كتب ومؤلفات وأبحاث العلامة الشيخ عبد الفتاح القاضي المجلد 6.pdf
تحريرات
1. بسم ا الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي حرر عقول العلماء من
سلطان الجهل ،ون ور بصائرهم بنور العلم
ّ
،وأخذ عليهم العهد بتبيين العلم متى استقام
الدليل ، ولم يتعبدهم بقول فلن وفلن متى
خالف الدليل ،بل قال " قل هاتوا برهانكم "
والصلة والسلم التمان الكملن على النبي
الخاتم ،المبعوث بالرحمة والتيسر والمحفوظ
عن السهو و الغفلة في التبليغ ،ورضي ا عن
صحابته الكرام بلغوا لنا القرآن كما سمعوه
وتلقوه ،ولم يجتهدوا فيه بحرف بل قرؤا و
ُ
َ
أقرؤا كما أقرؤا ، فكان قولهم وفعلهم سنة
يأخذها الخر عن الول ما تواتر الليل والنهار
أما بعد :
ل شك أن القراءات العشر وصلت إلينا
متواترة وصحيحة عن النبي ، وأن المة لم
تهمل أي قراءة منها، ول أص ل ً من أصول تلك
ُ
القراءة، بل حافظت عليها عن طريق حفظها
في الصدور والسطور، وهذا تحقيق لوعد ا
تعالى إ ِ نا ن ح ن ن ز ل نا ال ذ ك ر و إ ِ نا ل ه ل حا ف ظو ن
ّ ْ َ َ ّ َ ُ َ َ ِ ُ َ
ّ َ ْ ُ َ َّْ
.
لك نْ ل ما طال الزمن، و ب عد العهد عن القراء
َ ُ
ّ
أصحاب هذه القراءات، و أ ُ لفت الكتب في
ّ
1
2. قراءاتهم؛ جامع ة لمختلف رواياتهم، وتشعبت
ً
طرقهم، وابتكر الناس – ل ق صر الهمم - طريقة
ِ ِ َ
) جمع القراءات ( في ختمة واحدة، مخالفين
في ذلك ما درج عليه السلف من إفراد كل
رواية على حدة، نشأ ما س ماه المتأخرون
ّ
بـ ) التحريرات (.
)1(
ومادة › ح ر ‹ في اللغة : خيار كل شيء،
ّ
ومن ث م أطلق مجازا على أكثر من معنى،
َ ّ
)2(
يناسب ) البحث ( هنا منها : الفع ل الحسن،
ُ
)3(
ومنه قول ط ر فة:
َ َ َ
ل يكن ح بك داء قات ل ً * ليس
ّ
)4(
ّ
هذا منك ماو ي بح ر
ّ
1
)( انظر: اللسان والقاموس والتاج )حرر(
2
)( انظر: أساس البلةغة والتاج )حرر(
3
)( اسمه الحقيقي: عمرو بن العبد، ينتهي نسبه إلى معد بن عدنان، شاعر
ّ
جاهلي من أصحاب المعلقات، يقال له: ابن العشرين؛ لنه قتل وسنه تلك،
ّ
ّ
وقيل: بعدها بست، قتله عمرو بن هند.
انظر: طبقات الشعراء:831/1، الخزانة: 524914/2
4
)( البيت هو ثاني أبيات قصيدة عدتها )67( بيتا يصف فيها أحواله وتنقله في
ّ
البلد، مطلعها:
َ
أصحوت اليوم أم شاقتك هر * ومن الحب جنون مستعر
ْ
َ
انظر: مختار الشعر الجاهلي: 323/1
2
3. أي : ليس هذا منك بفعل حسن.
ومنه قولهم : تحري ر الكتا ب وةغيره، أي : تقوي مه
ُ
ِ
ُ
وتخليصه، بإقامة حروفه، وتحسينه بإصلح
س ق طه.
َ َ ِ
أ ما تعريف ) التحرير ( اصطلحا عند القائلين
ّ
به من أهل القراءات فهو : تنقيح القراءة من
)1(
أي خطأ أو خلل.
