‫بسم ا الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله الذي حرر عقول العلماء من‬
‫سلطان الجهل ،ون ور بصائرهم بنور العلم‬
‫ّ‬
‫،وأخذ عليهم العهد بتبيين العلم متى استقام‬
‫الدليل ، ولم يتعبدهم بقول فلن وفلن متى‬
‫خالف الدليل ،بل قال " قل هاتوا برهانكم "‬
‫والصلة والسلم التمان الكملن على النبي‬
‫الخاتم ،المبعوث بالرحمة والتيسر والمحفوظ‬
‫عن السهو و الغفلة في التبليغ ،ورضي ا عن‬
‫صحابته الكرام بلغوا لنا القرآن كما سمعوه‬
‫وتلقوه ،ولم يجتهدوا فيه بحرف بل قرؤا و‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫أقرؤا كما أقرؤا ، فكان قولهم وفعلهم سنة‬
‫يأخذها الخر عن الول ما تواتر الليل والنهار‬
‫أما بعد :‬
‫ل شك أن القراءات العشر وصلت إلينا‬
‫متواترة وصحيحة عن النبي ‪ ، ‬وأن المة لم‬
‫تهمل أي قراءة منها، ول أص ل ً من أصول تلك‬
‫ُ‬
‫القراءة، بل حافظت عليها عن طريق حفظها‬
‫في الصدور والسطور، وهذا تحقيق لوعد ا‬
‫تعالى ‪ ‬إ ِ نا ن ح ن ن ز ل نا ال ذ ك ر و إ ِ نا ل ه ل حا ف ظو ن‬
‫ّ ْ َ َ ّ َ ُ َ َ ِ ُ َ‬
‫ّ َ ْ ُ َ َّْ‬
‫‪.‬‬
‫لك نْ ل ما طال الزمن، و ب عد العهد عن القراء‬
‫َ ُ‬
‫ّ‬
‫أصحاب هذه القراءات، و أ ُ لفت الكتب في‬
‫ّ‬

‫1‬
‫قراءاتهم؛ جامع ة لمختلف رواياتهم، وتشعبت‬
‫ً‬
‫طرقهم، وابتكر الناس – ل ق صر الهمم - طريقة‬
‫ِ ِ َ‬
‫) جمع القراءات ( في ختمة واحدة، مخالفين‬
‫في ذلك ما درج عليه السلف من إفراد كل‬
‫رواية على حدة، نشأ ما س ماه المتأخرون‬
‫ّ‬
‫بـ ) التحريرات (.‬
‫)1(‬
‫ومادة › ح ر ‹ في اللغة : خيار كل شيء،‬
‫ّ‬
‫ومن ث م أطلق مجازا على أكثر من معنى،‬
‫َ ّ‬
‫)2(‬
‫يناسب ) البحث ( هنا منها : الفع ل الحسن،‬
‫ُ‬
‫)3(‬
‫ومنه قول ط ر فة:‬
‫َ َ َ‬
‫ل يكن ح بك داء قات ل ً * ليس‬
‫ّ‬
‫)4(‬
‫ّ‬
‫هذا منك ماو ي بح ر‬
‫ّ‬
‫1‬

‫)( انظر: اللسان والقاموس والتاج )حرر(‬

‫2‬

‫)( انظر: أساس البلةغة والتاج )حرر(‬

‫3‬

‫)( اسمه الحقيقي: عمرو بن العبد، ينتهي نسبه إلى معد بن عدنان، شاعر‬
‫ّ‬
‫جاهلي من أصحاب المعلقات، يقال له: ابن العشرين؛ لنه قتل وسنه تلك،‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وقيل: بعدها بست، قتله عمرو بن هند.‬
‫انظر: طبقات الشعراء:831/1، الخزانة: 524914/2‬

‫4‬

‫)( البيت هو ثاني أبيات قصيدة عدتها )67( بيتا يصف فيها أحواله وتنقله في‬
‫ّ‬
‫البلد، مطلعها:‬
‫َ‬
‫أصحوت اليوم أم شاقتك هر * ومن الحب جنون مستعر‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫انظر: مختار الشعر الجاهلي: 323/1‬

‫2‬
‫أي : ليس هذا منك بفعل حسن.‬
‫ومنه قولهم : تحري ر الكتا ب وةغيره، أي : تقوي مه‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫وتخليصه، بإقامة حروفه، وتحسينه بإصلح‬
‫س ق طه.‬
‫َ َ ِ‬
‫أ ما تعريف ) التحرير ( اصطلحا عند القائلين‬
‫ّ‬
‫به من أهل القراءات فهو : تنقيح القراءة من‬
‫)1(‬
‫أي خطأ أو خلل.‬
‫ويقصدون بذلك تمييز الوجه وال ط رق‬
‫ّ ُ‬
‫والروايات عن بعضها، وعدم اختلطها في‬
‫)2(‬
‫الداء حتى ل يقع القارئ في التلفيق.‬
‫فـ ) التلفيق ( و ) التركيب ( و ) الخلط ( المضافة‬
‫إلى ) القراءات ( ك لها مصطلحات لمس مى واحد‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫عندهم وهو : النتقال من قراءة إلى أخرى،‬
‫أثناء التلوة، دون إعادة ول تكرار لوجه‬
‫الخلف، بل إن القارئ يقرأ آية؛ أو بعضها أو‬
‫أكثر منها، على قراءة، ثم ينتقل إلى قراءة ما‬
‫يليها وفق قراءة قارئ آخر؛ دون عطف لوجه‬
‫الخلف في الموضع الواحد.‬
‫ويرى كاتب هذه الحروف أن ) التحريرات (‬
‫قسمان:‬
‫1‬

‫)( انظر: الفوائد المفهمة: 6‬

‫2‬

‫)( مأخوذ من: لفق الثوب يلفقه لفقا: وهو ضم إحدى الشقتين إلى الخرى‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فتخيطها، والمراد هنا ضم أوجه على أوجه. انظر: اللسان )لفق(‬

‫3‬
‫الول : تحريرات في الطرق والروايات، كما‬
‫فعل المام الداني في " التيسير " مقارنة بما‬
‫في " جامع البيان " وكما فعل ابن الجزري في‬
‫" نشره " حيث سبر ةغ ور كثير من كتب القراءات،‬
‫َ ْ‬
‫فح رر منها هذه الطرق والروايات، وتلك سمة‬
‫ّ‬
‫بارزة في كتب السلف المتع لقة بالقراءات،‬
‫ّ‬
‫حيث يبدؤن مؤ لفاتهم بذكر أسانيدهم المتصلة‬
‫ّ‬
‫إلى النبي ‪ ‬؛ لن عندهم :ل ب د لكل من قرأ‬
‫ّ‬
‫)1(‬
‫بمض من كتاب أن يعرف طرقه.‬
‫ّ‬
‫الثاني : تحريرات في ) الو جه ( وتف رقوا فيه‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫إلى ثلث شعب:‬
‫الولى : لم ي رد عنهم فيها شيء ألبتة، ق ل أو‬
‫ّ‬
‫َ ِ‬
‫كثر، تلميحا أو تصريحا، وهم السلف القدمون،‬
‫فلم يع رف عنهم فيما وصلنا عنهم من تراثهم‬
‫ُ َ‬
‫ترتيب وجه على آخر، أو منعه عنه، وهم لم‬
‫ّ‬
‫يحتاجوا إلى هذا؛ لنهم كانوا يف ردون ك ل‬
‫ُ ِ‬
‫قراءة على حدة، بل ك ل رواية؛ ول يبالون‬
‫ّ‬
‫بطول الزمن أو قصره في ذلك.‬
‫الثانية :من جاء عنهم شيء منها، ولكن‬
‫َ‬
‫باقتصاد، وعد م فتح الباب على مصراعيه، منهم‬
‫ِ‬
‫ابن الجزري كما سيأتي بيانه.‬
‫الثالثة : عكس السابقتين، حيث اهتموا بها‬
‫كثيرا، وبالغوا فيها أش د مبالغة، وهم بعض‬
‫ّ‬
‫1‬

