SlideShare a Scribd company logo
1 of 125
‫رسالة‬

‫المعاونة والمظاهرة‬
‫والمؤازرة‬
‫للراغبين من المؤمنين في سلوك طريق الرخرة‬

‫للمام شيخ السلم قطب الدعوة والرشاد‬
‫الحبيب عبد ال بن علوي الحداد الحضرمي الشافعي‬
‫رحمه ال تعالى‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫رب يسر وأعن يا كريم، وافتح بالحق وأنت الفتاح العليم. )سبحانك ل‬
‫ِّ‬
‫علم لنا إل ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم(.‬
‫الحمد لله الواحد الجواد الوهاب الرزاق الحنان المنان، الذي بعث‬
‫محمدا خاتم أنبيائه صلى ا عليه وسلم برسالته إلى جميع النس والجان،‬
‫وأنزل عليه القرآن، فيه هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وشرع له‬
‫ُ  ً‬
‫ولمته ما وصى به نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى، وفض ل دينه على سائر‬
‫ىّ‬
‫ىّ‬
‫الديان، وجعله أكرم خلقه عليه، وجع ل أمته خير أمة أخرجت للناس،‬
‫يؤمنون بالله واليوم الخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر،‬
‫ويتعاونون على البر والتقوى ول يتعاونون على المثم والعدوان، ويقيمون‬
‫الصل ة ويؤتون الزكا ة، ويتواصون بالحق والصبر، ويجاهدون في سبي ل ا‬
‫وَ‬
‫ول يخافون لومة لئم من أه ل الزيغ والخذلن، فما يصد عن سبي ل ا،‬
‫ذِ‬
‫وَ‬
‫ويلوم على القيام بواجب حق ا، إل الذين حقت عليهم الكلمة من ا‬
‫ىّ‬
‫بالشقاو ة والخسران، والخزي والهوان، ول تجرد لنصح عباد ا ودعوتهم‬
‫ذِ‬
‫إلى باب ا إل الذين سبقت لهم من ا الحسنى بالسعاد ة والمان،‬
‫والفوز والرضوان، أولئك ورمثة النبيين، وأئمة المتقين وخير ة رب العالمين‬
‫من المؤمنين الراسخين في العلم، المتحققون بحقائق اليمان واليقان‬
‫والحسان، الواقفون على أسرار ا في ملكه وملكوته من طريق الكشف‬
‫والعيان، وما فازوا بهذه المناقب، ول وصلوا إلى هذه المراتب، إل بحسن‬
‫ذِ‬
‫اقتفائهم، وكمال اتباعهم، لمام الئمة الذي أرسله ا للعالمين رحمة، عبد‬
‫ ً‬
‫ا ورسوله وحبيبه وخليله سيدنا محمد صلى ا عليه وعلى آله وأصحابه‬
‫وسلم في ك ل حين وأوان، صل ة وسلما دائمين بدوام ا الملك الديان.‬
‫أما بعد، فيقول العبد الفقير، المعترف بالقصور والتقصير، الراجي عفو‬
‫ربه القدير، الشريف عبد ا بن علوي الحداد باعلوي الحسيني عفا ا عنه‬
‫وعن أسلفه آمين: هذه رسالة بحول ا وقوته جامعة، ووصية بفض ل ا‬
‫ورحمته نافعه، حملني على وضعها المتثال لمر ا تعالى وأمر رسوله،‬
‫والرغبة في الوعد الصادق الوارد في الدللة على الهدى والدعو ة إلى الخير‬
‫والنشر للعلم.‬
‫قال ا تعالى: )ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون‬
‫وَ‬
‫ ٌ  ْ‬
‫ ْ وَ  ْ‬
‫بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون(، وقال ا تعالى:‬
‫ ْ وَ‬
‫)ادع إلى سبي ل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة(، وقال تعالى: )وإذ أخذ‬
‫ىّ‬
‫ ْ ُ‬
‫ا ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ول تكتمونه(، وقال تعالى لنبيه:‬
‫)ق ل هذه سبيلي أدعو إلى ا على بصير ة أنا ومن اتبعني(، وقال رسول‬
‫ىّ‬
‫ا صلى ا عليه وسلم: "ليبلغ الشاهد منكم الغائب فرب حام ل فقه إلى‬
‫ىّ‬
‫من هو أفقه منه ورب حام ل فقه ليس بفقيه". وقال عليه الصل ة والسلم‬
‫َّ‬
‫"من دعا إلى هدى كان له من الجر مث ل أجور من تبعه ل ينقص ذلك من‬
‫أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضللة كان عليه من المثم مث ل آمثام من تبعه ل‬
‫ُ‬
‫ينقص ذلك من آمثامهم شيئا"، وقال عليه الصل ة والسلم: "من دل على خير‬
‫ىّ‬
‫كان له من الجر مث ل فاعله".‬
‫وقال عليه الصل ة والسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إل من‬
‫مثل:ث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" وقال عليه‬
‫الصل ة والسلم: "أجودكم بعدي رج ل علم علما فنشره يبعث يوم القيامة‬
‫ذِ‬
‫وَ‬
‫أمة وحده".‬
‫ ً‬
‫وقال عليه الصل ة والسلم: "الخلق كلهم يصلون على معلمي الناس‬
‫الخير حتى حيتان الماء".‬
‫وقال عليه السلم: "الخلق كلهم عيال ا وأحبهم إلى ا تعالى‬
‫أنفعهم لعياله".‬
‫ول يستطيع أحد أن ينفع خلق ا بمث ل دعوتهم إلى ا تعالى،‬
‫بتعريفهم ما يجب له من التوحيد والطاعة، وتذكيرهم بآياته وآلئه‬
‫وتبشيرهم برحمته، وتحذيرهم من سخطه الواقع بالمتعرضين له من‬
‫الكافرين والفاسقين.‬
‫وقد حثني على امتثال هذا المر العظيم، وأكد رغبتي في السعي إلى‬
‫تحصي ل هذا الوعد الكريم الواقعين في اليات والخبار التي ذكرتها وما في‬
‫معناها مما لم أذكره سؤال أخ من الساد ة، صادق في الراد ة، سالك‬
‫لسبي ل السعاد ة، التمس مني أن أكتب له وصية ينتفع بها، فأجبته إلى ذلك‬
‫ ً‬
‫راغبا فيما تقدم من المتثال للوامر والفوز بالثواب وفي معونة ا تعالى،‬
‫وأن يكون سبحانه في حاجتي على وفق ما أخبر به رسوله عنه في قوله‬
‫عليه الصل ة والسلم: "من كان في حاجة أخيه كان ا في حاجته وا‬
‫في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" وأنا أستغفر ا، ول أقول: أن‬
‫نيتي في وضع هذه الرسالة مقصور ة على هذه المقاصد الحسنة الدينية،‬
‫كيف وأنا أعلم ما عندي من الشهوات الخفية، والحظوظ النفسية، والرادات‬
‫الدنيوية، )وما أبرئ نفسي إن النفس لمار ة بالسوء إل ما رحم ربي إن‬
‫ربي غفور رحيم( والنفس عدو، والعدو ل يؤمن. ب ل هي أعدى العداء،‬
‫ٌّ‬
‫كما قال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "أعدى عدوك نفسك التي بين‬
‫جنبيك". ولله در القائ ل حيث يقول:‬
‫توق نفسك ل تأمن غوائلها‬

‫فالنفس أخبث من سبعين‬

‫شيطانا‬
‫اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي.‬
‫اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما ل أعلم.‬
‫وقد صدرت فصول هذه الرسالة بقولي في أول ك ل فص ل منها:‬
‫ىّ ُ‬
‫" وعليك" بكذا قاصدا بذلك مخاطبة نفسي وأخي الذي كان سببا في‬
‫وضعها خصوصا، وسائر من وقف عليها من المسلمين عموما.‬
‫وهذه الكلمة لها وقع في قلب المخاطب. وأنجو بها -إن شاء ا‬
‫تعالى- من التوبيخ والوعيد الواردين في حق من يقول ول يفع ل، ويعلم‬
‫ول يعم ل؛ لني إذا خاطبت نفسي بقولي " وعليك" دل ذلك على أنها لم‬
‫تتحقق بالعم ل بما علمت، وعلى أني لم أزل أحثها على استعمال ما تدعو‬
‫إليه، وبذلك يزول التلبيس على المؤمنين، والنسيان للنفس الذي وصف ا‬
‫تعالى به من ل يعق ل في قوله تعالى: )أتأمرون الناس بالبر وتنسون‬
‫ىّ‬
‫أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفل تعقلون( ومن الوعيد الوارد في حق من‬
‫يقول ول يفع ل في قول رسول ا صلى ا عليه وسلم: "يؤمر بالعالم‬
‫إلى النار فتندلق أقتابه1. فيدور بها في النار كما يدور الحمار بالرحا فيجتمع‬
‫عليه أه ل النار فيقولون ما بال البعد قد آذانا على ما بنا فيقول: إن البعد‬
‫كان يأمر بالخير ول يأتيه وينهى عن الشر ويأتيه".‬
‫وقال عليه الصل ة والسلم: "العالم الذي يعلم ول يعم ل مث ل الفتيلة‬
‫تضيء للناس وتحرق نفسها".‬
‫وقال عليه السلم: "مررت ليلة أسري بي برجال تقرض شفاههم‬
‫بمقاريض من نار فقلت من أنتم؟ فقالوا كنا نأمر بالخير ول نأتيه وننهى عن‬
‫1 تندلق: تخرج- أقتاب جمع قتب بالكسر وهو المعى.‬
‫الشر ونأتيه" وهذا الوعيد إنما يتحقق في حق من يدعو إلى ا على نية‬
‫الدنيا، ويحث على الخير وهو مصر على تركه، ويحذر من الشر وهو مصر‬
‫على فعله رياء وسمعة، فأما من يدعو إلى باب ا وهو مع ذلك يلوم‬
‫ ً‬
‫ ً‬
‫نفسه وينهاها عن التقصير ويحثها على التشمير فالنجا ة مرجو ة له.‬
‫وعلى ك ل حال فالذي يعلم ويعلم ول يعم ل أحسن حال  ً وأرشد طريقة‬
‫وأحمد عاقبة من الذي ل يعم ل ول يعلم.‬
‫وربما قال قائ ل ممن ل يعق ل: الكتب كثير ة وفيها غنية وكفاية فل‬
‫فائد ة في تصنيف الكتب في هذا الزمان، فهذا القائ ل إن أصاب في قوله:‬
‫إن في الكتب غنية وكفاية فقد أخطأ في قوله: ل فائد ة للتصنيف في هذا‬
‫الزمان، لن للقلوب ميل  ً بحكم الجبلة إلى ك ل جديد، وأيضا فإن ا ينطق‬
‫ُ ذِ‬
‫علماء ك ل زمان بما يوافق أهله، والتصانيف تبلغ الماكن البعيد ة وتبقى بعد‬
‫موت العالم فيحص ل له بذلك فض ل نشر العلم ويكتب معلما داعيا إلى ا‬
‫في قبره، كما قال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "من أنعش لسانه حقا‬
‫يعم ل به من بعده أجري عليه أجره إلى يوم القيامة" وقد سميت هذه‬
‫ُ‬
‫ُ ذِ وَ‬
‫الرسالة المشار إليها:‬
‫"رسالة المعاونة والمظاهر ة والمؤازر ة للراغبين من المؤمنين في‬
‫سلوك طريق الخر ة"‬
‫أسأل ا تعالى أن ينفعني بها وسائر المؤمنين، وأن يجع ل جمعي لها‬
‫واعتنائي بها وبتأليفها خالصا لوجهه الكريم.‬
‫وهذا أوان البتداء وبالله التوفيق فأقول مستعينا بالله ومفوضا إليه،‬
‫وسائل  ً منه أن يوفقني لصابة الصواب في النيات والعمال والقوال، فإنه‬
‫ولي ذلك والقادر عليه، وهو حسبي ونعم الوكي ل:‬
‫فصــل‬
‫)وعليك( أيها الخ الحبيب بتقوية يقينك وتحسينه، فإن اليقين إذا تمكن‬
‫من القلب واستولى عليه صار الغيب كأنه شهاد ة، وعند ذلك يقول الموقن‬
‫كما قال علي كرم ا وجهه: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا.‬
‫واليقين عبار ة عن قو ة اليمان ومثباته ورسوخه حتى يصير كالطود‬
‫الشامخ، ل تزلزله الشكوك، ول تزعزعه الوهام، ب ل ل يبقى للشكوك‬
‫والوهام وجود البتة. فإن جاءت من خارج لم تصغ إليها الذن ولم يلتفت‬
‫إليها القلب.‬
‫والشيطان ل يستطيع الدنو من صاحب هذا اليقين ب ل يفر منه ويفرق‬
‫من ظله ويقنع بالسلمة، كما قال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "إن‬
‫الشيطان ليفرق من ظ ل عمر وما سلك عمر فجا إل سلك الشيطان فجا‬
‫ىّ‬
‫ىّ‬
‫وَ‬
‫آخر".‬
‫ويقوى اليقين ويحسن بأسباب:‬
‫منها- وهو الص ل والذي عليه المدار- أن يصغي العبد بقلبه وأذنه إلى‬
‫استماع اليات والخبار الدالة على جلل ا تعالى وكماله وعظمته‬
‫وكبريائه وانفراده بالخلق والمر، والسلطان والقهر وعلى صدق الرس ل‬
‫وكمالهم وما أيدوا به من المعجزات وما ح ل بمعانديهم من أنواع العقوبات‬
‫وما ورد في اليوم الخر من إمثابة المحسنين ومعاقبة المسيئين.‬
‫وَ‬
‫وإلى كون هذا المر كافيا في إفاد ة اليقين الشار ة يقوله تعالى: )أ وَو‬
‫ُ‬
‫لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم( الية.‬
‫ُ وَ‬
‫ذِ ذِ‬
‫السبب الثاني أن ينظر بعين العتبار في ملكوت السماوات والرض،‬
‫وما بث ا فيهما من عجائب المصنوعات، وبدائع المكونات.‬
‫وإلى إفادته اليقين الشار ة بقوله تعالى: )سنريهم آياتنا في الفاق‬
‫ذِ‬
‫ُ‬
‫وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق(.‬
‫َّ‬
‫السبب الثالث أن يعم ل على مقتضى ما آمن به ظاهرا وباطنا ويشمر‬
‫ىّ‬
‫في ذلك ويبذل الستطاعة فيما هنالك.‬
‫وإلى إفادته الشار ة بقوله تعالى: )والذين جاهدوا فينا لنهدينهم‬
‫َّ‬
‫سبلنا(.‬
‫ُ وَ‬
‫ومن مثمرات اليقين السكون إلى وعد ا، والثقة بضمان ا، والقبال‬
‫بكنه الهمة على ا، وترك ما من شأنه أن يشغ ل عن ا تعالى، والرجوع‬
‫في ك ل حال إلى ا واستفراغ الطاقة في ابتغاء مرضا ة ا.‬
‫وعلى الجملة فاليقين أص ل اليمان وسائر المقامات الشريفة والخلق‬
‫المحمود ة والعمال الصالحة من فروعه ومثمراته، والخلق والعمال تابعة‬
‫لليقين قو ة وضعفا، وصحة وسقما. قال لقمان عليه السلم ل يستطاع‬
‫العم ل إل باليقين، ول يعم ل العبد إل بقدر يقينه، ول يقصر عام ل حتى‬
‫ُ ِّ‬
‫ينقص يقينه، ولهذا قال رسول ا صلى ا عليه وسلم: " اليقين اليمان‬
‫ُ‬
‫كله".‬
‫وأه ل اليمان في اليقين على مثل:ث درجات:‬
‫الولى _ وهي درجة أصحاب اليمين- التصديق الجازم مع إمكان‬
‫ُ‬
‫التشكك والتزلزل لو جاء ما يقتضيه، ويعبر عنها باليمان.‬
‫الدرجة الثانية _ وهي درجة المقربين- استيلء اليمان على القلب،‬
‫ومثباته فيه حتى ل يجوز النقيض، ب ل ل يتصور وجوده فضل  ً عن إمكانه،‬
‫وفي هذه الدرجة يصير الغيب كأنه شهاد ة ويعبر عنها باليقين.‬
‫الدرجة الثالثة _ وهي درجة النبيين وكم ل ورمثتهم من الصديقين- أن‬
‫يصير الغيب شهاد ة ويعبر عنها بالكشف والعيان.‬
‫وبين أه ل ك ل درجة في درجتهم تفاوت بعيد، وك ل فاض ل والبعض‬
‫ٌّ‬
‫أفض ل، ذلك فض ل ا يؤتيه من يشاء وا ذو الفض ل العظيم.‬
‫فصــل‬
‫)وعليك( يا أخي بإصلح النية وإخلصها وتفقدها والتفكر فيها قب ل‬
‫الدخول في العم ل، فإنها أساس العم ل، والعمال تابعة لها حسنا وقبحا‬
‫وصحة وفسادا. وقد قال صلى ا عليه وسلم "إنما العمال بالنيات وإنما‬
‫ ً‬
‫لك ل امرئ ما نوى" فعليك أن ل تقول قول، ول تعم ل عمل، ول تعزم على‬
‫ ً‬
‫ ً‬
‫أمر، إل وتكون ناويا بذلك التقرب إلى ا، وابتغاء الثواب الذي رتبه سبحانه‬
‫وَ‬
‫على المر المنوي من باب المنة والفض ل.‬
‫ذِ َّ‬
‫ِّ‬
‫)واعلم( أنه ل يصح التقرب إلى ا إل بما شرعه على لسان رسوله‬
‫من الفرائض والنواف ل، وقد تؤمثر النية الصادقة في المر المباح فيصير قربة‬
‫لله من حيث أن للوسائ ل حكم المقاصد، كمن ينوي بأكله التقوي على‬
‫طاعة ا، وبإتيانه أهله التسبب في حصول ولد يعبد ا.‬
‫ويشترط لصدق النية أن ل يكذبها العم ل، فمن يطلب العلم، مثل،‬
‫ ً‬
‫ويزعم أن نيته في تحصيله أن يعلم ويعلم، فإن لم يفع ل ذلك عند التمكين‬
‫ِّ‬
‫منه فنيته غير صادقة، وكمن يطلب الدنيا ويزعم أنه إنما يطلبها لج ل‬
‫الستغناء عن الناس، والتصدق على المحتاجين، وصلة القربين، فإن لم‬
‫يفع ل ذلك عند القدر ة عليه فل أمثر لنيته.‬
‫والنية ل تؤمثر في المعاصي شيئا كما أن التطهير ل أمثر له في نجس‬
‫العين، فمن وافق إنسانا على غيبة مسلم وادعى أنه يقصد بذلك إدخال‬
‫السرور على قلبه فهو أحد المغتابين، ومن سكت عن المر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر وادعى أنه ينوي بسكوته التوقي عن كسر قلب المباشر‬
‫ِّ‬
‫فهو شريكه في المثم، وإذا تعلقت النية الخبيثة بالعم ل الطيب أفسدته وصار‬
‫خبيثا، كمن يعم ل الصالحات وينوي بذلك تحصي ل المال والجاه.‬
‫فاجتهد يا أخي أن تكون نيتك في طاعتك مقصور ة على ابتغاء وجه‬
‫ا تعالى، وانو بما تتعاطاه من المباحات الستعانة على طاعة ا تعالى.‬
‫)واعلم( أنه يتصور أن يجتمع في العم ل الواحد نيات كثير ة، ويكون‬
‫للعام ل بك ل نية منها مثواب تام.‬
‫مثاله من الطاعات أن ينوي بقراء ة القرآن مناجا ة ا تعالى، فإن‬
‫القارئ مناج ربه، وينوي استخراج العلوم من القرآن فإنه معدنها، وينوي نفع‬
‫نفسه والسامعين، إلى غير ذلك من النيات الصالحة الحسنة.‬
‫ومثاله من المباحات أن تنوي بالك ل امتثال أمر ربك في قوله تعالى:‬
‫)يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم( وتنوي به التقوي على طاعة‬
‫ا تعالى، وتنوي به التسبب في استخراج الشكر منك لربك إذ يقول‬
‫سبحانه: )كلوا من رزق ربكم واشكروا له( فقس على هذين المثالين ما‬
‫عداهما من الطاعات والمباحات واستكثر من صالح النيات جهدك.‬
‫مثم إن النية تطلق ويراد بها أحد معنيين: الول أن النية عبار ة عن‬
‫غرضك الذي حملك على العزم والعم ل والقول، وتكون النية بهذا العتبار‬
‫في الكثر خيرا من العم ل إن كان خيرا، وشرا منه إن كان شرا، وقد قال‬
‫عليه الصل ة والسلم: "نية المؤمن خير من عمله" فانظر كيف خص‬
‫المؤمن بالذكر!‬
‫والمعنى الثاني أن النية عبار ة عن قصدك فع ل الشيء وعزمك عليه.‬
‫وهذه النية ل تكون خيرا من العم ل ولكن ل يخلو النسان عند عزمه على‬
‫فع ل شيء من إحدى مثل:ث حالت:‬
‫الولى أن يعزم ويعم ل.‬
‫والثانية أن يعزم ول يعم ل مع القدر ة على العم ل. وحكم هذه الحالة‬
‫والتي قبلها قد أتى مبينا فيما روي عن ابن عباس رضي ا عنهما عن‬
‫رسول ا صلى ا عليه وسلم أنه قال: "إن ا كتب الحسنات والسيئات"‬
‫مثم بين ذلك بقوله: "فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها ا عنده حسنة‬
‫َّ‬
‫َّ‬
‫كاملة، فإن هم بها فعملها كتبها ا عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف‬
‫َّ‬
‫إلى أضعاف كثير ة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها ا عنده حسنة كاملة،‬
‫فإن هم بها فعملها كتبها ا سيئة واحد ة".‬
‫الحالة الثالثة أن يعزم على فع ل أمر ل يستطيع فعله، فيصير يقول لو‬
‫استطعت عملت، فله نية ما للعام ل وعليه ما عليه. والدلي ل على ذلك قوله‬
‫عليه الصل ة والسلم: "الناس أربعة رج ل آتاه ا علما ومال  ً فهو يعم ل‬
‫في ماله بعلمه، فيقول آخر لو آتاني ا مث ل ما آتاه عملت مث ل عمله فهما‬
‫في الجر سواء، ورج ل آتاه ا مال  ً ولم يؤته علما فهو يخبط في ماله‬
‫بجهله فيقول آخر لو آتاني ا مث ل ما آتاه عملت مث ل عمله فهما في الوزر‬
‫سواء".‬
‫فصــل‬
‫)وعليك( يا أخي بمراقبة ا تعالى في حركاتك وسكناتك ولحظاتك‬
‫وطرفاتك وخطراتك وإراداتك وسائر حالتك، واستشعر قربه منك، واعلم‬
‫أنه ناظر إليك ومطاع عليك، ل يخفى عليه منك خافية )وما يعزب عن ربك‬
‫من مثقال ذر ة في الرض ول في السماء(، )وإن تجهر بالقول فإنه يعلم‬
‫السر وأخفى( وهو معك أينما كنت، بالعلم والحاطة والقتدار ويدلك مع‬
‫ُّ‬
‫الهداية والعانة والحفظ إن كنت من البرار، فاستحي من مولك حق‬
‫الحياء، واجتهد أن ل يراك حيث نهاك، ول يفتقدك حيث أمرك، واعبده كأنك‬
‫تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.‬
‫ومتى رأيت من نفسك تكاسل  ً عن طاعته أو ميل  ً إلى معصيته فذكرها‬
‫بأن ا يسمعك ويراك ويعلم سرك ونجواك، فإن لم يفدها هذا الذكر‬
‫لقصور معرفتها بجلل ا تعالى فاذكر لها مكان الملكين الكريمين اللذين‬
‫يكتبان الحسنات والسيئات وات ل عليها )إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن‬
‫ذِ‬
‫وَ‬
‫َّ‬
‫الشمال قعيد ما يلفظ من قول إل لديه رقيب عتيد( فإن لم تتأمثر بهذا التذكير‬
‫ذِ ُ‬
‫فذكرها قرب الموت وأنه أقرب غائب ينتظر، وخوفها بهجومه على غر ة وأنه‬
‫ِّ‬
‫متى نزل بها وهي على حالة غير مرضية تنقلب بخسران ل آخر له، فإن لم‬
‫ينفعها هذا التخويف فاذكر لها ما وعد ا به من أطاعه من الثواب العظيم‬
‫وما توعد به من عصاه من العذاب الليم، وق ل لها يا نفس ما بعد الموت‬
‫َّ‬
‫من مستعتب وما بعد الدنيا من دار إل الجنة أو النار فاختاري -لنفسك إن‬
‫وَ‬
‫شئت- طاعة تكون عاقبتها الفوز والرضوان والخلود في فسيح الجنان،‬
‫والنظر إلى وجه ا الكريم المنان، وإن شئت، معصية يكون آخرها الخزي‬
‫والهوان والسخط والحرمان والحبس بين طبقات النيران، فعالج نفسك‬
‫بهذه الذكار عند تقاعدها عن الطاعة وركونها إلى المعصية فإنها من‬
‫الدوية النافعة لمراض القلوب.‬
‫مثم إنه إن مثار من قلبك عند استشعارك أن ا يراك حياء منه يمنعك‬
‫ ٌ‬
‫عن مخالفته ويحملك على التشمير في طاعته فعندك شيء من حقائق‬
‫المراقبة.‬
‫)واعلم( أن المراقبة من أشرف المقامات وأرفع المنازل وأعلى‬
‫الدرجات وهي مقام الحسان المشار إليه بقوله عليه الصل ة والسلم:‬
‫"الحسان أن تعبد ا كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" وك ل واحد‬
‫من المؤمنين يؤمن بأنه ا ل يخفى عليه شيء في الرض ول في‬
‫السماء، ويعلم أن ا معه أينما كان ل يخفى عليه شيء من حركاته‬
‫وسكناته، ولكن الشأن في دوام هذا المشهد وحصول مثمراته التي أقلها أن‬
‫ل يعم ل فيما بينه وبين ا عمل  ً يستحي أن يراه عليه رج ل من الصالحين،‬
‫وهذا عزيز وما وراءه أعز منه إلى أن يصير العبد في آخر المر مستغرقا‬
‫بالله تعالى وفانيا عم ل سواه قد غاب عن الخلق بشهود الحق والتحق‬
‫بمقعد صدق عند مليك مقتدر.‬
‫فصــل‬
‫)وعليك( يا أخي بإصلح سريرتك حتى تصير خيرا من علنيتك‬
‫الصالحة، وذلك لن السرير ة موضع نظر الحق، والعلنية مطمح نظر‬
‫الخلق، وما ذكر ا تعالى السر والعلن في كتابه إل وبدأ بذكر السر. وكان‬
‫من دعائه عليه الصل ة والسلم: "اللهم اجع ل سريرتي خيرا من علنيتي‬
‫واجع ل علنيتي صالحة" ومتى صلحت السرير ة صلحت العلنية ل محالة،‬
‫فإن الظاهر أبدا يكون تبعا للباطن صلحا وفسادا. قال رسول ا صلى‬
‫ا عليه وسلم: "إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح بها سائر الجسد‬
‫ُ‬
‫وإذا فسدت فسد بها سائر الجسد أل وهي القلب".‬
‫)واعلم( أن من ادعى أن له سرير ة عامر ة وكان قد خرب علنيته‬
‫وَ َّ وَ‬
‫بترك الطاعات الظاهر ة فهو مدع كذاب، ومن اجتهد في إصلح علنيته‬
‫َّ‬
‫بتحسين زيه وهيئته وتقويم لسانه ووزن حركاته وسكناته في قعوده‬
‫وقيامه ومشيه وترك باطنه مشحونا بخبائث الخلق ورذائ ل الطباع، فهو‬
‫من أه ل التصنع والرياء المعرضين عن المولى.‬
‫فإياك يا أخي أن تستر شيئا لو ظهر للناس كنت تستحي من ظهوره‬
‫حياء ينشأ من خوف الستقباح. قال بعض العارفين: ل يكون الصوفي‬
‫صوفيا حتى يكون بحيث لو طيف بجميع ما في باطنه على طبق في‬
‫السوق ما استحيا من ظهور شيء منه؛ فإن لم تقدر أن تجع ل سريرتك‬
‫خيرا من علنيتك فل أق ل من أن تسوي بينهما، فيكون امتثالك لمر ا‬
‫واجتنابك لنهيه وتعظيمك لحرماته ومسارعتك في مرضاته في الخلء والمل‬
‫على حد سواء. وهذه أول قدم يضعها العبد في طريق المعرفة الخاصة‬
‫فاعلم ذلك. وبالله التوفيق.‬
‫فصــل‬
‫)وعليك( بعمار ة أوقاتك بوظائف العبادات حتى ل تمر ساعة من لي ل‬
‫ىّ‬
‫أو نهار إل وتكون لك فيها وظيفة من الخير تستغرقها بها فبذلك تظهر بركات‬
‫الوقات، وتحص ل فائد ة العمر، ويدوم القبال على ا تعالى، وينبغي أن‬
‫تجع ل لما تتعاطاه من العادات كالك ل والشرب والسعي للمعاش أوقاتا‬
‫تخصها.‬
‫ُّ‬
‫)واعلم( أنه ل يستقيم مع الهمال حال، ول يصلح مع الغفال بال.‬
‫قال حجة السلم -نفع ا به-: ينبغي أن توزع أوقاتك وترتب أورادك‬
‫وتعين لك ل وقت شغل  ً ل تتعداه ول تؤمثر فيه سواه، وأما من ترك نفسه‬
‫مهمل  ً سدى إهمال البهائم يشتغ ل في ك ل وقت بما اتفق كيف اتفق‬
‫فتمضي أكثر أوقاته ضائعة، وأوقاتك عمرك، وعمرك رأس مالك، وعليه‬
‫أص ل تجارتك، وبه وصولك إلى نعيم البد في جوار ا تعالى، فك ل نفس‬
‫من أنفاسك جوهر ة ل قيمة له، إذ ل عوض له وإذا فات فل عود له. انتهى.‬
‫ول ينبغي أن تستغرق جميع أوقاتك بورد واحد وإن كان أفض ل‬
‫الوراد مثل  ً فتفوتك بذلك بركات تعدد الوراد والتنق ل فيها فإن لك ل ورد أمثرا‬
‫في القلب ونورا ومددا ومكانة من ا ليست لغيره.‬
‫وأيضا إذا تنقلت من ورد إلى ورد أمنت بذلك من السآمة والكس ل، ومن‬
‫الضجر والمل ل، قال ابن عطاء ا الشاذلي رحمه ا تعالى: لما علم‬
‫الحق منك وجود المل ل لون لك الطاعات.‬
‫َّ‬
‫)واعلم( أن للوراد أمثرا كبيرا في تنوير القلب وضبط الجوارح، ولكن ل‬
‫يظهر ويتأكد إل عند المواظبة والتكرار وفع ل ك ل ورد منها في وقت يخصه.‬
‫فإن لم تكن ممن يستغرق جميع ساعات ليله ونهاره بوظائف الخيرات‬
‫فاجع ل لك أورادا تواظب عليها في أوقات مخصوصة وتقضيها مهما فاتتك‬
‫لتعتاد النفس المحافظة عليها، ومتى أيست منك النفس أنك ل تسمح بترك‬
‫ ْ‬
‫أورادك حتى تتداركها بالقضاء متى فاتت بادرت إلى فعلها في أوقاتها،‬
‫وقال سيدي الشيخ عبد الرحمن السقاف رضي ا عنه: من لم يكن له‬
‫ورد فهو قرد، وقال بعض العارفين: الواردات من حيث الوراد فمن لم‬
‫يكن له ورد في ظاهره لم يكن له وارد في سرائره.‬
‫وعليك بالقصد ولزوم الوسط من ك ل أمر، وخذ من العمال ما تطيق‬
‫المداومة عليه. قال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "أحب العمال إلى‬
‫ا أدومها وإن ق ل" وقال عليه السلم: "خذوا من العمال ما تطيقون فإن‬
‫ا ل يم ل حتى تملوا" ومن شأن الشيطان -لعنه ا- أن يزين للمريد في‬
‫مبدأ إرادته الستكثار من الطاعات والفراط فيها، وغرضه من ذلك أن يرده‬
‫على عقبه بترك فع ل الخير أصل، أو فعله على غير الوجه الذي ينبغي، ول‬
‫ ً‬
‫يبالي اللعين بأيهما دهاه. مثم إن الوراد تكون في الكثر صل ة نف ل أو تلو ة‬
‫قرآن أو قراء ة علم أو ذكرا أو فكرا.‬
‫ونحن نذكر نبذ ة من الداب التي يحتاج إليها العام ل بهذه الوظائف‬
‫الدينية فنقول:‬
‫ينبغي أن يكون لك ورد من صل ة النف ل زائد على النواف ل الوارد ة‬
‫تعين له وقتا وتضبطه بعدد تطيق المداومة عليه، وقد كان من السلف‬
‫الصالح رحمهم ا تعالى من ورده في اليوم والليلة ألف ركعة مث ل المام‬
‫علي بن الحسين رضي ا عنهما، ومنهم من ورده خمسمائة ركعة، ومنهم‬
‫من ورده مثلثمائة ركعة، إلى غير ذلك.‬
‫)واعلم( أن للصل ة صور ة ظاهر ة، وحقيقة باطنة، ول يكون للصل ة‬
‫عند ا تعالى قيمة حتى تقيم صورتها وحقيقتها كما ينبغي.‬
‫فأما صورتها فهي الركان والداب الظاهر ة من القيام والقراء ة‬
‫والركوع والسجود والتسبيح ونحوها.‬
‫وأما حقيقتها فهي الحضور مع ا، وإخل ص النية والقصد لله، والقبال‬
‫ُ‬
‫بكنه الهمة على ا تعالى، وجمع القلب عليه، وأن يكون فكرك مقصورا‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫على صلتك فل تحد:ث نفسك بغيرها، وتكون متأدبا بآداب المناجا ة مع ا‬
‫ِّ‬
‫تعالى.‬
‫قال عليه الصل ة والسلم: "إنما المصلي مناج ربه"، وقال عليه الصل ة‬
‫ ٍ‬
‫والسلم: "إذا قام العبد إلى الصل ة أقب ل ا عليه بوجهه".‬
‫ول ينبغي أن تشتغ ل بنف ل مطلق في وقت نف ل ورد في السنة‬
‫المطهر ة من فع ل رسول ا صلى ا عليه وسلم أو قوله حتى تأتي على‬
‫العدد الكم ل منه.‬
‫فمن ذلك عدد الركعات التي وردت قب ل المكتوبات وشهرتها تغني عن‬
‫ذكرها.‬
‫ومن ذلك صل ة الوتر وهي صل ة مثابتة مؤكد ة، وقد ذهب بعض‬
‫العلماء إلى وجوبها وقال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "إن ا وتر‬
‫يحب الوتر فأوتروا يا أه ل القرآن"، وقال عليه الصل ة والسلم: "الوتر حق‬
‫ومن لم يوتر فليس منا، وأكثرها إحدى عشر ة ركعة، وأق ل ما ينبغي أن‬
‫يقتصر عليه مثل:ث ركعات".‬
‫وفعلها من آخر اللي ل لمن له عاد ة راسخة في القيام من آخره أفض ل.‬
‫قال عليه الصل ة والسلم: "اجعلوا آخر صلتكم باللي ل وترا" ومن لم‬
‫تكن له عاد ة في القيام ففعلها بعد صل ة العشاء أولى له.‬
‫ومن ذلك صل ة الضحى وهي صل ة مباركة كثير ة النفع، وأكرها مثمان‬
‫ركعات، وقي ل امثنتا عشر ة وقد ورد وأقلها ركعتان، وأفض ل أوقاتها أن تصلى‬
‫إذا أضحى النهار ومضى قريب من ربعه، وقد قال رسول ا صلى ا عليه‬
‫وسلم: "يصبح على ك ل سلمي من أحدكم صدقة فك ل تسبيحة صدقة،‬
‫وك ل تحميد ة صدقة، وك ل تهليلة صدقة، وك ل تكبير ة صدقة، وأمر بالمعروف‬
‫صدقة، ونهي عن المنكر صدقة ويجزيه من ذلك كله ركعتان يركعهما من‬
‫الضحى" فلو لم يرد في فض ل هذه الصل ة إل هذا الحديث الصحيح لكفى.‬
‫ومن ذلك الصل ة بين المغرب والعشاء وأكثرها عشرون ركعة‬
‫وأوسطها ست ركعات قال رسول ا صلى ا عليه وسلم "من صلى بين‬
‫العشائين ركعتين بنى ا له بيتا في الجنة" وقال عليه الصل ة والسلم:‬
‫"من صلى بعد المغرب ست ركعات ل يتكلم فيما بينهن بشيء عدلن له‬
‫عباد ة امثنتي عشر ة سنة".‬
‫ومن السنة إحياء ما بين العشائين، وقد ورد في فضله أخبار وآمثار،‬
‫وحسبك من ذلك أن أحمد بن أبي الحواري شاور شيخه أبا سليمان رحمهما‬
‫ا تعالى في أن يصوم النهار أو يحيي ما بين العشائين فقال: اجمع‬
‫بينهما. فقال: ل أستطيع لني متى صمت أشتغ ل بالفطار في هذا الوقت.‬
‫فقال له إذا لم تستطع أن تجمع بينهما فدع صيام النهار وأحي ما بين‬
‫العشائين.‬
‫وقالت عائشة رضي ا عنها: ما دخ ل رسول ا صلى ا عليه وسلم‬
‫بيتي بعد العشاء الخر ة إل صلى أربعا أو ستا، وقال عليه السلم: "أربع‬
‫ركعات بعد العشاء، كمثلهن من ليلى القدر".‬
‫)وعليك( بصل ة اللي ل فقد قال عليه السلم: "أفض ل الصدقة بعد‬
‫المكتوبة صل ة اللي ل" وقد قال عليه الصل ة والسلم: "فض ل صل ة اللي ل‬
‫على صل ة النهار كفض ل صدقة السر على العلنية". وقد ورد أن صدقة‬
‫السر تضاعف على صدقة العلنية بسبعين ضعفا، وقال عليه الصل ة‬
‫والسلم: "عليكم بقيام اللي ل فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة لكم إلى‬
‫ربكم، ومكفر ة للسيئات ومنها ة عن المثم ومطرد ة للداء عن الجسد.‬
‫)واعلم( أن من صلى بعد العشاء فقد قام من اللي ل وقد كان بعض‬
‫السلف يصلي ورده من أول اللي ل ولكن في القيام بعد النوم إرغام‬
‫للشيطان ومجاهد ة للنفس وسر عجيب، وهو التهجد الذي أمر به ا‬
‫ورسوله في قوله )ومن اللي ل فتهجد به نافلة لك( وفي المأمثور: إن ا‬
‫يعجب من العبد إذا قام من على فراشه وبين أهله إلى صلته ويباهي به‬
‫ملئكته ويقب ل عليه بوجهه الكريم.‬
‫)واعلم( أنه يقبح بطالب الخر ة أن ل يكون له قيام باللي ل. كيف‬
‫وَ  ْ ُ‬
‫والمريد ل يزال طالبا للمزيد متعرضا للنفحات على دوام الوقات.‬
‫وقد قال، صلى ا عليه وسلم: "إن في اللي ل لساعة ل يوافقها عبد‬
‫مسلم يسأل ا خيرا من أمر الدنيا والخر ة إل أعطاه إياه وذلك ك ل ليلة"‬
‫أخرجه مسلم.‬
‫وفي بعض كتب ا المنزلة: كذب من ادعى محبتي فإذا جنه اللي ل نام‬
‫عني أليس ك ل محب يحب الخلو ة بحبيبه.‬
‫وقال الشيخ إسماعي ل بن إبراهيم الجبرتي رحمه ا جمع الخير كله‬
‫في اللي ل وما عقدت لولي ولية إل باللي ل.‬
‫وقال سيدي العيدروس عبد ا بن أبي بكر من أراد الصفاء الرباني‬
‫فعليه بالنكسار في جوف اللي ل.‬
‫وقال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "ينزل ا ك ل ليلة إلى السماء‬
‫الدنيا حين يبقى مثلث اللي ل الخير فيقول: ه ل من داع فأستجيب له، ه ل من‬
‫وَ‬
‫مستغفر فأغفر له، ه ل من سائ ل فأعطيه، ه ل من تائب فأتوب عليه حتى‬
‫يطلع الفجر". ولو لم يرد في الحث على قيام اللي ل غير هذا الحديث لكفى.‬
‫كيف والكتاب والسنة طافحان بالترغيب فيه والحث عليه، وللعارفين‬
‫بالله في القيام باللي ل منازلت شريفة، وأذواق لطيفة يجدونها في قلوبهم‬
‫من نعيم القرب من ا، ولذ ة النس به وطيب المناجا ة والمحادمثة مع ا،‬
‫حتى قال بعضهم: إن كان أه ل الجنة في مث ل ما نحن فيه إنهم لفي عيش‬
‫طيب، وقال آخر: أه ل اللي ل في ليلهم ألذ من أه ل اللهو في لهوهم، وقال‬
‫آخر منذ أربعين سنة ما غمني شيء إل طلوع الفجر، وهذا النعيم ل يكون‬
‫إل بعد تجرع المرارات، وتحم ل المشقات في القيام، كما قال عتبة الغلم:‬
‫كابدت قيام اللي ل عشرين سنة وتنعمت به عشرين سنة أخرى.‬
‫)فإن قلت( ماذا أقرأ في صلتي باللي ل وكم ركعات ينبغي أن أصلي‬
‫فاعلم أن سول ا صلى ا عليه وسلم لم يواظب في تهجده على قراء ة‬
‫شيء مخصو ص، ومن الحسن أن تتبع القرآن فتقرأه شيئا فشيئا في قيامك‬
‫حتى تختم في شهر أو أق ل أو أكثر حسب نشاطك.‬
‫وأما عدد الركعات فأكثر ما روي من قيام رسول ا صلى ا عليه‬
‫وسلم مثل:ث عشر ة ركعة وورد القتصار على تسع وسبع وأكثر ما ورد عنه‬
‫صلى ا عليه وسلم المواظبة عليه إحدى عشر ة ركعة.‬
‫ويتلخص من مجموع الحاديث أنه ينبغي لك ويستحب إذا قمت من‬
‫النوم أن تمسح النوم عن وجهك بيدك وتقول: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما‬
‫أماتنا وإليه النشور، وتقرأ )إن في خلق السماوات والرض واختلف اللي ل‬
‫والنهار ليات لولي اللباب( إلى آخر السور ة، مثم تستاك وتتوضأ وضوءا‬
‫كامل، مثم تصلي ركعتين خفيفتين مثم تصلي بعدهما مثمان ركعات تطولهن‬
‫ ً‬
‫تسلم من ك ل ركعتين إن شئت أو من ك ل أربع أو تجمعهن بتسليمة واحد ة‬
‫فك ل ذلك قد ورد، مثم إن رأيت أنه بقي عندك نشاط فتنف ل ما بدا لك، مثم‬
‫ص ل مثل:ث ركعات بنية الوتر بتسليمة أو تسليمتين وتقرأ في الولى سبح اسم‬
‫1‬

