SlideShare a Scribd company logo
‫بسم ا الرحمن الرحيم‬
         ‫وصايا في القراءة‬
‫) دورة في القراءة الصحيحة ألقاها فضيلة الشيخ سليمان بن‬
                ‫خالد الحربي حفظه ال في صيف ٧٢٤١هـ ( ٠‬
 ‫الحمد لله رب العالمين، وصلى ا وسلم وبارك‬
   ‫على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، اللهم‬
                  ‫علمنا ما ينفعنا وزدنا علما يا كريم.‬
      ‫موضوع الجلسة هي: وصايا في القراءة، أو‬
      ‫المنهجية في القراءة الصحيحة، وهو بحق من‬
‫المواضيع المهمة التي يحسن بطالب العلم أن يعتني‬
 ‫بها وأن يعرفها وأن يختصر الطريق في قراءته وأل‬
    ‫يذهب شذر مذر في فنون القراءة حتى إذا تفلت‬
   ‫عليه العمر والزمان إذا هو ينتبه ولت ساعة مندم‬
   ‫وهي وصايا أذكرها لكم ل تعني الحاطة بكل ما‬
   ‫يجب على طالب العلم معرفته وإنما هي مشاركة‬
 ‫ومساهمة من قليل البضاعة في هذا العلم ومفتاح‬
 ‫أيضا للبحث في هذا الموضوع الهام لجل أن ينتفع‬
                              ‫النسان من وقته وعمره.‬


                          ‫1‬
‫الوصية الولى: في القراءة الصحيحة:أن يستشعر‬

  ‫طالب العلم أهمية الوقت وأهمية العمر وأن هذا الوقت‬

  ‫الذي يمر عليه هو من عمره فل يتصور طالب علم‬
 ‫غير حريص على وقته وشحيح به ول يعطي للوقت‬
‫أهميته. كم ترى من الناس من تجده أرخص ما يبذله‬
  ‫هو جلسة ساعة أو ساعتين أو رحلة يوم أو يومين‬
   ‫=من أرخص ما يكون ، بل بالعكس تجد النسان‬
 ‫يقرر الرحلة أو النزهة أو الجلسة دون أن يفكر ماذا‬
 ‫ذهب عليه. وطالب العلم ل يمكن أن يزول عن باله‬
 ‫هذه القضية ل يمكن عندما يتخذ قرارا في رحلة أو‬
 ‫في جلسة ل يمكن أن يعزب عنه عند اتخاذه للقرار‬
   ‫ذهاب الوقت عليه ، فإذا علمت أنك ضنين بالوقت‬
   ‫حريص على وقتك وعمرك ل لشيء إل لجل أنه‬
       ‫سيفوت عليك القراءة فاعلم أنك على طريق‬
    ‫صحيحة وإذا رأيت العكس في يوم رحلة وبعده‬
    ‫جلسة ونحوها ثم تسرق الوقت مسارقة لقراءة‬
‫ساعة =فل تصنّف نفسك أنك طالب علم مجد أبدا ل‬


                        ‫2‬
‫تصنف نفسك مع الطلبة المجدين في العلم وهذا‬
‫قصور كبير جدا ، لو قيل له: ادفع مئه أو مئتين فكّر.‬
 ‫وإذا قيل له ابذل يوما أو يومين أو ثلثة ليس عنده‬
‫أي إشكال وهذه حقيقةُ ُ مرّة ، على طالب العلم أن‬
  ‫يعتني بالوقت وأن يحرص على أهميته وأن يربي‬
    ‫نفسه حتى يصبح هذا المر سجيّة ويقّدر الوقت‬
   ‫الثمين الذي ذهب عليه لننا نمر بإشكالية عظيمة‬
 ‫وهي إسراف عظيم في بذل الوقت بل فائدة ومن‬
‫نظر وسبر حال الئمة وجد أنهم ما بلغوا ما بلغوا =‬
 ‫إل بشحهم بالوقت وهذا ابن الجوزي ـ رحمه ا ـ‬
 ‫يقول كما في صيد الخاطر فإن قلت إني قرأت أكثر‬
  ‫من عشرين ألف مجلدة وأنا في الطلب فأنا مقل.‬
‫عشرين ألف والمجلد ليست كمجلداتنا هذه عشرين‬
  ‫ألف في الطلب. ل يمكن أن يقرأ هذا الكم الهائل‬
 ‫وهو كريم في وقته. وابن جرير الطبري عندما أراد‬
‫أن يكتب تاريخ السلم والتفسير قال: إيتوني بثلثين‬
  ‫ألف ورقة. فقالوا: يا إمام هذا تنقطع دونه أعناق‬
‫البل. فقال: ا المستعان ذهبت الهمم. فكتب في‬

                       ‫3‬
‫ثلثة آلف. ومن رأى حال هؤلء الئمة وشحهم في‬
  ‫الوقت بل إنهم ـ رحمه ا ـ يشحون بالوقت حتى‬
‫على العبادة من أجل القراءة وقصة المام أبو الفتح‬
 ‫ابن دقيق العيد القشيري المام المشهور سمع بأن‬
 ‫الشرح الكبير للمام الرافعي ـ رحمه ا ـ قد نسخ‬
‫واشتراه بثلثة آلف درهم وعكف على قراءته حتى‬
    ‫إنه اقتصر على الفرائض فكان ل يصلي النوافل‬
   ‫العامة مع أنه يعلم أن الطاعة فضلها عظيم لكنه‬
   ‫شحّ بالوقت. ونحن الن عندنا مساحات كبيرة من‬
 ‫الفراغ ومساحات عظيمة من الوقت فكم هو الذين‬
       ‫يسألون عن أوقاتهم ، وما أتى هذا إل بعدم‬
‫استشعار أهمية الوقت والنفس تحتاج إلى استجمام‬
  ‫وهذا ل شك من فقه النفس ولكن هل وصلنا إلى‬
‫مرحلة الستجمام نحن عندنا ترهل!! في مسألة بذل‬
‫الوقت والكرم في تقديمه للناس وهؤلء الئمة كانوا‬
   ‫يضنون بالوقت ويبخلون به على أنفسهم وأهلهم‬
   ‫حتى في ساعة الوفاة وتحضرني قصة ابن جرير‬
   ‫الطبري لما حضرته الوفاة وهو في النـزع فسمع‬

                      ‫4‬
‫شخصا بجانبه وهو يدعو ويقول الدعاء المشهور:‬
   ‫اللهم يا سابق الفوت ويا سامع الصوت ويا كاسي‬
‫العظام لحما بعد الموت. فقال: من قال هذا الدعاء.‬
‫فقيل: إنه منقول عن جعفر بن محمد أو نحوه. فقال‬
 ‫لولده: إئتني بصحيفة فأتي بالصحيفة فكتب الدعاء.‬
    ‫فقالوا: يا إمام أنت الن في وقت كتابة الصحيفة‬
  ‫فقال: إني أخجل أن ألقي ربي وأنا ل أعرف هذا‬
  ‫الدعاء. ـ رحمه ا ـ فهؤلء الئمة يخجل النسان‬
‫عندما يسمع قصصهم وعندما يقارن نفسه بهم وتمر‬
      ‫علينا ل أقول الساعة ول اليام بل قل السابيع‬
   ‫والنسان إن حضر درسا واحد عدّ نفسه من طلبة‬
    ‫العلم الكبار وهذه تربية وهذا ما نريده في هذا‬
    ‫الدرس أن نستشعر أهمية الوقت وأن نحيي في‬
  ‫نفوسنا أهمية القراءة وأن الوقت مهما بالغت فيه‬
     ‫فل تظن أنك فعلت ما فعله الوائل ومن حسب‬
 ‫لنفسه كم ورقة قرأ خجل من نفسه ، كم عندك من‬
  ‫الكتب المرصوصة الن قد ل تجد كتابا مجلدا واحدا‬
‫قد أنهيته وهؤلء الئمة وفي ساعة النـزع والحتضار‬

                       ‫5‬
‫يحرصون على الوقت ويكتبون العلم ويحرصون عليه‬
‫لجل أل يضيع عليهم شيء. وتعرفون قصة القاضي‬
      ‫أبو يوسف ـ رحمه ا ـ عندما كان في ساعة‬
  ‫الحتضار وفي ساعة النـزع حتى قيل إنه لما كتب‬
 ‫سمع صياح أهله عليه التفت إلى أحد تلميذه فقال:‬
       ‫ترمى الجمرة راكبا أم راجل ً وهو في ساعة‬
‫الحتضار فقال التلميذ: بل راكبا. قال: أخطأت. قال:‬
 ‫بل راجل ً. قال: أخطأت. فقال: كيف يا إمام؟ فقال:‬
     ‫إن كانت الجمرة بعدها دعاء فراجل ً وإن كانت‬
  ‫الجمرة ليس بعدها دعاء فراكبا. انظر إلى التعليم‬
‫والحرص على الوقت والحتساب. والمثلة كثيرة في‬
     ‫زمننا هذا فمثل الشيخ ابن باز في سيارته وفي‬
 ‫طريقه ومجيئه وفي كل وقت ،كل ما تعلم النسان‬
     ‫عرف أهميته وكلما ندم على تفريطه في وقته‬
‫وكرمه الزائد مع الناس في بذل الوقت وهذا الشيخ‬
  ‫ابن عثيمين في إتيانه ورجوعه للمسجد يُقرأ عليه.‬
  ‫قُرأ عليه كثير من رسائله فقط في مجيئه وذهابه.‬
 ‫يعني ما الذي جعلهم يفعلون هذا؟ هل ما يجدون‬

                       ‫6‬
‫أوقاتا مثلنا؟! بل الشيوخ في الوقت حرصوا على‬
   ‫أوقاتهم بخلفنا نحن وا المستعان تجد النسان‬
    ‫يجلس الساعة والساعتين والثلث والربع واليوم‬
    ‫واليومين والثلثة ل يفكر أنه قد ذهب عليه عمره‬
  ‫سدى. ، وهنا تنبيه مهم وجيد وهو أن بعض الناس‬
      ‫يظن في نفسه شيئا من الحرص على القراءة‬
    ‫ويشعر أن وقته ل يكفي للقراءة ودائما ما يندب‬
‫الزمن وإذا نظرت إلى قراءته في اليوم الواحد وعدد‬
‫ساعات القراءة وجدتها ل ترتقي إلى المستوى الذي‬
‫كان يتوقع من نفسه وإنما هي أوهام في رأسه وإبر‬
  ‫تخدير وضعها كعقبة عن الحرص والمثابرة ، وأذكر‬
 ‫أحد الخوة توفي رحمه ا استشارني قبل سنوات‬
    ‫ونحن في أول الجازة بأن يترك الكلية لجل أن‬
‫الوقت لديه قليل ووقت الكلية يأخذ منه قدرا كبيرا من‬
‫أول النهار إلى الظهر ويقول إني أرجع من الكلية وأنا‬
    ‫متعب فل يبقى إل العصر وبعد العشاء فأريد أن‬
    ‫أترك الكلية لجل أن أستفيد من هذا الوقت وهو‬
    ‫صادق في رغبته فقلت له: قبل الدراسة بأسبوع‬

