SlideShare a Scribd company logo
1 of 260
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كتاب‬:
‫ع‬ْ ‫تـ‬ِ ‫سـتـمـ‬ْ ‫ا‬ِ
‫ـك‬ِ ‫ـيـات‬َ ‫ـح‬ِ ‫ب‬
‫مهارات‬‫وفنون‬‫التعامل‬‫مع‬‫الناس‬‫في‬‫ظل‬‫السيرة‬‫النبوية‬
‫حصيلة‬‫بحوث‬‫ودورات‬‫وذكريات‬‫أكثر‬‫من‬‫عشرين‬‫سنة‬
‫د‬ْ ‫ق‬َ ‫ل‬َ‫ن‬َ ‫كا‬َ‫م‬ْ ‫ك‬ُ ‫ل‬َ‫في‬ِ‫ل‬ِ ‫سو‬ُ ‫ر‬َ‫ه‬ِ ‫ل‬ّ ‫ال‬‫ة‬ٌ ‫و‬َ ‫س‬ْ ‫أ‬ُ
‫ة‬ٌ ‫ن‬َ ‫س‬َ ‫ح‬َ ‫بقلم‬. /‫محمد‬ ‫د‬‫بن‬‫عبد‬‫رحمن‬ّ ‫ال‬
‫العريفي‬
‫أستاذ‬‫جامعي‬،‫خطيب‬‫جامع‬‫البواردي‬‫بالرياض‬
‫محاضر‬‫معتمد‬‫لدورات‬‫السعادة‬‫وفن‬‫التعامل‬‫مع‬‫الناس‬
‫عضو‬‫الهيئة‬‫العليا‬‫للعلم‬‫السلمي‬
‫مدير‬‫عام‬‫مركز‬‫ناصح‬‫للدراسات‬‫والستشارات‬‫الجتماعية‬
6/2/1427‫هـ‬‫الموافق‬6/3/2006‫م‬
‫تنبيه‬‫هام‬‫جدا‬:‫هذه‬‫النسخة‬
‫ليست‬‫للتصوير‬‫ول‬‫للنشر‬،
‫فأرجو‬‫مراعاة‬‫ذلك‬،‫وفق‬‫ا‬
1
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مقدمة‬
‫لما‬‫كنت‬‫في‬‫السادسة‬‫عشرة‬‫من‬
‫عمري‬‫وقع‬‫في‬-‫كتاب‬ ‫يدي‬"‫فن‬
‫التعامل‬‫مع‬‫الناس‬"‫لمؤلفه‬"
‫دايل‬‫كارنيجي‬"‫كان‬‫كتابا‬‫رائعا‬
‫كان‬‫كاتبه‬‫اقترح‬‫أن‬‫يعيد‬
‫الشخص‬‫قراءته‬‫كل‬‫شهر‬..
‫ففعلت‬‫ذلك‬..‫جعلت‬‫أطبق‬
‫قواعده‬‫عند‬‫تعاملي‬‫مع‬‫الناس‬
‫كان‬‫كارنيجي‬‫يسوق‬‫القاعدة‬
‫ويذكر‬‫تحتها‬‫أمثلة‬‫ووقائع‬‫لرجال‬
‫تميزوا‬‫من‬‫قومه‬..‫روزفلت‬..
‫لنكولن‬..‫جوزف‬..‫مايك‬..
‫فبحثت‬‫في‬‫تاريخنا‬‫فرأيت‬‫أن‬
‫في‬‫سيرة‬‫رسول‬‫ا‬e‫وأصحابه‬
‫ومواقف‬‫المتميزين‬‫من‬‫رجال‬
‫فهذا‬‫الكتاب‬‫الذي‬‫بين‬‫يديك‬‫ليس‬
‫وليد‬‫شهر‬‫أو‬‫سنة‬..
‫بل‬‫هو‬‫نتيجة‬‫دراسات‬‫قمت‬‫بها‬
‫لمدة‬‫عشرين‬‫عاما‬..
‫ومع‬‫أن‬‫ا‬‫تعالى‬‫قد‬‫ن‬ّ ‫م‬‫ي‬ّ ‫عل‬
‫بتأليف‬‫قرابة‬‫العشرين‬‫عنوانا‬
‫إلى‬‫الن‬..‫إل‬‫أني‬‫أجد‬‫أن‬‫أحب‬
‫كتبي‬‫ي‬ّ ‫إل‬‫وأغلها‬‫إلى‬‫قلبي‬..
‫وأكثرها‬‫فائدة‬‫عملية‬-‫فيما‬ ‫كتبت‬‫كلماته‬‫بمداد‬‫خلطته‬‫بدمي‬
..‫سكبت‬‫روحي‬‫بين‬‫أسطره‬..
‫عصرت‬‫ذكرياتي‬‫فيه‬.. ‫جعلتها‬‫كلمات‬‫من‬‫القلب‬‫إلى‬
‫القلب‬..
‫وأقسم‬‫أنها‬‫خرجت‬‫من‬‫قلبي‬
‫مشتاقة‬‫أن‬‫يكون‬‫مستقرها‬‫قلبك‬..
‫فرحماك‬‫بها‬..
‫ما‬‫أعظم‬‫سروري‬‫لو‬‫علمت‬‫أن‬‫قارئا‬
‫أو‬‫قارئة‬‫لهذه‬‫الورقات‬‫طبق‬‫ما‬‫فيه‬
..‫فشعر‬‫وشعر‬‫غيره‬‫بتطور‬‫مهاراته‬
‫فسطر‬‫بيمينه‬‫الطاهرة‬–‫مشكورا‬-
‫رسالة‬‫عبر‬‫فيها‬‫عن‬‫رأيه‬..‫ور‬ّ ‫وص‬
‫مشاعره‬‫بصدق‬‫وصراحة‬..‫ثم‬
‫أرسلها‬‫عبر‬‫بريد‬‫أو‬‫رسالة‬‫جوال‬sms
‫إلى‬‫كاتب‬‫هذه‬‫السطور‬..‫لكون‬
‫أسأل‬‫ا‬‫أن‬‫ينفع‬‫بهذه‬‫الورقات‬..
‫وأن‬‫يجعلها‬‫خالصة‬‫لوجهه‬‫الكريم‬..
‫كتبه‬‫الداعي‬‫لك‬/‫بالخير‬
.‫محمد‬ ‫د‬‫بن‬‫عبد‬‫الرحمن‬‫العريفي‬
‫بداية‬..
‫ليست‬‫الغاية‬‫أن‬‫تقرأ‬‫كتابا‬..‫بل‬
‫الغاية‬‫أن‬‫تستفيد‬‫منه‬..
1.‫هؤلء‬‫لن‬‫يستفيدوا‬..
‫أذكر‬‫أن‬‫رسالة‬‫جاءتني‬‫على‬‫هاتفي‬
‫المحمول‬..‫نصها‬:‫فضيلة‬‫الشيخ‬..
‫ما‬‫حكم‬‫النتحار‬‫؟‬ ‫فاتصلت‬‫بالسائل‬‫فأجاب‬‫شاب‬‫في‬
‫عمر‬‫الزهور‬..‫قلت‬‫له‬:‫عفوا‬‫لم‬
‫أفهم‬‫سؤالك‬..‫أعد‬‫السؤال‬! ‫فأجاب‬‫بكل‬‫تضجر‬:‫السؤال‬‫واضح‬
..‫ما‬‫حكم‬‫النتحار‬..
‫فأردت‬‫أن‬‫أفاجئه‬‫بجواب‬‫ل‬‫يتوقعه‬
‫فضحكت‬‫وقلت‬:‫مستحب‬..
‫صرخ‬:‫ماذا‬!‫؟‬
‫قلت‬:‫أقول‬‫لك‬:‫حكم‬‫النتحار‬‫أنه‬
‫مستحب‬..
‫لكن‬‫ما‬‫رأيك‬‫أن‬‫نتعاون‬‫في‬‫تحديد‬
2
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الطريقة‬‫التي‬‫تنتحر‬‫بها‬..‫؟‬
‫سكت‬‫الشاب‬..
‫فقلت‬:‫طيب‬..‫لماذا‬‫تريد‬‫أن‬
‫تنتحر‬‫؟‬
‫قال‬:‫لني‬‫ما‬‫وجدت‬‫وظيفة‬..
‫والناس‬‫ما‬‫يحبونني‬..‫ل‬ً ‫وأص‬‫أنا‬
‫إنسان‬‫فاشل‬..‫و‬.. ‫وانطلق‬‫يروي‬‫لي‬‫قصة‬‫مطولة‬
‫تحكي‬‫فشله‬‫في‬‫تطوير‬‫ذاته‬..
‫وعدم‬‫استعداده‬‫للستفادة‬‫بما‬
‫وهذه‬‫آفة‬‫عند‬‫الكثيرين‬..
‫لماذا‬‫ينظر‬‫أحدنا‬‫إلى‬‫نفسه‬
‫نظرة‬‫دونية‬‫؟‬
‫لماذا‬‫يلحظ‬‫ببصره‬‫إلى‬‫الواقفين‬
‫على‬‫قمة‬‫الجبل‬‫ويرى‬‫نفسه‬‫أقل‬
‫من‬‫أن‬‫يصل‬‫إلى‬‫القمة‬‫كما‬
‫وصلوا‬..‫أو‬‫على‬‫القل‬‫أن‬‫يصعد‬
‫ومن‬‫يتهيب‬‫صعود‬‫الجبال‬***
‫يعش‬‫أبد‬‫الدهر‬‫بين‬‫الحفر‬
‫تدري‬‫من‬‫الذي‬‫لن‬‫يستفيد‬‫من‬
‫هذا‬‫الكتاب‬،‫ول‬‫من‬‫أي‬‫كتاب‬
‫آخر‬‫من‬‫كتب‬‫المهارات‬!‫؟‬ ‫إنه‬‫الشخص‬‫المسكين‬‫الذي‬
‫استسلم‬‫لخطائه‬‫وقنع‬‫بقدراته‬،
‫وقال‬:‫هذا‬‫طبعي‬‫الذي‬‫نشأت‬
‫عليه‬..‫وتعودت‬‫عليه‬،‫ول‬‫يمكن‬
‫أن‬‫أغير‬‫طريقتي‬..‫والناس‬ ‫أما‬‫أن‬‫أكون‬‫مثل‬‫خالد‬‫في‬
‫طريقة‬‫إلقائه‬..‫أو‬‫أحمد‬‫في‬
‫بشاشته‬..‫أو‬‫زياد‬‫في‬‫محبة‬
‫فهذا‬‫محال‬..
‫جلست‬‫يوما‬‫مع‬‫شيخ‬‫كبير‬‫بلغ‬
‫من‬‫الكبر‬‫عتيا‬..‫في‬‫مجلس‬‫عام‬
،‫كل‬‫من‬‫فيه‬‫عوام‬‫متواضعو‬
‫القدرات‬..
‫وكان‬‫الشيخ‬‫يتجاذب‬‫أحاديث‬‫عامة‬
‫مع‬‫من‬‫بجانبه‬..
‫لم‬‫يكن‬‫يمثل‬‫بالنسبة‬‫لمن‬‫في‬
‫المجلس‬‫إل‬‫واحدا‬‫منهم‬‫له‬‫حق‬
‫الحترام‬‫لكبر‬‫سنه‬..‫فقط‬.. ‫ألقيت‬‫كلمة‬‫يسيرة‬..‫ذكرت‬‫خللها‬
‫فتوى‬‫للشيخ‬‫العلمة‬‫عبد‬‫العزيز‬‫بن‬
‫باز‬..‫ا‬‫فلم‬‫انتهيت‬..‫قال‬‫لي‬‫الشيخ‬
‫مفتخرا‬:‫أنا‬‫والشيخ‬‫ابن‬‫باز‬‫كنا‬
‫زملء‬‫ندرس‬‫في‬‫المسجد‬‫عند‬‫الشيخ‬
‫التفت‬‫أنظر‬‫إليه‬..‫فإذا‬‫هو‬‫قد‬
‫انبلجت‬‫أساريره‬‫لهذه‬‫المعلومة‬..
‫كان‬‫فرحا‬‫جدا‬‫لنه‬‫صاحب‬‫ل‬ً ‫رج‬
‫بينما‬‫جعلت‬‫أردد‬‫في‬‫نفسي‬:‫ولماذا‬
‫يا‬‫مسكين‬‫ما‬‫صرت‬‫ناجحا‬‫مثل‬‫ابن‬
‫باز‬‫؟‬ ‫ما‬‫دام‬‫أنك‬‫عرفت‬‫الطريق‬‫لماذا‬‫لم‬
‫تواصل‬..‫؟‬
‫لماذا‬‫يموت‬‫ابن‬‫باز‬‫فتبكي‬‫عليه‬
‫المنابر‬..‫والمحاريب‬..‫والمكتبات‬
..‫وتئن‬‫أقوام‬‫لفقده‬.. ‫وأنت‬‫ستموت‬‫يوما‬‫من‬‫الدهر‬..
‫ولعله‬‫ل‬‫يبكي‬‫عليك‬‫أحد‬..‫إل‬
‫مجاملة‬..‫أو‬‫عادة‬!!.. ‫كلنا‬‫قد‬‫نقول‬‫يوما‬‫من‬‫اليام‬..
‫عرفنا‬‫فلنا‬..‫وزاملنا‬‫فلنا‬..
‫وجالسنا‬‫فلنا‬!! ‫وليس‬‫هذا‬‫هو‬‫الفخر‬..‫إنما‬‫الفخر‬
‫أن‬‫تشمخ‬‫فوق‬‫القمة‬‫كما‬‫شمخ‬..
‫فكن‬‫ل‬ً ‫بط‬‫واعزم‬‫من‬‫الن‬‫أن‬‫تطبق‬
‫ما‬‫تقتنع‬‫بنفعه‬‫من‬‫قدرات‬..‫كن‬
‫ناجحا‬.. 3
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫اقلب‬‫عبوسك‬‫ابتسامة‬..‫وكآبتك‬
‫بشاشة‬..‫وبخلك‬‫كرما‬..
‫وغضبك‬‫حلما‬.. ‫اجعل‬‫المصائب‬‫أفراحا‬..
‫واليمان‬‫سلحا‬..
‫استمتع‬..‫فالحياة‬ ‫بحياتك‬‫قصيرة‬
‫ل‬‫وقت‬‫فيها‬..‫للغم‬
‫أما‬‫كيف‬‫تفعل‬‫ذلك‬..‫فهذا‬‫ما‬
‫ألفت‬‫الكتاب‬‫لجله‬
‫كن‬‫معي‬‫وسنصل‬‫إلى‬‫الغاية‬
‫بإذن‬‫ا‬..
‫بقي‬‫معنا‬..
‫البطل‬‫الذي‬‫لديه‬‫العزيمة‬
‫والصرار‬‫على‬‫أن‬‫يطور‬‫مهاراته‬
..‫ويستفيد‬‫من‬‫قدراته‬..
2.‫ماذا‬‫سنتعلم‬‫؟‬
‫يشترك‬‫الناس‬‫غالبا‬‫في‬‫أسباب‬
‫الحزن‬‫والفرح‬..
‫فهم‬‫جميعا‬‫يفرحون‬‫إذا‬‫كثرت‬
‫أموالهم‬..
‫ويفرحون‬‫إذا‬‫ترقوا‬‫في‬‫أعمالهم‬
..
‫ويفرحون‬‫إذا‬‫شفوا‬‫من‬
‫أمراضهم‬..
‫ويفرحون‬‫إذا‬‫ابتسمت‬‫الدنيا‬‫لهم‬
..‫فتحققت‬‫لهم‬‫مراداتهم‬..
‫وفي‬‫الوقت‬‫نفسه‬..‫هم‬‫جميعا‬
‫يحزنون‬‫إذا‬‫افتقروا‬..‫ويحزنون‬
‫إذا‬‫مرضوا‬..‫ويحزنون‬‫إذا‬
‫فما‬‫دام‬‫ذلك‬‫كذلك‬..‫فتعال‬
‫نبحث‬‫عن‬‫طرق‬‫نديم‬‫فيها‬
‫أفراحنا‬..‫ونتغلب‬‫بها‬‫على‬
‫نعم‬..‫سنة‬‫الحياة‬‫أن‬‫يتقلب‬
‫المرء‬‫بين‬‫ة‬ٍ ‫حلو‬ُ‫ة‬ٍ ‫مر‬ُ ‫و‬..‫أنا‬
‫معك‬‫في‬‫هذا‬..
‫ولكن‬‫لماذا‬‫نعطي‬‫المصائب‬
‫والحزان‬‫في‬‫أحيان‬‫كثيرة‬‫أكبر‬‫من‬
‫حجمها‬..‫فنغتم‬‫أياما‬..‫مع‬‫إمكاننا‬
‫أن‬‫نجعل‬‫غمنا‬‫ساعة‬..‫ونحزن‬
‫ساعات‬‫على‬‫ما‬‫ل‬‫يستحق‬‫الحزن‬.. ‫أعلم‬‫أن‬‫الحزن‬‫والغم‬‫يهجمان‬‫على‬
‫القلب‬‫ويدخلنه‬‫من‬‫غير‬‫استئذان‬..
‫ولكن‬‫كل‬‫باب‬‫هم‬‫يفتح‬‫فهناك‬‫ألف‬
‫طريقة‬‫لغلقه‬..‫هذا‬‫مما‬‫سنتعلمه‬
‫تعال‬‫إلى‬‫شيء‬‫آخر‬..
‫كم‬‫نرى‬‫من‬‫الناس‬‫المحبوبين‬..
‫الذين‬‫يفرح‬‫الخرون‬‫بلقائهم‬..
‫ويأنسون‬‫بمجالستهم‬..‫أفلم‬‫تفكر‬
‫لماذا‬‫ترضى‬‫أن‬‫تبقى‬‫دائما‬‫جـبا‬َ ‫مع‬)
‫بفتح‬‫الجيم‬(‫ول‬‫تسعى‬‫لن‬‫تكون‬
‫جـبا‬ِ ‫مع‬)‫بكسرها‬!! ( ‫هنا‬‫سنتعلم‬‫كيف‬‫تصبح‬‫كذلك‬..
‫لماذا‬‫إذا‬‫تكلم‬‫ابن‬‫عمك‬‫في‬
‫المجلس‬‫أنصت‬‫له‬‫الناس‬‫وملك‬
‫أسماعهم‬..‫وأعجبوا‬‫بأسلوب‬‫كلمه‬
‫وإذا‬‫تكلمت‬‫أنت‬‫انصرفوا‬‫عنك‬..
‫وتنازعتهم‬‫الحاديث‬‫الجانبية‬!‫؟‬
‫لماذا‬‫؟‬
‫مع‬‫أن‬‫معلوماتك‬‫قد‬‫تكون‬‫أكثر‬..
‫وشهادتك‬‫أعلى‬..‫ومنصبك‬‫أرفع‬..
‫لماذا‬‫إذن‬‫استطاع‬‫ملك‬‫أسماعهم‬
‫وعجزت‬‫أنت‬!!‫؟‬
‫لماذا‬‫ذاك‬‫الب‬‫يحبه‬‫أولده‬
‫ويفرحون‬‫بمرافقته‬‫في‬‫كل‬‫ذهاب‬
‫ومجيء‬..‫وآخر‬‫ل‬‫يزال‬‫يلتمس‬‫من‬
‫أولده‬‫مرافقته‬‫وهم‬‫يعتذرون‬
4
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كلهما‬‫أب‬!!‫؟‬
