رسالة الفنان خالد توفيق متماسكة البنية الفكرية والوعي باللغة التشكيلية داخل النص البصري، تخلق عالمه الجديد بأسلوبية خاصة أسس بها هويته الفنية من التراث القديم
تستدعي المتلقي إلى التمعن في التناقض والتباين بمنظومة سردية بصرية .
قراءة عن الفنان خالد توفيق فنان المنظومة السردية البصرية
1. 1
خالد توفيق فنان المنظومة السردية البصرية
بقلم الدكتورة أم البنين سلاوي
4141-41- تطوان 41
الرؤية الفنية لكل فنان هي عبارة عن تحويل الانطباعات الحسية التي يتلقاها من العالم
الخارجي إلى مادات جمالية أخرى تفضي إلى أشكال بصرية جديدة بعد تفاعلها في وجدانه
يترجمها الى أشكال ورموز محسوسة على سطح اللوحة تحاور الوجدان.
من هذا المنطلق نستشعر رسالة الفنان خالد توفيق المتماسكة البنية الفكرية والوعي باللغة
التشكيلية داخل النص البصري، تخلق عالمه الجديد بأسلوبية خاصة أسس بها هويته الفنية
من التراث القديم حيث تفاعلت حضارات شتى استوحاها من مسقط رأسه، سلا المدينة
التاريخية العريقة. فنجده وكأنه يعبر عنها بحنين صوفي عميق وبلمسات حركية، عبر
أيقونة الخط العربي بوظيفته الرمزية والتزيينية، أو يضفي عليه سمة قدسية باعتباره لغة
القرآن تستقبلها العين بتركيز يعينها على استجماع النحو البصري عند انتقاله بين أجزاء
العمل في ازدواجية بصرية بين مساحات تنغيمية بالوانها الباستيلية في الخلفية، تستدعي
المتلقي بالتضاد اللوني والشكلي إلى التمعن في التناقض والتباين بمنظومة سردية بصرية
تركز على المدلول دون الانشغال بالتفاصيل.
وفى هذا الإطار البنائي التصويري أتبث لنا الفنان خالد توفيق، جدارته في اختيار المادوية
وحرفيته في التعامل مع الخامة ومعطياتها التشكيلية. حيث أجاد بمهارته في فن
السيريغرافيا تكوين خلفية اللوحة بايقونية الخط العربي المنسق قصديا بشكل عمودي يتكرر
على فضاء اللوحة وكأنه يذكرنا بالصحف والمجلات بشيفراتها الإخبارية أو على طريقة
المخطوطات المعرفية.. نسج على مساحاتها الشاسعة تعابيره التجريدية بصباغة الأكرليك
بتوافق تام وانسجام كبير بين النصين الخطي والتصويري بطريقة إبداعية ومهارة تقنية
حالت بين جمود الأخذ من التراث وارتباطه بإيديولوجية تجربة الفنان.. وبضربات الفرشاة
العفوية المصحوبة بقوة الانفعال تارة والمقصودة أخرى، بعد ترطيبها بالماء، تتحرك ترانيم
سانفونية الألوان في حركات صوفية أحيانا بين سواد تغيب فيه الألوان فيبقى الحزن المظلم
تطل عليه تدرجات أزرق الإحسان الذي يتسيد المقام في جل أعمال الفنان، يلهمه سكونا
واطمئنانا يذوب فيه الزمكان، وسرعان ما يظهر قليل من الأحمر الذي يدل على العرفان أو
البني الترابي ولطخات البنفسجي المتوهج الموحي بالتوبة فيتدفق عليهم بياض الرحمة
والصفاء ليوازن بين المتضادات المادية والروحية التي تحمل المتلقي نفسيا وبصريا في
جولة عالية عبر كل أرجاء اللوحة.
2. 2
وبهذه المميزات توحد مفردات لوحات الفنان خالد توفيق المتناثرة حسب النظرة الجشطالتية
في ترابطات كلية تفسر ببلاغة ماهية الكامن وراء تقاطعات الكتل وتحليلات الألوان التي
يحولها الى قوة رمزية تؤهله للمنطق الإيحائي بجمالية المادة وما تحيل عليها العلامة من
القدرة الواضحة على النفاذية الذهنية والوجدانية الروحية.