1. البـلاء سنة الله تعالى في الحياة ،، ولا يخلُ إنسان من البـلاء منذ أبونا آدم عليـه السلام وحتى تقوم الساعـة ،، وقد ابتلى الله تعالى الأنبيـاء والمقربين والصالحين ليكونوا عـبرة وقـدوة للآخـرين يقول الله تعالى : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولمـا يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا ....... سورة البقرة الآية 214 منا من هو مبتلى بمالـه ، ومنا بولـده ، ومنا بعافيتـه ، ومنا بجــاره ومنـا بعملـه ، ومنـا بوالديــه ، ومنـا بأقـاربــه ،،، وغـير ذلـك كـثـير فـالبـــلاء مشـاربـــه كـثـيره يقول الله تعالـى : ولنبلونّكـم بشيء من الخوف والجوع ونقـص من الأموال والأنفـس والثمرات وبشـر الصابـريـن ، الذين إذا أصابتهـم مصيبـة قـالـوا إنـا لله وإنـا إليه راجـعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحـمة وأولئك هـم المـهـتــدون . سورة البقرة الآيات 155 ، 156 ، 157 ويقول الله تعالى : وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون ؟ وكان ربك بصيرا . سورة الفرقان الآيـة 20
2. وفـي هذا العمل المتواضع سنواسي المبتلى بالأقـوال الشافية المـداويـه الكـل مبتلى ،، ولكن يختلف النـاس بتعاملهم وتكيّفهـم مـع هذا البـــلاء فمنهـم القـانــط البــائـس المـتـذمـر فـيدخـل ضـمـن وصـف القـانـطـيـن ومنهـم الصـابـر الراضـي المـحـتـسـب ويدخـل ضمـن وصــف الصــابــرين فكـن من الصـابرين تكـن من أصحـاب العزائـم الذين امتدحهم الله تعالـى يقول الله تعالـى : واصبر على ما أصابك إن ذلك من عـزم الأمور . لقمان 17 وامتدح الله تعالـى عبده أيـوب عليـه السلام حين صبر على البـلاء فقال عنـه : إنـا وجـدنـاه صـابـراً نعـم العـبـد إنــه أواب . سورة ص الآية 44 ويقول الله تعالـى : ولنبلونّكـم حـتى نعـلم المـجـاهـدين منكـم والصابـريـن ونبلـوا أخـبـاركـــم . سورة محمد الآية 31
3. أخـي المــؤمــن ،، أخـتي المــؤمـنـــة إعـلمـا أنـه مـا مـن مـصيبـة أو بــلاء يكـون فـي الأرض أو فـي نفـسك إلا وهو مقـدّر ومكـتوب فـي لحظته عند الله تعالى حتى لا تقول : لــو ،، فـإن الأمـر منتهِ عند الله تعالى ،، وذلك في قوله تعالـى : مـا أصـاب من مـصيبـة فـي الأرض ولا في أنفـسكـم إلا في كـتاب من قـبـل أن نـبرأهـا إن ذلك على الله يـسـير ، لكي لا تـأسـوا على ما فاتكـم ولا تفـرحوا بـمـا آتـاكــم والله لا يـحـب كـل مخـتـال فـخـــور . الآيتـان 22 ، 23 من سورة الحديد يقول سيد قطـب رحمـه الله فـي هذه الآيـة فـي كتابـه تفسير الظـلال فـي المجلـد السادس : إن هذا الوجود من الدقـة والتقدير بحيث لا يقـع فيه حـادث إلا وهو مقدر في تصميمه ، محسوب في كيانه لا مكان فيه للمصادفـة ولا شيء فيه جـزاف ،، وقبل خلق الأرض والأنفس كان في علم الله الكـامل الشـامل الدقيـق ،، كـل حـدث سيظهـر للخـلائـق فـي وقتـه المـقـــدور . .. نحـن لا نـدرك الأشيـاء بغـير حـدود تميزهـا ، أمـا الله سبحـانـه وتعالـى فهـو الحقيقـة المـطلقـة التي تطـلـع جـملـة عـلى هـذا الوجـود بـلا حـدود ولا قيــود وهذا الكون وما يقع فيه من أحداث وأطوار منذ نشأته إلى نهايته كائن في علم الله جملة لا حدود فيه ولا فواصل من زمان أو مكـان ، ولكل حـادث موضعـه في تصميمه الكـلي المكشوف لعلم الله فكـل مـا يقـع فـي الأرض وفـي أنفـس البشـر هـو فـي ذلك الكـتـاب الأزلـي مـن قبـل ظهــور الأرض والأنفـس فـي صورتهـا التي ظهـرت بهـا ( إن ذلـك عـلى الله يـســير )
4. بـشــارات نـبـويـّـــه يقـول الرسول صلى الله عليـه وآلــه وسلـم : عجـبـاً لأمـر المـؤمن إن أمـره كـلـه لــه خـير وليـس ذلك لأحــد إلا للمؤمــن ، إن أصابتـه ســراء شكــر فكــان خـيراً لــه ، وإن أصابتـه ضـراء صـبر فكـان خـيراً لـه . رواه مسلم قـال رسول الله صلى الله عليه وآلـه وسلم : ما يصيب المـسلـم من نصب ولا وصـب ولا هـــم ولا حـــزن ولا أذى ولا غـــم ، حتى الشوكـة يشاكـهـا إلا كـفـّر الله بهـا من خـطـايــاه . متفق عليـه النصـب : التعــب ،، والوصـب : المـــرض ما أكـرم الله تعالـى ،، حتى فـي همنـا وحـزنـنا إن نحـن صبرنـا ورضينـا يكـفـر عنـا سيئاتـنا ويمنحنـا الأجـر حـتى فـي الشوكــة الصـغـيرة .