‫2‬

‫ربك العلى وفي الثانية ق ل يا أيها الكافرون وفي الثالثة الخل ص‬
‫والمعوذتين، ول تحسب أن الوتر هو إحدى عشر ة شيء وهذه الركعات‬
‫المذكور ة في هذا لسياق شيء آخر كل  ً إنه لم يرو عن قيام رسول ا‬
‫صلى ا عليه وسلم غير ما قصصناه عليك فاعلم ذلك وا سميع عليم.‬

‫1‬

‫أي سور ة العلى كلها‬

‫2‬

‫أي سور ة الكافرون كلها‬
‫فصــل‬
‫وينبغي أن يكون لك ورد من تلو ة الكتاب العزيز تداوم على قراءته‬
‫في ك ل يوم وليلة، وأدنى ذلك أن تقتصر على جزء فيكون لك في ك ل شهر‬
‫ختمة وأعلى ذلك أن تختم في ك ل مثلمثة أيام.‬
‫)واعلم( أن لقراء ة القرآن فضل  ً عظيما، وأمثرا في تنوير القلب كبيرا.‬
‫قال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "أفض ل عباد ة أمتي قراء ة القرآن"‬
‫وقال علي كرم ا وجهه: من قرأ القرآن وهو قائم في الصل ة كان له‬
‫بك ل حرف مائة حسنة، ومن قرأه وهو قاعد في الصل ة كان له بك ل حرف‬
‫خمسون حسنة، ومن قرأه وهو خارج الصل ة وهو على طهار ة كان له بك ل‬
‫حرف خمس وعشرون حسنة، ومن قرأه وهو على غير طهار ة كان له بك ل‬
‫حرف عشر حسنات.‬
‫)وإياك( أن يكون همك في تلوتك مقصورا على الكثار منها دون‬
‫تدبر وترتي ل.‬
‫)وعليك( –إذا تلوت- بالتدبر والفهم، واستعن على ذلك بالترتي ل‬
‫والترس ل وأحضر في قلبك عظمة المتكلم سبحانه، وأنك بين يديه تقرأ عليه‬
‫كتابه الذي أمرك فيه ونهاك ووعظك ووصاك، وكن عند قراء ة آيات التوحيد‬
‫والتمجيد ممتلئا بالجلل والتعظيم، وعند قراء ة آيات الوعد والوعيد ممتلئا‬
‫بالرغب والرهب، وعند قراء ة آيات الوامر والزواجر شاكرا معترفا بالتقصير‬
‫أو مستغفرا عازما على التشمير.‬
‫)واعلم( أن القرآن هو البحر المحيط، ومنه تستخرج جواهر العلوم‬
‫ونفائس الفهوم، ومن فتح له طريق الفهم فيه من المؤمنين دام فتحه وتم‬
‫نوره واتسع علمه وصار ل يم ل من قراءته ليل  ً ول نهارا، لنه قد وجد فيه‬
‫مقصوده وظفر منه بمطلوبه وهذه صفة المريد الصادق.‬
‫قال الشيخ أبو مدين رضي ا عنه: ل يكون المريد مريدا حتى يجد‬
‫في القرآن ك ل ما يريد.‬
‫)وعليك( بالمحافظة على قراء ة السور واليات التي ورد الحث عليها‬
‫في السنة في بعض الوقات.‬
‫فمن ذلك أن تقرأ ك ل ليلة قب ل أن تنام الم السجد ة، وتبارك الملك،‬
‫وسور ة الواقعة، وآمن الرسول إلى آخر السور ة، وسور ة الدخان ليلة‬
‫المثنين والجمعة، وسور ة الكهف يوم الجمعة وليلتها، وإن أمكنك أن تقرأ‬
‫المنجيات السبع ك ل ليلة فذلك من الفضائ ل العظيمة.‬
‫ومن ذلك أن تقرأ إذا أصبحت وإذا أمسيت أوائ ل الحديد، وخواتيم‬
‫الحشر، والخل ص والمعوذتين "مثلمثا مثلمثا" وكذلك تقرأ الخل ص‬
‫والمعوذتين عند النوم مع آية الكرسي، وق ل يا أيها الكافرون واجعلها آخر‬
‫ما تقول وا يقول الحق وهو يهدي السبي ل.‬
‫فصــل‬
‫وينبغي أن يكون لك ورد من قراء ة العلم النافع وهو الذي يزيد في‬
‫معرفتك بذات ا وأقواله وصفاته وأفعاله وآلئه، وتعرف به ما أمرك به‬
‫من طاعته ونهاك عنه من معصيته، ويورمثك زهدا في الدنيا ورغبة في‬
‫الخر ة، ويبصرك بعيوب نفسك وآفات عملك ومكائد عدوك.‬
‫وهذا العلم مثابت في الكتاب والسنة وكتب الئمة وقد جمعه المام‬
‫الغزالي في كتبه العظيمة القدر، الكبير ة الخطر، عند من له بصير ة في‬
‫الدين ورسوخ في العلم وكمال في اليقين، فواظب على مطالعتها إن كانت‬
‫لك همة في سلوك الطريق ورغبة في الوصول إلى مراتب التحقيق، وقد‬
‫انفردت الكتب الغزالية من بين كتب المحققين من الصوفية بالجمع‬
‫والتحرير وحصول التأمثير الكثير في الزمن القصير.‬
‫)وعليك( بالكثار من قراء ة كتب الحديث والتفسير ومن مطالعة كتب‬
‫القوم عامة فإن ذلك فتح عام وسلوك تام كما قال بعض العارفين.‬
‫ولكن ينبغي لك أن تحترز عما يشتم ل من رسائلهم على المور‬
‫الغامضة والحقائق المجرد ة وهذه الشياء توجد في أكثر مؤلفات الشيخ‬
‫ابن عربي وفي شيء من رسائ ل المام الغزالي كالمعراج والمضنون به.‬
‫1‬

‫وقد ذكر الشيخ زروق في "تأسيس القواعد" قاعد ة في التحذير من الكتب‬
‫التي تجري هذا المجرى فراجعها إن شئت، ولم يذكر في جملتها مؤلفات‬

‫1‬

‫هو العلمة الفقيه المحد:ث أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى أبو العباس زروق‬