‫ولماذا‬..‫ولماذا‬..
‫سنتعلم‬‫هنا‬‫كيفية‬‫الستمتاع‬
‫بالحياة‬..
‫أساليب‬‫جذب‬‫الناس‬..‫والتأثير‬
‫فيهم‬..
‫تحمل‬‫أخطائهم‬..
‫التعامل‬‫مع‬‫أصحاب‬‫الخلقيات‬
‫المؤذية‬..
‫إلى‬‫غير‬‫ذلك‬..‫فمرحبا‬‫بك‬..
‫كلمة‬..
‫ليس‬‫النجاح‬‫أن‬‫تكتشف‬‫ما‬‫يحب‬
‫الخرون‬..‫إنما‬‫النجاح‬‫أن‬
‫تمارس‬‫مهارات‬‫تكسب‬‫بها‬
3.‫لماذا‬‫نبحث‬‫عن‬‫المهارات؟‬
‫زرت‬‫إحدى‬‫المناطق‬‫الفقيرة‬
‫للقاء‬‫محاضرة‬..
‫جاءني‬‫بعدها‬‫أحد‬‫المدرسين‬
‫القادمين‬‫من‬‫خارج‬‫المنطقة‬..
‫قال‬‫لي‬:‫نود‬‫أن‬‫تساعدنا‬‫في‬
‫كفالة‬‫بعض‬‫الطلب‬..
‫قلت‬:‫عجبا‬!!‫أليست‬‫المدارس‬
‫حكومية‬..‫مجانية‬!‫؟‬
‫قال‬:‫بلى‬..‫لكننا‬‫نكفلهم‬
‫للدراسة‬‫الجامعية‬..
‫قلت‬:‫كذلك‬‫الجامعة‬..‫أليست‬
‫حكومية‬..‫بل‬‫تصرف‬‫للطلب‬
‫مكافآت‬.. ‫قال‬:‫سأشرح‬‫لك‬‫القصة‬..
‫قلت‬:‫ت‬ِ ‫ها‬..
‫قال‬:‫يتخرج‬‫من‬‫الثانوية‬‫عندنا‬
‫طلب‬‫نسبتهم‬‫المئوية‬‫ل‬‫تقل‬‫عن‬
99.. %‫يملك‬‫من‬‫الذكاء‬
‫فإذا‬‫تخرج‬‫وعزم‬‫أن‬‫يسافر‬‫خارج‬
‫قريته‬‫ليدرس‬‫في‬‫الطب‬‫أو‬‫الهندسة‬
..‫أو‬‫الشريعة‬..‫أو‬‫الكمبيوتر‬..‫أو‬
‫غيرها‬..‫منعه‬‫أبوه‬‫وقال‬:‫يكفي‬‫ما‬
‫تعلمت‬..‫فاجلس‬‫عندي‬‫لرعي‬‫الغنم‬ ‫صرخت‬‫من‬‫غير‬‫شعور‬:‫رعي‬‫غنم‬!!
‫قال‬:‫نعم‬..‫رعي‬‫غنم‬..
‫ل‬ً ‫وفع‬‫يجلس‬‫المسكين‬‫عند‬‫أبيه‬
‫يرعى‬‫الغنم‬..‫وتموت‬‫هذه‬‫القدرات‬
‫والمهارات‬..‫وتمضي‬‫عليه‬‫السنين‬
‫بل‬‫قد‬‫يتزوج‬..‫ويرزق‬‫بأولد‬..
‫ويمارس‬‫معهم‬‫أسلوب‬‫أبيه‬..
‫فيرعون‬‫الغنم‬!! ‫قلت‬! :‫والحل؟‬
‫قال‬:‫الحل‬‫أننا‬‫نقنع‬‫الب‬‫باستخدام‬
‫راعي‬‫غنم‬..‫ببضع‬‫مئات‬‫من‬
‫الريالت‬..‫ندفعها‬‫نحن‬‫له‬..‫وولده‬
‫النابغة‬‫يستثمر‬‫مواهبه‬‫وقدراته‬..
‫ونتكفل‬‫بمصاريف‬‫الولد‬‫أيضا‬‫حتى‬ ‫ثم‬‫خفض‬‫هذه‬‫المدرس‬‫رأسه‬..
‫وقال‬:‫حرام‬‫أن‬‫تموت‬‫المواهب‬
‫والقدرات‬‫في‬‫صدور‬‫أصحابها‬..
‫تفكرت‬‫في‬‫كلمه‬‫بعدها‬..‫فرأيت‬
‫أننا‬‫ل‬‫يمكن‬‫أن‬‫نصل‬‫إلى‬‫القمة‬‫إل‬
‫بممارسة‬‫مهارات‬..‫أو‬‫اكتساب‬
‫نعم‬..
‫أتحدى‬‫أن‬‫تجد‬‫أحدا‬‫من‬‫الناجحين‬..
‫سواء‬‫في‬‫علم‬..‫أو‬‫دعوة‬..‫أو‬
‫خطابة‬..‫أو‬‫تجارة‬..‫أو‬‫طب‬..‫أو‬
‫أو‬‫الناجحين‬‫أسريا‬..‫كأب‬‫ناجح‬‫مع‬
‫أولده‬..‫أو‬‫زوجة‬‫ناجحة‬‫مع‬‫زوجها‬
5
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
..
‫أو‬‫اجتماعيا‬..‫كالناجح‬‫مع‬
‫جيرانه‬‫وزملئه‬..
‫أعني‬‫الناجحين‬..‫ول‬‫أعني‬
‫الصاعدين‬‫على‬‫أكتاف‬‫الخرين‬
!!..‫أتحدى‬‫أن‬‫تجد‬‫أحدا‬‫من‬‫هؤلء‬
‫بلغ‬‫مرتبة‬‫في‬‫النجاح‬..‫إل‬‫وهو‬
‫يمارس‬‫مهارات‬‫معينة‬–‫شعر‬‫أو‬
‫لم‬‫يشعر‬-‫استطاع‬‫بها‬‫أن‬‫يصل‬
‫قد‬‫يمارس‬‫بعض‬‫الناس‬‫مهارات‬
‫ناجحة‬‫بطبيعته‬..‫وقد‬‫يتعلم‬
‫آخرون‬‫مهارات‬‫فيمارسونها‬..
‫نحن‬‫هنا‬‫نبحث‬‫عن‬‫هؤلء‬
‫الناجحين‬..‫وندرس‬‫حياتهم‬..
‫ونراقب‬‫طريقتهم‬..‫لنعرف‬‫كيف‬
‫نجحوا‬‫؟‬‫وهل‬‫يمكن‬‫أن‬‫نسلك‬
‫استمعت‬‫قبل‬‫فترة‬‫إلى‬‫مقابلة‬
‫مع‬‫أحد‬‫أثرياء‬‫العالم‬‫الشيخ‬
‫سليمان‬‫بن‬‫عبد‬‫ا‬‫الراجحي‬..
‫رجل‬‫يملك‬‫المليارات‬..‫آلف‬
‫العقارات‬..‫بنى‬‫مئات‬‫المساجد‬
..‫كفل‬‫آلف‬‫اليتام‬.. ‫رجل‬‫في‬‫قمة‬‫النجاح‬..
‫تكلم‬‫عن‬‫بداياته‬‫قبل‬‫خمسين‬
‫سنة‬..‫كان‬‫من‬‫عامة‬‫الناس‬..
‫ل‬‫يكاد‬‫يملك‬‫إل‬‫قوت‬‫يومه‬‫وربما‬
‫ذكر‬‫أنه‬‫ربما‬‫نظف‬‫بيوت‬‫بعض‬
‫الناس‬‫ليكسب‬‫رزقه‬..‫وربما‬
‫واصل‬‫ليله‬‫بنهاره‬‫ل‬ً ‫عام‬‫في‬
‫تكلم‬‫كيف‬‫كان‬‫في‬‫سفح‬‫الجبل‬
..‫ثم‬‫ل‬‫زال‬‫يصعد‬‫حتى‬‫وصل‬‫القمة‬
..
‫جعلت‬‫أتأمل‬‫مهاراته‬‫وقدراته‬..
‫فوجدت‬‫أن‬‫كثيرا‬‫منا‬‫يمكن‬‫أن‬‫يكون‬
‫مثله‬‫بتوفيق‬‫ا‬..‫لو‬‫تعلم‬‫مهارات‬
‫نعم‬..
‫أمر‬‫آخر‬‫يدعونا‬‫إلى‬‫البحث‬‫عن‬
‫المهارات‬..
‫هو‬‫أن‬‫بعضنا‬‫يكون‬‫عنده‬‫قدرات‬
‫على‬‫البداع‬‫لكنه‬‫غافل‬‫عنها‬..‫أو‬‫لم‬
‫يساعده‬‫أحد‬‫على‬‫إذكائها‬.. ‫كقدرة‬‫على‬‫اللقاء‬..‫أو‬‫فكر‬‫تجاري‬
..‫أو‬‫ذكاء‬‫معرفي‬..
‫قد‬‫يكتشف‬‫هذه‬‫القدرات‬‫بنفسه‬..
‫أو‬‫يذكي‬‫هذه‬‫المهارات‬‫مدرس‬..‫أو‬
‫مسئول‬‫وظيفي‬..‫أو‬‫أخ‬‫ناصح‬.. ‫وما‬‫لهم‬ّ ‫أق‬..
‫وقد‬‫تبقى‬‫هذه‬‫المهارات‬‫حبيسة‬
‫النفس‬‫حتى‬‫يغلبها‬‫الطبع‬‫السائر‬‫بين‬
‫الناس‬..‫وتموت‬‫في‬‫مهدها‬.. ‫ونفقد‬‫عندها‬‫قائدا‬‫أو‬‫خطيبا‬‫أو‬
‫عالما‬..‫أو‬‫ربما‬‫زوجا‬‫ناجحا‬‫أو‬‫أبا‬
‫ناصحا‬.. ‫نحن‬‫هنا‬‫سنذكر‬‫مهارات‬‫متميزة‬
‫نذكرك‬‫بها‬‫إن‬‫كانت‬‫عندك‬..‫وندربك‬
‫عليها‬‫إن‬‫كنت‬‫فاقدا‬‫لها‬.. ‫م‬ّ ‫فهل‬..
‫فكرة‬..
‫إذا‬‫صعدت‬‫الجبل‬‫فانظر‬‫إلى‬‫القمة‬
..‫ول‬‫تلتفت‬‫للصخور‬‫المتناثرة‬‫حولك‬
‫اصعد‬‫بخطوات‬‫واثقة‬..‫ول‬‫تقفز‬
‫فتزل‬‫قدمك‬..
4.‫طور‬‫نفسك‬..
‫تجلس‬‫مع‬‫بعض‬‫الناس‬‫وعمره‬
6
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عشرون‬‫سنة‬..‫فترى‬‫له‬‫أسلوبا‬
‫ومنطقا‬‫وفكرا‬‫معينا‬..
‫ثم‬‫تجلس‬‫معه‬‫وعمره‬‫ثلثون‬..
‫فإذا‬‫قدراته‬‫هي‬‫ي‬َ ‫ه‬..‫لم‬
‫يتطور‬‫فيه‬‫شيء‬.. ‫بينما‬‫تجلس‬‫مع‬‫آخرين‬‫فتجدهم‬
‫يستفيدون‬‫من‬‫حياتهم‬..‫تجده‬
‫كل‬‫يوم‬‫متطورا‬‫عن‬‫اليوم‬‫الذي‬
‫قبله‬..‫بل‬‫ما‬‫تمر‬‫ساعة‬‫إل‬
‫إذا‬‫أردت‬‫أن‬‫تعرف‬‫أنواع‬‫الناس‬
‫في‬‫ذلك‬..‫فتعال‬‫نتأمل‬‫في‬
‫أحوالهم‬‫واهتماماتهم‬.. ‫القنوات‬‫الفضائية‬‫ل‬ً ‫مث‬..
‫من‬‫الناس‬‫من‬‫يتابع‬‫ما‬‫ينمي‬
‫فكره‬‫المعرفي‬..‫ويطور‬‫ذكاءه‬
..‫ويستفيد‬‫من‬‫خبرات‬‫الخرين‬
‫من‬‫خلل‬‫متابعة‬‫الحوارات‬
‫الهادفة‬..‫يكتسب‬‫منها‬‫مهارات‬
‫رائعة‬‫في‬‫النقاش‬..‫واللغة‬..
‫والفهم‬..‫وسرعة‬‫البديهة‬.. ‫ومن‬‫الناس‬‫من‬‫ل‬‫يكاد‬‫يفوته‬
‫مسلسل‬‫يحكي‬‫قصة‬‫حب‬‫فاشلة‬
..‫أو‬‫مسرحية‬‫عاطفية‬..‫أو‬
‫فيلم‬‫خيالي‬‫مرعب‬..‫أو‬‫أفلم‬
‫تعال‬‫بالله‬‫عليك‬..‫وانظر‬‫إلى‬
‫حال‬‫الول‬‫وحال‬‫الثاني‬‫بعد‬
‫خمس‬‫سنوات‬..‫أو‬‫عشر‬.. ‫أيهما‬‫سيكون‬‫أكثر‬‫تطورا‬‫في‬
‫مهاراته‬‫؟‬‫في‬‫القدرة‬‫على‬
‫الستيعاب‬‫؟‬‫في‬‫سعة‬‫الثقافة‬‫؟‬
‫في‬‫القدرة‬‫على‬‫القناع‬‫؟‬‫في‬
‫ل‬‫شك‬‫أنه‬‫الول‬..
‫بل‬‫تجد‬‫أسلوب‬‫الول‬‫مختلفا‬..
‫فاستشهاداته‬‫بنصوص‬‫شرعية‬..‫أو‬
‫أرقام‬‫وحقائق‬.. ‫أما‬‫الثاني‬‫فاسشهاداته‬‫بأقوال‬
‫الممثلين‬..‫والمغنين‬..
‫حتى‬‫قال‬‫أحدهم‬‫يوما‬‫في‬‫معرض‬
‫كلمه‬..‫وا‬‫يقول‬:‫ع‬َ ‫س‬ْ ‫ا‬ِ‫يا‬‫عبدي‬
‫وأنا‬‫أسعى‬‫معاك‬!! ‫فنبهناه‬‫إلى‬‫أن‬‫هذه‬‫ليست‬‫آية‬..
‫فتغير‬‫وجهه‬‫وسكت‬..
‫ثم‬‫تأملت‬‫العبارة‬..‫فإذا‬‫الذي‬‫ذكره‬
‫هو‬‫مثل‬‫مصري‬‫انطبع‬‫في‬‫ذهنه‬‫من‬
‫إحدى‬‫المسلسلت‬!! ‫نعم‬..‫كل‬‫إناء‬‫بما‬‫فيه‬‫ينضح‬..
‫بل‬‫تعال‬‫إلى‬‫جانب‬‫آخر‬..
‫في‬‫قراءة‬‫الصحف‬‫والمجلت‬..‫كم‬
‫هم‬‫أولئك‬‫الذين‬‫يهتمون‬‫بقراءة‬
‫الخبار‬‫المفيدة‬‫والمعلومات‬‫النافعة‬
‫التي‬‫تساعد‬‫على‬‫تطوير‬‫الذات‬..
‫وتنمية‬‫المهارات‬..‫وزيادة‬‫المعارف‬ ‫بينما‬‫كم‬‫الذين‬‫ل‬‫يكادون‬‫يلتفتون‬
‫إلى‬‫غير‬‫الصفحات‬‫الرياضية‬‫والفنية‬
!‫؟‬‫حتى‬‫صارت‬‫الجرائد‬‫تتنافس‬‫في‬
‫تكثير‬‫الصفحات‬‫الرياضية‬‫والفنية‬..
‫على‬‫حساب‬‫غيرها‬.. ‫قل‬‫مثل‬‫ذلك‬‫في‬‫مجالسنا‬‫التي‬
‫نجلسها‬..‫وأوقاتنا‬‫التي‬‫نصرفها‬..
‫فأنت‬‫إذا‬‫أردت‬‫أن‬‫تكون‬‫رأسا‬‫ل‬‫ل‬ً ‫ذي‬
..‫احرص‬‫على‬‫تتبع‬‫المهارات‬‫أينما‬
‫كانت‬..‫رب‬ّ ‫د‬‫نفسك‬‫عليها‬.. ‫كان‬‫عبد‬‫ا‬‫ل‬ً ‫رج‬‫متحمسا‬..‫لكنه‬
‫تنقصه‬‫بعض‬‫المهارات‬..‫خرج‬‫يوما‬
‫من‬‫بيته‬‫إلى‬‫المسجد‬‫ليصلي‬‫الظهر‬
..‫يسوقه‬‫الحرص‬‫على‬‫الصلة‬
7
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كان‬‫يحث‬‫خطاه‬‫خوفا‬‫من‬‫أن‬
‫تقام‬‫الصلة‬‫قبل‬‫وصوله‬‫على‬
‫المسجد‬.. ‫مر‬‫أثناء‬‫الطريق‬‫بنخلة‬‫في‬
‫أعلها‬‫رجل‬‫بلباس‬‫مهنته‬
‫يشتغل‬‫بإصلح‬‫التمر‬.. ‫عجب‬‫عبد‬‫ا‬‫من‬‫هذا‬‫الذي‬‫ما‬
‫اهتم‬‫بالصلة‬..‫وكأنه‬‫ما‬‫سمع‬
‫إذانا‬‫ول‬‫ينتظر‬‫إقامة‬!!.. ‫فصاح‬‫به‬‫غاضبا‬:‫انزل‬‫للصلة‬..
‫فقال‬‫الرجل‬‫بكل‬‫برود‬:‫طيب‬..
‫طيب‬..
‫فقال‬:‫عجل‬..‫صل‬‫يا‬‫حمار‬!!
‫فصرخ‬‫الرجل‬:‫أنا‬‫حمار‬!!..‫ثم‬
‫انتزع‬‫عسيبا‬‫من‬‫النخلة‬‫ونزل‬
‫ليفلق‬‫به‬‫رأسه‬!! ‫غطى‬‫عبد‬‫ا‬‫وجهه‬‫بطرف‬
‫غترته‬‫لئل‬‫يعرفه‬..‫وانطلق‬
‫يعدو‬‫إلى‬‫المسجد‬.. ‫نزل‬‫الرجل‬‫من‬‫النخلة‬‫غاضبا‬..
‫ومضى‬‫إلى‬‫بيته‬‫وصلى‬‫وارتاح‬
‫ل‬ً ‫قلي‬..‫ثم‬‫خرج‬‫إلى‬‫نخلته‬
‫دخل‬‫وقت‬‫العصر‬‫وخرج‬‫عبد‬‫ا‬
‫إلى‬‫المسجد‬..
‫ر‬ّ ‫م‬‫بالنخلة‬‫فإذا‬‫الرجل‬‫فوقها‬..
‫فقال‬:‫السلم‬‫عليكم‬..‫كيف‬
‫الحال‬..
‫قال‬:‫الحمد‬‫لله‬‫بخير‬..
‫قال‬:‫بشر‬!!‫كيف‬‫الثمر‬‫هذه‬
‫السنة‬..
‫قال‬:‫الحمد‬‫لله‬..