                        ‫7‬
‫أعطيك رأيي وقد كنت أريد أن أختبره وأثبت له أن‬
      ‫الخلل في نفسه وليس في الزمن = لما جاءت‬
 ‫الدراسة أتى واستشارني فقلت له في فترة الجازة‬
  ‫أعطني أقصى يوم قرأت فيه من الساعات فسكت‬
   ‫ثم قال أذكر أربع ساعات أو خمس ساعات فقلت‬
  ‫أربع ساعات يجدها صاحب الجامعة ومن يدرس!!‬
    ‫إذا الدراسة ليست من العوائق ، لكن الشاب من‬
   ‫حماسه يجد أنه يستطيع أن يفعل شيئا لكن على‬
    ‫سبيل الواقع ل يفعل شيئا فل تغش نفسك فعل ً.‬
‫الهمة موجودة لكن أين التطبيق. هذه الوصية الولى‬
                               ‫وهي: استشعار الوقت.‬

‫الوصية الثانية: ل تقفز إلى الكتب التي لم تتأهل لها ولو‬

  ‫كان فيها مجموعة من الفوائد ثق أنك لن تصل إلى ما‬

   ‫تريد من العلم ما دمت تقفز إلى الكتب الكبار لن‬
‫المبتدئ من أوضح خصائصه الملل فليست معه لياقة‬
    ‫تسعفه لقراءتها وجردها ، والكتب الكبار التي لم‬
    ‫تتأهل لها هي أول ما يأتي بالملل إليك ، ونضرب‬

                           ‫8‬
‫مثال : شخص ابتدأ بالفتاوى ل شك أن في الفتاوى‬
  ‫أشياء تجذبك للقراءة وأعرف كثيرا من الطلبة ابتدأ‬
‫بفتاوى شيخ السلم ابن تيمية فلما قرأ في الفتاوى‬
   ‫يأتي فصل فيفهمه وفصل ل يفهمه وفصل يفهمه‬
   ‫فهما خاطئا وباب يجد فيه من التناقضات الشيء‬
 ‫الكثير فتجده مباشرة يلتفت إلى كتاب آخر فيظن أن‬
‫المشكلة والمصيبة في الكتاب والحق أن المصيبة به‬
 ‫هو وأنه انتقل إلى كتاب يحتاج إلى مقدمات لقراءته‬
  ‫وهكذا تجد الشاب يهتم بقراءة أشياء كثيرة ويترك‬
    ‫أشياء قليلة ويظن أن هذه الشياء الصغيرة غير‬
 ‫مهمة أو أنها ستأتي من باب أولى عند قراءة الكتب‬
 ‫الكبار وهذا غير تصور خاطئ ، وإنما كتب المبتدئين‬
‫تكوّن قاعدة من أجل أن يتأهل لما بعدها وأذكر أن‬
 ‫المام أحمد ـ رحمه ا ـ كما ذكر ذلك ابن القاضي‬
  ‫أبي يعلى محمد بن الحسن ذكر قصة المام أحمد‬
    ‫أنه جاءه رجل فقال: يا إمام ما رأيك بماء الورد‬
 ‫أيُتطهر به؟ فقال المام أحمد: ل أحب ذلك ـ رحمه‬
‫ا ـ. فقال: أيُتطهر بماء الباقلء؟ قال: ل أحب ذلك.‬

                       ‫9‬
‫ثم أصبح يسأله مثل هذه السئلة فلما أراد أن يقوم‬
‫جذبه المام أحمد فقال: أتعرف ماذا تقول إذا دخلت‬
 ‫المسجد؟ قال: ل. قال :أتعرف ما تقول إذا خرجت‬
     ‫من المسجد؟ قال: ل. قال: اذهب فتعلّم هذا.‬
    ‫هناك مقدمات ل ينبغي للنسان أن يجهلها ل‬
    ‫ينبغي للنسان أن ينتقل إلى شيء كبير وهو ل‬
 ‫يعرف هذه الشياء. وهذه يا إخوان ضررها عظيم‬
  ‫حتى في تكوين شخصية طالب العلم ل يشعر بها‬
 ‫الشاب عاجل وفي سن الصغر وإنما يدركها إذا كبر‬
    ‫به السن وتأهل وانتصب للناس تجد النسان لمّا‬
‫يسأل في مسائل الطلق المسائل الكبار التي تبحث‬
 ‫قد يجيب فإذا جيء به إلى مسائل صغيرة جدا فإذا‬
   ‫هو يحار فيها ويتوقف. الناس ل يقبلون مثل هذا.‬
 ‫يقبلون أن ل تعرف الجابة في أشياء كبيرة فتقول:‬
     ‫أجيب غدا، أجيب فيما بعد. لكنهم ل يقبلون أن‬
 ‫تخطئ أو تجهل مسائل يعرفها صغار الطلبة. فتجد‬
‫أنك مرة بعد مرة تحاول الفكاك من الناس، وتحاول‬
‫أن تبتعد عن الناس تخشى أن تتكشف أوراقك وهذا‬

                      ‫01‬
‫سببه ماذا؟ هو عدم التدرج في القراءة وأنك تنتقل‬
‫إلى كتب لم تتأهل لها الن؛ فتحاول أن تقفز وتختصر‬
      ‫الوقت فتظن أن هذا اختصار للوقت وهو في‬
  ‫الحقيقة ليس اختصارا وإنما هو فوضى عارمة يمرّ‬
   ‫بها الشاب وهي معروفة ، إن لم يكن النسان قد‬
‫ضبط نفسه فإنه يجد لهذه الكتب الكبيرة شهوة وحبا‬
     ‫لكنه ل يعلم ضررها إل فيما بعد. المعلومات ل‬
     ‫ترسخ بينما الكتب الصغار التي يبتدأ بها الطالب‬
‫ويحاول أن يقرأها مرة مرتين ثلثا تؤهله إلى ما بعد‬
   ‫ذلك ولهذا يقرأ الشاب المبتدئ العقيدة الواسطية‬
  ‫مرة مرتين ثلثا أربعا يجد فيها علما كثيرا وتجد أن‬
        ‫هذا المبتدئ إذا حفظه قد ضبط العلم كثيرا؛‬
 ‫المعلومات التي في العقيدة الواسطية موجودة في‬
  ‫الفتاوى لكنها هنا مركزة ومرتبة ليس فيها تشويش‬
      ‫على الطالب يذكر الخلف ويذكر الحجج ويذكر‬
  ‫العتراضات، بينما لو قرأ العقيدة الصفهانية لوقف‬
  ‫في الصفحة العاشرة ولعجز أن يكمل هذا الكتاب‬
‫لنه لم يتأهل له حتى الن فالطالب دائما يحرص أل‬

                        ‫11‬
‫ينتقل إلى كتاب إل وهو قد تأهل له. ل تقفز لو كان‬
‫القفز سليما لقفز الناس من مئات السنين ولما احتاج‬
  ‫الناس إلى الكتب الصغار كل يريد أن يختصر العمر‬
 ‫كل أحد يريد أن ل يضيع وقته لكن الناس وجدوا أن‬
‫هذه هي الطريقة الصحيحة للتدرج في القراءة؛ يقرأ‬
  ‫النسان ما أوصى به علماؤنا للطالب المبتدئ كتاب‬
   ‫التوحيد يقرأه مرة مرتين، العقيدة الواسطية مرة‬
   ‫مرتين، زاد المستقنع مرة مرتين، الربعين النووية‬
‫يقرأها مرة مرتين ثلثة، ثم ينتقل إلى عمدة الحكام‬
‫مرة مرتين ثم بلوغ المرام وهكذا يكون عنده حصيلة‬
‫هائلة ثم بعد ذلك يبدأ بقراءة المطولت. بوقت قصير‬
 ‫يسهل عليه أكثر ما في المطولت. حصيلته موجودة‬
  ‫في عقله إنما هو تثبيت ورد حجج وذكر للدلة وأما‬
  ‫المسائل فإنها مفهومة. ولهذا نجد أن بعض الناس‬
  ‫يأتي إليك فيسألك في مسائل هو مبتدئ فيقول ما‬
     ‫معنى عبارة شيخ السلم هذه إما في العقيدة‬
‫الصفهانية أو في الرد على النسفي في المنطق. ما‬
‫الذي جعلك تقفز إلى هذا الكتاب وأنت حتى الن لم‬

                       ‫21‬
‫تتأهل إلى هذه الكتب. من الخطأ أن تقفز قبل أن‬
 ‫تتأهل ولهذا هذه المقدمات في العلوم التي يقرأها‬
 ‫النسان مقدمات كل علم إنما هي تؤهله إلى هذه‬
‫الكتب. تقرأ في الصول فتعرف قياس الشبه وقياس‬
‫العلة وقياس الدللة وقياس الطرد هذه أشياء كبيرة‬
  ‫جدا ل تكاد تخلو من أي كتاب ثم تقرأها في كتاب‬
 ‫مطوّل ل يشرح لك هذه الكلمات إنما هذه الكلمات‬
  ‫تأتي عند البداية في الطلب مرة مرتين حتى تكون‬
‫هذه المصطلحات عندك واضحة. لمّا تنتقل إلى هذه‬
 ‫الكتب تكون قد ضبطتها وفهمتها فل تنتقل لكتاب لم‬
                                        ‫تتأهل له بعد.‬
    ‫الوصية الثالثة: ل تجمع في قراءتك كتب ً تحتاج إلى‬
              ‫ا‬

                                               ‫تحليل.‬

   ‫بمعنى أن النسان عندما يقرأ في كتاب يحتاج‬
‫إلى فهم وتحليل عبارة. هذا الكتاب إذا جلست ساعة‬
 ‫ونصفا وأنت تقرأ فيه وهو كتاب ليس بذاك السلس‬
   ‫في القراءة انتهيت منه والذهن مكدود من شدة‬
 ‫التأمل ثم التفت إلى كتاب آخر وهو يحتاج أيضا إلى‬
                         ‫31‬
‫إعمال ذهن وتعقيد في اللفاظ وبدأت تقرأ فيه‬
‫ساعة ونصفا ثم التفت إلى كتاب آخر في نفس اليوم‬
  ‫والكتاب أيضا عسر، عبارته صعبة ويحتاج إلى تأمل‬
    ‫وتدقيق وجلست فيه ساعة ونصفا في أول يوم‬
‫تخرج من هذه القراءة والذهن متعب جدا في اليوم‬
   ‫الثاني في اليوم الثالث ستجد نفسك تنفر من هذا‬
    ‫الشيء ل تحب أن تُعمل هذا العقل كثيرا. بهذه‬
   ‫الطريقة كل سطر يحتاج إلى تأمل فيه يحتاج إلى‬
     ‫قراءة وتكرار وأنت تحس أن بعض اللفاظ لم‬
      ‫تفهمها تأتي هذه العبارة ولم تفهمها ثم تتنقل‬
   ‫للكتاب الخر وتأتي عبارة لم تفهمها ثم تأتي إلى‬
     ‫كتاب آخر وهذه العبارة لم تفهمها ماذا يحصل‬
  ‫للشاب المبتدئ؟! يتخذ قرارا بترك القراءة. سيقول‬
  ‫لك العلم ليس لي لكن لو أنه جعل له كتابا واحدا‬
 ‫من كتب الصول أو كتب العقائد ل يجمع معها كتابا‬
    ‫آخر يحتاج إلى تعب في فهمه وما بعده يكون‬
         ‫قراءة ميسورة ل تحتاج إلى إتعاب الذهن.‬
‫اجعل الكتاب الخر متنفسا لك، ل يخلو من فائدة‬

