سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لااله الاانت استغفرك واتوب اليك اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر سبحانك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب اليك اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء والاموات الى يوم الدين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا عدد خلقه و رضا نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته و عدد ما علم الله السميع العليم لا إله إلا الله محمد رسول الله سبحان الله و الحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم أستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم واتوب إليه اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا عدد خلقه و رضا نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته و عدد ما علم الله السميع العليم اللهم انى اصبحت اشهدك واشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك انك انت الله لااله الا انت وحدك لاشريك لك وان محمد عبدك ورسولك عدد خلقه ورضا نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته

1. """""" صفحة رقم ٙ """"""
الجزء الثالث
) /ٖٙ(
"""""" صفحة رقم ٚ """"""
بسم الله الرحمن الرحيم وبو نستعين
ٜ كتاب مواقيت الصلاة
- باب مواقيت الصلاة وفضميا
وقول الله عز وجل : ( إن الصلاة كانت عمى المؤمنين
كتابا موقوتا ) ] النساء : [ . موقتا ، وقتو عمييم .
أما " الكتاب " فالم ا رد بو : الفرض ، ولم يذكر في القرآن
لفظ الكتاب وما تصرف منو إلا فيما ىو لازم : إما
شرعا ، مثل قولو : ( كتب عميكم الصيام ) ] البقرة :
ٖٛ [ ، ( كتب عميكم القتال ) ] البقرة : ٙ [
وقولو : ( كتاب الله عميكم ) ] النساء : [ . واما قد ا ر
، نحو قولو : ( كتب الله لأغمبن أنا ورسمي

2. ) ] المجادلة : [ ، وقولو : ( ولولا أن كتب الله
عمييم الجلاء ) ] الحشر : [ .
وأما قولو : ( موقوتا ) ففيو قولان .
أحدىما : أنو بمعنى المؤقت في أوقات معمومة ، وىو
قول ابن مسعود وقتادة وزيد بن أسمم ، وىو الذي ذكره
البخاري ىنا ، ورجحو ابن قتيبة وغير واحد .
قال قتادة في تفسير ىذه الآية : قال ابن مسعود : إن
لمصلاة وقتا كوقت الحج .
) /ٖٚ(
"""""" صفحة رقم ٛ """"""
وقال زيد بن أسمم : منجما ، كمما مضى نجم جاء نجم
، يقول : كمما مضى وقت جاء وقت .
وقالت طائفة : معنى ) موْقُو تًا ) : مفروضاً أو واجبا -
: قالو مجاىد والحسن وغيرىما .
وروى عمي بن أبي طمحة ، عن ابن عباس ، قال :

3. يعني : مفروضا .
وتأول بعضيم الفرض ىنا عمى التقدير ، فرجع المعنى
حينئذ إليَ تقدير اعدادىا ومواقيتيا . والله أعمم .
وقال الشافعي : الموقوت - والله أعمم - : ال وقت الذي
تصمى فيو وعددىا .
قال البخاري - رحمو الله - :
- نا عبد الله بن مسممة ، قال : ق أ رت عمى مالك
، عن ابن شياب ، أن عمر بن عبد العزيز أَخر الصلاة
يوما ، فدخل عميو عروة بن الزبير ، فأخبره أن المغيرة
بن شعبة أخر الصلاة يوما وىو بالع ا رق ، فدخل عميو
أبو مسعود الأنصاري ، فقال : ما ىذا يا مغيرة ؟ أليس
قد عممت أَن جبريل عميو السلام نزل فصمى فصمى
رسول الله ) ، ثم صمى فصمى رسول الله ) ، ثم صمى
فصمى رسول الله ) ، ثم قال : ) ) بيذا أمرت ( ( .
فقال عمر لعروة : اعمم ما تحدث بو ، أو أن جبريل ىو
أقام لرسول الله ) وقت الصلاة ؟ قال عروة : كذلك كان
بشير بن أبي مسعود يحدث عن أبيو .

4. - قال عروة : ولقد حدثتني عائشة ، أن النبي
) كان يصمي العصر والشمس في حجرتيا ، قبل ان
تظير .
ىذا الحديث يدل عمى أن مواقيت الصموات الخمس بينيا
جبريل عميو السلام لمنبي ) بفعمو ، فكان ينزل فيصمي
بو كل صلاة في وقتيا إلى أن بين لو مواقيتيا
) /ٖٛ(
"""""" صفحة رقم ٜ """"""
كميا ، وكان ذلك في أول ما افترض الصموات الخمس .
وقد روي في ذلك أحاديث متعددة ، ولم يخرج في
) ) الصحيحين ( ( منيا غير حديث أبي مسعود ىذا ،
وقد خرجو البخاري - أيضا - في ) ) المغا زي ( ( من
رواية شعيب ، عن الزىري - مختص ا رً .
وخرجو من طريق مالك والميث بن سعد ، عن الزىري ،
ولفظ حديث الميث عنده : أن عروة قال لعمر : سمعت

5. بشير بن أبي مسعود يقول : سمعت أبا مسعود يقول :
سمعت رسول الله ) [ يقول ] : ) ) نزل جبريل عميو
السلام ، فأمني ، فصميت معو ، ثم صميت معو ، ثم
صميت معو ، ثم صميت معو ، ثم صميت معو ( ( ،
ويحسب بأصابعو خمس صموات .
ورواه ابن أبي ذئب في ) ) موطئو ( ( ، عن ابن شياب
، ولفظ حديثو : أن أبا مسعود قال لممغيرة : ألم تعمم أن
جبريل نزل عمى محمد ) ، فصمى ، وصمى ، وصمى ،
وصمى ، وصمى ، ثم صمى ، ثم صمى ، ثم صمى ، ثم
صمى ، ثم صمى ، ثم قال : ) ) ىكذا امرت ( ( .
وفي ىذا تك ا رر صلاة جبريل ، وليس فيو ذكر بيان
شيء من الأوقات .
قال أبو داود : يروي ىذا الحديث عن الزىري : معمر
ومالك وابن عيينة وشعيب بن أبي حمزة والميث بن سعد
وغيرىم ، لم يذكروا الوقت الذي صمى فيو ، ولم
يفسروه .
وكذلك - أيضا - رواه ىشام بن عروة وحبيب بن أبي

6. مرزوق ، عن عروة نحو رواية معمر وأصحابو ، الا ان
حبيبا لم يذكر ) ) بشي ا ر ( ( .
) /ٖٜ(
"""""" صفحة رقم """"""
وخرجو أبو داود بسياق فيو تفسير المواقيت من رواية
أسامة بن زيد الميثي ، ان ابن شياب أخبره ، أن عروة
قال لعمر بن عبد العزيز : سمعت بشير بن أبي مسعود
يقول : سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول : سمعت
رسول الله ) [ يقول ] : ) ) نزل جبريل عميو السلام
فاخبرني بمواقيت الصلاة ، فصميت معو ، ثم صميت
معو ، ثم صميت [ معو ] ، ثم صميت معو ، ثم صميت
معو ( ( ، يحسب بأصابعو خمس صموات ، ف أ ريت
رسول الله ) صمى الظير حين تزول الشمس ، وربما
أخرىا حين يشتد الحر ، و أ ريتو يصمى العصر والشمس
مرتفعة بيضاء قبل ان تدخميا الصفرة ، فينصرف الرجل

7. من الصلاة فيأتي ذا الحميفة قبل غروب الشمس ،
ويصمى المغرب حين تسقط الشمس ، ويصمى العشاء
حين يسود الأفق ، وربما أخرىا حتى يجتمع الناس ،
وصمى الصبح مرة بغمس ثم صمى مرة اخرى فأسفر بيا
ثم كانت صلاتو بعد ذلك التغميس حتى مات ، لم يعد
إلى أن يسفر .
وخرجو ابن خزيمة في ) ) صحيحو ( ( والحاكم
وصححو .
وقال الخطأبي : ىو صحيح الإسناد .
وقال ابن خزيمة : ىذه الزيادة لم يقميا أحد غير أسامة
بن زيد .
وقال الدارقطني : خالفو يونس وابن أخي الزىري ،
فروياه عن الزىري ، قال : بمغنا ان رسول الله ) ، وذكر
مواقيت الصلاة بغير إسناد فوق الزىري ، وحديثيما اولى
بالصواب .
وقال أبو بكر الخطيب : وَىِمَ أسامة بن زيد إذا ساق
الحديث كمو بيذا الإسناد ؛ لأن قصة المواقيت ليست

8. من حديث أبي مسعود ، وانما كان الزىري يقول فييا :
وبمغنا أن رسول الله ) كان يصمي الظير حين تزول
الشمس - إلى آخره ، بين ذلك يونس في روايتو عن ابن
شياب ، وفصل حديث أبي مسعود
)ٓٔ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
المسند من حديث المواقيت المرسل ، وأورد كل واحد
منيما منفرداً .
وقد روي بيان المواقيت في حديث أبي مسعود من وجو
آخر ، من رواية أيوب بن عتبة ، عن أبي بكر بن
عمرو بن حزم ، أن عروة بن الزبير حدث عمر بن عبد
العزيز ، قال : حدثني أبو مسعود الانصاري - أو بشير
بن أبي مسعود ، قال : كلاىما قد صحب رسول الله
) - أن جبريل جاء إلى النبي ) حين دلكت الشمس ،
فقال : يا محمد ، صمي الظير فصمى . قال : ثم جاء

9. حين صار ظل كل شيء مثمو ، فقال : يا محمد صمي
العصر . قال : فصمى ، ثم أتاه حين غربت الشمس ،
فقال : يا محمد ، صمي المغرب . قال : فصمى ، ثم
جاءه حين غاب الشفق ، فقال : يا محمد ، صمي
العشاء . قال : فصمى ، ثم اتاه حين انشق الفجر ،
فقال : يا محمد ، صمي الصبح . قال : فصمى . قال :
ثم أتاه حين كان ظل كل شيء مثمو في الغد ، فقال : يا
محمد ، صمي الظير . قال : فصمى . قال : ثم أتاه
حين صار ظل كل شيء مثميو ، فقال : يا محمد ،
صمي العصر . قال : فصمى . قال : ثم أتاه حين
غربت الشمس ، فقال : يا محمد ، صمي المغرب .
قال : فصمى ، ثم أتاه حين ذىب ساعة من الميل ،
قال : يا محمد ، صمي العشاء . قال : فصمى . قال :
ثم أتاه حين أضاء الفجر وأسفر ، قال : يامحمد ، صمي
الصبح . قال : فصمى . ثم قال : ) ) ما بين ىذين
وقت ( ( - يعني : أمس واليوم .
أيوب بن عتبة اليمامي ، ضعفو أحمد ، وقال مرة : ثقة

10. إلا أنو لا يقيم حديث يحيى بن أبي كثير . وقال
البخاري : ىو عندىم لين . وقال الدارقطني : يترك ،
وقال مرة : يعتبر بو ، ىو شيخ . وقال ابن عدي : ىو
مع ضعفو يكتب حديثو .
)ٔٔ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
وضعف أبو حاتم حديثو من حفظو ، وقال : كتابو
صحيح .
وقد شك في إسناد ىذا الحديث : ىل ىو عن أبي
مسعود ، أو عن بشير ابنو ؟ وعمى تقدير أن يكون عن
بشير ابنو فيكون مرسلا ، وقولو : ) ) وكلاىما صحب
النبي
) ( ( وىم ، ونسب الدارقطني الوىم إلى أبي بكر بن
حزم - : ذكره في " العمل " .
وخرجو في " سننو " مختص ا ر من طريق ايوب بن عتبة

11. ، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم ، عن عروة ، [ عن
] ابن أبي مسعود ، عن أبيو - إن شاء الله .
وىذا يدل عمى إنو اضط ا رب في إسناده .
وقد خالفو الثقات في ىذا ، فرووا ىذا الحديث مرسلاً :
رواه معمر ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن
أبيو مرسلاً . ورواه الثوري وابن عيينة ، عن عبد الله بن
أبي بكر ويحيى بن سعيد - كلاىما - ، عن أبي بكر
بن حزم ، عن النبي ) مرسلاً ، وكذا رواه أبو ضمرة ،
عن يحيى بن سعيد ، عن أبي بكر بن حزم مرسلاً .
لكن رواه سميمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد ، عن
أبي بكر بن محمد ، عن أبي مسعود الأنصاري ، من
غير ذكر ) ) عروة ( ( .
خرجو بقي بن مخمد في " مسنده " عن ابن كاسب ، عن
إسماعيل بن عبد الله - ىو : ابن أبي أويس - ، عن
سميمان ، بو - فذكر حديث المواقيت بطولو .
وخرجو البييقي في " المعرفة " من طريق أحمد بن عبيد
الصفار : حدثنا الأسفاطي : نا إسماعيل - فذكره .

