SlideShare a Scribd company logo

211

•
•
K
kotob arabia
Education
1 of 210
Download to read offline
‫ﻤﻼﻤﺢ ﺍﻟﻭﻋﻲ‬ ‫ﺠﻤﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ‬ ‫ﺩ. ﺃﻴﻤﻥ ﺒﻜﺭ‬
‫ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﳌﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ‬ ‫א‬ ‫א‬ ‫א‬ ‫.‬ ‫אא‬ ‫א‬ ‫)ﻋـﱪ ﺍﻻﻧﱰﻧـﺖ ﺃﻭ‬ ‫א‬ ‫אא‬ ‫ﻟﻠﻤﻜﺘﺒــﺎﺕ ﺍﻻﻟﻜﱰﻭﻧﻴــﺔ ﺃﻭ ﺍﻷﻗــﺮﺍﺹ ﺍﳌﺪﳎــﺔ ﺃﻭ ﺍﻯ‬ ‫א‬ ‫ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ (‬ ‫א‬ ‫א‬ ‫.‬ ‫.‬ ‫א א‬
‫א‬ ‫.. א‬ ‫/‬ ‫..‬ ‫א‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬ ‫ﻴﻀﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻨﺎﻭل‬ ‫ﺇﺒﺩﺍﻋﺎﺕ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺼـﺭﻴﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼـﺭﻴﻥ ﺍﻟـﺫﻴﻥ‬ ‫ﻴﻤﺜﻠﻭﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺘﻭﺠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ . ﻭﺤﺘﻰ ﻻ ﻨﻘﻊ ﻓﻲ‬ ‫ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﻤﺩﺓ ﺒﻤﺎ ﻴﺼﺎﺤﺒﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﺤﻜﺎﻡ ﻗﻴﻤﺔ ﺼـﺭﻴﺤﺔ ﺃﻭ‬ ‫ﻀﻤﻨﻴﺔ ، ﻭﺒﻤﺎ ﺘﻔﺠﺭﻩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﻤﻥ ﻗﻀـﺎﻴﺎ - ﻭﻫﻤﻴـﺔ‬ ‫ﻏﺎﻟﺒﺎ - ﺤﻭل ﺠﺩﺍﺭﺓ ﺃﻭ ﻋﺩﻡ ﺠﺩﺍﺭﺓ ﻟﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺸـﻌﺭﻴﺔ‬ ‫ﺒﺎﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﻟـ " ﺍﻟﺸﻌﺭ " ﺒﺄﻟﻑ ﻭﻻﻡ ﺍﻟﻌﻬﺩ )ﻭﻜﺄﻨﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻤﺘﻔﻘﻭﻥ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﻟﻠﺸﻌﺭ( ، ﺤﺘﻰ ﻻ ﻨﻘﻊ ﻓﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺼـﻨﻴﻔﺎﺕ‬ ‫ﺤﺩﺩﺕ ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﻫﺩﺍﻓﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒـﺎ ﻓـﻲ ﺃﻤـﺭﻴﻥ ﻏﻴـﺭ‬ ‫ﻤﻨﻔﺼﻠﻴﻥ: ﺍﻷﻭل ﻫﻭ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﺴﺘﻜﺸـﺎﻑ ﺠﻤﺎﻟﻴـﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﻤﺤل ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ، ﻋﺒﺭ ﻤﻘﻭﻻﺕ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﻴﻅﻨﻬـﺎ ﺍﻟﺒﺎﺤـﺙ‬ ‫ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺨﻁﺎﺏ ﻨﻘﺩﻱ ﻤﺜﻴﺭ ﻟﻠﺠﺩل ﺤﻭل ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ؛‬ ‫ﺒﺈﻀﺎﺀﺓ ﻭﺠﻪ ﺃﻭ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺃﻭﺠﻪ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ ﻓﻴﻬـﺎ ، ﺩﻭﻥ‬ ‫ﺍﺩﻋﺎﺀ ﺍﻹﺤﺎﻁﺔ ﺍﻟﺸﺎﻤﻠﺔ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﺎﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴـﺔ ﺃﻭ‬ ‫ﺍﻟﺭﺅﻴﻭﻴﺔ ؛ ﺇﺫ ﻴﺼﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﻴﻔﻬﻡ ﺘﻔﺎﻋﻼﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘـﺭﺍﺀﺓ‬ ‫ﻭﺘﺸﻌﺒﺎﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﻴﻁﻤﺌﻥ ﻟﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ . ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻬـﺩﻑ ﺍﻟﺜـﺎﻨﻲ‬
‫ﻓﻬﻭ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻟﻠﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﺒﻌﺽ ﻤﻼﻤﺢ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ‬ ‫ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻌﺒﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﺘﺼﺩﺭ ﻤﻨﻪ ، ﻭﻫﻭ ﻤﺎ‬ ‫ﻴﺒﺩﻭ ﻏﻴﺭ ﻤﻨﻔﺼل ﻋﻥ ﺠﻤﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺸﺭﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ .‬ ‫ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻬﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ ﺃﻥ ﺃﺸﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ‬ ‫ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻅﻨﻬﺎ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ‬ ‫ﻭﻫﻰ :‬ ‫ﺃﻭﻻ : ﻻ ﻴﻤﻴﺯ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﻓﻲ ﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﻟﻺﺒﺩﺍﻉ ﺒﻴﻥ ﺸـﻌﺭ‬ ‫ﺍﻟﻌﺎﻤﻴﺔ ﻭﺸﻌﺭ ﺍﻟﻔﺼﺤﻰ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴـﺔ ﺍﻹﻤﻜﺎﻨـﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴـﺔ ﺃﻭ‬ ‫ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ/ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ - ﻋﻠـﻰ ﻤـﺎ ﺒﻴﻨﻬﻤـﺎ ﻤـﻥ‬ ‫ﺍﺸﺘﺒﺎﻜﺎﺕ - ﺃﻭ ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺃﻭﺠﻪ ﺍﻟﻤﻔﺎﻀـﻠﺔ ﺍﻟﻤﻔﺘﺭﻀـﺔ ؛‬ ‫ﺤﻴﺙ ﻴﻅﻥ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺭﻴﻕ ﻴﺸﻴﺭ ﻀﻤﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺘﺭﺍﺘﺒﻴﺔ ﻗﻴﻤﻴﺔ ﻏﻴﺭ‬ ‫ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻋﻠﻤﻴﺔ .‬ ‫ﺜﺎﻨﻴﺎ : ﺴﻌﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺘﺠﻨﺏ ﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﻴﻤـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺼﻭﻏﻬﺎ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ- ﺴﻭﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﻠﻨﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻀـﻤﻨﻴﺔ -‬ ‫ﺤﻭل ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ، ﻓﺎﻟﻔﺎﻋل ﺍﻷﻫﻡ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ‬ ‫ﺃﻥ ﻴﺘﺨﻠﻕ ﻤﻥ ﻤﺴﺎﺤﺎﺕ ﺘﻔﺎﻋل ﺒـﻴﻥ ﺍﻟﺒﺎﺤـﺙ ﻭﺍﻟﻨﺼـﻭﺹ .‬ ‫ﻭﺴﻴﺘﻀﺢ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺒﺸﻌﺭﺍﺀ ﺸﺒﺎﺏ ﻤـﻥ ﺃﻗـﺎﻟﻴﻡ‬ ‫ﻤﺼﺭ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ) ﺒﻨﻰﺴﻭﻴﻑ - ﺍﻟﻔﻴﻭﻡ - ﺩﻤﻴﺎﻁ ( ﺒﻌﻀﻬﻡ ﻟـﻡ‬
‫ﺘﺼﺩﺭ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﻤﻁﺒﻭﻉ ﺒﻌﺩ ، ﺒﺎﻟﻘﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﻟﻴﻪ‬ ‫ﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﻤﻌﺭﻭﻓﻴﻥ ﻟﻬﻡ ﻋﺩﺩ ﻜﺒﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭﺓ .‬ ‫ﺜﺎﻟﺜﺎ : ﺤﺭﺹ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺘﺘﺼﺩﺭ ﻜـل ﺩﺭﺍﺴـﺔ‬ ‫ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﻤﻘﻭﻻﺕ ﺍﻟﻨﻘﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺜل ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﺭ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ ﺍﻟـﺫﻱ‬ ‫ﻴﺴﺘﺨﺩﻤﻪ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ؛ ﺤﺘﻰ ﻴﺘﻤﻜﻥ‬ ‫ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻤﻥ ﻤﺴﺎﺀﻟﺔ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﻨﻘﺩﻱ ﻁﺒﻘﺎ ﻷﺴﺱ ﻭﺍﻀﺤﺔ ﻏﻴـﺭ‬ ‫ﻤﻠﺘﻭﻴﺔ ، ﻭﻓﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻋﺘﺭﺍﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﺒﻨﺴﺒﻴﺔ ﺭﺅﺍﻩ ﻭﺒﺈﻤﻜـﺎﻥ‬ ‫ﺃﻥ ﻴﺘﻌﺴﻑ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺘﻪ ﺭﻏﻡ ﻤﺎ ﻴﺒـﺩﻭ ﻤـﻥ‬ ‫ﺤﺭﺹ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﻋﻠﻰ ﺘﺠﻨﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺴﻑ .‬ ‫ﺃﺨﻴﺭﺍ ﺃﻭﺩ ﺃﻥ ﺃﺘﻘﺩﻡ ﺒﺨﺎﻟﺹ ﺍﻟﺸـﻜﺭ ﻟﻠﻘـﺎﺌﻤﻴﻥ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﻨﺸﺭ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ، ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺘﺎﺡ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻭﻟﻐﻴـﺭﻩ ،‬ ‫ﻓﺭﺼﺔ ﺍﻟﻅﻬﻭﺭ .‬ ‫ﺃﻴﻤﻥ ﺒﻜﺭ‬ ‫ﺒﻨﻰﺴﻭﻴﻑ - ١٠٠٢‬
‫١- ﺍﻟﺬﺍﺕ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﻨﺜﺮ‬
‫ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻨﻔﺼﺎل ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻋـﻥ‬ ‫ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ؛ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻁﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻔﺘـﺭﺽ ﻏﺎﻟﺒـﺎ ﺃﻥ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻗﺩ ﺃﺤﺩﺜﺘﻬﺎ ﻤﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ، ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻫـﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﻨﻘﻁﺔ ﺒﺩﺀ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﺘﻤﻬﺩ ﻟﻁـﺭﺡ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻘـﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴـﺔ‬ ‫ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺼﺩﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺴﻌﻴﻪ ﻟﺘﺤﻠﻴل ﺇﺤـﺩﻯ‬ ‫ﺠﻤﺎﻟﻴﺎﺕ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ؛ ﻓﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﻋﺒﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ‬ ‫ﺃﻥ ﻴﺘﻡ - ﻤﺒﺩﺌﻴﺎ - ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﺴﺎﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﺎﻁﻊ ﻭﺍﻻﻨﻔﺼـﺎل ﺒـﻴﻥ‬ ‫ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻭﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﻙ ﻨﻔﺴﻪ، ﺇﺫ‬ ‫ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺘﻴﺎﺭﺍ ﻜﺒﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻴﻥ ﻴﺅﻴﺩ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻻﻨﻔﺼـﺎل‬ ‫ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ، ﺴﻭﺍﺀ ﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﻤﻥ ﻴﺭﺍﻩ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴـﺎ ﻤﺒﺸـﺭﺍ ﺒﻤـﻴﻼﺩ‬ ‫ﺸﻌﺭﻴﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ، ﺃﻭ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﻤﻥ ﻴﻨﻔﻲ ﻋﺎﻯ ﺃﺴﺎﺴـﻪ ﺍﻨﺘﻤـﺎﺀ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻟـ " ﺍﻟﺸـﻌﺭ" ﻋﻤﻭﻤـﺎ )١( . ﻭﻴﺒـﺩﻭ ﺃﻥ ﻫـﺫﺍ‬ ‫١‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴل ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ - ﺍﻨﻔﺼﺎل ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ) ﺒل ﻭﺤﺭﻜﺔ‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻜﻠﻬﺎ ( ﻋﻥ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ - ﺒﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻏﺎﻟﻲ‬ ‫ﺸﻜﺭﻱ ﻤﻥ ﺃﻥ :‬ ‫...ﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩ ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ‬ ‫ﺍﻟﻤﺭﺍﺤل ﺍﻟﺴﺎﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺸﻌﺭ‬ ‫ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻗﺩ ﺤﺎﻓﻅﺕ ﻋﻠﻰ ﺠﻭﻫﺭ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻨﻼﺤﻅ ﻓﻲ‬
‫ﺍﻻﻨﻔﺼﺎل ﻋﻥ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻫﻭ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻤﺭ ﻓﻰ ﺤﺎﺠـﺔ‬ ‫ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﺤﻴﺙ ﻻ ﻴﻘﻑ ﺍﻷﻤﺭ ﻋﻨﺩ ﺤﺩﻭﺩ ﻓﺼـل ﻗﺼـﻴﺩﺓ‬ ‫ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻭﺩ ﺍﻟﺸﻌﺭ ،‬ ‫ﺒل ﻴﺘﻌﺩﻯ ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻓﺼﻠﻬﺎ ﻋﻥ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ " ﺍﻟﺸـﻌﺭﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ، ﻜﻤﺎ ﻴﻼﺤﻅ ﺤﺎﺘﻡ ﺍﻟﺼﻜﺭ ﺤﻴﻥ ﻴﻘﻭل :‬ ‫ﻴﺨﻴل ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻭﻨﺤﻥ ﻨﻌـﺎﻴﻥ ﺍﻟﻤﺤـﻭﺭ‬ ‫ﺍﻟﻤﻘﺘﺭﺡ ، ﺃﻨﻪ ﻴﺭﺍﺩ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ "‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜـﺭ " ﺨـﺎﺭﺝ ﺍﻟﺸـﻌﺭﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﺘﻘﻭﻡ‬ ‫ﺃﺴﺎﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﺽ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭ‬ ‫ﻴﺭﺍﺠﻊ :‬ ‫- ﻏﺎﻟﻲ ﺸﻜﺭﻱ ، ﺸﻌﺭﻨﺎ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺇﻟﻰ ﺃﻴﻥ ؟ ، ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ، ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،‬ ‫٥٨٩١ ، ﺹ٢١١ .‬ ‫ﻜﻤﺎ ﻴﺘﺒﺩﻯ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺭﺽ ﻓﻲ ﺭﺅﻯ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ، ﺴﻭﺍﺀ ﺃﻜﺎﻨﻭﺍ ﻤﻥ ﻤﻬﺎﺠﻤﻲ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺃﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺩﺍﻓﻌﻴﻥ ﻋﻨﻬﺎ؛ ﻓﻨﺯﺍﺭ ﻗﺒﺎﻨﻲ ، ﻤﺜﻼ ، ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺒﺩﻭ ﻓﻲ ﺒﺩﺍﻴﺔ‬ ‫ﻤﻘﺎﺒﻠﺘﻪ ﻤﻊ ﺠﻬﺎﺩ ﻓﺎﻀل ﻤﺘﺴﻌﺎ ﻻﺴﺘﻘﺒﺎل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻜل ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻴﺭﻯ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻪ‬ ‫ﺸﻜل " ﺸﻜل ... ﻁﺎﺭﺉ ﻫﺠﻴﻥ ... ﻟﻡ ﻴﻌﺭﻓﻪ ﺘﺎﺭﻴﺨﻨﺎ ﺍﻷﺩﺒﻲ " .‬ ‫ﻴﺭﺍﺠﻊ :‬ ‫- ﺠﻬﺎﺩ ﻓﺎﻀل ، ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ، ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺭﻭﻕ ، ﺒﻴﺭﻭﺕ ، ٤٨٩١ ،‬ ‫ﺹ٤٤٢ .‬
‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ، ﻓﻜﺄﻨﻨﺎ ﻨﻘـﻊ ﻓـﻰ‬ ‫ﻤﺼﺎﺩﺭﺓ ﻓﺫﺓ ﺘﻔﺼل ﺒـﺎﻟﻭﺍﻭ ﺒـﻴﻥ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ - ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺒﺤﺜﻨـﺎ -‬ ‫ﻭﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴـﺩﺓ ﺍﻟﺘـﻰ‬ ‫ﺘﺘﻜﻭﻥ ﻭﺘﺘﺤﻭﺭ ﺇﻟﻰ ﺠﻭﺍﺭﻫﺎ . ﻜﻤـﺎ‬ ‫ﻴﺭﺩﺍ ﻟﻨـﺎ ﺍﻹﻗـﺭﺍﺭ ﺴـﻠﻔﺎ - ﻫـﺫﻩ‬ ‫ﻤﺼﺎﺩﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ - ﺒﻭﺠﻭﺩ "ﺸﻌﺭﻴﺔ "‬ ‫" ﻋﺭﺒﻴﺔ " " ﺠﺩﻴﺩﺓ ")١(‬ ‫ﺍﻷﻤﺭ ﺇﺫﻥ ﻴﺒﺩﺃ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻙ ﻓﻲ ﻭﺠﻭﺩ ﺸـﻌﺭﻴﺔ ﻋﺭﺒﻴـﺔ‬ ‫ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻴﻤﻜﻥ ﺇﻀﺎﻓﺔ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻟﻬﺎ ﺃﻭ ﻓﺼﻠﻬﺎ ﻋﻨﻬـﺎ، ﺒﻤـﺎ‬ ‫ﻴﻀﻴﻑ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﺼﺩﻫﺎ ﻫـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﺒﺤﺙ ؛ ﻓﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﻴﺒﺩﻭ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺴﻪ‬ ‫ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ " ﺸﻌﺭﻴﺔ " ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺃﻭ ﻴﺜﺒﺘﻭﻨﻬﺎ ﻤﻔﻬﻭﻤﺎ ﻏﺎﺌﻤﺎ ﻓـﻲ‬ ‫ﺃﻓﻀل ﺍﻷﺤﻭﺍل ، ﻨﺎﻫﻴﻙ ﻋﻥ ﻤﻼﻤﺢ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﺴﻭﺍﺀ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺸﻌﺭ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ .‬ ‫١‬ ‫ﺤﺎﺘﻡ ﺍﻟﺼﻜﺭ ، ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜـﺭ ﻭﺍﻟﺸـﻌﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴـﺩﺓ : ﻤـﻥ‬ ‫ﺍﺸﺘﺭﺍﻁﺎﺕ ﺍﻟﻘﺼﺩ ﺇﻟﻰ ﻗﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻷﺜﺭ ، ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ، ﻤﺠﻠﺔ ﻓﺼﻭل ﺍﻟﻤﺠﻠـﺩ‬ ‫ﺍﻟﺨﺎﻤﺱ ﻋﺸﺭ ، ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ / ﺨﺭﻴﻑ ٦٩٩١ ، ﺹ ٤٧ .‬
‫ﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ؛ ﻫل ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ - ﺒﻌﺩ ﻤـﺭﻭﺭ ﻋـﺩﺓ‬ ‫ﻋﻘﻭﺩ - ﺃﻥ ﻨﺭﺼﺩ ﻤﺴﺎﺤﺎﺕ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻙ ﻭﻤﺴﺎﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻤﺎﻴﺯ ﺒﻴﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﻊ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﻤﻥ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴـﺏ‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ، ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻤﺕ ﺒﺎﻟﻨﻘﻠﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴـﻴﺔ ﻤـﻥ‬ ‫ﻋﻤﻭﺩ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻜل ﺍﻟﺴﻁﺭﻱ ، ﺍﻟﻤﺘﺤـﺭﺭ ﻤـﻥ‬ ‫ﺍﻨﺘﻅﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻨﺘﻅﺎﻡ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻼﺕ ﻓـﻲ ﺍﻟﺒﻴـﺕ ) ﻗﺼـﻴﺩﺓ‬ ‫ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ ( ، ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻬﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺼﻴﺩﺓ‬ ‫ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ، ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺤﺎﺕ ﻭﺠﻭﺩ ؟‬ ‫ﻤﺎ ﺃﻅﻨﻪ ﻫﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ‬ ‫ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻜﺘﺸﺎﻑ ﻤﺎ ﺘﺸﺘﺭﻙ ﻓﻴﻪ ﻗﺼـﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜـﺭ ﻤـﻊ ﺘـﺭﺍﺙ‬ ‫ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺏ ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ - ﺇﻥ ﻜـﺎﻥ ﻫﻨـﺎﻙ ﺜﻤـﺔ‬ ‫ﺍﺸﺘﺭﺍﻙ - ﻭﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﻗﺩ ﺤﻘﻘﺘـﻪ ﻤـﻥ‬ ‫ﺘﻤﺎﻴﺯ ﻭﺘﻔﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻱ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﻔﻨﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﺩﺭ ﻋﻨﻬﺎ .‬ ‫ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﺘﺸـﻜل ﻤﻨﻅـﻭﺭﺍ ﻴﻤﻜﻨـﻪ‬ ‫ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ، ﻓﺈﻥ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﺒﺤـﺙ‬ ‫ﻴﻘﻑ ﻓﻘﻁ ﻋﻨﺩ ﻤﺎ ﻴﺭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﻤﻠﻤﺤﺎ ﺠﻤﺎﻟﻴﺎ ﻤﻤﻴﺯﺍ ، ﻭﻫﻭ ﻤـﺎ‬
‫ﻴﺘﺼل ﺒﺄﺒﻌﺎﺩ ﺘﺸﻜل ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﻓﻌﻠﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻨﺼـﻭﺹ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ .‬ ‫ﺣﻮﻝ ﻓﺴﻠﻔﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﻭﺗﺸﻜﻠﻬﺎ‬ ‫ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻜﺭﺓ ﺃﻅﻨﻬﺎ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻨﺸـﻜﻴل‬ ‫ﺠﻤﺎﻟﻴﺎﺕ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻋﻤﻭﻤﺎ ، ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺘﺘﺒﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﻓـﻲ‬ ‫ﺘﺠﺎﺭﺏ ﺸﻌﺭﺍﺀ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ، ﺃﻭﻻ ﻋﺒﺭ ﺇﻋﻼﻨﺎﺘﻬﻡ ﻋﻥ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ‬ ‫ﻭﻋﻥ ﺘﺠﺎﺭﺒﻬﻡ ﻜﻤﺎ ﺘﺘﺒﺩﻯ ﻓﻲ ﺃﻭﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺄﻭﻴـل ‪Thresholds‬‬ ‫‪ of Interpretation‬ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺼﺎﺩﻓﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟـﻨﺹ ﺍﻟﻤﻁﺒـﻭﻉ ،‬ ‫ﻭﺜﺎﻨﻴﺎ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﺍﻟﺘﺄﻭﻴﻠﻲ ﻟﻨﺼﻭﺼﻬﻡ .‬ ‫ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺸﻴﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﺸﺒﻪ ﺒﺎﻟﻌﻤﻠﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟـﻭﺠﻬﻴﻥ ؛‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺘﻠﺨﻴﺹ ﻭﺠﻬﻬﺎ ﺍﻷﻭل ﻓﻲ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺸﺎﻋﺭ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜـﺭ‬ ‫ﻟﺭﺅﻯ ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﺘﺠﺎﺭﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﻭﺼﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟـﺭﺅﻯ‬ ‫ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻨﺒﻊ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻟﻠﻜﺘﺎﺒﺔ ، ﻭﺒﻭﺼﻑ ﺇﻋـﺎﺩﺓ‬ ‫ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴـﻪ ﻫـﺩﻑ‬ ‫ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ، ﺒﻤﺎ ﻴﻨﺘﺞ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻋﺘﻤـﺎﺩ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﺘﺼﻭﻴﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭﺓ ﻋﻥ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻴﻥ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ‬ ‫ﻓﻲ ﻭﻋﻲ ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﺘﺎﺤﺔ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺭ‬
‫ﻋﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺘﻭﺍﺼل ﺍﻷﺩﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺫﺍﺘﻪ ، ﺒﻤﺎ ﻴﻌﻜﺱ‬ ‫ﻭﺍﺤﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻷﺴﺱ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺒﻨﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺠﻤﺎﻟﻴـﺎﺕ ﻫـﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ : ﻭﻫﻭ ﺭﻓﻀﻬﺎ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻨﺎﺘﺠـﺔ‬ ‫ﻤﻥ ﺍﻻﺘﺴﺎﻕ ﻤﻊ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻋﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺭﺅﻯ ، ﺒﻤﺎ ﻴﺒـﺩﻭ‬ ‫ﻤﻨﻌﻜﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺩﻤﺔ ﻭﺃﻴﻀـﺎ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﻤﺴﺎﺤﺎﺕ ﻅﻼل ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﺩﻭ ﻤﻌﺒـﺭﺓ ﻋـﻥ ﺍﺨﺘﻴـﺎﺭﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺴﺎﻋﻴﺔ ﻟﻼﻨﻔﺼﺎل ﻭﺍﻟﺘﻤﻴﺯ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺭﻑ ﺍﻟﺸـﺎﺌﻊ ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻤﻪ ﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻋﺒﺭ ﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﻓﻨﻴﺔ ﻤﺘﻨﻭﻋﺔ ، ﺃﻭ ﻤـﻥ‬ ‫ﺯﺍﻭﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ؛ ﺴﻌﻴﻬﺎ ﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﺨﺼﻭﺼـﻴﺔ ﻭﻓﺭﺩﻴـﺔ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒـﺔ‬ ‫ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ) ﻭﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺃﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻹﺒﺩﺍﻋﻴـﺔ( ﺒﻌﻴـﺩﺍ ﻋـﻥ‬ ‫ﺍﻷﻁﺭ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻌﻴﺔ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻭ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .‬ ‫ﺍﻟﻭﺠﻪ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﻠﻔﻜﺭﺓ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒـﺎﺭﻩ ﺃﺤـﺩ ﺍﻟﻔـﺭﻭﻕ‬ ‫ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺍﻟﻤﻨﻁﺭﺡ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻭﻨﻅﻴـﺭﻩ‬ ‫ﻤﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ ، ﻭﺃﻗﺼـﺩ ﺒﻬـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﻭﺠﻪ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﻓﻜﺭﺓ ﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﺘﻤﻴﺯﻫﺎ ؛‬ ‫ﻓﻔﻲ ﺤﻴﻥ ﺘﺘﺤﺭﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ - ﻤﺜﻠﻬـﺎ‬ ‫ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻤﺜل ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻨﺴـﻴﺔ - ﻤـﻥ‬ ‫ﻤﺴﹼﻤﺔ ﺃﻨﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﻤﺘﻔﺭﺩﺓ ﻟﻬﺎ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻤﺘﻤﻴﺯﺓ ﻋﻥ ﻏﻴﺭﻫﺎ‬ ‫ﻠ‬
‫ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻭﺍﺕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ، ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺫﻟـﻙ ﻻ ﺘﺘﻌﺎﻤـل ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻤﻊ ﻓﻜﺭﺓ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﻭﺘﻤﻴﺯﻫﺎ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ‬ ‫ﻤﺴﻠﻤﺔ ﻻ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﻟﻨﻘﺎﺵ ﻭﺇﺜﺒﺎﺕ ، ﺒل ﻴﺘﺤﻭل ﺍﻷﻤﺭ ﺇﻟﻰ ﺴـﺅﺍل‬ ‫ﻀﻤﻨﻲ ﻴﻬﺩﻑ ﺍﻟﻨﺹ - ﻀﻤﻥ ﻤﺎ ﻴﻬﺩﻑ ﺇﻟﻴﻪ - ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺠﺎﺒـﺔ‬ ‫ﻋﻨﻪ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﺒﺎﻹﺜﺒﺎﺕ ، ﺇﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜـﺭ ﻻ‬ ‫ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﺴﻠﻡ ﻤﺒﺩﺌﻴﺎ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﻁﺒﺎﺌﻊ ﺠﻭﻫﺭﻴﺔ ﻤﻤﻴﺯﺓ ﻟﻠـﺫﻭﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﻤﻤﺎ ﻴﺩﻋﻭﻫﺎ - ﺨﺼﻭﺼﺎ ﻭﻫﻲ ﺘﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﺎ‬ ‫ﻟﺭﺅﺍﻫﺎ ﻭﺘﺠﺎﺭﺒﻬﺎ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻤﻨﺒﻊ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻭﻫﺩﻓﻬﺎ ﻜﻤﺎ ﺘﺸﻴﺭ ﻫﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ - ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﻭﺘﻤﻴﺯﻫﺎ ﻜﻤﺒـﺭﺭ ﻴﺴـﻭﻍ‬ ‫ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﺭﺅﺍﻫﺎ ﻭﻨﻔﺽ ﺍﻟـﺭﺅﻯ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘ ‪‬ﻋﻲ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎل ، ﺒﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ؛‬ ‫ﺩ‬ ‫ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﻋﻨﺼﺭ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺤﺎﻭل ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓـﻲ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺃﻥ ﺘﻜﺘﺴﺒﻪ ﻴﺄﺘﻲ ﻤﻥ ﺨﺎﺭﺝ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻘﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻅل ﺸـﺎﻋﺭ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ ﻴﺒﺤﺙ ﻋﻨﻬﺎ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻤﺘﺩﺍﺩﺍ "ﺭﺴﻤﻴﺎ" ﻟﻠﺨﻁﺎﺏ‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ .‬ ‫ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺴﺘﺩل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻤﺒﺩﺌﻴﺎ ﻋﺒﺭ ﺘﺘﺒﻊ‬ ‫ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺃﺤﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﺭﻤﻭﺯ ﺸﻌﺭ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ )ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻌﺒﺭ‬
‫ﻋﻥ ﻴﻘﻴﻥ ﻻ ﻴﺘﺯﻋﺯﻉ ﺒﺎﻤﺘﻼﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﺃﺤﺴﻥ ﺍﻷﺤﻭﺍل‬ ‫ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺇﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺒﻘﺩﺭﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﺫﻫﺎﺏ ﺇﻟـﻰ‬ ‫ﺃﻏﻭﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻐﻴﺭﻫﺎ ﺃﻥ ﻴﻨﻔﺫ ﺇﻟﻴﻬﺎ ( ﻫﺫﻩ‬ ‫ﺍﻷﺤﺎﺩﻴﺔ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﺘﻌﺒﺭ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻋﻥ ﺇﻴﻤﺎﻥ ﻤﺒﺩﺌﻲ ﺒﺘﻔـﺭﺩ‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﺘﻤﻴﺯﻫﺎ ، ﻭﻟﻨﻼﺤﻅ ﻁﺒﻴﻌﻭ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﺍﻹﻁﻼﻗﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻷﻤﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ ﻋﻨﺩ ﺃﻤل ﺩﻨﻘل ﻤﺜﻼ :‬ ‫ﻻ ﺘﺼﺎﻟﺢ /ﻭﻟﻭ ﻤﻨﺤﻭﻙ ﺍﻟﺫﻫﺏ /ﺃﺘـﺭﻯ ﺤـﻴﻥ ﺃﻓﻘـﺄ‬ ‫ﻋﻴﻨﻴﻙ/ﺜﻡ ﺃﺜﺒﺕ ﺠﻭﻫﺭﺘﻴﻥ ﻤﻜﺎﻨﻬﻤﺎ /ﻫل ﺘﺭﻯ ؟!ﻫﻲ ﺃﺸـﻴﺎﺀ ﻻ‬ ‫ﺘﺸﺘﺭﻯ.‬ ‫ﺃﻭ ﻗﻭﻟﻪ :‬ ‫ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻬﺒﻁﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﻘﻭﻡ ﻻ ﺘﺒﺩﺌﻲ ﺒﺎﻟﺴـﻼﻡ /‬ ‫ﻓﻬﻡ ﺍﻵﻥ ﻴﻘﺘﺴﻤﻭﻥ ﺼﻐﺎﺭﻙ ﻓﻭﻕ ﺼﺤﺎﻑ ﺍﻟﻁﻌـﺎﻡ/ ﺒﻌـﺩ ﺃﻥ‬ ‫ﺃﺸﻌﻠﻭﺍ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺵ ﻭﺍﻟﻘﺵ ﻭﺍﻟﺴﻨﺒﻠﺔ / ﻭﻏﺩﺍ ﻴﺫﺒﺤﻭﻨﻙ ﺒﺤﺜﺎ‬ ‫ﻋﻥ ﺍﻟﻜﻨﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻭﺼﻠﺔ / ﻭﻏﺩﺍ ﺘﻐﺘﺩﻱ ﻤﺩﻥ ﺍﻷﻟﻑ ﻋﺎﻡ ﻤـﺩﻨﺎ‬ ‫ﻟﻠﺨﻴﺎﻡ / ﻤﺩﻨﺎ ﺘﺭﺘﻘﻲ ﺩﺭﺝ ﺍﻟﻤﻘﺼﻠﺔ .)١(‬ ‫١ ﺃﻤل ﺩﻨﻘل ، ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﻜﺎﻤﻠﺔ ، ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻘﺼﻭﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ٨٩٩١ ،‬ ‫ﺹ ٥٤٣ ، ﻭ ٣٩٢ ﺒﺎﻟﺘﺭﺘﻴﺏ .‬
‫ﺇﻥ ﻤﺎ ﻴﻌﻨﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﻁﻌﻴﻥ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﻴﻥ ﻟﻴﺱ ﻫﻭ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ‬ ‫ﺇﻟﻰ ﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﺒﺄﻩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ، ﻓﻘﻁ ﺃﺸـﻴﺭ ﺇﻟـﻰ‬ ‫ﻓﻜﺭﺓ ﺘﺴﻠﻴﻡ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺒﺩﺌﻲ ﺒﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻤﺢ ﺒﻅﻬـﻭﺭ ﻫـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻘﺭﻴﺭ ﺍﻵﻤﺭ ﺍﻹﻁﻼﻗﻲ .‬ ‫ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒل ﺃﻥ ﻨﻼﺤﻅ ﻏﻴﺎﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ‬ ‫ﺸﺒﻬﻪ ﻜﺎﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ، ﺇﺫ ﻴﺒﺩﻭ ﺸﺎﻋﺭ ﻗﺼـﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜـﺭ‬ ‫ﻤﺸﻐﻭﻻ ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﻭﺍﻟﺘﻤﻴﺯ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺒﺩﺌﻴﺔ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﻤﺸﻜﻭﻙ ﻓﻴﻪ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﻫﻭ ﺍﻟﺴﺒﻴل ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ‬ ‫ﺇﻜﺴﺎﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻓﺽ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻤﻨﺤﻬﺎ ﺇﻴﺎﻫﺎ‬ ‫. ﻭﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﻟﻠﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭﺓ‬ ‫ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻫﻭ ﺍﻟﺨﻁﻭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﻭﻏﺔ ﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﺘﺠﺎﺭﺏ‬ ‫ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﺭﺅﺍﻫﺎ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻤﻨﺒﻊ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻭﻫﺩﻓﻬﺎ ﻓـﻲ ﺍﻟﻭﻗـﺕ‬ ‫ﻨﻔﺴﻪ .‬ ‫ﺴﺄﺤﺎﻭل ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﺃﻭﻻ ﻋﺒﺭ ﺘﺘﺒﻊ ﺇﻋﻼﻨﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﺤﻭل ﻓﻜﺭﺓ ﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﺭﻏﺒﺘﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻋﻥ ﻜل‬ ‫ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻭﻋﻥ ﻜل ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴـﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺴﺎﻭﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ، ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ﻤﺘﺤﻘﻘﺎ ﻓﻰ‬ ‫ﺫﺍﺘﻪ ، ﻜﻤﺎ ﺴﻨﺤﺎﻭل ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﺭﺘﺒﺎﻁﻪ ﺒﻔﻜﺭﺓ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻟﺭﺅﺍﻫﺎ‬
‫ﻭﺘﺠﺎﺭﺒﻬﺎ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺒﻭﺼـﻔﻬﻤﺎ ﻤﻨﺒـﻊ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒـﺔ ﺍﻟﺸـﻌﺭﻴﺔ ،‬ ‫ﻭﺒﻭﺼﻑ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺼﻴﺎﻏﺘﻬﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﺍﻷﻭل ﻟﻠﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ.‬ ‫ﺣﻮﻝ ﺇﻋﻼﻧﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ‬ ‫ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻠﻤﺢ ﻓﻰ ﺩﻭﺍﻭﻴﻥ ﺸﻌﺭﺍﺀ ﻗﺼـﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜـﺭ -‬ ‫ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺸﺒﻪ ﻤﺘﻭﺍﺘﺭﺓ - ﻤﺎ ﻴﺼﺢ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺇﻋﻼﻨﺎ ﻋـﻥ ﺘﻔـﺭﺩ‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ‬ ‫ﺘﺴﻌﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻹﺩﺭﺍﺝ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺴﻭﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺘﺠﺎﺭﺒﻬﻡ‬ ‫ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ، ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺇﺒﺩﺍﻋﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻤـﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺩﻋﻴﻥ . ﻭﻴﻤﻜﻥ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﺃﻥ ﻴﺄﺨـﺫ ﺃﺸـﻜﺎﻻ ﻤﺘﻨﻭﻋـﺔ‬ ‫ﺃﺤﺩﻫﺎ ﺃﻥ ﻴﻌﻠﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻌﻨﻭﺍﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭ ﺃﻭ ﺍﻹﻫـﺩﺍﺀ‬ ‫ﻤﺎ ﻴﻔﻴﺩ ﺒﺄﻥ ﺘﺠﺭﺒﺘﻪ ﺘﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ، ﺃﻭ ﻫـﻰ‬ ‫ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﻗﻴﻡ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﺘﺼﺩﺭ ﺃﻴﻀﺎ ﻋﻥ ﺫﺍﻜـﺭﺓ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭ ﺒﻤـﺎ‬ ‫ﺘﺤﻤﻠﻪ ﻤﻥ ﺃﺒﻌﺎﺩ ﻭﻗﻴﻡ ﺨﺎﺼﺔ ، ﺃﻭ ﻋﺒﺭ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﻭﺤـﺩﺓ ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﻭﺍﻨﻔﻼﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌ ‪‬ﻓﺔ ﻟﻠﻔﺭﺩ ﻓـﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ ،‬ ‫ﺭ‬ ‫ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﻭﺍﻀﺤﺎ ﻓﻰ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺒﺎﻟﻤﺠﻤﻭﻉ .‬ ‫ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻌﺘﺒﺭﻩ ﻓﻲ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﺤﻴـﺎﻥ‬ ‫ﺴﻌﻲ ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺨﻠﻔﻲ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟـﺫﺍﺕ ﺒﻤـﺎ ﻴﻌـﺩ ﺇﺸـﺎﺭﺓ‬
