعصاءات فسنعطً الهٌئة مهلة شهر‬
‫واحد لظهور ما وعدت به من التزامات دولٌة، وبعدها فلكل طرٌقه ..‬
‫إٌقاف نزٌف الدم الٌأتً إال من خالل توحد الداخل والخارج ، والضغط على حكومات العالم وإحراجها أمام‬
‫شعوبها، وذلك ٌرجع إلى رص الصفوف والعمل المتواصل، وسنمد األٌدي إلى كل متدٌن ٌعلم أن غنى‬
‫الحٌاة فً تنوعها ال فً واحدٌة عقٌمة لها، وأن هللا لو شاء لجعل الناس أمة واحدة، وأن الدنٌا دار تعاون‬
‫فً كل خٌر وهللا ٌحكم ٌوم القٌامة بٌن الناس فٌما كانوا فٌه ٌختلفون، كما نمد األٌدي إلى كل مخالف ونرى‬
‫أن مخالفته هً عامل نهوض ال نكوص كائنا ماكان طٌفه مادام ٌحترم هوٌة األمة التً ٌعٌش فٌها.‬
‫(ال إكراه فً الدٌن) اعتقاد ولٌس برنامجا سٌاسٌا، والتعددٌة مبدأ ولٌس حملة انتخابٌة.‬
‫النرحب بتشدد المتدٌن والمكر العلمانً، ونشكر كل من ٌقدم لنا عونا ً سٌاسٌا واقتصادٌا وإعالمٌا دون أن‬
‫ٌفرض وصاٌته علٌنا.‬
‫إن اللقاء الذي سوف نذهب إلٌه هو لقاء تشاوري ، قد الٌخرج بشًء وقد ال ٌحصل فٌه اتفاق، نذهب إلٌه‬
‫وعقولنا برؤوسنا، ولكننا لن نتشاجر مع أحد ، ونحن الذٌن سنقرر لحكومات العالم : إن لم ترٌدوا أن‬
‫تضغطوا إلٌقاف حمام الدم فستتحملون عواقب ذلك الوخٌمة.‬
‫البد من إعادة التذكٌر ببعض األمور (حسب اطالعً):‬
‫سورٌة بلد ذو موقع هام جدا فً العالم، لذا ال بد من التحكم الدائم فٌه من القوى الكبرى.‬
‫أول من أفسد بالدنا بعد االستقالل هو الوالٌات المتحدة بدعمها النقالب حسنً الزعٌم فً آذار 9491، ثم‬
‫برعاٌتها الدائمة للمصالح االسرائٌلٌة. وٌجب االعتراف أن أحد عوامل القوة فً حكم حافظ األسد هً‬
‫سٌاساته الخارجٌة المعلنة (وهً شًء إٌجابً ال ننكره) فرغم كون المنطقة تحت النفوذ األمٌركً فً‬
‫خرائط السٌاسة الدولٌة، إال أنه وبمكر مرر مصالح أخرى روسٌة ثم إٌرانٌة، بحٌث ٌصعب على أي قوة‬
‫منفردة قضم سورٌة .. ولكن هذا األمر التكتٌكً وبسبب ماٌسمى الربٌع العربً تحول إلى إشكالٌة، فهناك‬
‫ثورة التعترف بالخرائط الدولٌة ولم تسمع عنها.‬
‫نقطة ضعف الثورة هً نقطة قوتها: الالمركزٌة . وقد حاولت مختلف القوى لملمة الثورة فلم تنجح،‬
‫وسورٌة منطقة خطٌرة ال ٌمكن السماح فٌها بفوضى غٌر مضبوطة.‬
‫النظام ٌدرك خطورة المنطقة لذا ٌتعامل فٌها بمنطق العب القمار: المزٌد من العنف قد ٌخمد الثورة،‬
‫والنظامان الروسً واإلٌرانً ٌدعمانه، ووهج الثورة استعصى على االحتواء، لذا فالبد حسب العقلٌة‬
‫الغربٌة العملٌة من الحصول على ماٌمكن من الكعكة. لذا ففتح بعض أبواب التسلٌح التً تنشط المعارضة‬
‫وال تجعلها تنتصر البأس به، فالمساعدات بالقطارة، والصراع خرج من إطاره الداخلً وصار معركة كسر‬
‫عظم دولٌة وإقلٌمٌة.‬
‫4‬

5. ‫كان هناك سٌنارٌو مرعب: تورٌط تركٌا فً سورٌة وبالتالً ستواجهها إٌران وروسٌة وسٌضخ الخلٌج‬
‫أمواله. النتٌجة خراب القوى االقتصادٌة والبشرٌة والعسكرٌة ألقوى الدول اإلسالمٌة الحالٌة لصالح‬
‫اإلمبرٌالٌة العالمٌة.‬