                       ‫41‬
‫ول يخلو من تقوية لك وهو متنفس لك وكم من‬
‫الناس ترك القراءة بسبب هذه النظرية يجمع له كتبا‬
‫كثيرة فل يفقه في الكتاب الول ول يفقه في الكتاب‬
 ‫الثاني يفوت عليه شيئا كثيرا ثم بعد ذلك يقول أنا ل‬
   ‫أصلح للعلم والسبب هو طريقته في القراءة من‬
  ‫المستحسن بطالب العلم أن ل يجمع هذه الشياء‬
 ‫العسرة هذه الشياء الصعبة التي تحتاج إلى تدقيق‬
   ‫مثل ً إذا كان النحو عنده صعبا فل يجمع معه علما‬
‫آخر يصعب عليه مثل علم الصول أوالفقه أوالحديث‬
 ‫يحاول يجمع معه كتابا في السيرة مثل ً ، لن بعض‬
    ‫الناس يقرأ في التفسير فيجمع له ثلث كتب في‬
  ‫التفسير ويقرأ هذا التفسير فيجمع له هذه القوال‬
  ‫الكثيرة ويقرأ هذا التفسير ويذكر له أقوال كثيرة ثم‬
‫إذا أغلق الكتاب ما وجد شيئا في رأسه ، بينما لو أنه‬
‫تخصص في كتاب واحد وضبط وحلل العبارة ودقق‬
‫فيها ثم انتقل بعد ذلك إلى شيء أخف منه سيجد أنه‬
  ‫يتحرى تلك الساعة التي يقرأ فيها هذا الكتاب الذي‬
‫يحتاج إلى تأمل، فإياك أن تجمع كتبا كثيرة تحتاج إلى‬

                        ‫51‬
‫تأمل في وقت واحد.‬
            ‫الوصية الرابعة: إياك والقراءة السريعة.‬

   ‫انتشر في هذا الوقت الن تقرأكذا صفحة في‬
  ‫ساعة ، ودورات في تطوير القراءة ، وهذا النمط‬
  ‫من القراءة ل يصلح أبدا لطالب العلم المبتدئ مع‬
 ‫المتون الساسية بل هو مضر جدا ، إيّاك والتسرع‬
‫في القراءة ل سيما في الكتب التأصيلية. ل تستعجل‬
‫في القراءة. تأنّ. بل من أعظم أسباب خطإ التصور‬
  ‫هو العجلة في القراءة ، ولو كرر العبارة أكثر من‬
‫مرة لفهم وفقه العبارة حق الفهم وما نراه الن من‬
      ‫خطإ في نسبة القوال إنما هو من خطإ في‬
  ‫التصور ، فيتعامل مع فتاوى ابن عثيمين أو فتاوى‬
‫الشيخ عبد العزيز أو فتاوى شيخ السلم أو ما عداه‬
   ‫بقراءة سريعة دون تأمل ظانا أنه قد فهم الكلم‬
      ‫القراءة تحتاج إلى مرة مرتين ثلث أربع حتى‬
  ‫تتصورها حق التصور وكان النبي ـ صلى ا عليه‬
  ‫وسلم ـ كما تعلمون في الصحيح كان يكرر الكلم‬
   ‫ثلثا من أجل أن يتصور الناس ويفهم الناس هذا‬

                       ‫61‬
‫الكلم فهما صحيحا. وكان أيوب السختياني من شدة‬
   ‫تحرزه في الفهم كان إذا سأله السائل يقول: أعد‬
 ‫عليّ سؤالك فإذا أعاد سؤاله صوابا أجابه وإذا أعاد‬
  ‫السؤال بطريقة أخرى تركه. لماذا؟ من لم يستطع‬
‫أن يحفظ سؤاله فلن يستطيع أن يحفظ الجواب. لنه‬
 ‫يرى هذا الشخص غير متأهل فالسائل يفترض فيه‬
 ‫أنه قد حضر سؤاله ومع ذلك لم يحفظ السؤال من‬
 ‫باب أولى أل يحفظ الجابة فأنت لما تقرأ حاول أن‬
‫تتأمل قد يلوح لك المعنى مباشرة. كرّرها مرة أخرى‬
   ‫قد يظهر لك جواب لم يظهر من قبل وأصبح هذا‬
  ‫المعنى الذي فهمته في أول مرة على خلف الذي‬
  ‫فهمته في المرة الثانية أو في المرة الثالثة. وكلكم‬
  ‫يحفظ من القصص الكثير بأخطاء الناس وإساءة‬
  ‫التصور كثيرا من الناس تعرفونهم أخطأ في الفهم‬
  ‫والتصور إنما هو بسبب العجلة في القراءة وأحيانا‬
     ‫يكون السؤال مرتبطا بالجابة والجابة مرتبطة‬
   ‫بالسؤال ل بد أن تقرأ السؤال ،ولهذا القرآن كيف‬
    ‫يقرأ؟ يرتل ترتيل ً ﴿لتقرأه على الناس على مكث‬

                        ‫71‬
‫ونزلناه تنزيل﴾ يقرأ النسان على مكث وتأني‬
                     ‫الوصية الخامسة: تكرار الكتاب.‬

  ‫من الشياء المتناقضة في زماننا وزمن من قبلنا‬
    ‫أنهم كانوا يقرءون الكتاب أكثر من مرة بينما في‬
    ‫وقتنا تجد أن طالب العلم إذا قرأ كتابا ل يفكّر أن‬
 ‫يقرأه مرة أخرى بل إنك لما تنصح شابا: قرأت كتاب‬
  ‫التوحيد يقول قرأته. تقول إقرأه مرة أخرى. يقول:‬
   ‫قرأته كأنما هو شيء انتهى منه وتعدّاه والئمة ـ‬
     ‫رحمهم ا تعالى ـ في سيرهم قرأنا لهم أنهم‬
   ‫يقرءون الكتاب أكثر من مرة. فهذا المام المزني‬
    ‫تلميذ المام الشافعي قرأ الرسالة خمسين سنة‬
‫وبعض الئمة قرأ صحيح البخاري أكثر من ستين مرة‬
‫وبعضهم قرأ الكتب الستة أكثر من عشر مرات قراءة‬
 ‫جرد وقراءة تأمل بينما في عصرنا هذا نجد الشاب‬
  ‫انتهى من زاد المستقنع تقول له راجع الكتاب مرة‬
‫أخرى يقول: ل أنا انتهيت أريد أن أنتقل إلى كتاب آخر‬
 ‫وما تفهمه من القراءة الولى أقل بكثير مما تفهمه‬
‫في القراءة الثانية وهذا شيء مجرب. ما تفهمه في‬
                         ‫81‬
‫القراءة الثانية أفضل وأحسن مما تفهمه في القراءة‬
     ‫الولى =عندما تقرأ في المرة الثانية ستجد أنك‬
 ‫استوعبت شيئا لم تستوعبه في القراءة الولى بينما‬
 ‫طلبة العلم في زمننا هذا يحرصون على العجلة زاد‬
‫المستقنع ثم الروض المربع ثم المقنع ثم المنتهى ثم‬
     ‫ينتهي ويجد أنه لم يستفد شيئا كثيرا يرجوه هو.‬
 ‫ولهذا الشيوخ الذي أدركتموهم وأدركناهم تجده‬
  ‫شرح الكتاب أكثر من مرة ، ل تجد أنه شرح الكتاب‬
‫وانتهى منه وإنما لنه يرى أن الكتاب إذا شرح أو قرئ‬
 ‫أكثر من مرة أصبح أقوى وأضبط في الفهم فحاول‬
     ‫أن تكرر الكتاب ل سيما الكتب التي هي تأصيلية.‬
‫الوصية السادسة: احذر من الشهرة والكتب التي قرأتها.‬

‫وهذه معضلة كبيرة جدا تصيب طالب العلم عندما‬
 ‫يحاول أن يشتهر أنه قرّاء وشخصا مكثر للقراءة ول‬
 ‫يوجد كتاب إل وقرأه ـ إل إذا كان في سنٍ كبير يحفز‬
 ‫الطلبة ويحثهم هذا له باب آخر ـ ولكن على الطالب‬
   ‫المبتدئ أل يتكلم في هذا. كم من الناس يقول أنا‬
    ‫قرأت كتاب كذا وعندي مختصر له وعندي مختصر‬

                        ‫91‬
‫للكتاب الفلني ثم يشتهر فالشهرة قاصمة لطالب‬
  ‫العلم. ولهذا يقول ابن المبارك ـ رحمه ا ـ كلمته‬
    ‫الشهيرة: ما اتقى ا من أحب الشهرة. بل هي‬
    ‫منافية لتقوى ا لنك أصل ً ما قرأت لله. كم من‬
‫الناس الن عندما يتكلم ويقول قرأنا كذا أو قرأت كذا‬
     ‫وكذا وقرأت كذا ولم أجده أو قرأت على الشيخ‬
  ‫الفلني كذا وقرأت عليه كذا وكذا بدون مبرر. لست‬
     ‫بحاجة إلى أن تهلك نفسك بهذه الشهرة. فعلى‬
‫طالب العلم أن يكون حذرا في مسألة القراءة. نعم‬
   ‫يتكلم بما ينفع الناس لكنه ل يحاول أن يبوأ نفسه‬
  ‫مكانة لم يصلها ولم يتشبع بها. ل يحاول أن يرسل‬
     ‫للناس رسائل خفية يفهمهم ويبلغهم أنه قد قرأ‬
    ‫وتأهل وفعل وفعل هذا مضرة عليه ـ نسأل ا‬
  ‫السلمة والعافية ـ. النسان يحاول أن ينفع الناس‬
     ‫دون أن يسحب النظار إليه ولهذا المام أحمد ـ‬
 ‫رحمه ا ـ كان يقول كثيرا: قد وددت أن أكون في‬
  ‫شعب من شعاب مكة ول أكون مشتهرا. ل يحبون‬
‫الشهرة لنهم وجدوا ضررها. وعمر الفاروق ـ رضي‬