‫ﻭﺍﻀﺤﺔ ﻟﻤﺎ ﻨﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻥ ﻋﺩﻡ ﺍﻨﻁﻼﻕ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓـﻲ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻋﻤﻭﻤﺎ ﻤﻥ ﻓﻜﺭﺓ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﻭﺘﻤﻴﺯﻫﺎ ﺍﻟﻤﺒﺩﺌﻴﻴﻥ ، ﺒل‬ ‫ﺇﻨﻬﺎ - ﺃﻱ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ - ﺘﺤﺎﻭل ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ، ﺇﻨﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﺘﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﻓﻲ ﺠﺎﻨﺏ ﻤـﻥ‬ ‫ﻭﻋﻴﻬﺎ ، ﻤﺴﻠﻁﺔ ﻀﻭﺀﺍ ﻗﻭﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻬﺎ ، ﻭﺴﺎﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺜﺒﺎﺕ‬ ‫ﻤﺎ ﺘﺭﺍﻩ ﻤﻥ ﻤﻴﺯﺍﺕ ﺘﺼﻨﻊ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ، ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻴﺄﺘﻲ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ، ﻋﺒﺭ ﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﺴﻴﺎﺴﺎﺘﻪ‬ ‫ﻜﻤﺎ ﺘﻌﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻤﺤﺩﺩﺓ ، ﻭﻟـﻴﺱ ﻋﺒـﺭ ﺘﻘـﺩﻴﺭ‬ ‫ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ/ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﺴﺒﻕ ﻜﺎﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻨﺢ ﻟﻠﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺠـﺎﻫﻠﻲ‬ ‫ﻤﺜﻼ ، ﻭﻟﻴﺱ ﻋﺒﺭ ﺤﺎﻟﺔ ﺇﻟﻬﺎﻡ ﺨﺎﺹ ﻭﻻ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ‬ ‫ﻤﻥ ﺨﻼل ﺇﺸﺭﺍﻗﺎﺕ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻭﻓﻴﻭﻀﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﻤﻠﻬﻡ ﻜﻤﺎ‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺼﻑ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻨﺴﻴﺔ .‬ ‫ﻭﻴﻤﻜﻥ ﻟﻤﺘﺘﺒﻊ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻥ ﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﺍﻟﺭﻏﺒﺔ‬ ‫ﻓﻲ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﻁﻨﻌﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺼﻭﻻ‬ ‫ﺇﻟﻰ ﺍﻜﺘﺴﺎﺏ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺒﻌﻴﺩﺍ ﻋﻥ ﺴﻴﺎﺴـﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﻨﺤﺔ ﻟﻬﺎ ، ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻠﻤﺢ ﺒﺩﺍﻴﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻓـﻲ ﺸـﻌﺭ‬ ‫ﺭﻭﺍﺩ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ، ﻭﻗﺩ ﺍﺘﺨﺫ ﺸﻜل ﺍﻟﺘﻀﺎﺩ ﻤﻊ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭ‬ ‫ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻘﻊ ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻭﻕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ، ﻭﺘﺘﺤﺭﻙ ﻤﻥ ﺒﻌـﺩ‬
‫ﻤﺴﻠﻤﺔ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﻭﺘﻤﻴﺯﻫﺎ - ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺘﺴﻕ ﻤﻊ ﻤﺎ ﺘﺘﻁﻠﺒﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺩﺩﺕ ﺸﻜل ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺒـﺄﻁﺭ ﻤﻌﻴﻨـﺔ ﺘﻤﺜـل‬ ‫ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ ﻟﻤﻨﺤﻪ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ - ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨـﺎﻓﺭ‬ ‫ﻤﻊ ﻭﻀﻌﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﻤﻠﻬﻡ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻹﺸﺭﺍﻗﺎﺕ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ، ﻴﺒﺩﻭ ﻭﺍﺼﺤﺎ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﻭﻴﻥ ﺍﻟﺭﻭﺍﺩ ؛ ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺅﻴـﺩﻩ‬ ‫ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺠﺎﺒﺭ ﻋﺼﻔﻭﺭ ﻓﻲ ﻤﻘﺩﻤﺘﻪ ﻟﺩﻴﻭﺍﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻤـﺎﻏﻭﻁ "‬ ‫ﺤﺯﻥ ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺍﻟﻘﻤﺭ " ؛ ﺇﺫ ﻴﺭﻯ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺼﻔﻭﺭ ﺒﺩﺍﻴـﺔ ﺃﻥ‬ ‫ﺃﻭﻟﻰ ﻋﻼﻤﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺸﺭ ﺒﻬﺎ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺎﻏﻭﻁ ﻫـﻲ "‬ ‫ﺘﻭﻗﺩ ﺨﻴﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻤﺭﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻜﺘﺴﺢ ﺍﻟﻤﻭﺍﺼـﻔﺎﺕ ﻭﺍﻷﻋـﺭﺍﻑ‬ ‫ﻭﺍﻟﻤﺴﻜﻭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻤﺄﻟﻭﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﻭﺭﻭﺜﺔ ، ﻜﻲ ﻴﻌﻴﺩ ﺘﺸﻜﻴل ﻤﺩﺭﻜﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺭﺓ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺠﺩﻴﺩﺓ " ﻟﻴﺼل ﺇﻟﻰ ﺃﻥ " ﻨﻤﻭﺫﺝ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻨﻁﻭﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗـﺎﺕ ، ﺃﻭ ﺘﻨﻁﻘـﻪ ، ﺃﻭ‬ ‫ﺘﺅﺩﻴﻪ ، ﻨﻤﻭﺫﺝ ﻤﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﻤﻐﺎﻴﺭﺘﻪ " ﺜـﻡ ﻴﺼـل ﺍﻟـﺩﻜﺘﻭﺭ‬ ‫ﻋﺼﻔﻭﺭ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻴﺅﻴﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻭﻴﺅﺴﺱ ﻟﻬﺎ ﻋﻥ ﻤﻐـﺎﻴﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻋﻥ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴـﺩﻱ‬ ‫ﻜﻠﻲ ﺍﻟﻘﺩﺭﺍﺕ ، ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻨﺴﻲ ﺍﻟﻤﻠﻬﻡ.ﻴﻘﻭل :‬ ‫ﻭﻫﻭ ﻨﻤـﻭﺫﺝ ﻻ ﻴﺤﻤـل ﻤﻼﻤـﺢ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻨﺘﻴﻜﻲ ﺍﻟـﺫﻱ ﻫـﺒﻁ‬
‫ﺍﻷﺭﺽ ﻜﺎﻟﺸﻌﺎﻉ ﺍﻟﺴـﻨﻲ ﺒﻌﺼـﺎ‬ ‫ﺴﺎﺤﺭ ﻭﻗﻠﺏ ﻨﺒﻲ ، ﻭﻻ ﺸﺒﻪ ﺒﻴﻨـﻪ‬ ‫ﻭﺼﻭﺭﺓ " ﺍﻟﺸﺎﻤﺎﻥ " ﻜﻠﻲ ﺍﻟﻘـﺩﺭﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺭﻑ ﻜل ﺸﺊ ، ﻭﻴﻘﺩﺭ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻜل ﺸﺊ... ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﻴﺩل ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺤﻀﻭﺭ ﺸﺎﻋﺭ ﻤﻥ ﻨﻤﻁ ﻤﻐﺎﻴﺭ ﻟـﻡ‬ ‫ﻴﻌﺘﺩﻩ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،‬ ‫ﻨﻤﻁ ﻴﺘﺠﺴﺩ ﺒـﻪ ﻜـﺎﺌﻥ ﻫﺎﻤﺸـﻲ ،‬ ‫ﺠﻭﺍل ، ﻤﺘﺴﻜﻊ ، ﺠـﻭﺍﺏ ﺁﻓـﺎﻕ ،‬ ‫ﻤﻐﺘﺭﺏ ، ﻤﻘﻤﻭﻉ ، ﻻ ﻴﺘﻤﺘﻊ ﺒـﺄﻱ‬ ‫ﻗﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﻟﻭﻫﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺒﻭﺓ ، ﻜـﺎﺌﻥ‬ ‫ﺒﺴﻴﻁ ﻴﻌﺭﻑ ﻀﻌﻔﻪ . ﺇﻨﺴﺎﻨﻲ ﺇﻟـﻰ‬ ‫ﺃﺒﻌﺩ ﺤﺩ . ﻤﻠﺊ ﺒﺎﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ، ﺸﺎﻙ‬ ‫ـﻕ‬‫ـﺎﺕ ، ﻴﻌﺸـ‬‫ـﺅﻤﻥ ﺒﺎﻟﻤﻁﻠﻘـ‬‫ﻻﻴـ‬ ‫ﺍﻷﻁﺭﺍﻑ ﻭﺍﻟﺴﻴﺭ ﻋﻜﺱ ﺍﻻﺘﺠـﺎﻩ .‬ ‫ﻋﺎﺸﻕ ﻟﻠﺤﺭﻴﺔ ، ﻤﺘﻤﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻗﻴـﻭﺩ‬ ‫ﺍﻷﻟﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻌﺭﻑ )١(‬ ‫١ ﺠﺎﺒﺭ ﻋﺼﻔﻭﺭ ، ﻤﻥ ﻤﻘﺩﻤﺔ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻤﺎﻏﻭﻁ " ﺤﺯﻥ ﻓﻲ ﻀـﻭﺀ‬
‫ﻴﺒﺩﻭ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻤﺭﻜﺯﺍ ﻨﻅﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﻤﻐﺎﻴﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻴﺯ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻜﻤﺎ ﺃﺨﺫﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﻜل ﻤﻨـﺫ ﺩﻴـﻭﺍﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﻏﻭﻁ ﺍﻷﻭل ، ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻐﺎﻴﺭﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺒﻜل ﻤﻼﻤﺤﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺼـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺸﻴﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻘﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺠﻤﻠﺔ - ﻭﺒﻜل ﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫ﻤﻥ ﻤﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻗﺒل ﺫﻟﻙ - ﺘﺤﻭﻟﺕ ﻫﻲ ﻨﻔﺴـﻬﺎ‬ ‫ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻌﻰ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ، ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﺴﺘﻨﺘﺎﺝ ﻤﻼﻤﺤﻬﺎ ﻤﻥ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ، ﺇﻟﻰ‬ ‫ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﻋﺒﺭﻫﺎ ﻭﺼﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﻜﺴﺏ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻤﻥ‬ ‫ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺃﻴﻀﺎ .‬ ‫ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻀﺭﺏ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻷﻤﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺩ‬ ‫ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﺘﻭﺭ ﻋﺼﻔﻭﺭ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻤﻤﻴﺯﺓ ﻟﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ . ﻭﻟـﻨﻼﺤﻅ ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻬﺎﻤﺸﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﻤﻊ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﻲ‬ ‫ﺍﻟﺫﻱ ﺭﺒﻤﺎ ﻴﺼﺢ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻌﺒﺭﺍ ﻋﻥ ﻤﺠﻤﻭﻉ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻴﻁ‬ ‫ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﺘﺘﺴﺒﺏ ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺨﻔﻲ ﻓﻲ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﻘﻤﺭ ، ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻘﺼﻭﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ﺴﻠﺴﻠﺔ ﺁﻓﺎﻕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ، ﺍﻟﻌﺩﺩ ٣١ ،‬ ‫ﻁ ٢ / ٨٩٩١ ، ﺹ ﺹ ٣٢-٥٢ .‬
‫ﻟﻠﻭﺤﺩﺓ ﻭﺍﻟﻬﺎﻤﺸﻴﺔ . ﻴﻘﻭل ﻓﺎﺭﺱ ﺨﻀﺭ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ " ﺍﻟﻤﻬﺯﻟﺔ "‬ ‫:‬ ‫ﺴﻭﻑ ﻴﻘﺫﻓﻙ ﺍﻟﻬﻭﺍﺀ ﻷﻋﻠﻰ‬ ‫ﻭﺃﻨﺕ ﺭﺍﻗﺩ ﻓﻲ ﻭﺭﻗﺔ ﺸﺠﺭ‬ ‫ﺃﻭ ﻤﻔﺘﺕ ﻓﻲ ﺭﻤﻠﺔ ﺠﺎﻓﺔ‬ ‫ﺴﻭﻑ ﺘﺸﺭﺒﻙ‬ ‫ﺠﺫﻭﺭ ﺍﻟﻨﺒﺎﺘﺎﺕ‬ ‫ﻭﺘﺘﺒﺨﺭ ﻓﻲ ﻗﻁﺭﺓ ﻤﺎﺀ‬ ‫ﺤﻔﻴﻔﺎ ﺴﻭﻑ ﺘﺭﺤل‬ ‫ﻭﻟﻥ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﻟﻠﺤﻅﺔ‬ ‫ﺃﻥ ﺘﻭﻗﻑ ﺍﻟﺯﻤﻥ‬ ‫ﻟﺘﺼﺭﺥ : ﻴﺄﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﺭﻴﻬﻭﻥ‬ ‫ﺃﻨﺎ ﻫﻨﺎ )١(‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻠﻤﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻨﻭﺍﻥ ﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓـﻲ‬ ‫ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺘﻔﺭﺩ ﻭﺠﻭﺩﻫﺎ ﻭﺃﻫﻤﻴﺘﻪ ، ﺇﺫ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻬﺯﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺘﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﻋـﺩﻡ ﺍﻟﺘﻔـﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﻤـﻭﻉ ﻟﻠـﺫﺍﺕ‬ ‫١ ﻓﺎﺭﺱ ﺨﻀﺭ ، ﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺎ ، ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻘﺼـﻭﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ ، ﺴﻠﺴـﻠﺔ‬ ‫ﺃﺼﻭﺍﺕ ﺃﺩﺒﻴﺔ ، ﺍﻟﻌﺩﺩ ٠٥٢ ، ﺩﻴﺴﻤﺒﺭ ٨٩٩١ ، ﺹ ٣٨ .‬
‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ، ﻭﺒﺫﻟﻙ ﻴﺼﺒﺢ ﻓﻌل ﻜﺘﺎﺒﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻗـﺭﺏ‬ ‫ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻠﺘﻔﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ‬ ‫ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ . ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻴﻀﺎ ﺃﻥ ﻨﻠﻤﺢ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻬﺎﻤﺸـﻴﺔ ﺍﻟﺘـﻲ‬ ‫ﺘﺄﻜﺩﺕ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻓﻲ ﺃﻁﺭﺍﻑ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ) ﻭﺭﻗـﺔ ﺸـﺠﺭ -‬ ‫ﺠﺫﻭﺭ ﺍﻟﻨﺒﺎﺘﺎﺕ - ﻗﻁﺭﺓ ﻤﺎ ﺀ ﻤﺘﺒﺨﺭﺓ ( .‬ ‫ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﻋﺒـﺭ ﺍﻟﺼـﺩﻭﺭ ﻋـﻥ‬ ‫ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ، ﻭﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺼﻴﺎﻏﺔ‬ ‫ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﻋﺒﺭ ﺘﻜﻭﻴﻨـﺎﺕ ﻟﻐﻭﻴـﺔ ﻭﺘﺨﻴﻴﻠﻴـﺔ‬ ‫ﻤﺸﻐﻭﻟﺔ ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ، ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴـﻌﻲ ﻴﻬـﺩﻑ ﺒﺼـﻭﺭﺓ‬ ‫ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ - ﻜﻤﺎ ﺃﺠﺎﺩل - ﺇﻟﻰ ﺍﻜﺘﺴﺎﺏ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺨﺎﺭﺝ‬ ‫ﺍﻷﻁﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ، ﻭﻫﻭ ﻴﺘﺨﺫ ﻋﺩﺩﺍ ﻜﺒﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺸﻜﻼﺕ‬ ‫ﻓﻲ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﺸﻌﺭﺍﺀ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ .‬ ‫ﻭﻟﻌل ﺍﻟﺘﻭﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﻭﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸـﺭ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻤﺨﺯﻭﻨﻬﺎ ﻫﻭ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﺤﺩ ﺃﺒـﺯ ﺘﺸـﻜﻼﺕ ﺍﻟﻔﻜـﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ - ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻟﻜﺴﺏ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ - ﺘﻬﺩﻑ‬ ‫ﺇﻟﻰ ﻨﻔﻲ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﺎﺕ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ، ﺃﻭ ﻟﻨﻘل ﻨﻔـﻲ ﺍﻻﻨﺘﻤـﺎﺀ‬ ‫ﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺠﻤﻌﻴﺔ ﻤﺎﺤﻴﺔ ﻟﺨﺼﻭﺼـﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠـﺭﺒﺘﻴﻥ ﺍﻹﻨﺴـﺎﻨﻴﺔ‬ ‫ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻋﻴﺔ .‬
‫ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﻫﺒﺔ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﻫﻭ " ﻤﺸﺎﻫﺩ ﻤـﻥ ﻁﻠـل‬ ‫ﻭﺍﻓﺘﻘﺎﺩ " )١( ﻭﻏﻴﺭ ﺨﺎﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﻁﻠل ﻓﻰ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻰ‬ ‫ﻫﻭ ﺍﻟﺘﻤﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﻔﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻜﻰ ﻴﻨﻔﺫ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺩﻯ‬ ‫ﺃﻜﺜﺭ ﺘﺠﺎﺭﺒﻪ ﺍﻟﻜﺎﻤﻨﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ، ﻭﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻴﺒـﺩﻭ‬ ‫ﻭﺍﻀﺤﺎ ﺃﻥ ﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺩ ﻗﺎﺌﻡ ﻓﻰ ﺠﺎﻨﺒﻪ ﺍﻷﺴﺎﺴﻰ ﻋﻠـﻰ ﻤﺨـﺯﻭﻥ‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ؛ ﺇﺫ ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﺴﺘﻨﺘﺎﺝ ﺃﻥ ﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﻓﻰ ﻟﺤﻅﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ‬ ‫ﻭﻋﺭﺽ ﻤﺤﺘﻭﻴﺎﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﻌﻁﻴﺎﺕ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻵﻨﻰ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻫﻭ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻓﻰ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻻﻓﺘﻘﺎﺩ .‬ ‫ﻭﻟﻌل ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻷﻭل ﻤﻥ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﻫﺒﺔ - ﺍﻟـﺫﻯ ﻴﺒـﺩﻭ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻴﺠﻤﻌﻬﺎ ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺸﺎﻤل ﻫـﻭ ﻜـﻭﻥ ﻫـﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﻘﺼﺎﺌﺩ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺩ ﺍﻟﻨﺎﺘﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟـﺫﺍﻜﺭﺓ -‬ ‫ﻟﻌل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﻴﻌﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻭﺍﻀﺤﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺃﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻤـﻥ‬ ‫ﺇﺤﺴﺎﺱ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺒﺎﻟﻭﺤﺩﺓ ﻓﻰ ﻤﻘﺎﺒل ﺍﻟﻤﺠﻤـﻭﻉ ﺍﻟـﺫﻯ‬ ‫ﻴﻨﻌﺕ ﺒﺎﻟﺠﻨﻭﻥ ، ﺇﻨﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺸـﺎﺭ ﺇﻟﻴـﻪ ﺒﺎﺴـﻡ‬ ‫ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ " ﻫﺅﻻﺀ " ﺩﻭﻥ ﺃﺩﻨﻰ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺃﻭ ﺘﺨﺼﻴﺹ . ﺘﻘﻭل :‬ ‫١ ﻫﺒﺔ ﻤﺼﻁﻔﻰ ، ﻤﺸﺎﻫﺩ ﻤﻥ ﻁﻠل ﻭﺍﻓﺘﻘﺎﺩ ، ﺍﻟﻬﻴﺌـﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤـﺔ ﻟﻘﺼـﻭﺭ‬ ‫ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ﻓﺭﻉ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺒﻨﻲ ﺴﻭﻴﻑ ، ١٠٠٢ . ﻭﺴﻴﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﺘﻥ ﻫﻜﺫﺍ : ) ﻤﺸﺎﻫﺩ ﻤﻥ ﻁﻠل ../ ﺹ ..( .‬
‫ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺃﻨﻴﻨﺎ .. ﻜﺎﻥ ﻭﺠﻪ ﺍﻻﻨﻔﻼﺕ ﺨﺎﺭﺠﺎ ﻤﻥ ﺩﻤﻰ‬ ‫ﺒﺎﺤﺜﺎ ﻋﻥ ﺃﻗﻨﻌﺘﻰ .. ﺍﻟﺘﻰ ﺃﺘﻠﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﻤﻭﺱ ...‬ ‫ﺫﺍﺕ ﺼﺒﺎﺡ .. ﻤﺎ .‬ ‫ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻤﺠﺎﻨﻴﻥ ﺃﺸﻌﻠﻭﺍ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ... ﻭﺘﺭﻜﻭﻨﻰ ﻭﺤﻴﺩﺓ .‬ ‫ﺃﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻤﺩﺒﺒﺔ .. ﻭﺍﻟﺫﻜﺭﻴﺎﺕ ﺃﺭﺩﻴﺔ ﺒﺎﻫﺘﺔ‬ ‫ﻓﻜﻴﻑ ﺃﻗﺎﻭﻡ ﻋﺭﻴﻰ ﺍﻟﻔﺎﻀﺢ ﻜﺎﻟﺘﻴـﻪ ) ﻤﺸـﺎﻫﺩ ﻤـﻥ‬ ‫ﻁﻠل/٧ (‬ ‫ﻭﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺘﺄﻭﻴﻼﺕ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ ، ﻓﺈﻥ ﻤﺎ‬ ‫ﻴﻌﻨﻴﻨﻰ ﻫﻭ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻰ ﻓﻰ ﻤﻘﺎﺒـل ﺍﻟـﺫﺍﺕ ﺍﻟﺘـﻰ‬ ‫ﺘﺴﺘﺸﻌﺭ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺒﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺃﺤﺩ ﻨﻭﺍﺘﺞ ﺇﺤﺴﺎﺱ ﺁﺨﺭ ﺃﻻ‬ ‫ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ، ﺃﻭ ﻟﻨﻘل ﻋﺩﻡ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﻟﻠﻤﺠﻤﻭﻉ - ﺃﻴـﺎ ﻜﺎﻨـﺕ‬ ‫ﺼﻔﺘﻪ - ﺒل ﺇﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﺼل ﺤﺩ ﻭﺼﻑ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﺒـﺎﻟﺠﻨﻭﻥ ،‬ ‫ﺒﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﻟﻤﺩﻯ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺭ ﻓﻰ ﺍﻹﺤﺴـﺎﺱ ﺒﻘـﻴﻡ‬ ‫ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ.‬ ‫ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﻭﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓﻰ ﺍﻟـﺩﺨﻭل ﺇﻟـﻰ ﺍﻟﺨـﺎﺹ‬ ‫ﻭﺍﻟﺫﺍﺘﻰ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺩﺨﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﻓﻰ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﻨﻔﻰ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﺎﺕ‬ ‫ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﺃﻭ ﻟﻨﻘل ﻟﻨﻔﻰ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺠﻤﻌﻴﺔ ﻤﺎﺤﻴـﺔ‬
‫ﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻋﻴﺔ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻜﺜﺭ ﺘﻌﻘﺩﺍ ﻓﻰ‬ ‫ﺘﺠﺭﺒﺔ ﻤﺅﻤﻥ ﺴﻤﻴﺭ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺼﺩﺭ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ ﻫﻜﺫﺍ :‬ ‫ﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﺤﺎﻭﺭ ﺍﻟﺫﻜﺭﻯ‬ ‫ﻭﻟﻬﺎ ﺸﺭﻑ‬ ‫... ﺍﻟﻤﻭﺕ )١(‬ ‫ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺘﻀﻤﻴﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺠﻤﻠﺔ ﻜﻔﺎﻓﻴﺱ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻤﺅﻜﺩﺍ ﻟﻤﺎ‬ ‫ﻨﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻥ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ، ﺒل ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺃﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ‬ ‫ﻨﺘﺄﻭل ﺠﻤﻠﺔ ﻜﻔﺎﻓﻴﺱ ﺍﻟﺩﺍﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﺩﺍل ﻓﻰ ﻤﻤﺎﺭﺴـﺔ ﺘﻠـﻙ‬ ‫ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﻤﺩﺍﻫﻨﺔ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠـﻰ ﻋـﻥ‬ ‫١ ﻴﺒﺩﻭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭ ﻤﺸﺎﺒﻬﺎ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻟﺘﺼﺩﻴﺭ ﺭﻓﻌﺕ ﺴـﻼﻡ ﻓـﻰ‬ ‫ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ " ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﻀﻰ " ) ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻜﺘـﺎﺏ /٨٩٩١ " ﺍﻟـﺫﻯ‬ ‫ﻴﻘﻭل ﻓﻴﻪ :‬ ‫ﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﺨﺘﺭﻉ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ‬ ‫ﻭﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﺫﻋﻥ ﻟﻰ ) ﻴﺭﺍﺠﻊ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ (‬ ‫ﻭﻏﻴﺭ ﺨﺎﻑ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭﻴﻥ ﻤﻥ ﺘﺸﺎﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﻠﻐﻭﻴﺔ‬ ‫ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻔﺭﺍﻏﺎﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺭﻜﺎﻫﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ . ﻭﻤﺎ ﺃﻫـﺩﻑ‬ ‫ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻨﺎ ﻻ ﺘﻭﺠﺩ ﻓﻴﻪ ﺸﺒﻪ ﺍﻹﺩﺍﻨﺔ ﺃﻭ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻷﺴﺒﻘﻴﺔ ﻷﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﻴﻥ ،‬ ‫ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻤﺠﺭﺩ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺘﺸﺎﺒﻬﺎﺕ ﻓﻰ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﺸﻌﺭﺍﺀ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺃﺭﺍﻫﺎ‬ ‫ﻤﺅﻴﺩﺓ ﻟﻠﺠﺩل ﺍﻟﺫﻯ ﺃﻁﺭﺤﻪ ﻓﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺤﺙ .‬
‫ﺴﻤﺔ ﺭﺌﻴﺴﺔ ﻟﻠﺫﺍﺕ ﻟﻤﺎ ﺘﺴﺒﺒﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ )ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ( ﻓﻰ ﺴـﻴﺎﻕ‬ ‫ﺜﻘﺎﻓﻰ / ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻰ ﻤﻌﻴﻥ ﻤﻥ ﺃﻟﻡ . ﻴﻘﻭل :‬ ‫ﺍﻏﺭﺴﻭﺍ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺒﻜل ﺍﻟﺴﺒل‬ ‫ﻭﻤﺎﺭﺴﻭﻫﺎ‬ ‫ﻟﻜﻥ ﺒﺎﻋﺘﺩﺍل ، ﻤﺩﺭﻜﻴﻥ ﺃﻨﻜﻡ ﺭﺒﻤﺎ‬ ‫ﺘﺒﻠﻐﻭﻥ ﻨﻘﻁﺔ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﻨﺩﻫﺎ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ‬ ‫ﻏﻴﺭ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ‬ ‫ﺇﻥ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﻏﺭﺱ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ " ﺒﻜل ﺍﻟﺴـﺒل " ﺘﺒـﺩﻭ‬ ‫ﻭﻜﺄﻨﻬﺎ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺨﺎﺼﻴﺔ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ ﻜﻤـﺎ ﻴﻘـﺩﻤﻬﺎ‬ ‫ﻜﻔﺎﻓﻴﺱ ﻭﻜﻤﺎ ﻴﻘﺘﺒﺴﻬﺎ ﻤﺅﻤﻥ ، ﻭﻤﺎ ﻴﺅﻜﺩ ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻟﺫﻯ‬ ‫ﻴﺼﺩﺭ ﺒﻪ ﻤﺅﻤﻥ ﺍﻟﺠﺯﺀ ﺍﻷﻭل ﻤﻥ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ " ﻤﻼﺤﻕ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ "‬ ‫ﻤﻌﺒﺭﺍ ﻓﻴﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓـﻰ ﺍﻻﻨﻔـﻼﺕ ﻤـﻥ ﻜﺎﻓـﺔ ﺍﻟـﻨﻅﻡ‬ ‫ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ/ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻟﻬﻭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻓـﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤـﻊ .‬ ‫ﻴﻘﻭل :‬ ‫ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺘﻤﻜﻥ ﺃﺨﻴﺭﺍ ﺒﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻤﻭﻅﻑ ﺍﻟﻤﺭﺘﺵ‬ ‫ﺍﻟﺭﺍﺌﻊ‬ ‫ﻤﻥ ﻜﺸﻁ ﺍﺴﻤﻰ ﺍﻟﺴﺨﻴﻑ‬ ‫ﺍﻟﺫﻯ ﻟﻴﺱ ﻟﻪ ﺠﺭﺱ ﻤﻭﺴﻴﻘﻰ‬
‫ﻓﺄﺼﻴﺭ ﺒﻼ ﻤﻠﻔﺎﺕ ﺜﻘﻴﻠﺔ ﺍﻟﻭﺯﻥ‬ ‫ﺃﻭ ﻫﻭﻴﺔ‬ ‫ﺃﻜﻭﻥ ﻋﻨﺩﺌﺫ‬ ‫ﻗﺩ ﻀﺤﻜﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ‬ ‫ﺍﻟﻤﻨﺘﻅﺭ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭ‬ ‫ﺇﻥ ﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻟﺴـﺎﺒﻕ‬ ‫ﻫﻭ ﺍﻻﻨﻔﻼﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻟﻬﻭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻓـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ - ﻁﺒﻘﺎ ﻟﺭﺅﻴﺘﻨﺎ ﻫﺫﻩ - ﺭﻓﻀﺎ‬ ‫ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﻭﺴﻌﻴﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴﻪ ﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﻨﻔﻼﺕ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻤﻨﻬﺎ ؛‬ ‫ﺃﻯ ﺴﻌﻴﻬﺎ ﻟﻠﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﻭﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻠﺘﻴﻥ ﺘﻬﺩﺭﻫﻤﺎ‬ ‫ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﻅﻡ .‬ ‫ﺒﺎﻟﻤﺜل ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻗـﻑ ﺍﻟﻤﻨـﺎﻭﺉ‬ ‫ﺍﻟﺭﺍﻓﺽ ﻟﻠﻤﺠﻤﻭﻉ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻰ ﻤﻥ ﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﻋﺩﻡ ﺨﻀـﻭﻋﻬﺎ‬ ‫ﻟﻘﻴﻡ ﻭﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﻰ ﻓﻰ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺃﺴﺎﻤﺔ ﺒﺩﺭ . ﻭﻟﻨﺘﺄﻤل‬ ‫ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﻤﻥ ﻗﺼﻴﺩﺓ " ﺇﻴﻘﺎﻉ ﻋﺘﻤﺔ .. ﻭﺍﻟﻤﺩﻯ ﻨﺯﻴﻑ " ﺤﻴﺙ‬ ‫ﹲ‬ ‫‪‬‬ ‫ﻴﻘﻭل :‬ ‫ﺃﺩﻴﺭﻯ ﻭﺠﻬﻰ‬ ‫ﻓﺄﻨﺎ ﺃﻤﻰ .. ﻻ ﺃﻗﺭﺃ ﺃﺼﺒﺎﻏﻬﻡ‬
‫ﻫﻡ ﻗﻭﺍﻓل ﺘﻠﻘﻴﻨﻰ ﻓﻰ ﺒﻴﺩ ﺍﻷﻭﺍﺒﺩ ...‬ ‫ﻓﻼﺓ ﺘﻨﻜﺭﻨﻰ ﺼﻬﺒﺎﺅﻫﺎ‬ ‫ﻓﻼ ﺼﻬﺩ ﻴﺫﻴﺒﻨﻰ ﻓﺄﺴﺘﺤﻴل ﻓﺨﺎ ..‬ ‫ﻭﻻ ﺴﻴﻭﻓﻬﻡ ﺘﻤﺯﻗﻨﻰ ..‬ ‫ﻓﺄﺴﻜﻥ ﻜﺩﻡ ﺘﺤﺕ ﺃﻅﺎﻓﺭﻫﻡ‬ ‫ﻫﻜﺫﺍ ...‬ ‫ﻭﻟﺴﻭﻑ ﺘﻨﻜﺭﻨﻰ ﺍﻟﻘﺒﺎﺌل‬ ‫ﻓﻘﻭﻟﻰ ﺃﺤﺒﻙ ..‬ ‫ﻭﺃﺸﻌﻠﻰ ﺠﻤﺭ ﻋﻴﻨﻴﻙ ﻤﺩﻯ‬ ‫ﺃﻜﻥ ﻁﺭﻴﺩﻙ .. !! )١(‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻠﺤﻅ ﺒﻭﻀﻭﺡ ﺸـﻜل ﺍﺭﺘﺒـﺎﻁ ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺒﺎﻵﺨﺭ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ؛ ﺇﺫ ﺘﺒﺩﻭ ﺫﺍﺘﺎ ﺠﺎﻫﻠﺔ - ﻋﻥ ﻋﻤﺩ -‬ ‫ﺒﻠﻐﺔ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ " ﻓﺄﻨﺎ ﺃﻤﻰ ﻻ ﺃﻗﺭﺍ ﺃﺼﺒﺎﻏﻬﻡ " ، ﻭﻓـﻰ ﺍﻟﻭﻗـﺕ‬ ‫ﻨﻔﺴﻪ ﻴﺒﺩﻭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﻬل - ﺍﻟﺫﻯ ﺃﺭﺍﻩ ﺇﻨﻜﺎﺭﺍ ﻟﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻷﻋﺭﺍﻑ‬ ‫ﻭﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺘﻰ ﻴﺭﺘﻀﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ - ﺴﺒﺒﺎ ﻓـﻰ ﺠﻌـل‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺃﺸﺒﻪ ﺒﺎﻟﺼﻌﻠﻭﻙ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠـﺎﻫﻠﻰ ﺍﻟـﺫﻯ‬ ‫١ ﺃﺴﺎﻤﺔ ﺒﺩﺭ ، ﻗﻤﺭ ﻴﻐﺎﻤﺭ ﺒﺎﺴﺘﺩﺍﺭﺘﻪ ، ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻘﺼﻭﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ ،‬ ‫ﻓﺭﻉ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺒﻨﻲ ﺴﻭﻴﻑ ، ٠٠٠٢ . ﻭﺴﻴﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻥ .‬
‫ﺘﺨﻠﻌﻪ ﻗﺒﻴﻠﺘﻪ " ﻫﻡ ﻗﻭﺍﻓل ﺘﻠﻘﻴﻨﻰ ﻓﻰ ﺒﻴﺩ ﺍﻷﻭﺍﺒـﺩ ... ﺇﻟـﺦ " ،‬ ‫ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻓﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ - ﻜﻤﺎ ﺃﺭﺍﻩ ﻓﻰ ﻤﺠﻤل ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺃﺴـﺎﻤﺔ‬ ‫ﺒﺩﺭ ﻤﻤﺎ ﺴﻴﺘﻀﺢ ﻻﺤﻘﺎ - ﻴﺘﻌﺩﻯ ﺤﺎﻟـﺔ ﺍﻟـﺭﻓﺽ ﺍﻟﺴـﻠﻤﻰ‬ ‫ﻟﻼﻨﺩﻤﺎﺝ ﻓﻰ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﺒل ﺇﻨﻪ ﻴﺘﺨـﺫ ﺸـﻜل‬ ‫ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺩﻤﻭﻯ ﺍﻟﺫﻯ ﺘﺴﻌﻰ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻷﻥ ﺘـﺭﻭﺽ‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﺘﺴﻜﻨﻬﺎ ﻓﻰ ﻤﺴﺎﺤﺔ ﻀﺌﻴﻠﺔ ﻤﻥ ﺠﺴـﺩ ﻜﻠـﻰ‬ ‫ﻀﺨﻡ ﻴﺸﻤل ﻜﺎﻓﺔ ﺃﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﻭﺍﻀﺤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺘﺭﻓﻀﻪ " .. ﻭﻻ ﺴﻴﻭﻓﻬﻡ ﺘﻤﺯﻗﻨﻰ ﻓﺄﺴﻜﻥ ﻜﺩﻡ ﺘﺤـﺕ‬ ‫ﺃﻅﺎﻓﺭﻫﻡ " .‬ ‫ﺇﻥ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺭﻓﻀﺎ ﻟﻘـﻴﻡ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴـﻊ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴـﺔ‬ ‫ﻭﺇﻋﻼﺀ ﻟﻔﺭﺩﻴـﺔ ﺍﻟﻔـﺭﺩ ﻭﺨﺼﻭﺼـﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒـﺔ ﺍﻹﻨﺴـﺎﻨﻴﺔ‬ ‫ﻭﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﺫﺍﺘﻰ ﺍﻟﻔﺭﺩﻯ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒـﺔ ، ﻴﺒـﺩﻭ‬ ‫ﻭﺍﻀﺤﺎ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺒﺩﺌﻴﺔ ﻓﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﻋﻼﻨﺎﺕ ﺍﻟﻭﺍﻀـﺤﺔ ﺍﻟﺘـﻰ‬ ‫ﺘﺘﺨﺫ ﺸﻜل ﻋﻼﻗﺔ ﺘﻨﺎﻓﺭﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭﺓ ﻭ" ﻫـﻡ " ﺃﻭ "‬ ‫ﻫﺅﻻﺀ " ﺃﻭ ﻟﻨﻘل ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻰ ﺍﻟﺫﻯ ‪‬ﻜﺴﺏ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ‬ ‫ﻴ‬ ‫ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﻭﺍﻟﺘﺼﻭﺭﺍﺕ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﻭﺴﻠﻁﺔ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﻨﻭﻋـﺎ ﻤـﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺤﻭ ﺍﻟﺩﺍﺌﻡ ﻭﺍﻟﻨﻔﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺭ ﻟﻠﺘﻌﺭﺠﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻔﺭﺩﺓ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﻜل‬ ‫ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﺩﺓ ، ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻰ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﻨﻭﻋﺎ ﺤـﺎﺩﺍ ﻤـﻥ‬
‫ﺍﻹﻨﻜﺎﺭ ﻟﻜل ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺘﻌﺒﻴﺭﻯ ﻴﺴﻌﻰ ﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼـﻴﺔ‬ ‫ﻋﺒﺭ ﺼﻨﻊ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻴﻥ ﻤﻔـﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ ، ﺃﻭ ﻋﺒـﺭ‬ ‫ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺒﻁﺭﺍﺌﻕ ﻏﻴﺭ ﻤﺄﻟﻭﻓﺔ ، ﺃﻭ ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻭﺴﺎﺌل‬ ‫ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ .‬ ‫ﺗﻔﺮﺩ ﺍﻟﺬﺍﺕ : " ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻜﻮﻥ " ﺃﺳﺎﻣﺔ ﺑﺪﺭ‬ ‫ﳕﻮﺫﺟﺎ‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻠﻤﺢ " ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺘﻌﺭﻴـﻑ ﻤﻔـﺭﺩﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﻜﻭﻥ " ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻁﺭﻕ ﺍﻟﺘﻰ ﺍﺘﺨﺫﺘﻬﺎ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﻤﺤﺎﻭﻟـﺔ‬ ‫ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻨﺩﺭﺍﺠﻬﺎ ﻓﻰ ﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺘﺼـﻨﻴﻔﻴﺔ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻔﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﻯ ، ﻭﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﻟﻰ ﻫـﻭ ﺃﻥ ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺘﺭﻓﺽ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻡ ﺒﺎﻟﺩﻻﻻﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻠﻐﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﺒﺭﺓ ﻋﻥ ﺸﻤﻭﻟﻴﺔ - ﺃﻅﻨﻬﺎ ﻤﺘﻭﻫﻤﺔ ﻓﻰ ﻜل ﺍﻷﺤﻭﺍل - ﻓﻰ‬ ‫ﺭﺅﻴﺔ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻜﺎﻟﺸﻤﺱ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔـﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘـﻰ‬ ‫ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﺘﻔﺎﻗﺎ ﺜﻘﺎﻓﻴﺎ ﻋﺎﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺜﺒﺎﺕ ﺩﻻﻟﺘﻬﺎ ﻭﻋﻤﻭﻤﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻔﻬﻡ ﺍﻟﻨﺎﺘﺞ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻻﻟﺔ ، ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺸﻤﺱ ﻋﻠﻰ ﺴـﺒﻴل‬ ‫ﺍﻟﻤﺜﺎل ﺘﻌﺩ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﻀﻭﺀ ﻭﺍﻟﺤﺭﺍﺭﺓ ﻭﺸـﺭﻁﺎ ﺃﺴﺎﺴـﻴﺎ ﻤـﻥ‬ ‫ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻹﻨﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻋﻤﻭﻤﺎ ، ﻓﺈﻥ ﺍﻨﻌﻜﺎﺴﺎﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻻﻟـﺔ‬ ‫ﻓﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻷﺩﺒﻴﺔ ﻴﺒﺩﻭ ﻤﻨﻁﻠﻘﺎ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺤﺩﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺒﺩﺌﻴـﺔ‬
‫ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺸﻤﺱ ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ﻓﻨﺠﺩﻫﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻋﻥ‬ ‫ﺍﻟﻭﻀﻭﺡ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻰ ﻭﻗﻭﺓ ﺍﻟﺴﻁﻭﻉ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﻭﺍﻟﺭﺅﻯ ) ﻓﺈﻨﻙ‬ ‫ﺸﻤﺱ ﻭﺍﻟﻨﺠﻭﻡ ﻜﻭﺍﻜﺏ ﺇﺫﺍ ﻅﻬﺭﺕ ﻟﻡ ﻴﺒﺩ ﻤﻨﻬﻥ ﻜﻭﻜـﺏ ( ،‬ ‫ﻓﻰ ﺤﻴﻥ ﺫﻟﻙ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻼﺤﻅ ﺴﻌﻰ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻹﻋـﺎﺩﺓ‬ ‫ﺘﻌﺭﻴﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺘﺒﺩﻭ ﻤﺘﻌﻤﺩﺓ ﺃﻥ ﺘﺤﻴﺩ ﻋﻥ ﺘﻠﻙ‬ ‫ﺍﻟﺩﻻﻻﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻴﻨﻁﻠﻕ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻻﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻷﺩﺒﻰ ﻓﻨﺠﺩ ﻓـﻰ‬ ‫ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺃﺴﺎﻤﺔ ﺒﺩﺭ " ﺍﻟﺸﻤﺱ ﻏﺎﺒﺔ ﻤﻥ ﺼﻠﺏ ﺨﻠﻔـﺎﺀ ﺒﺎﺌـﺩﻴﻥ "‬ ‫)ﻗﻤﺭ ﻴﻐﺎﻤﺭ ../ ٠١ ( . ﻭﺒﺎﻟﻤﺜل ﺴﻨﺠﺩ ﻤﻔﺭﺩﺓ " ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ " ﻭﻗﺩ‬ ‫ﺘﺤﻭﻟﺕ ﺩﻻﻟﺘﻬﺎ ﻓﻰ ﻜﻭﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺭﺅﺍﻩ‬ ‫ﺇﻟﻰ " ﻤﺩﺍﺌﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﻴﺵ ﺍﻟﻤﻼﺌﻜﺔ " ) ﻗﻤﺭ ﻴﻐﺎﻤﺭ ../ ٧٢ (‬ ‫ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﻐﺎﻴﺭﺓ ﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ ﺘﻨـﺘﻅﻡ‬ ‫ﺩﺍﺨل ﻜﻭﻥ ﺃﺴﻁﻭﺭﻯ ﺨﺎﺹ ﺘﺅﺴﺴﻪ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ . ﻭﺒﻐﺽ‬ ‫ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺃﺒﻌﺎﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻭﻥ ﻭﺨﺼﺎﺌﺼﻪ ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺭﻜﺯ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺍﻟﻨﻘﻁﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻴﺴﻌﻰ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻹﺜﺒﺎﺘﻬﺎ ﻭﻫﻰ ﺩﻻﻟﺔ ﺇﻋـﺎﺩﺓ‬ ‫ﺘﻌﺭﻴﻑ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺩﺍﺨل ﻜﻭﻥ ﺨﺎﺹ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺭﻏﺒﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻓﻰ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﺘـﻰ ﺘﺼـﺩﺭ‬ ‫ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ، ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴـﺭﺍﺕ ﺍﻟﻠﻐﻭﻴـﺔ‬ ‫ﻭﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﺼﻭﻴﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭﺓ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﻓﻰ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ،‬
