SlideShare a Scribd company logo
1 of 12
Download to read offline
‫51‬


‫التفكير العلمي‬
‫التفكري �سلوك طبيعي، فكل النا�س يفكرون، وتنتج عقولهم أافكاراً يعتمدون‬                                                                                        ‫61‬
                       ‫أ‬
‫عليها يف ت�سرفاتهم ومواقفهم املختلفة، فمنهم احلكماء، وهم من يعطون المور حقها‬
‫من النظر والتفكري مبنهجية �سحيحة، تودي يف الغالب اإىل أاف�سل النتائج، ومنهم‬    ‫ؤ‬
                                                                                                                   ‫اجلهلة وغري احلكماء.‬
‫فالعلم واحلكمة ليرتبطان بتح�سيل قدر كبري من املعلومات، بقدر ما يقومان‬
‫على القدرة على احل�سول على املعلومات املهمة ب�سكل �سحيح وا�ستخدامها بطرق‬
           ‫منا�سبة للو�سول للمطلوب، �سواء كان قراراً أاو ا�ستنتاجاً أاو حتليال أاو حال مل�سكلة.‬
                            ‫ً‬            ‫ً‬
‫وعليه فحقيقة احلكمة والعلم هي رجاحة يف العقل وفهم لطريقة أاهل العلم الذين‬
                                                 ‫ح�سلوه وتلقيناه عنهم يف ا�ستنتاجه و�سبطه وال�ستفادة منه.‬
‫ومن النا�س من تنق�سهم احلكمة، فهم واإن توافرت لهم املعلومات، ل مييزون‬
‫غثها من �سمينها، ول ي�ستفيدون منها ول يوظفونها بطريقة �سليمة �سحيحة، فت�سبح‬
                                                                                                 ‫حياتهم وك أانهم مل يتعلموا �سيئاً.‬
                                                                                               ‫ول ــذلك ي ـمـ ـكـ ــن أان نـ ـ ــرى جـ ــاه ـ ـال‬
                                                                                               ‫ً‬
                                                                                       ‫يح ـ ـمـ ــل درجـ ــة علـ ـمـ ـيـ ـ ــة، فـه ــو جــاه ــل‬
                                                                                                   ‫أ‬
                                                                                    ‫ل لـنقـ�س يف معـلــومــاته، ولكن لنــه ي ـفـكر‬
                                                                               ‫ويــبني م ــواق ـفـ ــه ب ـجـهــل. وي ـ ـمـ ـكـ ــن أان تـ ــرى‬
                                                                           ‫المــي الذي ي�ســاهي بل يتفــوق على الكـثيـرين‬                 ‫أ ّ‬
                                                                                                                  ‫بحكمته وح�سن تفكريه.‬
 ‫ولذلك اعتنى القراآن باحلكمة وجعلها من أاعظم النعم التي مين اهلل بها على‬
    ‫الن�سان، فقال تعاىل: } ُيؤتِي الْحكْ مة َمن يَشاء و َمن ُيؤت الْحكْ ِّ مة َف َقد ُأوتِي خ ْيرا َكثريا و َما يَذكَّر إِال ُأو ُلواْ‬
          ‫َ َ ْ َ َ ً ً َ َّ ُ َّ ْ‬
                                     ‫ِ‬                                ‫ْ َ ِ‬
                                                                                   ‫ََ َ َ‬
                                                                                                       ‫ِ‬                                       ‫إ‬
      ‫األل ْ َباب { (�سورة البقرة: 962)، وقال تعاىل:} اد ُع إِلِى سبيل ربك بِالْحكْ مة وال َْموعظة الْحس َنة وجادل ْ ُهم‬
             ‫ِ‬           ‫ِ‬
                  ‫َ َ ْ َ َ َ َ َ‬
                                    ‫ِ ِ‬         ‫ِ ِ َ ِ ِ‬
                                                                     ‫َ َ‬             ‫ْ‬                                                     ‫َ ِ‬
‫بِالَّتِي هي َأحس ُن إِن َربَّك ُه َو َأعـ َل ُم ب ِ َمن ضل َعن س ِبيل ِِه َو ُهـو َأعـ َل ُم بِال ْ ُم ْه َتدين { (�سـورة النحل: 521)، لن �ساحب‬
                     ‫أ‬                                       ‫َ‬
                                                               ‫ِ‬
                                                                              ‫َ ْ‬           ‫َ َّ َ‬                 ‫ْ‬       ‫ِ َ ْ َ َّ َ‬
                                                                                                     ‫أ‬
                                                       ‫احلكمة �سيفكر بعلمية وي�سع المور يف مكانها ال�سحيح.‬
‫ولذلك كانت �سرية النبي �سلى اهلل عليه و�سلم و أا�سحابه �سرية احلكمة والعلم،‬
‫فرتاهم يفكرون ويدققون النظر يف المور، يبدعون ويتحققون ويتناق�سون، ركز فيهم‬              ‫أ‬
‫النبي أا�س�س احل�سارة ال�سالمية، املعتمدة على أان "احلكمة �سالة املومن" ف�ساحوا يف‬
                                  ‫ؤ‬                                                                             ‫إ‬
‫الدنيا ين�سرون ال�سالم، فحرروا عقول النا�س، و أاعلموهم أان العلم ممكن ومتاح لكل‬                                          ‫إ‬
                                                                                                                                                    ‫التفكير العلمي‬




                                                  ‫اإن�سان، بل هو ف�سيلة و أاجر، و أان الجتهاد والتفكري فري�سة.‬
‫أ‬
                  ‫ولي�س ذلك حم�سوراً على ح�سارة امل�سلمني، فكل ح�سارات المم هي نتاج فكر حكمائها،‬
‫71‬
                  ‫وكل أامة حا�سرت الفكر و�سيقته وجعلته حم�سوراً على فئة وحمظوراً على أاخرى، كانت‬
                                                                            ‫مرتعاً للطغيان واخلرافات.‬
                  ‫اإن التفكري املعتمد على أا�س�س علمية ومنهجية �سحيحة يعذر �ساحبه واإن أاخط أا‬
                                  ‫يف النتائج التي تو�سل اإليها، هذا يف ال�سالم ويف العرف العلمي ال�سحيح.‬
                                                                   ‫إ‬
                  ‫وحتى ن�سارك العامل يف حتقيق الجنازات الن�سانية امل�سرتكة، وننجح يف امل�ساهمة‬
                                                       ‫إ‬        ‫إ‬
                  ‫احل�سارية، ونحتل موقعنا الذي ن�ستحقه يف هذا الواقع ؛ يجب أان نتعلم التفكري العلمي،‬
                                                                       ‫ون�ستفيد منه ونعلمه من وراءنا.‬
                                                                                 ‫َ‬
                                                                                       ‫أ‬
                  ‫ولي�س المر حم�سوراً يف ميدان العلم بل اإن التفكري العلمي يح�سن كافة نواحي‬
                  ‫احلياة – كما �سرنى يف كل مهارة من املهارات التي �سندر�سها - فهو يعتمد على منهجية‬
                  ‫علمية، ويطور املهارات امل�ستخدمة يف كافة مناحي العلم واحلياة، وعليه فمتى طورنا‬
                     ‫مهارات تفكرينا العلمي ومار�سناها ب�سكل واع، تطور تفكرينا وحت�سنت حياتنا بكاملها.‬


                                                             ‫أ‬       ‫أ‬
                                                     ‫�سنجيب يف هذه �لوحدة على ��سئلة ��سا�سية:‬
                                                                   ‫4 ما التفكري العلمي وملاذا نتعلمه؟.‬
                                                                        ‫4 كيف نفكر بطريقة علمية ؟‬
                                                           ‫4 كيف ن�ستفيد من تعلمنا التفكري العلمي؟‬


                                                                ‫ما �لتفكري �لعلمي وملاذ� نتعلمه؟‬
                  ‫يطلق أاحياناً التفكري العلمي ب�سكل �سائع على املنهج التجريبي أاو ال�ستق�ساء،‬
                  ‫ول�سك أان املنهج التجريبي هو أاحد مهارات وطرق التفكري العلمي املهمة، ولكنه لي�س‬
                                              ‫الذي نق�سده عندما نتحدث هنا عن " التفكري العلمي ".‬
                  ‫مانق�سده بالتفكري العلمي هنا هو أاعم من املنهج التجريبي، اإننا نريد به‬
                  ‫"جمموعة من العمليات العقلية الرادية املنظمة " وهو على هذا عك�س تفكري اجلهال‬
                                                                    ‫إ‬
                                                  ‫فهو ما يقوم به احلكماء والعلماء عند النظر والتفكر .‬
 ‫التفكير العلمي‬