                       ‫02‬
‫ا عنه ـ عندما رأى أبيّا يمشي والناس خلفه نهره.‬
  ‫هذا يضرّ النسان وتعلمون كلمة ابن مسعود: إنما‬
‫هي مذلة لكم وفتنة لي. كن خفيا إذا كنت مع الناس‬
   ‫وكل إنسان خصيم نفسه لكن ل توقع نفسك في‬
  ‫هذه المواقع فإياك والشهرة سواءً في القراءة أو‬
    ‫في لفت النظار أو في إخبارهم بأنك قرأت كذا‬
                                    ‫وقرأت كذا وكذا.‬
 ‫الوصية السابعة:)وهي من أهم الوصايا( تعليق الفوائد‬
    ‫والفرائد في أول الكتاب وجعل فهرس عام للفوائد التي‬
                                  ‫تجدها أثناء قراءتك.‬

‫وهذا منهج جميل جدا ورائع أن النسان يتعود عند‬
   ‫قراءته أن يكتب ما يمرّ عليه من الفوائد؛ النسان‬
 ‫ينسى من حين ما تقرأ الفائدة ضع تحتها خطا وفي‬
  ‫أول الكتاب اجعل فهرسا عاما وأنت بالخيار إما أن‬
   ‫تجعل الفهرس مقسم في العقائد والفقه واللغة‬
   ‫والصول والتفسير، أو أن تجعل الفوائد مسرودة‬
  ‫سردا المهم أن تقيد هذه الفائدة التي قد ل تجدها‬
      ‫فيما بعد أو ل تذكر أين قرأتها وإنما ترجع إلى‬

                         ‫12‬
‫الفهرس العام الذي كتبته وستجد فائدتك. أحيانا‬
  ‫تضيف بحثا جيدا وأنت تقرأ في الكتاب تجد مسألة‬
‫تريد أن تبحث فيها قيد هذا البحث في نفس الصفحة‬
‫التي قرأت فيها هذه الفائدة قيد هذه الفائدة ثم في‬
‫أول الفهرس اكتب "بحث في مسألة كذا " وإن كانت‬
             ‫فقط فائدة اكتب رقم الصفحة بجانبها‬
 ‫وسماحة الشيخ ابن عثيمين تعرفون كتابه فرائد‬
 ‫الفوائد كان يقيد ما وجده من الكتب ول يخلو عالم‬
 ‫إل وعنده بحث وما كتاب ابن القيم بدائع الفوائد إل‬
 ‫من هذه الطريقة يجعلون بحوثا لهم في قراءاتهم‬
      ‫ويجمعونها في كتاب واحد ينفعون بها أنفسم‬
                                        ‫والمسلمين.‬
                 ‫الوصية الثامنة: القراءة الجماعية.‬

    ‫من المستحسن أن يكون للطالب أقران يقرأ‬
   ‫معهم ويتدارسون هذا العلم بمعزل عن القراءة‬
 ‫على الشيوخ هذا باب آخر. وإنما يكون هناك قراءة‬
‫مع القران يختارون كتابا وهذا الكتاب ل يكون سهلً‬
   ‫يفهمه النسان في بيته كل. بل يكون هذا الكتاب‬

                       ‫22‬
‫يحتاج إلى مباحثة وإلى نقاش وحوار من أجل أن‬
 ‫يكون الفهم للمسألة فهما جيدا هذا قد ل يتأتى مع‬
   ‫الشيوخ قد يخجل النسان عند شيخه أو ما شابه‬
‫ذلك. لكن مع القران قد يكون المر سهل ً وميسورا‬
‫فاحرص أن يكون لك من القران من تجلس معهم‬
 ‫وتتباحثون في كتاب معيّن تختارون كتابا تتدارسونه‬
    ‫فيما بينكم وكل إنسان يطرح ما عنده مما فهم‬
     ‫واستشكل. وإذا استغلق عليكم هذا الموضوع‬
   ‫رجعتم إلى شيخ ليحل هذه القضية. فمن الجيّد‬
‫والجميل أن يكون للنسان قراءة جماعية مع أقرانه‬
  ‫وكم من المسائل لم تتصورها حق التصور إل من‬
‫خلل مناقشتك. وهذا شيء مجرب معروف مشهور.‬
‫فاحرص أن تكون لك قراءة جماعية مع أقرانك مع‬
    ‫إخوانك ولو اثنين أو ثلثة. فمن الملحظ وجود‬
   ‫جفوة بين طلب العلم أنفسهم تجد طالب العلم‬
‫الذي يحضر الدرس عند شيخه يحضر عشرة خمسة‬
   ‫عشر بينهم فواصل وحواجز وعدم تواصل وهذا‬
   ‫شيء ليس بجيد والواجب أن يكون الطلبة الذين‬

                      ‫32‬
‫يحضرون عند شيخ واحد بينهم تواصل من‬
 ‫المستحسن بين الطلبة فيما بينهم يتناقشون. وأذكر‬
‫مرة في درس الشيخ محمد ـ رحمه ا ـ عام ٦١٤١‬
  ‫أو ٧١ الشاهد أن الشيخ أفتى بالزار؛ الزار المدور‬
  ‫ولم نتصور هذا الكلم إل في تلك اللحظة ، انتهى‬
   ‫الشيخ وروجع مرة ومرتين في الدرس . كثير من‬
‫الطلبة استشك في فهمه وكل واحد من الطلبة الكبار‬
   ‫يظن أنه قد فهم المسألة غلطا الشاهد أن الشيخ‬
‫رحمه ا ـ لما انتهى من الصلة صلة العشاء فلما‬
   ‫خرج التفت فإذا كثير من الطلبة يتباحثون في رأي‬
                       ‫الشيخ وكل يتأكد من فهمه.‬
‫الوصية التاسعة والخيرة: أل تكون القراءة على حساب‬
                                   ‫حضور الدروس.‬

 ‫نعم القراءة مهمة ومفيدة ونافعة لكن ل تعتقد‬
   ‫أن نفعها أكثر من حضور الدروس. ل تعتقد هذا.‬
   ‫حضور الدروس أنفع بمراحل من قراءتك وأتكلم‬
  ‫بكلم عقلي لما تقرأ الكتاب بنفسك = الذي يعمل‬
 ‫عقل واحد لما تحضر الدرس كم يعمل من عقل ؟‬

                       ‫42‬
‫عقل الشيخ والطلب ، هذا يتصور شيئا وهذا يتصور‬
 ‫شيئا آخر ثم تبدأ السئلة وكل إنسان يذكر رأيه الذي‬
  ‫هو عقله وعندما يسال الشيخ ليراجع الدرس هذا‬
‫سؤال وهذا سؤال سيرجع الناس إلى الفهم الصحيح‬
 ‫ول يمكن أن تفهم فهما خاطئا هذا من حيث الفهم‬
    ‫وحسن التصور ورأينا وأنتم ترونه بوضوح طلب‬
    ‫الشيوخ المكثرين: تصورهم للعلم جيد والطلب‬
 ‫الذين يحصرون القراءة على أنفسهم تجد تصورهم‬
     ‫أضعف. لماذا؟ لما ذكرت لك . أنت تقيم العقل‬
    ‫أمامك وهذا يسمع وهذا يسمع والعقول جميعا‬
 ‫موجودة والسئلة فتكون المعلومة والفائدة أوضح.‬
    ‫كذلك من وجه آخر : الفائدة تأتي من الكتاب‬
     ‫بسرعة والفائدة تأتي من الكتاب بسطرين. لما‬
‫أتحدث عنها كم سأجلس؟ سأجلس قرابة ستة أسطر‬
     ‫أليس كذلك؟ أيهما أفضل لتصور العقل للفائدة‬
              ‫سطرين أو ستة أسطر ؟ ستة أسطر،‬
    ‫هذه الوصايا كما قلت مختصرة وليست بذاك‬
  ‫ولكنها مشاركة في فتح باب القراءة الصحيحة وأنا‬

                       ‫52‬
‫أركز على قضية أن طالب العلم ل بد أن يقرأ ويقرأ‬
‫في طريقة الطلب في كتب الخطيب البغدادي وحلية‬
 ‫طالب العلم للشيخ بكر أبو زيد وكتاب العلم للشيخ‬
  ‫محمد العثيمين. ل يقول هذا علم ليس له فائدة.‬
          ‫هناك سلم صحيح للقراءة وطلب العلم‬
  ‫ل تزهد في مثل هذه العلوم ، إقرأها وستجد‬
            ‫الفائدة عظيمة في ضبط هذا العلم .‬
‫انتهى وا أعلم وصلى ا على محمد وعلى آله‬
                                 ‫وصحبه أجمعين‬

           ‫ملحظة " الكلم مفرغ من الشريط إنشاء "‬




                      ‫62‬

More Related Content

Similar to C:\Documents And Settings\Administrator\سطح المكتب\الشيخ سليمان الحربي\في القراءة معدلة

القراءة منهج حياة
القراءة منهج حياةالقراءة منهج حياة
القراءة منهج حياة
dr-alnajem
 
المحاضرة السابعة مهارات القراءة
المحاضرة السابعة مهارات القراءةالمحاضرة السابعة مهارات القراءة
المحاضرة السابعة مهارات القراءة
سليمان داود
 
كيف تقرأ كتابا
كيف تقرأ كتاباكيف تقرأ كتابا
كيف تقرأ كتابا
Ashraf Ghareeb
 
المراحل الثمان لطالب فهم القرآن
المراحل الثمان لطالب فهم القرآنالمراحل الثمان لطالب فهم القرآن
المراحل الثمان لطالب فهم القرآن
عرفت فالزم
 
اربعون وسيلة لاستغلال الاجازة الصيفية
اربعون وسيلة لاستغلال الاجازة الصيفيةاربعون وسيلة لاستغلال الاجازة الصيفية
اربعون وسيلة لاستغلال الاجازة الصيفية
مبارك الدوسري
 
كيف اجعل القراءة 1ممتعه
كيف اجعل القراءة 1ممتعهكيف اجعل القراءة 1ممتعه
كيف اجعل القراءة 1ممتعهryanmoon4
 
تحقيق حول القراءة
تحقيق حول القراءةتحقيق حول القراءة
تحقيق حول القراءةyasmeen hinnawi
 
أغلى ما تملك
أغلى ما تملكأغلى ما تملك
أغلى ما تملكMission 3D
 
كيف تحفظ القران الكريم
كيف تحفظ القران الكريمكيف تحفظ القران الكريم
كيف تحفظ القران الكريم
Cognizant Technology Solutions
 
Ustads hamid 1
Ustads hamid 1Ustads hamid 1
Ustads hamid 1
Dewiagustianasinta
 
وقت الفراغ وكيفية استغلاله
وقت الفراغ وكيفية استغلالهوقت الفراغ وكيفية استغلاله
وقت الفراغ وكيفية استغلالهalaa277
 
وقت الفراغ وكيفية استغلاله
وقت الفراغ وكيفية استغلالهوقت الفراغ وكيفية استغلاله
وقت الفراغ وكيفية استغلالهalaa277
 
مهارات لزيادة الاستيعاب
مهارات لزيادة الاستيعابمهارات لزيادة الاستيعاب
مهارات لزيادة الاستيعابreem79
 
مهارات لزيادة الاستيعاب
مهارات لزيادة الاستيعابمهارات لزيادة الاستيعاب
مهارات لزيادة الاستيعابreem79
 
