1. المقدمة
الحمد ل الذي أعزنا بالسلم ، وأكرمنا باليممان ، ورحمنا بنبيه صلى ال عليه وسلم ، فهدانا
به من ل الضللة ، وجمعنا به من ل الشتات وألف بين ل قلوبنا ، ونصرنا على عدونا ، ومكَّن ل لنا في
البلد ، وجعلنا به إخوانا متحابين ل . فاحمدوا ال على هذه النعمة ، واسألوه المزيمد فيها ، والشكر
عليها ،
فإن ال قد صدقكم الوعد بالنصر على من ل خالفكم ، وإيماكم والعمل بالمعاصي ، وكفر النعمة ،
فقلَّما كفر قوم بنعمة ، ولم يمنزعوا إلى التوبة إل سلبوا عزَّهم ، وسلِّط ع عليهم عدوهم .
وأحب أن أقدم في هذا البحث شخصية عرفها السلم والتاريمخ بالعدل وإذا ذكرنا العدل ذكرنا
أمير المؤمنين ل " الفاروق .. عمر بن ل الخطاب .. " رضي ال عنه الذي فرق ال به بين ل الحق
و الباطل وكان إسلمه فتحا وكان حكمه عدل ولهذه السباب اخترت بحثي حول هذه الشخصية التي
وضعت أقدامها على التاريمخ ليكون نبراساً إسلمياً عربياً تتباهى بها المم .
وفي بحثي تعرضت إلى نسبه ومولده وإسلمه ومواقفه وموافقاته للقرآن الكريمم وما روي
عنه من ل أقوال وأفعال رضي ال عنه وأرضاه .
نسأل ال تعالى أن يمنال رضاكم و يملهمنا السداد والنجاح و التوفيق .
1

2. الفاروق : عمر بن الخطاب
نسبه ومولده
هو أبو حفص عمر بن ل الخطاب بن ل نفيل بن ل العزَّى ب بن ل ريماح بن ل عبد ال قرط بن ل رزاح بن ل عدي
بن ل كعب بن ل لؤي العدوي يمجتمع نسبه مع النبي صلى ال عليه وسلم في كعب وأمه حنتمة بنت هشام
بن ل المغيرة بن ل عبد ال بن ل عمر بن ل مخزوم أخت أبي جهل .
أمير المؤمنين ل ، أبو حفص القرشي ، العدوي ، الفاروق .
ولد بعد الفيل بثلث عشرة سنة ، وكان من ل أشراف قريمش ، وإليه كانت السفارة في الجاهلية فكانت
( قريمش تبعثه رسول ، أو تبعثه منافرا ، أو تبعثه مفاخرا . ( 1
إ سلمه وصحبته
أسلم في شهر ذي الحجة في السنة الساد سة من ل النبوة ، وله سبع وعشرون سنة ،
( قاله الذهبي . ( 2
وقال النووي : أسلم قديمما بعد أربعين ل رجل و إحدى ب عشرة امرأة ، وقيل : بعد تسعة وثلثين ل رجل وثلث
وعشرين امرأة ، وقيل : بعد خمسة وأربعين رجل و إحدى عشرة امرأة .
وكان إسلمه بعد إسلم حمزة بأيمام ، وذلك بعد خروج المسلمين ل إلى الحبشة في هجرتهم الولى .
صحب النبي صلى ال عليه وسلم حتى وفاته ، وشهد المشاهد كلها ، ولقبه النبي صلى ال عليه وسلم بالفاروق ،
وهو أحد العشرة المبشريمن ل بالجنة ، وهو أحد السابقين ل الولين ل ، وأحد الخلفاء الراشديمن ل ، وأحد أصهار النبي صلى
( ال عليه وسلم ، وأحد كبار علماء الصحابة وزهاد هم . ( 1
1 ) تاريخ الخلفاء . لجلل السيوطي )
2 ) مواعظ الصحابة . لصالح الشامي )
1 ) تاريخ الخلفاء . لجلل السيوطي )
2

