ثلاثون شهرا مرت بين وصول نابليون بونابرت إلى منطقة العجمي غرب الإسكندرية في 2 يوليو 1798م وبين وصول محمد علي إلى ميناء الإسكندرية في الأول من ديسمبر 1800م. شهدت هذه الشهور الثلاثون من الأحداث على المستوى الدولي ما تسبب –مع عوامل أخرى- في وصول محمد علي إلى مصر ليبدأ فصل جديد في تاريخ هذه الأمة يُسجل فيه خطوات بناء الدولة الحديثة. كانت الإسكندرية أول مدينة تستقبله شاباً يافعاً، كما كانت المدينة التي يُفارق فيها الحياة لتودعه كهلاً في 2 أغسطس 1849م ويُسجى جثمانه في بهو القصر ويقف أمامه إبنه سعيد باشا يتلقى العزاء من قناصل الدول، ثم يُنقل الجثمان من قصر رأس التين إلى مركب بخاري يمخر عباب ترعة المحمودية التي كان قد أمر بحفرها وليوضع جثمانه في مسجد القلعة حيث رغب أن يُدفن هناك. ويتم الدفن في مدفنه الرخامي المرمري بهدوء وسكينة يوم 4 أغسطس بلا مواكب أو مراسم بناء على تعليمات الخديوي عباس الأول.
ثلاثون شهرا مرت بين وصول نابليون بونابرت إلى منطقة العجمي غرب الإسكندرية في 2 يوليو 1798م وبين وصول محمد علي إلى ميناء الإسكندرية في الأول من ديسمبر 1800م. شهدت هذه الشهور الثلاثون من الأحداث على المستوى الدولي ما تسبب –مع عوامل أخرى- في وصول محمد علي إلى مصر ليبدأ فصل جديد في تاريخ هذه الأمة يُسجل فيه خطوات بناء الدولة الحديثة. كانت الإسكندرية أول مدينة تستقبله شاباً يافعاً، كما كانت المدينة التي يُفارق فيها الحياة لتودعه كهلاً في 2 أغسطس 1849م ويُسجى جثمانه في بهو القصر ويقف أمامه إبنه سعيد باشا يتلقى العزاء من قناصل الدول، ثم يُنقل الجثمان من قصر رأس التين إلى مركب بخاري يمخر عباب ترعة المحمودية التي كان قد أمر بحفرها وليوضع جثمانه في مسجد القلعة حيث رغب أن يُدفن هناك. ويتم الدفن في مدفنه الرخامي المرمري بهدوء وسكينة يوم 4 أغسطس بلا مواكب أو مراسم بناء على تعليمات الخديوي عباس الأول.
ليس من الجديد القول بأن صغار الفلاحين والمُعدمين منهم هم عصب الزراعة المصرية، فهم المصدر الأول لقوة العمل المطلوبة في النشاط الزراعي. فنقدم في هذه الدراسة تشريحاً لطبقة صغار مُلاّك الأراضي الزراعية، وكذلك المحرومين منها والذين نُطلق عليم اسم المُعدمين. بدءاً من الجدل الذي ثار حول هذا التعريف بعد صدور الميثاق الوطني عام 1962م. كما نقدم رصداً لمعاناة هؤلاء المواطنين بدءاً من فرض السُخرة عليهم، إلى الدفع بهم في الصفوف الأولى لأتون الحرب، ثم معاناتهم مع تراكم الديون والتي غالباً ما تنتهي بانتزاع ملكية الأرض متهم.
رغم هذه المُعاناة تقدم الفلاحون بالعديد من الشكاوى، نعرض بعضاً منها هنا إلى جميع الوزارات التي تعاقبت على حكم البلاد، لكن لا حياة لمن تٌنادي لأنها كانت وزارات وبرلمانات كبار المُلاك كما أوضحنا في الدراسة السابقة.
