حزب البناء الوطني - الإصدار السّنوي الأوّل - 2014-2015

1. ّ‫س‬‫ال‬ ‫اإلصدار‬‫ّل‬‫و‬‫األ‬ ‫نوي‬
2014-2015
‫ماي‬2015

3. ‫الفهرس‬
‫الص‬‫فحة‬5 ‫التعريف‬ 1
‫الص‬‫فحة‬8 ‫البيان‬‫التأسيسي‬ 2
‫الص‬‫فحة‬12 ‫الباب‬‫األ‬‫ول‬:‫تقدير‬‫موقف‬ 3
‫الص‬‫فحة‬13 ‫ملخص‬‫تنفيذي‬ 1.3
‫الص‬‫فحة‬15
‫مشروع‬‫البناء‬‫الوط‬‫ني‬‫يف‬‫أفق‬‫االنتقال‬‫الديمقراطي‬:
‫الرؤية‬‫واآلليات‬
2.3
‫الص‬‫فحة‬26 ‫املسار‬‫ّح‬‫ن‬‫املتر‬ 3.3
‫الص‬‫فحة‬37 ‫األزمة‬:‫هل‬‫إلى‬‫خروج‬‫من‬‫سبيل؟‬ 4.3
‫الص‬‫فحة‬42
‫ملحوظات‬‫عامة‬‫حول‬‫مشروع‬‫قانون‬‫أساسي‬‫يتعلق‬
‫بمكافحة‬‫اإلرهاب‬‫ومنع‬‫غسل‬‫األموال‬
5.3
‫الص‬‫فحة‬48 ‫نهاية‬‫مؤقت‬‫واستمرار‬‫انتقالي‬ 6.3
‫الص‬‫فحة‬57 ‫الباب‬‫الثاني‬:‫مواقف‬‫الحزب‬ 4
‫الص‬‫فحة‬77 ‫الباب‬‫الثالث‬:‫مشاركة‬‫الحزب‬‫يف‬‫االنتخ‬‫ا‬‫بات‬‫التشريعية‬ 5

5. 5 ‫التعريف‬
1.‫التعريف‬
‫ش‬‫ـ‬‫ع‬‫ـ‬‫الحزب‬ ‫ار‬
‫اجتماعية‬ ‫عدالة‬ /‫/حرية‬ ‫وحدة‬
‫الحزب‬ ‫أهداف‬
‫استكمال‬‫بناء‬‫الدولة‬‫الوطنية‬‫الح‬‫ديثة‬
‫و‬‫تفعيل‬‫مؤسساتها‬‫و‬‫تكريس‬‫علوية‬
‫القانون‬‫فيها‬‫و‬‫استقالل‬‫إرادتها‬‫السياسية‬.
‫العمل‬‫ىلع‬‫تحقيق‬‫أهداف‬‫ثورة‬‫الحرية‬
‫و‬‫الكرامة‬‫و‬‫استكمال‬‫مسارها‬‫يف‬‫القطع‬
‫مع‬‫املنظومة‬‫السابقة‬‫و‬‫إنجاح‬‫االنتقال‬
‫الديمقراطي‬‫بتمشيات‬‫واضحة‬
‫و‬‫مؤسسات‬‫تحفظ‬‫الحقوق‬‫و‬‫الحريات‬
‫و‬‫تضمن‬‫السيادة‬‫الوطنية‬‫و‬‫ا‬‫لتداول‬
‫السلمي‬‫ىلع‬‫السلطة‬‫و‬‫تحقق‬‫التنمية‬
‫املتوازنة‬‫و‬‫العدالة‬‫االجتماعية‬.
‫تثبيت‬‫املشتركات‬‫الوطنية‬‫وإعادة‬
‫تجميع‬‫التونسيين‬‫حول‬‫رؤية‬‫مجتمعية‬
‫تربط‬‫بين‬‫تاريخ‬‫طويل‬‫من‬‫تشكيل‬
‫السمت‬‫الوطني‬‫للشخصية‬‫التونسية‬
‫األصلية‬.
‫النهوض‬‫باملجتمع‬‫التونسي‬‫بما‬‫يحقق‬
‫له‬‫كرامة‬‫العيش‬‫وضمان‬‫حقوقه‬
‫االنسانية‬‫و‬‫االجتماعية‬‫و‬‫تثبيت‬‫حق‬‫ك‬‫ل‬
‫مواطن‬‫يف‬‫التعليم‬‫و‬‫الصحة‬‫و‬‫الشغل‬
‫و‬‫البيئة‬‫السلمية‬‫و‬‫جودة‬‫الحياة‬‫و‬‫التوزيع‬
‫العادل‬‫للثورة‬‫و‬‫العدالة‬‫االجتماعية‬
‫و‬‫التوازن‬‫الجهوي‬‫و‬‫ضمان‬‫حقوق‬‫األجيال‬
‫القادمة‬‫بمنوال‬‫تنموي‬‫يستجيب‬‫بهذه‬
‫الرهانات‬.
‫تحقيق‬‫التكامل‬‫املغاربي‬‫بما‬‫يجلب‬‫ا‬‫لرفاه‬
‫و‬‫النمو‬‫ملجتمعات‬‫الفضاء‬‫املغاربي‬.
‫و‬‫االنفتاح‬‫ىلع‬‫دوائر‬‫التكامل‬‫األخرى‬
‫العربية‬‫و‬‫اإلسالمية‬‫و‬‫اإلفريقية‬.
‫مسيرة‬ ‫يف‬ ‫محطات‬
‫الحزب‬
‫من‬‫يوم‬18/09/2013‫إلى‬24/12/2013:
‫اجتماعات‬‫ونقاشات‬‫تأسيسية‬‫حول‬
‫املبادئ‬‫و‬‫األهداف‬‫و‬‫الرؤى‬.

6. 6 ‫التعريف‬
‫ي‬‫وم‬24/11/2013:‫الحسم‬‫عبر‬‫التصويت‬
‫إلنشاء‬‫حزب‬‫و‬‫تحديد‬‫اسمه‬:‫حزب‬‫البناء‬
‫الوطني‬.
‫يوم‬25/02/2014:‫تقديم‬‫ملف‬‫رسمي‬
‫لتأسيس‬‫حزب‬‫سياسي‬
‫يوم‬05/05/2014:‫اإلعالن‬‫رسميا‬‫عن‬
‫نشأة‬‫حزب‬‫البناء‬‫الوطني‬‫حزبا‬‫وطنيا‬
‫اجتماعيا‬.
‫يوم‬20/08/2014:‫الحسم‬‫لصالح‬
‫املشاركة‬‫يف‬‫االنتخابات‬‫التشريعية‬‫يف‬
21‫دائرة‬‫انتخابية‬‫و‬‫تحديد‬‫رؤساء‬‫القائمات‬.
‫يوم‬21/08/2014:‫دعوة‬‫الى‬‫تشكيل‬
‫جبهة‬‫سياسية‬‫موحدة‬
‫يوم‬19/09/2014:‫ترشيح‬‫الدكتور‬
‫املنصف‬‫املرزوقي‬‫لرئاسة‬‫الجمهورية‬
‫يوم‬29/10/2014:‫الدعوة‬‫إ‬‫لي‬‫تشكيل‬
‫جبهة‬‫سياسية‬‫موحدة‬.
‫يوم‬29/11/2014:‫إ‬‫عادة‬‫ترشيح‬‫الدكتور‬
‫املنصف‬‫املرزوقي‬‫ل‬‫ل‬‫دور‬‫الثاني‬‫من‬
‫االنتخابات‬.
‫إث‬‫ر‬‫نتائج‬‫االنتخابات‬‫الرئاسية‬:‫الحزب‬‫يعبر‬
‫عن‬‫مساندته‬‫ملبادرة‬"‫حراك‬‫شعب‬
‫املواطنين‬"‫ومساهمته‬‫يف‬‫نقاشات‬
‫األحزاب‬‫املنضوية‬‫تحت‬‫هذه‬‫املبادرة‬.
‫الحزب‬ ‫مواقف‬ ‫بعض‬
‫الصعيد‬ ‫ىلع‬
‫واإلقليمي‬ ‫الوطني‬
‫الوطني‬ ‫الحوار‬:
‫إل‬ ‫مصادرة‬ "‫الوطني‬ ‫"الحوار‬ ‫اعتبار‬‫رادة‬
‫ال‬‫ىلع‬ ‫لالنقالب‬ ‫وتكريسا‬ ‫ناخبين‬
‫مفض‬ ‫وغير‬ ‫املؤسسات‬ ‫مرجعية‬‫إ‬‫لى‬
.‫حقيقية‬ ‫حلول‬
:‫االقتصادي‬ ‫الحوار‬
‫سعيا‬ ‫اعتباره‬‫من‬‫الداخلية‬ ‫الجهات‬ ‫بعض‬
‫ذات‬ ‫اقتصادية‬ ‫إجراءات‬ ‫لتمرير‬ ‫واملانحة‬
. ‫خطيرة‬ ‫اجتماعية‬ ‫كلفة‬
‫قرار‬‫ا‬‫األ‬ ‫خلية‬ ‫ت‬‫(جويلية‬ ‫زمة‬2014:)
‫رفض‬‫إ‬‫املتعلقة‬ ‫جراءاتها‬‫بإغالق‬‫بعض‬
‫امل‬‫واإل‬ ‫ساجد‬‫نشاط‬ ‫وتجميد‬ ‫ذاعات‬
‫العودة‬ ‫دون‬ ‫الخيرية‬ ‫الجمعيات‬ ‫عشرات‬
‫هذه‬ ‫الحزب‬ ‫اعتبر‬ ‫وقد‬ .‫القضاء‬ ‫إلى‬
‫مع‬ ‫متناسبة‬ ‫وغير‬ ‫متسرعة‬ ‫اإلجراءات‬
‫ملرجعية‬ ‫ومتجاوزة‬ ‫املؤسساتي‬ ‫العمل‬
‫وصالحيات‬ ‫القانون‬ ‫وعلوية‬ ‫الدستور‬
. ‫والهيئات‬ ‫املؤسسات‬
‫اإل‬:‫رهاب‬
‫إ‬‫اإل‬ ‫للعمليات‬ ‫كاملة‬ ‫دانة‬‫باعت‬ ‫رهابية‬‫ب‬‫ارها‬
‫وال‬ ‫ومؤسساتها‬ ‫للدولة‬ ‫مهددة‬‫ع‬‫يش‬
‫املشت‬‫ر‬‫األ‬ ‫والسلم‬ ‫ك‬‫ومقاومته‬ ‫هلي‬
:‫تتطلب‬
1.‫التردد‬ ‫مع‬ ‫تقطع‬ ‫سياسية‬ ‫إرادة‬
‫واالر‬‫تجال‬.
2.‫التجاذب‬ ‫مع‬ ‫يقطع‬ ‫وطنيا‬ ‫إجماعا‬‫ات‬
. ‫السياسية‬
‫و‬‫واأللم‬ ‫الغضب‬ ‫أجواء‬ ‫استغالل‬ ‫يجب‬ ‫ال‬
‫االنتق‬ ‫مسار‬ ‫لتحريف‬‫الديمقراطي‬ ‫ال‬
‫اإل‬ ‫وتمرير‬‫جراءات‬‫أ‬‫امل‬ ‫املشاريع‬ ‫و‬‫ن‬‫اقضة‬
.‫الوطنية‬ ‫لالستحقاقات‬
‫االنتخ‬ ‫نتائج‬‫ا‬‫التشريعية‬ ‫بات‬
:‫والرئاسية‬
‫القبول‬‫بنتائج‬‫االنتخابات‬‫رغم‬‫التجاوزات‬
‫املسجلة‬‫التى‬‫ال‬‫ترتقي‬‫إ‬‫لى‬ّ‫س‬‫امل‬‫بجوهر‬
‫النتائج‬‫النهائية‬‫رغم‬‫أ‬‫ن‬‫ها‬‫فتحت‬‫ال‬‫باب‬
‫لواقع‬‫جديد‬‫أ‬‫عاد‬‫املنظومة‬‫القديمة‬‫إ‬‫لى‬
‫الساحة‬‫السياسية‬.
‫حكومة‬‫الحبيب‬ّ‫ص‬‫ال‬‫ا‬ ‫يد‬:‫ألولى‬
‫محاصصة‬ ‫حكومة‬ ‫اعتبارها‬‫حزبية‬
‫و‬‫مكاف‬‫أ‬‫وا‬ ‫للمساندين‬ ‫ة‬‫يف‬ ‫ملتعاونين‬
‫االنتخابية‬ ‫الحملة‬،‫إ‬‫ضافة‬‫إ‬‫احتوائها‬ ‫لى‬

7. 7 ‫التعريف‬
‫قضايا‬ ‫يف‬ ‫(التورط‬ ‫مشبوهة‬ ‫وجوه‬ ‫ىلع‬
.)..‫منشورة/التطبيع‬
‫وجود‬‫تدخل‬‫مباشر‬‫لرئيس‬‫الدولة‬‫يف‬
‫تشكيل‬‫الحكومة‬‫صارخا‬ ‫تجاوزا‬ ‫يمثل‬ ‫مما‬
‫ا‬ ‫لنص‬‫الصالحيات‬ ‫توزيع‬ ‫يف‬ ‫لدستور‬‫بين‬
‫ر‬‫أ‬‫م‬ :‫التنفيذية‬ ‫السلطة‬ ‫سي‬‫ر‬‫السلطة‬ ‫كز‬
.‫القصبة‬ ‫ال‬ ‫قرطاج‬ ‫سيكون‬
:‫الليبي‬ ‫امللف‬ ‫مع‬ ‫الحكومة‬ ‫تعاطي‬
‫دعوت‬‫من‬ ‫املسافة‬ ‫نفس‬ ‫ىلع‬ ‫للوقوف‬ ‫ها‬
‫األ‬‫بدور‬ ‫والقيام‬ ‫املتنازعة‬ ‫طراف‬‫إ‬‫يجابي‬
‫إلنجاح‬‫الحوا‬‫ورفض‬ ‫الليبي‬ ‫الوطني‬ ‫ر‬ّ‫ي‬‫أ‬
‫عسكري‬ ‫تدخل‬‫خارجي‬‫ليبيا‬ ‫يف‬.