ويقصدون بذلك تمييز الوجه وال ط رق
ّ ُ
والروايات عن بعضها، وعدم اختلطها في
)2(
الداء حتى ل يقع القارئ في التلفيق.
فـ ) التلفيق ( و ) التركيب ( و ) الخلط ( المضافة
إلى ) القراءات ( ك لها مصطلحات لمس مى واحد
ّ
ّ
عندهم وهو : النتقال من قراءة إلى أخرى،
أثناء التلوة، دون إعادة ول تكرار لوجه
الخلف، بل إن القارئ يقرأ آية؛ أو بعضها أو
أكثر منها، على قراءة، ثم ينتقل إلى قراءة ما
يليها وفق قراءة قارئ آخر؛ دون عطف لوجه
الخلف في الموضع الواحد.
ويرى كاتب هذه الحروف أن ) التحريرات (
قسمان:
1
)( انظر: الفوائد المفهمة: 6
2
)( مأخوذ من: لفق الثوب يلفقه لفقا: وهو ضم إحدى الشقتين إلى الخرى
ّ
ّ
فتخيطها، والمراد هنا ضم أوجه على أوجه. انظر: اللسان )لفق(
3
4. الول : تحريرات في الطرق والروايات، كما
فعل المام الداني في " التيسير " مقارنة بما
في " جامع البيان " وكما فعل ابن الجزري في
" نشره " حيث سبر ةغ ور كثير من كتب القراءات،
َ ْ
فح رر منها هذه الطرق والروايات، وتلك سمة
ّ
بارزة في كتب السلف المتع لقة بالقراءات،
ّ
حيث يبدؤن مؤ لفاتهم بذكر أسانيدهم المتصلة
ّ
إلى النبي ؛ لن عندهم :ل ب د لكل من قرأ
ّ
)1(
بمض من كتاب أن يعرف طرقه.
ّ
الثاني : تحريرات في ) الو جه ( وتف رقوا فيه
ّ
ُ
إلى ثلث شعب:
الولى : لم ي رد عنهم فيها شيء ألبتة، ق ل أو
ّ
َ ِ
كثر، تلميحا أو تصريحا، وهم السلف القدمون،
فلم يع رف عنهم فيما وصلنا عنهم من تراثهم
ُ َ
ترتيب وجه على آخر، أو منعه عنه، وهم لم
ّ
يحتاجوا إلى هذا؛ لنهم كانوا يف ردون ك ل
ُ ِ
قراءة على حدة، بل ك ل رواية؛ ول يبالون
ّ
بطول الزمن أو قصره في ذلك.
الثانية :من جاء عنهم شيء منها، ولكن
َ
باقتصاد، وعد م فتح الباب على مصراعيه، منهم
ِ
ابن الجزري كما سيأتي بيانه.
الثالثة : عكس السابقتين، حيث اهتموا بها
كثيرا، وبالغوا فيها أش د مبالغة، وهم بعض
ّ
1
)( انظر: ةغيث النفع: 53
4
5. )2(
المتأخرين، حتى إن بعضهم أفردها بالتأليف،
فش عبوا فيه القوال والتع قبات، والخذ والر د،
ّ
ّ
ّ
والجواز والمنع، إلى درجة أن بعضهم – وهو
الشيخ القسطلني - ص رح بأن عدم
ّ
) التحريرات ( يؤ دي إلى قراءة ما لم ينزل ،قال
ّ
رحمه ا تعالى وتجاوز عنا وعنه : فإن قلت
: هذه الوجه التي يقرأ بها بين السور وةغيرها
التي ربما بلغ بعضها في بعض المواقع نحو )
0004 ( أربعة آلف وجه ؟؟هل لهل الشأن
فيها نقل يعتمد ون عليه ؟أو هو قياس من
عند أنفسهم ؟ فإن كان الول فبينوه وإن كان
الثاني فأنتم تمنعونه اتفاقا؟ أجيب : بأنه لما
كان اعتماد أهل هذا الفن في القراءات على
الثبت في النقل بحيث كانوا في الضبط
والمحافظة على ألفاظ القرآن في الدرجة
القصوى حتى كانوا ل يسامحون بعضهم في
حرف واحد اتفقوا على منع القياس المطلق
2
)( منهم الشيخ علي بن عبد ا المنصوري )ت 4311 هـ( له: "تحرير الطرق
والروايات في القراءات"، والشيخ محمد بن محمد بن خليل الطباخ )5021 هـ(
له "هبة المنان في تحرير أوجه القرآن"، وةغيره، والشيخ مصطفى الزميري )ت
5511 هـ( وهو أشهر وأدق من تعقب ابن الجزري، والشيخ محمد بن أحمد
ّ
المشهور بالمتولي )ت 3131 هـ( خاتمة المحررين إلى يومنا هذا، عرف بـ)ابن
ُ ِ
الجزري الصغير( لعلو كعبه في القراءات.