‫)( انظر: ةغيث النفع: 53‬

‫4‬
‫)2(‬

‫المتأخرين، حتى إن بعضهم أفردها بالتأليف،‬
‫فش عبوا فيه القوال والتع قبات، والخذ والر د،‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والجواز والمنع، إلى درجة أن بعضهم – وهو‬
‫الشيخ القسطلني - ص رح بأن عدم‬
‫ّ‬
‫) التحريرات ( يؤ دي إلى قراءة ما لم ينزل ،قال‬
‫ّ‬
‫رحمه ا تعالى وتجاوز عنا وعنه : فإن قلت‬
‫: هذه الوجه التي يقرأ بها بين السور وةغيرها‬
‫التي ربما بلغ بعضها في بعض المواقع نحو )‬
‫0004 ( أربعة آلف وجه ؟؟هل لهل الشأن‬
‫فيها نقل يعتمد ون عليه ؟أو هو قياس من‬
‫عند أنفسهم ؟ فإن كان الول فبينوه وإن كان‬
‫الثاني فأنتم تمنعونه اتفاقا؟ أجيب : بأنه لما‬
‫كان اعتماد أهل هذا الفن في القراءات على‬
‫الثبت في النقل بحيث كانوا في الضبط‬
‫والمحافظة على ألفاظ القرآن في الدرجة‬
‫القصوى حتى كانوا ل يسامحون بعضهم في‬
‫حرف واحد اتفقوا على منع القياس المطلق‬
‫2‬

‫)( منهم الشيخ علي بن عبد ا المنصوري )ت 4311 هـ( له: "تحرير الطرق‬
‫والروايات في القراءات"، والشيخ محمد بن محمد بن خليل الطباخ )5021 هـ(‬
‫له "هبة المنان في تحرير أوجه القرآن"، وةغيره، والشيخ مصطفى الزميري )ت‬
‫5511 هـ( وهو أشهر وأدق من تعقب ابن الجزري، والشيخ محمد بن أحمد‬
‫ّ‬
‫المشهور بالمتولي )ت 3131 هـ( خاتمة المحررين إلى يومنا هذا، عرف بـ)ابن‬
‫ُ ِ‬
‫الجزري الصغير( لعلو كعبه في القراءات.‬

‫5‬
‫الذي ليس له أصل يرجع إليه ول ركن وثيق‬
‫في الداء يعتمد عليه ،أما إذا كان القياس‬
‫على إجماع انعقد أو أصل يعتمد فإنه يجوز‬
‫عند عدم النص وغموض وجه الداء بل ل‬
‫يسمى ما كان كذلك قياسا على الوجه‬
‫الصطلحي لنه في الحقيقة نسبة جزئي إلى‬
‫كلي ؛كما اختير في تخفيف بعض الهمزات‬
‫لهل الداء وإثبات البسملة وعدمها وغير ذلك‬
‫مما صرح به الئمة 0 ) ق : 242 / أ (‬
‫ثم قال : وإذا ثبت محافظتهم على النقل‬
‫هكذا وتجويزهم نوعا من القياس فل يحتاج‬
‫المجيب عن هذ السؤال إل لنقلها عن مثل‬
‫هؤلء الئمة المعول عليهم في هذا الفن‬
‫،وأيضا فغاية ما في ذلك القياس الجائز وهو‬
‫واجب بحيث بلغت اللوف فإنما ذلك عند‬
‫المتأخرين دون المتقنين ) كذا في المخطوط‬
‫ولعلها المتقدمين ( لنهم كانوا يقرءون‬
‫َ‬
‫القراءات طريقا طريقا فل يقع لهم إل القليل‬
‫من الوجه ،أما المتأخرون فيقرءونها رواية بل‬
‫قراءة بل أكثر حتى صاروا يقرؤن الختمة‬
‫الواحدة للسبعة أو العشرة فتشعبت الطرق‬
‫وكثرت الوجه وحينئذ يجب على القارئ‬
‫الحتراز عن التراكيب في الطرق والوجه‬
‫ويميز بعضها من بعض وإل وقع في ما ل‬
‫6‬
‫يجوز وقراءة ما لم ينزل وقد وقع في هذا‬
‫كثير من المتأخرين لسيما من وضع كتابا‬
‫مفردا في هذه الوجه 0 انتهى كلمه رحمه ا‬
‫تعالى ) ق 342‬
‫ولما رأيت كيرا من أهل القراءات المتأخرين‬
‫والمعاصرين ألزم نفسه والمة معه بوجوب‬
‫الخذ بهذه التحريرات – والوجوب هنا الوجوب‬
‫المصطلح عليه بتأثيم تاركه – حاولت قدر‬
‫الجهد والفهم والسعة أن أبين أن هذا اللزام‬
‫ل يصح على المة لسببين رئيسيين :‬
‫الول : أنه لم يأت عن من أنزلت عليه هذه‬
‫القراءات صلى ا عليه وسلم 0‬
‫الثاني : الخلل العلمي في الضابط الذي‬
‫يتحاكمون إليه ،فتراهم يمنعون وجها لعلة ما‬
‫،ثم في موضع آخر ومسألة أخري يجوزنه مع‬
‫وجود نفس العلة 0‬
‫وهذا ما سأبينه وأعرضه على علماء هذا‬
‫الملتقي لتقويمه وتصحيحه على فترات‬
‫ومسائل ،ومتى انتهينا من مسألة أعرض‬
‫الخرى حتى ل يتشعب الموضوع وتقل الفائدة‬
‫0‬
‫وقبل ختام هذه المقدمة أ بدأ بذكر‬
‫مسألتين أرى أ نهما مه متان حيث لم أر من‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تطرق إليهما من المحررين، وهما في حاجة‬
‫7‬
‫ما سة لمزيد من الدراسة حيث إن فيهما‬
‫ّ‬
‫مخالفة لمنهج المتأخرين القائلين بوجوب‬
‫العمل بالتحريرات .‬
‫وهاتان المسألتان هما :‬
‫الولى : كلمتي ( ض ع ف) و( ض ع فا) في‬
‫َ ْ ً‬
‫َ ْ ٍ‬
‫" ال روم " ) 1 ( :‬
‫ّ‬
‫أجمعت كتب القراءات على أن عاصما‬
‫وحمزة قرآ الكلمتين بفتح الضاد، وأن الباقين‬
‫قرؤوهما بالض م.‬
‫ّ‬
‫ث م ص رحت بأن حفصا ورد عنه التفاق مع‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الباقين، أي إن له الض م أيضا، فتح صل له‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وجهان : الفتح والض م.‬
‫ّ‬
‫وهنا مسألة من مسائل التحريرات، أهملها‬
‫المح ررون، وع روها من التحرير، وم روا عليها‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مرور الكرام، مع أن فيها لمن أراد التحرير‬
‫وطلب الحق كلما وتحريرا، وهي مسألة يتو جه‬
‫ّ‬
‫النقد فيها إلى القائلين والمائلين إلى وجوب‬
‫) التحريرات ( ول مجانبة للحق والصواب إ ن قيل‬
‫ْ‬
‫إنها تتجه أيضا على الداني وابن الجزري‬
‫رحمهما ا تعالى، كما سيذكر بعد قليل.‬
‫هذه المسألة هي : تجويز وجه ) الض م ( لحفص‬
‫ّ‬
‫في الكلمتين المذكورتين وجعله مقروءا به له.‬
‫والشكال والنقد هو : أن جُ ل كتب القراءات‬
‫ّ‬
‫1‬

‫)( من الية ) 45( الروم‬

‫8‬
‫ التي تي سر الطلع عليها - تن ص على أن‬‫ّ‬
‫ّ‬
‫) الض م ( لحفص إنما هو اختيار منه وليس‬
‫ّ‬
‫رواية عن شيخه عاصم.‬
‫وهذه نصوص بعض الئ مة المح ققين:‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫1 - قال ابن مجاهد : قرأ حفص عن نفسه ل‬
‫)1(‬
‫عن عاصم بضم الضاد . اهـ‬
‫2 - قال ابن غلبون؛ بعد أن ذكر أصحاب‬
‫الفتح شعبة، وحمزة، والمفضل فقط : وذكر‬
‫حف ص أنه لم يخالف عاصما في شيء من‬
‫ٌ‬
‫قراءته إل هاهنا . إلخ . اهـ ) 2 ( 4 - قال م كي : ذكر‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫عن حفص أنه رواه - الفتح - عن عاصم، واختا ر‬
‫)3(‬
‫الض م لرواية قويت عنده . اهـ‬
‫ّ‬
‫3 - قال الداني : أبو بكر وحمزة ( من ضعف)‬
‫في الثلثة بفتح الضاد، وكذلك روى حفص عن‬
‫عاصم فيه ن، غير أنه ترك ذلك واختار ) الض م (‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ا تباعا منه لرواية عن عبد ا بن عمر أن النبي‬
‫ّ‬
‫‪ e‬أقرأه ذلك بالض م، و ر د عليه الفتح وأباه،‬
‫َ ّ‬
‫ّ‬
‫قال - الداني -: وما رواه حفص عن عاصم عن‬
‫)4(‬
‫أئمته أص ح . اهـ‬
‫ّ‬
‫1‬