                  ‫اإن التفكري العلمي، هو ما يفرق بني احلكماء واجلهالء، وهو الطريقة التي‬
                  ‫ي�سلكها العلماء لتح�سيل وبناء العلم ، ومنه ن�ستنتج أان التفكري العلمي هو الذي ميتاز‬
                                                                                                   ‫بـ:‬
‫• التفكري وفق خطوات حمددة معلنة، وطريق وا�سح، نت أاكد منه ونراجعه ونقومه.‬                                ‫81‬
‫• يقبل م�ساركة العقول الخرى، فهو ي�سلم ب أان العقول تتكامل، في�ستمع لباقي‬
                                            ‫ُ‬           ‫أ‬
                                       ‫الراء ول يتقبل النقد فقط بل يطلبه وي�ستفيد منه.‬      ‫آ‬
‫• يتبع فيه العقل وما ميليه من قواعد و أا�سول للتفكري، أاي ل يتبع املفكر فيه‬
                                                                 ‫أاهواء نف�سه وما ت�ستهيه.‬
‫• اإمكانية مراجعة أاخطائنا والتعلم منها، وال�ستفادة من جتاربنا، فنطور و‬
                                                                ‫نح�سن ونراجع خطواتنا.‬ ‫ُ َ ِّ‬
                                                   ‫��سباب �لق�سور �ل�سائعة يف �لتفكري:‬        ‫أ‬
                                                                      ‫- �لــعـ�ســو�ئـيــة:‬
‫فكثري من النا�س وحتى املفكرين منهم والباحثني، يعاب على تفكريهم‬
                                     ‫أ‬
‫الع�سوائية، فتفكريهم واإن كــان جيداً فال يحقق الهداف التي كان من املمكن لهم‬
‫حتقيقها من خــاللـه. في�سـلكون يف‬
             ‫ؤ‬
‫تفـكريهم م�ساراً غري وا�سح يـودي لنـتــائـج‬
‫غري خمطـط لها م�سبقاً، فيـبد أا يف الـتفكري‬
‫بجهد وعمل قوي، ولكنه يتوه يف الطريق‬
‫ول يدري اإىل أاين يـ�سري بعــد ذاك، واإن فقد‬
‫امل�سار فال يعرف أاين كان اخلطـ أا. فيفقد‬
‫التميز ويفاج أا أان من هم أاقل منه عمال‬
‫ً‬
‫وجهداً وذكاء، ي�ستفيدون من أافكارهم‬
                                 ‫ً‬
                    ‫ويخرجون بنتائج مذهلة.‬
‫كما أان عدم التخطيط امل�سبق للتفكري، يزيد من �سعوبة ال�ستفادة من جتارب‬
‫وخربات التفكري ال�سابقة، فكلما جاء موقف للتفكري ابتد أا وك أانه أاول مرة، فهو ل‬
                ‫ً‬
‫ي�ستفيد من جتاربه، ول يدري ما ا�سم مهارة التفكري التي يحتاجها ف�سال عن خطواته‬
                  ‫أ‬
‫التي ت�سمن جناحه. و أاكرث ما يحبط املفكر هو عدم القدرة على جتنب الخطاء ال�سائعة‬
‫يف التفكري، و تلك التي وقع فيها �سابقاً، ولكن التخطيط يجعله ي أاخذ احليطة ويعد‬
                                                    ‫أ‬
         ‫الجراءات التي ت�سمن له عدم تكرار الخطاء وال�ستفادة من اخلربات ال�سابقة.‬          ‫إ‬
                                                                         ‫- �لــذهــنـيــة:‬
                                                                                                  ‫التفكير العلمي‬




‫أاي العتماد يف التفكري على الذهن دون الكتابة، وهي طريقة قد تنجح أاحياناً،‬
‫ولكنها جتعل اخلط ـ أا أا�سرع، كما أان اإمكانية اكت�ساف ومناق�سة خطوات التفكري وتقوميه‬
‫91‬                ‫�سبه م�ستحيلة، وذلك أان العمليات غري معروفة ول كيفية اإمتامها ، وما نتائج كل خطوة‬
                                                            ‫وكيف دخلت تلك النتائج يف اخلطوة التي تليها.‬
                  ‫اإذا جاءتك م�س أالة ح�سابية يف الريا�سيات أاو الفيزياء أاو الكيمياء أاو املحا�سبة‬
                  ‫أاو غريها وحتتاج اإىل حتويلها ملعادلة واإجراء بع�س العمليات احل�سابية، أالي�س هذا هو‬
                                                             ‫أ‬
                  ‫التفكري؟ هل نقبل اإجراء ذلك ذهنياً؟ طبعاً ل، لن احتمال اخلط أا وعدم اإمكانية املراجعة‬
                  ‫يجعل الكتابة وعدم الذهنية أامر حمتم، لذا فاإننا نكتب كل خطوة من خطوات احلل ول‬
                                                                                 ‫نعتمد على اإجراءها ذهنياً.‬
                                                                          ‫أ‬
                  ‫وكذلك فاإن التفكري يف المور احلياتية أاحياناً فيه من املتغريات والنتائج ماهو‬
                                      ‫أاكرب بكثري من امل�سائل احل�سابية، فكيف نكتب تلك ول نكتب هذه؟.‬
                                                                                            ‫- �لـفـــرديـــة:‬
                                                   ‫أ‬           ‫أ‬
                  ‫كثرياً ما ت�ستهوينا الفردية وتدفعنا لن ننجز العمال وخا�سة التفكري مبفردنا،‬
                                                                                      ‫ؤ‬
                  ‫ولكننا ل ن�سمن ما يوثر علينا من عوامل نف�سية وعاطفية فنتحيز لفكرة، أاو نرى‬
                                                                   ‫آ‬
                                      ‫المور من جانب �سيق، وعند م�ساركة الخرين ننجو من ذلك كله.‬             ‫أ‬
                                                                     ‫أ‬
                  ‫ف�سال عن اإعجابنا بكثري من الفكار التي ي أاتى بها غرينا ومل تخطر لنا على‬
                                                                            ‫ٍ‬                 ‫ً‬
                  ‫بال واإن كانوا �سغاراً أاو أاقل منا علماً، وهذا ما يجعل العلماء يتوا�سعون ويعلمون أان‬
                  ‫التفكري العلمي يقت�سي أان ت�ستفيد من كل العقول املحيطة بك . وقدمياً قيل «ما خاب‬
                     ‫أ‬
                  ‫من ا�ست�سار» ولذلك كانت ال�ست�سارة أاحد اخلطوات املهمة جداً يف اتخاذ القرارات، لن‬
                                                                       ‫فيها م�ساركة للعقول وا�ستفادة منها.‬
 ‫التفكير العلمي‬
‫- �لـعـــجـــلـــة:‬            ‫02‬
‫قال تعاىل:} َوكَان األِنْسان َعجوال{ (�سورة ال�سراء: 11)، فكثرياً ما يقول النا�س، نحتاج‬
                                         ‫إ‬          ‫َ ْ َ ُ ُ ً‬
‫اإىل النتيجة ب�سرعة، لي�س لدينا وقت للتفكري، اإن القول ب أانه «لوقت لدينا للتفكري»‬
                                                        ‫هو اجلهل بعينه، فـالتـفـكيــر‬
                                                                                ‫أ‬
                                                        ‫هــو اخلطــوة ال�سـا�سـية يف كل‬
                                                        ‫�سيء، فما الفائدة من العمل اإن‬
                                                        ‫كان مبنياً عـلى أافكار خـاطــئة،‬
                                                                               ‫ونـتائجـه خـاطـئة.‬
                                                                  ‫أ‬
                                                        ‫اإن كثرياً من الخطاء‬
                                                        ‫ال�سائعة يف احلياة عموماً هــي‬
                                                        ‫نـتيجــة لـعــدم أاخــذ الوقــت الالزم‬
                                                        ‫للتـف ـكـري، وذلك يف كل �سيء،‬
                        ‫أ‬
‫فمعرفة اخلري وال�سر، والنافع وال�سار، وال�سواب واخلط أا، والف�سل واملف�سول، كلها‬
                                                                             ‫مبنية على التفكري.‬
                                                                                ‫- �الغــتـــــر�ر:‬
‫يغرت الن�سان بنف�سه ويطغى، ول يعرتف بنق�سه وخطئه، وهذه اآفة يقع فيها‬              ‫إ‬
‫اجلهالء واإن بلغوا ما بلغوا من التعلم، فمن بدهيات العلم أان الن�سان خطاء، ول ميلك‬
                          ‫إ‬
                                                     ‫ال�سواب املطلق أاحد اإل اهلل عز وجل.‬
‫ولكن ذلك الطغيان نتيجة لعجب الن�سان ب أافكاره و أاعماله، فقد يوفق لل�سواب‬
                                             ‫إ‬
‫واحل�سن يف أا�سياء كثرية، وي�ستنتج من ذلك أان كل أافكاره و أاعماله �سواب وح�سنة. (ما‬
                                                              ‫ر أايك يف النتيجة ال�سابقة؟).‬
‫فالن�سان تعرتيه النواق�س والت أاثريات املختلفة، وعليه ؛ فقد يخطئ مرة‬                   ‫إ‬
‫وي�سيب أاخرى، ولذلك لبد من ا�ستمرارالتعلم فاإن أا�ساب يعرف كيف ح�سل ذلك، واإن‬
‫أاخط أا يعرف كيف كان ذلك، فلي�س بال�سرورة عندما تنجح يف الو�سول لل�سواب يف مرة‬
     ‫أان ت�سل اإليه كل مرة، فهناك احتمال للخط أا، وهو ما يطلق عليه «اخلط أا الب�سري».‬
‫لذا لبد للمفكر؛ حتى يكون تفكريه علمياً أان ينقد تفكريه ويراجعه، بل يطلب‬
                                               ‫ؤ‬
‫من الخرين أان ينقدوه ويراجعوه له، وما املومترات العلمية وحتكيم البحوث ومراجعتها‬                ‫آ‬
                                                                                                        ‫التفكير العلمي‬




