بناء مختلف لا ينتمي للأشكال السابقة د.محمد السيد إسماعيل تتنوعُ أبنيةُ الرواية - طبقًا لموقع الراوي من الأحداث - تنوعًا لافتًا؛ ولا شك في أن هذا الموقع ينعكس على درجة المعرفة التي يتمتع بها الراوي الذي قد يكون راويًا خارجيًا عليمًا أو راويًا داخليًا مشاركًا في الأحداث تتساوى معرفته مع معرفة الشخصيات أو راويًا متعدد الأصوات حيث تقدم كل شخصية حكايتها أو رؤيتها للأحداث. والحقيقة أن بناء رواية "تلك القرى" للكاتب أحمد سراج (سما للنشر والتوزيع 2.14) بناء مختلف متميز لأننا لا نستطيع نسبته إلى شكل من الأشكال السابقة ؛ وربما يرجع هذا – في تصورى – إلى أن الكاتب يتمتع بأكثر من موهبة، فهو شاعر وروائى وكاتب مسرح ولا شك في أن هذه القدرات قد أثرت على هذه البنية الروائية المتميزة التي تجمع بين وضعية الراوي الخارجي العليم والبنية متعددة الأصوات، ولكي يجمع الكاتب بين هذين النمطين دون إرباك للقارئ حرص على تصميم البناء بشكل محكم فبدأ بما سماه "عن ألواح الكتابة" مجيبًا عن سؤال متى؟ كتمهيد عام للأحداث ثم قسم الرواية إلى أربعة أقسام كبيرة تحمل هذه العناوين الدالة: (من سفر العودة، من وجع التغريبة، من أيام الهروب والخروج، في طريق العودة) بادئا كل قسم منها بعنوان فرعي مقدم على لسان الراوي الخارجي ثم تبدأ الشخصيات في سرد حكاياتها. ويهمنى التوقف أمام العناوين الفرعية فهى تبدأ وتنتهي بــ"متى" بما يعنى أن الزمن لا يقل أهمية عن المكان الذي يوحي به عنوان الرواية؛ إنه زمن المتاهة والتهجير الجبري أو الطوعي والاقتتال العربي العربي أو العربي الإسلامى؛ زمن الغزو الخارجي والقمع الداخلي؛ الأمرالذي جعل المكان هنا في مصر وهناك في العراق مكانًا طاردًا لا تستقر فيه الشخصيات، ولا تجد فيه أمانها ويصبح السفر قطعة من العذاب كما تصبح الرحلة مقصورة داخل محيطها العربى بين أماكن متشابهة في فقرها وقمعها وإهدارها لآدمية الإنسان ؛ بعد أن كانت فيما مضى رحلة اكتشاف للآ