‫من أه ل فاس بالمغرب قرأ بمصر والمدينة وتصوف وساح وتوفي في تكرين من‬
‫قرى مسراته من أعمال طرابلس الغرب سنة 998 هـ‬
‫الشيخ عبد الكريم الكيلني، لنه متأخر ومؤلفاته عن آخرها مما ينبغي‬
‫الحتراز عنها إيثارا للسلمة.‬
‫)فإن( قال قائ ل ل بأس علي في مطالعة هذه الكتب،لني آخذ ما‬
‫أفهمه وأسلم لما ل أفهمه لقائله )قي ل له( قد أنصفت، ونحن إنما نخشى‬
‫عليك مما تفهمه أن تفهمه على غير وجهه فتض ل عن سواء السبي ل، كما‬
‫وقع ذلك لقوام عكفوا على مطالعة هذه الكتب فصاروا في زندقة وإلحاد،‬
‫وقالوا بالحلول والتحاد، فل حول ول قو ة إل بالله العلي العظيم.‬
‫فصــل‬
‫وينبغي أن يكون لك ورد من ذكر ا ـ تعـالى تحـده بـوقت أو تحصـره‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫بعدد وحينئذ فل بأس بالسبحة لضبط العدد.‬
‫)واعلم( أن الذكر ركن الطريق، ومفتاح التحقيق، وسلح المريدين،‬
‫ومنشور الولية، كما قال بعض العارفين. وقد قال ا تعالى )فاذكروني‬
‫أذكركم( وقال تعالى )فاذكروا ا قياما وقعودا وعلى جنوبكم( وقال‬
‫ ً‬
‫تعالى )يا أيها الذين آمنوا اذكروا ا ذكرا كثيرا( وقال رسول ا صلى ا‬
‫عليه وسلم: يقول ا تعالى: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين‬
‫يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في مل‬
‫ذكرته في مل خير منه". وقال عليه السلم: "يقول ا تعالى: "أنا جليس‬
‫من ذكرني" وقال عليه السلم "أل أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند‬
‫مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق ومن أن‬
‫تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى قال ذكر ا".‬
‫وللذكر مثمرات ونتائج يجدها من واظب عليه بوصف الدب والحضور،‬
‫أقلها أن يجد فيه من الحلو ة واللذ ة ما يستحقر في جنبه ك ل ما يعرفه من‬
‫اللذات الدنيوية والملهي. وأعلها أن يفنى بالمذكور عن الذاكر وعما‬
‫سواه.‬
‫ومن قعد وهو على طهار ة في خلو ة مستقب ل القبلة ساكن الطراف‬
‫مطرق الرأس مثم ذكر ا بقلب حاضر وأدب وافر ، رأى للذكر في قلبه أمثرا‬
‫ظاهرا. فإن دام على ذلك أشرقت عليه أنوار القرب وانكشفت له أسرار‬
‫الغيب.‬
‫وأفض ل الذكر ما كان بالقلب واللسان، وذكر القلب أن يكون حاضرا فيه‬
‫معنى الذكر الذي يجري على اللسان كالتقديس والتوحيد عند التسبيح‬
‫والتهلي ل.‬
‫والفض ل للذاكر من السرار والجهر بالذكر والقراء ة الصلح منهما‬
‫لقلبه، والذكر هو الورد الدائم المستمر، فاجتهد أن ل يزال لسانك رطبا منه‬
‫في ك ل حال إل في وقت ورد ل يمكن الجمع بينه وبين الذكر كالقراء ة‬
‫والتفكر، ويكون في هذه العبادات وغيرها من القربات ذاكرا لله تعالى‬
‫بالمعنى العم، ول تقتصر على معنى واحد من الذكر ب ل ينبغي أن يكون‬
‫لك من ك ل نوع ورد.‬
‫)وعليك( بالمحافظة على الذكار والدعية الوارد ة في أدبار الصلوات،‬
‫وعند الصباح والمساء، والنوم واليقظة، إلى غير ذلك من الوقات والحوال‬
‫المتعاقبة، فما سنها رسول ا صلى ا عليه وسلم لمته إل أن تكون سببا‬
‫لهم إلى الفوز بالخير والنجا ة من الشر الواقعين في ذلك الوقت والحال.‬
‫فمن أهملها مثم بعد ذلك ناله مكروه أو حي ل بينه وبين محبوبه فل يلومن إل‬
‫َّ‬
‫نفسه.‬
‫ومن أراد العم ل بما ذكرناه فعليه بمطالعة كتاب الذكار للمام النووي‬
‫رحمه ا وجزاه عن المسلمين خيرا.‬
‫ومن آكد ما ورد في أدبار الصلوات وأفضله أن تقول بعد ك ل مكتوبة:‬
‫اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وتسبح مثلمثا ومثلمثين وتحمد‬
‫كذلك وتكبر كذلك وتختم المائة بل إله إل ا وحده ل شريك له له الملك‬
‫وله الحمد وهو على ك ل شيء قدير، وق ل هذه الكلمة بزياد ة )يحيي‬
‫ويميت( "عشر مرات" وأنت مثان رجلك وقب ل أن تتكلم بعد صل ة الفجر‬
‫والعصر والمغرب.‬
‫ومن ذلك أن تقول إذا أصبحت وأمسيت: سبحان ا وبحمده "مائة"‬
‫وسبحان ا والحمد لله ول إله إل ا وا أكبر "كذلك" ول إله إل ا‬
‫وحده ل شريك له له الملك وله الحمد وهو على ك ل شيء قدير في ك ل‬
‫يوم "مائة مر ة".‬
‫واجع ل لك وردا من الصل ة على رسول ا صلى ا عليه وسلم،‬
‫فإنها وصلة بينك وبين نبي ا صلى ا عليه وسلم، وباب يفيض عليك منه‬
‫المدد بواسطته من حضرته عليه الصل ة والسلم، وقد قال صلوات ا‬
‫وسلمه عليه: "من صلى عليه مر ة صلى ا عليه بها عشرا" وقال عليه‬
‫الصل ة والسلم: "أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أكثركم علي‬
‫صل ة" وقد أمر ا بها في كتابه العزيز بقوله تعالى: )يا أيها الذين آمنوا‬
‫صلوا عليه وسلموا تسليما( فامتث ل واستكثر منها ول تستقل ل، واجمع بينها‬
‫وبين السلم وص ل على آله معه.‬
‫وأكثر منها في ليلة الجمعة ويومها خصوصا، لقوله عليه السلم: "أكثروا‬
‫من الصل ة علي في الليلة الغراء واليوم الزهر" صلى ا عليه وعلى آله‬
‫وسلم والحمد لله رب العالمين.‬
‫فصــل‬
‫) وينبغي( أن يكون لك ورد من التفكر في ك ل يوم وليلة تعين له‬
‫ساعة أو ساعات، وأحسن الوقات للتفكر أفرغها وأصفاها وأجدرها في‬
‫حضور القلب جوف اللي ل.‬
‫)واعلم( أن صلح الدنيا والدين موقوف على صحة التفكر، ومن أعطى‬
‫حظه منه أخذ بحظ وافر من ك ل خير، وقد ورد "تفكر ساعة خير من عباد ة‬
‫من عباد ة سنة".‬
‫وقال علي كرم ا وجهه: ل عباد ة كالتفكر، وقال بعض العارفين‬
‫رحمهم ا: الفكر ة سراج القلب فإذا ذهبت فل إضاء ة له.‬
‫ومجاري الفكر كثير ة، فمنها –وهو أشرفها- أن تتفكر في عجائب‬
‫مصنوعات ا الباهر ة، وآمثار قدرته الظاهر ة والباطنة، وما بث من اليات‬
‫في ملكوت الرض والسماوات.‬
‫وهذا التفكر يزيد في معرفتك بذات ا وصفاته وأسمائه، وقد حث‬
‫عليه بقوله )ق ل انظروا ماذا في السماوات والرض( ومابث من عجائب‬
‫المصنوعات في نفسك. قال ا تعالى )وفي الرض آيات للموقنين وفي‬
‫أنفسكم أفل تبصرون(.‬
‫واعـلم أنه ينبغي لك أن تتفكر في آلء ا وأياديه التي أوصلها إليك،‬
‫ونعمه التي أسبغها عليك قال ا تعالى: )فاذكروا آلء ا لعلكم تفلحون(‬
‫وقال ا تعالى: )وإن تعدوا نعمة ا ل تحصوها( وقال تعالى: )وما بكم‬
‫ُّ‬
‫من نعمة فمن ا(.‬
‫ومثمر ة هذا التفكر امتلء القلب بمحبة ا، والشتغال بشكره باطنا‬
‫وظاهرا كما يحبه ويرضاه.‬
‫)واعلم( أنه ينبغي لك أن تتفكر في إحاطة علم ا بك، ونظره‬
‫إليك، واطلعه عليك، قال ا تعالى: )ولقد خلقنا النسان و ونعلم ما‬
‫توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حب ل الوريد( وقال تعالى: )وهو‬
‫معكم أينما كنتم وا بما تعملون بصير( وقال تعالى: )ألم تر أن الله يعلم‬
‫ما في السماوات وما في الرض ما يكون من نجوى مثلمثة إل هو رابعهم(‬
‫الية.‬
‫وهذا التفكر مثمرته أن تستحي من ا أن يراك حيث نهاك أو يفتقدك‬
‫حيث أمرك.‬
‫)واعلم( أنه ينبغي لك أن تتفكر في تقصيرك في عباد ة مولك،‬
‫وتعرضك لسخطه بإتيانك ما عنه نهاك. قال ا تعالى: )وما خلقت الجن‬
‫والنس إل ليعبدون( وقال تعالى: )أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ل‬
‫ترجعون( وقال تعالى: )يا أيها النسان ما غرك بربك الكريم( وقال تعالى:‬
‫)يا أيها النسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملقيه(.‬
‫وهذا التفكر يزيد في خوفك من ا، ويحملك على لوم نفسك‬
‫وتوبيخها، ومجانبة التقصير وملزمة التشمير.‬
‫)واعلم( أنه ينبغي لك أن تتفكر في هذه الحيا ة الدنيا، وكثر ة‬
‫أشغالها ووبالها، وسرعة زوالها، وفي الخر ة ونعيمها ودوامها. قال ا‬
‫تعالى: )كذلك يبين ا لكم اليات لعلكم تتفكرون في الدنيا والخر ة(‬
‫وقال تعالى: )ب ل تؤمثرون الحيا ة الدنيا والخر ة خير وأبقى( وقال تعالى:‬
‫)وما هذه الحيا ة الدنيا إل لهو ولعب وإن الدار الخر ة لهي الحيوان لو كانوا‬
‫يعلمون(.‬
‫وهذا التفكر يثمر لك الزهد في الدنيا والرغبة في الخر ة.‬
‫)واعلم( أنه ينبغي لك أن تتفكر في قرب نزول الموت، وحصول‬
‫الحسر ة والندامة بعد الفوت. قال ا تعالى: )ق ل إن الموت الذي تفرون‬
‫منه فإنه ملقيكم مثم تردون إلى عالم الغيب والشهاد ة فينبئكم بما كنتم‬
‫تعملون(.‬
‫وقال تعالى: )حتى إذا جاء أحدكم الموت قال رب ارجعون لعلي‬
‫أعم ل صالحا في ما تركت كل إنها كلمة هو قائلها(.‬
‫وقال تعالى: )يا أيها الذين آمنوا ل تلهكم أموالكم ول أولدكم عن ذكر‬
‫ا( إلى قوله تعالى: )ولن يؤخر ا نفسا إذا جاء أجلها(.‬
‫وفائد ة هذا التفكر قصر الم ل وإصلح العم ل وإعداد الزاد ليوم المعاد.‬
‫)واعلم( أنه ينبغي لك أن تتفكر في الخلق والعم ـال ال ـتي وص ـف‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ا بها أولياءه وأعداءه، وفيما أعد للفريقين في العاج ل والج ل. قـال ا ـ‬
‫ـ‬
‫تعالى: )إن البرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم( وقال تعــالى: )أفمــن‬
‫كان مؤمنا كمن كان فاسـقا ل يسـتوون( وق ـال تعـالى: )فأمـا مـن أعط ـى‬
‫ـ‬
‫ـ ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى( إلى آخر السور ة، وقال تعــالى:‬
‫)إنما المؤمنون الذين إذا ذكر ا وجل ـت قل ـوبهم( إل ـى قـوله تعـالى: )له ـم‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫درجات عند ربهم ومغفر ة ورزق كريم( وقال تعالى: )وعد ا ال ـذين آمن ـوا‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فـي الرض كمـا اسـتخلف الـذين مـن‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫قبلهم( الية، وقال تعالى: )فكل  ً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا علي ـه حاص ـبا‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا ب ـه الرض ومنه ـم م ـن أغرقن ـا‬
‫ـ‬
‫ـ ـ‬
‫ـ‬
‫ومــا كــان اــ ليظلمهــم ولكــن كــانوا أنفســهم يظلمــون( وقــال تعــالى:‬
‫)المنافقون والمنافقات بعضـهم مـن بعـض يـأمرون بـالمنكر وينهـون عـن‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫المعروف( إلى قوله تعالى: )ولعنهم ا ولهم عذاب مقيـم( وقـال تعـالى:‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫)والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن‬
‫المنكر( إلى قوله: )ورضوان من ا أك كبر ذل كك ه كو الف كوز العظي كم( وق كال‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫تعالى: )إن الذين ل يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطم كأنوا به كا( إل كى‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫قوله: )وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين(.‬
‫وثمرة هذا التفكر محبة السعداء، وحمل النفس على اتباعهم والعمككل‬
‫بأعمالهم والتخلق بأخلقهم، وبغض القشقياء، وحمل النفس عل كى اجتن كاب‬
‫ك‬
‫ك‬
‫أعمالهم وأخلقهم.‬
‫وإن ذهبنا نتتبع مجاري الفكر خرجنا عن مقصكودنا مكن اليجكاز وفيمكا‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫أقشرنا إليه كفاية للعاقل.‬
‫) وينبغي( أن تستحضر عند كل نوع من التفكر ما يناسبه من اليات‬
‫والخبار والثار، وقد أقشرنا إلى ذلك عند ك كل ن كوع ب كذكر قش كيء م كن الي كات‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫المناسبة له.‬
‫)وإياك( والتفكر في ذات ا تعالى وصفاته من حيككث تطلككب الماهيككة‬
‫وتعقل الكيفية، فقلما ولع بذلك أحد إل وهوى في مهاوي التعطيل أو تورط‬
‫في تورطات التشبيه، وقكد روي مرفوعكا إلكى رسكول اك صكلى اك عليكه‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫وسلم: "تفكروا في آيات ا ول تتفكروا في ذات ا، فإن لن تقدروه حكق‬
‫ك‬
‫قدره".‬
‫فهذا ما قصدنا ذكره من آداب هذه الوظائف. ومقصود الوراد وروحه كا‬
‫ك‬
‫إنما هو الحضور مع ا فيها فعليك به، ولن تصل إليه ما لم تس كلك طريق كه،‬
‫ك‬
‫ك‬
‫وهي فعل العمال الظاهرة مع تكلف الحضور مع ا فيهككا، فككإن واظبككت‬
‫على هذا غشيتك أنوار القرب وفاضت عليك علوم المعرفة فعند ذل كك يقب كل‬
‫ك‬
‫ك‬
‫قلبك على ا تعالى بكليته ويصير الحضور مع ا سبحانه سجية لك وخلقا‬
‫ةّ‬
‫راسخا فتصير تتكلف الحضور مع الخلق عند الحاج كة إلي كه. وربم كا ل كم تق كدر‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫عليه، وعن هذه الحالكة تنشكأ الغيبكة والسكتغراق والفنكاء عمكا سكوى اك‬
‫يَ‬
‫ك‬
‫تعالى إلى غير ذلك من مواجيد أهل ا، وأص كل ذل كك كل كه المواظب كة عل كى‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫العمال الظاهرة والمحافظة عليها مع تكلف الحضور مع ا فيها.‬
‫واحذر أن تترك العمل بورد مخافة أن ل تدوم عليه، فإن ذلك من‬
‫الحماقة.‬
‫) وينبغي( أن ل تعمل في كل وقت بحسب النشاط والفراغ، بل ينبغي‬
‫أن تسمي قشيئا تزيد عليه عند النشاط ول تنقص منه عند الكسل.‬
‫)واعلم( أن المس كارعة إل كى الخي كرات، والمحافظ كة عل كى العب كادات،‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫والمداومة على الطاع كات، دأب النبي كاء والولي كاء ف كي ب كداياتهم ونهاي كاتهم،‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫لنهم أعرف الخلق بالله، فل جرم كانوا أعبكدهم وأطكوعهم وأخشكاهم لكه‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫عز وجل فإن إقبال العبد على ربه وعبادته له على قدر محبته لككه، والمحبككة‬
‫تابعة للمعرفة، فكلما كان العبد أعرف بالله كان أقشد حبا لككه وأكككثر عبككادة.‬
‫فإن قشغلك جمعك للدنيا واتباعك للهوى عن اتخاذ الوراد وملزمة العبادات‬
‫فاجتهد أن تجعل لربك ساعة من أول نهارك وساعة من آخره تشتغل فيهما‬
‫بالتسبيح والستغفار وغير ذلك من أنواع الطاعات فقد روي عن ا تعككالى‬
‫أنه قال: "ابن آدم اجعل لي ساعة من أول نهارك وساعة من آخككره أكفككك‬
‫ما بين ذلك".‬
‫وورد أن صحيفة العبد إذا عرضت على ا عز وجل من آخ كر ك كل ي كوم‬
‫ك ك ك‬
‫فإن كان في أولها وفي آخرها خير يقول ا تعالى للملك أمح ما بين ذلك،‬
‫وذلك من فضل ا علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس ل يشكرون.‬
‫فصــل‬
‫)وعليك( بالتمسك بالكتاب والسنة والعتصام بهمكا، فإنهمكا ديكن اك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫القويم وصراطه المستقيم، من أخذ بهما سلم وغنكم ورقشكد وعصكم، ومكن‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫حاد عنهما ضل وندم وحاد وقصم، فاجعلهما حاكمين عليك ومتصرفين فيك‬
‫وارجع إليهما في ككل أمكرك ممتثل ل ً لوصكية اك ووصكية رسكوله. قكال اك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫تعالى: )يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ا وأطيعوا الرسول وأولكي المكر منككم‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫فإن تنازعتم في قشيء فكردوه إلكى اك والرسكول إن كنتكم تؤمنكون بكالله‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫واليكوم الخكر ذلكك خيكر وأحسكن تكأويل( ومعنكى قكوله: فكردوه إلكى اك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ل ً‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫والرسول أي إلى الكتاب والسنة.‬
‫وقال رسول ا صلى ا عليه وسلم "أوصيكم بما إن اعتصمتم به لن‬
‫تضلوا أبدا كتاب ا وسنتي".‬
‫فإن سرك أن تكون على الهدى سكالكا للمحجكة البيضكاء الكتي ل عكوج‬
‫ِ‬
‫فيها ول أمتا فاعرض جميع نياتك وأخلقك وأعمالك وأقوال كك عل كى الكت كاب‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫والسنة، فخذ ما وافق ودع ما خالف، واعمل على الحتياط، واتبع الحسككن‬
‫أبدا، ول تبتدع في الدين، ول تتبع غير سبيل المؤمنين فتخسر الدنيا والخرة،‬
‫ذلك هو الخسران المبين.‬
‫)وإياك( ومحدثات المكور ومختلفكات الراء فق كد قكال عليكه الص كلة‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫والسلم: "كل محدثة بدعة وككل بدعكة ضكللة" وقكال عليكه السكلم: "مكن‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".‬
‫والبدع ثلث: "بدعة حسنة" وهي ما رآه أئمة الهدى مما يوافق الكتككاب‬
‫والسنة من حيث إيثار الصلح والنفع والحسن،و ذل كك كجم كع الق كرآن ف كي‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫مصحف لبي بكر، ونصب الديوان وصلة التراويح لعمر، وترتي كب المص كحف‬
‫ك‬
‫ك‬
‫والذان الول يوم الجمعة لعثمان، وأحكام قتال البغاة لعلي رضي ا عنه‬
‫وعن الخلفاء الربعة.‬
‫والثانية: "بدعة مذمومة" على لسان الزهد والورع والقناعة فقط وذلك‬
‫كالتوسع في المالبس والمآكل والمساكن المباحة.‬
‫والثالثة: "بدعة مذمومة مطلقا" وهي ما خالف نصوص الكتاب والس كنة‬
‫ك‬
‫أو خرق إجماع المة، وقد وقع من هذا النكوع للمبتدعكة ككثير فكي الصكول‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫وقل وقوعه في الفروع، وكل من لم يبكالغ فكي التمسكك بالكتكاب والسكنة،‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ولم يبذل وسعه في متابعة الرسول، وهو مع ذلك يدعي أن له مكانككة مككن‬
‫ا تعالى، فل تلتفت إليه ول تعرج عليه، وإن طار في الهكواء ومشكى علكى‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ِّ‬
‫المكاء وطكويت لكه المسكافات وخرقكت لكه العكادات، فكإن ذلكك يقكع ككثيرا‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫للشياطين والسحرة والكهان والرافين والمنجمين وغيرهم من الضلل، ول‬
‫ُّ‬
‫يخرج مثل ذلك عن كونه استدراجا وتلبيسا إلى كونه كرامة وتأييكدا إل وجكود‬
‫ك‬
‫ك‬
‫يَ‬
‫ُ ِ‬
‫الس كتقامة فيم كن ظه كر علي كه، وه كذا المغكرور وأمث كاله إنم كا يلبسكون عل كى‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫الغوغاء والسفلة الذين يعبدون ا على قشك، وأمكا أولكو العقكول واللبكاب‬
‫فقد علموا أن تفاوت المؤمنين في القرب من ا على حسب تفاوتهم فككي‬
‫متابعة الرسول، وأنه كلما كانت المتابعة أكمل كانا لقرب من ا أتم وككانت‬
‫المعرفة به أجل.‬
‫وقد قصد أبو يزيد البسطامي إلى زيارة رجل يوصف بالولية فقع كد ل كه‬
‫ك ك‬
‫في المسجد فلما خرج حضرته نخامة فرمى بها في حائط المسككجد فرجككع‬
‫ُ‬
‫أبو يزيد ولم يجتمع به وقال كيكف يكؤمن علكى أسكرار اك مكن لكم يحسكن‬
‫ك‬
‫ك‬
‫المحافظة على آداب الشريعة.‬
‫وقال الجنيد رحمه ا ككل الطكرق مسكدودة إل علكى مكن اقتفكى أثكر‬
‫ك‬
‫ك‬
‫الرسول صلى ا عليه وسلم.‬
‫وقال سهل بن عبد ا رحمه ا ل معي كن إل ا ك ول دلي كل إل رس كول‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ا صلى ا عليه وسلم ول زاد إل التقوى ول عمل إل الصبر عليها.‬
‫)واعلم( أنه ل يستقل بعرض جميع أموره التي تقع لكه فكي ظكاهره‬
‫وبككاطنه علككى الكتككاب والسككنة كككل أحككد، فككإن ذلككك مخصككوص بالعلمككاء‬
‫الراسخين فإن عجزت عن قشيء من ذلك، فعليك بالرجوع إل كى م كن أم كرك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ا بالرجوع إليه في قوله تعالى: )فاسألوا أهل الذكر إن كنت كم ل تعلم كون(‬
‫ك‬
‫ك‬
‫وأهل الذكر هم العلمكاء بكالله وبكدينه العكاملون بعلمهكم ابتغكاء وجكه اك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫تعالى الزاهدون في الدنيا الذين ل تلهيهم تجارة ول بيع عن ذكر ا تع كالى‬
‫ك‬
‫الداعون إلى ا على بصيرة المكاقشفون بأسرار ا.‬
‫وقد عز على بسيط الرض وج كود واح كد م كن ه كؤلء ح كتى لق كد زع كم‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫جماعة من الكابر أنهم مفقودون، والحق أنهم موجودون ولكن قد سترهم‬
‫ا برداء الغيرة وضرب عليهم سرادقات الخفاء، لغفلة الخاصة وإعككراض‬
‫العامة، فمن طلبهم بصدق وجد في ذلك لم يعكوزه –إن قشكاء اك تعكالى-‬
‫ك‬
‫ك‬
‫وجود واحد منهم، فالصدق سيف ل يوضع على قشيء إل قطعه، والرض ل‬
‫تخلو من قائم لله بحجة. وقد قال عليه الصلة والسلم: "ل تزال طائفة من‬
‫أمتي ظاهرين على الحق ل يضرهم من ناوأهم حتى يأتي أمر ا".‬
‫أولئك نجوم الرض وحمال المانة ون كواب المص كطفى وورث كة النبي كاء،‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫رضككي ا ك عنهككم ورضككوا عنككه، أولئككك حككزب ا ك أل إن حككزب ا ك هككم‬
‫المفلحون.‬
‫فصــل‬
‫)وعليك( بتحسين معتقدك وإص كلحه وتق كويمه عل كى منه كاج "الفرق كة‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫الناجية" وهي المعروفة بين سائر الفرق السلمية بأهل الس كنة والجماع كة‬
‫ك‬
‫ك‬
‫وهم المتمسكون بما كان عليه رسول ا صلى ا عليه وس كلم وأص كحابه،‬
‫ك‬
‫ك‬
‫وأنت إذا نظرت بفهم مستقيم عن قلب سليم فكي نصكوص الكتكاب والسكنة‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫المتض كمنة لعل كوم اليم كان، وط كالعت س كير الس كلف الص كالح م كن الص كحابة‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫والتابعين، علمت وتحققت أن الحق مع الفرقة الموسومة بالقش كعرية نس كبة‬
‫ك‬
‫ك‬
‫إلى الشيخ "أبي الحسن القشعري" رحمه ا فقد رتب قواعد عقي كدة أه كل‬
‫ك‬
‫ك‬
‫الحق وحرر أدلتها، وهي العقيدة التي إجتمعت عليها الصحابة ومن بعدهم‬
‫من خيار التابعين، وهي عقيدة أه كل الح كق مكن أه كل ك كل زم كان و مككان‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫وهي عقيدة جملة أهل التصوف كما حكى ذلك أبو القاسكم القشكيري فكي‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫أول رسالته.‬
‫وه كي بحم كد ا ك عقي كدتنا، وعقي كدة إخوانن كا م كن الس كادة الحس كينيين‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫المعروفين بآل أبي علوي، وعقيدة أسلفنا من لدن رسكول اك صكلى اك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫عليه وسكلم إلكى يومنكا هكذا، وككان المكام المهكاجر إلكى اك جكد السكادة‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫المذكورين سيدي "أحمد بن عيسى بن محمد بكن علكي ابكن المكام جعفكر‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫الصادق" رضي اك عنهكم لمكا رأى ظهكور البكدع وككثرة الهكواء واختلف‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫الراء بالعراق هاجر منها ولم يزل –نفع ا تعالى بكه- يتنقكل فكي الرض،‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫حتى أتي أرض "حضرموت" فأقام بها إلى أن توفي، فبارك ا ف كي عقب كه،‬
‫ك‬
‫ك‬
‫حتى اقش كتهر منهكم الج كم الغفي كر العلكم والعبكادة والوليكة والمعرفكة ولكم‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫يعرض لهم ما عرض لجماعات مكن أهكل الكبيت النبكوي مكن انتحكال البكدع‬
‫واتباع الهواء المضلة ببركات نية هكذا المكام المكؤتمن وفكراره بكدينه مكن‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫مواضع الفتن، فالله تعالى يجزيه عنا أفضل ما جزى والدا عن ولكده ويرفكع‬
‫ك‬
‫درجته مع آبائه الكرام في عليين ويلحقنا بهم في خير وعافي كة غي كر مب كدلين‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ول مفتونين إنه أرحم الراحمين. والماتريدية كالقشعرية في جميع ما تقدم.‬
‫وينبغي لكل مؤمن أن يحصن معتقده بحفظ عقيدة من عقائد الئمة‬
‫المجمع على جللتهم ورسوخهم في العلم. ول أحسب مبتغي ذلك يصادف‬
‫عقيدة جامعة واضحة بعيدة عن الشبه مثل عقي كدة المكام الغزال كي رضكي‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ُّ يَ‬
‫ا عنه التي أوردها في الفصل الول من كتاب قواعد العقائد من الحياء،‬
‫فعليك بها فإن تشوفت إلى مزيد فانظر في الرسالة القدسية الككتي أوردهككا‬
‫في الفصل الثالث من الكتاب المذكور.‬
‫ول تتوغكل فكي علكم الكلم ول تككثر مكن الخكوض فيكه لمجكرد طلكب‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫التحقيق في المعرفة فإنك ل تظفر بهذا المطلوب من هذا العلم. ولككن إن‬
‫ك‬
‫أردت التحقق فكي المعرف كة فعلي كك بس كلوك طريق كه وهكي ال كتزام التق كوى‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ظاهرا وباطنا، وتدبر اليات والخبار، والنظر في ملكوت السماوات والرض‬
‫على قصد العتبار، وتهذيب أخلق النفس وتلطيف كثافاتها بحسن الرياض كة،‬
‫ك‬
‫وتصقيل مرآة القلب بملزمكة الكذكر والفككر، والعكراض عمكا يشكغل عكن‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫التجرد لهذا المر. فهذا سبيل التحصيل إن سلكته عثرت -إن قشاء ا تعالى-‬
‫على المطلوب، وظفرت بالمر المرغوب، والصوفية إنمكا جاهكدوا نفوسكهم‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫وبالغوا ف كي رياض كتها وقطعوه كا ع كن عاداته كا ومألوفاته كا لعلمه كم بتوق كف‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫حصول كمال المعرفة علكى ذلكك، وعلكى كمكال المعرفكة يتوقكف التحقكق‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫بمقام العبودية الذي هو بغية العارفين وأمنية المحققين رض كي ا ك عنهككم‬
‫ك‬
‫أجمعين.‬
‫فصــل‬
‫)وعليك( بأداء الفرائض واجتناب المحرم كات ، والكث كار مكن النوافكل.‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫فإنك إن فعلت ذلك مخلصا لوجه ا الكريم حصلت على غاي كة الق كرب م كن‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ا وخلعت عليك خلعة المحبة التي تصير عندها جمي كع حركات كك وس ككناتك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫لله وبالله، وهي خلعة الولية بل خلعة الخلفة، وقد أقشار إليها رسككول اكك‬
‫صلى ا عليه وسلم بقوله فيما يرويه عن ربه تعالى قال: "م كا تق كرب إل كي‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫عبدي بشكيء أحكب إلكي ممكا افترضكت عليكه ول يكزال عبكدي يتقكرب إلكي‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر‬
‫به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصككر وبككي‬
‫يبطش وبي يمش كي ولئكن س كألني لعطين كه ولئكن اس كتعاذني لعي كذنه وم كا‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ترددت في قشيء أنا فاعله ترددي فكي قبكض نفكس عبكدي المكؤمن يككره‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫الموت وأنا أكره مساءته ول بد له من الموت".‬
‫فانظر –رحمك ا- إلى مكا انطكوى عليكه هكذا الحكديث القدسكي مكن‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫السرار والمعارف وتأمل ما أومأ إليه من الدقائق واللطائف وما وصل هككذا‬
‫العبد الموفق إلى هذه المرتبة العظيمة التي صار فيها ما يحبكه محبوبكا للكه‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫وما يكرهه مكروها عند ا إل بأداء ما فرض كه علي كه والكث كار م كن النواف كل‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ابتغاء الزلفى لديه فالسباق السباق إن ككانت لكك همكة فكي الوصكول إلكى‬
‫مراتب الكمال ورغبة في بلوغ درجات الرجال فقد وضكح لكك الطريكق وبكد‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫لك قشعاع التحقيق.‬
‫)واعلم( أن ا قد جعل فضله ورحمته في النوافل جبرا لما يقع من‬
‫الخلكل ف كي الفرائ كض. ولككن ل يج كبر خل كل الفريض كة إل بنفكل م كن نوعه كا‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫كالصلة بالصلة، والصيام بالصيام، والفرض ه كو الص كل والنف كل ت كابع ل كه،‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫والذي يؤدي الفرائض ويجتنب المحارم ول يتنفل أحسن حال ل ً ممن يتعاطى‬
‫النوافل ويقع في إهمال بعض الفرائض، فإياك أن تعرض عن قشيء مككن‬
‫الفرائض اقشتغال ل ً بشيء من النوافل فتأثم بترك الفريضة ول يتقبل ا منك‬
‫النافلة وتقع في ذلك مثل من يشتغل بتحصكيل العلكم الكذي هكو فكي حقكه‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫فضيله ويترك القشتغال بتحصيل ما هو عليه من العلم فريضة فككي ظككاهره‬
‫وباطنه، ومن يقعد عن الكسب مع القدرة علي كه اقش كتغال ل ً بنواف كل العب كادات‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ويترك عياله يتكففون الناس فقس على هاتين الصورتين م كا ع كداهما مم كا‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫في معناهما.‬
‫)واعلم( أنك ل تصل إلكى القيكام بامتثكال مكا فكرض ا ك عليكك مكن‬
‫ك ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫طاعته واجتناب ما حرم ا عليك من معصيته وإلى العمل بما قشرع لك من‬
‫النوافل التي تقربك إليه زلفى إل بالعلم، فعليك بطلبه فقد قال عليه الصلة‬
‫والسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم".‬
‫وبالعلم تعرف كون الواجب واجبا والمندوب مندوبا، والمح كرم محرم كا،‬
‫ك‬
‫ك‬
‫وتعرف كيف تؤدي الواجب وتفعل المندوب وتترك المحرم فككإذن ل بككد لككك‬
‫من العلم ول غنى لك عنه، وعليه وعلى اعمل به مدار س كعادتك ف كي ال كدنيا‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫والخرة.‬
‫)واعلم( أن من عبد ا بغيكر علكم ككان الضكرر العائكد علي كه بس كبب‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫عبادته أكثر من النفع الحاصل له بها، وككم مكن عابكد قكد أتعكب نفسكه فكي‬
‫العبادة وهو مع ذلك مصر على معصية يرى أنها طاعة أو أنها غيكر معصكية.‬
‫ك‬
‫ك‬
‫وقد حكى الشكيخ العكارف بكالله محمكد بكن عربكي فكي بكاب الوصكايا مكن‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫الفتوحات عن رجل من أهل المغرب أنه كان كثير الجتهاد في العبادة وأنكه‬
‫ك‬
‫1‬