‫ﻭﺠﺩﺍﺭﺓ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭﺍﺕ ﺒﺄﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻤﺜﻠـﺔ ﻟﻠـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﻤﻌﺒﺭﺓ ﻋﻥ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺭﺅﻴﺘﻬﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ .‬ ‫ﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻴﺒﺩﻭ ﺴﻌﻰ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﺩﻴﻭﺍﻥ‬ ‫ﺃﺴﺎﻤﺔ ﺒﺩﺭ ﻤﻨﺸﻐﻼ ﺒﺨﻠﻕ ﺃﺴﻁﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺍﻟﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼـﺔ‬ ‫ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ، ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﻤﺘﺴﺎﻭﻗﺎ ﻤـﻊ ﻓﻜـﺭﺓ ﺘﻔـﺭﺩ ﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ . ﻴﻘﻭل ﺒﺩﺭ ﻓﻰ ﻗﺼﻴﺩﺓ "ﻷﻯ ﺍﻟﻌﺭﻭﻕ ﻴﻬﺎﺠﺭ‬ ‫ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ " :‬ ‫ﺃﻜﺘﺏ ﺸﻌﺭﺍ ﻜﻘﻁﻊ ﺍﻟﻠﺤﻡ ﺍﻟﻤﻘﺩﺩ‬ ‫ﺒﺎﺩﺌﺎ ﻟﻐﺔ ﺒﻼ ﺃﺴﻼﻑ ...‬ ‫ﺘﺅﺴﺱ ﻟﻠﺤﺯﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻓﻅﺎ .....،‬ ‫ﻭﺘﺭﺘﻤﻰ ﻓﻰ ﺸﺎﻁﺊ ﻤﻭﻏل ﻓﻰ ﺍﻟﺴﺨﺎﻓﺔ‬ ‫ﻫﻜﺫﺍ ﻴﺒﺩﺃ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺨﺭﺍﻓﺘﻪ‬ ‫ﻭﻴﻨﺴل ﺍﻟﻤﻴﺘﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺠﺴﺩﻯ ...‬ ‫ﻓﻰ ﻟﻴل ﺨﺌﻭﻥ‬ ‫ﻴﺯﺭﻋﻭﻥ ﻨﻁﻔـﺎ ﻟﻠﻤـﻭﺕ ﻓـﻰ ﺩﻤـﻰ ... " ) ﻗﻤـﺭ‬ ‫ﻴﻐﺎﻤﺭ../٤٣ (‬
‫ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺘﻰ " ﺒﻼ ﺃﺴﻼﻑ " ﺘﺒﺩﻭ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻤﺒﺎﺸﺭﺍ ﻋﻥ‬ ‫ﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻔـﺭﺩ ﺍﻟﻜﺎﻤـل‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﻨﺒﻨﻰ - ﺃﻯ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔـﺭﺩ - ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺇﻴﻤﺎﻥ ﺒﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻭﺒﺎﻟﺘـﺎﻟﻰ ﺘﻔـﺭﺩ ﺘﺠﺭﺒﺘﻬـﺎ‬ ‫ﻭﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺭﺅﺍﻫﺎ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ . ﻭﻫﻜﺫﺍ ﺤﻴﻥ ﺘﺭﺘﻤﻰ ﻫﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﻤﺎ ﺘﻨﺘﺠﻪ ﻓﻰ " ﺸﺎﻁﺊ ﻤﻭﻏل ﻓﻰ ﺍﻟﺴﺨﺎﻓﺔ " ﻴﺒﺩﺃ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ‬ ‫ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺘﻔﺭﺩ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻓـﻰ ﺼـﻨﻊ ﺃﺴـﻁﻭﺭﺘﻪ‬ ‫ﺍﻟﺨﺎﺹ . ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻠﻤﺢ ﻭﺠـﻭﺩ ﺍﻵﺨـﺭ‬ ‫ﺍﻟﺠﻤﻌﻰ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺒﺩﻭ ﻤﻜﺒﻼ ﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺼـﻨﻊ ﺨﺭﺍﻓـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺒﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻨﺹ ؛ ﺍﻵﺨﺭ ﻴﺘﻤﺜل ﻓﻰ " ﺍﻷﺴﻼﻑ "‬ ‫ﻭﻓﻰ " ﺍﻟﻤﻴﺘﻭﻥ " ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻨﺴﻠﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻟﻴﺯﺭﻋﻭﺍ "‬ ‫ﻨﻁﻔﺎ ﻟﻠﻤﻭﺕ " ، ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺍﻨﻌﻜﺴﺕ ﺭﺅﺍﻫﻡ ﻋـﻥ ﺴـﻌﻰ ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﺼﻨﻊ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﻬﺎ ﻓﻰ ﻭﺼﻑ ﺍﻟﺸﺎﻁﺊ ﺍﻟﺫﻯ‬ ‫ﺴﺘﺭﺴﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺘﺭﺘﻀﻴﻪ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﺒﺎﻨـﻪ "ﻤﻭﻏـل ﻓـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺴﺨﺎﻓﺔ " .‬ ‫ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻟﺘﺎﻟﻰ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻤﺅﻜـﺩﺍ ﻟﻤـﺎ‬ ‫ﻨﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ؛ ﻓﺎﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺘﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﻭﻟﻰ ﺼﻭﻓﻰ ﻤﻔﺎﺭﻕ‬ ‫ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ، ﻭﻴﺘﺤﻭل ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﻭﺼﻑ ﺒﺄﻨﻪ " ﺩﺍﻋـﺭ " ﻓـﻰ‬
‫ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﻤﺨﺎﺽ ﺇﻟﻰ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﺘﺨﻠﻴﺹ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻤـﻥ ﺍﻟﻤـﻭﺕ‬ ‫ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺯﺭﻋﻪ ﺍﻷﺴﻼﻑ ﻓﻴﻬﺎ . ﻴﻘﻭل :‬ ‫ﺃﺘﺴﻭل ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻬﻭﺍﺀ ﻟﻠﺸﻬﻴﻕ ....،‬ ‫ﻭﺍﻟﺒﻼﺩ ﺘﻠﻔﻨﻰ ﺇﺫ ﺃﺼﺎﻋﺩ ﻭﻟﻴﺎ‬ ‫ﺼﻭﻓﻴﺎ‬ ‫ﻤﺴﻴﺠﺎ ﺒﺎﻏﺘﺭﺍﺏ ﺍﻟﺭﻭﺡ‬ ‫ﻭﻤﺩﻤﻰ ﺒﺎﻷﺴﺌﻠﺔ‬ ‫ﻴﺠﻴﺌﻨﻰ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻤﻌﻔﺭﺍ ﺒﺎﻟﺤﺭﻭﻑ ...‬ ‫ﻴﺠﻴﺌﻨﻰ ﺩﺍﻋﺭﺍ ﻓﻰ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﻤﺨﺎﺽ‬ ‫ﻴﺨﺒﺭﻨﻰ ﺒﺄﺴﻤﺎﺌﻬﻡ‬ ‫ﻓﻴﻔﺭ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻤﻥ ﺠﺴﺩﻯ..،‬ ‫ﻓﻸﻯ ﺍﻟﻌﺭﻭﻕ ﻴﻬﺎﺠﺭ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ؟ !!) ) ﻗﻤﺭ‬ ‫ﻴﻐﺎﻤﺭ../٤٣-٥٣ (‬ ‫ﻤﺎ ﺃﻭﺩ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻘﺘﺒﺱ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻫـﻭ ﺤﺎﻟـﺔ‬ ‫ﺍﻏﺘﺭﺍﺏ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺭﺍﻫﺎ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﻨﻔﺴﻬﺎ ، ﺜﻡ ﻓﻌل‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭ - ﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻏﺘﺭﺍﺏ ﺍﻟﻤﺭﺍﺩﻑ ﻟﻠﺘﻔـﺭﺩ ﺤﺴـﺏ‬
‫ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ - ﻓﻰ ﻤﻼﺤﻘﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﺫﻯ ﺃﺭﺍﻩ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻨﻔﺴـﻪ‬ ‫ﺍﻟﺫﻯ ﺯﺭﻉ ﻨﻁﻔﻪ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﻰ .‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺭﻯ ﻤﺜﺎﻻ ﺁﺨﺭ ﻟﻤـﺩﻯ ﺇﺤﺴـﺎﺱ ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺒﺎﻟﺘﻔﺭﺩ ﻭﺴﻌﻴﻬﺎ ﻟﺘﺠﻤﻴﻊ ﺒﻌﺽ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺩﻴﻨﻰ‬ ‫ﺒﺘﻜﻭﻴﻥ ﺨﺎﺹ ، ﻭﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﺴﺘﺸﺭﺍﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻵﻓﺎﻕ ﺃﺨﺭﻯ ﻟﻡ‬ ‫ﺘﺄﺕ ﺒﻌﺩ ﺒﻬﺩﻑ ﺒﻠﻭﺭﺓ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ، ﻭﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻴﻅﻬـﺭ‬ ‫ﻤﻼﺼﻘﺎ ﻟﺫﻟﻙ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺨﻠﻕ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟـﺫﺍﺕ ﻋـﻥ‬ ‫‪‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ " ﺍﻟﻤﺼﻨﻭﻉ " ﺍﻟﻤﻌﺘﻡ . ﻴﻘﻭل ﺒﺩﺭ ﻓﻰ ﻗﺼﻴﺩﺓ " ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺁﺨﺭ ﺍﻟﻭﺠﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻨﺘﺤﺎﺭﻯ " :‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺁﺨﺭ ﺍﻟﻭﺠﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻨﺘﺤﺎﺭﻯ‬ ‫ﻤﺴﻴﺤﺎ ...‬ ‫ﺘﻌﻭﺯﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﻤﻴﺭ ، ﻭﺍﻟﺨﻭﻨﺔ ، ﻭﺠﺫﻉ ﺍﻟﻨﺨﻠﺔ‬ ‫ﻭﺁﻴﺘﻰ ﺃﻻ ﺃﻜﻠﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ‬ ‫ﻭﺯﺭﻗﺔ ﺍﻟﺩﻡ ﺍﻟﻤﺭﺍﻕ‬ ‫ﻤﻥ ﻋﺘﻤﺔ ﻭﺠﻭﻩ ﻤﺼﻨﻭﻋﺔ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻴﺘﺸﻜل ﺍﻟﻁﻤﻰ‬
‫ﻤﺎﻨﺤﺎ ﻤﻼﻤﺤﻰ ﻤﺭﺍﺭﺓ ﺍﻻﻨﺘﻅﺎﺭ ...،‬ ‫ﻭﻋﻴﻨﺎﻥ ﺘﻁﻼﻥ ﻤﻥ ﻫﻭﺓ ..‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﺠﺊ ) ﻗﻤﺭ ﻴﻐﺎﻤﺭ../٦١ (‬ ‫ﻭﻋﺎﺩﺓ ﻤﺎ ﻴﺄﺘﻰ ﻓﻰ ﺴﻴﺎﻕ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻟﺘﻔﺭﺩ ﻤﺤﺎﻭﻟـﺔ‬ ‫ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻜﻭﻥ ﺒﻤﺎ ﻴﺩﺨﻠﻬﺎ ﻓﻰ ﺃﺴﻁﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ‬ ‫ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ . ﻴﻘﻭل ﺒﺩﺭ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ :‬ ‫ﺸﺒﺤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻠﻴل‬ ‫ﻜﻴﻤﺎ ﺃﺼﻨﻌﻪ ﻅﻼ ...‬ ‫ﺃﻨﺸﻭﻁﺘﻰ ﺍﻟﻤﺩﻻﺓ ...‬ ‫ﻤﻥ ﺃﻭل ﻓﺎﺘﺤﺔ ﺍﻟﺤﺏ‬ ‫ﺤﺘﻰ...............‬ ‫ﺁﺨﺭ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺃﺴﻠﻤﺘﻨﻰ ﻟﻠﺭﺏ .. ﻤﺴﻜﻭﻨﺎ ﺒﻬﺎ .‬ ‫ﻓﻘﺎل : ﺍﺨﺭﺝ‬ ‫ﺇﻨﻙ ﻤﻼﺌﻜﻰ ..!!‬ ‫ﺘﻠﻙ ﺁﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺀ‬
‫ﻭﺁﺨﺭ ﻀﺤﻜﺎﺕ ﺍﻟﺴﻤﻙ ﺍﻟﻤﻠﻭﻥ ...‬ ‫ﺤﻴﻥ ﺘﻔﺠﺅﻩ ﺍﻟﻤﻭﺠﺔ‬ ‫ﺭﻋﻭﻴﺎ.... ﻤﺨﻤﻭﺭﺍ ) ﻗﻤﺭ ﻴﻐﺎﻤﺭ../٨١ (‬ ‫ﻫﻜﺫﺍ ﻴﺼﺒﺢ ﺍﻟﻠﻴل " ﺸﺒﺤﺎ " ﻭﺘﺤﻭﻟﻪ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭﺓ‬ ‫ﻓﻰ ﻜﻭﻨﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺇﻟﻰ " ﻅل " ، ﻭﺃﻴﻀﺎ ﻴﺼﺒﺢ ﺍﻟﺴﻤﻙ ﺍﻟﻤﻠﻭﻥ‬ ‫" ﺭﻋﻭﻴﺎ ﻤﺨﻤﻭﺭﺍ " ، ﺇﻨﻬﺎ ﺨﺭﺍﻓﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺴﻌﻰ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ‬ ‫ﺇﻟﻰ ﺨﻠﻘﻬﺎ ﺭﻏﺒﺔ ﻓﻰ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﺒﺩﻭﺭﻩ ﻋـﻥ ﺘﻔـﺭﺩ‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ .‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺘﺘﺒﻊ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔـﺭﺩ ﺍﻟـﺫﻯ‬ ‫ﺘﺭﺍﻩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻭﻫﻭ ﻴﺘﺸـﻜل ﻋﺒـﺭ ﺼـﻨﻊ‬ ‫ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺸﻜل ﺃﺴﻁﻭﺭﺓ ) ﺃﻅﻨﻬﺎ ﻫـﻰ ﺃﺴـﻁﻭﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺍﻟﺫﻯ ﺘﺒﺘﺩﻋﻪ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ( ، ﻜﻤﺎ ﺘﺒـﺩﻭ ﺼـﻔﺔ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻟﺘﺎﻟﻰ ﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻤﻊ ﻋﺩﻡ ﺃﻟﻔﺔ ﺍﻟﻘﺼﺎﺌﺩ ﻟـﻪ‬ ‫ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻤﻊ ﻋﺩﻡ ﺨﻀﻭﻋﻪ ﻟﻐﻭﺍﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﻭﻑ ، ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺃﺭﺍﻩ ﺃﺤﺩ‬ ‫ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓﻰ ﺍﻻﻨﻔﻼﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺒﺼـﻭﺭﺘﻪ‬ ‫ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺒﺤﺩﻭﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﻘﻴﺩﺓ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺃﻓﻕ ﻟﻡ ﻴﺄﺕ ﺒﻌﺩ ﻜﻤﺎ‬ ‫ﺃﺸﺭﺕ ﺴﺎﺒﻘﺎ . ﻴﻘﻭل ﺒﺩﺭ :‬
‫ﻫﻜﺫﺍ ﺃﻋﺒﺭ ﺭﺅﻴﺎﻙ‬ ‫ﻭﺃﺼﻨﻊ ﻋﺎﺼﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﺭﻤل‬ ‫ﻭﺃﺒﺭﺉ ﺍﻟﻁﻴﺭ ﻤﻥ ﺴﻁﻭﺓ ﺍﻟﺭﻴﺢ...،‬ ‫ﻓﻼ ﻴﻜﻭﻥ ﺴﻭﻯ ﺠﻨﺎﺡ .. ،‬ ‫ﻭﺒﻀﻌﺔ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ‬ ‫ﺃﺴﻁﻭﺭﺓ ﻋﻥ ﺸﺎﻋﺭ ﻻ ﺘﺄﻟﻔﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺌﺩ ..،‬ ‫ﻭﻻ ﺘﻐﻭﻴﻪ ﺍﻟﺤﺭﻭﻑ ..‬ ‫ﺇﺫ ﺘﺘﻌﺭﻯ ﻟﻪ ﺫﺍﺕ ﻤﺴﺎﺀ ﺭﺍﺌﻕ ...‬ ‫ﻜﺎﺸﻔﺔ ﻋﻥ ﻟﻐﺔ ﻤﻬﺠﻨﺔ .. ) ﻗﻤﺭ ﻴﻐﺎﻤﺭ ../٩١ (‬ ‫ﻫﻜﺫﺍ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻠﻤﺢ ﻋﺒﺭ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺃﺴﺎﻤﺔ ﺒﺩﺭ ﻜﻠﻪ ﻋﻼﻗﺔ‬ ‫ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻤﻊ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﻰ ، ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟـﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻔـﺭﺩ‬ ‫ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺘﺒﺩﻯ ﻓﻰ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﺇﻋـﺎﺩﺓ‬ ‫ﺼﻨﻌﻬﺎ ﻋﺒﺭ ﺇﺩﺨﺎﻟﻬﺎ ﻓﻰ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺨﺎﺼـﺔ ﺘﺸـﻜل ﺃﺴـﻁﻭﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ .‬
‫ﺗﻔﺮﺩ ﺍﻟﺬﺍﺕ : " ﺃﻭﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ " ﻋﻨﺪ ﻣﺆﻣﻦ ﲰﲑ‬ ‫ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺘﺘﺒﻊ ﻓﻜﺭﺓ ﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﺴﻌﻴﻬﺎ‬ ‫ﻹﺜﺒﺎﺕ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻭﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻪ - ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋـﻥ‬ ‫ﻨﺠﺎﺤﻬﺎ ﻓﻰ ﺫﻟﻙ ﻭﺒﺄﻴﺔ ﻨﺴﺒﺔ - ﻭﺍﻟﺴﻌﻰ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻫـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺘﻔﺭﺩ ﺁﺨـﺭ ﻭﺨﺼﻭﺼـﻴﺔ‬ ‫ﺃﺨﺭﻯ ﺃﻜﺜﺭ ﻋﻤﻭﻤﻴﺔ ﻫﻰ ﻤﺎ ﺘﺨﺹ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻋﻤﻭﻤﺎ ،‬ ‫ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺘﺘﺒﻊ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻨﻘﻑ ﻋﻠﻰ ﻤﻠﻤﺢ ﺃﺭﺍﻩ ﻜﺎﺸـﻔﺎ ﻓـﻰ‬ ‫ﺘﺠﺭﺒﺔ ﻤﺅﻤﻥ ﺴﻤﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﻴﻁﺭﺤﻬﺎ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ " ﺒﻭﺭﺘﺭﻴـﻪ‬ ‫ﺃﺨﻴﺭ ﻟﻜﻭﻨﺸﺭﺘﻭ ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ / ٩٩٩١ " . ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻠﻤﺢ ﻫﻭ ﺃﻭﻟﻴـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﺘﺄﻭﻴل ‪.(١) Thresholds of Interpretation‬‬ ‫ﻴﺴﺘﺤﻀﺭ ﺍﻹﺨﺭﺍﺝ ﺍﻟﻔﻨﻰ ﻟﺩﻴﻭﺍﻥ ﻤﺅﻤﻥ ﺴﻤﻴﺭ ﻓﻜﺭﺓ "‬ ‫ﺍﻟﺨﺒﻴﺌﺔ " ﺍﻟﻤﺩﻓﻭﻨﺔ ﺒﻌﻨﺎﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﻁﺒﻘﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﻔﺎﺌﻑ ﺍﻟﻨﺼﻴﺔ ﻭﻤﻥ‬ ‫ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺸﺒﻪ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻤﺼﺩﺍﺕ ﻨﻔﺴﻴﺔ ، ﺃﻭ ﺭﺒﻤﺎ ﺘﻤﻬﻴﺩﺍﺕ‬ ‫ﺒﺎﻋﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﻤﺄﻨﻴﻨﺔ ﻟﻠﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ، ﺘﺴﻤﺢ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻤﻬﻴـﺩﺍﺕ‬ ‫١ ﻴﺭﺍﺠﻊ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺨﺹ ﻤﺼﻁﻠﺢ ‪ Thresholds of Interpretation‬ﻭﻫﻭ‬ ‫ﻤﺎ ﺃﻓﻀل ﺘﺭﺠﻤﺘﻪ ﺒـ " ﺃﻭﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺄﻭﻴل " :‬ ‫‪* Gerard Genette, Paratexts: Thresholds of‬‬ ‫‪Interpretation, (Cambridge: Cambridge University‬‬ ‫.51-1 .‪Press, 1979), pp‬‬
‫ﺒﺎﻨﺩﻴﺎﺡ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺒﺩﺭﺠﺔ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻷﻤﺎﻥ ﻓـﻰ‬ ‫ﺍﺒﺘﺩﺍﻉ ﺇﻨﺸﺎﺌﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺅﺴﺱ - ﻜﻤﺎ ﻓﻰ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺃﺴـﺎﻤﺔ‬ ‫ﺒﺩﺭ - ﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺒﻬﺎ .‬ ‫ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺼﺩﺍﺕ ﺍﻟﻨﺼﻴﺔ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻋـﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﺘﻰ ﺍﺭﺘﻀﺘﻬﺎ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻓﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﻰ ﻓـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ؛ ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺭﻓﺽ ﺍﻟﺘﻰ ﺃﺸﺭﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻰ ﺒﺩﺍﻴـﺔ‬ ‫ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻟﻠﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﻬﺩﺭ ﻓﺭﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠـﺭﺒﺘﻴﻥ‬ ‫ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻋﻴﺔ ﻭﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻬﻤﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﻓﺽ‬ ‫ﻓﻰ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﻤﺅﻤﻥ ﻴﺒﺩﻭ ﻭﻗﺩ ﺍﺘﺨﺫ ﺸﻜﻼ ﻫﺭﻭﺒﻴﺎ ﻟﻠﺩﺍﺨل ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ‬ ‫ﻨﻠﻤﺢ ﻓﻴﻪ ﻜﻼ ﻤﻥ ﺇﺼﺭﺍﺭ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴـﺭ ﻋـﻥ‬ ‫ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ، ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺨﻭﻓﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﻤﻥ‬ ‫ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺭﻓﺽ ﻭﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺵ ﻭﺍﻹﻫﻤﺎل ، ﻭﺭﺒﻤـﺎ ﻭﺼـل‬ ‫ﺍﻷﻤﺭ ﺤﺩ ﺍﻻﺘﻬﺎﻤﺎﺕ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴـﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺌﺩﻴـﺔ ﺍﻟﺘـﻰ ﺘﻁﺎﻟـﺏ‬ ‫ﺒﻤﺼﺎﺩﺭﺓ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭﺓ ﻫﻰ ﺍﻟﻨـﺎﺘﺞ‬ ‫ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻰ ﻟﺨﺭﻭﺝ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻋﻥ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺜﺎﺒﺘﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺭﺍﻫﺎ‬ ‫ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺼﺤﻴﺤﺔ ﺼﺤﺔ ﻤﻁﻠﻘﺔ ﻻ ﺘﺤﺘﻤـل ﺍﻟﺘﺄﻭﻴـل ﺃﻭ ﺘﻌـﺩﺩ‬ ‫ﻭﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭ .‬
‫ﺍﻻﺴﺘﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻴﺒﺩﻭ ﻤﻤﻜﻨﺎ ﻓﻰ ﻀﻭﺀ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻁﺒﻘـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﻭﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﻐﻠﻑ ﻨﺼﻭﺹ ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ‬ ‫ﻋﻨﺩ ﻤﺅﻤﻥ ﺴﻤﻴﺭ ، ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻓﻰ ﻀﻭﺀ ﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﻐﻼﻓﻴﻥ ﺍﻷﻤﺎﻤﻰ‬ ‫ﻭﺍﻟﺨﻠﻔﻰ ﻟﻠﺩﻴﻭﺍﻥ ﻭﻟﻨﺘﺄﻤل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ :‬ ‫ﺃﻭﻻ : ﺍﻟﻐﻼﻓﺎﻥ ﺍﻷﻣﺎﻣﻰ ﻭﺍﳋﻠﻔﻰ : ﻭﳘﺎ ﻣﻦ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ - ﺍﻟﺬﻯ‬ ‫ﻳﻌﻠﻦ ﰱ ‪‬ﺎﻳﺔ ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﺃﻧﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻹﺧﺮﺍﺝ ﺍﻟﻔﲎ ﻛﻠﻪ - ﻭﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ‬ ‫ﺍﻟﻠﻮﻥ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﺍﻟﺬﻯ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺳﻴﺸﻌﺮ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺑﺎﻹ‪‬ﺎﻡ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ، ﺗﻈﻬﺮ‬ ‫ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻼﻑ ﺍﻷﻣﺎﻣﻰ ﻟﻮﺣﺘﺎﻥ ، ﺇﺣﺪﺍﳘﺎ ﰱ ﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻯ ﻣﻦ‬ ‫ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﲢﺘﻞ ﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻷﺳﻔﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻤﲔ ، ﻭﺃﻇﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﻌﺎﳌﻰ‬ ‫ﻏﲑ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻌﺬﺭ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺮﻑ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻴﻬﻤﺎ . ﰱ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻐﻼﻑ‬ ‫ﻛﺘﺐ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﰱ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺑﻴﻀﺎﺀ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﺃﺳﻔﻠﻪ ﻛﻠﻤﺔ " ﺷﻌﺮ " ، ﰒ‬ ‫ﻳﺄﺗﻰ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﺎﺭﺝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﰱ ﺍﳌﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ، ﻏﲑ ﺃﻥ ﺣﺮﰱ‬ ‫ﺍﻟﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻟﺜﺎﱏ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ )ﲰﲑ ( ﻳﺪﺧﻼﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺤﻴﺎﺀ ﰱ‬ ‫ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﺍﻵﺧﺬﺓ ﰱ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﳊﺮﻓﲔ ، ﻭﺃﻇﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺛﺮ‬ ‫ﺧﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﺍﻟﺴﻔﻠﻰ ﺍﻟﱴ ﺃﺷﺮﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ .‬ ‫ﺍﻟﻐﻼﻑ ﺍﻟﺨﻠﻔﻰ ﺘﻅﻬﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺼﻭﺭﺘﺎﻥ ﻓﻭﺘﻭﻏﺭﺍﻓﻴﺘـﺎﻥ‬ ‫ﻟﻠﺸﺎﻋﺭ ﺇﺤﺩﺍﻫﻤﺎ ﺘﺘﻭﺴﻁ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﻭﻫﻰ ﺼﻭﺭﺓ ﻁﻭﻟﻴﺔ ﻴﻅﻬـﺭ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ ﺠﺴﻡ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻜﻠﻪ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎ ﻭﻴﺒﺩﻭ ﻓﻴﻬﺎ ﻨﺎﻅﺭﺍ ﺇﻟـﻰ ﺍﻷﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺒﻌﻴﺩﺍ ﻋﻥ ﻋﺩﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻤﻴﺭﺍ ، ﻭﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻴﺒﺩﻭ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺠـﻪ‬
‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻓﻘﻁ ﻓﻰ ﺃﺴﻔل ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻤﻭﺍﺠﻬﺎ ﻟﻌﺩﺴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻜﺎﻤﻴﺭﺍ ﻓﻰ ﺤﻴﻥ ﺘﻜﺎﺩ ﻤﻼﻤﺤﻪ ﺘﺨﺘﻔﻰ .‬ ‫ﻭﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﻟﻰ ﻫﻭ ﺃﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﻭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺴـﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻐﻼﻓﻴﻥ ﺘﺘﺴﻕ ﻤﻊ ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ "ﺒﻭﺭﺘﺭﻴﻪ ﺃﺨﻴﺭ ﻟﻜﻭﻨﺸـﺭﺘﻭ‬ ‫ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ " ، ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻤﺎ ﻴﻌﻨﻴﻨﻰ ﺃﻜﺜﺭ ﻓﻰ ﺘﺸـﻜﻴﻠﻬﻤﺎ ﺃﻤـﺭﺍﻥ ؛‬ ‫ﺍﻷﻭل ﻫﻭ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺒﺎﺒﻴﺔ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻟﻭﻀـﻭﺡ ﺍﻟﺘـﻰ ﻏﺎﻟﺒـﺎ ﻤـﺎ‬ ‫ﺴﺘﺼﻴﺏ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺒﺩﺍﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻰ ﺘﻤﺜﻠﻪ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻭﺍﺭﻯ ﻭﺍﻟﺒﻌـﺩ‬ ‫ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻴﻭﺤﻰ ﺒﻬﺎ ﻜﻼ ﻤﻥ ﻭﻗﻭﻉ ﺍﺴﻡ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻓـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﺴـﻭﺩﺍﺀ ﻓـﻰ ﺍﻟﻐـﻼﻑ ﺍﻷﻤـﺎﻤﻰ ، ﻭﺍﻟﺼـﻭﺭﺘﻴﻥ‬ ‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺘﻴﻥ ﺍﻟﻠﺘﻴﻥ ﺍﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ، ﻤﺼﻤﻡ ﺍﻟﻐﻼﻑ ، ﺃﻥ ﺘﺒﺘﻌﺩ‬ ‫ﻋﻴﻨﺎﻩ ﻓﻰ ﻜﺒﺭﺍﻫﻤﺎ ﻭﺃﻜﺜﺭﻫﻤﺎ ﻭﻀﻭﺤﺎ ﻋﻥ ﻤﻭﺍﺠﻬـﺔ ﻋﺩﺴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﻭﺭ ، ﻭﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻟﻌﺩﺴﺔ ﺼﻐﻴﺭﺓ‬ ‫ﺸﺎﺤﺒﺔ ﺘﻜﺎﺩ ﺘﺨﺘﻔﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻼﻤﺢ .‬ ‫ﻫﻜﺫﺍ - ﻏﺎﻟﺒﺎ - ﺴﻴﺘﻜﻭﻥ ﺍﻻﻨﻁﺒﺎﻉ ﺍﻷﻭل ﻟﻤﻥ ﻴﻤﺴـﻙ‬ ‫ﺒﺎﻟﺩﻴﻭﺍﻥ ﻤﻘﻠﺒﺎ ﻓﻴﻪ ، ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻨﻁﺒﺎﻉ ﻴﺒﺩﻭ ﻤﺘﺴﻘﺎ ﻤﻊ ﻤﺎ ﺃﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ‬ ‫ﻭﺃﺤﺎﻭل ﺘﺄﻜﻴﺩﻩ ﻓﻰ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺴﻌﻰ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭﺓ‬ ‫ﻟﻼﺨﺘﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﺭﻯ ﺨﻭﻓﺎ ﻤﻥ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴـﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻘﻭﻟﺒـﺔ‬ ‫ﻭﺇﻁﻼﻕ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﻟﻠﻘﻴﻡ ﺘﺭﺍﻫﺎ‬
‫ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺼﺤﻴﺤﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﻁﻠﻘﺔ ﻻ ﺘﺤﺘﻤل ﺍﻟﺸـﻙ ، ﻭﺒﺎﻟﺘـﺎﻟﻰ‬ ‫ﺘﺭﻓﺽ ﻭﺘﺠﺭﻡ ﻜل ﺨﺎﺭﺝ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ، ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﺴـﻌﻰ‬ ‫ﻟﻠﺘﻭﺍﺭﻯ ﻴﺒﺩﻭ ﻤﺘﺠﺎﻭﺭﺍ ﻤﻊ ﺍﻹﺼﺭﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻭﺍﻹﻋـﻼﻥ‬ ‫ﻋﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺒﺩﻭ ﺃﻗل ﺴﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻼﻓﻴﻥ .‬ ‫ﺜﺎﻨﻴﺎ : ﺘﺼﺩﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ : ﺘﺒﺩﻭ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺴـﺒﻕ‬ ‫ﻨﺼﻭﺹ ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ ﻜﺜﻴﻔﺔ ﻓﻰ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﻤﺅﻤﻥ ﺴﻤﻴﺭ - ﻭﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻌﻥ‬ ‫ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﺘﻜﺭﺭ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﻓﻰ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﺃﺨﺭﻯ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﻗﻠﻴﻠﺔ‬ ‫ﻭﺃﻗل ﻜﺜﺎﻓﺔ - . ﻭﻟﻨﺘﺄﻤل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭﺍﺕ :‬ ‫ﺃ- ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻐﻼﻑ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻰ ﺍﻷﻤﺎﻤﻰ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺘﻜـﺭﺭ ﻓﻴـﻪ‬ ‫ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ ﻭﺍﺴﻡ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ، ﻴﺄﺘﻰ ﺍﻟﺘﺼـﺩﻴﺭ ﺍﻷﻭل ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ) ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻤﻴﻥ ( ﺤﻴﺙ ﻨﺠﺩ ﺠﻤﻠﺔ ﻜﺘﺒﺕ ﺒﺨـﻁ‬ ‫ﺍﻟﻴﺩ ﻓﻰ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻴﻤﻴﻥ ﻫﻜﺫﺍ :‬ ‫ﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﺤﺎﻭﺭ ﺍﻟﺫﻜﺭﻯ‬ ‫ﻭﻟﻬﺎ ﺸﺭﻑ‬ ‫...ﺍﻟﻤﻭﺕ‬ ‫ﺜﻡ ﺘﺄﺘﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒﻠﺔ ﻟﺘﺤﻤل ﺃﺭﺒﻌﺔ ﻤﻘﺘﺒﺴﺎﺕ ﻓـﻰ‬ ‫ﻤﺭﺒﻊ ﻜﺒﻴﺭ ﻟﻜل ﻤﻥ ﻜﻔﺎﻓﻴﺱ ، ﻭ ﺃﺒﻭﻟﻭﻨﻴﺭ ، ﻭ ﺠﻭﺘﻪ ، ﻭﺇﺩﻭﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﺨﺭﺍﻁ . ﻴﺅﺴﺱ ﺃﻭل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺘﺒﺴﺎﺕ ﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻓﻰ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ‬ ‫- ﻜﻤﺎ ﺤﺎﻭﻟﺕ ﺃﻥ ﺃﺠﺎﺩل ﻓﻰ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺤـﺙ - ، ﻭﻴﻌﻠـﻥ‬ ‫ﺜﺎﻨﻴﻬﻤﺎ ﻋﻥ ﺇﻤﻜﺎﻥ ﺘﺤﻭل ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺸـﻌﺭ ﺒﺼـﻭﺭﺓ ﻻﻨﻬﺎﺌﻴـﺔ‬ ‫ﻤﺅﺴﺴﺎ ﻹﻤﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻫﻭ ﺍﻹﻋﻼﻨـﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻬـﺎﺭﺱ‬ ‫ﻭﺍﻟﻤﻠﺼﻘﺎﺕ ، ﺃﻯ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺭﺍﻩ ﻋﺎﺩﻴﺎ ﻭﻴﻭﻤﻴﺎ ﻤﺒﺘﺫﻻ ﻭﺒﻌﻴﺩﺍ‬ ‫ﻜل ﺍﻟﺒﻌﺩ ﻋﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻜﻬﻨﻭﺘﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺭ ﻭﻟﻠﺸﺎﻋﺭ ﺸـﺭﻴﻁﺔ ﺃﻥ‬ ‫ﺘﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺇﻨﺸﺎﺩﻩ ؛ ﺤﻴﺙ ﻴﻘﺘﺒﺱ ﻤﺅﻤﻥ ﻗﻭل ﺃﺒﻭﻟﻭﻨﻴﺭ :‬ ‫" ﺇﻨﻙ ﺘﻘﺭﺃ ﺍﻹﻋﻼﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻬﺎﺭﺱ ﻭﺍﻟﻤﻠﺼﻘﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﺘﻰ ﺘﻐﻨﻰ ﺒﺼﻭﺕ ﻋﺎل .‬ ‫ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ "‬ ‫ﺜﻡ ﻴﺄﺘﻰ ﺍﻟﻤﻘﺘﺒﺱ ﺍﻟﺘﺎﻟﻰ ﻤﻥ " ﺠﻭﺘـﻪ " ﻤﻌﺘﺭﻓـﺎ ﻓـﻰ‬ ‫ﻅﺎﻫﺭﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭ " ﻫﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ " ﻤﻨﻜﺭﺍ ﻓﻰ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ‬ ‫ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻬﺒﺔ ﺃﻴﺔ ﺃﺼﺩﺍﺀ ﻓﻰ ﻋـﺎﻟﻡ ﺍﻷﺭﺽ ، ﺒـل ﺇﻥ‬ ‫ﺍﻷﻤﺭ ﻴﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ " ﺨﺩﺍﻉ " ، ﻤﻅﻬﺭﺍ ﻓﻰ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﺘﺒﺱ ﻭﺠﻬﺎ‬ ‫ﻤﻥ ﻭﺠﻭﻩ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺒﻭﺼﻔﻪ " ﻜﺸﻔﺎ ﻭﺨﻴﺎﻨﺔ " . ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻤﻘﺘﺒﺱ :‬ ‫" ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻫﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺤﻘﺎ ، ﻟﻜﻨﻪ ﺨﺩﺍﻉ‬ ‫ﻓﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻷﺭﻀﻴﺔ‬
‫ﻴﺒﺩﺃ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺒﺎﻟﻬﺩﻫﺩﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﺴﺭ ، ﺜﻡ ﻴﺜﺭﺜﺭ‬ ‫ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ، ﻭﻋﺒﺜﺎ ﻴﺼﻤﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ..‬ ‫ﻓﺎﻟﺸﻌﺭ ﻨﻔﺴﻪ .. ﻜﺸﻑ ﻭﺨﻴﺎﻨﺔ "‬ ‫ﹲ‬ ‫ﺜﻡ ﻴﺒﺩﻭ ﺍﻟﻤﻘﺘﺒﺱ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ﻋﺎﺭﻀﺎ ﻟﺘﻀﺎﺩ ﻴﺤﻭل ﺩﻻﻟـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻨﻭﺭ ﻜﻤﺎ ﺘﺭﺍﻫﺎ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ - ﺃﻯ ﻜﻤﺎ ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺘﻘﺘﺒﺴﻬﺎ‬ ‫- ﺇﻟﻰ ﻅﻠﻤﺔ ﺘﻜﺘﻨﻑ ﺍﻟﺭﻭﺡ ، ﺇﻨﻪ ﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺭﺅﻴـﺔ‬ ‫ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻭﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﻟﻴﺱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ‬ ‫ﺘﺘﺴﻕ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﺌﻊ .‬ ‫" ﺍﻟﻨﻭﺭ ﻅﻠﻤﺔ ﺘﻜﺘﻨﻑ ﺍﻟﺭﻭﺡ ، ﻜﺎﻤﻠﺔ‬ ‫ﺒﻼ ﺭﺤﻤﺔ "‬ ‫ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭﺍﺕ ﻜﻠﻬﺎ ﺘﺒﺩﻭ ﺴﺎﻋﻴﺔ ﺒﺎﻟﺘﺭﺘﻴﺏ ﻟﻜل ﻤﻥ :‬ ‫ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﺘﻔﺭﺩﻫﺎ / ﺘﻭﺴﻴﻊ ﺩﺍﺌﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺭﻯ ﻟﻴﺸﻤل ﻜل‬ ‫ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻴﻤﻜﻥ ﺇﻨﺸﺎﺩﻩ ﺃﻯ ﻜل ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤـﺭﺀ‬ ‫ﺸﻌﺭﺍ / ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﺭﺍﻭﻏﺔ ﻟﻠﺸـﻌﺭ ﻤـﻊ ﻨﻔـﻰ ﺨﻠﻔـﻰ‬ ‫ﻻﻨﻌﻜﺎﺱ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﻟﻬﺎﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻭﻴـﺔ ﻟﻠﺸـﻌﺭ ﻓـﻰ ﺘﺸـﻜﻼﺘﻪ‬ ‫ﺍﻟﺤﻴﺎﺘﻴﺔ، ﻓﺈﻋﻼﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺸـﻌﺭ ﻜﺸـﻑ ﻟﻠـﺩﺍﺨل ﻫـﻭ ﺨﻴﺎﻨـﺔ‬
‫ﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﺒﺈﻋﻼﻨﻬﺎ / ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺨﺼﻭﺼـﻴﺔ ﺩﻻﻟـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻠﻐﻭﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ ﺍﻟﻜﻭﻨﻴﺔ ﻓﻰ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺨﺎﺹ .‬ ‫ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻻﻻﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺨﻠﻌ ﹸﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴـﺎﺒﻘﺔ‬ ‫ﺘ‬ ‫ﺘﺒﺩﻭ ﻤﺅﻜﺩﺓ ﺤﺎﻟﺘﻰ ﺍﻟﺘﻭﺍﺭﻯ ﻭﺍﻟﻔﺯﻉ ﺍﻟﻠﺘﻴﻥ ﺘﺴﺘﺸﻌﺭﻫﻤﺎ ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﺤﺎل ﻁﺭﺡ ﺭﺅﺍﻫﺎ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺭﺍﻫـﺎ ﻤﺘﻔـﺭﺩﺓ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻜﻤﺎ ﺃﺸﺭﺕ ﺴﺎﻟﻔﺎ .‬ ‫ﺏ - ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﺼﺩﻴﺭ ﺍﻟﺴـﺎﺒﻕ ) ﻤـﻥ‬ ‫ﺍﻟﻴﻤﻴﻥ( ﺘﻅﻬﺭ ﻟﻭﺤﺔ ﺘﻌﺒﻴﺭﻴﺔ ﺒﺎﻟﻠﻭﻨﻴﻥ ﺍﻷﺒﻴﺽ ﻭﺍﻷﺴﻭﺩ ، ﺜـﻡ‬ ‫ﻴﺄﺘﻰ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭ ﺍﻟﺘﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒﻠﺔ ﻟﻠﻭﺤﺔ ﻤﻥ ﺸـﻌﺭ‬ ‫ﻤﺅﻤﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﻟﻴﻌﻠﻥ ﻋﻥ ﺭﻏﺒﺘﻪ ﻓﻰ ﺍﻻﻨﻔﻼﺕ ﻤﻥ ﻜـل ﺍﻟـﻨﻅﻡ‬ ‫ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻟﻠﻔﺭﺩ ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻤﻌﺘﺒﺭﺍ ﺫﻟﻙ ﺍﻻﻨﻔﻼﺕ ﻫﻭ‬ ‫ﻓﻰ ﺤﺩ ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﺫﻯ ﺃﻅﻨﻪ ﻓﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟـﺔ‬ ‫ﻤﺘﻤﺜﻼ ﻓﻰ ﺍﻟﺩﺨﻭل ﻀﻤﻥ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘـﻰ‬ ‫ﺘﺭﻓﻀﻬﺎ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﺴﻌﻴﻬﺎ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ . ﺒﻌﺩ ﻫـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭ ﻭﻓﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻴﻅﻬﺭ ﺍﻟﻌﻨﻭﺍﻥ ﺍﻷﻭل ﻓﻰ ﺩﻴـﻭﺍﻥ‬ ‫ﻤﺅﻤﻥ ﻭﻫﻭ " ﻤﻼﺤﻕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ " ﺍﻟﺘﻰ ﺍﺨﺘﺎﺭﺕ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭﺓ‬ ‫ﺃﻥ ﺘﻀﻌﻬﺎ ﻓﻰ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺨﻼﻓﺎ ﻟﻠﻤﻌﺭﻭﻑ ﻭﻜﺄﻨﻬﺎ ﺒﺫﻟﻙ ﺘﻌﻠﻥ‬
‫ﺍﻟﺘﻤﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻨﻅﻡ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﻰ ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ ﺍﻟﺘـﻰ ﺠـﺭﻯ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﻑ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺄﺘﻰ ﻤﻼﺤﻕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻤﺫﻴﻠﺔ ﻟﻪ .‬ ‫ﺛﺎﻟﺜﺎ : ﺧﻮﺍﺗﻴﻢ ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ : ﻭﺗﺘﻤﺜﻞ ﰱ : ﺃ - ﻟﻮﺣﺔ ﻟﺴﻠﻔﺎﺩﻭﺭ ﺩﺍﱃ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻴﻤﲎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻘﺘﺒﺴﺎﺕ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ‬ ‫ﺍﳋﻴﺎﻡ ، ﻭﺭﻳﺘﺴﻮﺱ ، ﻭﺍﻟﺴﻬﺮﻭﺭﺩﻯ . ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺘﺒﺴﺎﺕ ﺗﺒﺪﻭ - ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﺮﺅﻳﺔ‬ ‫ﺍﻟﱴ ﺃﻃﺮﺣﻬﺎ - ﻣﺆﻛﺪﺓ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ :‬ ‫١- ﺸﺒﺤﻴﺔ ﻭﻻ ﺘﻤﺎﻴﺯ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺠﻤﻌﻰ ﻟﻸﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟـﺫﻯ‬ ‫ﺘﻔﺭﻀﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ﻭﻴﺘﺤﻜﻡ ﻓﻴﻪ "ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻌﺭﺽ " :‬ ‫ﻟﺴﻨﺎ ﺸﻴﺌﺎ ﺴﻭﻯ ﻁﺎﺒﻭﺭ ﻴﺘﺤﺭﻙ‬ ‫ﻴﺭﻭﺡ ﻭﻴﺠﺊ ﻜﻅﻼل ﺍﻷﺸﻜﺎل ﺍﻟﺴﺤﺭﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺩﻭﺭ ﺭﺴﻭﻤﻬﺎ ﺤﻭل ﻤﺼﺒﺎﺡ ﺘﻀﻴﺌﻪ ﺍﻟﺸﻤﺱ‬ ‫ﺃﻤﺴﻜﻪ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻌﺭﺽ ﻓﻰ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﻠﻴل ......‬ ‫" ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻌﺭﺽ " ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﻤﺎ ﺃﺭﺍﻩ ﻤﺭﺍﺩﻓﺎ ﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺔ‬ ‫ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺘﺤﻜﻡ ﻓﻰ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻗﺎﺩﺭﺓ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻴﺔ ﻤﺎ ﻴﺘﻌﺩﻯ ﺤﺩﻭﺩ ﺇﻁﻼﻗﺎﺘﻬﺎ ﻭﺭﺅﺍﻫﺎ ، ﺒﻤﺎ ﻴﻌﺩ ﺴﻌﻴﺎ‬ ‫- ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺨﻠﻔﻰ ﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﻨﺎﺩﻯ ﺒﻬﺎ‬
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211
211