3. ا لخبار ا لواردة في إ سلمه
وأخرج الترمذي عن ل ابن ل عمر (( أن النبي عليه الصلة والسلم قال : اللهم أعز السلم بأحبِّ
هذيمن ل الرجلين ل إليك : بعمر بن ل الخطاب ، أو بأبي جهل بن ل هشام )) وأخرجه الطبراني .
وأخرج الحاكم عن ل ابن ل عباس (( أن النبي عليه الصلة والسلم قال : اللهم أعز السلم بعمر
بن ل الخطاب خاصة )) وأخرجه الطبراني .
وأخرج ابن ل سعد عن ل ذكوان قال : قلت لعائشة : من ل سمى عمر الفاروق ؟ قالت : النبي عليه
الصلة والسلم .
وأخرج ابن ل ماجه والحاكم عن ل ابن ل عباس رضي ال عنهما قال لما أسلم عمر نزل جبريمل،
فقال: يما محمد ، لقد استبشر أهل السماء بإسلم عمر .
وأخرج البراز والحاكم وصححه عن ل ابن ل عباس رضي ال عنهما قال : لما أسلم عمر قال
المشركون : قد انتصف القوم اليوم منا ، وأنزل ال : (( يما أيمها النبي حسبك ال ومن ل اتبعك من ل
المؤمنين ل ))
وأخرج الطبراني عن ل ابن ل عباس رضي ال عنهما قال : أول من ل جهر بالسلم عمر بن ل
الخطاب
( وأخرج البخاري عن ل ابن ل مسعود رضي ال عنه قال : ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر . ( 2
2) تاريخ الخلفاء . لجلل السيوطي )
3

4. م ا روي عنه
روي له عن ل النبي عليه الصلة والسلم خمسمائة حديمث وتسعة وثلثون حديمثا .
روى ب عنه عثمان بن ل عفان ، وعلي بن ل أبي طالب ، وطلحة بن ل عبيد ، سعد بن ل أبي وقاص ، وعبد
الرحمن ل بن ل عوف ، وابن ل مسعود ، وأبو ذر، وعمرو بن ل عبسة ، وابنه عبد ال ، وابن ل عباس ، وابن ل
الزبير ، وأنس وأبو هريمرة ، وعمرو بن ل العاص ، وأبو موسى الشعري ، والبراء بن ل عازب ، وأبو
سعيد الخدري ، وخلئق آخرون من ل الصحابة وغيرهم ، رضي ال عنهم !
هجرته
أخرج ابن ل عساكر عن ل علي قال : ما علمت أحدا هاجر مختفيا إل عمر بن ل الخطاب ؛ فإنه لمَّا
همَّ بالهجرة تقلَّد سيفه وتنكَّب قوسه ، وانتضى في يمده أسهما ، وأتى الكعبة وأشراف قريمش بفنائها
فطاف سبعا ، ثم صلى ركعتين ل عند المقام ، ثم أتى حلقهم واحدة واحدة ، فقال : شاهت الوجوه ، من ل
( أراد أن تثكله أمه ، ويميتم ولده ، وترمل زوجته ، فلْقيلْققني وراء هذا الواد ي ، فما تبعه منهم أحد . ( 1
قال النووي : شهد عمر مع رسول ال عليه الصلة والسلم المشاهد كلها ، وكان ممن ل ثبت معه يموم
أحد
وأخرج عن ل البراء رضي ال عنه قال : أول من ل قدم علينا من ل المهاجريمن ل مصعب بن ل عمير ، ثم ابن ل
أم مكتوم ثم عمر بن ل الخطاب في عشريمن ل راكبا فقلنا : ما فعل رسول ال عليه الصلة والسلم ؟ قال :
( ( هو على أثري ، ثم قدم النبي عليه الصلة والسلم وأبو بكر رضي ال عنه معه . 2
موافقات عمر
1 ) تاريخ الخلفاء . لجلل السيوطي )
2 ) تاريخ الخلفاء . لجلل السيوطي )
4