8. 8 ‫التأسيسي‬ ‫البيان‬
2.‫التأسيسي‬ ‫البيان‬
25/02/2013
‫استلهاما‬‫من‬‫روح‬‫ثورتنا‬،‫التونسية‬‫التي‬
‫َّرها‬‫فج‬‫شعبنا‬‫العظيم‬‫ّل‬‫ث‬‫وم‬‫الشباب‬
‫املتوثب‬‫عمادها‬،‫الشامخ‬‫لتفتح‬‫لألمل‬‫آفاقا‬
‫يف‬‫االنتقال‬‫إلى‬‫رحاب‬‫الحرية‬‫والكرامة‬
‫والعدالة‬‫االجتماعية‬‫وحقوق‬،‫اإلنسان‬
‫يؤسس‬‫الوطني‬ ‫البناء‬ ‫حزب‬‫منهاجه‬
،‫وبرامجه‬‫ويسعى‬‫إ‬‫لى‬‫ت‬‫حقيق‬‫أهدافها‬
‫السامية‬‫وقيمها‬‫النبيلة‬.
‫لقد‬‫دشنت‬‫ثورة‬‫الحرية‬‫والكرامة‬‫مسارا‬
‫ّليا‬‫و‬‫تح‬‫يف‬‫بنية‬‫النظام‬‫السياسي‬
‫التونسي‬‫وأسقطت‬‫رأس‬‫االستبداد‬‫والفساد‬
‫إال‬‫أن‬‫املخاطر‬‫مازالت‬‫تحدق‬‫بأهدافها‬‫وبما‬
‫يمكن‬‫ان‬‫تكون‬‫قد‬‫حققته‬‫من‬،‫مكاسب‬‫اذ‬
‫استمر‬‫الصراع‬‫بين‬‫الفرقاء‬‫السياسيين‬
‫واإل‬‫يديولوجيين‬‫ىلع‬‫مواقع‬‫وسياقات‬
‫انحرفت‬‫عن‬‫استحقاقات‬‫الثورة‬‫و‬‫تضاعف‬
‫الضغط‬‫اإلقليمي‬‫و‬‫الدولي‬‫للتأثير‬‫ىلع‬
‫التجربة‬‫الناشئة‬‫يف‬‫غياب‬‫رؤية‬
‫استراتيجية‬‫الستكمال‬‫مسار‬‫االنتقال‬
‫الديمقراطي‬.
‫ان‬‫مطالب‬‫الثورة‬‫التونسية‬‫قد‬‫تشكلت‬‫يف‬
‫عناوين‬‫رئيسية‬‫هي‬‫الحرية‬‫والكرامة‬
‫والعدالة‬‫ا‬،‫الجتماعية‬‫ّست‬‫س‬‫فأ‬‫ملسارات‬
‫سياسية‬‫جديدة‬‫تمثل‬‫االستجابة‬‫ملطالبها‬
‫الثالث‬‫التالية‬‫شرط‬‫نجاحها‬:
‫إسقاط‬‫منظومة‬‫االستبداد‬‫والفساد‬.
‫بناء‬‫نظام‬‫سياسي‬‫وطني‬‫تتحقق‬‫فيه‬
‫قيم‬‫الحرية‬‫والعدالة‬‫والكرامة‬.
‫تحقيق‬‫العدالة‬‫االجتماعية‬‫والتشغيل‬
‫والتنمية‬‫الشاملة‬‫والتوزيع‬‫العادل‬‫للث‬‫روة‬
‫والتوازن‬‫الجهوي‬.
‫يأتي‬‫تأسيس‬‫الوطني‬ ‫البناء‬ ‫حزب‬
‫باعتباره‬‫حزبا‬‫ذا‬‫توجهات‬،‫اجتماعية‬
‫ليستجيب‬‫لحاجة‬‫بالدنا‬‫ولتطلع‬‫التونسيين‬
‫الى‬‫بلورة‬‫مشروع‬‫جامع‬‫يرتكز‬‫ىلع‬‫الثوابت‬
،‫الوطنية‬‫يخرج‬‫بتونس‬‫من‬‫الصعوبات‬‫التي‬
‫تواجهها‬‫حاليا‬‫ويضعها‬‫ىلع‬‫طريق‬‫البناء‬
‫الوطني‬‫الصلب‬.
‫إن‬‫ت‬‫حديات‬‫الواقع‬‫التونسي‬‫الراهن‬
‫وتطلعات‬‫أبناء‬‫هذه‬‫الثورة‬‫املباركة‬‫تفرض‬
‫علينا‬‫العمل‬‫ىلع‬‫األهداف‬‫التالية‬:
‫استكمال‬‫بناء‬‫الدولة‬‫ّة‬‫ي‬‫التونس‬‫الوطنية‬
‫الحديثة‬‫وتفعيل‬‫مؤسساتها‬‫وتوطيد‬

9. 9 ‫التأسيسي‬ ‫البيان‬
‫حضورها‬‫القوي‬‫وهيبتها‬‫وتكريس‬‫علوية‬
‫القانون‬‫فيها‬‫واستقالل‬‫إرادتها‬‫السياسية‬.
‫فال‬‫ديمقراطي‬‫ة‬‫دون‬‫دولة‬‫عادلة‬‫منصفة‬
،‫ّة‬‫ي‬‫وقو‬‫ودون‬‫حكم‬‫رشيد‬.
‫العمل‬‫ىلع‬‫تحقيق‬‫أهداف‬‫ثورة‬‫الحرية‬
‫والكرامة‬‫واستكمال‬‫مسارها‬‫يف‬‫القطع‬
‫مع‬‫املنظومة‬‫السابقة‬‫وانجاح‬‫االنتقال‬
‫الديمقراطي‬‫بتمشيات‬‫واضحة‬
‫ومؤسسات‬‫تحفظ‬‫الحقوق‬‫والحريات‬
‫وتضمن‬‫السيادة‬‫الوطنية‬‫والتداول‬
‫السلمي‬‫ىلع‬‫السلطة‬‫وت‬‫حقق‬‫التنمية‬
‫املتوازنة‬‫والعدالة‬‫االجتماعية‬.
‫تثبيت‬‫املشتركات‬‫الوطنية‬‫وإعادة‬
‫تجميع‬‫التونسيين‬‫حول‬‫رؤية‬‫مجتمعية‬
‫تمثل‬‫حلقة‬‫ربط‬‫بين‬‫تاريخ‬‫طويل‬‫من‬
‫تشكل‬‫ّمت‬‫س‬‫ال‬‫الوطني‬‫للشخصية‬
‫التونسية‬‫األصيلة‬‫وتطلعات‬‫اجيال‬
‫متتالية‬‫الستيفاء‬‫شروط‬‫البناء‬‫الوطني‬
‫متمثال‬‫يف‬‫التقدم‬‫التكنو‬‫لوجي‬‫واالزدهار‬
‫االقتصادي‬‫والرقي‬‫االجتماعي‬‫والقيمي‬.
‫النهوض‬‫باملجتمع‬‫التونسي‬‫بما‬‫يحقق‬
‫له‬‫كرامة‬‫العيش‬‫وضمان‬‫حقوقه‬
‫االنسانية‬‫واالجتماعية‬‫وتثبيت‬‫حق‬‫كل‬
‫مواطن‬‫يف‬‫التعليم‬‫والصحة‬‫والشغل‬
‫والبيئة‬‫السليمة‬‫وجودة‬‫الحياة‬‫والتوزيع‬
‫العادل‬‫للثروة‬‫والعدالة‬‫االجتماعية‬
‫والتوا‬‫زن‬‫الجهوي‬‫وضمان‬‫حقوق‬‫األجيال‬
‫القادمة‬‫وفق‬‫منوال‬‫تنموي‬‫يستجيب‬‫لكل‬
‫هذه‬‫الرهانات‬.
‫بناء‬‫استراتيجية‬‫وطنية‬‫للتنمية‬‫الشاملة‬
‫قوامها‬‫التكامل‬‫املغاربي‬‫االقتصادي‬
‫والثقايف‬‫بما‬‫يحقق‬‫للتونسيين‬‫ّفاه‬‫ر‬‫ال‬
‫والنمو‬‫ملختلف‬‫مجتمعات‬‫املغرب‬،‫الكبير‬
‫وأن‬‫يكون‬‫ذلك‬‫منطلقا‬‫لالنفتاح‬‫ىلع‬
‫دوائر‬‫التكامل‬‫األخرى‬‫العربية‬‫واإلسالمية‬
،‫واإلفريقية‬‫واعتبار‬‫البحر‬‫املتوسط‬‫فضاء‬
‫حيويا‬‫وموردا‬‫مهما‬‫من‬‫موارد‬‫التنمية‬.
‫وانطالقا‬‫من‬‫هذه‬‫االهداف‬‫تتشكل‬‫مبادئ‬
‫الوطني‬ ‫البناء‬ ‫حزب‬‫يف‬‫مختلف‬
‫املجاالت‬‫ىلع‬‫النحو‬‫التالي‬:
‫يف‬‫املحور‬
‫السياسي‬
‫يؤمن‬‫حزب‬‫البناء‬‫الوطني‬:
‫ب‬‫قيم‬‫الجمهورية‬‫واحترام‬‫إرادة‬‫الشعب‬
‫واستقاللية‬‫السلطات‬‫والفصل‬،‫بينها‬‫بما‬
‫يجعل‬‫من‬‫نظام‬‫الحكم‬‫وسيلة‬‫لتحقيق‬
‫املشروع‬‫الوطني‬‫الجامع‬‫و‬‫الحفاظ‬‫عليه‬
‫و‬‫تكريس‬‫وحدة‬‫الوطن‬‫وسيادته‬.
‫بقيم‬‫الديمقراطية‬‫والحكم‬‫الرشيد‬
‫ومجتمع‬‫قوامه‬‫الحريات‬‫األساسية‬
‫واحترام‬‫حقوق‬‫االنسان‬‫والتنافس‬‫النزيه‬
‫والتداول‬‫السلمي‬‫ىلع‬‫السلطة‬‫عبر‬
‫انتخابات‬‫نزيهة‬‫وشفافة‬‫يف‬‫ظل‬
‫منظومة‬‫قانونية‬‫عادلة‬‫تضمن‬‫املساواة‬
‫بين‬‫الجميع‬.
‫بالالمركزية‬‫اإلدارية‬‫وقوامها‬‫إرساء‬‫قواعد‬
‫ديمقراطية‬‫عادلة‬‫يف‬‫انتخاب‬‫املجالس‬
‫الجهوية‬‫والهيئات‬‫املحلية‬.
‫بالتكامل‬‫املغـاربي‬‫باعتباره‬‫مطلبا‬
‫للشعـو‬‫ب‬،‫املغاربية‬‫ملا‬‫لها‬‫من‬‫روابط‬
‫تاريخية‬‫وملا‬‫يحققه‬‫من‬‫مكاسب‬‫كبيرة‬
‫لكافة‬،‫شعوبه‬‫وبضرورة‬‫التفاعل‬‫االيجابي‬
‫مع‬‫املحيط‬‫العربي‬‫واإلسالمي‬
‫واملتوسطي‬‫واإلفريقي‬.
‫بالعمل‬‫ىلع‬‫دعم‬‫السلم‬‫العاملي‬‫و‬‫احترام‬
‫القانون‬‫الدولي‬‫و‬‫ما‬‫ينص‬‫عليه‬‫من‬‫قيم‬
‫و‬‫مبادئ‬‫تكرس‬‫الرقي‬‫االنساني‬‫و‬‫تدعم‬
‫ا‬‫لحوار‬‫بين‬‫الثقافات‬‫و‬‫التعاون‬‫بين‬
‫الشعوب‬.
‫باالنتصار‬‫للقضايا‬‫العادلة‬‫يف‬‫العالم‬
‫ومساندة‬‫ارادة‬‫الشعوب‬‫يف‬‫تقرير‬
‫مصيرها‬‫وىلع‬‫رأسها‬‫القضية‬
‫الفلسطينية‬.