‫اقشترى أتانا ولم يستعملها في قشيء، فسكأله إنسكان عكن سكبب إمسكاكها،‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫قال: ما أمسكتها إل لحصن بها فرجي! وكان ل يعلم تحريكم إتيكان البهكائم،‬
‫فلما عرفه بتحريمه أقشفق وبكى بكاء قشديدا. انتهت الحكاية بمعناها.‬
‫ل ً‬
‫والعلم الواجب على كل مسلم ه كو أن يعل كم وج كوب جمي كع الفرائ كض‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫التي فرضهن ا عليه وتحريم جميع المحرمات التي حرمهن ا عليه. وأما‬
‫العلم بكيفية فعل الشيء الواجب فل يجب إل عند إرادة مباقشرته فمن بلككغ‬
‫أو أسلم في قشكهر المحكرم مثل ل ً ككان الكواجب عليكه فكورا أن يتعلكم معنكى‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫الشهادتين وينطق بهما، ويتعلكم وجكوب الصكلوات الخمكس ومكا يجكب مكن‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫معرفكة أركانهكا وأحكامهكا، ومكن الكواجب عليكه أن يعكرف وجكوب الصكوم‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫والزكاة والحج وغيرها من الواجبات العينية ويعكرف تحريكم الزنكى وقشكرب‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫الخمر وأخذ أموال الناس بالباطل وغيرها من المحرمات الشريعة ولكككن ل‬
‫يجب عليه أن يتعلكم كيفيكة الصكيام والحكج إل عنكد مجيكء رمضكان وإرادة‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫الحج، ول كيفية الزكاة إل حتى يملك مال ل ً يزكى ويجيء وقت إخ كراج الزك كاة‬
‫ك‬
‫ك‬
‫وا أعلم.‬
‫والمحرمات والواجبات العينية معروفكة بيكن المسكلمين ل تككاد تخفكى‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫وإنما المهم معرفة الحكام. نع كم ول يكف كه إل أن يتلق كى جمي كع ذل كك م كن‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫عالم يخشى ا ويدين بالحق. والعامة تخطئ وتصيب فإياك أن تفع كل م كا‬
‫ك ك‬
‫يفعلونه وتترك ما يكتركونه اقتكداء بهكم، فكإن القتكداء ل يصكح إل بالعلمكاء‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫العاملين، وقد عز اليكوم عكالم يعمكل بعلمكه. فكإذا رأيكت العكالم فكي هكذا‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫الزمان يفعل قشيئا أو يتركه مما يجهل كونه حقا أو باطل ل ً فل تكتف كي بمج كرد‬
‫ك‬
‫ك‬
‫رؤيته في الفعل أو الترك حتى تسأله عن وجه ذلك في الشرع وحكمه مكن‬
‫ك‬
‫الدين، ول يحتاج المسلم في تحصيل ما هو فرض عليه من العلم إلى طول‬
‫1‬

‫التان: أنثى الحمار‬
‫مدة، ول يكاد تلحقه مشقة في ذلك لسهولته، ويكفي الط كالب الفط كن ف كي‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫تعلم ذلك أن يجلس مع العالم المتقن ساعة أو ساعتين من زمان وقد جاء‬
‫أعرابي إلى رسول ا صلى ا عليه وسلم وهو يخطب على منبره فسأله‬
‫أن يعلمه مما علمه ا فنزل عن منبره فعلمه ثم صعد المنبر فأتم خطبته.‬
‫وعلى الجملة فمن أراد أن يسلم ويغنم فعليه أن ل ي كدخل ف كي قش كيء‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ول يقيم على فعل قشيء قد دخل فيه حتى يعل كم مكا حككم ا ك فكي ذلكك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك ك‬
‫الشيء من الوجوب أو الندب أو الباحة أو التحريم فجميكع القشكياء ل تخلكو‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫عن أحد هذه المور الربعة، والقشبه أن هذا المر واجب على كل مسلم.‬
‫ثم إن المؤمنين ينقسمون إلى عموم وخصوص، فالعموم ق كد يقع كون‬
‫ك‬
‫ك‬
‫في ترك الواجبات وفعل المحرمات، وأحسنهم من يبادر بالتوبة والستغفار،‬
‫ول يحرصون على فعل النوافل وينهمكون في المباح كات، وأم كا الخص كوص‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫فيؤدون الواجبات وي كتركون المحرمكات بككل ح كال ويحكافظون علكى فعكل‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫المندوبات ويقتصرون من المباحات على ما يكون وسيلة إلى القيام بامتث كال‬
‫ك‬
‫الوامر واجتناب النواهي وبالله التوفيق.‬
‫فصــل‬
‫)وعليك( بلزوم النظافة ظاهرا وباطنا، فإن م كن كمل كت نظ كافته ص كار‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫بروحه وسريرته ملكا روحانيا، وإن ك كان بجس كمه وص كورته بش كرا جس كمانيا.‬
‫ك ةّ‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫يَ‬
‫وقد قال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "بني الدين على النظاف كة" وق كال‬
‫ك‬
‫ك‬
‫عليه الصلة والسلم: "إن ا نظيف يحب النظافة".‬
‫وتحصل النظافكة الباطنكة بتزكيكة النف كس عكن رذائكل الخلق، ككالكبر‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫والرياء والحسد وحب الدنيا وأخواتها، وتحليته كا بمك كارم الخلق، كالتواض كع‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫والحياء والخلص والسخاء وأخواتها.‬
‫وحقائق هذا الخلق وطريقة الخلص م كن رذائله كا وس كبيل التحص كيل‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫لفضائلها قد جمعه المام الغزالي فكي الشكطر الثكاني مكن الحيكاء فعليكك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫بمعرفة ذلك واستعماله.‬
‫وأما النظافة الظاهرة فتحصل بترك المخالفات وفعل الموافقات.‬
‫فمن زين ظكاهره بملزمكة العمكال الصكالحة، وعمكر بكاطنه بكالتخلق‬
‫بالخلق المحمودة، فقد كملت نظافته وإل فله نصيب منها بقدر بعككده عككن‬
‫منكرات الخلق والعمال وقربه من محاسنها.‬
‫ومن أقسام النظافة الظاهرة ما أرقشد إليه الشكرع مكن أخكذ الفضكلت‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫وإزالة الدناس، والتطهر من الحداث والنجاس.‬
‫فمن ذلك: إزالة قشعر العانكة، ونتكف البكط أو حلقكه، وقكص الشكارب،‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫وتقليم الظفر، ويستحب أن يبتكدئ مكن سكبابة اليمنكى إلكى خنصكرها ومكن‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫ك‬
‫خنصر اليسرى إلى إبهامها ويختم بإبهام اليمنى، وأما الرجلن فيبككدأ بخنصككر‬
‫اليمنى ويختم بخنصر اليسرى كالتخليل في الوضوء، ويكره تأخير فعل هذه‬
‫القشياء عن كل أربعين يوما.‬
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Risalatul Muawanah Word  - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id

More Related Content

What's hot

خطبة الرسول يوم حنيين
خطبة الرسول يوم حنيينخطبة الرسول يوم حنيين
خطبة الرسول يوم حنيينغايتي الجنة
 
سعد ين معاذ
سعد ين معاذسعد ين معاذ
سعد ين معاذGreenLife1978
 
رسالة للمبتعثات
رسالة للمبتعثاترسالة للمبتعثات
رسالة للمبتعثاتABUSARAH2010
 
في رحاب القران
في رحاب القرانفي رحاب القران
في رحاب القرانtajweed12
 
مطوية عن التعاون
مطوية عن التعاونمطوية عن التعاون
مطوية عن التعاونCheery Al-Hamood
 
قلندر بابا أولياء عربي مكمل
قلندر بابا أولياء عربي مكملقلندر بابا أولياء عربي مكمل
قلندر بابا أولياء عربي مكملMuhammad Farooqui
 
الصحابي الحسين بن علي
الصحابي الحسين  بن عليالصحابي الحسين  بن علي
الصحابي الحسين بن عليMero Cool
 
Quran: The Accursed Book
Quran: The Accursed BookQuran: The Accursed Book
Quran: The Accursed BookCrossMuslims
 
التوحيد و العبادة
التوحيد و العبادةالتوحيد و العبادة
التوحيد و العبادةalakeeda
 
اخلاقنا ذوق 1
اخلاقنا ذوق 1اخلاقنا ذوق 1
اخلاقنا ذوق 1dangermind
 
علمتنى الحياة 2
علمتنى الحياة 2علمتنى الحياة 2
علمتنى الحياة 2mido224
 
البلايا تحن إلى اللبيب
البلايا تحن إلى اللبيبالبلايا تحن إلى اللبيب
البلايا تحن إلى اللبيبHamid Benkhibech
 
هكذا علمتنى الحياه عائض القرنى جزء 1
هكذا علمتنى الحياه عائض القرنى جزء 1هكذا علمتنى الحياه عائض القرنى جزء 1
هكذا علمتنى الحياه عائض القرنى جزء 1Mohamed Elnabarawi
 
دكتور عبد الغفار سليمان البنداري
دكتور عبد الغفار سليمان البنداريدكتور عبد الغفار سليمان البنداري
دكتور عبد الغفار سليمان البنداريssuser2e4a96
 

What's hot (19)

خطبة الرسول يوم حنيين
خطبة الرسول يوم حنيينخطبة الرسول يوم حنيين
خطبة الرسول يوم حنيين
 
مناقب الأمة المحمدية وخصائصها
مناقب الأمة المحمدية وخصائصهامناقب الأمة المحمدية وخصائصها
مناقب الأمة المحمدية وخصائصها
 
سعد ين معاذ
سعد ين معاذسعد ين معاذ
سعد ين معاذ
 
رسالة للمبتعثات
رسالة للمبتعثاترسالة للمبتعثات
رسالة للمبتعثات
 
في رحاب القران
في رحاب القرانفي رحاب القران
في رحاب القران
 
مطوية عن التعاون
مطوية عن التعاونمطوية عن التعاون
مطوية عن التعاون
 
1
11
1
 
غزة و حصار قريش
غزة و حصار قريشغزة و حصار قريش
غزة و حصار قريش
 
قلندر بابا أولياء عربي مكمل
قلندر بابا أولياء عربي مكملقلندر بابا أولياء عربي مكمل
قلندر بابا أولياء عربي مكمل
 
الصحابي الحسين بن علي
الصحابي الحسين  بن عليالصحابي الحسين  بن علي
الصحابي الحسين بن علي
 
Quran: The Accursed Book
Quran: The Accursed BookQuran: The Accursed Book
Quran: The Accursed Book
 
التوحيد و العبادة
التوحيد و العبادةالتوحيد و العبادة
التوحيد و العبادة
 
اخلاقنا ذوق 1
اخلاقنا ذوق 1اخلاقنا ذوق 1
اخلاقنا ذوق 1
 
علمتنى الحياة 2
علمتنى الحياة 2علمتنى الحياة 2
علمتنى الحياة 2
 
البلايا تحن إلى اللبيب
البلايا تحن إلى اللبيبالبلايا تحن إلى اللبيب
البلايا تحن إلى اللبيب
 
السيرة النبوية
السيرة النبويةالسيرة النبوية
السيرة النبوية
 
هكذا علمتنى الحياه عائض القرنى جزء 1
هكذا علمتنى الحياه عائض القرنى جزء 1هكذا علمتنى الحياه عائض القرنى جزء 1
هكذا علمتنى الحياه عائض القرنى جزء 1
 
دكتور عبد الغفار سليمان البنداري
دكتور عبد الغفار سليمان البنداريدكتور عبد الغفار سليمان البنداري
دكتور عبد الغفار سليمان البنداري
 
WARNING in Arabic about IDOLS جامع أحاديث 1232 النبي محمد في التوحيد والإيمان...
WARNING in Arabic about IDOLS جامع أحاديث 1232 النبي محمد في التوحيد والإيمان...WARNING in Arabic about IDOLS جامع أحاديث 1232 النبي محمد في التوحيد والإيمان...
WARNING in Arabic about IDOLS جامع أحاديث 1232 النبي محمد في التوحيد والإيمان...
 

Similar to Risalatul Muawanah Word - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id

التمهيد في بيان شهادة التوحيد
التمهيد في بيان شهادة التوحيدالتمهيد في بيان شهادة التوحيد
التمهيد في بيان شهادة التوحيدسامر جابر
 
Islamicaklak
IslamicaklakIslamicaklak
Islamicaklaksammani97
 
Islamicaklak
IslamicaklakIslamicaklak
Islamicaklaksammani97
 
انتكاس منتسب للسلفية من السلفية إلى الكفر الدروس و العبر
انتكاس منتسب للسلفية من السلفية إلى الكفر  الدروس و العبرانتكاس منتسب للسلفية من السلفية إلى الكفر  الدروس و العبر
انتكاس منتسب للسلفية من السلفية إلى الكفر الدروس و العبرربيع أحمد
 
1لامن الفكري
1لامن الفكري1لامن الفكري
1لامن الفكريomrakan
 
الصراع الإسلامي الصهيوني بنو اسرائيل في القرآن الكريم
الصراع الإسلامي الصهيوني  بنو اسرائيل في القرآن الكريمالصراع الإسلامي الصهيوني  بنو اسرائيل في القرآن الكريم
الصراع الإسلامي الصهيوني بنو اسرائيل في القرآن الكريمbasheer777
 
مواعظ القلوب بين الترغيب والترهيب
مواعظ القلوب بين الترغيب والترهيبمواعظ القلوب بين الترغيب والترهيب
مواعظ القلوب بين الترغيب والترهيبمبارك الدوسري
 
الأثر الخالد في الولد والوالد.doc
الأثر الخالد في الولد والوالد.docالأثر الخالد في الولد والوالد.doc
الأثر الخالد في الولد والوالد.dochayaahealth
 
نقض افتراءات للتشكيك في مصدرية القرآن الكريم و دلالته على نبوة محمد صلى الله ...
نقض افتراءات للتشكيك في مصدرية القرآن الكريم و دلالته على نبوة محمد صلى الله ...نقض افتراءات للتشكيك في مصدرية القرآن الكريم و دلالته على نبوة محمد صلى الله ...
نقض افتراءات للتشكيك في مصدرية القرآن الكريم و دلالته على نبوة محمد صلى الله ...ربيع أحمد
 
مختصر أسماء الحسنى الثابتة في الكتاب المقدس
مختصر أسماء الحسنى الثابتة في الكتاب المقدسمختصر أسماء الحسنى الثابتة في الكتاب المقدس
مختصر أسماء الحسنى الثابتة في الكتاب المقدسF El Mohdar
 
Copy (2) of أدب الحوار
Copy (2) of أدب الحوارCopy (2) of أدب الحوار
Copy (2) of أدب الحوارTaha Rabea
 
أدب الحوار
أدب الحوارأدب الحوار
أدب الحوارTaha Rabea
 
بيان صلة الرحم.doc
بيان صلة الرحم.docبيان صلة الرحم.doc
بيان صلة الرحم.dochayaahealth
 
تفسير سورة الفاتحه
تفسير سورة  الفاتحهتفسير سورة  الفاتحه
تفسير سورة الفاتحهreemmoon
 
تفسير سورة الفاتحه
تفسير سورة  الفاتحهتفسير سورة  الفاتحه
تفسير سورة الفاتحهreemmoon
 
ثمانية متون في العقيدة والتوحيد
ثمانية متون في العقيدة والتوحيدثمانية متون في العقيدة والتوحيد
ثمانية متون في العقيدة والتوحيدAbdel-Rahman Al-Khattab
 

Similar to Risalatul Muawanah Word - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id (20)

التمهيد في بيان شهادة التوحيد
التمهيد في بيان شهادة التوحيدالتمهيد في بيان شهادة التوحيد
التمهيد في بيان شهادة التوحيد
 
Islamicaklak
IslamicaklakIslamicaklak
Islamicaklak
 
Islamicaklak
IslamicaklakIslamicaklak
Islamicaklak
 
انتكاس منتسب للسلفية من السلفية إلى الكفر الدروس و العبر
انتكاس منتسب للسلفية من السلفية إلى الكفر  الدروس و العبرانتكاس منتسب للسلفية من السلفية إلى الكفر  الدروس و العبر
انتكاس منتسب للسلفية من السلفية إلى الكفر الدروس و العبر
 
1لامن الفكري
1لامن الفكري1لامن الفكري
1لامن الفكري
 
الصراع الإسلامي الصهيوني بنو اسرائيل في القرآن الكريم
الصراع الإسلامي الصهيوني  بنو اسرائيل في القرآن الكريمالصراع الإسلامي الصهيوني  بنو اسرائيل في القرآن الكريم
الصراع الإسلامي الصهيوني بنو اسرائيل في القرآن الكريم
 
مواعظ القلوب بين الترغيب والترهيب
مواعظ القلوب بين الترغيب والترهيبمواعظ القلوب بين الترغيب والترهيب
مواعظ القلوب بين الترغيب والترهيب
 
الأثر الخالد في الولد والوالد.doc
الأثر الخالد في الولد والوالد.docالأثر الخالد في الولد والوالد.doc
الأثر الخالد في الولد والوالد.doc
 
نقض افتراءات للتشكيك في مصدرية القرآن الكريم و دلالته على نبوة محمد صلى الله ...
نقض افتراءات للتشكيك في مصدرية القرآن الكريم و دلالته على نبوة محمد صلى الله ...نقض افتراءات للتشكيك في مصدرية القرآن الكريم و دلالته على نبوة محمد صلى الله ...
نقض افتراءات للتشكيك في مصدرية القرآن الكريم و دلالته على نبوة محمد صلى الله ...
 