‫قال‬‫عبد‬‫ا‬:‫ا‬‫يوفقك‬
‫ويرزقك‬..‫ويوسع‬‫عليك‬..‫ول‬
‫يحرمك‬‫أجر‬‫عملك‬‫وكدك‬
‫ابتهج‬‫الرجل‬‫لهذا‬‫الدعاء‬..
‫فأمن‬‫على‬‫الدعاء‬‫وشكر‬..
‫فقال‬‫عبد‬‫ا‬:‫لكن‬‫يبدو‬‫أنك‬‫لشدة‬
‫انشغالك‬‫لم‬‫تنتبه‬‫إلى‬‫أذان‬‫العصر‬!!
‫قد‬‫أذن‬‫العصر‬..‫والقامة‬‫قريبة‬..
‫فلعلك‬‫تنزل‬‫لترتاح‬‫وتدرك‬‫الصلة‬..
‫وبعد‬‫الصلة‬‫أكمل‬‫عملك‬..‫ا‬ ‫فقال‬‫الرجل‬:‫إن‬‫شاء‬‫ا‬..‫إن‬‫شاء‬
‫ا‬..
‫وبدأ‬‫ينزل‬‫برفق‬..‫ثم‬‫أقبل‬‫على‬‫عبد‬
‫ا‬‫وصافحه‬‫بحرارة‬..‫وقال‬:
‫أشكرك‬‫على‬‫هذه‬‫الخلق‬‫الرائعة‬..
‫أما‬‫الذي‬‫مر‬‫بي‬‫الظهر‬‫فيا‬‫ليتني‬‫أراه‬
‫نتيجة‬
‫مهاراتك‬‫في‬‫التعامل‬‫مع‬‫الخرين‬..
‫على‬‫أساسها‬‫تتحدد‬‫طريقة‬‫تعامل‬
‫الناس‬‫معك‬..
5.‫ل‬‫تبك‬‫على‬‫اللبن‬‫المسكوب‬..
‫بعض‬‫الناس‬‫يعتبر‬‫طبعه‬‫الذي‬‫نشأ‬
‫عليه‬..‫وعرفه‬‫الناس‬‫به‬..‫وتكونت‬
‫في‬‫أذهانهم‬‫الصورة‬‫الذهنية‬‫عنه‬
‫على‬‫أساسه‬..‫يعتبره‬‫شيئا‬‫لزما‬‫له‬
‫ل‬‫يمكن‬‫تغييره‬..‫فيستسلم‬‫له‬
‫مع‬‫أن‬‫الذكي‬‫يرى‬‫أن‬‫تغيير‬‫الطباع‬
‫لعله‬‫أسهل‬‫من‬‫تغيير‬‫الملبس‬!!
‫فطباعنا‬‫ليست‬‫كاللبن‬‫المسكوب‬
‫الذي‬‫ل‬‫يمكن‬‫تداركه‬‫أو‬‫جمعه‬..‫بل‬
‫هي‬‫بين‬‫أيدينا‬.. ‫بل‬‫نستطيع‬‫بأساليب‬‫معينة‬‫أن‬‫نغير‬
‫طباع‬‫الناس‬..‫بل‬‫عقولهم‬–‫ربما‬
!! -‫ذكر‬‫ابن‬‫حزم‬‫في‬‫كتابه‬‫طوق‬
8
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الحمامة‬:
‫أنه‬‫كان‬‫في‬‫الندلس‬‫تاجر‬
‫مشهور‬..‫وقع‬‫بينه‬‫وبين‬‫أربعة‬
‫من‬‫التجار‬‫تنافس‬..‫فأبغضوه‬..
‫وعزموا‬‫على‬‫أن‬‫يزعجوه‬..
‫فخرج‬‫ذات‬‫صباح‬‫من‬‫بيته‬‫متجها‬
‫لقيه‬‫أولهم‬‫فحياه‬‫ثم‬‫نظر‬‫إلى‬
‫عمامته‬‫وقال‬:‫ما‬‫أجمل‬‫هذه‬
‫العمامة‬‫الصفراء‬.. ‫فقال‬‫التاجر‬:‫ي‬َ ‫أعم‬‫رك‬ُ ‫بص‬!!‫؟‬
‫هذه‬‫عمامة‬‫بيضاء‬..
‫فقال‬:‫بل‬‫صفراء‬..‫صفراء‬
‫لكنها‬‫جميلة‬..
‫تركه‬‫التاجر‬‫ومضى‬..
‫فلما‬‫مشى‬‫خطوات‬‫لقيه‬‫الخر‬..
‫فحياه‬‫ثم‬‫نظر‬‫إلى‬‫عمامته‬‫وقال‬
:‫ما‬‫أجملك‬‫اليوم‬..‫وما‬‫أحسن‬
‫لباسك‬..‫خاصة‬‫هذه‬‫العمامة‬
‫فقال‬‫التاجر‬:‫يا‬‫رجل‬‫العمامة‬
‫بيضاء‬..
‫قال‬:‫بل‬‫خضراء‬..
‫قال‬:‫بيضاء‬..‫اذهب‬‫عني‬..
‫ومضى‬‫المسكين‬‫يكلم‬‫نفسه‬..
‫وينظر‬‫بين‬‫الفينة‬‫والخرى‬‫إلى‬
‫طرف‬‫عمامته‬‫المتدلي‬‫على‬
‫كتفه‬..‫ليتأكد‬‫أنها‬‫بيضاء‬..
‫وصل‬‫إلى‬‫دكانه‬..‫وحرك‬‫القفل‬
‫ليفتحه‬..‫فأقبل‬‫إليه‬‫الثالث‬:
‫وقال‬:‫يا‬‫فلن‬..‫ما‬‫أجمل‬‫هذا‬
‫نظر‬‫التاجر‬‫إلى‬‫عمامته‬‫ليتأكد‬
‫من‬‫لونها‬..‫ثم‬‫فرك‬‫عينيه‬..
‫وقال‬:‫يا‬‫أخي‬‫عمامتي‬‫بيضااااااء‬..
‫قال‬:‫بل‬‫زرقاء‬..‫لكنها‬‫عموما‬
‫جميلة‬..‫ل‬‫تحزن‬..‫ثم‬‫مضى‬..
‫فجعل‬‫التاجر‬‫يصيح‬‫به‬..‫العمامة‬
‫بيضاء‬..‫وينظر‬‫إليها‬..‫ويقلب‬
‫جلس‬‫في‬‫دكانه‬‫ل‬ً ‫قلي‬..‫وهو‬‫ل‬‫يكاد‬
‫يصرف‬‫بصره‬‫عن‬‫طرف‬‫عمامته‬..
‫دخل‬‫عليه‬‫الرابع‬..‫وقال‬:‫ل‬ً ‫أه‬‫يا‬
‫فلن‬..‫ما‬‫شاء‬‫ا‬!!‫من‬‫أين‬
‫اشتريت‬‫هذه‬‫العمامة‬‫الحمراء‬!‫؟‬ ‫فصاح‬‫التاجر‬:‫عمامتي‬‫زرقاء‬..
‫قال‬:‫بل‬‫حمراء‬..
‫قال‬‫التاجر‬:‫بل‬‫خضراء‬..‫ل‬..‫ل‬..
‫بل‬‫بيضاء‬..‫ل‬..‫زرقاء‬..‫سوداء‬..
‫ثم‬‫ضحك‬..‫ثم‬‫صرخ‬..‫ثم‬‫بكى‬..
‫وقام‬‫يقفز‬!!
‫قال‬‫ابن‬‫حزم‬:‫فلقد‬‫كنت‬‫أراه‬
‫بعدها‬‫في‬‫شوارع‬‫الندلس‬‫مجنونا‬
‫يحذفه‬‫الصبيان‬‫بالحصى‬!!
)1(
‫فإذا‬‫كان‬‫هؤلء‬‫بمهارات‬‫بدائية‬
‫غيروا‬‫طبع‬‫رجل‬..‫بل‬‫غيروا‬‫عقله‬..
‫فما‬‫بالك‬‫بمهارات‬‫مدروسة‬..‫منورة‬
‫بنصوص‬‫الوحيين‬..‫يمارسها‬‫المرء‬
‫تعبدا‬‫لله‬‫تعالى‬‫بها‬.. ‫فطبق‬‫ما‬‫تقف‬‫عليه‬‫من‬‫مهارات‬
‫حسنة‬‫لتسعد‬..
‫وإن‬‫قلت‬‫لي‬:‫ل‬‫أستطيع‬!..‫قلت‬:
‫حاول‬..
‫وإن‬‫قلت‬:‫ل‬‫أعرف‬!! ..‫قلت‬:‫تعلم‬
..
‫قال‬r:‫إنما‬‫العلم‬‫بالتعلم‬،‫وإنما‬
‫الحلم‬‫بالتحلم‬..
‫وجهة‬‫نظر‬..
1
)‫القصة‬ (‫على‬‫ذمة‬‫ابن‬‫حزم‬‫رحمه‬ ..‫ا‬.
9
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫البطل‬‫يتجاوز‬‫القدرة‬‫على‬
‫تطوير‬‫مهاراته‬..‫إلى‬‫القدرة‬
‫على‬‫تطوير‬‫مهارات‬‫الناس‬..
6.‫كن‬‫متميزا‬..
‫لماذا‬‫يتحاور‬‫اثنان‬‫في‬‫مجلس‬
‫فينتهي‬‫حوارهما‬‫بخصومة‬..
‫بينما‬‫يتحاور‬‫آخران‬‫وينتهي‬
‫إنها‬‫مهارات‬‫الحوار‬..
‫لماذا‬‫يخطب‬‫اثنان‬‫الخطبة‬
‫نفسها‬‫بألفاظها‬‫نفسها‬..‫فترى‬
‫الحاضرين‬‫عند‬‫الول‬‫ما‬‫بين‬
‫متثائب‬‫ونائم‬..‫أو‬‫عابث‬‫بسجاد‬
‫المسجد‬..‫أو‬‫مغير‬‫لجلسته‬ ‫بينما‬‫الحاضرون‬‫عند‬‫الثاني‬
‫منشدون‬‫متفاعلون‬..‫ل‬‫تكاد‬
‫ترمش‬‫لهم‬‫عين‬‫أو‬‫يغفل‬‫لهم‬
‫إنها‬‫مهارات‬‫اللقاء‬..
‫لماذا‬‫إذا‬‫تحدث‬‫فلن‬‫في‬
‫المجلس‬‫أنصت‬‫له‬‫السامعون‬..
‫ورموا‬‫إليه‬‫أبصارهم‬.. ‫بينما‬‫إذا‬‫تحدث‬‫آخر‬‫انشغل‬
‫الجالسون‬‫بالحاديث‬‫الجانبية‬..
‫أو‬‫قراءة‬‫الرسائل‬‫من‬‫هواتفهم‬
‫إنها‬‫مهارات‬‫الكلم‬..
‫لماذا‬‫إذا‬‫مشى‬‫مدرس‬‫في‬
‫ممرات‬‫مدرسته‬‫رأيت‬‫الطلب‬
‫حوله‬..‫هذا‬‫يصافحه‬..‫وذاك‬
‫يستشيره‬..‫وثالث‬‫يعرض‬‫عليه‬
‫مشكلة‬..‫ولو‬‫جلس‬‫في‬‫مكتبه‬
‫مجالسته‬..
‫بينما‬‫مدرس‬‫آخر‬..‫أو‬‫مدرسون‬..
‫يمشي‬‫أحدهم‬‫في‬‫مدرسته‬‫وحده‬..
‫ويخرج‬‫من‬‫مسجد‬‫المدرسة‬‫وحده‬..
‫فل‬‫طالب‬‫يقترب‬‫مبتهجا‬‫مصافحا‬..
‫أو‬‫شاكيا‬‫مستشيرا‬..‫ولو‬‫فتح‬‫مكتبه‬
‫من‬‫طلوع‬‫الشمس‬‫إلى‬‫غروبها‬..
‫وآناء‬‫الليل‬‫وأطراف‬‫النهار‬..‫لما‬ ‫إنها‬‫مهارات‬‫التعامل‬‫مع‬‫الناس‬..
‫لماذا‬‫إذا‬‫دخل‬‫شخص‬‫إلى‬‫مجلس‬
‫عام‬‫هش‬‫الناس‬‫في‬‫وجهه‬‫وبشوا‬..
‫وفرحوا‬‫بلقائه‬..‫وود‬‫كل‬‫واحد‬‫لو‬
‫بينما‬‫يدخل‬‫آخر‬..‫فيصافحونه‬
‫مصافحة‬‫باردة‬-‫عادة‬‫أو‬‫مجاملة‬–
‫ثم‬‫يتلفت‬‫يبحث‬‫له‬‫عن‬‫مكان‬‫فل‬
‫يكاد‬‫أحد‬‫يوسع‬‫له‬‫أو‬‫يدعوه‬
‫إنها‬‫مهارات‬‫جذب‬‫القلوب‬‫والتأثير‬
‫في‬‫الناس‬..
‫لماذا‬‫يدخل‬‫أب‬‫إلى‬‫بيته‬‫فيهش‬
‫أولده‬‫له‬..‫ويقبلون‬‫إليه‬‫فرحين‬..
‫بينما‬‫يدخل‬‫الثاني‬‫على‬‫أولده‬..‫فل‬
‫يلتفتون‬‫إليه‬..
‫إنها‬‫مهارات‬‫التعامل‬‫مع‬‫البناء‬..
‫قل‬‫مثل‬‫ذلك‬‫في‬‫المسجد‬..‫وفي‬
‫العراس‬..‫وغيرها‬..
‫يختلف‬‫الناس‬‫بقدراتهم‬‫ومهاراتهم‬
‫في‬‫التعامل‬‫مع‬‫الخرين‬..‫وبالتالي‬
‫يختلف‬‫الخرون‬‫في‬‫طريقة‬‫الحتفاء‬
‫والتأثير‬‫في‬‫الناس‬‫وكسب‬‫محبتهم‬
‫أسهل‬‫مما‬‫تتصور‬!..
‫ل‬‫أبالغ‬‫في‬‫ذلك‬‫فقد‬‫جربته‬‫مرارا‬..
‫فوجدت‬‫أن‬‫قلوب‬‫أكثر‬‫الناس‬‫يمكن‬ 10
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫صيدها‬‫بطرق‬‫ومهارات‬‫سهلة‬..
‫بشرط‬‫أن‬‫نصدق‬‫فيها‬‫ونتدرب‬
‫عليها‬‫فنتقنها‬.. ‫والناس‬‫يتأثرون‬‫بطريقة‬‫تعاملنا‬
..‫وإن‬‫لم‬‫نشعر‬..
‫أتولى‬‫منذ‬‫ثلث‬‫عشرة‬‫سنة‬
‫المامة‬‫والخطابة‬‫في‬‫جامع‬
‫الكلية‬‫المنية‬.. ‫كان‬‫طريقي‬‫إلى‬‫المسجد‬‫يمر‬
‫ببوابة‬‫يقف‬‫عندها‬‫حارس‬‫أمن‬
‫يتولى‬‫فتحها‬‫وإغلقها‬.. ‫كنت‬‫أحرص‬‫إذا‬‫مررت‬‫به‬‫أن‬
‫أمارس‬‫معه‬‫مهارة‬‫البتسامة‬..
‫فأشير‬‫بيدي‬‫مسلما‬‫مبتسما‬
‫ابتسامة‬‫واضحة‬..‫وبعد‬‫الصلة‬
‫وفي‬‫الغالب‬‫يكون‬‫هاتفي‬
‫المحمول‬‫مليئا‬‫باتصالت‬
‫ورسائل‬‫مكتوبة‬‫وردت‬‫أثناء‬
‫الصلة‬..‫فأكون‬‫ل‬ً ‫مشغو‬
‫بقراءة‬‫الرسائل‬‫فيفتح‬‫الحارس‬ ‫حتى‬‫تفاجأت‬‫به‬‫يوما‬‫يوقفني‬
‫وأنا‬‫خارج‬‫ويقول‬:‫يا‬‫شيخ‬!..
‫أنت‬‫زعلن‬‫مني‬!‫؟‬ ‫قلت‬:‫لماذا‬‫؟‬
‫قال‬:‫لنك‬‫وأنت‬‫داخل‬‫تبتسم‬
‫وتسلم‬‫وأنت‬‫فرحان‬..‫أما‬‫وأنت‬
‫خارج‬‫فتكون‬‫غير‬‫مبتسم‬‫ول‬
‫وكان‬‫ل‬ً ‫رج‬‫بسيطا‬..‫فبدأ‬
‫المسكين‬‫يقسم‬‫لي‬‫أنه‬‫يحبني‬
‫ويفرح‬‫برؤيتي‬.. ‫فاعتذرت‬‫منه‬‫وبينت‬‫له‬‫سبب‬
‫انشغالي‬..
‫ثم‬‫انتبهت‬‫ل‬ً ‫فع‬‫إلى‬‫أن‬‫هذه‬
‫المهارات‬‫مع‬‫تعودنا‬‫عليها‬‫تصبح‬
‫من‬‫طبعنا‬..‫يلحظها‬‫الناس‬‫إذا‬
‫غفلنا‬‫عنها‬..
‫إضاءة‬..
‫ل‬‫تكسب‬‫المال‬‫وتفقد‬‫الناس‬..‫فإن‬
‫كسب‬
‫الناس‬‫طريق‬‫لكسب‬‫المال‬..
7.‫أي‬‫الناس‬‫أحب‬‫إليك‬‫؟‬
‫تكون‬‫أقوى‬‫الناس‬‫قدرة‬‫على‬
‫استعمال‬‫مهارات‬‫التعامل‬‫مع‬
‫الخرين‬‫عندما‬‫تتعامل‬‫مع‬‫كل‬‫أحد‬
‫ل‬ً ‫تعام‬‫رائعا‬‫يجعله‬‫يشعر‬‫أنه‬‫أحب‬
‫فتتعامل‬‫مع‬‫أمك‬‫ل‬ً ‫تعام‬‫رائعا‬‫مشبعا‬
‫بالتفاعل‬‫والنس‬‫والحتفاء‬‫إلى‬
‫درجة‬‫أنها‬‫تشعر‬‫أن‬‫هذا‬‫التعامل‬
‫وقل‬‫مثل‬‫ذلك‬‫عند‬‫تعاملك‬‫مع‬‫أبيك‬..
‫مع‬‫زوجتك‬..‫أولدك‬..‫زملئك‬..
‫بل‬‫قل‬‫مثله‬‫عند‬‫تعاملك‬‫مع‬‫من‬
‫تلقاهم‬‫مرة‬‫واحدة‬..‫كبائع‬‫في‬
‫دكان‬..‫أو‬‫عامل‬‫في‬‫محطة‬‫وقود‬.. ‫كل‬‫هؤلء‬‫تستطيع‬‫أن‬‫تجعلهم‬
‫يجمعون‬‫على‬‫أنك‬‫أحب‬‫الناس‬‫إليهم‬
‫إذا‬‫أشعرتهم‬‫أنهم‬‫أحب‬‫الناس‬‫إليك‬
‫وقد‬‫كان‬r‫قدوة‬‫في‬‫ذلك‬..
‫إذ‬‫أن‬‫من‬‫تتبع‬‫سيرته‬..‫وجد‬‫أنه‬‫كان‬
