SlideShare a Scribd company logo
1 of 365
Download to read offline
ABCDEFG 262 
الذكاء العاطفي 
تأليف: دانييل جولمان 
ترجمة: ليلـى الجبالي 
مراجعة: محمـد يونس 
X¹uJ« ‡ »«oeü«Ë ÊuMH«Ë WUI¦K wMÞu« fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WOUIŁ V² WKKÝ 
cab
X¹uJ« ‡ »«oeü«Ë ÊuMH«Ë WUI¦K wMÞu« fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WOUIŁ V² WKKÝ 
صدرت السلسلة في شعبان ١٩٩٨ بإشراف أحمد مشاري العدواني ١٩٢٣ ـ ١٩٩٠ 
ABCDEFG 
acb 
262 
الذكاء العاطفي 
تأليف: دانييل جولمان 
ترجمة: ليلى الجبالي 
مراجعة: محمد يونس 
dÐu²√ 
2000
ا واد ا نشورة في هذه السلسلة تعبر عن رأي كاتبها 
ولا تعبر بالضرورة عن رأي اﻟﻤﺠلس
M 
M 
M 
M 
تنويه: 
التحدي الأرسطي ٧ 
القسم الأول: 
ا خ الانفعالي ١٦ 
الفصل الأول: 
العواطف... اذا? ١٧ 
الفصل الثاني: 
تشريح النوبات الانفعالية ٣١ 
القسم الثاني: 
طبيعة الذكاء العاطفي ٥٢ 
الفصل الثالث: 
عندما يخون الذكاء ٥٣ 
الفصل الرابع: 
اعرف نفسك ٧٣ 
الفصل الخامس: 
عبيد العاطفة ٨٧ 
الفصل السادس: 
القدرة ا سيطرة ١١٧ 
الفصل السابع: 
جذور التعاطف ١٤٣ 
الفصل الثامن: 
الفنون الاجتماعية ١٦٥
M 
M 
M 
M 
القسم الثالث: 
الذكاء العاطفي في التطبيق ١٨٦ 
الفصل التاسع: 
الأعداء الحميمون ١٨٧ 
الفصل العاشر: 
التحكم بالعاطفة ٢١٣ 
الفصل الحادي عشر: 
العقل والطب ٢٣٧ 
القسم الرابع: 
الفرص ا تاحة ٢٦٤ 
الفصل الثاني عشر: 
بوتقة الأسرة ٢٦٥ 
الفصل الثالث عشر: 
الصدمة وإعادة التعلم العاطفي ٢٧٩ 
الفصل الرابع عشر: 
الطبع ليس قدرا محتوما ٢٩٩ 
القسم الخامس: 
محو الأمية العاطفية ٣١٦ 
الفصل الخامس عشر: 
ثمن الأمية العاطفية ٣١٧ 
الفصل السادس عشر: 
تعليم العواطف ٣٥٧
M 
M 
M 
M 
كلمة أخيرة ٣٦١ 
ا Hؤلف في سطور ٣٦٣
مقدمة 
7 
التحدي الأرسطي 
aristotle’s challenge 
مازلت أذكر ذلك ا Hساء شديد الرطوبة من أحد 
أيام أغسطس في مدينة نيويورك Q حـيـث الـتـجـهـم 
والتوتر السمة الغالبة على وجوه الناس. كنـت فـي 
طريق عودتي إلى الفندق Q وبينما كنت أصعـد إلـى 
الحافلة ا Hتجهة إلى شارع ماديسون Q شد انتباهـي 
سائق الحافلة ــ وكان رجلا في منتصف العمر أسمر 
اللون Q ترتسم على وجهـه ابـتـسـامـة دافـئـة ـــ الـذي 
حياني بود: »مرحبا Q كيف حالك? Q« وبعد أن أخذت 
مكاني Q سمعته يرحب بكل راكب يصعد إلى الحافلة 
وهو يشق طريقه ببطء شديد وسط زحام ا Hدينة. 
وكانت ملامح الدهـشـة تـبـدو عـلـى وجـه كـل راكـب 
مثلي jاما. ولأن الجميع استغرقهم ا Hزاج الكئيب 
لذلك ا Hساء الشديد الرطوبة Q لم تحظ تحية السائق 
بالرد إلا من عدد محدود منهم. 
غير أنه مع تقدم مسيره وسط الزحام الخانق 
إلى وسط ا Hدينة Q حدث تحول بطيء وسحري داخل 
الحافلة. فقد ظل الـسـائـق يُجري »مونولـوجـا « مـع 
نفسه شد اهتمام جـمـيـع الـركـاب. سـمـعـنـاه يـعـلـق 
بصوت مرتفع على كل ما نراه من النـوافـذ حـولـنـا 
مقدمة 
»أن يغضب أي إنسان Q فهذا 
أمر سهل ... لكن أن تغضب 
من الشخص ا Hناسب Q وفـي 
الـوقـت ا Hـنـاسـب Q ولـلـهــدف 
ا Hناسب Q وبالأسلوب ا Hناسب 
... فـــلـــيـــس هـــذا بـــالأمــــر 
السهل... « 
من كتاب أرسطو 
»الأخلاق إلى نيقوماخوس «
الذكاء العاطفي 
مثل: »في هذا المحل تخفـيـض هـائـل فـي الأسـعـار Q« أو »فـي هـذا ا Hـتـحـف 
معرض رائع ... Q« أو »هل سمعتم عن الفيلم الجديد الذي بدأ عرضه فـي 
هذه السينما? ... «. ومع الوقت انتقلت »عدوى « ابتهاجه zا تتمتع به ا Hدينة 
من إمكانات ثرية إلى الركاب. و نزل كل فرد في مـحـطـتـه Q وقـد خـلـع عـن 
وجهه ذلك القناع ا Hتجهم الذي صعد به. وعـنـدمـا كـان الـسـائـق يـودع كـلا 
منهم بقوله: »إلى اللقاء ... يوما سعيدا... « كان الرد يأتيه بابتسامة جميلة 
على الوجوه. 
لقد انطبع هذا ا Hوقف في ذاكرتي قرابة عشرين عاما. وكنت وقتها قد 
انتهيت رأسا من إعداد رسالتي لنيل الدكتوراه في علم النفس. لكن الدراسات 
السيكولوجية في تلك الأيام لم تكن تبدي اهتماما يذكر بالكيفية التي ~كن 
أن يحدث بها مثل هذا التحول. إذ لم يكن العلم السيكولوجي يعرف سوى 
القليل Q ور zا لم يكن يعرف شيـئـا أصـلا Q عـن آلـيـات الـعـاطـفـة. ومـع ذلـك 
فكلما تخيلت انتشار » فيروس « ا Hشاعر الطيبة ب € ركاب الحـافـلـة الـذي 
لابد أنه سرى عبر ا Hدينة Q بدءا من ركاب تلك الحافلة Q اعتبرت ذلك السائق 
مصلحا يجوب ا Hدينة Q أو »باعث السلام في مجموعة من البشر Q« zقدرته 
السحرية على التخفيف من حالة التجهم الشديد البادية على وجوه الركاب Q 
فإذا بقلوبهم تنفتح قليلا Q ويتحول التجهم ا Hرسوم على الوجوه إلى ابتسامة. 
وفي تناقض صارخ مع هذا الذي ذكرته Q تنبئنا بعض فقرات صحف الأسبوع 
zا يلي: 
- أدى صدام غير مقصود وسط جمهرة من ا Hراهق € خارج ناد zانهاتن 
إلى تدافع عنيف ب € ا Hتجمهرين أدى إلى جرح ثمانية من الصبية Q بعد أن 
أطلق أحد هؤلاء ا Hراهق € الرصاص على الجمهور من بندقية عيار Q٣٨ لأن 
كرامته قد أهينت Q كما تصور. وجاء في تقرير الشرطة حول هذا الحادث 
أن إطلاق الرصاص في مثل هذا الحادث يعتبر من الحوادث الخفيفة التي 
ينظر إليها على أنها رد فعل للإحساس بالإهانة. وقد أصبحـت مـثـل هـذه 
الحوادث ظاهرة متصاعدة في السنوات الأخيرة. 
- في إحدى ا Hدارس الإقليمية Q أخذ طفل صغير في التاسعة من عمره 
يثير صخبا Q ويلوث بألوان الرسم أدراج الفصول Q وأجهزة الكمبيـوتـر Q كـمـا 
خرب سيارة كانت تقف في مكان انـتـظـار الـسـيـارات. لـم يـكـن سـبـب هـذا 
8
مقدمة 
الهياج سوى جملة نادى بها عليه أحد أقرانه قائلا: »يـا عـيّل « كان ذلك ما 
دفعه لإثبات أنه ليس »طفلا «. وجاء في تقرير آخر حول ضحايا جرائم ما 
قبل سن الثانية عشرة Q أن ( ٥٧ % ) من صبية هذه ا Hرحلة السنية هم ضحايا 
آبائهم Q أو أزواج أمهاتهم. وفي ( ٥٠ % ) من الحالات الواردة في التقرير يقول 
الآباء إنهم لم يفعلوا شيئا سوى محاولة أداء واجبـهـم فـي تـربـيـة أولادهـم Q 
zعاقبتهم بالضرب ح € يخالفون أوامرهم Q كأن يركل الطفل جهاز التليفزيون 
أو يصرخ Q أو يلوّث قِمَاطَه. 
- يحاكم شاب أ Hاني في جر ~ة بشعة قتل فيها خمس نساء تركيات Q إذ 
أشعل فيهن النار وهن نائمات. وقد اعترف الشاب في أثناء محاكمته Q وهو 
عضو في مجموعة نازية جديدة Q بأنه فشل في الحصول على عـمـل Q وأنـه 
يتعاطى الخمور Q وأنه يحمل الأجانب مسؤولية حظه السيئ. وبصوت عالي 
النبرات قال: »إنني أشعر طوال الوقت بالأسف على الجر ~ة التي ارتكبتها Q 
وأخجل من نفسي بلا حدود .« 
لقد أصبحت أخبار الصحف تحمل لنا كل يوم مثل هذه التقارير حـول 
انهيار الحس الحضاري وفقدان الإحساس بالأمان Q فيما يشبه مـوجـة مـن 
الدوافع النفسية ا Hتدنية الآخذة في الاستفحال. غير أن هذه الأخبار إ ‘ا 
تعكس في النهاية إحساسنا ا Hتزايد بانتشار هذه الانفعالات غير المحكومة 
على صعيد حياتنا الخاصة Q وحياة الآخرين المحـيـطـ € بـنـا. ولـيـس هـنـاك 
أحد بيننا zنأى عن ذلك ا Hد ا Hتفلت من الانفجار الانفعالي Q إذ هو يصيب 
مختلف مناحي حياتنا بشكل أو بآخر. 
وقد شهد عقد الثمانينيات سلسلة مطردة من التقارير ا Hنذرة بالخطر 
في هذا الصدد Q تلفت الأنظار إلى صور السلوك الانفعالي الأخرق Q وحالات 
اليأس والقلق في أوساط أسرنا Q ومجتمعاتنا المحليـة Q وحـيـاتـنـا ا Hـشـتـركـة 
جميعا. وثمة ظاهرة واضحة في حياتنا اليوم أصـبـح فـيـهـا الـغـضـب عـادة 
مزمنة Q سواء بتلك العزلة الساكنة التي نترك فيها أطفالنا أمام التليفزيون 
مع جليسة الأطفال Q أو نتيجة Hا يعانيه الصغار ا Hهـمـلـون مـن آلام نـفـسـيـة 
نتيجة لهجرهم Q أو لإهمالهم أو لسوء معاملتهم Q أو بسـبـب اعـتـيـاد الـعـنـف 
القبيح ب € الأزواج. وبإمكاننا قراءة مدى انتشار الانحراف العـاطـفـي Q فـي 
الأرقام التي تعكس قفزة هائلة في حالات الاكتئاب التي يـشـهـدهـا الـعـالـم 
9
الذكاء العاطفي 
أجمع Q وفي التقارير التي تذكرنـا zـوجـات الـعـدوان ا Hـتـفـجـرة: اسـتـخـدام 
ا Hراهق € الأسلحة النارية في ا Hدارس Q حوادث الطرق الحرة التي تنـتـهـي 
بتبادل إطلاق النار Q ا Hوظفون الساخطون ا Hـفـصـولـون مـن الخـدمـة الـذيـن 
يقتلون زملاءهم السابق €. ولقد دخلت تعبيرات مثل »الإساءة العاطفـيـة Q« 
و »توتر ما بعد الصدمة » Q« وإطلاق النار إثر حوادث السيارات « في قاموس 
اللغة الشائعة في عقد الثمانينيات Q بعدما تحول شعار التحية ا Hبـهـج مـن: 
»نهارك سعيد « إلى »دعني وشأني .« 
وهذا الكتاب هو zنزلة دليل للقار • من أجل إضفاء ا Hعنى على ما يبدو 
مفتقرا إلى ا Hعنى. ولقد كنت أتابع باهتمام Q بوصفي متخـصـصـا فـي عـلـم 
النفس Q وبحكم عملي صحافيا على مدى السنوات العشر الأخيرة في جريدة 
»نيويورك تا ~ز Q« ما حدث من تقدم في فهمنا العلمي لعالم » اللاعقلاني 
«. ومن زاويتي Q أو نافذتي Q تلك استوقفني اتجاهان متعـارضـان Q أحـدهـمـا 
يصور كارثة متفاقمة في حياتنا العاطفية ا Hشتركة Q بينما يقدم الثاني بعض 
العلاجات ا Hتفائلة. 
هذا الاكتشاف ... لماذا الآن فقط؟ 
على الرغم من أن عقد الثمانينيات قد حمل إلينا أخبارا سيئة Q فإنه قد 
شهد أيضا زيادة غير مسبوقة في الأبحاث والدراسات العـلـمـيـة ا Hـتـعـلـقـة 
بعواطف الإنسان. ور zا jثلت النتائج الأكثر إثارة لتلك الأبحاث في تـلـك 
اللمحات ا Hصورة للمخ وهو يعمل Q والتي أصبح إنجازها —كنا بفضل وسائل 
وأساليب مبتكرة حديثا Q مثل التكنولوجيات الجديدة لتصوير ا Hخ. وبفضل 
هذه التكنولوجيات ا Hتقدمة Q أصبح بالإمكان للمرة الأولى في تاريخ البشرية 
أن نرى رؤية الع € ما كان دائما مصدر غموض شديد Q أي كيف تعمل هذه 
اﻟﻤﺠموعة ا Hعقدة من الخلايا في الأثناء التي نفكر فيها أو نشعر Q أو نتخيل Q 
أو نحلم. هذا الفيض من البيانات العصبية البيولوجية يجعلنا نفهم بوضوح 
أكبر بكثير من أي وقت مضى كيف تحركنا مراكز »ا Hخ « الخاصة بالعاطفة 
فنشعر بالغضب Q أو نبكي بالدموع Q وكيف توجه أجزاء ا Hـخ الأقـدم Q والـتـي 
تدفعنا إلى أن نخوض حربا Q أو إلى —ارسة مشاعر الحب Q إلى الأفضل أو 
إلى الأسوأ. هذا الوضوح غير ا Hسبوق فيما يتعلق بنشاط العمليات العاطفية Q 
10
مقدمة 
في قوتها وضعفها Q يضع في بؤرة البحث العلمي ألوانا حديثـة مـن الـعـلاج 
لأزمتنا العاطفية الجماعية. 
ولقد كان علي أن أنتظر حتى وقتنا الراهن حيث اكتمل الحصاد العلمي 
zا يكفي لتقد œ مثل هذا الكتاب. كذلك يجيء ظهور هذه الأفكار والتأملات 
الواردة فيه متأخرا جدا Q لأن موقع الشعور قد لقي إهمالا غريبا من جانب 
الباحث € على مدى سنوات طوال Q وتركت العواطف أرضا مجهولة بالنسبة 
للعلم السيكولوجي. وفي ظل هذا الخواء العلمي Q انتشرت كـتـب هـدفـهـا ـــ 
على أحسن الفروض ــ النصيحة القائمة على الآراء الإكلينيكية التي ينقصها 
الكثير Q وفي مقدمتها الافتقار إلى الأسس العلمية Q عـلـى أن الـعـلـم أصـبـح 
بإمكانه أخيرا أن يتناول بثقة تلك الأسئلة ا Hلحة المحيرة ا Hتعلقة بـالـنـفـس 
الإنسانية في أكثر صورها العقلانية Q وأن يرسم بقدر من اليقـ € خـريـطـة 
للقلب الإنساني. والواقع أن رسم هذه الخـريـطـة عـن طـريـق الـعـلـم يـطـرح 
تحديا على هؤلاء الذين يؤيدون تلك النظرة الضيقة لـلـذكـاء Q والـقـائـلـة إن 
حاصل الـذكـاء(*) IQ هو من ا Hعطيات الوراثيـة الـثـابـتـة الـتـي لا تـتـغـيـر مـع 
الخبرات الحياتية Q وأن قدرنا في الحياة مرهون إلى حد كبير بهذه ا Hلكات 
الفطرية. ويتجاهل هذا الرأي السؤال الأكثر تحديا وا Hتمثل في: ما الـذي 
~كن أن نغيره لكي نساعد أطفالنا على تحقيـق الـنـجـاح فـي الحـيـاة? ومـا 
العوامل ا Hؤثرة التي تجعل من يتمتع zعامِل ذكاء مرتفع على سبيل ا Hثال Q 
يتعثر في الحياة بينما يحقق آخرون من ذوي الذكاء ا Hتواضع نجاحا مدهشـا? 
إننـي أذهـب فـي هـذا الصـدد إلـى أن هـذا الاختـلاف يكمـن Q فــي حـــالات 
كثيـرة Q فـي تلـك القـدرات التـي نسميـهـــا هـنـــا »الـذكـــــاء الـعـاطـفـــي The» « 
«Emotional Intelligence والذي يشمل ضبط النفـس Q والحـمـاس Q وا Hـثـابـرة Q 
والقدرة على حفز النفس. و هذه ا Hهارات ــ كما سنرى فيما بـعـد ـــ ~ـكـن 
تعليمها لأطفالنا لنوفر لهم فرصا أفضل Q أيا كانت ا Hمكنات الذهنية التـي 
منحها لهم حظهم الجيني. 
وفيما وراء هذا الإمكان تلوح ضرورة أخلاقية ملحة. فنحن ‘ر الـيـوم 
بأوقات تبدو فيها بنية اﻟﻤﺠتمع وقد أخذت في التفكك بصورة متـسـارعـة Q 
Intelligence Quotient (*) : رقم ~ثل ذكاء الفرد كما تحدده قسمة سنة العقل على عمره الزمني ثم 
ضرب حاصل القسمة في مائة (ا Hراجع). 
11
الذكاء العاطفي 
كما تفسد الأنانـيـة والـعـنـف والخـواء الـروحـي الـسـواء الأخـلاقـي لحـيـاتـنـا 
اﻟﻤﺠتمعية. هنا Q يتوقف مسوغ القول بأهمية الذكاء العاطفي عـلـى الـصـلـة 
ب € الإحساس والشخصية والاستعدادات الأخلاقـيـة الـفـطـريـة. إن هـنـاك 
شواهد متزايدة اليوم على أن ا Hواقف الأخلاقية الأساسية في الحياة إ ‘ا 
تنبع من قدرات الإنسان العاطفية الأساسية. ذلك أن الانـفـعـال Q بـالـنـسـبـة 
للإنسان Q هو »واسطة « العاطفة Q وبذرة كل انفعال هي شعور يتفجـر داخـل 
الإنسان للتعبير عن نفسه في فعل ما . وهؤلاء الذين يكونون أسرى الانفعال 
ــ أي ا Hفتقرون للقدرة على ضبط النفس ــ إ ‘ا يعانون من عجز أخلاقـي: 
فالقدرة على السيطرة على الانفعال هي أساس الإرادة وأساس الشخصية Q 
وعلى النحو نفسه فإن أسـاس مـشـاعـر الإيـثـار إ ‘ـا يـكـمـن فـي الـتـعـاطـف 
الوجداني مع الآخرين Q أي في القدرة على قراءة عواطفهم. أما العجز عن 
الإحساس باحتياج الآخر Q أو بشعوره بالإحباط فمعناه عدم الاكتراث. وإذا 
كان هناك موقفان أخلاقيان يستلزمهما عصرنا Q فهما على وجه التحديد: 
ضبط النفس والرأفة. 
رحلتنا 
أقوم في هذا الكتاب بدور الدليل فـي رحـلـة عـبـر تـلـك الاسـتـكـنـاهـات 
العلمية لعواطف الإنسان Q رحلة هدفها الوصول إلى مزيد من الفهم لبعض 
أكثر اللحظات المحيرة في حياتنا الشخصية وفي العالم المحيط بنا. وسنكون 
قد وصلنا إلى نهاية الرحلة Q إذا ما فهمنا معنى وكيفية ربط الذكاء بالعاطفة. 
ولا شك في أن هذا الفهم ذاته سيكون عونا لنا Q فدخول الإدراك إلى —لكة 
ا Hشاعر له تأثير مشابه للأثر الذي يتركه وجود ا Hلاحظ على مستوى الـكـم 
quantum level في الـفــيزياء Q والذي يـؤدي إلى تغييــر فيمـا تتــم ملاحظته. 
تبدأ رحلتنا ــ في القسم الأول من هذا الكتاب ــ بآخر اكتشافات تركيبة 
ا Hخ العاطفية Q و التي تقدم تفسيرا لتلك اللحظات الأكثر تحييرا في حياتنا 
والتي تهيمن فيها مشاعرنا على عقولنا. إن فهم التفاعل ب € تراكيـب ا Hـخ 
التي تحكم لحظات غضبنا وخوفنا ــ أو لحظات الحب والفرحة ــ يـكـشـف 
عن الكثير فيما يتعلق بكيفية تعلمنا للعادات العاطفية التي ~كن أن تقوض 
أفضل أهدافنا Q وكذلك ما الذي بوسعنا أن نفعله للسيطرة على انفعالاتنا 
12
مقدمة 
العاطفية الهدامة وا Hسببة للإحباط. والأكثر أهمية هنا هـو أن مـعـطـيـات 
دراسة الجهاز العصبي Q تتيح مجالا واسعا لإمكـان تشكيل العادات العاطفية 
لأطفالنا. 
وفي المحطة الرئيسية الثانية التي سنتوقف عندها Q في القسم الثـانـي 
من هذا الكتاب Q سنرى كيف تدخل معطياتنا العصبية في تشـكـيـل ا Hـهـارة 
الأساسية Hمارسة الحياة والتي نسميها »الـذكـاء الـعـاطـفـي «. أي أن نـكـون 
قادرين مثلا على التحكم في نزعاتنا ونزواتنا Q وأن نقرأ مشاعـر الآخـريـن 
الدفينة ونتعامل zرونة في علاقاتنا مع الآخرين Q أو على حد تعبير أرسطو: 
»تلك ا Hهارة النادرة على أن نغضب من الشخص ا Hناسب Q بالقدر ا Hناسب Q 
في الوقت ا Hناسب Q وللهدف ا Hناسب .« 
هذا النموذج ا Hسهب Hعنى أن يكون ا Hرء »ذكيا Q« يضع العواطف في بؤرة 
13 
القدرات الشخصية في التعامل مع الحياة. 
أما الجزء الثالث من الكتاب فيبحث في بعض الاختلافـات الأسـاسـيـة 
ا Hترتبة على هذه القدرات Q مثل: كيف ~كن لهذه القدرات أن تصون علاقتنا 
الأكثر أهمية أو كيف يفسد الافـتـقـار إلـى هـذه الـقـدرات تـلـك الـعـلاقـات. 
وكيف تسبغ قوى السوق التي تعيد تشكيل حياتنا العملية أهمية غير مسبوقة 
على الذكاء العاطفي من أجل تحقيق النـجـاح فـي الـعـمـل. وكـيـف تـتـسـبـب 
العواطف ا Hسمومة في تهديد صحتنا الجسدية وإصابتها باﻟﻤﺨاطر Q jاما 
كما يفعل الإفراط في التدخ Q€ في الوقت الذي ~كن للتوازن العاطفي أن 
يحمي صحتنا وسعادتنا على حد سواء. 
إن إرثنا الجيني يهب كل واحد منا سلسلة من الخصائص العاطفية التي 
تحدد طباعنا. غير أن مجموعة دوائر ا Hخ الكهربية ا Hعنية هنا هي دوائر 
مرنة بصورة غير عادية Q ومن ثم فالطبع ليس قدرا لا يـتـغـيـر. وكـمـا يـبـ € 
الجزء الرابع من الكتاب فإن ما نتعلمه من دروس عاطفية بصفتنا أطفـالا 
في منازلنا وطلابا في ا Hدارس Q يشكل الدوائر العاطفية التي إما تجـعـلـنـا 
أكثر jرسا Q وإما أكثر غباء فيما يتصل بأساسيات الذكاء العاطفي. وذلك 
يعني أن الطفولة وا Hراهقة إطاران حاسمان لإرساء العادات العاطفية التي 
ستحكم حياتنا. ويكشف الجزء الخامس من الكتاب ماهية اﻟﻤﺨاطر الـتـي 
تنتظر من يخفقون Q خلال سنوات ‘وهم إلى سن النـضـج Q فـي الـسـيـطـرة
الذكاء العاطفي 
على عالم العواطف Q أي كيف تتزايد حدة اﻟﻤﺨاطر النفسية نتيجة لضعـف 
الذكاء العاطفي Q بداية من مرض الاكتئاب أو الحياة ا Hليئة بالعـنـف وحـتـى 
إدمان اﻟﻤﺨدرات. ويوضح هذا الجزء من الكتاب Q بالوثائق Q كيف تعلم ا Hدارس 
الرائدة الأطفال ا Hهارات العاطفية والاجتماعية التي تضعهـم عـلـى طـريـق 
الحياة السليمة. 
ور zا كان أكثر أجزاء هذا الكتاب إثارة للقلق هو ذلك ا Hـسـح الـبـحـثـي 
الذي أجري على عدد ضخم من الآباء وا Hعلم Q€ والذي كـشـف عـن اتجـاه 
سائد في صفوف أطفال الجيل الحالي في العالم كله يتمثل في كونهم أكثر 
اضطرابا عاطفيا من الجيل السابق Q وأكثر إحساسا بالوحدة وأكثر اكتئابا Q 
وأكثر غضبا وجموحا Q وأكثر عصبية وقلقا Q وأكثر اندفاعا وعدوانية. 
وإذا كان ثمة علاج فإنني أتصور أنه سيكمن بالضرورة في الكيفية التي 
نعد بها صغارنا Hواجهة الحياة. ونحن نترك أمر التعليم العاطفي لأطفالنا Q 
في الوقت الحاضر Q لعامل ا Hصادفة وهو مـا يـتـرتـب عـلـيـه نـتـائـج وخـيـمـة 
بصورة متزايدة. ومن ثم لابد من نظرة جديدة للدور الواجب على ا Hدرسة 
أن تضطلع به من أجل تعليم طلابها Q بحيث يجمع التعليم فيها ب € ثقافتي 
العقل والقلب. وأخيرا سوف تنتهي رحلتنا معا بزيارات لفصول تعليم ابتكارية 
تسعى إلى أن توفر للأطفال خلفية معرفية لأسس الذكاء العاطفي. وبإمكاني 
أن أتنبأ بيوم سيصبح فيه التعليم متضمنا Q بصورة روتينية Q مناهج لـغـرس 
قدرات مثل التعاطف مع الآخرين Q وضبط النفـس Q والـوعـي بـالـذات Q وفـن 
الاستماع Q وحل الصراعات Q والتعاون. 
في كتاب أرسطو الفلسفي: » الأخلاق إلى نيقوماخوس « الذي تناول فيه 
الفضيلة Q والشخصية Q والحياة الطيبة Q jثل التحدي الرئيسي فـي دعـوتـه 
إلى إدارة حياتنا العاطفية بذكاء Q فعواطفنا Q إذا مورست —ـارسـة جـيـدة Q 
ستحوز الحكمة; وعواطفنا هي التي تقود تفكيرنا وقيمنا وبقاءنا. غير أنها 
~كن أن تخفق بسهولة Q وهذا ما يحدث كثيرا. إن ا Hشكلة Q في رأي أرسطو Q 
ليست في الحالة العاطفية ذاتها Q ولكن في سلامة هذه العـاطـفـة وكـيـفـيـة 
التعبير عنها. ومن ثم فالسؤال هو: كيف نسبغ الذكاء على عواطفنا Q والتحضر 
على شوارعنا Q والاهتمام والتعاطف على حياتنا اﻟﻤﺠتمعية? 
14
مقدمة 
15
الذكاء العاطفي 
16 
القسم الأول 
المخ الانفعالي
العواطف... اذا? 
17 
العواطف... لماذا؟ 
تأمل معي اللحظات الأخيرة لــ »جـاري ومـاري 
ج € تشونسي « الزوج € اللذين كرسا حياتهما jاما 
لابنتهما الصغيرة »أندريا « البالغة من الـعـمـر أحـد 
عشر عاما وا Hلازمة Hقعد متحرك نتيجة لإصابتها 
بشلل (دماغي). كانت أسرة »تشونسي « تركب قطار 
(آمتراك) الذي سقط في النـهـر بـعـد أن مـر عـلـى 
قضبان جسر متهاو في ضاحية بايو بلويزيانا. كان 
أول ما فكر فيه الزوجان هو كيف ينقذان ابنتهما Q 
ومن ثم بذل كل منهما أقصى جهده بيـنـمـا تـنـدفـع 
ا Hياه داخل القطار الغـارق Q ونجـحـا فـي الـنـهـايـة ـــ 
بشكل أو بآخر ــ في دفعها من إحدى نوافذ القطار 
ليتلقفها رجال الإنقاذ. بعدها اختفى الوالدان تحت 
ا Hياه مع عربة القطار الغارقة! 
لقد جسدت قصة الطفلة »أندريا Q« حيث jثل 
الفعل البطولي الأخـيـر لـوالـديـن فـي ضـمـان بـقـاء 
طفلهما على قيد الحياة Q لحظة شجاعة أسطورية. 
ولا شك في أن مثـل هـذه الأحـداث الـتـي يـضـحـي 
فيها الوالدان بحياتهما من أجل أبنائهما قد تكررت 
في عدد لا حصر له مـن الـقـصـص ا Hـمـاثـلـة عـلـى 
مدى تاريخ ــ وما قبل تاريـخ ـــ الـبـشـريـة Q وبـصـورة 
أكبر في عدد لا نهايه له عبر مسيرة تطور جنسنا 
1 
بقلبـه يـرى الإنـسـان الـرؤيـة 
الصحيحة... فالع € لا ترى 
الجوهر. 
أنطوان دوسان - أكزوبيري 
(من الأمير الصغير)
الذكاء العاطفي 
البشري. هذه التضحية الأبوية من منظور البيولوجي € التطوري Q€ ما هي 
إلا فعل تلقائي يخدم تعاقب السلالات والأجـيـال »مـن خـلال نـقـل جـيـنـات 
الفرد الإنساني إلى أجيال ا Hستقبل «. لكن هذه التضحية من منظـور الأب 
الذي يتخذ قرارا يائسا في لحظة محنة Q هي تعبير عن الحب ولا شيء آخر 
غيره . 
إن هذا الفعل النموذجي للبطولة الأبوية Q بوصفه استشفافا ملهما لغاية 
العواطف وقوة تأثيرها Q هو خير شاهد على دور الحب الغيري ــ وكل عاطفة 
أخرى نشعر بها ــ في الحياة الإنسانية. وهو يوضح أن مشاعرنا وعواطفنا 
وأشواقنا العميقة Q هي مرشدنا الأساسي Q وأن جنسنا الـبـشـري يـديـن فـي 
وجوده Q إلى حد كبير Q لقوة تأثيرها في كـل شـؤونـه الإنـسـانـيـة. وهـي قـوة 
تأثير استثنائية: فالحب الغامر ــ أي الضرورة ا Hلحة لإنقاذ حياة طفل أثير 
ــ هو وحده الذي ~كن أن يؤدي بأبوين إلى تجاهل دافع البقاء الشخصي. 
إن هذه التضحية بالنفس Q هي عمل غير عـقـلانـي بـا Hـرة مـن مـنـظـور 
العقل Q أما zنظور القلب فهي الخيار الوحيد. 
إن البيولوجي € الاجتماعي € يشيرون إلى تفوق القلب على العقـل Q فـي 
تلك اللحظات الحاسمة Q عندما يحاولون تخم Q€ Hاذا أعطى التطور العاطفة 
مثل هذا الدور الرئيسي في النفس الإنسانية Q وهم يقولون إن عواطفنا هي 
التي ترشدنا في مواجهة ا Hآزق وا Hهام الجسيمة لدرجة لا ينفع معها تركها 
للعقل وحده Q مثل مواجهة الأخطار Q أو خسارة أو فقـدان شـيء أو شـخـص 
عزيز وما يستتبع ذلك من حزن وألم Q أو العمل zثابرة لتحـقـيـق هـدف مـا 
على الرغم مـن الإحبـاط Q أو الارتبـاط بشخـص بالـزواج Q أو بناء أسرة. إن 