مختصر أسماء الحسنى الثابتة في الكتاب المقدس
مختصر أسماء الحسنى الثابتة في الكتاب المقدسمختصر أسماء الحسنى الثابتة في الكتاب المقدس
مختصر أسماء الحسنى الثابتة في الكتاب المقدس
 
Copy (2) of أدب الحوار
Copy (2) of أدب الحوارCopy (2) of أدب الحوار
Copy (2) of أدب الحوار
 
أدب الحوار
أدب الحوارأدب الحوار
أدب الحوار
 
بيان صلة الرحم.doc
بيان صلة الرحم.docبيان صلة الرحم.doc
بيان صلة الرحم.doc
 
تفسير سورة الفاتحه
تفسير سورة  الفاتحهتفسير سورة  الفاتحه
تفسير سورة الفاتحه
 
20
2020
20
 
تفسير سورة الفاتحه
تفسير سورة  الفاتحهتفسير سورة  الفاتحه
تفسير سورة الفاتحه
 
20
2020
20
 
20
2020
20
 
من الإيمان بالغيب الإيمان بفتنة القبر و نعيمه
من الإيمان بالغيب الإيمان بفتنة القبر و نعيمهمن الإيمان بالغيب الإيمان بفتنة القبر و نعيمه
من الإيمان بالغيب الإيمان بفتنة القبر و نعيمه
 
ثمانية متون في العقيدة والتوحيد
ثمانية متون في العقيدة والتوحيدثمانية متون في العقيدة والتوحيد
ثمانية متون في العقيدة والتوحيد
 

More from Rabithah Ma'ahid Islamiyah Nahdlatul Ulama

منظومة عقيدة العوام Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
منظومة عقيدة العوام  Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idمنظومة عقيدة العوام  Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
منظومة عقيدة العوام Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idRabithah Ma'ahid Islamiyah Nahdlatul Ulama
 
فتوح الغيب عبد القادر الجيلاني Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
فتوح الغيب عبد القادر الجيلاني  Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idفتوح الغيب عبد القادر الجيلاني  Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
فتوح الغيب عبد القادر الجيلاني Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idRabithah Ma'ahid Islamiyah Nahdlatul Ulama
 
'Uqud al lijain - imam nawawi al-bantani- - rmi project syndication - www.rmi...
'Uqud al lijain - imam nawawi al-bantani- - rmi project syndication - www.rmi...'Uqud al lijain - imam nawawi al-bantani- - rmi project syndication - www.rmi...
'Uqud al lijain - imam nawawi al-bantani- - rmi project syndication - www.rmi...Rabithah Ma'ahid Islamiyah Nahdlatul Ulama
 
Terjemahan matan aqidatul awam syaikh ahmad marzuqi - rmi project syndicati...
Terjemahan matan aqidatul awam   syaikh ahmad marzuqi - rmi project syndicati...Terjemahan matan aqidatul awam   syaikh ahmad marzuqi - rmi project syndicati...
Terjemahan matan aqidatul awam syaikh ahmad marzuqi - rmi project syndicati...Rabithah Ma'ahid Islamiyah Nahdlatul Ulama
 
Riyadhus salihin (buku2) imam nawawi - rmi project syndication - www.rmi-nu...
Riyadhus salihin (buku2)   imam nawawi - rmi project syndication - www.rmi-nu...Riyadhus salihin (buku2)   imam nawawi - rmi project syndication - www.rmi-nu...
Riyadhus salihin (buku2) imam nawawi - rmi project syndication - www.rmi-nu...Rabithah Ma'ahid Islamiyah Nahdlatul Ulama
 
Maktabah syamilah manual al isdhar 2 rmi project syndication - www.rmi-nu.o...
Maktabah syamilah manual al isdhar 2   rmi project syndication - www.rmi-nu.o...Maktabah syamilah manual al isdhar 2   rmi project syndication - www.rmi-nu.o...
Maktabah syamilah manual al isdhar 2 rmi project syndication - www.rmi-nu.o...Rabithah Ma'ahid Islamiyah Nahdlatul Ulama
 
Kitab at tibyan fi adab hamalat al-qur' an karya imam nawawi - rmi project sy...
Kitab at tibyan fi adab hamalat al-qur' an karya imam nawawi - rmi project sy...Kitab at tibyan fi adab hamalat al-qur' an karya imam nawawi - rmi project sy...
Kitab at tibyan fi adab hamalat al-qur' an karya imam nawawi - rmi project sy...Rabithah Ma'ahid Islamiyah Nahdlatul Ulama
 
Doa untuk termudahkan membayar hutang - rmi project syndication - www.rmi-n...
Doa untuk termudahkan membayar hutang   - rmi project syndication - www.rmi-n...Doa untuk termudahkan membayar hutang   - rmi project syndication - www.rmi-n...
Doa untuk termudahkan membayar hutang - rmi project syndication - www.rmi-n...Rabithah Ma'ahid Islamiyah Nahdlatul Ulama
 

More from Rabithah Ma'ahid Islamiyah Nahdlatul Ulama (20)

منظومة عقيدة العوام Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
منظومة عقيدة العوام  Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idمنظومة عقيدة العوام  Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
منظومة عقيدة العوام Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
 
فتوح الغيب عبد القادر الجيلاني Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
فتوح الغيب عبد القادر الجيلاني  Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idفتوح الغيب عبد القادر الجيلاني  Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
فتوح الغيب عبد القادر الجيلاني Rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
 
Wirdullatif rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Wirdullatif  rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idWirdullatif  rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Wirdullatif rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
 
'Uqud al lijain - imam nawawi al-bantani- - rmi project syndication - www.rmi...
'Uqud al lijain - imam nawawi al-bantani- - rmi project syndication - www.rmi...'Uqud al lijain - imam nawawi al-bantani- - rmi project syndication - www.rmi...
'Uqud al lijain - imam nawawi al-bantani- - rmi project syndication - www.rmi...
 
Text simtudduror from alkisah rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Text simtudduror from alkisah  rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idText simtudduror from alkisah  rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Text simtudduror from alkisah rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
 
Terjemahan matan aqidatul awam syaikh ahmad marzuqi - rmi project syndicati...
Terjemahan matan aqidatul awam   syaikh ahmad marzuqi - rmi project syndicati...Terjemahan matan aqidatul awam   syaikh ahmad marzuqi - rmi project syndicati...
Terjemahan matan aqidatul awam syaikh ahmad marzuqi - rmi project syndicati...
 
Tahlilan madzhab syafi'i rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Tahlilan madzhab syafi'i    rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idTahlilan madzhab syafi'i    rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Tahlilan madzhab syafi'i rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
 
Safinatun najah rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Safinatun najah   rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idSafinatun najah   rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Safinatun najah rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
 
Rs mohaqaq - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Rs mohaqaq   - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idRs mohaqaq   - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Rs mohaqaq - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
 
Riyadhus salihin (buku2) imam nawawi - rmi project syndication - www.rmi-nu...
Riyadhus salihin (buku2)   imam nawawi - rmi project syndication - www.rmi-nu...Riyadhus salihin (buku2)   imam nawawi - rmi project syndication - www.rmi-nu...
Riyadhus salihin (buku2) imam nawawi - rmi project syndication - www.rmi-nu...
 
Qasida in arabic rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Qasida in arabic   rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idQasida in arabic   rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Qasida in arabic rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
 
Nashoih diniyyah rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Nashoih diniyyah    rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idNashoih diniyyah    rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Nashoih diniyyah rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
 
Mausuah yusufiyah rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Mausuah yusufiyah    rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idMausuah yusufiyah    rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Mausuah yusufiyah rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
 
Maktabah syamilah manual al isdhar 2 rmi project syndication - www.rmi-nu.o...
Maktabah syamilah manual al isdhar 2   rmi project syndication - www.rmi-nu.o...Maktabah syamilah manual al isdhar 2   rmi project syndication - www.rmi-nu.o...
Maktabah syamilah manual al isdhar 2 rmi project syndication - www.rmi-nu.o...
 
Kitab at tibyan fi adab hamalat al-qur' an karya imam nawawi - rmi project sy...
Kitab at tibyan fi adab hamalat al-qur' an karya imam nawawi - rmi project sy...Kitab at tibyan fi adab hamalat al-qur' an karya imam nawawi - rmi project sy...
Kitab at tibyan fi adab hamalat al-qur' an karya imam nawawi - rmi project sy...
 
Kimia kebahagiaan imam ghazali
Kimia kebahagiaan   imam ghazaliKimia kebahagiaan   imam ghazali
Kimia kebahagiaan imam ghazali
 
Kenalilah akidahmu - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Kenalilah akidahmu - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idKenalilah akidahmu - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Kenalilah akidahmu - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
 
Doa untuk termudahkan membayar hutang - rmi project syndication - www.rmi-n...
Doa untuk termudahkan membayar hutang   - rmi project syndication - www.rmi-n...Doa untuk termudahkan membayar hutang   - rmi project syndication - www.rmi-n...
Doa untuk termudahkan membayar hutang - rmi project syndication - www.rmi-n...
 
Burdah busairi rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Burdah busairi   rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idBurdah busairi   rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Burdah busairi rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
 
Bacaan tahlil rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Bacaan tahlil    rmi project syndication - www.rmi-nu.or.idBacaan tahlil    rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
Bacaan tahlil rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id
 