5
6. الذي ليس له أصل يرجع إليه ول ركن وثيق
في الداء يعتمد عليه ،أما إذا كان القياس
على إجماع انعقد أو أصل يعتمد فإنه يجوز
عند عدم النص وغموض وجه الداء بل ل
يسمى ما كان كذلك قياسا على الوجه
الصطلحي لنه في الحقيقة نسبة جزئي إلى
كلي ؛كما اختير في تخفيف بعض الهمزات
لهل الداء وإثبات البسملة وعدمها وغير ذلك
مما صرح به الئمة 0 ) ق : 242 / أ (
ثم قال : وإذا ثبت محافظتهم على النقل
هكذا وتجويزهم نوعا من القياس فل يحتاج
المجيب عن هذ السؤال إل لنقلها عن مثل
هؤلء الئمة المعول عليهم في هذا الفن
،وأيضا فغاية ما في ذلك القياس الجائز وهو
واجب بحيث بلغت اللوف فإنما ذلك عند
المتأخرين دون المتقنين ) كذا في المخطوط
ولعلها المتقدمين ( لنهم كانوا يقرءون
َ
القراءات طريقا طريقا فل يقع لهم إل القليل
من الوجه ،أما المتأخرون فيقرءونها رواية بل
قراءة بل أكثر حتى صاروا يقرؤن الختمة
الواحدة للسبعة أو العشرة فتشعبت الطرق
وكثرت الوجه وحينئذ يجب على القارئ
الحتراز عن التراكيب في الطرق والوجه
ويميز بعضها من بعض وإل وقع في ما ل
6
7. يجوز وقراءة ما لم ينزل وقد وقع في هذا
كثير من المتأخرين لسيما من وضع كتابا
مفردا في هذه الوجه 0 انتهى كلمه رحمه ا
تعالى ) ق 342
ولما رأيت كيرا من أهل القراءات المتأخرين
والمعاصرين ألزم نفسه والمة معه بوجوب
الخذ بهذه التحريرات – والوجوب هنا الوجوب
المصطلح عليه بتأثيم تاركه – حاولت قدر
الجهد والفهم والسعة أن أبين أن هذا اللزام
ل يصح على المة لسببين رئيسيين :
الول : أنه لم يأت عن من أنزلت عليه هذه
القراءات صلى ا عليه وسلم 0
الثاني : الخلل العلمي في الضابط الذي
يتحاكمون إليه ،فتراهم يمنعون وجها لعلة ما
،ثم في موضع آخر ومسألة أخري يجوزنه مع
وجود نفس العلة 0
وهذا ما سأبينه وأعرضه على علماء هذا
الملتقي لتقويمه وتصحيحه على فترات
ومسائل ،ومتى انتهينا من مسألة أعرض
الخرى حتى ل يتشعب الموضوع وتقل الفائدة
0
وقبل ختام هذه المقدمة أ بدأ بذكر
مسألتين أرى أ نهما مه متان حيث لم أر من
ّ
ّ
تطرق إليهما من المحررين، وهما في حاجة
7
8. ما سة لمزيد من الدراسة حيث إن فيهما
ّ
مخالفة لمنهج المتأخرين القائلين بوجوب
العمل بالتحريرات .