10. 10 ‫التأسيسي‬ ‫البيان‬
‫يف‬‫املحور‬
‫االقتصادي‬
‫ما‬‫انفك‬‫االقتصاد‬‫التونسي‬‫يواجه‬‫ازمات‬
‫متتالية‬‫منذ‬‫تجربة‬‫التعاضد‬‫ومرورا‬
‫بسياسات‬‫االنفتاح‬‫االقتصادي‬‫فإعادة‬
‫الهيكلة‬‫واخيرا‬‫دخول‬‫طور‬‫اقتصاد‬،‫الفساد‬
‫كل‬‫ذلك‬‫لم‬‫يخلف‬‫اال‬‫اقتصادا‬‫هشا‬‫عاجزا‬
‫عن‬‫جلب‬‫التنمية‬‫التي‬‫تستجيب‬‫لتطلعات‬
‫التونسيين‬‫يف‬‫بلوغ‬‫مصاف‬‫الدول‬
‫املتقدمة‬‫ويف‬‫القدرة‬‫ىلع‬‫التأقلم‬‫مع‬
‫الهزات‬‫املالية‬‫واالقتصادية‬‫الدولية‬.‫لذلك‬
‫ننطلق‬‫يف‬‫وضع‬‫بدائلنا‬‫ا‬‫القتصادية‬‫من‬
‫التأكيد‬‫ىلع‬‫ضرورة‬:
‫صياغة‬‫تصور‬‫تنموي‬‫يعتمد‬‫اقتصاد‬
‫السوق‬‫االجتماعي‬‫وتشجيع‬‫املبادرة‬
،‫الفردية‬‫ويخضع‬‫لتفاعل‬‫العرض‬‫والطلب‬
‫بما‬‫ال‬‫يتنافى‬‫مع‬‫املصلحة‬‫العامة‬‫ومبدأ‬
‫تكافؤ‬‫الفرص‬‫وبما‬‫يضمن‬‫دعم‬‫الفئات‬
‫ذات‬‫الحاجة‬.
‫تفعيل‬‫دور‬‫الدولة‬‫املنظم‬‫للحياة‬
‫االقتصادية‬‫و‬‫الضامن‬‫للحقوق‬‫االجتماعية‬
‫مع‬‫وجوب‬‫الحفاظ‬‫ىلع‬‫دور‬‫فعال‬‫يف‬
‫إدارة‬‫القطاعات‬‫االقتصادية‬‫الحساسة‬.
‫اعتماد‬‫سياسة‬‫تشجع‬‫البحث‬‫العلمي‬
‫وتسعى‬‫المتالك‬‫التكنولوجيات‬‫الحديثة‬
‫وتعتني‬‫بأصحاب‬‫براءات‬‫االختراع‬‫وتشجع‬
‫الكفاءات‬‫العلمية‬‫بما‬‫يحقق‬‫الثورة‬
‫االقتصادية‬‫التونسية‬.
‫تحقيق‬‫ال‬‫تنمية‬‫الشاملة‬‫عبر‬‫حسن‬
‫استثمار‬‫املوارد‬‫الذاتية‬‫والخبرات‬‫الوطنية‬
‫وجلب‬‫االستثمارات‬‫األجنبية‬‫وتوفير‬‫بيئة‬
‫االستثمار‬‫املناسبة‬‫ودعم‬‫رأس‬‫املال‬
‫الوطني‬‫ليقوم‬‫بواجبه‬‫التنموي‬‫يف‬‫ضوء‬
‫الشفافية‬‫التامة‬‫واحترام‬‫دولة‬‫القانون‬.
‫دعم‬‫التنمية‬‫يف‬‫مختلف‬‫جهات‬‫البالد‬
‫ووضع‬‫نظام‬‫أولو‬‫ّة‬‫ي‬‫ّة‬‫ي‬‫تنمو‬،‫عادل‬‫لتمكين‬
‫الجهات‬‫املهمشة‬‫من‬‫تأهيل‬‫بنيتها‬
‫ّة‬‫ي‬‫التحت‬‫وتدارك‬‫تخلفها‬‫االقتصادي‬
‫واالجتماعي‬.
‫التأكيد‬‫ىلع‬‫حق‬‫التونسيين‬‫يف‬‫بيئة‬
‫سليمة‬‫بما‬‫يستوجب‬‫حوكمة‬‫بيئية‬
‫ناجعة‬.
‫املحافظة‬‫ىلع‬‫الثروة‬‫املائية‬‫وتطوير‬
‫اساليب‬‫استعمالها‬‫والتركيز‬‫ىلع‬‫الطاقات‬
‫املتجددة‬
‫يف‬‫املحور‬
‫االجتماعي‬
‫مثلما‬‫يؤمن‬‫الوطني‬ ‫البناء‬ ‫حزب‬‫بان‬
‫مجتمعا‬‫ال‬‫ينتج‬‫حاجاته‬‫االساسية‬‫وال‬‫تتوفر‬
‫فيه‬‫اسباب‬‫الحياة‬‫الكريمة‬‫هو‬‫مجتمع‬‫فاقد‬
‫ملقومات‬‫السيادة‬،‫الوطنية‬‫وان‬‫وعينا‬‫أيضا‬
‫باالرتباط‬‫الوثيق‬‫بين‬‫العدالة‬‫االجتماعية‬
‫والتنمية‬‫الشاملة‬‫وبالحاجة‬‫الى‬‫استحضار‬
‫مطالب‬‫ثورة‬‫الحرية‬‫والكرامة‬‫يف‬‫أبعادها‬
‫االجتماعية‬‫يجعلنا‬‫نؤكد‬‫ىلع‬‫ما‬‫يلي‬:
‫االيمان‬‫بالعدالة‬،‫ّة‬‫ي‬‫االجتماع‬‫يف‬‫شمولية‬
،‫أبعادها‬‫والعمل‬‫ىلع‬‫تكريسها‬‫واقعا‬
‫معيشا‬‫اعتمادا‬‫ىلع‬‫منظومة‬‫مندمجة‬
‫تضمن‬‫التوزيع‬‫العادل‬‫للثروة‬‫ّة‬‫ي‬‫الوطن‬‫بما‬
‫يحقق‬‫العيش‬‫الكريم‬‫ويحافظ‬‫ىلع‬
‫السلم‬‫االجتماعي‬‫ويرتقي‬‫باإلنتاجية‬.
‫الع‬‫مل‬‫ىلع‬‫ترسيخ‬‫سياسة‬‫ّة‬‫ي‬‫اجتماع‬
‫عادلة‬‫ومتوازنة‬‫ّن‬‫م‬‫تؤ‬‫تنمية‬‫ّة‬‫ي‬‫وطن‬
‫ّة‬‫ي‬‫وجهو‬‫ومحلية‬‫تستجيب‬‫لحاجيات‬‫كل‬
‫التونسيين‬
‫ا‬‫قرار‬‫سياسة‬‫تعليمية‬،‫ّة‬‫ي‬‫وتكوين‬
،‫وظيفية‬‫تواكب‬‫ّات‬‫د‬‫املستج‬‫العلمية‬
‫وتستجيب‬‫الحتياجات‬‫سوق‬‫الشغل‬.
‫اعتماد‬‫سياسة‬‫ّة‬‫ي‬‫تشغيل‬‫ترت‬‫قي‬‫بقيمة‬
‫العمل‬‫ّن‬‫م‬‫وتؤ‬‫تكافؤ‬‫الفرص‬‫يف‬‫النفاذ‬
‫إلى‬‫سوق‬‫الشغل‬‫والعدالة‬‫يف‬‫املعاملة‬
‫ىلع‬‫قاعدة‬‫الكفاءة‬.

11. 11 ‫التأسيسي‬ ‫البيان‬
‫وضع‬‫سياسات‬‫ّية‬‫ح‬‫ص‬‫تحافظ‬‫ىلع‬
‫املكاسب‬‫املحققة‬‫وتعززها‬‫يف‬‫تناغم‬
‫مع‬‫منطق‬‫التوازن‬‫الجهوي‬‫وضمان‬‫ّة‬‫ح‬‫الص‬
‫للجميع‬.
‫ارساء‬‫سياسة‬‫اجتماعية‬‫توفر‬‫السكن‬
‫الالئق‬‫لكل‬‫أسرة‬‫وترسخ‬‫القيم‬‫الفاضلة‬
‫التي‬‫تحفظها‬‫من‬‫التفكك‬‫وتصون‬‫النشء‬
‫من‬،‫االنحراف‬‫و‬‫تدعيم‬‫دور‬‫األسرة‬‫ّال‬‫ع‬‫الف‬
‫يف‬‫الحفاظ‬‫ىلع‬‫تماسك‬‫املجتمع‬‫وروح‬
‫التكافل‬‫داخله‬.
‫تمكين‬‫الشباب‬‫من‬‫املشاركة‬‫الفعلية‬
‫والفاعلة‬‫يف‬‫صناعة‬‫القرار‬‫السياسي‬
‫ومهمة‬‫البناء‬‫الوطني‬.
‫توفير‬‫مناخ‬‫الثقة‬‫االجتماعية‬‫والتو‬‫ازن‬
‫بين‬‫السياسات‬‫العامة‬‫بما‬‫يجعل‬‫من‬
‫الدولة‬‫خادمة‬‫للمجتمع‬‫ال‬‫وصية‬‫عليه‬.
‫تعزيز‬‫الشعور‬‫باألمن‬‫لدى‬‫املواطن‬
‫التونسي‬‫بإصالح‬‫املنظومة‬‫االمنية‬
‫وتفعيلها‬‫يف‬‫اطار‬‫قيم‬‫الجمهورية‬
‫وحيادية‬‫املرفق‬‫العام‬.
‫تأمين‬‫حقوق‬‫ذو‬‫ي‬‫االحتياجات‬
‫الخصوصية‬‫وتوفير‬‫الفرص‬‫املتكافئة‬‫لهم‬
‫يف‬‫ال‬‫تعليم‬‫والشغل‬‫والخدمات‬‫العامة‬.
‫رعاية‬‫حقوق‬‫املهاجرين‬‫التونسيين‬‫يف‬
‫هجرتهم‬‫و‬‫عند‬‫عودتهم‬‫وتثمين‬‫دورهم‬
‫يف‬‫التنمية‬‫االقتصادية‬‫والرقي‬
‫االجتماعي‬.
‫يف‬‫املحور‬‫الثقايف‬
‫انطالقا‬‫من‬‫الوعي‬‫العميق‬‫بوحدة‬
‫التونسيين‬‫واعتبارا‬‫للرابط‬‫القوي‬‫بين‬‫بناء‬
‫املجتمع‬‫وازدهاره‬‫وتنميت‬‫ه‬‫وبين‬‫موقع‬
‫الثقافة‬‫ضمنه‬‫وكونها‬‫مقياسا‬‫للرقي‬
‫الفكري‬‫واالجتماعي‬‫وموجها‬‫نحو‬‫االبداع‬
‫فان‬‫حزب‬‫البناء‬‫الوطني‬‫يؤكد‬‫ىلع‬:
‫االعتزاز‬‫بالهوية‬‫العربية‬‫اإلسالمية‬‫لبالدنا‬
‫واالنفتاح‬‫االيجابي‬‫ىلع‬‫الثقافات‬‫االخرى‬
‫ايمانا‬‫بانه‬‫ال‬‫وجود‬‫لتعابير‬‫ثقافية‬‫خالصة‬
‫ونقية‬.
‫تبني‬‫سياسا‬‫ت‬‫ّن‬‫م‬‫تث‬‫التراث‬‫الوطني‬
‫ّع‬‫ج‬‫وتش‬‫ىلع‬‫اإلبداع‬‫يف‬‫مختلف‬
‫املجاالت‬‫الثقافية‬‫والفنية‬‫وتنمي‬‫القيم‬
‫الجمالية‬‫كأحد‬‫مقومات‬‫الشخصية‬
‫التونسية‬.
‫وضع‬‫خيارات‬‫ّة‬‫ي‬‫تربو‬‫وثقافية‬‫تعمل‬‫ىلع‬
‫بناء‬‫ّة‬‫ي‬‫الشخص‬‫التونسية‬‫التي‬‫تعتز‬
‫بالثقافة‬‫الوطنية‬‫واالنتماء‬‫الحضاري‬
‫للفضاء‬‫العربي‬‫واالسالمي‬‫وتنفتح‬‫ىلع‬
‫التجارب‬‫االنسانية‬‫االخرى‬.
‫ان‬‫شعبنا‬‫اذ‬‫انجز‬‫ثورة‬‫حررته‬‫من‬‫االستبداد‬
‫والقهر‬‫والوصاية‬‫ىلع‬‫ارادته‬‫فهو‬‫يتطلع‬
‫الى‬‫ّل‬‫ك‬‫تش‬‫خطاب‬‫سياسي‬‫يبلور‬‫رؤية‬
‫حيوية‬‫للمشروع‬‫الوطني‬‫االجتماعي‬‫القادر‬
‫ىلع‬‫توحيد‬‫املجتمع‬‫واحتضان‬‫طاقاته‬‫بما‬
‫يحقق‬‫التنمية‬‫الشاملة‬‫والتوزيع‬‫ا‬‫لعادل‬
‫للثروة‬‫الوطنية‬‫ويقضي‬‫ىلع‬‫الفقر‬
‫والخصاصة‬‫ويدفع‬‫باملواطنين‬‫الى‬‫الثقة‬
‫يف‬‫املستقبل‬.
‫لقد‬‫تأسس‬‫الوطني‬ ‫البناء‬ ‫حزب‬‫ليساهم‬
‫بفعالية‬‫يف‬‫تعبئة‬‫امكاناتنا‬‫الوطنية‬
‫البشرية‬‫منها‬‫واالستراتيجية‬‫بما‬‫يحقق‬
‫النمو‬‫والرفاه‬‫والحرية‬‫والعدالة‬‫لكل‬
‫التونسيين‬‫بمختلف‬‫فئاتهم‬‫ويف‬‫كل‬
‫الجهات‬.
‫لذلك‬‫فـ‬‫الوطني‬ ‫البناء‬ ‫حزب‬‫اذ‬‫يتقدم‬
‫للشعب‬‫التونسي‬‫بهذا‬‫البيان‬‫التأسيسي‬
‫يضع‬‫نفسه‬‫يف‬‫خدمة‬‫تونس‬‫ويأمل‬‫ان‬
‫يمثل‬‫اضافة‬‫سياسية‬‫نوعية‬‫بالدفع‬‫نحو‬
‫التوافق‬‫ىلع‬‫املبادئ‬‫واملصالح‬‫الوطنية‬
‫العليا‬‫وتوسيع‬‫دائرة‬‫املشتركات‬‫ىلع‬
‫قاعدة‬‫مطالب‬‫الثورة‬‫واهدافها‬‫واعالء‬
‫مب‬‫ادئ‬‫املواطنة‬‫وقيم‬‫الجمهورية‬‫بما‬
‫يجسم‬‫املشروع‬‫الوطني‬‫الجامع‬‫الذي‬
‫يطمح‬‫حزبنا‬‫الى‬‫ان‬‫يشكل‬‫رافدا‬‫اساسيا‬
‫من‬‫روافده‬.

12. 12 ‫ملخص‬‫تنفيذي‬
3.‫الباب‬‫االول‬
‫تقدير‬‫موقف‬

13. 13 ‫ملخ‬‫ص‬‫تنفيذي‬
1.3.‫ملخص‬‫تنفيذي‬
‫نشأ‬‫الوطني‬ ‫البناء‬ ‫حزب‬‫يف‬‫طور‬‫صعب‬
‫من‬‫أطوار‬‫االنتقال‬‫الديمقراطي‬‫يف‬‫تونس‬.
‫ورغم‬‫أن‬‫كيانات‬‫سياسية‬‫جديدة‬‫تشكلت‬
‫عشية‬‫الثورة‬‫التونسية‬‫وأخرى‬‫واصلت‬
‫حضورها‬‫منذ‬‫ما‬‫قبل‬،‫الثورة‬‫إال‬‫أن‬‫مشروع‬
‫البناء‬‫الوطني‬‫كما‬‫تشكل‬‫يف‬‫وعي‬
‫أصحابه‬‫لم‬‫يتحول‬‫الى‬‫عمل‬‫ناجز‬‫اال‬‫عندما‬
‫تاكدت‬‫بودار‬‫فشل‬‫هذا‬‫االنتقال‬‫وتحوله‬
‫شيئا‬‫فشيئا‬‫الى‬‫ردة‬‫سياسية‬‫عن‬‫مطالب‬
‫ث‬‫ورة‬‫الحرية‬‫والكرامة‬‫واهدافها‬.
‫لذلك‬‫عبرت‬‫الورقة‬‫السياسية‬‫االولى‬
"‫االنتقال‬ ‫افق‬ ‫يف‬ ‫الوطني‬ ‫املشروع‬
‫الديمقراطي‬"‫عن‬‫مبررات‬‫تأسيس‬‫الحزب‬
‫ورهاناته‬.‫كما‬‫قدمت‬‫قراءته‬‫ملسار‬‫االنتقال‬
‫الديمقراطي‬‫وما‬‫افضى‬‫اليه‬‫من‬‫صعوبات‬
‫ترجمتها‬‫مخرجات‬‫الحوار‬‫الوطني‬.
‫يف‬‫هذا‬‫السياق‬‫يكافح‬‫البناء‬‫الوطني‬‫من‬
‫اجل‬‫ان‬‫تحتل‬‫طروحاته‬‫املوقع‬‫والتاثير‬
،‫املناسبين‬‫وقد‬‫حدد‬‫يف‬‫هذه‬‫الورقة‬
‫اهدافه‬‫وتموقعه‬‫يف‬‫املشهد‬‫الوطني‬
‫الجديد‬.‫هذا‬‫املشروع‬‫الذي‬‫يرتكز‬‫ىلع‬:
‫االرضية‬‫املجتمعية‬‫الوطنية‬‫باعتبارها‬
‫االساس‬‫الية‬‫عملية‬‫نهوض‬‫يف‬
‫املستقبل‬.
‫العدالة‬‫االجتماعية‬‫وتحقيق‬‫جودة‬‫الحياة‬
‫واستعادة‬‫املعنى‬‫الكامل‬‫لكرامة‬
‫التونسيين‬.
‫انجاح‬‫مسار‬‫دمقرطة‬‫الدولة‬‫التونسية‬
‫وبناء‬‫مجتمع‬‫القيم‬‫املنفتحة‬.
‫اما‬‫وقد‬‫تشكلت‬‫حكومة‬‫التكنوقراط‬‫يف‬
‫جانفي‬2014،‫فلقد‬‫لخصت‬‫ورقة‬"‫املسار‬
‫املترنح‬"‫قراءة‬‫الحزب‬‫وموقفه‬‫من‬
‫الحكومة‬‫ومن‬‫طريقة‬‫معالجتها‬‫ملختلف‬
‫التحديات‬‫ا‬‫القتصادية‬‫واالجتماعية‬‫منها‬
‫خاصة‬.‫فلقد‬‫مثلت‬‫هذه‬‫الحكومة‬‫سدا‬
‫للفراغ‬‫السياسي‬‫الذي‬‫خلفه‬‫استقالة‬
‫حكومة‬‫الترويكا‬‫وعدم‬‫وجود‬‫مسوغ‬
‫قانوني‬‫او‬‫انتخابي‬‫لتسلم‬‫املعارضة‬‫حينها‬
‫مقاليد‬‫الحكم‬.‫لذلك‬‫كانت‬‫مهمتها‬
‫الرئيسية‬‫سد‬‫الفراغ‬‫حتى‬‫الوصول‬‫الى‬
‫االنتخابات‬‫العامة‬‫املوالية‬.
‫لكن‬‫ملفات‬‫خطيرة‬‫وهامة‬‫ىلع‬‫غرار‬‫امللف‬
،‫االقتصادي‬‫ما‬‫كانت‬‫لتنتظر‬‫ترتيب‬‫املشهد‬
‫السياسي‬‫يف‬،‫البالد‬‫فكان‬‫ان‬‫اطلقت‬
‫الحكومة‬‫مقترح‬‫الحوار‬،‫االقتصادي‬‫متفائلة‬
‫بالحوار‬‫الوطني‬‫الذي‬‫اتى‬‫بها‬‫للسلطة‬.
‫فجاء‬‫تقدير‬‫املوقف‬‫االقتصادي‬‫الذي‬‫لخص‬