12. [ وخرجو ] أبو بكر الباغندي في ) ) مسند عمر بن
عبد العزيز ( ( ، عن إسحاق
)ٕٔ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
بن إب ا رىيم بن سويد الرممي ، عن أيوب بن سميمان بن
بلال ، عن أبي بكر عبد الحميد بن أبي أويس ، عن
سميمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي بكر
بن حزم ، عن أبي مسعود ، عن النبي ) - فذكر
الحديث بطولو .
ورواه البخاري في " تاريخو " ، عن أيوب بن سميمان ،
عن أبي بكر بن أبي أويس ، عن سميمان بن بلال ،
قال : قال صالح بن كيسان : سمعت أبا بكر بن حزم ،
أنو بمغو أن أبا مسعود [ قال : ] نزل [ جبريل ] عمى
النبي ) بالصلاة - فذكر الحديث بطولو ، وقال في
آخره : قال صالح بن كيسان : وكان عطاء يحدث عن

13. جابر في وقت الصلاة بنحو ما كان أبو مسعود يحدث .
قال صالح : وكان عمرو بن دينار وأبو الزبير المكي
يحدثان مثل [ ذلك ، عن ] جابر بن عبد الله .
قال الدارقطني في " العمل " : ورواه زفر بن اليذيل ،
عن يحيى بن سعيد ، عن أبي بكر بن ] محمد [ بن
عمرو بن حزم ، عن أُناس من أصحاب النبي ) ، فذكر
حديث المواقيت بطولو .
ورواه زفر - أيضا - ، عن أبي حنيفة ، عن حماد ،
عن إب ا رىيم - بمثمو ، مرسلاً .
وزفر : قال الدارقطني : ثقة .
وقد روي حديث صلاة جبريل بالنبي ) الصموات الخمس
في مواقيتيا في يومين مع بيان مواقيتيا من رواية : ابن
عباس ، وجابر ، وأبي سعيد ، وأبي ىريرة ، وعبد الله
بن عمرو بن العاص ، وابن عمر ، وأنس ، ولم يخرج
شيء منيا في " الصحيح " .
وحكى الترمذي في كتابو عن البخاري ، أنو قال : أصح
شيء في

14. )ٖٔ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
المواقيت حديث جابر .
وحديث جابر المشار إليو خرجو الإمام أحمد والترمذي
والنسائي في " كتابو الكبير " ، ولفظو : قال : جاء
جبريل إلى النبي ) حين مالت الشمس ، فقال : قم يا
محمد ، فصل ] الظير [ حين مالت الشمس ، ثم مكث
حتى إذا كان فيء الرجل مثمو جاءه لمعصر ، فقال : قم
يا محمد ، فصل العصر ، ثم مكث حتى إذا غابت
الشمس جاءه ، فقال : قم ، فصل المغرب ، فقام
فصلاىا حين غابت الشمس . سواء ، ثم مكث حتى إذا
ذىب الشفق جاءه فقال : قم ، فصل العشاء ، فقام
فصلاىا ، ثم جاء جبريل حين سطع الفجر بالصبح ،
فقال : يا محمد ، قم فصل ، فقام فصمى الصبح ، ثم
جاءه من الغد ، فقال : قم يا محمد فصل فقام فصمى

15. الظير ثم جاءه حين كان فيء الرجل مثميو فقال : قم
يامحمد ، فصل العصر ، ثم جاءه لممغرب حين غابت
الشمس وقتا واحداً لم يزل عنو ، فقال : قم ، فصل
المغرب ، ثم جاءه لمعشاء حين ذىب ثمث الميل الأول ،
فقال : قم ، فصل العشاء ، ثم جاءه لمصبح حين أسفر
جداً ، فقال : قم فصل الصبح ، ثم قال : ) ) ما بين
ىذين وقت كمو ( ( .
وذكر أبو داود في " كتابو " بعضو - تعميقاً .
وخرجو ابن حبان في " صحيحو " والحاكم ، وقال :
صحيح مشيور من حديث ابن المبارك ، عن حسين بن
عمي بن حسين ، عن وىب بن كيسان ، عن جابر .
قال : والشيخان لم يخرجاه لقمة حديث الحسين بن عمي
الأصغر .
وحسين ىذا : وثقة النسائي وغيره .
وقال عبد الله بن الإمام أحمد : سألت أبي عن ىذا
الحديث : ما ترى
)ٗٔ /ٖ (

16. """""" صفحة رقم """"""
فيو ، وكيف حال الحسين ؟ فقال أبي : أماالحسين فيو
أخو أبي جعفر محمد بن عمي ، وحديثو الذي روي في
المواقيت ليس بالمنكر ؛ لأنو قد وافقو عمى بعض
صفاتو غيره .
وانما قال الإمام أحمد : ) ) ليس بالمنكر ؛ لأنو قد وافقو
عمى بعضو غيره ( ( ، لأن قاعدتو : أن ما انفرد بو ثقة
، فإنو يتوقف فيو حتى يتابع عميو ، فإن توبع عميو ا زلت
نكارتو ، خصوصاً إن كان الثقة ليس بمشتير في الحفظ
والاتقان ، وىذه قاعدة يحيى القطان وابن المديني
وغيرىما .
وقال الترمذي : حديث جابر قد رواه عطاء بن أبي رباح
وعمرو بن دينار وأبو الزبير ، عن جابر ، عن النبي
) ، نحو حديث وىب بن كيسان ، عن جابر . انتيى .
ورواه - أيضا - بشير بن سلام الأنصاري المدني عن
جابر - أيضا .

17. وقد ذكرت أحاديث ىذا الباب كميا بطرقيا وعمميا في "
كتاب شرح الترمذي " .
وقد دل القرآن في غير موضع عمى مواقيت الصموات
الخمس ، وجاءت السنة مفسرة لذلك ومبينة لو :
فمن ذلك : قولو الله تعالى : ) أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ
الشَّمْسِ إلى غَسَقِ المَّيْلِ وَقُرْآنَ الْ فَجْرِ ) .
وقد ذكر غير واحد من الأئمة كمالك والشافعي : أن
ىذه الآية تدل عمى الصموات الخمس ، وروي معناه عن
طائفة من السمف .
فقال ابن عمر : دلوك الشمس : ميميا - يشير إلى
صلاة الظير حينئذ .
وعن ابن عباس ، قال : دلوك الشمس : إذا جاء الميل .
وغسق الميل :
)٘ٔ /ٖ (

18. """""" صفحة رقم ٙ """"""
اجتماع الميل وظممتو .
وقال قتادة : دلوك الشمس : إذا ا زلت الشمس عن بطن
السماء لصلاة الظير . وغسق الميل : بدء الميل صلاة
المغرب .
وقد قيل : إن الله تعالى ذكر ثلاثة أوقات ، لأن اصل
الأوقات ثلاثة ، وليذا تكون في حالة جواز الجمع بين
الصلاتين ثلاثة فقط ، فدلوك الشمس : وقت لصلاة
الظير والعصر في الجممة ، وغسق الميل : وقت لصلاة
المغرب والعشاء في الجممة ، ثم ذكر وقت الفجر
بقولو : ) وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْيُودًا
. ؟ ؟ (
وقد ثبت في " الصحيحين " عن أبي ىريرة ، عن النبي
) ، قال : ) ) يجتمع ملائكة الميل وملائكة النيار في
صلاة الفجر ( ( ، ثم يقول أبو ىريرة : اقرءوا إن شئتم :
) وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْيُودًا ) ؟ .
وكذلك قولو تعالى : ) وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّيَارِ وَزُلَفًا

19. مِنْ المَّيْلِ ) . ] ىود : [ .
فقولو : ) طَرَفِي النَّيَارِ ) يدخل فيو صلاة الفجر وصلاة
العصر .
وقد قيل : إنو يدخل فيو صلاة الظير والعصر ، لأنيما
في الطرف الأخير ، وزلف الميل يدخل فيو المغرب
والعشاء .
وكذا قال قتادة : إن زلف الميل يدخل فيو المغرب
والعشاء ، وان طرفي النيار يدخل فيو الفجر والعصر .
وروي عن الحسن ، أنو قال في قولو : ) طَرَفِي النَّيَارِ
) ، قال : صلاة الفجر ، والطرف الآخر الظير
والعصر ) وَزُلَفًا مِنْ المَّيْلِ ) ؟ المغرب والعشاء .
وكذلك قولو : ) وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُمُوعِ الشَّمْ سِ
وَقَبْلَ غُرُوبِيَا وَمِنْ آنَاءِ المَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْ اَ رفَ النَّيَارِ
) ] طو : [ .
) /ٖٙ (ٔ

20. """""" صفحة رقم ٚ """"""
وفي الحديث الصحيح عن جرير البجمي - حديث
الرؤية - : ) ) فان استطعتم ان لاتغمبوا عن صلاة قبل
طموع الشمس وقبل غروبيا فافعموا ( ( ، ثم ق أ ر :
) فسبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُمُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِيَا ) ؟ .
وقد ادرج اكثر الرواة الق ا رءة في الحديث ، وبين
بعضيم : أن جري ا ر ىو الذي ق أ ر ذلك ، فبين أن صلاة
الصبح وصلاة العصر يدخل في التسبيح قبل طموع
الشمس وقبل غروبيا ، وأماالتسبيح من آناء الميل فيدخل
فيو صلاة المغرب وصلاة العشاء . وقولو :
) واط ا رف النَّيَارِ ) يدخل في صلاة الفجر وصلاة
العصر ، وربما دخمت فيو صلاة الظير ؛ لأنيا في أول
طرف النيار الاخر .
وقال تعالى : ) وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُمُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ
ا لغُرُوبِ وَمِنْ المَّيْلِ فَسَبِّحْوُ ) ] ق ٜ ، [ .
وقد قال ابن عباس وأبو صالح : إن التسبيح قبل طموع
الشمس وقبل الغروب : الصبح وصلاة العصر .