‫فلسفة الحرب عند بعض السٌاسٌٌن أشبه بمراهق ٌجرب كل شًء ولكنه أحٌانا ٌحجم الستٌقاظ فكرة عاقلة‬
‫فً وعٌه، وتركٌا بعد حماس عسكري وسٌاسً أحجمت عن مشاركة فعالة، وحده الدب الروسً والشرٌك‬
‫اإلٌرانً ما زاال ٌقامران، والشعب السوري وحده ٌدفع من دمه فاتورة الصراع، كما أن بشار استهوته‬
‫البطولة وصدق أنه من أئمة الممانعة وهو الذي لم ٌدفع قرشا للمقاومة من جٌبه بل كان ٌستنزف الشعب فً‬
‫التبرع لتٌارات المقاومة.‬
‫تورطت إٌران فً الملف السوري فهو ٌشكل لها صراع وجود ال ٌمكن التنازل عنه، وقادتها النزقون دائما ً‬
‫مازالوا ٌعٌشون بعقلٌة امبرٌالٌة توسعٌة، وضمن فضاء مذهبً ضٌق، وأدى تحالفهم مع صدٌق أحمق إلى‬
‫خسائر هائلة لهم فً المنطقة ولكنهم مازالوا ٌقامرون.‬
‫الغرب ال ٌهمه من المنتصر، المهم هو الهٌمنة، وكل نفاقه اإلعالمً هو عدم الحرج أمام الرأي العام فً‬
‫بالده والذي ال ٌزال ٌموج بمحبً اإلنسانٌة والحرٌة والعدالة.‬
‫من األفضل أن تبقى سورٌة ضعٌفة لخمسٌن وربما مائة سنة إلى األمام، والبد من ترك النظام ٌدمر البلد‬
‫والشعب ٌنزف دمه، فهذا عٌن المطلوب لمستقبل آمن لطفل الغرب المدلل فً المنطقة.‬
‫لو كان فً بشار ذرة حب لوطنه لما ترك بلده ٌهوي، ولما تالعب بحجج اإلصالح، ولقام بخطوات جادة‬
‫منها تشبٌك الشعب مع بعضه لٌصبح قوة ال ٌمكن تجاوزها. ولما دمر جٌش سورٌة وشوه صورته فً‬
‫مغامرات رعناء، وقد صار واضحا ً أن بشار مجرد أداة فضحتها الثورة التً عرت الجمٌع.‬
‫صرت موقنا (وهو رأي بشري خاضع للصواب والخطأ) أن مافعله النظام البعثً المتوحش شًء الٌمكن‬
‫لكلمة فً قوامٌس الخٌانة كلها أن تعبر عنه، ففضال عن القمع والتحكم الشمولً وتدمٌر طاقات البلد البشرٌة‬
‫سابقا .. فهو ٌدمرها حجراً حجراً الٌوم .. وٌزج فٌها كل فٌروسات االقتتال الداخلً واالحتراب الطائفً.‬
‫صمود الشعب العظٌم أربك الحسابات، وغٌر العدٌد من الخطط، ولكن الصمود وحده ال ٌكفً فال بد من‬
‫نهضة بعد الدمار.‬
‫المقاومة المسلحة وسٌلة تقوٌض لنظام متوحش ، ولكن تعترضه عوائق: غرور القوة، وضعف العقل‬
‫السٌاسً، والتحكم من الممولٌن.‬
‫فً حال غٌاب وعً وطنً سٌكون السالح أداة اقتتال وقد ٌجر البالد إلى حرب داخلٌة عشرات السنٌن،‬
‫وهو أسوا ماٌمكن أن ٌحصل، والحرب األهلٌة اإلسبانٌة امتدت من عام 5391 إلى عام 2791 ودفع فٌها‬
‫اإلسبان ملٌون قتٌل!!‬
‫السالح فً النهاٌة حدٌد صدئ، واإلنسان العاقل الذي ٌحمله علٌه أن ٌقرر من أٌن هو طرٌقه، كما أن من‬
‫الخطورة وضع السالح اآلن فهو الضمان الوحٌد لنظام الٌرتوي من الدماء.‬
‫5‬

6. ‫تجاوز القوى الدولٌة واالقلٌمٌة لٌس مستحٌال ولكنه لٌس بالسهولة التً ٌتصورها البعض. هناك قصة لم‬
‫ٌمض علٌها فترة طوٌلة: رئٌس جمهورٌة ما .. زار الصٌن لٌعقد اتفاقات اقتصادٌة، سأله الصٌنٌون: هل‬
‫أخبرتم الوالٌات المتحدة بذلك؟ دهش الرئٌس وقال: ال .. لم نخبرهم. قال له الصٌنٌون: إن بالدك فً منطقة‬
