الكامل في اتفاق الصحابة والأئمة أن رجم الزاني حكم متواتر مقطوع به معلوم من ال...
مدونات تعليميه
1. *مدونات تعليميه
********************************************************************
(انا عند ظن عبدي بي )
عن أبي هريرة - رضي هللا عنه - قال : قال النبي - صلى هللا عليه وسلم - : يقول هللا تعالى :
(أنا عند ظن عبدي بي،وأنا معه إذا ذكرني،فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في مإل ذكرته في مإل خير
منهم،وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا،وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا،وإن أتاني يمشي أتيته هرولة)
رواه البخاري ومسلم
(منزلة الحديث)
هذا الحديث من أحاديث الرجاء العظيمة التي تحث المسلم على حسن الظن باهلل جل وعال ، واإلكثار من ذكره ، وبيان
قرب هللا من عبده إذا تقرب إليه العبد بأنواع الطاعات .
(غريب الحديث)
َ
ُ
مأل : المَأل أشراف الناس ورؤَ ساؤهم ومقدَّموهم الذين يرجَ ع الى قولهم ، والمقصود بهم في هذا الحديث الجماعة .
(حسن الظن باهلل)
بدأ الحديث بدعوة العبد إلى أن يحسن الظن بربه في جميع األحوال ، فبيَّن جل وعال أنه عند ظن عبده به ، أي أنه يعامله
َ
على حسب ظنه به ،
ويفعل به ما يتوقعه منه من خير أو شر ، فكلما كان العبد حسن الظن باهلل ، حسن الرجاء فيما عنده ،
فإن هللا ال يخيب أمله وال يضيع عمله ، فإذا دعا هللا عز وجل ظن أن هللا سيجيب دعاءه ،
وإذا أذنب وتاب واستغفر ظن أن هللا سيقبل توبته ويقيل عثرته ويغفر ذنبه ، وإذا عمل صالحا ظن أن هللا سيقبل عمله
ويجازيه عليه أحسن الجزاء ،
كل ذلك من إحسان الظن باهلل سبحانه وتعالى ، ومنه قوله - عليه الصالة والسالم - ( ادعوا هللا تعالى وأنتم موقنون
باإلجابة ) رواه الترمذي ،
هكذا يظل العبد متعلقا بجميل الظن بربه ، وحسن الرجاء فيما عنده ، كما قال األول :
وإني ألدعو هللا حتى كأنني
أرى بجميل الظن ما هللا صانع
وبذلك يكون حسن الظن باهلل من مقتضيات التوحيد ألنه مبني على العلم برحمة هللا وعزته وإحسانه وقدرته وحسن التوكل
عليه ، فإذا تم العلم بذلك أثمر حسن الظن .
وقد ذم هللا في كتابه طائفة من الناس أساءت الظن به سبحانه ، وجعل سوء ظنهم من أبرز عالمات نفاقهم وسوء طويتهم ،
2. ، فقال عن المنافقين حين تركوا النبي - صلى هللا عليه وسلم - وأصحابه في غزوة أحد : { وطائفة قد أهمتهم أنفسهم
يظنون باهلل غير الحق ظن الجاهلية } (آل عمران: 154) ،
وقال عن المنافقين والمشركين : { الظانين باهلل ظن السوء عليهم دائرة السوء } (الفتح: 6) .
والمراد من الحديث تغليب جانب الرجاء ، فإن كل عاقل يسمع بهذه الدعوة من هللا تبارك وتعالى ، ال يمكن أن يختار
لنفسه ظن إيقاع الوعيد ،
بل سيختار الظن الحسن وهو ظن الثواب والعفو والمغفرة وإيقاع الوعد وهذا هو الرجاء ، وخصوصا في حال الضعف
واالفتقار كحال
المحتضر فإنه أولى من غيره بإحسان الظن باهلل جل وعال ولذلك جاء في الحديث ( ال يموتن أحدكم إال وهو يحسن الظن
باهلل ) أخرجه مسلم عن جابر رضي هللا عنه .
فينبغي للمرء أن يجتهد في القيام بما عليه موقنا بأن هللا يقبله ويغفر له ; ألنه وعد بذلك وهو ال يخلف الميعاد ، فإن ظن
أن هللا ال يقبله ،
أو أن التوبة ال تنفعه ، فهذا هو اليأس من رحمة هللا وهو من كبائر الذنوب ، ومن مات على ذلك وُ كِل إلى ظنه ،
ولذا جاء في بعض طرق الحديث السابق حديث الباب ( فليظن بي ما شاء ) رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح .
(بين اليأس والغرور)
ومما ينبغي أن يُعْ لم في هذا الباب أن حسن الظن باهلل يعنى حسن العمل ، وال يعني أبدا القعود والركون إلى األماني
واالغترار بعفو هللا ،
ولذا فإن على العبد أن يتجنب محذورين في هذه القضية : المحذور األول هو اليأس والقنوط من رحمة هللا ،
والمحذور الثاني هو األمن من مكر هللا ، فال يركن إلى الرجاء وحده وحسن الظن باهلل من غير إحسان العمل ،
فإن هذا من السفه ومن أمن مكر هللا ، وفي المقابل أيضا ال يغلِّب جانب الخوف بحيث يصل به إلى إساءة
الظن بربه فيقع في اليأس والقنوط من رحمة هللا ، وكال األمرين مذموم ، بل الواجب عليه أن يحسن الظن مع إحسان
العمل ،
قال بعض السلف : " رجاؤك لرحمة من ال تطيعه من الخذالن والحمق " .
(جزاء الذاكرين)
ثم أتبع ذلك ببيان فضل الذكر وجزاء الذاكرين ، فذكر هللا عز وجل أنه مع عبده حين يذكره ،
وهذه المعية هي معية خاصة وهي معية الحفظ والتثبيت والتسديد كقوله سبحانه لموسى وهارون :{ إنني معكما أسمع
وأرى } (طـه: 61) ،
وأفضل الذكر ما تواطأ عليه القلب واللسان وتدبر الذاكر معانيه ، وأعظمه ذكر هللا عند األمر والنهي وذلك بامتثال
األوامر واجتناب النواهي .
(جزاء القرب من هللا)
ثم بين سبحانه سعة فضله وعظيم كرمه وقربه من عبده ، وأن العبد كلما قرب من ربه جل
وعال ازداد هللا منه قربا ، وقد أخبر سبحانه في كتابه أنه قريب من عبده فقال : { وإذا سألك
3. عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون } (البقرة: 684) ، وأخبر
النبي - صلى هللا عليه وسلم - أن ( أقرب ما يكون العبد من ربه
هو ساجد فأكثروا الدعاء ) رواه مسلم ، ففي هذه الجمل الثالث في هذا الحديث وهي قوله تعالى : ( وإن تقرب إلي بشبر
تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن
أتاني يمشي أتيته هرولة ) ما يدل على هذا المعنى العظيم ، وهو أن عطاء هللا وثوابه أكثر من عمل العبد وكدحه ، ولذلك
فإنه يعطي العبد أكثر مما فعله من أجله ، فسبحانه ما أعظم كرمه وأجَ ل إحسانه .
َّ