‫)( السبعة: 805‬

‫2‬

‫)( التذكرة: 594/2‬

‫3‬

‫)( التبصرة: 536‬

‫4‬

‫)( التيسير: 571-671‬

‫9‬
‫5 - قال المع دل بعد أن ذكر خلف القراء‬
‫ّ‬
‫في الكلمتين : وإنما اختار حفص ذلك - الضم -‬
‫)1(‬
‫برواية رواها عن النبي ‪ e‬أنه قرأ بالض م . اهـ‬
‫ّ‬
‫فهذه النصوص وغيرها كثير عن الئ مة‬
‫ّ‬
‫المعتمدين، والكتب المعتمدة في القراءات،‬
‫ك لها صريحة في عدم رواية حف ص ) ال ض م ( عن‬
‫َ ّ‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫عاصم، وإنما هو مخالف له، باختياره بعد أن‬
‫روى عنه الفتح.‬
‫وقد ورد هذا عن حفص نفسه حيث قال : ما‬
‫خالفت عاصما في شيء مما قرأت به عليه إل‬
‫)2(‬
‫ض م هذه الثلثة الحرف . اهـ‬
‫َ ّ‬
‫ومح ل الشكال الم تجه إلى المح ررين هو أن‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ي سألوا : كيف أجزتم القراءة بهذا الوجه؟ فهو‬
‫ُ ْ‬
‫وإن كان صحيحا عن حف ص؛ فإنه لم يقرأ به‬
‫ٍ‬
‫على شيخه، مما يعني أنه وجه منقطع السناد.‬
‫قال الجعبري رحمه ا عند قول الشاطبي‬
‫رحمه ا:‬
‫« وفي الروم صف عن‬
‫)3(‬
‫خلف فصل»‬
‫ُ‬
‫1‬

‫)( تذكرة الحفاظ: 2/ ق: 871‬

‫2‬

‫)( النص من "التبصرة" 536، وانظره أيضا في: غاية النهاية:452/1، النشر:‬
‫543/2، روضة الحفاظ: ق 871 وغيرها.‬

‫3‬

‫)( الشاطبية: 75‬

‫01‬
‫قال : إطلقه الوجهين هنا لحفص قيل فيه نظر‬
‫من وجهين:‬
‫كون حفص نقل الضم عن غير عاصم.‬
‫وكونه من طريق عمرو بن الص باح، وطريقه‬
‫ّ‬
‫عن عبيد بن الص باح.‬
‫ّ‬
‫وهو في اصطلح المح دثين ) تدليس (... وكان‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ينبغي أن يقطع لعاصم بفتح الك ل‬
‫)1(‬
‫كالصل . اهـ‬
‫وبهذا تكونون قد وقعتم فيما منعتم، هذا‬
‫من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن تعليل حفص‬
‫ٌ‬
‫في اختياره ) الض م ( أنه من أجل الحديث، قو ل‬
‫ّ‬
‫ عند علماء القراءات -ل يقبل ول يعتمد عليه‬‫لو كان الحديث صحيحا ومتفقا عليه، وبالحرى‬
‫)2(‬
‫إذا كان ضعيفا كما هنا.‬
‫أ ما اتجاه الشكال على منهج المؤ لف زيادة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫على ما سبق، فهو أن يقال:‬
‫لماذا لم يعا مل هذا الوجه معاملة زيادات‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫الشاطبي؛ مع أن الفارق بينهما جوهري، وهو‬
‫أن الزيادات غير منقطعة، وأقصى ما يقال فيها‬
‫هو خروجها عن طرقه . وهذه مسألة فيها كلم‬
‫كثير أرجو من ا تعالى التوفيق في بيانها‬
‫لحقا 0‬
‫1‬

‫)( كنز المعاني: ق: 942‬

‫2‬

‫)( ضعف الحديث؛ لن فيه عطية العوفي. انظر: التيسير: 671‬
‫ُ ّ‬

‫11‬
‫فعد م وقوف ابن الجزري – وهو عمدة‬
‫ُ‬
‫المتأخرين في التحريرات - عند هذا الوجه‬
‫لحفص كوقوفه عند الزيادات؛ والتنبيه على‬
‫صحتها من عدمه، خرو ج عن منهجه، بل عن‬
‫ٌ‬
‫طرقه، ومخال ف لما ص رح به هو نفسه حيث‬
‫ّ‬
‫ٌ‬
‫قال : إل أن من عادتنا الجمع بين ما ثبت وصح‬
‫)1(‬
‫من طرقنا ل نتخ طاه ول نخطله بسواه . اهـ‬
‫ّ‬
‫هذا؛ وقد وقفت على محاولة للشيخ المتو لي‬
‫ّ‬
‫رحمة ا عليه نقلها عن الجعبري، حاول فيها‬
‫تسويغ اختيار حفص للض م، مع روايته الفتح‬
‫ّ‬
‫عن شيخه، فقال : قال الجعبري في شرح‬
‫" الشاطبية ": قول الهوازي : أبو عمارة عن‬
‫حفص عن عاصم، والخزاز ) 2 ( عن هبيرة عن‬
‫حفص عنه بض م الضاد ك ل ما في › الروم ‹ ،‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫صريح في أن حفصا نقل الضم عن عاصم.‬
‫)3(‬
‫اهـ‬
‫وزاد الجعبري بعد هذا الكلم – والشيخ‬
‫1‬

‫)( انظر النشر:291/1-391‬

‫2‬

‫)( أحمد بن علي بن الفضل، أبو جعفر، البغدادي، مقرئ، ماهر، ثقة، قرأ على‬
‫هبيرة وغيره، قرأ عليه ابن مجاهد وابن شنبوذ وغيرهما. توفي سنة 682 هـ‬

‫انظر: غاية النهاية: 68/1-78، المعرفة:215/2، تاريخ بغداد: 303/4‬
‫3‬

‫)( الروض النضير: ق: 183 -283‬

‫21‬
‫المتولي لم ينقله -: وهذا جواب صحيح إن‬
‫قصده الناظم، ) 1 ( فإن قلت : كيف خالف من‬
‫َ‬
‫تو قفت صحة قراءته عليه؟‬
‫ّ‬
‫قل ت : ما خالفه، بل نقل عنه ما قرأه عليه،‬
‫ُ‬
‫ونقل عن غيره ما قرأه عليه،‬
‫)2(‬
‫ل أنه قرأ برأيه . اهـ‬
‫وعليه، فإن ما أبهمه الئ مة : الدان ي ومك يّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والمؤ لف، وغيرهم في عباراتهم حتى فهم من‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫ظاهرها عدم قراءة حفص بالض م على عاصم،‬
‫ّ‬
‫اتضح بهذا الكلم - أعني كلم الجعبري - أن‬
‫ذلك الظاهر غير مرادهم رحمة ا عليهم‬
‫أجمعين؛ لنه ل يمكن بحال - عندي - أن أولئك‬
‫الئمة يجيزون قراءة منقطعة السناد.‬
‫وخلصة القول في هذه المسألة : أن وجه‬
‫الض م لحفص خارج عن طرق " التيسير "‬
‫ّ‬
‫و " الشاطبية " و " النشر " ، ومع ذلك - فكاتبه -‬
‫يقرأ به تبعا لمشايخه، وتحسينا للظ ن بهم فيما‬
‫ّ‬
‫قرؤا وأقرؤا به، من أنهم ل يقرؤن إل بأثر، ول‬
‫1‬

‫)( يقصد به المام الشاطبي رحمه ا.تعالى‬

‫2‬

‫)( كنز المعاني: ق: 942-052، لكن يرد على هذا بأن حفصا لم يتلق الضم عن‬
‫ّ‬
‫ُ َ ّ‬
‫عاصم نفسه، حتى وإن كان عاصم أقرأه لبعض تلميذه، وأيضا: إن الضم وإن‬
‫هِ‬
‫كان قرأ به عاصم إل أنه لم يصلنا من الطرق المعتمدة ل "التيسير" ول‬
‫"الشاطبية" - وهما عمدة الجعبري- ول "النشر" ول "الطيبة". وا أعلم.‬

