إن الخطاب القرآني له أوجه متعدِّدة من حيث الأساليب المتنوعة ، لأن الناس طوائف مختلفة لهم ثقافات متباينة وانتماءات متكاثرة وعقليات متفاوتة ، ولقد خاطبهم سبحانه حسب عقولهم وفهمهم في الزمان والمكان كلٌّ حسب استعداده ، ليتطابق الخطاب مع مستوى العقول المخاطَبة حتى يتمكن المخاطَب من فهمه ، لذا يجب على الداعية أن يراعي في خطابه العلاقة بين أسلوب الخطاب وبين مستوى تعقُّل المخاطب ، لأن المستمع إذا ما تلقى علماً لا يستوعبه أو لا يستطيع إدراكه ، بسبب قدراته الفهمية والثقافية ومدركاته العقلية ، فإنه يؤدي به إلى عدم التوازن فينصرف عن الخطاب . يقول أبو حامد الغزالي في إحيائه : " ...وأن يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه ، فلا يلقى إليه مالا يبلغه عقله ، فينفر أو يخبط عليه عقله ، ولذلك قيل : كِ لْ لكل عبد بمعيار عقله ، وزن له بميزان فهمه حتى تسلم منه وينتفع بك ، وإلا وقع الإنكار لتفاوت المعيار ".