Recommended

4470
44704470
4470kotob arabia
 
5814
58145814
5814kotob arabia
 
212
212212
212kotob arabia
 
816
816816
816kotob arabia
 
5880
58805880
5880kotob arabia
 
4651
46514651
4651kotob arabia
 
5961
59615961
5961kotob arabia
 
4619
46194619
4619kotob arabia
 

Recommended

4470
44704470
4470kotob arabia
 
5814
58145814
5814kotob arabia
 
212
212212
212kotob arabia
 
816
816816
816kotob arabia
 
5880
58805880
5880kotob arabia
 
4651
46514651
4651kotob arabia
 
5961
59615961
5961kotob arabia
 
4619
46194619
4619kotob arabia
 
784
784784
784kotob arabia
 
213
213213
213kotob arabia
 
6142
61426142
6142kotob arabia
 
4621
46214621
4621kotob arabia
 
1630
16301630
1630kotob arabia
 
1338
13381338
1338kotob arabia
 
3609
36093609
3609kotob arabia
 
3576
35763576
3576kotob arabia
 
5529
55295529
5529kotob arabia
 
5962
59625962
5962kotob arabia
 
5194
51945194
5194kotob arabia
 
5538
55385538
5538kotob arabia
 
4352
43524352
4352kotob arabia
 
4391
43914391
4391kotob arabia
 
4166
41664166
4166kotob arabia
 
استغلال الأراضي في مصر البطلمية- الرومانية
استغلال الأراضي في مصر البطلمية- الرومانيةاستغلال الأراضي في مصر البطلمية- الرومانية
استغلال الأراضي في مصر البطلمية- الرومانية
Dr. Islam Abou Elmagd
 
4788
47884788
4788kotob arabia
 
5070
50705070
5070kotob arabia
 
5796
57965796
5796kotob arabia
 
5437
54375437
5437kotob arabia
 
1086
10861086
1086kotob arabia
 
960
960960
960kotob arabia
 

More Related Content

What's hot

استغلال الأراضي في مصر البطلمية- الرومانية
استغلال الأراضي في مصر البطلمية- الرومانيةاستغلال الأراضي في مصر البطلمية- الرومانية
استغلال الأراضي في مصر البطلمية- الرومانية
Dr. Islam Abou Elmagd
 

What's hot (20)