14. 14 ‫ملخ‬‫ص‬‫تنفيذي‬
‫موقف‬‫الحزب‬‫من‬‫هذا‬‫امللف‬‫تحت‬‫عنوان‬
"‫االزمة‬:‫هل‬‫الى‬‫خروج‬‫من‬‫سبيل؟‬."
‫مؤكدا‬‫ان‬‫اي‬‫حل‬‫للوضع‬‫االقتصادي‬
‫واالجتماعي‬‫املتهري‬‫يمر‬‫حتما‬‫من‬‫خالل‬
‫تكريس‬‫استقالل‬‫القرار‬‫الوطني‬‫التونسي‬
‫وعدم‬‫اضعانه‬‫المالءات‬‫صندوق‬‫النقد‬
‫الدولي‬.‫فهدف‬‫اي‬‫نهوض‬‫اقتصادي‬
‫تحقيق‬‫الرفاه‬‫االجتماعي‬‫بما‬‫يعكس‬
‫مبادئ‬‫العدالة‬‫االجتماعية‬‫وا‬‫لتوزيع‬‫العادل‬
‫للثروة‬‫وتحسين‬‫جودة‬‫الحياة‬‫للتونسيين‬.
‫املخاطر‬‫التي‬‫تهدد‬‫املسار‬‫االنتقالي‬‫لم‬
‫تكن‬‫سياسية‬‫فقط‬‫وال‬‫اقتصادية‬‫اجتماعية‬
،‫فحسب‬‫بل‬‫برز‬‫الخطر‬‫االرهابي‬‫واحتل‬
‫الصدارة‬‫يف‬‫جملة‬‫العوامل‬‫املؤثرة‬‫يف‬‫هذا‬
‫املسار‬.‫لقد‬‫كانت‬‫العملية‬‫السياسية‬‫تتقدم‬
‫تحت‬‫وطأة‬‫الضربات‬،‫االرهابية‬‫بما‬‫انزاح‬‫بها‬
‫يف‬‫كثير‬‫من‬‫االحيان‬‫عن‬‫مراميها‬‫االصلية‬.
‫لكن‬‫مثلما‬‫كان‬‫التحدي‬‫السياسي‬‫يف‬‫قلب‬
‫عالقة‬‫الدولة‬‫واملجتمع‬‫من‬‫خالل‬
،‫دمقرطتها‬‫ومثلما‬‫اصبح‬‫غير‬‫مقبول‬‫إ‬‫عادة‬
‫بناء‬‫منوال‬‫اقتصادي‬‫يحقق‬‫نموا‬‫ال‬‫ينعكس‬
‫تنمية‬،‫حقيقية‬‫ف‬‫إ‬‫ن‬‫تحدي‬‫مواجهة‬
‫االرهاب‬‫يكمن‬‫يف‬‫امل‬‫زاوجة‬‫بين‬‫نجاعة‬
‫التصدي‬‫لهذا‬‫الخطر‬‫دون‬‫التنازل‬‫عن‬‫قيم‬
‫الديمقراطية‬‫وحقوق‬‫اإل‬‫نسان‬.‫فالدولة‬
‫الديمقراطية‬‫قوية‬‫بما‬‫يجعل‬‫من‬‫انتصارها‬
‫ىلع‬‫اإل‬‫رهاب‬‫تكريسا‬‫لنمط‬‫حكمها‬
‫الديمقراطي‬.‫إ‬‫ال‬‫أ‬‫ننا‬‫الحظنا‬‫يف‬‫مشروع‬
‫قانون‬‫اإل‬‫رهاب‬‫الذي‬‫عرض‬‫يف‬‫خريف‬2014
‫ىلع‬‫املجلس‬‫الوطني‬‫التأسيسي‬‫ما‬
‫ينقض‬‫أ‬‫سس‬‫الدستور‬‫الجديد‬‫وقيمه‬.‫وقد‬
‫سجلنا‬‫هذا‬‫املوقف‬‫من‬‫خالل‬‫ورقة‬‫تحمل‬
‫عنوان‬"‫ملحوظات‬‫عامة‬‫حول‬‫مشروع‬
‫قانون‬‫أ‬‫ساسي‬‫يتعلق‬‫بمكافحة‬
‫اإل‬‫رهاب‬‫ومنع‬‫غسيل‬‫األ‬‫موال‬."‫وبالفعل‬
‫فلم‬‫يستطع‬‫أ‬‫عضاء‬‫املجلس‬‫غض‬‫الطرف‬
‫عن‬‫عورات‬‫هذا‬،‫القانون‬‫ورحل‬‫للمجلس‬
‫الجديد‬‫عسى‬‫أ‬‫ن‬‫تدخل‬‫عليه‬‫ا‬‫لحكومة‬
‫القادمة‬‫تحويرات‬‫مناسبة‬.
‫كانت‬‫مرحلة‬‫أ‬‫كتوبر‬-‫ديسمبر‬2014‫مرحلة‬
‫عمل‬‫انتخابي‬‫ميداني‬‫لذلك‬‫توجهت‬
‫اهتمامات‬‫الحزب‬‫بالكامل‬‫لالنتخابات‬
،‫التشريعية‬‫ثم‬‫لالنتخابات‬‫الرئاسية‬.‫لكن‬
‫بمجرد‬‫أ‬‫ن‬‫انقشع‬‫الغبار‬‫تبين‬‫حدة‬‫التغيير‬
‫الحاصل‬‫يف‬‫املشهد‬‫السياسي‬‫بعد‬‫أ‬‫ن‬
‫فازت‬‫املنظومة‬‫القديمة‬‫ب‬‫أ‬‫غلبية‬‫نسبية‬
‫يف‬‫البرملان‬‫ورئاسة‬،‫الجمهورية‬‫بما‬‫جعلها‬
‫ممسكة‬‫بكل‬‫سلطات‬‫الدولة‬‫تقريبا‬.
‫فتعالت‬‫األ‬‫صوات‬‫من‬‫كل‬‫صوب‬‫معلنة‬
‫فزعها‬‫من‬‫خطر‬‫التغول‬‫وعودة‬‫االستبداد‬.
‫لذلك‬‫فككت‬‫الورقة‬‫السياسية‬‫األ‬‫خيرة‬
‫للحزب‬"‫واستمرار‬ ‫مؤقت‬ ‫نهاية‬
‫انتقالى‬"‫فككت‬‫املشهد‬‫الجديد‬
‫وتداعي‬‫اته‬‫وسيناريوهاته‬‫املستقبلية‬
‫لتفضي‬‫لخالصات‬‫من‬‫اهمه‬‫ا‬‫أ‬‫ن‬‫التاريخ‬‫ال‬
‫يعيد‬،‫نفسه‬‫و‬‫إ‬‫ن‬‫عاد‬‫مرة‬‫أ‬‫خرى‬‫فسيكون‬
‫يف‬‫شكل‬‫مهزلة‬،‫كما‬‫تناو‬‫لت‬‫الورقة‬‫األ‬‫خيرة‬
"‫يوم‬ ‫املائة‬ ‫تقيم‬‫األ‬‫عمل‬ ‫من‬ ‫ولى‬
‫الحكومة‬"‫مواقف‬‫الحزب‬‫من‬‫أ‬‫داء‬‫الحكومة‬.
‫مالحظ‬‫ة‬
‫كل‬‫مواقف‬‫الحزب‬‫من‬‫مجمل‬‫القضايا‬
‫الو‬‫طنية‬‫واالقليمية‬‫و‬‫التي‬‫عبر‬‫عنها‬‫يف‬
‫بياناته‬‫أ‬‫و‬‫من‬‫خالل‬‫تصريحات‬‫قياداته‬
‫يف‬‫اإل‬‫عالم‬‫تأسست‬‫ىلع‬‫هذه‬‫القراءات‬
‫والتحاليل‬‫للواقع‬.
‫كل‬‫ورقة‬‫م‬‫ن‬‫هذه‬‫الورقات‬‫السياسية‬
‫عبرت‬‫عن‬‫وحي‬‫اللحظة‬‫التي‬‫صيغت‬
،‫فيها‬‫ولم‬‫نرد‬‫تغييرها‬‫لتحافظ‬‫ىلع‬
‫خاصيتها‬‫باعتبارها‬‫وثيقة‬‫تاريخية‬
‫شاهدة‬‫ىلع‬‫واقعها‬‫ووعي‬‫أ‬‫صحابها‬
‫بذلك‬‫الواقع‬
.

15. 15 ‫مشروع‬‫البناء‬‫الوطني‬‫يف‬‫أفق‬‫االنتقال‬‫الديمقراطي‬:‫الرؤية‬‫واآلليات‬
2.3.‫مشروع‬‫البناء‬
‫الوطني‬‫يف‬‫أفق‬
‫االنتقال‬‫الديمقراطي‬:
‫الرؤية‬‫واآلليات‬
‫نوفمبر‬2013
‫مالحظة‬:
‫نقاشات‬ ‫خالصات‬ ‫الورقة‬ ‫هذه‬ ‫تمثل‬
‫وضع‬ ‫ىلع‬ ‫العمل‬ ‫بها‬ ‫انطلق‬ ،‫طويلة‬
‫وبناء‬ ،"‫الوطني‬ ‫"البناء‬ ‫حزب‬ ‫أسس‬
‫للحزب‬ ‫التأسيسي‬ ‫البيان‬ ‫صيغ‬ ‫عليها‬
.‫بعد‬ ‫فيما‬
‫التقديم‬
‫البناء‬‫الوطني‬‫مشروع‬‫سياسي‬‫ذو‬‫توجهات‬
،‫اجتماعية‬‫يلبي‬‫الحاجة‬‫املتبلورة‬‫يف‬‫هذه‬
‫املرحلة‬‫من‬‫تاريخ‬‫تونس‬‫لقوة‬‫سياسية‬
‫تعبر‬‫عن‬‫تطلعات‬‫كل‬‫التونسيين‬‫بغض‬
‫النظر‬‫عن‬‫انتمائهم‬‫الجهوي‬‫أو‬‫العمري‬‫أو‬
‫الجنسي‬‫وال‬‫حتى‬‫اإليديولوجي‬.‫وهذا‬‫أمر‬‫ال‬
‫يتحقق‬‫إ‬‫ال‬‫من‬‫خالل‬‫االشتغال‬‫ىلع‬‫بلورة‬
‫مشروع‬‫جامع‬‫يرتكز‬‫ىلع‬‫الثوابت‬،‫الوطنية‬
‫يخرج‬‫بتونس‬‫من‬‫الصعوبات‬‫التي‬‫تواجهها‬
‫حاليا‬‫ويضعها‬‫ىلع‬‫طريق‬‫البناء‬‫الوطني‬
‫الصلب‬.
‫فعندما‬‫نتحدث‬‫عن‬‫االنتقال‬‫الديمقراطي‬
‫يف‬،‫تونس‬‫ليس‬‫مسلما‬‫به‬‫مجال‬‫هذا‬
‫االنتقال‬‫وال‬‫آلياته‬.‫إ‬‫ذ‬‫املشهد‬‫السياسي‬
‫امل‬‫تشكل‬‫قبل‬‫الثورة‬‫سلطة‬،‫ومعارضة‬
‫بصدد‬‫التحول‬‫إ‬‫لى‬‫فضاء‬‫لهذا‬‫التغيير‬