‫وطلب ذلك من املتخ�س�سني اإل نوع من ذلك وهي عادة العلماء ، ثم بعد ذلك ل بد من‬
         ‫التم�سك ب آاداب العلم و أاخالقياته لي�سمو خلقنا العلمي ونحمل أاخالق العلماء.‬
‫12‬                                                                    ‫- �سعف �لتمكن من �ملهار�ت:‬
                                                                              ‫أ‬
                  ‫واملهارات هي الدوات التي تعني املفكر على التفكري، فلو كان املفكر ميلك قدرات‬
                       ‫أ‬
                  ‫جــيدة، ولكن أادواته غري مكتملة ، أاو ل يجيد - ورمبا ليعرف أا�سال - بع�س الدوات،‬
                                 ‫ً‬
                                                 ‫فاإن تفكريه مهما بذل فيه من جهد فهو قا�سر ناق�س.‬


                                                                ‫كيف نفكر بطريقة علمية �سحيحة؟‬
                  ‫حتى ي�سهل تعلم «التفكري العلمي»، قمنا بت�سميم منوذج، يعالج أاوجه الق�سور‬
                  ‫ويلتزم بخ�سائ�س ومميزات التفكري العلمي لتحقيق النتائج املرجوة، ويتكون النموذج من‬
                                                                                                        ‫آ‬
                                                                                            ‫الت ـ ـ ـ ــي:‬
                                                                                               ‫أ‬
                                                                     ‫1 ��سا�سيات �لتفكري �لعلمي.‬
                                                                       ‫2 مهار�ت �لتفكري �لعلمي.‬
                                                     ‫أ‬
                  ‫واملهارات يف هذا الكتاب متثل املهارات ال�سا�سية يف التعلم والبحث، وهناك‬
                  ‫مهارات غريها كمهارات املحاجة واحلوار، ومهارات البداع والبتكار، ومهارات اتخاذ‬
                                                ‫إ‬
                                                                             ‫القرارات وحل امل�سكالت.‬

                                                                  ‫‪� t‬وال: ��سا�سيات �لتفكري �لعلمي:‬        ‫أ ً أ‬
                  ‫ال�سا�سيات هي القواعد التي نبني عليها كافة املهارات، ونلتزم بها يف كل مهارة من‬                    ‫أ‬
                                                                                            ‫مهارات التفكري وهي:‬
                                                                                     ‫1/ �لتخطيط �مل�سبق:‬
                                                ‫فقبل البدء بالتفكري يجب أان نحدد ما نريـده‬
                                                            ‫بالفـعــل، ونح ــدد املهارة من حقيبة املـ ـه ــارات‬
                                                              ‫( �سنــدر�س يف ه ــذا الك ـتــاب عــ�سـر مـه ـ ـ ــارات‬
                                                             ‫أا�س ــا�س ـيــة ) ثـم ن�ســع خ ـط ــة الت ـفـك ـيــر التي‬
                                                             ‫�سنعتمد عليها يف التفكري، ونق�سد باخلطة‬
                                                          ‫اخلطوات التي �سن�سري عليها، و نلخ�سها على‬
                                                      ‫ؤ‬
                                                     ‫�سورة ت�ساولت متتابعة، بحيث ي�سكل كل تــ�س ــاول‬    ‫ؤ‬
 ‫التفكير العلمي‬




                  ‫خطوة من خطوات التفكري حتى ن�سل للنتيجة املق�سودة، ويف كل مهارة اقرتحنا خطة‬
                     ‫للتفكري، ولكن هذه اخلطة هي جمرد اقرتاح ميكن للمفكر أان ي�ستفيد منها ويزيد‬
                                     ‫- أاو يعدل - فيها مبا يتوافق مع مهمة التفكري التي يعمل عليها.‬
‫2/ �خلريطة مرئية:‬                              ‫22‬
‫أال توافقني ب أان التفكري عندما يكتب وميكن م�ساهدته أامام العني ميكن تطويره‬
‫وممار�سته ب�سكل أاكرث وعياً من جعله عمال ذهنياً فقط ؟ اإن هذا املبد أا يتفق عليه أاغلب‬
                                                ‫ً‬
                    ‫ؤ‬
‫العلماء الذين اهتموا بالتفكري وتطويره، ولذلك فاإن اإجابات الت�ساولت التي يف اخلطة‬
‫يجب أان تكتب يف خريطة مبنية م�سبقاً، قبل البدء يف التفكري، ثم تو�سع فيها الجابات‬
       ‫إ‬
‫بعد البدء يف التفكري، وهي خريطة مقرتحة ميكن التعديل عليها وفق الحتياج وطبيعة‬
                                                                                ‫الت ـف ـكـ ـ ـي ـ ــر.‬
‫اإذن وباخت�سار فاخلريطة هي املكان الذي �سندون فيه اإجابات أا�سئلة اخلطة‬
                                              ‫أ‬
‫بطريقة منظمة وذات معنى تظهر ترابط الفكار وتتابعها وعالقتها مع بع�سها البع�س،‬
                                ‫أ‬
‫بحيث يكون تفكرينا مرئياً وم�ساهداً وهو أامر مهم جداً لن الكتابة يف اخلريطة تزيد‬
                                                                        ‫من وعينا بتفكرينا.‬
                                                                         ‫3/ �ملـ�ســـاركــة:‬
‫اإن التفكري الناجت عن عقلني أاو�سع و أاف�سل مبراحل عن التفكري الفردي ، ولذلك‬
                                                                 ‫آ‬
‫نعتقد أانه كلما �ساركك الخرون يف التفكري كلما كان ذلك أادعى لنجاحه و�سالمته‬
‫من الخطاء، فا�ستخدام عقلني أاف�سل من ا�ستخدام عقل واحد - وخا�سة عند اإجراء‬                   ‫أ‬
‫الع�سف الذهني - ففكرة من عقل تولد أافكاراً يف العقول املحيطة، كما أان ال�ستنتاجات‬
‫والت أامالت من عدة عقول تخرج أافكاراً مل تكن تخطر ببال أاحد امل�ساركني، كما أان اخلط أا‬
‫الب�سري يقل وب�سكل كبري، واآفات النحياز وعدم املو�سوعية يقل ت أاثريها ب�سكل كبري،‬
                                                  ‫وعليه كلما عملت مع اآخر كان ذلك أاف�سل.‬
‫ويف�سل اختيار امل�ساركني يف التفكري ب�سكل متنوع ويكون العدد من أاربعة اإىل‬
                       ‫أ‬
‫�سبعة أا�سخا�س، ويف حال كان التفكري جماعياً فيجب تعيني مهام لع�ساء فريق التفكري‬
‫فيكون أاحدهم مقرراً واآخر مديراً للتفكري، فمثال يقوم املدير للتفكري بتحديد وقت‬
                                       ‫ً‬
                                                                                        ‫ؤ‬
                                                                ‫لكل �سوال يتم التفكري فيه.‬
                                                          ‫ِّ‬
                                                    ‫على أان هذا يجب أال يعطل من‬
                                                    ‫اإمكانية ممار�سة التفكري ب�سكل منفرد ،‬
                                                    ‫ولكن التفكري الفردي لن يكون مب�ستوى‬
                                                    ‫اجلودة التي ي�سرتك فيها أاكرث من‬
                                                                                                         ‫التفكير العلمي‬




                                                    ‫�سخ�س واإن تباينت م�ستويات تفكريهم‬
                                                                       ‫أاو خلفياتهم العلمية.‬
‫32‬                                                                                     ‫4/ وقت للتفكري:‬
                  ‫يحتاج التفكري اإىل وقت، وهو ما ل يت�سوره الكثريون، بل اإن الوقت الذي‬
                  ‫يحتاجه اجلهد الذهني أاكرث من اجلهد البدين بكثري. لذلك أاعط ذهنك الوقت الكايف‬
                                                                                               ‫للت ـف ـك ـ ــري.‬
                    ‫واإن ال�ستعجال - الذي هو طبع الن�سان كما قال تعاىل: } َوكَان األِنْسان َعجوال {‬
                       ‫َ ْ َ ُ ُ ً‬                                  ‫إ‬
                     ‫(�سورة ال�سراء: 11) - هو من أاخطر اآفات التفكري، ومهما كانت مربرات ال�ستعجال، فاإن‬
                                                                                                    ‫إ‬
                  ‫ال�سري ال�سريع يف الطريق اخلاطئ أاكرث تكلفة من الت أاين وال�سري يف الطريق ال�سحيح.‬