Risalatul Muawanah Word - rmi project syndication - www.rmi-nu.or.id

  • 1. ‫رسالة‬ ‫المعاونة والمظاهرة‬ ‫والمؤازرة‬ ‫للراغبين من المؤمنين في سلوك طريق الرخرة‬ ‫للمام شيخ السلم قطب الدعوة والرشاد‬ ‫الحبيب عبد ال بن علوي الحداد الحضرمي الشافعي‬ ‫رحمه ال تعالى‬
  • 2. ‫بسم ال الرحمن الرحيم‬ ‫رب يسر وأعن يا كريم، وافتح بالحق وأنت الفتاح العليم. )سبحانك ل‬ ‫ِّ‬ ‫علم لنا إل ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم(.‬ ‫الحمد لله الواحد الجواد الوهاب الرزاق الحنان المنان، الذي بعث‬ ‫محمدا خاتم أنبيائه صلى ا عليه وسلم برسالته إلى جميع النس والجان،‬ ‫وأنزل عليه القرآن، فيه هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وشرع له‬ ‫ُ ً‬ ‫ولمته ما وصى به نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى، وفض ل دينه على سائر‬ ‫ىّ‬ ‫ىّ‬ ‫الديان، وجعله أكرم خلقه عليه، وجع ل أمته خير أمة أخرجت للناس،‬ ‫يؤمنون بالله واليوم الخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر،‬ ‫ويتعاونون على البر والتقوى ول يتعاونون على المثم والعدوان، ويقيمون‬ ‫الصل ة ويؤتون الزكا ة، ويتواصون بالحق والصبر، ويجاهدون في سبي ل ا‬ ‫وَ‬ ‫ول يخافون لومة لئم من أه ل الزيغ والخذلن، فما يصد عن سبي ل ا،‬ ‫ذِ‬ ‫وَ‬ ‫ويلوم على القيام بواجب حق ا، إل الذين حقت عليهم الكلمة من ا‬ ‫ىّ‬ ‫بالشقاو ة والخسران، والخزي والهوان، ول تجرد لنصح عباد ا ودعوتهم‬ ‫ذِ‬ ‫إلى باب ا إل الذين سبقت لهم من ا الحسنى بالسعاد ة والمان،‬ ‫والفوز والرضوان، أولئك ورمثة النبيين، وأئمة المتقين وخير ة رب العالمين‬ ‫من المؤمنين الراسخين في العلم، المتحققون بحقائق اليمان واليقان‬ ‫والحسان، الواقفون على أسرار ا في ملكه وملكوته من طريق الكشف‬ ‫والعيان، وما فازوا بهذه المناقب، ول وصلوا إلى هذه المراتب، إل بحسن‬ ‫ذِ‬ ‫اقتفائهم، وكمال اتباعهم، لمام الئمة الذي أرسله ا للعالمين رحمة، عبد‬ ‫ ً‬
  • 3. ‫ا ورسوله وحبيبه وخليله سيدنا محمد صلى ا عليه وعلى آله وأصحابه‬ ‫وسلم في ك ل حين وأوان، صل ة وسلما دائمين بدوام ا الملك الديان.‬ ‫أما بعد، فيقول العبد الفقير، المعترف بالقصور والتقصير، الراجي عفو‬ ‫ربه القدير، الشريف عبد ا بن علوي الحداد باعلوي الحسيني عفا ا عنه‬ ‫وعن أسلفه آمين: هذه رسالة بحول ا وقوته جامعة، ووصية بفض ل ا‬ ‫ورحمته نافعه، حملني على وضعها المتثال لمر ا تعالى وأمر رسوله،‬ ‫والرغبة في الوعد الصادق الوارد في الدللة على الهدى والدعو ة إلى الخير‬ ‫والنشر للعلم.‬ ‫قال ا تعالى: )ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون‬ ‫وَ‬ ‫ ٌ ْ‬ ‫ ْ وَ ْ‬ ‫بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون(، وقال ا تعالى:‬ ‫ ْ وَ‬ ‫)ادع إلى سبي ل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة(، وقال تعالى: )وإذ أخذ‬ ‫ىّ‬ ‫ ْ ُ‬ ‫ا ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ول تكتمونه(، وقال تعالى لنبيه:‬ ‫)ق ل هذه سبيلي أدعو إلى ا على بصير ة أنا ومن اتبعني(، وقال رسول‬ ‫ىّ‬ ‫ا صلى ا عليه وسلم: "ليبلغ الشاهد منكم الغائب فرب حام ل فقه إلى‬ ‫ىّ‬ ‫من هو أفقه منه ورب حام ل فقه ليس بفقيه". وقال عليه الصل ة والسلم‬ ‫َّ‬ ‫"من دعا إلى هدى كان له من الجر مث ل أجور من تبعه ل ينقص ذلك من‬ ‫أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضللة كان عليه من المثم مث ل آمثام من تبعه ل‬ ‫ُ‬ ‫ينقص ذلك من آمثامهم شيئا"، وقال عليه الصل ة والسلم: "من دل على خير‬ ‫ىّ‬ ‫كان له من الجر مث ل فاعله".‬ ‫وقال عليه الصل ة والسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إل من‬ ‫مثل:ث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" وقال عليه‬ ‫الصل ة والسلم: "أجودكم بعدي رج ل علم علما فنشره يبعث يوم القيامة‬ ‫ذِ‬ ‫وَ‬ ‫أمة وحده".‬ ‫ ً‬
  • 4. ‫وقال عليه الصل ة والسلم: "الخلق كلهم يصلون على معلمي الناس‬ ‫الخير حتى حيتان الماء".‬ ‫وقال عليه السلم: "الخلق كلهم عيال ا وأحبهم إلى ا تعالى‬ ‫أنفعهم لعياله".‬ ‫ول يستطيع أحد أن ينفع خلق ا بمث ل دعوتهم إلى ا تعالى،‬ ‫بتعريفهم ما يجب له من التوحيد والطاعة، وتذكيرهم بآياته وآلئه‬ ‫وتبشيرهم برحمته، وتحذيرهم من سخطه الواقع بالمتعرضين له من‬ ‫الكافرين والفاسقين.‬ ‫وقد حثني على امتثال هذا المر العظيم، وأكد رغبتي في السعي إلى‬ ‫تحصي ل هذا الوعد الكريم الواقعين في اليات والخبار التي ذكرتها وما في‬ ‫معناها مما لم أذكره سؤال أخ من الساد ة، صادق في الراد ة، سالك‬ ‫لسبي ل السعاد ة، التمس مني أن أكتب له وصية ينتفع بها، فأجبته إلى ذلك‬ ‫ ً‬ ‫راغبا فيما تقدم من المتثال للوامر والفوز بالثواب وفي معونة ا تعالى،‬ ‫وأن يكون سبحانه في حاجتي على وفق ما أخبر به رسوله عنه في قوله‬ ‫عليه الصل ة والسلم: "من كان في حاجة أخيه كان ا في حاجته وا‬ ‫في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" وأنا أستغفر ا، ول أقول: أن‬ ‫نيتي في وضع هذه الرسالة مقصور ة على هذه المقاصد الحسنة الدينية،‬ ‫كيف وأنا أعلم ما عندي من الشهوات الخفية، والحظوظ النفسية، والرادات‬ ‫الدنيوية، )وما أبرئ نفسي إن النفس لمار ة بالسوء إل ما رحم ربي إن‬ ‫ربي غفور رحيم( والنفس عدو، والعدو ل يؤمن. ب ل هي أعدى العداء،‬ ‫ٌّ‬ ‫كما قال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "أعدى عدوك نفسك التي بين‬ ‫جنبيك". ولله در القائ ل حيث يقول:‬
  • 5. ‫توق نفسك ل تأمن غوائلها‬ ‫فالنفس أخبث من سبعين‬ ‫شيطانا‬ ‫اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي.‬ ‫اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما ل أعلم.‬ ‫وقد صدرت فصول هذه الرسالة بقولي في أول ك ل فص ل منها:‬ ‫ىّ ُ‬ ‫" وعليك" بكذا قاصدا بذلك مخاطبة نفسي وأخي الذي كان سببا في‬ ‫وضعها خصوصا، وسائر من وقف عليها من المسلمين عموما.‬ ‫وهذه الكلمة لها وقع في قلب المخاطب. وأنجو بها -إن شاء ا‬ ‫تعالى- من التوبيخ والوعيد الواردين في حق من يقول ول يفع ل، ويعلم‬ ‫ول يعم ل؛ لني إذا خاطبت نفسي بقولي " وعليك" دل ذلك على أنها لم‬ ‫تتحقق بالعم ل بما علمت، وعلى أني لم أزل أحثها على استعمال ما تدعو‬ ‫إليه، وبذلك يزول التلبيس على المؤمنين، والنسيان للنفس الذي وصف ا‬ ‫تعالى به من ل يعق ل في قوله تعالى: )أتأمرون الناس بالبر وتنسون‬ ‫ىّ‬ ‫أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفل تعقلون( ومن الوعيد الوارد في حق من‬ ‫يقول ول يفع ل في قول رسول ا صلى ا عليه وسلم: "يؤمر بالعالم‬ ‫إلى النار فتندلق أقتابه1. فيدور بها في النار كما يدور الحمار بالرحا فيجتمع‬ ‫عليه أه ل النار فيقولون ما بال البعد قد آذانا على ما بنا فيقول: إن البعد‬ ‫كان يأمر بالخير ول يأتيه وينهى عن الشر ويأتيه".‬ ‫وقال عليه الصل ة والسلم: "العالم الذي يعلم ول يعم ل مث ل الفتيلة‬ ‫تضيء للناس وتحرق نفسها".‬ ‫وقال عليه السلم: "مررت ليلة أسري بي برجال تقرض شفاههم‬ ‫بمقاريض من نار فقلت من أنتم؟ فقالوا كنا نأمر بالخير ول نأتيه وننهى عن‬ ‫1 تندلق: تخرج- أقتاب جمع قتب بالكسر وهو المعى.‬
  • 6. ‫الشر ونأتيه" وهذا الوعيد إنما يتحقق في حق من يدعو إلى ا على نية‬ ‫الدنيا، ويحث على الخير وهو مصر على تركه، ويحذر من الشر وهو مصر‬ ‫على فعله رياء وسمعة، فأما من يدعو إلى باب ا وهو مع ذلك يلوم‬ ‫ ً‬ ‫ ً‬ ‫نفسه وينهاها عن التقصير ويحثها على التشمير فالنجا ة مرجو ة له.‬ ‫وعلى ك ل حال فالذي يعلم ويعلم ول يعم ل أحسن حال ً وأرشد طريقة‬ ‫وأحمد عاقبة من الذي ل يعم ل ول يعلم.‬ ‫وربما قال قائ ل ممن ل يعق ل: الكتب كثير ة وفيها غنية وكفاية فل‬ ‫فائد ة في تصنيف الكتب في هذا الزمان، فهذا القائ ل إن أصاب في قوله:‬ ‫إن في الكتب غنية وكفاية فقد أخطأ في قوله: ل فائد ة للتصنيف في هذا‬ ‫الزمان، لن للقلوب ميل ً بحكم الجبلة إلى ك ل جديد، وأيضا فإن ا ينطق‬ ‫ُ ذِ‬ ‫علماء ك ل زمان بما يوافق أهله، والتصانيف تبلغ الماكن البعيد ة وتبقى بعد‬ ‫موت العالم فيحص ل له بذلك فض ل نشر العلم ويكتب معلما داعيا إلى ا‬ ‫في قبره، كما قال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "من أنعش لسانه حقا‬ ‫يعم ل به من بعده أجري عليه أجره إلى يوم القيامة" وقد سميت هذه‬ ‫ُ‬ ‫ُ ذِ وَ‬ ‫الرسالة المشار إليها:‬ ‫"رسالة المعاونة والمظاهر ة والمؤازر ة للراغبين من المؤمنين في‬ ‫سلوك طريق الخر ة"‬ ‫أسأل ا تعالى أن ينفعني بها وسائر المؤمنين، وأن يجع ل جمعي لها‬ ‫واعتنائي بها وبتأليفها خالصا لوجهه الكريم.‬ ‫وهذا أوان البتداء وبالله التوفيق فأقول مستعينا بالله ومفوضا إليه،‬ ‫وسائل ً منه أن يوفقني لصابة الصواب في النيات والعمال والقوال، فإنه‬ ‫ولي ذلك والقادر عليه، وهو حسبي ونعم الوكي ل:‬
  • 7. ‫فصــل‬ ‫)وعليك( أيها الخ الحبيب بتقوية يقينك وتحسينه، فإن اليقين إذا تمكن‬ ‫من القلب واستولى عليه صار الغيب كأنه شهاد ة، وعند ذلك يقول الموقن‬ ‫كما قال علي كرم ا وجهه: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا.‬ ‫واليقين عبار ة عن قو ة اليمان ومثباته ورسوخه حتى يصير كالطود‬ ‫الشامخ، ل تزلزله الشكوك، ول تزعزعه الوهام، ب ل ل يبقى للشكوك‬ ‫والوهام وجود البتة. فإن جاءت من خارج لم تصغ إليها الذن ولم يلتفت‬ ‫إليها القلب.‬ ‫والشيطان ل يستطيع الدنو من صاحب هذا اليقين ب ل يفر منه ويفرق‬ ‫من ظله ويقنع بالسلمة، كما قال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "إن‬ ‫الشيطان ليفرق من ظ ل عمر وما سلك عمر فجا إل سلك الشيطان فجا‬ ‫ىّ‬ ‫ىّ‬ ‫وَ‬ ‫آخر".‬ ‫ويقوى اليقين ويحسن بأسباب:‬ ‫منها- وهو الص ل والذي عليه المدار- أن يصغي العبد بقلبه وأذنه إلى‬ ‫استماع اليات والخبار الدالة على جلل ا تعالى وكماله وعظمته‬ ‫وكبريائه وانفراده بالخلق والمر، والسلطان والقهر وعلى صدق الرس ل‬ ‫وكمالهم وما أيدوا به من المعجزات وما ح ل بمعانديهم من أنواع العقوبات‬ ‫وما ورد في اليوم الخر من إمثابة المحسنين ومعاقبة المسيئين.‬ ‫وَ‬ ‫وإلى كون هذا المر كافيا في إفاد ة اليقين الشار ة يقوله تعالى: )أ وَو‬ ‫ُ‬ ‫لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم( الية.‬ ‫ُ وَ‬ ‫ذِ ذِ‬ ‫السبب الثاني أن ينظر بعين العتبار في ملكوت السماوات والرض،‬ ‫وما بث ا فيهما من عجائب المصنوعات، وبدائع المكونات.‬
  • 8. ‫وإلى إفادته اليقين الشار ة بقوله تعالى: )سنريهم آياتنا في الفاق‬ ‫ذِ‬ ‫ُ‬ ‫وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق(.‬ ‫َّ‬ ‫السبب الثالث أن يعم ل على مقتضى ما آمن به ظاهرا وباطنا ويشمر‬ ‫ىّ‬ ‫في ذلك ويبذل الستطاعة فيما هنالك.‬ ‫وإلى إفادته الشار ة بقوله تعالى: )والذين جاهدوا فينا لنهدينهم‬ ‫َّ‬ ‫سبلنا(.‬ ‫ُ وَ‬ ‫ومن مثمرات اليقين السكون إلى وعد ا، والثقة بضمان ا، والقبال‬ ‫بكنه الهمة على ا، وترك ما من شأنه أن يشغ ل عن ا تعالى، والرجوع‬ ‫في ك ل حال إلى ا واستفراغ الطاقة في ابتغاء مرضا ة ا.‬ ‫وعلى الجملة فاليقين أص ل اليمان وسائر المقامات الشريفة والخلق‬ ‫المحمود ة والعمال الصالحة من فروعه ومثمراته، والخلق والعمال تابعة‬ ‫لليقين قو ة وضعفا، وصحة وسقما. قال لقمان عليه السلم ل يستطاع‬ ‫العم ل إل باليقين، ول يعم ل العبد إل بقدر يقينه، ول يقصر عام ل حتى‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ينقص يقينه، ولهذا قال رسول ا صلى ا عليه وسلم: " اليقين اليمان‬ ‫ُ‬ ‫كله".‬ ‫وأه ل اليمان في اليقين على مثل:ث درجات:‬ ‫الولى _ وهي درجة أصحاب اليمين- التصديق الجازم مع إمكان‬ ‫ُ‬ ‫التشكك والتزلزل لو جاء ما يقتضيه، ويعبر عنها باليمان.‬ ‫الدرجة الثانية _ وهي درجة المقربين- استيلء اليمان على القلب،‬ ‫ومثباته فيه حتى ل يجوز النقيض، ب ل ل يتصور وجوده فضل ً عن إمكانه،‬ ‫وفي هذه الدرجة يصير الغيب كأنه شهاد ة ويعبر عنها باليقين.‬
  • 9. ‫الدرجة الثالثة _ وهي درجة النبيين وكم ل ورمثتهم من الصديقين- أن‬ ‫يصير الغيب شهاد ة ويعبر عنها بالكشف والعيان.‬ ‫وبين أه ل ك ل درجة في درجتهم تفاوت بعيد، وك ل فاض ل والبعض‬ ‫ٌّ‬ ‫أفض ل، ذلك فض ل ا يؤتيه من يشاء وا ذو الفض ل العظيم.‬
  • 10. ‫فصــل‬ ‫)وعليك( يا أخي بإصلح النية وإخلصها وتفقدها والتفكر فيها قب ل‬ ‫الدخول في العم ل، فإنها أساس العم ل، والعمال تابعة لها حسنا وقبحا‬ ‫وصحة وفسادا. وقد قال صلى ا عليه وسلم "إنما العمال بالنيات وإنما‬ ‫ ً‬ ‫لك ل امرئ ما نوى" فعليك أن ل تقول قول، ول تعم ل عمل، ول تعزم على‬ ‫ ً‬ ‫ ً‬ ‫أمر، إل وتكون ناويا بذلك التقرب إلى ا، وابتغاء الثواب الذي رتبه سبحانه‬ ‫وَ‬ ‫على المر المنوي من باب المنة والفض ل.‬ ‫ذِ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫)واعلم( أنه ل يصح التقرب إلى ا إل بما شرعه على لسان رسوله‬ ‫من الفرائض والنواف ل، وقد تؤمثر النية الصادقة في المر المباح فيصير قربة‬ ‫لله من حيث أن للوسائ ل حكم المقاصد، كمن ينوي بأكله التقوي على‬ ‫طاعة ا، وبإتيانه أهله التسبب في حصول ولد يعبد ا.‬ ‫ويشترط لصدق النية أن ل يكذبها العم ل، فمن يطلب العلم، مثل،‬ ‫ ً‬ ‫ويزعم أن نيته في تحصيله أن يعلم ويعلم، فإن لم يفع ل ذلك عند التمكين‬ ‫ِّ‬ ‫منه فنيته غير صادقة، وكمن يطلب الدنيا ويزعم أنه إنما يطلبها لج ل‬ ‫الستغناء عن الناس، والتصدق على المحتاجين، وصلة القربين، فإن لم‬ ‫يفع ل ذلك عند القدر ة عليه فل أمثر لنيته.‬ ‫والنية ل تؤمثر في المعاصي شيئا كما أن التطهير ل أمثر له في نجس‬ ‫العين، فمن وافق إنسانا على غيبة مسلم وادعى أنه يقصد بذلك إدخال‬ ‫السرور على قلبه فهو أحد المغتابين، ومن سكت عن المر بالمعروف‬ ‫والنهي عن المنكر وادعى أنه ينوي بسكوته التوقي عن كسر قلب المباشر‬ ‫ِّ‬ ‫فهو شريكه في المثم، وإذا تعلقت النية الخبيثة بالعم ل الطيب أفسدته وصار‬ ‫خبيثا، كمن يعم ل الصالحات وينوي بذلك تحصي ل المال والجاه.‬
  • 11. ‫فاجتهد يا أخي أن تكون نيتك في طاعتك مقصور ة على ابتغاء وجه‬ ‫ا تعالى، وانو بما تتعاطاه من المباحات الستعانة على طاعة ا تعالى.‬ ‫)واعلم( أنه يتصور أن يجتمع في العم ل الواحد نيات كثير ة، ويكون‬ ‫للعام ل بك ل نية منها مثواب تام.‬ ‫مثاله من الطاعات أن ينوي بقراء ة القرآن مناجا ة ا تعالى، فإن‬ ‫القارئ مناج ربه، وينوي استخراج العلوم من القرآن فإنه معدنها، وينوي نفع‬ ‫نفسه والسامعين، إلى غير ذلك من النيات الصالحة الحسنة.‬ ‫ومثاله من المباحات أن تنوي بالك ل امتثال أمر ربك في قوله تعالى:‬ ‫)يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم( وتنوي به التقوي على طاعة‬ ‫ا تعالى، وتنوي به التسبب في استخراج الشكر منك لربك إذ يقول‬ ‫سبحانه: )كلوا من رزق ربكم واشكروا له( فقس على هذين المثالين ما‬ ‫عداهما من الطاعات والمباحات واستكثر من صالح النيات جهدك.‬ ‫مثم إن النية تطلق ويراد بها أحد معنيين: الول أن النية عبار ة عن‬ ‫غرضك الذي حملك على العزم والعم ل والقول، وتكون النية بهذا العتبار‬ ‫في الكثر خيرا من العم ل إن كان خيرا، وشرا منه إن كان شرا، وقد قال‬ ‫عليه الصل ة والسلم: "نية المؤمن خير من عمله" فانظر كيف خص‬ ‫المؤمن بالذكر!‬ ‫والمعنى الثاني أن النية عبار ة عن قصدك فع ل الشيء وعزمك عليه.‬ ‫وهذه النية ل تكون خيرا من العم ل ولكن ل يخلو النسان عند عزمه على‬ ‫فع ل شيء من إحدى مثل:ث حالت:‬ ‫الولى أن يعزم ويعم ل.‬ ‫والثانية أن يعزم ول يعم ل مع القدر ة على العم ل. وحكم هذه الحالة‬ ‫والتي قبلها قد أتى مبينا فيما روي عن ابن عباس رضي ا عنهما عن‬
  • 12. ‫رسول ا صلى ا عليه وسلم أنه قال: "إن ا كتب الحسنات والسيئات"‬ ‫مثم بين ذلك بقوله: "فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها ا عنده حسنة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫كاملة، فإن هم بها فعملها كتبها ا عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف‬ ‫َّ‬ ‫إلى أضعاف كثير ة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها ا عنده حسنة كاملة،‬ ‫فإن هم بها فعملها كتبها ا سيئة واحد ة".‬ ‫الحالة الثالثة أن يعزم على فع ل أمر ل يستطيع فعله، فيصير يقول لو‬ ‫استطعت عملت، فله نية ما للعام ل وعليه ما عليه. والدلي ل على ذلك قوله‬ ‫عليه الصل ة والسلم: "الناس أربعة رج ل آتاه ا علما ومال ً فهو يعم ل‬ ‫في ماله بعلمه، فيقول آخر لو آتاني ا مث ل ما آتاه عملت مث ل عمله فهما‬ ‫في الجر سواء، ورج ل آتاه ا مال ً ولم يؤته علما فهو يخبط في ماله‬ ‫بجهله فيقول آخر لو آتاني ا مث ل ما آتاه عملت مث ل عمله فهما في الوزر‬ ‫سواء".‬
  • 13. ‫فصــل‬ ‫)وعليك( يا أخي بمراقبة ا تعالى في حركاتك وسكناتك ولحظاتك‬ ‫وطرفاتك وخطراتك وإراداتك وسائر حالتك، واستشعر قربه منك، واعلم‬ ‫أنه ناظر إليك ومطاع عليك، ل يخفى عليه منك خافية )وما يعزب عن ربك‬ ‫من مثقال ذر ة في الرض ول في السماء(، )وإن تجهر بالقول فإنه يعلم‬ ‫السر وأخفى( وهو معك أينما كنت، بالعلم والحاطة والقتدار ويدلك مع‬ ‫ُّ‬ ‫الهداية والعانة والحفظ إن كنت من البرار، فاستحي من مولك حق‬ ‫الحياء، واجتهد أن ل يراك حيث نهاك، ول يفتقدك حيث أمرك، واعبده كأنك‬ ‫تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.‬ ‫ومتى رأيت من نفسك تكاسل ً عن طاعته أو ميل ً إلى معصيته فذكرها‬ ‫بأن ا يسمعك ويراك ويعلم سرك ونجواك، فإن لم يفدها هذا الذكر‬ ‫لقصور معرفتها بجلل ا تعالى فاذكر لها مكان الملكين الكريمين اللذين‬ ‫يكتبان الحسنات والسيئات وات ل عليها )إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن‬ ‫ذِ‬ ‫وَ‬ ‫َّ‬ ‫الشمال قعيد ما يلفظ من قول إل لديه رقيب عتيد( فإن لم تتأمثر بهذا التذكير‬ ‫ذِ ُ‬ ‫فذكرها قرب الموت وأنه أقرب غائب ينتظر، وخوفها بهجومه على غر ة وأنه‬ ‫ِّ‬ ‫متى نزل بها وهي على حالة غير مرضية تنقلب بخسران ل آخر له، فإن لم‬ ‫ينفعها هذا التخويف فاذكر لها ما وعد ا به من أطاعه من الثواب العظيم‬ ‫وما توعد به من عصاه من العذاب الليم، وق ل لها يا نفس ما بعد الموت‬ ‫َّ‬ ‫من مستعتب وما بعد الدنيا من دار إل الجنة أو النار فاختاري -لنفسك إن‬ ‫وَ‬ ‫شئت- طاعة تكون عاقبتها الفوز والرضوان والخلود في فسيح الجنان،‬ ‫والنظر إلى وجه ا الكريم المنان، وإن شئت، معصية يكون آخرها الخزي‬ ‫والهوان والسخط والحرمان والحبس بين طبقات النيران، فعالج نفسك‬
  • 14. ‫بهذه الذكار عند تقاعدها عن الطاعة وركونها إلى المعصية فإنها من‬ ‫الدوية النافعة لمراض القلوب.‬ ‫مثم إنه إن مثار من قلبك عند استشعارك أن ا يراك حياء منه يمنعك‬ ‫ ٌ‬ ‫عن مخالفته ويحملك على التشمير في طاعته فعندك شيء من حقائق‬ ‫المراقبة.‬ ‫)واعلم( أن المراقبة من أشرف المقامات وأرفع المنازل وأعلى‬ ‫الدرجات وهي مقام الحسان المشار إليه بقوله عليه الصل ة والسلم:‬ ‫"الحسان أن تعبد ا كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" وك ل واحد‬ ‫من المؤمنين يؤمن بأنه ا ل يخفى عليه شيء في الرض ول في‬ ‫السماء، ويعلم أن ا معه أينما كان ل يخفى عليه شيء من حركاته‬ ‫وسكناته، ولكن الشأن في دوام هذا المشهد وحصول مثمراته التي أقلها أن‬ ‫ل يعم ل فيما بينه وبين ا عمل ً يستحي أن يراه عليه رج ل من الصالحين،‬ ‫وهذا عزيز وما وراءه أعز منه إلى أن يصير العبد في آخر المر مستغرقا‬ ‫بالله تعالى وفانيا عم ل سواه قد غاب عن الخلق بشهود الحق والتحق‬ ‫بمقعد صدق عند مليك مقتدر.‬
  • 15. ‫فصــل‬ ‫)وعليك( يا أخي بإصلح سريرتك حتى تصير خيرا من علنيتك‬ ‫الصالحة، وذلك لن السرير ة موضع نظر الحق، والعلنية مطمح نظر‬ ‫الخلق، وما ذكر ا تعالى السر والعلن في كتابه إل وبدأ بذكر السر. وكان‬ ‫من دعائه عليه الصل ة والسلم: "اللهم اجع ل سريرتي خيرا من علنيتي‬ ‫واجع ل علنيتي صالحة" ومتى صلحت السرير ة صلحت العلنية ل محالة،‬ ‫فإن الظاهر أبدا يكون تبعا للباطن صلحا وفسادا. قال رسول ا صلى‬ ‫ا عليه وسلم: "إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح بها سائر الجسد‬ ‫ُ‬ ‫وإذا فسدت فسد بها سائر الجسد أل وهي القلب".‬ ‫)واعلم( أن من ادعى أن له سرير ة عامر ة وكان قد خرب علنيته‬ ‫وَ َّ وَ‬ ‫بترك الطاعات الظاهر ة فهو مدع كذاب، ومن اجتهد في إصلح علنيته‬ ‫َّ‬ ‫بتحسين زيه وهيئته وتقويم لسانه ووزن حركاته وسكناته في قعوده‬ ‫وقيامه ومشيه وترك باطنه مشحونا بخبائث الخلق ورذائ ل الطباع، فهو‬ ‫من أه ل التصنع والرياء المعرضين عن المولى.‬ ‫فإياك يا أخي أن تستر شيئا لو ظهر للناس كنت تستحي من ظهوره‬ ‫حياء ينشأ من خوف الستقباح. قال بعض العارفين: ل يكون الصوفي‬ ‫صوفيا حتى يكون بحيث لو طيف بجميع ما في باطنه على طبق في‬ ‫السوق ما استحيا من ظهور شيء منه؛ فإن لم تقدر أن تجع ل سريرتك‬ ‫خيرا من علنيتك فل أق ل من أن تسوي بينهما، فيكون امتثالك لمر ا‬ ‫واجتنابك لنهيه وتعظيمك لحرماته ومسارعتك في مرضاته في الخلء والمل‬ ‫على حد سواء. وهذه أول قدم يضعها العبد في طريق المعرفة الخاصة‬ ‫فاعلم ذلك. وبالله التوفيق.‬
  • 16. ‫فصــل‬ ‫)وعليك( بعمار ة أوقاتك بوظائف العبادات حتى ل تمر ساعة من لي ل‬ ‫ىّ‬ ‫أو نهار إل وتكون لك فيها وظيفة من الخير تستغرقها بها فبذلك تظهر بركات‬ ‫الوقات، وتحص ل فائد ة العمر، ويدوم القبال على ا تعالى، وينبغي أن‬ ‫تجع ل لما تتعاطاه من العادات كالك ل والشرب والسعي للمعاش أوقاتا‬ ‫تخصها.‬ ‫ُّ‬ ‫)واعلم( أنه ل يستقيم مع الهمال حال، ول يصلح مع الغفال بال.‬ ‫قال حجة السلم -نفع ا به-: ينبغي أن توزع أوقاتك وترتب أورادك‬ ‫وتعين لك ل وقت شغل ً ل تتعداه ول تؤمثر فيه سواه، وأما من ترك نفسه‬ ‫مهمل ً سدى إهمال البهائم يشتغ ل في ك ل وقت بما اتفق كيف اتفق‬ ‫فتمضي أكثر أوقاته ضائعة، وأوقاتك عمرك، وعمرك رأس مالك، وعليه‬ ‫أص ل تجارتك، وبه وصولك إلى نعيم البد في جوار ا تعالى، فك ل نفس‬ ‫من أنفاسك جوهر ة ل قيمة له، إذ ل عوض له وإذا فات فل عود له. انتهى.‬ ‫ول ينبغي أن تستغرق جميع أوقاتك بورد واحد وإن كان أفض ل‬ ‫الوراد مثل ً فتفوتك بذلك بركات تعدد الوراد والتنق ل فيها فإن لك ل ورد أمثرا‬ ‫في القلب ونورا ومددا ومكانة من ا ليست لغيره.‬ ‫وأيضا إذا تنقلت من ورد إلى ورد أمنت بذلك من السآمة والكس ل، ومن‬ ‫الضجر والمل ل، قال ابن عطاء ا الشاذلي رحمه ا تعالى: لما علم‬ ‫الحق منك وجود المل ل لون لك الطاعات.‬ ‫َّ‬ ‫)واعلم( أن للوراد أمثرا كبيرا في تنوير القلب وضبط الجوارح، ولكن ل‬ ‫يظهر ويتأكد إل عند المواظبة والتكرار وفع ل ك ل ورد منها في وقت يخصه.‬
  • 17. ‫فإن لم تكن ممن يستغرق جميع ساعات ليله ونهاره بوظائف الخيرات‬ ‫فاجع ل لك أورادا تواظب عليها في أوقات مخصوصة وتقضيها مهما فاتتك‬ ‫لتعتاد النفس المحافظة عليها، ومتى أيست منك النفس أنك ل تسمح بترك‬ ‫ ْ‬ ‫أورادك حتى تتداركها بالقضاء متى فاتت بادرت إلى فعلها في أوقاتها،‬ ‫وقال سيدي الشيخ عبد الرحمن السقاف رضي ا عنه: من لم يكن له‬ ‫ورد فهو قرد، وقال بعض العارفين: الواردات من حيث الوراد فمن لم‬ ‫يكن له ورد في ظاهره لم يكن له وارد في سرائره.‬ ‫وعليك بالقصد ولزوم الوسط من ك ل أمر، وخذ من العمال ما تطيق‬ ‫المداومة عليه. قال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "أحب العمال إلى‬ ‫ا أدومها وإن ق ل" وقال عليه السلم: "خذوا من العمال ما تطيقون فإن‬ ‫ا ل يم ل حتى تملوا" ومن شأن الشيطان -لعنه ا- أن يزين للمريد في‬ ‫مبدأ إرادته الستكثار من الطاعات والفراط فيها، وغرضه من ذلك أن يرده‬ ‫على عقبه بترك فع ل الخير أصل، أو فعله على غير الوجه الذي ينبغي، ول‬ ‫ ً‬ ‫يبالي اللعين بأيهما دهاه. مثم إن الوراد تكون في الكثر صل ة نف ل أو تلو ة‬ ‫قرآن أو قراء ة علم أو ذكرا أو فكرا.‬ ‫ونحن نذكر نبذ ة من الداب التي يحتاج إليها العام ل بهذه الوظائف‬ ‫الدينية فنقول:‬ ‫ينبغي أن يكون لك ورد من صل ة النف ل زائد على النواف ل الوارد ة‬ ‫تعين له وقتا وتضبطه بعدد تطيق المداومة عليه، وقد كان من السلف‬ ‫الصالح رحمهم ا تعالى من ورده في اليوم والليلة ألف ركعة مث ل المام‬ ‫علي بن الحسين رضي ا عنهما، ومنهم من ورده خمسمائة ركعة، ومنهم‬ ‫من ورده مثلثمائة ركعة، إلى غير ذلك.‬