‫31‬
‫يشترط في مثلي أن يعلم جميع السانيد، وما‬
‫كنت لصبح بدعا في منع هذا الوجه الذي‬
‫أجازه علماء القراءات مع خروجه عن جميع‬
‫طرقهم الصغرى والكبرى، وما كتبت هذا إل‬
‫أمانة للعلم، وتقديما للرواية على الدراية،‬
‫وتبيينا لعدم انضباط منهج المتأخرين من‬
‫المح ررين في بعض المسائل . وا أعلم.‬
‫ّ‬
‫الثانية : مسألة : السكت بين السورتين‬
‫ل ) خلف ( في اختياره:‬
‫ص رح ابن الجزري في موضعين؛ بعبارة‬
‫ّ‬
‫مطلقة، تد ل بمنطوقها ومفهومها على أن أبا‬
‫ّ‬
‫الع ز القلنس ي في " إرشاده " روى عن خلف‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ في اختياره - بكماله، أي من الروايتين : رواية‬‫إسحاق ورواية إدريس، السك ت بين السورتين.‬
‫َ‬
‫وقال :روى عنه - خلف - أبو الع ز في " إرشاده "‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫)1(‬
‫السكت بين السورتين . اهـ‬
‫وقال في موضع آخر : واختلف عن خلف في‬
‫اختياره بين الوصل والسكت، ... و ن ص له‬
‫َ ّ‬
‫)2(‬
‫صاحب " الرشاد " على السكت . اهـ‬
‫ودلل ة هذا الكلم هي أن إسحاق وإدريس‬
‫ُ‬
‫عن خلف يسكتان بين السورتين، وهذا فيه‬
‫نظر من جهتين:‬
‫1‬

‫)( انظر :النشر:‬

‫2‬

‫)( انظر النشر:‬

‫191/1‬
‫952/1‬

‫41‬
‫الولى : أن " الرشاد " ليس فيه لخلف إل رواية‬
‫واحدة وهي رواية إسحاق، وهي من طرق‬
‫)1(‬
‫" النشر " وليس فيه رواية ) إدريس ( ألبتة .‬
‫الثانية : في " الكفاية الكبرى " لبي الع ز رواية‬
‫ّ‬
‫إدريس، ولك نها ليست من طرق " النشر " ولم‬
‫ّ‬
‫)2(‬
‫يخترها المؤ لف في طرقه.‬
‫ّ‬
‫وقد اضطرب - عندي - مذهب الشيخ الزميري‬
‫رحمه ا في هذه المسألة، فبعد أن ق رر أ ن‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫السكت لسحاق، وأنه ا لولى ختم كلمه‬
‫بالتصريح بقبول عموم كلم ابن الجزري فقال:‬
‫ولكن أخذناه - السكت - لدريس أيضا اعتمادا‬
‫)3(‬
‫على ابن الجزري . اهـ‬
‫ف ح س ب المنهج الذي بنى عليه المح ررون‬
‫ّ‬
‫َ َ ْ َ‬
‫ وهو إمامهم - مذهبهم الصعب، كان عليه -‬‫رحمه ا - أن ل يأخذ بالسكت لدريس بين‬
‫السورتين، ولـم ا ك تب عليه أخذه؛ فكان السلم‬
‫ّ ُ هِ‬
‫أن يكون من " الكفاية الكبرى "ل " الرشاد "‬
‫فهو هنا رحمه ا لم يخلط طريقا بطريق، بل‬
‫خلط كتابا بكتاب.‬
‫وقد كان الشيخ المتو لي رحمه ا أكثر د قة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ عندي - وأسلم منهجية وطريقا، حيث قال بعد‬‫1‬

‫)( انظر ، الرشاد: 551-651‬

‫2‬

‫)( انظر: الكفاية الكبرى: 011-111‬

‫3‬

‫)( انظر: تحرير النشر: ق: 591/ ب، بدائع البرهان: ق: 01 و 671‬

‫51‬
‫أن ذكر ما سبق : فكلم ابن الجزري المطلق‬
‫يحمل على المق يد . اهـ ) 1 ( وهذا هو الصواب.‬
‫ّ‬
‫وخلصة القول : أن السكت بين السورتين‬
‫لخلف في اختياره إنما هو من رواية إسحاق،‬
‫وعليه فيكون له – لخلف - وجهان : السكت‬
‫وعدمه . وا أعلم.‬
‫وهناك كلم كثير أخرته حتي يأتي موعده‬
‫المناسب 0‬
‫وا من وراء القصد 0‬

‫1‬

‫)( انظر: الروض النضير: ق: 63-73‬

‫61‬
‫مسألة ثالثة : البدل مع ذات الياء‬
‫وهي من المسائل التي تبين أن المحررين‬
‫ليس لهم ضابط يسيرون عليه ،فتارة يمنعون‬
‫وجها لمجرد أنه من زيادات الشاطبي ، وتارة‬
‫ل يبالون بذلك كما في مسألتنا هذه ،وإليكم‬
‫التفصيل :‬
‫المراد بالبدل هو : أن تتقدم الهمزة على‬
‫حرف المد نحو " ءامنوا " و " أوتوا "‬
‫و " إيمانا " ،فهذا فيه لورش ثلثة أوجه : القصر‬
‫والتوسط والشباع ست حركات 0‬
‫والمراد بذات الياء هو الكلمة المنتهية بالياء‬
‫) اللف المقصورة ( نحو " الهدى " و "‬
‫استوي " فهذا فيه لورش – ما لم يكن رأس‬
‫آية ؛يعنى آخر كلمة في الية – وجهان : الفتح‬
‫والتقليل 0‬
‫لكن إذا اجتمعا نحو " فتلقى ءادم " و "‬
‫ءاتى المال على حبه ذوى القربى " فما الحكم‬
‫؟‬
‫الذي يقتضيه الضرب الحسابي – وهذه‬
‫عبارة بعضهم – أن فيها ستة أوجه حاصلة من‬
‫ضرب ثلثة البدل في وجهي ذات الياء‬
‫كالتالى:‬
‫1 - قصر البدل عليه الفتح والتقليل في ذات‬
‫الياء‬
‫71‬
‫2 - توسط البدل عليه نفس الوجهين 0‬
‫3 - مد البدل عليه الوجهان كذلك 0‬
‫لكن قال المحررون : المقروء به من‬
‫الشاطبية أربعة أوجه فقط وهي : قصر البدل‬
‫وعليه فتح ذات الياء ،وتوسط البدل عليه تقليل‬
‫ذات الياء ، ومد البدل عليه الوجهان في ذات‬
‫الياء 0‬
‫وهنا قد يسأل سائل : وأين الضطراب في‬
‫المنهج الذي تدعيه ؟‬
‫فيقال : هؤلء جعلوا هذه الوجه الربعة‬
‫المذكور مقروءا بها من الشاطبية ، وم يراعوا‬
‫هنا " زيادات الشاطبي " على " التيسير " فلو‬
‫استخرجنا المسألة من " التيسير " لوجدنا‬
‫التالى :‬
‫" التوسط فقط في البدل ، والتقليل فقط‬
‫في ذات الياء " هذا هو الذي في " التيسير "‬
‫وما ذكره الشاطبي رحمه ا من قصر وإشباع‬
‫في البدل ،وفتح في ذات الياء فهو كله خروج‬
‫منه عنه 0 فما ذا نسمي هذا ؟؟ وللحديث‬
‫بقية إن شاء ا 0‬

