مع ظهور الصحوة الإسلامية المعاصرة في شتى البلاد الإسلامية، رأينا جُلَّ المسلمين المعاصرين يتعمقون في دراسة أبواب العبادات من الفقه، ويُركزون عليها، وهذا واجب شرعي لا شك في ذلك، لأنه يتعلق بواجب المؤمن نحو ربه عزوجل، وعبادته، وشكره سبحانه على عظيم نعمه.
ونظراً لكثرة مشاغل الخلق في هذا الزمان، فربما لا يسع وقت كثير منهم لدراسة بقية أبواب الفقه الإسلامي، مع شدة الحاجة إليها لأنها تتعلق بالأحوال الشخصية من زواج وطلاق، وتنظيم المعاملات بين الناس وفقاً لقواعد الشريعة الإسلامية، وتبين واجب المسلم نحو أخيه في كل حالة من الأحوال التي تعتوره من صحة ومرض، وغنى وفقر، وحياة وموت، وشدة ورخاء، وعسر ويسر، وغيرها.
لذلك رأينا أن نبين لإخواننا المسلمين أجمعين في هذا الكتاب الواجب عليهم فعله نحو إخوتهم المقبلين على الدار الآخرة سواء ساعة الإحتضار، أو بعد مفارقة المؤمن للحياة الدنيا، من غسله وتكفينه والصلاة عليه وتشييعه إلى مثواه الأخير.
وبيَّنا كذلك شروط الدفن الشرعي، وصفة المقابر التي ينبغي أن يُدفن فيها المسلم، والواجب على أهل الميت نحو ميتهم.
وكذلك الواجب على جموع المؤمنين نحو الميت، ونحو أهله، وكل ذلك طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية التي استنبطها الفقهاء الأجلاء من كتاب الله عزوجل، ومن سُنَّة رسول الله صل الله عليه وسلم القولية والفعلية، وعمل الصحابة والأئمة الهادين المهديين.
وقد تخيرنا في ذلك من بين النقول والآراء الواردة عن الرعيل الأول، والسلف الصالح؛ ما ينحو نحو الوسطية التي وصف الله عزوجل بها الأمة الإسلامية في قوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (143البقرة)
وركزنا في ذلك أيضاً على بيان مدى سعة رحمة الله لعباده المؤمنين، وشدة إكرامه سبحانه وتعالى لهم في حياتهم البرزخية، ولذلك سميناه: (إكرام الله للأموات) وقد أخرجنا أيضاً قرصاً مدمجاً (سي دي) ليكون بياناً عملياً مرئياً في ذلك لمن أراد رسوخ هذه الحقائق في ذهنه.
وقد سبق لنا أن بيَّنا عظيم إكرام الله للمؤمن عند موته في كتابنا: (بشائر المؤمن عند الموت) ووضحنا فضل الله العظيم للمؤمنين في اليوم الآخر (يوم القيامة) وفي دار الجنان في كتبنا: (بشريات المؤمن في الآخرة) و (بشائر الفضل الإلهى).
وبذلك نكون قد أوضحنا على قدرنا مع جهلنا وقلة محصولنا لإخواننا المؤمنين بعض إكرامات الله عزوجل لهم من لحظة الموت إلى الخلود في الجنة، عسى الله أن ينفعنا بذلك، ويدخلنا في دائرة عباده المكرمين، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وص