16. 16 ‫مشروع‬‫البناء‬‫الوطني‬‫يف‬‫أفق‬‫االنتقال‬‫الديمقراطي‬:‫الرؤية‬‫واآلليات‬
‫العميق‬‫يف‬‫الواقع‬‫التونسي‬‫ملا‬‫بعد‬‫الثورة‬.
‫لذلك‬‫ف‬‫إ‬‫ن‬‫الصورة‬‫الذهنية‬‫املستقبلية‬
‫للديمقراطية‬‫التونسية‬‫الناشئة‬‫ستضع‬
‫ىلع‬‫األحرف‬‫نقاط‬‫هذا‬‫التحول‬‫وعالماته‬.
‫فمن‬‫بين‬‫ما‬‫تقوم‬‫عليه‬‫الديمقراطيات‬‫يف‬
‫العالم‬،‫التوازن‬‫املعقول‬‫بين‬‫القوى‬
‫السياسية‬‫والحزبية‬‫أل‬‫ن‬‫ال‬‫تداول‬‫سلمي‬
‫وسلس‬‫ىلع‬‫السلطة‬(‫وهو‬‫أساس‬‫العملية‬
‫الديمقراطية‬)‫دون‬‫وجود‬‫قوى‬‫متعددة‬
‫تمتلك‬‫فرص‬‫متقاربة‬‫للتنافس‬‫السياسي‬.
‫كما‬‫ال‬‫حريات‬‫وال‬‫حقوق‬‫مضمونة‬‫دون‬
‫تنظيم‬‫لفضاءات‬‫العمل‬‫العام‬‫وتمايز‬‫كل‬
‫فضاء‬‫بمجال‬‫اختصاصه‬‫دونا‬‫عن‬،‫غيره‬‫فال‬
‫يتحول‬‫اإلعالمي‬‫إلى‬‫سياسي‬‫وال‬‫السياسي‬
‫إلى‬‫ثقايف‬‫وهكذا‬.
‫ويبقى‬‫شرط‬‫نجاح‬‫العملية‬‫الديمقراطية‬
‫عموما‬‫األرضية‬‫القيمية‬‫والثقافية‬
‫املشتركة‬‫التي‬‫تتنافس‬‫فوقها‬‫مختلف‬
‫األحزاب‬.
‫فاألحزاب‬‫والقوى‬‫السياسية‬‫التي‬
‫ستستجيب‬‫ملقتضيات‬‫هذه‬‫الصورة‬
(‫ّة‬‫ي‬‫التنافس‬–‫األرض‬‫ية‬‫ّة‬‫ي‬‫املجتمع‬–‫تبني‬
‫القيم‬‫الديمقراطية‬)‫ستتوفر‬‫لها‬‫فرصة‬
‫لحجز‬‫مكان‬‫يف‬‫املشهد‬،‫السياسي‬‫والتي‬
‫ستتمحور‬‫حول‬‫ذاتها‬‫وترفض‬‫أية‬‫إمكانية‬
‫للتكيف‬‫مع‬‫املتغيرات‬‫ستبقى‬‫حبيسة‬
‫حاضرها‬‫الذي‬‫سيتحول‬‫بسرعة‬‫إلى‬‫ماضي‬
‫ّل‬‫ه‬‫متر‬‫يف‬‫املستقبل‬.
‫وأل‬‫ن‬‫الفراغ‬‫محال‬‫يف‬‫نمط‬‫الوجود‬
،‫اإلنساني‬‫ويف‬‫ظل‬‫ما‬‫تعيشه‬‫كثير‬‫من‬
‫األحزاب‬‫من‬‫صعوبات‬‫تعيقها‬‫عن‬‫التأهل‬
‫لتقوم‬‫بدورها‬‫الطبيعي‬‫يف‬‫العملية‬
‫السياسية‬‫ف‬‫إ‬‫ن‬‫الواقع‬‫بصدد‬‫إفراز‬‫قوى‬
‫جديدة‬‫تستطيع‬‫أن‬‫تقوم‬‫بوظائفها‬
‫التأطيرية‬‫والتنافسية‬‫واستعادة‬‫املسار‬
‫الثوري‬‫ّب‬‫ي‬‫املغ‬‫وإنجاح‬‫مطالبه‬.
‫هذا‬‫مع‬‫املالحظة‬‫أن‬‫البيئة‬‫السياس‬‫ية‬
‫التونسية‬،‫الراهنة‬‫ويف‬‫ظل‬‫استمرار‬‫العقم‬
‫السياسي‬‫الذي‬،‫تعيشه‬‫بصدد‬‫التحول‬
‫السريع‬‫إلى‬‫فضاء‬‫محفز‬‫للمغامرين‬‫من‬
‫سياسيين‬‫وغيرهم‬‫من‬‫الذين‬‫قد‬‫يدفعهم‬
‫طموحهم‬‫إلى‬‫أن‬‫ّلوا‬‫و‬‫يح‬‫ربيع‬‫الثورة‬
‫التونسية‬‫إلى‬‫خريف‬‫ديكتاتوري‬‫حزين‬.
1.‫ال‬‫ثورة‬‫ومسار‬
‫االنتقال‬
‫الديمقراطي‬
‫تعاقب‬‫ت‬‫ثالث‬‫مراحل‬‫يف‬‫مسار‬‫االنتقال‬
‫الديمقراطي‬‫يف‬‫تونس‬:
‫مرحلة‬‫تثبيت‬‫املطالب‬:‫من‬14‫جانفي‬
2011‫إلى‬‫انتخابات‬‫املجلس‬‫التأسيسي‬23
‫أكتوبر‬2011.
‫مرحلة‬‫إعداد‬‫مستلزمات‬‫النظام‬
‫الديمقراطي‬:‫من‬23‫اكتوبر‬2011‫الى‬
‫االنتخابات‬‫القادمة‬.
‫استمرار‬‫حالة‬‫االنتقال‬‫والالاستقرار‬‫الى‬‫ما‬
‫بعد‬‫االنتخابات‬،‫القادمة‬‫وحتى‬‫تحقق‬
‫شروط‬‫االستقرار‬‫السياسي‬‫واالقتصادي‬-
‫االجتماعي‬(‫قوى‬‫سياسية‬‫متوازنة‬-
‫تداول‬‫سلمي‬‫ىلع‬‫السلطة‬-‫تحقق‬‫حد‬
‫معقول‬‫من‬‫التنمية‬‫والخروج‬‫من‬‫األزمة‬
‫االقتصادية‬‫الحالية‬.)
1.‫قراءة‬‫يف‬‫ثورة‬17-14‫جانفي‬
2011
‫أهم‬‫ما‬‫ّز‬‫ي‬‫م‬‫ثورة‬‫الحرية‬‫والكرام‬‫ة‬‫مجموعة‬
‫من‬‫الخصائص‬:
‫خصائص‬‫الثورة‬‫يف‬‫لحظتها‬‫الحينية‬:
‫العفوية‬–‫السلمية‬–‫الفجئية‬–‫السرعة‬.
‫إذ‬‫لم‬‫تكن‬‫للثورة‬‫قيادة‬‫واضحة‬،‫ومباشرة‬
‫وال‬‫هي‬‫التجأت‬‫للعنف‬‫إلسقاط‬‫النظام‬
‫رغم‬‫القمع‬‫الذي‬،‫واجهها‬‫وعمق‬‫األزمة‬
‫التي‬‫عانى‬‫منها‬‫الشعب‬‫التونسي‬.‫كما‬‫ال‬
‫احد‬‫توقع‬‫اندالع‬‫هذه‬‫الثورة‬‫وال‬‫ادرك‬
‫باملسبق‬‫منتهاها‬.
‫ثورة‬‫ذات‬‫أهداف‬‫متصاعدة‬:‫انطلقت‬‫من‬
‫التعبير‬‫عن‬‫التعاطف‬‫والتضامن‬‫مع‬‫مأساة‬
‫فردية‬‫لتتحول‬‫إلى‬‫مطالب‬‫التشغيل‬
‫والتنمية‬‫املتوازنة‬‫بين‬‫الجهات‬‫والعدالة‬
‫االجتماعية‬‫ثم‬‫إلى‬‫املطالبة‬‫بإسقاط‬

17. 17 ‫مشروع‬‫البناء‬‫الوطني‬‫يف‬‫أفق‬‫االنتقال‬‫الديمقراطي‬:‫الرؤية‬‫واآلليات‬
‫النظام‬‫السياسي‬‫برمته‬‫ورفع‬‫شعارات‬
‫الحرية‬‫والكرامة‬‫الوطنية‬‫والعدالة‬
‫االجتماعية‬.
‫ثورة‬‫ّة‬‫ي‬‫طالئع‬‫ّت‬‫ر‬‫ج‬‫ورائها‬‫النخبة‬
‫التونسية‬‫من‬‫ناشطي‬‫األحزاب‬
‫والشخصيات‬‫العامة‬‫التي‬‫بقيت‬‫مترددة‬
‫يف‬‫السير‬‫ىلع‬‫نسق‬‫الثورة‬‫تشكيكا‬‫يف‬
‫قدرتها‬‫ىلع‬‫النجاح‬‫وتخوفا‬‫من‬ّ‫د‬‫ر‬‫فعل‬
‫السلطة‬‫القمعي‬‫تجاهها‬.‫فكلما‬‫حاولت‬
‫هذه‬‫النخب‬‫رفع‬‫سقف‬‫مطالبها‬
‫الس‬‫ياسية‬‫كلما‬‫اكتشفت‬‫أن‬‫هذه‬‫الثورة‬
‫قد‬‫تجاوزت‬‫هذا‬‫السقف‬‫وفرضت‬‫مستوى‬
‫أىلع‬‫من‬‫املطالب‬.‫وقلة‬‫نادرة‬‫من‬‫هؤالء‬
‫حسمت‬‫موقفها‬‫بسرعة‬‫واستطاعت‬‫أن‬
‫تستلهم‬‫من‬‫روح‬‫هذه‬‫الثورة‬‫وزخمها‬‫ما‬
‫جعلها‬‫تكتشف‬‫ممكنات‬‫فعلها‬‫مبكرا‬.
‫ثورة‬‫ّة‬‫ي‬‫ذك‬‫لم‬‫تستحوذ‬‫عليها‬‫مشاعر‬
‫العدمية‬‫والراديكالية‬‫لتت‬‫وسع‬‫يف‬
‫مطالبها‬‫الثورية‬‫إلى‬‫حد‬‫إلغاء‬‫الدولة‬
‫التونسية‬‫ومؤسساتها‬‫اإلدارية‬‫ونظمها‬
‫القانونية‬‫ومرافقها‬‫العامة‬.‫بل‬‫مدت‬‫يدها‬
‫بعناية‬‫كبيرة‬‫إلى‬‫سرطان‬‫االستبداد‬
‫والفساد‬‫وطالبت‬‫باستئصاله‬‫متمثال‬‫يف‬
‫رئيس‬‫الدولة‬‫ومحيطه‬،‫الفاسد‬‫حزب‬
‫التجمع‬‫الدستوري‬‫الديمقراطي‬‫أداة‬
‫التعبئة‬‫والتأطير‬‫للنظام‬،‫السابق‬‫كما‬
‫طالبت‬‫بتغيير‬‫الدستور‬‫الذي‬‫خرمته‬
‫التعديالت‬‫الظاملة‬‫التي‬‫بررت‬‫انتهاك‬
‫حقوق‬‫اإلنسان‬‫والديمقراطية‬‫وحماية‬
‫املفسدين‬.
‫ثورة‬‫رفعت‬‫شعار‬‫االستقالل‬‫الثاني‬
‫كتعبير‬‫عن‬‫رفضها‬‫للوصاية‬‫الخارجية‬
‫وتأثيرها‬‫ىلع‬‫مسار‬‫الثورة‬‫بما‬‫يف‬‫ذلك‬
‫ادانتها‬‫للدعم‬‫ال‬‫ذي‬‫قدمته‬‫بعض‬‫الدول‬
‫للنظام‬‫السابق‬‫لقمع‬‫الشعب‬‫التونسي‬.
‫كما‬‫برزت‬‫مواقف‬‫واضحة‬‫ضد‬‫التعاون‬
‫السياسي‬‫واالقتصادي‬‫واألمني‬‫الذي‬
‫ينتهك‬‫السيادة‬‫الوطنية‬‫التونسية‬‫ويضيع‬
‫مصالح‬‫املواطنين‬‫التونسيين‬.
‫ان‬‫التوقف‬‫عند‬‫بعض‬‫هذه‬‫املالمح‬‫لثورة‬
‫الحرية‬‫والكرامة‬‫إنما‬‫هو‬‫من‬‫منطلق‬‫تقديم‬
‫فهم‬‫أعمق‬‫ملجرياتها‬‫بما‬‫يساعد‬‫ىلع‬
‫الوصول‬‫للوضعية‬‫السياسية‬‫الحالية‬
‫وكيفية‬‫التصرف‬‫إزاءها‬.‫فإلى‬‫جانب‬‫دراسة‬
‫اللحظة‬‫املفجرة‬‫للثورة‬‫انتهاء‬‫بفرار‬‫بن‬
،‫علي‬‫فإننا‬‫نسجل‬‫أيضا‬‫أهم‬‫املالحظات‬
‫ىلع‬‫مسار‬‫تحقق‬‫مطالب‬‫هذه‬‫الثورة‬‫بعد‬
‫ثالث‬‫سنوات‬‫من‬‫سقوط‬‫النظام‬‫السابق‬.
2.‫م‬‫سار‬‫االن‬‫تقال‬‫ّيمقراطي‬‫د‬‫ال‬
‫ارتسمت‬‫معالم‬‫املرحلة‬،‫االنتقالية‬‫بعد‬
‫إسقاط‬‫حكومة‬‫زين‬‫العابدين‬‫بن‬،‫علي‬
‫بتأثير‬‫من‬‫خمسة‬‫محطات‬‫ثورية‬‫وسياسية‬
،‫مفصلية‬‫وذلك‬‫رغم‬‫الصعوبات‬‫التي‬
‫واجهتها‬‫يف‬‫مرحلتها‬‫األولى‬‫مع‬‫حكومة‬
‫محمد‬‫الغنوشي‬‫ومحاولة‬‫احتواء‬‫مطالب‬
‫الثورة‬‫وإعادة‬‫إنتاج‬‫منظومة‬‫االستبد‬‫اد‬‫من‬
‫جديد‬‫أو‬‫يف‬‫مرحلتها‬‫الثانية‬‫أثناء‬‫حكومة‬
‫الباجي‬‫قايد‬‫السبسي‬‫الذي‬‫فتح‬‫الباب‬
‫لعودة‬‫االنتهازيين‬‫بقوة‬‫عبر‬‫الهيئة‬‫العليا‬
‫لتحقيق‬‫اهداف‬‫الثورة‬‫أو‬‫يف‬‫التراخي‬‫الذي‬
‫سجلته‬‫حكومة‬‫الترويكا‬‫بعد‬‫انتخابات‬23
‫اكتوبر‬2011‫يف‬‫العمل‬‫ىلع‬‫استحقاقات‬
‫الثورة‬:
‫القصبة‬ ‫اعتصام‬1:23‫جانفي‬2011،
‫طالب‬‫املعتصمون‬‫بإقالة‬‫عدد‬‫من‬‫وزراء‬
‫حكومة‬‫محمد‬‫الغنوشي‬‫الوزير‬‫األول‬
‫السابق‬‫والذين‬‫اتهموا‬‫بارتباطاتهم‬
‫بأطراف‬‫خارجية‬‫ووقوع‬‫رئاسة‬‫الحكومة‬
‫تحت‬‫تأثير‬‫أوساط‬‫مرتبطة‬‫ببقايا‬‫النظام‬
‫السابق‬.‫وقد‬‫تم‬‫ذلك‬‫بالفعل‬‫حيث‬‫جرى‬
‫تحوير‬‫وزاري‬‫جزئي‬‫ِد‬‫ع‬ْ‫ب‬ُ‫أ‬‫و‬‫رموز‬‫الن‬‫ظام‬
‫السابق‬‫بمقتضاه‬‫عن‬‫دوائر‬‫التأثير‬
‫الحكومي‬.
‫القصبة‬ ‫اعتصام‬2:26‫فيفري‬2011،
‫األكثر‬‫تأثيرا‬‫ىلع‬‫مجريات‬‫العملية‬
‫السياسية‬‫ملا‬‫بعد‬‫ثورة‬‫الحرية‬‫والكرامة‬
‫من‬‫حيث‬‫سقف‬‫مطالبه‬‫التي‬‫رفعت‬‫شعار‬
‫إلغاء‬‫دستور‬1959‫والدعوة‬‫لتشكيل‬
‫مجلس‬،‫تأسيسي‬‫والتي‬‫استطاعت‬‫أن‬
‫تسقط‬‫أيضا‬‫حكو‬‫مة‬‫محمد‬،‫الغنوشي‬
‫آخر‬‫رئيس‬‫وزراء‬‫يف‬‫عهد‬‫النظام‬،‫السابق‬
‫وتشكيل‬‫حكومة‬‫جديدة‬‫برئاسة‬‫الباجي‬
‫قايد‬‫السبسي‬‫الذي‬‫التزم‬‫بمطلب‬‫الدعوة‬
‫النتخابات‬‫املجلس‬‫التأسيسي‬.‫كما‬‫مثلت‬
‫نتائج‬‫هذا‬‫االعتصام‬‫مخرجا‬‫الزمة‬
‫دستورية‬‫هددت‬‫البالد‬‫بعد‬‫أن‬‫تبين‬