5. يقول الرسول صلى الله عليه وآلـه وسلم : مــن يُــرد الله بــه خــيراً يُـصـــب منـه . رواه البخـاري يقول الرسول صلى الله عليـه وآلـه وسلم : إن عـظــم الجـزاء مـع عظـم البــلاء ، وإن الله تعالـى إذا أحب قـومـاً ابتلاهـم فمن رضي فـلـه الرضى ، ومن سخـط فـلـه السخــط . رواه الترمذي يقول الرسول صلى الله عليه وآلـه وسلم : ما يـزال البــلاء بـالمـؤمـن والمـؤمنـة فـي نفسـه وولـده ومـالـه حتى يلـقى الله تعالـى وما عليـه خـطـيئـة . رواه الترمذي
6. يقـول الرسول صلى الله عليـه وآلــه وسلـم : إن الرجــل لتكـون لــه الدرجـــــة عنــد الله لا يبلغـهـا بعملــه حـتى يبتـلى ببــلاء فـي جـسمـه فيبلغـهــا بذلـك . حديث رقـم : 1625 فـي صحيح الجـامـع الصـغير قـال رسول الله صلى الله عليه وآلـه وسلم : من أصيب بمصيبـة فقـال كما أمـر الله تعالـى : إنـا لله وإنـا إليـه راجعون ، اللهم أؤجرني فـي مصيبتي وأعقبني خيراً منهـا فعـل الله ذلك بــه ، فقالت أم سلمــه رضي الله تعالـى عنها : لمــا توفـي أبوسلمـة قـلتـه ، ثـم قـلت : ومن لـي مثل أبي سلمـه ؟ فأعقبها الله تعالى برسوله صلى الله عليه وآلـه وسلم فتزوجهـا . رواه مسلـم
7. عـن خبّـاب بن الأرت رضي الله تعالـى عنـه قـال : شكونـا إلـى رسول الله صلى الله عليه وآلـه وسلم وهو متوسّد بـُردةً لـه فـي ظـل الكـعبـة فقـلنـا : ألا تستنـصر لنـا ؟ ألا تـدعـو لنــا ؟ فقـال : قـد كـان من قبلكـم يُؤخـذ الرجـل فيُحـفر لـه فـي الأرض فيجعـل فيها ثـم يؤتى بـالمـنشـار فيوضـع عـلى رأســه فيجـعـل نصـفـين ، ويمشـط بـأمـشــاط الحــديــد مـا دون لحـمـــه وعـظـمــه ما يصـده ذلك عـن دينـه ،، والله ليتمـن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يـخـــــاف إلا الـلــــه والـذئـــب عـلى غـنـمــه ولكـنكــم تـستـعـجـلــــــون . رواه البخاري
8. الأقـوال الشـافيـة المـداويــة لأصحـاب البـلاء والنفـوس الصـابـره مـن عــاش مـع الله عـز وجـل طيّب النفـس فـي زمـن السلامـة لا يوصـف بالبطـولـة إلا إذا هفـت عليه ألـوان التقلب فـي زمــن البــلاء فهنـاك المـحـــك . ابن الجوزي رحمه الله اعلموا أن الصبر من الأمور بمنزلـة الرأس من الجسد ، فإذا فـارق الرأس الجسد فسد الجسد ، وإذا فارق الصبر الأمور فسدت الأمور . علي بن أبي طالب رضي الله عنه بـالصـــبر أدكــنــا حُـســن العـيـــش . عمر بن الخطاب رضي الله عنه المـصيبـة واحـدة ،، فـإذا جـزع صاحبهـا صـارت اثـنتين ، هي الأولـى والثـانية ذهـاب أجــرهـا وذلك أعـظـم مـن المـصيبـة نفـسـهــا . عبدالله بن المبارك رحمه الله
9. مـن شـكـا مـصيبـة بــه إلـى غـير الله لـم يـجـد فـي قـلبـه لطـاعــة الله حـلاوة أبــداً . شقيق البلخي رحمه الله ليـس أحــد إلا وهـو يفـرح ويحــزن ، ولكـن اجعـلـوا الفــرح شكــراً والحـــزن صـــبراً . عكرمـة بن أبي جهل رضي الله عنه مـن رضـي بقـضـاء الله جـرى عليـه وكـان لـه أجـر ، ومـن لـم يرضَ جــرى عليـه وحـبـط عملــه . علي بن أبي طالب رضي الله عنه كـل شيء يبـدو صغـيراً ثـم يكـبر إلا المـصيبـة فـإنهـا تبـدو كـبيرة ثـم تـصغـر . نصر بن يسار رحمه الله