‫يتعامل‬‫بمهارات‬‫أخلقية‬‫راقية‬..
‫فيعامل‬‫كل‬‫أحد‬‫يلقاه‬‫بمهارات‬‫من‬
‫احتفاء‬‫وتفاعل‬‫وبشاشة‬..‫حتى‬
‫يشعر‬‫ذلك‬‫الشخص‬‫أنه‬‫أحب‬‫الناس‬
‫إليه‬..‫وبالتالي‬‫يكون‬‫هو‬‫أيضا‬r
‫كان‬‫عمرو‬‫بن‬‫العاص‬t‫داهية‬‫من‬
11
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دهاة‬‫العرب‬..‫حكمة‬‫وفطنة‬
‫ء‬ً ‫وذكا‬..‫فأدهى‬‫العرب‬‫أربعة‬..
‫عمرو‬‫واحد‬‫منهم‬.. ‫أسلم‬‫عمرو‬‫وكان‬‫رأسا‬‫في‬
‫قومه‬..
‫فكان‬‫إذا‬‫لقي‬‫النبي‬r‫في‬‫طريق‬
‫رأى‬‫البشاشة‬‫والبشر‬‫والمؤانسة‬
..‫وإذا‬‫دخل‬‫مجلسا‬‫فيه‬‫النبي‬r
‫رأى‬‫الحتفاء‬‫والسعادة‬‫بمقدمه‬
..‫وإذا‬‫دعاه‬‫النبي‬r..‫ناداه‬‫بأحب‬
‫السماء‬‫إليه‬..
‫شعر‬‫عمرو‬‫بهذا‬‫التعامل‬‫الراقي‬
..‫ودوام‬‫الهتمام‬
‫والتبسم‬‫أنه‬‫أحب‬‫الناس‬
‫فأراد‬‫أن‬‫يقطع‬‫الشك‬‫باليقين‬..
‫فأقبل‬‫يوما‬‫إلى‬‫النبي‬r
‫وجلس‬‫إليه‬..‫ثم‬‫قال‬: ‫يا‬‫رسول‬‫ا‬..‫أي‬‫الناس‬‫أحب‬
‫إليك‬‫؟‬
‫فقال‬r:‫عائشة‬..
‫قال‬‫عمرو‬:‫ل‬..‫من‬‫الرجال‬‫يا‬
‫رسول‬‫ا‬‫؟‬‫لست‬‫أسألك‬‫عن‬
‫أهلك‬.. ‫فقال‬r:‫أبوها‬..
‫قال‬‫عمرو‬:‫ثم‬‫من‬‫؟‬
‫قال‬:‫ثم‬‫عمر‬‫بن‬‫الخطاب‬..
‫قال‬:‫ثم‬‫أي‬..‫فجعل‬‫النبي‬r
‫يعدد‬‫ل‬ً ‫رجا‬..‫يقول‬:‫فلن‬..‫ثم‬
‫فلن‬..‫بحسب‬‫سبقهم‬‫إلى‬‫السلم‬..
‫وتضحيتهم‬‫من‬‫أجله‬..
‫قال‬‫عمرو‬:‫ت‬ّ ‫فسك‬‫مخافة‬‫أن‬
‫يجعلني‬‫في‬‫آخرهم‬..
‫فانظر‬‫كيف‬‫استطاع‬r‫أن‬‫يملك‬‫قلب‬
‫عمرو‬‫بمهارات‬‫أخلقية‬‫مارسها‬‫معه‬
..‫بل‬‫كان‬‫عليه‬‫الصلة‬‫والسلم‬‫ينزل‬
‫الناس‬‫منازلهم‬..
‫وقد‬‫يترك‬‫أشغاله‬‫لجلهم‬..
‫لشعارهم‬‫بمحبته‬‫لهم‬‫وقدرهم‬
‫عنده‬.. ‫لما‬‫توسع‬r‫بالفتوحات‬‫وبدأ‬‫ينتشر‬
‫السلم‬..
‫جعل‬r‫يرسل‬‫الدعاة‬‫من‬‫عنده‬
‫لدعوة‬‫القبائل‬‫إلى‬‫السلم‬..‫وربما‬
‫احتاج‬‫المر‬‫أن‬‫يرسل‬‫جيشا‬.. ‫وكان‬‫عدي‬‫بن‬‫حاتم‬‫الطائي‬..‫ملكا‬
‫ابن‬‫ملك‬..
‫فوقع‬‫بين‬‫قبيلته‬"‫طي‬"‫وبين‬
‫المسلمين‬‫حرب‬..‫وكان‬‫عدي‬‫قد‬
‫هرب‬‫من‬‫الحرب‬‫فلم‬‫يشهدها‬..
‫وصل‬‫جيش‬‫المسلمين‬‫إلى‬‫ديار‬
‫طيء‬..
‫كانت‬‫هزيمة‬‫طيء‬‫سهلة‬..‫فل‬‫ملك‬
‫يقود‬..‫ول‬‫جيش‬‫مرتب‬..
‫وكان‬‫المسلمون‬‫في‬‫حروبهم‬..
‫يحسنون‬‫إلى‬‫الناس‬..‫ويعطفون‬
‫وهم‬‫في‬‫قتال‬.. ‫كان‬‫المقصود‬‫صد‬‫كيد‬‫قوم‬‫عدي‬‫عن‬
‫المسلمين‬..‫وإظهار‬‫قوة‬‫المسلمين‬
‫لهم‬..‫أسر‬‫المسلمون‬‫بعض‬‫قوم‬‫عدي‬..
‫وكان‬‫من‬‫بينهم‬‫أخت‬‫لعدي‬‫بن‬‫حاتم‬
..‫مضوا‬‫بالسرى‬‫إلى‬‫المدينة‬..‫حيث‬
‫رسول‬‫ا‬..‫وأخبروا‬‫النبي‬
‫بفرار‬‫عدي‬‫إلى‬‫الشام‬.. ‫فعجب‬‫من‬‫فراره‬!!‫كيف‬‫يفر‬‫من‬
‫الدين‬‫؟‬‫كيف‬‫يترك‬‫قومه‬‫؟‬ 12
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ولكن‬‫لم‬‫يكن‬‫إلى‬‫الوصول‬‫إلى‬
‫عدي‬‫سبيل‬..
‫لم‬‫يطب‬‫المقام‬‫لعدي‬‫في‬‫ديار‬
‫الروم‬..‫فاضطر‬‫للرجوع‬‫لديار‬
‫العرب‬..‫ثم‬‫لم‬‫يجد‬‫بدا‬‫من‬‫أن‬
‫يذهب‬‫إلى‬‫المدينة‬‫للقاء‬‫النبي‬r
‫ومصالحته‬..‫أو‬‫التفاهم‬‫على‬ ‫يقول‬‫عدي‬‫وهو‬‫يحكي‬‫قصة‬
‫ذهابه‬‫إلى‬‫المدينة‬:
‫ما‬‫رجل‬‫من‬‫العرب‬‫كان‬‫أشد‬
‫كراهة‬‫لرسول‬‫ا‬r‫مني‬..
‫وكنت‬‫على‬‫دين‬‫النصرانية‬..
‫وكنت‬‫ملكا‬‫في‬‫قومي‬‫لما‬‫كان‬
‫يصنع‬‫بي‬.
‫فلما‬‫سمعت‬‫برسول‬‫ا‬r‫كرهته‬
‫كراهية‬‫شديدة‬..
‫فخرجت‬‫حتى‬‫قدمت‬‫الروم‬‫على‬
‫قيصر‬..
‫قال‬:‫فكرهت‬‫مكاني‬‫ذلك‬..
‫فقلت‬:‫وا‬‫لو‬‫أتيت‬‫هذا‬‫الرجل‬
..‫فإن‬‫كان‬‫كاذبا‬‫لم‬‫يضرني‬..
‫وإن‬‫كان‬‫صادقا‬‫علمت‬.. ‫فقدمت‬‫فأتيته‬..‫فلما‬‫دخلت‬
‫المدينة‬‫جعل‬‫الناس‬‫يقولون‬:
‫هذا‬‫عدي‬‫بن‬‫حاتم‬..‫هذا‬‫عدي‬
‫فمشيت‬‫حتى‬‫أتيت‬‫فدخلت‬‫على‬
‫رسول‬‫ا‬r‫في‬‫المسجد‬‫فقال‬
‫لي‬:‫عدي‬‫بن‬‫حاتم‬‫؟‬ ‫قلت‬:‫عدي‬‫بن‬‫حاتم‬..
‫فرح‬‫النبي‬r‫بمقدمه‬..‫واحتفى‬
‫به‬..‫مع‬‫أن‬‫عديا‬‫محارب‬
‫للمسلمين‬‫ر‬ٌ ‫وفا‬‫من‬‫الحرب‬..
2
)(‫العرب‬ ‫إلى‬ ‫وردته‬ ‫الشام‬ ‫في‬ ‫إليه‬ ‫ذهبت‬ ‫التي‬ ‫هي‬ ‫أخته‬ ‫إن‬ ‫وقيل‬
.
‫ومبغض‬‫للسلم‬..‫ئ‬ٌ ‫ولج‬‫إلى‬
‫النصارى‬..‫ومع‬‫ذلك‬‫لقيه‬r
‫بالبشاشة‬‫والبشر‬..‫وأخذ‬‫بيده‬
‫عدي‬‫وهو‬‫يمشي‬‫بجانب‬‫النبي‬r‫يرى‬
‫أن‬‫الرأسين‬‫متساويان‬!!..
‫فمحمد‬)r(‫ملك‬‫على‬‫المدينة‬‫وما‬
‫حولها‬..‫وعدي‬‫ملك‬‫على‬‫جبال‬‫طي‬
‫وما‬‫حولها‬.. ‫ومحمد‬)r(‫على‬‫دين‬‫سماوي‬"
‫السلم‬.. "‫وعدي‬‫على‬‫دين‬‫سماوي‬
"‫النصرانية‬.. " ‫ومحمد‬)r(‫عنده‬‫كتاب‬‫منزل‬"
‫القرآن‬.. "‫وعدي‬‫عنده‬‫كتاب‬‫منزل‬"
‫النجيل‬.. " ‫كان‬‫عدي‬‫يشعر‬‫أنه‬‫ل‬‫فرق‬‫بينهما‬‫إل‬
‫في‬‫القوة‬‫والجيش‬..
‫في‬‫أثناء‬‫الطريق‬‫وقعت‬‫ثلثة‬
‫مواقف‬:
‫بينما‬‫هما‬‫يمشيان‬‫إذا‬‫بامرأة‬‫قد‬
‫وقفت‬‫في‬‫وسط‬‫الطريق‬‫فجعلت‬
‫تصيح‬:‫يا‬‫رسول‬‫ا‬..‫لي‬‫إليك‬
‫فانتزع‬‫النبي‬r‫يده‬‫من‬‫يد‬‫عدي‬
‫ومضى‬‫إليها‬..‫وجعل‬‫يستمع‬‫إلى‬
‫حاجتها‬.. ‫عدي‬‫بن‬‫حاتم‬..‫الذي‬‫قد‬‫عرف‬
‫الملوك‬‫والوزراء‬‫جعل‬‫ينظر‬‫إلى‬‫هذا‬
‫المشهد‬..‫ويقارن‬‫تعامل‬‫النبي‬r‫مع‬
‫الناس‬‫بتعامل‬‫من‬‫رآهم‬‫من‬‫قبل‬‫من‬
‫فتأمل‬‫ل‬ً ‫طوي‬‫ثم‬‫قال‬:‫وا‬‫ما‬‫هذه‬
‫بأخلق‬‫الملوك‬..‫هذه‬‫أخلق‬
‫النبيااااااء‬.. ‫وانتهت‬‫المرأة‬‫من‬‫حاجتها‬..‫فعاد‬
‫النبي‬r‫إلى‬‫عدي‬..‫ومضيا‬‫يمشيان‬..
13
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فبينما‬‫هما‬‫كذلك‬..‫فإذا‬‫برجل‬
‫يقبل‬‫على‬‫النبي‬r..
‫فماذا‬‫قال‬‫الرجل‬‫؟‬‫هل‬‫قال‬:‫يا‬
‫رسول‬‫ا‬‫عندي‬‫أموال‬‫زائدة‬
‫أبحث‬‫لها‬‫عن‬‫فقير‬!‫أم‬ ‫؟‬‫قال‬:
‫حصدت‬‫أرضي‬‫وزاد‬‫عندي‬‫الثمر‬
..‫فماذا‬‫أفعل‬‫به‬‫؟‬
‫يا‬‫ليته‬‫قال‬‫شيئا‬‫من‬‫ذلك‬..‫لعل‬
‫عديا‬‫إذا‬‫سمعه‬‫يشعر‬‫بغنى‬
‫المسلمين‬‫وكثرة‬‫أموالهم‬..
‫قال‬‫الرجل‬:‫يا‬‫رسول‬‫ا‬..
‫أشكو‬‫إليك‬‫الفاقة‬‫والفقر‬..
‫ما‬‫يكاد‬‫هذا‬‫الرجل‬‫يجد‬‫طعاما‬
‫يسد‬‫به‬‫جوعة‬‫أولده‬..‫ومن‬
‫حوله‬‫من‬‫المسلمين‬‫يعيشون‬
‫على‬‫الكفاف‬‫ليس‬‫عندهم‬‫ما‬
‫يساعدونه‬‫به‬..
‫قال‬‫الرجل‬‫هذه‬‫الكلمات‬‫وعدي‬
‫يسمع‬..‫فأجابه‬‫النبي‬r‫بكلمات‬
‫ومضى‬..
‫فلما‬‫مشيا‬‫خطوات‬..‫أقبل‬‫رجل‬
‫آخر‬..‫قال‬:‫يا‬‫رسول‬‫ا‬‫أشكو‬
‫إليك‬‫قطع‬‫الطريق‬!!
‫يعني‬‫أننا‬‫يا‬‫رسول‬‫ا‬‫لكثرة‬
‫أعدائنا‬‫حولنا‬‫ل‬‫نأمن‬‫أن‬‫نخرج‬
‫عن‬‫بنيان‬‫المدينة‬‫لكثرة‬‫من‬
‫يعترضنا‬‫من‬‫كفار‬‫أو‬‫لصوص‬..
‫أجابه‬‫النبي‬r‫بكلمات‬‫ومضى‬..
‫جعل‬‫عدي‬‫يقلب‬‫المر‬‫في‬‫نفسه‬
..‫هو‬‫في‬‫عز‬‫وشرف‬‫في‬‫قومه‬
..‫وليس‬‫له‬‫أعداء‬‫يتربصون‬‫به‬..
‫فلماذا‬‫يدخل‬‫هذا‬‫الدين‬‫الذي‬
‫أهله‬‫في‬‫ضعف‬‫ومسكنة‬..‫وفقر‬
‫وحاجة‬..
‫وصل‬‫إلى‬‫بيت‬‫النبي‬r..‫فدخل‬..
‫فإذا‬‫وسادة‬‫واحدة‬‫فدفعها‬
‫النبي‬r‫إلى‬‫عدي‬‫إكراما‬‫له‬..‫وقال‬:
‫خذ‬‫هذه‬‫فاجلس‬‫عليها‬..‫فدفعها‬
‫عدي‬‫إليه‬‫قال‬:‫بل‬‫اجلس‬‫عليها‬‫أنت‬
..‫فقال‬r:‫بل‬‫أنت‬..‫حتى‬‫استقرت‬
‫عند‬‫عدي‬‫فجلس‬‫عليها‬..
‫عندها‬..‫بدأ‬‫النبي‬r‫يحطم‬‫الحواجز‬
‫بين‬‫عدي‬‫والسلم‬..
‫يا‬‫عدي‬‫أسلم‬..‫تسلم‬..‫أسلم‬‫تسلم‬
..‫أسلم‬‫تسلم‬..
‫قال‬‫عدي‬:‫إني‬‫على‬‫دين‬..
‫فقال‬r:‫أنا‬‫أعلم‬‫بدينك‬‫منك‬..
‫قال‬:‫أنت‬‫تعلم‬‫بديني‬‫مني‬‫؟‬
‫قال‬:‫نعم‬..‫ألست‬‫من‬‫الركوسية‬..
‫والركوسية‬‫ديانة‬‫نصرانية‬‫ربة‬ّ ‫مش‬
‫بشيء‬‫من‬‫المجوسية‬..‫فمن‬‫مهارته‬
r‫في‬‫القناع‬‫أنه‬‫لم‬‫يقل‬‫ألست‬
‫نصرانيا‬..‫وإنما‬‫تجاوز‬‫هذه‬
‫المعلومة‬‫إلى‬‫معلومة‬‫أدق‬‫منها‬
‫فأخبره‬‫بمذهبه‬‫في‬‫النصرانية‬
‫تحديدا‬..
‫كما‬‫لو‬‫لقيك‬‫شخص‬‫في‬‫أحد‬‫بلد‬
‫أوروبا‬‫وقال‬‫لك‬:‫لماذا‬‫ل‬‫تتنصر‬‫؟‬
‫فقلت‬:‫إني‬‫على‬‫دين‬..
‫فلم‬‫يقل‬‫لك‬:‫ألست‬‫مسلما‬..‫ولم‬
‫يقل‬:‫ألست‬‫يا‬ّ ‫ن‬ُ ‫س‬..‫وإنما‬‫قال‬:
‫ألست‬‫شافعيا‬..‫أو‬‫حنبليا‬..
‫عندها‬‫ستدرك‬‫أنه‬‫يعرف‬‫كل‬‫شيء‬
‫عن‬‫دينك‬..
‫فهذا‬‫الذي‬‫فعله‬‫المعلم‬‫الول‬r‫مع‬
‫عدي‬..‫قال‬:‫ألست‬‫من‬‫الركوسية‬..
‫فقال‬‫عدي‬:‫بلى‬..
‫فقال‬r:‫فإنك‬‫إذا‬‫غزوت‬‫مع‬‫قومك‬
‫تأكل‬‫فيهم‬‫المرباع‬‫؟‬)3(
3
)‫المرباع‬ (‫إذا‬ :‫غزت‬‫ـة‬‫ـ‬‫القبيل‬‫ـم‬‫ـ‬‫قس‬‫ـها‬‫ـ‬‫رئيس‬
‫الغنيمة‬‫أربعة‬‫أقسام‬‫فأخذ‬‫الربع‬‫له‬‫وحده‬،‫وهذا‬
14
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قال‬:‫بلى‬..
‫فقال‬r:‫فإن‬‫هذا‬‫ل‬‫يحل‬‫لك‬
‫في‬‫دينك‬..
‫فتضعضع‬‫لها‬‫عدي‬..‫وقال‬:
‫نعم‬..
‫فقال‬r:‫أما‬‫إني‬‫أعلم‬‫الذي‬
‫يمنعك‬‫من‬‫السلم‬..
‫أنك‬‫تقول‬:‫إنما‬‫اتبعه‬‫ضعفة‬
‫الناس‬‫ومن‬‫ل‬‫قوة‬‫لهم‬..
‫وقد‬‫رمتهم‬‫العرب‬..
‫يا‬‫عدي‬..‫أتعرف‬‫الحيرة‬‫؟‬
)4(
‫قلت‬:‫لم‬‫أرها‬‫وقد‬‫سمعت‬‫بها‬..
‫قال‬:‫فوالذي‬‫نفسي‬‫بيده‬‫ليتمن‬