21. وقولو : ) وَمِنْ المَّيْلِ فَسَبِّحْوُ ) ، قال مجاىد : الميل
كمو .
وىذا يدخل فيو صلاة المغرب والعشاء ، ويدخل فيو
التيجد المتنقل بو - أيضا .
وقال خصيف : الم ا رد بتسبيحو من الميل : صلاة الفجر
المكتوبة ، وفيو بعد .
وأما ) أَدْبَارَ السُّجُودِ ) ، فقال اكثر الصحابة ، منيم :
عمر ، وعمي ، والحسن بن عمي ، وأبو ىريرة ، وأبو
أمامة وغيرىم : أنيما ركعتان بعد الغروب ، وىو رواية
عن ابن عباس ، وروي عنو مرفوعاً ، خرجو الترمذي
بإسناد فيو ضعف .
فاشتممت الآية عمى الصموات الخمس مع ذكر بعض
التطوع .
) /ٖٚ (ٔ

22. """""" صفحة رقم ٛ """"""
وقال تعالى : ) وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنْ المَّيْلِ
فَسَبِّحْوُ واِدْبَارَ النُّجُ ومِ ) ] الطور : ٛ ، ٜ [ .
فقولو : ) حِينَ تَقُومُ ) قد فسر بإ ا ردة القيام إلى الصلاة ،
وىو قول زيد بن اسمم والضحاك ، وفسر بالقيام من
النوم ، وىو قول أبي الجود ، وفسر بالقيام من
المجالس .
وقولو : ) وَمِنْ المَّيْلِ فَسَبِّحْوُ ) ، قال مجاىد : من الميل
كمو ، يدخل في ذلك صلاة المغرب والعشاء وصلاة
الميل المتطوع بيا .
وفسره خصيف بصلاة الفجر ، وفيو نظر .
) واِدْبَارَ النُّجُومِ ) : ركعتا الفجر كذا قالو عمي وابن
عباس في رواية ، وروي عن ابن عباس مرفوعاً .
خرجو الترمذي وفيو ضعف .
وقال تعالى : ) فَسُبْحَانَ المَّوِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ
تُصْبِحُونَ وَلَوُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيِّا وَحِينَ
تُظْيِرُونَ ) ] الروم : ٚ ، ٛ [ .

23. قال الإمام أحمد : نا ابن ميدي : نا سفيان ، عن
عاصم ، عن أبي رزين ، قال : جاء نافع بن الأزرق
إلى ابن عباس ، فقال ، : الصموات الخمس في الق ا رن ؟
فقال : نعم ، فق أ ر :
) فَسُبْحَانَ المَّوِ حِينَ تُمْسُونَ ) قال : صلاة المغرب
) وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) صلاة الفجر
) وَعَشِيِّا ) صلاة العصر ) وَحِينَ تُظْيِرُونَ ) صلاة
الظير ، وق أ ر : ) وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْ اَ رتٍ
لَكُمْ ) ؟ ] النور : ٛ [ .
ورواه أدم بن أبي إياس في " تفسيره " ، عن حماد بن
سممة ، عن عاصم ، قال : جاء نافع - ولم يذكر : أبا
رزين .
) /ٖٛ (ٔ
"""""" صفحة رقم ٜ """"""
وروى آدم - أيضا - : نا شريك ، عن ليث بن أبي

24. سميم ، عن الحكم بن عتيبة ، عن أبي البختري ، عن
ابن عباس ، قال : جمعت ىذه الآية الصموات كميا -
فذكره بمعناه ، ولم يذكر فيو : صلاة العشاء .
روي عن الحسن وقتادة في قولو تعالى ) فَسُبْحَانَ المَّوِ
حِينَ تُمْسُونَ ) ، قال : صلاة المغرب والعشاء ، ) وَحِينَ
تُصْبِحُونَ ) : صلاة الغداة ، ) وَلَوُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ وَعَشِيِّا ) ، قال : العصر ، ) وَحِينَ تُظْيِرُونَ
) ، قال : الظير :
خرجو البييقي وغيره .
وأماتأخير المغيرة بن شعبة وعمر بن عبد العزيز الصلاة
يوماً ، فإنما كان تأخيرىما كذلك عن وقت صلاتيما
المعتادة ولم يؤخ ا رىا حتى خرج الوقت .
وقد روى الميث ىذا الحديث ، عن الزىري ، وفيو :
) ) أن عمر أخر العصر شيئاً ( ( .
وليذا ذكر عروة حديث عائشة في تعجيل النبي
) لصلاة العصر ، ولم يكن عمر بن عبد العزيز يؤخر
الصلاة كتأخير سائر بني أمية ، إنما أخر العصر

25. يوماً .
وفي حديث أسامة بن زيد ، عن الزىري ، أن عمر كان
قاعدا عمى المنبر ، فأخر العصر شيئاً .
وكان ىذا في أيام ولايتو لممدينة نيابة عن الوليد ، ولم
يكن - رحمة الله عميو - يظن أن توقيت الصموات في
ىذه الأوقات الخمس كان بوحي من الله عز وجل مع
جبريل عميو السلام ، بل كان يظن ان النبي ) سن ذلك
لأمتو ، وربما لم يكن بمغَوُ ما سنو النبي ) من التوقيت ،
فكان يجري عمى العادة التي اعتادىا
) /ٖٜ (ٔ
"""""" صفحة رقم """"""
الناس ، حيث لم يكن في الق ا رن تصريح بمواقيت الخمس
، ولم يبمغو ما سنو النبي ) في ذلك بتعميم جبريل إياه ،
فمما بمغو ذلك اجتيد حينئذ عمى المحافظة عمى مواقيت
الصلاة ، وكان في أيام خلافتو يوصي عمالو بذلك ،

26. وكان يعتب عمى الحجاج وغيره من ولاة السوء تأخيرىم
الصلاة عن مواقيتيا .
وفي رواية معمر ، عن الزىري ليذا الحديث ، قال : فما
ا زل عمر يعمم وقت الصلاة بعلامة حتى فارق الدنيا .
وفي رواية حبيب بن أبي مرزوق ، عن عروة ليذا
الحديث ، قال : فبحث عمر عن ذلك حتى وجد ثبتو ،
فما ا زل عمر عنده علامات الساعات ينظر فييا حتى
قُبض رحمو الله .
وقد كان عمر بن عبد العزيز - أحياناً - قبل سماعو
ليذا الحديث يؤخر الصموات إلى آخر الوقت عمى ما
جرت بو عادة بني أمية .
وفي " الصحيحين " عن أبي أمامة بن سيل ، قال :
صمينا مع عمر بن عبد العزيز الظير ، ثم خرجنا حتى
دخمنا عمى أنس بن مالك ، فوجدناه يصمي العصر
فقمت : يا عم ، ما ىذه الصلاة التي صميت ؟ قال :
العصر ، وىذه الصلاة رسول الله ) التي كنا نصمي
معو .

27. وخرج مسمم من حديث عبد الله بن الصامت ، عن أبي
ذر ، قال : قال لي رسول الله ) : ) ) كيف أنت إذا
كانت عميك أم ا رء يؤخرون الصلاة عن وقتيا - أو
يميتون الصلاة عن وقتيا ؟ ( ( قال : فما تأمرني ؟
قال : ) ) صل الصلاة لوقتيا ، فإن ادركتيما معيم
فصل ، فانيا لك نافمة ( ( .
)ٕٓ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
وقد روي ىذا الحديث عن النبي ) من روايات متعددة .
وقد كان الصحابة يأمرون بذلك ويفعمونو عند ظيور
تأخير بني أمية لمصلاة عن أوقاتيا ، وكذلك أعيان
التابعين ومن بعدىم من أئمة العمماء :
قال ] أحمد [ واسحاق : إنما يصمي في بيتو ثم يأتي
المسجد إذا صمى الأئمة في غير الوقت - : نقمو عنيما
ابن منصور .

28. وم ا ردىما : إذا صموا بعد خروج الوقت ، فإن تأخير
الصلاة عن وقتيا عمداً في غير حال يجوز فييا الجمع
لا يجوز إلا في صور قميمة مختمف فييا ، فأماإن أخروا
الصلاة عن أوائل وقتيا الفاضمة ، فإنو يصمي معيم
ويقتصر عمى ذلك .
وقد روى الشافعي بإسناده ، عن ابن عمر ، أنو أنكر
عمى الحجاج إسفاره بالفجر ، وصمى معو يومئذ .
وقد قال النخعي : كان ابن مسعود يصمي مع الأم ا رء
في زمن عثمان وىم يؤخرون بعض التأخير ، ويرى أنيم
يتحممون ذلك .
وانما كان يفعل ذلك في أيام إمارة الوليد بن عقبة عمى
الكوفة في زمن عثمان ، فإنو كان أحيانا يؤخر الصلاة
عن أول وقتيا .
وفي " مسند الإمام أحمد " أن الوليد بن عقبة أخر
الصلاة مرة ، فقام ابن مسعود فتقرب ، فصمى بالناس ،
وقال : أبن الله ورسولو عمينا أن ننتظرك بصلاتنا وأنت
في حاجتك .

29. وفي " سنن أبي داود " : عن صالح بن عبيد ، عن
قبيصة بن وقاص ، قال : قال رسول الله ) : ) ) يكون
عميكم أم ا رء من بعدي ، يؤخرون الصلاة ، فيي لكم
وعمييم ، فصموا معيم ما صموا القبمة ( ( .
وىذا الحديث معمول من وجيين :
)ٕٔ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
أحدىما : أن قبيصة بن وقاص وان عده بعضيم في
الصحابة ، فقد أنكر ذلك آخرون .
والثاني : أن صالح بن عبيد ، قال بعضيم : إنو لا
يعرف حالو ، منيم : الأثرم وغيره .
وخرج الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجو من حديث
عطاف بن خالد ، عن عبد الرحمن بن حرممة ، عن
رجل من جيينة ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي ) -
معناه .

30. وفي ىذا الإسناد ضعف .
وخرج الإمام أحمد نحو من حديث عاصم بن عبيد الله ،
عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيو ، عن النبي
. (
وعاصم ، ضعيف .
وان صحت ىذه الأحاديث ، فيي محمولة عمى من أخر
الصلاة عن أول وقتيا الأفضل إلى آخر الوقت ،
وحديث أبي ذر وما في معناه محمول عمى من أخرىا
عن الوقت حتى خرج الوقت ، أو إلى وقت يكره تأخير
الصلاة إليو ، كتأخير العصر إلى أن تصفر الشمس ،
وقد روي ذلك عن ابن مسعود موقوفا ومرفوعاً .
وعمى ىذا يدل كلام أحمد واسحاق كما سبق ذكره ، وان
الإمام إذا صمى في آخر الوقت فإنو يصمي معو ولا
يصمي قبمو في البيت ، كما إذا أخرىا عن الوقت .
واستدل الإمام أحمد بقول ابن مسعود في الذين يؤخرون
الصلاة إلى شرق
)ٕٕ /ٖ (

31. """""" صفحة رقم """"""
الموتى ، فأمرىم أن يصموا لموقت ، ثم يصموا معيم .
وقد خرجو مسمم في " صحيحو " .
وروي عن عطاء ، أنو يكتفي بالصلاة معيم ولا يصمي
في بيتو ما لم يؤخروا حتى تغرب الشمس .
ذكره عبد الر ا زق ، عن ابن جريج ، عنو .
وقال القاضي أبو يعمي من أصحابنا : إذا أخر الإمام
الصلاة عن أول الوقت فإن وجد جماعة غيره في أول
الوقت صمى مع الجماعة ، والا انتظر الإمام حتى
يصمي ؛ لأن الجماعة عندنا فرض .
وكذلك مذىب مالك وأصحابو : أن تأخير الصلاة
لانتظار الجماعة أفضل من الصلاة في أول الوقت
منفرداً .
ونص الإمام أحمد في رجل أمره أبوه أن يصمي بو ،
وكان أبوه يؤخر الظير إلى العصر ، أنو يصمي بو .
فإن كان يؤخر الصبح حتى تطمع الشمس لم يفعل .

