يُعَدُّ كتاب « أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم »، للإمام الفقيه المشاوَر « أبي عبد الله محمد بن فرج القرطبي المالكي المعروف بابن الطّلاَّع (ت497هـ) »، من المصادر التي اعتنت بمعالجة أمر القضاء في الإسلام، وبيان عظم شأنه، وكأنّ المؤلف رحمه الله أراد من خلاله تنبيه قضاة زمانه ومن بعدهم إلى الطريق التي ينبغي عليهم سلوكها؛ حيث عمد إلى جمع المسائل التي قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل صرّح بذلك قائلا: «لا يحل لمن تقلد الحكم من الناس أن يحكم إلا بما أمر الله به عز وجل في كتابه، أو بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حكم به، أو بما أجمع العلماء عليه، أو بدليل من أحد الوجوه الثلاثة»، هذه غايته من تأليف الكتاب، أما عن سببه؛ فقد ذكر في نهايته أن مما دعاه إلى وضعه، أنه رأى أبا بكر بن أبي شيبة جمع كتابا في أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يذكر فيه إلا أقضية قليلة، وهو كتاب صغير، فأراد ابن الطَّلاَّع أن يتتبع أقضيته صلى الله عليه وسلم، ويجمع ما أمكنه الوصول إليه من بطون الكتب والمؤلفات التي وضع يده عليها.