رغم الاهتمام الكبير بالزراعة والعلوم الزراعية، وكذلك الاهتمام بالاقتصاد والعلوم الاقتصادية إلا أنه يغيب عن بال الكثيرين فرع هام من فروع علم الاقتصاد يستند إلى كل من معارف ونظريات العلوم الزراعية، ومعارف ونظريات علم الاقتصاد ألا وهو علم الاقتصاد الزراعي. وقد يعود السبب في ذلك إلى أن ذلك العلم يتم بحثه وتدريسه في كليات الزراعة وهي من الكليات العملية التي يعتقد البعض خطأً أنها لا تهتم بالعلوم الاجتماعية، فالاقتصادي الزراعي هو بالأساس مهندس زراعي مُختص في مجال الاقتصاد الزراعي وبقدر ما تُقاس كفاءته بقدرته على التحصيل والإبداع في العلوم الاقتصادية تُقاس أيضا بمدى قدرته على التحصيل والإبداع في العلوم الزراعية. ولعلم الاقتصاد الزراعي فروع عديدة من بينها: التسويق الزراعي، والتمويل الزراعي، وإدارة الأعمال المزرعية، والتنمية الزراعية، والسياسة الزراعية، واقتصاديات الموارد الزراعية التي يضم بين دفتيها موضوع هذا الكتاب وهو اقتصاديات الأراضي الزراعية. وقد تم إعداد أول محتوى لاقتصاديات الأراضي كمقرر دراسي مستقل عام 1892م على يد ريتشارد إيلي Richard T. Ely في جامعة ويسكنسن الأمريكية التي تأسس بها أول قسم علمي لاقتصاديات الأراضي عام 1919م.
لما كانت حيازة الأرض هي إطار النشاط الإنتاجي الزراعي سواء بعمل الفلاحين كمنتجين مباشرين، أو باستخدام العمل المأجور؛ فان دراسة الاقتصاد الزراعي يجب أن تقوم علي الحيازة وليس على الملكية، مع عدم إهمال ملكية الأرض على اعتبار أنها أساس الدخل الريعي للملاك. لذلك نحاول في هذه الدراسة إعادة بحث الموضوع انطلاقا من تلك الفكرة واستنادا إلي الوثائق والدراسات العلمية في محاولة للتعرف على تطور أشكال حيازة الأراضي الزراعية في مصر منذ نشأة الدولة المصرية القديمة إلى نهاية القرن التاسع عشر، بما في ذلك مجمل حقوق الملكية والتي تتضمن بالإضافة لحق الرقبة حق الانتفاع، وحق الإرث، وحق الرهن، وحق الوقف، وحق الهبة. وتستمر الدراسة وصولاً للإقرار القانوني للملكية الفردية للأرض الزراعية عند نهاية القرن التاسع عشر، مع التركيز على الأشكال الثلاث لحيازة الأرض الزراعية التي استمرت طوال التاريخ المصري المكتوب مع تغير نسبها، وهي: حيازة الدولة ، وحيازة المؤسسات الدينية "الأوقاف"، وحيازة الأفراد. وسنحاول هيكلة أنماط الحيازة في عرض جدولي لكل مرحلة بحيث يمكن تتبع أصول كل نمط في المرحلة السابقة عليه. أما التقدير النسبي لمساحة الحيازات فقد استند إلى استقراء الوقائع "الاقتصادية- الاجتماعية" لكل مرحلة حيث لا تتوفر بيانات إحصائية.
من المعروف أن هناك العديد من الدراسات التي اهتمت بموضوع ملكية الأرض الزراعية وحيازتها نظراً لأنه يُشكل إحدى القضايا المحورية عند دراسة علاقات الإنتاج في الريف المصري. إلا أن هذه الدراسات تميزت بظاهرتين أحدثتا ضررا بالغا بالموضوع: الظاهرة الأولى تمثلت في الانحياز الأيدلوجي المُسبق لغالبية الباحثين نحو فكرة انعدام الملكية الخاصة للأرض الزراعية استنادا إلي مقولة الحق الإلهي للفرعون في وراثة كل مصر، وامتداد آثار تلك المقولة إلى نهاية القرن الثامن عشر. ويمكن هنا التفرقة بين مدرستين، استندت الأولي لفكرة التطور التاريخي للمجتمعات و
ليس الأستعمار مجرد رايات اجنبية ترفع على ربوع هذا الوطن بل هو ايضا وفي الدرجة الاولى سيطرة اقتصادية فرضتها الدول الرأسمالية الكبرى على تلك البلاد الصغيرة التي لم تمكنها ظروفها التاريخية من تمزيق الاطار الاقطاعي
تعرض نموذج سولو للعديد من الانتقادات والتي كان من أهمها:
- إهمال النموذج لمدى تأثير الاستثمار على النمو، مع تركيزه على مدى تأثير نسبة الإحلال بين رأس المال والعمل.
