2. من أبرز النقاشات اإللحادية حول المنطقية اإلله هو اإلعتماد
على ما يُسمى بمعضلة أبيقور , و هو فيلسوف يوناني و
ّ
يعتبر من أوائل من صاغ فكرة الفلسفة الجدلية فى التاريخ
حيث طرح وجهة نظره بالنسبة لإلله على أنه بشر في هيئة
سؤال يعتمد على توضيح وجهة نظر واحدة فقط دون وجود
أى تحليل منطقي ألى رد ديني .
3.
تعتمد معضلة أبيقور على طرح سؤال (إذا كان اإلله هو العادل و المثال األعلى للخير ,
فلماذا توجد الشرور ؟)
و هنا يُصيغ أبيقور حلول معضلته في هيئة أربع إجابات :
1. يريد اإلله منع الشرور و لكنه ال يقدر و هكذا يصبح الكيان اإللهى عاجز غير كامل
القدرة .
2. يستطيع اإلله منع الشر و لكنه ال يريد و هكذا يصبح الكيان اإللهي هو أصل الشرور
فى العالم .
3. يستطيع اإلله منع الشرور و يريد منع الشرور و هكذا أصبحنا فى معضلة أخرى و
هى من أين تأتى الشرور .
4. ال يستطيع اإلله منع الشرور و هنا يصبح من الصعب وجود كيان إلهي من األساس .
4. سنسأل السؤالين الفلسفيين التاليين ، وهما :
هل الخير موجود بحد ذاته و الشر موجود أيضا ً بحد ذاته
بشكل منفصل عن الخير ؟
أم أن الموضوع واحد يحدد صفته صفر معياري بما يزيد أو
يقل عنه ؟
الصفر المعياري
(نقطة الجدل النسبي)
5. ال بد أن نتفق حسب الظاهر لنا من الحياة اليومية و مما
ندركه من حولنا أن األصل الموجود في هذا الكون هو الخير ،
أي أن القاعدة السائدة هي وجود الخير ، و اإلستثناء أو الشذوذ
من القاعدة هي الشرور .
ففي معظم األيام السالم هو السائد و الجريمة تحدث من وقت
آلخر ، الصحة هي السائدة و األمراض تأتي و تذهب من زمن
آلخر ، و األرض مستقرة معظم الوقت و في بعض األحيان
تضطرب و تنشأ الكوارث الطبيعية ، و نحوه ... !
6.
يبدو جليا ً لنا أن غياب الصفة تؤدي إلى ظهور نقيضها !
فالظالم هو غياب النور ، و المرض هو غياب الصحة ، و الظلم
هو غياب العدالة ، و الحرب هي غياب السالم ، و الفوضى هي
غياب السيطرة .
وهذا ما يقودنا إلى القول بأن معظم هذه الشرور و ال أقول كلّها
يمكن التحكم به بناء على قرارتنا و تصرفاتنا ، و أما ما خرج عن
إرادتنا ، فله أحكامه التي سنوردها الحقا ً .
أو لعلّنا نناقش هذا كلّه لتبرأة أنفسنا من الظلم الذي نسببه لهذا
ِ
الكون !
7. لماذا الشر موجود ؟
ّ
# وجود تعريف
# إظهار الصفات
على العباد
# الخير المبطون
8. كيف يمكنك أن تعرف صديقك الوفي ، لو لم تقابل الخائن ؟
كيف يمكنك أن تميز ما هو الصعب لو لم ترى ما هو السهل ؟
ّ
يبدو لنا حقا ً أننا لن نعرف ما هي السعادة إال إذا حزنّا .
و لم نكن لنعرف معنى الغنى لو لم نرى الفقر يتجسد بصوره
المتعددة .
كيف سترتاح لو لم تذق طعم التعب ؟
وعلى ذلك فـ قس !
ّ
9.
“ إن المصلحة، في أمر ابتداء الدنيا إلى انقضاء مدتها، امتزاج الخير بالشر ، والضار بالنافع،
والمكروه بالسار، والضعة بالرفعة، والكثرة بالقلة. ولو كان الشر صرفا ً هلك الخلق، أو كان
خيرا ً محضا ً سقطت المحنة، وتقطعت أسباب الفكرة. ومع عدم الفكرة يكون عدم الحكمة.
ومتى ذهب التخيير ذهب التمييز، ولم يكن للعالم تثبُّت وتوقف وتعلُّم. ولم يكن علم. وال يعرف
باب التدبير، ودفع المضرة، وال اجتالب المنفعة، وال صبر على مكروه، وال شكر على
محبوب، وال تفاضل في بيان، وال تنافس في درجة، وبطلت فرحة الظفر، وعز الغلبة، ولم يكن
على ظهرها محق يجد عز الحق، ومبطل يجد ذل الباطل، وموفق يجد برد التوفيق، وشاك يجد
نقص الحيرة وكرب الوجوم، ولم تكن للنفوس آمال ولم تتشعبها االطماع … فسبحان من جعل
منافعها نعمة ومضارها ترجع إلى أعظم المنافع … وجعل في الجميع تمام المصلحة
وباجتماعها تمام النعمة .