                                                                                ‫5/ �لتفكري يف �لتفكري:‬
                  ‫هذه من أاهم اخلطوات التي يجب أان تكون بعد عملية التفكري، وهي للت أاكد من‬
                  ‫أان تفكرينا �سار بطريقة علمية �سليمة، و أاننا مل نقع يف أاي ق�سور، كما ميكن من خاللها‬
                  ‫تطوير اخلطة أاو اخلريطة ل�ستخدامها ب�سكل أاكرث فاعلية م�ستقبال. ولذلك يجب أان‬
                                    ‫ً‬
                                                                       ‫أ‬
                  ‫ن�س أال أانف�سنا - على �سبيل املثال - ال�سئلة التالية والتي ت�سكل يف احلقيقة خطة للتفكري‬
                                                                                               ‫يف التفكري:‬
                                                      ‫• هل كان تفكرينا جيداً؟ وهل حقق أاهدافه؟‬
                                                                    ‫• ما اخلطوات التي قمنا بها؟‬
                                                           ‫• ما أا�سعب اخلطوات يف هذه العملية؟‬
                                           ‫• كيف ميكننا تطوير هذا النوع من التفكري م�ستقبال؟‬
                                            ‫ً‬
                                                   ‫• هل اخلطة منا�سبة؟ وهل هناك اإ�سافات لها؟‬
                             ‫• هل اخلريطة التي �سجلنا عليها تفكرينا منا�سبة؟ وكيف نطورها؟‬
                                                                         ‫• كيف أادرنا وقت التفكري؟‬
                                                        ‫• هل كانت اإدارة النقا�س والتفكري بحرية؟‬
 ‫التفكير العلمي‬




                                      ‫وميكن بناء على املراجعة اإعادة تعديل بع�س أاجزاء التفكري .‬
‫‪ t‬ثانيا: مهار�ت �لتفكري �لعلمي:‬   ‫ً‬                   ‫42‬
‫هذه املهارات ي�ستخدمها كل النا�س ويف أاغلب تفكريهم، ولكن يف هذا النموذج نو�سح كيف‬
                                                                        ‫أ‬
‫ميكن أاداء هذه النـواع من مهارات التفكري بطـريقة علمـية تلتـزم مبن ـهـج ـيـة مـح ــددة‬
                                           ‫وهي التي تـ ــم ب ـن ــاء منوذج التفكري العلمي لهـا.‬
  ‫كما أاننا نعـتـقد ب أان هناك فرقاً بني التفكري عموماً والتفكري اجليد أاو التفكر‬
  ‫فـلـو أاخذنا مهــارة املقــارنة -كمـثـل- �سنجد أان كل النا�س يقارنون ، ولكن هل يقارنــون‬
        ‫بطريقة علمية؟ وما النتائج التي يخرجون بها من املقارنة؟ بل كم من املقارنات‬
                                   ‫اخلاطئة أادت لنتائج �سلبية على أا�سحابها أاو من حولهم.‬




                                                ‫ملاذ� نتعلم مهار�ت �لتفكري �لعلمي؟‬
                                                    ‫قدرة هائلة على �لبحث و�لتعلم:‬
‫من أاهم فوائد تعلم مهارات التفكري تطوير قدرة �ساحبها على التعلم مبهارة،‬
                                      ‫أ‬
‫فهو يفهم التعريف وكيف يكون، ويعرف أاجزاء ال�سياء وعالقاتها مع غريها، وميايز‬
                                ‫أ‬
‫بينها ويقارن، ثم ي�سنفها و يرتبها، وبعد ذلك يالحظ الحداث ويعرف �سببها ويتوقع‬
‫ما �سيحدث منها، وي�ستنتج قوانينها ويعممها، مع حر�سه الكامل على أاخذ املعلومات من‬
                   ‫م�سادرها ال�سحيحة.وكل هذه مهارات �سنقوم بتعلمها يف هذا الكتاب.‬
                                                                                                  ‫التفكير العلمي‬




                                   ‫أ‬
‫اإن من ميتلك مثل هذه القدرة، معه كامل الدوات التي تي�سر عليه تعلم أاي‬
                ‫ِّ‬
                            ‫علم- مهما كانت �سعوبته- بل وجتعل تعلمه فائقاً متما�سكاً.‬
‫أ‬
                                                                        ‫�ل�سالمة من �خطاء �لتفكري:‬
‫52‬
                                                      ‫أ‬
                  ‫اإن من أاكرب املخاطر التي حتيط بنا تلك الفكار امل�سللة، �سواء منها ما نتلقاه‬
                  ‫من خارجنا أاو ننتجه خط أاً بتفكرينا املنحرف عن ال�سواب، و أاظهر مثال على ذلك ظاهرة‬
                  ‫التفلت من القيم با�سم احلرية املزعومة، وظاهرة الرهاب وكالهما تطرف عن احلق‬
                                                    ‫إ‬
                                                            ‫والر�سد ، ف أاولهما تفريط وثانيهما اإفراط.‬
                  ‫فكثري من ال�ساللت ما هي اإل ب�سبب �سعف التفكري وت أاثره بالهوى وال�سهوات،‬
                  ‫أاو ما اعتاد عليه الن�سان، أاو الغ�سب وردة الفعل وال�ستعجال، ف�سال عن النغالق و�سيق‬
                                       ‫ً‬                                                 ‫إ‬
                                                                                                              ‫أ‬
                                                                                                  ‫الف ـ ـ ـ ــق.‬
                  ‫أاو تكون تلك ال�ساللت م�سدرها من غرينا فن�سدق أاخبارهم بدون حتقق،‬
                                                                ‫أ‬
                  ‫ول ننقدها ونحاكمها، وقد تكون تلك الفكار ممن نعدهم قدوة لنا، أاو ننبهر بالهالة‬
                                                                  ‫املحيطة بهم، �سواء يف املظهر أاو املنطق.‬
                                                                   ‫زيادة �ل�سعور بالكفاية و�لثقة:‬
                                                                   ‫ؤ إ‬             ‫أ‬
                  ‫اإن جناح الفكار وروية الن�سان لنتائجها اجليدة يزيد من �سعور الن�سان‬
                       ‫إ‬
                  ‫بالكفاية والقدرة، بل وحتى احلرية، وهذا أاحد أاهم أا�سرار احل�سارة ال�سالمية، فكل‬
                                ‫إ‬
                  ‫أاحد �سغرياً كان أاو كبرياً ، غنياً أاو فقرياً، يجب عليه أان يفكر، ويجب عليه أان ينفع‬
                            ‫امل�سلمني مبا فتح اهلل عليه من أافكار، ول يجوز له كتم ما تو�سل له من علم.‬
                  ‫وتخيل �سعورك و أانت ترى أاحد أافكارك ت�سعد النا�س، أاو ق�سيدة من ق�سائدك‬
                  ‫يرددها النا�س، كم هو �سعور رائع يجعلك تفكر وتفكر وتنتج، وهو ما ن أامله منك بهذا‬
                                                                                              ‫الربنامج.‬
 ‫التفكير العلمي‬
‫62‬




     ‫التفكير العلمي‬

More Related Content

Similar to Unit 01

بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 3
بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 3 بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 3
بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 3 Sun Rise
 
بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 2
بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 2بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 2
بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 2Sun Rise
 
Asas teknologi bahasa arab (1)
Asas teknologi bahasa arab (1)Asas teknologi bahasa arab (1)
Asas teknologi bahasa arab (1)PokkCekks
 
لماذا أوجد الله الشر ؟
لماذا أوجد الله الشر ؟لماذا أوجد الله الشر ؟
لماذا أوجد الله الشر ؟chamithami
 
رسالة التعاليم للإمام
رسالة التعاليم للإمامرسالة التعاليم للإمام
رسالة التعاليم للإمامGreenLife1978
 
الجن وثقافة الخوف
الجن وثقافة الخوفالجن وثقافة الخوف
الجن وثقافة الخوفchamithami
 
قرة عيني
قرة عينيقرة عيني
قرة عينيro0oro0o5
 
فلسفة التكوين الفكري د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين الفكري د. نبيل طعمة -الجزء الأول Mohammad Kettani
 
الذات الانسانية2003
الذات الانسانية2003الذات الانسانية2003
الذات الانسانية2003surg_amr
 
1لامن الفكري
1لامن الفكري1لامن الفكري
1لامن الفكريomrakan
 
كتيب مهارات التفوق الدراسي
كتيب مهارات التفوق الدراسيكتيب مهارات التفوق الدراسي
كتيب مهارات التفوق الدراسياسماء الشرباتي
 