5. أخرج ابن ل مرد ويمه عن ل مجاهد قال : كان عمر يمرى ب الرأي فينزل به القرآن .
وأخرج ابن ل عساكر عن ل علي قال : إن في القرآن لرأيما من ل رأي عمر .
وأخرج ابن ل عمر مرفوعا : ما قال الناس في شئ وقال فيه عمر إل جاء القرآن بنحو ما يمقول عمر .
وأخرج مسلم عن ل عمر قال : وافقت ربي في ثلث : في الحجاب ، وفي أسارى ب بدر ، وفي مقام
( إبراهيم ففي هذا الحديمث خصلة رابعة . ( 1
كرامته
أخرج البيهقي وأبو نعيم ، كلهما في د لئل النبوة في رواة مالك عن ل نافع عن ل ابن ل عمر ، قال :
وجَّه عمر جيشا ، ورأس عليهم رجل يمدعى ساريمة ، فبينما عمر يمخطب جعل يمناد ي :
يما ساريمة الجبل ، ثلثا ثم قدم رسول الجيش ، فسأله عمر ، فقال : يما أمير المؤمنين ل هُززِمنمنا ،
فبينما نحن ل كذلك إذ سمعنا صوتا يمناد ي : يما ساريمة الجبل ، ثلثا ، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل ،
فهزمهم ال ، قال : قيل لعمر : إنك كنت تصيح بذلك ، وذلك الجبل الذي كان ساريمة عنده بنهاوند من ل
أرض العجم ، قال ابن ل حجر إسناد ه حسن ل .
( وأخرج عن ل الحسن ل قال : إن كان أحد يمعرف الكذب إذا حُزدِّث به فهو عمر بن ل الخطاب . ( 2
الحاديث الواردة في فضله
1 ) تاريخ الخلفاء . لجلل السيوطي )
2 ) خلفاء الرسول . لخالد الخالد )
5

6. أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي ال عنه قال : قال النبي عليه الصلة والسلم (( بينما أنا
نائم في الجنة ، فإذا امرأة تتوضأ من جانب قصر ، قلت : لمن هذا القصر ؟ قالوا : لعمر ، فذكرت
غيرتك ، فوليت مدبرا )) فبكى عمر ، وقال : أعليك أغار يا رسول ال ؟
وأخرج الترميذي عن عائشة رضي ال عنها قالت : قال النبي عليه الصلة والسلم : (( إني
لنظر إلى شياطين الجن والنس قد فروا من عمر ))
وأخرج ابن ماجه والحاكم عن أبي ذر قال : سمعت النبي عليه الصلة والسلم يقول : (( إن
ال قد وضع الحق على لسان عمر يقول به )) .
وأخرج الطبراني عن أبي كعب قال : قال النبي عليه الصلة والسلم : (( قال لي جبريل :
لَبكيَبكبكِ السلم على موت عمر )) .
أخرج البراز عن ابن عمر قال : قال النبي عليه الصلة والسلم :(( عمر سراج أهل الجنة ))
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي ال عنهما ، قال : قال النبي عليه الصلة والسلم :
( (( ما في السماء ملك إل وهو يوقر عمر ، ول في الرض شيطان إل وهو يفرق من عمر)) ( 1
أ قوال ا لصحابة والسلف فيه
1 ) تاريخ الخلفاء . لجلل السيوطي )
6