الاء نائل
الاء نائلالاء نائل
الاء نائلsarabomar
 

Similar to C:\Documents And Settings\Administrator\سطح المكتب\الشيخ سليمان الحربي\في القراءة معدلة (20)

Download
DownloadDownload
Download
 
Download 2
Download 2Download 2
Download 2
 
القراءة منهج حياة
القراءة منهج حياةالقراءة منهج حياة
القراءة منهج حياة
 
المحاضرة السابعة مهارات القراءة
المحاضرة السابعة مهارات القراءةالمحاضرة السابعة مهارات القراءة
المحاضرة السابعة مهارات القراءة
 
كيف تقرأ كتابا
كيف تقرأ كتاباكيف تقرأ كتابا
كيف تقرأ كتابا
 
المراحل الثمان لطالب فهم القرآن
المراحل الثمان لطالب فهم القرآنالمراحل الثمان لطالب فهم القرآن
المراحل الثمان لطالب فهم القرآن
 
1646
16461646
1646
 
اربعون وسيلة لاستغلال الاجازة الصيفية
اربعون وسيلة لاستغلال الاجازة الصيفيةاربعون وسيلة لاستغلال الاجازة الصيفية
اربعون وسيلة لاستغلال الاجازة الصيفية
 
كيف اجعل القراءة 1ممتعه
كيف اجعل القراءة 1ممتعهكيف اجعل القراءة 1ممتعه
كيف اجعل القراءة 1ممتعه
 
تحقيق حول القراءة
تحقيق حول القراءةتحقيق حول القراءة
تحقيق حول القراءة
 
أغلى ما تملك
أغلى ما تملكأغلى ما تملك
أغلى ما تملك
 
كيف تحفظ القران الكريم
كيف تحفظ القران الكريمكيف تحفظ القران الكريم
كيف تحفظ القران الكريم
 
Ustads hamid 1
Ustads hamid 1Ustads hamid 1
Ustads hamid 1
 
القراءة
القراءةالقراءة
القراءة
 
القراءة
القراءةالقراءة
القراءة
 
وقت الفراغ وكيفية استغلاله
وقت الفراغ وكيفية استغلالهوقت الفراغ وكيفية استغلاله
وقت الفراغ وكيفية استغلاله
 
وقت الفراغ وكيفية استغلاله
وقت الفراغ وكيفية استغلالهوقت الفراغ وكيفية استغلاله
وقت الفراغ وكيفية استغلاله
 
مهارات لزيادة الاستيعاب
مهارات لزيادة الاستيعابمهارات لزيادة الاستيعاب
مهارات لزيادة الاستيعاب
 
مهارات لزيادة الاستيعاب
مهارات لزيادة الاستيعابمهارات لزيادة الاستيعاب
مهارات لزيادة الاستيعاب
 
الاء نائل
الاء نائلالاء نائل
الاء نائل
 

C:\Documents And Settings\Administrator\سطح المكتب\الشيخ سليمان الحربي\في القراءة معدلة