‫81‬

تحريرات

  • 1.
    ‫بسم ا الرحمنالرحيم‬ ‫الحمد لله الذي حرر عقول العلماء من‬ ‫سلطان الجهل ،ون ور بصائرهم بنور العلم‬ ‫ّ‬ ‫،وأخذ عليهم العهد بتبيين العلم متى استقام‬ ‫الدليل ، ولم يتعبدهم بقول فلن وفلن متى‬ ‫خالف الدليل ،بل قال " قل هاتوا برهانكم "‬ ‫والصلة والسلم التمان الكملن على النبي‬ ‫الخاتم ،المبعوث بالرحمة والتيسر والمحفوظ‬ ‫عن السهو و الغفلة في التبليغ ،ورضي ا عن‬ ‫صحابته الكرام بلغوا لنا القرآن كما سمعوه‬ ‫وتلقوه ،ولم يجتهدوا فيه بحرف بل قرؤا و‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أقرؤا كما أقرؤا ، فكان قولهم وفعلهم سنة‬ ‫يأخذها الخر عن الول ما تواتر الليل والنهار‬ ‫أما بعد :‬ ‫ل شك أن القراءات العشر وصلت إلينا‬ ‫متواترة وصحيحة عن النبي ‪ ، ‬وأن المة لم‬ ‫تهمل أي قراءة منها، ول أص ل ً من أصول تلك‬ ‫ُ‬ ‫القراءة، بل حافظت عليها عن طريق حفظها‬ ‫في الصدور والسطور، وهذا تحقيق لوعد ا‬ ‫تعالى ‪ ‬إ ِ نا ن ح ن ن ز ل نا ال ذ ك ر و إ ِ نا ل ه ل حا ف ظو ن‬ ‫ّ ْ َ َ ّ َ ُ َ َ ِ ُ َ‬ ‫ّ َ ْ ُ َ َّْ‬ ‫‪.‬‬ ‫لك نْ ل ما طال الزمن، و ب عد العهد عن القراء‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫أصحاب هذه القراءات، و أ ُ لفت الكتب في‬ ‫ّ‬ ‫1‬
  • 2.
    ‫قراءاتهم؛ جامع ةلمختلف رواياتهم، وتشعبت‬ ‫ً‬ ‫طرقهم، وابتكر الناس – ل ق صر الهمم - طريقة‬ ‫ِ ِ َ‬ ‫) جمع القراءات ( في ختمة واحدة، مخالفين‬ ‫في ذلك ما درج عليه السلف من إفراد كل‬ ‫رواية على حدة، نشأ ما س ماه المتأخرون‬ ‫ّ‬ ‫بـ ) التحريرات (.‬ ‫)1(‬ ‫ومادة › ح ر ‹ في اللغة : خيار كل شيء،‬ ‫ّ‬ ‫ومن ث م أطلق مجازا على أكثر من معنى،‬ ‫َ ّ‬ ‫)2(‬ ‫يناسب ) البحث ( هنا منها : الفع ل الحسن،‬ ‫ُ‬ ‫)3(‬ ‫ومنه قول ط ر فة:‬ ‫َ َ َ‬ ‫ل يكن ح بك داء قات ل ً * ليس‬ ‫ّ‬ ‫)4(‬ ‫ّ‬ ‫هذا منك ماو ي بح ر‬ ‫ّ‬ ‫1‬ ‫)( انظر: اللسان والقاموس والتاج )حرر(‬ ‫2‬ ‫)( انظر: أساس البلةغة والتاج )حرر(‬ ‫3‬ ‫)( اسمه الحقيقي: عمرو بن العبد، ينتهي نسبه إلى معد بن عدنان، شاعر‬ ‫ّ‬ ‫جاهلي من أصحاب المعلقات، يقال له: ابن العشرين؛ لنه قتل وسنه تلك،‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقيل: بعدها بست، قتله عمرو بن هند.‬ ‫انظر: طبقات الشعراء:831/1، الخزانة: 524914/2‬ ‫4‬ ‫)( البيت هو ثاني أبيات قصيدة عدتها )67( بيتا يصف فيها أحواله وتنقله في‬ ‫ّ‬ ‫البلد، مطلعها:‬ ‫َ‬ ‫أصحوت اليوم أم شاقتك هر * ومن الحب جنون مستعر‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫انظر: مختار الشعر الجاهلي: 323/1‬ ‫2‬
  • 3.
    ‫أي : ليسهذا منك بفعل حسن.‬ ‫ومنه قولهم : تحري ر الكتا ب وةغيره، أي : تقوي مه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وتخليصه، بإقامة حروفه، وتحسينه بإصلح‬ ‫س ق طه.‬ ‫َ َ ِ‬ ‫أ ما تعريف ) التحرير ( اصطلحا عند القائلين‬ ‫ّ‬ ‫به من أهل القراءات فهو : تنقيح القراءة من‬ ‫)1(‬ ‫أي خطأ أو خلل.‬ ‫ويقصدون بذلك تمييز الوجه وال ط رق‬ ‫ّ ُ‬ ‫والروايات عن بعضها، وعدم اختلطها في‬ ‫)2(‬ ‫الداء حتى ل يقع القارئ في التلفيق.‬ ‫فـ ) التلفيق ( و ) التركيب ( و ) الخلط ( المضافة‬ ‫إلى ) القراءات ( ك لها مصطلحات لمس مى واحد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عندهم وهو : النتقال من قراءة إلى أخرى،‬ ‫أثناء التلوة، دون إعادة ول تكرار لوجه‬ ‫الخلف، بل إن القارئ يقرأ آية؛ أو بعضها أو‬ ‫أكثر منها، على قراءة، ثم ينتقل إلى قراءة ما‬ ‫يليها وفق قراءة قارئ آخر؛ دون عطف لوجه‬ ‫الخلف في الموضع الواحد.‬ ‫ويرى كاتب هذه الحروف أن ) التحريرات (‬ ‫قسمان:‬ ‫1‬ ‫)( انظر: الفوائد المفهمة: 6‬ ‫2‬ ‫)( مأخوذ من: لفق الثوب يلفقه لفقا: وهو ضم إحدى الشقتين إلى الخرى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فتخيطها، والمراد هنا ضم أوجه على أوجه. انظر: اللسان )لفق(‬ ‫3‬
  • 4.
    ‫الول : تحريراتفي الطرق والروايات، كما‬ ‫فعل المام الداني في " التيسير " مقارنة بما‬ ‫في " جامع البيان " وكما فعل ابن الجزري في‬ ‫" نشره " حيث سبر ةغ ور كثير من كتب القراءات،‬ ‫َ ْ‬ ‫فح رر منها هذه الطرق والروايات، وتلك سمة‬ ‫ّ‬ ‫بارزة في كتب السلف المتع لقة بالقراءات،‬ ‫ّ‬ ‫حيث يبدؤن مؤ لفاتهم بذكر أسانيدهم المتصلة‬ ‫ّ‬ ‫إلى النبي ‪ ‬؛ لن عندهم :ل ب د لكل من قرأ‬ ‫ّ‬ ‫)1(‬ ‫بمض من كتاب أن يعرف طرقه.‬ ‫ّ‬ ‫الثاني : تحريرات في ) الو جه ( وتف رقوا فيه‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫إلى ثلث شعب:‬ ‫الولى : لم ي رد عنهم فيها شيء ألبتة، ق ل أو‬ ‫ّ‬ ‫َ ِ‬ ‫كثر، تلميحا أو تصريحا، وهم السلف القدمون،‬ ‫فلم يع رف عنهم فيما وصلنا عنهم من تراثهم‬ ‫ُ َ‬ ‫ترتيب وجه على آخر، أو منعه عنه، وهم لم‬ ‫ّ‬ ‫يحتاجوا إلى هذا؛ لنهم كانوا يف ردون ك ل‬ ‫ُ ِ‬ ‫قراءة على حدة، بل ك ل رواية؛ ول يبالون‬ ‫ّ‬ ‫بطول الزمن أو قصره في ذلك.‬ ‫الثانية :من جاء عنهم شيء منها، ولكن‬ ‫َ‬ ‫باقتصاد، وعد م فتح الباب على مصراعيه، منهم‬ ‫ِ‬ ‫ابن الجزري كما سيأتي بيانه.‬ ‫الثالثة : عكس السابقتين، حيث اهتموا بها‬ ‫كثيرا، وبالغوا فيها أش د مبالغة، وهم بعض‬ ‫ّ‬ ‫1‬ ‫)( انظر: ةغيث النفع: 53‬ ‫4‬
  • 5.