وهاتان المسألتان هما :
الولى : كلمتي ( ض ع ف) و( ض ع فا) في
َ ْ ً
َ ْ ٍ
" ال روم " ) 1 ( :
ّ
أجمعت كتب القراءات على أن عاصما
وحمزة قرآ الكلمتين بفتح الضاد، وأن الباقين
قرؤوهما بالض م.
ّ
ث م ص رحت بأن حفصا ورد عنه التفاق مع
ّ
ّ
الباقين، أي إن له الض م أيضا، فتح صل له
ّ
ّ
وجهان : الفتح والض م.
ّ
وهنا مسألة من مسائل التحريرات، أهملها
المح ررون، وع روها من التحرير، وم روا عليها
ّ
ّ
ّ
مرور الكرام، مع أن فيها لمن أراد التحرير
وطلب الحق كلما وتحريرا، وهي مسألة يتو جه
ّ
النقد فيها إلى القائلين والمائلين إلى وجوب
) التحريرات ( ول مجانبة للحق والصواب إ ن قيل
ْ
إنها تتجه أيضا على الداني وابن الجزري
رحمهما ا تعالى، كما سيذكر بعد قليل.
هذه المسألة هي : تجويز وجه ) الض م ( لحفص
ّ
في الكلمتين المذكورتين وجعله مقروءا به له.
والشكال والنقد هو : أن جُ ل كتب القراءات
ّ
1
)( من الية ) 45( الروم
8
9. التي تي سر الطلع عليها - تن ص على أنّ
ّ
) الض م ( لحفص إنما هو اختيار منه وليس
ّ
رواية عن شيخه عاصم.
وهذه نصوص بعض الئ مة المح ققين:
ّ
ّ
1 - قال ابن مجاهد : قرأ حفص عن نفسه ل
)1(
عن عاصم بضم الضاد . اهـ
2 - قال ابن غلبون؛ بعد أن ذكر أصحاب
الفتح شعبة، وحمزة، والمفضل فقط : وذكر
حف ص أنه لم يخالف عاصما في شيء من
ٌ
قراءته إل هاهنا . إلخ . اهـ ) 2 ( 4 - قال م كي : ذكر
ّ
َ
عن حفص أنه رواه - الفتح - عن عاصم، واختا ر
)3(
الض م لرواية قويت عنده . اهـ
ّ
3 - قال الداني : أبو بكر وحمزة ( من ضعف)
في الثلثة بفتح الضاد، وكذلك روى حفص عن
عاصم فيه ن، غير أنه ترك ذلك واختار ) الض م (
ّ
ّ
ا تباعا منه لرواية عن عبد ا بن عمر أن النبي
ّ
eأقرأه ذلك بالض م، و ر د عليه الفتح وأباه،
َ ّ
ّ
قال - الداني -: وما رواه حفص عن عاصم عن
)4(
أئمته أص ح . اهـ
ّ
1
)( السبعة: 805
2
)( التذكرة: 594/2
3
)( التبصرة: 536
4
)( التيسير: 571-671
9
10. 5 - قال المع دل بعد أن ذكر خلف القراء
ّ
في الكلمتين : وإنما اختار حفص ذلك - الضم -
)1(
برواية رواها عن النبي eأنه قرأ بالض م . اهـ
ّ
فهذه النصوص وغيرها كثير عن الئ مة
ّ
المعتمدين، والكتب المعتمدة في القراءات،
ك لها صريحة في عدم رواية حف ص ) ال ض م ( عن
َ ّ
ٍ
ّ
عاصم، وإنما هو مخالف له، باختياره بعد أن
روى عنه الفتح.
وقد ورد هذا عن حفص نفسه حيث قال : ما
خالفت عاصما في شيء مما قرأت به عليه إل
)2(
ض م هذه الثلثة الحرف . اهـ
َ ّ
ومح ل الشكال الم تجه إلى المح ررين هو أن
ّ
ّ
ّ
ي سألوا : كيف أجزتم القراءة بهذا الوجه؟ فهو
ُ ْ
وإن كان صحيحا عن حف ص؛ فإنه لم يقرأ به
ٍ
على شيخه، مما يعني أنه وجه منقطع السناد.