  • 1. ‫بسم ا الرحمن الرحيم‬ ‫وصايا في القراءة‬ ‫) دورة في القراءة الصحيحة ألقاها فضيلة الشيخ سليمان بن‬ ‫خالد الحربي حفظه ال في صيف ٧٢٤١هـ ( ٠‬ ‫الحمد لله رب العالمين، وصلى ا وسلم وبارك‬ ‫على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، اللهم‬ ‫علمنا ما ينفعنا وزدنا علما يا كريم.‬ ‫موضوع الجلسة هي: وصايا في القراءة، أو‬ ‫المنهجية في القراءة الصحيحة، وهو بحق من‬ ‫المواضيع المهمة التي يحسن بطالب العلم أن يعتني‬ ‫بها وأن يعرفها وأن يختصر الطريق في قراءته وأل‬ ‫يذهب شذر مذر في فنون القراءة حتى إذا تفلت‬ ‫عليه العمر والزمان إذا هو ينتبه ولت ساعة مندم‬ ‫وهي وصايا أذكرها لكم ل تعني الحاطة بكل ما‬ ‫يجب على طالب العلم معرفته وإنما هي مشاركة‬ ‫ومساهمة من قليل البضاعة في هذا العلم ومفتاح‬ ‫أيضا للبحث في هذا الموضوع الهام لجل أن ينتفع‬ ‫النسان من وقته وعمره.‬ ‫1‬
  • 2. ‫الوصية الولى: في القراءة الصحيحة:أن يستشعر‬ ‫طالب العلم أهمية الوقت وأهمية العمر وأن هذا الوقت‬ ‫الذي يمر عليه هو من عمره فل يتصور طالب علم‬ ‫غير حريص على وقته وشحيح به ول يعطي للوقت‬ ‫أهميته. كم ترى من الناس من تجده أرخص ما يبذله‬ ‫هو جلسة ساعة أو ساعتين أو رحلة يوم أو يومين‬ ‫=من أرخص ما يكون ، بل بالعكس تجد النسان‬ ‫يقرر الرحلة أو النزهة أو الجلسة دون أن يفكر ماذا‬ ‫ذهب عليه. وطالب العلم ل يمكن أن يزول عن باله‬ ‫هذه القضية ل يمكن عندما يتخذ قرارا في رحلة أو‬ ‫في جلسة ل يمكن أن يعزب عنه عند اتخاذه للقرار‬ ‫ذهاب الوقت عليه ، فإذا علمت أنك ضنين بالوقت‬ ‫حريص على وقتك وعمرك ل لشيء إل لجل أنه‬ ‫سيفوت عليك القراءة فاعلم أنك على طريق‬ ‫صحيحة وإذا رأيت العكس في يوم رحلة وبعده‬ ‫جلسة ونحوها ثم تسرق الوقت مسارقة لقراءة‬ ‫ساعة =فل تصنّف نفسك أنك طالب علم مجد أبدا ل‬ ‫2‬
  • 3. ‫تصنف نفسك مع الطلبة المجدين في العلم وهذا‬ ‫قصور كبير جدا ، لو قيل له: ادفع مئه أو مئتين فكّر.‬ ‫وإذا قيل له ابذل يوما أو يومين أو ثلثة ليس عنده‬ ‫أي إشكال وهذه حقيقةُ ُ مرّة ، على طالب العلم أن‬ ‫يعتني بالوقت وأن يحرص على أهميته وأن يربي‬ ‫نفسه حتى يصبح هذا المر سجيّة ويقّدر الوقت‬ ‫الثمين الذي ذهب عليه لننا نمر بإشكالية عظيمة‬ ‫وهي إسراف عظيم في بذل الوقت بل فائدة ومن‬ ‫نظر وسبر حال الئمة وجد أنهم ما بلغوا ما بلغوا =‬ ‫إل بشحهم بالوقت وهذا ابن الجوزي ـ رحمه ا ـ‬ ‫يقول كما في صيد الخاطر فإن قلت إني قرأت أكثر‬ ‫من عشرين ألف مجلدة وأنا في الطلب فأنا مقل.‬ ‫عشرين ألف والمجلد ليست كمجلداتنا هذه عشرين‬ ‫ألف في الطلب. ل يمكن أن يقرأ هذا الكم الهائل‬ ‫وهو كريم في وقته. وابن جرير الطبري عندما أراد‬ ‫أن يكتب تاريخ السلم والتفسير قال: إيتوني بثلثين‬ ‫ألف ورقة. فقالوا: يا إمام هذا تنقطع دونه أعناق‬ ‫البل. فقال: ا المستعان ذهبت الهمم. فكتب في‬ ‫3‬
  • 4. ‫ثلثة آلف. ومن رأى حال هؤلء الئمة وشحهم في‬ ‫الوقت بل إنهم ـ رحمه ا ـ يشحون بالوقت حتى‬ ‫على العبادة من أجل القراءة وقصة المام أبو الفتح‬ ‫ابن دقيق العيد القشيري المام المشهور سمع بأن‬ ‫الشرح الكبير للمام الرافعي ـ رحمه ا ـ قد نسخ‬ ‫واشتراه بثلثة آلف درهم وعكف على قراءته حتى‬ ‫إنه اقتصر على الفرائض فكان ل يصلي النوافل‬ ‫العامة مع أنه يعلم أن الطاعة فضلها عظيم لكنه‬ ‫شحّ بالوقت. ونحن الن عندنا مساحات كبيرة من‬ ‫الفراغ ومساحات عظيمة من الوقت فكم هو الذين‬ ‫يسألون عن أوقاتهم ، وما أتى هذا إل بعدم‬ ‫استشعار أهمية الوقت والنفس تحتاج إلى استجمام‬ ‫وهذا ل شك من فقه النفس ولكن هل وصلنا إلى‬ ‫مرحلة الستجمام نحن عندنا ترهل!! في مسألة بذل‬ ‫الوقت والكرم في تقديمه للناس وهؤلء الئمة كانوا‬ ‫يضنون بالوقت ويبخلون به على أنفسهم وأهلهم‬ ‫حتى في ساعة الوفاة وتحضرني قصة ابن جرير‬ ‫الطبري لما حضرته الوفاة وهو في النـزع فسمع‬ ‫4‬
  • 5. ‫شخصا بجانبه وهو يدعو ويقول الدعاء المشهور:‬ ‫اللهم يا سابق الفوت ويا سامع الصوت ويا كاسي‬ ‫العظام لحما بعد الموت. فقال: من قال هذا الدعاء.‬ ‫فقيل: إنه منقول عن جعفر بن محمد أو نحوه. فقال‬ ‫لولده: إئتني بصحيفة فأتي بالصحيفة فكتب الدعاء.‬ ‫فقالوا: يا إمام أنت الن في وقت كتابة الصحيفة‬ ‫فقال: إني أخجل أن ألقي ربي وأنا ل أعرف هذا‬ ‫الدعاء. ـ رحمه ا ـ فهؤلء الئمة يخجل النسان‬ ‫عندما يسمع قصصهم وعندما يقارن نفسه بهم وتمر‬ ‫علينا ل أقول الساعة ول اليام بل قل السابيع‬ ‫والنسان إن حضر درسا واحد عدّ نفسه من طلبة‬ ‫العلم الكبار وهذه تربية وهذا ما نريده في هذا‬ ‫الدرس أن نستشعر أهمية الوقت وأن نحيي في‬ ‫نفوسنا أهمية القراءة وأن الوقت مهما بالغت فيه‬ ‫فل تظن أنك فعلت ما فعله الوائل ومن حسب‬ ‫لنفسه كم ورقة قرأ خجل من نفسه ، كم عندك من‬ ‫الكتب المرصوصة الن قد ل تجد كتابا مجلدا واحدا‬ ‫قد أنهيته وهؤلء الئمة وفي ساعة النـزع والحتضار‬ ‫5‬
  • 6. ‫يحرصون على الوقت ويكتبون العلم ويحرصون عليه‬ ‫لجل أل يضيع عليهم شيء. وتعرفون قصة القاضي‬ ‫أبو يوسف ـ رحمه ا ـ عندما كان في ساعة‬ ‫الحتضار وفي ساعة النـزع حتى قيل إنه لما كتب‬ ‫سمع صياح أهله عليه التفت إلى أحد تلميذه فقال:‬ ‫ترمى الجمرة راكبا أم راجل ً وهو في ساعة‬ ‫الحتضار فقال التلميذ: بل راكبا. قال: أخطأت. قال:‬ ‫بل راجل ً. قال: أخطأت. فقال: كيف يا إمام؟ فقال:‬ ‫إن كانت الجمرة بعدها دعاء فراجل ً وإن كانت‬ ‫الجمرة ليس بعدها دعاء فراكبا. انظر إلى التعليم‬ ‫والحرص على الوقت والحتساب. والمثلة كثيرة في‬ ‫زمننا هذا فمثل الشيخ ابن باز في سيارته وفي‬ ‫طريقه ومجيئه وفي كل وقت ،كل ما تعلم النسان‬ ‫عرف أهميته وكلما ندم على تفريطه في وقته‬ ‫وكرمه الزائد مع الناس في بذل الوقت وهذا الشيخ‬ ‫ابن عثيمين في إتيانه ورجوعه للمسجد يُقرأ عليه.‬ ‫قُرأ عليه كثير من رسائله فقط في مجيئه وذهابه.‬ ‫يعني ما الذي جعلهم يفعلون هذا؟ هل ما يجدون‬ ‫6‬
  • 7. ‫أوقاتا مثلنا؟! بل الشيوخ في الوقت حرصوا على‬ ‫أوقاتهم بخلفنا نحن وا المستعان تجد النسان‬ ‫يجلس الساعة والساعتين والثلث والربع واليوم‬ ‫واليومين والثلثة ل يفكر أنه قد ذهب عليه عمره‬ ‫سدى. ، وهنا تنبيه مهم وجيد وهو أن بعض الناس‬ ‫يظن في نفسه شيئا من الحرص على القراءة‬ ‫ويشعر أن وقته ل يكفي للقراءة ودائما ما يندب‬ ‫الزمن وإذا نظرت إلى قراءته في اليوم الواحد وعدد‬ ‫ساعات القراءة وجدتها ل ترتقي إلى المستوى الذي‬ ‫كان يتوقع من نفسه وإنما هي أوهام في رأسه وإبر‬ ‫تخدير وضعها كعقبة عن الحرص والمثابرة ، وأذكر‬ ‫أحد الخوة توفي رحمه ا استشارني قبل سنوات‬ ‫ونحن في أول الجازة بأن يترك الكلية لجل أن‬ ‫الوقت لديه قليل ووقت الكلية يأخذ منه قدرا كبيرا من‬ ‫أول النهار إلى الظهر ويقول إني أرجع من الكلية وأنا‬ ‫متعب فل يبقى إل العصر وبعد العشاء فأريد أن‬ ‫أترك الكلية لجل أن أستفيد من هذا الوقت وهو‬ ‫صادق في رغبته فقلت له: قبل الدراسة بأسبوع‬ ‫7‬
  • 8. ‫أعطيك رأيي وقد كنت أريد أن أختبره وأثبت له أن‬ ‫الخلل في نفسه وليس في الزمن = لما جاءت‬ ‫الدراسة أتى واستشارني فقلت له في فترة الجازة‬ ‫أعطني أقصى يوم قرأت فيه من الساعات فسكت‬ ‫ثم قال أذكر أربع ساعات أو خمس ساعات فقلت‬ ‫أربع ساعات يجدها صاحب الجامعة ومن يدرس!!‬ ‫إذا الدراسة ليست من العوائق ، لكن الشاب من‬ ‫حماسه يجد أنه يستطيع أن يفعل شيئا لكن على‬ ‫سبيل الواقع ل يفعل شيئا فل تغش نفسك فعل ً.‬ ‫الهمة موجودة لكن أين التطبيق. هذه الوصية الولى‬ ‫وهي: استشعار الوقت.‬ ‫الوصية الثانية: ل تقفز إلى الكتب التي لم تتأهل لها ولو‬ ‫كان فيها مجموعة من الفوائد ثق أنك لن تصل إلى ما‬ ‫تريد من العلم ما دمت تقفز إلى الكتب الكبار لن‬ ‫المبتدئ من أوضح خصائصه الملل فليست معه لياقة‬ ‫تسعفه لقراءتها وجردها ، والكتب الكبار التي لم‬ ‫تتأهل لها هي أول ما يأتي بالملل إليك ، ونضرب‬ ‫8‬
  • 9. ‫مثال : شخص ابتدأ بالفتاوى ل شك أن في الفتاوى‬ ‫أشياء تجذبك للقراءة وأعرف كثيرا من الطلبة ابتدأ‬ ‫بفتاوى شيخ السلم ابن تيمية فلما قرأ في الفتاوى‬ ‫يأتي فصل فيفهمه وفصل ل يفهمه وفصل يفهمه‬ ‫فهما خاطئا وباب يجد فيه من التناقضات الشيء‬ ‫الكثير فتجده مباشرة يلتفت إلى كتاب آخر فيظن أن‬ ‫المشكلة والمصيبة في الكتاب والحق أن المصيبة به‬ ‫هو وأنه انتقل إلى كتاب يحتاج إلى مقدمات لقراءته‬ ‫وهكذا تجد الشاب يهتم بقراءة أشياء كثيرة ويترك‬ ‫أشياء قليلة ويظن أن هذه الشياء الصغيرة غير‬ ‫مهمة أو أنها ستأتي من باب أولى عند قراءة الكتب‬ ‫الكبار وهذا غير تصور خاطئ ، وإنما كتب المبتدئين‬ ‫تكوّن قاعدة من أجل أن يتأهل لما بعدها وأذكر أن‬ ‫المام أحمد ـ رحمه ا ـ كما ذكر ذلك ابن القاضي‬ ‫أبي يعلى محمد بن الحسن ذكر قصة المام أحمد‬ ‫أنه جاءه رجل فقال: يا إمام ما رأيك بماء الورد‬ ‫أيُتطهر به؟ فقال المام أحمد: ل أحب ذلك ـ رحمه‬ ‫ا ـ. فقال: أيُتطهر بماء الباقلء؟ قال: ل أحب ذلك.‬ ‫9‬