    ‫)2(‬ ‫المتأخرين، حتى إنبعضهم أفردها بالتأليف،‬ ‫فش عبوا فيه القوال والتع قبات، والخذ والر د،‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والجواز والمنع، إلى درجة أن بعضهم – وهو‬ ‫الشيخ القسطلني - ص رح بأن عدم‬ ‫ّ‬ ‫) التحريرات ( يؤ دي إلى قراءة ما لم ينزل ،قال‬ ‫ّ‬ ‫رحمه ا تعالى وتجاوز عنا وعنه : فإن قلت‬ ‫: هذه الوجه التي يقرأ بها بين السور وةغيرها‬ ‫التي ربما بلغ بعضها في بعض المواقع نحو )‬ ‫0004 ( أربعة آلف وجه ؟؟هل لهل الشأن‬ ‫فيها نقل يعتمد ون عليه ؟أو هو قياس من‬ ‫عند أنفسهم ؟ فإن كان الول فبينوه وإن كان‬ ‫الثاني فأنتم تمنعونه اتفاقا؟ أجيب : بأنه لما‬ ‫كان اعتماد أهل هذا الفن في القراءات على‬ ‫الثبت في النقل بحيث كانوا في الضبط‬ ‫والمحافظة على ألفاظ القرآن في الدرجة‬ ‫القصوى حتى كانوا ل يسامحون بعضهم في‬ ‫حرف واحد اتفقوا على منع القياس المطلق‬ ‫2‬ ‫)( منهم الشيخ علي بن عبد ا المنصوري )ت 4311 هـ( له: "تحرير الطرق‬ ‫والروايات في القراءات"، والشيخ محمد بن محمد بن خليل الطباخ )5021 هـ(‬ ‫له "هبة المنان في تحرير أوجه القرآن"، وةغيره، والشيخ مصطفى الزميري )ت‬ ‫5511 هـ( وهو أشهر وأدق من تعقب ابن الجزري، والشيخ محمد بن أحمد‬ ‫ّ‬ ‫المشهور بالمتولي )ت 3131 هـ( خاتمة المحررين إلى يومنا هذا، عرف بـ)ابن‬ ‫ُ ِ‬ ‫الجزري الصغير( لعلو كعبه في القراءات.‬ ‫5‬
  • 6.
    ‫الذي ليس لهأصل يرجع إليه ول ركن وثيق‬ ‫في الداء يعتمد عليه ،أما إذا كان القياس‬ ‫على إجماع انعقد أو أصل يعتمد فإنه يجوز‬ ‫عند عدم النص وغموض وجه الداء بل ل‬ ‫يسمى ما كان كذلك قياسا على الوجه‬ ‫الصطلحي لنه في الحقيقة نسبة جزئي إلى‬ ‫كلي ؛كما اختير في تخفيف بعض الهمزات‬ ‫لهل الداء وإثبات البسملة وعدمها وغير ذلك‬ ‫مما صرح به الئمة 0 ) ق : 242 / أ (‬ ‫ثم قال : وإذا ثبت محافظتهم على النقل‬ ‫هكذا وتجويزهم نوعا من القياس فل يحتاج‬ ‫المجيب عن هذ السؤال إل لنقلها عن مثل‬ ‫هؤلء الئمة المعول عليهم في هذا الفن‬ ‫،وأيضا فغاية ما في ذلك القياس الجائز وهو‬ ‫واجب بحيث بلغت اللوف فإنما ذلك عند‬ ‫المتأخرين دون المتقنين ) كذا في المخطوط‬ ‫ولعلها المتقدمين ( لنهم كانوا يقرءون‬ ‫َ‬ ‫القراءات طريقا طريقا فل يقع لهم إل القليل‬ ‫من الوجه ،أما المتأخرون فيقرءونها رواية بل‬ ‫قراءة بل أكثر حتى صاروا يقرؤن الختمة‬ ‫الواحدة للسبعة أو العشرة فتشعبت الطرق‬ ‫وكثرت الوجه وحينئذ يجب على القارئ‬ ‫الحتراز عن التراكيب في الطرق والوجه‬ ‫ويميز بعضها من بعض وإل وقع في ما ل‬ ‫6‬
  • 7.
    ‫يجوز وقراءة مالم ينزل وقد وقع في هذا‬ ‫كثير من المتأخرين لسيما من وضع كتابا‬ ‫مفردا في هذه الوجه 0 انتهى كلمه رحمه ا‬ ‫تعالى ) ق 342‬ ‫ولما رأيت كيرا من أهل القراءات المتأخرين‬ ‫والمعاصرين ألزم نفسه والمة معه بوجوب‬ ‫الخذ بهذه التحريرات – والوجوب هنا الوجوب‬ ‫المصطلح عليه بتأثيم تاركه – حاولت قدر‬ ‫الجهد والفهم والسعة أن أبين أن هذا اللزام‬ ‫ل يصح على المة لسببين رئيسيين :‬ ‫الول : أنه لم يأت عن من أنزلت عليه هذه‬ ‫القراءات صلى ا عليه وسلم 0‬ ‫الثاني : الخلل العلمي في الضابط الذي‬ ‫يتحاكمون إليه ،فتراهم يمنعون وجها لعلة ما‬ ‫،ثم في موضع آخر ومسألة أخري يجوزنه مع‬ ‫وجود نفس العلة 0‬ ‫وهذا ما سأبينه وأعرضه على علماء هذا‬ ‫الملتقي لتقويمه وتصحيحه على فترات‬ ‫ومسائل ،ومتى انتهينا من مسألة أعرض‬ ‫الخرى حتى ل يتشعب الموضوع وتقل الفائدة‬ ‫0‬ ‫وقبل ختام هذه المقدمة أ بدأ بذكر‬ ‫مسألتين أرى أ نهما مه متان حيث لم أر من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تطرق إليهما من المحررين، وهما في حاجة‬ ‫7‬
  • 8.
    ‫ما سة لمزيدمن الدراسة حيث إن فيهما‬ ‫ّ‬ ‫مخالفة لمنهج المتأخرين القائلين بوجوب‬ ‫العمل بالتحريرات .‬ ‫وهاتان المسألتان هما :‬ ‫الولى : كلمتي ( ض ع ف) و( ض ع فا) في‬ ‫َ ْ ً‬ ‫َ ْ ٍ‬ ‫" ال روم " ) 1 ( :‬ ‫ّ‬ ‫أجمعت كتب القراءات على أن عاصما‬ ‫وحمزة قرآ الكلمتين بفتح الضاد، وأن الباقين‬ ‫قرؤوهما بالض م.‬ ‫ّ‬ ‫ث م ص رحت بأن حفصا ورد عنه التفاق مع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الباقين، أي إن له الض م أيضا، فتح صل له‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وجهان : الفتح والض م.‬ ‫ّ‬ ‫وهنا مسألة من مسائل التحريرات، أهملها‬ ‫المح ررون، وع روها من التحرير، وم روا عليها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مرور الكرام، مع أن فيها لمن أراد التحرير‬ ‫وطلب الحق كلما وتحريرا، وهي مسألة يتو جه‬ ‫ّ‬ ‫النقد فيها إلى القائلين والمائلين إلى وجوب‬ ‫) التحريرات ( ول مجانبة للحق والصواب إ ن قيل‬ ‫ْ‬ ‫إنها تتجه أيضا على الداني وابن الجزري‬ ‫رحمهما ا تعالى، كما سيذكر بعد قليل.‬ ‫هذه المسألة هي : تجويز وجه ) الض م ( لحفص‬ ‫ّ‬ ‫في الكلمتين المذكورتين وجعله مقروءا به له.‬ ‫والشكال والنقد هو : أن جُ ل كتب القراءات‬ ‫ّ‬ ‫1‬ ‫)( من الية ) 45( الروم‬ ‫8‬
  • 9.
