هذا دليل مختصر لبعض الأحكام والفوائد المتعلقة بالصيام مرتبة على حروف المعجم والتي راعت فيها الكاتبة دقة المعلومة والإختصار في عرضها.
نسأل الله ن ينفعنا وإيّاكم به وأن يجعله عملاً صالحاً خالصاً لوجهه الكريم
4. بسم الله الرحمن الرحيم تحية من عند الله مباركة طيبة وبعد أسرة مصلى الرابعة (صعود بلا حدود ) وإصدار إذاعي جديد عنونا له بـ - إنها قصص من أحسن القصص - إنها مشاهد مختارة من حياته صلى الله عليه وسلم اجتمعت رواياتها حتى اكتملت في لوحات نبوية باهرة الجمال ناطقة بأروع معاني الكمال شاهدة بان الله خلق نبيه في أحسن تقويم . أنا وأنتم راءون في هذه المشاهد صورا باهرة من عظمة الخلق وتكامل الشخصية وعفوية الحياة .... بساطة في عظمة مثالية في واقعية ابعد ما تكون عن التكلف . لوحتنا اليوم ليست بين قارئ وسامع ولكنني وإياكم مستمعين لجمال لوحات الحياة النبوية نتتبع في إيقاعها اليومي حيوية الحياة وضخامة الانجازات في وعاء من السكينة النفسية والحياة الهانئة المطمئنة ...تزينها أجمل العواطف وأصدق المشاعر وأعذب المتع فانظروا معي بقلوبكن وحبكن وإيمانكن إلى لوحات الحياة النبوية لنرى معا جمالات مبهرة تشرق أمامنا فتستنطقنا (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ) ولنجعل التأمل في هذه اللوحة مذاكرة مشتركة نتعاطى فيها روائع المعاني وعظيم الدلالات فإن مساحة الرؤية واسعة وزوايا النظر متعددة أسأل الله أن يرزقنا ما ننال به كريم بشراه يوم قال (المرء مع من أحب ) فإلى اللوحة الأولى
5.
6. تعالى النهار ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه مع أصحابه ، إذ أقبل عليه قوم من الاعراب قطعوا مسافة شاسعة وشقة بعيدة ليفدوا إلى الرسول الذي آمنوا به ، نظر إليهم الرسول فرآهم حفاة الأقدام ،عراة الأجسام ليس عليهم ما يلبس إنما هي أكسية قد شقوا أوساطها ثم شدوها عليهم . نظر نبيك إليهم فإذا بوجهه يتلون ويتقبض تألما وشفقة عليهم ورحمة بهم ثم توجه مسرعا على بيته فلبث فيه ما شاء الله ثم خرج فأمر بلال فأذن ثم صلى بالناس الظهر ثم صعد المنبر وخطب بالناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ( أما بعد ،فإن الله أنزل في كتابه (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ...... الآية ) و ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ...... الآية ) تصدق رجل من ديناره من درهمه من صاع تمره )) حتى قال : ((ولو بشق تمرة )) فحث الناس على الصدقة ورغبهم فيها ثم جلس ينتظر صدقات أصحابه لإخوانهم فأبطئوا عنه ومرت لحظات الانتظار متثاقلة بطيئة ورسول الله يعيش قلق الترقب باهتمام الراحم الشفوق حتى رئي أثر ذلك في وجهه فبينا هو كذلك إذ جاء رجل من الأنصار بصرة من فضة تملأ ما بين أصابعه حتى كادت كفه أن تعجز عنها بل قد عجزت فقال يا رسول الله هذه في سبيل الله وإذا بهذه البادرة تكسر ثقل الانتظار وقلق الترقب وتستنفر الناس لما سبق إليه هذا الرجل فقام أبو بكر فأعطى ثم قام عمر فأعطى ثم قام المهاجرون فأعطوا وتتابع الناس حتى كان بين يدي رسول الله كومين من طعام وثياب فتهلل وجه رسول الله وجرى فيه ماء السرور . نظر رسول الله إلى أكوام الطعام والثياب ولكن المنظر الذي ظل حاضرا أمامه وفي قلبه هو منظر ذلك الرجل الذي أتى بالصرة في كفه ليقطع صمت الترقب والانتظار وليستثير في الناس توثب المسارعة إلى الخير ، فأقبل عليه السلام على أصحابه محييا المبادر والمبادرة قائلا (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء . ............. ) الحديث
7. -- يشدنا كثيرا مشهد التفاعل العاطفي من النبي صلى الله عليه وسلم لحاجات الناس وهذا التأثر النفسي العميق لمعاناتهم والذي طفح على وجهه الكريم بحيث رأى الصحابة تلون وجهه ألماً ثم كرباً لما رأى إبطاء الصحابة في الصدقة ثم ذاك البشر الطافح الغامر الذي طفح على وجهه حتى أشرق محياه المبارك وتلألأ وجهه سرورا وبشرا لا لشيء إلا لأن حاجة هؤلاء الفقراء قد قضيت . إن نبيك صلى الله عليه وسلم يتأثر لأناس قدموا عليه للتو ، هذا أول لقاء له بهم وأول تعرف منه عليهم إنها الرحمة التي تملأ جوانحه فهو الذي وصفه ربه بأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم . -- إن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تأثر هذا التأثر قد بادر من فوره بالتجاوب العملي مع مشاعره المرهفة فكان أول شيء صنعه أن بدا بنفسه لذا سارع لبته فدخله ... ولكن ماذا سيجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته والذي يمضي فيه شهران تباعا لم توقد فيه نار ماذا سيجد في بيت متقارب الجدر قليل المتاع قد زويت عنه كثيرا من مباهج الدنيا ومتعها ولذا خرج من بيته وليس معه شيء ولكن البداءة كانت بنفسه والمدخل الأول من بيته وكان السابق على كل خير بفعاله قبل مقاله .
8. --ظهر منصنيع ذلك الأنصاري الذي سارع بالصرة يلقيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اثر المبادرة الإيجابية و أهميتها لقد تسارع الناس بعده ولربما كان عطاء من بعده أكثر من عطاءه ولكنه كان سباقا في سن السنة الحسنة مبادرا إلى الخير فاتحا لطريق المعروف ولذا عقب الرسول عليه السلام بعد أن اجتمع بين يديه كل ما اجتمع بهذه الجملة التي تنصرف له بداية وتحيي مبادرته وتزكيها . -- لم تذكر الروايات هذا هذا الحديث اسم هذا الرجل المبادر بغير وصفه أنه رجل من الأنصار مما يدل أنه لم يكن من ذوي الشهرة فيهم وهذا يبين أن لا يحقر أحد نفسه عن المبادرة الايجابية فهذا الرجل لم يعقه عن مبادرته وجود أهل السابقة والخيرية ولكنه توثب إلى الخير وبادر إليه مسرعا وسابقا فكان له مثل أجر كل من جاء بعده . -- من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، هذه الجملة النبوية في هذا المساق تبين الأثر العظيم والثمرة المباركة لمبادرات الخير وأن المتأمل لحياة العظماء والمؤثرين والمصلحين يجدها سلسة متتابعة من المبادرات الايجابية ولذا أثروا وأبقوا أثرهم . يقول ستيفن كوفي عن عادات النجاح إن المبادرة هي أم العادات وكان حريا أن يقول : هي أم العادات وأبوها ....