7. أخرج ابن عساكر قال أبو بكر الصديق رضي ال عنه : ما على ظهر الرض رجل أحب إليَّ من
عمر وقيل لبي بكر في مرضه : ماذا تقول لربك وقد ولَّيت عمر ؟ قال : أقول له ولَّيت عليهم خيرهم .
وقال حذيفة : وال ما أعرف رجل ل تأخذه في ال لومة لئم إل عمر .
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال : كنا نُححدَّث أ أن الشياطين كانت مصفدة في إمارة عمر ،
فلما أصيب بُحثَّت . وقال معاوية رضي ال عنه : أما أبو بكر فلم يرد الدنيا ولم ترده ، وأما عمر
فأرادته الدنيا ولم يردها ، وأما نحن فتمرَّغنا فيها ظهرًاا لبطن . أخرجه الزبير بن بكار .
وقال ابن مسعود رضي ال عنه : إذا ذكر الصالحون فَبكحَبكيهَبكل بعمر ، إن عمر كان أعلمنا بكتاب
ال ، و أفقهنا في دين ال تعالى . أخرجه الطبراني والحاكم .
سئل ابن عباس عن أبي بكر ، فقال : كان كالخير كله ؛ وسئل عن عمر فقال : كان كالطير
الحذر الذي يرى أن له بكل طريق شَبكرَبككا يأخذه .
( وقال أبو أسامة : أتدرون من أبو بكر ، وعمر ؟ هما أبو السلم وأمه . ( 1
نبذ في سيرته
1) تاريخ الخلفاء . لجلل السيوطي )
7

8. أخرج ابن سعد عن الحنف بن قيس قال : كنا جلوسا بباب عمر ، فمرت جارية ، فقالت سُحرِ يَّة
أمير المؤمنين ، فقال : ما هي لمير المؤمنين بسرية ، ول تحل له ، إنها من مال ال ، فقلنا : فماذا
يحل له من مال ال تعالى ؟ قال : إنه ل يحل لعمر من مال ال إل حُحلتين : حُحلة للشتاء ، وحُحلة للصيف
وما أحج به وأعتمر ، وقوتي وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم ول بأفقرهم ،
ثم أنا بعد رجل من المسلمين .
وأخرج ابن سعد عن الحسن قال : قال عمر : هان شئ أُحصلِ حُح به قوما أن أبدلهم أميرا مكان أمير .
وقال قتادة : كان عمر يلبس ــ وهو خليفة ــ جبةًا من صوف مرقوعة بعضها بأدَبكم ،
ويطوف في السواق على عاتقه الدرة يؤدب بها الناس ويمر بالنِّكْث وث والنوى فيلتقطه ويلقيه في
منازل الناس ينتفعون به .
وقال الحسن : دخل عمر على ابنه عاصم وهو يأكل لحما ، فقال : ما هذا قال : قَبكرِ منا إليه ، قال أو
( كلما قرمت إلى شئ أكلته ؟ كفى بالمرء سَبكرَبكفا أن يأكل كل ما اشتهى . ( 1
صفته
أخرج ابن سعد عن ابن عمر أنه وصف عمر فقال : رجل أبيض تعلوه حمرة طوال أصلع أشيب .
وأخرج عن عبيد بن عمير قال : كان عمر يفوق الناس طوال .
وأخرج عن سلمة بن الكوع قال : كان عمر رجل أعسر ( يسر ) يعني يعتمل بيديه جميعا .
1 ) تاريخ الخلفاء . لجلل السيوطي )
8