‫النفوذ األمٌركً وال ٌمكن تجاوز ذلك!!‬
‫لٌست أي دولة كبرى قدراً ال ٌمكن تجاوزه، ولكن هناك أسبابا ً موضوعٌة له، وفً الموضوع السوري‬
‫فالقضٌة شائكة جدا فً ظل تصارع القوى االقلٌمٌة والدولٌة.‬
‫هناك حد أدنى من الحلول ٌضمن حداً أدنى من الخسائر وهو وحدة أي شعب مقابل القوى التً تواجهه.‬
‫لٌس سرا أن أحد مؤخرات الحل فً سورٌة هو تنازع المعارضة، ولٌس سراً انه لم ٌوجد نظام طٌع عملٌا‬
‫للقوى العالمٌة مثل النظام السوري وكل الدول حاولت بكل الوسائل أن تهبه الحٌاة، ولكن صلفه والدعم‬
‫الروسً – اإلٌرانً ساقاه من حماقة إلى أخرى بحٌث لم ٌعد من المجدي إصالحه.‬
‫الٌمكن أن ٌرفع الغطاء السٌاسً كامال عن النظام دون وجود بدٌل ٌمؤل الفراغ! لٌس حبا بالشعب السوري،‬
‫وال تخفٌفا من آالمه بل حرصا على عدم حصول حرٌق غٌر قابل للسٌطرة فً مكان خطٌر. هم ٌمكرون‬
‫بنا فلنمكر بكل من ٌرٌد لبلدنا سوءاً.‬
‫إٌجاد بدٌل للنظام فرٌضة وطنٌة، وإذا كانت كل مبادرة ستقابل بالتخوٌن بل بالشروط التعجٌزٌة التً الحل‬
‫لها، وإذا كان حب الكراسً سٌسري من آل األسد إلى قٌادات األمة من كل األطراف، فثقوا أن األمر‬
‫سٌطول وقتا ً ال أجرؤ على ذكره.‬
‫إن إٌجاد حكومة انتقالٌة صار ضرورة وطنٌة ، وإذا كانت كل تلك القوى النائمة لم تسٌقظ على أصوات‬
‫شالالت دماء السورٌٌن، وأٌقظها فقط مشروع قدمه رٌاض سٌف صارت تحتال لتقوٌضه، فإن األمر ال‬
‫ٌخلو من إٌجابٌات أولها أنه سٌجعل الجمٌع ٌتنافسون إلظهار حبهم لوطنهم .. وسٌتضح للجمٌع من الذي‬
‫تقر له لٌلى بذاك .. وشكراً لمن نام ثم صحا وصار ٌتوسل قبوله بنفس طرٌقة بشار: وعود باإلصالح ..‬
‫وعلى الوعد ٌاطرخون..‬
‫نحن شعب مؤمن وشجاع وذو عطاء وتضحٌة غٌر مسبوقة، ولكننا متعبون وتنهش فٌنا األمراض البعثٌة ..‬
‫ومن الطرائف (رغم اعتزالً الناس عموما) أننً قد تعرفت على ستة رؤساء جمهورٌة قادمٌن لسورٌة!!!!‬
‫بارك هللا بمن شرع بحملة: ال للتخوٌن .. وباسم األمة كلها نشكر كل من ٌتواضع ألخٌه وٌعمل بصمت‬
‫وٌتقً هللا فً وطنه وأهله وشعبه.‬
‫إننا لم نكتشف جرائم النظام فٌنا وما حقنه فً أجسادنا من سموم، وكل الخراب العمرانً الذي حصل ٌهون‬
‫أمام ما خربه فً نفوسنا! فلٌساعد بعضنا بعضنا فً الشفاء والعافٌة والنجاة من الفٌروسات القاتلة.‬
‫كل القوى فً الساحة مدعوة للتوحد .. الخطر القادم هائل .. انتقدوا بعضكم بحب واعترضوا بأخالق‬
‫واختلفوا ضمن مبادئ .. سورٌة تحتاج أكثر من ثمانٌن ملٌار دوالر فقط لتقف على قدمٌها من الناحٌة‬
‫االقتصادٌة إذا توقف تدمٌرها الٌوم.‬
‫بلدكم ٌنزف.. ٌحتضر .. ٌموت إن لم تسعفوه ..‬
‫6‬

7. ‫كل المسائل مؤجلة الٌوم واألولوٌة هً االتحاد واالتفاق على انقاذ البلد وإسقاط النظام المتوحش ...‬
‫لسنا شعبا بدائٌا ً وال ساذجا ً وإذا كانت طٌبة قلوبنا وتسامحنا قد أدت إلى أن تحكمنا عصابة آل األسد سنوات‬
‫طوٌلة .. فقد دفعنا من دمائنا ثمن حرٌتنا وسنبنً سورٌة من جدٌد .. وإذا كانت رواندا رغم ثمانمائة ألف‬
