1. صناعة المعروف
نعلم كلنحا أن المسحلم للمسحلم أخ ، وأن المسحلم للمسحلم كالجسحد الواححد إذا
اشتكحى عضحو منحه تداعحى له سحائر الجسحد بالسحهر والحمحى ، فإن ضاقحت
بالمسلم الضوائق ، كان له المسلمون إخوة وأعوانا على ضائقته ، فالغني
ل يغفححل جفنححه عححن حال الفقيححر ، إذا جاع أحححس بجوعححه وكأنححه هححو مححن
يجوع ، وإذا عرى أححس بعريحه ، وكذا المتعلم ل يبخحل بعلمحه على الميّح ،
إذا فالمسلم للمسلم سند وعون ومتكأ .
ومحن هنحا نسحتنبط أن صحناعة المعروف بيحن المسحلمين ليسحت منحة يمنّح بهحا
محن يعطحي على محن يعطحى له ، بحل هحي واجحب وخلق محن أخلق المسحلم
الحقيقحي ، وإذا كانحت كذلك ، فلماذا اندثرت هذه الصحناعة الجميلة وأصحبح
أصححاب المال والنفوذ والقوة والعلم يتمننون على محن هحم فحي حاجحة لهحم
بل ويرفضون إسداء المعروف لهم أحيانا ؟
ولكحححي أثري موضوعحححي ، اسحححتحضرت محححن ذاكرة السحححلم قصحححة أححححد
الصححابة ، ذلك الرجحل الذي طرق بابحه فحي يوم محن اليام طارق ، ففتححت
زوجتححه الباب ، فإذا بححه عابر سححبيل ومحتاج ، قال لهححا : إننححي رجححل عابر
سبيل وليس لدي قوت ل طعام ول شراب ، فسمع الزوج ذلك الكلم ، فقفز
محن مكانحه ، وبححث عحن شيحء يعطيحه إياه ، فلم يجحد سحوى قليحل محن الطعام
أعدته زوجته له ، فأخذه وأعطاه إياه.
ولمححا غادر الرجححل بالطعام ، أجهححش الزوج بالبكاء ، فسححألته زوجتححه : لم
تبكحي عليحه وقحد قضيحت له حاجتحه ؟ قال لهحا : أنحا ل أبكحي عليحه ، بحل أبكحي
لنني تركته يسأل !!
ياااااا ال ، ندم لنحه لم يخرج محن بيتحه باحثحا عحن المحتاج ليعطيحه قبحل أن
يسأل ، رغم أن كل ما يملك هو قليل من الطعام ل يكفيه حتى هو وزوجته.
ونححن اليوم بيوتنحا ملى بمحا لذ وطاب محن الطعام ، وبأشكال مختلفحة محن
الملبححس ، وربمححا ل يرتاح أحدنححا إل إذا كانححت عنده خزانححة ملبححس مليئة
بأنواع الملبحس كلهحا ، ونركحب أفخحر موديلت السحيارات ، وربمحا ينغحص
2. عيحش أحدنحا أن ل يكون فحي بيتحه مكيف ً أو ثلجحة أو حتحى تلفازا ، وجيراننحا
ا
يباتون جوعى ، ل طعام ول شراب ، تتقطع أمعائهم من الجوع ، وأطفالهم
يجوبون الشوارع حفاة عراة يبحثون عححن قوت يومهححم بمححد اليححد للقاصححي
والداني )يشحذون (.
أي زمن هذا الذي جردنا من ترابطنا وتكاثفنا كمسلمين ، من تآخينا ، من
إحسحاس بعضنحا ببعحض ، محن محد يحد العون وصحناعة المعروف لوجحه ال
وإبتغاءً لرضاه.
إن سحلفنا كانوا ينفقون وهحم يعلمون أنهحم إنمحا ينفقون ممحا يحبون ليدخروا
أضعافحا مضاعفحة ممحا أنفقوا عنحد ال ، أمحا نححن ففضلنحا أن ندخحر محا عندنحا
فحي خزائننحا التحي فضلناهحا على خزائن ال التحي ل تنفحذ ، وقحد يحتحج بعضنحا
قائل : هؤلء نصححابون ، يشوهون صححورة البلد فيجححب محاربتهححم ! ومححا
دخلنححا نحححن فححي أخلقهححم ، وحتححى لو كان لنححا دخححل ، فلنعطيهححم ومححن ثححم
فلنرشدهم ، كما يقول المثل : ل تعطني سمكة بل علمني كيف أصطاد.
عار علينححا يححا أمححة محمححد أن نتعرى مححن أخلقنححا وقيمنححا ، عار علينححا يححا
مسحلمين ، أنظروا لصحنيع سحيدنا عمحر بحن الخطاب رضحي ال عنحه ، وهحو
أميحر المؤمنيحن ، كان يجوب البلد بيحن البيوت ، باحثحا عحن محتاج عحن باك
محن اللم ، عحن زوجحة تشتاق لزوجهحا ، فأيحن نححن محن هذا ! لنعحد إخوتحي
لحضيرة الخلق والقيححم ، لحدائق الترابححط والخوة ، يقول المام الراحححل
محمد متولي الشعراوي : " اعمل على قدر طاقتك ، ول تأخذ إل على قدر
حاجتك ، والباقي أعطه لمن هو بحاجته".
وهذا هحححو مفهوم الزكاة ، مفهوم الصحححدقات ، مفهوم المعروف الذي يقول
ال تعالى فيه : ) كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون
عحن المنكحر ( ، ويقول خيحر البريحة صحلى ال عليحه وسحلم : ) الصحدقة تطفحئ
غضححب الرب ( ، ويقول صححلى ال عليححه وسححلم أيضححا : )صححنائع المعروف
تقحي مصحارع السحوء ( ، واعلموا إخوانحي أخواتحي أننحا محاسحبون عحن كحل
كححبيرة وصححغيرة ، وعححن كححل تقصححير كان بعلمنححا وكان مححع سححبق إصححرار
وترصد.
3. إننحا ل نمتلك محن ثقافحة العطاء مقدار حبحة محن خردل ، وحتحى إذا أعطينحا ،
فإننححا قححد نتباهححى بصححنيعنا ، بأن نعطححي جهارً لنري الناس بأننححا معطائون
ا
وكرماء !! أو قد نتحجج بأعذار قبيحة كي ل نعطي !!
يقول الشاعر:
أقول لصحاب المروءة قولة *** تفيدهم إن أحسنوا وتفضلوا
يسير ذوو الحاجات خلفك خضعا *** فإن أدركوها خلفوك وهرولوا
فل تدع المعروف مهما تنكروا *** فإن ثواب ال خير وأجزل
هدانا ال جميعا لما فيه خير لديننا ودنيانا وأنفسنا ... آمين