قال الجعبري رحمه ا عند قول الشاطبي
رحمه ا:
« وفي الروم صف عن
)3(
خلف فصل»
ُ
1
)( تذكرة الحفاظ: 2/ ق: 871
2
)( النص من "التبصرة" 536، وانظره أيضا في: غاية النهاية:452/1، النشر:
543/2، روضة الحفاظ: ق 871 وغيرها.
3
)( الشاطبية: 75
01
11. قال : إطلقه الوجهين هنا لحفص قيل فيه نظر
من وجهين:
كون حفص نقل الضم عن غير عاصم.
وكونه من طريق عمرو بن الص باح، وطريقه
ّ
عن عبيد بن الص باح.
ّ
وهو في اصطلح المح دثين ) تدليس (... وكان
ّ
ّ
ينبغي أن يقطع لعاصم بفتح الك ل
)1(
كالصل . اهـ
وبهذا تكونون قد وقعتم فيما منعتم، هذا
من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن تعليل حفص
ٌ
في اختياره ) الض م ( أنه من أجل الحديث، قو ل
ّ
عند علماء القراءات -ل يقبل ول يعتمد عليهلو كان الحديث صحيحا ومتفقا عليه، وبالحرى
)2(
إذا كان ضعيفا كما هنا.
أ ما اتجاه الشكال على منهج المؤ لف زيادة
ّ
ّ
على ما سبق، فهو أن يقال:
لماذا لم يعا مل هذا الوجه معاملة زيادات
َ
ُ
الشاطبي؛ مع أن الفارق بينهما جوهري، وهو
أن الزيادات غير منقطعة، وأقصى ما يقال فيها
هو خروجها عن طرقه . وهذه مسألة فيها كلم
كثير أرجو من ا تعالى التوفيق في بيانها
لحقا 0
1
)( كنز المعاني: ق: 942
2
)( ضعف الحديث؛ لن فيه عطية العوفي. انظر: التيسير: 671
ُ ّ
11
12. فعد م وقوف ابن الجزري – وهو عمدة
ُ
المتأخرين في التحريرات - عند هذا الوجه
لحفص كوقوفه عند الزيادات؛ والتنبيه على
صحتها من عدمه، خرو ج عن منهجه، بل عن
ٌ
طرقه، ومخال ف لما ص رح به هو نفسه حيث
ّ
ٌ
قال : إل أن من عادتنا الجمع بين ما ثبت وصح
)1(
من طرقنا ل نتخ طاه ول نخطله بسواه . اهـ
ّ
هذا؛ وقد وقفت على محاولة للشيخ المتو لي
ّ
رحمة ا عليه نقلها عن الجعبري، حاول فيها
تسويغ اختيار حفص للض م، مع روايته الفتح
ّ
عن شيخه، فقال : قال الجعبري في شرح
" الشاطبية ": قول الهوازي : أبو عمارة عن
حفص عن عاصم، والخزاز ) 2 ( عن هبيرة عن
حفص عنه بض م الضاد ك ل ما في › الروم ‹ ،
ّ
ّ
صريح في أن حفصا نقل الضم عن عاصم.