‫بريء ذبحوا بالبلطات والفؤوس قد استطاعت الوقوف على قدمٌها، أفال تستطٌع سورٌة ذلك؟ شعبنا شعب‬
‫جبار وحضاري ونشٌط، وإذا كانت هناك جهات دعمت رواندا اقتصادٌا، فشعبنا ٌستطٌع اختصار الطرٌق‬
‫بتعاونه ومشارٌعه الجماعٌة التً تعٌد الدفء والحٌاة إلٌه ..‬
‫لٌست الدٌمقراطٌة الغربٌة هً حلمنا، فهً دٌمقراطٌة االستعالء والنهب والمكر والتبذٌر، دٌمقراطٌتنا (إن‬
‫شئتم) شورى مسحها المسٌح وباركها محمد (علٌهما السالم) .. وتعانق فٌها مسجد وكنٌسة وإسالمً‬
‫وعلمانً كما لم ٌتعانقوا من قبل .. ألنهم اكتشفوا أنهم ٌعشقون محبوبا واحدا هو وطنهم ..‬
‫دٌمقراطٌتنا (التً أحب أن أدعوها الشورى لسبب قوي فً نفسً) مبنٌة بالدمع والدمع والتعب .. أقرب إلى‬
‫دٌمقراطٌات الفقراء فً الهند وجنوب أفرٌقٌة .. بل هً نسٌج رائع بعد لٌل طوٌل.‬
‫نرفض فكر االنسحاب واألحكام المسبقة، ونحب االقتحام، ونكره الضعف وزعم المكر بنا، فلنمكر نحن بكل‬
‫من ٌرٌد سوءاً ببلدنا .. وهللا خٌر الماكرٌن .. هل كتب علٌنا أن نبقى ضحاٌا مؤامرات ونعٌش فً القماقم‬
‫خشٌة االقتحام؟‬
‫وٌا شباب سورٌة وصباٌاها .. ال تخشعوا للباطل والظلم والفساد، فستتحرر بالدكم وعلى أٌدٌكم، وتحت‬
‫الشمس المحرقة وفً زمهرٌر الشتاء .. سترفعون بناء سورٌة لبنة لبنة وسٌحمٌكم من قوضوا الباطل فً‬
‫مٌدان البناء، كما تصدوا للظلم والتوحش فً زمان التحرٌر.‬
‫أرى ابتساماتكم وحبات العرق تسٌل على وجوهكم وأنتم تبنون بال تعب وتتابعون بإصرار عنٌد دربكم‬
‫الطوٌل.‬
‫ألمح فجرنا القادم وأرواح آالف الشهداء ترفرف حولنا ٌغمرها فرح قدسً، والمالٌٌن من أبناء شعبنا أرامل‬
‫وأٌتاما وأمهات ثكلى ومعوقٌن ومرضى ومجاهدٌن ومرابطٌن وباذلٌن .. من تخوم إدلب الخضراء إلى‬
‫حدود حوران السمراء، ومن سواحل بالدنا إلى صحراءها المباركة فً الشرق .. نتقاسم معهم رغٌفنا‬
‫الخشن بوجوه باسمة بال وصاٌة وال ذلة ألحد.‬
‫ٌاشعب سورٌة العظٌم أدعوك للتوحد والترفع عن نداء الدم الذي ٌدفعنا إلٌه النظام.‬
‫ٌاشعب سورٌة أدعوك أن تعٌش أخالقك ال أخالق البعثٌٌن، واستقامتك وطهرك الذي ٌعتدي علٌه األنذال‬
‫وٌرٌدون تلوٌثه فً كل وقت ..‬
‫أعرف عدٌدٌن من دعوا إلى اللقاء فاعتذروا مرات، وكثٌرون قدموا أسماء غٌرهم وهناك من ٌرٌد أن ٌعمل‬
‫فً الصفوف الخلفٌة، وإنما دعاهم واجب وإلحاح ..‬
‫7‬

8. ‫ٌستطٌع أي سوري أن ٌنتقدهم نقداً بناء من أجل مصلحة سورٌة، بل ٌستطٌع أن ٌرفضهم بكل بساطة، ولكن‬
‫رجاء للجمٌع: ابتعدوا عن الخطاب البعثً خطاب االتهام والتفشٌل المسبق والصلف والتكبر وعبادة الذات..‬
‫وإال فإنه سوف ٌأكل الوطن بٌابسه وأخضره.‬
‫وإذا أراد أحد االختصار وسأل: هل من حل إلسقاط النظام واالبتعاد عن الهٌمنة الخارجٌة والنهوض‬
‫ببالدنا؟ أال نملك دواء لكل ما ٌحٌط بنا؟ وسأقول بكل ثقة : بلى أٌها السورٌون .. أحبوا بعضكم ..‬
‫أحمد معاذ الخطٌب‬
‫القاهرة : 7 نوفمبر 2102‬
‫8‬