1. quot;
قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير quot;
<br /> يعتبر يوم الخامس والعشرين من شهر يناير الماضي يوم فاصل في حياة مصرنا الحبيبة ، يوم انتهي فيه عهد الاستبداد والقهر ، يوم نال فيه المصريون حريتهم المسلوبة من عشرات بل مئات السنوات بفضل الله تعالى ثم بفضل جهود شباب مصر المخلصين الذين هم خير أجناد الأرض كما ورد في الأثر إذا فتحتم مصر فاتخذوا فيها جنداً كثيفاً فهم خير أجناد الأرض وهم في رباط إلى يوم القيامة <br />ثار الشباب على اوضاع فساد وفقر ومظالم وأدت آمالهم وطموحاتهم في مستقبل مشرق يجدون فيه ذاتهم ويشبعون من خلاله حاجاتهم ،نجحت الثورة في الإطاحة بالقائد الأعلى للقوات المسلحة ووضع قائمة بعض الفاسدين وناهبي الثروات قيد التحقيق وتجميد الأرصدة تمهيداً للمحاكمة ومصادرة الأرصدة وقد ايد الله سبحانه نجاح هذه الثورة بسوء تخطيط هؤلاء الظالمين فتحقق هلاك الظالمين بالظالمين <br />وقد كنا نظن أن هذا الشباب لا هم له ولكن الخيرية في هذه الأمة لا تنقطع ولا يدرى أولها من آخرها ولن تعدم هذه الأمة من أمثال عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وصلاح الدين وقطز وغيرهم<br />وفي هذا البحث المتواضع أتناول العناصر التالية : <br />1 ـ الأسباب التي أدت إلى قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير <br />2 ـ عوامل انتصار الثورة المباركة <br />3 ـ كيف يمكننا استثمار هذه الثورة في بناء مجتمع اسلامي راق<br />أولاً الأسباب التي أدت إلى قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير :<br />إن الله تعالى إذا قدر شئ هيئ له أسبابه <br />فمن الأسباب : <br /> 1 ـ الظلم 2 ـ محاربة دين الله تعالى وعباده الصالحين <br /> الظلم <br />الدولة العادلة تدوم وإن كانت كافرة والدولة الظالمة تزول وإن كانت مسلمة <br />لقد تفشى الظلم وطغى في كل االنواحي وعلى كل المستويات لم يسلم منه غني أو فقير أو صغير أو كبير ، فظهرت الرشوة والمحسوبية الاستبداد والضرائب والرسوم وانشاء هيئة كبيرة لجباية أموال الشعب والنبي صلى الله عليه وسلم يقول quot;
لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس quot;
ففرضوا ضرائب تراكمية وتصاعدية وبأثر رجعي على الموظف المسكين والعامل والصانع والزارع والتاجر حتى لم يسلم من يجلسون أمام المحال من دفع من يؤمن عدم طردهم لتحصيل ما يقوتهم بتجارة بسيطة لا تكاد تفي بإحتياجاتهم الأساسية مما دفع إلى بث الفوضى في المجتمع من سرقات وتسولات ووصل اللأمر إلى الإنتحار من رب أسرة مسئول لا يستطيع أن يلبي مطالب اطفاله الصغار الذين ينظرون لمن حولهم بعين الذل والانكسار وإلى أبيهم بعين التطلع والأمل <br />محاربة دين الله تعالى وعباده الصالحين <br />يقول الله تعالى في الحديث القدسي : من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلى عبدي بشئ أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه فمن حارب ولي الله تعالى فهو مبارز لله تعالى ذي الجبروت بالحرب وإن الله تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، وقد ظهرت هذه الحرب في مظاهر شتى منها قانون الطوارئ الجائر الذي يتيح لهولاء الجلادون قمع حريات كل من تسول نفسه التقرب إلى الله عز وجل من تجسس وتفتيش وحبس لأجل غير مسمى حتى مع ظهور حكم برائته ، إضافة إلى أساليب القمع والتعذيب التي تمارس نحو هؤلاء والتي كُشفت مؤخراً على مرأي و مسمع يستحي منه الحيوان أن يعذب أخيه الحيوان فضلاً عن تعذيب إنسان كرمه الله تعالى وجعل حرمة قتله أعظم من حرمة هدم الكعبة نسى هؤلاء أن العز والكبرياء لله وحده يقول الله تعالى quot;
الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني فيه ألقيته فيي ناري ولا أبالي ، نسوا حال فرعون الذي على وتكبر وقتَّل وذَّبح ووصل الجهل به إلى ادعاء الربوبية كيف جعله الله عبرة وآية لكل ظالم وطاغية ، نسوا قارون حينما قال قارون إنما أوتيته على علم وخرج يتباهي بزينته خسف الله به وبداره الأرض ، نسوا ما حدث للرئيس الراحل محمد أنور السادات في العهد القريب الذي كان يتباهي بالجيش والنياشين ويوم النصر الذي كان يدعي أنه صاحبه كيف قتل وسط جيشه وفي زيه العسكري وفي اليوم الذي يتباهي به ، هؤلاء غفلوا عن أخلاق إمام المرسلين وسيد الدعاة في يوم النصر حينما دخل فاتحاً منتصراً مطأطأ الرأس وقد تملك الرعب قلوب من آذوه وأخرجوه وهموا بقتله ، بقولته المعروفة ما تظنون أني فاعل بكم فقالوا لمعرفتهم سماحته صلى الله عليه وسلم ، أخ كريم وابن أخ كريم فقال اذهبوا فأنتم الطلقاء <br />انظر الي الاختلاف البين بين حال النبي صلى الله عليه وسلم مع أعداؤه الذين آذوه وحال هؤلاء الظالمون مع شعبهم الذين استرعاهم الله عليهم والذي ورد فيه quot;
ما من راع يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه رائحة الجنة quot;
فكيف بمن جمع بين هذا الغش وهذا الظلم وهذا الانتهاك لادمية الإنسان <br />ثانياً : عوامل انتصار الثورة المباركة <br />1 ـ الاتفاف حول هدف واحد وعدم التنازع ، <br />قال تعالى quot;
ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم quot;
<br />ظهر ذلك جلياً في مكان تجمع المصريين مسلمهم و نصرانيهم التف الجميع حول هدف واحد ونسوا اختلاف العقيدة فكانوا يداً واحدة على من عاداهم وقهرهم وأسامهم سوء العذاب <br />2 ـ الدعاء المصاحب للعمل ، قديقال لماذا لم يستجيب الله تعالى طيلة هذه السنوات مع تحري الصالحين لأوقات الإجابة وأفضل الأماكن بالدعاء على الظالمين فالجواب لأنه لم يصحبه عمل ، فلما صحبه العمل واجتمع الناس بالاشتراك في دفع مظلمة الطاغوت كانت الإجابة ، فالله سبحانه وتعالى قدر اشياء وقدر لهذه الأشياء أسبابها فلابد من التحرك والعمل والأخذ بالأسباب وعدم التواكل والأعتماد على الدعاء وحده ، قال تعالى quot;
فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه quot;
أمر الله تعالى بالسعي مع أن الرزق مقدر مكتوب قال تعالى quot;
وفي السماء رزقكم وما توعدون quot;
<br />وفي قصة الصحابي الذي الذي كان يجلس في المسجد يتعبد وينتظر إنفاق أخيه عليه رادعاً لهذا التصور حيث أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بأن أخيه أفضل منه وفي قصة صاحب الناقة الذي تركها متوكلاً على الله تعالى فما كان من النبي إلا أن أرشده أن يعقلها ويتوكل فلا بد من العمل والسعي مع التوكل التام على الله <br />3 ـ سرعة الإفاقة بعد المصيبة : ظهر بعد حادثة الخيول والبغال ، التف المصريون وتجمعوا بعد هذه المصيبة ولم تثنيهم تلك المصيبة عن الصمود والثبات على موقفهم ، <br />4 ـ إيقاف الفضائيات :( الإسلامية ) قد يقول البعض إن هذا ليس من عوامل النصر ولكن كان هذا القرار الجائر بفضل الله من عوامل النصر حيث وُجد الانشقاق بين صفوف جماعات المسلمين ما بين مؤيد ومعارض منكر للخروج متهماً الطرف الآخر بفرقة من الفرق التي مرقت من الدين وهم الخوارج وبغير دخول في تفاصيل خطأ فكر هؤلاء فإن هذا كان من فضل الله لئلا يبث هؤلاء فكر التثبيط والخوار والوهن في قلوب الناس ولعل هذا مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم quot;
إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر quot;
<br />5 ـ فضح الله تعالى لأساليب الطغاة ومكرهم مصداقاً لقوله تعالى quot;
إن الله لا يصلح عمل المفسدين quot;