‫ا‬‫هذا‬‫المر‬‫حتى‬‫تخرج‬
‫الظعينة‬‫من‬‫الحيرة‬‫حتى‬‫تطوف‬
‫أي‬‫سيقوى‬‫السلم‬‫إلى‬‫درجة‬
‫أن‬‫المرأة‬‫المسلمة‬‫الحاجة‬
‫تخرج‬‫من‬‫الحيرة‬‫حتى‬‫تصل‬‫إلى‬
‫مكة‬‫ليس‬‫معها‬‫إل‬‫محرم‬..‫من‬
‫غير‬‫أحد‬‫يحميها‬..‫وتمر‬‫على‬
‫مئات‬‫القبائل‬‫فل‬‫يجرؤ‬‫أحد‬‫أن‬
‫يعتدي‬‫عليها‬‫أو‬‫يسلبها‬‫مالها‬..
‫لن‬‫المسلمين‬‫صار‬‫لهم‬‫قوة‬
‫فلما‬‫سمع‬‫عدي‬‫ذلك‬..‫جعل‬
‫يتصور‬‫المنظر‬‫في‬‫ذهنه‬..‫امرأة‬
‫تخرج‬‫من‬‫العراق‬‫حتى‬‫تصل‬‫إلى‬
‫مكة‬..‫معنى‬‫ذلك‬‫أنها‬‫ستمر‬
‫حرام‬‫في‬‫دين‬‫النصرانية‬،‫جائز‬‫عند‬‫العــرب‬
.
4
)‫الحيرة‬ (‫مدينة‬ :‫بالعراق‬
‫بجبال‬‫طي‬..‫ديار‬‫قومه‬..
‫فتعجب‬‫عدي‬‫وقال‬‫في‬‫نفسه‬:‫فأين‬
‫عنها‬‫عار‬ّ ‫ذ‬ُ‫طي‬‫الذين‬‫سعروا‬‫البلد‬!!
‫ثم‬‫قال‬r:‫وليفتحن‬‫كنوز‬‫كسرى‬‫بن‬
‫هرمز‬..
‫قال‬:‫كنوز‬‫ابن‬‫هرمز‬‫؟‬
‫قال‬:‫نعم‬‫كسرى‬‫بن‬‫هرمز‬..
‫ولتنفقن‬‫أمواله‬‫في‬‫سبيل‬‫ا‬..
‫قال‬r:‫ولئن‬‫طالت‬‫بك‬‫حياة‬‫لترين‬
‫الرجل‬‫يخرج‬‫بملء‬‫كفه‬‫من‬‫ذهب‬
‫أوفضة‬‫يطلب‬‫من‬‫يقبله‬‫منه‬‫فل‬‫يجد‬
‫يعني‬‫من‬‫كثرة‬‫المال‬‫يخرج‬‫الغني‬
‫يطوف‬‫بصدقته‬‫ل‬‫يجد‬‫فقيرا‬‫يعطيه‬
‫إياها‬.. ‫ثم‬‫بدأ‬‫يعظ‬‫عديا‬‫ويذكره‬‫بالخرة‬
..‫فقال‬:
‫وليلقين‬‫ا‬َ‫دكم‬ُ ‫أح‬‫يوم‬‫يلقاه‬‫ليس‬
‫بينه‬‫وبينه‬‫ترجمان‬،‫فينظر‬‫عن‬‫يمينه‬
‫فل‬‫يرى‬‫إل‬‫جهنم‬،‫وينظر‬‫عن‬‫شماله‬
‫سكت‬‫عدي‬‫متفكرا‬..
‫ففاجأه‬‫ل‬ً ‫قائ‬:‫يا‬‫عدي‬..‫فما‬
‫يفرك‬‫أن‬‫تقول‬‫ل‬‫إله‬‫إل‬‫ا‬..‫أو‬ ‫؟‬
‫تعلم‬‫من‬‫إله‬‫أعظم‬‫من‬‫ا‬!‫؟‬ ‫قال‬‫عدي‬:‫فإني‬‫حنيف‬‫مسلم‬..
‫أشهد‬‫أن‬‫ل‬‫إله‬‫إل‬‫ا‬..‫وأشهد‬‫أن‬
‫محمدا‬‫عبده‬‫ورسوله‬.. ‫فتهلل‬‫وجه‬‫النبي‬r‫فرحا‬‫مستبشرا‬..
‫قال‬‫عدي‬‫بن‬‫حاتم‬:
‫فهذه‬‫الظعينة‬‫تخرج‬‫من‬‫الحيرة‬
‫تطوف‬‫بالبيت‬‫في‬‫غير‬‫جوار‬..‫ولقد‬
‫كنت‬‫فيمن‬‫فتح‬‫كنوز‬‫كسرى‬.. ‫والذي‬‫نفسي‬‫بيده‬‫لتكونن‬‫الثالثة‬
‫لن‬‫رسول‬‫ا‬r‫قد‬‫قالها‬.. "
)5(
5
)‫رواه‬ (‫مسلم‬‫وأحمد‬..
15
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فتأمل‬‫كيف‬‫كان‬‫هذا‬‫النس‬‫منه‬
‫لعدي‬..‫وهذا‬‫الحتفاء‬‫الذي‬
‫قابله‬‫به‬..‫حتى‬‫شعر‬‫به‬‫عدي‬..
‫تأمل‬‫كيف‬‫كان‬‫كل‬‫ذلك‬‫جاذبا‬
‫فلو‬‫مارسنا‬‫هذا‬‫الحب‬‫مع‬‫الناس‬
..‫مهما‬‫كانوا‬..‫لملكنا‬‫قلوبهم‬
‫فكرة‬..
‫بالرفق‬‫واستعمال‬‫مهارات‬
‫التعامل‬‫والقناع‬..‫نستطيع‬‫أن‬
‫نحقق‬‫ما‬‫نريد‬..
8.‫استمتع‬‫بالمهارات‬..
‫المهارات‬‫متعة‬‫حسية‬،‫ل‬‫أعني‬
‫بها‬‫الجر‬‫الخروي‬‫فقط‬،‫ل‬
‫وإنما‬‫هي‬‫متعة‬‫وفرح‬‫تشعر‬‫به‬
‫فاستمتع‬‫بها‬،‫ومارسها‬‫مع‬
‫جميع‬‫الناس‬،‫كبيرهم‬
‫وصغيرهم‬،‫غنيهم‬‫وفقيرهم‬،
‫قريبهم‬‫وبعيدهم‬..‫كلهم‬..
‫إما‬‫لتقاء‬‫أذاهم‬..
‫أو‬‫لكسب‬‫محبتهم‬..
‫أو‬‫لصلحهم‬..‫نعم‬‫إصلحهم‬..
‫كان‬‫علي‬‫بن‬‫الجهم‬‫شاعرا‬
‫فصيحا‬..‫لكنه‬‫كان‬‫أعرابيا‬‫جلفا‬
‫ل‬‫يعرف‬‫من‬‫الحياة‬‫إل‬‫ما‬‫يراه‬
‫وكان‬‫المتوكل‬‫خليفة‬‫متمكنا‬..
‫يغدى‬ُ‫عليه‬‫ويراح‬‫بما‬‫يشتهي‬..
‫دخل‬‫علي‬‫بن‬‫الجهم‬‫بغداد‬‫يوما‬
‫فقيل‬‫له‬:‫إن‬‫من‬‫مدح‬‫الخليفة‬
‫حظي‬‫عنده‬‫ولقي‬‫منه‬‫العطيات‬
‫فاستبشر‬‫علي‬‫ويمم‬‫جهة‬‫قصر‬
‫الخلفة‬..
‫دخل‬‫على‬‫المتوكل‬..‫فرأى‬‫الشعراء‬
‫ينشدون‬‫ويربحون‬..
‫والمتوكل‬‫هو‬‫المتوكل‬..‫سطوة‬
‫وهيبة‬‫وجبروت‬..
‫فانطلق‬‫مادحا‬‫الخليفة‬‫بقصيدة‬
‫مطلعها‬:
‫يا‬‫أيها‬‫الخليفة‬..
‫أنت‬‫كالكلب‬‫في‬‫حفاظك‬‫للود‬..
‫وكالتيس‬‫في‬‫قراع‬‫الخطوب‬
‫أنت‬‫كالدلو‬‫ل‬‫عدمتك‬‫دلوا‬..‫من‬
‫كبار‬‫ل‬ْ ‫الد‬‫كثير‬‫الذنوب‬
‫ومضى‬‫يضرب‬‫للخليفة‬‫المثلة‬
‫بالتيس‬‫والعنز‬‫والبئر‬‫والتراب‬..
‫فثار‬‫الخليفة‬..‫وانتفض‬‫الحراس‬..
‫واستل‬‫السياف‬‫سيفه‬..‫وفرش‬
‫النطع‬..‫وتجهز‬‫للقتل‬.. ‫فأدرك‬‫الخليفة‬‫أن‬‫علي‬‫بن‬‫الجهم‬‫قد‬
‫غلبت‬‫عليه‬‫طبيعته‬..‫فأراد‬‫أن‬
‫يغيرها‬.. ‫فأمر‬‫به‬‫فأسكنوه‬‫في‬‫قصر‬‫منيف‬..
‫تغدو‬‫عليه‬‫أجمل‬‫الجواري‬‫وتروح‬‫يما‬
‫يلذ‬‫ويطيب‬.. ‫ذاق‬‫علي‬‫بن‬‫الجهم‬‫النعمة‬..‫واتكأ‬
‫على‬‫الرائك‬..‫وجالس‬‫أرق‬
‫الشعراء‬..‫وأغزل‬‫الدباء‬.. ‫ومكث‬‫على‬‫هذا‬‫الحال‬‫سبعة‬‫أشهر‬
‫ثم‬‫جلس‬‫الخليفة‬‫مجلس‬‫سمر‬‫ليلة‬..
‫فتذكر‬‫علي‬‫بن‬‫الجهم‬..‫فسأل‬‫عنه‬،
‫فدعوه‬‫له‬..‫فلما‬‫مثل‬‫بين‬‫يديه‬..
‫فانطلق‬‫منشدا‬‫قصيدة‬‫مطلعها‬:
‫عيون‬‫المها‬‫بين‬‫الرصافة‬‫والجسر‬..
‫جلبن‬‫الهوى‬‫من‬‫حيث‬‫أدري‬‫ول‬‫أدري‬
‫أعدن‬‫لي‬‫الشوق‬‫القديم‬‫ولم‬‫أكن‬..
‫سلوت‬‫ولكن‬‫زدن‬‫جمرا‬‫على‬‫جمر‬
‫ومضى‬‫يحرك‬‫المشاعر‬‫بأرق‬
16
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الكلمات‬..‫ثم‬‫شرع‬‫يصف‬
‫الخليفة‬‫بالشمس‬‫والنجم‬
‫والسيف‬.. ‫فانظر‬‫كيف‬‫استطاع‬‫الخليفة‬‫أن‬
‫يغير‬‫طباع‬‫ابن‬‫الجهم‬..
‫ونحن‬‫كم‬‫ضايقتنا‬‫طباع‬‫لولدنا‬
‫أو‬‫أصدقائنا‬‫فسعينا‬‫لتغييرها‬..
‫فغيرناها‬.. ‫فمن‬‫باب‬‫أولى‬‫أن‬‫تقدر‬‫أنت‬
‫على‬‫تغيير‬‫طباعك‬..‫فتقلب‬
‫العبوس‬‫تبسما‬..‫والغضب‬‫حلما‬
..‫والبخل‬‫كرما‬..‫وهذا‬‫ليس‬
‫صعبا‬..‫لكنه‬‫يحتاج‬‫إلى‬‫عزيمة‬ ‫ومن‬‫نظر‬‫في‬‫سيرة‬‫محمد‬r
‫وجد‬‫أنه‬‫كان‬‫يتعامل‬‫مع‬‫الناس‬
‫بقدرات‬‫أخلقية‬،‫ملك‬‫بها‬
‫ولم‬‫يكن‬r‫يتصنع‬‫هذه‬‫الخلق‬
‫أمام‬‫الناس‬..‫فإذا‬‫خل‬‫بأهل‬
‫بيته‬..‫انقلب‬‫حلمه‬‫غضبا‬..
‫ل‬..‫ما‬‫كان‬‫بساما‬‫مع‬‫الناس‬
‫عبوسا‬‫مع‬‫أهل‬‫بيته‬..
‫ول‬‫كريما‬‫مع‬‫الخلق‬‫إل‬‫مع‬‫ولده‬
‫وزوجه‬..
‫ل‬..‫بل‬‫كانت‬‫أخلقه‬‫سجية‬..
‫يتعبد‬‫لله‬‫تعالى‬‫بها‬..‫كما‬‫يتعبد‬
‫بصلة‬‫الضحى‬‫وقيام‬‫الليل‬.. ‫يحتسب‬‫ابتسامته‬‫قربة‬..‫قه‬َ ‫ورف‬
‫عبادة‬..‫وه‬َ ‫وعف‬‫نه‬َ ‫ولي‬‫حسنات‬..
‫إن‬‫من‬‫اعتبر‬‫حسن‬‫الخلق‬‫عبادة‬
..‫تحلى‬‫بها‬‫في‬‫جميع‬‫أحواله‬..
‫في‬‫سلمه‬‫وحربه‬..‫وجوعه‬
‫وشبعه‬..‫وصحته‬‫ومرضه‬..‫بل‬
‫نعم‬..‫كم‬‫من‬‫الزوجات‬‫تسمع‬
‫عن‬‫أخلق‬..‫وسعة‬ ‫زوجها‬‫صدره‬..
‫وابتسامته‬‫وكرمه‬..
‫ولكنها‬‫لم‬‫تر‬‫من‬‫ذلك‬‫شيئا‬..
‫فهو‬‫في‬‫بيته‬‫ئ‬َ ‫سي‬‫الخلق‬..‫ق‬َ ‫ضي‬
‫الصدر‬..‫س‬َ ‫عاب‬‫الوجه‬..‫صخابا‬
‫لعانا‬..‫ل‬ً ‫بخي‬‫ومنانا‬.. ‫أما‬‫هو‬r‫فهو‬‫الذي‬‫قال‬) :‫خيركم‬
‫ركم‬ُ ‫خي‬،‫لهله‬‫وأنا‬‫خيركم‬‫لهلي‬(
)6(
..‫وانظر‬‫كيف‬‫كان‬‫يتعامل‬‫مع‬‫أهله‬..
‫قال‬‫السود‬‫بن‬‫يزيد‬:‫سألت‬‫عائشة‬t
:‫ما‬‫كان‬‫رسول‬‫ا‬r‫يصنع‬‫في‬‫بيته‬
‫؟‬‫فقالت‬:‫يكون‬‫في‬‫مهنة‬‫أهله‬..‫فإذا‬
‫حضرت‬‫الصلة‬‫يتوضأ‬‫ويخرج‬‫للصلة‬
..‫وقل‬‫مثل‬‫ذلك‬‫مع‬‫الوالدين‬..‫فكم‬
‫هم‬‫أولئك‬‫الذين‬‫نسمع‬‫عن‬‫حسن‬
‫أخلقهم‬.. ‫وكرمهم‬‫وتبسمهم‬..‫وجميل‬
‫معاشرتهم‬‫للخرين‬..‫أما‬‫مع‬‫أقرب‬
‫الناس‬‫إليهم‬..‫وأعظم‬‫الناس‬‫حقا‬
‫عليهم‬..‫مع‬‫الوالدين‬‫فجفاء‬‫وهجر‬
‫نعم‬..‫خيركم‬‫خيركم‬‫لهله‬..
‫لوالديه‬..‫لزوجه‬..‫لخدمه‬..‫بل‬
‫ولطفاله‬.. ‫في‬‫يوم‬‫مليء‬‫بالمشاعر‬..‫يجلس‬
‫أبو‬‫ليلى‬t‫عند‬‫رسول‬‫ا‬e..‫فيأتي‬
‫الحسن‬‫أو‬‫الحسين‬‫يمشي‬‫إلى‬‫النبي‬
e..‫فيأخذه‬e..‫فيقعده‬‫على‬‫بطنه‬
..‫فبال‬‫الصغير‬‫على‬‫بطن‬‫رسول‬‫ا‬
‫قال‬:‫فوثبنا‬‫إليه‬..‫فقال‬e:‫دعوا‬
6
)(‫ماجة‬ ‫ابن‬ ‫رواه‬
17
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ابني‬..‫ل‬‫تفزعوا‬‫ابني‬..
‫فلما‬‫فرغ‬‫الصغير‬‫من‬‫بوله‬..‫دعا‬
e‫بماء‬‫فصبه‬‫عليه‬..)7(
‫فلله‬‫دره‬‫كيف‬‫تروضت‬‫نفسه‬
‫على‬‫هذه‬‫الخلق‬..‫فل‬‫عجب‬
‫إذن‬‫أن‬‫يملك‬‫قلوب‬‫الصغار‬
‫والكبار‬..
‫رأي‬..
‫بدل‬‫أن‬‫تسب‬‫الظلم‬..‫حاول‬
‫إصلح‬‫المصباح‬..
9.‫مع‬‫الفقراء‬..
‫عدد‬‫من‬‫الناس‬‫اليوم‬‫أخلقهم‬
‫تجارية‬..‫فالغني‬‫فقط‬‫هو‬‫الذي‬
‫تكون‬‫نكته‬‫طريفة‬‫فيضحكون‬
‫عند‬‫سماعها‬..‫وأخطاؤه‬‫صغيرة‬
..‫فيتغاضون‬‫عنها‬..
‫أما‬‫الفقراء‬‫فنكتهم‬‫ثقيلة‬..
‫يسخر‬‫بهم‬‫عند‬‫سماعها‬..
‫وأخطاؤهم‬‫جسيمة‬..‫يصرخ‬‫بهم‬
‫عند‬‫وقوعها‬..
‫أما‬‫رسول‬‫ا‬r‫فكان‬‫عطفه‬
‫على‬‫الغني‬‫والفقير‬‫سواء‬..
‫قال‬‫أنس‬t:
‫كان‬‫رجل‬‫من‬‫أهل‬‫البادية‬‫اسمه‬
‫زاهر‬‫بن‬‫حرام‬..
‫وكان‬‫ربما‬‫جاء‬‫المدينة‬‫في‬
‫حاجة‬‫فيهدي‬‫للنبي‬r‫من‬‫البادية‬
‫شيئا‬‫من‬‫إقط‬‫أو‬‫سمن‬..
‫يجهزه‬ُ ‫ف‬‫رسول‬‫ا‬r‫إذا‬‫أراد‬‫أن‬
‫يخرج‬‫إلى‬‫أهله‬‫بشيء‬‫من‬‫تمر‬
‫ونحوه‬..
‫وكان‬‫النبي‬r‫يحبه‬..‫وكان‬
‫يقول‬) :‫إن‬‫زاهرا‬‫باديتنا‬..
‫ونحن‬‫حاضروه‬..(‫وكان‬‫زاهرا‬
7
)‫رواه‬ (‫أحمد‬‫والطبراني‬.
‫دميما‬..
‫خرج‬‫زاهر‬t‫يوما‬‫من‬‫باديته‬..‫فأتى‬
‫بيت‬‫رسول‬‫ا‬r..‫فلم‬‫يجده‬..
‫وكان‬‫معه‬‫متاع‬‫فذهب‬‫به‬‫إلى‬
‫السوق‬..‫فلما‬‫علم‬‫به‬‫النبي‬
‫مضى‬‫إلى‬‫السوق‬‫يبحث‬‫عنه‬..
‫فأتاه‬‫فإذا‬‫هو‬‫يبيع‬‫متاعه‬..‫والعرق‬
‫يتصبب‬‫منه‬..‫وثيابه‬‫ثياب‬‫أهل‬
‫البادية‬‫بشكلها‬‫ورائحتها‬..
‫فاحتضنه‬r‫من‬‫ورائه‬،‫وزاهر‬‫ل‬
‫يبصره‬ُ..‫ول‬‫يدري‬‫من‬‫أمسكه‬..
‫ففزع‬‫زاهر‬‫وقال‬:‫أرسلني‬..‫من‬
‫هذا‬‫؟‬..
‫فسكت‬‫النبي‬‫عليه‬‫الصلة‬‫والسلم‬..
‫فحاول‬‫زاهر‬‫أن‬‫يتخلص‬‫من‬‫القبضة‬
..
‫وجعل‬‫يلتفت‬‫وراءه‬..‫فرأى‬‫النبي‬r
..‫فاطمأنت‬‫نفسه‬..‫وسكن‬‫فزعه‬..
‫وصار‬‫صق‬ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ ‫يل‬ُ‫ظهره‬‫بصدر‬‫النبي‬r..
‫حين‬‫عرفه‬..
‫فجعل‬‫النبي‬r‫يمازح‬‫زاهرا‬..
‫ويصيح‬‫بالناس‬‫يقول‬:‫من‬‫يشتري‬
‫العبد‬‫؟‬..‫من‬‫يشتري‬‫العبد‬‫؟‬..
‫فنظر‬‫زاهر‬‫في‬‫حاله‬..‫فإذا‬‫هو‬
‫فقير‬‫كسير‬..‫ل‬‫مال‬..‫ول‬‫جمال‬..
‫فقال‬:‫إذا‬‫وا‬‫تجدني‬‫كاسدا‬‫يا‬
‫رسول‬‫ا‬..
‫فقال‬r:‫لكن‬‫عند‬‫ا‬‫لست‬‫بكاسد‬..
‫أنت‬‫عند‬‫ا‬‫غال‬..
‫فل‬‫عجب‬‫أن‬‫تتعلق‬‫قلوب‬‫الفقراء‬‫به‬
‫وهو‬‫يملكهم‬‫بهذه‬‫الخلق‬..
‫كثير‬‫من‬‫الفقراء‬..‫قد‬‫ل‬‫يعيب‬‫على‬
‫الغنياء‬‫البخل‬‫عليه‬‫بالمال‬‫والطعام‬
..‫لكنه‬‫يجد‬‫عليهم‬‫بخلهم‬‫باللطف‬
‫وحسن‬‫المعاشرة‬..
‫وكم‬‫من‬‫فقير‬‫تبسمت‬‫في‬‫وجهه‬..
18
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وأشعرته‬‫بقيمته‬‫واحترامه‬..
‫فرفع‬‫في‬‫ظلمة‬‫الليل‬‫يدا‬‫داعية‬
..‫يستنزل‬‫بها‬‫لك‬‫الرحمات‬‫من‬
‫ورب‬‫أشعث‬‫أغبر‬‫ذي‬‫طمرين‬
‫مدفوع‬‫بالبواب‬‫ل‬‫يؤبه‬‫له‬..‫لو‬
‫أقسم‬‫على‬‫ا‬‫لبره‬.. ‫فكن‬‫دائم‬‫البشر‬‫مع‬‫هؤلء‬
‫الضعفاء‬..
‫إشارة‬..
‫لعل‬‫ابتسامة‬‫في‬‫وجه‬‫فقير‬..
‫ترفعك‬‫عند‬‫ا‬‫درجات‬..
10.‫النساء‬..
‫كان‬‫جدي‬‫يستشهد‬‫بمثل‬‫قديم‬:
"‫من‬‫غاب‬‫عن‬‫عنزه‬‫جابت‬‫تيس‬
.. "‫بمعنى‬‫أن‬‫من‬‫لم‬‫تجد‬‫عنده‬
‫زوجته‬..‫ما‬‫يشبع‬‫عاطفتها‬..
‫ويروي‬‫نفسها‬..‫فقد‬‫تحدثها‬
‫نفسها‬‫بالستجابة‬‫لغيره‬..‫ممن‬
‫وليس‬‫مقصودهم‬‫بهذا‬‫المثل‬
‫تشبيه‬‫الرجل‬‫والمرأة‬‫بالتيس‬
‫والعنز‬..‫معاذ‬‫ا‬.. ‫المرأة‬‫شقيقة‬‫الرجل‬..‫ولئن‬
‫كان‬‫ا‬‫قد‬‫وهب‬‫الرجل‬‫جسما‬
‫قويا‬..‫فقد‬‫وهبها‬‫عاطفة‬‫قوية‬
‫وكم‬‫رأينا‬‫سلطين‬‫الرجال‬
‫وشجعانهم‬‫تخور‬‫قواهم‬‫عند‬
‫قوة‬‫عاطفة‬‫امرأة‬.. ‫ومن‬‫مهارات‬‫التعامل‬‫مع‬‫المرأة‬
‫أن‬‫تعرف‬‫المفتاح‬‫الذي‬‫تؤثر‬‫من‬
‫خلله‬‫فيها‬..‫العاطفة‬..‫تقاتلها‬
‫كان‬‫النبي‬e‫يوصيك‬‫بالحسان‬‫إلى‬
‫المرأة‬..‫واحترام‬‫عاطفتها‬..‫لجل‬
‫أن‬‫تسعد‬‫معها‬.. ‫وأوصى‬‫الب‬‫بالحسان‬‫إلى‬‫بناته‬..
‫فقال‬) :‫من‬‫عال‬‫جاريتين‬‫حتى‬
‫تبلغا‬..‫جاء‬‫يوم‬‫القيامة‬‫أنا‬‫وهو‬
‫وأوصى‬‫بها‬‫أولدها‬‫فقال‬‫فإنه‬‫لما‬
‫سأله‬‫رجل‬‫فقال‬:‫من‬‫أحق‬‫الناس‬
‫بحسن‬‫صحابتي‬‫؟‬ ‫قال‬:‫أمك‬..‫ثم‬‫أمك‬..‫ثم‬‫أمك‬..‫ثم‬
‫أبوك‬..
)9(
‫بل‬‫أوصى‬r‫بالمرأة‬‫زوجها‬..‫م‬ّ ‫وذ‬
‫من‬‫غاضب‬‫زوجته‬‫أو‬‫أساء‬‫إليها‬..
‫وانظر‬‫إليه‬r‫وقد‬‫قام‬‫في‬‫حجة‬
‫الوداع‬..‫فإذا‬‫بين‬‫يديه‬‫ة‬ُ ‫مائ‬‫ألف‬
‫حاج‬..‫فيهم‬‫السود‬‫والبيض‬..‫والكبير‬
‫والصغير‬..‫والغني‬‫والفقير‬..
‫صاح‬r‫بهؤلء‬‫جميعا‬‫وقال‬‫لهم‬:
‫أل‬‫واستوصوا‬‫بالنساء‬‫خيرا‬..‫أل‬
‫واستوصوا‬‫بالنساء‬‫خيرا‬..
)10(
‫وفي‬‫يوم‬‫من‬‫اليام‬‫أطاف‬‫بأزواج‬
‫رسول‬‫ا‬r‫نساء‬‫كثير‬‫يشتكين‬
‫أزواجهن‬..‫فلما‬‫علم‬‫النبي‬r‫بذلك‬..
‫لقد‬‫طاف‬‫بآل‬‫محمد‬r‫نساء‬‫كثير‬
‫يشتكين‬‫أزواجهن‬..‫ليس‬‫أولئك‬
‫بخياركم‬..
)11(
‫وقال‬:
)‫ركم‬ُ ‫خي‬‫ركم‬ُ ‫خي‬‫لهله‬‫وأنا‬‫خيركم‬
8
)‫رواه‬ (‫مسلم‬
9
)‫متفق‬ (‫عليه‬
10
)‫رواه‬ (‫الترمذي‬‫ومسلم‬
11
)‫رواه‬ (‫أبو‬‫داود‬
19
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لهلي‬.. (
)12(
‫بل‬..‫قد‬‫بلغ‬‫من‬‫إكرام‬‫الدين‬
‫للمرأة‬..‫أنها‬‫كانت‬‫تقوم‬
‫الحروب‬..‫وتسحق‬‫الجماجم‬..
‫وتتطاير‬‫الرؤوس‬..‫لجل‬‫عرض‬
‫كان‬‫اليهود‬‫يساكنون‬‫المسلمين‬
‫في‬‫المدينة‬..
‫وكان‬‫يغيظهم‬‫ل‬ُ ‫نزو‬‫المر‬
‫بالحجاب‬..‫ر‬ُ ‫وتست‬‫المسلمات‬..
‫ويحاولون‬‫أن‬‫يزرعوا‬‫الفساد‬
‫والتكشف‬‫في‬‫صفوف‬‫المسلمات‬
‫وفي‬‫أحد‬‫اليام‬‫جاءت‬‫امرأة‬
‫مسلمة‬‫إلى‬‫سوق‬‫يهود‬‫بني‬
‫قينقاع‬.. ‫وكانت‬‫عفيفة‬‫متسترة‬..‫فجلست‬
‫إلى‬‫صائغ‬‫هناك‬‫منهم‬..
‫فاغتاظ‬‫اليهود‬‫من‬‫تسترها‬
‫وعفتها‬..‫وودوا‬‫لو‬‫يتلذذون‬
‫بالنظر‬‫إلى‬‫وجهها‬..‫أو‬‫سها‬ِ ‫لم‬
‫ث‬ِ ‫والعب‬‫بها‬..‫كما‬‫كانوا‬‫يفعلون‬
‫ذلك‬‫قبل‬‫إكرامها‬‫بالسلم‬..
‫فجعلوا‬‫يريدونها‬‫على‬‫كشف‬
‫فأبت‬..‫وتمنعت‬..
‫فغافلها‬‫الصائغ‬‫وهي‬‫جالسة‬..
‫وأخذ‬‫طرف‬‫ثوبها‬‫من‬‫السفل‬..
‫وربطه‬‫إلى‬‫طرف‬‫خمارها‬
‫فلما‬‫قامت‬..‫ارتفع‬‫ثوبها‬‫من‬
‫ورائها‬..‫وتكشفت‬‫أعضاؤها‬..
‫فضحك‬‫اليهود‬..‫منها‬ ‫فصاحت‬‫المسلمة‬‫العفيفة‬..
12
)‫رواه‬ (‫ابن‬‫ماجة‬‫والترمذي‬
‫وودت‬‫لو‬‫قتلوها‬‫ولم‬‫يكشفوا‬‫عورتها‬
..
‫فلما‬‫رأى‬‫ذلك‬‫رجل‬‫من‬‫المسلمين‬..
‫ل‬ّ ‫س‬‫سيفه‬..‫ووثب‬‫على‬‫الصائغ‬
‫فقتله‬..‫فشد‬‫اليهود‬‫على‬‫المسلم‬
‫فلما‬‫علم‬‫النبي‬r‫بذلك‬..‫وأن‬‫اليهود‬
‫قد‬‫نقضوا‬‫العـهد‬‫وتعرضوا‬
‫للمسلمات‬..‫حاصرهم‬..‫حتى‬
‫فلما‬‫أراد‬‫النبي‬r‫أن‬‫ينكل‬‫بهم‬..
‫ويثأر‬‫لعرض‬‫المسلمة‬‫العفيفة‬..
‫قام‬‫إليه‬‫جندي‬‫من‬‫جند‬‫الشيطان‬..
‫الذين‬‫ل‬‫يهمهم‬‫عرض‬‫المسلمات‬..
‫ول‬‫صيانة‬‫المكرمات‬..
‫وإنما‬‫هم‬‫أحدهم‬‫متعة‬‫بطنه‬‫وفرجه‬
..
‫قام‬‫رأس‬‫المنافقين‬..‫عبد‬‫ا‬‫بن‬
‫ي‬ّ ‫أب‬ُ‫ابن‬‫سلول‬..
‫فقال‬:‫يا‬‫محمد‬‫أحسن‬‫في‬‫موالي‬
‫اليهود‬‫وكانوا‬‫أنصاره‬‫في‬‫الجاهلية‬
‫فأعرض‬‫عنه‬‫النبي‬r..‫ـى‬َ ‫وأب‬..
‫إذ‬‫كيف‬‫يطلب‬‫العفو‬‫عن‬‫أقوام‬
‫يريدون‬‫أن‬‫تشيع‬‫الفاحشة‬‫في‬‫الذين‬
‫آمنوا‬!! ‫فقام‬‫المنافق‬‫مرة‬‫أخرى‬..‫وقال‬:
‫يا‬‫محمد‬‫أحسن‬‫إليهم‬..
‫فأعرض‬‫عنه‬‫النبي‬r..‫صيانة‬
‫لعرض‬‫المسلمات‬..‫وغيرة‬‫على‬
‫العفيفات‬.. ‫فغضب‬‫ذلك‬‫المنافق‬..‫وأدخل‬‫يده‬
‫في‬‫جيب‬‫درع‬‫النبي‬r..‫ره‬ّ ‫وج‬‫وهو‬
‫يردد‬:‫أحسن‬‫إلى‬‫ي‬ّ ‫موال‬..‫أحسن‬‫إلى‬
‫ي‬ّ ‫موال‬..
‫فغضب‬‫النبي‬r‫والتفت‬‫إليه‬‫وصاح‬‫به‬
20
‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وقال‬:‫أرسلني‬..
‫فأبى‬‫المنافق‬..‫وأخذ‬‫يناشد‬
‫النبي‬r‫العدول‬‫عن‬‫قتلهم‬..
‫فالتفت‬‫إليه‬‫النبي‬r‫وقال‬:
‫هم‬‫لك‬..
‫ثم‬‫عدل‬‫عن‬‫قتلهم‬..‫لكنه‬r
‫أخرجهم‬‫من‬‫المدينة‬..
‫ردهم‬ّ ‫وط‬‫من‬‫ديارهم‬.. ‫نعم‬‫المرأة‬‫العفيفة‬‫تستحق‬
‫أكثر‬‫من‬‫ذلك‬..
‫كانت‬‫خولة‬‫بنت‬‫ثعلبة‬t‫من‬
‫الصحابيات‬‫الصالحات‬..
‫وكان‬‫زوجها‬‫أوس‬‫بن‬‫الصامت‬
‫شيخا‬‫كبيرا‬‫يسرع‬‫إليه‬‫الغضب‬..
‫دخل‬‫عليها‬‫يوما‬‫راجعا‬‫من‬
‫مجلس‬‫قومه‬..‫فكلمها‬‫في‬
‫شيء‬‫فردت‬‫عليه‬..‫فتخاصما‬..
‫فغضب‬‫فقال‬:‫أنت‬‫علي‬‫كظهر‬
‫كانت‬‫هذه‬‫الكلمة‬‫في‬‫الجاهلية‬
‫إذا‬‫قالها‬‫الرجل‬‫لزوجته‬‫صارت‬
‫طلقا‬..‫أما‬‫في‬‫السلم‬‫فل‬
‫رجع‬‫أوس‬‫إلى‬‫بيته‬..‫فإذا‬
‫امرأته‬‫تتباعد‬‫عنه‬..
‫وقالت‬‫له‬:‫والذي‬‫نفس‬‫خويلة‬
‫بيده‬‫ل‬‫تخلص‬‫إلي‬‫وقد‬‫قلت‬‫ما‬
‫قلت‬..‫حتى‬‫يحكم‬‫ا‬‫ورسوله‬
‫ثم‬‫خرجت‬‫خولة‬‫إلى‬‫رسول‬‫ا‬
e‫فذكرت‬‫له‬‫ما‬‫تلقى‬‫من‬‫زوجها‬
..‫وجعلت‬‫تشكو‬‫إليه‬‫ما‬‫سوء‬
‫فجعل‬‫رسول‬‫ا‬e‫يصبرها‬
‫ويقول‬:‫يا‬‫خويلة‬‫ابن‬‫عمك‬..
‫شيخ‬‫كبير‬..‫فاتقي‬‫ا‬‫فيه‬..
‫وهي‬‫تدافع‬‫عبراتها‬‫وتقول‬:‫يا‬
‫رسول‬‫ا‬..‫أكل‬‫شبابي‬..‫ونثرت‬‫له‬
‫بطني‬..‫حتى‬‫إذا‬‫كبرت‬‫سني‬..
‫وانقطع‬‫ولدي‬..‫ظاهر‬‫مني‬..‫اللهم‬
‫وهو‬e‫ينتظر‬‫أن‬‫ينزل‬‫ا‬‫تعالى‬
‫فيهما‬‫حكما‬‫من‬‫عنده‬..
‫فبينما‬‫خولة‬‫عند‬‫رسول‬‫ا‬e‫إذ‬
‫هبط‬‫جبريل‬‫من‬‫السماء‬‫على‬‫رسول‬
‫ا‬e.. ‫بقرآن‬‫فيه‬‫حكمها‬‫وحكم‬‫زوجها‬..
‫فالتفت‬e‫إليها‬‫وقال‬:‫يا‬‫خويلة‬..
‫قد‬‫أنزل‬‫فيك‬‫وفي‬‫صاحبك‬‫قرآنا‬..
‫ثم‬‫قرأ‬"‫قد‬‫سمع‬‫ا‬‫قول‬‫التي‬
‫تجادلك‬‫في‬‫زوجها‬‫وتشتكي‬‫إلى‬‫ا‬
‫وا‬‫يسمع‬‫تحاوركما‬‫إن‬‫ا‬‫سميع‬
‫ثم‬‫قال‬‫لها‬e‫مريه‬ُ‫فليعتق‬‫رقبة‬..
‫فقالت‬:‫يا‬‫رسول‬‫ا‬..‫ما‬‫عنده‬‫ما‬
‫يعتق‬..
‫قال‬:‫فليصم‬‫شهرين‬‫متتابعين‬..
‫قالت‬:‫وا‬‫إنه‬‫لشيخ‬‫كبير‬‫ما‬‫له‬‫من‬
‫صيام‬..
‫قال‬:‫فليطعم‬‫ستين‬‫مسكينا‬‫وسقا‬
‫من‬‫تمر‬..
‫قالت‬:‫يا‬‫رسول‬‫ا‬..‫ما‬‫ذاك‬‫عنده‬
..
‫فقال‬e:‫فإنا‬‫سنعينه‬‫بعرق‬‫من‬
‫تمر‬..
‫قالت‬:‫وا‬‫يا‬‫رسول‬‫ا‬..‫أنا‬
‫سأعينه‬‫بعرق‬‫آخر‬..
‫فقال‬e:‫قد‬‫أصبت‬‫وأحسنت‬..
‫فاذهبي‬‫فتصدقي‬‫به‬‫عنه‬..‫ثم‬
‫استوصي‬‫بابن‬‫عمك‬‫خيرا‬..
)13(
13
)‫رواه‬ (‫أحمد‬‫وأبو‬‫داود‬،‫صحيح‬.
21
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع
استمتع

