SlideShare a Scribd company logo
1 of 70
‫المقدمة‬
‫إن ظاهرة الصراع، هي إحدى حقائق العلاقات، منذ فجر التاريخ. وعالم اليوم، يتميز بالمتغيرات السريعة،‬
‫التي أسفرت عن توترات شقتى، تؤكقد اتصقافه بالكيانقات الكقبرى، والمصقالح المتباينقة. وعلقى الرغقم مقن التققدم‬
                                                                                       ‫ىّ‬
‫الحضاري، وثبات الدعائم والسس، التي تقوم عليها العلاقات؛ فإن العالم، يتسم بتعقدد المزمقات، القتي يواجههقا،‬
‫والناجمة عن اختل ل توامزنات القوى الكبرى، وتزايد أطماعها؛ مع سقعي الققوى الصقغرى إلقى تحقيقق مزيقد مقن‬
‫الستقل ل والنمو؛ ما أدى صراعات عنيفة، وتحالفات متعددة التوجهات. وتمخض ذلك بأمزمقات، عالميقة وإاقليميقة‬
                                            ‫ومحلية، متعددة الوجوه، ذات طبيعة، مزمانية ومكانية، مركبة، ومعقدة.‬
‫لقد كان تفاعل العلاقات، بين القوى والكيانات المختلفة، وصراعاتها الخفيقة والعلنيقة، بهقدف نققل مراكقز‬
‫السيطرة والهيمنة ق من عوامقل مزيقادة حقدة المزمقات، إذ بينمقا تعمقل القدو ل المتقدمقة علقى امتل ك عناصقر الققوة‬
                                                                         ‫ىّ‬
‫المختلفة، والرتقاء وسائلها المادية؛ فإن الدو ل النامية، تختلف أمزماتها، بسقبب إفرامزاتهقا المتنااقضقة، الناتجقة مقن‬
‫الحقبة الستعمارية؛ فضل عن طموحات الستقل ل والتنمية؛ ما ينعكس علقى السقلوكيات الجتماعيقة. وإذا كقانت‬
                                                                                          ‫ع ً‬
‫الدو ل المتقدمة، تتعامل مع أمزماتها بمناهج علمية؛ فإن الدو ل الناميققة، ترفقض اتبقاع هقذه السقاليب، فققي مواجهققة‬
                                     ‫ِّ‬
‫أمزماتها؛ ولذلك، تكون تلك المزمات أشد عمققا، وأاققوى تقأثيرا؛ بسقبب التفاعقل الواضقح بيقن عقدم اتبقاع المناهقج‬
               ‫ِّ‬                                     ‫ع ً‬            ‫ع ً‬
‫العلمية، في التعامل مع المزمات، بين الجهل بتلك لهذه المناهج، والتمسك بالساليب، العشوائية والترتجاليية؛ مققا‬
                                                                                     ‫ينعكس إمكانيات الدولة واقدراتها.‬
‫وإذا كانت المزمات، تحدث في كل مزمان ومكققان؛ فققإن العققالم المعاصققر، بعققد أن أصققبح وحققدة متقاربققة،‬
                                                                            ‫ِّ‬
‫سياسيا وااقتصاديا وثقافيا واجتماعيا ق بات أي من كياناته عرضة لمزمات، التي تعصف به، مققن واقققت إلققى آخققر،‬
                                                                         ‫ىّ‬      ‫ع ً‬           ‫ع ً‬    ‫ع ً‬       ‫ع ً‬
‫وتؤثر في مجتمعاته تأثيرات متفاوتة. ولذلك، أصققبح اسققتخدام المناهققج العلميققة فققي مواجهققة المزمققات، ضققرورة‬
                                      ‫ملحة؛ ليس لتحقيق نتائج إيجابية من التعامل معها؛ وإنما لتجنب نتائجها المدمرة.‬
                                                         ‫ىّ‬                                                         ‫َّ‬
‫وعلم إدارة المزمات، يعد من العلوم النسانية حديثة النشأة. وأبرمزت أهميته التغيرات العالمية، التي أخلت‬
                                                                                     ‫عُ ّدَ ىّ‬
‫بموامزين القوى، الاقليمية والعالمية، وأوجبققت رصققدها وتحليققل حركتهققا واتجاهاتهققا. ومققن ثققم؛ يكققون علققم إدارة‬
                       ‫ّدَ‬                                           ‫دْ‬
‫المزمات، هو علم المستقبل؛ إذ يعمل على التكيف مع المتغيرات، وتحريققك الثققوابت واقققوى الفعققل المختلفققة، ذات‬
                                                            ‫التأثير، السياسي والاقتصادي والجتماعي، وكذلك الثقافي.‬
‫وإذا كان ذلك العلقم مقن العلققوم المسققتقلة بققذاتها؛ إل أنقه، فقي القواقت نفسققه، يتصقل اتصقال مباشقرا بقالعلوم‬
          ‫ع ً‬      ‫ع ً‬                                        ‫ىّ‬
                                                                                                             ‫النسانية.‬
‫الفصل اللول‬
                                                                ‫المفاهيم العامة، لوالسسس النظرية لادارة المزمات‬
‫على الرغم من أن المزمة هي وليدة مجتمعها؛ إل أنها تؤثر فيه تأثيرا مباشرا، وتتفاعل مع معطياته‬
                           ‫ع ً‬           ‫ع ً‬            ‫ىّ‬
‫وظروفه. والتفاعل المتباد ل بين المزمة والمجتمع، يحكمه، في الساس، الفكر السائد في المجتمع؛ فكلما كان ذلققك‬
‫ع ً‬
‫الفكر متقدما، امزدادت اقدرة المجتمع على تجاومز أمزماته. وامزديقاد شقدة المزمقة واسقتفحالها، لقن يكونقا سقببا كافيقا‬
               ‫ع ً‬                                                                                            ‫ع ً‬
‫لتدمير المجتمعات وانهيارها، وخاصة تلك والراغبة في مواجهتها. ولن يتحقق ذلك، إل مققن خل ل إدارة، تسققيطر‬
                               ‫ىّ‬
‫علىقِاقيم المجتمع ومثله العليا، وتكون اقادرة على تنظيم مسيرته، وتعمل على تقوية دعائمه وروابطه فض قل عققن‬
           ‫ع ً‬                                                                                     ‫عُ عُ‬
‫المشاركة الفعالة، من أبناء المجتمع، فقي مواجهقة ومقاومققة التصقدعات، القتي تنعكققس علقى اقققدراته، وتقؤثر فقي‬
                                                                                                                  ‫إمكانياته.‬
‫وإذا كققان التققأثير المتبققاد ل، بيققن المزمققة والمجتمققع، يتأطققد بعلاقققات متنااقضققة، ويتققأتى مققن المصققالح‬
                       ‫ىّ‬                            ‫َّ‬
‫المتعارضة للقوى، التي أوجدتها، تلك المضادة لهققا؛ إل أن المزمققة ليسققت إل مؤشققر واضققح، يؤكققد خلل مققا، اقققد‬
                   ‫ع ً‬                                         ‫ىّ‬
                          ‫اعترى المجتمع، ويلزم مواجهته بالساليب العلمية، حتى يمكن إعادته إلى توامزنه الطبيعي.‬
‫وسواء حااقت المزمات بشخص، أو مجتمع، أو دو ل؛ فإنها أصبحت جزءا أساسيا مققن نسققيج الحيققاة، وحقيقققة‬
                                  ‫ع ً‬        ‫ع ً‬
‫من حقائقها، ومرحلة متقدمة من مراحل الصراع، ومظهرا مققن مظققاهره، علققى أي نطققاق أو مسققتوى؛ بققدءا مققن‬
        ‫ع ً‬                                                ‫ع ً‬
‫الصراع النفسي، والصراع بين الشخاص، والصراع داخل المجتمع، بمستوياته المختلفقة، والققذي يشقمل السقرة‬
     ‫دْ‬
                                ‫والقبيلة والعشيرة، حتى مستوى الدولة نفسها؛ وانتهاء إلى الصراع بين الدو ل المختلفة.‬
‫وتتعدد أوجه الصراع وأشكاله، ففي العصور القديمققة، كقان الصقراع بسقبب المققوارد المحققدودة، أو الفققرص‬
‫المعنوية المفقودة، حيث بدأت الصراعات، بيققن الشققخاص والقبققائل البدائيققة، علققى الميققاه والمراعقي. وتطققورت‬
                                                                                  ‫السباب، لتصبح احتل ل أراضي لغير.‬
‫ومنذ القرن السادس عشر، بدأ شكل جديد للصراع على الموارد الاقتصادية، وتوسيع التجقارة؛ مقا أدى تعقارض‬
‫المصالح. وأسفر الصراع على السواق، ومصادر الموارد الولية، عن الظاهرة السقتعمارية، القتي أثقارت، فقي‬
‫الواقت نفسه، صراعا، فكريا وأيديولوجيا بين النظققم الرأسققمالية والشققتراكية؛ وتحقو ل، فققي إحققدى مراحلققه، إلققى‬
                                      ‫َّ‬                             ‫عُ‬       ‫ع ً‬          ‫ع ً‬      ‫ع ً‬
                                                                                               ‫صراعات مسلحة مديدة.‬




                                                                                                    ‫المبحث اللول‬
‫مفهوم إادارة المزمات‬
‫تتعدد أسباب المزمات بتعدد الصراعات وتنوعها. فقد تكون لعوامل، ااقتصادية واجتماعية، ناجمة عن‬
                                                   ‫ىّ‬
                                                          ‫امزدياد الفوارق الجتماعية بين طبقات المجتمع.‬
‫وتكون عواملها سياسية، اقوامها التفاخر، القومي والديني، في المجتمعات ذات العققراق والققديانات المختلفققة، أو‬
‫الصراعات، الحزبية والثقافية، وعدم المشاركة السياسية. كذلك، اقد يكون سبب الصراع، في مجتمع ما، هو تبققاين‬
‫اقيمه ومبادئه، والذي يؤو ل إلى تنافر أيديولوجي، بين الطوائف الجتماعية المتباينة، أو بين نظام الحكم والشققعب.‬   ‫قِ ّدَ‬
‫وبذلك، تتضح معالم الصراع الداخلي، وتأخذ شكل من أشققكا ل المقاومققة، حينمققا تفتقققد تسققويته الليققات الملئمققة،‬
                                                                      ‫ع ً‬
‫والفاعلة؛ فضل عن القدرة على تحقيقق التقوامزن الجتمقاعي فقي الدولقة؛ مقا يفققد الحكقم شقرعيته، ويشقعر أبنقاء‬
         ‫عُ قِ‬                       ‫عُ دْ قِ‬                                                      ‫ع ً‬
‫المجتمع بالتمزق، وفقدان الهوية، والغتراب. وبذلك، تكون المزمة مرحلة من مراحققل الصققراع، الققذي تتسققم بققه‬
                                  ‫عمليات التفاعل الناشط، أينما وجدت الحياة، وفي أي صورة من صورها المختلفة.‬
                                                                   ‫ىّ‬

                                                                                     ‫تط وتر مفهوم إادارة المزمات‬  ‫ّ‬
‫يصعب تحديد مفهوم داقيق وشامل للمزمة، وخاصة بعد اتساع نطاق استعماله، وانطبااقه على مختلف‬
‫صور العلاقات النسانية، وفي مجقالت التعامقل كافقة. إل أن تطقوره التقاريخي، اققد ظهقر فقي الطقب الغريققي‬
‫القديم، تعبيرا عن نقطة تحو ل مصيرية في تطور المرض، يرتهن بها شفاء المريض، خل ل فققترة مزمنيققة محققددة،‬
                                                                                               ‫ُّ‬             ‫ع ً‬
‫أو موته ومن ثم، تكون مؤشرات المرض، أو دلئل المزمة، هي العراض، التي تظهر على المريض، والناجمققة‬            ‫ّدَ‬
‫عن الصراع، بين الميكروبات والجراثيم ومقاومة الجسم لها؛ وليس عن المزمة المرضية، التي ألمت به. وبعد أن‬
‫شاع اصطل ح المزمة، في المعاجم والكتب الطبية، بدأ استخدامه، مع بداية القرن التاسققع عشققر، فققي التعققبير عققن‬
‫ظهققور المشققاكل، الققتي تواجههققا الققدو ل، إشققارة إلققى نقققاط التحققو ل الحاسققمة، فققي تطققور العلاقققات السياسققية‬
                                                                                                ‫والاقتصادية والجتماعية.‬
‫في عام 7391 ، عرفت المزمة بأنها خلل فققاد ح، وفققاجئ، فققي العلاقققة بيققن العققرض والطلققب، فققي السققلع‬
                                                                                            ‫عُ ِّ‬
‫والخدمات ورؤوس الموا ل. ومنذ ذلك التاريخ، بدأ التوسع في استخدام مصطلح المزمققة، فققي إطققار علققم النفققس،‬
‫عند الحقديث عقن أمزمققة الهويققة. وكققذلك، اسققتخدمه الققديموجرافيون، عنققد حقديثهم عقن أمزمقة النفجقار السققكاني.‬
             ‫وأسفر استخدامه عن تداخل، بين مفهوم المزمة والمفاهيم المختلفة، ذات الرتباط الحيوي، والوثيق به.‬
‫مفهوم المزمة، في العلوم الجتماعية تعني المزمققة، فققي اللغققة العربيققة: الشققدة والقحققط. وأمزم عققن الشققيء:‬
              ‫ّدَ ّدَ ّدَ‬
‫أمسك عنه. وأمزم على الشيء أمزما: عض بالفم كله عضا شققديدا. وتققأمزم: أصققابته أمزمققة. وفققي اللغققة النجليزيققة،‬
                                                        ‫ع ً‬     ‫ع ً‬    ‫ِّ‬          ‫دْ ع ً‬               ‫ّدَ ّدَ ّدَ‬
‫تعريف المزمة؛ فيعرفها اقاموس وبستر ‪ Crisis‬بأنها نقطة تحو ل إلى الحسن أو إلى السوأ، في مققرض خطيققر،‬
                                                       ‫ُّ‬                                           ‫ىّ‬
‫اقاموس أمريكان‬            ‫أو خلل في الوظائف، أو تغيير جذري في حالة النسان، وفي أوضاع غير مستقرة. وعرفها‬
                             ‫َّ‬
   ‫هيرتيج بأنها واقت أو اقرار حاسم، أو حالة غير مستقرة، تشمل تغييرا حاسما، متواقعا؛ كما في الشؤون السياسية.‬
                                   ‫ع ً‬    ‫ع ً‬    ‫ع ً‬
‫الماليققة‬    ‫أما اقاموس أكسفورد، فعرفها بأنها نقطة تحو ل، أو لحظة حاسمة في مجرى حياة النسان، كالمزمققة‬
                                                                          ‫ُّ‬              ‫َّ‬                           ‫ىّ‬
‫أو السياسية. وكذلك عرف اقاموس جامعة أكسفورد المزمة، بأنها نقطة تحو ل في تطور المرض، أو تطور الحياة،‬
          ‫ُّ‬                    ‫ُّ‬            ‫ُّ‬                                             ‫ّدَ َّ‬
                                                                                                       ‫أو تطور التاريخ.‬
                                                                                                                    ‫ُّ‬
‫ونقطة التحو ل هذه، هي واقت، يتسققم بالصققعوبة والخطققر والقلققق مققن المسققتقبل؛ ووجققوب اتخققاذ اقققرار محقدد،‬
   ‫َّ‬                                                                                                           ‫ُّ‬
           ‫وحاسم، في فترة مزمنية محددة. وجذور الكلمة، في الغريقية، هي ‪Krisis‬؛ وتعني: اقرار ‪.Decision‬‬

                                                                                     ‫علم الادارة، لومفهوم المزمة‬

‫اهتم علم الدارة بتحديد مفهوم المزمة، في علاقته بالجوانب كافة، الخاصة بالدارة وشروط النجا ح.‬
‫ولذلك، تنوعت الدراسات في مجا ل إدارة المزمات، وتعدد اهتماماتها؛ فمنها ما تناو ل إدارة المزمات بعامة؛ وثمققة‬
‫ما تناو ل موضوعات التخطيط والستعداد لمواجهتها؛ ودراسات اهتمت بعملية اتخاذ القرارات، أثناءها وأخققرى‬
‫تخصصت بأسلوب توفير المعلومات، وعملية التصالت، إبان المزمة. ومن ثم، تعددت مفاهيمها، وتركز بعضها‬
                                                        ‫ىّ‬
‫في مواقف المزمة، أو نتائجهققا، اليجابيققة أو السققلبية؛ وفققي هققذا الطقار، كققان الهتمققام بققالجراءات الواقائيققة، أو‬
‫الستجابة المطلوبة. وتحدد مفهوم المزمة، من وجهة نظر علم الدارة، بأنه حالة أو مواقف، يتسقم بالتهديققد الشقديد‬
‫للمصالح والهداف الجوهرية؛ وكذلك، يتسم بضغط الواقت، أو الضغط الزمني. ولذلك، فإن الققواقت المتققا ح لمتخققذ‬
‫القرار، اقبل واقوع الضرار المحتملة وتفااقمها، يكون محدودا جدا، ويتأثر، أساسا، بخصائصه وسماته، ومسققتوى‬
                                     ‫ع ً‬          ‫ع ً ع ً‬
                                                                                                  ‫الضغط الذي يشعر به.‬
‫علم التجتماع، لوادراسسة المزمة‬

               ‫اهتم علم الجتماع بدراسة المزمات، التي يتعرض لها البناء الجتماعي، وتأثيرها في العلاقات‬
                                                             ‫الجتماعية السائدة، وانعكاسها على الجماعات المختلفة.‬
‫وتركز أبرمز مساهماته فققي تحديققد ردود الفعققل الجتماعيققة، والسققلو ك الجتمققاعي ودراسققتها أثنققاء مواجهققة‬
‫المزمات؛ وتمثل ذلك في ظهور علم سوسيولوجيا المزمات. وأولى علم الجتماع اهتمامه النحققراف، أو الخققروج‬
                                                     ‫ّدَ دْ‬                                          ‫َّ‬
‫عن المألوف، في العلاقات والنظم الجتماعية، والذي تسببه المزمات، التي اقد تكون سببا أساسيا لتدمير العلاقققات‬
                     ‫ع ً‬     ‫ع ً‬                                                     ‫عُ‬
‫المستقرة، والضرورية للنسان. وحديثا، بدأ يركز في المخاطرة وارتباطها بالمزمة؛ إذ إنها تلفت النتبققاه إلققى مققا‬
                                                                            ‫ع ً‬
  ‫يحدق بالمجتمعات من أخطار، تمثل، على سلبيتها مبدأ محركا للمجتمع، الذي أحدث اقطيعة مع التراث والطبيعة.‬
                                                         ‫ع ً‬  ‫ع ً‬                 ‫ِّ‬                          ‫دْ قِ‬