9. وأخرج ابن عساكر عن أبي رجاء العطاردي قال : كان عمر رجل طويل جسيما أصلع شديد الصلع أبيض شديد الحمرة ،
في عارضيه خفة ، سَبكبَبكلَبكته كبيرة ، وفي أطرافها صهبة .
وأخرج ابن سعد والحاكم عن زر قال : خرجت مع أهل المدينة في يوم عيد فرأيت عمر يمشي حافيا شيخا أصلع
آدم أعسر طوال مشرفا على الناس كأنه على دابة ، قال الوافدي : ل يعرف عندنا أن عمر كان آدم إل أن يكون رآه عام
( ( الرَّمادة ؛ فإنه كان تغير لونه حين أكل الزيت 2
سياق طرف من كلمه
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، وتزينوا للعرض الكبر (( يومئذ تعرضون ل تخفى
منكم خافية )) من كثر ضحكه قلت هيبته ومن فرح استخف به ، ومن أكثر من شئ
عرف به ، ومن كثر كلمه كثر سقطه ، ومن كثر سقطه قل حياؤه ، ومن قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات
قلبه ، ل تتكلم فيما ل يعنيك واعتزل عدوك واحذر صديقك إل المين ، ول أمين إل من يخشى ال و ل تمشي مع
الفاجر فيعلمك من فجوره ، ول تطلعه على سرك ، ول تشاور في أمرك إل الذين يخشون ال . وكان يقول : (( لول
خوف الحساب لمرت بكبش يشوى لنا في التنور )) وكان يخرج يطوف على البيوت ويقول : من كان محتاجا
فليأتنا ، وكان يقول : (( اللهم ل تجعل هلك أمة محمد على يدي )) ، وكان إذا مر على مزبلة يقف عندها ويقول : هذه
دنياكم التي تحرصون عليها ، وكان يقول بالفانية : خير لكم من أن تضروا بالباقية ـ يعني الخرة ، وكان يأخذ التبنة
من الرض ويقول : يا ليتني كنت هذه التبنة ، يا ليتني كنت نسيا منسيا ، وكان إذا حصل بالناس هم يخلع ثيابه
ويلبس ثوبا ل يكاد يبلغ ركبتيه ثم يرفع صوته بالبكاء والستغفار وعيناه تذرفان حتى يغشى عليه .
خلفته و فتوحاته
ولي الخلفة بعهد من أبي بكر في جمادى الخرة سنة ثلثة عشرة ، وفي عهده تمت الفتوح الكبرى ، ففي
سنة أربع عشرة فتحت دمشق ما بين صلح وعنوة ، وحمص ، وبعلبك صلحا ، والبصرة والبِّلةُح كلهما عنوة ،
وفيها جمع عمر الناس على صلة التراويح، وفي سنة خمس عشرة
2 ) تاريخ الخلفاء لجلل السيوطي )
9

10. فتحت الردن كلها عنوة إل طبرية ، فإنها فتحت صلحا ، وفيها كانت وقعت اليرموك و القادسية ، وفيها مصَّر سعد
الكوفة ، وفيها فرض عمر الفروض ، ودون الدواوين ، وأعطى العطاء على السابقة ، وفي سنه ست عشرة فتحت
الهواز والمدائن ، وأقام بها سعد الجمعة ، وهي أول جمعة جمعت بالعراق ، وفيها فتحت تكريت ، وفيها سار عمر
ففتح بيت المقدس وخطب في الجابية خطبته المشهورة ، وفيها فتحت حلب ، و منبج صلحا وفي سنة سبع عشرة
زاد عمر في المسجد النبوي ، وفيها كان القحط بالحجاز وسمي عام الرَّمادة واستسقى عمر للناس بالعباس ، ولمَّا
خرج عمر يستسقي الناس خرج وعليه برد رسول ال ، وأخذ عمر بيد العباس ثم رفعها ، وقال ( اللهم إنا نتوسل
إليك بعم نبيك أن تذهب عنا المَبكحَبكلَبك، وأن تسقينا الغيث ) فلم يبرحوا حتى سُحقوا ، فأطبقت السماء عليهم أياما ، وفيها
فتحت الهواز صلحا ، وفي سنة ثمان عشرة فتحت حلوان وطائفة من الجزيرة والموصل عنوة ، وفي سنة تسع
عشرة فتحت قيسارية عنوة ، وفي سنة عشرين فتحت مصر
والمغرب عنوة ، وفيها هلك قيصر عظيم الروم ، وفيها أجلى عمر اليهود عن خيبر وعن نجران ، وقسم خيبر
ووادي القرى ، وفي سنة إحدى وعشرين فتحت السكندرية ونهاوند عنوة وفي سنة اثنين وعشرين فتحت
أذربيجان وطرابلس والمغرب والري وعسكر ، وقومس عنوة ، وفي سنة
( ثلث أ وعشرين كان فتح كرمان وسجستان ، ومكران من بلد الجبل وأصبهان ونواحيها . ( 1
وكان من دعائه :
( (( اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك ، وموتا في بلد رسولك واستجاب له ذلك )) . ( 2
أ وليات عمر
أول من سمي أمير المؤمنين وأجمعوا على كثرة علمه ، ووفور فهمه ، وزهده وتواضعه ورفقه
بالمسلمين ووقوفه مع الحق ، وأول من كتب التاريخ من الهجرة ، وأول من اتخذ بيت المال ،
وأول من سنَّ قيام شهر رمضان ، وأول من عسَّ بالليل ، وأول من ضرب في الخمر ثمانين ،
وأول من اتخذ الدرة ، وأول من اتخذ الديوان ، وأول من حرم المتعة ، وأول من أخذ زكاة الخيل ،
1 ) تاريخ الخلفاء . لجلل السيوطي )
2 ) مواعظ الصحابة . لصالح الشامي )
10