- أهمل سولو مدى تأثير التغير التكنولوجي وأبقاه خارج النموذج رغم أهميته الكبيرة.
- افتراض النموذج لتماثل السلع افتراض غير واقعي خاصة في السلع الرأسمالية.
- افتراض الاقتصاد المُغلق وسيادة المنافسة الكاملة أمر بعيد عن الواقع، ويكون أكثر ابتعاداً في البلدان المتخلفة.
رغم هذه الجاذبية التي تمتع بها نموذج ميد بوصفه أحد ممثلي النيو كلاسيك إلا أنه تعرض لعدد من الملاحظات الناقدة على النحو التالي:
- أن النموذج يفترض اقتصاد مغلق، لا دور فيه للتجارة الخارجية. مع إهمال الدور المؤسسي في المجتمع.
- تم بناء النموذج على أساس الافتراض التقليدي بسيادة سوق المنافسة الكاملة، وهو افتراض نظري لا وجود له في الواقع العملي.
- ثبات العوائد للسعة، وهو أحد الافتراضات الأساسية لدى النيو كلاسيك، وهو أيضاً افتراض نظري غير واقعي.
- افتراض أن السياسة النقدية كفيلة بالمحافظة على ثبات أسعار السلع الاستهلاكية، وان تغير معدلات الجور النقدية كفيل بتحقيق العمالة الكاملة.
- افترض النموذج تشابه جميع الآلات، وأن هناك إحلال كامل بين هذه الآلات وبعضها البعض. ولم يفرق النموذج بين إحلال الآلات في الزمن القصير وإحلالها في الزمن الطويل. كما اتسم النموذج الرياضي المستخدم بالبدائية، ولا يصف العديد من العلاقات الواردة به، لذلك جاء قاصراً عن تقديم العديد من البدائل.
على الرغم من كل التحفظات فإن نموذج هارود - دومار لا يزال بعد مرور أكثر من خمسون عاماً عليه أكثر النماذج استخداماً، كما أنه هام للغاية عند توضيح علاقة التداخل بين الأهداف الكلية للدخل والاستثمار والادخار وتأثيرها على معدل النمو. كما تعرض النموذج نفسه للتعديل ومحاولات ضبط حساب المتغيرات.
استغرقت هذه المرحلة أربع سنوات بدأت بعد أحداث النصف الثاني من عام 1956م وهي تُمثل بداية الصدام المُباشر مع رأس المال الأجنبي، فبعد سحب البنك الدولي تمويله لمشروع السد العالي نتيجة للضغوط الأمريكية والبريطانية عليه بسبب رفض مصر الإنضمام لحلف بغداد وكذلك رفضها لنظرية ملئ الفراغ التي أعلنها جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأمريكي قام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس البحرية أثناء إلقائه خطاباً عاماً في الإسكندري يوم 26 يوليو 1956م. بعدها مباشرة بدأت بريطانيا وفرنسا اللتان تملكان الجزء الأكبر من أسهم الشركة التخطيط للهجوم العسكري على مصر الذي بدأ في 28 أكتوبر 1956م. بعد إنضمام إسرائيل إليهما فيما عُرِف بالعدوان الثلاثي والذي انتهى بانسحاب القوات المعتدية في 23 ديسمبر من نفس العام. في أثناء ذلك قامت الدولتان بتجميد الأرصدة المصرية في الخارج، كما سحبت التمويل الداخلي للقطن، والتمويل الخارجي للواردات المصرية مما أحدث هزة عميقة للاقتصاد القومي.