كل عاطفة من عواطفنـا توفر استعدادا متميزا للقيـام بفعل ما Q وكل منهــا 
يرشدنا إلى اتجاه أثبت فعالية للتعامل مع تحديات الحياة ا Hتـجـددة. ولأن 
تلــك ا Hواقــف اللانهائيـة تكـررت مــرارا علــى مـدى تاريخنا التطوري Q فقد 
تجلت القيمة البقائية لذخيرتنـا العاطفيـة فـي أنهـا أصبحت منطبـعـة فـي 
أعصابـنا كنزعـات داخليـة وغريزيـة للقلب الإنساني. 
إن أي نظرة للطبيعة الإنسانية تتجاهل قوة تأثير العواطـف هـي نـظـرة 
ضيقة الأفـق بشكـل مؤسف. والواقـع Q أن اسـم »الجـنـــس الـبـشـــري « ذاتـــه 
Q«Homo Sapiens» أي الجنس ا Hفكر Q يعد تعبيـرا خـادعـا فـي ضـوء الـرؤيـة 
18
العواطف... اذا? 
والفهم الجديدين Hوقع العواطف في حياتنا واللذين يطرحهما العلم الآن. 
وكما علمتنا خبرات الحياة فإن مشاعرنـا غـالـبـا مـا تـؤثـر فـي كـل صـغـيـرة 
وكبيرة في حياتنا بأكثر —ا يؤثر تفكيرنا عندما يتعلق الأمر بتشكيل مصائرنا 
وأفعالنا. ولقد غالينا كثيرا في التأكيد على قيمة وأهمية العقلانية البحتة 
التي يقيسها معامل الذكاء ( IQ ) في حياة الإنسان. وسواء كان هذا ا Hقياس 
إلى الأفضل أو إلى الأسوأ Q فلن يحقق الذكاء شيئا لو كُبح جماح العواطف. 
19 
عندما تهيمن الانفعالات على العقل 
إليكم هذه القصة التي كانت سطورها ا Hأساوية سلسلة من الأخـطـاء. 
فقد أرادت »ماتيلدا كرابتري « الصبية البالغة من العمر أربعة عشر عامـا Q 
أن تفاجىء أباها zقلب مضحك Q فاختبأت في دولاب ا Hلابس Q ثم خرجت 
منه وهي تصيح »بووو « في اللحظة التي عاد فيهـا والـداهـا مـن سـهـرة مـع 
بعض الأصدقاء Q لكن »بوبي كرابتري « وزوجته كانا يعتقـدان أن »مـاتـيـلـدا « 
خارج ا Hنزل عند أصحابها Q ومن ثم فعندما سمع الأب أصواتا عند دخوله 
ا Hنزل Q اتجه إلى ا Hكان الذي يضع فـيـه مـسـدسـه عـيـار Q٣٥٧ مـتـجـهـا إلـى 
حجرة ابنته »ماتيلدا « ليضبط ا Hتسلل بداخلها Q وعندما قفزت »ماتيلدا « من 
الدولاب تلعب لعبتها مداعبة أباها هذرا Q أطلق »كاربتري « النار فأصابهـا 
في رقبتها Q حيث فارقت الحياة بعد اثنتي عشرة ساعة من الحادث. 
إن الخوف الذي يحفزنا لحماية أسرتنا من الخطر هو أحد الانفعالات 
التي ورثناها خلال تطورنا الانفعالي وهو الذي دفـع »الأب بـوبـي « لـيـشـهـر 
سلاحه بحثا عن الشخص الذي تصور أنه تسـلـل فـي مـنـزلـه. الخـوف هـو 
الذي دفع »بوبي « لإطلاق النار Q قبل أن يحدد jاما الهدف الذي يطلق عليه 
النار حتى قبل أن يتعرف على صوت ابنته Q فردود الأفعال التلقائية من هذا 
النوع قد حُفرت في جهازنا العصبي Q كما يتصور البيولوجيون التطوريون Q 
لأنها كانت الخط الفاصل ب € الحياة وا Hوت على مدى فقرات طويلة حاسمة 
فيما قبل التاريخ الإنساني Q والأمر الأكثر أهمية من ذلك أنها كانت أساسية 
بالنسبة للهدف الرئيسـي لـلـتـطـور Q ألا وهـو الـقـدرة عـلـى إنجـاب ذريـة مـن 
شأنها أن تواصل التصرف وفقا لهذه ا Hيول الوراثية التي كـانـت Hـفـارقـات 
القدر Q السبب في مأساة أسرة كرابتري.
الذكاء العاطفي 
ولكن Q على ح € كانت عواطفنا هي ا Hرشد الحكيم في مسيرة التطـور 
ا Hمتد آلاف السن Q€ نجد أن حقائق الحضارة الجديدة قد تسارعت بـهـذه 
الدرجة التي لم يستطع إيقاع التطور البطيء أن يواكبها ويتـمـاشـى مـعـهـا. 
والواقع Q أن أول ما عرف من قوان € ومواثيق أخلاقية مثل: قانون حامورابي Q 
و »وصايا العبراني € العشر Q« و »مراسيم الإمبراطور أشوكا Q« ~كن أن تفهم 
بوصفها محاولات لتحجيم وإخضاع واستئناس الحياة العاطفية. وعلى حد 
تعبير فرويد Q في كتابه »الحضارة ومضارها Q« أن اﻟﻤﺠتمـع تـعـ € عـلـيـه أن 
يفرض من خارجه قواعد تهدف لكبح الانفعالات الجامحة التي تنفلت من 
عقالها دون رابط في داخله. 
وعلى الـرغــم مـن هـذه الـقـيـود الاجتماعيـة Q فـإن الانـفـعـالات تـهـيـمـن 
على الـعـقـل فـي كـثـيـر من الأحيان . هذا النزوع للطبيعة الإنسانية نـاشـئ 
عـن بـنـيـة الـحـيـاة الـــعـقـلية الأساسيـة. فـفـي ضـوء الـتـركـيـب الـبـيـولـوجـي 
ﻟﻤﺠموعة الدوائر العصبية Q للانفعال Q فــإن مــا ولدنــا بــه هــو الــذي كــان 
الأجــدى علـى مــدى الـ ( ٥٠ ألف جيل الأخيرة) لا الـ ( ٥٠٠ جيل الأخيرة) ـــ 
وبالتأكيـد ليـس الـ (خـمـسـة أجـيـال ا Hــاضـيـة). ذلك أن قوى التطور البطيئة 
والـقـصـديـة الـتي شـكـلـت انـفـعـالاتـنـا قـامـت بـــعـمـلـهـا عـلـى مـدى مـلايـ € 
السن €. 
ومع أن العشرة آلاف سنة ا Hاضية Q قد شهدت نهضة الحضارة الإنسانية 
سريعة الإيقاع Q بالإضـافـة إلـى انـفـجـار الـتـعـداد الـسـكـانـي الـذي قـفـز مـن 
خمسةملاي € نسمة Q إلى خمسة بلاي € نسمة Q فإن هذه النهضة لم تـتـرك 
على قالبنا البيولوجي الخاص بحياتنا العاطفية Q سوى القليل من الآثار. 
وسواء كان ذلك للأفضل أو للأسوأ فإن كل ما نواجهـه ونـسـتـجـيـب لـه 
على ا Hستوى الشخصي Q وكذا تقييمنا له لا يشكلان فقط نتيجة Hا نصدره 
من أحكام عقلانية Q بل نتيجة لتاريخنا كـأفـراد ومـاضـي أسـلافـنـا الـبـعـيـد 
أيضا. ويخلف لنا ذلك في بعض الأحيان استعدادا فطريا مأساويا نشهده 
في أحداث مأساوية Q كتلك التي تعرضت لها أسـرة كـرابـتـري . وخـلاصـة 
القول Q أننا نواجه في كثير من الأحيان مآزق مابعد حداثيـة ذات خلـفـيـــة 
تتناسـب مـع احتياجـات عصـر البنستوسـ € (الدهـر الحديـث في الجيولوجيا) 
وهذه ا Hآزق تقع في صلب ا Hوضوع الذي ندرسه هنا. 
20
العواطف... اذا? 
21 
بواعث الفعل 
كنت أقود سيارتي في أحد أيام بداية فصل الربيع في الطريق السريع 
الذي ~ر عبر طريق جبلي مارا بكلورادو Q عندما بدأت ثلوج خفيفة تتساقط 
وتتناثر أمامي على مسافة قصيرة. أخذت أحدق النظر في الطريق Q فلـم 
أستطع jييز شيء Q لأن تراكم الثلج رسم لونا أبيض حجب عنـي الـرؤيـة. 
وعندما ضغطت بقدمي على »الكابح Q« أحسست بقلق يغمرني إلى حـد أن 
ضربات قلبي كانت مسموعة. 
تحول القلق في أعماقي إلى خوف شديد. اتجـهـت إلـى ~ـ € الـطـريـق 
وتوقفت منتظرا انقشاع موجة تساقط الثلوج. وبعد نصف ساعة من الانتظار Q 
توقف سقوط الثلج Q وعادت الرؤية Q وواصلت طـريـقـي . لـكـن بـعـد بـضـع 
مئات من الياردات Q اضطررت إلى التوقف مرة أخرى . Hاذا..? كان هناك 
فريق من رجال الإسعاف يساعدون قائد إحدى السيارات اصطدم بسيارة 
أخرى كانت تسير أمامه ببطء Q —ا ترتب عـلـيـه إغـلاق الـطـريـق. وهـا أنـا 
أتساءل: ألم يكن هناك احتمال كبير أن أصطدم بهم إذا كنت قد واصـلـت 
طريقي في ظل تساقط الثلج الذي أخفى عني الرؤية jاما . 
ر zا كان الخوف الحذر الذي jلكني في ذلك اليوم قد أنقذ حياتـي . 
كنت في حالة نفسية داخلية اضطرتني إلى التوقف وتوقع خطر قادم . كنت 
مثل أرنب تجمد من الخوف عندما Hح ذئبا ~ر به Q أو كحيوان ثديي مختبىء 
من ديناصور مهاجم . 
الواقع Q أن كل الانفعالات فـي جـوهـرهـا هـي Q دوافـع لأفـعـالـنـا ... هـي 
الخطط الفورية للتعامل مع الحياة التي غرسها التطور في كياننا الإنساني. 
وأصل كلمة انفعال جاء من الفعل اللاتيـنـي »يـتـحـرك Motere) « ) بالإضافـة 
إلى الـبـادئـة ( e) التي تعني التحـرك بـعـيـدا Q فـي إشـارة إلـى أن كـل انـفـعـال 
يتضمن نزوعا إلى القيام بفعل ما. هذه الانفعالات التي تقود إلى الأفعال Q 
نراها بوضوح أكثر عندما نشاهد الحيوانات أو الأطفال. وغـالـبـا مـا نجـد 
خروجا عن ا Hألوف في الأفعال Hن بلغوا سن النضج و »التحضر « في ا Hملكة 
الحيوانية Q عندما تنفصل العواطف عن رد الفعل الظاهري. 
ويلعب كل انفعال في سجلنا العاطفي دورا فريدا Q كما توضحها البصمات 
البيولوجية ا Hتميزة. وقد jكن الباحثون اليوم بالوسائل العلميـة الجـديـدة
الذكاء العاطفي 
بالغة التقدم التي استطاعت أن ترى الجسم وا Hخ من الداخـل بـدقـة Q مـن 
اكتشاف مزيد من تفاصيل الكيفية الفسيولوجية التي تجهز بهـا الـعـاطـفـة 
الجسم zختلف أنواع الاستجابات. وعلى سبيل ا Hثال : 
- في حالة الغضب : يتدفق الدم إلى اليدين ليجعلهما قادرت € بصورة 
أسهل على القبض على سلاح أو ضـرب عـدو. وتـتـسـارع ضـربـات الـقـلـب Q 
وتندفع دفقة من الهرمونات مثل هرمون »الأدرينال «€ فيتولد كم من الطاقة 
القوية تكفي القيام بعمل عنيف. 
- وفي حالة الخوف: يندفع الدم إلى أكبر العضلات حجما Q مثل عضلات 
الساق Q€ فيسهل الهرب Q ويصبح الوجه أبيض اللون شاحبا لأن الدم يهرب 
منه .. (ويشعر الخائف بأن دمه يجري باردا في عروقه) Q ويتجمد الجسم 
في الوقت نفسه ــ ولو للحظة واحدة ــ ر zا ليسمح له بوقت يستطيع فـيـه 
تقدير ما إذا كان الاختفاء هو رد الفعل الأفضل . وتثير دوائر ا Hخ الكهربية 
مراكز الانفعالات في الدماغ Q فتبعث فيضا من الهرمونات التي تجعل الجسم 
في حالة يقظة تامة تسمح له بأن يكون على حافة الاستعداد للقيام بفعـل 
ما Q وتركيز انتباهه على الخطر ا Hاثل أمامه حيث يختار الاستجابة ا Hناسبة 
للقيام بها . 
ومن ب € التغيرات البيولوجية الأساسية في الإحساس »بالسعادة « حدوث 
نشاط متزايد في مركز با Hخ يثبط ا Hشاعر الـسـلـبـيـة Q مـع تـنـمـيـة الـطـاقـة 
ا Hتزايدة ا Hتاحة في هذا ا Hركز Q فضلا عن تهدئة كل ما يولد أفكارا مؤرقة. 
ولا يحدث مع هذه التغيرات تحول فسيولـوجـي خـاص يـحـول دون الـهـدوء 
الذي يجعل الجسم يشفى سريعا من الإثارة البيولوجية الناتجة عن الانفعالات 
ا Hزعجة. وهذه الحالة تحقق للجسم راحة عامة واستعدادا وحماسة للقيام 
بأي مهمة Q وبذل أي جهد لتحقيق أهداف عظيمة ومتنوعة. 
والحب وا Hشاعر الرقيقة Q والإشباع الجنسي تستتبع جميعا إثارة الجهاز 
العصبي الباراسمبتاوي Q وهو النقيض الفسيولوجي لحشد الجسم (الضرب 
أو الهرب) في حالة الغضب أو الخوف. أما النموذج الباراسمبـتـاوي الـذي 
يطلق عليه الاستجابة ا Hسترخية فـهـو مـجـمـوعـة مـن ردود الـفـعـل تـشـمـل 
الجسم كله Q وتولد حالة من الهدوء والرضا Q وتسهل التعاون مع الآخرين . 
وفي حالة الدهشة : ترفع الحواجب لتسمح بنظرة شاملة أوسع Q وتسمح 
22
العواطف... اذا? 
بدخول مزيدمن الضوء إلى الشبكية. وهذا يوفر مزيدا من ا Hعلومات حول 
ما حدث دون توقع وأثار الدهشة Q ويكشف حقيقة ما يجري بالضبط Q zا 
يساعد على اختيار أفضل فعل مناسب للموقف. 
ثمة jاثل في العالم كله في التعبير عن الاشمئـزاز Q بـالـتـمـاثـل نـفـسـه 
للرسالة التي تثيره كشيء كريه الطعم أو الرائحة أو ما شابه ذلك Q يتـمـثـل 
في تعبير الوجه Q حيث تتحور الشفة العليا إلى جانب من الفم Q بينما يتجمد 
الأنف قليلا ــ كما لاحظ داروين ــ لغلق فتحتي الأنف ضد الرائحة الكريهة 
أو ح € لفْظ طعام فاسد. 
أما الوظيفة الرئيسية للحزن فهي مساعدة الحزين على التوافق النفسي 
في حالة فقدان شخص عزيز Q كأحد أقربائه Q أو إصابته بخيبة أمل كبيرة. 
والحزن يؤدي إلى هبـوط فـي الـطـاقـة وفـي الحـمـاسـة Hـمـارسـة الأنـشـطـة 
الحياتية Q وخاصة في مجالات اللهو والترويح عن النفس Q فيما يعمق تراجع 
النشاط والشعور بالحزن الذي يقترب من الاكتئاب ... ويبطئ من عمـلـيـة 
التمثيل الغذائي في الجسم. هذا الانسحاب الذاتي يخلق فرصة الـتـفـجـع 
على الفقيد Q أو الشعور بالأمل المحبط Q وما يترتب عليه في حيـاة الحـزيـن 
ليخطط لبداية جديدة ح € يسترد قدراته. وح € يفقد الشخص الحزين Q 
أو الشديد الحساسية نشاطه وقدراته Q نجده يعزل نفسه في بـيـتـه Q حـيـث 
يشعر بالأمان. 
هذه النزعات الفطرية البيولوجية تشكلها خبراتنا الحياتـيـة وثـقـافـتـنـا 
فإذا فقدنا عزيزا ــ على سبيل ا Hثـال ـــ شـعـرنـا بـالحـزن والألـم Q ولـكـن مـا 
مظاهر هذا الحزن? وكيف نفصح عن عواطفنا? أو كيف نخفيها ولا نظهرها 
إلا في لحظات خاصة ? هذا أو ذاك تقولبه ثـقـافـتـنـا الـتـي تحـدد مـن هـم 
الذين نضعهم في فئة »الأعزاء « فنحزن لفراقهم . 
ولا شك في أن الزمان ا Hمتد لتاريخ التطـور الـذي تـشـكـلـت فـيـه تـلـك 
التفاعلات العاطفية Q كان الواقع فيه أصعب —ا يتحمله الجنس الـبـشـري 
بعد بدء التاريخ ا Hدون. ذلك الزمن Q كان زمن موت الأطفال في عمر الطفولة Q 
وبقاء البالغ € أحياء إلى عمر الثلاث €. كانت الحيوانات الضارية في ذلك 
الزمن تستطيع أن تضرب في أي لحظة Q وكانت تقلبات الأحوال البيئية ب € 
الجفاف والفيضان تعني إما ا Hوت جوعا أو البقاء على قيد الحياة. لكن مع 
23
الذكاء العاطفي 
ظهور الزراعة حتى في أكثر اﻟﻤﺠتمعات بدائية طرأ تغير كبير على التحديات 
التي تواجة بقاء البشر. وعندما ترسخ التقدم في العالم كله خلال عـشـرة 
الالآف عام ا Hاضية Q استمر التخفف من الضغوط القاسية التي كبحت ‘و 
البشر من قبل. 
هذه الضغوط نفسها هي التي جعلت استجاباتنا الانـفـعـالـيـة لا تـقـدر 
قيمتها بثمن Q ومع انحسار هذه الضغوط تضاءلت أيضا أهمية بعض جوانب 
موروثاتنا الانفعاليه لبقائنا. وعلى ح € كان الغضب الـشـديـد فـي ا Hـاضـي 
حاسما لبقائنا Q فإن مثل هذا الغضب من جانب شاب في الثلاثينيـات مـن 
العمر مسلح بسلاح آلي ~كن أن تنجم عنه كارثة الآن. 
في دماغنا عقلان 
إليكم هذه القصة التي حكتها لي صـديـقـة بـعـد طـلاقـهـا مـن زوجـهـا Q 
وانفصالها ا Hؤلم. قالت لي إن زوجـهـا وقـع فـي حـب زمـيـلـة لـه فـي الـعـمـل 
تصغرها في العمر. وفجأة أعلن عزمه على ترك أسرته ليعيش مع حبيبته Q 
بعد فترة من ا Hشاحنات بينهما حول الشقة Q والنقود Q ورعاية الأولاد. وبعد 
مضي أشهر عدة من هذا الحدث Q قالت لي صديقتي إن استقلالها الـيـوم 
عن زوجها يناسبها jاما Q وإنها سعيدة لأنها أصبحت jلك قرارها وقالت: 
»وهاأنااليوم لم أعد أفكر فيه على الإطلاق Q ولم يعد يهمني حقا «. لـكـنـهـا 
ح € نطقت بهذه الجملة اغرورقت عيناها بالدموع. 
من السهل أن jر لحظة هذه العيون الدامعة من دون مـلاحـظـة Q لـكـن 
التعاطف مع إنسان تدمع عيونه Q يعني أن هذا الإنسان حزين علـى الـرغـم 
من كلماته التي تنطق بعكس ذلك. تلك العيون الدامعة تؤكد معنى واضحا 
مثلما يحدث عندما تقرأ كلمات مطبوعة في كتاب Q معنى بعضها من فعـل 
العقل العاطفي والآخر من فعل العقل ا Hنطقي Q أي أن لدينا ــ في الحقيقة 
والواقع ــ عقل Q€ عقل يفكر Q وعقل يشعر . 
هاتان الطريقتان اﻟﻤﺨتلفتان اختلافا جوهريا للمعرفة Q تتفاعلان لبـنـاء 
حياتنا العقلية. الأولى Q طريقة العقل ا Hنطقي Q وهي طريقة فهم ما نـدركـه 
jام الإدراك والواضح وضوحا كاملا في وعينا Q وما يحتاج منا إلى التفكير 
فيه بعمق وتأمله. ولكن ... إلى جانب هذا Q هناك نظام آخر للمعرفة قوي 
24
العواطف... اذا? 
25 
ومندفع Q وأحيانا غير منطقي. هذا النظام هو العقل العاطفي. 
ويقترب هذا التقسيم الثنائي إلى عاطفي ومنطقي من التمييز الشائع 
ب € العقل والقلب. فح € يعرف الإنسان بقلبه أن هذا الشيء صحيح Q فهذا 
أمر يختلف عن الاقتناع ــ نوع من ا Hعرفة أعمق من اليق Q€ وأكثر من الفكير 
فيه بالعقل ا Hنطقي. فهناك علاقة طردية ب € سيطرة العواطف وسيـطـرة 
ا Hنطق على العقل Q فكلما كانت ا Hشاعر أكثر حدة زادت أهمية العقل العاطفي Q 
وأصبح العقل ا Hنطقي أقل فاعلية. وهذا الترتيب يبدو أنه نابع عبر دهور 
من التطور Q من تفوق الاسترشـاد بـالانـفـعـالات والحـدس فـي اسـتـجـابـاتـنـا 
التلقائية للمواقف التي تكون فيها حياتنا في خطر Q وهي ا Hواقف التي قد 
يكلفنا فيها التوقف للتفكير حياتنا ذاتها. 
هذان العقلان ــ العاطفي وا Hنطقي ــ يقومان معا في تناغم دقيق دائما 
بتضافر نظاميهما اﻟﻤﺨتلف € جدا في ا Hعرفة بقيادة حياتنا. ذلك لأن هناك 
توازنا قائما ب € العقل العاطفي Q والعقل ا Hنطـقـي. الـعـاطـفـة تـغـذي وتـزود 
عمليات العقل ا Hنطقي با Hعلومات Q بينما يعمل العقل ا Hنطقي علـى تـنـقـيـة 
مدخلات العقل العاطفي Q وأحيانا يعترض عليـهـا. ومـع ذلـك يـظـل كـل مـن 
العقل € ملكت € شبه مستقلت Q€ كل منهمـا ـــ كـمـا سـنـرى ـــ يـعـكـس عـمـلـيـة 
متميزة Q لكنهما مترابطتان في دوائر ا Hخ العصبية . 
وهناك ب € العقل Q€ في كثير من اللحظات أو فـي مـعـظـمـهـا Q تـنـسـيـق 
دقيق رائع. فا Hشاعر ضرورية للتفكير Q والتفكير مهم لـلـمـشـاعـر. لـكـن إذا 
تجاوزت ا Hشاعر ذروة التوازن Q عندئذ يسود ا Hوقف العقل العاطفي Q ويكتسح 
العقل ا Hنطقي. كتب »آرازموس « أحد أنصار النزعة الإنسانـيـة فـي الـقـرن 
السادس عشر Q بأسلوب تهكمي حول هذا التوتر ب € العقل والعاطفة : 
... (منح جوبتر كبير الآلهة العاطفة درجة تفوق أكبر كثيرا من العقل Q 
تقدر بـ ( ٢٤ ــ ١). وضع أمام قوة العقل الوحيدة Q قوت € تتسمان بـالاسـتـبـداد 
والعنف Q »الغضب « و »الشهوة «. فكيف ~ـكـن لـلـعـقـل أن يـسـود أمـام قـوتـ € 
متضافرت €. إن هذا يتضح من حياة الناس العادية. فالعقل يفـعـل الـشـيء 
الوحيد الذي يستطيعه Q ويظل يصيح بصوت أجش مكررا صورا من الفضيلة Q 
بينما يأمره الانفعالان الآخران أن يذهب ليشنق نفسه. 
وهكذا يستمر تزايد الضجة والهجوم فيما بينهما Q إلى أن يشعر »القائد «
الذكاء العاطفي 
في نهاية الأمر بالإرهاق فيستسلم). 
كيف ينمو المخ؟ 
إذا أردنا أن نعرف كيف تهيمن العاطفة بقبضتـهـا الـقـويـة عـلـى الـعـقـل 
ا Hفكر Q و Hاذا تظل ا Hشاعر والعقل في حالة تأهب للحرب فيـمـا بـيـنـهـمـا Q 
لابد أن ندرس كيـف يـتـطـور ا Hـخ. يـزن »مـخ « الإنـسـان نـحـو ثـلاثـة أرطـال Q 
ويحتوي على خلايا وسائل عصبية ويبلغ حجمه ثلاثة أضعاف حجم »مـخ « 
أقـرب أبنـاء عمومتنـا في التطــور من الرئيسيات غير البشريـة Nonhuman 
Primates . لقد ‘ا »ا Hخ « على مدى ملاي € السن € من التـطـور Q مـن الجـزء 
القاعدي إلى ا Hراكز العليا Q حيث تطورت مراكزه الأرقى من الأجزاء الأقل 
تطورًا والأقدم Q [من ا Hعروف أن ‘و ا Hخ في جن € الإنسان يستعـيـد هـذا 
ا Hسار التطوري تقريبا]. 
وأكثر أجزاء ا Hخ بدائية Q هو جذع الدماغ المحيط بقمة الحبل الشوكي Q 
وهذا الجزء مشترك ب € الأنواع كافة Q حتى تلك التي jتلـك الحـد الأدنـى 
من الجهاز العصبي. فهذا الجزء »القاعدي « من »ا Hخ « ينظم وظائف الحياة 
الأساسية Q مثل التنفس Q والتمثيل الغذائـي لأعـضـاء الجـسـم الأخـرى Q كـمـا 
يتحكم في ردود الفعل والحركات النمطية. هذا ا Hخ الـبـدائـي لا ~ـكـن أن 
يفكر أو يتعلم Q لأنه ليس أكثر من مجموعة أدوات تنظيم مبرمجة تحافـظ 
على استمرارية قيام الجسم بوظائفه كما ينبغي Q والاستجابة بطريقة تضمن 
البقاء. كان هذا ا Hخ سائدا في عصر الزواحف: ح € كان الثـعـبـان يـصـدر 
فحيحا كإشارة لخطر هجوم قادم . 
نشأت مراكز ا Hشاعر من جذع الدماغ ــ أصل ا Hخ الأكثر بدائيـة ـــ ثـم 
نشأ العقل ا Hفكر Q أو »القشرة الدمـاغـيـة الجـديـدة ـــ «Neocortex مع تطـور 
هذه ا Hراكز العاطفية بعد ملاي € السن € من مسيرة التطور. هذه القشـرة 
الجديدة عبارة عن انتفاخ بصلي كبير مكون مـن لـفـائـف نـسـيـجـيـة تـشـكـل 
الطبقات العليا من »ا Hخ «. ونشوء العقل ا Hفكر من العقل الانفعالي يكشف 
عن العلاقة ب € الفكر وا Hشاعر Q فقد كـان الـعـقـل الانـفـعـالـي مـوجـودا فـي 
»ا Hخ « قبل وجود العقل ا Hنطقي بزمن طويل. 
وأقدم أصل لحياتنا الانفعالية هو حاسة الشم. أو إذا شئنا الدقة الخلايا 
26
العواطف... اذا? 
التي تستقبل وتحلل الرائحة في »الفص الشمي « من ا Hخ. فـكـل كـيـان حـي 
سواء كان كيانا مفيدا أو ضارا Q أو رفيقا جنسيا Q أو مفترسا Q أو فريسة Q كل 
كيان من هذه الكيانات له بصمة جزيئية —يزة ~كن أن تنتشر في الهواء. 
لذا كان الشم في تلك الأزمنة البدائـيـة هـو أهـم حـاسـة لـلـبـقـاء عـلـى قـيـد 
الحياة. 
وقد بدأت ا Hراكز الانفعالية القد ~ة في التطور من »الفص الـشـمـي « 
في الدماغ Q إلى أن كبر حجمها بالقدر الذي يكفي التحلق حول مقدمة جذع 
الدماغ. وكان مركز الشم في ا Hراحل البدائية يتكون من خلايا عصبية على 
شكل طبقات رقيقة متجمعة Q مهمتها تحليل رائحة من الخلايا التي شمتها Q 
ثم تصنفها وترسلها إلى مجموعة الخلايا ا Hتصلة بـهـا الـتـي تحـدد مـا هـو 
صالح للأكل أو مسموم Q صالح للتعامل مـعـه جـنـسـيـا Q أو مـعـادٍ Q أو إن كـان 
طعاما ... ثم ترسل طبقة أخرى من الخلايا رسائل عـاكـسـة عـبـر الجـهـاز 
العصبي تبلغ بها الجسم zا يجب أن يفعله. هل يقضم الشيء Q أو يبصق أو 
يقترب Q أو يهرب Q أو يطارده? 
وقد نشأت الطبقات الرئيسية للعقل الانفعالـي Q مـع ظـهـور الـثـديـيـات Q 
وهي الطبقات ا Hتحلقة حول جذع ا Hخ Q وتشبه عمامة صغيرة بأسفلها تجويف 
يستقر فيه الجذع. ولأن هذا الجزء من الدماغ يلتف ويحـيـط بـجـذع ا Hـخ Q 
أطلق عليه اسم »الجـهـاز الحـوفـي Limbic System« وهو مشتق من الـكـلـمـة 
الـلاتـيـنــيــة ( Limbus ) ومـعـنـاهـا »دائـرة «. هــذه الأرض الجــديــدة الخــاصــة 
بالأعصاب Q أضافت إلى سجل ا Hخ التاريخي عواطف وانفعالات مـتـمـيـزة. 
فالجهاز الحوفي هو الذي يتحكم فينا ح € تسيطر علينا الشهوة Q أو الغضب Q 
أو الوله في الحب Q أو التراجع خوفا. 
ومع تطور الجهاز الحوفي تحسنت وسيلتان قويتان: التعلـم Q والـذاكـرة. 
أتاحت هذه الخطوة الثورية ا Hتقدمة للحيوان الـقـدرة عـلـى أن يـكـون أكـثـر 
ذكاء في خياراته من أجل البقاء Q وأن تواكب استجاباته ا Hتطلبات ا Hتغيرة Q 
وألا تكون ردود أفعاله آلية كـمـا كـانـت مـن قـبـل. فـإذا تـسـبـب الـطـعـام فـي 
إصابتة با Hرض Q استطاع تجنبه في ا Hرة التالية. وظلت قدرته على تحديد 
ماذا يأكل Q وماذا يتجنب Q تتم من خلال حاسة الـشـم وحـدهـا Q حـيـث تـقـوم 
الرابطة ب € بصلة الشم Q والجهاز الحوفي Q zهمة التمييز ب € الروائح اﻟﻤﺨتلفة 
27
الذكاء العاطفي 
والتعرف عليها Q وا Hقارنة بينها في ذلك الوقت وما كانت عليه في ا Hاضي Q 
وبالتالي تفرق ب € الطيب والخبيـث. كـان هـذا يـتـم بـواسـطـة فـص الـدمـاغ 
الشمي Q وهو جزء من الأسلاك الطرفية والأساس البدائي للقشرة الجديدة Q 
أي الدماغ ا Hفكر. 
ومنذ حوالي مائة مليون عام Q تعاظم حجم ا Hخ في الـثـديـيـات. تـكـونـت 
طبقات جديدة عدة من خلايا ا Hخ على أعلى الطبقت € الرقيقت € من قشرة 
ا Hخ Q وهي ا Hناطق التي تتصور مايأتي عن طريق الحس وتـفـهـمـه Q وتـنـسـق 
الحركة. هذه الطبقات أضيفت إلى ا Hخ فـتـكـونـت الـقـشـرة الجـديـدة ( The 
Neocortex ). وعلى النقيض من الطبقت € القد ~ت € لقشرة ا Hخ Q فإن القشرة 
الجديدة مثلت تقدما يفوق ا Hعتاد للفكر. 
والقشرة الجديدة في مخ الجنـس الـبـشـري ( Homo Sabien ) أكبر كثيـرا 
من قشرة ا Hخ في أي نوع من الكـائـنـات الأخـرى Q وبـالـتـالـي أضـافـت لـهـذا 
الجنس كل ما ~يزه عن غيره. فالقشرة الجديدة jثل مركز التفكير Q فهي 
ترتب ما يأتيها من طريق الحواس وتفهمه. وهي تضيف للشعور التفكير في 
هذا الشعور نفسه Q وتسمح لنا بأن ننفعل بالأفكار Q والفن Q والرموز والخيال. 
لقد نتج عن القشرة الجديدة في عملية التطور Q مسـتـوى مـن الـتـنـاغـم 
الجيد Q حقق بلا ريب ميزات هائلة في قدرة الكائن الحي على النجـاة مـن 
الشدائد Q وجعله أكثر احتمالا Q بحيث تنتقل هذه ا Hيزات إلى جينات ذريته 
التي تحتوي مجموعة الدوائر العصبية نفـسـهـا. هـذه الـقـدرة الأكـبـر عـلـى 
البقاء على قيد الحياة تعتمد على مقدرة القشرة الجديدة علـى تـخـطـيـط 
إستراتيجية طويلة الأجل Q وغيرها مـن الحـيـل الـذهـنـيـة. ومـن ثـم فـإن كـل 
روائع الفن Q والحضارة Q والثقافة ما هي إلا ثمار قشرة ا Hخ الجديـدة. كـمـا 
أضافت هذه القشرة القدرة على تحديد الفروق الإضافية الدقيقة للأفكار. 
فلنأخذ الحب مثلا: تقوم هياكل الجهاز الحوفي zسؤولية توريد مشـاعـر 
ا Hتعة والرغبة الجنسية وهي ا Hشاعر التي تغذي الـشـغـف الجـنـسـي. وقـد 
أدى وجود القشرة الجديدة وارتباطها بالجهاز الحوفي للمخ إلى هذه الرابطة 
ب € الأم وطفلها Q التي هي أساس وحدة الأسرة Q والالتزام بتربيـة الأطـفـال 
منذ الأزل Q فيما حقق إمكان التطور الإنساني. 
الجدير ذكره أن الأنواع التي ليس لهـا قـشـرة مـخ جـديـدة Q تـفـتـقـر إلـى 
28
العواطف... اذا? 
عاطفة الأمومة Q مثل الزواحف التي تختبئ منها صغارها فطريا بعد ولادتها 
خشية التهامها). إن حماية الأبوين من بني الإنسان لأطفالهما تتيح مزيدا 
من النضج الذي يستمر على مدى مرحلة الطفولة الـطـويـلـة Q وفـي الـوقـت 
نفسه تستمر فيه عملية ‘و ا Hخ. 
وكما بدأنا بتطور السلالات من الزواحف إلى القردة الصغيرة Q وصولا 
إلى الإنسان Q نجد أن كتلة القشرة الجـديـدة تـتـزايـد Q مـع تـزايـد تـداخـلات 
دوائر ا Hخ الكهربية zتوالية هندسية. فـكـلـمـا زاد عـدد الارتـبـاطـات زادت 
الاستجابات ا Hمكنة. والقشرة الجديدة تتيح لحياتنا العاطفية ا Hرونة والتعقيد 
معا Q مثل قدرتنا على تكوين مشاعر عن مشاعرنا. والقشرة الجديدة أكبر 
من الجهاز الحوفي في الرئيسيات بصورة أكبر —ا في الأنـواع الأخـرى ـــ 
كما أنها أكبر بكثير في حالة الإنسان. وهذا يفسر قدرتنا على التعبير عن 
عواطفنا وقدرتنا الأكثر على إدراك الفروق الدقيقة ب € الأشياء. فإذا نظرنا 
إلى الأرنب مثلا Q أو القرد الصغير من نوع الريسس نجد استجابتهما للخوف 
‘طية Q عبارة عن مجموعة استجابات محـددة... بـيـنـمـا نجـد أن الـقـشـرة 
الجديدة في مخ الإنسان تفسر Hاذا يتمتع zجموعة استجابات محددة... 
بينما نجد أن القشرة الجديدة في مخ الإنسان تفسر Hاذا يتمتع zجموعة 
من الاستجابات أكثر دقة. والجدير ملاحظته أيضا Q أنه بقدر تعقيد النظام 
الاجتماعي Q يحتاج الإنسان إلى ا Hرونة. وهل هناك عالم معقد اجتماعيـا 
أكثر من عا Hنا?! 
وفي شؤون القلب الحاسمة Q لا تتحكم هذه ا Hراكز العليا للقشرة الجديدة 
في حياتنا Q خاصة في حالة الطوار • العاطفية Q و ~كن القول إنها تنزل عند 
إرادة الجهاز الحوفي. ولأن كثيرا من ا Hراكز العليا نبتت من مجال ا Hنطقة 
الحوفية أو أنها امتدادلها Q لذا يلعب العقل العاطفي دورا حاسما في التركيب 
العصبي. ولأن هذا التركيب العصبي هو الأصل الذي ‘ا فيه ا Hخ الأحدث Q 
نجد أن ا Hناطق الشعورية تتشابك منذ الأزل حيث تربط مجموعة الدوائر 
العصبية بكل أجزاء القشرة الجديدة Q وهذا ما يرفع مراكـز الانـفـعـال إلـى 
مرتبة القوة الهائلة التي تؤثر في أداء بقية الدماغ zا فيها مراكز التفكير. 
29
الذكاء العاطفي 
30
تشريح النوبات الانفعالية 
31 
تشريح النوبات الانفعالية 
كانت تلك الظهيرة الحارة مـن أحـد أيـام شـهـر 
أغسطس من الـعـام Q١٩٦٣ فـي الـيـوم نـفـسـه الـذي 
ألقى فـيـه الـقـس مـارتـن لـوثـر كـنـج الابـن خـطـبـتـه 
الشهيرة: »إنني أحلم « في مسيرة ا Hطالبة بالحقوق 
ا Hدنية بواشنطن Q في ذلك اليوم Q قرر ريتشارد روبلز Q 
لص ا Hنازل المحنك الذي أطلق سـراحـه فـي الـيـوم 
نفسه Q بعد ثلاث سنوات في السجن عقابا لارتكابه 
أكثر من مائة حادث سطو Q ليوفـر ثـمـن الـهـيـرويـن 
الذي أدمنه Q قرر أن يرتكب آخر حادث سـطـو فـي 
حياته. كان »روبلز « ينوي اعتزال الجر ~ـة Q ولـكـنـه 
كان في ذلك اليوم في حاجة ماسة إلى ا Hال Q أراد 
أن يحصل عليه بأي وسيـلـة ـــ كـمـا اعـتـرف بـذلـك 
فيما بعد ــ من أجل صديقته وطفلتهما البالغة من 
العمر ثلاثة أعوام. 
كانت الشقة التي اقتحمها تخص فتات €: جانيس 
ويلي Q التي تبلغ الحادية والعشرين Q وتعـمـل بـاحـثـة 
في مجلة »نيوزويك Q« و »إميلي هوفرت « في الثالثة 
والعشرين وهي مدرسة zدرسة ابـتـدائـيـة. وعـلـى 
الرغم من أن »روبـلـز « قـد اخـتـار هـذه الـشـقـة فـي 
ا Hنطقة الشرقية الراقية من نيويورك Q ليسطو عليها Q 
فإنه لم يتصور أن يكون بها أحد من أصحابها في 
2 
»الحـــيـــاة كـــومـــيــــديــــا Hــــن 
يـفـكـرون... وتـراجـيـديـا Hـن 
يشعرون «
الذكاء العاطفي 
ذلك الوقت. لكن »جانيس ويلي « كانت بداخلها. وبـعـد أن هـددهـا »روبـلـز « 
بسك Q€ قام بتقييدها. وبينما كان يهم بالانصراف Q تصادف أن عادت »إميلي 
هوفرت « في الوقت نفسه Q ولكي يستطيع الهرب في أمان Q بدأ »روبلز « في 
تقييد »إميلي « أيضا. 
وكما روى »روبلز « هذه القصة فيما بعد Q قال إنه بينما كان يقيد »إميلي « 
هددته »جانيس « بأنه لن يفر بجر ~ته Q فهي تـتـذكـر وجـهـه جـيـدا Q وسـوف 
تساعد البوليس في القبض عليه. عندئذ أصيب »روبلز « بالذعر عند سماعه 
هذا التهديد Q لأنه كان قد تعهد أمام نفسه بأن تكون هذه الجر ~ة هي آخر 
جرائمه Q ومن ثم فقد سيطرته على نفسه jاما. وفي نوبة غضب اختطف 
زجاجة صودا Q وأخذ يضرب الفتات € حتى فقدتا الوعي. وفي غمرة موجة 
الغضب والخوف Q أخذ يطعنهما طعنات عدة بسك € ا Hطبخ. وح € يـتـذكـر 
تلك اللحظة بعد ٢٥ عاما من ارتكابه جر ~ته يقول: »كنت مجـنـونـا... ومـا 
حدث وقتها أن رأسي قد انفجر «. ومـازال أمـام »روبـلـز « حـتـى كـتـابـة هـذه 
السطور متسع من الوقت ليظل يندم على تلك الدقائق القليلة من انفجـار 
الغضب Q فضلا عن أنه مازال يقضي عقوبته Hدة ثلاث € عاما أخرى عـلـى 
الجر ~ة التي صارت مشهورة باسم »جرائم قتل العاملات .« 
هذه الانفجارات الانفعالية هي نوبات عصبية. وفي مثل تلك اللحظات 
يعلن ا Hركز الحوفي في ا Hخ حالة الطوار •. وفي لحظة واحدة تحدث النوبة 
بإثارة لحظات الانفعال الحرجة Q قبل أن يتاح للقشرة الجديدة - وهي العقل 
ا Hفكر - الحصول على فرصة لتأمل ما يجري Q لينفرد بقرار يحدد فيه إذا 
كانت تلك النوبة الانفعالية فكرة طيبة أم لا. وثمة علامة على هذا التحول 
إذا مرت لحظة واحدة Q وهي أن أولئك اﻟﻤﺠان € لا يعرفون ما قد طرأ عليهم 
من انفعال. 
إن هذه النوبات الانفعالية Q ليست مجرد أحداث منفصلة ومرعبة Q تؤدي 
إلى جرائم وحشية مثل »جرائـم قـتـل الـعـامـلات Q« إ ‘ـا هـي أيـضـا أحـداث 
تتكرر معنا في صور أقل مأساوية Q وإن لم تكن أقل حدة. فكر في آخر مرة 
فقدت فيها أعصابك Q وانفجـرت غـضـبـا فـي شـخـص مـا Q فـي زوجـتـك Q أو 
طفلك Q أو ر zا في سائـق سـيـارة صـادفـك Q إن هـذا سـيـبـدو بـعـد قـدر مـن 
التأمل والتدبر أمرا لم يكن له ما يبرره إلى حد ما. وكما سيتب € فيما بعد 
32
تشريح النوبات الانفعالية 
فإن مثل هذا الغضب ينشأ في كل الاحتمالات Q في النتوء اللوزي في ا Hخ أو 
ما يعرف باسـم »الأمـيـجـدالا ـــ Q«Amygdala وهو أحد مراكـز ا Hـخ الحـوفـي 
×) ) في مخ الإنسان (وهي كلمة 
33 
.(Limbic Brain) 
وليست جميع النوبات ا Hفاجئة التي تنشأ عن ا Hخ الحوفي باعثة عـلـى 
الضيق Q فعندما يفاجأ إنسان بسماع نكتة ينفجر بالـضـحـك Q إلـى الـدرجـة 
التي تجعل هذا الضحك متفجرا تقريبا Q فهذا أيضا هو استجابة من الدماغ 
الحرفي الذي ينشط أيضا في لحظات الفرح الشديد أيضا. وإليـكـم هـذه 
القصة: بعد أن فشل »دان جانسن « أكثر من مرة في الحصول على ا Hيدالية 
الذهبية في الأو Hبياد Q في رياضة التزحلق على الجليد (وكان قد أخذ على 
نفسه عهدا بأن يحصل عليها من أجل شقيقته التي كانت تحتضر) استطاع 
أخيرا أن يحصل عليها في سباق ( ١٠٠٠ متر) العام Q١٩٩٤ في أو Hبياد النرويج. 
لكن شدة انفعال زوجته وسعادتها الغامرة بانتصار زوجها Q أدت إلى نقلـهـا 
من ا Hلعب إلى أطباء حالات الطوار • ا Hوجودين على جانب حلبة التزلج. 
مركز كل العواطف 
إن النتوء اللوزي أو الأميجدالا Amygdala 
مأخوذة من الكلمة اليونانية almond ) تبدو على شكل لوزة تتكون من تراكيب 
متداخلة تقع أعلى جذع ا Hخ بالقرب من قاعدة الدائرة الحوفية. وفي ا Hخ 
»أميجدالتان « كامنتان Q واحدة في كل جانب من جانبي ا Hخ في اتجاه طرفي 
الجمجمة. وهذا النتوء اللوزي في مخ الإنسان أكبر نسبيا من نـظـيـره فـي 
أقرب الثدييات منا في التطور ألا وهي الرئيسيات. 
كان »قرن آمون ××)«The hippocampus ) و »النتوء اللوزي « يشكلان الأجزاء 
الرئيسية للمخ الشمي البدائي. ومع تطورهـمـا ظـهـرت قـشـرة الـدمـاغ Q ثـم 
القشرة الجديدة بعد ذلك ( eocortex ) Q هذه التراكيب الحوفية هي التي تقوم 
حتى يومنا هذا zعظم عمليات التعلم والتذكـر. »الأمـيـجـدالا « هـي الجـزء 
ا Hتخصص في الأمور العاطفية Q فإذا انفصلت عن بقية أجزاء ا Hـخ Q تـكـون 
النتيجة عجزا هائلا عن تقدير أهمية الأحداث العاطفية Q وهي الحالة التي 
×) )يطلق عليها »النتوء اللوزي « وهو ا Hكان اﻟﻤﺨصص في ا Hخ للاحتفاظ با Hشاعر ا Hتعددة. 
××) ) وهو ا Hكان اﻟﻤﺨصص في ا Hخ للاحتفاظ با Hعلومات والأرقام.
الذكاء العاطفي 
يطلق عليها أحيانا »العمى الانفعالي .«Affective Blindness 
ويؤدي العجز عن تقدير ا Hشاعر العاطفية إلى أن يفقد الإنسان القدرة 
على التواصل مع الآخرين. ولنذكر ــ على سبيل ا Hثال ــ حكاية شاب أجريت 
له جراحة أزيل فيها من دماغه »الأميجدالا « لعلاج نوبات الصرع ا Hرضية 
التي تهاجمه. بعدها تغير jاما: أصبح غير مكترث بالناس Q يفضل الانطواء 
منعزلا بلا أي علاقات إنسانية. ومع أنه كان قديرا في التحاور مع الآخرين Q 
فقد بـات لا يتعـرف على أقـرب أصدقائـه Q وأقاربه Q حتى والدتـه. وظــل لا 
يشـعـر بأي عاطفـة فـي مواجهـة كـرب أو محنة شديدة Q لعدم اكتراثـه بـأي 
شيء. فمن دون »الأميجدالا « في ا Hخ Q أصبح هذا الشاب عاجزا عن التعرف 
على ا Hشـاعـر كـلـيـة Q وأي شـعـور أيـضـا حـول ا Hـشـاعـر Q لأن الـنـتـوء الـلـوزي 
»الأميجدالا « في الدماغ zنزلة مخزن للذاكرة العاطفية Q ومن ثم فله مغزاه Q 
فالحياة من دون وجوده Q حياة مجردة بلا أي دلالات شخصية. 
ولا ترتبط بالنتوء اللوزي مشاعر الحب فقط Q بل تعتمد عليه كل ا Hشاعر 
الأخرى. فالحيوانات التي أزيل النتوء اللوزي من دماغها Q أو انفـصـل جـزء 
منه Q تفتقر إلى الإحساس بالخوف أو الغضب Q وتفقـد حـافـز الـتـنـافـس أو 
التعاون Q كما تفقد الإحساس zوقعها في نظام نوعها الاجتماعي. فالعاطفة 
عندها عمياء Q أو غائبة jاما. أمـا دمـوع الإنـسـان فـهـي عـلامـة انـفـعـالـيـة 
فريدة لا يتمتع بها سوى البشر فقط Q يثيرها النتوء اللوزي Q والتركيب الدماغي 
القريب منه Q والتلافيف المحيطة به: فإذا ما كبـحـت هـذه الـدمـوع Q وجـفـت 
ا Hآقي Q ساعد ذلك في تسك € هذه ا Hناطق نفسها من ا Hخ Q فتتوقف التنهدات. 
فمن دون النتوء اللوزي لا يتمتع البشر بنعمة الدموع التي تخفف الأحزان. 
ويعتبـر »چـوزيـف لـو دو «Joseph Le Doux عالم الأعصـاب zـركـز عـلـوم 
الأعصاب بجامعة نيويورك أول من اكتشف الدور الرئيسي للنـتـوء الـلـوزي 
في العقل العاطفي. وهو أيضا عضو في جـمـعـيـة أعـضـاؤهـا مـن الـعـلـمـاء 
ا Hـتـخـصـصـ € فـي الأعـصـاب تـكـونـت حـديـثـا Q وقـد ابـتـكـر هـؤلاء الـعـلـمــاء 
تكنولوجيات حديثة Q لم تكن معروفـة مـن قـبـل Q مـن حـيـث دقـتـهـا فـي رسـم 
خريطة للمخ في أثناء أداء وظائفه Q وبالتالي كشف أسرار العقل الغامضة Q 
تلك التي اعتقدت الأجيال السابقة من العلماء أنها أسرار لا ~كن اختراقها. 
ألغت اكتشافات »چوزيف لو دو « حول دورة ا Hخ العاطفية Q الفكرة التـي 
34
تشريح النوبات الانفعالية 
استقرت طويلا عن الجهاز الحوفي في الدماغ Q ووضعت النتوء اللوزي في 
مركز الفعل Q والتراكيب الحوفية الأخرى في أدوار مختلفة جدا. 
وقد فسرت أبحاث »چوزيف لو دو « كيف يتحكم النتوء اللوزي في أفعالنا Q 
حتى قبل أن يتخذ كل من العقل ا Hفكر والقشرة الجديدة قـرارا مـا. وكـمـا 
سنرى فإن بؤرة الذكاء العاطفي تتمـثـل فـي ا Hـهـام الـتـي يـقـوم بـهـا »الـنـتـوء 
اللوزي « ودوره ا Hتداخل مع القشرة الجديدة. 
35 
انفلات الأعصاب 
لا شك في أن ما يثير الفضول لفهم قوة العواطف وتأثيرها في حياتنا 
العقلية Q تلك اللحظات ا Hثيرة للمشاعر Q والتي نندم عليها بعـد أن يـنـقـشـع 
عنها غبار الانفعال Q ونتذكرها فيما بعد. لنضرب مثلا بقصـة تـلـك الـفـتـاة 
التي قادت سيارتها على مدى ساعت € إلى مدينة بوسطن لتقضي اليوم مع 
صديقها Q وتتناول معه غداء مبكرا. وفي أثناء تـنـاولـهـمـا الـغـداء Q قـدم لـهـا 
صديقها هدية كانت تريدها منذ شهور Q عبارة عن لوحة فنية إسبانية مـن 
الصعب أن تحصل عليها. لكن فرحتـهـا تـلاشـت jـامـا فـي الـلـحـظـة الـتـي 
اقترحت فيها على صديقها أن يشاهدا معا فيلما في حفل ا Hـاتـيـنـيـه بـعـد 
الغداء Q عندما قال لها إنه لا يستطيع أن يقضي معها الـيـوم بـأكـمـلـه Q لأنـه 
مرتبط zوعد التمرين في رياضة السـوفـت بـول «Softball» . شعرت الفتـاة 
بأنه جرح مشاعرها وانتابتها حالة من الشك Q جعلتها تنفـجـر فـي الـبـكـاء Q 
وتترك ا Hكان Q وتلقي باللوحة الهدية بانفعال في صـنـدوق الـقـمـامـة Q وبـعـد 
شهور من هذه الواقعة Q وهي تسترجع الحادث Q شعرت بالندم على انسحابها Q 
لكنها كانت قد فقدت اللوحة الفنية الجميلة. 
وهكذا Q عندما يسيطر الشعور الانفعالـي عـلـى الـعـقـل ـــ فـي مـثـل هـذه 
اللحظات ــ يكون دور »الأميجدالا « الـذي اكـتـشـف حـديـثـا Q بـالـغ الأهـمـيـة. 
فالإشارات الآتية من الحواس Q تدفع »الأميجدالا « إلى إلقاء نظـرة عـاجـلـة 
على كل تجربة مثيرة للقلق والإزعـاج. وهـذا مـا يـرفـع قـدر »الأمـيـجـدالا Q« 
ويضعها في مركز قوي في حياتنا الذهـنـيـة Q مـثـلـهـا فـي ذلـك مـثـل حـارس 
سيكولوجي يتحدى كل موقف وكل تصور Q ولا يطرح على العقـل سـوى نـوع 
واحد هو أكثرها بدائية مـن قـبـيـل: »هـل أكـره هـذا الـشـيء..? » Q« هـل هـذا
الذكاء العاطفي 
الشيء سيصيبني بالضرر? » Q« هل هو شيء أخافه? Q« فإذا كان الجواب في 
تلك اللحظة (نعم)... يكون رد فعل »الأميجدالا « اللحظي انفلاتـا عـصـبـيـا 
ويرسل برقية لكل أجزاء الدماغ مفادها أن هناك أزمة. 
و »الأميجدالا « لها دور في تركيب ا Hخ ~كن تشبيهه بفريق الإنذار الذي 
يقف أفراده في حال استعداد لإرسال نداءات الطوار • إلى إدارة الحريق Q 
والبوليس Q والجيران Q zـجـرد أن يـرسـل جـهـاز الأمـان فـي الـبـيـت إشـارات 
التنبيه بأن هناك مشكلة من نوع ما. 
فعندما ترسل »الأميجـدالا « إنـذارا مـن نـوع مـا فـي حـالـة الخـوف مـثـلا Q 
فإنها تبعث برسائل عاجلة إلى معـظـم أجـزاء ا Hـخ Q الـتـي تـثـيـر إفـرازات فـي 
الجسم عـبـارة عـن هـرمـونـات Q وتجـنـد مـراكـز الحـركـة - اضـرب أو اهـرب - 
وتنشّط الجهاز الدوري ( Cardiovascular system ) Q والعضلات Q والقناة الهضمية. 
كما تبعث دوائر كهربية أخرى من »الأميجدالا « إشارة إفراز عاجلة إلى »هرمون 
النوريباينفرين «Norepinephrine لوضع مناطق ا Hخ الرئيسية في حال استعداد 
zا فيها تلك ا Hناطق التي تجعل الأحاسيس أكثر يـقـظـة —ـا يـؤثـر فـي ا Hـخ 
ويدفعه إلى حافة الانفعال. وتبعث »الأميجدالا « بإشارات إضافية إلى جذع 
ا Hخ Q فيستقر على الـوجـه تـعـبـيـر الـفـزع Q وتـتـجـمـد الحـركـات غـيـر ا Hـتـصـلـة 
بالعضلات Q وتتسارع ضربات القلب Q ويرتفع ضغط الـدم Q ويـبـطـؤ الـتـنـفـس. 
وهناك إشارات أخرى تلفت الانـتـبـاه الـشـديـد إلـى مـصـدر الخـوف Q وتجـهـز 
العضلات لرد الفعل وفقا Hا يقتضيه ا Hوقف. وبالتزامن تتحول أجهزة الذاكرة 
القشـريـة ( Cortical memory system ) Q لاستدعاء أي معرفـة مـتـصـلـة بـالحـالـة 
الطارئة الراهنة Q ليكون لها الأسبقية قبل استجماع خيوط التفكير. 
إن هذه الإشارات جميعها مجرد جزء فقط من نظام متغيرات متسقـة 
بعناية فائقة Q قامت بتنسيقه »الأميجدالا « التي تقود مراكز ا Hخ اﻟﻤﺨتـلـفـة Q 
وفي حالة الطوار • العاطفية Q تقوم شبكة الروابط العصبية ا Hوسعة Q بإتاحة 
الفرصة لـ »الأميجدالا « لكي يجذب انتباه بقية أجزاء ا Hخ Q zا فيها العقل 
ا Hنطقي ويحثها. 
الحارس العاطفي 
حكى لي صديق Q أنه عندما كان يقضي إجازة في إنجلترا Q اعتاد تناول 
36
تشريح النوبات الانفعالية 
إفطاره متأخرا في أحد ا Hقاهي الواقعة على شاطـئ الـقـنـاة. وبـيـنـمـا كـان 
يتنزه بعد الإفطار Q شاهد فتاة تجلس على الدرجات الحجرية ا Hتجهة إلى 
مياه القناة Q محملقة في ا Hاء وقد تجمد وجهها من الخوف. وقبل أن يعرف 
سبب هذا الخوف Q قفز بحلته ورباط عنقه في ا Hاء. ولم يـدرك أن الـفـتـاة 
كانت في حالة صدمة وهي تحـد°ق في طفل صغير سقط في مياه القـنـاة Q 
وقد jكن صديقي من إنقاذ الطفل بالفعل. 
تُرى... ما الذي جعله يقفز في ا Hاء قبل أن يعرف Hاذا يقفز? الجـواب 
37 
على الأرجح هو »الأميجدالا .« 
ومن أكثر الاكتـشـافـات قـوة حـول الـعـواطـف فـي الـعـقـد الأخـيـر (عـقـد 
الثمانينيات) Q الاكتشاف الذي توصل إليه چوزيف لـو دو «Joseph Le Doux» 
وأظهر به كيف منح ا Hخ »الأميجدالا Q« مركزا متميزا كحارس عاطفي Q قادر 
على القيام بتجنيد وظائف الدمـاغ. فـقـد بـيّن بحثه أن الإشارات الحسـيـة 
القادمة من الع € أو الأذن Q تسير أولا في ا Hخ متجهة إلى ا Hهاد ( Q(Thalamus 
ثم تتجه عبر اتصال منفرد إلى »الأميجدالا Q« وتخرج إشارة ثانية من ا Hهاد 
لتستقر فـي الـقـشـرة الجـديـدة Q أي الـعـقـل ا Hـفـكـر. هـذا الـتـفـرع يـسـمـح لــ 
»الأميجدالا « بأن يكون هو الباد • بالاستجابة Q قبل استجابة القشرة الجديدة 
التي تفكر مليا في ا Hعلومات التي تصلها عبر مستويـات عـدة لـدوائـر ا Hـخ 
العصبية Q قبل أن تدركها jاما لتبدأ استجابتها لها. 
ولا شك في أن ما توصل إليه »لو دو « يعتبر ثورة في مجال فهم الحياة 
العاطفية Q لأنه أول من عكف على دراسة ا Hسارات العصبية للمشاعر التي 
تتجنب ا Hرور على القشرة الجديدة. هذه ا Hشاعر التي تسلك الطريق ا Hباشر 
عبر »الأميجدالا « تتضمن أكثر مشاعرنا بدائية وقوة Q وتفسر الدائرة الخاصة 
بها قدرته على شل تفكيرنا. 
كانت النظرة التقليـديـة فـي عـلـم الأعـصـاب أن الـعـ € والأذن وأعـضـاء 
الحواس الأخرى تنقل إشارات إلى ا Hـهـاد Q ومـن هـنـاك تـتـجـه إلـى مـنـاطـق 
تفسير لأحاسيس بالقشرة الجديدة Q حيث تتجمـع الإشـارات مـعـا لـتـصـبـح 
الأشياء كما ندركها نحن. وتصنف الإشارات إلى معان لكي يتعرف ا Hخ على 
كل شيء أدركه الإحساس Q ومعنى وجوده. كانت النظرية القد ~ة تقـول إن 
الإشارات ترسل إلى ا Hـخ الحـوفـي ( Limbic brain ) Q ومنه تخرج الاسـتـجـابـة
الذكاء العاطفي 
ا Hناسبة داخل ا Hخ وبقية أعضاء الجسم. وكان ذلك ما يعتقد بأنه السبيل 
الذي تعمل به الإشارات معظم الوقت. لكن »لو دو « اكتشف حزمة صغيـرة 
من الأعصاب تتجه مباشرة من ا Hهاد إلى »الأميجدالا Q« بالإضافة إلى تلك 
الأعصـاب ا Hتجهـة عبـر مسار الخلايا العصبية الأكبر إلى القشرة الجديدة. 
ويشبـه هـذا ا Hسـار الأصغـر والأقصـر Q —ـرا خلـــفـيـا عـصـبـــيـا يـسـمـــح لــ 
»الأميجدالا « باستقبال بـعـض مـدخـلات الأحـاسـيـس مـبـاشـرة والـبـدء فـي 
الاستجابة قبل أن تسجلها القشرة الجديدة كاملة. 
ألغى هذا الاكتشاف الجديد الفكرة التي تقول إن »الأميجدالا « يجب أن 
تعتمد اعتمادا كاملا على الإشارات القادمة من القشرة الجديـدة لـتـشـكـل 
ردود أفعالها الانفعالية. فـ »الأميجدالا « تستطيع إثارة استجابـة انـفـعـالـيـة 
من خلال —ر الطوار • حتى لو بدأت دائرة من ردود الفعل ا Hتعاكسة مـن 
»الأميجدالا « والقشرة الجديدة... ومن ثم ~كن لـ »الأميجدالا « أن تجعلنا 
نقفز بالفعل Q بينما تكون القشرة الجديـدة Q الأبـطـأ قـلـيـلا وإن كـانـت أكـثـر 
إ Hاما با Hعلومات Q بصدد الكشف عن خطتها الأكثر إحكاما ودقة للاستجابة 
ورد الفعل. 
أحدث بحث »لو دو « حول شعور الخوف عـنـد الحـيـوانـات انـقـلابـا فـي 
الاعتقاد ا Hعرفي السائد حول ا Hسارات التي تسلكها الانفعالات. وقد أجرى 
تجربة على الجرذان دمر خلالها القشرة السمعية لها Q ثم عرّض الجرذان 
لصوت مصحوب بصدمة كهربية. وبسرعة تعلمت الجرذان أن تـخـاف مـن 
الصوت على الرغم من أن هذا الصوت لم يسجل في قـشـرتـهـا الجـديـدة Q 
لكنه أخذ ا Hسار ا Hباشر من الأذن إلى ا Hهاد إلى »الأميجدالا Q« متفاديا كل 
ا Hمرات الأعلى. باختصار تعلمت الجرذان استجابة انفعالية دون أي تدخل 
من القشرة الجديدة. فقد أدرك »الأميجدالا « وتذكر Q ونسق شعور الخوف 
عند الجرذان مستقلا عن أي جزء آخر من أجزاء ا Hخ. 
تذهب إشارة بصرية أولا من الشبكية إلى ا Hهاد Q حيث تترجم إلى لغـة 
ا Hخ. تذهب معظم الرسالة إلى القشرة البصرية Q حيث تحلل وتقيم Hـعـنـى 
واستجابة مناسبة. فإذا كانت هذه الاستجابة الانفعالية تذهب إشارة إلـى 
الأميجدالا لتنشيط ا Hراكز العاطفية. ولكن جزءا صغيرا من الإشارة الأصلية 
يذهب مباشرة من ا Hهاد إلى الأميجدالا في نقلة سـريـعـة تـتـيـح اسـتـجـابـة 
38
تشريح النوبات الانفعالية 
أسرع (وإن كانت أقل دقة) Q وهكذا ~كن للأميجدالا إثارة استجابة انفعالية 
قبل أن تفهم jاما ا Hراكز القشرية ماذا يحدث. 
وقد أبلغني »لو دو « أن »جهاز الانفعالات يستطيع تشريحيا العمل مستقلا 
عن القشرة الجديدة Q حيث ~كن أن تتشكل بعض ردود الفعـل الانـفـعـالـيـة 
والذكريات الانفعالية دون وعـي Q أو إسـهـام مـعـرفـي عـلـى الإطـلاق... «. فــ 
»الأميجدالا « تستطيع أن تخزن الذكريات Q وتستجـيـب بـردود فـعـل دون أن 
ندرك سببا لهذا Q لأن الطريق اﻟﻤﺨتصر من ا Hهاد إلى »الأميجدالا « يتجنب 
ا Hرور كلية على القشـرة الجديدة. ويبدو أن هذا التجنب Q يتيح لـ »الأميجدالا « 
أن يكـون مستودعـا للانطباعات Q والذكريات العاطفية التي لم نعرف عنها 
شيئا علـى الإطلاق في وعينا الكامل. ويثبت »لو دو « أن دور »الأميـجـدالا « 
الخفي في الذاكرة Q يفسر ــ على سبيل ا Hثال ــ تجربـة مـذهـلـة ~ـيـز فـيـهـا 
الناس ب € أشكال هندسية غير منتظمة برقت أمامهم بسرعة فائـقـة دون 
أن يدركوا بوعي أنهم قد رأوها على الإطلاق. 
39 
ا Hهاد 
القشرة البصرية 
الأميجدالا 
(النتوء اللوزي) 
استجابة Q اضرب - واهرب 
زيادة معدل ضربات القلب Q وضغط الدم 
العضلات الكبيرة تستعد لفعل سريع
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262
262

More Related Content

More from kamal kamal

Almoursalate partie 333
Almoursalate partie 333Almoursalate partie 333
Almoursalate partie 333kamal kamal
 
Almoursalate partie 222
Almoursalate partie 222Almoursalate partie 222
Almoursalate partie 222kamal kamal
 
Almoursalate partie 111
Almoursalate partie 111Almoursalate partie 111
Almoursalate partie 111kamal kamal
 
Sourate almoulke partie 333
Sourate almoulke partie 333Sourate almoulke partie 333
Sourate almoulke partie 333kamal kamal
 
Sourate alkalame partie 3
Sourate alkalame partie 3Sourate alkalame partie 3
Sourate alkalame partie 3kamal kamal
 
Sourate alkalame partie 2
Sourate alkalame partie 2Sourate alkalame partie 2
Sourate alkalame partie 2kamal kamal
 
Sourate alkalame partie 1
Sourate alkalame partie 1Sourate alkalame partie 1
Sourate alkalame partie 1kamal kamal
 
Sourate aljine partie 3
Sourate aljine partie 3Sourate aljine partie 3
Sourate aljine partie 3kamal kamal
 
Sourate aljine partie 2
Sourate aljine partie 2Sourate aljine partie 2
Sourate aljine partie 2kamal kamal
 
Sourate aljine partie 1
Sourate aljine partie 1Sourate aljine partie 1
Sourate aljine partie 1kamal kamal
 
Almostatna bi illa semaine 26
Almostatna bi illa semaine  26Almostatna bi illa semaine  26
Almostatna bi illa semaine 26kamal kamal
 
Almostatna bighayr wa siwa semaine 27
Almostatna bighayr wa siwa semaine  27Almostatna bighayr wa siwa semaine  27
Almostatna bighayr wa siwa semaine 27kamal kamal
 
Kayfa ahmi nafsi wa ahmighairi 10
Kayfa ahmi nafsi wa ahmighairi 10Kayfa ahmi nafsi wa ahmighairi 10
Kayfa ahmi nafsi wa ahmighairi 10kamal kamal
 
Adrosso nachatane iktisadiane 10
Adrosso nachatane iktisadiane 10Adrosso nachatane iktisadiane 10
Adrosso nachatane iktisadiane 10kamal kamal
 

More from kamal kamal (20)

Wahda777 222
Wahda777 222Wahda777 222
Wahda777 222
 
Wahda777 111
Wahda777 111Wahda777 111
Wahda777 111
 
Wahda666 222
Wahda666 222Wahda666 222
Wahda666 222
 
Wahda 666 111
Wahda 666 111Wahda 666 111
Wahda 666 111
 
Wahda 555 222
Wahda 555 222Wahda 555 222
Wahda 555 222
 
Waha555 111
Waha555 111Waha555 111
Waha555 111
 
Almoursalate partie 333
Almoursalate partie 333Almoursalate partie 333
Almoursalate partie 333
 
Almoursalate partie 222
Almoursalate partie 222Almoursalate partie 222
Almoursalate partie 222
 
Almoursalate partie 111
Almoursalate partie 111Almoursalate partie 111
Almoursalate partie 111
 
Sourate almoulke partie 333
Sourate almoulke partie 333Sourate almoulke partie 333
Sourate almoulke partie 333
 
Sourate alkalame partie 3
Sourate alkalame partie 3Sourate alkalame partie 3
Sourate alkalame partie 3
 
Sourate alkalame partie 2
Sourate alkalame partie 2Sourate alkalame partie 2
Sourate alkalame partie 2
 
Sourate alkalame partie 1
Sourate alkalame partie 1Sourate alkalame partie 1
Sourate alkalame partie 1
 
Sourate aljine partie 3
Sourate aljine partie 3Sourate aljine partie 3
Sourate aljine partie 3
 
Sourate aljine partie 2
Sourate aljine partie 2Sourate aljine partie 2
Sourate aljine partie 2
 
Sourate aljine partie 1
Sourate aljine partie 1Sourate aljine partie 1
Sourate aljine partie 1
 
Almostatna bi illa semaine 26
Almostatna bi illa semaine  26Almostatna bi illa semaine  26
Almostatna bi illa semaine 26
 
Almostatna bighayr wa siwa semaine 27
Almostatna bighayr wa siwa semaine  27Almostatna bighayr wa siwa semaine  27
Almostatna bighayr wa siwa semaine 27
 
Kayfa ahmi nafsi wa ahmighairi 10
Kayfa ahmi nafsi wa ahmighairi 10Kayfa ahmi nafsi wa ahmighairi 10
Kayfa ahmi nafsi wa ahmighairi 10
 
Adrosso nachatane iktisadiane 10
Adrosso nachatane iktisadiane 10Adrosso nachatane iktisadiane 10
Adrosso nachatane iktisadiane 10
 

Recently uploaded

عرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
عرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdfعرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
عرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdfr6jmq4dqcb
 
.. مهارات ادارة الوقت و مهارات تنظيم الوقت.ppt
.. مهارات ادارة الوقت و مهارات تنظيم الوقت.ppt.. مهارات ادارة الوقت و مهارات تنظيم الوقت.ppt
.. مهارات ادارة الوقت و مهارات تنظيم الوقت.pptMarwaElsheikh6
 
"الدعامة الأساسية التي يقوم عليها التقويم الذاتي
"الدعامة الأساسية التي يقوم عليها التقويم الذاتي"الدعامة الأساسية التي يقوم عليها التقويم الذاتي
"الدعامة الأساسية التي يقوم عليها التقويم الذاتيNajlaaAlshareef1
 
الصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptx
الصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptxالصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptx
الصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptxv2mt8mtspw
 
درس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمد
درس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمددرس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمد
درس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمدجامعة جنوب الوادي
 
شكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdf
شكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdfشكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdf
شكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdfshimaahussein2003
 
من قصص القرآن الكريم تحكي عن قصة سيدنا يونس عليه السلام وماذا فعل مع قومه بدو...
من قصص القرآن الكريم تحكي عن قصة سيدنا يونس عليه السلام وماذا فعل مع قومه بدو...من قصص القرآن الكريم تحكي عن قصة سيدنا يونس عليه السلام وماذا فعل مع قومه بدو...
من قصص القرآن الكريم تحكي عن قصة سيدنا يونس عليه السلام وماذا فعل مع قومه بدو...qainalllah
 
محمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريم
محمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريممحمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريم
محمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريمelqadymuhammad
 
تطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها في العلوم البيولوجية والطبية
تطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها   في العلوم البيولوجية والطبيةتطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها   في العلوم البيولوجية والطبية
تطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها في العلوم البيولوجية والطبيةMohammad Alkataan
 
by modar saleh في التصوير التلفزيوني أحجام اللقطات .ppt
by modar saleh في التصوير التلفزيوني أحجام اللقطات .pptby modar saleh في التصوير التلفزيوني أحجام اللقطات .ppt
by modar saleh في التصوير التلفزيوني أحجام اللقطات .pptmodarsaleh3
 
عرض تقديمي تكليف رقم (1).الرسوم التعليمية
عرض تقديمي تكليف رقم (1).الرسوم  التعليميةعرض تقديمي تكليف رقم (1).الرسوم  التعليمية
عرض تقديمي تكليف رقم (1).الرسوم التعليميةfsaied902
 
السرقات الشعرية إعداد غادة محمد عبد الراضي
السرقات الشعرية إعداد غادة محمد عبد الراضيالسرقات الشعرية إعداد غادة محمد عبد الراضي
السرقات الشعرية إعداد غادة محمد عبد الراضيsalwaahmedbedier
 
اهمية ملحمة جلجامش تاريخيا وفكريا وأدبيا
اهمية ملحمة جلجامش تاريخيا وفكريا وأدبيااهمية ملحمة جلجامش تاريخيا وفكريا وأدبيا
اهمية ملحمة جلجامش تاريخيا وفكريا وأدبياaseelqunbar33
 
_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناء
_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناء_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناء
_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناءOmarSelim27
 
أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...
أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...
أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...Osama ragab Ali
 
عرض تقديمي لعملية الجمع للاطفال ورياض الاطفال
عرض تقديمي لعملية الجمع للاطفال ورياض الاطفالعرض تقديمي لعملية الجمع للاطفال ورياض الاطفال
عرض تقديمي لعملية الجمع للاطفال ورياض الاطفالshamsFCAI
 
سلسلة في التجويد للدورات التمهيدية والمتوسطة والمتقدمة.pdf
سلسلة في التجويد للدورات التمهيدية  والمتوسطة والمتقدمة.pdfسلسلة في التجويد للدورات التمهيدية  والمتوسطة والمتقدمة.pdf
سلسلة في التجويد للدورات التمهيدية والمتوسطة والمتقدمة.pdfbassamshammah
 
إعادة الإعمار-- غزة فلسطين سوريا العراق
إعادة الإعمار--  غزة  فلسطين سوريا العراقإعادة الإعمار--  غزة  فلسطين سوريا العراق
إعادة الإعمار-- غزة فلسطين سوريا العراقOmarSelim27
 

Recently uploaded (20)

عرض تقديمي عن اسم المفعول.امل عرفات محمد العربي جامعة جنوب الوادي تربيه عام ...
عرض تقديمي عن اسم المفعول.امل عرفات محمد العربي  جامعة جنوب الوادي تربيه عام ...عرض تقديمي عن اسم المفعول.امل عرفات محمد العربي  جامعة جنوب الوادي تربيه عام ...
عرض تقديمي عن اسم المفعول.امل عرفات محمد العربي جامعة جنوب الوادي تربيه عام ...
 
عرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
عرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdfعرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
عرض تقديمي دور مجتمعات التعليم في تحسين جودة الحياة الجامعية .pdf
 
.. مهارات ادارة الوقت و مهارات تنظيم الوقت.ppt
.. مهارات ادارة الوقت و مهارات تنظيم الوقت.ppt.. مهارات ادارة الوقت و مهارات تنظيم الوقت.ppt
.. مهارات ادارة الوقت و مهارات تنظيم الوقت.ppt
 
"الدعامة الأساسية التي يقوم عليها التقويم الذاتي
"الدعامة الأساسية التي يقوم عليها التقويم الذاتي"الدعامة الأساسية التي يقوم عليها التقويم الذاتي
"الدعامة الأساسية التي يقوم عليها التقويم الذاتي
 
الصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptx
الصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptxالصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptx
الصف الثاني الاعدادي -علوم -الموجات .pptx
 
درس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمد
درس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمددرس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمد
درس المنادي للصف الاول الثانوي اعداد إسراء محمد
 
شكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdf
شكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdfشكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdf
شكل الحرف وطريقة الرسم DOC-20240322-WA0012..pdf
 
من قصص القرآن الكريم تحكي عن قصة سيدنا يونس عليه السلام وماذا فعل مع قومه بدو...
من قصص القرآن الكريم تحكي عن قصة سيدنا يونس عليه السلام وماذا فعل مع قومه بدو...من قصص القرآن الكريم تحكي عن قصة سيدنا يونس عليه السلام وماذا فعل مع قومه بدو...
من قصص القرآن الكريم تحكي عن قصة سيدنا يونس عليه السلام وماذا فعل مع قومه بدو...
 
محمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريم
محمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريممحمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريم
محمد احمد سيد احمد محمد سباق عمر يوسف عبدالكريم
 
تطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها في العلوم البيولوجية والطبية
تطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها   في العلوم البيولوجية والطبيةتطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها   في العلوم البيولوجية والطبية
تطبيقات الذكاء الاصطناعي و استخداماتها في العلوم البيولوجية والطبية
 
by modar saleh في التصوير التلفزيوني أحجام اللقطات .ppt
by modar saleh في التصوير التلفزيوني أحجام اللقطات .pptby modar saleh في التصوير التلفزيوني أحجام اللقطات .ppt
by modar saleh في التصوير التلفزيوني أحجام اللقطات .ppt
 
عرض تقديمي تكليف رقم (1).الرسوم التعليمية
عرض تقديمي تكليف رقم (1).الرسوم  التعليميةعرض تقديمي تكليف رقم (1).الرسوم  التعليمية
عرض تقديمي تكليف رقم (1).الرسوم التعليمية
 
السرقات الشعرية إعداد غادة محمد عبد الراضي
السرقات الشعرية إعداد غادة محمد عبد الراضيالسرقات الشعرية إعداد غادة محمد عبد الراضي
السرقات الشعرية إعداد غادة محمد عبد الراضي
 
.العروض التقديمية والرسومات التعليمية bdf
.العروض التقديمية والرسومات التعليمية bdf.العروض التقديمية والرسومات التعليمية bdf
.العروض التقديمية والرسومات التعليمية bdf
 
اهمية ملحمة جلجامش تاريخيا وفكريا وأدبيا
اهمية ملحمة جلجامش تاريخيا وفكريا وأدبيااهمية ملحمة جلجامش تاريخيا وفكريا وأدبيا
اهمية ملحمة جلجامش تاريخيا وفكريا وأدبيا
 
_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناء
_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناء_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناء
_BIMarabia 45.مجلة بيم ارابيا نمذجة معلومات اليناء
 
أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...
أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...
أسامه رجب علي أحمد (عرض تقديمي عن الجمل التي لها محل من الاعراب والتي ليس لها...
 
عرض تقديمي لعملية الجمع للاطفال ورياض الاطفال
عرض تقديمي لعملية الجمع للاطفال ورياض الاطفالعرض تقديمي لعملية الجمع للاطفال ورياض الاطفال
عرض تقديمي لعملية الجمع للاطفال ورياض الاطفال
 
سلسلة في التجويد للدورات التمهيدية والمتوسطة والمتقدمة.pdf
سلسلة في التجويد للدورات التمهيدية  والمتوسطة والمتقدمة.pdfسلسلة في التجويد للدورات التمهيدية  والمتوسطة والمتقدمة.pdf
سلسلة في التجويد للدورات التمهيدية والمتوسطة والمتقدمة.pdf
 
إعادة الإعمار-- غزة فلسطين سوريا العراق
إعادة الإعمار--  غزة  فلسطين سوريا العراقإعادة الإعمار--  غزة  فلسطين سوريا العراق
إعادة الإعمار-- غزة فلسطين سوريا العراق
 

262

  • 1. ABCDEFG 262 الذكاء العاطفي تأليف: دانييل جولمان ترجمة: ليلـى الجبالي مراجعة: محمـد يونس X¹uJ« ‡ »«oeü«Ë ÊuMH«Ë WUI¦K wMÞu« fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WOUIŁ V² WKKÝ cab
  • 2. X¹uJ« ‡ »«oeü«Ë ÊuMH«Ë WUI¦K wMÞu« fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WOUIŁ V² WKKÝ صدرت السلسلة في شعبان ١٩٩٨ بإشراف أحمد مشاري العدواني ١٩٢٣ ـ ١٩٩٠ ABCDEFG acb 262 الذكاء العاطفي تأليف: دانييل جولمان ترجمة: ليلى الجبالي مراجعة: محمد يونس dÐu²√ 2000
  • 3. ا واد ا نشورة في هذه السلسلة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي اﻟﻤﺠلس
  • 4. M M M M تنويه: التحدي الأرسطي ٧ القسم الأول: ا خ الانفعالي ١٦ الفصل الأول: العواطف... اذا? ١٧ الفصل الثاني: تشريح النوبات الانفعالية ٣١ القسم الثاني: طبيعة الذكاء العاطفي ٥٢ الفصل الثالث: عندما يخون الذكاء ٥٣ الفصل الرابع: اعرف نفسك ٧٣ الفصل الخامس: عبيد العاطفة ٨٧ الفصل السادس: القدرة ا سيطرة ١١٧ الفصل السابع: جذور التعاطف ١٤٣ الفصل الثامن: الفنون الاجتماعية ١٦٥
  • 5. M M M M القسم الثالث: الذكاء العاطفي في التطبيق ١٨٦ الفصل التاسع: الأعداء الحميمون ١٨٧ الفصل العاشر: التحكم بالعاطفة ٢١٣ الفصل الحادي عشر: العقل والطب ٢٣٧ القسم الرابع: الفرص ا تاحة ٢٦٤ الفصل الثاني عشر: بوتقة الأسرة ٢٦٥ الفصل الثالث عشر: الصدمة وإعادة التعلم العاطفي ٢٧٩ الفصل الرابع عشر: الطبع ليس قدرا محتوما ٢٩٩ القسم الخامس: محو الأمية العاطفية ٣١٦ الفصل الخامس عشر: ثمن الأمية العاطفية ٣١٧ الفصل السادس عشر: تعليم العواطف ٣٥٧
  • 6. M M M M كلمة أخيرة ٣٦١ ا Hؤلف في سطور ٣٦٣
  • 7. مقدمة 7 التحدي الأرسطي aristotle’s challenge مازلت أذكر ذلك ا Hساء شديد الرطوبة من أحد أيام أغسطس في مدينة نيويورك Q حـيـث الـتـجـهـم والتوتر السمة الغالبة على وجوه الناس. كنـت فـي طريق عودتي إلى الفندق Q وبينما كنت أصعـد إلـى الحافلة ا Hتجهة إلى شارع ماديسون Q شد انتباهـي سائق الحافلة ــ وكان رجلا في منتصف العمر أسمر اللون Q ترتسم على وجهـه ابـتـسـامـة دافـئـة ـــ الـذي حياني بود: »مرحبا Q كيف حالك? Q« وبعد أن أخذت مكاني Q سمعته يرحب بكل راكب يصعد إلى الحافلة وهو يشق طريقه ببطء شديد وسط زحام ا Hدينة. وكانت ملامح الدهـشـة تـبـدو عـلـى وجـه كـل راكـب مثلي jاما. ولأن الجميع استغرقهم ا Hزاج الكئيب لذلك ا Hساء الشديد الرطوبة Q لم تحظ تحية السائق بالرد إلا من عدد محدود منهم. غير أنه مع تقدم مسيره وسط الزحام الخانق إلى وسط ا Hدينة Q حدث تحول بطيء وسحري داخل الحافلة. فقد ظل الـسـائـق يُجري »مونولـوجـا « مـع نفسه شد اهتمام جـمـيـع الـركـاب. سـمـعـنـاه يـعـلـق بصوت مرتفع على كل ما نراه من النـوافـذ حـولـنـا مقدمة »أن يغضب أي إنسان Q فهذا أمر سهل ... لكن أن تغضب من الشخص ا Hناسب Q وفـي الـوقـت ا Hـنـاسـب Q ولـلـهــدف ا Hناسب Q وبالأسلوب ا Hناسب ... فـــلـــيـــس هـــذا بـــالأمــــر السهل... « من كتاب أرسطو »الأخلاق إلى نيقوماخوس «
  • 8. الذكاء العاطفي مثل: »في هذا المحل تخفـيـض هـائـل فـي الأسـعـار Q« أو »فـي هـذا ا Hـتـحـف معرض رائع ... Q« أو »هل سمعتم عن الفيلم الجديد الذي بدأ عرضه فـي هذه السينما? ... «. ومع الوقت انتقلت »عدوى « ابتهاجه zا تتمتع به ا Hدينة من إمكانات ثرية إلى الركاب. و نزل كل فرد في مـحـطـتـه Q وقـد خـلـع عـن وجهه ذلك القناع ا Hتجهم الذي صعد به. وعـنـدمـا كـان الـسـائـق يـودع كـلا منهم بقوله: »إلى اللقاء ... يوما سعيدا... « كان الرد يأتيه بابتسامة جميلة على الوجوه. لقد انطبع هذا ا Hوقف في ذاكرتي قرابة عشرين عاما. وكنت وقتها قد انتهيت رأسا من إعداد رسالتي لنيل الدكتوراه في علم النفس. لكن الدراسات السيكولوجية في تلك الأيام لم تكن تبدي اهتماما يذكر بالكيفية التي ~كن أن يحدث بها مثل هذا التحول. إذ لم يكن العلم السيكولوجي يعرف سوى القليل Q ور zا لم يكن يعرف شيـئـا أصـلا Q عـن آلـيـات الـعـاطـفـة. ومـع ذلـك فكلما تخيلت انتشار » فيروس « ا Hشاعر الطيبة ب € ركاب الحـافـلـة الـذي لابد أنه سرى عبر ا Hدينة Q بدءا من ركاب تلك الحافلة Q اعتبرت ذلك السائق مصلحا يجوب ا Hدينة Q أو »باعث السلام في مجموعة من البشر Q« zقدرته السحرية على التخفيف من حالة التجهم الشديد البادية على وجوه الركاب Q فإذا بقلوبهم تنفتح قليلا Q ويتحول التجهم ا Hرسوم على الوجوه إلى ابتسامة. وفي تناقض صارخ مع هذا الذي ذكرته Q تنبئنا بعض فقرات صحف الأسبوع zا يلي: - أدى صدام غير مقصود وسط جمهرة من ا Hراهق € خارج ناد zانهاتن إلى تدافع عنيف ب € ا Hتجمهرين أدى إلى جرح ثمانية من الصبية Q بعد أن أطلق أحد هؤلاء ا Hراهق € الرصاص على الجمهور من بندقية عيار Q٣٨ لأن كرامته قد أهينت Q كما تصور. وجاء في تقرير الشرطة حول هذا الحادث أن إطلاق الرصاص في مثل هذا الحادث يعتبر من الحوادث الخفيفة التي ينظر إليها على أنها رد فعل للإحساس بالإهانة. وقد أصبحـت مـثـل هـذه الحوادث ظاهرة متصاعدة في السنوات الأخيرة. - في إحدى ا Hدارس الإقليمية Q أخذ طفل صغير في التاسعة من عمره يثير صخبا Q ويلوث بألوان الرسم أدراج الفصول Q وأجهزة الكمبيـوتـر Q كـمـا خرب سيارة كانت تقف في مكان انـتـظـار الـسـيـارات. لـم يـكـن سـبـب هـذا 8
  • 9. مقدمة الهياج سوى جملة نادى بها عليه أحد أقرانه قائلا: »يـا عـيّل « كان ذلك ما دفعه لإثبات أنه ليس »طفلا «. وجاء في تقرير آخر حول ضحايا جرائم ما قبل سن الثانية عشرة Q أن ( ٥٧ % ) من صبية هذه ا Hرحلة السنية هم ضحايا آبائهم Q أو أزواج أمهاتهم. وفي ( ٥٠ % ) من الحالات الواردة في التقرير يقول الآباء إنهم لم يفعلوا شيئا سوى محاولة أداء واجبـهـم فـي تـربـيـة أولادهـم Q zعاقبتهم بالضرب ح € يخالفون أوامرهم Q كأن يركل الطفل جهاز التليفزيون أو يصرخ Q أو يلوّث قِمَاطَه. - يحاكم شاب أ Hاني في جر ~ة بشعة قتل فيها خمس نساء تركيات Q إذ أشعل فيهن النار وهن نائمات. وقد اعترف الشاب في أثناء محاكمته Q وهو عضو في مجموعة نازية جديدة Q بأنه فشل في الحصول على عـمـل Q وأنـه يتعاطى الخمور Q وأنه يحمل الأجانب مسؤولية حظه السيئ. وبصوت عالي النبرات قال: »إنني أشعر طوال الوقت بالأسف على الجر ~ة التي ارتكبتها Q وأخجل من نفسي بلا حدود .« لقد أصبحت أخبار الصحف تحمل لنا كل يوم مثل هذه التقارير حـول انهيار الحس الحضاري وفقدان الإحساس بالأمان Q فيما يشبه مـوجـة مـن الدوافع النفسية ا Hتدنية الآخذة في الاستفحال. غير أن هذه الأخبار إ ‘ا تعكس في النهاية إحساسنا ا Hتزايد بانتشار هذه الانفعالات غير المحكومة على صعيد حياتنا الخاصة Q وحياة الآخرين المحـيـطـ € بـنـا. ولـيـس هـنـاك أحد بيننا zنأى عن ذلك ا Hد ا Hتفلت من الانفجار الانفعالي Q إذ هو يصيب مختلف مناحي حياتنا بشكل أو بآخر. وقد شهد عقد الثمانينيات سلسلة مطردة من التقارير ا Hنذرة بالخطر في هذا الصدد Q تلفت الأنظار إلى صور السلوك الانفعالي الأخرق Q وحالات اليأس والقلق في أوساط أسرنا Q ومجتمعاتنا المحليـة Q وحـيـاتـنـا ا Hـشـتـركـة جميعا. وثمة ظاهرة واضحة في حياتنا اليوم أصـبـح فـيـهـا الـغـضـب عـادة مزمنة Q سواء بتلك العزلة الساكنة التي نترك فيها أطفالنا أمام التليفزيون مع جليسة الأطفال Q أو نتيجة Hا يعانيه الصغار ا Hهـمـلـون مـن آلام نـفـسـيـة نتيجة لهجرهم Q أو لإهمالهم أو لسوء معاملتهم Q أو بسـبـب اعـتـيـاد الـعـنـف القبيح ب € الأزواج. وبإمكاننا قراءة مدى انتشار الانحراف العـاطـفـي Q فـي الأرقام التي تعكس قفزة هائلة في حالات الاكتئاب التي يـشـهـدهـا الـعـالـم 9
  • 10. الذكاء العاطفي أجمع Q وفي التقارير التي تذكرنـا zـوجـات الـعـدوان ا Hـتـفـجـرة: اسـتـخـدام ا Hراهق € الأسلحة النارية في ا Hدارس Q حوادث الطرق الحرة التي تنـتـهـي بتبادل إطلاق النار Q ا Hوظفون الساخطون ا Hـفـصـولـون مـن الخـدمـة الـذيـن يقتلون زملاءهم السابق €. ولقد دخلت تعبيرات مثل »الإساءة العاطفـيـة Q« و »توتر ما بعد الصدمة » Q« وإطلاق النار إثر حوادث السيارات « في قاموس اللغة الشائعة في عقد الثمانينيات Q بعدما تحول شعار التحية ا Hبـهـج مـن: »نهارك سعيد « إلى »دعني وشأني .« وهذا الكتاب هو zنزلة دليل للقار • من أجل إضفاء ا Hعنى على ما يبدو مفتقرا إلى ا Hعنى. ولقد كنت أتابع باهتمام Q بوصفي متخـصـصـا فـي عـلـم النفس Q وبحكم عملي صحافيا على مدى السنوات العشر الأخيرة في جريدة »نيويورك تا ~ز Q« ما حدث من تقدم في فهمنا العلمي لعالم » اللاعقلاني «. ومن زاويتي Q أو نافذتي Q تلك استوقفني اتجاهان متعـارضـان Q أحـدهـمـا يصور كارثة متفاقمة في حياتنا العاطفية ا Hشتركة Q بينما يقدم الثاني بعض العلاجات ا Hتفائلة. هذا الاكتشاف ... لماذا الآن فقط؟ على الرغم من أن عقد الثمانينيات قد حمل إلينا أخبارا سيئة Q فإنه قد شهد أيضا زيادة غير مسبوقة في الأبحاث والدراسات العـلـمـيـة ا Hـتـعـلـقـة بعواطف الإنسان. ور zا jثلت النتائج الأكثر إثارة لتلك الأبحاث في تـلـك اللمحات ا Hصورة للمخ وهو يعمل Q والتي أصبح إنجازها —كنا بفضل وسائل وأساليب مبتكرة حديثا Q مثل التكنولوجيات الجديدة لتصوير ا Hخ. وبفضل هذه التكنولوجيات ا Hتقدمة Q أصبح بالإمكان للمرة الأولى في تاريخ البشرية أن نرى رؤية الع € ما كان دائما مصدر غموض شديد Q أي كيف تعمل هذه اﻟﻤﺠموعة ا Hعقدة من الخلايا في الأثناء التي نفكر فيها أو نشعر Q أو نتخيل Q أو نحلم. هذا الفيض من البيانات العصبية البيولوجية يجعلنا نفهم بوضوح أكبر بكثير من أي وقت مضى كيف تحركنا مراكز »ا Hخ « الخاصة بالعاطفة فنشعر بالغضب Q أو نبكي بالدموع Q وكيف توجه أجزاء ا Hـخ الأقـدم Q والـتـي تدفعنا إلى أن نخوض حربا Q أو إلى —ارسة مشاعر الحب Q إلى الأفضل أو إلى الأسوأ. هذا الوضوح غير ا Hسبوق فيما يتعلق بنشاط العمليات العاطفية Q 10
  • 11. مقدمة في قوتها وضعفها Q يضع في بؤرة البحث العلمي ألوانا حديثـة مـن الـعـلاج لأزمتنا العاطفية الجماعية. ولقد كان علي أن أنتظر حتى وقتنا الراهن حيث اكتمل الحصاد العلمي zا يكفي لتقد œ مثل هذا الكتاب. كذلك يجيء ظهور هذه الأفكار والتأملات الواردة فيه متأخرا جدا Q لأن موقع الشعور قد لقي إهمالا غريبا من جانب الباحث € على مدى سنوات طوال Q وتركت العواطف أرضا مجهولة بالنسبة للعلم السيكولوجي. وفي ظل هذا الخواء العلمي Q انتشرت كـتـب هـدفـهـا ـــ على أحسن الفروض ــ النصيحة القائمة على الآراء الإكلينيكية التي ينقصها الكثير Q وفي مقدمتها الافتقار إلى الأسس العلمية Q عـلـى أن الـعـلـم أصـبـح بإمكانه أخيرا أن يتناول بثقة تلك الأسئلة ا Hلحة المحيرة ا Hتعلقة بـالـنـفـس الإنسانية في أكثر صورها العقلانية Q وأن يرسم بقدر من اليقـ € خـريـطـة للقلب الإنساني. والواقع أن رسم هذه الخـريـطـة عـن طـريـق الـعـلـم يـطـرح تحديا على هؤلاء الذين يؤيدون تلك النظرة الضيقة لـلـذكـاء Q والـقـائـلـة إن حاصل الـذكـاء(*) IQ هو من ا Hعطيات الوراثيـة الـثـابـتـة الـتـي لا تـتـغـيـر مـع الخبرات الحياتية Q وأن قدرنا في الحياة مرهون إلى حد كبير بهذه ا Hلكات الفطرية. ويتجاهل هذا الرأي السؤال الأكثر تحديا وا Hتمثل في: ما الـذي ~كن أن نغيره لكي نساعد أطفالنا على تحقيـق الـنـجـاح فـي الحـيـاة? ومـا العوامل ا Hؤثرة التي تجعل من يتمتع zعامِل ذكاء مرتفع على سبيل ا Hثال Q يتعثر في الحياة بينما يحقق آخرون من ذوي الذكاء ا Hتواضع نجاحا مدهشـا? إننـي أذهـب فـي هـذا الصـدد إلـى أن هـذا الاختـلاف يكمـن Q فــي حـــالات كثيـرة Q فـي تلـك القـدرات التـي نسميـهـــا هـنـــا »الـذكـــــاء الـعـاطـفـــي The» « «Emotional Intelligence والذي يشمل ضبط النفـس Q والحـمـاس Q وا Hـثـابـرة Q والقدرة على حفز النفس. و هذه ا Hهارات ــ كما سنرى فيما بـعـد ـــ ~ـكـن تعليمها لأطفالنا لنوفر لهم فرصا أفضل Q أيا كانت ا Hمكنات الذهنية التـي منحها لهم حظهم الجيني. وفيما وراء هذا الإمكان تلوح ضرورة أخلاقية ملحة. فنحن ‘ر الـيـوم بأوقات تبدو فيها بنية اﻟﻤﺠتمع وقد أخذت في التفكك بصورة متـسـارعـة Q Intelligence Quotient (*) : رقم ~ثل ذكاء الفرد كما تحدده قسمة سنة العقل على عمره الزمني ثم ضرب حاصل القسمة في مائة (ا Hراجع). 11
  • 12. الذكاء العاطفي كما تفسد الأنانـيـة والـعـنـف والخـواء الـروحـي الـسـواء الأخـلاقـي لحـيـاتـنـا اﻟﻤﺠتمعية. هنا Q يتوقف مسوغ القول بأهمية الذكاء العاطفي عـلـى الـصـلـة ب € الإحساس والشخصية والاستعدادات الأخلاقـيـة الـفـطـريـة. إن هـنـاك شواهد متزايدة اليوم على أن ا Hواقف الأخلاقية الأساسية في الحياة إ ‘ا تنبع من قدرات الإنسان العاطفية الأساسية. ذلك أن الانـفـعـال Q بـالـنـسـبـة للإنسان Q هو »واسطة « العاطفة Q وبذرة كل انفعال هي شعور يتفجـر داخـل الإنسان للتعبير عن نفسه في فعل ما . وهؤلاء الذين يكونون أسرى الانفعال ــ أي ا Hفتقرون للقدرة على ضبط النفس ــ إ ‘ا يعانون من عجز أخلاقـي: فالقدرة على السيطرة على الانفعال هي أساس الإرادة وأساس الشخصية Q وعلى النحو نفسه فإن أسـاس مـشـاعـر الإيـثـار إ ‘ـا يـكـمـن فـي الـتـعـاطـف الوجداني مع الآخرين Q أي في القدرة على قراءة عواطفهم. أما العجز عن الإحساس باحتياج الآخر Q أو بشعوره بالإحباط فمعناه عدم الاكتراث. وإذا كان هناك موقفان أخلاقيان يستلزمهما عصرنا Q فهما على وجه التحديد: ضبط النفس والرأفة. رحلتنا أقوم في هذا الكتاب بدور الدليل فـي رحـلـة عـبـر تـلـك الاسـتـكـنـاهـات العلمية لعواطف الإنسان Q رحلة هدفها الوصول إلى مزيد من الفهم لبعض أكثر اللحظات المحيرة في حياتنا الشخصية وفي العالم المحيط بنا. وسنكون قد وصلنا إلى نهاية الرحلة Q إذا ما فهمنا معنى وكيفية ربط الذكاء بالعاطفة. ولا شك في أن هذا الفهم ذاته سيكون عونا لنا Q فدخول الإدراك إلى —لكة ا Hشاعر له تأثير مشابه للأثر الذي يتركه وجود ا Hلاحظ على مستوى الـكـم quantum level في الـفــيزياء Q والذي يـؤدي إلى تغييــر فيمـا تتــم ملاحظته. تبدأ رحلتنا ــ في القسم الأول من هذا الكتاب ــ بآخر اكتشافات تركيبة ا Hخ العاطفية Q و التي تقدم تفسيرا لتلك اللحظات الأكثر تحييرا في حياتنا والتي تهيمن فيها مشاعرنا على عقولنا. إن فهم التفاعل ب € تراكيـب ا Hـخ التي تحكم لحظات غضبنا وخوفنا ــ أو لحظات الحب والفرحة ــ يـكـشـف عن الكثير فيما يتعلق بكيفية تعلمنا للعادات العاطفية التي ~كن أن تقوض أفضل أهدافنا Q وكذلك ما الذي بوسعنا أن نفعله للسيطرة على انفعالاتنا 12
  • 13. مقدمة العاطفية الهدامة وا Hسببة للإحباط. والأكثر أهمية هنا هـو أن مـعـطـيـات دراسة الجهاز العصبي Q تتيح مجالا واسعا لإمكـان تشكيل العادات العاطفية لأطفالنا. وفي المحطة الرئيسية الثانية التي سنتوقف عندها Q في القسم الثـانـي من هذا الكتاب Q سنرى كيف تدخل معطياتنا العصبية في تشـكـيـل ا Hـهـارة الأساسية Hمارسة الحياة والتي نسميها »الـذكـاء الـعـاطـفـي «. أي أن نـكـون قادرين مثلا على التحكم في نزعاتنا ونزواتنا Q وأن نقرأ مشاعـر الآخـريـن الدفينة ونتعامل zرونة في علاقاتنا مع الآخرين Q أو على حد تعبير أرسطو: »تلك ا Hهارة النادرة على أن نغضب من الشخص ا Hناسب Q بالقدر ا Hناسب Q في الوقت ا Hناسب Q وللهدف ا Hناسب .« هذا النموذج ا Hسهب Hعنى أن يكون ا Hرء »ذكيا Q« يضع العواطف في بؤرة 13 القدرات الشخصية في التعامل مع الحياة. أما الجزء الثالث من الكتاب فيبحث في بعض الاختلافـات الأسـاسـيـة ا Hترتبة على هذه القدرات Q مثل: كيف ~كن لهذه القدرات أن تصون علاقتنا الأكثر أهمية أو كيف يفسد الافـتـقـار إلـى هـذه الـقـدرات تـلـك الـعـلاقـات. وكيف تسبغ قوى السوق التي تعيد تشكيل حياتنا العملية أهمية غير مسبوقة على الذكاء العاطفي من أجل تحقيق النـجـاح فـي الـعـمـل. وكـيـف تـتـسـبـب العواطف ا Hسمومة في تهديد صحتنا الجسدية وإصابتها باﻟﻤﺨاطر Q jاما كما يفعل الإفراط في التدخ Q€ في الوقت الذي ~كن للتوازن العاطفي أن يحمي صحتنا وسعادتنا على حد سواء. إن إرثنا الجيني يهب كل واحد منا سلسلة من الخصائص العاطفية التي تحدد طباعنا. غير أن مجموعة دوائر ا Hخ الكهربية ا Hعنية هنا هي دوائر مرنة بصورة غير عادية Q ومن ثم فالطبع ليس قدرا لا يـتـغـيـر. وكـمـا يـبـ € الجزء الرابع من الكتاب فإن ما نتعلمه من دروس عاطفية بصفتنا أطفـالا في منازلنا وطلابا في ا Hدارس Q يشكل الدوائر العاطفية التي إما تجـعـلـنـا أكثر jرسا Q وإما أكثر غباء فيما يتصل بأساسيات الذكاء العاطفي. وذلك يعني أن الطفولة وا Hراهقة إطاران حاسمان لإرساء العادات العاطفية التي ستحكم حياتنا. ويكشف الجزء الخامس من الكتاب ماهية اﻟﻤﺨاطر الـتـي تنتظر من يخفقون Q خلال سنوات ‘وهم إلى سن النـضـج Q فـي الـسـيـطـرة
  • 14. الذكاء العاطفي على عالم العواطف Q أي كيف تتزايد حدة اﻟﻤﺨاطر النفسية نتيجة لضعـف الذكاء العاطفي Q بداية من مرض الاكتئاب أو الحياة ا Hليئة بالعـنـف وحـتـى إدمان اﻟﻤﺨدرات. ويوضح هذا الجزء من الكتاب Q بالوثائق Q كيف تعلم ا Hدارس الرائدة الأطفال ا Hهارات العاطفية والاجتماعية التي تضعهـم عـلـى طـريـق الحياة السليمة. ور zا كان أكثر أجزاء هذا الكتاب إثارة للقلق هو ذلك ا Hـسـح الـبـحـثـي الذي أجري على عدد ضخم من الآباء وا Hعلم Q€ والذي كـشـف عـن اتجـاه سائد في صفوف أطفال الجيل الحالي في العالم كله يتمثل في كونهم أكثر اضطرابا عاطفيا من الجيل السابق Q وأكثر إحساسا بالوحدة وأكثر اكتئابا Q وأكثر غضبا وجموحا Q وأكثر عصبية وقلقا Q وأكثر اندفاعا وعدوانية. وإذا كان ثمة علاج فإنني أتصور أنه سيكمن بالضرورة في الكيفية التي نعد بها صغارنا Hواجهة الحياة. ونحن نترك أمر التعليم العاطفي لأطفالنا Q في الوقت الحاضر Q لعامل ا Hصادفة وهو مـا يـتـرتـب عـلـيـه نـتـائـج وخـيـمـة بصورة متزايدة. ومن ثم لابد من نظرة جديدة للدور الواجب على ا Hدرسة أن تضطلع به من أجل تعليم طلابها Q بحيث يجمع التعليم فيها ب € ثقافتي العقل والقلب. وأخيرا سوف تنتهي رحلتنا معا بزيارات لفصول تعليم ابتكارية تسعى إلى أن توفر للأطفال خلفية معرفية لأسس الذكاء العاطفي. وبإمكاني أن أتنبأ بيوم سيصبح فيه التعليم متضمنا Q بصورة روتينية Q مناهج لـغـرس قدرات مثل التعاطف مع الآخرين Q وضبط النفـس Q والـوعـي بـالـذات Q وفـن الاستماع Q وحل الصراعات Q والتعاون. في كتاب أرسطو الفلسفي: » الأخلاق إلى نيقوماخوس « الذي تناول فيه الفضيلة Q والشخصية Q والحياة الطيبة Q jثل التحدي الرئيسي فـي دعـوتـه إلى إدارة حياتنا العاطفية بذكاء Q فعواطفنا Q إذا مورست —ـارسـة جـيـدة Q ستحوز الحكمة; وعواطفنا هي التي تقود تفكيرنا وقيمنا وبقاءنا. غير أنها ~كن أن تخفق بسهولة Q وهذا ما يحدث كثيرا. إن ا Hشكلة Q في رأي أرسطو Q ليست في الحالة العاطفية ذاتها Q ولكن في سلامة هذه العـاطـفـة وكـيـفـيـة التعبير عنها. ومن ثم فالسؤال هو: كيف نسبغ الذكاء على عواطفنا Q والتحضر على شوارعنا Q والاهتمام والتعاطف على حياتنا اﻟﻤﺠتمعية? 14
  • 16. الذكاء العاطفي 16 القسم الأول المخ الانفعالي
  • 17. العواطف... اذا? 17 العواطف... لماذا؟ تأمل معي اللحظات الأخيرة لــ »جـاري ومـاري ج € تشونسي « الزوج € اللذين كرسا حياتهما jاما لابنتهما الصغيرة »أندريا « البالغة من الـعـمـر أحـد عشر عاما وا Hلازمة Hقعد متحرك نتيجة لإصابتها بشلل (دماغي). كانت أسرة »تشونسي « تركب قطار (آمتراك) الذي سقط في النـهـر بـعـد أن مـر عـلـى قضبان جسر متهاو في ضاحية بايو بلويزيانا. كان أول ما فكر فيه الزوجان هو كيف ينقذان ابنتهما Q ومن ثم بذل كل منهما أقصى جهده بيـنـمـا تـنـدفـع ا Hياه داخل القطار الغـارق Q ونجـحـا فـي الـنـهـايـة ـــ بشكل أو بآخر ــ في دفعها من إحدى نوافذ القطار ليتلقفها رجال الإنقاذ. بعدها اختفى الوالدان تحت ا Hياه مع عربة القطار الغارقة! لقد جسدت قصة الطفلة »أندريا Q« حيث jثل الفعل البطولي الأخـيـر لـوالـديـن فـي ضـمـان بـقـاء طفلهما على قيد الحياة Q لحظة شجاعة أسطورية. ولا شك في أن مثـل هـذه الأحـداث الـتـي يـضـحـي فيها الوالدان بحياتهما من أجل أبنائهما قد تكررت في عدد لا حصر له مـن الـقـصـص ا Hـمـاثـلـة عـلـى مدى تاريخ ــ وما قبل تاريـخ ـــ الـبـشـريـة Q وبـصـورة أكبر في عدد لا نهايه له عبر مسيرة تطور جنسنا 1 بقلبـه يـرى الإنـسـان الـرؤيـة الصحيحة... فالع € لا ترى الجوهر. أنطوان دوسان - أكزوبيري (من الأمير الصغير)
  • 18. الذكاء العاطفي البشري. هذه التضحية الأبوية من منظور البيولوجي € التطوري Q€ ما هي إلا فعل تلقائي يخدم تعاقب السلالات والأجـيـال »مـن خـلال نـقـل جـيـنـات الفرد الإنساني إلى أجيال ا Hستقبل «. لكن هذه التضحية من منظـور الأب الذي يتخذ قرارا يائسا في لحظة محنة Q هي تعبير عن الحب ولا شيء آخر غيره . إن هذا الفعل النموذجي للبطولة الأبوية Q بوصفه استشفافا ملهما لغاية العواطف وقوة تأثيرها Q هو خير شاهد على دور الحب الغيري ــ وكل عاطفة أخرى نشعر بها ــ في الحياة الإنسانية. وهو يوضح أن مشاعرنا وعواطفنا وأشواقنا العميقة Q هي مرشدنا الأساسي Q وأن جنسنا الـبـشـري يـديـن فـي وجوده Q إلى حد كبير Q لقوة تأثيرها في كـل شـؤونـه الإنـسـانـيـة. وهـي قـوة تأثير استثنائية: فالحب الغامر ــ أي الضرورة ا Hلحة لإنقاذ حياة طفل أثير ــ هو وحده الذي ~كن أن يؤدي بأبوين إلى تجاهل دافع البقاء الشخصي. إن هذه التضحية بالنفس Q هي عمل غير عـقـلانـي بـا Hـرة مـن مـنـظـور العقل Q أما zنظور القلب فهي الخيار الوحيد. إن البيولوجي € الاجتماعي € يشيرون إلى تفوق القلب على العقـل Q فـي تلك اللحظات الحاسمة Q عندما يحاولون تخم Q€ Hاذا أعطى التطور العاطفة مثل هذا الدور الرئيسي في النفس الإنسانية Q وهم يقولون إن عواطفنا هي التي ترشدنا في مواجهة ا Hآزق وا Hهام الجسيمة لدرجة لا ينفع معها تركها للعقل وحده Q مثل مواجهة الأخطار Q أو خسارة أو فقـدان شـيء أو شـخـص عزيز وما يستتبع ذلك من حزن وألم Q أو العمل zثابرة لتحـقـيـق هـدف مـا على الرغم مـن الإحبـاط Q أو الارتبـاط بشخـص بالـزواج Q أو بناء أسرة. إن كل عاطفة من عواطفنـا توفر استعدادا متميزا للقيـام بفعل ما Q وكل منهــا يرشدنا إلى اتجاه أثبت فعالية للتعامل مع تحديات الحياة ا Hتـجـددة. ولأن تلــك ا Hواقــف اللانهائيـة تكـررت مــرارا علــى مـدى تاريخنا التطوري Q فقد تجلت القيمة البقائية لذخيرتنـا العاطفيـة فـي أنهـا أصبحت منطبـعـة فـي أعصابـنا كنزعـات داخليـة وغريزيـة للقلب الإنساني. إن أي نظرة للطبيعة الإنسانية تتجاهل قوة تأثير العواطـف هـي نـظـرة ضيقة الأفـق بشكـل مؤسف. والواقـع Q أن اسـم »الجـنـــس الـبـشـــري « ذاتـــه Q«Homo Sapiens» أي الجنس ا Hفكر Q يعد تعبيـرا خـادعـا فـي ضـوء الـرؤيـة 18
  • 19. العواطف... اذا? والفهم الجديدين Hوقع العواطف في حياتنا واللذين يطرحهما العلم الآن. وكما علمتنا خبرات الحياة فإن مشاعرنـا غـالـبـا مـا تـؤثـر فـي كـل صـغـيـرة وكبيرة في حياتنا بأكثر —ا يؤثر تفكيرنا عندما يتعلق الأمر بتشكيل مصائرنا وأفعالنا. ولقد غالينا كثيرا في التأكيد على قيمة وأهمية العقلانية البحتة التي يقيسها معامل الذكاء ( IQ ) في حياة الإنسان. وسواء كان هذا ا Hقياس إلى الأفضل أو إلى الأسوأ Q فلن يحقق الذكاء شيئا لو كُبح جماح العواطف. 19 عندما تهيمن الانفعالات على العقل إليكم هذه القصة التي كانت سطورها ا Hأساوية سلسلة من الأخـطـاء. فقد أرادت »ماتيلدا كرابتري « الصبية البالغة من العمر أربعة عشر عامـا Q أن تفاجىء أباها zقلب مضحك Q فاختبأت في دولاب ا Hلابس Q ثم خرجت منه وهي تصيح »بووو « في اللحظة التي عاد فيهـا والـداهـا مـن سـهـرة مـع بعض الأصدقاء Q لكن »بوبي كرابتري « وزوجته كانا يعتقـدان أن »مـاتـيـلـدا « خارج ا Hنزل عند أصحابها Q ومن ثم فعندما سمع الأب أصواتا عند دخوله ا Hنزل Q اتجه إلى ا Hكان الذي يضع فـيـه مـسـدسـه عـيـار Q٣٥٧ مـتـجـهـا إلـى حجرة ابنته »ماتيلدا « ليضبط ا Hتسلل بداخلها Q وعندما قفزت »ماتيلدا « من الدولاب تلعب لعبتها مداعبة أباها هذرا Q أطلق »كاربتري « النار فأصابهـا في رقبتها Q حيث فارقت الحياة بعد اثنتي عشرة ساعة من الحادث. إن الخوف الذي يحفزنا لحماية أسرتنا من الخطر هو أحد الانفعالات التي ورثناها خلال تطورنا الانفعالي وهو الذي دفـع »الأب بـوبـي « لـيـشـهـر سلاحه بحثا عن الشخص الذي تصور أنه تسـلـل فـي مـنـزلـه. الخـوف هـو الذي دفع »بوبي « لإطلاق النار Q قبل أن يحدد jاما الهدف الذي يطلق عليه النار حتى قبل أن يتعرف على صوت ابنته Q فردود الأفعال التلقائية من هذا النوع قد حُفرت في جهازنا العصبي Q كما يتصور البيولوجيون التطوريون Q لأنها كانت الخط الفاصل ب € الحياة وا Hوت على مدى فقرات طويلة حاسمة فيما قبل التاريخ الإنساني Q والأمر الأكثر أهمية من ذلك أنها كانت أساسية بالنسبة للهدف الرئيسـي لـلـتـطـور Q ألا وهـو الـقـدرة عـلـى إنجـاب ذريـة مـن شأنها أن تواصل التصرف وفقا لهذه ا Hيول الوراثية التي كـانـت Hـفـارقـات القدر Q السبب في مأساة أسرة كرابتري.
  • 20. الذكاء العاطفي ولكن Q على ح € كانت عواطفنا هي ا Hرشد الحكيم في مسيرة التطـور ا Hمتد آلاف السن Q€ نجد أن حقائق الحضارة الجديدة قد تسارعت بـهـذه الدرجة التي لم يستطع إيقاع التطور البطيء أن يواكبها ويتـمـاشـى مـعـهـا. والواقع Q أن أول ما عرف من قوان € ومواثيق أخلاقية مثل: قانون حامورابي Q و »وصايا العبراني € العشر Q« و »مراسيم الإمبراطور أشوكا Q« ~كن أن تفهم بوصفها محاولات لتحجيم وإخضاع واستئناس الحياة العاطفية. وعلى حد تعبير فرويد Q في كتابه »الحضارة ومضارها Q« أن اﻟﻤﺠتمـع تـعـ € عـلـيـه أن يفرض من خارجه قواعد تهدف لكبح الانفعالات الجامحة التي تنفلت من عقالها دون رابط في داخله. وعلى الـرغــم مـن هـذه الـقـيـود الاجتماعيـة Q فـإن الانـفـعـالات تـهـيـمـن على الـعـقـل فـي كـثـيـر من الأحيان . هذا النزوع للطبيعة الإنسانية نـاشـئ عـن بـنـيـة الـحـيـاة الـــعـقـلية الأساسيـة. فـفـي ضـوء الـتـركـيـب الـبـيـولـوجـي ﻟﻤﺠموعة الدوائر العصبية Q للانفعال Q فــإن مــا ولدنــا بــه هــو الــذي كــان الأجــدى علـى مــدى الـ ( ٥٠ ألف جيل الأخيرة) لا الـ ( ٥٠٠ جيل الأخيرة) ـــ وبالتأكيـد ليـس الـ (خـمـسـة أجـيـال ا Hــاضـيـة). ذلك أن قوى التطور البطيئة والـقـصـديـة الـتي شـكـلـت انـفـعـالاتـنـا قـامـت بـــعـمـلـهـا عـلـى مـدى مـلايـ € السن €. ومع أن العشرة آلاف سنة ا Hاضية Q قد شهدت نهضة الحضارة الإنسانية سريعة الإيقاع Q بالإضـافـة إلـى انـفـجـار الـتـعـداد الـسـكـانـي الـذي قـفـز مـن خمسةملاي € نسمة Q إلى خمسة بلاي € نسمة Q فإن هذه النهضة لم تـتـرك على قالبنا البيولوجي الخاص بحياتنا العاطفية Q سوى القليل من الآثار. وسواء كان ذلك للأفضل أو للأسوأ فإن كل ما نواجهـه ونـسـتـجـيـب لـه على ا Hستوى الشخصي Q وكذا تقييمنا له لا يشكلان فقط نتيجة Hا نصدره من أحكام عقلانية Q بل نتيجة لتاريخنا كـأفـراد ومـاضـي أسـلافـنـا الـبـعـيـد أيضا. ويخلف لنا ذلك في بعض الأحيان استعدادا فطريا مأساويا نشهده في أحداث مأساوية Q كتلك التي تعرضت لها أسـرة كـرابـتـري . وخـلاصـة القول Q أننا نواجه في كثير من الأحيان مآزق مابعد حداثيـة ذات خلـفـيـــة تتناسـب مـع احتياجـات عصـر البنستوسـ € (الدهـر الحديـث في الجيولوجيا) وهذه ا Hآزق تقع في صلب ا Hوضوع الذي ندرسه هنا. 20
  • 21. العواطف... اذا? 21 بواعث الفعل كنت أقود سيارتي في أحد أيام بداية فصل الربيع في الطريق السريع الذي ~ر عبر طريق جبلي مارا بكلورادو Q عندما بدأت ثلوج خفيفة تتساقط وتتناثر أمامي على مسافة قصيرة. أخذت أحدق النظر في الطريق Q فلـم أستطع jييز شيء Q لأن تراكم الثلج رسم لونا أبيض حجب عنـي الـرؤيـة. وعندما ضغطت بقدمي على »الكابح Q« أحسست بقلق يغمرني إلى حـد أن ضربات قلبي كانت مسموعة. تحول القلق في أعماقي إلى خوف شديد. اتجـهـت إلـى ~ـ € الـطـريـق وتوقفت منتظرا انقشاع موجة تساقط الثلوج. وبعد نصف ساعة من الانتظار Q توقف سقوط الثلج Q وعادت الرؤية Q وواصلت طـريـقـي . لـكـن بـعـد بـضـع مئات من الياردات Q اضطررت إلى التوقف مرة أخرى . Hاذا..? كان هناك فريق من رجال الإسعاف يساعدون قائد إحدى السيارات اصطدم بسيارة أخرى كانت تسير أمامه ببطء Q —ا ترتب عـلـيـه إغـلاق الـطـريـق. وهـا أنـا أتساءل: ألم يكن هناك احتمال كبير أن أصطدم بهم إذا كنت قد واصـلـت طريقي في ظل تساقط الثلج الذي أخفى عني الرؤية jاما . ر zا كان الخوف الحذر الذي jلكني في ذلك اليوم قد أنقذ حياتـي . كنت في حالة نفسية داخلية اضطرتني إلى التوقف وتوقع خطر قادم . كنت مثل أرنب تجمد من الخوف عندما Hح ذئبا ~ر به Q أو كحيوان ثديي مختبىء من ديناصور مهاجم . الواقع Q أن كل الانفعالات فـي جـوهـرهـا هـي Q دوافـع لأفـعـالـنـا ... هـي الخطط الفورية للتعامل مع الحياة التي غرسها التطور في كياننا الإنساني. وأصل كلمة انفعال جاء من الفعل اللاتيـنـي »يـتـحـرك Motere) « ) بالإضافـة إلى الـبـادئـة ( e) التي تعني التحـرك بـعـيـدا Q فـي إشـارة إلـى أن كـل انـفـعـال يتضمن نزوعا إلى القيام بفعل ما. هذه الانفعالات التي تقود إلى الأفعال Q نراها بوضوح أكثر عندما نشاهد الحيوانات أو الأطفال. وغـالـبـا مـا نجـد خروجا عن ا Hألوف في الأفعال Hن بلغوا سن النضج و »التحضر « في ا Hملكة الحيوانية Q عندما تنفصل العواطف عن رد الفعل الظاهري. ويلعب كل انفعال في سجلنا العاطفي دورا فريدا Q كما توضحها البصمات البيولوجية ا Hتميزة. وقد jكن الباحثون اليوم بالوسائل العلميـة الجـديـدة
  • 22. الذكاء العاطفي بالغة التقدم التي استطاعت أن ترى الجسم وا Hخ من الداخـل بـدقـة Q مـن اكتشاف مزيد من تفاصيل الكيفية الفسيولوجية التي تجهز بهـا الـعـاطـفـة الجسم zختلف أنواع الاستجابات. وعلى سبيل ا Hثال : - في حالة الغضب : يتدفق الدم إلى اليدين ليجعلهما قادرت € بصورة أسهل على القبض على سلاح أو ضـرب عـدو. وتـتـسـارع ضـربـات الـقـلـب Q وتندفع دفقة من الهرمونات مثل هرمون »الأدرينال «€ فيتولد كم من الطاقة القوية تكفي القيام بعمل عنيف. - وفي حالة الخوف: يندفع الدم إلى أكبر العضلات حجما Q مثل عضلات الساق Q€ فيسهل الهرب Q ويصبح الوجه أبيض اللون شاحبا لأن الدم يهرب منه .. (ويشعر الخائف بأن دمه يجري باردا في عروقه) Q ويتجمد الجسم في الوقت نفسه ــ ولو للحظة واحدة ــ ر zا ليسمح له بوقت يستطيع فـيـه تقدير ما إذا كان الاختفاء هو رد الفعل الأفضل . وتثير دوائر ا Hخ الكهربية مراكز الانفعالات في الدماغ Q فتبعث فيضا من الهرمونات التي تجعل الجسم في حالة يقظة تامة تسمح له بأن يكون على حافة الاستعداد للقيام بفعـل ما Q وتركيز انتباهه على الخطر ا Hاثل أمامه حيث يختار الاستجابة ا Hناسبة للقيام بها . ومن ب € التغيرات البيولوجية الأساسية في الإحساس »بالسعادة « حدوث نشاط متزايد في مركز با Hخ يثبط ا Hشاعر الـسـلـبـيـة Q مـع تـنـمـيـة الـطـاقـة ا Hتزايدة ا Hتاحة في هذا ا Hركز Q فضلا عن تهدئة كل ما يولد أفكارا مؤرقة. ولا يحدث مع هذه التغيرات تحول فسيولـوجـي خـاص يـحـول دون الـهـدوء الذي يجعل الجسم يشفى سريعا من الإثارة البيولوجية الناتجة عن الانفعالات ا Hزعجة. وهذه الحالة تحقق للجسم راحة عامة واستعدادا وحماسة للقيام بأي مهمة Q وبذل أي جهد لتحقيق أهداف عظيمة ومتنوعة. والحب وا Hشاعر الرقيقة Q والإشباع الجنسي تستتبع جميعا إثارة الجهاز العصبي الباراسمبتاوي Q وهو النقيض الفسيولوجي لحشد الجسم (الضرب أو الهرب) في حالة الغضب أو الخوف. أما النموذج الباراسمبـتـاوي الـذي يطلق عليه الاستجابة ا Hسترخية فـهـو مـجـمـوعـة مـن ردود الـفـعـل تـشـمـل الجسم كله Q وتولد حالة من الهدوء والرضا Q وتسهل التعاون مع الآخرين . وفي حالة الدهشة : ترفع الحواجب لتسمح بنظرة شاملة أوسع Q وتسمح 22
  • 23. العواطف... اذا? بدخول مزيدمن الضوء إلى الشبكية. وهذا يوفر مزيدا من ا Hعلومات حول ما حدث دون توقع وأثار الدهشة Q ويكشف حقيقة ما يجري بالضبط Q zا يساعد على اختيار أفضل فعل مناسب للموقف. ثمة jاثل في العالم كله في التعبير عن الاشمئـزاز Q بـالـتـمـاثـل نـفـسـه للرسالة التي تثيره كشيء كريه الطعم أو الرائحة أو ما شابه ذلك Q يتـمـثـل في تعبير الوجه Q حيث تتحور الشفة العليا إلى جانب من الفم Q بينما يتجمد الأنف قليلا ــ كما لاحظ داروين ــ لغلق فتحتي الأنف ضد الرائحة الكريهة أو ح € لفْظ طعام فاسد. أما الوظيفة الرئيسية للحزن فهي مساعدة الحزين على التوافق النفسي في حالة فقدان شخص عزيز Q كأحد أقربائه Q أو إصابته بخيبة أمل كبيرة. والحزن يؤدي إلى هبـوط فـي الـطـاقـة وفـي الحـمـاسـة Hـمـارسـة الأنـشـطـة الحياتية Q وخاصة في مجالات اللهو والترويح عن النفس Q فيما يعمق تراجع النشاط والشعور بالحزن الذي يقترب من الاكتئاب ... ويبطئ من عمـلـيـة التمثيل الغذائي في الجسم. هذا الانسحاب الذاتي يخلق فرصة الـتـفـجـع على الفقيد Q أو الشعور بالأمل المحبط Q وما يترتب عليه في حيـاة الحـزيـن ليخطط لبداية جديدة ح € يسترد قدراته. وح € يفقد الشخص الحزين Q أو الشديد الحساسية نشاطه وقدراته Q نجده يعزل نفسه في بـيـتـه Q حـيـث يشعر بالأمان. هذه النزعات الفطرية البيولوجية تشكلها خبراتنا الحياتـيـة وثـقـافـتـنـا فإذا فقدنا عزيزا ــ على سبيل ا Hثـال ـــ شـعـرنـا بـالحـزن والألـم Q ولـكـن مـا مظاهر هذا الحزن? وكيف نفصح عن عواطفنا? أو كيف نخفيها ولا نظهرها إلا في لحظات خاصة ? هذا أو ذاك تقولبه ثـقـافـتـنـا الـتـي تحـدد مـن هـم الذين نضعهم في فئة »الأعزاء « فنحزن لفراقهم . ولا شك في أن الزمان ا Hمتد لتاريخ التطـور الـذي تـشـكـلـت فـيـه تـلـك التفاعلات العاطفية Q كان الواقع فيه أصعب —ا يتحمله الجنس الـبـشـري بعد بدء التاريخ ا Hدون. ذلك الزمن Q كان زمن موت الأطفال في عمر الطفولة Q وبقاء البالغ € أحياء إلى عمر الثلاث €. كانت الحيوانات الضارية في ذلك الزمن تستطيع أن تضرب في أي لحظة Q وكانت تقلبات الأحوال البيئية ب € الجفاف والفيضان تعني إما ا Hوت جوعا أو البقاء على قيد الحياة. لكن مع 23
  • 24. الذكاء العاطفي ظهور الزراعة حتى في أكثر اﻟﻤﺠتمعات بدائية طرأ تغير كبير على التحديات التي تواجة بقاء البشر. وعندما ترسخ التقدم في العالم كله خلال عـشـرة الالآف عام ا Hاضية Q استمر التخفف من الضغوط القاسية التي كبحت ‘و البشر من قبل. هذه الضغوط نفسها هي التي جعلت استجاباتنا الانـفـعـالـيـة لا تـقـدر قيمتها بثمن Q ومع انحسار هذه الضغوط تضاءلت أيضا أهمية بعض جوانب موروثاتنا الانفعاليه لبقائنا. وعلى ح € كان الغضب الـشـديـد فـي ا Hـاضـي حاسما لبقائنا Q فإن مثل هذا الغضب من جانب شاب في الثلاثينيـات مـن العمر مسلح بسلاح آلي ~كن أن تنجم عنه كارثة الآن. في دماغنا عقلان إليكم هذه القصة التي حكتها لي صـديـقـة بـعـد طـلاقـهـا مـن زوجـهـا Q وانفصالها ا Hؤلم. قالت لي إن زوجـهـا وقـع فـي حـب زمـيـلـة لـه فـي الـعـمـل تصغرها في العمر. وفجأة أعلن عزمه على ترك أسرته ليعيش مع حبيبته Q بعد فترة من ا Hشاحنات بينهما حول الشقة Q والنقود Q ورعاية الأولاد. وبعد مضي أشهر عدة من هذا الحدث Q قالت لي صديقتي إن استقلالها الـيـوم عن زوجها يناسبها jاما Q وإنها سعيدة لأنها أصبحت jلك قرارها وقالت: »وهاأنااليوم لم أعد أفكر فيه على الإطلاق Q ولم يعد يهمني حقا «. لـكـنـهـا ح € نطقت بهذه الجملة اغرورقت عيناها بالدموع. من السهل أن jر لحظة هذه العيون الدامعة من دون مـلاحـظـة Q لـكـن التعاطف مع إنسان تدمع عيونه Q يعني أن هذا الإنسان حزين علـى الـرغـم من كلماته التي تنطق بعكس ذلك. تلك العيون الدامعة تؤكد معنى واضحا مثلما يحدث عندما تقرأ كلمات مطبوعة في كتاب Q معنى بعضها من فعـل العقل العاطفي والآخر من فعل العقل ا Hنطقي Q أي أن لدينا ــ في الحقيقة والواقع ــ عقل Q€ عقل يفكر Q وعقل يشعر . هاتان الطريقتان اﻟﻤﺨتلفتان اختلافا جوهريا للمعرفة Q تتفاعلان لبـنـاء حياتنا العقلية. الأولى Q طريقة العقل ا Hنطقي Q وهي طريقة فهم ما نـدركـه jام الإدراك والواضح وضوحا كاملا في وعينا Q وما يحتاج منا إلى التفكير فيه بعمق وتأمله. ولكن ... إلى جانب هذا Q هناك نظام آخر للمعرفة قوي 24
  • 25. العواطف... اذا? 25 ومندفع Q وأحيانا غير منطقي. هذا النظام هو العقل العاطفي. ويقترب هذا التقسيم الثنائي إلى عاطفي ومنطقي من التمييز الشائع ب € العقل والقلب. فح € يعرف الإنسان بقلبه أن هذا الشيء صحيح Q فهذا أمر يختلف عن الاقتناع ــ نوع من ا Hعرفة أعمق من اليق Q€ وأكثر من الفكير فيه بالعقل ا Hنطقي. فهناك علاقة طردية ب € سيطرة العواطف وسيـطـرة ا Hنطق على العقل Q فكلما كانت ا Hشاعر أكثر حدة زادت أهمية العقل العاطفي Q وأصبح العقل ا Hنطقي أقل فاعلية. وهذا الترتيب يبدو أنه نابع عبر دهور من التطور Q من تفوق الاسترشـاد بـالانـفـعـالات والحـدس فـي اسـتـجـابـاتـنـا التلقائية للمواقف التي تكون فيها حياتنا في خطر Q وهي ا Hواقف التي قد يكلفنا فيها التوقف للتفكير حياتنا ذاتها. هذان العقلان ــ العاطفي وا Hنطقي ــ يقومان معا في تناغم دقيق دائما بتضافر نظاميهما اﻟﻤﺨتلف € جدا في ا Hعرفة بقيادة حياتنا. ذلك لأن هناك توازنا قائما ب € العقل العاطفي Q والعقل ا Hنطـقـي. الـعـاطـفـة تـغـذي وتـزود عمليات العقل ا Hنطقي با Hعلومات Q بينما يعمل العقل ا Hنطقي علـى تـنـقـيـة مدخلات العقل العاطفي Q وأحيانا يعترض عليـهـا. ومـع ذلـك يـظـل كـل مـن العقل € ملكت € شبه مستقلت Q€ كل منهمـا ـــ كـمـا سـنـرى ـــ يـعـكـس عـمـلـيـة متميزة Q لكنهما مترابطتان في دوائر ا Hخ العصبية . وهناك ب € العقل Q€ في كثير من اللحظات أو فـي مـعـظـمـهـا Q تـنـسـيـق دقيق رائع. فا Hشاعر ضرورية للتفكير Q والتفكير مهم لـلـمـشـاعـر. لـكـن إذا تجاوزت ا Hشاعر ذروة التوازن Q عندئذ يسود ا Hوقف العقل العاطفي Q ويكتسح العقل ا Hنطقي. كتب »آرازموس « أحد أنصار النزعة الإنسانـيـة فـي الـقـرن السادس عشر Q بأسلوب تهكمي حول هذا التوتر ب € العقل والعاطفة : ... (منح جوبتر كبير الآلهة العاطفة درجة تفوق أكبر كثيرا من العقل Q تقدر بـ ( ٢٤ ــ ١). وضع أمام قوة العقل الوحيدة Q قوت € تتسمان بـالاسـتـبـداد والعنف Q »الغضب « و »الشهوة «. فكيف ~ـكـن لـلـعـقـل أن يـسـود أمـام قـوتـ € متضافرت €. إن هذا يتضح من حياة الناس العادية. فالعقل يفـعـل الـشـيء الوحيد الذي يستطيعه Q ويظل يصيح بصوت أجش مكررا صورا من الفضيلة Q بينما يأمره الانفعالان الآخران أن يذهب ليشنق نفسه. وهكذا يستمر تزايد الضجة والهجوم فيما بينهما Q إلى أن يشعر »القائد «
  • 26. الذكاء العاطفي في نهاية الأمر بالإرهاق فيستسلم). كيف ينمو المخ؟ إذا أردنا أن نعرف كيف تهيمن العاطفة بقبضتـهـا الـقـويـة عـلـى الـعـقـل ا Hفكر Q و Hاذا تظل ا Hشاعر والعقل في حالة تأهب للحرب فيـمـا بـيـنـهـمـا Q لابد أن ندرس كيـف يـتـطـور ا Hـخ. يـزن »مـخ « الإنـسـان نـحـو ثـلاثـة أرطـال Q ويحتوي على خلايا وسائل عصبية ويبلغ حجمه ثلاثة أضعاف حجم »مـخ « أقـرب أبنـاء عمومتنـا في التطــور من الرئيسيات غير البشريـة Nonhuman Primates . لقد ‘ا »ا Hخ « على مدى ملاي € السن € من التـطـور Q مـن الجـزء القاعدي إلى ا Hراكز العليا Q حيث تطورت مراكزه الأرقى من الأجزاء الأقل تطورًا والأقدم Q [من ا Hعروف أن ‘و ا Hخ في جن € الإنسان يستعـيـد هـذا ا Hسار التطوري تقريبا]. وأكثر أجزاء ا Hخ بدائية Q هو جذع الدماغ المحيط بقمة الحبل الشوكي Q وهذا الجزء مشترك ب € الأنواع كافة Q حتى تلك التي jتلـك الحـد الأدنـى من الجهاز العصبي. فهذا الجزء »القاعدي « من »ا Hخ « ينظم وظائف الحياة الأساسية Q مثل التنفس Q والتمثيل الغذائـي لأعـضـاء الجـسـم الأخـرى Q كـمـا يتحكم في ردود الفعل والحركات النمطية. هذا ا Hخ الـبـدائـي لا ~ـكـن أن يفكر أو يتعلم Q لأنه ليس أكثر من مجموعة أدوات تنظيم مبرمجة تحافـظ على استمرارية قيام الجسم بوظائفه كما ينبغي Q والاستجابة بطريقة تضمن البقاء. كان هذا ا Hخ سائدا في عصر الزواحف: ح € كان الثـعـبـان يـصـدر فحيحا كإشارة لخطر هجوم قادم . نشأت مراكز ا Hشاعر من جذع الدماغ ــ أصل ا Hخ الأكثر بدائيـة ـــ ثـم نشأ العقل ا Hفكر Q أو »القشرة الدمـاغـيـة الجـديـدة ـــ «Neocortex مع تطـور هذه ا Hراكز العاطفية بعد ملاي € السن € من مسيرة التطور. هذه القشـرة الجديدة عبارة عن انتفاخ بصلي كبير مكون مـن لـفـائـف نـسـيـجـيـة تـشـكـل الطبقات العليا من »ا Hخ «. ونشوء العقل ا Hفكر من العقل الانفعالي يكشف عن العلاقة ب € الفكر وا Hشاعر Q فقد كـان الـعـقـل الانـفـعـالـي مـوجـودا فـي »ا Hخ « قبل وجود العقل ا Hنطقي بزمن طويل. وأقدم أصل لحياتنا الانفعالية هو حاسة الشم. أو إذا شئنا الدقة الخلايا 26
  • 27. العواطف... اذا? التي تستقبل وتحلل الرائحة في »الفص الشمي « من ا Hخ. فـكـل كـيـان حـي سواء كان كيانا مفيدا أو ضارا Q أو رفيقا جنسيا Q أو مفترسا Q أو فريسة Q كل كيان من هذه الكيانات له بصمة جزيئية —يزة ~كن أن تنتشر في الهواء. لذا كان الشم في تلك الأزمنة البدائـيـة هـو أهـم حـاسـة لـلـبـقـاء عـلـى قـيـد الحياة. وقد بدأت ا Hراكز الانفعالية القد ~ة في التطور من »الفص الـشـمـي « في الدماغ Q إلى أن كبر حجمها بالقدر الذي يكفي التحلق حول مقدمة جذع الدماغ. وكان مركز الشم في ا Hراحل البدائية يتكون من خلايا عصبية على شكل طبقات رقيقة متجمعة Q مهمتها تحليل رائحة من الخلايا التي شمتها Q ثم تصنفها وترسلها إلى مجموعة الخلايا ا Hتصلة بـهـا الـتـي تحـدد مـا هـو صالح للأكل أو مسموم Q صالح للتعامل مـعـه جـنـسـيـا Q أو مـعـادٍ Q أو إن كـان طعاما ... ثم ترسل طبقة أخرى من الخلايا رسائل عـاكـسـة عـبـر الجـهـاز العصبي تبلغ بها الجسم zا يجب أن يفعله. هل يقضم الشيء Q أو يبصق أو يقترب Q أو يهرب Q أو يطارده? وقد نشأت الطبقات الرئيسية للعقل الانفعالـي Q مـع ظـهـور الـثـديـيـات Q وهي الطبقات ا Hتحلقة حول جذع ا Hخ Q وتشبه عمامة صغيرة بأسفلها تجويف يستقر فيه الجذع. ولأن هذا الجزء من الدماغ يلتف ويحـيـط بـجـذع ا Hـخ Q أطلق عليه اسم »الجـهـاز الحـوفـي Limbic System« وهو مشتق من الـكـلـمـة الـلاتـيـنــيــة ( Limbus ) ومـعـنـاهـا »دائـرة «. هــذه الأرض الجــديــدة الخــاصــة بالأعصاب Q أضافت إلى سجل ا Hخ التاريخي عواطف وانفعالات مـتـمـيـزة. فالجهاز الحوفي هو الذي يتحكم فينا ح € تسيطر علينا الشهوة Q أو الغضب Q أو الوله في الحب Q أو التراجع خوفا. ومع تطور الجهاز الحوفي تحسنت وسيلتان قويتان: التعلـم Q والـذاكـرة. أتاحت هذه الخطوة الثورية ا Hتقدمة للحيوان الـقـدرة عـلـى أن يـكـون أكـثـر ذكاء في خياراته من أجل البقاء Q وأن تواكب استجاباته ا Hتطلبات ا Hتغيرة Q وألا تكون ردود أفعاله آلية كـمـا كـانـت مـن قـبـل. فـإذا تـسـبـب الـطـعـام فـي إصابتة با Hرض Q استطاع تجنبه في ا Hرة التالية. وظلت قدرته على تحديد ماذا يأكل Q وماذا يتجنب Q تتم من خلال حاسة الـشـم وحـدهـا Q حـيـث تـقـوم الرابطة ب € بصلة الشم Q والجهاز الحوفي Q zهمة التمييز ب € الروائح اﻟﻤﺨتلفة 27
  • 28. الذكاء العاطفي والتعرف عليها Q وا Hقارنة بينها في ذلك الوقت وما كانت عليه في ا Hاضي Q وبالتالي تفرق ب € الطيب والخبيـث. كـان هـذا يـتـم بـواسـطـة فـص الـدمـاغ الشمي Q وهو جزء من الأسلاك الطرفية والأساس البدائي للقشرة الجديدة Q أي الدماغ ا Hفكر. ومنذ حوالي مائة مليون عام Q تعاظم حجم ا Hخ في الـثـديـيـات. تـكـونـت طبقات جديدة عدة من خلايا ا Hخ على أعلى الطبقت € الرقيقت € من قشرة ا Hخ Q وهي ا Hناطق التي تتصور مايأتي عن طريق الحس وتـفـهـمـه Q وتـنـسـق الحركة. هذه الطبقات أضيفت إلى ا Hخ فـتـكـونـت الـقـشـرة الجـديـدة ( The Neocortex ). وعلى النقيض من الطبقت € القد ~ت € لقشرة ا Hخ Q فإن القشرة الجديدة مثلت تقدما يفوق ا Hعتاد للفكر. والقشرة الجديدة في مخ الجنـس الـبـشـري ( Homo Sabien ) أكبر كثيـرا من قشرة ا Hخ في أي نوع من الكـائـنـات الأخـرى Q وبـالـتـالـي أضـافـت لـهـذا الجنس كل ما ~يزه عن غيره. فالقشرة الجديدة jثل مركز التفكير Q فهي ترتب ما يأتيها من طريق الحواس وتفهمه. وهي تضيف للشعور التفكير في هذا الشعور نفسه Q وتسمح لنا بأن ننفعل بالأفكار Q والفن Q والرموز والخيال. لقد نتج عن القشرة الجديدة في عملية التطور Q مسـتـوى مـن الـتـنـاغـم الجيد Q حقق بلا ريب ميزات هائلة في قدرة الكائن الحي على النجـاة مـن الشدائد Q وجعله أكثر احتمالا Q بحيث تنتقل هذه ا Hيزات إلى جينات ذريته التي تحتوي مجموعة الدوائر العصبية نفـسـهـا. هـذه الـقـدرة الأكـبـر عـلـى البقاء على قيد الحياة تعتمد على مقدرة القشرة الجديدة علـى تـخـطـيـط إستراتيجية طويلة الأجل Q وغيرها مـن الحـيـل الـذهـنـيـة. ومـن ثـم فـإن كـل روائع الفن Q والحضارة Q والثقافة ما هي إلا ثمار قشرة ا Hخ الجديـدة. كـمـا أضافت هذه القشرة القدرة على تحديد الفروق الإضافية الدقيقة للأفكار. فلنأخذ الحب مثلا: تقوم هياكل الجهاز الحوفي zسؤولية توريد مشـاعـر ا Hتعة والرغبة الجنسية وهي ا Hشاعر التي تغذي الـشـغـف الجـنـسـي. وقـد أدى وجود القشرة الجديدة وارتباطها بالجهاز الحوفي للمخ إلى هذه الرابطة ب € الأم وطفلها Q التي هي أساس وحدة الأسرة Q والالتزام بتربيـة الأطـفـال منذ الأزل Q فيما حقق إمكان التطور الإنساني. الجدير ذكره أن الأنواع التي ليس لهـا قـشـرة مـخ جـديـدة Q تـفـتـقـر إلـى 28