    ‫ التي تيسر الطلع عليها - تن ص على أن‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫) الض م ( لحفص إنما هو اختيار منه وليس‬ ‫ّ‬ ‫رواية عن شيخه عاصم.‬ ‫وهذه نصوص بعض الئ مة المح ققين:‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫1 - قال ابن مجاهد : قرأ حفص عن نفسه ل‬ ‫)1(‬ ‫عن عاصم بضم الضاد . اهـ‬ ‫2 - قال ابن غلبون؛ بعد أن ذكر أصحاب‬ ‫الفتح شعبة، وحمزة، والمفضل فقط : وذكر‬ ‫حف ص أنه لم يخالف عاصما في شيء من‬ ‫ٌ‬ ‫قراءته إل هاهنا . إلخ . اهـ ) 2 ( 4 - قال م كي : ذكر‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫عن حفص أنه رواه - الفتح - عن عاصم، واختا ر‬ ‫)3(‬ ‫الض م لرواية قويت عنده . اهـ‬ ‫ّ‬ ‫3 - قال الداني : أبو بكر وحمزة ( من ضعف)‬ ‫في الثلثة بفتح الضاد، وكذلك روى حفص عن‬ ‫عاصم فيه ن، غير أنه ترك ذلك واختار ) الض م (‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ا تباعا منه لرواية عن عبد ا بن عمر أن النبي‬ ‫ّ‬ ‫‪ e‬أقرأه ذلك بالض م، و ر د عليه الفتح وأباه،‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫قال - الداني -: وما رواه حفص عن عاصم عن‬ ‫)4(‬ ‫أئمته أص ح . اهـ‬ ‫ّ‬ ‫1‬ ‫)( السبعة: 805‬ ‫2‬ ‫)( التذكرة: 594/2‬ ‫3‬ ‫)( التبصرة: 536‬ ‫4‬ ‫)( التيسير: 571-671‬ ‫9‬
  • 10.
    ‫5 - قالالمع دل بعد أن ذكر خلف القراء‬ ‫ّ‬ ‫في الكلمتين : وإنما اختار حفص ذلك - الضم -‬ ‫)1(‬ ‫برواية رواها عن النبي ‪ e‬أنه قرأ بالض م . اهـ‬ ‫ّ‬ ‫فهذه النصوص وغيرها كثير عن الئ مة‬ ‫ّ‬ ‫المعتمدين، والكتب المعتمدة في القراءات،‬ ‫ك لها صريحة في عدم رواية حف ص ) ال ض م ( عن‬ ‫َ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫عاصم، وإنما هو مخالف له، باختياره بعد أن‬ ‫روى عنه الفتح.‬ ‫وقد ورد هذا عن حفص نفسه حيث قال : ما‬ ‫خالفت عاصما في شيء مما قرأت به عليه إل‬ ‫)2(‬ ‫ض م هذه الثلثة الحرف . اهـ‬ ‫َ ّ‬ ‫ومح ل الشكال الم تجه إلى المح ررين هو أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي سألوا : كيف أجزتم القراءة بهذا الوجه؟ فهو‬ ‫ُ ْ‬ ‫وإن كان صحيحا عن حف ص؛ فإنه لم يقرأ به‬ ‫ٍ‬ ‫على شيخه، مما يعني أنه وجه منقطع السناد.‬ ‫قال الجعبري رحمه ا عند قول الشاطبي‬ ‫رحمه ا:‬ ‫« وفي الروم صف عن‬ ‫)3(‬ ‫خلف فصل»‬ ‫ُ‬ ‫1‬ ‫)( تذكرة الحفاظ: 2/ ق: 871‬ ‫2‬ ‫)( النص من "التبصرة" 536، وانظره أيضا في: غاية النهاية:452/1، النشر:‬ ‫543/2، روضة الحفاظ: ق 871 وغيرها.‬ ‫3‬ ‫)( الشاطبية: 75‬ ‫01‬
  • 11.
    ‫قال : إطلقهالوجهين هنا لحفص قيل فيه نظر‬ ‫من وجهين:‬ ‫كون حفص نقل الضم عن غير عاصم.‬ ‫وكونه من طريق عمرو بن الص باح، وطريقه‬ ‫ّ‬ ‫عن عبيد بن الص باح.‬ ‫ّ‬ ‫وهو في اصطلح المح دثين ) تدليس (... وكان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ينبغي أن يقطع لعاصم بفتح الك ل‬ ‫)1(‬ ‫كالصل . اهـ‬ ‫وبهذا تكونون قد وقعتم فيما منعتم، هذا‬ ‫من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن تعليل حفص‬ ‫ٌ‬ ‫في اختياره ) الض م ( أنه من أجل الحديث، قو ل‬ ‫ّ‬ ‫ عند علماء القراءات -ل يقبل ول يعتمد عليه‬‫لو كان الحديث صحيحا ومتفقا عليه، وبالحرى‬ ‫)2(‬ ‫إذا كان ضعيفا كما هنا.‬ ‫أ ما اتجاه الشكال على منهج المؤ لف زيادة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫على ما سبق، فهو أن يقال:‬ ‫لماذا لم يعا مل هذا الوجه معاملة زيادات‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الشاطبي؛ مع أن الفارق بينهما جوهري، وهو‬ ‫أن الزيادات غير منقطعة، وأقصى ما يقال فيها‬ ‫هو خروجها عن طرقه . وهذه مسألة فيها كلم‬ ‫كثير أرجو من ا تعالى التوفيق في بيانها‬ ‫لحقا 0‬ ‫1‬ ‫)( كنز المعاني: ق: 942‬ ‫2‬ ‫)( ضعف الحديث؛ لن فيه عطية العوفي. انظر: التيسير: 671‬ ‫ُ ّ‬ ‫11‬
  • 12.
    ‫فعد م وقوفابن الجزري – وهو عمدة‬ ‫ُ‬ ‫المتأخرين في التحريرات - عند هذا الوجه‬ ‫لحفص كوقوفه عند الزيادات؛ والتنبيه على‬ ‫صحتها من عدمه، خرو ج عن منهجه، بل عن‬ ‫ٌ‬ ‫طرقه، ومخال ف لما ص رح به هو نفسه حيث‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫قال : إل أن من عادتنا الجمع بين ما ثبت وصح‬ ‫)1(‬ ‫من طرقنا ل نتخ طاه ول نخطله بسواه . اهـ‬ ‫ّ‬ ‫هذا؛ وقد وقفت على محاولة للشيخ المتو لي‬ ‫ّ‬ ‫رحمة ا عليه نقلها عن الجعبري، حاول فيها‬ ‫تسويغ اختيار حفص للض م، مع روايته الفتح‬ ‫ّ‬ ‫عن شيخه، فقال : قال الجعبري في شرح‬ ‫" الشاطبية ": قول الهوازي : أبو عمارة عن‬ ‫حفص عن عاصم، والخزاز ) 2 ( عن هبيرة عن‬ ‫حفص عنه بض م الضاد ك ل ما في › الروم ‹ ،‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صريح في أن حفصا نقل الضم عن عاصم.‬ ‫)3(‬ ‫اهـ‬ ‫وزاد الجعبري بعد هذا الكلم – والشيخ‬ ‫1‬ ‫)( انظر النشر:291/1-391‬ ‫2‬ ‫)( أحمد بن علي بن الفضل، أبو جعفر، البغدادي، مقرئ، ماهر، ثقة، قرأ على‬ ‫هبيرة وغيره، قرأ عليه ابن مجاهد وابن شنبوذ وغيرهما. توفي سنة 682 هـ‬ ‫انظر: غاية النهاية: 68/1-78، المعرفة:215/2، تاريخ بغداد: 303/4‬ ‫3‬ ‫)( الروض النضير: ق: 183 -283‬ ‫21‬
  • 13.
    ‫المتولي لم ينقله-: وهذا جواب صحيح إن‬ ‫قصده الناظم، ) 1 ( فإن قلت : كيف خالف من‬ ‫َ‬ ‫تو قفت صحة قراءته عليه؟‬ ‫ّ‬ ‫قل ت : ما خالفه، بل نقل عنه ما قرأه عليه،‬ ‫ُ‬ ‫ونقل عن غيره ما قرأه عليه،‬ ‫)2(‬ ‫ل أنه قرأ برأيه . اهـ‬ ‫وعليه، فإن ما أبهمه الئ مة : الدان ي ومك يّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمؤ لف، وغيرهم في عباراتهم حتى فهم من‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ظاهرها عدم قراءة حفص بالض م على عاصم،‬ ‫ّ‬ ‫اتضح بهذا الكلم - أعني كلم الجعبري - أن‬ ‫ذلك الظاهر غير مرادهم رحمة ا عليهم‬ ‫أجمعين؛ لنه ل يمكن بحال - عندي - أن أولئك‬ ‫الئمة يجيزون قراءة منقطعة السناد.‬ ‫وخلصة القول في هذه المسألة : أن وجه‬ ‫الض م لحفص خارج عن طرق " التيسير "‬ ‫ّ‬ ‫و " الشاطبية " و " النشر " ، ومع ذلك - فكاتبه -‬ ‫يقرأ به تبعا لمشايخه، وتحسينا للظ ن بهم فيما‬ ‫ّ‬ ‫قرؤا وأقرؤا به، من أنهم ل يقرؤن إل بأثر، ول‬ ‫1‬ ‫)( يقصد به المام الشاطبي رحمه ا.تعالى‬ ‫2‬ ‫)( كنز المعاني: ق: 942-052، لكن يرد على هذا بأن حفصا لم يتلق الضم عن‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫عاصم نفسه، حتى وإن كان عاصم أقرأه لبعض تلميذه، وأيضا: إن الضم وإن‬ ‫هِ‬ ‫كان قرأ به عاصم إل أنه لم يصلنا من الطرق المعتمدة ل "التيسير" ول‬ ‫"الشاطبية" - وهما عمدة الجعبري- ول "النشر" ول "الطيبة". وا أعلم.‬ ‫31‬
