ترى في هذه الأيام صحوة فكرية تطالب بتحديث الخطاب الديني، وخاصة في خُطب الجمعة، والدروس والندوات الدينية، بحيث تلائم أفكارها ما جدَّ في هذا العصر من علوم مستحدثة، ومعلومات جديدة مستنبطة، على أن تكون متوائمة مع دين الله، وتتطابق مع شرع الله، ولا تتناقض مع آيات كتاب الله، ولا حديث رسول الله r.
وتكون أيضاً بأسلوب سلس عذب يفهمه السامع مهما كان مستواه الثقافي، لا يتنازل عن العربية الفصحى، ولا ينزل إلى العامية، بل هو بالسهل الممتنع أحرى، وتكون الأمثلة المستخدمة عصرية وتراعي الواقع الذي يقال فيه الخطاب، وقريبة ممن نتوجه إليهم بهذا الخطاب.
وينبغي أن يعالج هذا الخطاب الأمور التي تهم الجموع الذين نتحدث إليهم، تطبيقاً لقول الله :) وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ( (63النساء)
وهذا ما حاولنا أن نطبقه كنموذج واقعي عملي في خطابنا الدعوي.
وقد رأينا بالإضافة إلى ذلك أن ننتقي من الأحاديث الموثَّقة للنبي r ما رأينا أنه يوجِّه خطابه فيها لأهل هذا العصر الذي نعيش فيه، ونجعلها لُبَّ الموضوعات التي يدور حولها حديثنا، وخاصة أننا رأينا النبي صل الله عليه وسلم بما وهبه الله من بصيرة نبوية قال عنها الله فى محكم التنزيل فى (108يوسف)
قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )ـ
يصف الواقع الذي تحت فيه الآن وصفاً واقعياً مُعاشاً، يُحلل فيه أسباب العلل والأدواء، ثم يضع باقة من الأدوية القرآنية، والأشفية النبوية السهلة والميسرة لاستئصال الداء وتحقيق الرجاء.
فجمعنا في هذا الكتاب نماذج من هذه الخُطب التي تعالج مشكلات المسلمين المعاصرين في أحاديث النبي، وشرحناها شرحاً مبسطاً يتلائم مع جمهور المستمعين، وركزنا كذلك على الحلول الناجعة التي ذكرها إمام الأنبياء والمرسلين، عسى الله ان ينفع بها إخواننا المسلمين المعاصرين فينتبهون من نومتهم، ويستيقظون من غفوتهم، وينهضون من كبوتهم، ليتحقق فينا ولنا قول الله U: ) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا . ( (28الفتح).
وقد رأينا إتماماً للمنفعة أن نطبعها في كتاب ليعم بها النفع، بعد أن نسخناها على اسطوانة مدمجة بالصوت والصورة سى دى (CD)، والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، ومؤازرة لنبيه الرءوف الرحيم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم