الموازنة العامة للدولة هى وثيقة فنية تضعها حكومات العالم لبلدانهم ترصد فيها جميع الإنفاقات الحكومية المتوقعة خلال عام قادم مقابل رصد لجميع الإيرادات الحكومية المتوقعة ، ومنها يُمكن معرفة حجم الفائض أو العجز المتوقع خلال ذلك العام. ومن بنود هذه الوثيقة تتضح ملامح السياسة الاقتصادية والاجتماعية للحكومات المختلفة ومن أهم الفروق بين الموازنة العامة للحكومات والموازنة العامة للأفراد أن الحكومات تبدأ برصد جميع بنود إنفاقها أولاً ثم تقوم بعد ذلك برصد بنود إيراداتها، وفي حالة عجز الإيرادات عن الوفاء بالمتطلبات تقوم الحكومة بوضع بند خاص خاص بمصادر سداد هذا العجز (قروض محلية- قروض أجنبية- منح وتسهيلات- .... وغيرها). أما موازنة الأفراد فتبدأ برصد مصادر الدخل الفردي أولا ثم تقوم برصد إنفاقاتها استناداً إلى هذا الدخل وفي حالة ما إذا ظهر عجز فإن كل فرد يقوم بالتصرف وفقاً لظروفه الخاصة. ماذا يعني هذا الكلام؟ إنه يعني أن الموازنة العامة للدولة هي وثيقة مُلزمة وتُعد قانوناً بعد موافقة البرلمان عليها. لذلك فهي أكثر القوانين جدلاً في جميع برلمانات العالم. بينما الموازنة الفردية غير مُلزمة حتى لمن قام بوضعا. والآن كيف تتضح معالم السياسة الاقتصادية والاجتماعية في الموازنات العامة في بنود الإنفاق على سبيل المثال يتضح حجم الإنفاق على بنود الخدمات العامة وبنود الدعم التي يستفيد منها كافة المواطنين وبنود الخدمات الاقتصادية التي يستفيد منها القادرين على سداد أثمانها فقط. وفي بنود الإيرادات يتضح الفرق بين الضرائب المباشرة التي يدفعها بعض المواطنين وهم من يحصلون على مقابل سلعة أو خدمة يحصلون عليها وبين الضرائب غير المباشرة التي تقع على كاهل جميع المواطنين . وفي الرسوم الجمركية تتضح نسب تلك الرسوم على السلع الضرورية والسلع غير الضرورية، وهكذا
وبذلك تكون الموازنة العامة للدولة وثيقة سياسية تبرز توجهات الدولة في معالجتها للمسائل العامة في شتى مناحي حياة المواطن , حيث انها تقوم بتوزيع الإنفاق قطاعياً ووظيفياً والمفترض نوعياً , بما يؤثر على المواطن وشكل حياته , وتقوم بتوزيع أعباء الإيرادات على المواطنين حالأ كما في الضرائب , أو مستقبلاً كما في القروض , أو تجنبهم ذلك عن طريق عوائد الإستثمار , لذلك فالموازنة العامة للدولة أداة لتوزيع الواجبات والحقوق على السلطات في نظام الحكم القائم .
وهنا تكمن أزمةالتوجهات في وقت الأزمةالاقتصادية والاجتماعية وأيضا السياسية، حيث أن اختياراته– عبر موازنة 2015/ 2016 –حددتتوجهاته باتخاذ إجراءات تقشفية، تتطلب التضحية بطبقات اجتماعية لصالح طبقات اجتماعية أخرى