1. ‫أيا حكومة! في مطاراتنا، مللت من التعرف على حقيبتي وأشياء أخرى!!‬
‫إسماعيل القريتلي‬
‫ربما ألني أسافر مرارا ما بين محطتي طائرات بنغازي وطرابلس فإنني أشعر بالتعاسة عندما يطلب شخص قد يكون مدنيا أو عسكريا‬
‫أو حتى البس بدلة عربية المهم هناك من يطلب مني التعرف على حقيبتي بين كوم الحقائب الممددة على مهبط المحطة الجوية وأحيانا‬
‫أشعر بالمهانة عندما ألحظ بين المسافرين أجانب جاءوا من مطارات قد أكون زرت بعضها يسافر عبرها مئات اآلالف يوميا داخليا‬
‫وخارجيا دون الحاجة للتعرف على حقائبهم‬
‫لكن لنستعين على "الشقى باهلل" ونبدأ سرد إجراءات الملل في مطاراتنا منذ البداية وهنا أخص ما أراه في طرابلس وبنغازي وال‬
‫أعرف غيرها من محطات السفر الجوية. والقصة تبدأ بحضورك للسفر فهناك بوابة الدخول األولى حيث تضطر بال تفسير إلى الوقوف‬
‫في صف طويل يقف في نهايته شخص أو أشخاص بمالبس عسكرية منوعة ال تستطيع تقدير تبعية كل لباس ألي جهة وإن كنت‬
‫تتعرف في طرابلس على أنها تتبع بعض المناطق وفي بنغازي بحسب الوضع حيث تتبع إما الجيش الليبي أو الوطني أو قيادة األركان‬
‫وعشرات التفاص يل تجدها على الملصقات الموزعة على أبواب ومقدمات السيارات.‬
‫في بنغازي بحسب معرفتك أو حيلتك قد تدخل للمواقف الضيقة والمتزاحمة في الداخل حيث تشهد هناك ما تبقي في المدينة من سيارات‬
‫التاكسي ذات اللونين األبيض واألسود وربما ال يتعدى عددها العشرة وهي تختفي بالكامل في شوارع المدينة إال إن كانت في مشوار‬
‫بدأ من المطار.قد يك ون نافعا أن نفتتح متحفا لما تبقى من سيارات أجرة في بنغازي.‬
‫وإذا ما فشلت حيلتك بالدخول لتلك المواقف فأنت سواء أكنت في طرابلس أو بنغازي تدخل رحلة ملل للبحث عن بضعة أشابر تضع‬
‫فيها سيارتك أو يتوقف فيها المتبرع بنقلك أو من استأجرت وال تستبعد أن تصطدم أنت أو ت صطدم سيارة أخرى بما تركب وفي كل‬
‫األحوال تحاول تجاهل االصطدام ليس تسامحا بل إما خوفا من تأخرك في السفر أو خوفا من أن يكون من اصطدمت معه حامال لسالح‬
‫غير أبيض أو أصبح "كابو من كابوات" ثورة فبراير المجيدة.‬
‫وإن قررت إبقاء سيارتك في المواقف فبحسب النوع والمودي ل والحظ فقد ترجع فال تجدها في مكانها ليس ألن شرطة المرور غير‬
‫المرئية هذه األيام قد نقلتها للحجز لمخالفة مدة الوقوف القانونية بل ألنها قد تكون سرقت. ورغم أن هذا محزن ولكن يعفيك من دفع‬
‫الدينار في مواقف طرابلس ونصفه في بنغازي فال أحد يعرف لمن تذهب هذه الدنانير اليومية.‬
‫في طرابلس ألنها العاصمة ومن المهم أن تكون اإلجراءات أكثر رصانة فهناك شباب من الواضح أنهم جاؤوا ليعملوا في المطار بعد‬
‫فبراير فأنا لم أرهم قبلها وغالبا يتجملون بلباس الكوماندس والمارينز والقوات الخاصة يجلسون بالقرب من جهاز مراقبة الحقائب‬
‫والبشر. طبعا ستحمل كل حقائبك بال عربة ألن موقف السيارات ال يمكن أن يجمع بين السيارات والعربات ال مكان لالثنين معا.‬
‫وأما في بنغازي فلن تضطر للمرور بهذا اإلجراء األمني وتصل إلى صالة التسجيل في المحطتين لتشم كل أنواع السجائر رغم أن‬
‫لوحات ممنوع التدخين متوفرة فيهما فمنع التدخين لم يقدره القذافي وأشك أحيانا بأن بعض الناس يأتون للمطار فقد للمشاركة في‬
‫مهرجان التدخين الدائم.‬