10. إن صاحـب العقـيدة مـدرك لسنـة الله تعالـى ، متعـرّف لمـشيئـة الله مطمئن لقـدر الله ، يعلـم أنـه لـن يصيبـه إلا مـا كـتب الله لــه . سيد قـطـب رحمه الله إن طريق الجنـة محـفوف بـالمـكـاره وزاده الصبر على مشاق الطريق وليس التمني والأمـاني الطائرة التي لا تثبت على المـعـانـاة والتمحيـص . سيد قـطب رحمه الله النفس المـؤمنـة هي التي تصبر للضراء ولا تستخفهـا الســراء ، وتتجـه إلـى الله فـي الحـالين ، وتوقـن أن ما أصابها من الخــير والشــر فبــإذن الله . سيد قطب رحمه الله إن الشدّة بعد الرخــاء والرخــاء بعـد الشـدّة هما اللذان يكـشفـان عـن معـادن النفـوس وطبـائـع القـلـوب . سيد قطب رحمه الله
11. إن هذه العقيدة إذا رسخت فـي نفسك وقـرّت فـي ضميرك صـارت البليـة عـطيـة والمـحنـة منحـة وكـل الوقـائـع جـوائــز وأوسمــة . فلا يصبك قـلق من مرض أو موت قريب ، أو خسارة مالية فإن الباري قد قـدّر والقضاء قد حـل ، والإختيار هكذا والخـيرة لله تعالـى ، والأجـر حـصل والذنـب زال ، فهنيئاً لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذ المعطي القابض الباسط ولن تهدأ أعصابك وتسكن بلابل نفسك وتذهب وساوس صدرك حتى تؤمن بالقضاء والقدر ،، جـف القلم بما أنت لاق فلا تذهب نفسك حسرات ، لاتظن أنه كان بوسعك إيقاف الجـدار أن ينهار ، وحبس المـــاء أن ينسكب ، ومنع الريـح أن تهب ، وحفـظ الزجـاج أن ينكـسر ،، سـوف يقـع المـقـدور ، وينفـذ القـضــاء ، ويـحـل المـكـتـوب . د . عـائـض القـرني
12. لا يسلبك الله شيئاً إلا عوضك خيراً منه إذا صبرت واحتسبت فـلا تـأسـف على مصيبـة فـإن الذي قدّرهـا عنده جنة وثواب وعـوض وأجـــر عـظـيــم . إن عمـر الدنيـا قـصير ، وكنزهـا حـقير ، والآخـرة خـير وأبقى فمن أصيب هنا كـوفىء هناك ، ومن تعب هنـا ارتــاح هناك أمـا أصحـاب الدنيـا المـتعلقون بها فتعظـم عليهـم المـصـائب وتكـبر عندهـم النكـبات لأنهـم ينظـرون تـحت أقـدامهـــــم فـلا يـرون إلا الدنيـا الفـانيـة الرخـيصــه . د . عـائـض القـرني
13. تلفت يمنة ويسرة فهل ترى إلا مبتلى ومنكـوبـاً ؟ في كـل دار نـائحـة ، وعـلى كـل خــد دمـع كــم مـن المـصـائــب ! وكـــم مـن الصــابـريـن ! فلست أنت وحدك المـصاب بل مصابك أنت بالنسبة لغـيرك قـليـــل ،،، كــم مـن مريــض على سريره أعـوام يتقـلـب ويئــن مـن الألــم والسقـم ! كــم مـن محـبـوس مـرت بــه سـنـوات مـا رأى الشمـس بعـينـه ومـا عــرف غـير زنـزانتـه ! كــم مـن رجـل وامـرأة فقدا فـلذات أكـبادهما فـي ميعـة الشباب وريعـان العـمـر كــم مـن مكـــروب ، ومــديـن ، ومـصـــاب ، ومنكـــوب ! عليك أن توطّـن نفسك وتوازن مصابـك بمن حولـك ليظهـر لـك أنـك معـافى بالنسبـة لهـؤلاء ، وأنـــه لـم يـأتـك إلا وخـزات سهـلــة ،، فـاحـمــد الله على لطـفـه واشكـره على ما أبقى واحتسب ما أخــــذ . د . عـائـض القـــرني