32. ولمشافعي في ذلك قولان : أحدىما : ينتظر الإمام إذا
أخرىا عن أول الوقت . والثاني : يصمي في أول الوقت
منفرداً ، وىو أفضل من التأخير لمجماعة .
وقالت طائفة من أصحابو : الأفضل أن يجمع بين
الأمرين ، فيصمي في اول
)ٖٕ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
الوقت منفرداً ، ثم يصمي مع الجماعة في أثناء الوقت ،
وان أ ا رد الاقتصار عمى صلاة واحدة فالتأخير لمجماعة
أفضل .
ومنيم من ذكر احتمالا : ان فحش التأخير فالانف ا رد أول
الوقت أفضل ، وان خف فالانتظار أفضل .
واستدل صاحب " شرح الميذب " لتفضيل الجمع بينيما
، بأن في " صحيح مسمم " ، عن أبي ذر ، عن النبي
) ، أنو " سيجيء قوم يؤخرون الصلاة عن أول وقتيا "

33. - وذكر الحديث المتقدم .
وليس في " صحيح مسمم " ذكر أول الوقت ولا وجدناه
في غيره - أيضا - ، بل في الأحاديث ما يدل عمى
خلاف ذلك ، وأنيم يؤخرون الصلاة حتى يذىب وقتيا .
كذلك في حديث عبادة بن الصامت ، عن النبي ) .
وقد خرجو الإمام أحمد وأبو داود .
وقد استدل الإمام أحمد بأمر النبي ) بالصلاة في الوقت
عند تأخير الإم ا رء عمى أن الجمع بين الصلاتين لغير
عذر غير جائز .
وسيأتي زيادة بيان لذلك في موضع آخر - إن شاء الله
سبحانو وتعالى .
وأماتقديم الصلاة عمى وقتيا في غير جمع فلا يجوز -
أيضا - ، فمو صمى الظير قبل الزوال ، والصبح قبل
طموع الفجر ، والمغرب قبل غروب الشمس فعميو
الاعادة ، وسواء تعمد ذلك أو لم يتعمده ، ىذا قول
جميور العمماء .
قال ابن المنذر : اختمفوا في الصلاة قبل دخول الوقت ،

34. فروينا عن عمر وأبي موسى الاشعري ، أنيما أعادا
الفجر لأنيما كان صمياىا قبل الوقت ، وبو
)ٕٗ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
قال الزىري ومالك والأوزعي والشافعي وأحمد وأصحاب
ال أ ري ، وقد روينا عن ابن عباس ، أنو قال في رجل
صمى الظير في السفر قبل أن تزول الشمس ، قال :
يجزئو . وقال الحسن : مضت صلاتو . وبنحو ذلك قال
الشافعي .
وعن مالك فيمن صمى العشاء في السفر قبل غيبوبة
الشفق جاىلا وساىياً يعيد ما كان في وقت ، فإذا ذىب
الوقت قبل أن يعمم أو يذكر فلا إعادة عميو .
انتيى .
وقال ابن عبد البر : لا خلاف بين العمماء أن وقت
الصلاة من ف ا رئضيا ، وأنيا لا تجزيء قبل وقتيا ، إلا

35. شيء روي عن أبي موسى الأشعري وعن بعض التابعين
، أجمع العمماء عن خلافو ، فمم أر لذكره وجيا ؛ لأنو
لا يصح عنيم ، وقد صح عن أبي موسى خلافو بما
وافق الجماعة ، فصار اتفاقا صحيحاً .
قمت : ليس ىذا الاختلاف في جواز تقديم الصلاة عمى
وقتيا عمداً ، إنما الاختلاف فيمن اجتيد وصمى ثم
تبينت صلاتو قبل الوقت ، وقد مضى الوقت ، فيذا في
وجوب الإعادة فيو قولان لمشافعي ، والاختلاف المروي
عن السمف يرجع إلى ىذين القولين ، وقد حكي رواية
عن أحمد أنو لايمزمو القضاء . قال القاضي أبو يعمى
الصغير في " تعميقو " : قد تأوليا أصحابنا .
وما حكاه ابن المنذر عن مالك قد روي صالح بن أحمد
وأبو الحارث ، عن أحمد في المسافر إذا صمى العشاء
قبل مغيب الشفق : أرجو .
وتأولو بعض أصحابو عن الشفق الأبيض ، وىو بعيد .
وقد نقل ابن منصور ، عن أحمد ، أنو إذا صمى العشاء

36. في السفر بعد غيبوبة الشفق الاحمر وقبل غيبوبة
البياض ، فإنو يجوز ، وعمل بأنو أماأن يكون مصميا
)ٕ٘ /ٖ (
"""""" صفحة رقم ٙ """"""
في الوقت عند من يرى أن الشفق الحمرة ، و أماأن
يكون جامعاً بين الصلاتين في السفر ، وىو جائز .
وىذا يدل عمى جواز الجمع في السفر في وقت الأولى
مع التفريق بين الصلاتين ، وعمى أن نية الجمع لا
تشترط .
وروى حرب ، عن أحمد فيمن صمى العشاء قبل مغيب
الشفق ، قال : لا ادري . وفيمن صمى العصر قبل
مصير ظل الشيء مثمو : انو يعيد ، ولم يقيد ىذا
بالسفر .
ولو كان معملا يجواز الجمع كما نقمو عنو ابن منصور
، لم يكن فرق بين العشاء والعصر ، لأن كمتا الصلاتين

37. تجمع إلى ما قبميا .
والظاىر : أنو أ ا رد بالشفق الحمرة ؛ فإن أحمد متوقف
في صلاة العشاء قبل مغيب البياض ، عمى ما سيأتي
ذكره - إن شاء الله سبحانو وتعالى .
) /ٖٙ (ٕ
"""""" صفحة رقم ٚ """"""
- باب ) منِيبِينَ إِلَيْوِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنْ
الْمُشْرِكِينَ ) ] الروم : [
قال تعالى : ) فَأَقِمْ وَجْيَكَ لِمدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ المَّوِ الَّتِي
فَطَرَ النَّاسَ عَمَيْيَا لا تَبْدِيلَ لِخَمْقِ المَّوِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْمَمُونَ ) ] الروم : [ .
فأمره بإقامة وجيو ، وىو إخلاص قصده وعزمو وىمو
لمدين الحنيف ، وىو الدين القيم ، وىو فطرة الله التي
فطر العباد عمييا ، فإن الله ركب في قموب عباده كميم
قبول توحيده والإخلاص لو ، و إنما يغيرىم عن ذلك

38. تعميم من عمميم الخروج عنو .
ولما كان الخطاب لو ) لم تدخل فيو أمتو معو قال بعد
ذلك ) مُنِيبِينَ إِلَيْوِ ) ، فجعل ذلك حالا لو ولأمتو ، وىو
إنابتيم إليو ، ويعني بو : رجوعيم إليو ، وأمرىم بتقواه ،
والتقوى تتضمن فعل جميع الطاعات وترك المعاصي
والمخالفات .
وخص من ذلك إقام الصلاة ، فمم يذكر من أعمال
الجوارح باسمو الخاص سواىا ، والم ا رد بإقامتيا : الاتيان
بيا قائمة عمى وجييا التام ، وفي ذلك دليل عمى شرف
الصلاة وفضميا ، وأنيا اىم أعمال الجوارح .
ومن جممة إقامتيا المأموربو : المحافظو عمى مواقيتيا ،
فمن صمى الصلاة لغير مواقيتيا التي وقتيا الله فمم يقم
الصلاة ، بل ضيعيا وفرط فييا وسيا عنيا .
قال ابن عباس في قولو تعالى ) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ
) ] المائدة : [ ، قال : يقيمون الصلاة بفرضيا .
) /ٖٚ (ٕ

39. """""" صفحة رقم ٛ """"""
وقال قتادة : إقامة الصلاة : المحافظة عمى مواقيتيا
ووضوئيا ، وركوعيا وسجودىا .
وقال مقاتل بن حيان : إقامتيا : المحافظة عمى مواقيتيا
، واسباغ الطيور فييا ، وتمام ركوعيا وسجودىا ،
وتلاوة الق ا رن فييا ، والتشيد ، والصلاة عمى النبي ) ،
فيذا إقامتيا .
خرجو كمو ابن أبي حاتم .
وليذا مدح سبحانو الذين ىم عمى صلاتيم يحافظون
والذين ىم عمى صلاتيم دائمون ، وقد فسره ابن مسعود
وغيره بالمحافظة عمى مواقيتيا ، وفسره بذلك مسروق
والنخعي وغيرىما .
وقيل لابن مسعود : إن الله يكثر ذكر الصلاة في
القرآن : ) الَّذِينَ ىُمْ عَمَى صَلاتِيِمْ دَائِمُونَ ) ] المعارج :
[ و ) وَالَّذِينَ ىُمْ عَمَى صَلاتِيِمْ يُحَافِظُونَ
) ] المعارج : [ ؟ قال : ذاك عمى مواقيتيا . قيل

40. لو : ما كنا نرى ذلك إلا عمى تركيا ، قال : تركيا
الكفر .
خرجو ابن أبي حاتم ومحمد بن نصر المروزي
وغيرىما .
وكذلك فسر سعد بن أبي وقاص ومسروق وغيرىما
السيو عن الصلاة بالسيو عن مواقيتيا .
وروي عن سعد مرفوعا ، والموقوف أصح قال البخاري
- رحمو الله - :
- نا قتيبة بن سعيد : نا عباد - ىو : ابن عباد
- ، عن أبي جمرة ، عن ابن
) /ٖٛ (ٕ
"""""" صفحة رقم ٜ """"""
عباس ، قال : قدم وفد عبد القيس عمى رسول الله ) ،
فقالوا : إنا ىذا الحي من ربيعة ، ولسنا نصل إليك إلا
في الشير الح ا رم ، فمرنا بشيء نأخذه عنك ، وندعو

41. إليو من و ا رءنا . فقال : ) ) آمركم بأربع ، وأنياكم عن
أربع : الإيمان بالله ( ( ، ثم فسرىا ليم : ) ) شيادة أن
لا الله إلا الله ، وأني رسول الله ، واقام الصلاة ، وايتاء
الزكاة ، وأن تؤدوا إِليَّ خمس ما غنمتم ، وأنيى عن
الدباء والحنتم والنقير والمقير ( ( .
قد تقديم ىذا الحديث في " كتاب : الايمان " و " كتاب :
العمم " خرجو البخاري فييما من حديث شعبة ، عن أبي
جمرة ، وذكرنا شرحو في الموضعين المذكورين .
والمقصود منو ىاىنا : أمره ليم بإقامة الصلاة ، وقد
ذكرنا ىاىنا تفسير إقامة الصلاة ، وأن من جممتو
المحافظو عمى مواقيتيا .
وخرج أبو داود من حديث عباد بن الصامت ، قال :
سمعت رسول الله ) يقول : ) ) خمس صموات افترضين
الله ، من أحسن وضوءىن ، وصلاىن لوقتين واتم
ركوعين وخشوعين كان لو عمى الله عيدا أن يغفر لو ،
ومن لم يفعل فميس لو عمى الله عيد ، إِن شاء غفر لو ،
وان شاء عذبو ( ( .