18. 18 ‫مشروع‬‫البناء‬‫الوطني‬‫يف‬‫أفق‬‫االنتقال‬‫الديمقراطي‬:‫الرؤية‬‫واآلليات‬
‫استحالة‬‫تنظيم‬‫انتخابات‬‫رئاسية‬‫خالل‬
‫الستين‬‫يوما‬‫التي‬‫نص‬‫عليها‬‫الدستور‬
‫القديم‬‫وذلك‬‫ألسباب‬‫لوجستية‬‫ولكن‬
‫كذلك‬‫بسبب‬‫غياب‬‫االتفاق‬‫حول‬‫هذا‬
‫املسار‬‫السياسي‬‫وارتفاع‬‫خطر‬‫إمكانية‬
‫انتكاس‬‫تجربة‬‫االنتقال‬‫الديمقراطي‬.
‫فأصدر‬‫الرئيس‬‫املؤقت‬‫فؤاد‬‫املبزع‬
‫عشية‬15‫مارس‬2011‫مرسوما‬‫رئاسيا‬
‫منظما‬‫ّلط‬‫س‬‫لل‬‫املؤقتة‬‫جاء‬‫يف‬‫فصله‬
‫ّل‬‫و‬‫األ‬‫ما‬‫يلي‬" :‫إلى‬‫حين‬‫مباشرة‬‫مجلس‬
‫وطني‬‫تأسيسي‬‫منتخبا‬‫انتخابا‬،‫ّا‬‫م‬‫عا‬،‫ّا‬‫ر‬‫ح‬
‫مباشرا‬‫ّا‬‫ي‬ّ‫ر‬‫وس‬‫حسب‬‫مقتضيات‬‫نظام‬
‫انتخابي‬‫يصدر‬‫للغرض‬،‫مهامه‬‫يتم‬
‫تنظيم‬‫ّلط‬‫س‬‫ال‬‫العمومية‬‫بالجمهورية‬
‫التونسية‬‫تنظيما‬‫مؤقتا‬‫وفقا‬‫ألحكام‬‫هذا‬
‫املرسوم‬".‫مرسوم‬‫عدد‬14‫لسنة‬2011
‫مؤرخ‬‫يف‬23‫مارس‬2011‫يتعلق‬‫بالتنظيم‬
‫املؤقت‬‫ّلط‬‫س‬‫لل‬‫العمومية‬.
‫لتحقيق‬ ‫العليا‬ ‫"الهيئة‬ ‫تشكيل‬
‫واالنتقال‬ ‫الثورة‬ ‫أهداف‬
:"‫الديمقراطي‬‫حيث‬‫حاولت‬‫أن‬‫تمثل‬‫كل‬
‫الفسيفساء‬‫الفكري‬‫والسياسي‬
‫واالجتماعي‬‫التونسي‬‫كما‬‫أوكل‬‫لها‬
‫خاصة‬‫مهمة‬‫صياغة‬‫القانون‬،‫االنتخابي‬
‫ولئن‬‫احتكمت‬‫هذه‬‫الهيئة‬‫يف‬‫تأسيسها‬
‫ملنطق‬‫التوافق‬‫واعتبرت‬‫التصويت‬‫آلية‬
‫استثنائية‬‫جدا‬‫عند‬‫تعذر‬‫تحقق‬‫التوافق‬.
‫ورغم‬‫أن‬‫هذا‬‫التمشي‬‫غاب‬‫عن‬‫مداوالتها‬
ّ‫ال‬‫إ‬‫أنها‬‫استطاعت‬‫أن‬‫تنجز‬‫مهامها‬‫يف‬
‫نهاية‬‫املطاف‬.
‫القصبة‬ ‫اعتصام‬3:‫رغم‬‫هذه‬‫التمشيات‬
‫السياسية‬‫التي‬‫كانت‬‫تتقدم‬‫بالبالد‬‫ىلع‬
‫طريق‬‫االنتخابات‬‫خرج‬‫شباب‬‫الثورة‬‫يوم‬
14‫جويلية‬2011‫يف‬‫اعتصام‬‫املصير‬‫ليرفع‬
‫شعارات‬‫تحصين‬‫الثورة‬‫من‬‫بقايا‬‫النظام‬
‫السابق‬‫وتطهير‬‫اإلدارة‬‫واملحاسبة‬.ّ‫ال‬‫إ‬ّ‫ن‬‫أ‬
‫هذا‬‫االعتصام‬‫ووجه‬‫بعنف‬‫امني‬‫غير‬
‫مسبوق‬‫يف‬‫مرحلة‬‫ما‬‫بعد‬‫الثورة‬‫واضطر‬
‫الداعون‬‫له‬‫إلى‬‫إخالء‬‫ساحة‬‫القصبة‬.‫لكن‬
‫رغم‬‫هذا‬‫القمع‬‫غير‬‫املبرر‬‫فان‬‫بعض‬
‫مطالب‬‫هذا‬‫االعتصام‬‫قد‬‫وقع‬‫تضمينها‬
‫يف‬‫الفصل‬15‫من‬‫القانون‬‫االنتخابي‬‫الذي‬
‫استثنى‬‫رموز‬‫النظام‬‫السابق‬‫من‬‫التنافس‬
‫ىلع‬‫مقاعد‬‫املجلس‬‫التأسيسي‬.
:‫التأسيسي‬ ‫املجلس‬ ‫انتخابات‬‫يف‬
23‫أكتوبر‬2011،‫أفضت‬‫ّل‬‫و‬‫أ‬‫انتخابات‬‫حرة‬
‫شفافة‬‫ونزيهة‬‫يف‬‫تاريخ‬‫الدولة‬
‫ال‬‫تونسية‬‫إلى‬‫ّل‬‫ك‬‫تش‬‫الكتل‬‫ّياسية‬‫س‬‫ال‬
‫ّاهنة‬‫ر‬‫ال‬.‫إذ‬‫ّل‬‫و‬‫أل‬‫مرة‬‫ّر‬‫ف‬‫تتو‬‫الفرصة‬‫لبروز‬
‫حجم‬‫كل‬‫قوة‬‫سياسية‬‫فاعلة‬‫يف‬،‫الواقع‬
‫ورغم‬‫التشويهات‬‫العديدة‬‫التي‬‫جلبها‬
‫االستبداد‬‫ىلع‬‫مختلف‬‫أحزاب‬‫املعارضة‬
‫إال‬‫أن‬‫نتائج‬‫االنتخابات‬‫لم‬‫تحمل‬‫مفاجئات‬
‫تذكر‬.
‫ّن‬‫ي‬‫يتب‬‫إذن‬‫من‬‫خالل‬‫هذا‬‫العرض‬‫ألهم‬
‫املحطات‬‫السياسية‬‫التي‬‫عاشتها‬‫الثورة‬
‫التونسية‬‫يف‬‫سنتها‬‫األولى‬‫أن‬‫مطالب‬
‫الثورة‬‫تشكلت‬‫يف‬‫ثالثة‬‫عناوين‬‫رئيسية‬
‫وان‬‫نسبة‬‫النجاح‬‫أو‬‫الفشل‬‫تقاس‬‫بمعيار‬
‫االستجابة‬‫لهذه‬‫املطالب‬:
‫ومشروعا‬ ‫رموزا‬ ‫النظام‬ ‫إسقاط‬ ‫مطلب‬
‫حزبية‬ ‫وهياكل‬ ‫ومجتمعيا‬ ‫سياسيا‬
‫قائمة‬ ‫وإدارية‬ ‫وجمعياتية‬‫عليه‬.
‫ففرار‬‫بن‬‫علي‬‫الرئيس‬‫السابق‬‫يوم‬14
‫جانفي‬2011‫لم‬‫يكن‬‫اال‬‫حلقة‬‫أولى‬‫يف‬
‫مسار‬‫تحقيق‬‫هذا‬‫املطلب‬.‫واالعتصامات‬
‫املتتالية‬‫والشعارات‬‫املتصاعدة‬‫ضمن‬
‫هذا‬‫الحراك‬‫الشبابي‬‫الثوري‬‫تؤكد‬‫التمسك‬
‫باملضي‬‫باإلجراءات‬‫الثورية‬‫الى‬‫ابعد‬
‫نقطة‬‫يمكن‬‫ان‬‫تطالها‬‫عملية‬‫التغيير‬
‫يف‬‫ع‬‫مق‬‫منظومة‬‫االستبداد‬‫السياسي‬
‫والفساد‬‫املالي‬‫واالداري‬.
‫جديد‬ ‫سياسي‬ ‫نظام‬ ‫بناء‬ ‫مطلب‬
‫الحرية‬ ‫معاني‬ ‫فيه‬ ‫تتحقق‬ ‫ومنفتح‬
‫وسيادة‬ ‫اإلنسان‬ ‫حقوق‬ ‫واحترام‬
‫ىلع‬ ‫الديمقراطي‬ ‫والتداول‬ ‫القانون‬
‫السلطة‬.‫وقد‬‫اتخذ‬‫موضوع‬‫الدستور‬
‫الجديد‬‫منطلقا‬‫لهذه‬‫الدولة‬،‫الجديدة‬
‫لذلك‬‫بدأ‬‫العمل‬‫مبكرا‬‫ىلع‬‫توفير‬‫الشروط‬
‫الضرورية‬‫لصياغته‬‫من‬‫خالل‬‫تنظيم‬
‫انتخابات‬‫ديمقراطية‬‫وتوخي‬‫جملة‬‫من‬
‫التمشيات‬‫السياسية‬‫واإلجرائية‬.
‫والتشغيل‬ ‫الحقيقية‬ ‫التنمية‬ ‫مطلب‬
‫والتوازن‬ ‫للثروة‬ ‫العادل‬ ‫والتوزيع‬
‫الجهوي‬.‫فالنموذج‬‫التنموي‬،‫التونسي‬
‫مفخرة‬‫النظام‬،‫السابق‬‫سقط‬‫عند‬‫ّل‬‫و‬‫أ‬
‫انكشاف‬‫لألوض‬‫اع‬‫االجتماعية‬‫املتردية‬