14. تفويض الأمر إلى الله والتوكل عليه والثقة بوعده والرضا بصنيعه وحسن الظن به وانتظار الفرج منه من أعظم ثمرات الإيمان وأجل صفـات المـؤمنين ،، وحينما يطمئن العـبد إلـى حـسن العـاقبـة ويعتمد على ربـه فـي كل شأنـه يجـد الرعايـة والولايـة والكفايـة والتـأييـد والنـصــرة . لمــا ألقي إبراهيم عليـه السلام فـي النــــار قـال : حـسبنـا الله ونعـم الوكـيـل ، فجـعلـهـا الله عليـه بـــرداً وســلامــاً ورسولنا صلى الله عليه وآلـه وسلم لمــا هددوه وأصحابـه بجيوش الكـفـار قـالـوا : حـسبنـا الله ونعـم الوكـيل . إن الإنسان وحـده لا يستطيع أن يصـارع الأحــداث ولا يقـاوم المـلمـات ولا ينازل الخطوب لأنـه خلق ضعيفاً عـاجـزاً إلا حينما يتوكل على ربـه ويثق بـه ويفوض الأمر إليه ،، فـاجـعـل شعـارك عنـد المـلمـات : حـسبنـا الله ونعـم الوكـيـل . د . عـائـض القـرني
15. لا تحــزن ،، لأن الحـزن يضعفـك فـي العبـادة ويعطـلك عـن الجهــاد ويورثـك الإحبـاط ويدعـوك إلـى سـوء الظـن ويوقعك فـي التشـاؤم لا تحـزن ،، فـإن الحـزن والقـلق أساس الأمراض النفسية ومصدر الآلام العـصبيـة ومـادة الإنهيـار والوسـواس والإضـطــراب لا تحـزن ،، ومعك القرآن والذكر والدعاء والصلاة والصدقة وفعل المعروف لا تحــزن ،، ولا تستسلم للحـزن عـن طريـق الفـراغ والعـطـالـــــة صـلّ ، سبّـح ، إقـرأ ، أكـتـب ، إعـمـل ، إستقبـل ، زر ، تـأمـــــل لا تحــزن ،، واعـلم أن كل شيء بقـضـاء وقـدر ، وأن كل قضاء للمسلم خـير لـه ، وأن المـصائب مراهـم للبصائـر وقـوة للقـلوب ، وأنـك بمـا عنـدك ومـا أنـت فيـه ، أنت فــوق كـثير مــن النــــاس د . عـائـض القـرني
16. بـشــارات ربّـانـيــــه مـن الله تعـالـى القــائــــل والذين صبروا ابتغاء وجـه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعـلانية ويدرؤون بالحسنة السيئة أولئك لهـم عـقبى الدار ، جنات عــدن يدخلونها ومن صلـح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والمـلائكـة يدخلون عليهم من كل بـاب ، سلام عليكـم بما صبرتم فنعـم عـقبى الـــدار . الآيات 22 ، 23 ، 24 من سورة الرعـد إنـه من يتق ويصبر فـإن الله لا يضيع أجــر المـحسنين سورة يوسف الآيه 90 ولنجزينّ الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون سورة النحل الآية 96
17. يا رب اللهم يارب تفرّج عن كل مسلم مبتلى اللهــم اشــفِ كــل سقـيــم واقــضِ ديـــن كــل مـديـــن وفـــك أســـر كــل أســــير اللهـم اشـرح صـدر كـل مسلـم وفـرج الهـمـوم وأصـلح ذات البـين يـــــارب اللهـــم يـــارب أعــط كـل مسلـم ومسلمـه مناهـم وحـقـق آمـالـهـم وبـارك لـهـم فـي عـافيتهـم وأهـليهـم واحـفـظـهـم مـن كـل ســـوء يـــارب [email_address] أجمل التحية والدعوات من أخـوكـم / بومـشـــاري