الموقظه في رؤية الرسول في اليقظه الالوسي
الموقظه  في رؤية الرسول في اليقظه  الالوسيالموقظه  في رؤية الرسول في اليقظه  الالوسي
الموقظه في رؤية الرسول في اليقظه الالوسيغايتي الجنة
 
Hadis tentang manusia dan ilmu
Hadis tentang manusia  dan ilmuHadis tentang manusia  dan ilmu
Hadis tentang manusia dan ilmuSuhaila Zailani
 
مراحل خلق الانسان
مراحل خلق الانسانمراحل خلق الانسان
مراحل خلق الانسانKhamis Alquahoom
 

Similar to Unit 01 (20)

بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 3
بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 3 بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 3
بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 3
 
Cort
CortCort
Cort
 
بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 2
بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 2بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 2
بحوث المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة ج 2
 
Asas teknologi bahasa arab (1)
Asas teknologi bahasa arab (1)Asas teknologi bahasa arab (1)
Asas teknologi bahasa arab (1)
 
لماذا أوجد الله الشر ؟
لماذا أوجد الله الشر ؟لماذا أوجد الله الشر ؟
لماذا أوجد الله الشر ؟
 
رسالة التعاليم للإمام
رسالة التعاليم للإمامرسالة التعاليم للإمام
رسالة التعاليم للإمام
 
الجن وثقافة الخوف
الجن وثقافة الخوفالجن وثقافة الخوف
الجن وثقافة الخوف
 
Zinzal Al Fikr
Zinzal Al FikrZinzal Al Fikr
Zinzal Al Fikr
 
قرة عيني
قرة عينيقرة عيني
قرة عيني
 
فلسفة التكوين الفكري د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول فلسفة التكوين  الفكري  د. نبيل طعمة -الجزء الأول
فلسفة التكوين الفكري د. نبيل طعمة -الجزء الأول
 
5543
55435543
5543
 
الذات الانسانية2003
الذات الانسانية2003الذات الانسانية2003
الذات الانسانية2003
 
6097
60976097
6097
 
1لامن الفكري
1لامن الفكري1لامن الفكري
1لامن الفكري
 
كتيب مهارات التفوق الدراسي
كتيب مهارات التفوق الدراسيكتيب مهارات التفوق الدراسي
كتيب مهارات التفوق الدراسي
 
الموقظه في رؤية الرسول في اليقظه الالوسي
الموقظه  في رؤية الرسول في اليقظه  الالوسيالموقظه  في رؤية الرسول في اليقظه  الالوسي
الموقظه في رؤية الرسول في اليقظه الالوسي
 
6264
62646264
6264
 
Hadis tentang manusia dan ilmu
Hadis tentang manusia  dan ilmuHadis tentang manusia  dan ilmu
Hadis tentang manusia dan ilmu
 
مراحل خلق الانسان
مراحل خلق الانسانمراحل خلق الانسان
مراحل خلق الانسان
 
Omran Khaldon
Omran KhaldonOmran Khaldon
Omran Khaldon
 

More from sammani97

Islamicaklak
IslamicaklakIslamicaklak
Islamicaklaksammani97
 
Islamicaklak
IslamicaklakIslamicaklak
Islamicaklaksammani97
 
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدامنهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجداsammani97
 
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدامنهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجداsammani97
 
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدامنهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجداsammani97
 
Taking off beginning english
Taking off  beginning englishTaking off  beginning english
Taking off beginning englishsammani97
 
Alalagat alensanyah fy_aladarah
Alalagat alensanyah fy_aladarahAlalagat alensanyah fy_aladarah
Alalagat alensanyah fy_aladarahsammani97
 

More from sammani97 (13)

Islamicaklak
IslamicaklakIslamicaklak
Islamicaklak
 
Islamicaklak
IslamicaklakIslamicaklak
Islamicaklak
 
Akhlak1
Akhlak1Akhlak1
Akhlak1
 
Sammani
SammaniSammani
Sammani
 
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدامنهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
 
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدامنهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
 
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدامنهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
منهج الثقافة الصحية_جذرىجداجدا
 
External f
External fExternal f
External f
 
Unit 05
Unit 05Unit 05
Unit 05
 
Unit 03
Unit 03Unit 03
Unit 03
 
Unit 02
Unit 02Unit 02
Unit 02
 
Taking off beginning english
Taking off  beginning englishTaking off  beginning english
Taking off beginning english
 
Alalagat alensanyah fy_aladarah
Alalagat alensanyah fy_aladarahAlalagat alensanyah fy_aladarah
Alalagat alensanyah fy_aladarah
 