خلال هذه الفترة الممتدة عبر أربع سنوات يُمكن بسهولة رصد خطين متوازنين، تمثل الأول في تشجيع رأس المال المحلي والأجنبي للإقدام على المشروعات الاستثمارية، وتمثل الثاني في تأسيس مؤسسات اقتصادية للإشراف على هذا الإستثمار
يأتي هذا المقال في محاولة لتلمس نشأة بذور التخطيط الاقتصادي في مصر نظراً لأنه كان يُعَد من المصطلحات الحديثة في ذلك الوقت، وكذلك نظراً لانتشار مقولة أن مصر لم تعرف التخطيط الاقتصادي قبل عام 1960م. لن نتطرق هنا للأوضاع الاقتصادية في مصر قبيل ثورة يوليو 1952م لأنه يُمكن الإحالة إلى كتابين غاية في الأهمية قام المؤلف بترجمتهما ونشرهما خلال هذا العام اختص الأول بفترة العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين ، واختص الثاني بفترة الأربعينات من نفس القرن . ويختصان بهذا الموضوع. لكنهما لم يتطرقا لموضوع التخطيط الاقتصادي. فقد شهد الاقتصاد المصري عند الربع الثاني من القرن العشرين عدة محاولات لتحقيق الرشادة الاقتصادية على المستوى القومي economic Rationality بهدف تحقيق حد أدنى من الاستقرار الاجتماعي وضمان لاستمرارية عمل آليات النظام الاقتصادي القائم.
ليس من الجديد القول بأن صغار الفلاحين والمُعدمين منهم هم عصب الزراعة المصرية، فهم المصدر الأول لقوة العمل المطلوبة في النشاط الزراعي. فنقدم في هذه الدراسة تشريحاً لطبقة صغار مُلاّك الأراضي الزراعية، وكذلك المحرومين منها والذين نُطلق عليم اسم المُعدمين. بدءاً من الجدل الذي ثار حول هذا التعريف بعد صدور الميثاق الوطني عام 1962م. كما نقدم رصداً لمعاناة هؤلاء المواطنين بدءاً من فرض السُخرة عليهم، إلى الدفع بهم في الصفوف الأولى لأتون الحرب، ثم معاناتهم مع تراكم الديون والتي غالباً ما تنتهي بانتزاع ملكية الأرض متهم.
رغم هذه المُعاناة تقدم الفلاحون بالعديد من الشكاوى، نعرض بعضاً منها هنا إلى جميع الوزارات التي تعاقبت على حكم البلاد، لكن لا حياة لمن تٌنادي لأنها كانت وزارات وبرلمانات كبار المُلاك كما أوضحنا في الدراسة السابقة.
رغم الاهتمام الكبير بالزراعة والعلوم الزراعية، وكذلك الاهتمام بالاقتصاد والعلوم الاقتصادية إلا أنه يغيب عن بال الكثيرين فرع هام من فروع علم الاقتصاد يستند إلى كل من معارف ونظريات العلوم الزراعية، ومعارف ونظريات علم الاقتصاد ألا وهو علم الاقتصاد الزراعي. وقد يعود السبب في ذلك إلى أن ذلك العلم يتم بحثه وتدريسه في كليات الزراعة وهي من الكليات العملية التي يعتقد البعض خطأً أنها لا تهتم بالعلوم الاجتماعية، فالاقتصادي الزراعي هو بالأساس مهندس زراعي مُختص في مجال الاقتصاد الزراعي وبقدر ما تُقاس كفاءته بقدرته على التحصيل والإبداع في العلوم الاقتصادية تُقاس أيضا بمدى قدرته على التحصيل والإبداع في العلوم الزراعية. ولعلم الاقتصاد الزراعي فروع عديدة من بينها: التسويق الزراعي، والتمويل الزراعي، وإدارة الأعمال المزرعية، والتنمية الزراعية، والسياسة الزراعية، واقتصاديات الموارد الزراعية التي يضم بين دفتيها موضوع هذا الكتاب وهو اقتصاديات الأراضي الزراعية. وقد تم إعداد أول محتوى لاقتصاديات الأراضي كمقرر دراسي مستقل عام 1892م على يد ريتشارد إيلي Richard T. Ely في جامعة ويسكنسن الأمريكية التي تأسس بها أول قسم علمي لاقتصاديات الأراضي عام 1919م.