11. وأول من نهى عن بيع أمهات الولد ، وأول من حمل الطعام من مصر في بحر أيلة إلى المدينة ،
وأول من جمع الناس في صلة الجنائز على أربع تكبيرات وأول من فتح الفتوح ومسح السواد ،
وأول من احتبس صدقة في السللم ، وأول من أعال الفرائض ، وأول من مصَّر المصار: الكوفة
والبصرة ، والجزيرة ، والشام ، ومصر ، والموصل .
وأول من قال : (( أطال ال في بقائك )) ! قالها لعلي ، وأول من قال : (( أيدك ال )) قالها لعلي
وأول من اسلتقضى القضاة في المصار .
قال ابن سلعد : اتخذ عمر د ار الدقيق ، فجعل فيها الدقيق و السَّويق والتمر والزبيب ، وما يحتاج
إليه: يعين به المنقطع ، ووضع فيما بين مكة والمدينة بالطريق ما يصلح من ينقطع به ، وهدم
المسجد النبوي ، وزاد فيه ووسلعه وفرشه بالحصباء ، وهو الذي أخرج اليهود من الحجاز إلى
الشام ، وأخرج أهل نجران إلى الكوفة ، وهو الذي أخَّر مقام إبراهيم إلى موضعه اليوم ، وكان ملصقا
( ( بالبيت . 1
من مواعظ عمر
ا لرجال ثلثة
قال عمر رضي ال عنه : الرجال ثةلثةة :
رجل ينظر في المور قبل أن تقع ، فيصدرها مصدرها .
ورجل متوكل ، ل ينظر ، فإذا نزلت به نازلة ، شاور أهل الرأي وقبل قبولهم .
ورجل حائر بائر ، ل يأتمر رشدا ، ول يطيع مرشدا .
1 ) تاريخ الخلفاء . لجلل السيوطي )
11

12. ا لرجل بأمانته
قال عمر رضي ال عنه :
ل تنظروا إلى صيام أحد ول صلته ، ولكن انظروا إلى
( صدق حديثه إذا حدَّث ، ، وأمانته ‘ إذا أؤتمن ، وورعه إذا أشفى . ( 1
ا لعز بالسلم
قال عمر رضي ال عنه :
إنا قوم أعزَّنا ال بالسللم ، فل نطلب العز في غيره .
ا لمور ثلثة
قال عمر رضي ال عنه : المور ثةلثةة :
أمر اسلتبان رشده فاتبعه .
أمر اسلتبان ضره فاجتنبه .
( وأمر أشكل أمره عليك ، فرد َّه إلى ال . ( 1
أ جر أ ا لناس
قال عمر رضي ال عنه :
أجرأ الناس ، من جاد على من يرجو ثةوابه .
وأحلم الناس ، من عفا بعد القدرة
وأبخل الناس ، الذي يبخل بالسلم
( وأعجز الناس ، الذي يعجز عن د عاء ال . ( 1
نبذ في أ خباره وقضاياه
قال النووي في تهذيبه : سلماه بهذا السلم عدي بن حاتم ، ولبيد بن ربيعة حين وفدا عليه من
العراق ، وقيل : سلماه به المغيرة بن شعبة ، وقيل : إن عمر قال للناس : أنتم المؤمنون وأنا أميركم
فسمي أمير المؤمنين .
وكان قبل ذلك يقال له : خليفة خليفة رسلول ال ، فعدلوا عن تلك العبارة لطولها .
1 ) مواعظ الصحابة . لصالح الشامي )
1 ) مواعظ الصحابة . لصالح الشامي )
1 ) مواعظ الصحابة . لصالح الشامي )
12