  • 29. العواطف... اذا? عاطفة الأمومة Q مثل الزواحف التي تختبئ منها صغارها فطريا بعد ولادتها خشية التهامها). إن حماية الأبوين من بني الإنسان لأطفالهما تتيح مزيدا من النضج الذي يستمر على مدى مرحلة الطفولة الـطـويـلـة Q وفـي الـوقـت نفسه تستمر فيه عملية ‘و ا Hخ. وكما بدأنا بتطور السلالات من الزواحف إلى القردة الصغيرة Q وصولا إلى الإنسان Q نجد أن كتلة القشرة الجـديـدة تـتـزايـد Q مـع تـزايـد تـداخـلات دوائر ا Hخ الكهربية zتوالية هندسية. فـكـلـمـا زاد عـدد الارتـبـاطـات زادت الاستجابات ا Hمكنة. والقشرة الجديدة تتيح لحياتنا العاطفية ا Hرونة والتعقيد معا Q مثل قدرتنا على تكوين مشاعر عن مشاعرنا. والقشرة الجديدة أكبر من الجهاز الحوفي في الرئيسيات بصورة أكبر —ا في الأنـواع الأخـرى ـــ كما أنها أكبر بكثير في حالة الإنسان. وهذا يفسر قدرتنا على التعبير عن عواطفنا وقدرتنا الأكثر على إدراك الفروق الدقيقة ب € الأشياء. فإذا نظرنا إلى الأرنب مثلا Q أو القرد الصغير من نوع الريسس نجد استجابتهما للخوف ‘طية Q عبارة عن مجموعة استجابات محـددة... بـيـنـمـا نجـد أن الـقـشـرة الجديدة في مخ الإنسان تفسر Hاذا يتمتع zجموعة استجابات محددة... بينما نجد أن القشرة الجديدة في مخ الإنسان تفسر Hاذا يتمتع zجموعة من الاستجابات أكثر دقة. والجدير ملاحظته أيضا Q أنه بقدر تعقيد النظام الاجتماعي Q يحتاج الإنسان إلى ا Hرونة. وهل هناك عالم معقد اجتماعيـا أكثر من عا Hنا?! وفي شؤون القلب الحاسمة Q لا تتحكم هذه ا Hراكز العليا للقشرة الجديدة في حياتنا Q خاصة في حالة الطوار • العاطفية Q و ~كن القول إنها تنزل عند إرادة الجهاز الحوفي. ولأن كثيرا من ا Hراكز العليا نبتت من مجال ا Hنطقة الحوفية أو أنها امتدادلها Q لذا يلعب العقل العاطفي دورا حاسما في التركيب العصبي. ولأن هذا التركيب العصبي هو الأصل الذي ‘ا فيه ا Hخ الأحدث Q نجد أن ا Hناطق الشعورية تتشابك منذ الأزل حيث تربط مجموعة الدوائر العصبية بكل أجزاء القشرة الجديدة Q وهذا ما يرفع مراكـز الانـفـعـال إلـى مرتبة القوة الهائلة التي تؤثر في أداء بقية الدماغ zا فيها مراكز التفكير. 29
  • 31. تشريح النوبات الانفعالية 31 تشريح النوبات الانفعالية كانت تلك الظهيرة الحارة مـن أحـد أيـام شـهـر أغسطس من الـعـام Q١٩٦٣ فـي الـيـوم نـفـسـه الـذي ألقى فـيـه الـقـس مـارتـن لـوثـر كـنـج الابـن خـطـبـتـه الشهيرة: »إنني أحلم « في مسيرة ا Hطالبة بالحقوق ا Hدنية بواشنطن Q في ذلك اليوم Q قرر ريتشارد روبلز Q لص ا Hنازل المحنك الذي أطلق سـراحـه فـي الـيـوم نفسه Q بعد ثلاث سنوات في السجن عقابا لارتكابه أكثر من مائة حادث سطو Q ليوفـر ثـمـن الـهـيـرويـن الذي أدمنه Q قرر أن يرتكب آخر حادث سـطـو فـي حياته. كان »روبلز « ينوي اعتزال الجر ~ـة Q ولـكـنـه كان في ذلك اليوم في حاجة ماسة إلى ا Hال Q أراد أن يحصل عليه بأي وسيـلـة ـــ كـمـا اعـتـرف بـذلـك فيما بعد ــ من أجل صديقته وطفلتهما البالغة من العمر ثلاثة أعوام. كانت الشقة التي اقتحمها تخص فتات €: جانيس ويلي Q التي تبلغ الحادية والعشرين Q وتعـمـل بـاحـثـة في مجلة »نيوزويك Q« و »إميلي هوفرت « في الثالثة والعشرين وهي مدرسة zدرسة ابـتـدائـيـة. وعـلـى الرغم من أن »روبـلـز « قـد اخـتـار هـذه الـشـقـة فـي ا Hنطقة الشرقية الراقية من نيويورك Q ليسطو عليها Q فإنه لم يتصور أن يكون بها أحد من أصحابها في 2 »الحـــيـــاة كـــومـــيــــديــــا Hــــن يـفـكـرون... وتـراجـيـديـا Hـن يشعرون «
  • 32. الذكاء العاطفي ذلك الوقت. لكن »جانيس ويلي « كانت بداخلها. وبـعـد أن هـددهـا »روبـلـز « بسك Q€ قام بتقييدها. وبينما كان يهم بالانصراف Q تصادف أن عادت »إميلي هوفرت « في الوقت نفسه Q ولكي يستطيع الهرب في أمان Q بدأ »روبلز « في تقييد »إميلي « أيضا. وكما روى »روبلز « هذه القصة فيما بعد Q قال إنه بينما كان يقيد »إميلي « هددته »جانيس « بأنه لن يفر بجر ~ته Q فهي تـتـذكـر وجـهـه جـيـدا Q وسـوف تساعد البوليس في القبض عليه. عندئذ أصيب »روبلز « بالذعر عند سماعه هذا التهديد Q لأنه كان قد تعهد أمام نفسه بأن تكون هذه الجر ~ة هي آخر جرائمه Q ومن ثم فقد سيطرته على نفسه jاما. وفي نوبة غضب اختطف زجاجة صودا Q وأخذ يضرب الفتات € حتى فقدتا الوعي. وفي غمرة موجة الغضب والخوف Q أخذ يطعنهما طعنات عدة بسك € ا Hطبخ. وح € يـتـذكـر تلك اللحظة بعد ٢٥ عاما من ارتكابه جر ~ته يقول: »كنت مجـنـونـا... ومـا حدث وقتها أن رأسي قد انفجر «. ومـازال أمـام »روبـلـز « حـتـى كـتـابـة هـذه السطور متسع من الوقت ليظل يندم على تلك الدقائق القليلة من انفجـار الغضب Q فضلا عن أنه مازال يقضي عقوبته Hدة ثلاث € عاما أخرى عـلـى الجر ~ة التي صارت مشهورة باسم »جرائم قتل العاملات .« هذه الانفجارات الانفعالية هي نوبات عصبية. وفي مثل تلك اللحظات يعلن ا Hركز الحوفي في ا Hخ حالة الطوار •. وفي لحظة واحدة تحدث النوبة بإثارة لحظات الانفعال الحرجة Q قبل أن يتاح للقشرة الجديدة - وهي العقل ا Hفكر - الحصول على فرصة لتأمل ما يجري Q لينفرد بقرار يحدد فيه إذا كانت تلك النوبة الانفعالية فكرة طيبة أم لا. وثمة علامة على هذا التحول إذا مرت لحظة واحدة Q وهي أن أولئك اﻟﻤﺠان € لا يعرفون ما قد طرأ عليهم من انفعال. إن هذه النوبات الانفعالية Q ليست مجرد أحداث منفصلة ومرعبة Q تؤدي إلى جرائم وحشية مثل »جرائـم قـتـل الـعـامـلات Q« إ ‘ـا هـي أيـضـا أحـداث تتكرر معنا في صور أقل مأساوية Q وإن لم تكن أقل حدة. فكر في آخر مرة فقدت فيها أعصابك Q وانفجـرت غـضـبـا فـي شـخـص مـا Q فـي زوجـتـك Q أو طفلك Q أو ر zا في سائـق سـيـارة صـادفـك Q إن هـذا سـيـبـدو بـعـد قـدر مـن التأمل والتدبر أمرا لم يكن له ما يبرره إلى حد ما. وكما سيتب € فيما بعد 32
  • 33. تشريح النوبات الانفعالية فإن مثل هذا الغضب ينشأ في كل الاحتمالات Q في النتوء اللوزي في ا Hخ أو ما يعرف باسـم »الأمـيـجـدالا ـــ Q«Amygdala وهو أحد مراكـز ا Hـخ الحـوفـي ×) ) في مخ الإنسان (وهي كلمة 33 .(Limbic Brain) وليست جميع النوبات ا Hفاجئة التي تنشأ عن ا Hخ الحوفي باعثة عـلـى الضيق Q فعندما يفاجأ إنسان بسماع نكتة ينفجر بالـضـحـك Q إلـى الـدرجـة التي تجعل هذا الضحك متفجرا تقريبا Q فهذا أيضا هو استجابة من الدماغ الحرفي الذي ينشط أيضا في لحظات الفرح الشديد أيضا. وإليـكـم هـذه القصة: بعد أن فشل »دان جانسن « أكثر من مرة في الحصول على ا Hيدالية الذهبية في الأو Hبياد Q في رياضة التزحلق على الجليد (وكان قد أخذ على نفسه عهدا بأن يحصل عليها من أجل شقيقته التي كانت تحتضر) استطاع أخيرا أن يحصل عليها في سباق ( ١٠٠٠ متر) العام Q١٩٩٤ في أو Hبياد النرويج. لكن شدة انفعال زوجته وسعادتها الغامرة بانتصار زوجها Q أدت إلى نقلـهـا من ا Hلعب إلى أطباء حالات الطوار • ا Hوجودين على جانب حلبة التزلج. مركز كل العواطف إن النتوء اللوزي أو الأميجدالا Amygdala مأخوذة من الكلمة اليونانية almond ) تبدو على شكل لوزة تتكون من تراكيب متداخلة تقع أعلى جذع ا Hخ بالقرب من قاعدة الدائرة الحوفية. وفي ا Hخ »أميجدالتان « كامنتان Q واحدة في كل جانب من جانبي ا Hخ في اتجاه طرفي الجمجمة. وهذا النتوء اللوزي في مخ الإنسان أكبر نسبيا من نـظـيـره فـي أقرب الثدييات منا في التطور ألا وهي الرئيسيات. كان »قرن آمون ××)«The hippocampus ) و »النتوء اللوزي « يشكلان الأجزاء الرئيسية للمخ الشمي البدائي. ومع تطورهـمـا ظـهـرت قـشـرة الـدمـاغ Q ثـم القشرة الجديدة بعد ذلك ( eocortex ) Q هذه التراكيب الحوفية هي التي تقوم حتى يومنا هذا zعظم عمليات التعلم والتذكـر. »الأمـيـجـدالا « هـي الجـزء ا Hتخصص في الأمور العاطفية Q فإذا انفصلت عن بقية أجزاء ا Hـخ Q تـكـون النتيجة عجزا هائلا عن تقدير أهمية الأحداث العاطفية Q وهي الحالة التي ×) )يطلق عليها »النتوء اللوزي « وهو ا Hكان اﻟﻤﺨصص في ا Hخ للاحتفاظ با Hشاعر ا Hتعددة. ××) ) وهو ا Hكان اﻟﻤﺨصص في ا Hخ للاحتفاظ با Hعلومات والأرقام.
  • 34. الذكاء العاطفي يطلق عليها أحيانا »العمى الانفعالي .«Affective Blindness ويؤدي العجز عن تقدير ا Hشاعر العاطفية إلى أن يفقد الإنسان القدرة على التواصل مع الآخرين. ولنذكر ــ على سبيل ا Hثال ــ حكاية شاب أجريت له جراحة أزيل فيها من دماغه »الأميجدالا « لعلاج نوبات الصرع ا Hرضية التي تهاجمه. بعدها تغير jاما: أصبح غير مكترث بالناس Q يفضل الانطواء منعزلا بلا أي علاقات إنسانية. ومع أنه كان قديرا في التحاور مع الآخرين Q فقد بـات لا يتعـرف على أقـرب أصدقائـه Q وأقاربه Q حتى والدتـه. وظــل لا يشـعـر بأي عاطفـة فـي مواجهـة كـرب أو محنة شديدة Q لعدم اكتراثـه بـأي شيء. فمن دون »الأميجدالا « في ا Hخ Q أصبح هذا الشاب عاجزا عن التعرف على ا Hشـاعـر كـلـيـة Q وأي شـعـور أيـضـا حـول ا Hـشـاعـر Q لأن الـنـتـوء الـلـوزي »الأميجدالا « في الدماغ zنزلة مخزن للذاكرة العاطفية Q ومن ثم فله مغزاه Q فالحياة من دون وجوده Q حياة مجردة بلا أي دلالات شخصية. ولا ترتبط بالنتوء اللوزي مشاعر الحب فقط Q بل تعتمد عليه كل ا Hشاعر الأخرى. فالحيوانات التي أزيل النتوء اللوزي من دماغها Q أو انفـصـل جـزء منه Q تفتقر إلى الإحساس بالخوف أو الغضب Q وتفقـد حـافـز الـتـنـافـس أو التعاون Q كما تفقد الإحساس zوقعها في نظام نوعها الاجتماعي. فالعاطفة عندها عمياء Q أو غائبة jاما. أمـا دمـوع الإنـسـان فـهـي عـلامـة انـفـعـالـيـة فريدة لا يتمتع بها سوى البشر فقط Q يثيرها النتوء اللوزي Q والتركيب الدماغي القريب منه Q والتلافيف المحيطة به: فإذا ما كبـحـت هـذه الـدمـوع Q وجـفـت ا Hآقي Q ساعد ذلك في تسك € هذه ا Hناطق نفسها من ا Hخ Q فتتوقف التنهدات. فمن دون النتوء اللوزي لا يتمتع البشر بنعمة الدموع التي تخفف الأحزان. ويعتبـر »چـوزيـف لـو دو «Joseph Le Doux عالم الأعصـاب zـركـز عـلـوم الأعصاب بجامعة نيويورك أول من اكتشف الدور الرئيسي للنـتـوء الـلـوزي في العقل العاطفي. وهو أيضا عضو في جـمـعـيـة أعـضـاؤهـا مـن الـعـلـمـاء ا Hـتـخـصـصـ € فـي الأعـصـاب تـكـونـت حـديـثـا Q وقـد ابـتـكـر هـؤلاء الـعـلـمــاء تكنولوجيات حديثة Q لم تكن معروفـة مـن قـبـل Q مـن حـيـث دقـتـهـا فـي رسـم خريطة للمخ في أثناء أداء وظائفه Q وبالتالي كشف أسرار العقل الغامضة Q تلك التي اعتقدت الأجيال السابقة من العلماء أنها أسرار لا ~كن اختراقها. ألغت اكتشافات »چوزيف لو دو « حول دورة ا Hخ العاطفية Q الفكرة التـي 34
  • 35. تشريح النوبات الانفعالية استقرت طويلا عن الجهاز الحوفي في الدماغ Q ووضعت النتوء اللوزي في مركز الفعل Q والتراكيب الحوفية الأخرى في أدوار مختلفة جدا. وقد فسرت أبحاث »چوزيف لو دو « كيف يتحكم النتوء اللوزي في أفعالنا Q حتى قبل أن يتخذ كل من العقل ا Hفكر والقشرة الجديدة قـرارا مـا. وكـمـا سنرى فإن بؤرة الذكاء العاطفي تتمـثـل فـي ا Hـهـام الـتـي يـقـوم بـهـا »الـنـتـوء اللوزي « ودوره ا Hتداخل مع القشرة الجديدة. 35 انفلات الأعصاب لا شك في أن ما يثير الفضول لفهم قوة العواطف وتأثيرها في حياتنا العقلية Q تلك اللحظات ا Hثيرة للمشاعر Q والتي نندم عليها بعـد أن يـنـقـشـع عنها غبار الانفعال Q ونتذكرها فيما بعد. لنضرب مثلا بقصـة تـلـك الـفـتـاة التي قادت سيارتها على مدى ساعت € إلى مدينة بوسطن لتقضي اليوم مع صديقها Q وتتناول معه غداء مبكرا. وفي أثناء تـنـاولـهـمـا الـغـداء Q قـدم لـهـا صديقها هدية كانت تريدها منذ شهور Q عبارة عن لوحة فنية إسبانية مـن الصعب أن تحصل عليها. لكن فرحتـهـا تـلاشـت jـامـا فـي الـلـحـظـة الـتـي اقترحت فيها على صديقها أن يشاهدا معا فيلما في حفل ا Hـاتـيـنـيـه بـعـد الغداء Q عندما قال لها إنه لا يستطيع أن يقضي معها الـيـوم بـأكـمـلـه Q لأنـه مرتبط zوعد التمرين في رياضة السـوفـت بـول «Softball» . شعرت الفتـاة بأنه جرح مشاعرها وانتابتها حالة من الشك Q جعلتها تنفـجـر فـي الـبـكـاء Q وتترك ا Hكان Q وتلقي باللوحة الهدية بانفعال في صـنـدوق الـقـمـامـة Q وبـعـد شهور من هذه الواقعة Q وهي تسترجع الحادث Q شعرت بالندم على انسحابها Q لكنها كانت قد فقدت اللوحة الفنية الجميلة. وهكذا Q عندما يسيطر الشعور الانفعالـي عـلـى الـعـقـل ـــ فـي مـثـل هـذه اللحظات ــ يكون دور »الأميجدالا « الـذي اكـتـشـف حـديـثـا Q بـالـغ الأهـمـيـة. فالإشارات الآتية من الحواس Q تدفع »الأميجدالا « إلى إلقاء نظـرة عـاجـلـة على كل تجربة مثيرة للقلق والإزعـاج. وهـذا مـا يـرفـع قـدر »الأمـيـجـدالا Q« ويضعها في مركز قوي في حياتنا الذهـنـيـة Q مـثـلـهـا فـي ذلـك مـثـل حـارس سيكولوجي يتحدى كل موقف وكل تصور Q ولا يطرح على العقـل سـوى نـوع واحد هو أكثرها بدائية مـن قـبـيـل: »هـل أكـره هـذا الـشـيء..? » Q« هـل هـذا
  • 36. الذكاء العاطفي الشيء سيصيبني بالضرر? » Q« هل هو شيء أخافه? Q« فإذا كان الجواب في تلك اللحظة (نعم)... يكون رد فعل »الأميجدالا « اللحظي انفلاتـا عـصـبـيـا ويرسل برقية لكل أجزاء الدماغ مفادها أن هناك أزمة. و »الأميجدالا « لها دور في تركيب ا Hخ ~كن تشبيهه بفريق الإنذار الذي يقف أفراده في حال استعداد لإرسال نداءات الطوار • إلى إدارة الحريق Q والبوليس Q والجيران Q zـجـرد أن يـرسـل جـهـاز الأمـان فـي الـبـيـت إشـارات التنبيه بأن هناك مشكلة من نوع ما. فعندما ترسل »الأميجـدالا « إنـذارا مـن نـوع مـا فـي حـالـة الخـوف مـثـلا Q فإنها تبعث برسائل عاجلة إلى معـظـم أجـزاء ا Hـخ Q الـتـي تـثـيـر إفـرازات فـي الجسم عـبـارة عـن هـرمـونـات Q وتجـنـد مـراكـز الحـركـة - اضـرب أو اهـرب - وتنشّط الجهاز الدوري ( Cardiovascular system ) Q والعضلات Q والقناة الهضمية. كما تبعث دوائر كهربية أخرى من »الأميجدالا « إشارة إفراز عاجلة إلى »هرمون النوريباينفرين «Norepinephrine لوضع مناطق ا Hخ الرئيسية في حال استعداد zا فيها تلك ا Hناطق التي تجعل الأحاسيس أكثر يـقـظـة —ـا يـؤثـر فـي ا Hـخ ويدفعه إلى حافة الانفعال. وتبعث »الأميجدالا « بإشارات إضافية إلى جذع ا Hخ Q فيستقر على الـوجـه تـعـبـيـر الـفـزع Q وتـتـجـمـد الحـركـات غـيـر ا Hـتـصـلـة بالعضلات Q وتتسارع ضربات القلب Q ويرتفع ضغط الـدم Q ويـبـطـؤ الـتـنـفـس. وهناك إشارات أخرى تلفت الانـتـبـاه الـشـديـد إلـى مـصـدر الخـوف Q وتجـهـز العضلات لرد الفعل وفقا Hا يقتضيه ا Hوقف. وبالتزامن تتحول أجهزة الذاكرة القشـريـة ( Cortical memory system ) Q لاستدعاء أي معرفـة مـتـصـلـة بـالحـالـة الطارئة الراهنة Q ليكون لها الأسبقية قبل استجماع خيوط التفكير. إن هذه الإشارات جميعها مجرد جزء فقط من نظام متغيرات متسقـة بعناية فائقة Q قامت بتنسيقه »الأميجدالا « التي تقود مراكز ا Hخ اﻟﻤﺨتـلـفـة Q وفي حالة الطوار • العاطفية Q تقوم شبكة الروابط العصبية ا Hوسعة Q بإتاحة الفرصة لـ »الأميجدالا « لكي يجذب انتباه بقية أجزاء ا Hخ Q zا فيها العقل ا Hنطقي ويحثها. الحارس العاطفي حكى لي صديق Q أنه عندما كان يقضي إجازة في إنجلترا Q اعتاد تناول 36
  • 37. تشريح النوبات الانفعالية إفطاره متأخرا في أحد ا Hقاهي الواقعة على شاطـئ الـقـنـاة. وبـيـنـمـا كـان يتنزه بعد الإفطار Q شاهد فتاة تجلس على الدرجات الحجرية ا Hتجهة إلى مياه القناة Q محملقة في ا Hاء وقد تجمد وجهها من الخوف. وقبل أن يعرف سبب هذا الخوف Q قفز بحلته ورباط عنقه في ا Hاء. ولم يـدرك أن الـفـتـاة كانت في حالة صدمة وهي تحـد°ق في طفل صغير سقط في مياه القـنـاة Q وقد jكن صديقي من إنقاذ الطفل بالفعل. تُرى... ما الذي جعله يقفز في ا Hاء قبل أن يعرف Hاذا يقفز? الجـواب 37 على الأرجح هو »الأميجدالا .« ومن أكثر الاكتـشـافـات قـوة حـول الـعـواطـف فـي الـعـقـد الأخـيـر (عـقـد الثمانينيات) Q الاكتشاف الذي توصل إليه چوزيف لـو دو «Joseph Le Doux» وأظهر به كيف منح ا Hخ »الأميجدالا Q« مركزا متميزا كحارس عاطفي Q قادر على القيام بتجنيد وظائف الدمـاغ. فـقـد بـيّن بحثه أن الإشارات الحسـيـة القادمة من الع € أو الأذن Q تسير أولا في ا Hخ متجهة إلى ا Hهاد ( Q(Thalamus ثم تتجه عبر اتصال منفرد إلى »الأميجدالا Q« وتخرج إشارة ثانية من ا Hهاد لتستقر فـي الـقـشـرة الجـديـدة Q أي الـعـقـل ا Hـفـكـر. هـذا الـتـفـرع يـسـمـح لــ »الأميجدالا « بأن يكون هو الباد • بالاستجابة Q قبل استجابة القشرة الجديدة التي تفكر مليا في ا Hعلومات التي تصلها عبر مستويـات عـدة لـدوائـر ا Hـخ العصبية Q قبل أن تدركها jاما لتبدأ استجابتها لها. ولا شك في أن ما توصل إليه »لو دو « يعتبر ثورة في مجال فهم الحياة العاطفية Q لأنه أول من عكف على دراسة ا Hسارات العصبية للمشاعر التي تتجنب ا Hرور على القشرة الجديدة. هذه ا Hشاعر التي تسلك الطريق ا Hباشر عبر »الأميجدالا « تتضمن أكثر مشاعرنا بدائية وقوة Q وتفسر الدائرة الخاصة بها قدرته على شل تفكيرنا. كانت النظرة التقليـديـة فـي عـلـم الأعـصـاب أن الـعـ € والأذن وأعـضـاء الحواس الأخرى تنقل إشارات إلى ا Hـهـاد Q ومـن هـنـاك تـتـجـه إلـى مـنـاطـق تفسير لأحاسيس بالقشرة الجديدة Q حيث تتجمـع الإشـارات مـعـا لـتـصـبـح الأشياء كما ندركها نحن. وتصنف الإشارات إلى معان لكي يتعرف ا Hخ على كل شيء أدركه الإحساس Q ومعنى وجوده. كانت النظرية القد ~ة تقـول إن الإشارات ترسل إلى ا Hـخ الحـوفـي ( Limbic brain ) Q ومنه تخرج الاسـتـجـابـة
  • 38. الذكاء العاطفي ا Hناسبة داخل ا Hخ وبقية أعضاء الجسم. وكان ذلك ما يعتقد بأنه السبيل الذي تعمل به الإشارات معظم الوقت. لكن »لو دو « اكتشف حزمة صغيـرة من الأعصاب تتجه مباشرة من ا Hهاد إلى »الأميجدالا Q« بالإضافة إلى تلك الأعصـاب ا Hتجهـة عبـر مسار الخلايا العصبية الأكبر إلى القشرة الجديدة. ويشبـه هـذا ا Hسـار الأصغـر والأقصـر Q —ـرا خلـــفـيـا عـصـبـــيـا يـسـمـــح لــ »الأميجدالا « باستقبال بـعـض مـدخـلات الأحـاسـيـس مـبـاشـرة والـبـدء فـي الاستجابة قبل أن تسجلها القشرة الجديدة كاملة. ألغى هذا الاكتشاف الجديد الفكرة التي تقول إن »الأميجدالا « يجب أن تعتمد اعتمادا كاملا على الإشارات القادمة من القشرة الجديـدة لـتـشـكـل ردود أفعالها الانفعالية. فـ »الأميجدالا « تستطيع إثارة استجابـة انـفـعـالـيـة من خلال —ر الطوار • حتى لو بدأت دائرة من ردود الفعل ا Hتعاكسة مـن »الأميجدالا « والقشرة الجديدة... ومن ثم ~كن لـ »الأميجدالا « أن تجعلنا نقفز بالفعل Q بينما تكون القشرة الجديـدة Q الأبـطـأ قـلـيـلا وإن كـانـت أكـثـر إ Hاما با Hعلومات Q بصدد الكشف عن خطتها الأكثر إحكاما ودقة للاستجابة ورد الفعل. أحدث بحث »لو دو « حول شعور الخوف عـنـد الحـيـوانـات انـقـلابـا فـي الاعتقاد ا Hعرفي السائد حول ا Hسارات التي تسلكها الانفعالات. وقد أجرى تجربة على الجرذان دمر خلالها القشرة السمعية لها Q ثم عرّض الجرذان لصوت مصحوب بصدمة كهربية. وبسرعة تعلمت الجرذان أن تـخـاف مـن الصوت على الرغم من أن هذا الصوت لم يسجل في قـشـرتـهـا الجـديـدة Q لكنه أخذ ا Hسار ا Hباشر من الأذن إلى ا Hهاد إلى »الأميجدالا Q« متفاديا كل ا Hمرات الأعلى. باختصار تعلمت الجرذان استجابة انفعالية دون أي تدخل من القشرة الجديدة. فقد أدرك »الأميجدالا « وتذكر Q ونسق شعور الخوف عند الجرذان مستقلا عن أي جزء آخر من أجزاء ا Hخ. تذهب إشارة بصرية أولا من الشبكية إلى ا Hهاد Q حيث تترجم إلى لغـة ا Hخ. تذهب معظم الرسالة إلى القشرة البصرية Q حيث تحلل وتقيم Hـعـنـى واستجابة مناسبة. فإذا كانت هذه الاستجابة الانفعالية تذهب إشارة إلـى الأميجدالا لتنشيط ا Hراكز العاطفية. ولكن جزءا صغيرا من الإشارة الأصلية يذهب مباشرة من ا Hهاد إلى الأميجدالا في نقلة سـريـعـة تـتـيـح اسـتـجـابـة 38
  • 39. تشريح النوبات الانفعالية أسرع (وإن كانت أقل دقة) Q وهكذا ~كن للأميجدالا إثارة استجابة انفعالية قبل أن تفهم jاما ا Hراكز القشرية ماذا يحدث. وقد أبلغني »لو دو « أن »جهاز الانفعالات يستطيع تشريحيا العمل مستقلا عن القشرة الجديدة Q حيث ~كن أن تتشكل بعض ردود الفعـل الانـفـعـالـيـة والذكريات الانفعالية دون وعـي Q أو إسـهـام مـعـرفـي عـلـى الإطـلاق... «. فــ »الأميجدالا « تستطيع أن تخزن الذكريات Q وتستجـيـب بـردود فـعـل دون أن ندرك سببا لهذا Q لأن الطريق اﻟﻤﺨتصر من ا Hهاد إلى »الأميجدالا « يتجنب ا Hرور كلية على القشـرة الجديدة. ويبدو أن هذا التجنب Q يتيح لـ »الأميجدالا « أن يكـون مستودعـا للانطباعات Q والذكريات العاطفية التي لم نعرف عنها شيئا علـى الإطلاق في وعينا الكامل. ويثبت »لو دو « أن دور »الأميـجـدالا « الخفي في الذاكرة Q يفسر ــ على سبيل ا Hثال ــ تجربـة مـذهـلـة ~ـيـز فـيـهـا الناس ب € أشكال هندسية غير منتظمة برقت أمامهم بسرعة فائـقـة دون أن يدركوا بوعي أنهم قد رأوها على الإطلاق. 39 ا Hهاد القشرة البصرية الأميجدالا (النتوء اللوزي) استجابة Q اضرب - واهرب زيادة معدل ضربات القلب Q وضغط الدم العضلات الكبيرة تستعد لفعل سريع