784
784784
784
 
213
213213
213
 
6142
61426142
6142
 
4621
46214621
4621
 
1630
16301630
1630
 
1338
13381338
1338
 
3609
36093609
3609
 
3576
35763576
3576
 
5529
55295529
5529
 
5962
59625962
5962
 
5194
51945194
5194
 
5538
55385538
5538
 
4352
43524352
4352
 
4391
43914391
4391
 
4166
41664166
4166
 
استغلال الأراضي في مصر البطلمية- الرومانية
استغلال الأراضي في مصر البطلمية- الرومانيةاستغلال الأراضي في مصر البطلمية- الرومانية
استغلال الأراضي في مصر البطلمية- الرومانية
 
4788
47884788
4788
 
5070
50705070
5070
 
5796
57965796
5796
 
5437
54375437
5437
 

More from kotob arabia

More from kotob arabia (20)

1086
10861086
1086
 
960
960960
960
 
764
764764
764
 
6487
64876487
6487
 
6205
62056205
6205
 
942
942942
942
 
96
9696
96
 
763
763763
763
 
6486
64866486
6486
 
745
745745
745
 
6204
62046204
6204
 
6435
64356435
6435
 
5961
59615961
5961
 
6182
61826182
6182
 
959
959959
959
 
941
941941
941
 
594
594594
594
 
762
762762
762
 
744
744744
744
 
6485
64856485
6485
 

211

  • 1.
  • 2. ‫ﻤﻼﻤﺢ ﺍﻟﻭﻋﻲ‬ ‫ﺠﻤﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ‬ ‫ﺩ. ﺃﻴﻤﻥ ﺒﻜﺭ‬
  • 3. ‫ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﳌﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ‬ ‫א‬ ‫א‬ ‫א‬ ‫.‬ ‫אא‬ ‫א‬ ‫)ﻋـﱪ ﺍﻻﻧﱰﻧـﺖ ﺃﻭ‬ ‫א‬ ‫אא‬ ‫ﻟﻠﻤﻜﺘﺒــﺎﺕ ﺍﻻﻟﻜﱰﻭﻧﻴــﺔ ﺃﻭ ﺍﻷﻗــﺮﺍﺹ ﺍﳌﺪﳎــﺔ ﺃﻭ ﺍﻯ‬ ‫א‬ ‫ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ (‬ ‫א‬ ‫א‬ ‫.‬ ‫.‬ ‫א א‬
  • 4. ‫א‬ ‫.. א‬ ‫/‬ ‫..‬ ‫א‬
  • 5. ‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬ ‫ﻴﻀﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻨﺎﻭل‬ ‫ﺇﺒﺩﺍﻋﺎﺕ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺼـﺭﻴﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼـﺭﻴﻥ ﺍﻟـﺫﻴﻥ‬ ‫ﻴﻤﺜﻠﻭﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺘﻭﺠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ . ﻭﺤﺘﻰ ﻻ ﻨﻘﻊ ﻓﻲ‬ ‫ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﻤﺩﺓ ﺒﻤﺎ ﻴﺼﺎﺤﺒﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﺤﻜﺎﻡ ﻗﻴﻤﺔ ﺼـﺭﻴﺤﺔ ﺃﻭ‬ ‫ﻀﻤﻨﻴﺔ ، ﻭﺒﻤﺎ ﺘﻔﺠﺭﻩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﻤﻥ ﻗﻀـﺎﻴﺎ - ﻭﻫﻤﻴـﺔ‬ ‫ﻏﺎﻟﺒﺎ - ﺤﻭل ﺠﺩﺍﺭﺓ ﺃﻭ ﻋﺩﻡ ﺠﺩﺍﺭﺓ ﻟﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺸـﻌﺭﻴﺔ‬ ‫ﺒﺎﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﻟـ " ﺍﻟﺸﻌﺭ " ﺒﺄﻟﻑ ﻭﻻﻡ ﺍﻟﻌﻬﺩ )ﻭﻜﺄﻨﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻤﺘﻔﻘﻭﻥ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﻟﻠﺸﻌﺭ( ، ﺤﺘﻰ ﻻ ﻨﻘﻊ ﻓﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺼـﻨﻴﻔﺎﺕ‬ ‫ﺤﺩﺩﺕ ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﻫﺩﺍﻓﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒـﺎ ﻓـﻲ ﺃﻤـﺭﻴﻥ ﻏﻴـﺭ‬ ‫ﻤﻨﻔﺼﻠﻴﻥ: ﺍﻷﻭل ﻫﻭ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﺴﺘﻜﺸـﺎﻑ ﺠﻤﺎﻟﻴـﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﻤﺤل ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ، ﻋﺒﺭ ﻤﻘﻭﻻﺕ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﻴﻅﻨﻬـﺎ ﺍﻟﺒﺎﺤـﺙ‬ ‫ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺨﻁﺎﺏ ﻨﻘﺩﻱ ﻤﺜﻴﺭ ﻟﻠﺠﺩل ﺤﻭل ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ؛‬ ‫ﺒﺈﻀﺎﺀﺓ ﻭﺠﻪ ﺃﻭ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺃﻭﺠﻪ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ ﻓﻴﻬـﺎ ، ﺩﻭﻥ‬ ‫ﺍﺩﻋﺎﺀ ﺍﻹﺤﺎﻁﺔ ﺍﻟﺸﺎﻤﻠﺔ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﺎﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴـﺔ ﺃﻭ‬ ‫ﺍﻟﺭﺅﻴﻭﻴﺔ ؛ ﺇﺫ ﻴﺼﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﻴﻔﻬﻡ ﺘﻔﺎﻋﻼﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘـﺭﺍﺀﺓ‬ ‫ﻭﺘﺸﻌﺒﺎﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﻴﻁﻤﺌﻥ ﻟﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ . ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻬـﺩﻑ ﺍﻟﺜـﺎﻨﻲ‬
  • 6. ‫ﻓﻬﻭ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻟﻠﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﺒﻌﺽ ﻤﻼﻤﺢ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ‬ ‫ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻌﺒﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﺘﺼﺩﺭ ﻤﻨﻪ ، ﻭﻫﻭ ﻤﺎ‬ ‫ﻴﺒﺩﻭ ﻏﻴﺭ ﻤﻨﻔﺼل ﻋﻥ ﺠﻤﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺸﺭﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ .‬ ‫ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻬﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ ﺃﻥ ﺃﺸﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ‬ ‫ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻅﻨﻬﺎ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ‬ ‫ﻭﻫﻰ :‬ ‫ﺃﻭﻻ : ﻻ ﻴﻤﻴﺯ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﻓﻲ ﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﻟﻺﺒﺩﺍﻉ ﺒﻴﻥ ﺸـﻌﺭ‬ ‫ﺍﻟﻌﺎﻤﻴﺔ ﻭﺸﻌﺭ ﺍﻟﻔﺼﺤﻰ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴـﺔ ﺍﻹﻤﻜﺎﻨـﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴـﺔ ﺃﻭ‬ ‫ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ/ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ - ﻋﻠـﻰ ﻤـﺎ ﺒﻴﻨﻬﻤـﺎ ﻤـﻥ‬ ‫ﺍﺸﺘﺒﺎﻜﺎﺕ - ﺃﻭ ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺃﻭﺠﻪ ﺍﻟﻤﻔﺎﻀـﻠﺔ ﺍﻟﻤﻔﺘﺭﻀـﺔ ؛‬ ‫ﺤﻴﺙ ﻴﻅﻥ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺭﻴﻕ ﻴﺸﻴﺭ ﻀﻤﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺘﺭﺍﺘﺒﻴﺔ ﻗﻴﻤﻴﺔ ﻏﻴﺭ‬ ‫ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻋﻠﻤﻴﺔ .‬ ‫ﺜﺎﻨﻴﺎ : ﺴﻌﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺘﺠﻨﺏ ﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﻴﻤـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺼﻭﻏﻬﺎ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ- ﺴﻭﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﻠﻨﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻀـﻤﻨﻴﺔ -‬ ‫ﺤﻭل ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ، ﻓﺎﻟﻔﺎﻋل ﺍﻷﻫﻡ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ‬ ‫ﺃﻥ ﻴﺘﺨﻠﻕ ﻤﻥ ﻤﺴﺎﺤﺎﺕ ﺘﻔﺎﻋل ﺒـﻴﻥ ﺍﻟﺒﺎﺤـﺙ ﻭﺍﻟﻨﺼـﻭﺹ .‬ ‫ﻭﺴﻴﺘﻀﺢ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺒﺸﻌﺭﺍﺀ ﺸﺒﺎﺏ ﻤـﻥ ﺃﻗـﺎﻟﻴﻡ‬ ‫ﻤﺼﺭ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ) ﺒﻨﻰﺴﻭﻴﻑ - ﺍﻟﻔﻴﻭﻡ - ﺩﻤﻴﺎﻁ ( ﺒﻌﻀﻬﻡ ﻟـﻡ‬
  • 7. ‫ﺘﺼﺩﺭ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﻤﻁﺒﻭﻉ ﺒﻌﺩ ، ﺒﺎﻟﻘﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﻟﻴﻪ‬ ‫ﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﻤﻌﺭﻭﻓﻴﻥ ﻟﻬﻡ ﻋﺩﺩ ﻜﺒﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭﺓ .‬ ‫ﺜﺎﻟﺜﺎ : ﺤﺭﺹ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺘﺘﺼﺩﺭ ﻜـل ﺩﺭﺍﺴـﺔ‬ ‫ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﻤﻘﻭﻻﺕ ﺍﻟﻨﻘﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺜل ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﺭ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ ﺍﻟـﺫﻱ‬ ‫ﻴﺴﺘﺨﺩﻤﻪ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ؛ ﺤﺘﻰ ﻴﺘﻤﻜﻥ‬ ‫ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻤﻥ ﻤﺴﺎﺀﻟﺔ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﻨﻘﺩﻱ ﻁﺒﻘﺎ ﻷﺴﺱ ﻭﺍﻀﺤﺔ ﻏﻴـﺭ‬ ‫ﻤﻠﺘﻭﻴﺔ ، ﻭﻓﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻋﺘﺭﺍﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﺒﻨﺴﺒﻴﺔ ﺭﺅﺍﻩ ﻭﺒﺈﻤﻜـﺎﻥ‬ ‫ﺃﻥ ﻴﺘﻌﺴﻑ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺘﻪ ﺭﻏﻡ ﻤﺎ ﻴﺒـﺩﻭ ﻤـﻥ‬ ‫ﺤﺭﺹ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﻋﻠﻰ ﺘﺠﻨﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺴﻑ .‬ ‫ﺃﺨﻴﺭﺍ ﺃﻭﺩ ﺃﻥ ﺃﺘﻘﺩﻡ ﺒﺨﺎﻟﺹ ﺍﻟﺸـﻜﺭ ﻟﻠﻘـﺎﺌﻤﻴﻥ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﻨﺸﺭ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ، ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺘﺎﺡ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻭﻟﻐﻴـﺭﻩ ،‬ ‫ﻓﺭﺼﺔ ﺍﻟﻅﻬﻭﺭ .‬ ‫ﺃﻴﻤﻥ ﺒﻜﺭ‬ ‫ﺒﻨﻰﺴﻭﻴﻑ - ١٠٠٢‬
  • 8. ‫١- ﺍﻟﺬﺍﺕ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﻨﺜﺮ‬
  • 9. ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻨﻔﺼﺎل ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻋـﻥ‬ ‫ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ؛ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻁﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻔﺘـﺭﺽ ﻏﺎﻟﺒـﺎ ﺃﻥ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻗﺩ ﺃﺤﺩﺜﺘﻬﺎ ﻤﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ، ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻫـﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﻨﻘﻁﺔ ﺒﺩﺀ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﺘﻤﻬﺩ ﻟﻁـﺭﺡ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻘـﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴـﺔ‬ ‫ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺼﺩﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺴﻌﻴﻪ ﻟﺘﺤﻠﻴل ﺇﺤـﺩﻯ‬ ‫ﺠﻤﺎﻟﻴﺎﺕ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ؛ ﻓﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﻋﺒﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ‬ ‫ﺃﻥ ﻴﺘﻡ - ﻤﺒﺩﺌﻴﺎ - ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﺴﺎﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﺎﻁﻊ ﻭﺍﻻﻨﻔﺼـﺎل ﺒـﻴﻥ‬ ‫ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻭﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﻙ ﻨﻔﺴﻪ، ﺇﺫ‬ ‫ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺘﻴﺎﺭﺍ ﻜﺒﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻴﻥ ﻴﺅﻴﺩ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻻﻨﻔﺼـﺎل‬ ‫ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ، ﺴﻭﺍﺀ ﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﻤﻥ ﻴﺭﺍﻩ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴـﺎ ﻤﺒﺸـﺭﺍ ﺒﻤـﻴﻼﺩ‬ ‫ﺸﻌﺭﻴﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ، ﺃﻭ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﻤﻥ ﻴﻨﻔﻲ ﻋﺎﻯ ﺃﺴﺎﺴـﻪ ﺍﻨﺘﻤـﺎﺀ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻟـ " ﺍﻟﺸـﻌﺭ" ﻋﻤﻭﻤـﺎ )١( . ﻭﻴﺒـﺩﻭ ﺃﻥ ﻫـﺫﺍ‬ ‫١‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴل ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ - ﺍﻨﻔﺼﺎل ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ) ﺒل ﻭﺤﺭﻜﺔ‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻜﻠﻬﺎ ( ﻋﻥ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ - ﺒﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻏﺎﻟﻲ‬ ‫ﺸﻜﺭﻱ ﻤﻥ ﺃﻥ :‬ ‫...ﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩ ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ‬ ‫ﺍﻟﻤﺭﺍﺤل ﺍﻟﺴﺎﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺸﻌﺭ‬ ‫ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻗﺩ ﺤﺎﻓﻅﺕ ﻋﻠﻰ ﺠﻭﻫﺭ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻨﻼﺤﻅ ﻓﻲ‬
  • 10. ‫ﺍﻻﻨﻔﺼﺎل ﻋﻥ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻰ ﻫﻭ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻤﺭ ﻓﻰ ﺤﺎﺠـﺔ‬ ‫ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﺤﻴﺙ ﻻ ﻴﻘﻑ ﺍﻷﻤﺭ ﻋﻨﺩ ﺤﺩﻭﺩ ﻓﺼـل ﻗﺼـﻴﺩﺓ‬ ‫ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻭﺩ ﺍﻟﺸﻌﺭ ،‬ ‫ﺒل ﻴﺘﻌﺩﻯ ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻓﺼﻠﻬﺎ ﻋﻥ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ " ﺍﻟﺸـﻌﺭﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ، ﻜﻤﺎ ﻴﻼﺤﻅ ﺤﺎﺘﻡ ﺍﻟﺼﻜﺭ ﺤﻴﻥ ﻴﻘﻭل :‬ ‫ﻴﺨﻴل ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻭﻨﺤﻥ ﻨﻌـﺎﻴﻥ ﺍﻟﻤﺤـﻭﺭ‬ ‫ﺍﻟﻤﻘﺘﺭﺡ ، ﺃﻨﻪ ﻴﺭﺍﺩ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ "‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜـﺭ " ﺨـﺎﺭﺝ ﺍﻟﺸـﻌﺭﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﺘﻘﻭﻡ‬ ‫ﺃﺴﺎﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﺽ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭ‬ ‫ﻴﺭﺍﺠﻊ :‬ ‫- ﻏﺎﻟﻲ ﺸﻜﺭﻱ ، ﺸﻌﺭﻨﺎ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺇﻟﻰ ﺃﻴﻥ ؟ ، ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ، ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،‬ ‫٥٨٩١ ، ﺹ٢١١ .‬ ‫ﻜﻤﺎ ﻴﺘﺒﺩﻯ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺭﺽ ﻓﻲ ﺭﺅﻯ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ، ﺴﻭﺍﺀ ﺃﻜﺎﻨﻭﺍ ﻤﻥ ﻤﻬﺎﺠﻤﻲ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺃﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺩﺍﻓﻌﻴﻥ ﻋﻨﻬﺎ؛ ﻓﻨﺯﺍﺭ ﻗﺒﺎﻨﻲ ، ﻤﺜﻼ ، ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺒﺩﻭ ﻓﻲ ﺒﺩﺍﻴﺔ‬ ‫ﻤﻘﺎﺒﻠﺘﻪ ﻤﻊ ﺠﻬﺎﺩ ﻓﺎﻀل ﻤﺘﺴﻌﺎ ﻻﺴﺘﻘﺒﺎل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻜل ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻴﺭﻯ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻪ‬ ‫ﺸﻜل " ﺸﻜل ... ﻁﺎﺭﺉ ﻫﺠﻴﻥ ... ﻟﻡ ﻴﻌﺭﻓﻪ ﺘﺎﺭﻴﺨﻨﺎ ﺍﻷﺩﺒﻲ " .‬ ‫ﻴﺭﺍﺠﻊ :‬ ‫- ﺠﻬﺎﺩ ﻓﺎﻀل ، ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ، ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺭﻭﻕ ، ﺒﻴﺭﻭﺕ ، ٤٨٩١ ،‬ ‫ﺹ٤٤٢ .‬
  • 11. ‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ، ﻓﻜﺄﻨﻨﺎ ﻨﻘـﻊ ﻓـﻰ‬ ‫ﻤﺼﺎﺩﺭﺓ ﻓﺫﺓ ﺘﻔﺼل ﺒـﺎﻟﻭﺍﻭ ﺒـﻴﻥ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ - ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺒﺤﺜﻨـﺎ -‬ ‫ﻭﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴـﺩﺓ ﺍﻟﺘـﻰ‬ ‫ﺘﺘﻜﻭﻥ ﻭﺘﺘﺤﻭﺭ ﺇﻟﻰ ﺠﻭﺍﺭﻫﺎ . ﻜﻤـﺎ‬ ‫ﻴﺭﺩﺍ ﻟﻨـﺎ ﺍﻹﻗـﺭﺍﺭ ﺴـﻠﻔﺎ - ﻫـﺫﻩ‬ ‫ﻤﺼﺎﺩﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ - ﺒﻭﺠﻭﺩ "ﺸﻌﺭﻴﺔ "‬ ‫" ﻋﺭﺒﻴﺔ " " ﺠﺩﻴﺩﺓ ")١(‬ ‫ﺍﻷﻤﺭ ﺇﺫﻥ ﻴﺒﺩﺃ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻙ ﻓﻲ ﻭﺠﻭﺩ ﺸـﻌﺭﻴﺔ ﻋﺭﺒﻴـﺔ‬ ‫ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻴﻤﻜﻥ ﺇﻀﺎﻓﺔ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻟﻬﺎ ﺃﻭ ﻓﺼﻠﻬﺎ ﻋﻨﻬـﺎ، ﺒﻤـﺎ‬ ‫ﻴﻀﻴﻑ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﺼﺩﻫﺎ ﻫـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﺒﺤﺙ ؛ ﻓﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﻴﺒﺩﻭ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺴﻪ‬ ‫ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ " ﺸﻌﺭﻴﺔ " ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺃﻭ ﻴﺜﺒﺘﻭﻨﻬﺎ ﻤﻔﻬﻭﻤﺎ ﻏﺎﺌﻤﺎ ﻓـﻲ‬ ‫ﺃﻓﻀل ﺍﻷﺤﻭﺍل ، ﻨﺎﻫﻴﻙ ﻋﻥ ﻤﻼﻤﺢ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﺴﻭﺍﺀ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺸﻌﺭ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ .‬ ‫١‬ ‫ﺤﺎﺘﻡ ﺍﻟﺼﻜﺭ ، ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜـﺭ ﻭﺍﻟﺸـﻌﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴـﺩﺓ : ﻤـﻥ‬ ‫ﺍﺸﺘﺭﺍﻁﺎﺕ ﺍﻟﻘﺼﺩ ﺇﻟﻰ ﻗﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻷﺜﺭ ، ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ، ﻤﺠﻠﺔ ﻓﺼﻭل ﺍﻟﻤﺠﻠـﺩ‬ ‫ﺍﻟﺨﺎﻤﺱ ﻋﺸﺭ ، ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ / ﺨﺭﻴﻑ ٦٩٩١ ، ﺹ ٤٧ .‬
  • 12. ‫ﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ؛ ﻫل ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ - ﺒﻌﺩ ﻤـﺭﻭﺭ ﻋـﺩﺓ‬ ‫ﻋﻘﻭﺩ - ﺃﻥ ﻨﺭﺼﺩ ﻤﺴﺎﺤﺎﺕ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻙ ﻭﻤﺴﺎﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻤﺎﻴﺯ ﺒﻴﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﻊ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﻤﻥ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴـﺏ‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ، ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻤﺕ ﺒﺎﻟﻨﻘﻠﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴـﻴﺔ ﻤـﻥ‬ ‫ﻋﻤﻭﺩ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻜل ﺍﻟﺴﻁﺭﻱ ، ﺍﻟﻤﺘﺤـﺭﺭ ﻤـﻥ‬ ‫ﺍﻨﺘﻅﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻨﺘﻅﺎﻡ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻼﺕ ﻓـﻲ ﺍﻟﺒﻴـﺕ ) ﻗﺼـﻴﺩﺓ‬ ‫ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ ( ، ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻬﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺼﻴﺩﺓ‬ ‫ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ، ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺤﺎﺕ ﻭﺠﻭﺩ ؟‬ ‫ﻤﺎ ﺃﻅﻨﻪ ﻫﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ‬ ‫ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻜﺘﺸﺎﻑ ﻤﺎ ﺘﺸﺘﺭﻙ ﻓﻴﻪ ﻗﺼـﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜـﺭ ﻤـﻊ ﺘـﺭﺍﺙ‬ ‫ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺏ ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ - ﺇﻥ ﻜـﺎﻥ ﻫﻨـﺎﻙ ﺜﻤـﺔ‬ ‫ﺍﺸﺘﺭﺍﻙ - ﻭﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﻗﺩ ﺤﻘﻘﺘـﻪ ﻤـﻥ‬ ‫ﺘﻤﺎﻴﺯ ﻭﺘﻔﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻱ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﻔﻨﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﺩﺭ ﻋﻨﻬﺎ .‬ ‫ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﺘﺸـﻜل ﻤﻨﻅـﻭﺭﺍ ﻴﻤﻜﻨـﻪ‬ ‫ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ، ﻓﺈﻥ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﺒﺤـﺙ‬ ‫ﻴﻘﻑ ﻓﻘﻁ ﻋﻨﺩ ﻤﺎ ﻴﺭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﻤﻠﻤﺤﺎ ﺠﻤﺎﻟﻴﺎ ﻤﻤﻴﺯﺍ ، ﻭﻫﻭ ﻤـﺎ‬
  • 13. ‫ﻴﺘﺼل ﺒﺄﺒﻌﺎﺩ ﺘﺸﻜل ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﻓﻌﻠﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻨﺼـﻭﺹ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ .‬ ‫ﺣﻮﻝ ﻓﺴﻠﻔﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﻭﺗﺸﻜﻠﻬﺎ‬ ‫ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻜﺭﺓ ﺃﻅﻨﻬﺎ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻨﺸـﻜﻴل‬ ‫ﺠﻤﺎﻟﻴﺎﺕ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻋﻤﻭﻤﺎ ، ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺘﺘﺒﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﻓـﻲ‬ ‫ﺘﺠﺎﺭﺏ ﺸﻌﺭﺍﺀ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ، ﺃﻭﻻ ﻋﺒﺭ ﺇﻋﻼﻨﺎﺘﻬﻡ ﻋﻥ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ‬ ‫ﻭﻋﻥ ﺘﺠﺎﺭﺒﻬﻡ ﻜﻤﺎ ﺘﺘﺒﺩﻯ ﻓﻲ ﺃﻭﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺄﻭﻴـل ‪Thresholds‬‬ ‫‪ of Interpretation‬ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺼﺎﺩﻓﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟـﻨﺹ ﺍﻟﻤﻁﺒـﻭﻉ ،‬ ‫ﻭﺜﺎﻨﻴﺎ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﺍﻟﺘﺄﻭﻴﻠﻲ ﻟﻨﺼﻭﺼﻬﻡ .‬ ‫ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺸﻴﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﺸﺒﻪ ﺒﺎﻟﻌﻤﻠﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟـﻭﺠﻬﻴﻥ ؛‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺘﻠﺨﻴﺹ ﻭﺠﻬﻬﺎ ﺍﻷﻭل ﻓﻲ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺸﺎﻋﺭ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜـﺭ‬ ‫ﻟﺭﺅﻯ ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﺘﺠﺎﺭﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﻭﺼﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟـﺭﺅﻯ‬ ‫ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻨﺒﻊ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻟﻠﻜﺘﺎﺒﺔ ، ﻭﺒﻭﺼﻑ ﺇﻋـﺎﺩﺓ‬ ‫ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴـﻪ ﻫـﺩﻑ‬ ‫ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ، ﺒﻤﺎ ﻴﻨﺘﺞ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻋﺘﻤـﺎﺩ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﺘﺼﻭﻴﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭﺓ ﻋﻥ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻴﻥ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ‬ ‫ﻓﻲ ﻭﻋﻲ ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﺘﺎﺤﺔ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺭ‬
  • 14. ‫ﻋﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺘﻭﺍﺼل ﺍﻷﺩﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺫﺍﺘﻪ ، ﺒﻤﺎ ﻴﻌﻜﺱ‬ ‫ﻭﺍﺤﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻷﺴﺱ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺒﻨﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺠﻤﺎﻟﻴـﺎﺕ ﻫـﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ : ﻭﻫﻭ ﺭﻓﻀﻬﺎ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻨﺎﺘﺠـﺔ‬ ‫ﻤﻥ ﺍﻻﺘﺴﺎﻕ ﻤﻊ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻋﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺭﺅﻯ ، ﺒﻤﺎ ﻴﺒـﺩﻭ‬ ‫ﻤﻨﻌﻜﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺩﻤﺔ ﻭﺃﻴﻀـﺎ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﻤﺴﺎﺤﺎﺕ ﻅﻼل ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﺩﻭ ﻤﻌﺒـﺭﺓ ﻋـﻥ ﺍﺨﺘﻴـﺎﺭﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺴﺎﻋﻴﺔ ﻟﻼﻨﻔﺼﺎل ﻭﺍﻟﺘﻤﻴﺯ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺭﻑ ﺍﻟﺸـﺎﺌﻊ ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻤﻪ ﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻋﺒﺭ ﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﻓﻨﻴﺔ ﻤﺘﻨﻭﻋﺔ ، ﺃﻭ ﻤـﻥ‬ ‫ﺯﺍﻭﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ؛ ﺴﻌﻴﻬﺎ ﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﺨﺼﻭﺼـﻴﺔ ﻭﻓﺭﺩﻴـﺔ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒـﺔ‬ ‫ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ) ﻭﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺃﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻹﺒﺩﺍﻋﻴـﺔ( ﺒﻌﻴـﺩﺍ ﻋـﻥ‬ ‫ﺍﻷﻁﺭ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻌﻴﺔ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻭ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .‬ ‫ﺍﻟﻭﺠﻪ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﻠﻔﻜﺭﺓ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒـﺎﺭﻩ ﺃﺤـﺩ ﺍﻟﻔـﺭﻭﻕ‬ ‫ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺍﻟﻤﻨﻁﺭﺡ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻭﻨﻅﻴـﺭﻩ‬ ‫ﻤﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ ، ﻭﺃﻗﺼـﺩ ﺒﻬـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﻭﺠﻪ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﻓﻜﺭﺓ ﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﺘﻤﻴﺯﻫﺎ ؛‬ ‫ﻓﻔﻲ ﺤﻴﻥ ﺘﺘﺤﺭﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ - ﻤﺜﻠﻬـﺎ‬ ‫ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻤﺜل ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻨﺴـﻴﺔ - ﻤـﻥ‬ ‫ﻤﺴﹼﻤﺔ ﺃﻨﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﻤﺘﻔﺭﺩﺓ ﻟﻬﺎ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻤﺘﻤﻴﺯﺓ ﻋﻥ ﻏﻴﺭﻫﺎ‬ ‫ﻠ‬
  • 15. ‫ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻭﺍﺕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ، ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺫﻟـﻙ ﻻ ﺘﺘﻌﺎﻤـل ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻤﻊ ﻓﻜﺭﺓ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﻭﺘﻤﻴﺯﻫﺎ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ‬ ‫ﻤﺴﻠﻤﺔ ﻻ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﻟﻨﻘﺎﺵ ﻭﺇﺜﺒﺎﺕ ، ﺒل ﻴﺘﺤﻭل ﺍﻷﻤﺭ ﺇﻟﻰ ﺴـﺅﺍل‬ ‫ﻀﻤﻨﻲ ﻴﻬﺩﻑ ﺍﻟﻨﺹ - ﻀﻤﻥ ﻤﺎ ﻴﻬﺩﻑ ﺇﻟﻴﻪ - ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺠﺎﺒـﺔ‬ ‫ﻋﻨﻪ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﺒﺎﻹﺜﺒﺎﺕ ، ﺇﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜـﺭ ﻻ‬ ‫ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﺴﻠﻡ ﻤﺒﺩﺌﻴﺎ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﻁﺒﺎﺌﻊ ﺠﻭﻫﺭﻴﺔ ﻤﻤﻴﺯﺓ ﻟﻠـﺫﻭﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﻤﻤﺎ ﻴﺩﻋﻭﻫﺎ - ﺨﺼﻭﺼﺎ ﻭﻫﻲ ﺘﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﺎ‬ ‫ﻟﺭﺅﺍﻫﺎ ﻭﺘﺠﺎﺭﺒﻬﺎ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻤﻨﺒﻊ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻭﻫﺩﻓﻬﺎ ﻜﻤﺎ ﺘﺸﻴﺭ ﻫﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ - ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﻭﺘﻤﻴﺯﻫﺎ ﻜﻤﺒـﺭﺭ ﻴﺴـﻭﻍ‬ ‫ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﺭﺅﺍﻫﺎ ﻭﻨﻔﺽ ﺍﻟـﺭﺅﻯ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘ ‪‬ﻋﻲ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎل ، ﺒﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ؛‬ ‫ﺩ‬ ‫ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﻋﻨﺼﺭ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺤﺎﻭل ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓـﻲ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺃﻥ ﺘﻜﺘﺴﺒﻪ ﻴﺄﺘﻲ ﻤﻥ ﺨﺎﺭﺝ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻘﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻅل ﺸـﺎﻋﺭ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ ﻴﺒﺤﺙ ﻋﻨﻬﺎ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻤﺘﺩﺍﺩﺍ "ﺭﺴﻤﻴﺎ" ﻟﻠﺨﻁﺎﺏ‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ .‬ ‫ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺴﺘﺩل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻤﺒﺩﺌﻴﺎ ﻋﺒﺭ ﺘﺘﺒﻊ‬ ‫ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺃﺤﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﺭﻤﻭﺯ ﺸﻌﺭ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ )ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻌﺒﺭ‬