  • 18. ‫)واعلم( أن للصل ة صور ة ظاهر ة، وحقيقة باطنة، ول يكون للصل ة‬ ‫عند ا تعالى قيمة حتى تقيم صورتها وحقيقتها كما ينبغي.‬ ‫فأما صورتها فهي الركان والداب الظاهر ة من القيام والقراء ة‬ ‫والركوع والسجود والتسبيح ونحوها.‬ ‫وأما حقيقتها فهي الحضور مع ا، وإخل ص النية والقصد لله، والقبال‬ ‫ُ‬ ‫بكنه الهمة على ا تعالى، وجمع القلب عليه، وأن يكون فكرك مقصورا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫على صلتك فل تحد:ث نفسك بغيرها، وتكون متأدبا بآداب المناجا ة مع ا‬ ‫ِّ‬ ‫تعالى.‬ ‫قال عليه الصل ة والسلم: "إنما المصلي مناج ربه"، وقال عليه الصل ة‬ ‫ ٍ‬ ‫والسلم: "إذا قام العبد إلى الصل ة أقب ل ا عليه بوجهه".‬ ‫ول ينبغي أن تشتغ ل بنف ل مطلق في وقت نف ل ورد في السنة‬ ‫المطهر ة من فع ل رسول ا صلى ا عليه وسلم أو قوله حتى تأتي على‬ ‫العدد الكم ل منه.‬ ‫فمن ذلك عدد الركعات التي وردت قب ل المكتوبات وشهرتها تغني عن‬ ‫ذكرها.‬ ‫ومن ذلك صل ة الوتر وهي صل ة مثابتة مؤكد ة، وقد ذهب بعض‬ ‫العلماء إلى وجوبها وقال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "إن ا وتر‬ ‫يحب الوتر فأوتروا يا أه ل القرآن"، وقال عليه الصل ة والسلم: "الوتر حق‬ ‫ومن لم يوتر فليس منا، وأكثرها إحدى عشر ة ركعة، وأق ل ما ينبغي أن‬ ‫يقتصر عليه مثل:ث ركعات".‬ ‫وفعلها من آخر اللي ل لمن له عاد ة راسخة في القيام من آخره أفض ل.‬ ‫قال عليه الصل ة والسلم: "اجعلوا آخر صلتكم باللي ل وترا" ومن لم‬ ‫تكن له عاد ة في القيام ففعلها بعد صل ة العشاء أولى له.‬
  • 19. ‫ومن ذلك صل ة الضحى وهي صل ة مباركة كثير ة النفع، وأكرها مثمان‬ ‫ركعات، وقي ل امثنتا عشر ة وقد ورد وأقلها ركعتان، وأفض ل أوقاتها أن تصلى‬ ‫إذا أضحى النهار ومضى قريب من ربعه، وقد قال رسول ا صلى ا عليه‬ ‫وسلم: "يصبح على ك ل سلمي من أحدكم صدقة فك ل تسبيحة صدقة،‬ ‫وك ل تحميد ة صدقة، وك ل تهليلة صدقة، وك ل تكبير ة صدقة، وأمر بالمعروف‬ ‫صدقة، ونهي عن المنكر صدقة ويجزيه من ذلك كله ركعتان يركعهما من‬ ‫الضحى" فلو لم يرد في فض ل هذه الصل ة إل هذا الحديث الصحيح لكفى.‬ ‫ومن ذلك الصل ة بين المغرب والعشاء وأكثرها عشرون ركعة‬ ‫وأوسطها ست ركعات قال رسول ا صلى ا عليه وسلم "من صلى بين‬ ‫العشائين ركعتين بنى ا له بيتا في الجنة" وقال عليه الصل ة والسلم:‬ ‫"من صلى بعد المغرب ست ركعات ل يتكلم فيما بينهن بشيء عدلن له‬ ‫عباد ة امثنتي عشر ة سنة".‬ ‫ومن السنة إحياء ما بين العشائين، وقد ورد في فضله أخبار وآمثار،‬ ‫وحسبك من ذلك أن أحمد بن أبي الحواري شاور شيخه أبا سليمان رحمهما‬ ‫ا تعالى في أن يصوم النهار أو يحيي ما بين العشائين فقال: اجمع‬ ‫بينهما. فقال: ل أستطيع لني متى صمت أشتغ ل بالفطار في هذا الوقت.‬ ‫فقال له إذا لم تستطع أن تجمع بينهما فدع صيام النهار وأحي ما بين‬ ‫العشائين.‬ ‫وقالت عائشة رضي ا عنها: ما دخ ل رسول ا صلى ا عليه وسلم‬ ‫بيتي بعد العشاء الخر ة إل صلى أربعا أو ستا، وقال عليه السلم: "أربع‬ ‫ركعات بعد العشاء، كمثلهن من ليلى القدر".‬ ‫)وعليك( بصل ة اللي ل فقد قال عليه السلم: "أفض ل الصدقة بعد‬ ‫المكتوبة صل ة اللي ل" وقد قال عليه الصل ة والسلم: "فض ل صل ة اللي ل‬
  • 20. ‫على صل ة النهار كفض ل صدقة السر على العلنية". وقد ورد أن صدقة‬ ‫السر تضاعف على صدقة العلنية بسبعين ضعفا، وقال عليه الصل ة‬ ‫والسلم: "عليكم بقيام اللي ل فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة لكم إلى‬ ‫ربكم، ومكفر ة للسيئات ومنها ة عن المثم ومطرد ة للداء عن الجسد.‬ ‫)واعلم( أن من صلى بعد العشاء فقد قام من اللي ل وقد كان بعض‬ ‫السلف يصلي ورده من أول اللي ل ولكن في القيام بعد النوم إرغام‬ ‫للشيطان ومجاهد ة للنفس وسر عجيب، وهو التهجد الذي أمر به ا‬ ‫ورسوله في قوله )ومن اللي ل فتهجد به نافلة لك( وفي المأمثور: إن ا‬ ‫يعجب من العبد إذا قام من على فراشه وبين أهله إلى صلته ويباهي به‬ ‫ملئكته ويقب ل عليه بوجهه الكريم.‬ ‫)واعلم( أنه يقبح بطالب الخر ة أن ل يكون له قيام باللي ل. كيف‬ ‫وَ ْ ُ‬ ‫والمريد ل يزال طالبا للمزيد متعرضا للنفحات على دوام الوقات.‬ ‫وقد قال، صلى ا عليه وسلم: "إن في اللي ل لساعة ل يوافقها عبد‬ ‫مسلم يسأل ا خيرا من أمر الدنيا والخر ة إل أعطاه إياه وذلك ك ل ليلة"‬ ‫أخرجه مسلم.‬ ‫وفي بعض كتب ا المنزلة: كذب من ادعى محبتي فإذا جنه اللي ل نام‬ ‫عني أليس ك ل محب يحب الخلو ة بحبيبه.‬ ‫وقال الشيخ إسماعي ل بن إبراهيم الجبرتي رحمه ا جمع الخير كله‬ ‫في اللي ل وما عقدت لولي ولية إل باللي ل.‬ ‫وقال سيدي العيدروس عبد ا بن أبي بكر من أراد الصفاء الرباني‬ ‫فعليه بالنكسار في جوف اللي ل.‬ ‫وقال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "ينزل ا ك ل ليلة إلى السماء‬ ‫الدنيا حين يبقى مثلث اللي ل الخير فيقول: ه ل من داع فأستجيب له، ه ل من‬ ‫وَ‬
  • 21. ‫مستغفر فأغفر له، ه ل من سائ ل فأعطيه، ه ل من تائب فأتوب عليه حتى‬ ‫يطلع الفجر". ولو لم يرد في الحث على قيام اللي ل غير هذا الحديث لكفى.‬ ‫كيف والكتاب والسنة طافحان بالترغيب فيه والحث عليه، وللعارفين‬ ‫بالله في القيام باللي ل منازلت شريفة، وأذواق لطيفة يجدونها في قلوبهم‬ ‫من نعيم القرب من ا، ولذ ة النس به وطيب المناجا ة والمحادمثة مع ا،‬ ‫حتى قال بعضهم: إن كان أه ل الجنة في مث ل ما نحن فيه إنهم لفي عيش‬ ‫طيب، وقال آخر: أه ل اللي ل في ليلهم ألذ من أه ل اللهو في لهوهم، وقال‬ ‫آخر منذ أربعين سنة ما غمني شيء إل طلوع الفجر، وهذا النعيم ل يكون‬ ‫إل بعد تجرع المرارات، وتحم ل المشقات في القيام، كما قال عتبة الغلم:‬ ‫كابدت قيام اللي ل عشرين سنة وتنعمت به عشرين سنة أخرى.‬ ‫)فإن قلت( ماذا أقرأ في صلتي باللي ل وكم ركعات ينبغي أن أصلي‬ ‫فاعلم أن سول ا صلى ا عليه وسلم لم يواظب في تهجده على قراء ة‬ ‫شيء مخصو ص، ومن الحسن أن تتبع القرآن فتقرأه شيئا فشيئا في قيامك‬ ‫حتى تختم في شهر أو أق ل أو أكثر حسب نشاطك.‬ ‫وأما عدد الركعات فأكثر ما روي من قيام رسول ا صلى ا عليه‬ ‫وسلم مثل:ث عشر ة ركعة وورد القتصار على تسع وسبع وأكثر ما ورد عنه‬ ‫صلى ا عليه وسلم المواظبة عليه إحدى عشر ة ركعة.‬ ‫ويتلخص من مجموع الحاديث أنه ينبغي لك ويستحب إذا قمت من‬ ‫النوم أن تمسح النوم عن وجهك بيدك وتقول: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما‬ ‫أماتنا وإليه النشور، وتقرأ )إن في خلق السماوات والرض واختلف اللي ل‬ ‫والنهار ليات لولي اللباب( إلى آخر السور ة، مثم تستاك وتتوضأ وضوءا‬ ‫كامل، مثم تصلي ركعتين خفيفتين مثم تصلي بعدهما مثمان ركعات تطولهن‬ ‫ ً‬ ‫تسلم من ك ل ركعتين إن شئت أو من ك ل أربع أو تجمعهن بتسليمة واحد ة‬
  • 22. ‫فك ل ذلك قد ورد، مثم إن رأيت أنه بقي عندك نشاط فتنف ل ما بدا لك، مثم‬ ‫ص ل مثل:ث ركعات بنية الوتر بتسليمة أو تسليمتين وتقرأ في الولى سبح اسم‬ ‫1‬ ‫2‬ ‫ربك العلى وفي الثانية ق ل يا أيها الكافرون وفي الثالثة الخل ص‬ ‫والمعوذتين، ول تحسب أن الوتر هو إحدى عشر ة شيء وهذه الركعات‬ ‫المذكور ة في هذا لسياق شيء آخر كل ً إنه لم يرو عن قيام رسول ا‬ ‫صلى ا عليه وسلم غير ما قصصناه عليك فاعلم ذلك وا سميع عليم.‬ ‫1‬ ‫أي سور ة العلى كلها‬ ‫2‬ ‫أي سور ة الكافرون كلها‬
  • 23. ‫فصــل‬ ‫وينبغي أن يكون لك ورد من تلو ة الكتاب العزيز تداوم على قراءته‬ ‫في ك ل يوم وليلة، وأدنى ذلك أن تقتصر على جزء فيكون لك في ك ل شهر‬ ‫ختمة وأعلى ذلك أن تختم في ك ل مثلمثة أيام.‬ ‫)واعلم( أن لقراء ة القرآن فضل ً عظيما، وأمثرا في تنوير القلب كبيرا.‬ ‫قال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "أفض ل عباد ة أمتي قراء ة القرآن"‬ ‫وقال علي كرم ا وجهه: من قرأ القرآن وهو قائم في الصل ة كان له‬ ‫بك ل حرف مائة حسنة، ومن قرأه وهو قاعد في الصل ة كان له بك ل حرف‬ ‫خمسون حسنة، ومن قرأه وهو خارج الصل ة وهو على طهار ة كان له بك ل‬ ‫حرف خمس وعشرون حسنة، ومن قرأه وهو على غير طهار ة كان له بك ل‬ ‫حرف عشر حسنات.‬ ‫)وإياك( أن يكون همك في تلوتك مقصورا على الكثار منها دون‬ ‫تدبر وترتي ل.‬ ‫)وعليك( –إذا تلوت- بالتدبر والفهم، واستعن على ذلك بالترتي ل‬ ‫والترس ل وأحضر في قلبك عظمة المتكلم سبحانه، وأنك بين يديه تقرأ عليه‬ ‫كتابه الذي أمرك فيه ونهاك ووعظك ووصاك، وكن عند قراء ة آيات التوحيد‬ ‫والتمجيد ممتلئا بالجلل والتعظيم، وعند قراء ة آيات الوعد والوعيد ممتلئا‬ ‫بالرغب والرهب، وعند قراء ة آيات الوامر والزواجر شاكرا معترفا بالتقصير‬ ‫أو مستغفرا عازما على التشمير.‬ ‫)واعلم( أن القرآن هو البحر المحيط، ومنه تستخرج جواهر العلوم‬ ‫ونفائس الفهوم، ومن فتح له طريق الفهم فيه من المؤمنين دام فتحه وتم‬
  • 24. ‫نوره واتسع علمه وصار ل يم ل من قراءته ليل ً ول نهارا، لنه قد وجد فيه‬ ‫مقصوده وظفر منه بمطلوبه وهذه صفة المريد الصادق.‬ ‫قال الشيخ أبو مدين رضي ا عنه: ل يكون المريد مريدا حتى يجد‬ ‫في القرآن ك ل ما يريد.‬ ‫)وعليك( بالمحافظة على قراء ة السور واليات التي ورد الحث عليها‬ ‫في السنة في بعض الوقات.‬ ‫فمن ذلك أن تقرأ ك ل ليلة قب ل أن تنام الم السجد ة، وتبارك الملك،‬ ‫وسور ة الواقعة، وآمن الرسول إلى آخر السور ة، وسور ة الدخان ليلة‬ ‫المثنين والجمعة، وسور ة الكهف يوم الجمعة وليلتها، وإن أمكنك أن تقرأ‬ ‫المنجيات السبع ك ل ليلة فذلك من الفضائ ل العظيمة.‬ ‫ومن ذلك أن تقرأ إذا أصبحت وإذا أمسيت أوائ ل الحديد، وخواتيم‬ ‫الحشر، والخل ص والمعوذتين "مثلمثا مثلمثا" وكذلك تقرأ الخل ص‬ ‫والمعوذتين عند النوم مع آية الكرسي، وق ل يا أيها الكافرون واجعلها آخر‬ ‫ما تقول وا يقول الحق وهو يهدي السبي ل.‬
  • 25. ‫فصــل‬ ‫وينبغي أن يكون لك ورد من قراء ة العلم النافع وهو الذي يزيد في‬ ‫معرفتك بذات ا وأقواله وصفاته وأفعاله وآلئه، وتعرف به ما أمرك به‬ ‫من طاعته ونهاك عنه من معصيته، ويورمثك زهدا في الدنيا ورغبة في‬ ‫الخر ة، ويبصرك بعيوب نفسك وآفات عملك ومكائد عدوك.‬ ‫وهذا العلم مثابت في الكتاب والسنة وكتب الئمة وقد جمعه المام‬ ‫الغزالي في كتبه العظيمة القدر، الكبير ة الخطر، عند من له بصير ة في‬ ‫الدين ورسوخ في العلم وكمال في اليقين، فواظب على مطالعتها إن كانت‬ ‫لك همة في سلوك الطريق ورغبة في الوصول إلى مراتب التحقيق، وقد‬ ‫انفردت الكتب الغزالية من بين كتب المحققين من الصوفية بالجمع‬ ‫والتحرير وحصول التأمثير الكثير في الزمن القصير.‬ ‫)وعليك( بالكثار من قراء ة كتب الحديث والتفسير ومن مطالعة كتب‬ ‫القوم عامة فإن ذلك فتح عام وسلوك تام كما قال بعض العارفين.‬ ‫ولكن ينبغي لك أن تحترز عما يشتم ل من رسائلهم على المور‬ ‫الغامضة والحقائق المجرد ة وهذه الشياء توجد في أكثر مؤلفات الشيخ‬ ‫ابن عربي وفي شيء من رسائ ل المام الغزالي كالمعراج والمضنون به.‬ ‫1‬ ‫وقد ذكر الشيخ زروق في "تأسيس القواعد" قاعد ة في التحذير من الكتب‬ ‫التي تجري هذا المجرى فراجعها إن شئت، ولم يذكر في جملتها مؤلفات‬ ‫1‬ ‫هو العلمة الفقيه المحد:ث أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى أبو العباس زروق‬ ‫من أه ل فاس بالمغرب قرأ بمصر والمدينة وتصوف وساح وتوفي في تكرين من‬ ‫قرى مسراته من أعمال طرابلس الغرب سنة 998 هـ‬
  • 26. ‫الشيخ عبد الكريم الكيلني، لنه متأخر ومؤلفاته عن آخرها مما ينبغي‬ ‫الحتراز عنها إيثارا للسلمة.‬ ‫)فإن( قال قائ ل ل بأس علي في مطالعة هذه الكتب،لني آخذ ما‬ ‫أفهمه وأسلم لما ل أفهمه لقائله )قي ل له( قد أنصفت، ونحن إنما نخشى‬ ‫عليك مما تفهمه أن تفهمه على غير وجهه فتض ل عن سواء السبي ل، كما‬ ‫وقع ذلك لقوام عكفوا على مطالعة هذه الكتب فصاروا في زندقة وإلحاد،‬ ‫وقالوا بالحلول والتحاد، فل حول ول قو ة إل بالله العلي العظيم.‬
  • 27. ‫فصــل‬ ‫وينبغي أن يكون لك ورد من ذكر ا ـ تعـالى تحـده بـوقت أو تحصـره‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫بعدد وحينئذ فل بأس بالسبحة لضبط العدد.‬ ‫)واعلم( أن الذكر ركن الطريق، ومفتاح التحقيق، وسلح المريدين،‬ ‫ومنشور الولية، كما قال بعض العارفين. وقد قال ا تعالى )فاذكروني‬ ‫أذكركم( وقال تعالى )فاذكروا ا قياما وقعودا وعلى جنوبكم( وقال‬ ‫ ً‬ ‫تعالى )يا أيها الذين آمنوا اذكروا ا ذكرا كثيرا( وقال رسول ا صلى ا‬ ‫عليه وسلم: يقول ا تعالى: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين‬ ‫يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في مل‬ ‫ذكرته في مل خير منه". وقال عليه السلم: "يقول ا تعالى: "أنا جليس‬ ‫من ذكرني" وقال عليه السلم "أل أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند‬ ‫مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق ومن أن‬ ‫تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى قال ذكر ا".‬ ‫وللذكر مثمرات ونتائج يجدها من واظب عليه بوصف الدب والحضور،‬ ‫أقلها أن يجد فيه من الحلو ة واللذ ة ما يستحقر في جنبه ك ل ما يعرفه من‬ ‫اللذات الدنيوية والملهي. وأعلها أن يفنى بالمذكور عن الذاكر وعما‬ ‫سواه.‬ ‫ومن قعد وهو على طهار ة في خلو ة مستقب ل القبلة ساكن الطراف‬ ‫مطرق الرأس مثم ذكر ا بقلب حاضر وأدب وافر ، رأى للذكر في قلبه أمثرا‬ ‫ظاهرا. فإن دام على ذلك أشرقت عليه أنوار القرب وانكشفت له أسرار‬ ‫الغيب.‬
  • 28. ‫وأفض ل الذكر ما كان بالقلب واللسان، وذكر القلب أن يكون حاضرا فيه‬ ‫معنى الذكر الذي يجري على اللسان كالتقديس والتوحيد عند التسبيح‬ ‫والتهلي ل.‬ ‫والفض ل للذاكر من السرار والجهر بالذكر والقراء ة الصلح منهما‬ ‫لقلبه، والذكر هو الورد الدائم المستمر، فاجتهد أن ل يزال لسانك رطبا منه‬ ‫في ك ل حال إل في وقت ورد ل يمكن الجمع بينه وبين الذكر كالقراء ة‬ ‫والتفكر، ويكون في هذه العبادات وغيرها من القربات ذاكرا لله تعالى‬ ‫بالمعنى العم، ول تقتصر على معنى واحد من الذكر ب ل ينبغي أن يكون‬ ‫لك من ك ل نوع ورد.‬ ‫)وعليك( بالمحافظة على الذكار والدعية الوارد ة في أدبار الصلوات،‬ ‫وعند الصباح والمساء، والنوم واليقظة، إلى غير ذلك من الوقات والحوال‬ ‫المتعاقبة، فما سنها رسول ا صلى ا عليه وسلم لمته إل أن تكون سببا‬ ‫لهم إلى الفوز بالخير والنجا ة من الشر الواقعين في ذلك الوقت والحال.‬ ‫فمن أهملها مثم بعد ذلك ناله مكروه أو حي ل بينه وبين محبوبه فل يلومن إل‬ ‫َّ‬ ‫نفسه.‬ ‫ومن أراد العم ل بما ذكرناه فعليه بمطالعة كتاب الذكار للمام النووي‬ ‫رحمه ا وجزاه عن المسلمين خيرا.‬ ‫ومن آكد ما ورد في أدبار الصلوات وأفضله أن تقول بعد ك ل مكتوبة:‬ ‫اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وتسبح مثلمثا ومثلمثين وتحمد‬ ‫كذلك وتكبر كذلك وتختم المائة بل إله إل ا وحده ل شريك له له الملك‬ ‫وله الحمد وهو على ك ل شيء قدير، وق ل هذه الكلمة بزياد ة )يحيي‬ ‫ويميت( "عشر مرات" وأنت مثان رجلك وقب ل أن تتكلم بعد صل ة الفجر‬ ‫والعصر والمغرب.‬
  • 29. ‫ومن ذلك أن تقول إذا أصبحت وأمسيت: سبحان ا وبحمده "مائة"‬ ‫وسبحان ا والحمد لله ول إله إل ا وا أكبر "كذلك" ول إله إل ا‬ ‫وحده ل شريك له له الملك وله الحمد وهو على ك ل شيء قدير في ك ل‬ ‫يوم "مائة مر ة".‬ ‫واجع ل لك وردا من الصل ة على رسول ا صلى ا عليه وسلم،‬ ‫فإنها وصلة بينك وبين نبي ا صلى ا عليه وسلم، وباب يفيض عليك منه‬ ‫المدد بواسطته من حضرته عليه الصل ة والسلم، وقد قال صلوات ا‬ ‫وسلمه عليه: "من صلى عليه مر ة صلى ا عليه بها عشرا" وقال عليه‬ ‫الصل ة والسلم: "أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أكثركم علي‬ ‫صل ة" وقد أمر ا بها في كتابه العزيز بقوله تعالى: )يا أيها الذين آمنوا‬ ‫صلوا عليه وسلموا تسليما( فامتث ل واستكثر منها ول تستقل ل، واجمع بينها‬ ‫وبين السلم وص ل على آله معه.‬ ‫وأكثر منها في ليلة الجمعة ويومها خصوصا، لقوله عليه السلم: "أكثروا‬ ‫من الصل ة علي في الليلة الغراء واليوم الزهر" صلى ا عليه وعلى آله‬ ‫وسلم والحمد لله رب العالمين.‬
  • 30. ‫فصــل‬ ‫) وينبغي( أن يكون لك ورد من التفكر في ك ل يوم وليلة تعين له‬ ‫ساعة أو ساعات، وأحسن الوقات للتفكر أفرغها وأصفاها وأجدرها في‬ ‫حضور القلب جوف اللي ل.‬ ‫)واعلم( أن صلح الدنيا والدين موقوف على صحة التفكر، ومن أعطى‬ ‫حظه منه أخذ بحظ وافر من ك ل خير، وقد ورد "تفكر ساعة خير من عباد ة‬ ‫من عباد ة سنة".‬ ‫وقال علي كرم ا وجهه: ل عباد ة كالتفكر، وقال بعض العارفين‬ ‫رحمهم ا: الفكر ة سراج القلب فإذا ذهبت فل إضاء ة له.‬ ‫ومجاري الفكر كثير ة، فمنها –وهو أشرفها- أن تتفكر في عجائب‬ ‫مصنوعات ا الباهر ة، وآمثار قدرته الظاهر ة والباطنة، وما بث من اليات‬ ‫في ملكوت الرض والسماوات.‬ ‫وهذا التفكر يزيد في معرفتك بذات ا وصفاته وأسمائه، وقد حث‬ ‫عليه بقوله )ق ل انظروا ماذا في السماوات والرض( ومابث من عجائب‬ ‫المصنوعات في نفسك. قال ا تعالى )وفي الرض آيات للموقنين وفي‬ ‫أنفسكم أفل تبصرون(.‬ ‫واعـلم أنه ينبغي لك أن تتفكر في آلء ا وأياديه التي أوصلها إليك،‬ ‫ونعمه التي أسبغها عليك قال ا تعالى: )فاذكروا آلء ا لعلكم تفلحون(‬ ‫وقال ا تعالى: )وإن تعدوا نعمة ا ل تحصوها( وقال تعالى: )وما بكم‬ ‫ُّ‬ ‫من نعمة فمن ا(.‬ ‫ومثمر ة هذا التفكر امتلء القلب بمحبة ا، والشتغال بشكره باطنا‬ ‫وظاهرا كما يحبه ويرضاه.‬
  • 31. ‫)واعلم( أنه ينبغي لك أن تتفكر في إحاطة علم ا بك، ونظره‬ ‫إليك، واطلعه عليك، قال ا تعالى: )ولقد خلقنا النسان و ونعلم ما‬ ‫توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حب ل الوريد( وقال تعالى: )وهو‬ ‫معكم أينما كنتم وا بما تعملون بصير( وقال تعالى: )ألم تر أن الله يعلم‬ ‫ما في السماوات وما في الرض ما يكون من نجوى مثلمثة إل هو رابعهم(‬ ‫الية.‬ ‫وهذا التفكر مثمرته أن تستحي من ا أن يراك حيث نهاك أو يفتقدك‬ ‫حيث أمرك.‬ ‫)واعلم( أنه ينبغي لك أن تتفكر في تقصيرك في عباد ة مولك،‬ ‫وتعرضك لسخطه بإتيانك ما عنه نهاك. قال ا تعالى: )وما خلقت الجن‬ ‫والنس إل ليعبدون( وقال تعالى: )أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ل‬ ‫ترجعون( وقال تعالى: )يا أيها النسان ما غرك بربك الكريم( وقال تعالى:‬ ‫)يا أيها النسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملقيه(.‬ ‫وهذا التفكر يزيد في خوفك من ا، ويحملك على لوم نفسك‬ ‫وتوبيخها، ومجانبة التقصير وملزمة التشمير.‬ ‫)واعلم( أنه ينبغي لك أن تتفكر في هذه الحيا ة الدنيا، وكثر ة‬ ‫أشغالها ووبالها، وسرعة زوالها، وفي الخر ة ونعيمها ودوامها. قال ا‬ ‫تعالى: )كذلك يبين ا لكم اليات لعلكم تتفكرون في الدنيا والخر ة(‬ ‫وقال تعالى: )ب ل تؤمثرون الحيا ة الدنيا والخر ة خير وأبقى( وقال تعالى:‬ ‫)وما هذه الحيا ة الدنيا إل لهو ولعب وإن الدار الخر ة لهي الحيوان لو كانوا‬ ‫يعلمون(.‬ ‫وهذا التفكر يثمر لك الزهد في الدنيا والرغبة في الخر ة.‬
  • 32. ‫)واعلم( أنه ينبغي لك أن تتفكر في قرب نزول الموت، وحصول‬ ‫الحسر ة والندامة بعد الفوت. قال ا تعالى: )ق ل إن الموت الذي تفرون‬ ‫منه فإنه ملقيكم مثم تردون إلى عالم الغيب والشهاد ة فينبئكم بما كنتم‬ ‫تعملون(.‬ ‫وقال تعالى: )حتى إذا جاء أحدكم الموت قال رب ارجعون لعلي‬ ‫أعم ل صالحا في ما تركت كل إنها كلمة هو قائلها(.‬ ‫وقال تعالى: )يا أيها الذين آمنوا ل تلهكم أموالكم ول أولدكم عن ذكر‬ ‫ا( إلى قوله تعالى: )ولن يؤخر ا نفسا إذا جاء أجلها(.‬ ‫وفائد ة هذا التفكر قصر الم ل وإصلح العم ل وإعداد الزاد ليوم المعاد.‬ ‫)واعلم( أنه ينبغي لك أن تتفكر في الخلق والعم ـال ال ـتي وص ـف‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ا بها أولياءه وأعداءه، وفيما أعد للفريقين في العاج ل والج ل. قـال ا ـ‬ ‫ـ‬ ‫تعالى: )إن البرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم( وقال تعــالى: )أفمــن‬ ‫كان مؤمنا كمن كان فاسـقا ل يسـتوون( وق ـال تعـالى: )فأمـا مـن أعط ـى‬ ‫ـ‬ ‫ـ ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى( إلى آخر السور ة، وقال تعــالى:‬ ‫)إنما المؤمنون الذين إذا ذكر ا وجل ـت قل ـوبهم( إل ـى قـوله تعـالى: )له ـم‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫درجات عند ربهم ومغفر ة ورزق كريم( وقال تعالى: )وعد ا ال ـذين آمن ـوا‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فـي الرض كمـا اسـتخلف الـذين مـن‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫قبلهم( الية، وقال تعالى: )فكل ً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا علي ـه حاص ـبا‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا ب ـه الرض ومنه ـم م ـن أغرقن ـا‬ ‫ـ‬ ‫ـ ـ‬ ‫ـ‬ ‫ومــا كــان اــ ليظلمهــم ولكــن كــانوا أنفســهم يظلمــون( وقــال تعــالى:‬ ‫)المنافقون والمنافقات بعضـهم مـن بعـض يـأمرون بـالمنكر وينهـون عـن‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫المعروف( إلى قوله تعالى: )ولعنهم ا ولهم عذاب مقيـم( وقـال تعـالى:‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫)والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن‬
  • 33. ‫المنكر( إلى قوله: )ورضوان من ا أك كبر ذل كك ه كو الف كوز العظي كم( وق كال‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫تعالى: )إن الذين ل يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطم كأنوا به كا( إل كى‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫قوله: )وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين(.‬ ‫وثمرة هذا التفكر محبة السعداء، وحمل النفس على اتباعهم والعمككل‬ ‫بأعمالهم والتخلق بأخلقهم، وبغض القشقياء، وحمل النفس عل كى اجتن كاب‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫أعمالهم وأخلقهم.‬ ‫وإن ذهبنا نتتبع مجاري الفكر خرجنا عن مقصكودنا مكن اليجكاز وفيمكا‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫أقشرنا إليه كفاية للعاقل.‬ ‫) وينبغي( أن تستحضر عند كل نوع من التفكر ما يناسبه من اليات‬ ‫والخبار والثار، وقد أقشرنا إلى ذلك عند ك كل ن كوع ب كذكر قش كيء م كن الي كات‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫المناسبة له.‬ ‫)وإياك( والتفكر في ذات ا تعالى وصفاته من حيككث تطلككب الماهيككة‬ ‫وتعقل الكيفية، فقلما ولع بذلك أحد إل وهوى في مهاوي التعطيل أو تورط‬ ‫في تورطات التشبيه، وقكد روي مرفوعكا إلكى رسكول اك صكلى اك عليكه‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫وسلم: "تفكروا في آيات ا ول تتفكروا في ذات ا، فإن لن تقدروه حكق‬ ‫ك‬ ‫قدره".‬ ‫فهذا ما قصدنا ذكره من آداب هذه الوظائف. ومقصود الوراد وروحه كا‬ ‫ك‬ ‫إنما هو الحضور مع ا فيها فعليك به، ولن تصل إليه ما لم تس كلك طريق كه،‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫وهي فعل العمال الظاهرة مع تكلف الحضور مع ا فيهككا، فككإن واظبككت‬ ‫على هذا غشيتك أنوار القرب وفاضت عليك علوم المعرفة فعند ذل كك يقب كل‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫قلبك على ا تعالى بكليته ويصير الحضور مع ا سبحانه سجية لك وخلقا‬ ‫ةّ‬ ‫راسخا فتصير تتكلف الحضور مع الخلق عند الحاج كة إلي كه. وربم كا ل كم تق كدر‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫عليه، وعن هذه الحالكة تنشكأ الغيبكة والسكتغراق والفنكاء عمكا سكوى اك‬ ‫يَ‬ ‫ك‬