                                                                                          ‫علم النفس، لوادراسسة المزمة‬

‫حرص علم النفس على دراسة الثار النفسية للمزمة، والتي اقد تتخذ أشكال متنوعة، كالرتبا ك والصدمة‬
                                 ‫ع ً‬
                                                                                            ‫والقلق والتوتر وعدم التوامزن.‬
‫وغالبا ما تسبب المزمة ارتباكا كبيرا للناس، في حياتهم وأساليب تكيفهم مع الضققغوط؛ وعققادة مققا تققثير مشققاعر‬
                                                                               ‫ع ً‬      ‫ع ً‬                             ‫ع ً‬
                                     ‫الخوف والصدمة. وتستند نظرية المزمة، في إطار علم النفس، إلى عدة فرضيات،‬
                                                                                                          ‫تتمثل في التي:‬
         ‫1. من الشائع، أن يمر الناس بحالة من عدم التزان، ومن تفكك النظام الجتماعي، مع وجود عوائق‬
                                                                                   ‫ضاغطة، في غضون واقائع المزمة.‬
‫2 . يعد الضغط المواقفي الحاد خبرة حياة عادية، وليست جسيمة؛ يمكنها أن تطاو ل، في الغالب، كثيرين، وفي‬
                                                                                     ‫ىّ‬                       ‫عُ ّدَ ىّ‬
                                                                                                    ‫واقت واحد من حياتهم.‬
                                       ‫3. أولئك الذين يمرون باضطرابات داخلية، يثابرون على استعادة اتزانهم.‬
                                             ‫ِّ‬
        ‫4 . أثناء الصراع، لستعادة التزان الداخلي، يكون النسان في حالة حادة، محدودة الزمن، من الضعف‬
                                         ‫ىّ‬
                                                                                                                         ‫النفسي.‬
                         ‫5. أثناء هذه الحالة من الضعف النفسي، فإن عامة الناس يكونون اقابلين للتدخل النفسي.‬
 ‫6. يمكن أن تتسم الستجابة الداخلية للناس بمراحل عامة، لرد الفعل لمزمة، والذي يمكن أن يمروا به كلهم؛‬
     ‫ىّ‬
                                                                               ‫بغض النظر عن طبيعة الحدث الوااقع.‬
                                                  ‫7. يمكن المزمات أن تنمو وتتطور، كما يمكنها أن تنتج سلبيات.‬

     ‫المزمة، إذا، من وجهة نظر علم النفس، ارتبا ك في العلاقات المستقرة، المطلوبة للنسان. وهى تظهر عندما‬
                                                                                           ‫ع ً‬
                                ‫تكون تلك العلاقة مهمة له، وعندما يدر ك الناس تحطم العلاقات أو تدهورها.‬

                                                                                            ‫المزمات لوعلتقتها التباادلية‬

‫على الرغم من أن المزمات، اقد بدأت مع بداية الخليقة؛ إل أن إدارة المزمات، لم تتبلور علما، مفاهيمه‬
          ‫قِ ع ً‬                             ‫ىّ‬
‫وأصوله، إل في النصف الثاني من القرن العشرين. ومرت دراسة المزمات بمرحلتين. انتهت أولهما بعد الحرب‬
                                   ‫ّدَ‬                                                        ‫ىّ‬
‫العالمية الثانية، وتركزت دراساتها في السرد التاريخي للحققداث، واسققتخلص دروسققها المسققتفادة. أمققا المرحلققة‬
             ‫ىّ‬
‫الثانية، فقد بدأت في ستينيات القرن العشرين، وتطورت فيها الدراسققات، حققتى شققملت المناهققج، وأدوات التحليققل‬
‫العلمي، والاقتراب التدريجي، والنتماء إلى العلوم السياسية؛ إذ ارتبط مفهوم المزمة بالعديد من المفاهيم الخرى،‬
                                                                                       ‫التي تتضح في التي:‬
                                                                                   ‫1. المشكلة ‪Problem‬‬
‫هي حالة من التوتر وعدم الرضا، الناجمين عن بعض الصعوبات، التي تعوق تحقيق الهداف. وتتضح‬
‫معالم المشكلة في حالة عدم تحقيق النتائج المطلوبة ولذلك، تكون هي السبب الساسي لحدوث حالة غير مرغوب‬
                ‫فيها؛ بل تصبح تمهيدا لمزمة، إذا اتخذت مسارا معقدا، يصعب من خلله اقع النتائج بداقة.‬
                                ‫توُّ‬             ‫ع ً‬   ‫ع ً‬                    ‫ع ً‬

                                                                                          ‫2. الكارثة ‪Disaster‬‬
‫هي حالة، سببت العديد من الخسائر في الموارد، البشرية والمادية. وتتعدد أسباب الكوارث، فتكون‬
‫طبيعيققة، مثققل: الققزلمز ل والققبراكين والحققرائق الطبيعيققة؛ أو تكققون بشققرية، مثققل الصققراعات الداريققة، أو تعققدد‬
‫المشكلت وتراكمها في كيان تنظيمي؛ واقد تكون صناعية ناتجة من استخدام معدات تكنولوجية، وأجهزة صناعية‬
                                                                                           ‫متخلفة.‬

‫تتداخل المشكلة والكارثة والمزمة، إذا استعصى حل الولققى، فتتحققو ل إلققى كارثققة، تكققون المزمققة إحققدى‬
                                                          ‫عُ‬
‫نتائجها. ولئن كانت الولى، تتحمل كثيرا من المرونة في التعامل معهققا؛ فققإن الثانيققة، ل مرانققة فيهققا، بققل تتطلققب‬
                                                                              ‫ع ً‬
                                                                                                          ‫الحسم السريع.‬
‫وللكارثة، على آثارها السلبية العديدة، جوانبها اليجابية؛ إذ إنها تعبئ المشاعر القومية، وتحفز أبناء المجتمع‬
‫إلى التعاون، للتغلب على نتائجها؛ بل إنها اقد توحدهم، على تضارب مصقالحهم، وتعققارض ميققولهم. أمققا المزمققة،‬
             ‫ىّ‬              ‫عُ‬                        ‫عُ‬             ‫ِّ‬
                                                                                  ‫فتثير الشكو ك، وتبيد الثقة في المجتمع.‬

                                                                           ‫المصطلحات المرتبطة بمفهوم المزمة‬

                                                                                 ‫1. الحادث ‪Accident‬‬
‫هو أمر فجائي، ينقضي أثره فور واقوعه؛ فل يتسم بالستمرارية، ول بالمتداد. وإذا نجمت عنه أمزمة، فإنها‬
                         ‫ل تمثله، في الحقيقة؛ وإنما هي إحدى نتائجه؛ واقد تمتد فترة، بعد نشوئها والتعامل معها.‬
                                                                                                        ‫ىّ‬
                                                                                     ‫2. الصدمة ‪Shock‬‬
‫هي الشعور المفاجئ الحاد، الناتج من حادث غير اقع؛ وهو يجمع بين الغضب والذهو ل والخوف. ومن‬
                                                   ‫متوَّ‬                      ‫ىّ‬
‫ثم، تكون الصدمة هي أحد عوارض المزمات، وإحقدى نتائجهققا؛ ولقذلك، فهقي ل تمثققل إل إطقارا خارجيقا عامقا،‬
 ‫ع ً‬    ‫ع ً‬     ‫ع ً‬         ‫ىّ‬
‫يغلف أسباب المزمة. ويتطلب التعامل معها استيعاب تأثيرها، في أاقل واقت ممكن؛ حتى يمكن الوصو ل إلى جوهر‬
                                           ‫ىّ‬
                                    ‫ما نجم عنها؛ ما يخالف التعامل مع المزمة، والذي يتركز في مواجهة جوهرها.‬
                                                                                       ‫3. الصراع ‪Conflict‬‬
‫يقترب مفهوم الصراع من مفهوم المزمة، التي تجسد تصارع إرادتين، وتضاد مصالحهما. إل أن تأثيره،‬
                           ‫ىّ‬           ‫ّدَ‬
‫ربما ل يبلغ مستوى تأثيرها، الذي اقد يصل إلى درجة التقدمير. كمقا أن الصقراع، يمكقن تحديقد أبعقاده واتجاهقاته‬
‫وهو ما‬       ‫وأطرافه وأهدافه، التي يستحيل تحديدها في المزمة. وتتصف العلاقة الصراعية، دائما، لستمرارية؛‬
                            ‫ع ً‬
                                ‫يختلف عن المزمة، التي تنتهي بعد تحقيق نتائجها السلبية، أو التمكن من مواجهتها.‬
                                                                                        ‫4. الخلف ‪Dispute‬‬
‫وهو يمثل التعارض والتضاد، وعدم التطابق، سواء في الشكل، أو في الظروف والمضمون. وهو اقد يكون‬
                                                                              ‫ىّ‬           ‫عُ‬     ‫ىّ‬
‫أحد مظاهر المزمة، أو وجها من وجوه التعبير عنها أو باعثا على نشوئها واستمرارها؛ ولكنه ل يعبر عنها تماما.‬
 ‫ع ً‬          ‫ىّ‬                                    ‫ع ً‬                            ‫ع ً‬

                                                                             ‫التطور التاريخي لعلم إادارة المزمات‬

‫انبثقت إدارة المزمات، منذ القدم، من خل ل الممارسة العملية؛ فكانت مظهرا من مظاهر تعامل النسان مع‬
                                    ‫ع ً‬
‫الموااقف الحرجة، التي يواجهها، فققي إطققار مسققميات، أي مثققل: الحنكققة، والخققبرة الدبلوماسققية، و كفققاءة القيققادة.‬
‫وكانت هذه الممارسات، هي الختبار الحقيقي لقدرته على مواجهة المزمات، وتعامله مع الموااقف الصققعبة، الققتي‬
‫تتمخض بتفجر طااقاته البداعية. ولقد اهتدت الجماعات النسانية في واقت مبكر من تاريخهقا، إلقى أسققلوب آخقر،‬      ‫ىّ‬     ‫ىّ‬
‫غير الصراع والتنافس؛ يمكنها من المحافظة على بقائها واستمرارها وتطورها. وإذا كان مبدأ البقققاء للاقققوى، اقققد‬
‫ساد المراحل الولى لنشأة النسانية، وأودى ببعض الجماعات، المتصارعة على المراعقي ومصقادر الميقاه؛ فقإن‬
‫النسان، اقد تبين أن التعاون، وااقتسام الموارد المتاحة، هما أفضل مققن الصققراع، الققذي يعققرض النسققانية لخطققر‬
                                                                                                          ‫َّ‬
                                                                                                                   ‫الفناء.‬
   ‫ولقد نشأ اصطل ح إدارة المزمات، في الصل، من خل ل علم الدارة العامة؛ وذلك للشارة إلى دور الدولة‬
                                                                  ‫في مواجهة الكوارث المفاجئة، والظروف الطارئة، مثل:‬
‫الزلمز ل والفيضانات والوبئة والحرائق، والصراعات المسلحة، والحروب الشاملة. وما لبث أن نما، بصقفته‬
‫علما، ولسيما في مجا ل العلاقات الدولية؛ للشارة إلقى أسقلوب إدارة السياسقة الخارجيققة، فقي مواجهققة الموااققف‬        ‫ع ً‬
‫الحكوميققة،‬          ‫الدولية المتوترة. وسرعان ما امزدهر في إطار علم الدارة، بكققونه أسقلوبا جديقدا، تبنتققه الجهقزة‬
                                        ‫ع ً‬   ‫ع ً‬
‫والمنظمات العامة؛ لنجامز مهام عاجلة، وضرورية، أو لحل الموااقققف الطققارئة. ومققن خل ل تحقيققق تلققك المهققام،‬
‫ظهرت إدارة المشروعات، أو فكرة غرفة العمليات، الرامية إلى إدارة المشاكل الحادة، المتفجرة؛ فهي، إذا، إدارة‬
         ‫ع ً‬                     ‫ىّ‬
‫أمزمات، وتمثل أحققد فققروع أو آليققات الدارة، مثققل: الدارة بالهققداف، أو الدارة العلميققة. وبتبلققور أسققلوب إدارة‬
                                                                                                              ‫ِّ‬
‫المزمات، بدأت تتضح إمكانية تحويله إلى نمط متكامل، ذي وحدة وظيفية متكاملة؛ لمعالجة موااقف محددة، تتمثققل‬
     ‫ىّ‬
‫في المزمات والمشاكل الصعبة؛ ليصبح، بذلك، نمطا إداريا محدد الخصقائص، لقه آليقاته الخاصقة، لمواجهقة تلقك‬
                                                              ‫ع ً‬     ‫ع ً‬
                                                                                   ‫المتعددة، والمتتالية، والمتزامنة منها.‬
‫لقد كان هنا ك اهتمام بالغ، من جانب المتخصصين، وعلماء الدارة العامة، فققي العصققر الحققالي، الققذي يتسققم‬
‫بظاهرة المؤسسات؛ إذ تبنى السياسات العامققة للنظققم السياسققية المعاصققرة، علققى الحفققاظ علققى اسققتمرارية سققيادة‬
                                                                   ‫عُ‬                      ‫عُ ّدَ‬
‫الدولققة، وضققمان هويتهققا وأمنهققا الققومي. كمققا يوجققد دور أساسققي للسياسقات التنمويققة، فقي التخطيققط والتطققوير‬
‫الداري؛ لتأصيل سبل النمققو والرفاهيققة. ويكمقل ذلقك القدور السياسقات العامقة، المتعلققة بالتوجهقات المسققتقبلية،‬
                                                                                                  ‫عُ‬
‫واستقراء المزمات المحتملة؛ إضافة إلى استنتاج التحديات، التي اقد تفرضها المزمة، سواء كانت تحديات سياسققية‬
                                                                                                         ‫أو إدارية.‬


                                                                        ‫طبيعة المزمة الدلولية لوتطورها التاريخي‬
                                                                                    ‫ُّ‬