More Related Content

More from Wasiem A. El Abd (12)

Vc
VcVc
Vc
 
Pba Show
Pba ShowPba Show
Pba Show
 
EGY ISEF AR
EGY ISEF AREGY ISEF AR
EGY ISEF AR
 
Intel Teach Programs Overview
Intel Teach Programs OverviewIntel Teach Programs Overview
Intel Teach Programs Overview
 
Zolan
ZolanZolan
Zolan
 
The.100 .Brain.Course
The.100 .Brain.CourseThe.100 .Brain.Course
The.100 .Brain.Course
 
Kids Intelligence
Kids IntelligenceKids Intelligence
Kids Intelligence
 
1209996873
12099968731209996873
1209996873
 
مهارات
مهاراتمهارات
مهارات
 
تلخيص
تلخيصتلخيص
تلخيص
 
تعلم
تعلمتعلم
تعلم
 
الرؤية
الرؤيةالرؤية
الرؤية
 

استمتع

  • 1. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫كتاب‬: ‫ع‬ْ ‫تـ‬ِ ‫سـتـمـ‬ْ ‫ا‬ِ ‫ـك‬ِ ‫ـيـات‬َ ‫ـح‬ِ ‫ب‬ ‫مهارات‬‫وفنون‬‫التعامل‬‫مع‬‫الناس‬‫في‬‫ظل‬‫السيرة‬‫النبوية‬ ‫حصيلة‬‫بحوث‬‫ودورات‬‫وذكريات‬‫أكثر‬‫من‬‫عشرين‬‫سنة‬ ‫د‬ْ ‫ق‬َ ‫ل‬َ‫ن‬َ ‫كا‬َ‫م‬ْ ‫ك‬ُ ‫ل‬َ‫في‬ِ‫ل‬ِ ‫سو‬ُ ‫ر‬َ‫ه‬ِ ‫ل‬ّ ‫ال‬‫ة‬ٌ ‫و‬َ ‫س‬ْ ‫أ‬ُ ‫ة‬ٌ ‫ن‬َ ‫س‬َ ‫ح‬َ ‫بقلم‬. /‫محمد‬ ‫د‬‫بن‬‫عبد‬‫رحمن‬ّ ‫ال‬ ‫العريفي‬ ‫أستاذ‬‫جامعي‬،‫خطيب‬‫جامع‬‫البواردي‬‫بالرياض‬ ‫محاضر‬‫معتمد‬‫لدورات‬‫السعادة‬‫وفن‬‫التعامل‬‫مع‬‫الناس‬ ‫عضو‬‫الهيئة‬‫العليا‬‫للعلم‬‫السلمي‬ ‫مدير‬‫عام‬‫مركز‬‫ناصح‬‫للدراسات‬‫والستشارات‬‫الجتماعية‬ 6/2/1427‫هـ‬‫الموافق‬6/3/2006‫م‬ ‫تنبيه‬‫هام‬‫جدا‬:‫هذه‬‫النسخة‬ ‫ليست‬‫للتصوير‬‫ول‬‫للنشر‬، ‫فأرجو‬‫مراعاة‬‫ذلك‬،‫وفق‬‫ا‬ 1
  • 2. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫مقدمة‬ ‫لما‬‫كنت‬‫في‬‫السادسة‬‫عشرة‬‫من‬ ‫عمري‬‫وقع‬‫في‬-‫كتاب‬ ‫يدي‬"‫فن‬ ‫التعامل‬‫مع‬‫الناس‬"‫لمؤلفه‬" ‫دايل‬‫كارنيجي‬"‫كان‬‫كتابا‬‫رائعا‬ ‫كان‬‫كاتبه‬‫اقترح‬‫أن‬‫يعيد‬ ‫الشخص‬‫قراءته‬‫كل‬‫شهر‬.. ‫ففعلت‬‫ذلك‬..‫جعلت‬‫أطبق‬ ‫قواعده‬‫عند‬‫تعاملي‬‫مع‬‫الناس‬ ‫كان‬‫كارنيجي‬‫يسوق‬‫القاعدة‬ ‫ويذكر‬‫تحتها‬‫أمثلة‬‫ووقائع‬‫لرجال‬ ‫تميزوا‬‫من‬‫قومه‬..‫روزفلت‬.. ‫لنكولن‬..‫جوزف‬..‫مايك‬.. ‫فبحثت‬‫في‬‫تاريخنا‬‫فرأيت‬‫أن‬ ‫في‬‫سيرة‬‫رسول‬‫ا‬e‫وأصحابه‬ ‫ومواقف‬‫المتميزين‬‫من‬‫رجال‬ ‫فهذا‬‫الكتاب‬‫الذي‬‫بين‬‫يديك‬‫ليس‬ ‫وليد‬‫شهر‬‫أو‬‫سنة‬.. ‫بل‬‫هو‬‫نتيجة‬‫دراسات‬‫قمت‬‫بها‬ ‫لمدة‬‫عشرين‬‫عاما‬.. ‫ومع‬‫أن‬‫ا‬‫تعالى‬‫قد‬‫ن‬ّ ‫م‬‫ي‬ّ ‫عل‬ ‫بتأليف‬‫قرابة‬‫العشرين‬‫عنوانا‬ ‫إلى‬‫الن‬..‫إل‬‫أني‬‫أجد‬‫أن‬‫أحب‬ ‫كتبي‬‫ي‬ّ ‫إل‬‫وأغلها‬‫إلى‬‫قلبي‬.. ‫وأكثرها‬‫فائدة‬‫عملية‬-‫فيما‬ ‫كتبت‬‫كلماته‬‫بمداد‬‫خلطته‬‫بدمي‬ ..‫سكبت‬‫روحي‬‫بين‬‫أسطره‬.. ‫عصرت‬‫ذكرياتي‬‫فيه‬.. ‫جعلتها‬‫كلمات‬‫من‬‫القلب‬‫إلى‬ ‫القلب‬.. ‫وأقسم‬‫أنها‬‫خرجت‬‫من‬‫قلبي‬ ‫مشتاقة‬‫أن‬‫يكون‬‫مستقرها‬‫قلبك‬.. ‫فرحماك‬‫بها‬.. ‫ما‬‫أعظم‬‫سروري‬‫لو‬‫علمت‬‫أن‬‫قارئا‬ ‫أو‬‫قارئة‬‫لهذه‬‫الورقات‬‫طبق‬‫ما‬‫فيه‬ ..‫فشعر‬‫وشعر‬‫غيره‬‫بتطور‬‫مهاراته‬ ‫فسطر‬‫بيمينه‬‫الطاهرة‬–‫مشكورا‬- ‫رسالة‬‫عبر‬‫فيها‬‫عن‬‫رأيه‬..‫ور‬ّ ‫وص‬ ‫مشاعره‬‫بصدق‬‫وصراحة‬..‫ثم‬ ‫أرسلها‬‫عبر‬‫بريد‬‫أو‬‫رسالة‬‫جوال‬sms ‫إلى‬‫كاتب‬‫هذه‬‫السطور‬..‫لكون‬ ‫أسأل‬‫ا‬‫أن‬‫ينفع‬‫بهذه‬‫الورقات‬.. ‫وأن‬‫يجعلها‬‫خالصة‬‫لوجهه‬‫الكريم‬.. ‫كتبه‬‫الداعي‬‫لك‬/‫بالخير‬ .‫محمد‬ ‫د‬‫بن‬‫عبد‬‫الرحمن‬‫العريفي‬ ‫بداية‬.. ‫ليست‬‫الغاية‬‫أن‬‫تقرأ‬‫كتابا‬..‫بل‬ ‫الغاية‬‫أن‬‫تستفيد‬‫منه‬.. 1.‫هؤلء‬‫لن‬‫يستفيدوا‬.. ‫أذكر‬‫أن‬‫رسالة‬‫جاءتني‬‫على‬‫هاتفي‬ ‫المحمول‬..‫نصها‬:‫فضيلة‬‫الشيخ‬.. ‫ما‬‫حكم‬‫النتحار‬‫؟‬ ‫فاتصلت‬‫بالسائل‬‫فأجاب‬‫شاب‬‫في‬ ‫عمر‬‫الزهور‬..‫قلت‬‫له‬:‫عفوا‬‫لم‬ ‫أفهم‬‫سؤالك‬..‫أعد‬‫السؤال‬! ‫فأجاب‬‫بكل‬‫تضجر‬:‫السؤال‬‫واضح‬ ..‫ما‬‫حكم‬‫النتحار‬.. ‫فأردت‬‫أن‬‫أفاجئه‬‫بجواب‬‫ل‬‫يتوقعه‬ ‫فضحكت‬‫وقلت‬:‫مستحب‬.. ‫صرخ‬:‫ماذا‬!‫؟‬ ‫قلت‬:‫أقول‬‫لك‬:‫حكم‬‫النتحار‬‫أنه‬ ‫مستحب‬.. ‫لكن‬‫ما‬‫رأيك‬‫أن‬‫نتعاون‬‫في‬‫تحديد‬ 2
  • 3. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫الطريقة‬‫التي‬‫تنتحر‬‫بها‬..‫؟‬ ‫سكت‬‫الشاب‬.. ‫فقلت‬:‫طيب‬..‫لماذا‬‫تريد‬‫أن‬ ‫تنتحر‬‫؟‬ ‫قال‬:‫لني‬‫ما‬‫وجدت‬‫وظيفة‬.. ‫والناس‬‫ما‬‫يحبونني‬..‫ل‬ً ‫وأص‬‫أنا‬ ‫إنسان‬‫فاشل‬..‫و‬.. ‫وانطلق‬‫يروي‬‫لي‬‫قصة‬‫مطولة‬ ‫تحكي‬‫فشله‬‫في‬‫تطوير‬‫ذاته‬.. ‫وعدم‬‫استعداده‬‫للستفادة‬‫بما‬ ‫وهذه‬‫آفة‬‫عند‬‫الكثيرين‬.. ‫لماذا‬‫ينظر‬‫أحدنا‬‫إلى‬‫نفسه‬ ‫نظرة‬‫دونية‬‫؟‬ ‫لماذا‬‫يلحظ‬‫ببصره‬‫إلى‬‫الواقفين‬ ‫على‬‫قمة‬‫الجبل‬‫ويرى‬‫نفسه‬‫أقل‬ ‫من‬‫أن‬‫يصل‬‫إلى‬‫القمة‬‫كما‬ ‫وصلوا‬..‫أو‬‫على‬‫القل‬‫أن‬‫يصعد‬ ‫ومن‬‫يتهيب‬‫صعود‬‫الجبال‬*** ‫يعش‬‫أبد‬‫الدهر‬‫بين‬‫الحفر‬ ‫تدري‬‫من‬‫الذي‬‫لن‬‫يستفيد‬‫من‬ ‫هذا‬‫الكتاب‬،‫ول‬‫من‬‫أي‬‫كتاب‬ ‫آخر‬‫من‬‫كتب‬‫المهارات‬!‫؟‬ ‫إنه‬‫الشخص‬‫المسكين‬‫الذي‬ ‫استسلم‬‫لخطائه‬‫وقنع‬‫بقدراته‬، ‫وقال‬:‫هذا‬‫طبعي‬‫الذي‬‫نشأت‬ ‫عليه‬..‫وتعودت‬‫عليه‬،‫ول‬‫يمكن‬ ‫أن‬‫أغير‬‫طريقتي‬..‫والناس‬ ‫أما‬‫أن‬‫أكون‬‫مثل‬‫خالد‬‫في‬ ‫طريقة‬‫إلقائه‬..‫أو‬‫أحمد‬‫في‬ ‫بشاشته‬..‫أو‬‫زياد‬‫في‬‫محبة‬ ‫فهذا‬‫محال‬.. ‫جلست‬‫يوما‬‫مع‬‫شيخ‬‫كبير‬‫بلغ‬ ‫من‬‫الكبر‬‫عتيا‬..‫في‬‫مجلس‬‫عام‬ ،‫كل‬‫من‬‫فيه‬‫عوام‬‫متواضعو‬ ‫القدرات‬.. ‫وكان‬‫الشيخ‬‫يتجاذب‬‫أحاديث‬‫عامة‬ ‫مع‬‫من‬‫بجانبه‬.. ‫لم‬‫يكن‬‫يمثل‬‫بالنسبة‬‫لمن‬‫في‬ ‫المجلس‬‫إل‬‫واحدا‬‫منهم‬‫له‬‫حق‬ ‫الحترام‬‫لكبر‬‫سنه‬..‫فقط‬.. ‫ألقيت‬‫كلمة‬‫يسيرة‬..‫ذكرت‬‫خللها‬ ‫فتوى‬‫للشيخ‬‫العلمة‬‫عبد‬‫العزيز‬‫بن‬ ‫باز‬..‫ا‬‫فلم‬‫انتهيت‬..‫قال‬‫لي‬‫الشيخ‬ ‫مفتخرا‬:‫أنا‬‫والشيخ‬‫ابن‬‫باز‬‫كنا‬ ‫زملء‬‫ندرس‬‫في‬‫المسجد‬‫عند‬‫الشيخ‬ ‫التفت‬‫أنظر‬‫إليه‬..‫فإذا‬‫هو‬‫قد‬ ‫انبلجت‬‫أساريره‬‫لهذه‬‫المعلومة‬.. ‫كان‬‫فرحا‬‫جدا‬‫لنه‬‫صاحب‬‫ل‬ً ‫رج‬ ‫بينما‬‫جعلت‬‫أردد‬‫في‬‫نفسي‬:‫ولماذا‬ ‫يا‬‫مسكين‬‫ما‬‫صرت‬‫ناجحا‬‫مثل‬‫ابن‬ ‫باز‬‫؟‬ ‫ما‬‫دام‬‫أنك‬‫عرفت‬‫الطريق‬‫لماذا‬‫لم‬ ‫تواصل‬..‫؟‬ ‫لماذا‬‫يموت‬‫ابن‬‫باز‬‫فتبكي‬‫عليه‬ ‫المنابر‬..‫والمحاريب‬..‫والمكتبات‬ ..‫وتئن‬‫أقوام‬‫لفقده‬.. ‫وأنت‬‫ستموت‬‫يوما‬‫من‬‫الدهر‬.. ‫ولعله‬‫ل‬‫يبكي‬‫عليك‬‫أحد‬..‫إل‬ ‫مجاملة‬..‫أو‬‫عادة‬!!.. ‫كلنا‬‫قد‬‫نقول‬‫يوما‬‫من‬‫اليام‬.. ‫عرفنا‬‫فلنا‬..‫وزاملنا‬‫فلنا‬.. ‫وجالسنا‬‫فلنا‬!! ‫وليس‬‫هذا‬‫هو‬‫الفخر‬..‫إنما‬‫الفخر‬ ‫أن‬‫تشمخ‬‫فوق‬‫القمة‬‫كما‬‫شمخ‬.. ‫فكن‬‫ل‬ً ‫بط‬‫واعزم‬‫من‬‫الن‬‫أن‬‫تطبق‬ ‫ما‬‫تقتنع‬‫بنفعه‬‫من‬‫قدرات‬..‫كن‬ ‫ناجحا‬.. 3