لما كانت حيازة الأرض هي إطار النشاط الإنتاجي الزراعي سواء بعمل الفلاحين كمنتجين مباشرين، أو باستخدام العمل المأجور؛ فان دراسة الاقتصاد الزراعي يجب أن تقوم علي الحيازة وليس على الملكية، مع عدم إهمال ملكية الأرض على اعتبار أنها أساس الدخل الريعي للملاك. لذلك نحاول في هذه الدراسة إعادة بحث الموضوع انطلاقا من تلك الفكرة واستنادا إلي الوثائق والدراسات العلمية في محاولة للتعرف على تطور أشكال حيازة الأراضي الزراعية في مصر منذ نشأة الدولة المصرية القديمة إلى نهاية القرن التاسع عشر، بما في ذلك مجمل حقوق الملكية والتي تتضمن بالإضافة لحق الرقبة حق الانتفاع، وحق الإرث، وحق الرهن، وحق الوقف، وحق الهبة. وتستمر الدراسة وصولاً للإقرار القانوني للملكية الفردية للأرض الزراعية عند نهاية القرن التاسع عشر، مع التركيز على الأشكال الثلاث لحيازة الأرض الزراعية التي استمرت طوال التاريخ المصري المكتوب مع تغير نسبها، وهي: حيازة الدولة ، وحيازة المؤسسات الدينية "الأوقاف"، وحيازة الأفراد. وسنحاول هيكلة أنماط الحيازة في عرض جدولي لكل مرحلة بحيث يمكن تتبع أصول كل نمط في المرحلة السابقة عليه. أما التقدير النسبي لمساحة الحيازات فقد استند إلى استقراء الوقائع "الاقتصادية- الاجتماعية" لكل مرحلة حيث لا تتوفر بيانات إحصائية.
من المعروف أن هناك العديد من الدراسات التي اهتمت بموضوع ملكية الأرض الزراعية وحيازتها نظراً لأنه يُشكل إحدى القضايا المحورية عند دراسة علاقات الإنتاج في الريف المصري. إلا أن هذه الدراسات تميزت بظاهرتين أحدثتا ضررا بالغا بالموضوع: الظاهرة الأولى تمثلت في الانحياز الأيدلوجي المُسبق لغالبية الباحثين نحو فكرة انعدام الملكية الخاصة للأرض الزراعية استنادا إلي مقولة الحق الإلهي للفرعون في وراثة كل مصر، وامتداد آثار تلك المقولة إلى نهاية القرن الثامن عشر. ويمكن هنا التفرقة بين مدرستين، استندت الأولي لفكرة التطور التاريخي للمجتمعات و
ليس الأستعمار مجرد رايات اجنبية ترفع على ربوع هذا الوطن بل هو ايضا وفي الدرجة الاولى سيطرة اقتصادية فرضتها الدول الرأسمالية الكبرى على تلك البلاد الصغيرة التي لم تمكنها ظروفها التاريخية من تمزيق الاطار الاقطاعي
تعرض نموذج سولو للعديد من الانتقادات والتي كان من أهمها:
- إهمال النموذج لمدى تأثير الاستثمار على النمو، مع تركيزه على مدى تأثير نسبة الإحلال بين رأس المال والعمل.
- أهمل سولو مدى تأثير التغير التكنولوجي وأبقاه خارج النموذج رغم أهميته الكبيرة.
- افتراض النموذج لتماثل السلع افتراض غير واقعي خاصة في السلع الرأسمالية.
- افتراض الاقتصاد المُغلق وسيادة المنافسة الكاملة أمر بعيد عن الواقع، ويكون أكثر ابتعاداً في البلدان المتخلفة.
رغم هذه الجاذبية التي تمتع بها نموذج ميد بوصفه أحد ممثلي النيو كلاسيك إلا أنه تعرض لعدد من الملاحظات الناقدة على النحو التالي:
- أن النموذج يفترض اقتصاد مغلق، لا دور فيه للتجارة الخارجية. مع إهمال الدور المؤسسي في المجتمع.
- تم بناء النموذج على أساس الافتراض التقليدي بسيادة سوق المنافسة الكاملة، وهو افتراض نظري لا وجود له في الواقع العملي.
