صرخة
لا يمكن هنا أن نقارن بين العام الفائت 2017 وأي عام آخر, فمنذ أربع سنوات وكل عام هو كيان مستقل بذاته, يطرح منهجية مختلفة في الانتهاكات التي تصيب حقوق الإنسان في مقتل, فمع ارتفاع وتيرة القتل في 2013 للمتظاهرين أصبح عام 2014 عام الإخفاء القسري, وتحول 2015 إلى عام التصفية الجسدية, و2016 كان بداية لتصفية المجتمع المدني, أما 2017 فقد شمل كل هذا بلا استثناء؛ فمع ارتفاع معدل الإخفاء القسري والتصفية, بدأنا من منتصفه نتابع أحكام الإعدام النهائية المتتالية والتي انتهت ببدء نزيف التنفيذ.
فعام 2017 له خصوصية في نوعية وطبيعة الانتهاء, بل إن الأجهزة الأمنية قد طوّرت من نوعية الانتهاكات ومنهجيتها, واستمرت في الضغط على المجتمع المدني وخاصة الحقوقيين سواءً كانوا نشطاء أو منظمات؛ فوجدنا فيه تشميع مركز النديم واقتحام المفوضية فضلا عن الحملة الإعلامية ضد التنسيقية, مع اعتقال أحمد شوقي، وحنان بدر الدين، ومهينور المصري، واستمرار اعتقال محمد صادق.
انتهى العام باعتقال العشرات من الصحفيين وإخفاء بعضهم, مع محاولة الضغط غير طبيعي عليهم ليوقفوا عملهم في توصيل الصورة بأي زاوية أو شكل إلى الناس.
لم ينتهِ العام إلا وهناك حظر لمئات المواقع الصحفية والإخبارية والحقوقية وأصبح إغلاق المجال العام هو السمت الأبرز لهذا العام, فمع قوانين تقييد الصحافة والإعلام والمجتمع المدني أصبحت كل مصادر المعلومة ووسائل عرضها في يد السلطة وفقط, ولا رأي يعلو فوق رأي السلطة.
2017 هو العام الذي اختصر كل ما سبق من انتهاكات وشمل كل ما سقط، ووفّى ولم يقصر في دحر حقوق الإنسان والإنسان في مصر.
لذا, فإن تقريرنا هذا هو صرخة إلى الكل, صرخة لعل السلطة وأجهزتها الأمنية تستفيق وتعيد النظر في سياستها تجاه حقوق الإنسان.
صرخة تذكّر الكل بواجبه تجاه هذا الوطن الذي غرق في الدماء والذي يحتاج إلى عقلاء لوقفها..
صرخة وطن يئن من واقع ما يتعرض له من تعذيب واعتقال وإخفاء وإعدام وتصفية جسدية، وما حدث من إغلاق وسائل التعبير ومواقع المنظمات الحقوقية ومقارها, واستمرار الانتهاكات ضد الصحافة والإعلام والحقوقيين..
صرخة أسر غاب عائلها إعدامًا أو تصفيةً أو اعتقالًا أو إخفاءً..
في هذا التقرير سنعرض لما قمنا برصده وتوثيقه فقط وليس كل ما حدث في 2017 ولا يزال يحدث حتى الآن, فما حدث أكبر من الوصف, ونتمنى أن تصل هذه التقارير إلى صانعي القرار والسياسات ومنصات الرأي لتكون وسيلة من وسائل الضغط لوقف الانتهاكات وإعادة النظر في سياسة السلطة نحو المواطنين بشكل عام والمعارضين السياسيين بشكل خاص, هي صرخة لعلها تجد آذانا مصغية, ولكني أظن أنه ما من مجيب.
صرخة ... أوقفوا انتهاكات حقوق الإنسان
عزت غنيم
المدير التنفيذي
التنسيقية المصرية للحقوق والحريات