~ الجاحظ ”
و كما قال لنا حجة اإلسالم أبو حامد الغزالي : “نقص الكون هو عين كماله، مثل إعوجاج
القوس هو عين قوته، ولو استقام القوس لما رمى.”
10. لو كنت تسلم معنا بماهية هذا الكون و الغاية من خلقك و خلقنا لهمشت
َ
َ
هذا السؤال جانبا ً ، كيف هذا ؟
نحن نؤمن كل اإليمان أن الغاية من خلقنا عبادة هللا و عمارة األرض
فنحن خلفائه ها هنا على هذه البسيطة و مهمتنا األولى هي بسط العدل
بنظام عادل يحفظ حقوق الخلق جميعا ً ليس اإلنسان فحسب بل الحيوان ،
النبات ، الجماد و كل ما خلقه هللا .
َ َ ُْ َ
( وما لَكم ال تُقَاتِلُونَ فِي سبيل اَّللِ والمستَضعَفينَ منَ الرجال والنِّساء
ِّ َ ِ َ َ ِ
َِ ِ ه َ ُْ ْ ْ ِ ِ
والو ْلدَان الهذِينَ يَقُولُونَ ربهنَا أَخرجنَا من هذه القَريَة الظا ِلم أَهلُها )
َ
َ ِْ ِ
ْ ِ ْ ِ ْ َِِ ْ ْ ِ ه ِ ْ َ
و ما خرج عن إرادتنا : ( وأَن لَو استَقَاموا علَى الطريقَة ألَسقَينَاهم ماء
َ ْ ِ ْ ُ َ
هِ ِ َ ْ ْ ُْ َ ً
َ
غدَقًا )
11.
إن كان هللا يعلم من سيدخل من الجنة و من سيدخل منا النار ، بعلمه الغيب لقرارتنا و
تصرفاتنا ، فلماذا هذه الحياة إذا ً ؟
هذا ما يعيدنا إلى نقطة: ليظهر آثار صفاته على عباده ، و هو الغني عن خلقه أجمعين.
و بتسلمينا بغنى اإلله عن خلقه ، فهذا يقودنا إلى القول بأن خلقنا هو مكرمة لنا و تمييز
ّ
نتميز به عن مكنونات العدم و ليس حاجة لإلله بصفته الغني عن خلقه عز وجل .
فنقلك من العدم إلى الوجود و اإلدراك و التفكير في كل هذا بغض النظر عن مصيرك
هو مكرمة إلهية بحد ذاتها و تجربة رائعة ، و ال يمكنك أن تنكر ذلك ! فجد الهدف
الذي أوجدك اإلله ألجله ، و قم بالدور التاريخي الذي ستلعبه في مسرحية البشرية !
ْ ِ َِِ ِ ْ ْ ْ
(عن أَبي هريْرة َ قَال قَال رسول اَّللِ صلهى اَّللُ علَيه وسلهم والهذِي نَفسي بيده لَو لَم تُذنِبُوا
َ َ َ ُ ُ ه َ
َ ْ ِ َُ َ
ه َ ِْ َ َ َ َ
َ ه ِ ُْ َ َ َ ِ ْ ٍ ْ
لَذَهَب اَّللُ بكم ولَجاء بقَوم يُذنِبُونَ فَيستَغفرونَ اَّللَ فَيغفر لَهم)
َ ْ ِْ ُ
ه َ ِْ ُ ُ
12.
لو سلمنا جدالً بهذا الشر الذي تدعي سوءه ، فهل هو حقا ً شر محض ، أم أننا ال
ّ
ٌ
ّ
نعرف إال فصالً من الحكاية ؟
ثم إن قصر نظرنا و قصورنا عن إدراك الحكمة ، هل يعني هذا بطالن الحكمة
؟
في كل شر خير مبطون ، كما يقول لنا الدكتور مصطفى محمود –رحمه هللا-
ّ
فالبراكين التي تبدو شرا ً ما هي إال تفريغ للطاقة الكامنة في باطن األرض
ولوالها ألنفجر الكوكب ، و الميكروبات التي تبدي الشر ، تقوم بتحليل الجثث ،
و وظائف بيولوجية معقدة ، لوالها إلختفت كثير من الظواهر الصحية من حولنا
، و العقبات التي تواجه اإلنسانية تقودنا نحو الحضارة و اإلختراع و التقدم .
وكذا كل شر له جانبه الخيّر و تأثيره اإليجابي على جوانب أخرى نكون قد
غفلناها ... فقط ثق بالحكمة !!
13. إنها السلبية اإلجتماعية ، إنها فقدان المهارة في التفاهم مع الحياة ، إنه
العجز عن التوصل إلى تسوية مع ظروف الحياة ، إنه خلل العقيدة و
تزعزعها في النفس .
إنها إلقاء الحمل عن كاهلنا ، و التخلي عن مسؤوليتنا تجاه ما صنعناه من
دمار في هذا الكون ، إنها إنكار المجرم للجريمة ، و الظالم للظلم .
يقول تشارلز داروين : إذا لم تكن قوانين الطبيعة هي السبب في معاناة
الفقراء فخطيئتنا ستكون عظيمة.
نعم هي ليست السبب ، و خطيئتنا عظيمة ، عظيمة جدا ً يا داروين !