  • 16. ‫ﻋﻥ ﻴﻘﻴﻥ ﻻ ﻴﺘﺯﻋﺯﻉ ﺒﺎﻤﺘﻼﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﺃﺤﺴﻥ ﺍﻷﺤﻭﺍل‬ ‫ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺇﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺒﻘﺩﺭﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﺫﻫﺎﺏ ﺇﻟـﻰ‬ ‫ﺃﻏﻭﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻐﻴﺭﻫﺎ ﺃﻥ ﻴﻨﻔﺫ ﺇﻟﻴﻬﺎ ( ﻫﺫﻩ‬ ‫ﺍﻷﺤﺎﺩﻴﺔ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﺘﻌﺒﺭ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻋﻥ ﺇﻴﻤﺎﻥ ﻤﺒﺩﺌﻲ ﺒﺘﻔـﺭﺩ‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﺘﻤﻴﺯﻫﺎ ، ﻭﻟﻨﻼﺤﻅ ﻁﺒﻴﻌﻭ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﺍﻹﻁﻼﻗﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻷﻤﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ ﻋﻨﺩ ﺃﻤل ﺩﻨﻘل ﻤﺜﻼ :‬ ‫ﻻ ﺘﺼﺎﻟﺢ /ﻭﻟﻭ ﻤﻨﺤﻭﻙ ﺍﻟﺫﻫﺏ /ﺃﺘـﺭﻯ ﺤـﻴﻥ ﺃﻓﻘـﺄ‬ ‫ﻋﻴﻨﻴﻙ/ﺜﻡ ﺃﺜﺒﺕ ﺠﻭﻫﺭﺘﻴﻥ ﻤﻜﺎﻨﻬﻤﺎ /ﻫل ﺘﺭﻯ ؟!ﻫﻲ ﺃﺸـﻴﺎﺀ ﻻ‬ ‫ﺘﺸﺘﺭﻯ.‬ ‫ﺃﻭ ﻗﻭﻟﻪ :‬ ‫ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻬﺒﻁﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﻘﻭﻡ ﻻ ﺘﺒﺩﺌﻲ ﺒﺎﻟﺴـﻼﻡ /‬ ‫ﻓﻬﻡ ﺍﻵﻥ ﻴﻘﺘﺴﻤﻭﻥ ﺼﻐﺎﺭﻙ ﻓﻭﻕ ﺼﺤﺎﻑ ﺍﻟﻁﻌـﺎﻡ/ ﺒﻌـﺩ ﺃﻥ‬ ‫ﺃﺸﻌﻠﻭﺍ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺵ ﻭﺍﻟﻘﺵ ﻭﺍﻟﺴﻨﺒﻠﺔ / ﻭﻏﺩﺍ ﻴﺫﺒﺤﻭﻨﻙ ﺒﺤﺜﺎ‬ ‫ﻋﻥ ﺍﻟﻜﻨﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻭﺼﻠﺔ / ﻭﻏﺩﺍ ﺘﻐﺘﺩﻱ ﻤﺩﻥ ﺍﻷﻟﻑ ﻋﺎﻡ ﻤـﺩﻨﺎ‬ ‫ﻟﻠﺨﻴﺎﻡ / ﻤﺩﻨﺎ ﺘﺭﺘﻘﻲ ﺩﺭﺝ ﺍﻟﻤﻘﺼﻠﺔ .)١(‬ ‫١ ﺃﻤل ﺩﻨﻘل ، ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﻜﺎﻤﻠﺔ ، ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻘﺼﻭﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ٨٩٩١ ،‬ ‫ﺹ ٥٤٣ ، ﻭ ٣٩٢ ﺒﺎﻟﺘﺭﺘﻴﺏ .‬
  • 17. ‫ﺇﻥ ﻤﺎ ﻴﻌﻨﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﻁﻌﻴﻥ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﻴﻥ ﻟﻴﺱ ﻫﻭ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ‬ ‫ﺇﻟﻰ ﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﺒﺄﻩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ، ﻓﻘﻁ ﺃﺸـﻴﺭ ﺇﻟـﻰ‬ ‫ﻓﻜﺭﺓ ﺘﺴﻠﻴﻡ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺒﺩﺌﻲ ﺒﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻤﺢ ﺒﻅﻬـﻭﺭ ﻫـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻘﺭﻴﺭ ﺍﻵﻤﺭ ﺍﻹﻁﻼﻗﻲ .‬ ‫ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒل ﺃﻥ ﻨﻼﺤﻅ ﻏﻴﺎﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ‬ ‫ﺸﺒﻬﻪ ﻜﺎﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ، ﺇﺫ ﻴﺒﺩﻭ ﺸﺎﻋﺭ ﻗﺼـﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜـﺭ‬ ‫ﻤﺸﻐﻭﻻ ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﻭﺍﻟﺘﻤﻴﺯ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺒﺩﺌﻴﺔ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﻤﺸﻜﻭﻙ ﻓﻴﻪ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﻫﻭ ﺍﻟﺴﺒﻴل ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ‬ ‫ﺇﻜﺴﺎﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻓﺽ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻤﻨﺤﻬﺎ ﺇﻴﺎﻫﺎ‬ ‫. ﻭﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﻟﻠﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭﺓ‬ ‫ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻫﻭ ﺍﻟﺨﻁﻭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﻭﻏﺔ ﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﺘﺠﺎﺭﺏ‬ ‫ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﺭﺅﺍﻫﺎ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻤﻨﺒﻊ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻭﻫﺩﻓﻬﺎ ﻓـﻲ ﺍﻟﻭﻗـﺕ‬ ‫ﻨﻔﺴﻪ .‬ ‫ﺴﺄﺤﺎﻭل ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﺃﻭﻻ ﻋﺒﺭ ﺘﺘﺒﻊ ﺇﻋﻼﻨﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﺤﻭل ﻓﻜﺭﺓ ﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﺭﻏﺒﺘﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻋﻥ ﻜل‬ ‫ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻭﻋﻥ ﻜل ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴـﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺴﺎﻭﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ، ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ﻤﺘﺤﻘﻘﺎ ﻓﻰ‬ ‫ﺫﺍﺘﻪ ، ﻜﻤﺎ ﺴﻨﺤﺎﻭل ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﺭﺘﺒﺎﻁﻪ ﺒﻔﻜﺭﺓ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻟﺭﺅﺍﻫﺎ‬
  • 18. ‫ﻭﺘﺠﺎﺭﺒﻬﺎ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺒﻭﺼـﻔﻬﻤﺎ ﻤﻨﺒـﻊ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒـﺔ ﺍﻟﺸـﻌﺭﻴﺔ ،‬ ‫ﻭﺒﻭﺼﻑ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺼﻴﺎﻏﺘﻬﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﺍﻷﻭل ﻟﻠﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ.‬ ‫ﺣﻮﻝ ﺇﻋﻼﻧﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ‬ ‫ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻠﻤﺢ ﻓﻰ ﺩﻭﺍﻭﻴﻥ ﺸﻌﺭﺍﺀ ﻗﺼـﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜـﺭ -‬ ‫ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺸﺒﻪ ﻤﺘﻭﺍﺘﺭﺓ - ﻤﺎ ﻴﺼﺢ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺇﻋﻼﻨﺎ ﻋـﻥ ﺘﻔـﺭﺩ‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ‬ ‫ﺘﺴﻌﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻹﺩﺭﺍﺝ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺴﻭﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺘﺠﺎﺭﺒﻬﻡ‬ ‫ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ، ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺇﺒﺩﺍﻋﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻤـﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺩﻋﻴﻥ . ﻭﻴﻤﻜﻥ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﺃﻥ ﻴﺄﺨـﺫ ﺃﺸـﻜﺎﻻ ﻤﺘﻨﻭﻋـﺔ‬ ‫ﺃﺤﺩﻫﺎ ﺃﻥ ﻴﻌﻠﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻌﻨﻭﺍﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭ ﺃﻭ ﺍﻹﻫـﺩﺍﺀ‬ ‫ﻤﺎ ﻴﻔﻴﺩ ﺒﺄﻥ ﺘﺠﺭﺒﺘﻪ ﺘﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ، ﺃﻭ ﻫـﻰ‬ ‫ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﻗﻴﻡ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﺘﺼﺩﺭ ﺃﻴﻀﺎ ﻋﻥ ﺫﺍﻜـﺭﺓ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭ ﺒﻤـﺎ‬ ‫ﺘﺤﻤﻠﻪ ﻤﻥ ﺃﺒﻌﺎﺩ ﻭﻗﻴﻡ ﺨﺎﺼﺔ ، ﺃﻭ ﻋﺒﺭ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﻭﺤـﺩﺓ ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﻭﺍﻨﻔﻼﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌ ‪‬ﻓﺔ ﻟﻠﻔﺭﺩ ﻓـﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ ،‬ ‫ﺭ‬ ‫ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﻭﺍﻀﺤﺎ ﻓﻰ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺒﺎﻟﻤﺠﻤﻭﻉ .‬ ‫ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻌﺘﺒﺭﻩ ﻓﻲ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﺤﻴـﺎﻥ‬ ‫ﺴﻌﻲ ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺨﻠﻔﻲ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟـﺫﺍﺕ ﺒﻤـﺎ ﻴﻌـﺩ ﺇﺸـﺎﺭﺓ‬
  • 19. ‫ﻭﺍﻀﺤﺔ ﻟﻤﺎ ﻨﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻥ ﻋﺩﻡ ﺍﻨﻁﻼﻕ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓـﻲ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻋﻤﻭﻤﺎ ﻤﻥ ﻓﻜﺭﺓ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﻭﺘﻤﻴﺯﻫﺎ ﺍﻟﻤﺒﺩﺌﻴﻴﻥ ، ﺒل‬ ‫ﺇﻨﻬﺎ - ﺃﻱ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ - ﺘﺤﺎﻭل ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ، ﺇﻨﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﺘﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﻓﻲ ﺠﺎﻨﺏ ﻤـﻥ‬ ‫ﻭﻋﻴﻬﺎ ، ﻤﺴﻠﻁﺔ ﻀﻭﺀﺍ ﻗﻭﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻬﺎ ، ﻭﺴﺎﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺜﺒﺎﺕ‬ ‫ﻤﺎ ﺘﺭﺍﻩ ﻤﻥ ﻤﻴﺯﺍﺕ ﺘﺼﻨﻊ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ، ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻴﺄﺘﻲ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ، ﻋﺒﺭ ﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﺴﻴﺎﺴﺎﺘﻪ‬ ‫ﻜﻤﺎ ﺘﻌﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻤﺤﺩﺩﺓ ، ﻭﻟـﻴﺱ ﻋﺒـﺭ ﺘﻘـﺩﻴﺭ‬ ‫ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ/ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﺴﺒﻕ ﻜﺎﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻨﺢ ﻟﻠﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺠـﺎﻫﻠﻲ‬ ‫ﻤﺜﻼ ، ﻭﻟﻴﺱ ﻋﺒﺭ ﺤﺎﻟﺔ ﺇﻟﻬﺎﻡ ﺨﺎﺹ ﻭﻻ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ‬ ‫ﻤﻥ ﺨﻼل ﺇﺸﺭﺍﻗﺎﺕ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻭﻓﻴﻭﻀﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﻤﻠﻬﻡ ﻜﻤﺎ‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺼﻑ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻨﺴﻴﺔ .‬ ‫ﻭﻴﻤﻜﻥ ﻟﻤﺘﺘﺒﻊ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻥ ﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﺍﻟﺭﻏﺒﺔ‬ ‫ﻓﻲ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﻁﻨﻌﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺼﻭﻻ‬ ‫ﺇﻟﻰ ﺍﻜﺘﺴﺎﺏ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺒﻌﻴﺩﺍ ﻋﻥ ﺴﻴﺎﺴـﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﻨﺤﺔ ﻟﻬﺎ ، ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻠﻤﺢ ﺒﺩﺍﻴﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻓـﻲ ﺸـﻌﺭ‬ ‫ﺭﻭﺍﺩ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ، ﻭﻗﺩ ﺍﺘﺨﺫ ﺸﻜل ﺍﻟﺘﻀﺎﺩ ﻤﻊ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭ‬ ‫ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻘﻊ ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻭﻕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ، ﻭﺘﺘﺤﺭﻙ ﻤﻥ ﺒﻌـﺩ‬
  • 20. ‫ﻤﺴﻠﻤﺔ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﻭﺘﻤﻴﺯﻫﺎ - ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺘﺴﻕ ﻤﻊ ﻤﺎ ﺘﺘﻁﻠﺒﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺩﺩﺕ ﺸﻜل ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺒـﺄﻁﺭ ﻤﻌﻴﻨـﺔ ﺘﻤﺜـل‬ ‫ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ ﻟﻤﻨﺤﻪ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ - ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨـﺎﻓﺭ‬ ‫ﻤﻊ ﻭﻀﻌﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﻤﻠﻬﻡ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻹﺸﺭﺍﻗﺎﺕ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ، ﻴﺒﺩﻭ ﻭﺍﺼﺤﺎ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﻭﻴﻥ ﺍﻟﺭﻭﺍﺩ ؛ ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺅﻴـﺩﻩ‬ ‫ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺠﺎﺒﺭ ﻋﺼﻔﻭﺭ ﻓﻲ ﻤﻘﺩﻤﺘﻪ ﻟﺩﻴﻭﺍﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻤـﺎﻏﻭﻁ "‬ ‫ﺤﺯﻥ ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺍﻟﻘﻤﺭ " ؛ ﺇﺫ ﻴﺭﻯ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺼﻔﻭﺭ ﺒﺩﺍﻴـﺔ ﺃﻥ‬ ‫ﺃﻭﻟﻰ ﻋﻼﻤﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺸﺭ ﺒﻬﺎ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺎﻏﻭﻁ ﻫـﻲ "‬ ‫ﺘﻭﻗﺩ ﺨﻴﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻤﺭﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻜﺘﺴﺢ ﺍﻟﻤﻭﺍﺼـﻔﺎﺕ ﻭﺍﻷﻋـﺭﺍﻑ‬ ‫ﻭﺍﻟﻤﺴﻜﻭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻤﺄﻟﻭﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﻭﺭﻭﺜﺔ ، ﻜﻲ ﻴﻌﻴﺩ ﺘﺸﻜﻴل ﻤﺩﺭﻜﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺭﺓ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺠﺩﻴﺩﺓ " ﻟﻴﺼل ﺇﻟﻰ ﺃﻥ " ﻨﻤﻭﺫﺝ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻨﻁﻭﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗـﺎﺕ ، ﺃﻭ ﺘﻨﻁﻘـﻪ ، ﺃﻭ‬ ‫ﺘﺅﺩﻴﻪ ، ﻨﻤﻭﺫﺝ ﻤﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﻤﻐﺎﻴﺭﺘﻪ " ﺜـﻡ ﻴﺼـل ﺍﻟـﺩﻜﺘﻭﺭ‬ ‫ﻋﺼﻔﻭﺭ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻴﺅﻴﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻭﻴﺅﺴﺱ ﻟﻬﺎ ﻋﻥ ﻤﻐـﺎﻴﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﻋﻥ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴـﺩﻱ‬ ‫ﻜﻠﻲ ﺍﻟﻘﺩﺭﺍﺕ ، ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻨﺴﻲ ﺍﻟﻤﻠﻬﻡ.ﻴﻘﻭل :‬ ‫ﻭﻫﻭ ﻨﻤـﻭﺫﺝ ﻻ ﻴﺤﻤـل ﻤﻼﻤـﺢ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻨﺘﻴﻜﻲ ﺍﻟـﺫﻱ ﻫـﺒﻁ‬
  • 21. ‫ﺍﻷﺭﺽ ﻜﺎﻟﺸﻌﺎﻉ ﺍﻟﺴـﻨﻲ ﺒﻌﺼـﺎ‬ ‫ﺴﺎﺤﺭ ﻭﻗﻠﺏ ﻨﺒﻲ ، ﻭﻻ ﺸﺒﻪ ﺒﻴﻨـﻪ‬ ‫ﻭﺼﻭﺭﺓ " ﺍﻟﺸﺎﻤﺎﻥ " ﻜﻠﻲ ﺍﻟﻘـﺩﺭﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺭﻑ ﻜل ﺸﺊ ، ﻭﻴﻘﺩﺭ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻜل ﺸﺊ... ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﻴﺩل ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺤﻀﻭﺭ ﺸﺎﻋﺭ ﻤﻥ ﻨﻤﻁ ﻤﻐﺎﻴﺭ ﻟـﻡ‬ ‫ﻴﻌﺘﺩﻩ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،‬ ‫ﻨﻤﻁ ﻴﺘﺠﺴﺩ ﺒـﻪ ﻜـﺎﺌﻥ ﻫﺎﻤﺸـﻲ ،‬ ‫ﺠﻭﺍل ، ﻤﺘﺴﻜﻊ ، ﺠـﻭﺍﺏ ﺁﻓـﺎﻕ ،‬ ‫ﻤﻐﺘﺭﺏ ، ﻤﻘﻤﻭﻉ ، ﻻ ﻴﺘﻤﺘﻊ ﺒـﺄﻱ‬ ‫ﻗﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﻟﻭﻫﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺒﻭﺓ ، ﻜـﺎﺌﻥ‬ ‫ﺒﺴﻴﻁ ﻴﻌﺭﻑ ﻀﻌﻔﻪ . ﺇﻨﺴﺎﻨﻲ ﺇﻟـﻰ‬ ‫ﺃﺒﻌﺩ ﺤﺩ . ﻤﻠﺊ ﺒﺎﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ، ﺸﺎﻙ‬ ‫ـﻕ‬‫ـﺎﺕ ، ﻴﻌﺸـ‬‫ـﺅﻤﻥ ﺒﺎﻟﻤﻁﻠﻘـ‬‫ﻻﻴـ‬ ‫ﺍﻷﻁﺭﺍﻑ ﻭﺍﻟﺴﻴﺭ ﻋﻜﺱ ﺍﻻﺘﺠـﺎﻩ .‬ ‫ﻋﺎﺸﻕ ﻟﻠﺤﺭﻴﺔ ، ﻤﺘﻤﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻗﻴـﻭﺩ‬ ‫ﺍﻷﻟﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻌﺭﻑ )١(‬ ‫١ ﺠﺎﺒﺭ ﻋﺼﻔﻭﺭ ، ﻤﻥ ﻤﻘﺩﻤﺔ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻤﺎﻏﻭﻁ " ﺤﺯﻥ ﻓﻲ ﻀـﻭﺀ‬
  • 22. ‫ﻴﺒﺩﻭ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻤﺭﻜﺯﺍ ﻨﻅﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﻤﻐﺎﻴﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻴﺯ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻜﻤﺎ ﺃﺨﺫﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﻜل ﻤﻨـﺫ ﺩﻴـﻭﺍﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﻏﻭﻁ ﺍﻷﻭل ، ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻐﺎﻴﺭﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺒﻜل ﻤﻼﻤﺤﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺼـﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺸﻴﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻘﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺠﻤﻠﺔ - ﻭﺒﻜل ﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫ﻤﻥ ﻤﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻗﺒل ﺫﻟﻙ - ﺘﺤﻭﻟﺕ ﻫﻲ ﻨﻔﺴـﻬﺎ‬ ‫ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻌﻰ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ، ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﺴﺘﻨﺘﺎﺝ ﻤﻼﻤﺤﻬﺎ ﻤﻥ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ، ﺇﻟﻰ‬ ‫ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﻋﺒﺭﻫﺎ ﻭﺼﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﻜﺴﺏ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻤﻥ‬ ‫ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺃﻴﻀﺎ .‬ ‫ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻀﺭﺏ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻷﻤﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺩ‬ ‫ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﺘﻭﺭ ﻋﺼﻔﻭﺭ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻤﻤﻴﺯﺓ ﻟﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ . ﻭﻟـﻨﻼﺤﻅ ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻬﺎﻤﺸﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﻤﻊ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﻲ‬ ‫ﺍﻟﺫﻱ ﺭﺒﻤﺎ ﻴﺼﺢ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻌﺒﺭﺍ ﻋﻥ ﻤﺠﻤﻭﻉ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻴﻁ‬ ‫ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﺘﺘﺴﺒﺏ ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺨﻔﻲ ﻓﻲ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﻘﻤﺭ ، ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻘﺼﻭﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ﺴﻠﺴﻠﺔ ﺁﻓﺎﻕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ، ﺍﻟﻌﺩﺩ ٣١ ،‬ ‫ﻁ ٢ / ٨٩٩١ ، ﺹ ﺹ ٣٢-٥٢ .‬
  • 23. ‫ﻟﻠﻭﺤﺩﺓ ﻭﺍﻟﻬﺎﻤﺸﻴﺔ . ﻴﻘﻭل ﻓﺎﺭﺱ ﺨﻀﺭ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺩﺓ " ﺍﻟﻤﻬﺯﻟﺔ "‬ ‫:‬ ‫ﺴﻭﻑ ﻴﻘﺫﻓﻙ ﺍﻟﻬﻭﺍﺀ ﻷﻋﻠﻰ‬ ‫ﻭﺃﻨﺕ ﺭﺍﻗﺩ ﻓﻲ ﻭﺭﻗﺔ ﺸﺠﺭ‬ ‫ﺃﻭ ﻤﻔﺘﺕ ﻓﻲ ﺭﻤﻠﺔ ﺠﺎﻓﺔ‬ ‫ﺴﻭﻑ ﺘﺸﺭﺒﻙ‬ ‫ﺠﺫﻭﺭ ﺍﻟﻨﺒﺎﺘﺎﺕ‬ ‫ﻭﺘﺘﺒﺨﺭ ﻓﻲ ﻗﻁﺭﺓ ﻤﺎﺀ‬ ‫ﺤﻔﻴﻔﺎ ﺴﻭﻑ ﺘﺭﺤل‬ ‫ﻭﻟﻥ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﻟﻠﺤﻅﺔ‬ ‫ﺃﻥ ﺘﻭﻗﻑ ﺍﻟﺯﻤﻥ‬ ‫ﻟﺘﺼﺭﺥ : ﻴﺄﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﺭﻴﻬﻭﻥ‬ ‫ﺃﻨﺎ ﻫﻨﺎ )١(‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻠﻤﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻨﻭﺍﻥ ﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓـﻲ‬ ‫ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺘﻔﺭﺩ ﻭﺠﻭﺩﻫﺎ ﻭﺃﻫﻤﻴﺘﻪ ، ﺇﺫ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻬﺯﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺘﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﻋـﺩﻡ ﺍﻟﺘﻔـﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﻤـﻭﻉ ﻟﻠـﺫﺍﺕ‬ ‫١ ﻓﺎﺭﺱ ﺨﻀﺭ ، ﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺎ ، ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻘﺼـﻭﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ ، ﺴﻠﺴـﻠﺔ‬ ‫ﺃﺼﻭﺍﺕ ﺃﺩﺒﻴﺔ ، ﺍﻟﻌﺩﺩ ٠٥٢ ، ﺩﻴﺴﻤﺒﺭ ٨٩٩١ ، ﺹ ٣٨ .‬
  • 24. ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ، ﻭﺒﺫﻟﻙ ﻴﺼﺒﺢ ﻓﻌل ﻜﺘﺎﺒﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻗـﺭﺏ‬ ‫ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻠﺘﻔﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ‬ ‫ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ . ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻴﻀﺎ ﺃﻥ ﻨﻠﻤﺢ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻬﺎﻤﺸـﻴﺔ ﺍﻟﺘـﻲ‬ ‫ﺘﺄﻜﺩﺕ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻓﻲ ﺃﻁﺭﺍﻑ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ) ﻭﺭﻗـﺔ ﺸـﺠﺭ -‬ ‫ﺠﺫﻭﺭ ﺍﻟﻨﺒﺎﺘﺎﺕ - ﻗﻁﺭﺓ ﻤﺎ ﺀ ﻤﺘﺒﺨﺭﺓ ( .‬ ‫ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﻋﺒـﺭ ﺍﻟﺼـﺩﻭﺭ ﻋـﻥ‬ ‫ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ، ﻭﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺼﻴﺎﻏﺔ‬ ‫ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﻋﺒﺭ ﺘﻜﻭﻴﻨـﺎﺕ ﻟﻐﻭﻴـﺔ ﻭﺘﺨﻴﻴﻠﻴـﺔ‬ ‫ﻤﺸﻐﻭﻟﺔ ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ، ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴـﻌﻲ ﻴﻬـﺩﻑ ﺒﺼـﻭﺭﺓ‬ ‫ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ - ﻜﻤﺎ ﺃﺠﺎﺩل - ﺇﻟﻰ ﺍﻜﺘﺴﺎﺏ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺨﺎﺭﺝ‬ ‫ﺍﻷﻁﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ، ﻭﻫﻭ ﻴﺘﺨﺫ ﻋﺩﺩﺍ ﻜﺒﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺸﻜﻼﺕ‬ ‫ﻓﻲ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﺸﻌﺭﺍﺀ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ .‬ ‫ﻭﻟﻌل ﺍﻟﺘﻭﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﻭﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸـﺭ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻤﺨﺯﻭﻨﻬﺎ ﻫﻭ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﺤﺩ ﺃﺒـﺯ ﺘﺸـﻜﻼﺕ ﺍﻟﻔﻜـﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ - ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻟﻜﺴﺏ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ - ﺘﻬﺩﻑ‬ ‫ﺇﻟﻰ ﻨﻔﻲ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﺎﺕ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ، ﺃﻭ ﻟﻨﻘل ﻨﻔـﻲ ﺍﻻﻨﺘﻤـﺎﺀ‬ ‫ﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺠﻤﻌﻴﺔ ﻤﺎﺤﻴﺔ ﻟﺨﺼﻭﺼـﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠـﺭﺒﺘﻴﻥ ﺍﻹﻨﺴـﺎﻨﻴﺔ‬ ‫ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻋﻴﺔ .‬
  • 25. ‫ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﻫﺒﺔ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﻫﻭ " ﻤﺸﺎﻫﺩ ﻤـﻥ ﻁﻠـل‬ ‫ﻭﺍﻓﺘﻘﺎﺩ " )١( ﻭﻏﻴﺭ ﺨﺎﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﻁﻠل ﻓﻰ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻰ‬ ‫ﻫﻭ ﺍﻟﺘﻤﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﻔﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻜﻰ ﻴﻨﻔﺫ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺩﻯ‬ ‫ﺃﻜﺜﺭ ﺘﺠﺎﺭﺒﻪ ﺍﻟﻜﺎﻤﻨﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ، ﻭﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻴﺒـﺩﻭ‬ ‫ﻭﺍﻀﺤﺎ ﺃﻥ ﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺩ ﻗﺎﺌﻡ ﻓﻰ ﺠﺎﻨﺒﻪ ﺍﻷﺴﺎﺴﻰ ﻋﻠـﻰ ﻤﺨـﺯﻭﻥ‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ؛ ﺇﺫ ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﺴﺘﻨﺘﺎﺝ ﺃﻥ ﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﻓﻰ ﻟﺤﻅﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ‬ ‫ﻭﻋﺭﺽ ﻤﺤﺘﻭﻴﺎﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﻌﻁﻴﺎﺕ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻵﻨﻰ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻫﻭ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻓﻰ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻻﻓﺘﻘﺎﺩ .‬ ‫ﻭﻟﻌل ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻷﻭل ﻤﻥ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﻫﺒﺔ - ﺍﻟـﺫﻯ ﻴﺒـﺩﻭ‬ ‫ﻗﺼﻴﺩﺓ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻴﺠﻤﻌﻬﺎ ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺸﺎﻤل ﻫـﻭ ﻜـﻭﻥ ﻫـﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﻘﺼﺎﺌﺩ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺩ ﺍﻟﻨﺎﺘﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟـﺫﺍﻜﺭﺓ -‬ ‫ﻟﻌل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﻴﻌﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻭﺍﻀﺤﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺃﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻤـﻥ‬ ‫ﺇﺤﺴﺎﺱ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺒﺎﻟﻭﺤﺩﺓ ﻓﻰ ﻤﻘﺎﺒل ﺍﻟﻤﺠﻤـﻭﻉ ﺍﻟـﺫﻯ‬ ‫ﻴﻨﻌﺕ ﺒﺎﻟﺠﻨﻭﻥ ، ﺇﻨﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺸـﺎﺭ ﺇﻟﻴـﻪ ﺒﺎﺴـﻡ‬ ‫ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ " ﻫﺅﻻﺀ " ﺩﻭﻥ ﺃﺩﻨﻰ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺃﻭ ﺘﺨﺼﻴﺹ . ﺘﻘﻭل :‬ ‫١ ﻫﺒﺔ ﻤﺼﻁﻔﻰ ، ﻤﺸﺎﻫﺩ ﻤﻥ ﻁﻠل ﻭﺍﻓﺘﻘﺎﺩ ، ﺍﻟﻬﻴﺌـﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤـﺔ ﻟﻘﺼـﻭﺭ‬ ‫ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ﻓﺭﻉ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺒﻨﻲ ﺴﻭﻴﻑ ، ١٠٠٢ . ﻭﺴﻴﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻓـﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﺘﻥ ﻫﻜﺫﺍ : ) ﻤﺸﺎﻫﺩ ﻤﻥ ﻁﻠل ../ ﺹ ..( .‬