)3(
اهـ
وزاد الجعبري بعد هذا الكلم – والشيخ
1
)( انظر النشر:291/1-391
2
)( أحمد بن علي بن الفضل، أبو جعفر، البغدادي، مقرئ، ماهر، ثقة، قرأ على
هبيرة وغيره، قرأ عليه ابن مجاهد وابن شنبوذ وغيرهما. توفي سنة 682 هـ
انظر: غاية النهاية: 68/1-78، المعرفة:215/2، تاريخ بغداد: 303/4
3
)( الروض النضير: ق: 183 -283
21
13. المتولي لم ينقله -: وهذا جواب صحيح إن
قصده الناظم، ) 1 ( فإن قلت : كيف خالف من
َ
تو قفت صحة قراءته عليه؟
ّ
قل ت : ما خالفه، بل نقل عنه ما قرأه عليه،
ُ
ونقل عن غيره ما قرأه عليه،
)2(
ل أنه قرأ برأيه . اهـ
وعليه، فإن ما أبهمه الئ مة : الدان ي ومك يّ
ّ
ّ
والمؤ لف، وغيرهم في عباراتهم حتى فهم من
ُ
ّ
ظاهرها عدم قراءة حفص بالض م على عاصم،
ّ
اتضح بهذا الكلم - أعني كلم الجعبري - أن
ذلك الظاهر غير مرادهم رحمة ا عليهم
أجمعين؛ لنه ل يمكن بحال - عندي - أن أولئك
الئمة يجيزون قراءة منقطعة السناد.
وخلصة القول في هذه المسألة : أن وجه
الض م لحفص خارج عن طرق " التيسير "
ّ
و " الشاطبية " و " النشر " ، ومع ذلك - فكاتبه -
يقرأ به تبعا لمشايخه، وتحسينا للظ ن بهم فيما
ّ
قرؤا وأقرؤا به، من أنهم ل يقرؤن إل بأثر، ول
1
)( يقصد به المام الشاطبي رحمه ا.تعالى
2
)( كنز المعاني: ق: 942-052، لكن يرد على هذا بأن حفصا لم يتلق الضم عن
ّ
ُ َ ّ
عاصم نفسه، حتى وإن كان عاصم أقرأه لبعض تلميذه، وأيضا: إن الضم وإن
هِ
كان قرأ به عاصم إل أنه لم يصلنا من الطرق المعتمدة ل "التيسير" ول
"الشاطبية" - وهما عمدة الجعبري- ول "النشر" ول "الطيبة". وا أعلم.
31
14. يشترط في مثلي أن يعلم جميع السانيد، وما
كنت لصبح بدعا في منع هذا الوجه الذي
أجازه علماء القراءات مع خروجه عن جميع
طرقهم الصغرى والكبرى، وما كتبت هذا إل
أمانة للعلم، وتقديما للرواية على الدراية،
وتبيينا لعدم انضباط منهج المتأخرين من
المح ررين في بعض المسائل . وا أعلم.
ّ
الثانية : مسألة : السكت بين السورتين
ل ) خلف ( في اختياره:
ص رح ابن الجزري في موضعين؛ بعبارة
ّ
مطلقة، تد ل بمنطوقها ومفهومها على أن أبا
ّ
الع ز القلنس ي في " إرشاده " روى عن خلف
ّ
ّ
في اختياره - بكماله، أي من الروايتين : روايةإسحاق ورواية إدريس، السك ت بين السورتين.
َ
وقال :روى عنه - خلف - أبو الع ز في " إرشاده "
ّ
َ
)1(
السكت بين السورتين . اهـ
وقال في موضع آخر : واختلف عن خلف في
اختياره بين الوصل والسكت، ... و ن ص له
َ ّ
)2(
صاحب " الرشاد " على السكت . اهـ
ودلل ة هذا الكلم هي أن إسحاق وإدريس
ُ
عن خلف يسكتان بين السورتين، وهذا فيه
نظر من جهتين:
1
)( انظر :النشر:
2
)( انظر النشر:
191/1
952/1
41
15. الولى : أن " الرشاد " ليس فيه لخلف إل رواية
واحدة وهي رواية إسحاق، وهي من طرق
)1(
" النشر " وليس فيه رواية ) إدريس ( ألبتة .
الثانية : في " الكفاية الكبرى " لبي الع ز رواية
ّ
إدريس، ولك نها ليست من طرق " النشر " ولم
ّ
)2(
يخترها المؤ لف في طرقه.
