1. تربيه الاطفال
لا ينمو الطفل من تلقاء نفسه بل يتشكل و يتغير و يرتقي كشخصية سوية بقدر ما يوفره الوسط
الإنساني الاجتماعي الذي يعيش فيه من عوامل الرعاية ومقوماتها، بل أنه يمكن تشكيل هذا
الطفل برعاية رشيدة حتى ينشأ بمواصفات تجسد الجوهر الحقيقي للإنسان. ويؤكد علماء النفس
و التربية أن السنوات الأولى من حياة الطفل هي الأساس الذي تبنى عليه شخصيته في المستقبل
والقاعدة التي ترتكز عليها رعايته في مراحل التعليم التالية. فقد وجد أن الكثير من التغيرات و
الانحرافات السلوكية التي يقع فيها الكبار ترجع في اغلبها إلي أخطاء التنشئة في المراحل
الأولى من حياة الطفل باعتبارها مرحلة التكوين و المرونة التي يتشكل فيها الطفل طبقا للإمكانيات و الرعاية التي تحيط به. فالرعاية التي تحيط بها الأسرة طفلها هي السند الأكبر لنمو
واكتمال كل وظائفه النفسية و الجسمية و العقلية. فمن خلال الأسرة يحصل الطفل على أهم
احتياجاته النفسية وهي الشعور بالحب والأمان وبأنه مقبول ومرغوب فيه. ومن الأسرة يتعلم
كذلك الخطأ و الصواب وينال التشجيع وبث الرغبة في التعلم كما يجد المثل الذي يقتدي به.
فالأطفال يحتاجون من آبائهم الوقت والرعاية والتوجيه البعيد عن الحماية المفرطة أو الإهمال
المتزايد. ولكي يتمتع الطفل بصحة نفسية وعقلية سليمة وشخصية سوية متزنة فأنه من
الضروري أن يمارس علاقة مستمرة مليئة بالدفء والألفة من خلال الرعاية حيث يعتقد عديد
من أخصائي طب الأطفال النفسي والعقلي في أن مثل هذه الرعاية لها الأولوية أو هي الأساس
في تشكيل الشخصية السليمة والعقل السليم الواعي. بمعنى أن أسلوب الرعاية في توجيه الطفل
و إرشاده خلال تنشئته يعتبر احد العوامل الهامة و المؤثرة على النمو الإدراكي والنجاح العلمي
و الابتكار عند الطفل حيث يمكن أن يؤدي إلى تسهيل اليقظة العقلية لديه. وميله إلى الاستطلاع
وقد يؤدي إلى عكس ذلك – إلى إعاقة هذه الإمكانيات.
2. وتعتبر رعاية الطفل شيئا أكبر وأعمق و أوسع واشمل من مجرد التعليم الممنهج في سنوات
الدراسة المختلفة التي يتلقاها الطفل في المدرسة، فرعاية الطفل تبدأ منذ اليوم الأول في حياة
الوليد الذي يجد نفسه منذ البداية في مجتمع تميزه ثقافة تتألف من عادات وتقاليد ونظم وعلاقات
معينة فيخضع لتلك العادات و التقاليد ويدخل طرفا في كثير من النظم والعلاقات وتتعقد علاقاته
وتتشعب بمرور الوقت.
أكد الكثيرون من العلماء على أن رعاية الطفل بشكل سليم من خلال اتباع أساليب معينة في
توجيه الطفل و إرشاده تؤثر على نموه النفسي و الاجتماعي و العقلي، وتكمن خطورة الجهل
بالرعاية السليمة للطفل في تأثير ذلك على الاتجاهات و الأساليب الممارسة في تنشئة الطفل مما
قد يعرقل المسار الطبيعي لنموه. فقد أثبتت الدراسات المختلفة أن تعرض الطفل لأساليب
الرعاية الخاطئة في الصغر يؤدي إلى ظهور بعض المشاكل السلوكية عنده قد يؤدي إلي
الإصابة ببعض الأمراض النفسية و الاجتماعية. وعلى الرغم من اتفاق نتائج هذه الدراسات و
البحوث فأنه من الصعب إدراك ما قد ينجم من أثار ونتائج وخيمة إذا خنق من البداية كل عمل
تلقائي يمكن أن يصدر عن الطفل.
خلود عبدالله حامظي