  • 34. ‫تعالى إلى غير ذلك من مواجيد أهل ا، وأص كل ذل كك كل كه المواظب كة عل كى‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫العمال الظاهرة والمحافظة عليها مع تكلف الحضور مع ا فيها.‬ ‫واحذر أن تترك العمل بورد مخافة أن ل تدوم عليه، فإن ذلك من‬ ‫الحماقة.‬ ‫) وينبغي( أن ل تعمل في كل وقت بحسب النشاط والفراغ، بل ينبغي‬ ‫أن تسمي قشيئا تزيد عليه عند النشاط ول تنقص منه عند الكسل.‬ ‫)واعلم( أن المس كارعة إل كى الخي كرات، والمحافظ كة عل كى العب كادات،‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫والمداومة على الطاع كات، دأب النبي كاء والولي كاء ف كي ب كداياتهم ونهاي كاتهم،‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫لنهم أعرف الخلق بالله، فل جرم كانوا أعبكدهم وأطكوعهم وأخشكاهم لكه‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫عز وجل فإن إقبال العبد على ربه وعبادته له على قدر محبته لككه، والمحبككة‬ ‫تابعة للمعرفة، فكلما كان العبد أعرف بالله كان أقشد حبا لككه وأكككثر عبككادة.‬ ‫فإن قشغلك جمعك للدنيا واتباعك للهوى عن اتخاذ الوراد وملزمة العبادات‬ ‫فاجتهد أن تجعل لربك ساعة من أول نهارك وساعة من آخره تشتغل فيهما‬ ‫بالتسبيح والستغفار وغير ذلك من أنواع الطاعات فقد روي عن ا تعككالى‬ ‫أنه قال: "ابن آدم اجعل لي ساعة من أول نهارك وساعة من آخككره أكفككك‬ ‫ما بين ذلك".‬ ‫وورد أن صحيفة العبد إذا عرضت على ا عز وجل من آخ كر ك كل ي كوم‬ ‫ك ك ك‬ ‫فإن كان في أولها وفي آخرها خير يقول ا تعالى للملك أمح ما بين ذلك،‬ ‫وذلك من فضل ا علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس ل يشكرون.‬
  • 35. ‫فصــل‬ ‫)وعليك( بالتمسك بالكتاب والسنة والعتصام بهمكا، فإنهمكا ديكن اك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫القويم وصراطه المستقيم، من أخذ بهما سلم وغنكم ورقشكد وعصكم، ومكن‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫حاد عنهما ضل وندم وحاد وقصم، فاجعلهما حاكمين عليك ومتصرفين فيك‬ ‫وارجع إليهما في ككل أمكرك ممتثل ل ً لوصكية اك ووصكية رسكوله. قكال اك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫تعالى: )يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ا وأطيعوا الرسول وأولكي المكر منككم‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫فإن تنازعتم في قشيء فكردوه إلكى اك والرسكول إن كنتكم تؤمنكون بكالله‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫واليكوم الخكر ذلكك خيكر وأحسكن تكأويل( ومعنكى قكوله: فكردوه إلكى اك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ل ً‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫والرسول أي إلى الكتاب والسنة.‬ ‫وقال رسول ا صلى ا عليه وسلم "أوصيكم بما إن اعتصمتم به لن‬ ‫تضلوا أبدا كتاب ا وسنتي".‬ ‫فإن سرك أن تكون على الهدى سكالكا للمحجكة البيضكاء الكتي ل عكوج‬ ‫ِ‬ ‫فيها ول أمتا فاعرض جميع نياتك وأخلقك وأعمالك وأقوال كك عل كى الكت كاب‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫والسنة، فخذ ما وافق ودع ما خالف، واعمل على الحتياط، واتبع الحسككن‬ ‫أبدا، ول تبتدع في الدين، ول تتبع غير سبيل المؤمنين فتخسر الدنيا والخرة،‬ ‫ذلك هو الخسران المبين.‬ ‫)وإياك( ومحدثات المكور ومختلفكات الراء فق كد قكال عليكه الص كلة‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫والسلم: "كل محدثة بدعة وككل بدعكة ضكللة" وقكال عليكه السكلم: "مكن‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".‬ ‫والبدع ثلث: "بدعة حسنة" وهي ما رآه أئمة الهدى مما يوافق الكتككاب‬ ‫والسنة من حيث إيثار الصلح والنفع والحسن،و ذل كك كجم كع الق كرآن ف كي‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫مصحف لبي بكر، ونصب الديوان وصلة التراويح لعمر، وترتي كب المص كحف‬ ‫ك‬ ‫ك‬
  • 36. ‫والذان الول يوم الجمعة لعثمان، وأحكام قتال البغاة لعلي رضي ا عنه‬ ‫وعن الخلفاء الربعة.‬ ‫والثانية: "بدعة مذمومة" على لسان الزهد والورع والقناعة فقط وذلك‬ ‫كالتوسع في المالبس والمآكل والمساكن المباحة.‬ ‫والثالثة: "بدعة مذمومة مطلقا" وهي ما خالف نصوص الكتاب والس كنة‬ ‫ك‬ ‫أو خرق إجماع المة، وقد وقع من هذا النكوع للمبتدعكة ككثير فكي الصكول‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫وقل وقوعه في الفروع، وكل من لم يبكالغ فكي التمسكك بالكتكاب والسكنة،‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ولم يبذل وسعه في متابعة الرسول، وهو مع ذلك يدعي أن له مكانككة مككن‬ ‫ا تعالى، فل تلتفت إليه ول تعرج عليه، وإن طار في الهكواء ومشكى علكى‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ِّ‬ ‫المكاء وطكويت لكه المسكافات وخرقكت لكه العكادات، فكإن ذلكك يقكع ككثيرا‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫للشياطين والسحرة والكهان والرافين والمنجمين وغيرهم من الضلل، ول‬ ‫ُّ‬ ‫يخرج مثل ذلك عن كونه استدراجا وتلبيسا إلى كونه كرامة وتأييكدا إل وجكود‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫يَ‬ ‫ُ ِ‬ ‫الس كتقامة فيم كن ظه كر علي كه، وه كذا المغكرور وأمث كاله إنم كا يلبسكون عل كى‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫الغوغاء والسفلة الذين يعبدون ا على قشك، وأمكا أولكو العقكول واللبكاب‬ ‫فقد علموا أن تفاوت المؤمنين في القرب من ا على حسب تفاوتهم فككي‬ ‫متابعة الرسول، وأنه كلما كانت المتابعة أكمل كانا لقرب من ا أتم وككانت‬ ‫المعرفة به أجل.‬ ‫وقد قصد أبو يزيد البسطامي إلى زيارة رجل يوصف بالولية فقع كد ل كه‬ ‫ك ك‬ ‫في المسجد فلما خرج حضرته نخامة فرمى بها في حائط المسككجد فرجككع‬ ‫ُ‬ ‫أبو يزيد ولم يجتمع به وقال كيكف يكؤمن علكى أسكرار اك مكن لكم يحسكن‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫المحافظة على آداب الشريعة.‬ ‫وقال الجنيد رحمه ا ككل الطكرق مسكدودة إل علكى مكن اقتفكى أثكر‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫الرسول صلى ا عليه وسلم.‬
  • 37. ‫وقال سهل بن عبد ا رحمه ا ل معي كن إل ا ك ول دلي كل إل رس كول‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ا صلى ا عليه وسلم ول زاد إل التقوى ول عمل إل الصبر عليها.‬ ‫)واعلم( أنه ل يستقل بعرض جميع أموره التي تقع لكه فكي ظكاهره‬ ‫وبككاطنه علككى الكتككاب والسككنة كككل أحككد، فككإن ذلككك مخصككوص بالعلمككاء‬ ‫الراسخين فإن عجزت عن قشيء من ذلك، فعليك بالرجوع إل كى م كن أم كرك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ا بالرجوع إليه في قوله تعالى: )فاسألوا أهل الذكر إن كنت كم ل تعلم كون(‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫وأهل الذكر هم العلمكاء بكالله وبكدينه العكاملون بعلمهكم ابتغكاء وجكه اك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫تعالى الزاهدون في الدنيا الذين ل تلهيهم تجارة ول بيع عن ذكر ا تع كالى‬ ‫ك‬ ‫الداعون إلى ا على بصيرة المكاقشفون بأسرار ا.‬ ‫وقد عز على بسيط الرض وج كود واح كد م كن ه كؤلء ح كتى لق كد زع كم‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫جماعة من الكابر أنهم مفقودون، والحق أنهم موجودون ولكن قد سترهم‬ ‫ا برداء الغيرة وضرب عليهم سرادقات الخفاء، لغفلة الخاصة وإعككراض‬ ‫العامة، فمن طلبهم بصدق وجد في ذلك لم يعكوزه –إن قشكاء اك تعكالى-‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫وجود واحد منهم، فالصدق سيف ل يوضع على قشيء إل قطعه، والرض ل‬ ‫تخلو من قائم لله بحجة. وقد قال عليه الصلة والسلم: "ل تزال طائفة من‬ ‫أمتي ظاهرين على الحق ل يضرهم من ناوأهم حتى يأتي أمر ا".‬ ‫أولئك نجوم الرض وحمال المانة ون كواب المص كطفى وورث كة النبي كاء،‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫رضككي ا ك عنهككم ورضككوا عنككه، أولئككك حككزب ا ك أل إن حككزب ا ك هككم‬ ‫المفلحون.‬
  • 38. ‫فصــل‬ ‫)وعليك( بتحسين معتقدك وإص كلحه وتق كويمه عل كى منه كاج "الفرق كة‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫الناجية" وهي المعروفة بين سائر الفرق السلمية بأهل الس كنة والجماع كة‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫وهم المتمسكون بما كان عليه رسول ا صلى ا عليه وس كلم وأص كحابه،‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫وأنت إذا نظرت بفهم مستقيم عن قلب سليم فكي نصكوص الكتكاب والسكنة‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫المتض كمنة لعل كوم اليم كان، وط كالعت س كير الس كلف الص كالح م كن الص كحابة‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫والتابعين، علمت وتحققت أن الحق مع الفرقة الموسومة بالقش كعرية نس كبة‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫إلى الشيخ "أبي الحسن القشعري" رحمه ا فقد رتب قواعد عقي كدة أه كل‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫الحق وحرر أدلتها، وهي العقيدة التي إجتمعت عليها الصحابة ومن بعدهم‬ ‫من خيار التابعين، وهي عقيدة أه كل الح كق مكن أه كل ك كل زم كان و مككان‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫وهي عقيدة جملة أهل التصوف كما حكى ذلك أبو القاسكم القشكيري فكي‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫أول رسالته.‬ ‫وه كي بحم كد ا ك عقي كدتنا، وعقي كدة إخوانن كا م كن الس كادة الحس كينيين‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫المعروفين بآل أبي علوي، وعقيدة أسلفنا من لدن رسكول اك صكلى اك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫عليه وسكلم إلكى يومنكا هكذا، وككان المكام المهكاجر إلكى اك جكد السكادة‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫المذكورين سيدي "أحمد بن عيسى بن محمد بكن علكي ابكن المكام جعفكر‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫الصادق" رضي اك عنهكم لمكا رأى ظهكور البكدع وككثرة الهكواء واختلف‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫الراء بالعراق هاجر منها ولم يزل –نفع ا تعالى بكه- يتنقكل فكي الرض،‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫حتى أتي أرض "حضرموت" فأقام بها إلى أن توفي، فبارك ا ف كي عقب كه،‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫حتى اقش كتهر منهكم الج كم الغفي كر العلكم والعبكادة والوليكة والمعرفكة ولكم‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫يعرض لهم ما عرض لجماعات مكن أهكل الكبيت النبكوي مكن انتحكال البكدع‬ ‫واتباع الهواء المضلة ببركات نية هكذا المكام المكؤتمن وفكراره بكدينه مكن‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬
  • 39. ‫مواضع الفتن، فالله تعالى يجزيه عنا أفضل ما جزى والدا عن ولكده ويرفكع‬ ‫ك‬ ‫درجته مع آبائه الكرام في عليين ويلحقنا بهم في خير وعافي كة غي كر مب كدلين‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ول مفتونين إنه أرحم الراحمين. والماتريدية كالقشعرية في جميع ما تقدم.‬ ‫وينبغي لكل مؤمن أن يحصن معتقده بحفظ عقيدة من عقائد الئمة‬ ‫المجمع على جللتهم ورسوخهم في العلم. ول أحسب مبتغي ذلك يصادف‬ ‫عقيدة جامعة واضحة بعيدة عن الشبه مثل عقي كدة المكام الغزال كي رضكي‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ُّ يَ‬ ‫ا عنه التي أوردها في الفصل الول من كتاب قواعد العقائد من الحياء،‬ ‫فعليك بها فإن تشوفت إلى مزيد فانظر في الرسالة القدسية الككتي أوردهككا‬ ‫في الفصل الثالث من الكتاب المذكور.‬ ‫ول تتوغكل فكي علكم الكلم ول تككثر مكن الخكوض فيكه لمجكرد طلكب‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫التحقيق في المعرفة فإنك ل تظفر بهذا المطلوب من هذا العلم. ولككن إن‬ ‫ك‬ ‫أردت التحقق فكي المعرف كة فعلي كك بس كلوك طريق كه وهكي ال كتزام التق كوى‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ظاهرا وباطنا، وتدبر اليات والخبار، والنظر في ملكوت السماوات والرض‬ ‫على قصد العتبار، وتهذيب أخلق النفس وتلطيف كثافاتها بحسن الرياض كة،‬ ‫ك‬ ‫وتصقيل مرآة القلب بملزمكة الكذكر والفككر، والعكراض عمكا يشكغل عكن‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫التجرد لهذا المر. فهذا سبيل التحصيل إن سلكته عثرت -إن قشاء ا تعالى-‬ ‫على المطلوب، وظفرت بالمر المرغوب، والصوفية إنمكا جاهكدوا نفوسكهم‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫وبالغوا ف كي رياض كتها وقطعوه كا ع كن عاداته كا ومألوفاته كا لعلمه كم بتوق كف‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫حصول كمال المعرفة علكى ذلكك، وعلكى كمكال المعرفكة يتوقكف التحقكق‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫بمقام العبودية الذي هو بغية العارفين وأمنية المحققين رض كي ا ك عنهككم‬ ‫ك‬ ‫أجمعين.‬
  • 40. ‫فصــل‬ ‫)وعليك( بأداء الفرائض واجتناب المحرم كات ، والكث كار مكن النوافكل.‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫فإنك إن فعلت ذلك مخلصا لوجه ا الكريم حصلت على غاي كة الق كرب م كن‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ا وخلعت عليك خلعة المحبة التي تصير عندها جمي كع حركات كك وس ككناتك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫لله وبالله، وهي خلعة الولية بل خلعة الخلفة، وقد أقشار إليها رسككول اكك‬ ‫صلى ا عليه وسلم بقوله فيما يرويه عن ربه تعالى قال: "م كا تق كرب إل كي‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫عبدي بشكيء أحكب إلكي ممكا افترضكت عليكه ول يكزال عبكدي يتقكرب إلكي‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر‬ ‫به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصككر وبككي‬ ‫يبطش وبي يمش كي ولئكن س كألني لعطين كه ولئكن اس كتعاذني لعي كذنه وم كا‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ترددت في قشيء أنا فاعله ترددي فكي قبكض نفكس عبكدي المكؤمن يككره‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫الموت وأنا أكره مساءته ول بد له من الموت".‬ ‫فانظر –رحمك ا- إلى مكا انطكوى عليكه هكذا الحكديث القدسكي مكن‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫السرار والمعارف وتأمل ما أومأ إليه من الدقائق واللطائف وما وصل هككذا‬ ‫العبد الموفق إلى هذه المرتبة العظيمة التي صار فيها ما يحبكه محبوبكا للكه‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫وما يكرهه مكروها عند ا إل بأداء ما فرض كه علي كه والكث كار م كن النواف كل‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ابتغاء الزلفى لديه فالسباق السباق إن ككانت لكك همكة فكي الوصكول إلكى‬ ‫مراتب الكمال ورغبة في بلوغ درجات الرجال فقد وضكح لكك الطريكق وبكد‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫لك قشعاع التحقيق.‬ ‫)واعلم( أن ا قد جعل فضله ورحمته في النوافل جبرا لما يقع من‬ ‫الخلكل ف كي الفرائ كض. ولككن ل يج كبر خل كل الفريض كة إل بنفكل م كن نوعه كا‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫كالصلة بالصلة، والصيام بالصيام، والفرض ه كو الص كل والنف كل ت كابع ل كه،‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬
  • 41. ‫والذي يؤدي الفرائض ويجتنب المحارم ول يتنفل أحسن حال ل ً ممن يتعاطى‬ ‫النوافل ويقع في إهمال بعض الفرائض، فإياك أن تعرض عن قشيء مككن‬ ‫الفرائض اقشتغال ل ً بشيء من النوافل فتأثم بترك الفريضة ول يتقبل ا منك‬ ‫النافلة وتقع في ذلك مثل من يشتغل بتحصكيل العلكم الكذي هكو فكي حقكه‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫فضيله ويترك القشتغال بتحصيل ما هو عليه من العلم فريضة فككي ظككاهره‬ ‫وباطنه، ومن يقعد عن الكسب مع القدرة علي كه اقش كتغال ل ً بنواف كل العب كادات‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ويترك عياله يتكففون الناس فقس على هاتين الصورتين م كا ع كداهما مم كا‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫في معناهما.‬ ‫)واعلم( أنك ل تصل إلكى القيكام بامتثكال مكا فكرض ا ك عليكك مكن‬ ‫ك ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫طاعته واجتناب ما حرم ا عليك من معصيته وإلى العمل بما قشرع لك من‬ ‫النوافل التي تقربك إليه زلفى إل بالعلم، فعليك بطلبه فقد قال عليه الصلة‬ ‫والسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم".‬ ‫وبالعلم تعرف كون الواجب واجبا والمندوب مندوبا، والمح كرم محرم كا،‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫وتعرف كيف تؤدي الواجب وتفعل المندوب وتترك المحرم فككإذن ل بككد لككك‬ ‫من العلم ول غنى لك عنه، وعليه وعلى اعمل به مدار س كعادتك ف كي ال كدنيا‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫والخرة.‬ ‫)واعلم( أن من عبد ا بغيكر علكم ككان الضكرر العائكد علي كه بس كبب‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫عبادته أكثر من النفع الحاصل له بها، وككم مكن عابكد قكد أتعكب نفسكه فكي‬ ‫العبادة وهو مع ذلك مصر على معصية يرى أنها طاعة أو أنها غيكر معصكية.‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫وقد حكى الشكيخ العكارف بكالله محمكد بكن عربكي فكي بكاب الوصكايا مكن‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫الفتوحات عن رجل من أهل المغرب أنه كان كثير الجتهاد في العبادة وأنكه‬ ‫ك‬
  • 42. ‫1‬ ‫اقشترى أتانا ولم يستعملها في قشيء، فسكأله إنسكان عكن سكبب إمسكاكها،‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫قال: ما أمسكتها إل لحصن بها فرجي! وكان ل يعلم تحريكم إتيكان البهكائم،‬ ‫فلما عرفه بتحريمه أقشفق وبكى بكاء قشديدا. انتهت الحكاية بمعناها.‬ ‫ل ً‬ ‫والعلم الواجب على كل مسلم ه كو أن يعل كم وج كوب جمي كع الفرائ كض‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫التي فرضهن ا عليه وتحريم جميع المحرمات التي حرمهن ا عليه. وأما‬ ‫العلم بكيفية فعل الشيء الواجب فل يجب إل عند إرادة مباقشرته فمن بلككغ‬ ‫أو أسلم في قشكهر المحكرم مثل ل ً ككان الكواجب عليكه فكورا أن يتعلكم معنكى‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫الشهادتين وينطق بهما، ويتعلكم وجكوب الصكلوات الخمكس ومكا يجكب مكن‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫معرفكة أركانهكا وأحكامهكا، ومكن الكواجب عليكه أن يعكرف وجكوب الصكوم‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫والزكاة والحج وغيرها من الواجبات العينية ويعكرف تحريكم الزنكى وقشكرب‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫الخمر وأخذ أموال الناس بالباطل وغيرها من المحرمات الشريعة ولكككن ل‬ ‫يجب عليه أن يتعلكم كيفيكة الصكيام والحكج إل عنكد مجيكء رمضكان وإرادة‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫الحج، ول كيفية الزكاة إل حتى يملك مال ل ً يزكى ويجيء وقت إخ كراج الزك كاة‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫وا أعلم.‬ ‫والمحرمات والواجبات العينية معروفكة بيكن المسكلمين ل تككاد تخفكى‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫وإنما المهم معرفة الحكام. نع كم ول يكف كه إل أن يتلق كى جمي كع ذل كك م كن‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫عالم يخشى ا ويدين بالحق. والعامة تخطئ وتصيب فإياك أن تفع كل م كا‬ ‫ك ك‬ ‫يفعلونه وتترك ما يكتركونه اقتكداء بهكم، فكإن القتكداء ل يصكح إل بالعلمكاء‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫العاملين، وقد عز اليكوم عكالم يعمكل بعلمكه. فكإذا رأيكت العكالم فكي هكذا‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫الزمان يفعل قشيئا أو يتركه مما يجهل كونه حقا أو باطل ل ً فل تكتف كي بمج كرد‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫رؤيته في الفعل أو الترك حتى تسأله عن وجه ذلك في الشرع وحكمه مكن‬ ‫ك‬ ‫الدين، ول يحتاج المسلم في تحصيل ما هو فرض عليه من العلم إلى طول‬ ‫1‬ ‫التان: أنثى الحمار‬
  • 43. ‫مدة، ول يكاد تلحقه مشقة في ذلك لسهولته، ويكفي الط كالب الفط كن ف كي‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫تعلم ذلك أن يجلس مع العالم المتقن ساعة أو ساعتين من زمان وقد جاء‬ ‫أعرابي إلى رسول ا صلى ا عليه وسلم وهو يخطب على منبره فسأله‬ ‫أن يعلمه مما علمه ا فنزل عن منبره فعلمه ثم صعد المنبر فأتم خطبته.‬ ‫وعلى الجملة فمن أراد أن يسلم ويغنم فعليه أن ل ي كدخل ف كي قش كيء‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ول يقيم على فعل قشيء قد دخل فيه حتى يعل كم مكا حككم ا ك فكي ذلكك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫الشيء من الوجوب أو الندب أو الباحة أو التحريم فجميكع القشكياء ل تخلكو‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫عن أحد هذه المور الربعة، والقشبه أن هذا المر واجب على كل مسلم.‬ ‫ثم إن المؤمنين ينقسمون إلى عموم وخصوص، فالعموم ق كد يقع كون‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫في ترك الواجبات وفعل المحرمات، وأحسنهم من يبادر بالتوبة والستغفار،‬ ‫ول يحرصون على فعل النوافل وينهمكون في المباح كات، وأم كا الخص كوص‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫فيؤدون الواجبات وي كتركون المحرمكات بككل ح كال ويحكافظون علكى فعكل‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫المندوبات ويقتصرون من المباحات على ما يكون وسيلة إلى القيام بامتث كال‬ ‫ك‬ ‫الوامر واجتناب النواهي وبالله التوفيق.‬
  • 44. ‫فصــل‬ ‫)وعليك( بلزوم النظافة ظاهرا وباطنا، فإن م كن كمل كت نظ كافته ص كار‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫بروحه وسريرته ملكا روحانيا، وإن ك كان بجس كمه وص كورته بش كرا جس كمانيا.‬ ‫ك ةّ‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫يَ‬ ‫وقد قال رسول ا صلى ا عليه وسلم: "بني الدين على النظاف كة" وق كال‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫عليه الصلة والسلم: "إن ا نظيف يحب النظافة".‬ ‫وتحصل النظافكة الباطنكة بتزكيكة النف كس عكن رذائكل الخلق، ككالكبر‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫والرياء والحسد وحب الدنيا وأخواتها، وتحليته كا بمك كارم الخلق، كالتواض كع‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫والحياء والخلص والسخاء وأخواتها.‬ ‫وحقائق هذا الخلق وطريقة الخلص م كن رذائله كا وس كبيل التحص كيل‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫لفضائلها قد جمعه المام الغزالي فكي الشكطر الثكاني مكن الحيكاء فعليكك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫بمعرفة ذلك واستعماله.‬ ‫وأما النظافة الظاهرة فتحصل بترك المخالفات وفعل الموافقات.‬ ‫فمن زين ظكاهره بملزمكة العمكال الصكالحة، وعمكر بكاطنه بكالتخلق‬ ‫بالخلق المحمودة، فقد كملت نظافته وإل فله نصيب منها بقدر بعككده عككن‬ ‫منكرات الخلق والعمال وقربه من محاسنها.‬ ‫ومن أقسام النظافة الظاهرة ما أرقشد إليه الشكرع مكن أخكذ الفضكلت‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫وإزالة الدناس، والتطهر من الحداث والنجاس.‬ ‫فمن ذلك: إزالة قشعر العانكة، ونتكف البكط أو حلقكه، وقكص الشكارب،‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫وتقليم الظفر، ويستحب أن يبتكدئ مكن سكبابة اليمنكى إلكى خنصكرها ومكن‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫خنصر اليسرى إلى إبهامها ويختم بإبهام اليمنى، وأما الرجلن فيبككدأ بخنصككر‬ ‫اليمنى ويختم بخنصر اليسرى كالتخليل في الوضوء، ويكره تأخير فعل هذه‬ ‫القشياء عن كل أربعين يوما.‬