‫االزدحام وأحيانا بعض الغضب أو كثيره تشاهده في طوابير التسجيل غير المنتظمة رغم أننا على علم بتكدس الموظفين في شركات‬
‫الطيران فإن األصل والمتوقع أن تجد مكانا واحدا في بنغازي لكل خطوط طيران واثنين إن تطوع بعض الموظفين في طرابلس وأنت‬
‫إما أن تقف وترى عشرات بطاقات الصعود تمر إلى عشرات األيادي المدنية والعسكرية والثورية وأنت تقف إما "لتنجلط" ويرتفع‬
‫عندك "البغدد" أو تغمض عينيك وترفع شعار ليبيا حرة وتشرع في عراكا يبدأ بالصياح وقد ينتهي إلى مد األطراف يتخلل كل ذلك‬
‫شتائم من كل نوع وفي كل اتجاه.‬

2. ‫تنهي إجراءاتك وقد خف عندك الشعور بالخزي والمهانة الذي قد يكون مر بك عند البوابة الخارجية ألنك مع الوقت تكون قد أصبحت‬
‫جزءا من المشهد ال ينفع أن تفكر بل أن تزاحم وتصرخ و تتصل بعدة أرقام للحصول على بطاقة الصعود عن طريق معرفة فقط لتشعر‬
‫أنت أيضا بقيمة عالقاتك وأنك لست "مقطوعا من الشجرة"‬
‫لن تحاول االعتماد على التنبيه الرسمي القتراب موعد الرحلة الذي إن وجد فهو ركيك اللغة مشوش الصوت، بل يجب أن تكون قريبا‬
‫في نفس المكان ومع التأ خير المعتاد والذي ال يعترض عليه أحد يزداد المكان الضيق أصال ازدحاما دون وجود ألماكن للراحة‬
‫واالنتظار تليق في طرابلس وال توجد أصال في بنغازي.‬
‫وفجأة يأتي عسكريون وشرطيون ومدنيون قد يضطروا في بنغازي للطرق بطريقة "الخبط" والمناداة بصوت مرتفع لمن هم خلف‬
‫الباب األمني حيث يقبع جهاز التفتيش وعدد من المفتشين وفي طرابلس يوجد بابين بعده جهازا مراقبة حقائب وبشر ولكن المستخدم‬
‫دائما باب وجهاز لماذا اآلخر ال يستخدم ال أعرف حتى اآلن ولكن ربما لنكمل المشهد بزيادة عدد الطوابير وإتاحة فرصة أكبر الستخدام‬
‫المعارف التي تدعم "ت زريقك" أمام الجميع والجموع وقد تشعر بالزهو ألن من "زرقك" ليس فقط صاحب نفوذ بل هو كذلك ليس‬
‫موظفا باألصل في المطار لكنه بات كابو من كابوات الثورة وقد يشتري من سوق "العشية" رتبة عسكرية أعلى من أعلى رتبة كانت‬
‫في عهد القذافي.‬
‫لم تنته اإلجراءات فال يزال هناك م ن ينتظرك وقد يغضب منك قبل أن يختم لك الختم األمني لتمضي إلى بوابة الخروج في طرابلس أو‬
‫تنتظر في الصالة في بنغازي وغالبا ال تجد مقعدا وإن وجدت ستضطر أدبا أو إحراجا لتمنحه إلمراءة أو عائلة أو شيخ طاعن في‬
‫السن. لكن لو عندك "كتف" جديد أو قديم قد تجلس في إحدى غر ف انتظار "األكابر" في طرابلس رغم أنها غرف تروج فيها بعض‬
‫الروائح وبقايا "مكبكة" وفرش و"شلتات" وبطاطين على األرض حيث يسهر وينام ذوو الرتب العليا المشتراة من سوق "العشية".‬
‫أما الحمام في طرابلس فال تطلبه ليس ألنه غير صالح حتى الستخدام البهائم ولكن ألنه يقبع خلف الجهاز األمني وهي رحلة مملة وقد‬
‫تتعرض أثنائها لبعض النظرات والكلمات فتعفي نفسك وهللا غالب. وفي بنغازي فالحمامات ال تغلق أبوابها و"التوبو" مرمي على‬
‫األرض فإن اضطررت للدخول "فدير روحك حول" ولكن ال أضمن لك لو دخلت واضطررت ... أن تجد صابونا تنهي به ما بدأته خلف‬
‫الباب الذي ال يغلق.‬
‫ال يزال في بنغازي هناك تفتيش أمني للنساء وال يوجد في طرابلس لماذا؟ هللا أعلم!!‬
‫تبدأ المناداة من شخص يتحرك في الممر لتحديد بوابة السفر في طرابلس ألن المطار عالمي وكبير بحسب المقاييس الليبية، ويبدأ‬
‫التزاحم على باب واحد وهناك تقص بطاقة صعودك عند شخص موظف في الخطوط أو يلبس جيش أو كالهما معا وتبدأ رحلة النزول‬