19. 19 ‫مشروع‬‫البناء‬‫الوطني‬‫يف‬‫أفق‬‫االنتقال‬‫الديمقراطي‬:‫الرؤية‬‫واآلليات‬
‫آلالف‬‫التونسيين‬‫وخاصة‬‫من‬‫فئة‬‫الشباب‬
‫املتحصل‬‫ىلع‬‫شهادات‬‫جامعية‬‫والذي‬
‫يعاني‬‫من‬‫بطالة‬،‫عويصة‬‫كما‬‫ظهر‬‫هذا‬
‫اإلخالل‬‫الخطير‬‫من‬‫خالل‬‫التفاوت‬
‫الفاحش‬‫يف‬‫مستويات‬‫الدخل‬‫بين‬
‫الجهات‬‫املختلفة‬‫وبين‬‫قلة‬‫من‬‫األثرياء‬
‫الجدد‬‫وعموم‬‫الشعب‬‫التونسي‬.
3.‫امل‬‫رحل‬‫ة‬‫التأسيسية‬‫وحصيلة‬
‫تجربة‬‫الترويكا‬
(‫صياغة‬‫الدستور‬‫الجديد‬-‫تركيز‬‫الهيئات‬
‫املستقلة‬‫لإلعالم‬‫والقضاء‬‫واالنتخابات‬-
‫إعداد‬‫قانون‬‫انتخابي‬-‫إدارة‬‫املرحلة‬
‫االنتقالية‬-‫االنطالق‬‫يف‬‫صياغة‬‫منوال‬
‫تنموي‬‫جديد‬).
‫كان‬‫لعدم‬‫حصول‬‫أية‬‫قوة‬‫سياسية‬‫ىلع‬
‫األغلبية‬‫املطلقة‬‫يف‬‫املجلس‬‫ال‬‫تأسيسي‬
‫دورا‬‫مباشرا‬‫يف‬‫تقارب‬‫قواه‬‫الثالث‬
‫الرئيسية‬‫رغم‬‫االختالف‬‫السياسي‬
‫واإليديولوجي‬‫بينها‬.‫األمر‬‫الذي‬‫استلزم‬
‫اتفاقات‬‫واضحة‬‫ومكتوبة‬‫حول‬‫القضايا‬
‫الرئيسية‬‫املطروحة‬‫ىلع‬‫الحكومة‬
‫الجديدة‬‫أي‬:
"‫للسلطات‬ ‫املؤقت‬ ‫التنظيم‬ ‫قانون‬
‫العمومية‬"‫الذي‬‫من‬‫املفترض‬‫أن‬‫يقوم‬
‫مقام‬‫ال‬‫دستور‬‫يف‬‫تنظيم‬‫السلطات‬
‫العمومية‬‫والعالقة‬‫بين‬‫السلطات‬
‫التنفيذية‬‫والتشريعية‬‫ثم‬‫بين‬‫ركني‬
‫السلطة‬‫التنفيذية‬‫أي‬‫بين‬‫رئيس‬‫الوزراء‬
‫ورئيس‬‫الجمهورية‬.‫فاملصادقة‬‫ىلع‬
"‫قانون‬‫التنظيم‬‫املؤقت‬‫للسلطات‬
‫العمومية‬"‫يضع‬‫اإلطار‬‫القانوني‬
‫والتشريعي‬‫والترتيبي‬‫إلدارة‬‫الدولة‬‫خالل‬
‫ما‬‫تبقى‬‫من‬‫املرحلة‬‫االنتقالية‬‫قبل‬
‫صياغة‬‫الدستور‬‫وإجازته‬‫نهائيا‬.
‫االقتصادي‬ ‫الحكومة‬ ‫برنامج‬
‫واالجتماعي‬‫الذي‬‫ىلع‬‫أساسه‬‫تحدد‬
‫امليزانية‬‫العامة‬‫للدولة‬‫حيث‬‫تترجم‬
‫الخيارات‬‫فيما‬‫يتعلق‬‫باملفاصل‬‫األساسية‬
‫لالقتصاد‬‫والسياسات‬‫االجتماعية‬
‫والعالقات‬‫الخارجية‬.‫فاملصادقة‬‫ىلع‬
"‫ا‬‫مليزانية‬‫التكميلية‬‫لسنة‬2012"،‫كانت‬
‫الخطوة‬‫الثانية‬‫الضرورية‬‫التي‬‫ىلع‬
‫حكومة‬‫الترويكا‬‫القيام‬‫بها‬‫لترجمة‬
‫خياراتها‬‫التنموية‬‫يف‬‫برنامج‬‫اقتصادي‬
‫واضح‬.
‫التأسيسي‬ ‫املجلس‬ ‫ترتيبات‬
‫الداخلي‬ ‫وقانونه‬‫بما‬‫يمهد‬‫للمصادقة‬
‫ىلع‬‫الدستور‬‫وتنظيم‬‫االنتخابات‬‫القادمة‬
‫وتشكيل‬‫هيئات‬‫اإل‬‫عالم‬‫والقطاع‬
‫السمعي‬‫البصري‬‫والقضاء‬.‫وان‬‫اختارت‬
‫الترويكا‬‫أن‬‫ال‬‫يمتد‬‫التحالف‬‫ملوضوع‬
‫الدستور‬‫بل‬‫يقتصر‬‫فقط‬‫ىلع‬‫العمل‬
‫الحكومي‬.
‫مثل‬‫التوافق‬‫حول‬‫هذه‬‫القضايا‬‫األرضية‬
‫السياسية‬‫والقانونية‬‫لحكومة‬،‫الترويكا‬
‫وتقييم‬‫أداء‬‫هذه‬‫الحكومة‬‫يكون‬‫بمعيار‬
‫االلتزام‬‫بما‬‫جاء‬‫يف‬‫هذه‬‫األرضية‬‫ومدى‬
‫نجاحها‬‫يف‬‫تنزيلها‬‫يف‬‫الواقع‬.‫ويف‬
‫تقييمنا‬‫ألداء‬‫حكومة‬‫الترويكا‬‫نسوق‬
‫املالحظات‬‫التالية‬:
‫الحكومي‬ ‫العمل‬ ‫تجربة‬ ‫حداثة‬
:‫التشاركي‬‫حيث‬‫ظهر‬‫ضعف‬‫التنسيق‬
‫بين‬‫وزراء‬‫الترويكا‬‫منذ‬‫مناقشة‬‫امليزانية‬
‫التكميلية‬‫لسنة‬2012‫مما‬‫اضطر‬‫وزير‬
‫املالية‬‫لالستقالة‬‫مبكرا‬.‫و‬‫بدا‬‫كما‬‫لو‬‫أن‬
‫كل‬‫كتلة‬‫وزارية‬‫تدين‬‫بالوالء‬‫لحزبها‬‫أكثر‬
‫من‬‫انضباطها‬‫للسياسات‬‫الحكومية‬
‫خاصة‬‫يف‬‫ظل‬‫ما‬‫ظهر‬‫من‬‫ضعف‬
‫تسييري‬‫يف‬‫رئاسة‬‫الحكومة‬.
‫السياسية‬ ‫الطبقة‬ ‫خبرة‬ ‫ضعف‬
‫للحكم‬ ‫املتصدرة‬‫يف‬‫إدارة‬‫الدولة‬‫لم‬
‫يمثل‬‫حافزا‬‫لها‬‫للبحث‬‫عن‬‫حلول‬‫بديلة‬
‫عن‬‫تخبطها‬‫اإلداري‬.‫كما‬‫لم‬‫ي‬‫كن‬
‫باستطاعة‬‫املعارضة‬‫األكثر‬‫تمزقا‬
‫واألضعف‬‫شعبيا‬‫أن‬‫تكون‬‫قوة‬‫اقتراح‬
‫مساعدة‬‫ىلع‬‫تجاوز‬‫تحديات‬‫املرحلة‬.
‫ترتيب‬ ‫حسن‬ ‫عن‬ ‫الحكومة‬ ‫عجز‬
‫السياسية‬ ‫إرادتها‬ ‫وضعف‬ ‫أولوياتها‬.
‫اذ‬‫بدت‬‫الحكومة‬‫مشلولة‬‫بالكامل‬‫وغير‬
‫قادرة‬‫ىلع‬‫بناء‬‫رؤية‬‫سياسية‬‫وتنموية‬
‫تعبئ‬‫لفائدتها‬‫املجتمع‬.‫وهذا‬‫ما‬‫ازداد‬
‫وضوحا‬‫مع‬‫ضعف‬‫اإلرادة‬‫السياسية‬‫يف‬
‫االلتزام‬‫بمطالب‬‫الثورة‬‫وأهدافها‬‫والعجز‬

20. 20 ‫مشروع‬‫البناء‬‫الوطني‬‫يف‬‫أفق‬‫االنتقال‬‫الديمقراطي‬:‫الرؤية‬‫واآلليات‬
‫عن‬‫تطبيق‬‫القانون‬‫ومخاطبة‬‫املواطنين‬
‫بمفردات‬‫مباشرة‬‫وصريحة‬.
‫املشهد‬ ‫يف‬ ‫مفارقة‬ ‫ظهور‬
‫شكلت‬ ‫انتخابية‬ ‫قوة‬ ‫بين‬ ‫السياسي‬
‫معارضة‬ ‫ضغط‬ ‫وقوة‬ ‫حكومية‬ ‫اغلبية‬
‫التأثير‬ ‫مراكز‬ ‫اغلب‬ ‫ىلع‬ ‫هيمنت‬
‫املج‬‫تمعي‬.‫اربكت‬‫هذه‬‫املفارقة‬‫الوضع‬
‫السياسي‬‫وزادت‬‫يف‬‫تعقيده‬‫كما‬‫ازمت‬
‫الوضع‬‫العام‬‫بالبالد‬.‫حيث‬‫فرضت‬
‫املعارضة‬‫ىلع‬‫الحكومة‬‫عزلة‬‫اعالمية‬
‫ومع‬‫املجتمع‬‫املدني‬‫وازاء‬‫رجال‬،‫االعمال‬
‫جعلها‬‫تبدو‬‫غير‬‫قادرة‬‫ىلع‬‫ضمان‬‫مجرد‬
‫االستمرار‬.
‫وتصاعد‬ ‫املضادة‬ ‫الثورة‬ ‫هواجس‬
‫تأثيرها‬:‫بعد‬‫م‬‫رحلة‬‫االنكفاء‬‫ابان‬
‫السنتين‬‫االولتين‬،‫الثورة‬‫عادت‬‫هواجس‬
‫الثورة‬‫املضادة‬‫بدفع‬‫من‬‫خمسة‬‫عوامل‬
‫رئيسية‬:‫بقايا‬‫التجمع‬،‫املنحل‬‫راس‬‫املال‬
،‫الفاسد‬‫املؤسسات‬،‫القديمة‬‫التدخل‬
،‫الخارجي‬‫القوى‬‫االستئصالية‬.‫واصبحت‬
‫التشكيالت‬‫التي‬‫ورثت‬‫النظام‬‫السابق‬
‫هي‬‫القوى‬‫السياسية‬‫واالنتخا‬‫بية‬
‫الصاعدة‬‫واملستفيدة‬‫من‬‫تعطل‬‫املسار‬
‫السياسي‬.
‫الثوري‬ ‫الوطني‬ ‫التيار‬ ‫حضور‬ ‫تراجع‬
‫وتأثيره‬:‫تحت‬‫شعار‬‫نقل‬‫الثورة‬‫من‬
‫الشارع‬‫الى‬،‫الدولة‬‫تحصلت‬‫الترويكا‬‫ىلع‬
‫ما‬‫يشبه‬‫وثيقة‬‫التكليف‬‫من‬‫قوى‬‫الثورة‬
‫التي‬‫كان‬‫اغلبها‬‫قريبا‬‫سياسيا‬‫واجتماعيا‬
‫من‬‫االحزاب‬‫املشكلة‬‫للحكومة‬.‫واما‬‫م‬
‫عجز‬‫الحكومة‬‫عن‬‫االيفاء‬‫بانتظارات‬‫هذه‬
‫القوى‬‫وتحت‬‫وقع‬‫خيبة‬‫االمل‬‫بقيت‬
‫القوى‬‫الثورية‬‫تعاني‬‫بين‬‫الوعي‬‫بضرورة‬
‫القطع‬‫مع‬‫احزاب‬‫الترويكا‬‫واملطالبة‬
‫باسقاط‬‫حكومتها‬‫غير‬‫الثورية‬‫وبين‬‫خطر‬
‫استفادة‬‫القوى‬‫االستئصالية‬‫وبقايا‬‫النظام‬
‫السابق‬‫من‬‫ذلك‬‫للعودة‬‫بقوة‬‫ووأد‬‫الثورة‬
‫ن‬‫هائيا‬.
‫استقالة‬ ‫قبل‬ ‫السياسية‬ ‫االزمة‬
‫الترويكا‬ ‫حكومة‬:‫لقد‬‫كان‬‫لتزامن‬‫هذه‬
‫التحديات‬‫مع‬‫ارتفاع‬‫وتيرة‬‫العنف‬
‫السياسي‬‫اثر‬‫بالغ‬‫يف‬‫ذهاب‬‫البالد‬‫يف‬
‫اتجاه‬‫االزمة‬‫السياسية‬‫الحادة‬.‫التي‬‫من‬
‫ابرز‬‫مظاهرها‬‫تخلي‬‫الترويكا‬‫عن‬‫شرعيتها‬
‫االنتخابية‬‫مقابل‬‫اعادة‬‫صياغة‬‫الشرعية‬
‫التوافق‬‫ية‬‫بما‬‫يخدم‬‫مصلحة‬‫قوى‬
‫سياسية‬‫اخرى‬‫وخاصة‬‫منها‬‫العائدة‬ّ‫و‬‫للت‬
‫العادة‬‫التشكل‬‫من‬‫بقايا‬‫النظام‬‫السابق‬
‫يف‬‫احياء‬‫لتحالفها‬‫التقليدي‬‫مع‬‫اليسار‬
‫االقصائي‬‫والذي‬‫استمر‬‫حوالي‬‫ربع‬‫قرن‬
‫تحت‬‫حكم‬‫بن‬‫علي‬.
‫وحتى‬‫نستكمل‬‫قراءة‬‫املشهد‬‫السياسي‬
‫التونسي‬‫من‬‫حيث‬‫تجميع‬‫املعطيات‬
‫وتنظيمها‬‫ومن‬‫حيث‬‫رصد‬‫اتجاه‬‫الواقع‬
‫واستشراف‬‫سيناريوهات‬‫تطوره‬‫يف‬
،‫املستقبل‬‫وحتى‬‫نستطيع‬‫الوقوف‬‫عند‬
‫أهم‬‫تمفصالت‬‫الواقع‬‫السياسي‬،‫فاننا‬
‫نحدد‬‫العوامل‬‫املؤثرة‬‫يف‬‫تشكله‬‫ىلع‬
‫النحو‬‫التالي‬:
‫القوى‬‫السياسية‬‫واالجتماعية‬‫الداخلية‬
‫التي‬‫توزعت‬‫بين‬‫الترويكا‬‫واملعارضة‬.
‫مجموعات‬‫الضغ‬‫ط‬‫اإلعالمية‬‫والنخبوية‬
‫واملالية‬‫والنفعية‬‫املرتبطة‬‫بالنظام‬
‫السابق‬.
‫االطراف‬‫التي‬‫تمارس‬‫العنف‬‫السياسي‬.
‫االطراف‬‫االقليمية‬‫والدولية‬.
‫الرأي‬‫العام‬‫غير‬‫املهيكل‬.
‫اجهزة‬‫الدولة‬‫واإلدارة‬‫واألجهزة‬‫االمنية‬
،‫والعسكرية‬‫التي‬‫تبدو‬‫فاعال‬‫رئيسيا‬‫يف‬
‫البالد‬‫وهي‬‫بدورها‬‫من‬‫املفت‬‫رض‬‫ان‬
‫تكون‬‫موضوع‬‫عملية‬‫اصالح‬‫عميقة‬.
‫يتبين‬‫اذن‬‫من‬‫خالل‬‫استعراض‬‫كل‬‫ما‬
،‫تقدم‬‫أن‬‫كل‬‫املشاريع‬‫السياسية‬‫التي‬
‫حاولت‬‫خالل‬‫املرحلة‬‫االنتقالية‬‫املساهمة‬
‫يف‬‫خروج‬‫البالد‬‫من‬،‫أزمتها‬‫لم‬‫تستطع‬‫أن‬
‫تلبي‬‫هذا‬‫الطلب‬‫وال‬‫أن‬‫تستجيب‬
‫ملقتضيات‬‫املرحلة‬.‫وبناء‬‫عليه‬‫كان‬‫ال‬‫بد‬
‫من‬‫تشكل‬‫مشروع‬‫سياسي‬،‫جديد‬‫ىلع‬
‫أرضية‬‫وطنية‬‫جامعة‬‫ومن‬‫اجل‬‫تحقيق‬
‫معايير‬‫الديمقراطية‬‫والعدالة‬‫االجتماعية‬.