Unit 01

  • 2. ‫التفكري �سلوك طبيعي، فكل النا�س يفكرون، وتنتج عقولهم أافكاراً يعتمدون‬ ‫61‬ ‫أ‬ ‫عليها يف ت�سرفاتهم ومواقفهم املختلفة، فمنهم احلكماء، وهم من يعطون المور حقها‬ ‫من النظر والتفكري مبنهجية �سحيحة، تودي يف الغالب اإىل أاف�سل النتائج، ومنهم‬ ‫ؤ‬ ‫اجلهلة وغري احلكماء.‬ ‫فالعلم واحلكمة ليرتبطان بتح�سيل قدر كبري من املعلومات، بقدر ما يقومان‬ ‫على القدرة على احل�سول على املعلومات املهمة ب�سكل �سحيح وا�ستخدامها بطرق‬ ‫منا�سبة للو�سول للمطلوب، �سواء كان قراراً أاو ا�ستنتاجاً أاو حتليال أاو حال مل�سكلة.‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وعليه فحقيقة احلكمة والعلم هي رجاحة يف العقل وفهم لطريقة أاهل العلم الذين‬ ‫ح�سلوه وتلقيناه عنهم يف ا�ستنتاجه و�سبطه وال�ستفادة منه.‬ ‫ومن النا�س من تنق�سهم احلكمة، فهم واإن توافرت لهم املعلومات، ل مييزون‬ ‫غثها من �سمينها، ول ي�ستفيدون منها ول يوظفونها بطريقة �سليمة �سحيحة، فت�سبح‬ ‫حياتهم وك أانهم مل يتعلموا �سيئاً.‬ ‫ول ــذلك ي ـمـ ـكـ ــن أان نـ ـ ــرى جـ ــاه ـ ـال‬ ‫ً‬ ‫يح ـ ـمـ ــل درجـ ــة علـ ـمـ ـيـ ـ ــة، فـه ــو جــاه ــل‬ ‫أ‬ ‫ل لـنقـ�س يف معـلــومــاته، ولكن لنــه ي ـفـكر‬ ‫ويــبني م ــواق ـفـ ــه ب ـجـهــل. وي ـ ـمـ ـكـ ــن أان تـ ــرى‬ ‫المــي الذي ي�ســاهي بل يتفــوق على الكـثيـرين‬ ‫أ ّ‬ ‫بحكمته وح�سن تفكريه.‬ ‫ولذلك اعتنى القراآن باحلكمة وجعلها من أاعظم النعم التي مين اهلل بها على‬ ‫الن�سان، فقال تعاىل: } ُيؤتِي الْحكْ مة َمن يَشاء و َمن ُيؤت الْحكْ ِّ مة َف َقد ُأوتِي خ ْيرا َكثريا و َما يَذكَّر إِال ُأو ُلواْ‬ ‫َ َ ْ َ َ ً ً َ َّ ُ َّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َ ِ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫األل ْ َباب { (�سورة البقرة: 962)، وقال تعاىل:} اد ُع إِلِى سبيل ربك بِالْحكْ مة وال َْموعظة الْحس َنة وجادل ْ ُهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ َ ِ ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫بِالَّتِي هي َأحس ُن إِن َربَّك ُه َو َأعـ َل ُم ب ِ َمن ضل َعن س ِبيل ِِه َو ُهـو َأعـ َل ُم بِال ْ ُم ْه َتدين { (�سـورة النحل: 521)، لن �ساحب‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ َ ْ َ َّ َ‬ ‫أ‬ ‫احلكمة �سيفكر بعلمية وي�سع المور يف مكانها ال�سحيح.‬ ‫ولذلك كانت �سرية النبي �سلى اهلل عليه و�سلم و أا�سحابه �سرية احلكمة والعلم،‬ ‫فرتاهم يفكرون ويدققون النظر يف المور، يبدعون ويتحققون ويتناق�سون، ركز فيهم‬ ‫أ‬ ‫النبي أا�س�س احل�سارة ال�سالمية، املعتمدة على أان "احلكمة �سالة املومن" ف�ساحوا يف‬ ‫ؤ‬ ‫إ‬ ‫الدنيا ين�سرون ال�سالم، فحرروا عقول النا�س، و أاعلموهم أان العلم ممكن ومتاح لكل‬ ‫إ‬ ‫التفكير العلمي‬ ‫اإن�سان، بل هو ف�سيلة و أاجر، و أان الجتهاد والتفكري فري�سة.‬
  • 3. ‫أ‬ ‫ولي�س ذلك حم�سوراً على ح�سارة امل�سلمني، فكل ح�سارات المم هي نتاج فكر حكمائها،‬ ‫71‬ ‫وكل أامة حا�سرت الفكر و�سيقته وجعلته حم�سوراً على فئة وحمظوراً على أاخرى، كانت‬ ‫مرتعاً للطغيان واخلرافات.‬ ‫اإن التفكري املعتمد على أا�س�س علمية ومنهجية �سحيحة يعذر �ساحبه واإن أاخط أا‬ ‫يف النتائج التي تو�سل اإليها، هذا يف ال�سالم ويف العرف العلمي ال�سحيح.‬ ‫إ‬ ‫وحتى ن�سارك العامل يف حتقيق الجنازات الن�سانية امل�سرتكة، وننجح يف امل�ساهمة‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫احل�سارية، ونحتل موقعنا الذي ن�ستحقه يف هذا الواقع ؛ يجب أان نتعلم التفكري العلمي،‬ ‫ون�ستفيد منه ونعلمه من وراءنا.‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ولي�س المر حم�سوراً يف ميدان العلم بل اإن التفكري العلمي يح�سن كافة نواحي‬ ‫احلياة – كما �سرنى يف كل مهارة من املهارات التي �سندر�سها - فهو يعتمد على منهجية‬ ‫علمية، ويطور املهارات امل�ستخدمة يف كافة مناحي العلم واحلياة، وعليه فمتى طورنا‬ ‫مهارات تفكرينا العلمي ومار�سناها ب�سكل واع، تطور تفكرينا وحت�سنت حياتنا بكاملها.‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�سنجيب يف هذه �لوحدة على ��سئلة ��سا�سية:‬ ‫4 ما التفكري العلمي وملاذا نتعلمه؟.‬ ‫4 كيف نفكر بطريقة علمية ؟‬ ‫4 كيف ن�ستفيد من تعلمنا التفكري العلمي؟‬ ‫ما �لتفكري �لعلمي وملاذ� نتعلمه؟‬ ‫يطلق أاحياناً التفكري العلمي ب�سكل �سائع على املنهج التجريبي أاو ال�ستق�ساء،‬ ‫ول�سك أان املنهج التجريبي هو أاحد مهارات وطرق التفكري العلمي املهمة، ولكنه لي�س‬ ‫الذي نق�سده عندما نتحدث هنا عن " التفكري العلمي ".‬ ‫مانق�سده بالتفكري العلمي هنا هو أاعم من املنهج التجريبي، اإننا نريد به‬ ‫"جمموعة من العمليات العقلية الرادية املنظمة " وهو على هذا عك�س تفكري اجلهال‬ ‫إ‬ ‫فهو ما يقوم به احلكماء والعلماء عند النظر والتفكر .‬ ‫التفكير العلمي‬ ‫اإن التفكري العلمي، هو ما يفرق بني احلكماء واجلهالء، وهو الطريقة التي‬ ‫ي�سلكها العلماء لتح�سيل وبناء العلم ، ومنه ن�ستنتج أان التفكري العلمي هو الذي ميتاز‬ ‫بـ:‬
  • 4. ‫• التفكري وفق خطوات حمددة معلنة، وطريق وا�سح، نت أاكد منه ونراجعه ونقومه.‬ ‫81‬ ‫• يقبل م�ساركة العقول الخرى، فهو ي�سلم ب أان العقول تتكامل، في�ستمع لباقي‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫الراء ول يتقبل النقد فقط بل يطلبه وي�ستفيد منه.‬ ‫آ‬ ‫• يتبع فيه العقل وما ميليه من قواعد و أا�سول للتفكري، أاي ل يتبع املفكر فيه‬ ‫أاهواء نف�سه وما ت�ستهيه.‬ ‫• اإمكانية مراجعة أاخطائنا والتعلم منها، وال�ستفادة من جتاربنا، فنطور و‬ ‫نح�سن ونراجع خطواتنا.‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫��سباب �لق�سور �ل�سائعة يف �لتفكري:‬ ‫أ‬ ‫- �لــعـ�ســو�ئـيــة:‬ ‫فكثري من النا�س وحتى املفكرين منهم والباحثني، يعاب على تفكريهم‬ ‫أ‬ ‫الع�سوائية، فتفكريهم واإن كــان جيداً فال يحقق الهداف التي كان من املمكن لهم‬ ‫حتقيقها من خــاللـه. في�سـلكون يف‬ ‫ؤ‬ ‫تفـكريهم م�ساراً غري وا�سح يـودي لنـتــائـج‬ ‫غري خمطـط لها م�سبقاً، فيـبد أا يف الـتفكري‬ ‫بجهد وعمل قوي، ولكنه يتوه يف الطريق‬ ‫ول يدري اإىل أاين يـ�سري بعــد ذاك، واإن فقد‬ ‫امل�سار فال يعرف أاين كان اخلطـ أا. فيفقد‬ ‫التميز ويفاج أا أان من هم أاقل منه عمال‬ ‫ً‬ ‫وجهداً وذكاء، ي�ستفيدون من أافكارهم‬ ‫ً‬ ‫ويخرجون بنتائج مذهلة.‬ ‫كما أان عدم التخطيط امل�سبق للتفكري، يزيد من �سعوبة ال�ستفادة من جتارب‬ ‫وخربات التفكري ال�سابقة، فكلما جاء موقف للتفكري ابتد أا وك أانه أاول مرة، فهو ل‬ ‫ً‬ ‫ي�ستفيد من جتاربه، ول يدري ما ا�سم مهارة التفكري التي يحتاجها ف�سال عن خطواته‬ ‫أ‬ ‫التي ت�سمن جناحه. و أاكرث ما يحبط املفكر هو عدم القدرة على جتنب الخطاء ال�سائعة‬ ‫يف التفكري، و تلك التي وقع فيها �سابقاً، ولكن التخطيط يجعله ي أاخذ احليطة ويعد‬ ‫أ‬ ‫الجراءات التي ت�سمن له عدم تكرار الخطاء وال�ستفادة من اخلربات ال�سابقة.‬ ‫إ‬ ‫- �لــذهــنـيــة:‬ ‫التفكير العلمي‬ ‫أاي العتماد يف التفكري على الذهن دون الكتابة، وهي طريقة قد تنجح أاحياناً،‬ ‫ولكنها جتعل اخلط ـ أا أا�سرع، كما أان اإمكانية اكت�ساف ومناق�سة خطوات التفكري وتقوميه‬