42. وخرج ابن ماجو من حديث ] أبي [ قتادة ، أن رسول الله
) قال : ) ) قال الله تعالى : افترضت عمى أمتك خمس
صموات ، وعيدت عندي عيداً : أنو من حافظ عميين
لوقتين أدخمتو الجنة ، ومن لم يحافظ عميين فلا عيد لو
عندي ( ( .
) /ٖٜ (ٕ
"""""" صفحة رقم """"""
وخرج الأمام أحمد من حديث كعب بن عجرة : سمع
النبي ) يقول : ) ) قال ربكم : من صمى الصلاة لوقتيا
، وحافظ عمييا ولم يضيعيا استخفافا بحقيا ، فمو عمي
عيد أن أدخمو الجنة ، ومن لم يصميا لوقتيا ، ولم
يحافظ عمييا وضيعيا استخفافا بحقيا ، فلا عيد لو ،
إن شئت عذبتو ، وان شئت غفرت لو ( ( .
ومن حديث حنظمة الكاتب ، قال : سمعت رسول الله
) يقول : ) ) من حافظ عمى الصموات الخمس بركوعين

43. وسجودىن ووضوئين ومواقيتين ، وعمم أنين حق من
عند الله عز وجل دخل الجنة ( ( - أو قال : ) ) وجبت
لو الجنة ( ( - ، وفي رواية قال : ) ) حرم عمى
النار ( ( .
وروى محمد بن نصر المروزي بإسناد صحيح عن ابن
سيرين ، قال : نبئت أن أبا بكر وعمر - رضي الله
عنيما - كانا يعممان الناس الإسلام : تعبد الله ولا تشرك
بو شيئاً وتقيم الصلاة التي افترض الله لمواقيتيا ، فان
في تفريطيا اليمكة .
)ٖٓ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
- باب
البيعة عمى إقام الصلاة
- حدثنا محمد بن المثنى : نا يحيى : نا
إسماعيل : نا قيس ، عن جرير بن عبد الله ، قال :

44. بايعت النبي ) عمى إقام الصلاة ، وايتاء الزكاة ،
والنصح لكل مسمم .
خرج البخاري ىذا الحديث فيما سبق في آخر " كتاب :
الإيمان " ، عن مسدد ، عن يحيى - ىو : ابن سعيد -
، بمثمو .
والنبي ) كان بايع الناس عمى الإسلام ، وأركان الإسلام
خمس : الشيادتان ، واقام الصلاة ، وايتاء الزكاة ، وحج
البيت ، وصيام رمضان .
وكان النبي ) يبايع - أحياناً - عميين كمين ، كما في "
مسند الإمام أحمد " عن بشير بن الخصاصية ، قال :
أتيت النبي ) لأبايعو ، فاشترط عميَّ : شيادة أن لا إلو
إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسولو ، وأن أقيم الصلاة ،
وأن أؤدي الزكاة ، وأن أحج حجة الإسلام ، وأن أصوم
رمضان ، وأن أجاىد في سبيل الله ، فقمت : يا رسول
الله ، أمااثنتين ، فوالله ما أطيقيما : الجياد ، فإنيم
زعموا أنو من ولى الدبر فقد باء بغضب من الله ،
فأخاف إن حضرت ذلك جشعت نفسي ، وكرىت

45. الموت . والصدقة ، فوالله ما لي إلا غنيمة وعشر ذود ،
ىن رسل أىمي وحمولتيم . قال : فقبض رسول الله
) يديو ، ثم حرك يده ، ثم قال : ) ) فلا جياد ولا صدقة
، فبم تدخل الجنة إذاً ؟ ( ( قمت : يا رسول الله ،
)ٖٔ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
أبايعك ، فبايعتو عمييم كمين .
وتارة كان يبايع عمى إقام الصلاة وايتاء الزكاة مع
الشيادتين ، كما بايع جرير بن عبد الله ؛ فإن الصلاة
والزكاة أفضل خصال الإسلام العممية .
وتارة يكتفي بالبيعة عمى الشيادتين ؛ لأن باقي الخصال
حقوق ليا ولوازم .
وتارة كان يقتصر في المبايعة عمى الشيادتين فقط ،
لأنيما أ رس الإسلام ، وسائر الأعمال تبع ليما .
وقد كان أحيانا يتآلف عمى الإسلام من يريد أن يسامح

46. بترك بعض حقوق الإسلام ، فيقبل منيم الإسلام ، فإذا
دخموا فيو رغبوا في الإسلام فقاموا بحقوقو وواجباتو
كميا .
كما روى عبد الله بن فضالة الميثي ، عن أبيو ، قال :
عممني رسول الله ) فكان فيما عممني : ) ) وحافظ عمى
الصموات الخمس ( ( . قال : قمت : إن ىذه ساعات لي
فييا أشغال ، فمرني بأمر جامع ، إذا أنا فعمتو أج أ ز
عني . قال : ) ) حافظ عمى العصرين ( ( - وما كانت
من لغتنا - قمت : وما العص ا رن ؟ قال : ) ) صلاة قبل
طموع الشمس ، وصلاة قبل غروبيا ( ( .
خرجو أبو داود وابن حبان في " صحيحو " والحاكم .
وظن أن فضالة ىو ابن عبيد ، ووىم في ذلك ، فميس
ىذا فضالة بن عبيد - : قالو ابن معين وغيره .
وفي " المسند " من حديث قتادة ، عن نصر بن عاصم
الميثي ، عن رجل منيم ، أنو أتى النبي ) فأسمم عمى أن
يصمي صلاتين ، فقبل منو .
)ٕٖ /ٖ (

47. """""" صفحة رقم """"""
وفي رواية : عمى أن لا يصمي إلا صلاتين ، فقبل
منو .
وفيو - أيضا - عن جابر ، أن ثقيفاً إذ بايعت اشترطت
عمى رسول الله ) أن لا صدقة عمييا ولا جياد . قال
رسول الله ) : ) ) يصدقون ويجاىدون إذا أسمموا ( ( .
قال الإمام أحمد في رواية ابنو عبد الله : إذا أسمم عمى
أن يصمي صلاتين يقبل منو ، فإذا دخل يؤمر
بالصموات الخمس ، وذكر حديث قتادة عن نصر بن
عاصم الذي تقدم .
)ٖٖ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
- باب
الصلاة كفارة

48. فيو حديثان :
الأول : كفارة الصلاة :
قال :
- حدثنا مسدد : ثنا يحيى ، عن الأعمش :
حدثني شقيق : حدثني حذيفة ، قال : كنا جموساً عند
عمر ، فقال : أيكم يحفظ قول رسول الله ) في الفتنة ؟
قمت : أنا كما قالو . قال : إنك عميو - أو عمييا -
لجريء . قمت : فتنة الرجل في أىمو ومالو ولده وجاره ،
تكفرىا الصلاة والصوم والصدقة والأمر والنيي . قال :
ليس ىذا أريد ، ولكن الفتنة التي تموج كما يموج
البحر . قال : ليس عميك منيا بأس يا أمير المؤمنين ،
إن بينك وبينيا باباً مغمقاً . قال : يكسر أم يفتح ؟ قال :
يكسر . قال : إذن لا يغمق أبداً .
قمنا : أكان عمر يعمم الباب ؟ قال : نعم ، كما أن دون
غد الميمة ، إني حدثتو حديثاً ليس بالأغاليط ، فيبنا أن
نسأل حذيفة ، فأمرنا مسروقاً فسألو ، فقال : الباب
عمر .

49. أصل الفتنة : الابتلاء والامتحان والاختبار ، ويكون تارةً
بما يسوء ، وتارة بما يسر ، كما قال تعالى : ) وَنَبْمُوكُمْ
بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) ] الأنبياء : [ ، وقال :
) وَبَمَوْنَاىُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَمَّيُمْ يَرْجِعُونَ
) ] الأع ا رف : ٛٙ [ .
وغمب في العرف استعمال الفتنة في الوقوع فيما يسوء .
)ٖٗ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
والفتنة نوعان : أحدىما : خاصة ، تختص بالرجل في
نفسو . والثاني : عامة ، تعم الناس .
فالفتنة الخاصة : ابتلاء الرجل في خاصة نفسو بأىمو
ومالو وولده وجاره ، وقد قال ] تعالى [ : ) ؟ إِنَّمَا
أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) ] التغابن : [ ؛ فإن ذلك
غالباً يميي عن طمب الآخرة والاستعداد ليا ، ويشغل
عن ذلك .

50. ولما كان النبي ) يخطب عمى المنبر ، و أ رى الحسن
والحسين يمشيان ويعث ا رن
وىما صغي ا رن ، نزل فحمميما ، ثم قال : ) ) صدق الله
ورسولو ، ) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) ، إني أ ريت
ىذين الغلامين يمشيان ويعث ا رن فمم أصبر ( ( .
وقد ذم الله تعالى من ألياه مالو وولده عن ذكره ، فقال :
) لا تُمْيِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ ال مَّوِ وَمَنْ يَفْعَلْ
ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ ىُمْ الْخَاسِرُونَ ) ] المنافقون : ٜ [ .
فظير بيذا : أن الأنسان يبتمى بمالو وولده وأىمو وبجاره
المجاور لو ، ويفتتن بذلك ، فتارةً يمييو الاشتغال بو عما
ينفعو في آخرتو ، وتارةً تحممو محبتو عمى أن يفعل
لأجمو بعض ما لا يحبو الله ، وتارةً يقصر في حقو
الواجب عميو ، وتارةً يظممو ويأتي إليو ما يكرىو الله من
قول أو فعل ، فيسأل عنو ويطالب بو .
فإذا حصل للأنسان شيء من ىذه الفتن الخاصة ، ثم
صمى أو صام أو تصدق أو أمر بمعروف أو نيى عن
منكر كان ذلك كفارةً لو ، واذا كان الأنسان تسوؤه سيئتو

51. ، ويعمل لأجميا عملاً صالحاً كان ذلك دليلاً عمى
إيمانو .
وفي " مسند بقي بن مخمد " ، عن رجل سأل النبي ) :
ما الإيمان
)ٖ٘ /ٖ (
"""""" صفحة رقم ٙ """"""
يا رسول الله ؟ قال : ) ) أن تؤمن بالله ورسولو ( ( ،
فأعادىا ثلاثا ، فقال لو في الثالثة : ) ) أتحب أن
أخبرك ما صريح الإيمان ؟ ( ( فقال : ذلك الذي
أردت . فقال : ) ) إن صريح الإيمان إذا أسأت أو
ظممت أحداً : عبدك أو أمتك ، أو واحداً من الناس ،
صمت أو تصدقت واذا أحسنت استبشرت ( ( .
وأماالفتن العامة : فيي التي تموج موج البحر ،
وتضطرب ، ويتبع بعضيا بعضاً كأمواج البحر ، فكان
أوليما فتنة قتل عثمان - رضي الله عنو - ، وما نشأ

52. منيا من افت ا رق قموب المسممين ، وتشعب أىوائيم
وتكفير بعضيم بعضاً ، وسفك بعضيم دماء بعض ،
وكان الباب المغمق الذي بين الناس وبين الفتن عمر -
رضي الله عنو - ، وكان قتل عمر كس ا رً لذلك الباب ،
فمذلك لم يغمق ذلك الباب بعده أبداً .
وكان حذيفة أكثر الناس سؤالاً لمنبي ) عن الفتن ، وأكثر
الناس عمماً بيا ، فكان عنده عن النبي ) عمم بالفتن
العامة والخاصة ، وىو حدث عمر تفاصيل الفتن العامة
، وبالباب الذي بين الناس وبينيا ، وأنو ىو عمر ،
وليذا قال : إني حدثتو حديثاً ليس بالأغاليط ،
والأغاليط : جمع أغموطة ، وىي التي يغالط بيا ،
واحدىا : أغموطة ومغمطة ، والمعنى : أنو حدثو حديثاً
حقاً ، ليس فيو مرية ، ولا إييام .
وىذا مما يستدل بو عمى أن رواية مثل حذيفة يحصل
بيا لمن سمعيا العمم اليقيني الذي لا شك فيو ؛ فإن
حذيفة ذكر أن عمر عمم ذلك وتيقنو كما تيقن أن دون
غد الميمة لما حدثو بو من الحديث الذي لا يحتمل غير

53. الحق والصدق .
وقد كانت الصحابة تعرف في زمان عمر أن بقاء عمر
أمان لمناس من الفتن .
وفي " مسند الإمام أحمد " أن خالد بن الوليد لما عزلو
عمر ، قال لو رجل :
) /ٖٙ (ٖ
"""""" صفحة رقم ٚ """"""
اصبر أييا الأمير ، فإن الفتن قد ظيرت . فقال خالد :
وابن الخطاب حي إنما يكون بعده - رضي الله عنيما -
.
وقد روي من حديث عثمان بن مظعون ، أن النبي
) سمى عمر : غمق الفتنة ، وقال : ) ) لا ي ا زل بينكم
وبين الفتنة باب شديد الغمق ما عاش ىذا بين
أظيركم ( ( .
خرجو الب ا زر .