ففي اليوم التالي لخطاب الرئيس المخلوع والذي استمال قلوب الكثيرين ممن سحر بكلامه لاستثارة عواطفهم قامت معركة البغال والحمير مما أثار من لم يكن مهتماً أصلاً وأدى إلى تجمع عدد أكبر في هذه الثروة المباركة ،<br />ثالثاً : كيف يمكننا استثمار مكاسب الثورة : <br />هذه الثورة المباركة نزعت حاجز الخوف في الوقوف أمام الظلم وحررت الإنسان مما يقيد حريته وهذا من أعظم المكاسب ، يقول الرسول صلى الله عليه وسل :quot;
أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر quot;
فمن سبل استثمار تلك المكاسب : <br />1 ـ تهيئة الأجواء لتطبيق شرع الله : <br />كثير من الناس لايعرف من الشرع إلا أنه قطع ليد السارق ، وقتل القاتل ,.الشرع فيه قوانين مدنية يتحاكم إليها الناس فتقر العدل والمساواة بين الناس وذلك بأمرين : <br />الأول : توضيح الفرق بين القوانين الوضعية والشرعية فالقوانين الوضعية وضعها اصحاب عقول قاصرة لا تحيط بشئون البشر تدخل فيها الأهواء تحرسها الدولة تجر الويلات لمخالفتها شرع الله ، أما القوانين الشرعية فهي من تشريع رب البشر <br />quot;
ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير quot;
، لا يحابي فيها أحد فالكل عباده <br />يحرس القوانين الشرعية الدين ، الدولة ، الضمير او الوازع الديني في نفس كل إنسان ، وتأتي بالخيرات والبركات <br /> quot;
ولو أن أهل القرى أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون quot;
<br />الثاني : التغلل داخل المجتمع من منطلق دعوي : فيكون لنا موقف إيجابي مغاير لما كنا عليه quot;
إن الله لا يغير ما بقول حتى يغيروا ما بأنفسهم quot;
<br />فيجب الدعوة إلى حسن الخلق ، حث الناس على الفضائل والبعد عن الرذائل ، التعريف بشمولية الاسلام وترسيخ العقيدة في قلوب الناس فلا بد أن نصلح أنفسنا حتى نكون أهلاً أن نحكم بشرع الله تعالى<br />2 غرس أخلاق النصر وبث الأمل في قلوب الأبناء والعمل الجاد لبناء مستقبلهم بأيديهم : لا بد من غرس روح الانتماء لمصر وقد استطاعت ملحمة الثورة أن تحدث تغيرات عميقة في الذهنيات والنفوس والسلوكبات علن طريق الصدق والا خلاص والأمانة والخوف من الله والإيثار والانضباط والتحمل وأداء الواجبات واحتساب الأجر عند الله واستنفار الطاقات الكامنة في النفوس والمجتمع ووضعها في حالة تأهب للإستثمار في أية لحظة وهي كلها عوامل قوة أساسية حقيقية فعلية يمكن استثمارها لتحقيق أهداف بناء الانسان والمجتمع والدولة بما يحقق الاستقلالية والكفاءة الاقتصادية والزرعية الآمنة في المجتمع المصري والخالي من كافة المعيقات السابقة كالرشاوي والمصادرة والسطو على المشروعات الناجحة وطرد الكفاءات لصالح التفاهات والشهوات وكل ذلك شأنه صناعة مناخ عملي تقني ومهني مأمول منه بإذن الله ويكون ذلك في مصلحة الاسلام وقوة المسلمين وعزتهم <br />4 ـ الاهتمام بالبحث العلمي : وهذا من شأنه استثارة طاقات وإبداعات الشباب المصري الأمر الذي يتوقع معه قلة عمليات سرقة العقول الوطنية المفكرة وهروبها للخارج وبالتالي حدوث نهضة علمية للدولة مصحوبة بمناخ دعوي يحاول ربط العلماء بالله وربط البحوث والنتائج العلمية بآيات الله وكل ذلك من شأنه حدوث نهضة علمية ملفتة لمصر وبالتالى نهضة للأمة الإسلامية جميعها<br />5 ـ السعي نحو تحقيق وحدة إسلامية بين جميع الدول العربية بما يرفع ويقوي شأن العالم العربي الاسلامي في وجه العالم الغربي المتربص والساعي نحو تفكيك تلك الوحدة سعياً لأغراضه وحماية لأغراض اليهود الذين يتطلعون لبناء اسرائيل الكبرى من النيل للفرات، نسأل الله عز وجل أن يمزق حزبهم ويشتت شملهم وأن يجلهم عبرة <br />ً<br />أخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذه الثورة فتحاً ونصراً وعزاً للمسلمين <br />اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويأمر فيه بالمعروف وينهي فيه عن المنكر وتقال فيه كلمة الحق لا يخشى فيها لومة لائم <br />مقدمة البحث <br />نجلاء محمد <br />قسم العلوم الشرعية بمعاهد البخاري <br />