                                                                                          ‫1. مفهوم المزمة الدولية‬
‫المزمة الدولية، هي ظاهرة سياسية، عرفتها العلاقات بين المجتمعات، اقبل أن تأخذ شكل الدو ل. ومن ثققم،‬
‫فهي تعني الحالة، التي تتسم بالتوتر الشديد، والوصو ل إلى مرحلة حرجة، تنذر بالنفجقار فقي العلاققات الطبيعيقة‬
                                                                                                                 ‫بين الدو ل.‬
‫وتشكل طورا متقدما من أطوار الصراع الدولي، الذي يبدأ بالمجادلت بين الطراف، ويطرد ليصل إلققى درجققة‬
                          ‫ىّ‬                                                                       ‫ع ً‬     ‫ع ً‬
‫الصراع المسلح. فهي، إذا، الطور الذي يسبق المواجهة العسكرية مباشرة. ويستمد مفهوم المزمة الدوليققة معققاييره‬
                                                                                               ‫ع ً‬
‫العملية، من خل ل أهمية التحديد الداقيق للحدود، الفاصلة بين المرحلة التي يمكن الدولة فيها، أن تسققعى إلققى واقققف‬
‫تدهور المواقف؛ والمرحلة التي يصققعب فيهققا تققدار ك امزديققاد حقدة المزمققة وتطورهققا إلققى صققراع مسققلح. وكلتققا‬
                                    ‫ُّ‬           ‫ىّ‬
                                                                                              ‫المرحلتين آلياتها وتقنياتها.‬
                                                                                                                    ‫ّدَ‬
‫على الرغم من تعدد الجتهادات في تحديد تعريف شامل، وداقيق، للمزمة الدوليققة، إل أن تعريققف مجمققع‬
                                                                                            ‫ُّ‬
‫سلو ك المزمة الدولية ‪ ، International Crisis Behavior ICB‬وكان هو الدق؛ إذ عرفها بمواقف ناجم عن‬
                       ‫َّ‬
                 ‫تغيير في البيئة، الخارجية أو الداخلية للقرار السياسي؛ يتسم بخصائص رئيسية، في تصور السلطة‬
   ‫السياسية العليا، ويتمثل في تهديدقِاقيم المجتمع الساسية، يواكبه أو يعقبه ترجيح المواجهة العسكرية، مع الدرا ك‬
                                                                                                       ‫ىّ‬
                                                              ‫الكامل، بأنه يوجد تواقيت محدد للرد على ذلك التهديد.‬
                                                                                   ‫2. تطور طبيعة المزمة الدولية‬ ‫ُّ‬
     ‫إن التعامل مع المزمات الدولية، هو مجا ل بحث علمي حديث؛ فلم يكن هنا ك اهتمام به، إل في عقب أمزمة‬
                                                                                       ‫الصواريخ الكوبية، عام 2691.‬
‫إل أ ّ أن دراسققة تطورهققا وتحليلققه يكشققفان عققن اختلف فققي خصائصققها وسققماتها، فققي خل ل المراحققل الزمنيققة‬
                                                                                                     ‫ُّ‬
‫المتعااقبة، ينبثق من اختلف مفاهيم الشرعية والمقن والققوة والقردع، عقبر التاريقخ. فمنقذ مقؤتمر فيينقا )4181-‬
‫5181( حتى اندلع الحرب العالمية الولى، عام 4191، بذلت محاولت لوضع ترتيبات أمنية إاقليمية، اسققتهدفت‬
                                                            ‫عُ‬
                     ‫تحقيق توامزن للقوى، وفر لوروبا أطو ل فترة سلم في تاريخها، عرفت بقرن السلم الوروبي؛‬
                                                   ‫عُ‬                                          ‫ىّ‬
‫إذ لم يكن فيها صراعات مسلحة، إل حرب القرم )4581-6581(، والحرب الفرنسققية ق ق البروسققية )0781-‬
                                                                              ‫ىّ‬
‫1781 (. وفي نهاية هذه الحقبة من التاريخ، بدأت تتضح تداعيات أمزمة الحرب العالمية الولققى، فققي إطققار تنققامي‬
‫مطالبة القوميات الوروبية المختلفة بالسققتقل ل، وتكققوين تحالفققات جديققدة، تهققدف إلققى إعققادة تققوامزن القققوى فقي‬
‫ع ً‬
‫أوروبا؛ حتى كان مصرع ولي عهد النمسا، في مدينة سراييفو، ليكون سببا لنهيار النظام الدولي، الذي كان اقائمقا‬
                                           ‫ع ً‬                                          ‫ىّ‬
                                                                                                 ‫اقبل اندلع تلك الحرب.‬
‫حفزت الخسائر، البشرية والمادية، الناجمة عن الحرب العالمية الولى، إلى البحث عن أسققباب الصققراع.‬
‫واستنتج أن سياسة القوة، هي السبب الرئيسي للصراعات المسلحة. ومن ثم، ظهرت النظرية النفعية، التي صيغت‬
    ‫قِ ّدَ‬                                                                                                      ‫عُ‬
‫في إطار المفاهيم الليبرالية، وأاقرت بوجود صراع دائم، وتعارض مصققالح بيققن الققدو ل. إل أن المصققلحة الكققبرى‬
‫لجميع الدو ل، هي تجنب الصراع المسلح. وفي إطققار هققذا المفهققوم، جسققدت عصققبة المققم مبادئهققا، الراميققة إلققى‬
                                                                                                  ‫ىّ‬
‫تجنيب العالم صدامات أخرى. وعلى الرغم من ذلك، فقد عاد تنامي المزمات إلى الظهوتر، مع جمققو ح طموحققات‬
               ‫هتلر القومية، التي لم تكتف بجمع أشلء اقومية ممزاقة بين عدة دو ل؛ بل تجاومزته إلى إحياء الدور‬
                                                                                     ‫قِ‬
                            ‫المفترض لهذه القومية، من تأكيد سموها، وتحقيق سيادتها على كافة الجناس؛‬
                                                                    ‫ىّ‬
                                  ‫تحقيقا لشعار "ألمانيا فوق الجميع". وكان بدء هتلر بتحقيق أهدافه، بغزوه‬
                                                                                                      ‫ع ً‬
                           ‫بولندا، في سبتمبر 9391، وإعلن بريطانيا الحرب عليه ق إيذانا باندلع الحرب‬
                                           ‫ع ً‬
                                                             ‫العالمية الثانية، وانهيار فكر المثالية السياسية.‬
                           ‫في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، اختفت ظاهرة تنامي المزمات، بسبب‬
                           ‫وجود الرادع النووي. ولذلك، تميزت طبيعة المزمات السياسية، في تلك الحقبة،‬
                             ‫بأنها محسوبة التصعيد والدارة. بيد أن ذلك لم يحل دون الحرب الباردة، التي‬
                                                        ‫عُ‬
‫تخللتها موااقف التصعيد والتهديد العسكري؛ إل أن الرادع النووي، دفع‬
                                             ‫ىّ‬
              ‫بالقوتين العظميين إلى اتفاق ضمني، تتفاديان به التدمير المتباد ل. ولذلك،‬
                                                                                   ‫ّدَ‬                    ‫َّ‬
            ‫لم تبلغ أي أمزمة بينهما حد الصراع المسلح؛ بل تجنبتا أي مواجهة مباشرة،‬
                                 ‫ىّ‬                                     ‫ىّ‬                     ‫ىّ‬
  ‫ولو محدودة. والضوابط، التي فرضتاها على أصداقائهما وحلفائهما، وسمت الحرب‬
                     ‫الباردة بسمة الخصومة العااقلة، وتجنب أي مواجهة نووية. فالعلاقة‬
                                                      ‫ىّ‬    ‫ُّ‬                                 ‫قِ‬
            ‫وثيقة،إذا، بين الدارة الناجحة للمزمات القطبية والخصومة العااقلة؛ إذ إنها‬              ‫ع ً‬
   ‫بددت عوامل انفجار المزمة القطبية،.فزادت من احتمالت إدارة المزمات اللحقة،‬
                                                                                     ‫والمرتبطة بها.‬
          ‫على أثر سقوط الشيوعية، وتفكك المعسكر الشراقي وانهياره، في نهايات‬
                                                               ‫ُّ‬
    ‫القرن العشرين، تواقعت المثالية السياسية، أن يزو ل خطر المواجهة ويحل السلم.‬
               ‫إل أن هذا التصور المفرط في التفاؤ ل، اقد تلشى مع انتهاء نظام القطبية‬
          ‫الثنائية. وانهار النضباط الدولي، الذي كان يواكبها، وتهاوت الضوابط التي‬
  ‫أرساها؛ ومن ثم، تفككت القيود، التي كانت مفروضة على تصعيد الصراع. فانتفت‬
           ‫العوامل المحفزة إلى احتواء المزمات الدولية، والحد من التطلعات الاقليمية‬
                                       ‫ىّ‬
            ‫المتعددة. وبدأت عمليات تسوية الحسابات التاريخية بين الدو ل، والخلفات‬
‫الدينية والعراقية، من خل ل الصراع المسلح؛ لكونه أاقصر الطرق وأسرعها في تحقيق‬
   ‫الهداف. كذلك، بدأت الصراعات الداخلية، في العديد من الدو ل، التي دخلت دائرة‬
      ‫العنف والعنف المضاد. وبذلك، يكون النظام العالمي الجديد، اقد دخل إلى مرحلة‬
        ‫أخرى، من مزيادة حدة المزمات، المحلية والدولية، التي سيعانيها فترات طويلة‬
                                                                              ‫ىّ‬
                                                                                                      ‫مقبلة.‬
                                                    ‫مفهوم الدارة بالمزمات ق علم صناعة المزمة‬
                  ‫إذا كانت إدارة المزمة، تعني كيفية التغلب عليها، بالدوات العلمية‬
                 ‫الدارية المختلفة، وتجنب سلبياتها، والستفادة من إيجابياتها؛ فإن اقوام‬
                                                                           ‫ُّ‬
                  ‫الدارة بالمزمات، هو افتعالها، واتخاذها اقناعا، لتغطية مشاكل الكيان‬
                                                ‫ع ً‬
            ‫الداري، وإخفائها؛ فهي تفقد الهتمام بها، إمزاء نظيراتها المختلقة، والشد‬
     ‫تأثيرا. ولذلك، يطلق على الدارة بالمزمات علم صناعة المزمة للتحكم والسيطرة‬                         ‫ع ً‬
         ‫على الخرين. ول تحقق المزمة المفتعلة أهدافها، إل إذا استوفت مواصفات،‬
              ‫أهمها: العداد المبكر لها، وتهيئة مسر ح التنفيذ، والتومزيع الداقيق للدوار‬
                 ‫على منفذيها، وتحديد التواقيت الملئم للتنفيذ، وإيجاد مبرراته وذرائعه.‬
              ‫وللمزمة المدبرة إيقاعها السريع، المتلحق، الذي يتسم بتراكم الفرامزات‬       ‫َّ‬
            ‫والنتائج، وكل منها تعمل على تحقيق الهدف المراد تحقيقه. وإذا لم يتحقق،‬      ‫ُّ‬
    ‫فلن يخف التأثير المصاحب لفرامزات المزمة؛ ولن تهدأ اقوى صنع المزمة، أو لن‬
                                     ‫تتراجع حتى يتحقق ذلك الهدف، الذي يتمثل في التي:‬
         ‫1. إخفاء المشاكل الرئيسية الموجودة بالفعل؛ إذ إن المزمة المفتعلة، تصرف‬
                                                                                          ‫التفكير عنها.‬
       ‫2. السعي إلى السيطرة والهيمنة على بعض الموااقع، أو المناطق؛ تحت دعوى‬
                                          ‫الحماية، أو الخوف من اعتداءات أطراف أخرى.‬
      ‫3. السعي إلى إجبار الشخاص، أو الجماعات، أو الكيانات، على اتخاذ موااقف‬
                           ‫دفاعية، بدل من موااقفها الهجومية، التي كانت تتخذها من اقبل.‬     ‫ع ً‬
                                           ‫4. الخروج من أمزمات مزمنة، يعانيها المجتمع.‬
                                  ‫5. منع الطراف الخرى من استمرار تحقيق نجاحاتها.‬
         ‫على الرغم من أن الدارة بالمزمة، ليست عملية إستراتيجية؛ وإنما عملية‬
       ‫هامشية، تنتهي بسرعة، وتحتاج إلى إعلنها السريع؛ فإن كثرة اتباعها، أصيب‬
                        ‫ِّ‬
     ‫الكيان بالضعف، وسيطرة القائد على المور سيطرة مستبدة؛ فضل عن أن ثورة‬
                    ‫ع ً‬
              ‫التصالت والمعلومات، وامزدياد الوعي، أفقدا هذا السلوب تأثيره؛ فبات‬
           ‫استخدامه يحقق، ل النتائج المطلوبة منه، إل في الكيانات، التي يسيطر فيها‬
                                                                  ‫القائد سيطرة كاملة على المجتمع.‬
                                                                              ‫أسباب نشوء المزمات‬
             ‫المزمة ما هي إل فشل لمتخذي القرار، إما بسبب خلل إداري، أو خبرة‬
     ‫محدودة، أو عدم المعرفة؛ واقد تكون بسبب تضافر هذه العوامل كلها، أو بعضها.‬
‫ولذلك، فإن تكرار المزمات وتعددها، يتطلبان تحديد أسباب نشوئها، وخاصة أن لها‬
                 ‫مقدمات، تد ل عليها، وظواهر متعددة، ترافقها بداية من مرحلة نشوئها وحتى‬
                     ‫احتوائها وإيجاد حلولها الملئمة. ولمراحل المزمة المختلفة تداعياتها، التي‬
                ‫تعد مقدمة لحداث ومتغيرات عديدة، تطرأ على الحاضر، وتطاو ل المستقبل،‬                                                ‫عُ ّدَ ىّ‬
                      ‫وتنتهي نتائجها إلى تغيير المواقف عما كان عليه اقبل نشوء المزمة. وتتعدد‬
                                                                              ‫ىّ‬
      ‫أسباب المزمات) الشكل الراقم 2(، فتكون داخلية أو خارجية، أوتعارض الهداف‬
                               ‫عُ‬
                                                                                                 ‫والمصالح؛ وتتمثل في التي:‬
                                                                                                                    ‫1. سوء الفهم‬
                                                                                                                       ‫دْ‬
                          ‫المزمات الناجمة عن سوء الفهم، تكون دائما عنيفة؛ إل أن مواجهتها،‬
                                                                 ‫ع ً‬                ‫دْ‬
                          ‫تكون سهلة، وخاصة بعد تأكد سببها، الذي غالبا ما يرجع إلى المعلومات‬
                                                               ‫ع ً‬
‫النااقصة، أو التسرع في إصدار القرارات. ولذلك، تتضح أهمية الحرص على الدراسة‬
                                                                             ‫الكاملة للمعلومات، اقبل إصدار القرار.‬
                                                                                       ‫2. عدم استيعاب المعلومات بداقة‬
    ‫يشترط اتخاذ القرارات السديدة، استيعاب المعلومات وتفهمها بصورة صحيحة.‬
                                           ‫ُّ‬
                   ‫إذ إن الخطأ في إدراكها وتداخل الرؤية، سيكونان سببا لنشوء أمزمات عنيفة‬
                                                   ‫ع ً‬
                ‫الشدة، للكيان الداري، أو المشروع، أو الدولة، ناجما عن انفصام العلاقة بين‬
                                                       ‫ع ً‬
                 ‫ذلك الكيان والقرارات المتخذة. وعندئذ ستتفشى الرتجالية والعشوائية، حتى‬
        ‫تكونا أمزمة اضمحل ل الولء والنتماء؛ ويكون هنا ك مجا ل خصب لنتشار القيم‬
              ‫قِ‬                                                                                                                 ‫َّ‬
                                        ‫السلبية والقهر والتخاذ ل، ويعم الفساد؛ ما يؤدي انهيار الكيان.‬
                                                                                                         ‫3. سوء التقدير والتقييم‬
‫هو من أكثر أسباب نشوء المزمات، وخاصة في حالة الصطدام العسكري، الناشئ‬
              ‫عن الفراط في الثقة غير الوااقعية، واستمرار خداع الذات بالتفوق؛ فضل عن‬
                      ‫ع ً‬
 ‫سوء تقدير اقدرات الطرف الخر والتقليل من شأنه؛ ما يسفر عن سوء تقدير للمواقف‬
                 ‫برمته. وتزداد التوامزنات اختلل إذا استغفل الطرف الخر نظيره، فعمد إلى‬  ‫ع ً‬
                   ‫حشد طااقاته والستعداد الجيد للمواجهة، التي يختار تواقيتها الملئم، ويحقق‬
           ‫المفاجأة، التي تصل إلى درجة الصدمة، التي تفقد الطرف الو ل توامزنه؛ فيختل‬
           ‫تفكيره، يلجأ إلى أساليب ارتجالية، عشوائية، تتمخض بأمزمة مدمرة، يصاحبها،‬
                                                                                  ‫غالبا، ضغوط عنيفة، تطيح الكيان.‬            ‫ع ً‬
                                                                                         ‫4. الدارة العشوائية، الرتجالية‬
             ‫هذا السلوب من الدارة، ل يسبب المزمات فقط؛ وإنما يساعد، كذلك، على‬
                      ‫تدمير الكيان نفسه، ويكون باعثا على تحطيم اقدراته وإمكانياته، واستعداده‬
                                                                                         ‫ع ً‬
                            ‫لمواجهتها. فالدارة العشوائية، تنبثق من الجهل،وغياب النظرة العلمية،‬
 ‫الستراتيجية؛ وتشجع النحراف والتسيب، والتكالب على المكاسب المرحلية اقصيرة‬
      ‫الجل. ويجعل ذلك متخذ القرار شخصا أجوف، ل يؤمن بالتخطيط وأهميته؛ كما‬‫ع ً‬
                 ‫يساعد على إشاعة الصراع، بين مصالح الدارة ومصالح العاملين في الكيان‬
                                  ‫الداري. وتستبد ل الدارة العشوائية الراقابة المنية بالمتابعة العلمية‬
                 ‫الواقائية؛ ما يشيع الرهاب والخوف والتطاحن والتشابك، ويصبح الكيان كله‬
                   ‫ىّ‬
                        ‫مرتعا خصبا للفساد والفساد واستباحة الموارد؛ فتتولد أمزمات عديدة؛ من‬                         ‫ع ً‬      ‫ع ً‬
         ‫أهمها: انخفاض معدلت النتاج وتدني مستواه، وارتفاع معدلت دوران العمل.‬   ‫ىّ‬
                  ‫وتعتري هذه المزمات بعامة دو ل العالم النامي، التي تفتقد الرؤية المستقبلية،‬
                                                                                                                           ‫العلمية.‬
                                                                                           ‫5. السيطرة على متخذي القرار‬
  ‫يحمل على هذه الرغبة البتزامز، وإيقاع متخذ القرار تحت ضغط، نفسي ومادي،‬
                 ‫واستغل ل تصرفاته الخاطئة، التي كان اقد ااقترفها، وبقيت سرا؛ لجباره على‬
                                        ‫قِ ًاّ‬
      ‫عُ ّدَ ىّ‬
      ‫اجترا ح تصرفات أكثر ضررا، تصبح هي نفسها مصدرا للتهديد والبتزامز. ويعد‬
                                               ‫ع ً‬                                           ‫ع ً‬
                  ‫هذا الباعث جزءا أساسيا من آليات صناعة المزمة، التي تستخدمها الكيانات‬               ‫ع ً‬        ‫ع ً‬
                          ‫العملاقة في تدمير الكيانات الصغرى؛ لجبارها على التخلي عن عقيدتها‬
                                                                                   ‫التنموية، لتتحو ل إلى تابع هامشي.‬
                                                                                                                          ‫6. اليأس‬
                   ‫اليأس أمزمة، نفسية وسلوكية، تشكل خطرا داهما على متخذي القرار؛ إذ‬
                                                           ‫ع ً‬       ‫ع ً‬
‫تحبطهم، وتفقدهم الرغبة في العمل والتطور والتقدم، وتسلمهم إلى حالة‬
                               ‫عُ‬                                                 ‫عُ‬          ‫عُ‬
   ‫راتبة)الروتين(. وتتفااقم المزمة، لتكون حالة اغتراب بين الشخص والكيان؛ وتصل‬
        ‫إلى اقمتها بانفصام مصلحتيهما؛ ويتضح ذلك في المزمات العمالية، الناتجة من‬
                                                             ‫ّدَ‬                      ‫ىّ‬
       ‫ظروف العمل غير الملئمة وانخفاض الدخو ل، وعدم مراعاة الدارة للظروف‬
  ‫النسانية. وتتطلب مواجهة هذا النوع من المزمات، إشاعة جو من المل، من خل ل‬
                                          ‫تحسين تلك الظروف، وتأمين مكاسب العاملين.‬
                                                                                 ‫7. الشائعات‬
       ‫هي من أهم مسببات المزمات وبواعثها، بل اقد تكون مصدرها الساسي، إن‬
    ‫وظفت، مقترنة بعدة حقائق ملموسة، وبأسلوب متعمد ومضلل، وفي تواقيت ملئم،‬                ‫عُ ِّ‬
     ‫وفي إطار بيئة محددة. ويتضح ذلك، من خل ل المزمات التموينية، وتلك العمالية،‬
 ‫الناجمة عن إشاعة تخفيض الجور، أو الستغناء عن عدد من العما ل. واقد يسبب ذلك‬
   ‫مظاهرات عمالية عنيفة، تتطلب معالجتها حكمة بالغة، تحو ل دون تسببها بخسائر،‬
                            ‫ىّ‬
                                                                      ‫مادية وبشرية، جسيمة.‬
                                                                           ‫8. استعراض القوة‬
         ‫تنتهج هذا السلوب الكيانات الكبيرة، الرامية إلى تحجيم الكيانات الصغيرة‬
       ‫الصاعدة. وكذلك، تلجأ إليه الكيانات الصغر، رغبة في اقياس رد فعل الكيانات‬
     ‫الكبر حجما. وبذلك، تبدأ عملية استعراض القوة، من دون حساب مسبق للنتائج،‬
                                  ‫فتولد المزمة، وتتفااقم مع تتابع الحداث وتراكم النتائج.‬
                                                                          ‫9. الخطاء البشرية‬
‫وهي أحد أسباب نشوء المزمات، سواء كانت في الماضي أو الحاضر أو المستقبل؛‬
     ‫بل اقد تكون عامل من عوامل نشوء كارثة، تتوالد منها أمزمات عديدة، تكشف عن‬‫ع ً‬
                                                                 ‫خلل في الكيان الداري.‬
                                                                   ‫01. المزمات المخططة‬
                                                                        ‫َّ‬
              ‫وهي المزمات المختلقة؛ واقد تسمى، تجومزا، في بعض الحيان، أشباه‬
                                            ‫ُّ ع ً‬   ‫َّ‬          ‫ّدَّدَ‬
 ‫المزمات ‪ .Semi-Crises‬ومصدااقها حادث خليج تونكين، حيث مر مزوراقا طوربيد،‬
                     ‫ّدَ ىّ‬
                ‫تابعان للقوات البحرية لفيتنام الشمالية، بجوار مدمرتين أمريكيتين، كانتا‬
                            ‫ّدَ‬       ‫ّدَ‬
                ‫ترابطان فيه؛ وعلى الرغم من أن ذلك لم يسفر عن أي تهديد، أو خسائر‬
                                   ‫ىّ‬
     ‫للمدمرتين، إل أن الرئيس المريكي، جونسون، تلقفه، ليفتعل أمزمة كبرى، تحمل‬
                                          ‫ىّ‬                                                 ‫ّدَ‬
                                 ‫الكونجرس المريكي على السما ح له بالتدخل في فيتنام.‬
                                                                            ‫11. اقض السبل‬
                                                                                 ‫عُ‬        ‫تناعُ‬
       ‫تنشأ المزمة، في هذه الحالة، عن اختلف طموحات منفذي القرار وأهدافهم،‬
     ‫وتعدد توجهاتهم؛ فمنهم من يعمل على تنفيذ القرارات بسرعة؛ وآخرون يتباطئون‬
            ‫فيه. وهو ما يفقد متخذ القرار رؤيته لما يدور داخل الكيان الداري، ويواقعه‬ ‫عُ‬
        ‫تحت تأثير تعارضهم. لو حاو ل التوفيق بين الجانبين، من خل ل تغيير اقراراته،‬
                                             ‫ّدَ‬                                 ‫عُ‬
                   ‫لمسى الكيان الداري متخبطا، مفتقدا وحدته الفكرية والعملية؛ للكيان‬
                                                        ‫ع ً‬      ‫ع ً‬
         ‫الداري، ما ينجم عنه أمزمات غامضة، ل يمكن تحديد أسبابها؛ فتضمحل الثقة‬
            ‫بمتخذ القرار. ومع استمرار محاولت التوفيق، تتسع دائرة عدم المصدااقية،‬
                                                    ‫ويزداد الشك في القدرات، وتتفااقم المزمة.‬
                                                                         ‫21. تضارب المصالح‬
       ‫يعد تضارب المصالح وتباينها، من السباب الرئيسية لنشوء المزمات، سواء‬                        ‫عُ ّدَ ىّ‬
              ‫على المستويين المحلي أو الدولي، بل على مستوى الوحدات، الاقتصادية‬         ‫ّدَ‬
      ‫والدارية، كذلك فإذا تضاربت المصالح بين الكيانات، أو الشخاص، برمز الدافع‬
  ‫إلى نشوء المزمة؛ إذ سيعمل كل طرف على خلق المزمات للطرف الخر. وسيسعى‬
                                                              ‫ُّ‬
    ‫كل منهما لستمرار استفحالها وضغطها على الجانب الخر. وعلى الرغم من أنها‬                                  ‫ُّ‬
         ‫ىّ‬
         ‫تضر بكل الطرفين، إل أن كل منهما، يتوخى أن يكون إضرارها بالخر أشد‬
                                                 ‫ىّ‬                  ‫ًاّ‬     ‫ّدَ‬
                                                                                                 ‫وأفد ح.‬
‫المبحث الثاني‬
                                                      ‫أنواع المزمات، والمنهج العلمي لسبرها‬
                                                             ‫قِ دْ‬
                                                                                 ‫أنماط المزمات الدولية‬
              ‫هنا ك متغيران أساسيان، يحددان أنماط المزمات الدولية وأبعادها؛ هما:‬
                   ‫اقابليتها للتحكم، وإمكانية حلها حل وسطا. وتزداد درجة اقابليتها للتحكم،‬
                                                  ‫ع ً‬               ‫ىّ ًاّ‬
        ‫كلما كانت بسيطة وغير مركبة. أما الحل الوسط، فهو رهن المصالح المشتركة‬
                                                                 ‫ىّ‬
   ‫لطرافها؛ وإن انتفت تلك المصالح، تكون احتمالت احتواء المزمة وحلها محدودة.‬
                                               ‫وتصنف المزمات الدولية أربعة أنماط، هي:‬
                                                                                          ‫1. التلعب‬
     ‫تتجسد أمزمة التلعب في مبادرة كل من طرفيها إلى استكشاف المدى، الذي يمكن‬
                                                              ‫َّ‬
    ‫إجبار الطرف الخر فيه على التخلي عن مواقفه. وغالبا ما يكون أطراف المزمات‬
                                     ‫ع ً‬
    ‫دول وحكومات ومنظمات، ذات مسؤولية دولية، توفر لها المقدرة على التحكم في‬                                    ‫ع ً‬
 ‫مسارها؛ وفي هذه الحالة، يصعب تدخل طرف ثالث في المزمة، ولو كانت حادة؛ إذ‬
       ‫ىّ‬                                                 ‫ىّ‬
 ‫سيكون هنا ك إمكانية، للتراجع والتراضي على حل وسط؛ بل إن لم يتأت ذلك الحل،‬
                ‫َّ‬
                                                ‫فإنه سيجتنب الصراع المسلح بين الدولتين.‬
                                                      ‫ّدَ‬                                    ‫عُ دْ ّدَ ّدَ‬
                                                                                          ‫2. التوريط‬
  ‫ويتسم هذا النوع من المزمات بمصالح مشتركة مهمة بين أطرافها، الذين يتصرفون‬
‫في إطار عدة ظروف، يصعب التحكم فيها؛ ما اقد يحملهم على ردود فعل، لم يستعدوا‬
                     ‫لها. واقد ينجم عن تعدد الطراف الفاعلة في المزمة، إيجاد نمط متغير‬
              ‫للتحالفات، يسفر عن تغيير لتقدير أهمية المصالح المشتركة؛ فتزداد درجة‬
           ‫التهديد. وعلى الرغم من أن أمزمات التوريط، غالبا ما تمتد فترة مزمنية طويلة‬
                                         ‫ع ً‬
                    ‫نسبيا، إل أنها ل تتسم بالحدة؛ ومن ثم، يكون هنا ك دائما حل وسط لها.‬
                              ‫ع ً ىّ‬                                       ‫ىّ‬                              ‫ع ً‬
                                                                                       ‫3. حافة الهاوية‬
        ‫هي أشد المزمات الدولية خطرا، من حيث مستوى التهديد، أو احتما ل المواجهة‬
                                                                       ‫ع ً‬                             ‫ىّ‬
  ‫المسلحة. وتتسم بدرجة حدة مرتفعة، حيث ل توجد مصالح مشتركة، أو تكون اقليلة.‬   ‫ىّ‬
‫وتتصف، في الواقت نفسه، بدرجة كبيرة من القابلية للتحكم؛ إل أن الوااقع، يؤكد‬
        ‫أهمية استعداد الطرف، الذي يزيد من حدة التوتر، للدخو ل إلى مرحلة الصراع‬
                                                      ‫ىّ‬
             ‫المسلح، وإل سيفقد مصدااقية أي تهديد، في المستقبل، ويفقد مكانته الدولية.‬
                                                                  ‫ىّ‬
                                                                                          ‫4. التفااقم الجامح‬
       ‫تسببه عدة أمزمات متعااقبة، ومترابطة، محركها الفاعل، الساسي، أطراف غير‬                                         ‫ىّ‬
       ‫رسمية، تتمثل في المنظمات السرية أو أصحاب المصالح، أو حتى الرأي العام.‬
               ‫عُ ّدَ ىّ‬
               ‫ويتسم هذا النمط من المزمات بالتعقيد؛ نظرا إلى تعدد أطرافه، الذين يعد‬
                                       ‫ُّ‬      ‫ع ً‬
  ‫تغيير أحدهم لموااقفه ضغوطا على الطراف الخرى. ومن ثم، فهو يتكون من عدة‬
                                                                     ‫ع ً‬
    ‫أمزمات متزامنة، وغير مباشرة، تتصف بمحدودية المصالح المشتركة، وبعلاقات‬
   ‫التنافس والتوتر؛ لذا، فإن أطرافها، عادة ما يكونون مستعدين لخوض نزاعات، اقد‬
                                                                       ‫تنتهي إلى صراعات مسلحة.‬
                                                                             ‫أدوات إدارة المزمة الدولية‬
                      ‫تعتمد الدولة، في إدارة المزمات، على عدة آليات، تتمثل في التي:‬
                                                                                             ‫1. الدبلوماسية‬
         ‫وهي من أهم أدوات إدارة المزمات، وخاصة في واقت السلم؛ وتعرف بأنها‬
                      ‫َّ‬
                 ‫عملية التمثيل والتفاوض بين الدو ل، من خل ل إدارتها لعلاقاتها الدولية.‬
         ‫ويتعدد استخدام الساليب الدبلوماسية لدوات الضغط الكراهي، الذي اقد تلجأ‬
          ‫إليه الدولة، عند محاولة تحقيق مكاسب معينة؛ بيد أنها ل تتمادى فيه، حتى ل‬
   ‫ينعكس على مصالحها؛ وهو يتمثل في كل تحركاتها الضاغطة على الخصم، ليقبل‬
                                                   ‫ِّ‬
      ‫مطالبها. ويمكن الدولة، كذلك، أن تلجأ إلى أدوات التعايش التوفيقي، الذي يشمل‬
          ‫كافة إجراءاتها المعبرة عن رغبتها في تسوية المزمة؛ فضل عن الشارة إلى‬
                              ‫ع ً‬                                                   ‫ِّ‬
  ‫المصلحة المشتركة لطرافها في تجنب تفااقمها. ومزج الضغط الكراهي بالتعايش‬
                                      ‫دْ‬                   ‫ىّ‬
             ‫التوفيقي مزجا مرنا، ومتزنا، اقد يسوي المزمة الدولية، ويحفظ على الدولة‬
                                                           ‫ِّ‬            ‫ع ً‬          ‫ع ً ع ً‬
                                                                                    ‫مصالحها الجوهرية.‬
                                                                                          ‫2. القوة العسكرية‬
           ‫تعد القوة العسكرية، هي الداة الرئيسية لفرض الرادة على الغير. ولكي‬                                  ‫عُ ّدَ‬
‫تحقق دورها في إدارة المزمات، يجب أن يكون هنا ك استعداد كامل للدفاع عن أراضي‬
               ‫الدولة ونظامها السياسي. ول يتأتى لها ذلك إل بداقة المعلومات وتكاملها،‬
                                            ‫ىّ‬                 ‫ىّ‬
            ‫الذين يساعدانها على احتواء المزمة، أو إنهائها وإمزالة آثارها؛ ناهيك بمدى‬                                     ‫ّدَ‬
          ‫اقدرة الدولة وأجهزتها، على التجاوب والتنسيق مع القوة العسكرية، في إدارة‬
                                                                                                          ‫المزمة.‬
                                                                              ‫3. المساعدات الاقتصادية‬
              ‫المساعدات الاقتصادية عامل من العوامل المهمة في العلاقات الدولية؛‬
              ‫ولذلك، فهي أداة مهمة في إدارة المزمات الدولية؛ إذ يمكن التوسل بها إلى‬
                          ‫ُّ‬
          ‫فرض الرادة، وخاصة على الدو ل النامية، التي تحتاج إلى الدعم الاقتصادي‬
                                                                                                              ‫الدائم.‬
                                                                                                 ‫4. التجسس‬
                                                                                                     ‫ىّ‬
        ‫لبد لدارة المزمات من أعما ل الجاسوسية والستخبارات، التي تتيح تحديد‬                                 ‫ىّ‬
         ‫اقدرات الخصم، السياسية والاقتصادية والعسكرية؛ بل يمكنها، كذلك، إضعاف‬
  ‫اقدراته، ودعم معارضيه، وتخريب مرافقه ومنشآته الحيوية؛ إضافة إلى تأثيرها في‬
                                                           ‫ّدَ‬
                                                                                         ‫الرأي العام لشعبه.‬
                                                                                          ‫5. الحرب النفسية‬
      ‫ساعد تطور وسائل التصا ل، وأجهزة العلم، وفاعلية دورها المؤثر، على‬                        ‫ُّ‬
       ‫جعل الحرب النفسية أداة من أدوات إدارة المزمات، بتناسق متكامل بين مختلف‬                                         ‫دْ‬
     ‫آليات تلك الدارة. فالدعاية اقد تسبق العمل العسكري، وتمهد له، وتؤهل المجتمع‬
            ‫الدولي لتدابيره، وإضفاء الشرعية عليه؛ بل تصاحب العمل، الدبلوماسي أو‬
        ‫الاقتصادي، كذلك، لثارة جبهة العدو الداخلية، أو تكثيف الحملت العلمية،‬
                                                         ‫ىّ‬
                                  ‫لدفع الرأي العام إلى مناصرة مواقف ما، أو التشكيك فيه.‬
                                                                      ‫مراحل اقم المزمات الدولية‬  ‫تفاعُ‬
                                     ‫تصعد المزمة الدولية، من خل ل عدة مراحل، هي:‬                        ‫َّ َّ‬
‫المرحلة الولى: مناورات ما اقبل المزمة، وتتضمن حالة الحرب الباردة؛‬
              ‫والتعريض، السياسي والاقتصادي والدبلوماسي؛ والتصريحات الرسمية.‬
            ‫بداية المزمة التقليدية، وتتضمن تشدد الموااقف وتواجه‬
             ‫عُ‬                                                             ‫المرحلة الثانية:‬
                                                                 ‫الرادات، وإظهار القوة.‬
                ‫بلوغ المزمة درجة الحدة، وتتضمن تخفيض التمثيل‬
                                             ‫ىّ‬                             ‫المرحلة الثالثة:‬
                 ‫الدبلوماسي؛ وتجميد العلاقات؛ وربما بعض العما ل الحربية التقليدية،‬
                                                                                        ‫المحدودة.‬
      ‫المرحلة الرابعة: إعلن الحرب التقليدية، وإجلء السكان من المناطق الحدودية،‬
                                                    ‫ورفع الستعداد العسكري إلى أاقصاه.‬
      ‫المرحلة الخامسة: تحو ل الحرب التقليدية إلى صراع مسلح مركزي، في مناطق‬
                                                                     ‫ُّ‬
         ‫محددة. وتكون العمليات العسكرية الهجومية على مناطق داخل الدولة، بهدف‬
                                                     ‫التأثير في اقدراتها، البشرية والمادية.‬
  ‫المرحلة السادسة: إعلن الحرب الشاملة، وخللها يكون هنا ك الصراع المسلح، اقد‬
      ‫بدأ بصورة بطيئة، وفي الواقت نفسه، يكون الصراع بين الجانبين، اقد وصل إلى‬
                          ‫ّدَ‬
                                                                    ‫درجة شديدة الضعف.‬
   ‫المرحلة السابعة: بداية حرب المدن، بلوغ التدمير أعلى درجاته. ويصبح الصراع‬
         ‫المسلح حربا شديدة الخطر، تستخدم فيها السلحة كافة، تقليدية وغير تقليدية،‬
                                                             ‫عُ‬                 ‫ع ً‬
                                                                        ‫وتنفذ صور القتا ل.‬
                                                                                         ‫عُ َّ‬
                                     ‫إدارة المزمات الدولية، في ظل النظام العالمي الجديد‬
‫الغرض الساسي لدارة المزمات الدولية، هو تجنب وصولها إلى مرحلة الصراع‬
                                   ‫ىّ‬
        ‫المسلح؛ تطورها إلى اقتا ل، هو إيذان بفشل الدارة في تحقيق أهدافها. واقوانين‬
                                                                               ‫ُّ‬
                ‫تلك الدارة، تختلف كلية عن اقوانين القتا ل ومبادئه؛ إذ هي وسيلة للردع‬
         ‫‪Detervence‬؛ بينما هو فن استخدام السلحة، لمنع القتا ل، أو هو فن تجنب‬
            ‫ىّ‬
     ‫القتا ل. ويكون متخذ القرار، في إدارة المزمة، مجبرا على التعامل بمهارة؛ حتى‬
                                   ‫ع ً‬
            ‫يمكنه توجيه الضربة الولى، وكذلك الثانية. وإذا كانت القدرة على توجيه‬
        ‫الضربة الولى متاحة وممكنة، فكل دولة، تصبح اقادرة على بداية القتا ل، في‬
                                                    ‫ُّ‬
        ‫المكان الذي تريده، والواقت الذي تحدده، وبالطريقة التي تخطط لها؛ غير أنه‬
     ‫يستحيل عليها أن تواقفه في المكان الذي تريده، و الواقت الذي تحدده، وبالطريقة‬
       ‫التي تأملها؛ لن ذلك يتطلب حسابات داقيقة، ومعقدة، عن الضربة الثانية، التي‬
                                                           ‫تكون ردا على الضربة الولى.‬
                                                                               ‫ع ً‬
        ‫مع البدء بتكوين نظام عالمي جديد، وخاصة بعد انهيار التحاد السوفيتي،‬
               ‫تباينت الراء في اختفاء الصراعات العقائدية، ليحل بدل منها المنافسات‬
                               ‫ع ً‬
           ‫الاقتصادية. إل أنه، في الواقت نفسه، اتسعت الفجوة بين الشما ل والجنوب،‬
                                                                          ‫ىّ‬
          ‫وامزدادت التفراقة بين دو ل العالم، الغنية القوية والفقيرة الضعيفة، واستمرار‬
      ‫الستخفاف بالقانون الدولي. وفي هذا الطار، اتسمت المزمات الدولية، في ظل‬
                                                            ‫النظام العالمي الجديد، بالتي:‬
     ‫1. انضمام الدو ل العظمى كلها، على خلفاتها، الرئيسية أو الفرعية، إلى تحالف‬
     ‫دولي، في مواجهة أمزمة الخليج. ويتكرر هذا التحالف، بصورة أخرى، لمواجهة‬
          ‫الرهاب؛ ولكن إدارة المزمة الاقليمية، فقدت آليتها؛ إذ لم تقتصر على اقوى‬
      ‫متدخل، وأخرى مرااقبة؛ بل أصبح لكل الدو ل دور فيها، ولو بدرجات متفاوتة.‬
                                                ‫ِّ‬
             ‫2. سهولة استخدام القوة العالمية في إدارة المزمة الاقليمية، بعد أن اختفى‬
    ‫تحدي القوات العالمية الخرى. وفي الواقت نفسه أصبح استخدامها أكثر صعوبة،‬
        ‫ومحفوفا بالخطار؛ لنه صار محكوما، بطريقة أكثر انضباطا، بقوى عالمية‬
                        ‫ع ً‬                     ‫ع ً‬                                ‫ع ً‬
                                                                         ‫مستعدة للتدخل.‬
      ‫3. إذا كان الغرض من إدارة المزمة، في النظام العالمي ثنائي القطبية، هو منع‬
      ‫استخدام القوة؛ فإن هذا السلوب، يظل اقائما، في ظل النظام الدولي الحالي، مع‬
                                           ‫ع ً‬
   ‫استثناء أن وصو ل المزمة إلى ذروتها، اقد يمهد الطريق لتدخل اقوى عالمية، لحسم‬
                            ‫ىّ‬
                                   ‫المواقف؛ المر الذي كان محفوفا بالقيود، في السابق.‬
                                                       ‫ع ً‬
     ‫4. امزدياد اللجوء إلى استخدام الشرعية الدولية في التحكم في بعض الصراعات‬
               ‫الاقليمية، على الرغم من أنها تطبق بطريقة انتقائية. ففي النظام العالمي‬
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل
الكامل