  • 26. ‫ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺃﻨﻴﻨﺎ .. ﻜﺎﻥ ﻭﺠﻪ ﺍﻻﻨﻔﻼﺕ ﺨﺎﺭﺠﺎ ﻤﻥ ﺩﻤﻰ‬ ‫ﺒﺎﺤﺜﺎ ﻋﻥ ﺃﻗﻨﻌﺘﻰ .. ﺍﻟﺘﻰ ﺃﺘﻠﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﻤﻭﺱ ...‬ ‫ﺫﺍﺕ ﺼﺒﺎﺡ .. ﻤﺎ .‬ ‫ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻤﺠﺎﻨﻴﻥ ﺃﺸﻌﻠﻭﺍ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ... ﻭﺘﺭﻜﻭﻨﻰ ﻭﺤﻴﺩﺓ .‬ ‫ﺃﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻤﺩﺒﺒﺔ .. ﻭﺍﻟﺫﻜﺭﻴﺎﺕ ﺃﺭﺩﻴﺔ ﺒﺎﻫﺘﺔ‬ ‫ﻓﻜﻴﻑ ﺃﻗﺎﻭﻡ ﻋﺭﻴﻰ ﺍﻟﻔﺎﻀﺢ ﻜﺎﻟﺘﻴـﻪ ) ﻤﺸـﺎﻫﺩ ﻤـﻥ‬ ‫ﻁﻠل/٧ (‬ ‫ﻭﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺘﺄﻭﻴﻼﺕ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ ، ﻓﺈﻥ ﻤﺎ‬ ‫ﻴﻌﻨﻴﻨﻰ ﻫﻭ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻰ ﻓﻰ ﻤﻘﺎﺒـل ﺍﻟـﺫﺍﺕ ﺍﻟﺘـﻰ‬ ‫ﺘﺴﺘﺸﻌﺭ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺒﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺃﺤﺩ ﻨﻭﺍﺘﺞ ﺇﺤﺴﺎﺱ ﺁﺨﺭ ﺃﻻ‬ ‫ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ، ﺃﻭ ﻟﻨﻘل ﻋﺩﻡ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﻟﻠﻤﺠﻤﻭﻉ - ﺃﻴـﺎ ﻜﺎﻨـﺕ‬ ‫ﺼﻔﺘﻪ - ﺒل ﺇﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﺼل ﺤﺩ ﻭﺼﻑ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﺒـﺎﻟﺠﻨﻭﻥ ،‬ ‫ﺒﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﻟﻤﺩﻯ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺭ ﻓﻰ ﺍﻹﺤﺴـﺎﺱ ﺒﻘـﻴﻡ‬ ‫ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ.‬ ‫ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﻭﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓﻰ ﺍﻟـﺩﺨﻭل ﺇﻟـﻰ ﺍﻟﺨـﺎﺹ‬ ‫ﻭﺍﻟﺫﺍﺘﻰ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺩﺨﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﻓﻰ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﻨﻔﻰ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﺎﺕ‬ ‫ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﺃﻭ ﻟﻨﻘل ﻟﻨﻔﻰ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺠﻤﻌﻴﺔ ﻤﺎﺤﻴـﺔ‬
  • 27. ‫ﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻋﻴﺔ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻜﺜﺭ ﺘﻌﻘﺩﺍ ﻓﻰ‬ ‫ﺘﺠﺭﺒﺔ ﻤﺅﻤﻥ ﺴﻤﻴﺭ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺼﺩﺭ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ ﻫﻜﺫﺍ :‬ ‫ﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﺤﺎﻭﺭ ﺍﻟﺫﻜﺭﻯ‬ ‫ﻭﻟﻬﺎ ﺸﺭﻑ‬ ‫... ﺍﻟﻤﻭﺕ )١(‬ ‫ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺘﻀﻤﻴﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺠﻤﻠﺔ ﻜﻔﺎﻓﻴﺱ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻤﺅﻜﺩﺍ ﻟﻤﺎ‬ ‫ﻨﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻥ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ، ﺒل ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺃﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ‬ ‫ﻨﺘﺄﻭل ﺠﻤﻠﺔ ﻜﻔﺎﻓﻴﺱ ﺍﻟﺩﺍﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﺩﺍل ﻓﻰ ﻤﻤﺎﺭﺴـﺔ ﺘﻠـﻙ‬ ‫ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﻤﺩﺍﻫﻨﺔ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠـﻰ ﻋـﻥ‬ ‫١ ﻴﺒﺩﻭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭ ﻤﺸﺎﺒﻬﺎ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻟﺘﺼﺩﻴﺭ ﺭﻓﻌﺕ ﺴـﻼﻡ ﻓـﻰ‬ ‫ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ " ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﻀﻰ " ) ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻜﺘـﺎﺏ /٨٩٩١ " ﺍﻟـﺫﻯ‬ ‫ﻴﻘﻭل ﻓﻴﻪ :‬ ‫ﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﺨﺘﺭﻉ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ‬ ‫ﻭﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﺫﻋﻥ ﻟﻰ ) ﻴﺭﺍﺠﻊ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ (‬ ‫ﻭﻏﻴﺭ ﺨﺎﻑ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭﻴﻥ ﻤﻥ ﺘﺸﺎﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﻠﻐﻭﻴﺔ‬ ‫ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻔﺭﺍﻏﺎﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺭﻜﺎﻫﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ . ﻭﻤﺎ ﺃﻫـﺩﻑ‬ ‫ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻨﺎ ﻻ ﺘﻭﺠﺩ ﻓﻴﻪ ﺸﺒﻪ ﺍﻹﺩﺍﻨﺔ ﺃﻭ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻷﺴﺒﻘﻴﺔ ﻷﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﻴﻥ ،‬ ‫ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻤﺠﺭﺩ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺘﺸﺎﺒﻬﺎﺕ ﻓﻰ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﺸﻌﺭﺍﺀ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺜﺭ ﺃﺭﺍﻫﺎ‬ ‫ﻤﺅﻴﺩﺓ ﻟﻠﺠﺩل ﺍﻟﺫﻯ ﺃﻁﺭﺤﻪ ﻓﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺤﺙ .‬
  • 28. ‫ﺴﻤﺔ ﺭﺌﻴﺴﺔ ﻟﻠﺫﺍﺕ ﻟﻤﺎ ﺘﺴﺒﺒﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ )ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ( ﻓﻰ ﺴـﻴﺎﻕ‬ ‫ﺜﻘﺎﻓﻰ / ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻰ ﻤﻌﻴﻥ ﻤﻥ ﺃﻟﻡ . ﻴﻘﻭل :‬ ‫ﺍﻏﺭﺴﻭﺍ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺒﻜل ﺍﻟﺴﺒل‬ ‫ﻭﻤﺎﺭﺴﻭﻫﺎ‬ ‫ﻟﻜﻥ ﺒﺎﻋﺘﺩﺍل ، ﻤﺩﺭﻜﻴﻥ ﺃﻨﻜﻡ ﺭﺒﻤﺎ‬ ‫ﺘﺒﻠﻐﻭﻥ ﻨﻘﻁﺔ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﻨﺩﻫﺎ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ‬ ‫ﻏﻴﺭ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ‬ ‫ﺇﻥ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﻏﺭﺱ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ " ﺒﻜل ﺍﻟﺴـﺒل " ﺘﺒـﺩﻭ‬ ‫ﻭﻜﺄﻨﻬﺎ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺨﺎﺼﻴﺔ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ ﻜﻤـﺎ ﻴﻘـﺩﻤﻬﺎ‬ ‫ﻜﻔﺎﻓﻴﺱ ﻭﻜﻤﺎ ﻴﻘﺘﺒﺴﻬﺎ ﻤﺅﻤﻥ ، ﻭﻤﺎ ﻴﺅﻜﺩ ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻟﺫﻯ‬ ‫ﻴﺼﺩﺭ ﺒﻪ ﻤﺅﻤﻥ ﺍﻟﺠﺯﺀ ﺍﻷﻭل ﻤﻥ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ " ﻤﻼﺤﻕ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ "‬ ‫ﻤﻌﺒﺭﺍ ﻓﻴﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓـﻰ ﺍﻻﻨﻔـﻼﺕ ﻤـﻥ ﻜﺎﻓـﺔ ﺍﻟـﻨﻅﻡ‬ ‫ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ/ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻟﻬﻭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻓـﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤـﻊ .‬ ‫ﻴﻘﻭل :‬ ‫ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺘﻤﻜﻥ ﺃﺨﻴﺭﺍ ﺒﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻤﻭﻅﻑ ﺍﻟﻤﺭﺘﺵ‬ ‫ﺍﻟﺭﺍﺌﻊ‬ ‫ﻤﻥ ﻜﺸﻁ ﺍﺴﻤﻰ ﺍﻟﺴﺨﻴﻑ‬ ‫ﺍﻟﺫﻯ ﻟﻴﺱ ﻟﻪ ﺠﺭﺱ ﻤﻭﺴﻴﻘﻰ‬
  • 29. ‫ﻓﺄﺼﻴﺭ ﺒﻼ ﻤﻠﻔﺎﺕ ﺜﻘﻴﻠﺔ ﺍﻟﻭﺯﻥ‬ ‫ﺃﻭ ﻫﻭﻴﺔ‬ ‫ﺃﻜﻭﻥ ﻋﻨﺩﺌﺫ‬ ‫ﻗﺩ ﻀﺤﻜﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ‬ ‫ﺍﻟﻤﻨﺘﻅﺭ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭ‬ ‫ﺇﻥ ﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻟﺴـﺎﺒﻕ‬ ‫ﻫﻭ ﺍﻻﻨﻔﻼﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻟﻬﻭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻓـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ - ﻁﺒﻘﺎ ﻟﺭﺅﻴﺘﻨﺎ ﻫﺫﻩ - ﺭﻓﻀﺎ‬ ‫ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﻭﺴﻌﻴﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴﻪ ﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﻨﻔﻼﺕ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻤﻨﻬﺎ ؛‬ ‫ﺃﻯ ﺴﻌﻴﻬﺎ ﻟﻠﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﻭﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻠﺘﻴﻥ ﺘﻬﺩﺭﻫﻤﺎ‬ ‫ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﻅﻡ .‬ ‫ﺒﺎﻟﻤﺜل ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻗـﻑ ﺍﻟﻤﻨـﺎﻭﺉ‬ ‫ﺍﻟﺭﺍﻓﺽ ﻟﻠﻤﺠﻤﻭﻉ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻰ ﻤﻥ ﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﻋﺩﻡ ﺨﻀـﻭﻋﻬﺎ‬ ‫ﻟﻘﻴﻡ ﻭﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﻰ ﻓﻰ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺃﺴﺎﻤﺔ ﺒﺩﺭ . ﻭﻟﻨﺘﺄﻤل‬ ‫ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﻤﻥ ﻗﺼﻴﺩﺓ " ﺇﻴﻘﺎﻉ ﻋﺘﻤﺔ .. ﻭﺍﻟﻤﺩﻯ ﻨﺯﻴﻑ " ﺤﻴﺙ‬ ‫ﹲ‬ ‫‪‬‬ ‫ﻴﻘﻭل :‬ ‫ﺃﺩﻴﺭﻯ ﻭﺠﻬﻰ‬ ‫ﻓﺄﻨﺎ ﺃﻤﻰ .. ﻻ ﺃﻗﺭﺃ ﺃﺼﺒﺎﻏﻬﻡ‬
  • 30. ‫ﻫﻡ ﻗﻭﺍﻓل ﺘﻠﻘﻴﻨﻰ ﻓﻰ ﺒﻴﺩ ﺍﻷﻭﺍﺒﺩ ...‬ ‫ﻓﻼﺓ ﺘﻨﻜﺭﻨﻰ ﺼﻬﺒﺎﺅﻫﺎ‬ ‫ﻓﻼ ﺼﻬﺩ ﻴﺫﻴﺒﻨﻰ ﻓﺄﺴﺘﺤﻴل ﻓﺨﺎ ..‬ ‫ﻭﻻ ﺴﻴﻭﻓﻬﻡ ﺘﻤﺯﻗﻨﻰ ..‬ ‫ﻓﺄﺴﻜﻥ ﻜﺩﻡ ﺘﺤﺕ ﺃﻅﺎﻓﺭﻫﻡ‬ ‫ﻫﻜﺫﺍ ...‬ ‫ﻭﻟﺴﻭﻑ ﺘﻨﻜﺭﻨﻰ ﺍﻟﻘﺒﺎﺌل‬ ‫ﻓﻘﻭﻟﻰ ﺃﺤﺒﻙ ..‬ ‫ﻭﺃﺸﻌﻠﻰ ﺠﻤﺭ ﻋﻴﻨﻴﻙ ﻤﺩﻯ‬ ‫ﺃﻜﻥ ﻁﺭﻴﺩﻙ .. !! )١(‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻠﺤﻅ ﺒﻭﻀﻭﺡ ﺸـﻜل ﺍﺭﺘﺒـﺎﻁ ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺒﺎﻵﺨﺭ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ؛ ﺇﺫ ﺘﺒﺩﻭ ﺫﺍﺘﺎ ﺠﺎﻫﻠﺔ - ﻋﻥ ﻋﻤﺩ -‬ ‫ﺒﻠﻐﺔ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ " ﻓﺄﻨﺎ ﺃﻤﻰ ﻻ ﺃﻗﺭﺍ ﺃﺼﺒﺎﻏﻬﻡ " ، ﻭﻓـﻰ ﺍﻟﻭﻗـﺕ‬ ‫ﻨﻔﺴﻪ ﻴﺒﺩﻭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﻬل - ﺍﻟﺫﻯ ﺃﺭﺍﻩ ﺇﻨﻜﺎﺭﺍ ﻟﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻷﻋﺭﺍﻑ‬ ‫ﻭﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺘﻰ ﻴﺭﺘﻀﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ - ﺴﺒﺒﺎ ﻓـﻰ ﺠﻌـل‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺃﺸﺒﻪ ﺒﺎﻟﺼﻌﻠﻭﻙ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠـﺎﻫﻠﻰ ﺍﻟـﺫﻯ‬ ‫١ ﺃﺴﺎﻤﺔ ﺒﺩﺭ ، ﻗﻤﺭ ﻴﻐﺎﻤﺭ ﺒﺎﺴﺘﺩﺍﺭﺘﻪ ، ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻘﺼﻭﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ ،‬ ‫ﻓﺭﻉ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺒﻨﻲ ﺴﻭﻴﻑ ، ٠٠٠٢ . ﻭﺴﻴﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻥ .‬
  • 31. ‫ﺘﺨﻠﻌﻪ ﻗﺒﻴﻠﺘﻪ " ﻫﻡ ﻗﻭﺍﻓل ﺘﻠﻘﻴﻨﻰ ﻓﻰ ﺒﻴﺩ ﺍﻷﻭﺍﺒـﺩ ... ﺇﻟـﺦ " ،‬ ‫ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻓﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ - ﻜﻤﺎ ﺃﺭﺍﻩ ﻓﻰ ﻤﺠﻤل ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺃﺴـﺎﻤﺔ‬ ‫ﺒﺩﺭ ﻤﻤﺎ ﺴﻴﺘﻀﺢ ﻻﺤﻘﺎ - ﻴﺘﻌﺩﻯ ﺤﺎﻟـﺔ ﺍﻟـﺭﻓﺽ ﺍﻟﺴـﻠﻤﻰ‬ ‫ﻟﻼﻨﺩﻤﺎﺝ ﻓﻰ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﺒل ﺇﻨﻪ ﻴﺘﺨـﺫ ﺸـﻜل‬ ‫ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺩﻤﻭﻯ ﺍﻟﺫﻯ ﺘﺴﻌﻰ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻷﻥ ﺘـﺭﻭﺽ‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﺘﺴﻜﻨﻬﺎ ﻓﻰ ﻤﺴﺎﺤﺔ ﻀﺌﻴﻠﺔ ﻤﻥ ﺠﺴـﺩ ﻜﻠـﻰ‬ ‫ﻀﺨﻡ ﻴﺸﻤل ﻜﺎﻓﺔ ﺃﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﻭﺍﻀﺤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺘﺭﻓﻀﻪ " .. ﻭﻻ ﺴﻴﻭﻓﻬﻡ ﺘﻤﺯﻗﻨﻰ ﻓﺄﺴﻜﻥ ﻜﺩﻡ ﺘﺤـﺕ‬ ‫ﺃﻅﺎﻓﺭﻫﻡ " .‬ ‫ﺇﻥ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺭﻓﻀﺎ ﻟﻘـﻴﻡ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴـﻊ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴـﺔ‬ ‫ﻭﺇﻋﻼﺀ ﻟﻔﺭﺩﻴـﺔ ﺍﻟﻔـﺭﺩ ﻭﺨﺼﻭﺼـﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒـﺔ ﺍﻹﻨﺴـﺎﻨﻴﺔ‬ ‫ﻭﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﺫﺍﺘﻰ ﺍﻟﻔﺭﺩﻯ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒـﺔ ، ﻴﺒـﺩﻭ‬ ‫ﻭﺍﻀﺤﺎ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺒﺩﺌﻴﺔ ﻓﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﻋﻼﻨﺎﺕ ﺍﻟﻭﺍﻀـﺤﺔ ﺍﻟﺘـﻰ‬ ‫ﺘﺘﺨﺫ ﺸﻜل ﻋﻼﻗﺔ ﺘﻨﺎﻓﺭﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭﺓ ﻭ" ﻫـﻡ " ﺃﻭ "‬ ‫ﻫﺅﻻﺀ " ﺃﻭ ﻟﻨﻘل ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻰ ﺍﻟﺫﻯ ‪‬ﻜﺴﺏ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ‬ ‫ﻴ‬ ‫ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﻭﺍﻟﺘﺼﻭﺭﺍﺕ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﻭﺴﻠﻁﺔ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﻨﻭﻋـﺎ ﻤـﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤﺤﻭ ﺍﻟﺩﺍﺌﻡ ﻭﺍﻟﻨﻔﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺭ ﻟﻠﺘﻌﺭﺠﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻔﺭﺩﺓ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﻜل‬ ‫ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﺩﺓ ، ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻰ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﻨﻭﻋﺎ ﺤـﺎﺩﺍ ﻤـﻥ‬
  • 32. ‫ﺍﻹﻨﻜﺎﺭ ﻟﻜل ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺘﻌﺒﻴﺭﻯ ﻴﺴﻌﻰ ﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼـﻴﺔ‬ ‫ﻋﺒﺭ ﺼﻨﻊ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻴﻥ ﻤﻔـﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ ، ﺃﻭ ﻋﺒـﺭ‬ ‫ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺒﻁﺭﺍﺌﻕ ﻏﻴﺭ ﻤﺄﻟﻭﻓﺔ ، ﺃﻭ ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻭﺴﺎﺌل‬ ‫ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ .‬ ‫ﺗﻔﺮﺩ ﺍﻟﺬﺍﺕ : " ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻜﻮﻥ " ﺃﺳﺎﻣﺔ ﺑﺪﺭ‬ ‫ﳕﻮﺫﺟﺎ‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻠﻤﺢ " ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺘﻌﺭﻴـﻑ ﻤﻔـﺭﺩﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﻜﻭﻥ " ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻁﺭﻕ ﺍﻟﺘﻰ ﺍﺘﺨﺫﺘﻬﺎ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﻤﺤﺎﻭﻟـﺔ‬ ‫ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻨﺩﺭﺍﺠﻬﺎ ﻓﻰ ﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺘﺼـﻨﻴﻔﻴﺔ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻔﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﻯ ، ﻭﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﻟﻰ ﻫـﻭ ﺃﻥ ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺘﺭﻓﺽ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻡ ﺒﺎﻟﺩﻻﻻﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻠﻐﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﺒﺭﺓ ﻋﻥ ﺸﻤﻭﻟﻴﺔ - ﺃﻅﻨﻬﺎ ﻤﺘﻭﻫﻤﺔ ﻓﻰ ﻜل ﺍﻷﺤﻭﺍل - ﻓﻰ‬ ‫ﺭﺅﻴﺔ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻜﺎﻟﺸﻤﺱ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔـﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘـﻰ‬ ‫ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﺘﻔﺎﻗﺎ ﺜﻘﺎﻓﻴﺎ ﻋﺎﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺜﺒﺎﺕ ﺩﻻﻟﺘﻬﺎ ﻭﻋﻤﻭﻤﻴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻔﻬﻡ ﺍﻟﻨﺎﺘﺞ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻻﻟﺔ ، ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺸﻤﺱ ﻋﻠﻰ ﺴـﺒﻴل‬ ‫ﺍﻟﻤﺜﺎل ﺘﻌﺩ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﻀﻭﺀ ﻭﺍﻟﺤﺭﺍﺭﺓ ﻭﺸـﺭﻁﺎ ﺃﺴﺎﺴـﻴﺎ ﻤـﻥ‬ ‫ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻹﻨﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻋﻤﻭﻤﺎ ، ﻓﺈﻥ ﺍﻨﻌﻜﺎﺴﺎﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻻﻟـﺔ‬ ‫ﻓﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻷﺩﺒﻴﺔ ﻴﺒﺩﻭ ﻤﻨﻁﻠﻘﺎ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺤﺩﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺒﺩﺌﻴـﺔ‬
  • 33. ‫ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺸﻤﺱ ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ﻓﻨﺠﺩﻫﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻋﻥ‬ ‫ﺍﻟﻭﻀﻭﺡ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻰ ﻭﻗﻭﺓ ﺍﻟﺴﻁﻭﻉ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﻭﺍﻟﺭﺅﻯ ) ﻓﺈﻨﻙ‬ ‫ﺸﻤﺱ ﻭﺍﻟﻨﺠﻭﻡ ﻜﻭﺍﻜﺏ ﺇﺫﺍ ﻅﻬﺭﺕ ﻟﻡ ﻴﺒﺩ ﻤﻨﻬﻥ ﻜﻭﻜـﺏ ( ،‬ ‫ﻓﻰ ﺤﻴﻥ ﺫﻟﻙ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻼﺤﻅ ﺴﻌﻰ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻹﻋـﺎﺩﺓ‬ ‫ﺘﻌﺭﻴﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺘﺒﺩﻭ ﻤﺘﻌﻤﺩﺓ ﺃﻥ ﺘﺤﻴﺩ ﻋﻥ ﺘﻠﻙ‬ ‫ﺍﻟﺩﻻﻻﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻴﻨﻁﻠﻕ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻻﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻷﺩﺒﻰ ﻓﻨﺠﺩ ﻓـﻰ‬ ‫ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺃﺴﺎﻤﺔ ﺒﺩﺭ " ﺍﻟﺸﻤﺱ ﻏﺎﺒﺔ ﻤﻥ ﺼﻠﺏ ﺨﻠﻔـﺎﺀ ﺒﺎﺌـﺩﻴﻥ "‬ ‫)ﻗﻤﺭ ﻴﻐﺎﻤﺭ ../ ٠١ ( . ﻭﺒﺎﻟﻤﺜل ﺴﻨﺠﺩ ﻤﻔﺭﺩﺓ " ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ " ﻭﻗﺩ‬ ‫ﺘﺤﻭﻟﺕ ﺩﻻﻟﺘﻬﺎ ﻓﻰ ﻜﻭﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺭﺅﺍﻩ‬ ‫ﺇﻟﻰ " ﻤﺩﺍﺌﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﻴﺵ ﺍﻟﻤﻼﺌﻜﺔ " ) ﻗﻤﺭ ﻴﻐﺎﻤﺭ ../ ٧٢ (‬ ‫ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﻐﺎﻴﺭﺓ ﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ ﺘﻨـﺘﻅﻡ‬ ‫ﺩﺍﺨل ﻜﻭﻥ ﺃﺴﻁﻭﺭﻯ ﺨﺎﺹ ﺘﺅﺴﺴﻪ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ . ﻭﺒﻐﺽ‬ ‫ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺃﺒﻌﺎﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻭﻥ ﻭﺨﺼﺎﺌﺼﻪ ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺭﻜﺯ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺍﻟﻨﻘﻁﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻴﺴﻌﻰ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻹﺜﺒﺎﺘﻬﺎ ﻭﻫﻰ ﺩﻻﻟﺔ ﺇﻋـﺎﺩﺓ‬ ‫ﺘﻌﺭﻴﻑ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺩﺍﺨل ﻜﻭﻥ ﺨﺎﺹ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺭﻏﺒﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻓﻰ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﺘـﻰ ﺘﺼـﺩﺭ‬ ‫ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ، ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴـﺭﺍﺕ ﺍﻟﻠﻐﻭﻴـﺔ‬ ‫ﻭﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﺼﻭﻴﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭﺓ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﻓﻰ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ،‬
  • 34. ‫ﻭﺠﺩﺍﺭﺓ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭﺍﺕ ﺒﺄﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻤﺜﻠـﺔ ﻟﻠـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﻤﻌﺒﺭﺓ ﻋﻥ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺭﺅﻴﺘﻬﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ .‬ ‫ﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻴﺒﺩﻭ ﺴﻌﻰ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﺩﻴﻭﺍﻥ‬ ‫ﺃﺴﺎﻤﺔ ﺒﺩﺭ ﻤﻨﺸﻐﻼ ﺒﺨﻠﻕ ﺃﺴﻁﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺍﻟﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼـﺔ‬ ‫ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ، ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﻤﺘﺴﺎﻭﻗﺎ ﻤـﻊ ﻓﻜـﺭﺓ ﺘﻔـﺭﺩ ﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ . ﻴﻘﻭل ﺒﺩﺭ ﻓﻰ ﻗﺼﻴﺩﺓ "ﻷﻯ ﺍﻟﻌﺭﻭﻕ ﻴﻬﺎﺠﺭ‬ ‫ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ " :‬ ‫ﺃﻜﺘﺏ ﺸﻌﺭﺍ ﻜﻘﻁﻊ ﺍﻟﻠﺤﻡ ﺍﻟﻤﻘﺩﺩ‬ ‫ﺒﺎﺩﺌﺎ ﻟﻐﺔ ﺒﻼ ﺃﺴﻼﻑ ...‬ ‫ﺘﺅﺴﺱ ﻟﻠﺤﺯﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻓﻅﺎ .....،‬ ‫ﻭﺘﺭﺘﻤﻰ ﻓﻰ ﺸﺎﻁﺊ ﻤﻭﻏل ﻓﻰ ﺍﻟﺴﺨﺎﻓﺔ‬ ‫ﻫﻜﺫﺍ ﻴﺒﺩﺃ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺨﺭﺍﻓﺘﻪ‬ ‫ﻭﻴﻨﺴل ﺍﻟﻤﻴﺘﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺠﺴﺩﻯ ...‬ ‫ﻓﻰ ﻟﻴل ﺨﺌﻭﻥ‬ ‫ﻴﺯﺭﻋﻭﻥ ﻨﻁﻔـﺎ ﻟﻠﻤـﻭﺕ ﻓـﻰ ﺩﻤـﻰ ... " ) ﻗﻤـﺭ‬ ‫ﻴﻐﺎﻤﺭ../٤٣ (‬
  • 35. ‫ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺘﻰ " ﺒﻼ ﺃﺴﻼﻑ " ﺘﺒﺩﻭ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻤﺒﺎﺸﺭﺍ ﻋﻥ‬ ‫ﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻔـﺭﺩ ﺍﻟﻜﺎﻤـل‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﻨﺒﻨﻰ - ﺃﻯ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔـﺭﺩ - ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺇﻴﻤﺎﻥ ﺒﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻭﺒﺎﻟﺘـﺎﻟﻰ ﺘﻔـﺭﺩ ﺘﺠﺭﺒﺘﻬـﺎ‬ ‫ﻭﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺭﺅﺍﻫﺎ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ . ﻭﻫﻜﺫﺍ ﺤﻴﻥ ﺘﺭﺘﻤﻰ ﻫﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﻤﺎ ﺘﻨﺘﺠﻪ ﻓﻰ " ﺸﺎﻁﺊ ﻤﻭﻏل ﻓﻰ ﺍﻟﺴﺨﺎﻓﺔ " ﻴﺒﺩﺃ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ‬ ‫ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺘﻔﺭﺩ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻓـﻰ ﺼـﻨﻊ ﺃﺴـﻁﻭﺭﺘﻪ‬ ‫ﺍﻟﺨﺎﺹ . ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻠﻤﺢ ﻭﺠـﻭﺩ ﺍﻵﺨـﺭ‬ ‫ﺍﻟﺠﻤﻌﻰ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺒﺩﻭ ﻤﻜﺒﻼ ﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺼـﻨﻊ ﺨﺭﺍﻓـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺒﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻨﺹ ؛ ﺍﻵﺨﺭ ﻴﺘﻤﺜل ﻓﻰ " ﺍﻷﺴﻼﻑ "‬ ‫ﻭﻓﻰ " ﺍﻟﻤﻴﺘﻭﻥ " ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻨﺴﻠﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻟﻴﺯﺭﻋﻭﺍ "‬ ‫ﻨﻁﻔﺎ ﻟﻠﻤﻭﺕ " ، ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺍﻨﻌﻜﺴﺕ ﺭﺅﺍﻫﻡ ﻋـﻥ ﺴـﻌﻰ ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﺼﻨﻊ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﻬﺎ ﻓﻰ ﻭﺼﻑ ﺍﻟﺸﺎﻁﺊ ﺍﻟﺫﻯ‬ ‫ﺴﺘﺭﺴﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺘﺭﺘﻀﻴﻪ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﺒﺎﻨـﻪ "ﻤﻭﻏـل ﻓـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺴﺨﺎﻓﺔ " .‬ ‫ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻟﺘﺎﻟﻰ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻤﺅﻜـﺩﺍ ﻟﻤـﺎ‬ ‫ﻨﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ؛ ﻓﺎﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺘﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﻭﻟﻰ ﺼﻭﻓﻰ ﻤﻔﺎﺭﻕ‬ ‫ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ، ﻭﻴﺘﺤﻭل ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﻭﺼﻑ ﺒﺄﻨﻪ " ﺩﺍﻋـﺭ " ﻓـﻰ‬
  • 36. ‫ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﻤﺨﺎﺽ ﺇﻟﻰ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﺘﺨﻠﻴﺹ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻤـﻥ ﺍﻟﻤـﻭﺕ‬ ‫ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺯﺭﻋﻪ ﺍﻷﺴﻼﻑ ﻓﻴﻬﺎ . ﻴﻘﻭل :‬ ‫ﺃﺘﺴﻭل ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻬﻭﺍﺀ ﻟﻠﺸﻬﻴﻕ ....،‬ ‫ﻭﺍﻟﺒﻼﺩ ﺘﻠﻔﻨﻰ ﺇﺫ ﺃﺼﺎﻋﺩ ﻭﻟﻴﺎ‬ ‫ﺼﻭﻓﻴﺎ‬ ‫ﻤﺴﻴﺠﺎ ﺒﺎﻏﺘﺭﺍﺏ ﺍﻟﺭﻭﺡ‬ ‫ﻭﻤﺩﻤﻰ ﺒﺎﻷﺴﺌﻠﺔ‬ ‫ﻴﺠﻴﺌﻨﻰ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻤﻌﻔﺭﺍ ﺒﺎﻟﺤﺭﻭﻑ ...‬ ‫ﻴﺠﻴﺌﻨﻰ ﺩﺍﻋﺭﺍ ﻓﻰ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﻤﺨﺎﺽ‬ ‫ﻴﺨﺒﺭﻨﻰ ﺒﺄﺴﻤﺎﺌﻬﻡ‬ ‫ﻓﻴﻔﺭ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻤﻥ ﺠﺴﺩﻯ..،‬ ‫ﻓﻸﻯ ﺍﻟﻌﺭﻭﻕ ﻴﻬﺎﺠﺭ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ؟ !!) ) ﻗﻤﺭ‬ ‫ﻴﻐﺎﻤﺭ../٤٣-٥٣ (‬ ‫ﻤﺎ ﺃﻭﺩ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻘﺘﺒﺱ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻫـﻭ ﺤﺎﻟـﺔ‬ ‫ﺍﻏﺘﺭﺍﺏ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺭﺍﻫﺎ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﻨﻔﺴﻬﺎ ، ﺜﻡ ﻓﻌل‬ ‫ﺍﻟﺸﻌﺭ - ﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻏﺘﺭﺍﺏ ﺍﻟﻤﺭﺍﺩﻑ ﻟﻠﺘﻔـﺭﺩ ﺤﺴـﺏ‬
  • 37. ‫ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ - ﻓﻰ ﻤﻼﺤﻘﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﺫﻯ ﺃﺭﺍﻩ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻨﻔﺴـﻪ‬ ‫ﺍﻟﺫﻯ ﺯﺭﻉ ﻨﻁﻔﻪ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﻰ .‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺭﻯ ﻤﺜﺎﻻ ﺁﺨﺭ ﻟﻤـﺩﻯ ﺇﺤﺴـﺎﺱ ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺒﺎﻟﺘﻔﺭﺩ ﻭﺴﻌﻴﻬﺎ ﻟﺘﺠﻤﻴﻊ ﺒﻌﺽ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺩﻴﻨﻰ‬ ‫ﺒﺘﻜﻭﻴﻥ ﺨﺎﺹ ، ﻭﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﺴﺘﺸﺭﺍﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻵﻓﺎﻕ ﺃﺨﺭﻯ ﻟﻡ‬ ‫ﺘﺄﺕ ﺒﻌﺩ ﺒﻬﺩﻑ ﺒﻠﻭﺭﺓ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ، ﻭﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻴﻅﻬـﺭ‬ ‫ﻤﻼﺼﻘﺎ ﻟﺫﻟﻙ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺨﻠﻕ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟـﺫﺍﺕ ﻋـﻥ‬ ‫‪‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ " ﺍﻟﻤﺼﻨﻭﻉ " ﺍﻟﻤﻌﺘﻡ . ﻴﻘﻭل ﺒﺩﺭ ﻓﻰ ﻗﺼﻴﺩﺓ " ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺁﺨﺭ ﺍﻟﻭﺠﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻨﺘﺤﺎﺭﻯ " :‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺁﺨﺭ ﺍﻟﻭﺠﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻨﺘﺤﺎﺭﻯ‬ ‫ﻤﺴﻴﺤﺎ ...‬ ‫ﺘﻌﻭﺯﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﻤﻴﺭ ، ﻭﺍﻟﺨﻭﻨﺔ ، ﻭﺠﺫﻉ ﺍﻟﻨﺨﻠﺔ‬ ‫ﻭﺁﻴﺘﻰ ﺃﻻ ﺃﻜﻠﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ‬ ‫ﻭﺯﺭﻗﺔ ﺍﻟﺩﻡ ﺍﻟﻤﺭﺍﻕ‬ ‫ﻤﻥ ﻋﺘﻤﺔ ﻭﺠﻭﻩ ﻤﺼﻨﻭﻋﺔ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻴﺘﺸﻜل ﺍﻟﻁﻤﻰ‬
  • 38. ‫ﻤﺎﻨﺤﺎ ﻤﻼﻤﺤﻰ ﻤﺭﺍﺭﺓ ﺍﻻﻨﺘﻅﺎﺭ ...،‬ ‫ﻭﻋﻴﻨﺎﻥ ﺘﻁﻼﻥ ﻤﻥ ﻫﻭﺓ ..‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﺠﺊ ) ﻗﻤﺭ ﻴﻐﺎﻤﺭ../٦١ (‬ ‫ﻭﻋﺎﺩﺓ ﻤﺎ ﻴﺄﺘﻰ ﻓﻰ ﺴﻴﺎﻕ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻟﺘﻔﺭﺩ ﻤﺤﺎﻭﻟـﺔ‬ ‫ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻜﻭﻥ ﺒﻤﺎ ﻴﺩﺨﻠﻬﺎ ﻓﻰ ﺃﺴﻁﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ‬ ‫ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ . ﻴﻘﻭل ﺒﺩﺭ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ :‬ ‫ﺸﺒﺤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻠﻴل‬ ‫ﻜﻴﻤﺎ ﺃﺼﻨﻌﻪ ﻅﻼ ...‬ ‫ﺃﻨﺸﻭﻁﺘﻰ ﺍﻟﻤﺩﻻﺓ ...‬ ‫ﻤﻥ ﺃﻭل ﻓﺎﺘﺤﺔ ﺍﻟﺤﺏ‬ ‫ﺤﺘﻰ...............‬ ‫ﺁﺨﺭ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺃﺴﻠﻤﺘﻨﻰ ﻟﻠﺭﺏ .. ﻤﺴﻜﻭﻨﺎ ﺒﻬﺎ .‬ ‫ﻓﻘﺎل : ﺍﺨﺭﺝ‬ ‫ﺇﻨﻙ ﻤﻼﺌﻜﻰ ..!!‬ ‫ﺘﻠﻙ ﺁﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺀ‬
  • 39. ‫ﻭﺁﺨﺭ ﻀﺤﻜﺎﺕ ﺍﻟﺴﻤﻙ ﺍﻟﻤﻠﻭﻥ ...‬ ‫ﺤﻴﻥ ﺘﻔﺠﺅﻩ ﺍﻟﻤﻭﺠﺔ‬ ‫ﺭﻋﻭﻴﺎ.... ﻤﺨﻤﻭﺭﺍ ) ﻗﻤﺭ ﻴﻐﺎﻤﺭ../٨١ (‬ ‫ﻫﻜﺫﺍ ﻴﺼﺒﺢ ﺍﻟﻠﻴل " ﺸﺒﺤﺎ " ﻭﺘﺤﻭﻟﻪ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭﺓ‬ ‫ﻓﻰ ﻜﻭﻨﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺇﻟﻰ " ﻅل " ، ﻭﺃﻴﻀﺎ ﻴﺼﺒﺢ ﺍﻟﺴﻤﻙ ﺍﻟﻤﻠﻭﻥ‬ ‫" ﺭﻋﻭﻴﺎ ﻤﺨﻤﻭﺭﺍ " ، ﺇﻨﻬﺎ ﺨﺭﺍﻓﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺴﻌﻰ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ‬ ‫ﺇﻟﻰ ﺨﻠﻘﻬﺎ ﺭﻏﺒﺔ ﻓﻰ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﺒﺩﻭﺭﻩ ﻋـﻥ ﺘﻔـﺭﺩ‬ ‫ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ .‬ ‫ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺘﺘﺒﻊ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔـﺭﺩ ﺍﻟـﺫﻯ‬ ‫ﺘﺭﺍﻩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻭﻫﻭ ﻴﺘﺸـﻜل ﻋﺒـﺭ ﺼـﻨﻊ‬ ‫ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺸﻜل ﺃﺴﻁﻭﺭﺓ ) ﺃﻅﻨﻬﺎ ﻫـﻰ ﺃﺴـﻁﻭﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺍﻟﺫﻯ ﺘﺒﺘﺩﻋﻪ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ( ، ﻜﻤﺎ ﺘﺒـﺩﻭ ﺼـﻔﺔ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻘﻁﻊ ﺍﻟﺘﺎﻟﻰ ﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻤﻊ ﻋﺩﻡ ﺃﻟﻔﺔ ﺍﻟﻘﺼﺎﺌﺩ ﻟـﻪ‬ ‫ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻤﻊ ﻋﺩﻡ ﺨﻀﻭﻋﻪ ﻟﻐﻭﺍﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﻭﻑ ، ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺃﺭﺍﻩ ﺃﺤﺩ‬ ‫ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓﻰ ﺍﻻﻨﻔﻼﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺒﺼـﻭﺭﺘﻪ‬ ‫ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺒﺤﺩﻭﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﻘﻴﺩﺓ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺃﻓﻕ ﻟﻡ ﻴﺄﺕ ﺒﻌﺩ ﻜﻤﺎ‬ ‫ﺃﺸﺭﺕ ﺴﺎﺒﻘﺎ . ﻴﻘﻭل ﺒﺩﺭ :‬
  • 40. ‫ﻫﻜﺫﺍ ﺃﻋﺒﺭ ﺭﺅﻴﺎﻙ‬ ‫ﻭﺃﺼﻨﻊ ﻋﺎﺼﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﺭﻤل‬ ‫ﻭﺃﺒﺭﺉ ﺍﻟﻁﻴﺭ ﻤﻥ ﺴﻁﻭﺓ ﺍﻟﺭﻴﺢ...،‬ ‫ﻓﻼ ﻴﻜﻭﻥ ﺴﻭﻯ ﺠﻨﺎﺡ .. ،‬ ‫ﻭﺒﻀﻌﺔ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ‬ ‫ﺃﺴﻁﻭﺭﺓ ﻋﻥ ﺸﺎﻋﺭ ﻻ ﺘﺄﻟﻔﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺌﺩ ..،‬ ‫ﻭﻻ ﺘﻐﻭﻴﻪ ﺍﻟﺤﺭﻭﻑ ..‬ ‫ﺇﺫ ﺘﺘﻌﺭﻯ ﻟﻪ ﺫﺍﺕ ﻤﺴﺎﺀ ﺭﺍﺌﻕ ...‬ ‫ﻜﺎﺸﻔﺔ ﻋﻥ ﻟﻐﺔ ﻤﻬﺠﻨﺔ .. ) ﻗﻤﺭ ﻴﻐﺎﻤﺭ ../٩١ (‬ ‫ﻫﻜﺫﺍ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻠﻤﺢ ﻋﺒﺭ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺃﺴﺎﻤﺔ ﺒﺩﺭ ﻜﻠﻪ ﻋﻼﻗﺔ‬ ‫ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻤﻊ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﻰ ، ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟـﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻔـﺭﺩ‬ ‫ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺘﺒﺩﻯ ﻓﻰ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﺇﻋـﺎﺩﺓ‬ ‫ﺼﻨﻌﻬﺎ ﻋﺒﺭ ﺇﺩﺨﺎﻟﻬﺎ ﻓﻰ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺨﺎﺼـﺔ ﺘﺸـﻜل ﺃﺴـﻁﻭﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ .‬
  • 41. ‫ﺗﻔﺮﺩ ﺍﻟﺬﺍﺕ : " ﺃﻭﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ " ﻋﻨﺪ ﻣﺆﻣﻦ ﲰﲑ‬ ‫ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺘﺘﺒﻊ ﻓﻜﺭﺓ ﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻭﺴﻌﻴﻬﺎ‬ ‫ﻹﺜﺒﺎﺕ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻭﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻪ - ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋـﻥ‬ ‫ﻨﺠﺎﺤﻬﺎ ﻓﻰ ﺫﻟﻙ ﻭﺒﺄﻴﺔ ﻨﺴﺒﺔ - ﻭﺍﻟﺴﻌﻰ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻫـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﺘﻔﺭﺩ ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺘﻔﺭﺩ ﺁﺨـﺭ ﻭﺨﺼﻭﺼـﻴﺔ‬ ‫ﺃﺨﺭﻯ ﺃﻜﺜﺭ ﻋﻤﻭﻤﻴﺔ ﻫﻰ ﻤﺎ ﺘﺨﺹ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻋﻤﻭﻤﺎ ،‬ ‫ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺘﺘﺒﻊ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻨﻘﻑ ﻋﻠﻰ ﻤﻠﻤﺢ ﺃﺭﺍﻩ ﻜﺎﺸـﻔﺎ ﻓـﻰ‬ ‫ﺘﺠﺭﺒﺔ ﻤﺅﻤﻥ ﺴﻤﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﻴﻁﺭﺤﻬﺎ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ " ﺒﻭﺭﺘﺭﻴـﻪ‬ ‫ﺃﺨﻴﺭ ﻟﻜﻭﻨﺸﺭﺘﻭ ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ / ٩٩٩١ " . ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻠﻤﺢ ﻫﻭ ﺃﻭﻟﻴـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﺘﺄﻭﻴل ‪.(١) Thresholds of Interpretation‬‬ ‫ﻴﺴﺘﺤﻀﺭ ﺍﻹﺨﺭﺍﺝ ﺍﻟﻔﻨﻰ ﻟﺩﻴﻭﺍﻥ ﻤﺅﻤﻥ ﺴﻤﻴﺭ ﻓﻜﺭﺓ "‬ ‫ﺍﻟﺨﺒﻴﺌﺔ " ﺍﻟﻤﺩﻓﻭﻨﺔ ﺒﻌﻨﺎﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﻁﺒﻘﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﻔﺎﺌﻑ ﺍﻟﻨﺼﻴﺔ ﻭﻤﻥ‬ ‫ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺸﺒﻪ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻤﺼﺩﺍﺕ ﻨﻔﺴﻴﺔ ، ﺃﻭ ﺭﺒﻤﺎ ﺘﻤﻬﻴﺩﺍﺕ‬ ‫ﺒﺎﻋﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﻤﺄﻨﻴﻨﺔ ﻟﻠﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ، ﺘﺴﻤﺢ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻤﻬﻴـﺩﺍﺕ‬ ‫١ ﻴﺭﺍﺠﻊ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺨﺹ ﻤﺼﻁﻠﺢ ‪ Thresholds of Interpretation‬ﻭﻫﻭ‬ ‫ﻤﺎ ﺃﻓﻀل ﺘﺭﺠﻤﺘﻪ ﺒـ " ﺃﻭﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺄﻭﻴل " :‬ ‫‪* Gerard Genette, Paratexts: Thresholds of‬‬ ‫‪Interpretation, (Cambridge: Cambridge University‬‬ ‫.51-1 .‪Press, 1979), pp‬‬
  • 42. ‫ﺒﺎﻨﺩﻴﺎﺡ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﺒﺩﺭﺠﺔ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻷﻤﺎﻥ ﻓـﻰ‬ ‫ﺍﺒﺘﺩﺍﻉ ﺇﻨﺸﺎﺌﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺅﺴﺱ - ﻜﻤﺎ ﻓﻰ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺃﺴـﺎﻤﺔ‬ ‫ﺒﺩﺭ - ﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺒﻬﺎ .‬ ‫ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺼﺩﺍﺕ ﺍﻟﻨﺼﻴﺔ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻋـﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﺘﻰ ﺍﺭﺘﻀﺘﻬﺎ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻓﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﻰ ﻓـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ؛ ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺭﻓﺽ ﺍﻟﺘﻰ ﺃﺸﺭﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻰ ﺒﺩﺍﻴـﺔ‬ ‫ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻟﻠﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﻬﺩﺭ ﻓﺭﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠـﺭﺒﺘﻴﻥ‬ ‫ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻋﻴﺔ ﻭﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻬﻤﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﻓﺽ‬ ‫ﻓﻰ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﻤﺅﻤﻥ ﻴﺒﺩﻭ ﻭﻗﺩ ﺍﺘﺨﺫ ﺸﻜﻼ ﻫﺭﻭﺒﻴﺎ ﻟﻠﺩﺍﺨل ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ‬ ‫ﻨﻠﻤﺢ ﻓﻴﻪ ﻜﻼ ﻤﻥ ﺇﺼﺭﺍﺭ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴـﺭ ﻋـﻥ‬ ‫ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ ، ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺨﻭﻓﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﻤﻥ‬ ‫ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺭﻓﺽ ﻭﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺵ ﻭﺍﻹﻫﻤﺎل ، ﻭﺭﺒﻤـﺎ ﻭﺼـل‬ ‫ﺍﻷﻤﺭ ﺤﺩ ﺍﻻﺘﻬﺎﻤﺎﺕ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴـﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺌﺩﻴـﺔ ﺍﻟﺘـﻰ ﺘﻁﺎﻟـﺏ‬ ‫ﺒﻤﺼﺎﺩﺭﺓ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭﺓ ﻫﻰ ﺍﻟﻨـﺎﺘﺞ‬ ‫ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻰ ﻟﺨﺭﻭﺝ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻋﻥ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺜﺎﺒﺘﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺭﺍﻫﺎ‬ ‫ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺼﺤﻴﺤﺔ ﺼﺤﺔ ﻤﻁﻠﻘﺔ ﻻ ﺘﺤﺘﻤـل ﺍﻟﺘﺄﻭﻴـل ﺃﻭ ﺘﻌـﺩﺩ‬ ‫ﻭﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭ .‬
  • 43. ‫ﺍﻻﺴﺘﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻴﺒﺩﻭ ﻤﻤﻜﻨﺎ ﻓﻰ ﻀﻭﺀ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻁﺒﻘـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﻭﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﻐﻠﻑ ﻨﺼﻭﺹ ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ‬ ‫ﻋﻨﺩ ﻤﺅﻤﻥ ﺴﻤﻴﺭ ، ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻓﻰ ﻀﻭﺀ ﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﻐﻼﻓﻴﻥ ﺍﻷﻤﺎﻤﻰ‬ ‫ﻭﺍﻟﺨﻠﻔﻰ ﻟﻠﺩﻴﻭﺍﻥ ﻭﻟﻨﺘﺄﻤل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ :‬ ‫ﺃﻭﻻ : ﺍﻟﻐﻼﻓﺎﻥ ﺍﻷﻣﺎﻣﻰ ﻭﺍﳋﻠﻔﻰ : ﻭﳘﺎ ﻣﻦ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ - ﺍﻟﺬﻯ‬ ‫ﻳﻌﻠﻦ ﰱ ‪‬ﺎﻳﺔ ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﺃﻧﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻹﺧﺮﺍﺝ ﺍﻟﻔﲎ ﻛﻠﻪ - ﻭﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ‬ ‫ﺍﻟﻠﻮﻥ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﺍﻟﺬﻯ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺳﻴﺸﻌﺮ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺑﺎﻹ‪‬ﺎﻡ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ، ﺗﻈﻬﺮ‬ ‫ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻼﻑ ﺍﻷﻣﺎﻣﻰ ﻟﻮﺣﺘﺎﻥ ، ﺇﺣﺪﺍﳘﺎ ﰱ ﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻯ ﻣﻦ‬ ‫ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﲢﺘﻞ ﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻷﺳﻔﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻤﲔ ، ﻭﺃﻇﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﻌﺎﳌﻰ‬ ‫ﻏﲑ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻌﺬﺭ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺮﻑ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻴﻬﻤﺎ . ﰱ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻐﻼﻑ‬ ‫ﻛﺘﺐ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﰱ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺑﻴﻀﺎﺀ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﺃﺳﻔﻠﻪ ﻛﻠﻤﺔ " ﺷﻌﺮ " ، ﰒ‬ ‫ﻳﺄﺗﻰ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﺎﺭﺝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﰱ ﺍﳌﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ، ﻏﲑ ﺃﻥ ﺣﺮﰱ‬ ‫ﺍﻟﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻟﺜﺎﱏ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ )ﲰﲑ ( ﻳﺪﺧﻼﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺤﻴﺎﺀ ﰱ‬ ‫ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﺍﻵﺧﺬﺓ ﰱ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﳊﺮﻓﲔ ، ﻭﺃﻇﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺛﺮ‬ ‫ﺧﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﺍﻟﺴﻔﻠﻰ ﺍﻟﱴ ﺃﺷﺮﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ .‬ ‫ﺍﻟﻐﻼﻑ ﺍﻟﺨﻠﻔﻰ ﺘﻅﻬﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺼﻭﺭﺘﺎﻥ ﻓﻭﺘﻭﻏﺭﺍﻓﻴﺘـﺎﻥ‬ ‫ﻟﻠﺸﺎﻋﺭ ﺇﺤﺩﺍﻫﻤﺎ ﺘﺘﻭﺴﻁ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﻭﻫﻰ ﺼﻭﺭﺓ ﻁﻭﻟﻴﺔ ﻴﻅﻬـﺭ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ ﺠﺴﻡ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻜﻠﻪ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎ ﻭﻴﺒﺩﻭ ﻓﻴﻬﺎ ﻨﺎﻅﺭﺍ ﺇﻟـﻰ ﺍﻷﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺒﻌﻴﺩﺍ ﻋﻥ ﻋﺩﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻤﻴﺭﺍ ، ﻭﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻴﺒﺩﻭ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺠـﻪ‬
  • 44. ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻓﻘﻁ ﻓﻰ ﺃﺴﻔل ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻤﻭﺍﺠﻬﺎ ﻟﻌﺩﺴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻜﺎﻤﻴﺭﺍ ﻓﻰ ﺤﻴﻥ ﺘﻜﺎﺩ ﻤﻼﻤﺤﻪ ﺘﺨﺘﻔﻰ .‬ ‫ﻭﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﻟﻰ ﻫﻭ ﺃﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﻭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺴـﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻐﻼﻓﻴﻥ ﺘﺘﺴﻕ ﻤﻊ ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ "ﺒﻭﺭﺘﺭﻴﻪ ﺃﺨﻴﺭ ﻟﻜﻭﻨﺸـﺭﺘﻭ‬ ‫ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ " ، ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻤﺎ ﻴﻌﻨﻴﻨﻰ ﺃﻜﺜﺭ ﻓﻰ ﺘﺸـﻜﻴﻠﻬﻤﺎ ﺃﻤـﺭﺍﻥ ؛‬ ‫ﺍﻷﻭل ﻫﻭ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺒﺎﺒﻴﺔ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻟﻭﻀـﻭﺡ ﺍﻟﺘـﻰ ﻏﺎﻟﺒـﺎ ﻤـﺎ‬ ‫ﺴﺘﺼﻴﺏ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺒﺩﺍﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻰ ﺘﻤﺜﻠﻪ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻭﺍﺭﻯ ﻭﺍﻟﺒﻌـﺩ‬ ‫ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻴﻭﺤﻰ ﺒﻬﺎ ﻜﻼ ﻤﻥ ﻭﻗﻭﻉ ﺍﺴﻡ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻓـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﺴـﻭﺩﺍﺀ ﻓـﻰ ﺍﻟﻐـﻼﻑ ﺍﻷﻤـﺎﻤﻰ ، ﻭﺍﻟﺼـﻭﺭﺘﻴﻥ‬ ‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺘﻴﻥ ﺍﻟﻠﺘﻴﻥ ﺍﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ، ﻤﺼﻤﻡ ﺍﻟﻐﻼﻑ ، ﺃﻥ ﺘﺒﺘﻌﺩ‬ ‫ﻋﻴﻨﺎﻩ ﻓﻰ ﻜﺒﺭﺍﻫﻤﺎ ﻭﺃﻜﺜﺭﻫﻤﺎ ﻭﻀﻭﺤﺎ ﻋﻥ ﻤﻭﺍﺠﻬـﺔ ﻋﺩﺴـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﻭﺭ ، ﻭﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻟﻌﺩﺴﺔ ﺼﻐﻴﺭﺓ‬ ‫ﺸﺎﺤﺒﺔ ﺘﻜﺎﺩ ﺘﺨﺘﻔﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻼﻤﺢ .‬ ‫ﻫﻜﺫﺍ - ﻏﺎﻟﺒﺎ - ﺴﻴﺘﻜﻭﻥ ﺍﻻﻨﻁﺒﺎﻉ ﺍﻷﻭل ﻟﻤﻥ ﻴﻤﺴـﻙ‬ ‫ﺒﺎﻟﺩﻴﻭﺍﻥ ﻤﻘﻠﺒﺎ ﻓﻴﻪ ، ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻨﻁﺒﺎﻉ ﻴﺒﺩﻭ ﻤﺘﺴﻘﺎ ﻤﻊ ﻤﺎ ﺃﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ‬ ‫ﻭﺃﺤﺎﻭل ﺘﺄﻜﻴﺩﻩ ﻓﻰ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺴﻌﻰ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭﺓ‬ ‫ﻟﻼﺨﺘﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﺭﻯ ﺨﻭﻓﺎ ﻤﻥ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴـﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻘﻭﻟﺒـﺔ‬ ‫ﻭﺇﻁﻼﻕ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﻟﻠﻘﻴﻡ ﺘﺭﺍﻫﺎ‬
  • 45. ‫ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺼﺤﻴﺤﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﻁﻠﻘﺔ ﻻ ﺘﺤﺘﻤل ﺍﻟﺸـﻙ ، ﻭﺒﺎﻟﺘـﺎﻟﻰ‬ ‫ﺘﺭﻓﺽ ﻭﺘﺠﺭﻡ ﻜل ﺨﺎﺭﺝ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ، ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﺴـﻌﻰ‬ ‫ﻟﻠﺘﻭﺍﺭﻯ ﻴﺒﺩﻭ ﻤﺘﺠﺎﻭﺭﺍ ﻤﻊ ﺍﻹﺼﺭﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻭﺍﻹﻋـﻼﻥ‬ ‫ﻋﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺒﺩﻭ ﺃﻗل ﺴﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻼﻓﻴﻥ .‬ ‫ﺜﺎﻨﻴﺎ : ﺘﺼﺩﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ : ﺘﺒﺩﻭ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺴـﺒﻕ‬ ‫ﻨﺼﻭﺹ ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ ﻜﺜﻴﻔﺔ ﻓﻰ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﻤﺅﻤﻥ ﺴﻤﻴﺭ - ﻭﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻌﻥ‬ ‫ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﺘﻜﺭﺭ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﻓﻰ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﺃﺨﺭﻯ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﻗﻠﻴﻠﺔ‬ ‫ﻭﺃﻗل ﻜﺜﺎﻓﺔ - . ﻭﻟﻨﺘﺄﻤل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭﺍﺕ :‬ ‫ﺃ- ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻐﻼﻑ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻰ ﺍﻷﻤﺎﻤﻰ ﺍﻟﺫﻯ ﻴﺘﻜـﺭﺭ ﻓﻴـﻪ‬ ‫ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ ﻭﺍﺴﻡ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ، ﻴﺄﺘﻰ ﺍﻟﺘﺼـﺩﻴﺭ ﺍﻷﻭل ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ) ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻤﻴﻥ ( ﺤﻴﺙ ﻨﺠﺩ ﺠﻤﻠﺔ ﻜﺘﺒﺕ ﺒﺨـﻁ‬ ‫ﺍﻟﻴﺩ ﻓﻰ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻴﻤﻴﻥ ﻫﻜﺫﺍ :‬ ‫ﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﺤﺎﻭﺭ ﺍﻟﺫﻜﺭﻯ‬ ‫ﻭﻟﻬﺎ ﺸﺭﻑ‬ ‫...ﺍﻟﻤﻭﺕ‬ ‫ﺜﻡ ﺘﺄﺘﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒﻠﺔ ﻟﺘﺤﻤل ﺃﺭﺒﻌﺔ ﻤﻘﺘﺒﺴﺎﺕ ﻓـﻰ‬ ‫ﻤﺭﺒﻊ ﻜﺒﻴﺭ ﻟﻜل ﻤﻥ ﻜﻔﺎﻓﻴﺱ ، ﻭ ﺃﺒﻭﻟﻭﻨﻴﺭ ، ﻭ ﺠﻭﺘﻪ ، ﻭﺇﺩﻭﺍﺭ‬
  • 46. ‫ﺍﻟﺨﺭﺍﻁ . ﻴﺅﺴﺱ ﺃﻭل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺘﺒﺴﺎﺕ ﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻓﻰ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ‬ ‫- ﻜﻤﺎ ﺤﺎﻭﻟﺕ ﺃﻥ ﺃﺠﺎﺩل ﻓﻰ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺤـﺙ - ، ﻭﻴﻌﻠـﻥ‬ ‫ﺜﺎﻨﻴﻬﻤﺎ ﻋﻥ ﺇﻤﻜﺎﻥ ﺘﺤﻭل ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺸـﻌﺭ ﺒﺼـﻭﺭﺓ ﻻﻨﻬﺎﺌﻴـﺔ‬ ‫ﻤﺅﺴﺴﺎ ﻹﻤﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻫﻭ ﺍﻹﻋﻼﻨـﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻬـﺎﺭﺱ‬ ‫ﻭﺍﻟﻤﻠﺼﻘﺎﺕ ، ﺃﻯ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺭﺍﻩ ﻋﺎﺩﻴﺎ ﻭﻴﻭﻤﻴﺎ ﻤﺒﺘﺫﻻ ﻭﺒﻌﻴﺩﺍ‬ ‫ﻜل ﺍﻟﺒﻌﺩ ﻋﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻜﻬﻨﻭﺘﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺭ ﻭﻟﻠﺸﺎﻋﺭ ﺸـﺭﻴﻁﺔ ﺃﻥ‬ ‫ﺘﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺇﻨﺸﺎﺩﻩ ؛ ﺤﻴﺙ ﻴﻘﺘﺒﺱ ﻤﺅﻤﻥ ﻗﻭل ﺃﺒﻭﻟﻭﻨﻴﺭ :‬ ‫" ﺇﻨﻙ ﺘﻘﺭﺃ ﺍﻹﻋﻼﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻬﺎﺭﺱ ﻭﺍﻟﻤﻠﺼﻘﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﺘﻰ ﺘﻐﻨﻰ ﺒﺼﻭﺕ ﻋﺎل .‬ ‫ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ "‬ ‫ﺜﻡ ﻴﺄﺘﻰ ﺍﻟﻤﻘﺘﺒﺱ ﺍﻟﺘﺎﻟﻰ ﻤﻥ " ﺠﻭﺘـﻪ " ﻤﻌﺘﺭﻓـﺎ ﻓـﻰ‬ ‫ﻅﺎﻫﺭﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭ " ﻫﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ " ﻤﻨﻜﺭﺍ ﻓﻰ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ‬ ‫ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻬﺒﺔ ﺃﻴﺔ ﺃﺼﺩﺍﺀ ﻓﻰ ﻋـﺎﻟﻡ ﺍﻷﺭﺽ ، ﺒـل ﺇﻥ‬ ‫ﺍﻷﻤﺭ ﻴﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ " ﺨﺩﺍﻉ " ، ﻤﻅﻬﺭﺍ ﻓﻰ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﺘﺒﺱ ﻭﺠﻬﺎ‬ ‫ﻤﻥ ﻭﺠﻭﻩ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺒﻭﺼﻔﻪ " ﻜﺸﻔﺎ ﻭﺨﻴﺎﻨﺔ " . ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻤﻘﺘﺒﺱ :‬ ‫" ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻫﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺤﻘﺎ ، ﻟﻜﻨﻪ ﺨﺩﺍﻉ‬ ‫ﻓﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻷﺭﻀﻴﺔ‬
  • 47. ‫ﻴﺒﺩﺃ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺒﺎﻟﻬﺩﻫﺩﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﺴﺭ ، ﺜﻡ ﻴﺜﺭﺜﺭ‬ ‫ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ، ﻭﻋﺒﺜﺎ ﻴﺼﻤﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ..‬ ‫ﻓﺎﻟﺸﻌﺭ ﻨﻔﺴﻪ .. ﻜﺸﻑ ﻭﺨﻴﺎﻨﺔ "‬ ‫ﹲ‬ ‫ﺜﻡ ﻴﺒﺩﻭ ﺍﻟﻤﻘﺘﺒﺱ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ﻋﺎﺭﻀﺎ ﻟﺘﻀﺎﺩ ﻴﺤﻭل ﺩﻻﻟـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻨﻭﺭ ﻜﻤﺎ ﺘﺭﺍﻫﺎ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ - ﺃﻯ ﻜﻤﺎ ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺘﻘﺘﺒﺴﻬﺎ‬ ‫- ﺇﻟﻰ ﻅﻠﻤﺔ ﺘﻜﺘﻨﻑ ﺍﻟﺭﻭﺡ ، ﺇﻨﻪ ﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺭﺅﻴـﺔ‬ ‫ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻭﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﻟﻴﺱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ‬ ‫ﺘﺘﺴﻕ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﺌﻊ .‬ ‫" ﺍﻟﻨﻭﺭ ﻅﻠﻤﺔ ﺘﻜﺘﻨﻑ ﺍﻟﺭﻭﺡ ، ﻜﺎﻤﻠﺔ‬ ‫ﺒﻼ ﺭﺤﻤﺔ "‬ ‫ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭﺍﺕ ﻜﻠﻬﺎ ﺘﺒﺩﻭ ﺴﺎﻋﻴﺔ ﺒﺎﻟﺘﺭﺘﻴﺏ ﻟﻜل ﻤﻥ :‬ ‫ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﺘﻔﺭﺩﻫﺎ / ﺘﻭﺴﻴﻊ ﺩﺍﺌﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺭﻯ ﻟﻴﺸﻤل ﻜل‬ ‫ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻴﻤﻜﻥ ﺇﻨﺸﺎﺩﻩ ﺃﻯ ﻜل ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤـﺭﺀ‬ ‫ﺸﻌﺭﺍ / ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﺭﺍﻭﻏﺔ ﻟﻠﺸـﻌﺭ ﻤـﻊ ﻨﻔـﻰ ﺨﻠﻔـﻰ‬ ‫ﻻﻨﻌﻜﺎﺱ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﻟﻬﺎﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻭﻴـﺔ ﻟﻠﺸـﻌﺭ ﻓـﻰ ﺘﺸـﻜﻼﺘﻪ‬ ‫ﺍﻟﺤﻴﺎﺘﻴﺔ، ﻓﺈﻋﻼﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺸـﻌﺭ ﻜﺸـﻑ ﻟﻠـﺩﺍﺨل ﻫـﻭ ﺨﻴﺎﻨـﺔ‬
  • 48. ‫ﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﺒﺈﻋﻼﻨﻬﺎ / ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺨﺼﻭﺼـﻴﺔ ﺩﻻﻟـﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻠﻐﻭﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ ﺍﻟﻜﻭﻨﻴﺔ ﻓﻰ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺨﺎﺹ .‬ ‫ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻻﻻﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺨﻠﻌ ﹸﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴـﺎﺒﻘﺔ‬ ‫ﺘ‬ ‫ﺘﺒﺩﻭ ﻤﺅﻜﺩﺓ ﺤﺎﻟﺘﻰ ﺍﻟﺘﻭﺍﺭﻯ ﻭﺍﻟﻔﺯﻉ ﺍﻟﻠﺘﻴﻥ ﺘﺴﺘﺸﻌﺭﻫﻤﺎ ﺍﻟـﺫﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﺤﺎل ﻁﺭﺡ ﺭﺅﺍﻫﺎ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺭﺍﻫـﺎ ﻤﺘﻔـﺭﺩﺓ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻜﻤﺎ ﺃﺸﺭﺕ ﺴﺎﻟﻔﺎ .‬ ‫ﺏ - ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﺼﺩﻴﺭ ﺍﻟﺴـﺎﺒﻕ ) ﻤـﻥ‬ ‫ﺍﻟﻴﻤﻴﻥ( ﺘﻅﻬﺭ ﻟﻭﺤﺔ ﺘﻌﺒﻴﺭﻴﺔ ﺒﺎﻟﻠﻭﻨﻴﻥ ﺍﻷﺒﻴﺽ ﻭﺍﻷﺴﻭﺩ ، ﺜـﻡ‬ ‫ﻴﺄﺘﻰ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭ ﺍﻟﺘﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒﻠﺔ ﻟﻠﻭﺤﺔ ﻤﻥ ﺸـﻌﺭ‬ ‫ﻤﺅﻤﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﻟﻴﻌﻠﻥ ﻋﻥ ﺭﻏﺒﺘﻪ ﻓﻰ ﺍﻻﻨﻔﻼﺕ ﻤﻥ ﻜـل ﺍﻟـﻨﻅﻡ‬ ‫ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻟﻠﻔﺭﺩ ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻤﻌﺘﺒﺭﺍ ﺫﻟﻙ ﺍﻻﻨﻔﻼﺕ ﻫﻭ‬ ‫ﻓﻰ ﺤﺩ ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﺫﻯ ﺃﻅﻨﻪ ﻓﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟـﺔ‬ ‫ﻤﺘﻤﺜﻼ ﻓﻰ ﺍﻟﺩﺨﻭل ﻀﻤﻥ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘـﻰ‬ ‫ﺘﺭﻓﻀﻬﺎ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﺓ ﻓﻰ ﺴﻌﻴﻬﺎ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺘﻔﺭﺩﻫﺎ . ﺒﻌﺩ ﻫـﺫﺍ‬ ‫ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭ ﻭﻓﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻴﻅﻬﺭ ﺍﻟﻌﻨﻭﺍﻥ ﺍﻷﻭل ﻓﻰ ﺩﻴـﻭﺍﻥ‬ ‫ﻤﺅﻤﻥ ﻭﻫﻭ " ﻤﻼﺤﻕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ " ﺍﻟﺘﻰ ﺍﺨﺘﺎﺭﺕ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭﺓ‬ ‫ﺃﻥ ﺘﻀﻌﻬﺎ ﻓﻰ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺨﻼﻓﺎ ﻟﻠﻤﻌﺭﻭﻑ ﻭﻜﺄﻨﻬﺎ ﺒﺫﻟﻙ ﺘﻌﻠﻥ‬
  • 49. ‫ﺍﻟﺘﻤﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻨﻅﻡ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﻰ ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ ﺍﻟﺘـﻰ ﺠـﺭﻯ‬ ‫ﺍﻟﻌﺭﻑ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺄﺘﻰ ﻤﻼﺤﻕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻤﺫﻴﻠﺔ ﻟﻪ .‬ ‫ﺛﺎﻟﺜﺎ : ﺧﻮﺍﺗﻴﻢ ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ : ﻭﺗﺘﻤﺜﻞ ﰱ : ﺃ - ﻟﻮﺣﺔ ﻟﺴﻠﻔﺎﺩﻭﺭ ﺩﺍﱃ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻴﻤﲎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻘﺘﺒﺴﺎﺕ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ‬ ‫ﺍﳋﻴﺎﻡ ، ﻭﺭﻳﺘﺴﻮﺱ ، ﻭﺍﻟﺴﻬﺮﻭﺭﺩﻯ . ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺘﺒﺴﺎﺕ ﺗﺒﺪﻭ - ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﺮﺅﻳﺔ‬ ‫ﺍﻟﱴ ﺃﻃﺮﺣﻬﺎ - ﻣﺆﻛﺪﺓ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ :‬ ‫١- ﺸﺒﺤﻴﺔ ﻭﻻ ﺘﻤﺎﻴﺯ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺠﻤﻌﻰ ﻟﻸﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟـﺫﻯ‬ ‫ﺘﻔﺭﻀﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ﻭﻴﺘﺤﻜﻡ ﻓﻴﻪ "ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻌﺭﺽ " :‬ ‫ﻟﺴﻨﺎ ﺸﻴﺌﺎ ﺴﻭﻯ ﻁﺎﺒﻭﺭ ﻴﺘﺤﺭﻙ‬ ‫ﻴﺭﻭﺡ ﻭﻴﺠﺊ ﻜﻅﻼل ﺍﻷﺸﻜﺎل ﺍﻟﺴﺤﺭﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺩﻭﺭ ﺭﺴﻭﻤﻬﺎ ﺤﻭل ﻤﺼﺒﺎﺡ ﺘﻀﻴﺌﻪ ﺍﻟﺸﻤﺱ‬ ‫ﺃﻤﺴﻜﻪ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻌﺭﺽ ﻓﻰ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﻠﻴل ......‬ ‫" ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻌﺭﺽ " ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﻤﺎ ﺃﺭﺍﻩ ﻤﺭﺍﺩﻓﺎ ﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺔ‬ ‫ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﺘﺤﻜﻡ ﻓﻰ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻗﺎﺩﺭﺓ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻴﺔ ﻤﺎ ﻴﺘﻌﺩﻯ ﺤﺩﻭﺩ ﺇﻁﻼﻗﺎﺘﻬﺎ ﻭﺭﺅﺍﻫﺎ ، ﺒﻤﺎ ﻴﻌﺩ ﺴﻌﻴﺎ‬ ‫- ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺨﻠﻔﻰ ﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺘﻨﺎﺩﻯ ﺒﻬﺎ‬