- ثبات العوائد للسعة، وهو أحد الافتراضات الأساسية لدى النيو كلاسيك، وهو أيضاً افتراض نظري غير واقعي.
- افتراض أن السياسة النقدية كفيلة بالمحافظة على ثبات أسعار السلع الاستهلاكية، وان تغير معدلات الجور النقدية كفيل بتحقيق العمالة الكاملة.
- افترض النموذج تشابه جميع الآلات، وأن هناك إحلال كامل بين هذه الآلات وبعضها البعض. ولم يفرق النموذج بين إحلال الآلات في الزمن القصير وإحلالها في الزمن الطويل. كما اتسم النموذج الرياضي المستخدم بالبدائية، ولا يصف العديد من العلاقات الواردة به، لذلك جاء قاصراً عن تقديم العديد من البدائل.
على الرغم من كل التحفظات فإن نموذج هارود - دومار لا يزال بعد مرور أكثر من خمسون عاماً عليه أكثر النماذج استخداماً، كما أنه هام للغاية عند توضيح علاقة التداخل بين الأهداف الكلية للدخل والاستثمار والادخار وتأثيرها على معدل النمو. كما تعرض النموذج نفسه للتعديل ومحاولات ضبط حساب المتغيرات.
استغرقت هذه المرحلة أربع سنوات بدأت بعد أحداث النصف الثاني من عام 1956م وهي تُمثل بداية الصدام المُباشر مع رأس المال الأجنبي، فبعد سحب البنك الدولي تمويله لمشروع السد العالي نتيجة للضغوط الأمريكية والبريطانية عليه بسبب رفض مصر الإنضمام لحلف بغداد وكذلك رفضها لنظرية ملئ الفراغ التي أعلنها جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأمريكي قام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس البحرية أثناء إلقائه خطاباً عاماً في الإسكندري يوم 26 يوليو 1956م. بعدها مباشرة بدأت بريطانيا وفرنسا اللتان تملكان الجزء الأكبر من أسهم الشركة التخطيط للهجوم العسكري على مصر الذي بدأ في 28 أكتوبر 1956م. بعد إنضمام إسرائيل إليهما فيما عُرِف بالعدوان الثلاثي والذي انتهى بانسحاب القوات المعتدية في 23 ديسمبر من نفس العام. في أثناء ذلك قامت الدولتان بتجميد الأرصدة المصرية في الخارج، كما سحبت التمويل الداخلي للقطن، والتمويل الخارجي للواردات المصرية مما أحدث هزة عميقة للاقتصاد القومي.
خلال هذه الفترة الممتدة عبر أربع سنوات يُمكن بسهولة رصد خطين متوازنين، تمثل الأول في تشجيع رأس المال المحلي والأجنبي للإقدام على المشروعات الاستثمارية، وتمثل الثاني في تأسيس مؤسسات اقتصادية للإشراف على هذا الإستثمار
يأتي هذا المقال في محاولة لتلمس نشأة بذور التخطيط الاقتصادي في مصر نظراً لأنه كان يُعَد من المصطلحات الحديثة في ذلك الوقت، وكذلك نظراً لانتشار مقولة أن مصر لم تعرف التخطيط الاقتصادي قبل عام 1960م. لن نتطرق هنا للأوضاع الاقتصادية في مصر قبيل ثورة يوليو 1952م لأنه يُمكن الإحالة إلى كتابين غاية في الأهمية قام المؤلف بترجمتهما ونشرهما خلال هذا العام اختص الأول بفترة العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين ، واختص الثاني بفترة الأربعينات من نفس القرن . ويختصان بهذا الموضوع. لكنهما لم يتطرقا لموضوع التخطيط الاقتصادي. فقد شهد الاقتصاد المصري عند الربع الثاني من القرن العشرين عدة محاولات لتحقيق الرشادة الاقتصادية على المستوى القومي economic Rationality بهدف تحقيق حد أدنى من الاستقرار الاجتماعي وضمان لاستمرارية عمل آليات النظام الاقتصادي القائم.
توفى أنطونيو جرامشي منذ أكثر من ستين عاما في السابع والعشرين من أبريل 1937 نتيجة لسنوات طويلة من سوء المعاملة في سجون موسولينى، ولكن بشكل ما عانى أكثر منذ وفاته بسبب التحريف الذي حدث لأفكاره على يد هؤلاء الذين لا علاقة لهم بمبادئه الاشتراكية الثورية.