More Related Content

Viewers also liked

Viewers also liked (9)

Social network & Digital ages
Social network & Digital agesSocial network & Digital ages
Social network & Digital ages
 
البرمجة
البرمجةالبرمجة
البرمجة
 
American retail presentation
American retail presentationAmerican retail presentation
American retail presentation
 
Digitization and Digital library
Digitization and Digital libraryDigitization and Digital library
Digitization and Digital library
 
Decision making good
Decision making goodDecision making good
Decision making good
 
Console wars
Console warsConsole wars
Console wars
 
Multimedia Game and Interactive Entertainment
Multimedia Game and Interactive EntertainmentMultimedia Game and Interactive Entertainment
Multimedia Game and Interactive Entertainment
 
Mineral metabolism
Mineral metabolismMineral metabolism
Mineral metabolism
 
โปรแกรม Citavi สำหรับช่วยทบทวนวรรณกรรม
โปรแกรม Citavi สำหรับช่วยทบทวนวรรณกรรมโปรแกรม Citavi สำหรับช่วยทบทวนวรรณกรรม
โปรแกรม Citavi สำหรับช่วยทบทวนวรรณกรรม
 

Similar to الكامل

جميل الحمداوي..........بيار بورديو.pdf
جميل الحمداوي..........بيار بورديو.pdfجميل الحمداوي..........بيار بورديو.pdf
جميل الحمداوي..........بيار بورديو.pdfSelmaKounda
 
تحديات المستقبل
تحديات المستقبلتحديات المستقبل
تحديات المستقبلOsama Bekhit
 
التربية الجنسية رهان مؤجل
التربية الجنسية رهان مؤجلالتربية الجنسية رهان مؤجل
التربية الجنسية رهان مؤجلHamid Benkhibech
 
العصبية وتجلياتها في المجتمع اليمني المعاصر
 العصبية وتجلياتها في المجتمع اليمني المعاصر العصبية وتجلياتها في المجتمع اليمني المعاصر
العصبية وتجلياتها في المجتمع اليمني المعاصرحسن قروق
 
2الخصوصية و الكونية2014 f
2الخصوصية و الكونية2014 f2الخصوصية و الكونية2014 f
2الخصوصية و الكونية2014 fFedi Ch
 
دور الحراك الاجتماعي في الحصول على المكانة الاجتماعية
دور الحراك الاجتماعي في الحصول على المكانة الاجتماعية دور الحراك الاجتماعي في الحصول على المكانة الاجتماعية
دور الحراك الاجتماعي في الحصول على المكانة الاجتماعية حسن قروق
 
Multiculturalisme
MulticulturalismeMulticulturalisme
MulticulturalismeSAA SAA
 
التدافع ذ محمد الحمداوي
التدافع ذ محمد الحمداويالتدافع ذ محمد الحمداوي
التدافع ذ محمد الحمداويAziz Atti
 
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيمبسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيمAhmed Al-malki
 
مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...
مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...
مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...Awni Etaywe - S. M.
 
مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...
مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...
مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...Awni Etaywe - S. M.
 
بورديو بين الحياديّة العلميّة والالتزام المجتمعي من خلال كتابيه «حرفة عالم ال...
بورديو بين الحياديّة العلميّة والالتزام المجتمعي من خلال كتابيه «حرفة عالم ال...بورديو بين الحياديّة العلميّة والالتزام المجتمعي من خلال كتابيه «حرفة عالم ال...
بورديو بين الحياديّة العلميّة والالتزام المجتمعي من خلال كتابيه «حرفة عالم ال...Mohamed Bacim AYADI
 
Ay dawla - copy
Ay dawla - copyAy dawla - copy
Ay dawla - copymanalamhaz
 
البنى المؤثرة في التصوير الاسلامي
البنى المؤثرة في التصوير الاسلاميالبنى المؤثرة في التصوير الاسلامي
البنى المؤثرة في التصوير الاسلاميد. صبا الياسري
 
النسق التقنى وتاثيره على العمران فى مصر فى فتره الستينيات
النسق التقنى وتاثيره على العمران فى مصر فى فتره الستينياتالنسق التقنى وتاثيره على العمران فى مصر فى فتره الستينيات
النسق التقنى وتاثيره على العمران فى مصر فى فتره الستينياتSakina Shalaby
 

Similar to الكامل (20)

جميل الحمداوي..........بيار بورديو.pdf
جميل الحمداوي..........بيار بورديو.pdfجميل الحمداوي..........بيار بورديو.pdf
جميل الحمداوي..........بيار بورديو.pdf
 
تحديات المستقبل
تحديات المستقبلتحديات المستقبل
تحديات المستقبل
 
التربية الجنسية رهان مؤجل
التربية الجنسية رهان مؤجلالتربية الجنسية رهان مؤجل
التربية الجنسية رهان مؤجل
 
العصبية وتجلياتها في المجتمع اليمني المعاصر
 العصبية وتجلياتها في المجتمع اليمني المعاصر العصبية وتجلياتها في المجتمع اليمني المعاصر
العصبية وتجلياتها في المجتمع اليمني المعاصر
 
2الخصوصية و الكونية2014 f
2الخصوصية و الكونية2014 f2الخصوصية و الكونية2014 f
2الخصوصية و الكونية2014 f
 
دور الحراك الاجتماعي في الحصول على المكانة الاجتماعية
دور الحراك الاجتماعي في الحصول على المكانة الاجتماعية دور الحراك الاجتماعي في الحصول على المكانة الاجتماعية
دور الحراك الاجتماعي في الحصول على المكانة الاجتماعية
 
Multiculturalisme
MulticulturalismeMulticulturalisme
Multiculturalisme
 
التدافع ذ محمد الحمداوي
التدافع ذ محمد الحمداويالتدافع ذ محمد الحمداوي
التدافع ذ محمد الحمداوي
 
العولمة
العولمةالعولمة
العولمة
 
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيمبسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
 
النهضة
النهضةالنهضة
النهضة
 
التعصب
التعصبالتعصب
التعصب
 
مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...
مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...
مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...
 
مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...
مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...
مقالة التطرف لعوني العطيوي للنشر Study of extremism and strategies to fight i...
 
بورديو بين الحياديّة العلميّة والالتزام المجتمعي من خلال كتابيه «حرفة عالم ال...
بورديو بين الحياديّة العلميّة والالتزام المجتمعي من خلال كتابيه «حرفة عالم ال...بورديو بين الحياديّة العلميّة والالتزام المجتمعي من خلال كتابيه «حرفة عالم ال...
بورديو بين الحياديّة العلميّة والالتزام المجتمعي من خلال كتابيه «حرفة عالم ال...
 
4547
45474547
4547
 
Ay dawla - copy
Ay dawla - copyAy dawla - copy
Ay dawla - copy
 
Globalization
GlobalizationGlobalization
Globalization
 
البنى المؤثرة في التصوير الاسلامي
البنى المؤثرة في التصوير الاسلاميالبنى المؤثرة في التصوير الاسلامي
البنى المؤثرة في التصوير الاسلامي
 
النسق التقنى وتاثيره على العمران فى مصر فى فتره الستينيات
النسق التقنى وتاثيره على العمران فى مصر فى فتره الستينياتالنسق التقنى وتاثيره على العمران فى مصر فى فتره الستينيات
النسق التقنى وتاثيره على العمران فى مصر فى فتره الستينيات
 