  • 5. ‫91‬ ‫�سبه م�ستحيلة، وذلك أان العمليات غري معروفة ول كيفية اإمتامها ، وما نتائج كل خطوة‬ ‫وكيف دخلت تلك النتائج يف اخلطوة التي تليها.‬ ‫اإذا جاءتك م�س أالة ح�سابية يف الريا�سيات أاو الفيزياء أاو الكيمياء أاو املحا�سبة‬ ‫أاو غريها وحتتاج اإىل حتويلها ملعادلة واإجراء بع�س العمليات احل�سابية، أالي�س هذا هو‬ ‫أ‬ ‫التفكري؟ هل نقبل اإجراء ذلك ذهنياً؟ طبعاً ل، لن احتمال اخلط أا وعدم اإمكانية املراجعة‬ ‫يجعل الكتابة وعدم الذهنية أامر حمتم، لذا فاإننا نكتب كل خطوة من خطوات احلل ول‬ ‫نعتمد على اإجراءها ذهنياً.‬ ‫أ‬ ‫وكذلك فاإن التفكري يف المور احلياتية أاحياناً فيه من املتغريات والنتائج ماهو‬ ‫أاكرب بكثري من امل�سائل احل�سابية، فكيف نكتب تلك ول نكتب هذه؟.‬ ‫- �لـفـــرديـــة:‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫كثرياً ما ت�ستهوينا الفردية وتدفعنا لن ننجز العمال وخا�سة التفكري مبفردنا،‬ ‫ؤ‬ ‫ولكننا ل ن�سمن ما يوثر علينا من عوامل نف�سية وعاطفية فنتحيز لفكرة، أاو نرى‬ ‫آ‬ ‫المور من جانب �سيق، وعند م�ساركة الخرين ننجو من ذلك كله.‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف�سال عن اإعجابنا بكثري من الفكار التي ي أاتى بها غرينا ومل تخطر لنا على‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫بال واإن كانوا �سغاراً أاو أاقل منا علماً، وهذا ما يجعل العلماء يتوا�سعون ويعلمون أان‬ ‫التفكري العلمي يقت�سي أان ت�ستفيد من كل العقول املحيطة بك . وقدمياً قيل «ما خاب‬ ‫أ‬ ‫من ا�ست�سار» ولذلك كانت ال�ست�سارة أاحد اخلطوات املهمة جداً يف اتخاذ القرارات، لن‬ ‫فيها م�ساركة للعقول وا�ستفادة منها.‬ ‫التفكير العلمي‬
  • 6. ‫- �لـعـــجـــلـــة:‬ ‫02‬ ‫قال تعاىل:} َوكَان األِنْسان َعجوال{ (�سورة ال�سراء: 11)، فكثرياً ما يقول النا�س، نحتاج‬ ‫إ‬ ‫َ ْ َ ُ ُ ً‬ ‫اإىل النتيجة ب�سرعة، لي�س لدينا وقت للتفكري، اإن القول ب أانه «لوقت لدينا للتفكري»‬ ‫هو اجلهل بعينه، فـالتـفـكيــر‬ ‫أ‬ ‫هــو اخلطــوة ال�سـا�سـية يف كل‬ ‫�سيء، فما الفائدة من العمل اإن‬ ‫كان مبنياً عـلى أافكار خـاطــئة،‬ ‫ونـتائجـه خـاطـئة.‬ ‫أ‬ ‫اإن كثرياً من الخطاء‬ ‫ال�سائعة يف احلياة عموماً هــي‬ ‫نـتيجــة لـعــدم أاخــذ الوقــت الالزم‬ ‫للتـف ـكـري، وذلك يف كل �سيء،‬ ‫أ‬ ‫فمعرفة اخلري وال�سر، والنافع وال�سار، وال�سواب واخلط أا، والف�سل واملف�سول، كلها‬ ‫مبنية على التفكري.‬ ‫- �الغــتـــــر�ر:‬ ‫يغرت الن�سان بنف�سه ويطغى، ول يعرتف بنق�سه وخطئه، وهذه اآفة يقع فيها‬ ‫إ‬ ‫اجلهالء واإن بلغوا ما بلغوا من التعلم، فمن بدهيات العلم أان الن�سان خطاء، ول ميلك‬ ‫إ‬ ‫ال�سواب املطلق أاحد اإل اهلل عز وجل.‬ ‫ولكن ذلك الطغيان نتيجة لعجب الن�سان ب أافكاره و أاعماله، فقد يوفق لل�سواب‬ ‫إ‬ ‫واحل�سن يف أا�سياء كثرية، وي�ستنتج من ذلك أان كل أافكاره و أاعماله �سواب وح�سنة. (ما‬ ‫ر أايك يف النتيجة ال�سابقة؟).‬ ‫فالن�سان تعرتيه النواق�س والت أاثريات املختلفة، وعليه ؛ فقد يخطئ مرة‬ ‫إ‬ ‫وي�سيب أاخرى، ولذلك لبد من ا�ستمرارالتعلم فاإن أا�ساب يعرف كيف ح�سل ذلك، واإن‬ ‫أاخط أا يعرف كيف كان ذلك، فلي�س بال�سرورة عندما تنجح يف الو�سول لل�سواب يف مرة‬ ‫أان ت�سل اإليه كل مرة، فهناك احتمال للخط أا، وهو ما يطلق عليه «اخلط أا الب�سري».‬ ‫لذا لبد للمفكر؛ حتى يكون تفكريه علمياً أان ينقد تفكريه ويراجعه، بل يطلب‬ ‫ؤ‬ ‫من الخرين أان ينقدوه ويراجعوه له، وما املومترات العلمية وحتكيم البحوث ومراجعتها‬ ‫آ‬ ‫التفكير العلمي‬ ‫وطلب ذلك من املتخ�س�سني اإل نوع من ذلك وهي عادة العلماء ، ثم بعد ذلك ل بد من‬ ‫التم�سك ب آاداب العلم و أاخالقياته لي�سمو خلقنا العلمي ونحمل أاخالق العلماء.‬
  • 7. ‫12‬ ‫- �سعف �لتمكن من �ملهار�ت:‬ ‫أ‬ ‫واملهارات هي الدوات التي تعني املفكر على التفكري، فلو كان املفكر ميلك قدرات‬ ‫أ‬ ‫جــيدة، ولكن أادواته غري مكتملة ، أاو ل يجيد - ورمبا ليعرف أا�سال - بع�س الدوات،‬ ‫ً‬ ‫فاإن تفكريه مهما بذل فيه من جهد فهو قا�سر ناق�س.‬ ‫كيف نفكر بطريقة علمية �سحيحة؟‬ ‫حتى ي�سهل تعلم «التفكري العلمي»، قمنا بت�سميم منوذج، يعالج أاوجه الق�سور‬ ‫ويلتزم بخ�سائ�س ومميزات التفكري العلمي لتحقيق النتائج املرجوة، ويتكون النموذج من‬ ‫آ‬ ‫الت ـ ـ ـ ــي:‬ ‫أ‬ ‫1 ��سا�سيات �لتفكري �لعلمي.‬ ‫2 مهار�ت �لتفكري �لعلمي.‬ ‫أ‬ ‫واملهارات يف هذا الكتاب متثل املهارات ال�سا�سية يف التعلم والبحث، وهناك‬ ‫مهارات غريها كمهارات املحاجة واحلوار، ومهارات البداع والبتكار، ومهارات اتخاذ‬ ‫إ‬ ‫القرارات وحل امل�سكالت.‬ ‫‪� t‬وال: ��سا�سيات �لتفكري �لعلمي:‬ ‫أ ً أ‬ ‫ال�سا�سيات هي القواعد التي نبني عليها كافة املهارات، ونلتزم بها يف كل مهارة من‬ ‫أ‬ ‫مهارات التفكري وهي:‬ ‫1/ �لتخطيط �مل�سبق:‬ ‫فقبل البدء بالتفكري يجب أان نحدد ما نريـده‬ ‫بالفـعــل، ونح ــدد املهارة من حقيبة املـ ـه ــارات‬ ‫( �سنــدر�س يف ه ــذا الك ـتــاب عــ�سـر مـه ـ ـ ــارات‬ ‫أا�س ــا�س ـيــة ) ثـم ن�ســع خ ـط ــة الت ـفـك ـيــر التي‬ ‫�سنعتمد عليها يف التفكري، ونق�سد باخلطة‬ ‫اخلطوات التي �سن�سري عليها، و نلخ�سها على‬ ‫ؤ‬ ‫�سورة ت�ساولت متتابعة، بحيث ي�سكل كل تــ�س ــاول‬ ‫ؤ‬ ‫التفكير العلمي‬ ‫خطوة من خطوات التفكري حتى ن�سل للنتيجة املق�سودة، ويف كل مهارة اقرتحنا خطة‬ ‫للتفكري، ولكن هذه اخلطة هي جمرد اقرتاح ميكن للمفكر أان ي�ستفيد منها ويزيد‬ ‫- أاو يعدل - فيها مبا يتوافق مع مهمة التفكري التي يعمل عليها.‬