13. وأخرج ابن سلعد عن شداد قال : كان أول كلم تكلم به عمر حين صعد المنبر قال : اللهم إني
شديد فليِّنَّي وإني ضعيف فقوني ، وإني بخيل فسخِّني .
وروينا من غير وجه أن عمر بن الخطاب خرج ذات ليلة يطوف بالمدينة وكان يفعل ذلك كثيرا
إذ مر بامرأة من نساء العرب مغلقا عليها بابها : وهي تقول :
تطاول هذا الليل تسري كواكبه وأرَّقني أن ل ضجيع ألعبه
فو ال لول ال تخشى عواقبه لَززُحزحزح من هذا السرير جوانبه
ولكنني أخشى رقيبا مُحزوَزكل بأنفسنا ، ل يفتُحزرُحز الدهر كاتبه
مخافة ربي ، والحياء يصدني وأكرم بَزعلِيي أن تنال مراتبه
فكتب إلى عماله بالغزو أن ل يغيب أحد أكثر من أربعة أشهر
وأخرج عن عكرمة بن خالد قال : د خل ابنٌ لعمر بن الخطاب عليه وقد ترجَّل ولبس ثةيابا
حسانا ، فضربه عمر بالدِّرَّة حتى أبكاه ، فقالت له حفصة : لم ضربته ؟ قال : رأيته قد
أعجبته نفسه ، فأحببت أن أصغرها إليه .
وأخرج عن معمر عن ليث بن أبي سلليم أن عمر بن الخطاب قال : ل تُحزسموا الحكم ول أبا
( ( الحكم ، فإن ال هو الحكم ، ول تسموا الطريق السكة . 1
موته و فيمن مات من أ يامه
في آخر سلنة ثةلث ، وعشرون
لما نفر عمر من منى أناخ بالبطح ثةم اسلتلقى ورفع يديه إلى السماء وقال :
(( اللهم كبرت سلني ، وضعفت قوتي ، وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ول مفرط ))
وأخرج الطبراني عن طارق بن شهاب ، فقبل ال د عاءه .
1 ) تاريخ الخلفاء . لجلل السيوطي )
13

14. و ضربه أبو لؤلؤة المجوسلي في صلة الصبح في كتفه وفي خاصرته ، فسقط عمر ، وطعن ثةلثةة
عشر رجل معه فمات منهم سلتة ، فصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس بأقصر سلورتين وأتى عمر
بنبيذ فشربه فخرج من جرحه ، فسقوه لبنا فخرج أيضا ، وكان ذلك يوم الربعاء لربع بقين من ذي
الحجة من سلنة ثةلث ، وعشرين ، واسلتأذن عمر من عائشة أن يدفن مع صاحبيه ، فقالت كنت أريده
لنفسي ، ولكن أذنت لعمر ، ومات بعد ثةلثةة أيام ، ود فن بالحجرة النبوية يوم الحد مستهل المحرم
( من سلنة أربع وعشرين رضي ال عنه ، وأرضاه . ( 2
قال : قالت أم أيمن يوم قتل عمر : اليوم وهى السللم ، وأخرج عبد الرحمن بن يسار قال :
شهدت موت عمر بن الخطاب ، فانكسفت الشمس يومئذ .
وقال أبو صالح السمان : قال كعب الحبار لعمر : أجدك في التوراة تقتل شهيدا ، قال : وأنى
لي بالشهاد ة ، وأنا بجزيرة العرب ؟
وقد مات في أيام عمر من العلم :
( " عياش ، و بلل ، وابن مكتوم ، والبراء ، و الشعري ، وعبد الرحمن أخو الزبير بن العوام ". ( 1
الخاتمة
وفي الختام ندعو ال أن يتقبل عملنا هذا خالصا لوجهه الكريم وأن يجعله في موازيين أعمالنا وأن
تكون هذه الشخصية التي كان يرى الرأي فينزل به القرآن وكما أخرج ابن عساكر عن علي قال : إن
في القرآن لرأيا من رأي عمر ، ول ريب أن أمير المؤمنين لو خيَّر بين البساطة الصاد قة وكل ما في
الدنيا من زينة وزخرف ، لما آثةر على التواضع والبساطة شيئا .
2 ) تاريخ الخلفاء . لجلل السيوطي )
1 ) تاريخ الخلفاء . لجلل السيوطي )
14