الكامل

  • 1. ‫المقدمة‬ ‫إن ظاهرة الصراع، هي إحدى حقائق العلاقات، منذ فجر التاريخ. وعالم اليوم، يتميز بالمتغيرات السريعة،‬ ‫التي أسفرت عن توترات شقتى، تؤكقد اتصقافه بالكيانقات الكقبرى، والمصقالح المتباينقة. وعلقى الرغقم مقن التققدم‬ ‫ىّ‬ ‫الحضاري، وثبات الدعائم والسس، التي تقوم عليها العلاقات؛ فإن العالم، يتسم بتعقدد المزمقات، القتي يواجههقا،‬ ‫والناجمة عن اختل ل توامزنات القوى الكبرى، وتزايد أطماعها؛ مع سقعي الققوى الصقغرى إلقى تحقيقق مزيقد مقن‬ ‫الستقل ل والنمو؛ ما أدى صراعات عنيفة، وتحالفات متعددة التوجهات. وتمخض ذلك بأمزمقات، عالميقة وإاقليميقة‬ ‫ومحلية، متعددة الوجوه، ذات طبيعة، مزمانية ومكانية، مركبة، ومعقدة.‬ ‫لقد كان تفاعل العلاقات، بين القوى والكيانات المختلفة، وصراعاتها الخفيقة والعلنيقة، بهقدف نققل مراكقز‬ ‫السيطرة والهيمنة ق من عوامقل مزيقادة حقدة المزمقات، إذ بينمقا تعمقل القدو ل المتقدمقة علقى امتل ك عناصقر الققوة‬ ‫ىّ‬ ‫المختلفة، والرتقاء وسائلها المادية؛ فإن الدو ل النامية، تختلف أمزماتها، بسقبب إفرامزاتهقا المتنااقضقة، الناتجقة مقن‬ ‫الحقبة الستعمارية؛ فضل عن طموحات الستقل ل والتنمية؛ ما ينعكس علقى السقلوكيات الجتماعيقة. وإذا كقانت‬ ‫ع ً‬ ‫الدو ل المتقدمة، تتعامل مع أمزماتها بمناهج علمية؛ فإن الدو ل الناميققة، ترفقض اتبقاع هقذه السقاليب، فققي مواجهققة‬ ‫ِّ‬ ‫أمزماتها؛ ولذلك، تكون تلك المزمات أشد عمققا، وأاققوى تقأثيرا؛ بسقبب التفاعقل الواضقح بيقن عقدم اتبقاع المناهقج‬ ‫ِّ‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫العلمية، في التعامل مع المزمات، بين الجهل بتلك لهذه المناهج، والتمسك بالساليب، العشوائية والترتجاليية؛ مققا‬ ‫ينعكس إمكانيات الدولة واقدراتها.‬ ‫وإذا كانت المزمات، تحدث في كل مزمان ومكققان؛ فققإن العققالم المعاصققر، بعققد أن أصققبح وحققدة متقاربققة،‬ ‫ِّ‬ ‫سياسيا وااقتصاديا وثقافيا واجتماعيا ق بات أي من كياناته عرضة لمزمات، التي تعصف به، مققن واقققت إلققى آخققر،‬ ‫ىّ‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫وتؤثر في مجتمعاته تأثيرات متفاوتة. ولذلك، أصققبح اسققتخدام المناهققج العلميققة فققي مواجهققة المزمققات، ضققرورة‬ ‫ملحة؛ ليس لتحقيق نتائج إيجابية من التعامل معها؛ وإنما لتجنب نتائجها المدمرة.‬ ‫ىّ‬ ‫َّ‬ ‫وعلم إدارة المزمات، يعد من العلوم النسانية حديثة النشأة. وأبرمزت أهميته التغيرات العالمية، التي أخلت‬ ‫عُ ّدَ ىّ‬ ‫بموامزين القوى، الاقليمية والعالمية، وأوجبققت رصققدها وتحليققل حركتهققا واتجاهاتهققا. ومققن ثققم؛ يكققون علققم إدارة‬ ‫ّدَ‬ ‫دْ‬ ‫المزمات، هو علم المستقبل؛ إذ يعمل على التكيف مع المتغيرات، وتحريققك الثققوابت واقققوى الفعققل المختلفققة، ذات‬ ‫التأثير، السياسي والاقتصادي والجتماعي، وكذلك الثقافي.‬ ‫وإذا كان ذلك العلقم مقن العلققوم المسققتقلة بققذاتها؛ إل أنقه، فقي القواقت نفسققه، يتصقل اتصقال مباشقرا بقالعلوم‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫ىّ‬ ‫النسانية.‬
  • 2. ‫الفصل اللول‬ ‫المفاهيم العامة، لوالسسس النظرية لادارة المزمات‬ ‫على الرغم من أن المزمة هي وليدة مجتمعها؛ إل أنها تؤثر فيه تأثيرا مباشرا، وتتفاعل مع معطياته‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫ىّ‬ ‫وظروفه. والتفاعل المتباد ل بين المزمة والمجتمع، يحكمه، في الساس، الفكر السائد في المجتمع؛ فكلما كان ذلققك‬ ‫ع ً‬ ‫الفكر متقدما، امزدادت اقدرة المجتمع على تجاومز أمزماته. وامزديقاد شقدة المزمقة واسقتفحالها، لقن يكونقا سقببا كافيقا‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫لتدمير المجتمعات وانهيارها، وخاصة تلك والراغبة في مواجهتها. ولن يتحقق ذلك، إل مققن خل ل إدارة، تسققيطر‬ ‫ىّ‬ ‫علىقِاقيم المجتمع ومثله العليا، وتكون اقادرة على تنظيم مسيرته، وتعمل على تقوية دعائمه وروابطه فض قل عققن‬ ‫ع ً‬ ‫عُ عُ‬ ‫المشاركة الفعالة، من أبناء المجتمع، فقي مواجهقة ومقاومققة التصقدعات، القتي تنعكققس علقى اقققدراته، وتقؤثر فقي‬ ‫إمكانياته.‬ ‫وإذا كققان التققأثير المتبققاد ل، بيققن المزمققة والمجتمققع، يتأطققد بعلاقققات متنااقضققة، ويتققأتى مققن المصققالح‬ ‫ىّ‬ ‫َّ‬ ‫المتعارضة للقوى، التي أوجدتها، تلك المضادة لهققا؛ إل أن المزمققة ليسققت إل مؤشققر واضققح، يؤكققد خلل مققا، اقققد‬ ‫ع ً‬ ‫ىّ‬ ‫اعترى المجتمع، ويلزم مواجهته بالساليب العلمية، حتى يمكن إعادته إلى توامزنه الطبيعي.‬ ‫وسواء حااقت المزمات بشخص، أو مجتمع، أو دو ل؛ فإنها أصبحت جزءا أساسيا مققن نسققيج الحيققاة، وحقيقققة‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫من حقائقها، ومرحلة متقدمة من مراحل الصراع، ومظهرا مققن مظققاهره، علققى أي نطققاق أو مسققتوى؛ بققدءا مققن‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫الصراع النفسي، والصراع بين الشخاص، والصراع داخل المجتمع، بمستوياته المختلفقة، والققذي يشقمل السقرة‬ ‫دْ‬ ‫والقبيلة والعشيرة، حتى مستوى الدولة نفسها؛ وانتهاء إلى الصراع بين الدو ل المختلفة.‬ ‫وتتعدد أوجه الصراع وأشكاله، ففي العصور القديمققة، كقان الصقراع بسقبب المققوارد المحققدودة، أو الفققرص‬ ‫المعنوية المفقودة، حيث بدأت الصراعات، بيققن الشققخاص والقبققائل البدائيققة، علققى الميققاه والمراعقي. وتطققورت‬ ‫السباب، لتصبح احتل ل أراضي لغير.‬ ‫ومنذ القرن السادس عشر، بدأ شكل جديد للصراع على الموارد الاقتصادية، وتوسيع التجقارة؛ مقا أدى تعقارض‬ ‫المصالح. وأسفر الصراع على السواق، ومصادر الموارد الولية، عن الظاهرة السقتعمارية، القتي أثقارت، فقي‬ ‫الواقت نفسه، صراعا، فكريا وأيديولوجيا بين النظققم الرأسققمالية والشققتراكية؛ وتحقو ل، فققي إحققدى مراحلققه، إلققى‬ ‫َّ‬ ‫عُ‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫صراعات مسلحة مديدة.‬ ‫المبحث اللول‬
  • 3. ‫مفهوم إادارة المزمات‬ ‫تتعدد أسباب المزمات بتعدد الصراعات وتنوعها. فقد تكون لعوامل، ااقتصادية واجتماعية، ناجمة عن‬ ‫ىّ‬ ‫امزدياد الفوارق الجتماعية بين طبقات المجتمع.‬ ‫وتكون عواملها سياسية، اقوامها التفاخر، القومي والديني، في المجتمعات ذات العققراق والققديانات المختلفققة، أو‬ ‫الصراعات، الحزبية والثقافية، وعدم المشاركة السياسية. كذلك، اقد يكون سبب الصراع، في مجتمع ما، هو تبققاين‬ ‫اقيمه ومبادئه، والذي يؤو ل إلى تنافر أيديولوجي، بين الطوائف الجتماعية المتباينة، أو بين نظام الحكم والشققعب.‬ ‫قِ ّدَ‬ ‫وبذلك، تتضح معالم الصراع الداخلي، وتأخذ شكل من أشققكا ل المقاومققة، حينمققا تفتقققد تسققويته الليققات الملئمققة،‬ ‫ع ً‬ ‫والفاعلة؛ فضل عن القدرة على تحقيقق التقوامزن الجتمقاعي فقي الدولقة؛ مقا يفققد الحكقم شقرعيته، ويشقعر أبنقاء‬ ‫عُ قِ‬ ‫عُ دْ قِ‬ ‫ع ً‬ ‫المجتمع بالتمزق، وفقدان الهوية، والغتراب. وبذلك، تكون المزمة مرحلة من مراحققل الصققراع، الققذي تتسققم بققه‬ ‫عمليات التفاعل الناشط، أينما وجدت الحياة، وفي أي صورة من صورها المختلفة.‬ ‫ىّ‬ ‫تط وتر مفهوم إادارة المزمات‬ ‫ّ‬ ‫يصعب تحديد مفهوم داقيق وشامل للمزمة، وخاصة بعد اتساع نطاق استعماله، وانطبااقه على مختلف‬ ‫صور العلاقات النسانية، وفي مجقالت التعامقل كافقة. إل أن تطقوره التقاريخي، اققد ظهقر فقي الطقب الغريققي‬ ‫القديم، تعبيرا عن نقطة تحو ل مصيرية في تطور المرض، يرتهن بها شفاء المريض، خل ل فققترة مزمنيققة محققددة،‬ ‫ُّ‬ ‫ع ً‬ ‫أو موته ومن ثم، تكون مؤشرات المرض، أو دلئل المزمة، هي العراض، التي تظهر على المريض، والناجمققة‬ ‫ّدَ‬ ‫عن الصراع، بين الميكروبات والجراثيم ومقاومة الجسم لها؛ وليس عن المزمة المرضية، التي ألمت به. وبعد أن‬ ‫شاع اصطل ح المزمة، في المعاجم والكتب الطبية، بدأ استخدامه، مع بداية القرن التاسققع عشققر، فققي التعققبير عققن‬ ‫ظهققور المشققاكل، الققتي تواجههققا الققدو ل، إشققارة إلققى نقققاط التحققو ل الحاسققمة، فققي تطققور العلاقققات السياسققية‬ ‫والاقتصادية والجتماعية.‬ ‫في عام 7391 ، عرفت المزمة بأنها خلل فققاد ح، وفققاجئ، فققي العلاقققة بيققن العققرض والطلققب، فققي السققلع‬ ‫عُ ِّ‬ ‫والخدمات ورؤوس الموا ل. ومنذ ذلك التاريخ، بدأ التوسع في استخدام مصطلح المزمققة، فققي إطققار علققم النفققس،‬ ‫عند الحقديث عقن أمزمققة الهويققة. وكققذلك، اسققتخدمه الققديموجرافيون، عنققد حقديثهم عقن أمزمقة النفجقار السققكاني.‬ ‫وأسفر استخدامه عن تداخل، بين مفهوم المزمة والمفاهيم المختلفة، ذات الرتباط الحيوي، والوثيق به.‬ ‫مفهوم المزمة، في العلوم الجتماعية تعني المزمققة، فققي اللغققة العربيققة: الشققدة والقحققط. وأمزم عققن الشققيء:‬ ‫ّدَ ّدَ ّدَ‬ ‫أمسك عنه. وأمزم على الشيء أمزما: عض بالفم كله عضا شققديدا. وتققأمزم: أصققابته أمزمققة. وفققي اللغققة النجليزيققة،‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫ِّ‬ ‫دْ ع ً‬ ‫ّدَ ّدَ ّدَ‬ ‫تعريف المزمة؛ فيعرفها اقاموس وبستر ‪ Crisis‬بأنها نقطة تحو ل إلى الحسن أو إلى السوأ، في مققرض خطيققر،‬ ‫ُّ‬ ‫ىّ‬ ‫اقاموس أمريكان‬ ‫أو خلل في الوظائف، أو تغيير جذري في حالة النسان، وفي أوضاع غير مستقرة. وعرفها‬ ‫َّ‬ ‫هيرتيج بأنها واقت أو اقرار حاسم، أو حالة غير مستقرة، تشمل تغييرا حاسما، متواقعا؛ كما في الشؤون السياسية.‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫الماليققة‬ ‫أما اقاموس أكسفورد، فعرفها بأنها نقطة تحو ل، أو لحظة حاسمة في مجرى حياة النسان، كالمزمققة‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ىّ‬ ‫أو السياسية. وكذلك عرف اقاموس جامعة أكسفورد المزمة، بأنها نقطة تحو ل في تطور المرض، أو تطور الحياة،‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّدَ َّ‬ ‫أو تطور التاريخ.‬ ‫ُّ‬ ‫ونقطة التحو ل هذه، هي واقت، يتسققم بالصققعوبة والخطققر والقلققق مققن المسققتقبل؛ ووجققوب اتخققاذ اقققرار محقدد،‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫وحاسم، في فترة مزمنية محددة. وجذور الكلمة، في الغريقية، هي ‪Krisis‬؛ وتعني: اقرار ‪.Decision‬‬ ‫علم الادارة، لومفهوم المزمة‬ ‫اهتم علم الدارة بتحديد مفهوم المزمة، في علاقته بالجوانب كافة، الخاصة بالدارة وشروط النجا ح.‬ ‫ولذلك، تنوعت الدراسات في مجا ل إدارة المزمات، وتعدد اهتماماتها؛ فمنها ما تناو ل إدارة المزمات بعامة؛ وثمققة‬ ‫ما تناو ل موضوعات التخطيط والستعداد لمواجهتها؛ ودراسات اهتمت بعملية اتخاذ القرارات، أثناءها وأخققرى‬ ‫تخصصت بأسلوب توفير المعلومات، وعملية التصالت، إبان المزمة. ومن ثم، تعددت مفاهيمها، وتركز بعضها‬ ‫ىّ‬ ‫في مواقف المزمة، أو نتائجهققا، اليجابيققة أو السققلبية؛ وفققي هققذا الطقار، كققان الهتمققام بققالجراءات الواقائيققة، أو‬ ‫الستجابة المطلوبة. وتحدد مفهوم المزمة، من وجهة نظر علم الدارة، بأنه حالة أو مواقف، يتسقم بالتهديققد الشقديد‬ ‫للمصالح والهداف الجوهرية؛ وكذلك، يتسم بضغط الواقت، أو الضغط الزمني. ولذلك، فإن الققواقت المتققا ح لمتخققذ‬ ‫القرار، اقبل واقوع الضرار المحتملة وتفااقمها، يكون محدودا جدا، ويتأثر، أساسا، بخصائصه وسماته، ومسققتوى‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً ع ً‬ ‫الضغط الذي يشعر به.‬
  • 4. ‫علم التجتماع، لوادراسسة المزمة‬ ‫اهتم علم الجتماع بدراسة المزمات، التي يتعرض لها البناء الجتماعي، وتأثيرها في العلاقات‬ ‫الجتماعية السائدة، وانعكاسها على الجماعات المختلفة.‬ ‫وتركز أبرمز مساهماته فققي تحديققد ردود الفعققل الجتماعيققة، والسققلو ك الجتمققاعي ودراسققتها أثنققاء مواجهققة‬ ‫المزمات؛ وتمثل ذلك في ظهور علم سوسيولوجيا المزمات. وأولى علم الجتماع اهتمامه النحققراف، أو الخققروج‬ ‫ّدَ دْ‬ ‫َّ‬ ‫عن المألوف، في العلاقات والنظم الجتماعية، والذي تسببه المزمات، التي اقد تكون سببا أساسيا لتدمير العلاقققات‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫عُ‬ ‫المستقرة، والضرورية للنسان. وحديثا، بدأ يركز في المخاطرة وارتباطها بالمزمة؛ إذ إنها تلفت النتبققاه إلققى مققا‬ ‫ع ً‬ ‫يحدق بالمجتمعات من أخطار، تمثل، على سلبيتها مبدأ محركا للمجتمع، الذي أحدث اقطيعة مع التراث والطبيعة.‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫ِّ‬ ‫دْ قِ‬ ‫علم النفس، لوادراسسة المزمة‬ ‫حرص علم النفس على دراسة الثار النفسية للمزمة، والتي اقد تتخذ أشكال متنوعة، كالرتبا ك والصدمة‬ ‫ع ً‬ ‫والقلق والتوتر وعدم التوامزن.‬ ‫وغالبا ما تسبب المزمة ارتباكا كبيرا للناس، في حياتهم وأساليب تكيفهم مع الضققغوط؛ وعققادة مققا تققثير مشققاعر‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫الخوف والصدمة. وتستند نظرية المزمة، في إطار علم النفس، إلى عدة فرضيات،‬ ‫تتمثل في التي:‬ ‫1. من الشائع، أن يمر الناس بحالة من عدم التزان، ومن تفكك النظام الجتماعي، مع وجود عوائق‬ ‫ضاغطة، في غضون واقائع المزمة.‬ ‫2 . يعد الضغط المواقفي الحاد خبرة حياة عادية، وليست جسيمة؛ يمكنها أن تطاو ل، في الغالب، كثيرين، وفي‬ ‫ىّ‬ ‫عُ ّدَ ىّ‬ ‫واقت واحد من حياتهم.‬ ‫3. أولئك الذين يمرون باضطرابات داخلية، يثابرون على استعادة اتزانهم.‬ ‫ِّ‬ ‫4 . أثناء الصراع، لستعادة التزان الداخلي، يكون النسان في حالة حادة، محدودة الزمن، من الضعف‬ ‫ىّ‬ ‫النفسي.‬ ‫5. أثناء هذه الحالة من الضعف النفسي، فإن عامة الناس يكونون اقابلين للتدخل النفسي.‬ ‫6. يمكن أن تتسم الستجابة الداخلية للناس بمراحل عامة، لرد الفعل لمزمة، والذي يمكن أن يمروا به كلهم؛‬ ‫ىّ‬ ‫بغض النظر عن طبيعة الحدث الوااقع.‬ ‫7. يمكن المزمات أن تنمو وتتطور، كما يمكنها أن تنتج سلبيات.‬ ‫المزمة، إذا، من وجهة نظر علم النفس، ارتبا ك في العلاقات المستقرة، المطلوبة للنسان. وهى تظهر عندما‬ ‫ع ً‬ ‫تكون تلك العلاقة مهمة له، وعندما يدر ك الناس تحطم العلاقات أو تدهورها.‬ ‫المزمات لوعلتقتها التباادلية‬ ‫على الرغم من أن المزمات، اقد بدأت مع بداية الخليقة؛ إل أن إدارة المزمات، لم تتبلور علما، مفاهيمه‬ ‫قِ ع ً‬ ‫ىّ‬ ‫وأصوله، إل في النصف الثاني من القرن العشرين. ومرت دراسة المزمات بمرحلتين. انتهت أولهما بعد الحرب‬ ‫ّدَ‬ ‫ىّ‬ ‫العالمية الثانية، وتركزت دراساتها في السرد التاريخي للحققداث، واسققتخلص دروسققها المسققتفادة. أمققا المرحلققة‬ ‫ىّ‬ ‫الثانية، فقد بدأت في ستينيات القرن العشرين، وتطورت فيها الدراسققات، حققتى شققملت المناهققج، وأدوات التحليققل‬ ‫العلمي، والاقتراب التدريجي، والنتماء إلى العلوم السياسية؛ إذ ارتبط مفهوم المزمة بالعديد من المفاهيم الخرى،‬ ‫التي تتضح في التي:‬ ‫1. المشكلة ‪Problem‬‬ ‫هي حالة من التوتر وعدم الرضا، الناجمين عن بعض الصعوبات، التي تعوق تحقيق الهداف. وتتضح‬ ‫معالم المشكلة في حالة عدم تحقيق النتائج المطلوبة ولذلك، تكون هي السبب الساسي لحدوث حالة غير مرغوب‬ ‫فيها؛ بل تصبح تمهيدا لمزمة، إذا اتخذت مسارا معقدا، يصعب من خلله اقع النتائج بداقة.‬ ‫توُّ‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫2. الكارثة ‪Disaster‬‬ ‫هي حالة، سببت العديد من الخسائر في الموارد، البشرية والمادية. وتتعدد أسباب الكوارث، فتكون‬ ‫طبيعيققة، مثققل: الققزلمز ل والققبراكين والحققرائق الطبيعيققة؛ أو تكققون بشققرية، مثققل الصققراعات الداريققة، أو تعققدد‬