  • 14.
    ‫يشترط في مثليأن يعلم جميع السانيد، وما‬ ‫كنت لصبح بدعا في منع هذا الوجه الذي‬ ‫أجازه علماء القراءات مع خروجه عن جميع‬ ‫طرقهم الصغرى والكبرى، وما كتبت هذا إل‬ ‫أمانة للعلم، وتقديما للرواية على الدراية،‬ ‫وتبيينا لعدم انضباط منهج المتأخرين من‬ ‫المح ررين في بعض المسائل . وا أعلم.‬ ‫ّ‬ ‫الثانية : مسألة : السكت بين السورتين‬ ‫ل ) خلف ( في اختياره:‬ ‫ص رح ابن الجزري في موضعين؛ بعبارة‬ ‫ّ‬ ‫مطلقة، تد ل بمنطوقها ومفهومها على أن أبا‬ ‫ّ‬ ‫الع ز القلنس ي في " إرشاده " روى عن خلف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ في اختياره - بكماله، أي من الروايتين : رواية‬‫إسحاق ورواية إدريس، السك ت بين السورتين.‬ ‫َ‬ ‫وقال :روى عنه - خلف - أبو الع ز في " إرشاده "‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫)1(‬ ‫السكت بين السورتين . اهـ‬ ‫وقال في موضع آخر : واختلف عن خلف في‬ ‫اختياره بين الوصل والسكت، ... و ن ص له‬ ‫َ ّ‬ ‫)2(‬ ‫صاحب " الرشاد " على السكت . اهـ‬ ‫ودلل ة هذا الكلم هي أن إسحاق وإدريس‬ ‫ُ‬ ‫عن خلف يسكتان بين السورتين، وهذا فيه‬ ‫نظر من جهتين:‬ ‫1‬ ‫)( انظر :النشر:‬ ‫2‬ ‫)( انظر النشر:‬ ‫191/1‬ ‫952/1‬ ‫41‬
  • 15.
    ‫الولى : أن" الرشاد " ليس فيه لخلف إل رواية‬ ‫واحدة وهي رواية إسحاق، وهي من طرق‬ ‫)1(‬ ‫" النشر " وليس فيه رواية ) إدريس ( ألبتة .‬ ‫الثانية : في " الكفاية الكبرى " لبي الع ز رواية‬ ‫ّ‬ ‫إدريس، ولك نها ليست من طرق " النشر " ولم‬ ‫ّ‬ ‫)2(‬ ‫يخترها المؤ لف في طرقه.‬ ‫ّ‬ ‫وقد اضطرب - عندي - مذهب الشيخ الزميري‬ ‫رحمه ا في هذه المسألة، فبعد أن ق رر أ ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫السكت لسحاق، وأنه ا لولى ختم كلمه‬ ‫بالتصريح بقبول عموم كلم ابن الجزري فقال:‬ ‫ولكن أخذناه - السكت - لدريس أيضا اعتمادا‬ ‫)3(‬ ‫على ابن الجزري . اهـ‬ ‫ف ح س ب المنهج الذي بنى عليه المح ررون‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ وهو إمامهم - مذهبهم الصعب، كان عليه -‬‫رحمه ا - أن ل يأخذ بالسكت لدريس بين‬ ‫السورتين، ولـم ا ك تب عليه أخذه؛ فكان السلم‬ ‫ّ ُ هِ‬ ‫أن يكون من " الكفاية الكبرى "ل " الرشاد "‬ ‫فهو هنا رحمه ا لم يخلط طريقا بطريق، بل‬ ‫خلط كتابا بكتاب.‬ ‫وقد كان الشيخ المتو لي رحمه ا أكثر د قة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ عندي - وأسلم منهجية وطريقا، حيث قال بعد‬‫1‬ ‫)( انظر ، الرشاد: 551-651‬ ‫2‬ ‫)( انظر: الكفاية الكبرى: 011-111‬ ‫3‬ ‫)( انظر: تحرير النشر: ق: 591/ ب، بدائع البرهان: ق: 01 و 671‬ ‫51‬
  • 16.
    ‫أن ذكر ماسبق : فكلم ابن الجزري المطلق‬ ‫يحمل على المق يد . اهـ ) 1 ( وهذا هو الصواب.‬ ‫ّ‬ ‫وخلصة القول : أن السكت بين السورتين‬ ‫لخلف في اختياره إنما هو من رواية إسحاق،‬ ‫وعليه فيكون له – لخلف - وجهان : السكت‬ ‫وعدمه . وا أعلم.‬ ‫وهناك كلم كثير أخرته حتي يأتي موعده‬ ‫المناسب 0‬ ‫وا من وراء القصد 0‬ ‫1‬ ‫)( انظر: الروض النضير: ق: 63-73‬ ‫61‬
  • 17.
    ‫مسألة ثالثة :البدل مع ذات الياء‬ ‫وهي من المسائل التي تبين أن المحررين‬ ‫ليس لهم ضابط يسيرون عليه ،فتارة يمنعون‬ ‫وجها لمجرد أنه من زيادات الشاطبي ، وتارة‬ ‫ل يبالون بذلك كما في مسألتنا هذه ،وإليكم‬ ‫التفصيل :‬ ‫المراد بالبدل هو : أن تتقدم الهمزة على‬ ‫حرف المد نحو " ءامنوا " و " أوتوا "‬ ‫و " إيمانا " ،فهذا فيه لورش ثلثة أوجه : القصر‬ ‫والتوسط والشباع ست حركات 0‬ ‫والمراد بذات الياء هو الكلمة المنتهية بالياء‬ ‫) اللف المقصورة ( نحو " الهدى " و "‬ ‫استوي " فهذا فيه لورش – ما لم يكن رأس‬ ‫آية ؛يعنى آخر كلمة في الية – وجهان : الفتح‬ ‫والتقليل 0‬ ‫لكن إذا اجتمعا نحو " فتلقى ءادم " و "‬ ‫ءاتى المال على حبه ذوى القربى " فما الحكم‬ ‫؟‬ ‫الذي يقتضيه الضرب الحسابي – وهذه‬ ‫عبارة بعضهم – أن فيها ستة أوجه حاصلة من‬ ‫ضرب ثلثة البدل في وجهي ذات الياء‬ ‫كالتالى:‬ ‫1 - قصر البدل عليه الفتح والتقليل في ذات‬ ‫الياء‬ ‫71‬
  • 18.
    ‫2 - توسطالبدل عليه نفس الوجهين 0‬ ‫3 - مد البدل عليه الوجهان كذلك 0‬ ‫لكن قال المحررون : المقروء به من‬ ‫الشاطبية أربعة أوجه فقط وهي : قصر البدل‬ ‫وعليه فتح ذات الياء ،وتوسط البدل عليه تقليل‬ ‫ذات الياء ، ومد البدل عليه الوجهان في ذات‬ ‫الياء 0‬ ‫وهنا قد يسأل سائل : وأين الضطراب في‬ ‫المنهج الذي تدعيه ؟‬ ‫فيقال : هؤلء جعلوا هذه الوجه الربعة‬ ‫المذكور مقروءا بها من الشاطبية ، وم يراعوا‬ ‫هنا " زيادات الشاطبي " على " التيسير " فلو‬ ‫استخرجنا المسألة من " التيسير " لوجدنا‬ ‫التالى :‬ ‫" التوسط فقط في البدل ، والتقليل فقط‬ ‫في ذات الياء " هذا هو الذي في " التيسير "‬ ‫وما ذكره الشاطبي رحمه ا من قصر وإشباع‬ ‫في البدل ،وفتح في ذات الياء فهو كله خروج‬ ‫منه عنه 0 فما ذا نسمي هذا ؟؟ وللحديث‬ ‫بقية إن شاء ا 0‬ ‫81‬