‫والصعود في دهاليز الممرات واأل مر سيء صيفا وشتاء فما بين اختناق وبرد عليك أن تسرع ولست ممنوعا من بعض التعليقات التي‬
‫تخفف عنك التعب فاإلجراءات قد أخذت منك ساعتين على األقل.‬
‫بعد وصولك ألرض المطار للمرة األولى تنتظر أو تجد حافلة بالتأكيد هي قديمة للحد الذي ال تحاول تذكر متى رأيتها في المطار أول‬
‫مرة. المهم تنتظرك وتنتقل بها إلى مكان رسو الطائرة وبعد وصولك إليها تجد عديد المنادين بأعلى وأخفض صوت يوجهون لك‬
‫ولغيرك هذه العبارة "اللي عنده شنطة يتعرف عليها" ولو لم ترد قد تمنع من التقدم حتى تجيب أحد المنادين بأنك ال تملك حقيبة فإذا‬
‫ما فعلت فعليك أن تقف في طابور الصعود إلى الطائرة وألننا شعب مرهف اإلحساس تبدأ النساء والعائالت بالصعود أوال ومن الممكن‬
‫لو كنت جريئا أن تقترب من إحدى العائالت وتصعد صحبتهم إلى الطائرة فتكون قد سجلت أنت نقطة على إحدى اإلجراءات غير‬
‫المبررة من أولها آلخرها.‬
‫بالتأكيد هنا موظف أو عسكري أو مدني أو ضيف ألحد السابقين ينتظرك عند سلم الطائرة لينظر إلى ما تبقى من بطاقة صعودك وفي‬
‫األعلى بعد دخولك الطائرة ال يوجد في بعض الخطوط نظام توزيع المقاعد حتى يدويا وهنا تظهر "شطارتك" في الصعود أوال لتحجز‬
‫لك مكانا عند مخارج الطوا رئ فهو أوسع وتمد فيه رجليك ربما يخفف ذلك مع آالم ومهانات اإلجراءات.‬

3. ‫بعد حركة وذهاب ومجئ من موظفي شركة الطيران الذين كانوا مختفين أوقات "الشدة" واالزدحام السابقة، يؤدي هذا الحراك إلى‬
‫تأخير الرحلة غالبا وقد تصحبه نداءات مثل "اللي ما تعرفش على شنطه ينزل يتع رف عليها" وهكذا حتى يتذكر أحد المسافرين حقيبته‬
‫وربما فعل ذلك للحصول على مقعد الطوارئ ثم ينزل يتعرف على حقيبته.‬
‫تطير الطائرة وتنزل إما في طرابلس أو بنغازي وعليك في طرابلس أن تصعد وتنزل حتى تخرج من مخرج أمني واحد كما دخلت أول‬
‫مرة حتى لو كان اآلخر غير مستخد م وفي بنغازي تجد من ينتظرك على مقربة من أرض المطار وتنتظر حقيبتك التي تعرفت عليها‬
‫فوق شريط متحرك وضع بذكاء في مكان ضيق في طرابلس يتناسق مع عمليات تعميق الملل واإلحساس بالقهر وهناك قد تحظى‬
‫بالحصول على عربة تجر فوقها ما تحمله، أما في بنغازي فال تسأل عن العرب ات فهي مربوطة بسلسة حديدة في أول مواقف السيارات‬
‫رغم أن المعلومات أنها تبرع من أحد الناس ولكن اآلن تؤجر للرحالت الدولية من قبل شباب وأطفال منطقة المطار. ثم تخرج لتجد‬
‫سيارتك أو ال تجدها إنت وحظك.‬
‫أسقطت عمدا من السرد لو كان المسافر شخصا مريضا أو طاعنا في ال سن أو كنت صحبة كبار وأطفال فالمعاناة تستحق لنحكيها أن‬
‫نكتب رواية من عدة أجزاء.‬
‫اآلن هل يمكن لرئيس الحكومة ووزير المواصالت الذي يتبع تحالف القوى الوطنية الذي انتخبه أكثر الليبيين والكثير من المسافرين‬
‫كان بين الناخبين ويرأسه الدكتور محمود جبريل الذي يقول أ نه قدم برنامجا لتطوير حياة الليبيين وتجويد الخدمات هل له من خالل‬
‫وزير التحالف من أن يغير هذه الحالة ويرحمنا من البهدلة والمهانة والخزي بتغيير اإلجراءات وتقصيرها وإلزام الموظفين باستخدام‬
‫كل طاقاتهم وعددهم لجعل اإلجراءات الجديدة والمختصرة أسهل وأسرع وطبعا لن أنس أن أطلب من وزير المواصالت ووكيله أن‬
‫يرحمنا من التعرف على الحقيبة.‬