  • 5. ‫المشكلت وتراكمها في كيان تنظيمي؛ واقد تكون صناعية ناتجة من استخدام معدات تكنولوجية، وأجهزة صناعية‬ ‫متخلفة.‬ ‫تتداخل المشكلة والكارثة والمزمة، إذا استعصى حل الولققى، فتتحققو ل إلققى كارثققة، تكققون المزمققة إحققدى‬ ‫عُ‬ ‫نتائجها. ولئن كانت الولى، تتحمل كثيرا من المرونة في التعامل معهققا؛ فققإن الثانيققة، ل مرانققة فيهققا، بققل تتطلققب‬ ‫ع ً‬ ‫الحسم السريع.‬ ‫وللكارثة، على آثارها السلبية العديدة، جوانبها اليجابية؛ إذ إنها تعبئ المشاعر القومية، وتحفز أبناء المجتمع‬ ‫إلى التعاون، للتغلب على نتائجها؛ بل إنها اقد توحدهم، على تضارب مصقالحهم، وتعققارض ميققولهم. أمققا المزمققة،‬ ‫ىّ‬ ‫عُ‬ ‫عُ‬ ‫ِّ‬ ‫فتثير الشكو ك، وتبيد الثقة في المجتمع.‬ ‫المصطلحات المرتبطة بمفهوم المزمة‬ ‫1. الحادث ‪Accident‬‬ ‫هو أمر فجائي، ينقضي أثره فور واقوعه؛ فل يتسم بالستمرارية، ول بالمتداد. وإذا نجمت عنه أمزمة، فإنها‬ ‫ل تمثله، في الحقيقة؛ وإنما هي إحدى نتائجه؛ واقد تمتد فترة، بعد نشوئها والتعامل معها.‬ ‫ىّ‬ ‫2. الصدمة ‪Shock‬‬ ‫هي الشعور المفاجئ الحاد، الناتج من حادث غير اقع؛ وهو يجمع بين الغضب والذهو ل والخوف. ومن‬ ‫متوَّ‬ ‫ىّ‬ ‫ثم، تكون الصدمة هي أحد عوارض المزمات، وإحقدى نتائجهققا؛ ولقذلك، فهقي ل تمثققل إل إطقارا خارجيقا عامقا،‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫ىّ‬ ‫يغلف أسباب المزمة. ويتطلب التعامل معها استيعاب تأثيرها، في أاقل واقت ممكن؛ حتى يمكن الوصو ل إلى جوهر‬ ‫ىّ‬ ‫ما نجم عنها؛ ما يخالف التعامل مع المزمة، والذي يتركز في مواجهة جوهرها.‬ ‫3. الصراع ‪Conflict‬‬ ‫يقترب مفهوم الصراع من مفهوم المزمة، التي تجسد تصارع إرادتين، وتضاد مصالحهما. إل أن تأثيره،‬ ‫ىّ‬ ‫ّدَ‬ ‫ربما ل يبلغ مستوى تأثيرها، الذي اقد يصل إلى درجة التقدمير. كمقا أن الصقراع، يمكقن تحديقد أبعقاده واتجاهقاته‬ ‫وهو ما‬ ‫وأطرافه وأهدافه، التي يستحيل تحديدها في المزمة. وتتصف العلاقة الصراعية، دائما، لستمرارية؛‬ ‫ع ً‬ ‫يختلف عن المزمة، التي تنتهي بعد تحقيق نتائجها السلبية، أو التمكن من مواجهتها.‬ ‫4. الخلف ‪Dispute‬‬ ‫وهو يمثل التعارض والتضاد، وعدم التطابق، سواء في الشكل، أو في الظروف والمضمون. وهو اقد يكون‬ ‫ىّ‬ ‫عُ‬ ‫ىّ‬ ‫أحد مظاهر المزمة، أو وجها من وجوه التعبير عنها أو باعثا على نشوئها واستمرارها؛ ولكنه ل يعبر عنها تماما.‬ ‫ع ً‬ ‫ىّ‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫التطور التاريخي لعلم إادارة المزمات‬ ‫انبثقت إدارة المزمات، منذ القدم، من خل ل الممارسة العملية؛ فكانت مظهرا من مظاهر تعامل النسان مع‬ ‫ع ً‬ ‫الموااقف الحرجة، التي يواجهها، فققي إطققار مسققميات، أي مثققل: الحنكققة، والخققبرة الدبلوماسققية، و كفققاءة القيققادة.‬ ‫وكانت هذه الممارسات، هي الختبار الحقيقي لقدرته على مواجهة المزمات، وتعامله مع الموااقف الصققعبة، الققتي‬ ‫تتمخض بتفجر طااقاته البداعية. ولقد اهتدت الجماعات النسانية في واقت مبكر من تاريخهقا، إلقى أسققلوب آخقر،‬ ‫ىّ‬ ‫ىّ‬ ‫غير الصراع والتنافس؛ يمكنها من المحافظة على بقائها واستمرارها وتطورها. وإذا كان مبدأ البقققاء للاقققوى، اقققد‬ ‫ساد المراحل الولى لنشأة النسانية، وأودى ببعض الجماعات، المتصارعة على المراعقي ومصقادر الميقاه؛ فقإن‬ ‫النسان، اقد تبين أن التعاون، وااقتسام الموارد المتاحة، هما أفضل مققن الصققراع، الققذي يعققرض النسققانية لخطققر‬ ‫َّ‬ ‫الفناء.‬ ‫ولقد نشأ اصطل ح إدارة المزمات، في الصل، من خل ل علم الدارة العامة؛ وذلك للشارة إلى دور الدولة‬ ‫في مواجهة الكوارث المفاجئة، والظروف الطارئة، مثل:‬ ‫الزلمز ل والفيضانات والوبئة والحرائق، والصراعات المسلحة، والحروب الشاملة. وما لبث أن نما، بصقفته‬ ‫علما، ولسيما في مجا ل العلاقات الدولية؛ للشارة إلقى أسقلوب إدارة السياسقة الخارجيققة، فقي مواجهققة الموااققف‬ ‫ع ً‬ ‫الحكوميققة،‬ ‫الدولية المتوترة. وسرعان ما امزدهر في إطار علم الدارة، بكققونه أسقلوبا جديقدا، تبنتققه الجهقزة‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫والمنظمات العامة؛ لنجامز مهام عاجلة، وضرورية، أو لحل الموااقققف الطققارئة. ومققن خل ل تحقيققق تلققك المهققام،‬ ‫ظهرت إدارة المشروعات، أو فكرة غرفة العمليات، الرامية إلى إدارة المشاكل الحادة، المتفجرة؛ فهي، إذا، إدارة‬ ‫ع ً‬ ‫ىّ‬ ‫أمزمات، وتمثل أحققد فققروع أو آليققات الدارة، مثققل: الدارة بالهققداف، أو الدارة العلميققة. وبتبلققور أسققلوب إدارة‬ ‫ِّ‬ ‫المزمات، بدأت تتضح إمكانية تحويله إلى نمط متكامل، ذي وحدة وظيفية متكاملة؛ لمعالجة موااقف محددة، تتمثققل‬ ‫ىّ‬ ‫في المزمات والمشاكل الصعبة؛ ليصبح، بذلك، نمطا إداريا محدد الخصقائص، لقه آليقاته الخاصقة، لمواجهقة تلقك‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫المتعددة، والمتتالية، والمتزامنة منها.‬
  • 6. ‫لقد كان هنا ك اهتمام بالغ، من جانب المتخصصين، وعلماء الدارة العامة، فققي العصققر الحققالي، الققذي يتسققم‬ ‫بظاهرة المؤسسات؛ إذ تبنى السياسات العامققة للنظققم السياسققية المعاصققرة، علققى الحفققاظ علققى اسققتمرارية سققيادة‬ ‫عُ‬ ‫عُ ّدَ‬ ‫الدولققة، وضققمان هويتهققا وأمنهققا الققومي. كمققا يوجققد دور أساسققي للسياسقات التنمويققة، فقي التخطيققط والتطققوير‬ ‫الداري؛ لتأصيل سبل النمققو والرفاهيققة. ويكمقل ذلقك القدور السياسقات العامقة، المتعلققة بالتوجهقات المسققتقبلية،‬ ‫عُ‬ ‫واستقراء المزمات المحتملة؛ إضافة إلى استنتاج التحديات، التي اقد تفرضها المزمة، سواء كانت تحديات سياسققية‬ ‫أو إدارية.‬ ‫طبيعة المزمة الدلولية لوتطورها التاريخي‬ ‫ُّ‬ ‫1. مفهوم المزمة الدولية‬ ‫المزمة الدولية، هي ظاهرة سياسية، عرفتها العلاقات بين المجتمعات، اقبل أن تأخذ شكل الدو ل. ومن ثققم،‬ ‫فهي تعني الحالة، التي تتسم بالتوتر الشديد، والوصو ل إلى مرحلة حرجة، تنذر بالنفجقار فقي العلاققات الطبيعيقة‬ ‫بين الدو ل.‬ ‫وتشكل طورا متقدما من أطوار الصراع الدولي، الذي يبدأ بالمجادلت بين الطراف، ويطرد ليصل إلققى درجققة‬ ‫ىّ‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫الصراع المسلح. فهي، إذا، الطور الذي يسبق المواجهة العسكرية مباشرة. ويستمد مفهوم المزمة الدوليققة معققاييره‬ ‫ع ً‬ ‫العملية، من خل ل أهمية التحديد الداقيق للحدود، الفاصلة بين المرحلة التي يمكن الدولة فيها، أن تسققعى إلققى واقققف‬ ‫تدهور المواقف؛ والمرحلة التي يصققعب فيهققا تققدار ك امزديققاد حقدة المزمققة وتطورهققا إلققى صققراع مسققلح. وكلتققا‬ ‫ُّ‬ ‫ىّ‬ ‫المرحلتين آلياتها وتقنياتها.‬ ‫ّدَ‬ ‫على الرغم من تعدد الجتهادات في تحديد تعريف شامل، وداقيق، للمزمة الدوليققة، إل أن تعريققف مجمققع‬ ‫ُّ‬ ‫سلو ك المزمة الدولية ‪ ، International Crisis Behavior ICB‬وكان هو الدق؛ إذ عرفها بمواقف ناجم عن‬ ‫َّ‬ ‫تغيير في البيئة، الخارجية أو الداخلية للقرار السياسي؛ يتسم بخصائص رئيسية، في تصور السلطة‬ ‫السياسية العليا، ويتمثل في تهديدقِاقيم المجتمع الساسية، يواكبه أو يعقبه ترجيح المواجهة العسكرية، مع الدرا ك‬ ‫ىّ‬ ‫الكامل، بأنه يوجد تواقيت محدد للرد على ذلك التهديد.‬ ‫2. تطور طبيعة المزمة الدولية‬ ‫ُّ‬ ‫إن التعامل مع المزمات الدولية، هو مجا ل بحث علمي حديث؛ فلم يكن هنا ك اهتمام به، إل في عقب أمزمة‬ ‫الصواريخ الكوبية، عام 2691.‬ ‫إل أ ّ أن دراسققة تطورهققا وتحليلققه يكشققفان عققن اختلف فققي خصائصققها وسققماتها، فققي خل ل المراحققل الزمنيققة‬ ‫ُّ‬ ‫المتعااقبة، ينبثق من اختلف مفاهيم الشرعية والمقن والققوة والقردع، عقبر التاريقخ. فمنقذ مقؤتمر فيينقا )4181-‬ ‫5181( حتى اندلع الحرب العالمية الولى، عام 4191، بذلت محاولت لوضع ترتيبات أمنية إاقليمية، اسققتهدفت‬ ‫عُ‬ ‫تحقيق توامزن للقوى، وفر لوروبا أطو ل فترة سلم في تاريخها، عرفت بقرن السلم الوروبي؛‬ ‫عُ‬ ‫ىّ‬ ‫إذ لم يكن فيها صراعات مسلحة، إل حرب القرم )4581-6581(، والحرب الفرنسققية ق ق البروسققية )0781-‬ ‫ىّ‬ ‫1781 (. وفي نهاية هذه الحقبة من التاريخ، بدأت تتضح تداعيات أمزمة الحرب العالمية الولققى، فققي إطققار تنققامي‬ ‫مطالبة القوميات الوروبية المختلفة بالسققتقل ل، وتكققوين تحالفققات جديققدة، تهققدف إلققى إعققادة تققوامزن القققوى فقي‬ ‫ع ً‬ ‫أوروبا؛ حتى كان مصرع ولي عهد النمسا، في مدينة سراييفو، ليكون سببا لنهيار النظام الدولي، الذي كان اقائمقا‬ ‫ع ً‬ ‫ىّ‬ ‫اقبل اندلع تلك الحرب.‬ ‫حفزت الخسائر، البشرية والمادية، الناجمة عن الحرب العالمية الولى، إلى البحث عن أسققباب الصققراع.‬ ‫واستنتج أن سياسة القوة، هي السبب الرئيسي للصراعات المسلحة. ومن ثم، ظهرت النظرية النفعية، التي صيغت‬ ‫قِ ّدَ‬ ‫عُ‬ ‫في إطار المفاهيم الليبرالية، وأاقرت بوجود صراع دائم، وتعارض مصققالح بيققن الققدو ل. إل أن المصققلحة الكققبرى‬ ‫لجميع الدو ل، هي تجنب الصراع المسلح. وفي إطققار هققذا المفهققوم، جسققدت عصققبة المققم مبادئهققا، الراميققة إلققى‬ ‫ىّ‬ ‫تجنيب العالم صدامات أخرى. وعلى الرغم من ذلك، فقد عاد تنامي المزمات إلى الظهوتر، مع جمققو ح طموحققات‬ ‫هتلر القومية، التي لم تكتف بجمع أشلء اقومية ممزاقة بين عدة دو ل؛ بل تجاومزته إلى إحياء الدور‬ ‫قِ‬ ‫المفترض لهذه القومية، من تأكيد سموها، وتحقيق سيادتها على كافة الجناس؛‬ ‫ىّ‬ ‫تحقيقا لشعار "ألمانيا فوق الجميع". وكان بدء هتلر بتحقيق أهدافه، بغزوه‬ ‫ع ً‬ ‫بولندا، في سبتمبر 9391، وإعلن بريطانيا الحرب عليه ق إيذانا باندلع الحرب‬ ‫ع ً‬ ‫العالمية الثانية، وانهيار فكر المثالية السياسية.‬ ‫في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، اختفت ظاهرة تنامي المزمات، بسبب‬ ‫وجود الرادع النووي. ولذلك، تميزت طبيعة المزمات السياسية، في تلك الحقبة،‬ ‫بأنها محسوبة التصعيد والدارة. بيد أن ذلك لم يحل دون الحرب الباردة، التي‬ ‫عُ‬
  • 7. ‫تخللتها موااقف التصعيد والتهديد العسكري؛ إل أن الرادع النووي، دفع‬ ‫ىّ‬ ‫بالقوتين العظميين إلى اتفاق ضمني، تتفاديان به التدمير المتباد ل. ولذلك،‬ ‫ّدَ‬ ‫َّ‬ ‫لم تبلغ أي أمزمة بينهما حد الصراع المسلح؛ بل تجنبتا أي مواجهة مباشرة،‬ ‫ىّ‬ ‫ىّ‬ ‫ىّ‬ ‫ولو محدودة. والضوابط، التي فرضتاها على أصداقائهما وحلفائهما، وسمت الحرب‬ ‫الباردة بسمة الخصومة العااقلة، وتجنب أي مواجهة نووية. فالعلاقة‬ ‫ىّ‬ ‫ُّ‬ ‫قِ‬ ‫وثيقة،إذا، بين الدارة الناجحة للمزمات القطبية والخصومة العااقلة؛ إذ إنها‬ ‫ع ً‬ ‫بددت عوامل انفجار المزمة القطبية،.فزادت من احتمالت إدارة المزمات اللحقة،‬ ‫والمرتبطة بها.‬ ‫على أثر سقوط الشيوعية، وتفكك المعسكر الشراقي وانهياره، في نهايات‬ ‫ُّ‬ ‫القرن العشرين، تواقعت المثالية السياسية، أن يزو ل خطر المواجهة ويحل السلم.‬ ‫إل أن هذا التصور المفرط في التفاؤ ل، اقد تلشى مع انتهاء نظام القطبية‬ ‫الثنائية. وانهار النضباط الدولي، الذي كان يواكبها، وتهاوت الضوابط التي‬ ‫أرساها؛ ومن ثم، تفككت القيود، التي كانت مفروضة على تصعيد الصراع. فانتفت‬ ‫العوامل المحفزة إلى احتواء المزمات الدولية، والحد من التطلعات الاقليمية‬ ‫ىّ‬ ‫المتعددة. وبدأت عمليات تسوية الحسابات التاريخية بين الدو ل، والخلفات‬ ‫الدينية والعراقية، من خل ل الصراع المسلح؛ لكونه أاقصر الطرق وأسرعها في تحقيق‬ ‫الهداف. كذلك، بدأت الصراعات الداخلية، في العديد من الدو ل، التي دخلت دائرة‬ ‫العنف والعنف المضاد. وبذلك، يكون النظام العالمي الجديد، اقد دخل إلى مرحلة‬ ‫أخرى، من مزيادة حدة المزمات، المحلية والدولية، التي سيعانيها فترات طويلة‬ ‫ىّ‬ ‫مقبلة.‬ ‫مفهوم الدارة بالمزمات ق علم صناعة المزمة‬ ‫إذا كانت إدارة المزمة، تعني كيفية التغلب عليها، بالدوات العلمية‬ ‫الدارية المختلفة، وتجنب سلبياتها، والستفادة من إيجابياتها؛ فإن اقوام‬ ‫ُّ‬ ‫الدارة بالمزمات، هو افتعالها، واتخاذها اقناعا، لتغطية مشاكل الكيان‬ ‫ع ً‬ ‫الداري، وإخفائها؛ فهي تفقد الهتمام بها، إمزاء نظيراتها المختلقة، والشد‬ ‫تأثيرا. ولذلك، يطلق على الدارة بالمزمات علم صناعة المزمة للتحكم والسيطرة‬ ‫ع ً‬ ‫على الخرين. ول تحقق المزمة المفتعلة أهدافها، إل إذا استوفت مواصفات،‬ ‫أهمها: العداد المبكر لها، وتهيئة مسر ح التنفيذ، والتومزيع الداقيق للدوار‬ ‫على منفذيها، وتحديد التواقيت الملئم للتنفيذ، وإيجاد مبرراته وذرائعه.‬ ‫وللمزمة المدبرة إيقاعها السريع، المتلحق، الذي يتسم بتراكم الفرامزات‬ ‫َّ‬ ‫والنتائج، وكل منها تعمل على تحقيق الهدف المراد تحقيقه. وإذا لم يتحقق،‬ ‫ُّ‬ ‫فلن يخف التأثير المصاحب لفرامزات المزمة؛ ولن تهدأ اقوى صنع المزمة، أو لن‬ ‫تتراجع حتى يتحقق ذلك الهدف، الذي يتمثل في التي:‬ ‫1. إخفاء المشاكل الرئيسية الموجودة بالفعل؛ إذ إن المزمة المفتعلة، تصرف‬ ‫التفكير عنها.‬ ‫2. السعي إلى السيطرة والهيمنة على بعض الموااقع، أو المناطق؛ تحت دعوى‬ ‫الحماية، أو الخوف من اعتداءات أطراف أخرى.‬ ‫3. السعي إلى إجبار الشخاص، أو الجماعات، أو الكيانات، على اتخاذ موااقف‬ ‫دفاعية، بدل من موااقفها الهجومية، التي كانت تتخذها من اقبل.‬ ‫ع ً‬ ‫4. الخروج من أمزمات مزمنة، يعانيها المجتمع.‬ ‫5. منع الطراف الخرى من استمرار تحقيق نجاحاتها.‬ ‫على الرغم من أن الدارة بالمزمة، ليست عملية إستراتيجية؛ وإنما عملية‬ ‫هامشية، تنتهي بسرعة، وتحتاج إلى إعلنها السريع؛ فإن كثرة اتباعها، أصيب‬ ‫ِّ‬ ‫الكيان بالضعف، وسيطرة القائد على المور سيطرة مستبدة؛ فضل عن أن ثورة‬ ‫ع ً‬ ‫التصالت والمعلومات، وامزدياد الوعي، أفقدا هذا السلوب تأثيره؛ فبات‬ ‫استخدامه يحقق، ل النتائج المطلوبة منه، إل في الكيانات، التي يسيطر فيها‬ ‫القائد سيطرة كاملة على المجتمع.‬ ‫أسباب نشوء المزمات‬ ‫المزمة ما هي إل فشل لمتخذي القرار، إما بسبب خلل إداري، أو خبرة‬ ‫محدودة، أو عدم المعرفة؛ واقد تكون بسبب تضافر هذه العوامل كلها، أو بعضها.‬