  • 10. ‫ثم أصبح يسأله مثل هذه السئلة فلما أراد أن يقوم‬ ‫جذبه المام أحمد فقال: أتعرف ماذا تقول إذا دخلت‬ ‫المسجد؟ قال: ل. قال :أتعرف ما تقول إذا خرجت‬ ‫من المسجد؟ قال: ل. قال: اذهب فتعلّم هذا.‬ ‫هناك مقدمات ل ينبغي للنسان أن يجهلها ل‬ ‫ينبغي للنسان أن ينتقل إلى شيء كبير وهو ل‬ ‫يعرف هذه الشياء. وهذه يا إخوان ضررها عظيم‬ ‫حتى في تكوين شخصية طالب العلم ل يشعر بها‬ ‫الشاب عاجل وفي سن الصغر وإنما يدركها إذا كبر‬ ‫به السن وتأهل وانتصب للناس تجد النسان لمّا‬ ‫يسأل في مسائل الطلق المسائل الكبار التي تبحث‬ ‫قد يجيب فإذا جيء به إلى مسائل صغيرة جدا فإذا‬ ‫هو يحار فيها ويتوقف. الناس ل يقبلون مثل هذا.‬ ‫يقبلون أن ل تعرف الجابة في أشياء كبيرة فتقول:‬ ‫أجيب غدا، أجيب فيما بعد. لكنهم ل يقبلون أن‬ ‫تخطئ أو تجهل مسائل يعرفها صغار الطلبة. فتجد‬ ‫أنك مرة بعد مرة تحاول الفكاك من الناس، وتحاول‬ ‫أن تبتعد عن الناس تخشى أن تتكشف أوراقك وهذا‬ ‫01‬
  • 11. ‫سببه ماذا؟ هو عدم التدرج في القراءة وأنك تنتقل‬ ‫إلى كتب لم تتأهل لها الن؛ فتحاول أن تقفز وتختصر‬ ‫الوقت فتظن أن هذا اختصار للوقت وهو في‬ ‫الحقيقة ليس اختصارا وإنما هو فوضى عارمة يمرّ‬ ‫بها الشاب وهي معروفة ، إن لم يكن النسان قد‬ ‫ضبط نفسه فإنه يجد لهذه الكتب الكبيرة شهوة وحبا‬ ‫لكنه ل يعلم ضررها إل فيما بعد. المعلومات ل‬ ‫ترسخ بينما الكتب الصغار التي يبتدأ بها الطالب‬ ‫ويحاول أن يقرأها مرة مرتين ثلثا تؤهله إلى ما بعد‬ ‫ذلك ولهذا يقرأ الشاب المبتدئ العقيدة الواسطية‬ ‫مرة مرتين ثلثا أربعا يجد فيها علما كثيرا وتجد أن‬ ‫هذا المبتدئ إذا حفظه قد ضبط العلم كثيرا؛‬ ‫المعلومات التي في العقيدة الواسطية موجودة في‬ ‫الفتاوى لكنها هنا مركزة ومرتبة ليس فيها تشويش‬ ‫على الطالب يذكر الخلف ويذكر الحجج ويذكر‬ ‫العتراضات، بينما لو قرأ العقيدة الصفهانية لوقف‬ ‫في الصفحة العاشرة ولعجز أن يكمل هذا الكتاب‬ ‫لنه لم يتأهل له حتى الن فالطالب دائما يحرص أل‬ ‫11‬
  • 12. ‫ينتقل إلى كتاب إل وهو قد تأهل له. ل تقفز لو كان‬ ‫القفز سليما لقفز الناس من مئات السنين ولما احتاج‬ ‫الناس إلى الكتب الصغار كل يريد أن يختصر العمر‬ ‫كل أحد يريد أن ل يضيع وقته لكن الناس وجدوا أن‬ ‫هذه هي الطريقة الصحيحة للتدرج في القراءة؛ يقرأ‬ ‫النسان ما أوصى به علماؤنا للطالب المبتدئ كتاب‬ ‫التوحيد يقرأه مرة مرتين، العقيدة الواسطية مرة‬ ‫مرتين، زاد المستقنع مرة مرتين، الربعين النووية‬ ‫يقرأها مرة مرتين ثلثة، ثم ينتقل إلى عمدة الحكام‬ ‫مرة مرتين ثم بلوغ المرام وهكذا يكون عنده حصيلة‬ ‫هائلة ثم بعد ذلك يبدأ بقراءة المطولت. بوقت قصير‬ ‫يسهل عليه أكثر ما في المطولت. حصيلته موجودة‬ ‫في عقله إنما هو تثبيت ورد حجج وذكر للدلة وأما‬ ‫المسائل فإنها مفهومة. ولهذا نجد أن بعض الناس‬ ‫يأتي إليك فيسألك في مسائل هو مبتدئ فيقول ما‬ ‫معنى عبارة شيخ السلم هذه إما في العقيدة‬ ‫الصفهانية أو في الرد على النسفي في المنطق. ما‬ ‫الذي جعلك تقفز إلى هذا الكتاب وأنت حتى الن لم‬ ‫21‬
  • 13. ‫تتأهل إلى هذه الكتب. من الخطأ أن تقفز قبل أن‬ ‫تتأهل ولهذا هذه المقدمات في العلوم التي يقرأها‬ ‫النسان مقدمات كل علم إنما هي تؤهله إلى هذه‬ ‫الكتب. تقرأ في الصول فتعرف قياس الشبه وقياس‬ ‫العلة وقياس الدللة وقياس الطرد هذه أشياء كبيرة‬ ‫جدا ل تكاد تخلو من أي كتاب ثم تقرأها في كتاب‬ ‫مطوّل ل يشرح لك هذه الكلمات إنما هذه الكلمات‬ ‫تأتي عند البداية في الطلب مرة مرتين حتى تكون‬ ‫هذه المصطلحات عندك واضحة. لمّا تنتقل إلى هذه‬ ‫الكتب تكون قد ضبطتها وفهمتها فل تنتقل لكتاب لم‬ ‫تتأهل له بعد.‬ ‫الوصية الثالثة: ل تجمع في قراءتك كتب ً تحتاج إلى‬ ‫ا‬ ‫تحليل.‬ ‫بمعنى أن النسان عندما يقرأ في كتاب يحتاج‬ ‫إلى فهم وتحليل عبارة. هذا الكتاب إذا جلست ساعة‬ ‫ونصفا وأنت تقرأ فيه وهو كتاب ليس بذاك السلس‬ ‫في القراءة انتهيت منه والذهن مكدود من شدة‬ ‫التأمل ثم التفت إلى كتاب آخر وهو يحتاج أيضا إلى‬ ‫31‬
  • 14. ‫إعمال ذهن وتعقيد في اللفاظ وبدأت تقرأ فيه‬ ‫ساعة ونصفا ثم التفت إلى كتاب آخر في نفس اليوم‬ ‫والكتاب أيضا عسر، عبارته صعبة ويحتاج إلى تأمل‬ ‫وتدقيق وجلست فيه ساعة ونصفا في أول يوم‬ ‫تخرج من هذه القراءة والذهن متعب جدا في اليوم‬ ‫الثاني في اليوم الثالث ستجد نفسك تنفر من هذا‬ ‫الشيء ل تحب أن تُعمل هذا العقل كثيرا. بهذه‬ ‫الطريقة كل سطر يحتاج إلى تأمل فيه يحتاج إلى‬ ‫قراءة وتكرار وأنت تحس أن بعض اللفاظ لم‬ ‫تفهمها تأتي هذه العبارة ولم تفهمها ثم تتنقل‬ ‫للكتاب الخر وتأتي عبارة لم تفهمها ثم تأتي إلى‬ ‫كتاب آخر وهذه العبارة لم تفهمها ماذا يحصل‬ ‫للشاب المبتدئ؟! يتخذ قرارا بترك القراءة. سيقول‬ ‫لك العلم ليس لي لكن لو أنه جعل له كتابا واحدا‬ ‫من كتب الصول أو كتب العقائد ل يجمع معها كتابا‬ ‫آخر يحتاج إلى تعب في فهمه وما بعده يكون‬ ‫قراءة ميسورة ل تحتاج إلى إتعاب الذهن.‬ ‫اجعل الكتاب الخر متنفسا لك، ل يخلو من فائدة‬ ‫41‬
  • 15. ‫ول يخلو من تقوية لك وهو متنفس لك وكم من‬ ‫الناس ترك القراءة بسبب هذه النظرية يجمع له كتبا‬ ‫كثيرة فل يفقه في الكتاب الول ول يفقه في الكتاب‬ ‫الثاني يفوت عليه شيئا كثيرا ثم بعد ذلك يقول أنا ل‬ ‫أصلح للعلم والسبب هو طريقته في القراءة من‬ ‫المستحسن بطالب العلم أن ل يجمع هذه الشياء‬ ‫العسرة هذه الشياء الصعبة التي تحتاج إلى تدقيق‬ ‫مثل ً إذا كان النحو عنده صعبا فل يجمع معه علما‬ ‫آخر يصعب عليه مثل علم الصول أوالفقه أوالحديث‬ ‫يحاول يجمع معه كتابا في السيرة مثل ً ، لن بعض‬ ‫الناس يقرأ في التفسير فيجمع له ثلث كتب في‬ ‫التفسير ويقرأ هذا التفسير فيجمع له هذه القوال‬ ‫الكثيرة ويقرأ هذا التفسير ويذكر له أقوال كثيرة ثم‬ ‫إذا أغلق الكتاب ما وجد شيئا في رأسه ، بينما لو أنه‬ ‫تخصص في كتاب واحد وضبط وحلل العبارة ودقق‬ ‫فيها ثم انتقل بعد ذلك إلى شيء أخف منه سيجد أنه‬ ‫يتحرى تلك الساعة التي يقرأ فيها هذا الكتاب الذي‬ ‫يحتاج إلى تأمل، فإياك أن تجمع كتبا كثيرة تحتاج إلى‬ ‫51‬
  • 16. ‫تأمل في وقت واحد.‬ ‫الوصية الرابعة: إياك والقراءة السريعة.‬ ‫انتشر في هذا الوقت الن تقرأكذا صفحة في‬ ‫ساعة ، ودورات في تطوير القراءة ، وهذا النمط‬ ‫من القراءة ل يصلح أبدا لطالب العلم المبتدئ مع‬ ‫المتون الساسية بل هو مضر جدا ، إيّاك والتسرع‬ ‫في القراءة ل سيما في الكتب التأصيلية. ل تستعجل‬ ‫في القراءة. تأنّ. بل من أعظم أسباب خطإ التصور‬ ‫هو العجلة في القراءة ، ولو كرر العبارة أكثر من‬ ‫مرة لفهم وفقه العبارة حق الفهم وما نراه الن من‬ ‫خطإ في نسبة القوال إنما هو من خطإ في‬ ‫التصور ، فيتعامل مع فتاوى ابن عثيمين أو فتاوى‬ ‫الشيخ عبد العزيز أو فتاوى شيخ السلم أو ما عداه‬ ‫بقراءة سريعة دون تأمل ظانا أنه قد فهم الكلم‬ ‫القراءة تحتاج إلى مرة مرتين ثلث أربع حتى‬ ‫تتصورها حق التصور وكان النبي ـ صلى ا عليه‬ ‫وسلم ـ كما تعلمون في الصحيح كان يكرر الكلم‬ ‫ثلثا من أجل أن يتصور الناس ويفهم الناس هذا‬ ‫61‬
  • 17. ‫الكلم فهما صحيحا. وكان أيوب السختياني من شدة‬ ‫تحرزه في الفهم كان إذا سأله السائل يقول: أعد‬ ‫عليّ سؤالك فإذا أعاد سؤاله صوابا أجابه وإذا أعاد‬ ‫السؤال بطريقة أخرى تركه. لماذا؟ من لم يستطع‬ ‫أن يحفظ سؤاله فلن يستطيع أن يحفظ الجواب. لنه‬ ‫يرى هذا الشخص غير متأهل فالسائل يفترض فيه‬ ‫أنه قد حضر سؤاله ومع ذلك لم يحفظ السؤال من‬ ‫باب أولى أل يحفظ الجابة فأنت لما تقرأ حاول أن‬ ‫تتأمل قد يلوح لك المعنى مباشرة. كرّرها مرة أخرى‬ ‫قد يظهر لك جواب لم يظهر من قبل وأصبح هذا‬ ‫المعنى الذي فهمته في أول مرة على خلف الذي‬ ‫فهمته في المرة الثانية أو في المرة الثالثة. وكلكم‬ ‫يحفظ من القصص الكثير بأخطاء الناس وإساءة‬ ‫التصور كثيرا من الناس تعرفونهم أخطأ في الفهم‬ ‫والتصور إنما هو بسبب العجلة في القراءة وأحيانا‬ ‫يكون السؤال مرتبطا بالجابة والجابة مرتبطة‬ ‫بالسؤال ل بد أن تقرأ السؤال ،ولهذا القرآن كيف‬ ‫يقرأ؟ يرتل ترتيل ً ﴿لتقرأه على الناس على مكث‬ ‫71‬