54. وروي نحوه من حديث أبي ذر .
وروى كعب ، أنو قال لعمر : أجدك مص ا رع الفتنة ،
فإذا فتح لم يغمق أبداً .
الحديث الثاني :
ٙ - حدثنا قتيبة : ثنا يزيد بن زريع ، عن سميمان
التيمي ، عن أبي عثمان النيدي ، عن ابن مسعود ، أن
رجلاً أصاب من ام أ رة قبمة ، فأتى النبي ) فأخبره ،
فأنزل الله تعالى : ) وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّيَارِ وَزُلَفًا مِنْ
المَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْىِبْنَ السَّيِّئَاتِ )
] ىود : [ . قال الرجل : يا رسول الله ، إلي ىذا
؟ قال : ) ) لجميع أمتي كميم ( ( .
ىذا الذنب الذي أصابو ذلك الرجل وسأل عنو النبي
) فنزلت الآية بسببو كان من الصغائر ، وقد ذىب أكثر
العمماء إلى أن الصلاة إنما تكفر الصغائر دون
الكبائر .
وكذلك الوضوء ، غير أن الصلاة تكفر أكثر مما يكفر
الوضوء ، كما قال سممان الفارسي - رضي الله عنو -

55. : الوضوء يكفر الج ا رحات الصغار ، والمشي إلى
المسجد يكفر أكثر ، والصلاة تكفر أكثر من ذلك .
) /ٖٚ (ٖ
"""""" صفحة رقم ٛ """"""
خرجو محمد بن نصر المروزي وغيره .
وقد سبق في حديث حذيفة : فتنة الرجل في أىمو ومالو
وولده وجاره تكفرىا الصلاة والصيام والصدقة ؛ وذلك
لأن أكثر ما يصيب الأنسان في ىذه الإشياء تكون من
الصغائر دون الكبائر .
وقد ذكرنا في " كتاب الوضوء " الاختلاف في أن
الوضوء : ىل يكفر الصغائر خاصة ، أم يعم الذنوب
كميا ؟ والأكثرون عمى أن لا يكفر سوى الصغائر ، وقد
ذىب قوم إلى أنو يكفر الكبائر - أيضا - ، وسنذكره
فيما بعد - إن شاء الله سبحانو وتعالى .
) /ٖٛ (ٖ

56. """""" صفحة رقم ٜ """"""
- باب
فضل الصلاة لوقتيا
ٚ - حدثنا أبو الوليد ىشام بن عبد الممك : ثنا شعبة
، قال : الوليد بن العي ا زر أخبرني ، قال : سمعت أبا
عمرو الشيباني يقول : ثنا صاحب ىذه الدار - وأشار
إلى دار عبد الله - ، قال : سألت النبي ) : أي العمل
أحب إلى الله ؟ قال : ) ) الصلاة عمى وقتيا ( ( .
قال : ثم أي ؟ قال : ) ) ثم بر الوالدين ( ( . قال : ثم
أي ؟ قال : ) ) الجياد في سبيل الله ( ( . قال : حدثني
بين ، ولو استزدتو لزداني .
وخرجو بيذا الإسناد بعينو في " كتاب البر والصمة " .
وخرجو أول " الجياد " من طريق مالك بن مغول ، عن
الوليد ، بو ، ولفظو : سألت النبي ) : أي العمل أفضل
؟ قال : قال : ) ) الصلاة عمى ميقاتيا ( ( - وذكر
باقيو بمعناه .

57. وفي رواية لمسمم من حديث أبي يعفور ، عن الوليد -
بيذا الإسناد - ، قمت : يا نبي الله ، أي الأعمال أقرب
إلى الجنة ؟ قال : ) ) الصلاة عمى مواقيتيا ( ( -
وذكر باقية .
وىذه الألفاظ متقاربة المعنى أو متحدة ؛ لأن ما كان من
الأعمال أحب إلى الله فيو أفضل الأعمال ، وىو أقرب
إلى الجنة من غيره ؛ فإن ما كان أحب إلى الله فعاممو
أقرب إلى الله من غيره ، كما في حديث أبي ىريرة ،
عن النبي ) فيما يرويو عن ربو ، قال : ) ) ما تقرب
إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عميو ، ولا ي ا زل
) /ٖٜ (ٖ
"""""" صفحة رقم """"""
عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبو ( ( - وذكر
الحديث .
خرجو البخاري في " الرقاق " من " كتابو " ىذا .

58. وقال عمر بن الخطاب : أفضل الأعمال أداء ما فرض
الله .
وكذا قال عمر بن عبد العزيز في خطبتو .
فدل حديث ابن مسعود ىذا عمى أن أفضل الأعمال
وأقربيا إلى الله وأحبيا إليو الصلاة عمى مواقيتيا المؤقتة
ليا .
وقد روي في ىذا الحديث زيادة ، وىي : ) ) الصلاة في
أول وقتيا ( ( ، وقد خرجيا ابن خزيمة وابن حبان في "
صحيحيما " والحاكم والدارقطني من طرق متعددة .
ورويت من حديث عثمان بن عمر ، عن مالك بن مغول
، ] و [ من حديث عمي بن حفص المدائني ، عن شعبة
، ورويت عن شعبة من وجو آخر ، وفيو نظر ، ورويت
من وجوه أخر .
واستدل بذلك عمى أن الصلاة في أول الوقت أفضل ،
كما استدل لحديث أم فروة ، عن النبي ) ، أنو سئل :
أي العمل أفضل ؟ قال : ) ) الصلاة لأول وقتيا ( ( .
خرجو الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .

59. وفي إسناده اضط ا رب - : قالو الترمذي والعقيمي .
وقد روي نحوه من حديث ابن عمر ، إلا أن إسناده وىم
، وانما ىو حديث
)ٓٗ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
أم فروة - : قالو الدارقطني في " العمل " .
وروي نحوه من حديث الشفاء بنت عبد الله .
وفي قول النبي ) : ) ) الصلاة عمى وقتيا - أو عمى
مواقيتيا ( ( : دليل - أيضا - عمى فضل أول الوقت
لمصلاة ؛ لأن " عمى " لمظرفية ، كقوليم : ) ) كان كذا
عمى عيد فلان ( ( ، والأفعال الواقعة في الأزمان
المتسعة عنيا لا تستقر فييا ، بل تقع في جزء منيا ،
لكنيا إذا وقعت في أول ذلك الوقت فقد صار الوقت كمو
ظرفاً ليا حكماً .
وليذا سمى المصمي مصميا في حال صلاتو وبعدىا

60. أماحقيقة أو مجا ا زً عمى اختلاف في ذلك ، وأماقبل
الفعل في الوقت فميس بمصل حقيقة ولا حكماً ، وانما
ىو مصل بمعنى استباحة الصلاة فقط ، فإذا صمى في
أول الوقت فإنو لم يسم مصمياً إلا في آخر الوقت .
وقولو : ) ) ثم بر الوالدين ( ( لما كان ابن مسعود لو أم
احتاج إلى ذكر بر والديو بعد الصلاة ؛ لأن الصلاة
حق الله وحق الوالدين متعقب لحق الله عز وجل ، كما
قال تعالى : ) أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) ] لقمان :
. ] وقولو : ) ) ثم الجياد في سبيل الله ( ( ؛ لأن الجياد
فرض كفاية ، والدخول فيو بعد قيام من سقط بو حق
فرض الكفاية تطوع إذا لم يتعين بحضور العدو ، وليذا
تقدم بر الوالدين عمى الجياد إذا لم يتعين ، كما قال
النبي ) لمن أ ا رد أن يجاىد معو : ) ) إلك والدان ؟ ( (
قال : نعم . ] قال [ : ) ) ففييما فجاىد ( ( - وفي
رواية : ) ) فأمره أن يرجع إلييما ( ( .
فذكر النبي ) لابن مسعود أن أفضل الأعمال القيام

61. بحق وق الله التي فرضيا عمى عباده فرض ، وأفضميا :
الصلاة لوقتيا ، ثم القيام بحقوق عباده ، وأكده
)ٔٗ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
بر الوالدين ، ثم التطوع بأعمال البر ، وأفضميا الجياد
في سبيل الله .
وىذا مما يستدل بو الإمام أحمد ومن وافقو عمى أن
أفضل أعمال التط وع الجياد .
فإن قيل : فقد روي خلاف ما يفيم منو ما دل عميو
حديث ابن مسعود ىذا ؛ ففي " الصحيحين " ، عن أبي
ىريرة ، أن النبي ) سئل : أي الأعمال أفضل ؟ قال :
) ) إيمان بالله ورسولو ( ( . قيل : ثم أي ؟ قال :
) ) الجياد في سبيل الله ( ( . قيل : ثم أي ؟ قال :
) ) حج مبرور ( ( .
وفييما - أيضا - عن أبي ذر ، أنو سأل النبي ) : أي

62. الأعمال أفضل ؟ قال : ) ) الإيمان بالله ، والجياد في
سبيمو ( ( .
ولم يذكر في ىذين الحديثين الصلاة ولا بر الوالدين ،
وروي نصوص أُخر بأن الجياد أفضل الأعمال مطمقاً ،
وروي ما يدل عمى أن أفضل الأعمال ذكر الله عز وجل
، وجاء ذلك صريحاً عن جماعة كثيرة من الصحابة -
رضي الله عنيم - .
قيل : ىذا مما أشكل فيمو عمى كثير من الناس ،
وذكروا في توجييو والجمع بين النصوص الواردة بو
وجوىا غير مرضية .
فمنيم من قال : أ ا رد بقولو : " أفضل الأعمال كذا "
أي : أن ذلك من أفضل الأعمال ، لا أنو أفضميا
مطمقاً .
وىذا في غاية البعد .
ومنيم من قال : أجاب كل سائل بحسب ما ىو أفضل
الأعمال لو خاصة كما خص ابن مسعود بذكر الوالدين

63. لحاجتو إليو ، ولم يذكر ذلك لغيره .
لكن أبو ىريرة كانت لو أم - أيضا .
)ٕٗ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
وظير لي في الجمع بين نصوص ىذا الباب ما أنا
ذاكره بحمد الله وفضمو ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ،
فنقول :
لا ريب أن أفضل الأعمال ما افترضو الله عمى عباده ،
كما ذكرنا الدليل عميو في أول الكلام عمى ىذا الحديث
، وأولى الف ا رئض الواجبة عمى العباد وأفضميا الإيمان
بالله ورسولو ، تصديقاً بالقمب ، ونطقاً بالمسان ، وىو
النطق بالشيادتين ، وبذلك بعث النبي ) ، وأمر بالقتال
عميو ، وقد سبق ذلك مبسوطا في " كتاب الإيمان " .
ثم بعد ذلك : الإتيان ببقية مباني الإسلام الخمس التي
بني عمييا ، وىي : الصلاة ، والزكاة ، والصيام ،

64. والحج .
وقد كان النبي ) يأمر من يبعثو يدعو إلى الإسلام أن
يدعو أولاً إلى الشيادتين ، ثم إلى الصلاة ، ثم إلى
الصيام ، ثم إلى الزكاة ، كما أمر بذلك معاذ بن جبل
لما أرسمو إلى اليمن ، وكان يعمم من يسألو عن الإسلام
مبانيو الخمس ، كما في حديث سؤال جبريل عميو
السلام لو عن الإسلام ، وكما في حديث طمحة ، أن
النبي ) عمم الأع أ ربي الذي سألو عن الإسلام المباني .
فإذا تقرر ىذا ، فقول النبي ) في حديث أبي ىريرة لما
سئل : أي الأعمال أفضل ؟ قال : ) ) إيمان بالله
ورسولو ( ( فيذا وجو ظاىر ، لا إشكال فيو ؛ فإن
الإيمان بالله ورسولو أفضل الأعمال مطمقاً ، وسمى
الشيادتين مع التصديق بيما عملاً ، لما في ذلك من
عمل القمب والمسان .
وقد قرر البخاري ذلك في " كتاب الإيمان " وسبق الكلام
عميو في موضعو .
وقولو في حديث أبي ىريرة : ) ) ثم الجياد في سبيل

