الحمد لله العلى الأعلى، جعل سرَّ الكنز:
{ كنْتُ كنْزَاً مخَفيَّاً فأحبَبْتُ أنْ أُعْرَف }.وغيَّب الرمز:
{ فبى عرفونى } (1)
لمن جعله لذاته مجلَى، سيدنا محمد صاحب المقام الأعلى : ( فكان قاب قوسين أو أدنى) [النجم:9] والنور الأزهى : ( وسراجاً منيرا) [الأحزاب:46] .
صلى الله عليه وعلى آله الذين هم بنوره يتصلون، وأصحابه الذين هم به يقتدون، وكل من انشغل بضياء ذاته وبهىّ صفاته وجَلىّ تشريعاته إلى يوم الدين، وعلينا معهم أجمعين .... آمين يارب العالمين .. وبعد ...
فإن الحديث عن الرسول الحبيب له لذَّةٌ ونشوةٌ فى قلب كلِّ عبد من ربه قريب، لا سِيَّما لو كان الحديث حول المعانى القرآنية للآيات التى وصف بها الله U خير البرية ... فلقد وصف الله U بذاته حبيبه ومصطفاه لعلمه U بعجز الخلق جميعاً عن الإحاطة ببعض هباته، أو الإلمام ولو بذَّرة من جميل عطاءاته التى تفضَّل بها على خير مخلوقاته ...
ولما كنا نحرص دائماً على إحياء ليالى ذكرى ميلاده r بذكر فضائله وبيان شمائله التى خصه الله U بها، وكذا تذكير الأُمة بالكمالات والخصوصيات التى منحها لها الله – خصوصية من بين جميع الأمم السابقة – بسبب علو منزلة الحبيب المُجتبى عند مولاه، ورفعة قدره عند حضرة الله، فقد جمعنا فى هذا الكُتيب الصغير الحجم فى مبناه، الغزير المعنى والعظيم القدر فى معناه بعض الدروس الراقية التى منَّ الله بها علينا فى الإحتفال بليالى ذكرى مولد رسول الله r هذا العام 1431 هـ، وأشرنا فيها إلى لمحات من خطاب الله U فى الآيات القرآنية لأهل المقامات العلية عن الحضرة المحمديَّة حتى تشتاق القلوب إلى جمال حضرته، وتميل الأفئدة إلى شذى عُرف قربه ومودَّته، وتُحلِّق الأرواح راغبة فى الوصول إلى مقام معيته.
جعلنا الله U ممن يتعلقون بحضرة ذاته، ويتخلقون بأخلاقه، ويتجملون بجميل صفاته ،ويستمسكون ظاهراً وباطناً بأنوار تشريعاته.
وقد سمَّيناه (( السراج المنير )) لأنه الاسم الذى سمَّاه به الله لأهل الخصوصية، ولأن هذه المعانى