ّ
وقد اضطرب - عندي - مذهب الشيخ الزميري
رحمه ا في هذه المسألة، فبعد أن ق رر أ ن
ّ
ّ
َ
السكت لسحاق، وأنه ا لولى ختم كلمه
بالتصريح بقبول عموم كلم ابن الجزري فقال:
ولكن أخذناه - السكت - لدريس أيضا اعتمادا
)3(
على ابن الجزري . اهـ
ف ح س ب المنهج الذي بنى عليه المح ررون
ّ
َ َ ْ َ
وهو إمامهم - مذهبهم الصعب، كان عليه -رحمه ا - أن ل يأخذ بالسكت لدريس بين
السورتين، ولـم ا ك تب عليه أخذه؛ فكان السلم
ّ ُ هِ
أن يكون من " الكفاية الكبرى "ل " الرشاد "
فهو هنا رحمه ا لم يخلط طريقا بطريق، بل
خلط كتابا بكتاب.
وقد كان الشيخ المتو لي رحمه ا أكثر د قة
ّ
ّ
عندي - وأسلم منهجية وطريقا، حيث قال بعد1
)( انظر ، الرشاد: 551-651
2
)( انظر: الكفاية الكبرى: 011-111
3
)( انظر: تحرير النشر: ق: 591/ ب، بدائع البرهان: ق: 01 و 671
51
16. أن ذكر ما سبق : فكلم ابن الجزري المطلق
يحمل على المق يد . اهـ ) 1 ( وهذا هو الصواب.
ّ
وخلصة القول : أن السكت بين السورتين
لخلف في اختياره إنما هو من رواية إسحاق،
وعليه فيكون له – لخلف - وجهان : السكت
وعدمه . وا أعلم.
وهناك كلم كثير أخرته حتي يأتي موعده
المناسب 0
وا من وراء القصد 0
1
)( انظر: الروض النضير: ق: 63-73
61
17. مسألة ثالثة : البدل مع ذات الياء
وهي من المسائل التي تبين أن المحررين
ليس لهم ضابط يسيرون عليه ،فتارة يمنعون
وجها لمجرد أنه من زيادات الشاطبي ، وتارة
ل يبالون بذلك كما في مسألتنا هذه ،وإليكم
التفصيل :
المراد بالبدل هو : أن تتقدم الهمزة على
حرف المد نحو " ءامنوا " و " أوتوا "
و " إيمانا " ،فهذا فيه لورش ثلثة أوجه : القصر
والتوسط والشباع ست حركات 0
والمراد بذات الياء هو الكلمة المنتهية بالياء
) اللف المقصورة ( نحو " الهدى " و "
استوي " فهذا فيه لورش – ما لم يكن رأس
آية ؛يعنى آخر كلمة في الية – وجهان : الفتح
والتقليل 0
لكن إذا اجتمعا نحو " فتلقى ءادم " و "
ءاتى المال على حبه ذوى القربى " فما الحكم
؟
الذي يقتضيه الضرب الحسابي – وهذه
عبارة بعضهم – أن فيها ستة أوجه حاصلة من
ضرب ثلثة البدل في وجهي ذات الياء
كالتالى:
1 - قصر البدل عليه الفتح والتقليل في ذات
الياء
71
18. 2 - توسط البدل عليه نفس الوجهين 0
3 - مد البدل عليه الوجهان كذلك 0
لكن قال المحررون : المقروء به من
الشاطبية أربعة أوجه فقط وهي : قصر البدل
وعليه فتح ذات الياء ،وتوسط البدل عليه تقليل
ذات الياء ، ومد البدل عليه الوجهان في ذات
الياء 0
وهنا قد يسأل سائل : وأين الضطراب في
المنهج الذي تدعيه ؟
فيقال : هؤلء جعلوا هذه الوجه الربعة
المذكور مقروءا بها من الشاطبية ، وم يراعوا
هنا " زيادات الشاطبي " على " التيسير " فلو
استخرجنا المسألة من " التيسير " لوجدنا
التالى :
" التوسط فقط في البدل ، والتقليل فقط
في ذات الياء " هذا هو الذي في " التيسير "
وما ذكره الشاطبي رحمه ا من قصر وإشباع
في البدل ،وفتح في ذات الياء فهو كله خروج
منه عنه 0 فما ذا نسمي هذا ؟؟ وللحديث
بقية إن شاء ا 0
81