65. الله ( ( ، وفي حديث أبي ذر : " والجياد " - بالواو -
يشيد لو أن الله قرن بين الإيمان بو وبرسولو
)ٖٗ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
والجياد في سبيمو في مواضع ، كقولو تعالى : ) إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالمَّوِ وَرَسُولِوِ وَجَاىَدُوا فِي سَبِيلِ المَّوِ
بِأَمْوَالِيِمْ وَأَنفُسِيِمْ ) ، وقولو : ) ىَلْ أَدُلُّكُمْ عَمَى تِجَارَةٍ
تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِالمَّوِ وَرَسُولِوِ وَتُجَاىِدُونَ
فِي سَبِيلِ المَّوِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ) ] الصف : ،
[ الآية .
فالإيمان بالله ورسولو : التصديق بيما في القمب مع
الإق ا رر بذلك بالمسان . والجياد ىو دعاء الناس إلى ذلك
بالسيف والسنان ، بعد دعائيم بالحجة والبيان ، وليذا
يشرع الدعاء إلى الإسلام قبل القتال .
وقد قيل : إن الجياد كان في أول الإسلام فرض عين

66. عمى المسممين كميم ، لا يسع أحداً التخمف عنو ، كما
قال تعالى : ) انفِرُوا خِ فَافًا وَثِقَالا ) ] التوبة : [ ، ثم
بعد ذلك رخص لأىل الأعذار ، ونزل قولو : ) وَمَا كَانَ
الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) ] التوبة : [ ، روي ذلك
عن ابن عباس وغيره ، وحينئذ فيحتمل جعل النبي
) أفضل الأعمال بعد الإيمان الجياد معنيين :
أحدىما : أن يقال : إنما كان ذلك حيث كان الجياد
فرض عين ، فكان حينئذ أفضل الأعمال بعد الإيمان ،
وقريناً لو ، فمما نزلت الرخصة وصار الجياد فرض
كفاية تاخر عن فرض الأعيان .
وقد اختمف ابن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص في
عد الجياد من ف ا رئض الإسلام ، فعده عبد الله بن عم رو
منيا بعد الحج ، وأنكر ذلك ابن عمر عميو ، وقال :
ف ا رئضو تنتيي إلى الحج .
وقد روى اختلافيما في ذلك أبو عبيد في " كتاب الناسخ
والمنسوخ " وغيره .
وعد حذيفة بن اليمان الجياد من سيام الإسلام ، والأمر

67. بالمعروف والنيي عن المنكر ، وأضافيما إلى مباني
الإسلام الخمس ، وجعميا ثمانية سيام ، وكأنو
)ٗٗ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
جعل الشيادتين سيمين .
والثاني - وىو أشبو - : أن النبي ) كان إذا سئل عن
أفضل الأعمال ، فتارةً يذكر الإيمان بالله ورسولو لدخولو
في مسمى الأعمال ، كما سبق تقريره ، وتارة يذكر
أعمال الجوارح ؛ لأن المتبادي إلى الفيم عند ذكر
الأعمال مع الإطلاق أعمال الجوارح ، دون عمل القمب
والمسان ، فكان إذا تبين لو أن ذلك ىو م ا رد السائل ذكر
الصلاة لو ، كما ذكرىا في حديث ابن مسعود ىذا ؛ فإن
الصلاة أفضل أعمال الجوارح ، وحيث اجاب بذكر
الإيمان أو بذكر الصلاة ، فإنما مقصوده التمثيل بأفضل
مباني الإسلام ، وم ا رده المباني بجممتيا ؛ فإن المباني

68. الخمس كالشيء الواحد ، وكل من دخل في الإسلام
بالإق ا رر بالشيادتين أو بالصلاة - عمى أ ري من يرى
فعميا إسلاماً - ، فإنو يؤمر ببقية المباني ، ويمزم بذلك
، ويقاتل عمى تركو .
وفي حديث خرجو الإمام أحمد . أن النبي ) قال :
) ) أربع فرضين الله في الإسلام ، فمن أتى بثلاث لم
يغنين عنو شيئاً حتى يأتي بين جيمعاً : الصلاة ،
والزكاة ، وصيام رمضان ، ] وحج البيت [ ( ( .
وفي حديث آخر : ) ) الدين خمس لا يقبل الله منين
شيئاً دون شيء ( ( - فذكر مباني الإسلام الخمس ،
وأن من أتى ببعضيا دون بعض لم يقبل منو .
ونفي القبمول ليا بمعنى نفي الرضا بذلك واستكمال
الثواب عميو ، وحينئذٍ
)٘ٗ /ٖ (

69. """""" صفحة رقم ٙ """"""
فذكر بعض المباني مشعر بالباقي منيا ، فكان النبي
) تارة يكتفي في جواب من سالو عن أفضل الأعمال
بالشيادتين ، وتارة بالصلاة ، وم ا رده في كلا الجوأبين
سائر المباني ، لكنو خص بالذكر أشرفيا ، فكأنو قال :
الشيادتان وتوابعيما ، والصلاة وتوابعيا ولوازميا ، وىو
بقية المباني الخمس .
ويشيد ليذا : قول النبي ) : ) ) أمرت أن أقاتل الناس
حتى يقولوا لا إلو إلا الله ، فإذا قالوىا عصموا مني
دماءىم وأمواليم ( ( .
فتوىم طائفة من الصحابة أن م ا رده أن مجرد ىذه الكممة
يعصم الدم حتى توقفوا في قتال من منع الزكاة ، حتى
بين ليم أبو بكر - ورجع الصحابة إلى قولو - : أن
الم ا رد : الكممتان بحقوقيما ولوازميما ، وىو الإتيان ببقية
مباني الإسلام .
وقد تبين صحة قوليم بروايات أخر تصرح بإضافة إقام
الصلاة وايتاء الزكاة إلى الشيادتين في شرط عصمة

70. الدم .
وكذلك قولو ) : ) ) من قال : لا إلو إلا الله لم تمسو
النار - أو دخل الجنة ( ( .
إنما أ ا رد الشيادتين بموازميما وتوابعيما ، وىو الإتيان
ببقية أركان الإسلام ومبانيو .
وفي حديث ابن مسعود قدم بر الوالدين عمى الجياد
إشارة إلى أن حقوق العباد اللازمة التي ىي من فروض
الأعيان تقدم عمى التطوع بالجياد .
وحديث أبي ىريرة وأبي ذر فييما اقت ا رن الجياد بالإيمان
، لكنو في حديث أبي ىريرة جعمو بعد الإيمان ، وجعل
بعده الحج المبرور ، فيحتمل أن يقال :
) /ٖٙ (ٗ
"""""" صفحة رقم ٚ """"""
كان ذلك في زمان كان الجياد فيو فرض عين ، فكان
مقدماً عمى الحج ، ويحتمل أن يقال : قد فيم دخول

71. الحج من ذكر الإيمان بالله ورسولو ؛ لأن ذلك يتبعو
بقية مباني الإسلام ، ومنيا الحج ، لا سيما وقد تقرر
في أول الكتاب أن الإيمان قول وعمل ويكون الم ا رد بو
جياد المتطوع .
وىذا أشبو بقواعد الشريعة ؛ فإن من معو مال ، وعميو
زكاة أو حج ، وأ ا رد التطوع بالجياد ، فإنو لا خلاف أنو
يقدم الزكاة والحج عمى التطوع بالجياد ، كما قال عبد
الله بن عمرو بن العاص : حجة قبل الغزو أفضل من
عشر غزوات ، وغزوة بعد حجة أفضل من عشر
حجات .
وروي - مرفوعا - من وجوه في أسانيدىا مقال .
فتبين بيذا التقرير أن الأحاديث كميا دالة عمى أن
أفضل الأعمال الشيادتان مع توابعيما ، وىي بقية
مباني الإسلام ، أو الصلاة مع توابعيا - أيضا - من
ف ا رئض الأعيان التي ىي من حقوق الله عز وجل ، ثم
يمي ذلك في الفضل حقوق العباد التي ىي من فروض
الأعيان ، كبر الوالدين ، ثم بعد ذلك ] أعمال [ التطوع

72. المقربة إلى الله ، وأفضميا الجياد .
وفي حديث أبي ىريرة تأخير الحج عن الجياد ، ولعمو
إنما ذكره بعد الجياد حيث كان الحج تطوعاً ، فإن
الصحيح أن فرضو تأخر إلى عام الوفود .
وقد يقال : حديث أبي ىريرة دل عمى أن جنس الجياد
أشرف من جنس الحج ، فإن عرض لمحج وصف يمتاز
بو عمى الجياد وىو كونو فرض عين ، كان ذلك الحج
المخصوص أفضل من الجياد ، والا فالجياد أفضل
منو .
) /ٖٚ (ٗ
"""""" صفحة رقم ٛ """"""
فيذه الثلاثة المذكورة في ىذا الحديث ىي أ رس الإسلام
وعموده وذروة سنامو ، كما في حديث معاذ : ) ) ف أ رسو
الشيادتان ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامو
الجياد ( ( .

73. والجياد أفضل ما تطوع بو من الأعمال ، عمى ما دلت
عميو النصوص الصحيحة الكثيرة ، وىو مذىب الإمام
أحمد .
وفي " الصحيحين " عن أبي سعيد ، عن النبي ) ،
قال : ) ) أفضل الناس مؤمن آخذ بعنان فرسو في سبيل
الله ، ثم رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد ربو
ويدع الناس من شره ( ( .
فيذا نص في أن المجاىد أفضل من المتخمي لنوافل
العبادات من الصلاة والذكر وغير ذلك ، فأماالنصوص
التي جاءت بتفضيل الذكر عمى الجياد وغيره من
الأعمال ، وأن الذاكرين لله أفضل الناس عند الله مطمقاً
فالم ا رد بذلك أىل الذكر الكثير المستدام في أغمب
الأوقات .
وليس الذكر مما يقطع عن غيره من الأعمال كبقية
الأعمال ، بل يمكن اجتماع الذكر مع سائر الأعمال ،
فمن عمل عملاً صالحاً ، وكان أكثر لله ذك ا رً فيو من
غيره فيو أفضل ممن عمل مثل ذلك العمل من غير أن

74. يذكر الله معو .
وقد ورد في نصوص متعددة أن أفضل المصمين
والمتصدقين والمجاىدين والحاج وغيرىم من أىل
العبادات أكثرىم لله ذك ا رً .
وقد خرجو الإمام أحمد متصلاً ، وخرجو ابن المبارك
وغيره مرسلاً .
فيؤلاء أفضل الناس عند الله ، ثم يمييم الذين يذكرون
الله كثي ا رً وليس ليم نوافل من غير الذكر كالجياد وغيره
، بل يقتصرون مع الذكر عمى ف ا رئض الأعيان ،
) /ٖٛ (ٗ
"""""" صفحة رقم ٜ """"""
فيؤلاء ىم الذاكرون لله كثي ا رً ، المفضمون عمى
المجاىدين ، ويمييم قوم يقومون بالف ا رئض وبالنوافل
كالجياد وغيره من غير ذكر كثير ليم .
وانما قال النبي ) لمن سألو عما يعدل الجياد : ) ) ىل