  • 8. ‫2/ �خلريطة مرئية:‬ ‫22‬ ‫أال توافقني ب أان التفكري عندما يكتب وميكن م�ساهدته أامام العني ميكن تطويره‬ ‫وممار�سته ب�سكل أاكرث وعياً من جعله عمال ذهنياً فقط ؟ اإن هذا املبد أا يتفق عليه أاغلب‬ ‫ً‬ ‫ؤ‬ ‫العلماء الذين اهتموا بالتفكري وتطويره، ولذلك فاإن اإجابات الت�ساولت التي يف اخلطة‬ ‫يجب أان تكتب يف خريطة مبنية م�سبقاً، قبل البدء يف التفكري، ثم تو�سع فيها الجابات‬ ‫إ‬ ‫بعد البدء يف التفكري، وهي خريطة مقرتحة ميكن التعديل عليها وفق الحتياج وطبيعة‬ ‫الت ـف ـكـ ـ ـي ـ ــر.‬ ‫اإذن وباخت�سار فاخلريطة هي املكان الذي �سندون فيه اإجابات أا�سئلة اخلطة‬ ‫أ‬ ‫بطريقة منظمة وذات معنى تظهر ترابط الفكار وتتابعها وعالقتها مع بع�سها البع�س،‬ ‫أ‬ ‫بحيث يكون تفكرينا مرئياً وم�ساهداً وهو أامر مهم جداً لن الكتابة يف اخلريطة تزيد‬ ‫من وعينا بتفكرينا.‬ ‫3/ �ملـ�ســـاركــة:‬ ‫اإن التفكري الناجت عن عقلني أاو�سع و أاف�سل مبراحل عن التفكري الفردي ، ولذلك‬ ‫آ‬ ‫نعتقد أانه كلما �ساركك الخرون يف التفكري كلما كان ذلك أادعى لنجاحه و�سالمته‬ ‫من الخطاء، فا�ستخدام عقلني أاف�سل من ا�ستخدام عقل واحد - وخا�سة عند اإجراء‬ ‫أ‬ ‫الع�سف الذهني - ففكرة من عقل تولد أافكاراً يف العقول املحيطة، كما أان ال�ستنتاجات‬ ‫والت أامالت من عدة عقول تخرج أافكاراً مل تكن تخطر ببال أاحد امل�ساركني، كما أان اخلط أا‬ ‫الب�سري يقل وب�سكل كبري، واآفات النحياز وعدم املو�سوعية يقل ت أاثريها ب�سكل كبري،‬ ‫وعليه كلما عملت مع اآخر كان ذلك أاف�سل.‬ ‫ويف�سل اختيار امل�ساركني يف التفكري ب�سكل متنوع ويكون العدد من أاربعة اإىل‬ ‫أ‬ ‫�سبعة أا�سخا�س، ويف حال كان التفكري جماعياً فيجب تعيني مهام لع�ساء فريق التفكري‬ ‫فيكون أاحدهم مقرراً واآخر مديراً للتفكري، فمثال يقوم املدير للتفكري بتحديد وقت‬ ‫ً‬ ‫ؤ‬ ‫لكل �سوال يتم التفكري فيه.‬ ‫ِّ‬ ‫على أان هذا يجب أال يعطل من‬ ‫اإمكانية ممار�سة التفكري ب�سكل منفرد ،‬ ‫ولكن التفكري الفردي لن يكون مب�ستوى‬ ‫اجلودة التي ي�سرتك فيها أاكرث من‬ ‫التفكير العلمي‬ ‫�سخ�س واإن تباينت م�ستويات تفكريهم‬ ‫أاو خلفياتهم العلمية.‬
  • 9. ‫32‬ ‫4/ وقت للتفكري:‬ ‫يحتاج التفكري اإىل وقت، وهو ما ل يت�سوره الكثريون، بل اإن الوقت الذي‬ ‫يحتاجه اجلهد الذهني أاكرث من اجلهد البدين بكثري. لذلك أاعط ذهنك الوقت الكايف‬ ‫للت ـف ـك ـ ــري.‬ ‫واإن ال�ستعجال - الذي هو طبع الن�سان كما قال تعاىل: } َوكَان األِنْسان َعجوال {‬ ‫َ ْ َ ُ ُ ً‬ ‫إ‬ ‫(�سورة ال�سراء: 11) - هو من أاخطر اآفات التفكري، ومهما كانت مربرات ال�ستعجال، فاإن‬ ‫إ‬ ‫ال�سري ال�سريع يف الطريق اخلاطئ أاكرث تكلفة من الت أاين وال�سري يف الطريق ال�سحيح.‬ ‫5/ �لتفكري يف �لتفكري:‬ ‫هذه من أاهم اخلطوات التي يجب أان تكون بعد عملية التفكري، وهي للت أاكد من‬ ‫أان تفكرينا �سار بطريقة علمية �سليمة، و أاننا مل نقع يف أاي ق�سور، كما ميكن من خاللها‬ ‫تطوير اخلطة أاو اخلريطة ل�ستخدامها ب�سكل أاكرث فاعلية م�ستقبال. ولذلك يجب أان‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫ن�س أال أانف�سنا - على �سبيل املثال - ال�سئلة التالية والتي ت�سكل يف احلقيقة خطة للتفكري‬ ‫يف التفكري:‬ ‫• هل كان تفكرينا جيداً؟ وهل حقق أاهدافه؟‬ ‫• ما اخلطوات التي قمنا بها؟‬ ‫• ما أا�سعب اخلطوات يف هذه العملية؟‬ ‫• كيف ميكننا تطوير هذا النوع من التفكري م�ستقبال؟‬ ‫ً‬ ‫• هل اخلطة منا�سبة؟ وهل هناك اإ�سافات لها؟‬ ‫• هل اخلريطة التي �سجلنا عليها تفكرينا منا�سبة؟ وكيف نطورها؟‬ ‫• كيف أادرنا وقت التفكري؟‬ ‫• هل كانت اإدارة النقا�س والتفكري بحرية؟‬ ‫التفكير العلمي‬ ‫وميكن بناء على املراجعة اإعادة تعديل بع�س أاجزاء التفكري .‬
  • 10. ‫‪ t‬ثانيا: مهار�ت �لتفكري �لعلمي:‬ ‫ً‬ ‫42‬ ‫هذه املهارات ي�ستخدمها كل النا�س ويف أاغلب تفكريهم، ولكن يف هذا النموذج نو�سح كيف‬ ‫أ‬ ‫ميكن أاداء هذه النـواع من مهارات التفكري بطـريقة علمـية تلتـزم مبن ـهـج ـيـة مـح ــددة‬ ‫وهي التي تـ ــم ب ـن ــاء منوذج التفكري العلمي لهـا.‬ ‫كما أاننا نعـتـقد ب أان هناك فرقاً بني التفكري عموماً والتفكري اجليد أاو التفكر‬ ‫فـلـو أاخذنا مهــارة املقــارنة -كمـثـل- �سنجد أان كل النا�س يقارنون ، ولكن هل يقارنــون‬ ‫بطريقة علمية؟ وما النتائج التي يخرجون بها من املقارنة؟ بل كم من املقارنات‬ ‫اخلاطئة أادت لنتائج �سلبية على أا�سحابها أاو من حولهم.‬ ‫ملاذ� نتعلم مهار�ت �لتفكري �لعلمي؟‬ ‫قدرة هائلة على �لبحث و�لتعلم:‬ ‫من أاهم فوائد تعلم مهارات التفكري تطوير قدرة �ساحبها على التعلم مبهارة،‬ ‫أ‬ ‫فهو يفهم التعريف وكيف يكون، ويعرف أاجزاء ال�سياء وعالقاتها مع غريها، وميايز‬ ‫أ‬ ‫بينها ويقارن، ثم ي�سنفها و يرتبها، وبعد ذلك يالحظ الحداث ويعرف �سببها ويتوقع‬ ‫ما �سيحدث منها، وي�ستنتج قوانينها ويعممها، مع حر�سه الكامل على أاخذ املعلومات من‬ ‫م�سادرها ال�سحيحة.وكل هذه مهارات �سنقوم بتعلمها يف هذا الكتاب.‬ ‫التفكير العلمي‬ ‫أ‬ ‫اإن من ميتلك مثل هذه القدرة، معه كامل الدوات التي تي�سر عليه تعلم أاي‬ ‫ِّ‬ ‫علم- مهما كانت �سعوبته- بل وجتعل تعلمه فائقاً متما�سكاً.‬
  • 11. ‫أ‬ ‫�ل�سالمة من �خطاء �لتفكري:‬ ‫52‬ ‫أ‬ ‫اإن من أاكرب املخاطر التي حتيط بنا تلك الفكار امل�سللة، �سواء منها ما نتلقاه‬ ‫من خارجنا أاو ننتجه خط أاً بتفكرينا املنحرف عن ال�سواب، و أاظهر مثال على ذلك ظاهرة‬ ‫التفلت من القيم با�سم احلرية املزعومة، وظاهرة الرهاب وكالهما تطرف عن احلق‬ ‫إ‬ ‫والر�سد ، ف أاولهما تفريط وثانيهما اإفراط.‬ ‫فكثري من ال�ساللت ما هي اإل ب�سبب �سعف التفكري وت أاثره بالهوى وال�سهوات،‬ ‫أاو ما اعتاد عليه الن�سان، أاو الغ�سب وردة الفعل وال�ستعجال، ف�سال عن النغالق و�سيق‬ ‫ً‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫الف ـ ـ ـ ــق.‬ ‫أاو تكون تلك ال�ساللت م�سدرها من غرينا فن�سدق أاخبارهم بدون حتقق،‬ ‫أ‬ ‫ول ننقدها ونحاكمها، وقد تكون تلك الفكار ممن نعدهم قدوة لنا، أاو ننبهر بالهالة‬ ‫املحيطة بهم، �سواء يف املظهر أاو املنطق.‬ ‫زيادة �ل�سعور بالكفاية و�لثقة:‬ ‫ؤ إ‬ ‫أ‬ ‫اإن جناح الفكار وروية الن�سان لنتائجها اجليدة يزيد من �سعور الن�سان‬ ‫إ‬ ‫بالكفاية والقدرة، بل وحتى احلرية، وهذا أاحد أاهم أا�سرار احل�سارة ال�سالمية، فكل‬ ‫إ‬ ‫أاحد �سغرياً كان أاو كبرياً ، غنياً أاو فقرياً، يجب عليه أان يفكر، ويجب عليه أان ينفع‬ ‫امل�سلمني مبا فتح اهلل عليه من أافكار، ول يجوز له كتم ما تو�سل له من علم.‬ ‫وتخيل �سعورك و أانت ترى أاحد أافكارك ت�سعد النا�س، أاو ق�سيدة من ق�سائدك‬ ‫يرددها النا�س، كم هو �سعور رائع يجعلك تفكر وتفكر وتنتج، وهو ما ن أامله منك بهذا‬ ‫الربنامج.‬ ‫التفكير العلمي‬
  • 12. ‫62‬ ‫التفكير العلمي‬