  • 18. ‫ونزلناه تنزيل﴾ يقرأ النسان على مكث وتأني‬ ‫الوصية الخامسة: تكرار الكتاب.‬ ‫من الشياء المتناقضة في زماننا وزمن من قبلنا‬ ‫أنهم كانوا يقرءون الكتاب أكثر من مرة بينما في‬ ‫وقتنا تجد أن طالب العلم إذا قرأ كتابا ل يفكّر أن‬ ‫يقرأه مرة أخرى بل إنك لما تنصح شابا: قرأت كتاب‬ ‫التوحيد يقول قرأته. تقول إقرأه مرة أخرى. يقول:‬ ‫قرأته كأنما هو شيء انتهى منه وتعدّاه والئمة ـ‬ ‫رحمهم ا تعالى ـ في سيرهم قرأنا لهم أنهم‬ ‫يقرءون الكتاب أكثر من مرة. فهذا المام المزني‬ ‫تلميذ المام الشافعي قرأ الرسالة خمسين سنة‬ ‫وبعض الئمة قرأ صحيح البخاري أكثر من ستين مرة‬ ‫وبعضهم قرأ الكتب الستة أكثر من عشر مرات قراءة‬ ‫جرد وقراءة تأمل بينما في عصرنا هذا نجد الشاب‬ ‫انتهى من زاد المستقنع تقول له راجع الكتاب مرة‬ ‫أخرى يقول: ل أنا انتهيت أريد أن أنتقل إلى كتاب آخر‬ ‫وما تفهمه من القراءة الولى أقل بكثير مما تفهمه‬ ‫في القراءة الثانية وهذا شيء مجرب. ما تفهمه في‬ ‫81‬
  • 19. ‫القراءة الثانية أفضل وأحسن مما تفهمه في القراءة‬ ‫الولى =عندما تقرأ في المرة الثانية ستجد أنك‬ ‫استوعبت شيئا لم تستوعبه في القراءة الولى بينما‬ ‫طلبة العلم في زمننا هذا يحرصون على العجلة زاد‬ ‫المستقنع ثم الروض المربع ثم المقنع ثم المنتهى ثم‬ ‫ينتهي ويجد أنه لم يستفد شيئا كثيرا يرجوه هو.‬ ‫ولهذا الشيوخ الذي أدركتموهم وأدركناهم تجده‬ ‫شرح الكتاب أكثر من مرة ، ل تجد أنه شرح الكتاب‬ ‫وانتهى منه وإنما لنه يرى أن الكتاب إذا شرح أو قرئ‬ ‫أكثر من مرة أصبح أقوى وأضبط في الفهم فحاول‬ ‫أن تكرر الكتاب ل سيما الكتب التي هي تأصيلية.‬ ‫الوصية السادسة: احذر من الشهرة والكتب التي قرأتها.‬ ‫وهذه معضلة كبيرة جدا تصيب طالب العلم عندما‬ ‫يحاول أن يشتهر أنه قرّاء وشخصا مكثر للقراءة ول‬ ‫يوجد كتاب إل وقرأه ـ إل إذا كان في سنٍ كبير يحفز‬ ‫الطلبة ويحثهم هذا له باب آخر ـ ولكن على الطالب‬ ‫المبتدئ أل يتكلم في هذا. كم من الناس يقول أنا‬ ‫قرأت كتاب كذا وعندي مختصر له وعندي مختصر‬ ‫91‬
  • 20. ‫للكتاب الفلني ثم يشتهر فالشهرة قاصمة لطالب‬ ‫العلم. ولهذا يقول ابن المبارك ـ رحمه ا ـ كلمته‬ ‫الشهيرة: ما اتقى ا من أحب الشهرة. بل هي‬ ‫منافية لتقوى ا لنك أصل ً ما قرأت لله. كم من‬ ‫الناس الن عندما يتكلم ويقول قرأنا كذا أو قرأت كذا‬ ‫وكذا وقرأت كذا ولم أجده أو قرأت على الشيخ‬ ‫الفلني كذا وقرأت عليه كذا وكذا بدون مبرر. لست‬ ‫بحاجة إلى أن تهلك نفسك بهذه الشهرة. فعلى‬ ‫طالب العلم أن يكون حذرا في مسألة القراءة. نعم‬ ‫يتكلم بما ينفع الناس لكنه ل يحاول أن يبوأ نفسه‬ ‫مكانة لم يصلها ولم يتشبع بها. ل يحاول أن يرسل‬ ‫للناس رسائل خفية يفهمهم ويبلغهم أنه قد قرأ‬ ‫وتأهل وفعل وفعل هذا مضرة عليه ـ نسأل ا‬ ‫السلمة والعافية ـ. النسان يحاول أن ينفع الناس‬ ‫دون أن يسحب النظار إليه ولهذا المام أحمد ـ‬ ‫رحمه ا ـ كان يقول كثيرا: قد وددت أن أكون في‬ ‫شعب من شعاب مكة ول أكون مشتهرا. ل يحبون‬ ‫الشهرة لنهم وجدوا ضررها. وعمر الفاروق ـ رضي‬ ‫02‬
  • 21. ‫ا عنه ـ عندما رأى أبيّا يمشي والناس خلفه نهره.‬ ‫هذا يضرّ النسان وتعلمون كلمة ابن مسعود: إنما‬ ‫هي مذلة لكم وفتنة لي. كن خفيا إذا كنت مع الناس‬ ‫وكل إنسان خصيم نفسه لكن ل توقع نفسك في‬ ‫هذه المواقع فإياك والشهرة سواءً في القراءة أو‬ ‫في لفت النظار أو في إخبارهم بأنك قرأت كذا‬ ‫وقرأت كذا وكذا.‬ ‫الوصية السابعة:)وهي من أهم الوصايا( تعليق الفوائد‬ ‫والفرائد في أول الكتاب وجعل فهرس عام للفوائد التي‬ ‫تجدها أثناء قراءتك.‬ ‫وهذا منهج جميل جدا ورائع أن النسان يتعود عند‬ ‫قراءته أن يكتب ما يمرّ عليه من الفوائد؛ النسان‬ ‫ينسى من حين ما تقرأ الفائدة ضع تحتها خطا وفي‬ ‫أول الكتاب اجعل فهرسا عاما وأنت بالخيار إما أن‬ ‫تجعل الفهرس مقسم في العقائد والفقه واللغة‬ ‫والصول والتفسير، أو أن تجعل الفوائد مسرودة‬ ‫سردا المهم أن تقيد هذه الفائدة التي قد ل تجدها‬ ‫فيما بعد أو ل تذكر أين قرأتها وإنما ترجع إلى‬ ‫12‬
  • 22. ‫الفهرس العام الذي كتبته وستجد فائدتك. أحيانا‬ ‫تضيف بحثا جيدا وأنت تقرأ في الكتاب تجد مسألة‬ ‫تريد أن تبحث فيها قيد هذا البحث في نفس الصفحة‬ ‫التي قرأت فيها هذه الفائدة قيد هذه الفائدة ثم في‬ ‫أول الفهرس اكتب "بحث في مسألة كذا " وإن كانت‬ ‫فقط فائدة اكتب رقم الصفحة بجانبها‬ ‫وسماحة الشيخ ابن عثيمين تعرفون كتابه فرائد‬ ‫الفوائد كان يقيد ما وجده من الكتب ول يخلو عالم‬ ‫إل وعنده بحث وما كتاب ابن القيم بدائع الفوائد إل‬ ‫من هذه الطريقة يجعلون بحوثا لهم في قراءاتهم‬ ‫ويجمعونها في كتاب واحد ينفعون بها أنفسم‬ ‫والمسلمين.‬ ‫الوصية الثامنة: القراءة الجماعية.‬ ‫من المستحسن أن يكون للطالب أقران يقرأ‬ ‫معهم ويتدارسون هذا العلم بمعزل عن القراءة‬ ‫على الشيوخ هذا باب آخر. وإنما يكون هناك قراءة‬ ‫مع القران يختارون كتابا وهذا الكتاب ل يكون سهلً‬ ‫يفهمه النسان في بيته كل. بل يكون هذا الكتاب‬ ‫22‬
  • 23. ‫يحتاج إلى مباحثة وإلى نقاش وحوار من أجل أن‬ ‫يكون الفهم للمسألة فهما جيدا هذا قد ل يتأتى مع‬ ‫الشيوخ قد يخجل النسان عند شيخه أو ما شابه‬ ‫ذلك. لكن مع القران قد يكون المر سهل ً وميسورا‬ ‫فاحرص أن يكون لك من القران من تجلس معهم‬ ‫وتتباحثون في كتاب معيّن تختارون كتابا تتدارسونه‬ ‫فيما بينكم وكل إنسان يطرح ما عنده مما فهم‬ ‫واستشكل. وإذا استغلق عليكم هذا الموضوع‬ ‫رجعتم إلى شيخ ليحل هذه القضية. فمن الجيّد‬ ‫والجميل أن يكون للنسان قراءة جماعية مع أقرانه‬ ‫وكم من المسائل لم تتصورها حق التصور إل من‬ ‫خلل مناقشتك. وهذا شيء مجرب معروف مشهور.‬ ‫فاحرص أن تكون لك قراءة جماعية مع أقرانك مع‬ ‫إخوانك ولو اثنين أو ثلثة. فمن الملحظ وجود‬ ‫جفوة بين طلب العلم أنفسهم تجد طالب العلم‬ ‫الذي يحضر الدرس عند شيخه يحضر عشرة خمسة‬ ‫عشر بينهم فواصل وحواجز وعدم تواصل وهذا‬ ‫شيء ليس بجيد والواجب أن يكون الطلبة الذين‬ ‫32‬
  • 24. ‫يحضرون عند شيخ واحد بينهم تواصل من‬ ‫المستحسن بين الطلبة فيما بينهم يتناقشون. وأذكر‬ ‫مرة في درس الشيخ محمد ـ رحمه ا ـ عام ٦١٤١‬ ‫أو ٧١ الشاهد أن الشيخ أفتى بالزار؛ الزار المدور‬ ‫ولم نتصور هذا الكلم إل في تلك اللحظة ، انتهى‬ ‫الشيخ وروجع مرة ومرتين في الدرس . كثير من‬ ‫الطلبة استشك في فهمه وكل واحد من الطلبة الكبار‬ ‫يظن أنه قد فهم المسألة غلطا الشاهد أن الشيخ‬ ‫رحمه ا ـ لما انتهى من الصلة صلة العشاء فلما‬ ‫خرج التفت فإذا كثير من الطلبة يتباحثون في رأي‬ ‫الشيخ وكل يتأكد من فهمه.‬ ‫الوصية التاسعة والخيرة: أل تكون القراءة على حساب‬ ‫حضور الدروس.‬ ‫نعم القراءة مهمة ومفيدة ونافعة لكن ل تعتقد‬ ‫أن نفعها أكثر من حضور الدروس. ل تعتقد هذا.‬ ‫حضور الدروس أنفع بمراحل من قراءتك وأتكلم‬ ‫بكلم عقلي لما تقرأ الكتاب بنفسك = الذي يعمل‬ ‫عقل واحد لما تحضر الدرس كم يعمل من عقل ؟‬ ‫42‬
  • 25. ‫عقل الشيخ والطلب ، هذا يتصور شيئا وهذا يتصور‬ ‫شيئا آخر ثم تبدأ السئلة وكل إنسان يذكر رأيه الذي‬ ‫هو عقله وعندما يسال الشيخ ليراجع الدرس هذا‬ ‫سؤال وهذا سؤال سيرجع الناس إلى الفهم الصحيح‬ ‫ول يمكن أن تفهم فهما خاطئا هذا من حيث الفهم‬ ‫وحسن التصور ورأينا وأنتم ترونه بوضوح طلب‬ ‫الشيوخ المكثرين: تصورهم للعلم جيد والطلب‬ ‫الذين يحصرون القراءة على أنفسهم تجد تصورهم‬ ‫أضعف. لماذا؟ لما ذكرت لك . أنت تقيم العقل‬ ‫أمامك وهذا يسمع وهذا يسمع والعقول جميعا‬ ‫موجودة والسئلة فتكون المعلومة والفائدة أوضح.‬ ‫كذلك من وجه آخر : الفائدة تأتي من الكتاب‬ ‫بسرعة والفائدة تأتي من الكتاب بسطرين. لما‬ ‫أتحدث عنها كم سأجلس؟ سأجلس قرابة ستة أسطر‬ ‫أليس كذلك؟ أيهما أفضل لتصور العقل للفائدة‬ ‫سطرين أو ستة أسطر ؟ ستة أسطر،‬ ‫هذه الوصايا كما قلت مختصرة وليست بذاك‬ ‫ولكنها مشاركة في فتح باب القراءة الصحيحة وأنا‬ ‫52‬
  • 26. ‫أركز على قضية أن طالب العلم ل بد أن يقرأ ويقرأ‬ ‫في طريقة الطلب في كتب الخطيب البغدادي وحلية‬ ‫طالب العلم للشيخ بكر أبو زيد وكتاب العلم للشيخ‬ ‫محمد العثيمين. ل يقول هذا علم ليس له فائدة.‬ ‫هناك سلم صحيح للقراءة وطلب العلم‬ ‫ل تزهد في مثل هذه العلوم ، إقرأها وستجد‬ ‫الفائدة عظيمة في ضبط هذا العلم .‬ ‫انتهى وا أعلم وصلى ا على محمد وعلى آله‬ ‫وصحبه أجمعين‬ ‫ملحظة " الكلم مفرغ من الشريط إنشاء "‬ ‫62‬