75. تستطيع إذا خرج المجاىد أن تصوم ولا تفطر ، وتقوم
ولا تفتر ؟ ( ( . قال : لا . قال : ) ) فذلك الذي يعدل
الجياد ( ( ؛ لأنو سألو عن عمل ينشئو عند خروج
المجاىد يعادل فضل جياده .
وأماالذاكرون لله كثي ا رً ، فإنما فضموا عمى المجاىدين
بغير ذكر ؛ لأن ليم عملاً مستم ا رً دائماً قبل جياد
المجاىدين ، ومعو وبعده ، فبذلك فضموا عمى
المجاىدين بغير ذكر كثير .
وبيذا تجتمع النصوص الواردة في ذلك .
وأماحديث : ) ) خير الإسلام إطعام الطعام وافشاء
السلام ( ( فقد سبق الكلام عميو في أول الكتاب ، وأنو
ليس الم ا رد بو تفضيل ىاتين الخصمتين عمى سائر
خصال الإسلام من الشيادتين والصلاة وغيرىما ، بل
الم ا رد أن أفضل أىل الإسلام القائمين بخصالو
المفروضة من الشيادتين والصلاة والصيام والزكاة والحج
من قام بعد ذلك بإطعام الطعام وافشاء السلام .
فإن قيل : فيكون التطوع بذلك أفضل من التطوع بالجياد

76. والحج .
قيل : فيو تفصيل : فإن كان إطعام الطعام فرض عين
كنفقة من تمزم نفقتو من الأقارب فلا ريب أنو أفضل من
التطوع بالنفقة في الجياد والحج ، فإن كان تطوعاً ، فإن
كان صمة رحم فيو أفضل من الجياد والحج ، نص
عميو أحمد وكذا إن كان في عام مجاعة ونحوىا ، فيو
أفضل من الحج عند الإمام أحمد ،
) /ٖٜ (ٗ
"""""" صفحة رقم """"""
وقد يقال في الجياد كذلك إذا لم يتعين .
وىذا الكلام كمو في تفضيل بعض الأعمال عمى بعض
لذاتيا ، فأماتفضيل بعض الأعمال عمى بعض لزمانيا
أو مكانيا فإنو قد يقترن بالعمل المفضول من زمان أو
مكان ما يصير بو فاضلاً ، فيذا فيو كلام آخر نذكره
في موضع آخر - إن شاء الله سبحانو وتعالى .

77. )ٓ٘ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
ٙ - باب
الصموات الخمس كفارة لمخطايا
إذا صلاىن لوقتين في الجماعة وغيرىا
ٛ - حدثني إب ا رىيم بن حمزة : ثنا ابن أبي حازم
والد ا روردي ، عن يزيد بن عبد الله ، عن محمد بن
إب ا رىيم ، عن أبي سممة بن عبد الرحمن ، عن أبي
ىريرة ، أنو سمع النبي ) يقول : ) ) أ أ ريتم لو أن ني ا رً
بباب أحدكم يغتسل فيو كل ي وم خمساً ما تقول ذلك يبقي
من درنو ؟ ( ( قالوا : لا يبقي من درنو شيئاً . قال :
) ) فذلك مثل الصموات الخمس ، يمحو الله بيا
الخطايا ( ( .
ىذا مثل ضربو النبي ) لمحو الخطايا بالصموات الخمس
، فجعل مثل ذلك مثل من ببابو نير يغتسل فيو كل يوم

78. خمس م ا رر ، كما أن درنو ووسخو ينقى بذلك حتى لا
يبقى منو شيء ، فكذلك الصموات الخمس في كل يوم
تمحو الذنوب والخطايا حتى لا يبقى منيا شيء .
واستدل بذلك بعض من يقول : إن الصلاة تكفر الكبائر
والصغائر ، لكن الجميور القائمون بأن الكبائر لا يكفرىا
مجرد الصلاة بدون توبة ، يقولون : ىذا العم وم خص
منو الكبائر بما خرجو مسمم من حديث أبي ىريرة ، عن
النبي ) ، قال : ) ) الصموات الخمس ، والجمعة إلى
الجمعة ، ورمضان إلى رمضان مكف ا رت لما بينين ، ما
اجتنبت الكبائر ( ( .
وفيو - أيضا - : عن عثمان ، عن النبي ) ، قال :
) ) ما من امرئ مسمم تحضره صلاة مكتوبة ، فيحسن
وضوءىا وخشوعيا وركوعيا ؛ إلا كانت كفارةً لما
)ٔ٘ /ٖ (

79. """""" صفحة رقم """"""
قبميا من الذنوب ، ما لم تؤت كبيرة وكذلك الدىر
كمو ( ( .
وخرج النسائي وابن حبان والحاكم من حديث أبي سعيد
وأبي ىريرة ، عن النبي ) ، قال : ) ) والذي نفسي بيده
، ما من عبد يصمي الصموات الخمس ويصوم رمضان
ويخرج الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت لو أبواب
الجنة ، ثم قيل لو : ادخل بسلام ( ( .
وخرج الإمام أحمد والنسائي من حديث أبي أيوب ، عن
النبي ) معناه - أيضا .
وقال ابن مسعود : الصموات الخمس كفا ا رت لما بينين
ما اجتنبت الكبائر .
وروي عنو مرفوعاً . والموقوف أصح .
وقال سممان : حافظوا عمى ىذه الصموات الخمس ؛
فإنين كفارة ليذه الج ا رح ، ما لم تصب المقتمة .
وقد حكى ابن عبد البر وغيره الإجماع عمى ذلك ، وأن
الكبائر لا تكفر بمجرد الصموات الخمس ، وانما تكفر

80. الصموات الخمس الصغائر خاصة .
وقد ذىب طائفة من العمماء ، منيم : أبو بكر عبد
العزيز بن جعفر من أصحابنا - إلى أن اجتناب الكبائر
شرط لتكفير الصموات الصغائر ، فإن لم تجتنب الكبائر
لم تكفر الصموات شيئاً من الصغائر ، وحكاه ابن عطية
في " تفسيره " عن جميور أىل السنة ؛ لظاىر قولو :
) ) ما اجتنبت الكبائر ( ( .
والصحيح الذي ذىب إليو كثير من العمماء ، ورجحو
ابن عطية ، وحكاه عن
)ٕ٘ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
الحذاق : أن ذلك ليس بشرط ، وأن الصموات تكفر
الصغائر مطمقاً إذا لم يصر عمييا ، فإنيا بالإص ا رر
عمييا تصير من الكبائر .
وحديث أبي ىريرة الذي خرجو البخاري في ىذا الباب

81. وغيره من الأحاديث يدل عمى ذلك ، وقد ذكر البخاري
في تبويبو عميو أن صلاتين في وقتين شرط لتكفير
الخطايا ، وأخذ ذلك من قول النبي ) : ) ) يغتسل فيو
كل يوم خمساً ( ( ، وىذا يدل عمى تفريق الصموات
خمس م ا رر في كل يوم وليمة ، ومن جمع بينيما في
وقت واحد أو في وقتين أو ثلاثة لغير عذر لم يحصل
منو ىذا التفريق ولا تكرير الاغتسال ، وىو بمنزلة من
اغتسل مرة أو مرتين أو ثلاثاً .
وحديث عثمان الذي خرجو مسمم يدل عمى أن كل صلاة
تكفر ذنوب ما بينيما وبين الصلاة الأخرى خاصة ، وقد
ورد مصرحاً بذلك في أحاديث كثيرة .
وحينئذ ؛ فمن ترك صلاة إلى وقت صلاة أخرى لغير
عذر وجمع بينيما فلا يتحقق أن ىاتين الصلاتين
المجموعتين في وقت واحد لغير عذر يكف ا رن ما مضى
من الذنوب في الوقتين معاً ، وانما يكون ذلك إن كان
الجمع لعذر يبيح الجمع .
وتمثيمو ) بالنير ىو مبالغة في إنقاء الدرن ؛ فإن النير

82. الجاري يذىب الدرن الذي غسل فيو ولا يبقى لو فيو أثر
، بخلاف الماء ال ا ركد ؛ فإن الدرن الذي غسل فيو يمكث
في الماء ، وربما ظير مع كثرة الاغتسال فيو عمى طول
الزمان ؛ وليذا روي النيي عن الاغتسال في الماء الدائم
كما سبق ذكره في الطيارة .
وفي " صحيح مسمم " من حديث الأعمش ، عن أبي
سفيان ، عن جابر ، عن النبي ) ، قال : ) ) مثل
الصموات الخمس كمثل نير جار غمر عمى باب أحدكم
يغتسل فيو كل يوم خمس م ا رت ( ( . قال : قال
الحسن : وما يبقى ذلك من الدرن .
)ٖ٘ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
وقد روي عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن عبيد بن
عمير ، عن النبي ) - مرسلاً .
قال أبو حاتم : كذلك أرسمو الحفاظ ، وىو أشبو .

83. وروي تشبيو الصموات بخمس أنيار .
خرجو ابن جرير الطبري والطب ا رني والب ا زر من طريق
يحيى بن أيوب : وحدثني عبد الله بن قريط ، أن عطاء
بن يسار حدثو ، أنو سمع أبا سعيد الخد ري يحدث ، أنو
سمع رسول الله ) يقول : ) ) الصموات الخمس كفارة ما
بينيما ( ( . وقال رسول الله ) : ) ) أ أ ريت لو أن رجلاً
كان لو معتمل ، وبين منزلو ومعتممو خمسة أنيار ، فإذا
انطمق إلى معتممو عمل ما شاء الله ، فأصابو الوسخ
والعرق ، فكمما مر بنير اغتسل ما كان ذلك مبقياً من
درنو ، فكذلك الصموات ، كمما عمل خطيئة أو ما شاء
الله ، ثم صمى صلاة فدعا واستغفر غفر لو ما كان
قبميا ( ( .
وخرج الب ا زر نحوه - أيضا - من طريق عمر بن
صيبان ، عن زيد بن أسمم ، عن عطاء بن يسار ، عن
أبي سعيد ، عن النبي ) .
وىذه متابعة لابن قريط ، ولكن ابن صيبان فيو ضعف
شديد .

84. وأمااستنباط البخاري : أن ىذا التكفير لا يشترط لو أن
تكون الصلاة في جماعة ، فإنو أخذه من قولو ) ) بباب
أحدكم ( ( ، ومن صمى في بيتو فيو كمن صمى في
باب منزلو .
ولقائل أن يقول : لو كان الأمر عمى ذلك لجعل النير
في المنزل ، فمما جعمو ببابو دل عمى أنو خارج من بيتو
، ففيو إشارة إلى الصلاة في المساجد ،
)ٗ٘ /ٖ (
"""""" صفحة رقم """"""
وان قربت من المنازل .
وحديث أبي سعيد صريح في أن النير بين المنزل وبين
المعتمل ، وىو المكان الذي يعمل فيو المرء عممو
وينتشر فيو لمصالح اكتسابو ونحو ذلك .
وىذا مما يدل عمى أن الم ا رد بالدرن الصغائر التي

85. تصيب الأنسان في كسبو ومعاشو ومخالطتو لمناس
المخالطة المباحة .
)٘٘ /ٖ (
"""""" صفحة رقم ٙ """"""
ٚ - باب
في تضييع الصلاة عن وقتيا
ٜ - حدثنا موسى بن إسماعيل : ثنا ميدي ، عن
غيلان ، عن أنس ، قال : ما أعرف شيئاً مما كان عمى
عيد رسول الله ) قيل : الصلاة ؟ قال : أليس ضيعتم ما
ضيعتم فييا ؟
- حدثنا عمرو بن ز ا ررة : ثنا عبد الواحد بن
واصل أبو عبيدة الحداد ، عن عثمان بن أبي رواد أخي
عبد العزيز ، قال : سمعت الزىري يقول : دخمت عمى
أنس بن مالك بدمشق وىو يبكي ، فقمت : ما يبكيك ؟
فقال : لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا ىذه الصلاة ،