  • 8. ‫ولذلك، فإن تكرار المزمات وتعددها، يتطلبان تحديد أسباب نشوئها، وخاصة أن لها‬ ‫مقدمات، تد ل عليها، وظواهر متعددة، ترافقها بداية من مرحلة نشوئها وحتى‬ ‫احتوائها وإيجاد حلولها الملئمة. ولمراحل المزمة المختلفة تداعياتها، التي‬ ‫تعد مقدمة لحداث ومتغيرات عديدة، تطرأ على الحاضر، وتطاو ل المستقبل،‬ ‫عُ ّدَ ىّ‬ ‫وتنتهي نتائجها إلى تغيير المواقف عما كان عليه اقبل نشوء المزمة. وتتعدد‬ ‫ىّ‬ ‫أسباب المزمات) الشكل الراقم 2(، فتكون داخلية أو خارجية، أوتعارض الهداف‬ ‫عُ‬ ‫والمصالح؛ وتتمثل في التي:‬ ‫1. سوء الفهم‬ ‫دْ‬ ‫المزمات الناجمة عن سوء الفهم، تكون دائما عنيفة؛ إل أن مواجهتها،‬ ‫ع ً‬ ‫دْ‬ ‫تكون سهلة، وخاصة بعد تأكد سببها، الذي غالبا ما يرجع إلى المعلومات‬ ‫ع ً‬ ‫النااقصة، أو التسرع في إصدار القرارات. ولذلك، تتضح أهمية الحرص على الدراسة‬ ‫الكاملة للمعلومات، اقبل إصدار القرار.‬ ‫2. عدم استيعاب المعلومات بداقة‬ ‫يشترط اتخاذ القرارات السديدة، استيعاب المعلومات وتفهمها بصورة صحيحة.‬ ‫ُّ‬ ‫إذ إن الخطأ في إدراكها وتداخل الرؤية، سيكونان سببا لنشوء أمزمات عنيفة‬ ‫ع ً‬ ‫الشدة، للكيان الداري، أو المشروع، أو الدولة، ناجما عن انفصام العلاقة بين‬ ‫ع ً‬ ‫ذلك الكيان والقرارات المتخذة. وعندئذ ستتفشى الرتجالية والعشوائية، حتى‬ ‫تكونا أمزمة اضمحل ل الولء والنتماء؛ ويكون هنا ك مجا ل خصب لنتشار القيم‬ ‫قِ‬ ‫َّ‬ ‫السلبية والقهر والتخاذ ل، ويعم الفساد؛ ما يؤدي انهيار الكيان.‬ ‫3. سوء التقدير والتقييم‬ ‫هو من أكثر أسباب نشوء المزمات، وخاصة في حالة الصطدام العسكري، الناشئ‬ ‫عن الفراط في الثقة غير الوااقعية، واستمرار خداع الذات بالتفوق؛ فضل عن‬ ‫ع ً‬ ‫سوء تقدير اقدرات الطرف الخر والتقليل من شأنه؛ ما يسفر عن سوء تقدير للمواقف‬ ‫برمته. وتزداد التوامزنات اختلل إذا استغفل الطرف الخر نظيره، فعمد إلى‬ ‫ع ً‬ ‫حشد طااقاته والستعداد الجيد للمواجهة، التي يختار تواقيتها الملئم، ويحقق‬ ‫المفاجأة، التي تصل إلى درجة الصدمة، التي تفقد الطرف الو ل توامزنه؛ فيختل‬ ‫تفكيره، يلجأ إلى أساليب ارتجالية، عشوائية، تتمخض بأمزمة مدمرة، يصاحبها،‬ ‫غالبا، ضغوط عنيفة، تطيح الكيان.‬ ‫ع ً‬ ‫4. الدارة العشوائية، الرتجالية‬ ‫هذا السلوب من الدارة، ل يسبب المزمات فقط؛ وإنما يساعد، كذلك، على‬ ‫تدمير الكيان نفسه، ويكون باعثا على تحطيم اقدراته وإمكانياته، واستعداده‬ ‫ع ً‬ ‫لمواجهتها. فالدارة العشوائية، تنبثق من الجهل،وغياب النظرة العلمية،‬ ‫الستراتيجية؛ وتشجع النحراف والتسيب، والتكالب على المكاسب المرحلية اقصيرة‬ ‫الجل. ويجعل ذلك متخذ القرار شخصا أجوف، ل يؤمن بالتخطيط وأهميته؛ كما‬‫ع ً‬ ‫يساعد على إشاعة الصراع، بين مصالح الدارة ومصالح العاملين في الكيان‬ ‫الداري. وتستبد ل الدارة العشوائية الراقابة المنية بالمتابعة العلمية‬ ‫الواقائية؛ ما يشيع الرهاب والخوف والتطاحن والتشابك، ويصبح الكيان كله‬ ‫ىّ‬ ‫مرتعا خصبا للفساد والفساد واستباحة الموارد؛ فتتولد أمزمات عديدة؛ من‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫أهمها: انخفاض معدلت النتاج وتدني مستواه، وارتفاع معدلت دوران العمل.‬ ‫ىّ‬ ‫وتعتري هذه المزمات بعامة دو ل العالم النامي، التي تفتقد الرؤية المستقبلية،‬ ‫العلمية.‬ ‫5. السيطرة على متخذي القرار‬ ‫يحمل على هذه الرغبة البتزامز، وإيقاع متخذ القرار تحت ضغط، نفسي ومادي،‬ ‫واستغل ل تصرفاته الخاطئة، التي كان اقد ااقترفها، وبقيت سرا؛ لجباره على‬ ‫قِ ًاّ‬ ‫عُ ّدَ ىّ‬ ‫اجترا ح تصرفات أكثر ضررا، تصبح هي نفسها مصدرا للتهديد والبتزامز. ويعد‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫هذا الباعث جزءا أساسيا من آليات صناعة المزمة، التي تستخدمها الكيانات‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫العملاقة في تدمير الكيانات الصغرى؛ لجبارها على التخلي عن عقيدتها‬ ‫التنموية، لتتحو ل إلى تابع هامشي.‬ ‫6. اليأس‬ ‫اليأس أمزمة، نفسية وسلوكية، تشكل خطرا داهما على متخذي القرار؛ إذ‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬
  • 9. ‫تحبطهم، وتفقدهم الرغبة في العمل والتطور والتقدم، وتسلمهم إلى حالة‬ ‫عُ‬ ‫عُ‬ ‫عُ‬ ‫راتبة)الروتين(. وتتفااقم المزمة، لتكون حالة اغتراب بين الشخص والكيان؛ وتصل‬ ‫إلى اقمتها بانفصام مصلحتيهما؛ ويتضح ذلك في المزمات العمالية، الناتجة من‬ ‫ّدَ‬ ‫ىّ‬ ‫ظروف العمل غير الملئمة وانخفاض الدخو ل، وعدم مراعاة الدارة للظروف‬ ‫النسانية. وتتطلب مواجهة هذا النوع من المزمات، إشاعة جو من المل، من خل ل‬ ‫تحسين تلك الظروف، وتأمين مكاسب العاملين.‬ ‫7. الشائعات‬ ‫هي من أهم مسببات المزمات وبواعثها، بل اقد تكون مصدرها الساسي، إن‬ ‫وظفت، مقترنة بعدة حقائق ملموسة، وبأسلوب متعمد ومضلل، وفي تواقيت ملئم،‬ ‫عُ ِّ‬ ‫وفي إطار بيئة محددة. ويتضح ذلك، من خل ل المزمات التموينية، وتلك العمالية،‬ ‫الناجمة عن إشاعة تخفيض الجور، أو الستغناء عن عدد من العما ل. واقد يسبب ذلك‬ ‫مظاهرات عمالية عنيفة، تتطلب معالجتها حكمة بالغة، تحو ل دون تسببها بخسائر،‬ ‫ىّ‬ ‫مادية وبشرية، جسيمة.‬ ‫8. استعراض القوة‬ ‫تنتهج هذا السلوب الكيانات الكبيرة، الرامية إلى تحجيم الكيانات الصغيرة‬ ‫الصاعدة. وكذلك، تلجأ إليه الكيانات الصغر، رغبة في اقياس رد فعل الكيانات‬ ‫الكبر حجما. وبذلك، تبدأ عملية استعراض القوة، من دون حساب مسبق للنتائج،‬ ‫فتولد المزمة، وتتفااقم مع تتابع الحداث وتراكم النتائج.‬ ‫9. الخطاء البشرية‬ ‫وهي أحد أسباب نشوء المزمات، سواء كانت في الماضي أو الحاضر أو المستقبل؛‬ ‫بل اقد تكون عامل من عوامل نشوء كارثة، تتوالد منها أمزمات عديدة، تكشف عن‬‫ع ً‬ ‫خلل في الكيان الداري.‬ ‫01. المزمات المخططة‬ ‫َّ‬ ‫وهي المزمات المختلقة؛ واقد تسمى، تجومزا، في بعض الحيان، أشباه‬ ‫ُّ ع ً‬ ‫َّ‬ ‫ّدَّدَ‬ ‫المزمات ‪ .Semi-Crises‬ومصدااقها حادث خليج تونكين، حيث مر مزوراقا طوربيد،‬ ‫ّدَ ىّ‬ ‫تابعان للقوات البحرية لفيتنام الشمالية، بجوار مدمرتين أمريكيتين، كانتا‬ ‫ّدَ‬ ‫ّدَ‬ ‫ترابطان فيه؛ وعلى الرغم من أن ذلك لم يسفر عن أي تهديد، أو خسائر‬ ‫ىّ‬ ‫للمدمرتين، إل أن الرئيس المريكي، جونسون، تلقفه، ليفتعل أمزمة كبرى، تحمل‬ ‫ىّ‬ ‫ّدَ‬ ‫الكونجرس المريكي على السما ح له بالتدخل في فيتنام.‬ ‫11. اقض السبل‬ ‫عُ‬ ‫تناعُ‬ ‫تنشأ المزمة، في هذه الحالة، عن اختلف طموحات منفذي القرار وأهدافهم،‬ ‫وتعدد توجهاتهم؛ فمنهم من يعمل على تنفيذ القرارات بسرعة؛ وآخرون يتباطئون‬ ‫فيه. وهو ما يفقد متخذ القرار رؤيته لما يدور داخل الكيان الداري، ويواقعه‬ ‫عُ‬ ‫تحت تأثير تعارضهم. لو حاو ل التوفيق بين الجانبين، من خل ل تغيير اقراراته،‬ ‫ّدَ‬ ‫عُ‬ ‫لمسى الكيان الداري متخبطا، مفتقدا وحدته الفكرية والعملية؛ للكيان‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫الداري، ما ينجم عنه أمزمات غامضة، ل يمكن تحديد أسبابها؛ فتضمحل الثقة‬ ‫بمتخذ القرار. ومع استمرار محاولت التوفيق، تتسع دائرة عدم المصدااقية،‬ ‫ويزداد الشك في القدرات، وتتفااقم المزمة.‬ ‫21. تضارب المصالح‬ ‫يعد تضارب المصالح وتباينها، من السباب الرئيسية لنشوء المزمات، سواء‬ ‫عُ ّدَ ىّ‬ ‫على المستويين المحلي أو الدولي، بل على مستوى الوحدات، الاقتصادية‬ ‫ّدَ‬ ‫والدارية، كذلك فإذا تضاربت المصالح بين الكيانات، أو الشخاص، برمز الدافع‬ ‫إلى نشوء المزمة؛ إذ سيعمل كل طرف على خلق المزمات للطرف الخر. وسيسعى‬ ‫ُّ‬ ‫كل منهما لستمرار استفحالها وضغطها على الجانب الخر. وعلى الرغم من أنها‬ ‫ُّ‬ ‫ىّ‬ ‫تضر بكل الطرفين، إل أن كل منهما، يتوخى أن يكون إضرارها بالخر أشد‬ ‫ىّ‬ ‫ًاّ‬ ‫ّدَ‬ ‫وأفد ح.‬
  • 10. ‫المبحث الثاني‬ ‫أنواع المزمات، والمنهج العلمي لسبرها‬ ‫قِ دْ‬ ‫أنماط المزمات الدولية‬ ‫هنا ك متغيران أساسيان، يحددان أنماط المزمات الدولية وأبعادها؛ هما:‬ ‫اقابليتها للتحكم، وإمكانية حلها حل وسطا. وتزداد درجة اقابليتها للتحكم،‬ ‫ع ً‬ ‫ىّ ًاّ‬ ‫كلما كانت بسيطة وغير مركبة. أما الحل الوسط، فهو رهن المصالح المشتركة‬ ‫ىّ‬ ‫لطرافها؛ وإن انتفت تلك المصالح، تكون احتمالت احتواء المزمة وحلها محدودة.‬ ‫وتصنف المزمات الدولية أربعة أنماط، هي:‬ ‫1. التلعب‬ ‫تتجسد أمزمة التلعب في مبادرة كل من طرفيها إلى استكشاف المدى، الذي يمكن‬ ‫َّ‬ ‫إجبار الطرف الخر فيه على التخلي عن مواقفه. وغالبا ما يكون أطراف المزمات‬ ‫ع ً‬ ‫دول وحكومات ومنظمات، ذات مسؤولية دولية، توفر لها المقدرة على التحكم في‬ ‫ع ً‬ ‫مسارها؛ وفي هذه الحالة، يصعب تدخل طرف ثالث في المزمة، ولو كانت حادة؛ إذ‬ ‫ىّ‬ ‫ىّ‬ ‫سيكون هنا ك إمكانية، للتراجع والتراضي على حل وسط؛ بل إن لم يتأت ذلك الحل،‬ ‫َّ‬ ‫فإنه سيجتنب الصراع المسلح بين الدولتين.‬ ‫ّدَ‬ ‫عُ دْ ّدَ ّدَ‬ ‫2. التوريط‬ ‫ويتسم هذا النوع من المزمات بمصالح مشتركة مهمة بين أطرافها، الذين يتصرفون‬ ‫في إطار عدة ظروف، يصعب التحكم فيها؛ ما اقد يحملهم على ردود فعل، لم يستعدوا‬ ‫لها. واقد ينجم عن تعدد الطراف الفاعلة في المزمة، إيجاد نمط متغير‬ ‫للتحالفات، يسفر عن تغيير لتقدير أهمية المصالح المشتركة؛ فتزداد درجة‬ ‫التهديد. وعلى الرغم من أن أمزمات التوريط، غالبا ما تمتد فترة مزمنية طويلة‬ ‫ع ً‬ ‫نسبيا، إل أنها ل تتسم بالحدة؛ ومن ثم، يكون هنا ك دائما حل وسط لها.‬ ‫ع ً ىّ‬ ‫ىّ‬ ‫ع ً‬ ‫3. حافة الهاوية‬ ‫هي أشد المزمات الدولية خطرا، من حيث مستوى التهديد، أو احتما ل المواجهة‬ ‫ع ً‬ ‫ىّ‬ ‫المسلحة. وتتسم بدرجة حدة مرتفعة، حيث ل توجد مصالح مشتركة، أو تكون اقليلة.‬ ‫ىّ‬
  • 11. ‫وتتصف، في الواقت نفسه، بدرجة كبيرة من القابلية للتحكم؛ إل أن الوااقع، يؤكد‬ ‫أهمية استعداد الطرف، الذي يزيد من حدة التوتر، للدخو ل إلى مرحلة الصراع‬ ‫ىّ‬ ‫المسلح، وإل سيفقد مصدااقية أي تهديد، في المستقبل، ويفقد مكانته الدولية.‬ ‫ىّ‬ ‫4. التفااقم الجامح‬ ‫تسببه عدة أمزمات متعااقبة، ومترابطة، محركها الفاعل، الساسي، أطراف غير‬ ‫ىّ‬ ‫رسمية، تتمثل في المنظمات السرية أو أصحاب المصالح، أو حتى الرأي العام.‬ ‫عُ ّدَ ىّ‬ ‫ويتسم هذا النمط من المزمات بالتعقيد؛ نظرا إلى تعدد أطرافه، الذين يعد‬ ‫ُّ‬ ‫ع ً‬ ‫تغيير أحدهم لموااقفه ضغوطا على الطراف الخرى. ومن ثم، فهو يتكون من عدة‬ ‫ع ً‬ ‫أمزمات متزامنة، وغير مباشرة، تتصف بمحدودية المصالح المشتركة، وبعلاقات‬ ‫التنافس والتوتر؛ لذا، فإن أطرافها، عادة ما يكونون مستعدين لخوض نزاعات، اقد‬ ‫تنتهي إلى صراعات مسلحة.‬ ‫أدوات إدارة المزمة الدولية‬ ‫تعتمد الدولة، في إدارة المزمات، على عدة آليات، تتمثل في التي:‬ ‫1. الدبلوماسية‬ ‫وهي من أهم أدوات إدارة المزمات، وخاصة في واقت السلم؛ وتعرف بأنها‬ ‫َّ‬ ‫عملية التمثيل والتفاوض بين الدو ل، من خل ل إدارتها لعلاقاتها الدولية.‬ ‫ويتعدد استخدام الساليب الدبلوماسية لدوات الضغط الكراهي، الذي اقد تلجأ‬ ‫إليه الدولة، عند محاولة تحقيق مكاسب معينة؛ بيد أنها ل تتمادى فيه، حتى ل‬ ‫ينعكس على مصالحها؛ وهو يتمثل في كل تحركاتها الضاغطة على الخصم، ليقبل‬ ‫ِّ‬ ‫مطالبها. ويمكن الدولة، كذلك، أن تلجأ إلى أدوات التعايش التوفيقي، الذي يشمل‬ ‫كافة إجراءاتها المعبرة عن رغبتها في تسوية المزمة؛ فضل عن الشارة إلى‬ ‫ع ً‬ ‫ِّ‬ ‫المصلحة المشتركة لطرافها في تجنب تفااقمها. ومزج الضغط الكراهي بالتعايش‬ ‫دْ‬ ‫ىّ‬ ‫التوفيقي مزجا مرنا، ومتزنا، اقد يسوي المزمة الدولية، ويحفظ على الدولة‬ ‫ِّ‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً ع ً‬ ‫مصالحها الجوهرية.‬ ‫2. القوة العسكرية‬ ‫تعد القوة العسكرية، هي الداة الرئيسية لفرض الرادة على الغير. ولكي‬ ‫عُ ّدَ‬ ‫تحقق دورها في إدارة المزمات، يجب أن يكون هنا ك استعداد كامل للدفاع عن أراضي‬ ‫الدولة ونظامها السياسي. ول يتأتى لها ذلك إل بداقة المعلومات وتكاملها،‬ ‫ىّ‬ ‫ىّ‬ ‫الذين يساعدانها على احتواء المزمة، أو إنهائها وإمزالة آثارها؛ ناهيك بمدى‬ ‫ّدَ‬ ‫اقدرة الدولة وأجهزتها، على التجاوب والتنسيق مع القوة العسكرية، في إدارة‬ ‫المزمة.‬ ‫3. المساعدات الاقتصادية‬ ‫المساعدات الاقتصادية عامل من العوامل المهمة في العلاقات الدولية؛‬ ‫ولذلك، فهي أداة مهمة في إدارة المزمات الدولية؛ إذ يمكن التوسل بها إلى‬ ‫ُّ‬ ‫فرض الرادة، وخاصة على الدو ل النامية، التي تحتاج إلى الدعم الاقتصادي‬ ‫الدائم.‬ ‫4. التجسس‬ ‫ىّ‬ ‫لبد لدارة المزمات من أعما ل الجاسوسية والستخبارات، التي تتيح تحديد‬ ‫ىّ‬ ‫اقدرات الخصم، السياسية والاقتصادية والعسكرية؛ بل يمكنها، كذلك، إضعاف‬ ‫اقدراته، ودعم معارضيه، وتخريب مرافقه ومنشآته الحيوية؛ إضافة إلى تأثيرها في‬ ‫ّدَ‬ ‫الرأي العام لشعبه.‬ ‫5. الحرب النفسية‬ ‫ساعد تطور وسائل التصا ل، وأجهزة العلم، وفاعلية دورها المؤثر، على‬ ‫ُّ‬ ‫جعل الحرب النفسية أداة من أدوات إدارة المزمات، بتناسق متكامل بين مختلف‬ ‫دْ‬ ‫آليات تلك الدارة. فالدعاية اقد تسبق العمل العسكري، وتمهد له، وتؤهل المجتمع‬ ‫الدولي لتدابيره، وإضفاء الشرعية عليه؛ بل تصاحب العمل، الدبلوماسي أو‬ ‫الاقتصادي، كذلك، لثارة جبهة العدو الداخلية، أو تكثيف الحملت العلمية،‬ ‫ىّ‬ ‫لدفع الرأي العام إلى مناصرة مواقف ما، أو التشكيك فيه.‬ ‫مراحل اقم المزمات الدولية‬ ‫تفاعُ‬ ‫تصعد المزمة الدولية، من خل ل عدة مراحل، هي:‬ ‫َّ َّ‬
  • 12. ‫المرحلة الولى: مناورات ما اقبل المزمة، وتتضمن حالة الحرب الباردة؛‬ ‫والتعريض، السياسي والاقتصادي والدبلوماسي؛ والتصريحات الرسمية.‬ ‫بداية المزمة التقليدية، وتتضمن تشدد الموااقف وتواجه‬ ‫عُ‬ ‫المرحلة الثانية:‬ ‫الرادات، وإظهار القوة.‬ ‫بلوغ المزمة درجة الحدة، وتتضمن تخفيض التمثيل‬ ‫ىّ‬ ‫المرحلة الثالثة:‬ ‫الدبلوماسي؛ وتجميد العلاقات؛ وربما بعض العما ل الحربية التقليدية،‬ ‫المحدودة.‬ ‫المرحلة الرابعة: إعلن الحرب التقليدية، وإجلء السكان من المناطق الحدودية،‬ ‫ورفع الستعداد العسكري إلى أاقصاه.‬ ‫المرحلة الخامسة: تحو ل الحرب التقليدية إلى صراع مسلح مركزي، في مناطق‬ ‫ُّ‬ ‫محددة. وتكون العمليات العسكرية الهجومية على مناطق داخل الدولة، بهدف‬ ‫التأثير في اقدراتها، البشرية والمادية.‬ ‫المرحلة السادسة: إعلن الحرب الشاملة، وخللها يكون هنا ك الصراع المسلح، اقد‬ ‫بدأ بصورة بطيئة، وفي الواقت نفسه، يكون الصراع بين الجانبين، اقد وصل إلى‬ ‫ّدَ‬ ‫درجة شديدة الضعف.‬ ‫المرحلة السابعة: بداية حرب المدن، بلوغ التدمير أعلى درجاته. ويصبح الصراع‬ ‫المسلح حربا شديدة الخطر، تستخدم فيها السلحة كافة، تقليدية وغير تقليدية،‬ ‫عُ‬ ‫ع ً‬ ‫وتنفذ صور القتا ل.‬ ‫عُ َّ‬ ‫إدارة المزمات الدولية، في ظل النظام العالمي الجديد‬ ‫الغرض الساسي لدارة المزمات الدولية، هو تجنب وصولها إلى مرحلة الصراع‬ ‫ىّ‬ ‫المسلح؛ تطورها إلى اقتا ل، هو إيذان بفشل الدارة في تحقيق أهدافها. واقوانين‬ ‫ُّ‬ ‫تلك الدارة، تختلف كلية عن اقوانين القتا ل ومبادئه؛ إذ هي وسيلة للردع‬ ‫‪Detervence‬؛ بينما هو فن استخدام السلحة، لمنع القتا ل، أو هو فن تجنب‬ ‫ىّ‬ ‫القتا ل. ويكون متخذ القرار، في إدارة المزمة، مجبرا على التعامل بمهارة؛ حتى‬ ‫ع ً‬ ‫يمكنه توجيه الضربة الولى، وكذلك الثانية. وإذا كانت القدرة على توجيه‬ ‫الضربة الولى متاحة وممكنة، فكل دولة، تصبح اقادرة على بداية القتا ل، في‬ ‫ُّ‬ ‫المكان الذي تريده، والواقت الذي تحدده، وبالطريقة التي تخطط لها؛ غير أنه‬ ‫يستحيل عليها أن تواقفه في المكان الذي تريده، و الواقت الذي تحدده، وبالطريقة‬ ‫التي تأملها؛ لن ذلك يتطلب حسابات داقيقة، ومعقدة، عن الضربة الثانية، التي‬ ‫تكون ردا على الضربة الولى.‬ ‫ع ً‬ ‫مع البدء بتكوين نظام عالمي جديد، وخاصة بعد انهيار التحاد السوفيتي،‬ ‫تباينت الراء في اختفاء الصراعات العقائدية، ليحل بدل منها المنافسات‬ ‫ع ً‬ ‫الاقتصادية. إل أنه، في الواقت نفسه، اتسعت الفجوة بين الشما ل والجنوب،‬ ‫ىّ‬ ‫وامزدادت التفراقة بين دو ل العالم، الغنية القوية والفقيرة الضعيفة، واستمرار‬ ‫الستخفاف بالقانون الدولي. وفي هذا الطار، اتسمت المزمات الدولية، في ظل‬ ‫النظام العالمي الجديد، بالتي:‬ ‫1. انضمام الدو ل العظمى كلها، على خلفاتها، الرئيسية أو الفرعية، إلى تحالف‬ ‫دولي، في مواجهة أمزمة الخليج. ويتكرر هذا التحالف، بصورة أخرى، لمواجهة‬ ‫الرهاب؛ ولكن إدارة المزمة الاقليمية، فقدت آليتها؛ إذ لم تقتصر على اقوى‬ ‫متدخل، وأخرى مرااقبة؛ بل أصبح لكل الدو ل دور فيها، ولو بدرجات متفاوتة.‬ ‫ِّ‬ ‫2. سهولة استخدام القوة العالمية في إدارة المزمة الاقليمية، بعد أن اختفى‬ ‫تحدي القوات العالمية الخرى. وفي الواقت نفسه أصبح استخدامها أكثر صعوبة،‬ ‫ومحفوفا بالخطار؛ لنه صار محكوما، بطريقة أكثر انضباطا، بقوى عالمية‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫ع ً‬ ‫مستعدة للتدخل.‬ ‫3. إذا كان الغرض من إدارة المزمة، في النظام العالمي ثنائي القطبية، هو منع‬ ‫استخدام القوة؛ فإن هذا السلوب، يظل اقائما، في ظل النظام الدولي الحالي، مع‬ ‫ع ً‬ ‫استثناء أن وصو ل المزمة إلى ذروتها، اقد يمهد الطريق لتدخل اقوى عالمية، لحسم‬ ‫ىّ‬ ‫المواقف؛ المر الذي كان محفوفا بالقيود، في السابق.‬ ‫ع ً‬ ‫4. امزدياد اللجوء إلى استخدام الشرعية الدولية في التحكم في بعض الصراعات‬ ‫الاقليمية، على الرغم من أنها تطبق بطريقة انتقائية. ففي النظام العالمي‬