15. وإن الرجل الذي عاش حياته متفوقا ، وكانت أيامه فوق الرض موكبا مستمرا من النتصارات
والسعاد ة ــ منذ أن فتى يصارع الفتيان في سلوق عكاظ ، فيظفر بهم وينتصر عليهم إلى أن أسللم فكان
إسللمه فتحًاا ثةم هاجر فكانت هجرته نصرا ، إلى أن صار أميرًاا للمؤمنين تتهاوى تحت ضرباته أركان
العالم القديم كله .
هذا الرجل ، صاحب هذه الحياة الحافلة د وما ، الظافرة أبدا ... كان أروع انتصاراته وأبهاها وأبقاها
الورع الذكي الجليل الذي أعطى د نيا الناس كافة ، ود نيا الحكام خاصة قدوة ل تبلى ، ول هي يوما
بناصلة .
ونحمد ال أن أنعم عليَّ بمعرفة حياة هذه الشخصية الفذة .
وإن أصبت فمن ال وإن أخطأت فمن نفسي .
المراجع
1آثار المدينة المنورة لعبد لقدوس النصاري. المكتبة العلمية -
التجارية بالمدينة، ط/ الرابعة 1406 هـ.
2الحاد والمثاني لبي بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم -
الشيباني. تحقيق: باسم الجوابرة. دار الراية. الرياض. ط/الولى.
15

16. 1411 هـ - 1991 م.
3الداب. لبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. تحقيق: محمد عبد -
القادر عطا دار الكتب العلمية. بيروت. 1406 هـ.
4إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة.لحمد بن أبي -
بكر بن إسماعيل الكناني البوصيري. (مخطوط) نسخة مصورة
بالجامعة السلمية بالمدينة عن الصل المحفوظ بالمكتبة
.(243 ، الزهرية بالقاهرة برقم ( 232
5إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة.للمام -
الحافظ أحمد بن عليّ بن محمّد بن حجر العسقلني تحقيق
الدكتور وصي ا محمّد عباس. الطبعة الولى 1421 هـ - 2001 م.
الفهرس
الموضوع الصفحة
المقدمة 1
الفاروق عمر بن الخطاب - نسبه ومولده - إسلمه وصحبته 2
الخببار الواردة في إسلمه 3
ما روي عنه – هجرته 4
16

17. موافقات عمر – كرامته 5
الحااديث الواردة في فضله 6
أقوال الصحابة والسلف فيه 7
نبذ في سيرته 8
صفته - سياق طرف من كلمه 9
خبلفته وفتوحااته 10
أوليات عمر 11
من مواعظ عمر – الرجال ثهلثهه – الرجل بأمانته – العز بالسلم – المور ثهلثهه 12
نبذ في أخبباره وقضاياه 13
موته و فيمن مات من أيامه 14
الخاتمة 15
المراجع 16
الفهرس 17
17