عمل جرامشى كثوري محترف منذ 1916 وحتى وفاته. بقى طوال هذه الفترة مصمما على تحويل المجتمع ثوريا من خلال الإطاحة بالدولة الرأسمالية. كان هذا هو سبب وجوده أثناء عمله كصحفي في العديد من الجرائد الاشتراكية في مقدمة الذين طالبوا الحزب الاشتراكي بعمل ثوري في النضال ضد الرأسمالية والحرب بين (1916-1918). كان هذا هو سبب توجهه إلى قلب حركة لجان المصانع في تورينو عامي 1919، 1920. كان هذا أيضا هو الذي أدى إلى المشاركة في الانشقاق عن الحزب الاشتراكي الإصلاحي وتأسيس حزب شيوعي ثوري، هذا ما دفعه لتولى مسئولية هذا الحزب بين 1924-1926، وأخيرا كان هذا هو سبب دخوله سجون موسولينى، التي حاول فيها من خلال مذكراته (مذكرات السجن) الشهيرة أن يطور أفكاره الخاصة عن المجتمع الإيطالي، عن استراتيجية وتكتيك الصراع من أجل السلطة السياسية عن بناء الحزب الثوري وعن الصحافة الثورية، كان يأمل أن تساعد هذه المذكرات الآخرين الذين يشاركونه نفس الهدف الثوري، إلا أن كتاباته قد سطا عليها هؤلاء الذين يريدون تحويل الماركسية إلى مجال دراسة أكاديمي، غير ثوري، أصبح هذا ممكن بادئ ذي بدء بسبب التحريف المنظم لأفكار جرامشى على يد الحزب الشيوعي الإيطالي.
يعتقد البعض خطأً أن المياه لم تدخل دائرة عِلم الاقتصاد إلا حديثاً وخاصة بعد ظهور أزمات الجفاف والمجاعات في العالم. وفي الواقع فإنه يُمكن النظر إلى هذه القضية من جانبين: يتمثل الجانب الأول في تناول المياه كأحد عناصر الإنتاج الزراعي الرئيسية وهو ما تناوله عِلم الاقتصاد بالبحث منذ فترة طويلة من خلال نظرية الإنتاج أو من خلال أسواق عناصر الإنتاج ومستلزماته، ويتمثل الجانب الثاني في تناول قضية المياه في استقلال نسبي كأحد فروع عِلم الاقتصاد الزراعي، وهو ما ظهر حديثاً في الاتجاه نحو تأسيس معارف نظرية تدفع ذلك الفرع نحو تكوين عِلم جديد باسم اقتصاد الموارد المائية.
تزايد حجم النزاعات الإقليمية حول المياه العذبة خلال السنوات الأخيرة سواء كان ذلك بسبب موجة الجفاف التي تجتاح مناطق كثيرة من العالم، أو بسبب ترتيبات حدودية جديدة، أو نزاعات حول زعامات إقليمية. وتشهد المنطقة العربية غالبية هذه النزاعات، حيث تُفيد البيانات الإحصائية بأن 62% من موارد المياه العربية تأتي من خارج الحدود السياسية للبلدان العربية، في الوقت الذي تُغطي فيه الصحراء 80% من مساحته الإجمالية. وتشير الإحصاءات إلى أن 90% من سكان الوطن العربي يعيشون تحت خط الفقر المائي حيث تقع البلدان العربية ضمن النطاق الجغرافي الجاف وشبه الجاف التي تقل فيها كمية الأمطار السنوية عن 250مم. كما أن نصيب المنطقة العربية من موارد العالم المائية المتجددة لا تتجاوز 0.5% رغم أنه يستأثر بنحو 10% من مساحته، و5% من عدد سكانه. ونستطيع في هذا الصدد الإشارة إلى ثلاث نزاعات متجددة في المنطقة العربية: الأولى خاصة بدول حوض النيل، والثانية خاصة بدول حوض نهري دجلة والفرات، والثالثة خاصة باستلاب إسرائيل للمياه العربية.