21. 21 ‫مشروع‬‫البناء‬‫الوطني‬‫يف‬‫أفق‬‫االنتقال‬‫الديمقراطي‬:‫الرؤية‬‫واآلليات‬
2‫امل‬ .‫نطلقات‬
‫اال‬‫ستراتيجية‬‫لبناء‬
‫املشروع‬‫الوطني‬
‫إن‬‫التفكير‬‫يف‬‫تأسيس‬‫حزب‬‫سياسي‬
‫ينطلق‬‫من‬‫مجموعة‬‫من‬‫االعتبارات‬
‫اإلستراتيجية‬‫بعيدة‬‫املدى‬‫لكنها‬‫األكثر‬
‫عمقا‬‫يف‬‫تأ‬‫ثيرها‬:
1.‫املنطلق‬‫الواقعي‬:
‫أوجدت‬‫الثورة‬‫التونسية‬‫مسارات‬‫سياسية‬
‫جديدة‬‫ألول‬‫مرة‬‫تشهدها‬‫البالد‬‫يف‬
،‫تاريخها‬‫تنطلق‬‫جميعها‬‫من‬‫التأكيد‬‫ىلع‬
‫ثالثة‬‫مطالب‬‫هي‬:‫الحرية‬–‫الكرامة‬–
‫العدالة‬.
‫فتونس‬‫تعيش‬‫منذ‬‫بداية‬‫سنة‬2011
‫مرحلة‬‫مهمة‬‫وجديدة‬‫يف‬‫تاريخها‬.‫فالثورة‬
‫التي‬‫دشنت‬‫مس‬‫ارا‬‫تحوليا‬‫يف‬‫بنية‬‫النظام‬
‫السياسي‬‫التونسي‬‫وأسقطت‬‫رموز‬
‫االستبداد‬‫والفساد‬‫الذين‬‫استمروا‬‫ىلع‬
‫امتداد‬‫عقود‬،‫طويلة‬‫هذه‬‫الثورة‬‫لم‬‫تكن‬
‫لتحصل‬‫دفعة‬‫واحدة‬‫وبالطفرة‬،‫ونهائيا‬‫إنما‬
‫كان‬‫قدرها‬‫ككل‬‫الثورات‬‫يف‬‫التاريخ‬‫أن‬
‫تكتنز‬‫حيزا‬‫ال‬‫بأس‬‫به‬‫من‬‫التحوالت‬.‫واآلن‬
‫وبعد‬‫حوالي‬‫ار‬‫بع‬‫سنوات‬‫تعيش‬‫هذه‬
‫الثورة‬‫حاالت‬‫من‬‫املد‬‫والجزر‬‫لم‬‫يتبين‬‫بعد‬
‫الحسم‬‫يف‬‫اتجاه‬‫سيرها‬.‫مازالت‬‫املخاطر‬
‫تحدق‬‫بأهداف‬‫هذه‬‫الثورة‬‫وبما‬‫يمكن‬‫أن‬
‫تكون‬‫قد‬‫حققته‬‫من‬‫بعض‬،‫املكاسب‬‫كما‬
‫يستمر‬‫الصراع‬‫بين‬‫الفرقاء‬‫السياسيين‬
‫واإليديولوجيين‬‫ىلع‬‫مواقع‬‫ترى‬‫هذه‬
‫القوى‬‫أن‬‫لها‬‫تأثيرا‬‫اس‬‫تراتيجيا‬‫يف‬‫فرص‬
‫حضورها‬‫وفاعليتها‬‫يف‬‫املشهد‬‫السياسي‬.
‫كل‬‫ذلك‬‫وحكومة‬‫الترويكا‬‫تواجه‬‫ضغطا‬
‫خارجيا‬‫يف‬‫احد‬‫اتجاهين‬:
‫القبول‬‫باالحتواء‬‫واالستسالم‬‫لالمالءات‬
‫السياسية‬‫واالقتصادية‬‫والثقافية‬
،‫الخارجية‬‫بما‬‫يرتهن‬‫بالكامل‬‫القرار‬
‫الوطني‬‫ويعيد‬‫البالد‬‫للسياق‬‫الجيو‬-
‫سياسي‬‫الذ‬‫ي‬‫سيطر‬‫عليها‬‫طوال‬‫العقود‬
‫األخيرة‬.
‫مواجهة‬‫العزلة‬‫الداخلية‬‫والدولية‬‫بعد‬
‫توريطها‬‫سياسيا‬‫واقتصاديا‬‫وحتى‬،‫امنيا‬
‫وفرض‬‫عزلة‬‫عليها‬‫بل‬‫والعمل‬‫ىلع‬
‫تحريك‬‫قوى‬‫مضادة‬‫لتغييرها‬‫لن‬‫اقتضى‬
‫األمر‬.
‫فعلى‬‫املستوى‬،‫االستراتيجي‬‫ال‬‫شك‬‫ان‬
‫معطيات‬‫واقعية‬‫جديدة‬‫اثرت‬‫ىلع‬‫املسار‬
‫الحالي‬،‫وطرحت‬‫اشكاليات‬‫تتعلق‬
‫بالخيارات‬‫الكبرى‬‫للمجتمع‬‫التونسي‬‫ىلع‬
‫الصعيد‬‫الداخلي‬‫والخارجي‬.
2.‫املنطلق‬‫التاريخي‬‫والثقايف‬:
‫ىلع‬‫امتداد‬‫أكثر‬‫من‬‫خمسة‬‫قرون‬‫تبلورت‬
‫جملة‬‫من‬‫الثوابت‬‫الوطنية‬‫الجغرافية‬
‫واملذهبية‬‫واللغوية‬‫واملتعلقة‬‫بسمت‬
‫الشخصية‬‫التونسية‬.‫اذ‬‫بعد‬‫اكتمال‬‫تعري‬‫ب‬
‫البالد‬‫بشكل‬‫شبه‬‫كامل‬‫اثناء‬‫الزحف‬
،‫الهاللي‬‫ظهر‬‫منذ‬‫بداية‬‫الدولة‬‫الحسينية‬
‫مسار‬‫سياسي‬‫واجتماعي‬‫عفوي‬‫الى‬‫حد‬
‫كبير‬‫يف‬‫اتجاه‬،‫تونستها‬‫فتحددت‬‫شيئا‬
‫فشيئا‬‫حدود‬‫البالد‬‫الجغرافية‬‫والسياسية‬
‫الحالية‬‫مثلما‬‫تبلورت‬‫هويتها‬‫الثقافية‬.‫جاء‬
‫كل‬‫ذلك‬‫متزامنا‬‫مع‬‫مأسسة‬‫املذهب‬
‫املا‬‫لكي‬‫من‬‫خالل‬‫التدريس‬‫والقضاء‬
‫واإلفتاء‬‫بما‬‫بلور‬‫رؤية‬‫متميزة‬‫يف‬‫نمط‬
،‫تدينها‬‫واستقالل‬‫إدارتها‬‫السياسية‬‫عن‬
‫الخالفة‬‫العثمانية‬‫وغيرها‬‫من‬‫مظاهر‬
‫تكريس‬‫السيادة‬‫الوطنية‬.‫وهذا‬‫ما‬‫شجع‬
‫ىلع‬‫تكوين‬‫سمت‬‫وطني‬‫ّز‬‫ي‬‫متم‬‫عبر‬‫عن‬
‫نفسه‬‫من‬‫خالل‬‫شعور‬‫واسع‬‫باالنتماء‬‫لهذا‬
‫البلد‬‫وبالوحدة‬‫املعنوية‬‫التي‬‫تجمع‬
‫سكانه‬.‫كما‬‫شجع‬‫ىلع‬‫تشكل‬‫شخصية‬
‫وطنية‬‫تفاعلت‬‫مع‬‫مجمل‬‫التغيرات‬
‫السياسية‬‫والثقافية‬‫التي‬‫عاشتها‬‫تونس‬
‫طوال‬‫هذه‬‫القرون‬.‫األمر‬‫الذي‬‫ّز‬‫ز‬‫ع‬‫اليوم‬
‫الحاجة‬‫للقطع‬‫مع‬‫املشاريع‬‫االيديولوجية‬
‫اليسارية‬‫واليمينية‬‫لصالح‬‫تأسيس‬‫مشروع‬
‫سياسي‬‫يرتكز‬‫ىلع‬‫اسس‬‫الهوية‬‫الوطنية‬
‫التونسية‬‫وثوابتها‬.

22. 22 ‫مشروع‬‫البناء‬‫الوطني‬‫يف‬‫أفق‬‫االنتقال‬‫الديمقراطي‬:‫الرؤية‬‫واآلليات‬
3.‫املنطلق‬‫الجيو‬-‫استراتيجي‬:
‫حيث‬‫تلتقي‬‫يف‬‫تونس‬‫مجموعة‬‫من‬
‫األبعاد‬‫كان‬‫العربي‬‫اإلسالمي‬‫املغاربي‬
‫منها‬‫واملتوسطي‬‫األوروبي‬‫األعمق‬‫تأثيرا‬
‫سياسيا‬‫ومجتمعيا‬.‫ولئن‬‫ارتبط‬‫البعد‬
‫املتوسطي‬‫بالتنافس‬‫التجاري‬‫والعسكري‬
‫فان‬‫البعد‬‫الحضاري‬‫ّر‬‫ب‬‫ع‬‫باستم‬‫رار‬‫عن‬
‫منحى‬‫تكاملي‬‫جعل‬‫من‬‫املغرب‬‫العربي‬
‫العمق‬‫الجيو‬-‫استراتيجي‬،‫لتونس‬‫ّاتها‬‫و‬‫وب‬
‫ىلع‬‫العالم‬‫العربي‬‫واإلسالمي‬‫مثلما‬‫جعل‬
‫من‬‫البحر‬‫املتوسط‬‫فضائها‬‫الحيوي‬‫الذي‬
‫تنطلق‬‫من‬‫خالله‬‫يف‬‫انفتاحها‬‫ىلع‬
‫العالم‬.
‫هذا‬‫وقد‬‫برز‬‫منذ‬‫معركة‬‫التحرير‬‫الوطني‬
‫يف‬‫بداية‬‫القرن‬‫العشرين‬‫وعي‬‫عميق‬‫لدى‬
‫النخب‬‫السياسية‬‫بالترابط‬‫بين‬‫مصير‬‫كل‬
‫مجتمعات‬‫املنطقة‬،‫املغاربية‬‫لذلك‬‫كانت‬
‫معركة‬‫التحرير‬‫واحدة‬‫يف‬‫اغلب‬‫اقطارها‬.
‫يبقى‬‫هذا‬‫املصير‬‫املشترك‬‫وهذا‬‫التواصل‬
‫الجغرايف‬‫والتداخل‬‫التاريخي‬‫والوحدة‬
‫الثقافية‬‫بين‬‫مجتمعات‬‫هذه‬‫املنطقة‬
‫أقوى‬‫ّس‬‫س‬‫مؤ‬‫للبحث‬‫عن‬‫ازدهار‬‫اقتصا‬‫دي‬
‫مشترك‬‫بينها‬‫يف‬‫إطار‬‫رؤية‬‫تكاملية‬
‫شاملة‬.
4.‫املنطلق‬‫الجيو‬-‫استراتيجي‬:
‫من‬‫املرجح‬‫ودون‬‫اعتبار‬‫التغييرات‬
‫الفجائية‬‫أو‬‫غير‬‫املتوقعة‬‫أو‬‫دخول‬‫عناصر‬
‫جديدة‬‫يف‬‫العملية‬،‫السياسية‬‫استمرار‬
‫الوضع‬‫االنتقالي‬‫لسنوات‬(‫بين‬7
‫و‬10‫سنوات‬)‫وهي‬‫املرحلة‬‫املفترضة‬
‫الستيفاء‬‫فرص‬‫االن‬‫تقال‬‫الديمقراطي‬‫نجاحا‬
‫أو‬‫فشال‬.‫واملتوقع‬‫تواصل‬‫التدحرج‬
‫التدريجي‬‫للقوى‬‫السياسية‬‫ما‬‫لم‬‫تحصل‬
‫أزمات‬‫ّع‬‫ر‬‫تس‬‫يف‬‫عملية‬‫السقوط‬‫وتدفع‬
‫إلى‬‫بروز‬‫قوى‬‫سياسية‬‫ومجتمعية‬‫بديلة‬.
‫لذلك‬‫ستتحول‬‫الديمقراطية‬‫التوافقية‬‫الى‬
‫ديمقراطية‬‫االحزاب‬‫وسيتواصل‬‫التنافس‬
‫الحزبي‬‫الفوقي‬‫دون‬‫مالمسة‬‫عمق‬‫الواقع‬
‫املجتمعي‬‫التونسي‬.‫مما‬‫قد‬‫يؤدي‬‫الى‬
‫تفاقم‬‫العزلة‬‫املجتمعية‬‫لألحزاب‬‫وعجزها‬
‫عن‬‫قيامها‬‫بمهمتها‬‫التأطيرية‬‫الرئيسية‬
‫باعتبارها‬‫املؤسس‬‫لحياة‬‫مواطنية‬
،‫تشاركية‬‫فتتكرس‬‫بذلك‬‫ديمقراطية‬
‫شكلية‬‫تزيد‬‫يف‬‫عمق‬‫االزمة‬‫املجتمعية‬
‫وتخلق‬‫فراغات‬‫خطيرة‬‫داخل‬‫املجتمع‬.
‫ان‬‫عد‬‫م‬‫وضوح‬‫الرؤية‬‫االستراتيجية‬
‫ملجموعة‬‫مؤثرة‬‫من‬‫الفاعلين‬‫السياسيين‬
‫يف‬‫الساحة‬‫جعل‬‫أدائهم‬‫الحيني‬‫يعاني‬
‫من‬‫االرباك‬‫وهذا‬‫بدوره‬‫سيكون‬‫له‬‫مفعول‬
‫سلبي‬‫يف‬‫املستقبل‬‫الذي‬‫قد‬‫يتحدد‬‫اذا‬
‫استمر‬‫الوضع‬‫ىلع‬‫ما‬‫هو‬‫عليه‬‫االن‬‫بعيدا‬
‫عن‬‫ارادة‬‫الفاعلين‬‫الحاليين‬.‫وخاصة‬‫يف‬
‫ظل‬‫استمرار‬‫عدم‬‫قدرة‬‫اي‬‫طرف‬‫ىلع‬
‫حسم‬‫معركة‬‫موازين‬‫القوى‬‫لصالحه‬‫بشكل‬
‫نهائي‬‫ولو‬‫مرحليا‬.
‫ينطلق‬‫العمل‬‫ىلع‬‫بناء‬‫املشروع‬‫الوطني‬
‫من‬‫الحاجة‬‫لنشأة‬‫قوة‬‫سياسية‬‫ذات‬‫انتشار‬
‫واسع‬‫ومتصالحة‬‫مع‬‫الشعب‬‫التونسي‬
‫ويف‬‫مستوى‬‫انتظاراته‬.‫االمر‬‫الذي‬‫سيمثل‬
‫احد‬‫العوامل‬‫املهمة‬‫يف‬‫الوصول‬‫باالنتقال‬
‫ا‬‫لديمقراطي‬‫إلى‬‫تحقيق‬‫أهدافه‬.
3‫امل‬ .‫نطلقات‬
‫املرحلية‬‫لبناء‬
‫املشروع‬‫الوطني‬
1.‫املشهد‬‫الحزبي‬:
‫انقسام‬‫حاد‬‫بين‬‫األحزاب‬‫وارتهان‬‫أكثرها‬
‫حضورا‬‫ملرجعيات‬‫ايديولوجية‬‫ورؤى‬
‫سياسية‬‫ال‬‫تستجيب‬‫النتظارات‬‫املواطنين‬.
‫زيادة‬‫ىلع‬‫التهرم‬‫القيادي‬‫واالهتراء‬
‫الداخلي‬‫الذي‬‫تعيشه‬‫وا‬‫لذي‬‫يمنعها‬‫من‬
‫االنفتاح‬‫ىلع‬‫الطاقات‬‫الحية‬‫يف‬‫البالد‬.
‫فاألحزاب‬‫التونسية‬‫تعاني‬‫من‬‫عزلة‬
‫مجتمعية‬‫وعالقات‬‫تنايف‬‫فيما‬‫بينها‬‫بما‬
‫يهدد‬‫نجاح‬‫تجربة‬‫االنتقال‬‫الديمقراطي‬.
‫ان‬‫ضعف‬‫القوى‬‫السياسية‬‫من‬‫جهة‬‫وعدم‬
‫قدرة‬‫اي‬‫طرف‬‫ىلع‬‫تعزيز‬‫حضوره‬
‫السياسي‬‫بامتداد‬‫جماهيري‬‫فارق‬‫او‬‫ترج‬‫مة‬
‫انتشاره‬‫الواسع‬‫الى‬‫تأثير‬‫سياسي‬،‫كبير‬
‫مازال‬‫يؤجل‬‫معركة‬‫حسم‬‫موازين‬‫القوى‬