  • 4. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫اقلب‬‫عبوسك‬‫ابتسامة‬..‫وكآبتك‬ ‫بشاشة‬..‫وبخلك‬‫كرما‬.. ‫وغضبك‬‫حلما‬.. ‫اجعل‬‫المصائب‬‫أفراحا‬.. ‫واليمان‬‫سلحا‬.. ‫استمتع‬..‫فالحياة‬ ‫بحياتك‬‫قصيرة‬ ‫ل‬‫وقت‬‫فيها‬..‫للغم‬ ‫أما‬‫كيف‬‫تفعل‬‫ذلك‬..‫فهذا‬‫ما‬ ‫ألفت‬‫الكتاب‬‫لجله‬ ‫كن‬‫معي‬‫وسنصل‬‫إلى‬‫الغاية‬ ‫بإذن‬‫ا‬.. ‫بقي‬‫معنا‬.. ‫البطل‬‫الذي‬‫لديه‬‫العزيمة‬ ‫والصرار‬‫على‬‫أن‬‫يطور‬‫مهاراته‬ ..‫ويستفيد‬‫من‬‫قدراته‬.. 2.‫ماذا‬‫سنتعلم‬‫؟‬ ‫يشترك‬‫الناس‬‫غالبا‬‫في‬‫أسباب‬ ‫الحزن‬‫والفرح‬.. ‫فهم‬‫جميعا‬‫يفرحون‬‫إذا‬‫كثرت‬ ‫أموالهم‬.. ‫ويفرحون‬‫إذا‬‫ترقوا‬‫في‬‫أعمالهم‬ .. ‫ويفرحون‬‫إذا‬‫شفوا‬‫من‬ ‫أمراضهم‬.. ‫ويفرحون‬‫إذا‬‫ابتسمت‬‫الدنيا‬‫لهم‬ ..‫فتحققت‬‫لهم‬‫مراداتهم‬.. ‫وفي‬‫الوقت‬‫نفسه‬..‫هم‬‫جميعا‬ ‫يحزنون‬‫إذا‬‫افتقروا‬..‫ويحزنون‬ ‫إذا‬‫مرضوا‬..‫ويحزنون‬‫إذا‬ ‫فما‬‫دام‬‫ذلك‬‫كذلك‬..‫فتعال‬ ‫نبحث‬‫عن‬‫طرق‬‫نديم‬‫فيها‬ ‫أفراحنا‬..‫ونتغلب‬‫بها‬‫على‬ ‫نعم‬..‫سنة‬‫الحياة‬‫أن‬‫يتقلب‬ ‫المرء‬‫بين‬‫ة‬ٍ ‫حلو‬ُ‫ة‬ٍ ‫مر‬ُ ‫و‬..‫أنا‬ ‫معك‬‫في‬‫هذا‬.. ‫ولكن‬‫لماذا‬‫نعطي‬‫المصائب‬ ‫والحزان‬‫في‬‫أحيان‬‫كثيرة‬‫أكبر‬‫من‬ ‫حجمها‬..‫فنغتم‬‫أياما‬..‫مع‬‫إمكاننا‬ ‫أن‬‫نجعل‬‫غمنا‬‫ساعة‬..‫ونحزن‬ ‫ساعات‬‫على‬‫ما‬‫ل‬‫يستحق‬‫الحزن‬.. ‫أعلم‬‫أن‬‫الحزن‬‫والغم‬‫يهجمان‬‫على‬ ‫القلب‬‫ويدخلنه‬‫من‬‫غير‬‫استئذان‬.. ‫ولكن‬‫كل‬‫باب‬‫هم‬‫يفتح‬‫فهناك‬‫ألف‬ ‫طريقة‬‫لغلقه‬..‫هذا‬‫مما‬‫سنتعلمه‬ ‫تعال‬‫إلى‬‫شيء‬‫آخر‬.. ‫كم‬‫نرى‬‫من‬‫الناس‬‫المحبوبين‬.. ‫الذين‬‫يفرح‬‫الخرون‬‫بلقائهم‬.. ‫ويأنسون‬‫بمجالستهم‬..‫أفلم‬‫تفكر‬ ‫لماذا‬‫ترضى‬‫أن‬‫تبقى‬‫دائما‬‫جـبا‬َ ‫مع‬) ‫بفتح‬‫الجيم‬(‫ول‬‫تسعى‬‫لن‬‫تكون‬ ‫جـبا‬ِ ‫مع‬)‫بكسرها‬!! ( ‫هنا‬‫سنتعلم‬‫كيف‬‫تصبح‬‫كذلك‬.. ‫لماذا‬‫إذا‬‫تكلم‬‫ابن‬‫عمك‬‫في‬ ‫المجلس‬‫أنصت‬‫له‬‫الناس‬‫وملك‬ ‫أسماعهم‬..‫وأعجبوا‬‫بأسلوب‬‫كلمه‬ ‫وإذا‬‫تكلمت‬‫أنت‬‫انصرفوا‬‫عنك‬.. ‫وتنازعتهم‬‫الحاديث‬‫الجانبية‬!‫؟‬ ‫لماذا‬‫؟‬ ‫مع‬‫أن‬‫معلوماتك‬‫قد‬‫تكون‬‫أكثر‬.. ‫وشهادتك‬‫أعلى‬..‫ومنصبك‬‫أرفع‬.. ‫لماذا‬‫إذن‬‫استطاع‬‫ملك‬‫أسماعهم‬ ‫وعجزت‬‫أنت‬!!‫؟‬ ‫لماذا‬‫ذاك‬‫الب‬‫يحبه‬‫أولده‬ ‫ويفرحون‬‫بمرافقته‬‫في‬‫كل‬‫ذهاب‬ ‫ومجيء‬..‫وآخر‬‫ل‬‫يزال‬‫يلتمس‬‫من‬ ‫أولده‬‫مرافقته‬‫وهم‬‫يعتذرون‬ 4
  • 5. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫كلهما‬‫أب‬!!‫؟‬ ‫ولماذا‬..‫ولماذا‬.. ‫سنتعلم‬‫هنا‬‫كيفية‬‫الستمتاع‬ ‫بالحياة‬.. ‫أساليب‬‫جذب‬‫الناس‬..‫والتأثير‬ ‫فيهم‬.. ‫تحمل‬‫أخطائهم‬.. ‫التعامل‬‫مع‬‫أصحاب‬‫الخلقيات‬ ‫المؤذية‬.. ‫إلى‬‫غير‬‫ذلك‬..‫فمرحبا‬‫بك‬.. ‫كلمة‬.. ‫ليس‬‫النجاح‬‫أن‬‫تكتشف‬‫ما‬‫يحب‬ ‫الخرون‬..‫إنما‬‫النجاح‬‫أن‬ ‫تمارس‬‫مهارات‬‫تكسب‬‫بها‬ 3.‫لماذا‬‫نبحث‬‫عن‬‫المهارات؟‬ ‫زرت‬‫إحدى‬‫المناطق‬‫الفقيرة‬ ‫للقاء‬‫محاضرة‬.. ‫جاءني‬‫بعدها‬‫أحد‬‫المدرسين‬ ‫القادمين‬‫من‬‫خارج‬‫المنطقة‬.. ‫قال‬‫لي‬:‫نود‬‫أن‬‫تساعدنا‬‫في‬ ‫كفالة‬‫بعض‬‫الطلب‬.. ‫قلت‬:‫عجبا‬!!‫أليست‬‫المدارس‬ ‫حكومية‬..‫مجانية‬!‫؟‬ ‫قال‬:‫بلى‬..‫لكننا‬‫نكفلهم‬ ‫للدراسة‬‫الجامعية‬.. ‫قلت‬:‫كذلك‬‫الجامعة‬..‫أليست‬ ‫حكومية‬..‫بل‬‫تصرف‬‫للطلب‬ ‫مكافآت‬.. ‫قال‬:‫سأشرح‬‫لك‬‫القصة‬.. ‫قلت‬:‫ت‬ِ ‫ها‬.. ‫قال‬:‫يتخرج‬‫من‬‫الثانوية‬‫عندنا‬ ‫طلب‬‫نسبتهم‬‫المئوية‬‫ل‬‫تقل‬‫عن‬ 99.. %‫يملك‬‫من‬‫الذكاء‬ ‫فإذا‬‫تخرج‬‫وعزم‬‫أن‬‫يسافر‬‫خارج‬ ‫قريته‬‫ليدرس‬‫في‬‫الطب‬‫أو‬‫الهندسة‬ ..‫أو‬‫الشريعة‬..‫أو‬‫الكمبيوتر‬..‫أو‬ ‫غيرها‬..‫منعه‬‫أبوه‬‫وقال‬:‫يكفي‬‫ما‬ ‫تعلمت‬..‫فاجلس‬‫عندي‬‫لرعي‬‫الغنم‬ ‫صرخت‬‫من‬‫غير‬‫شعور‬:‫رعي‬‫غنم‬!! ‫قال‬:‫نعم‬..‫رعي‬‫غنم‬.. ‫ل‬ً ‫وفع‬‫يجلس‬‫المسكين‬‫عند‬‫أبيه‬ ‫يرعى‬‫الغنم‬..‫وتموت‬‫هذه‬‫القدرات‬ ‫والمهارات‬..‫وتمضي‬‫عليه‬‫السنين‬ ‫بل‬‫قد‬‫يتزوج‬..‫ويرزق‬‫بأولد‬.. ‫ويمارس‬‫معهم‬‫أسلوب‬‫أبيه‬.. ‫فيرعون‬‫الغنم‬!! ‫قلت‬! :‫والحل؟‬ ‫قال‬:‫الحل‬‫أننا‬‫نقنع‬‫الب‬‫باستخدام‬ ‫راعي‬‫غنم‬..‫ببضع‬‫مئات‬‫من‬ ‫الريالت‬..‫ندفعها‬‫نحن‬‫له‬..‫وولده‬ ‫النابغة‬‫يستثمر‬‫مواهبه‬‫وقدراته‬.. ‫ونتكفل‬‫بمصاريف‬‫الولد‬‫أيضا‬‫حتى‬ ‫ثم‬‫خفض‬‫هذه‬‫المدرس‬‫رأسه‬.. ‫وقال‬:‫حرام‬‫أن‬‫تموت‬‫المواهب‬ ‫والقدرات‬‫في‬‫صدور‬‫أصحابها‬.. ‫تفكرت‬‫في‬‫كلمه‬‫بعدها‬..‫فرأيت‬ ‫أننا‬‫ل‬‫يمكن‬‫أن‬‫نصل‬‫إلى‬‫القمة‬‫إل‬ ‫بممارسة‬‫مهارات‬..‫أو‬‫اكتساب‬ ‫نعم‬.. ‫أتحدى‬‫أن‬‫تجد‬‫أحدا‬‫من‬‫الناجحين‬.. ‫سواء‬‫في‬‫علم‬..‫أو‬‫دعوة‬..‫أو‬ ‫خطابة‬..‫أو‬‫تجارة‬..‫أو‬‫طب‬..‫أو‬ ‫أو‬‫الناجحين‬‫أسريا‬..‫كأب‬‫ناجح‬‫مع‬ ‫أولده‬..‫أو‬‫زوجة‬‫ناجحة‬‫مع‬‫زوجها‬ 5
  • 6. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ .. ‫أو‬‫اجتماعيا‬..‫كالناجح‬‫مع‬ ‫جيرانه‬‫وزملئه‬.. ‫أعني‬‫الناجحين‬..‫ول‬‫أعني‬ ‫الصاعدين‬‫على‬‫أكتاف‬‫الخرين‬ !!..‫أتحدى‬‫أن‬‫تجد‬‫أحدا‬‫من‬‫هؤلء‬ ‫بلغ‬‫مرتبة‬‫في‬‫النجاح‬..‫إل‬‫وهو‬ ‫يمارس‬‫مهارات‬‫معينة‬–‫شعر‬‫أو‬ ‫لم‬‫يشعر‬-‫استطاع‬‫بها‬‫أن‬‫يصل‬ ‫قد‬‫يمارس‬‫بعض‬‫الناس‬‫مهارات‬ ‫ناجحة‬‫بطبيعته‬..‫وقد‬‫يتعلم‬ ‫آخرون‬‫مهارات‬‫فيمارسونها‬.. ‫نحن‬‫هنا‬‫نبحث‬‫عن‬‫هؤلء‬ ‫الناجحين‬..‫وندرس‬‫حياتهم‬.. ‫ونراقب‬‫طريقتهم‬..‫لنعرف‬‫كيف‬ ‫نجحوا‬‫؟‬‫وهل‬‫يمكن‬‫أن‬‫نسلك‬ ‫استمعت‬‫قبل‬‫فترة‬‫إلى‬‫مقابلة‬ ‫مع‬‫أحد‬‫أثرياء‬‫العالم‬‫الشيخ‬ ‫سليمان‬‫بن‬‫عبد‬‫ا‬‫الراجحي‬.. ‫رجل‬‫يملك‬‫المليارات‬..‫آلف‬ ‫العقارات‬..‫بنى‬‫مئات‬‫المساجد‬ ..‫كفل‬‫آلف‬‫اليتام‬.. ‫رجل‬‫في‬‫قمة‬‫النجاح‬.. ‫تكلم‬‫عن‬‫بداياته‬‫قبل‬‫خمسين‬ ‫سنة‬..‫كان‬‫من‬‫عامة‬‫الناس‬.. ‫ل‬‫يكاد‬‫يملك‬‫إل‬‫قوت‬‫يومه‬‫وربما‬ ‫ذكر‬‫أنه‬‫ربما‬‫نظف‬‫بيوت‬‫بعض‬ ‫الناس‬‫ليكسب‬‫رزقه‬..‫وربما‬ ‫واصل‬‫ليله‬‫بنهاره‬‫ل‬ً ‫عام‬‫في‬ ‫تكلم‬‫كيف‬‫كان‬‫في‬‫سفح‬‫الجبل‬ ..‫ثم‬‫ل‬‫زال‬‫يصعد‬‫حتى‬‫وصل‬‫القمة‬ .. ‫جعلت‬‫أتأمل‬‫مهاراته‬‫وقدراته‬.. ‫فوجدت‬‫أن‬‫كثيرا‬‫منا‬‫يمكن‬‫أن‬‫يكون‬ ‫مثله‬‫بتوفيق‬‫ا‬..‫لو‬‫تعلم‬‫مهارات‬ ‫نعم‬.. ‫أمر‬‫آخر‬‫يدعونا‬‫إلى‬‫البحث‬‫عن‬ ‫المهارات‬.. ‫هو‬‫أن‬‫بعضنا‬‫يكون‬‫عنده‬‫قدرات‬ ‫على‬‫البداع‬‫لكنه‬‫غافل‬‫عنها‬..‫أو‬‫لم‬ ‫يساعده‬‫أحد‬‫على‬‫إذكائها‬.. ‫كقدرة‬‫على‬‫اللقاء‬..‫أو‬‫فكر‬‫تجاري‬ ..‫أو‬‫ذكاء‬‫معرفي‬.. ‫قد‬‫يكتشف‬‫هذه‬‫القدرات‬‫بنفسه‬.. ‫أو‬‫يذكي‬‫هذه‬‫المهارات‬‫مدرس‬..‫أو‬ ‫مسئول‬‫وظيفي‬..‫أو‬‫أخ‬‫ناصح‬.. ‫وما‬‫لهم‬ّ ‫أق‬.. ‫وقد‬‫تبقى‬‫هذه‬‫المهارات‬‫حبيسة‬ ‫النفس‬‫حتى‬‫يغلبها‬‫الطبع‬‫السائر‬‫بين‬ ‫الناس‬..‫وتموت‬‫في‬‫مهدها‬.. ‫ونفقد‬‫عندها‬‫قائدا‬‫أو‬‫خطيبا‬‫أو‬ ‫عالما‬..‫أو‬‫ربما‬‫زوجا‬‫ناجحا‬‫أو‬‫أبا‬ ‫ناصحا‬.. ‫نحن‬‫هنا‬‫سنذكر‬‫مهارات‬‫متميزة‬ ‫نذكرك‬‫بها‬‫إن‬‫كانت‬‫عندك‬..‫وندربك‬ ‫عليها‬‫إن‬‫كنت‬‫فاقدا‬‫لها‬.. ‫م‬ّ ‫فهل‬.. ‫فكرة‬.. ‫إذا‬‫صعدت‬‫الجبل‬‫فانظر‬‫إلى‬‫القمة‬ ..‫ول‬‫تلتفت‬‫للصخور‬‫المتناثرة‬‫حولك‬ ‫اصعد‬‫بخطوات‬‫واثقة‬..‫ول‬‫تقفز‬ ‫فتزل‬‫قدمك‬.. 4.‫طور‬‫نفسك‬.. ‫تجلس‬‫مع‬‫بعض‬‫الناس‬‫وعمره‬ 6
  • 7. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫عشرون‬‫سنة‬..‫فترى‬‫له‬‫أسلوبا‬ ‫ومنطقا‬‫وفكرا‬‫معينا‬.. ‫ثم‬‫تجلس‬‫معه‬‫وعمره‬‫ثلثون‬.. ‫فإذا‬‫قدراته‬‫هي‬‫ي‬َ ‫ه‬..‫لم‬ ‫يتطور‬‫فيه‬‫شيء‬.. ‫بينما‬‫تجلس‬‫مع‬‫آخرين‬‫فتجدهم‬ ‫يستفيدون‬‫من‬‫حياتهم‬..‫تجده‬ ‫كل‬‫يوم‬‫متطورا‬‫عن‬‫اليوم‬‫الذي‬ ‫قبله‬..‫بل‬‫ما‬‫تمر‬‫ساعة‬‫إل‬ ‫إذا‬‫أردت‬‫أن‬‫تعرف‬‫أنواع‬‫الناس‬ ‫في‬‫ذلك‬..‫فتعال‬‫نتأمل‬‫في‬ ‫أحوالهم‬‫واهتماماتهم‬.. ‫القنوات‬‫الفضائية‬‫ل‬ً ‫مث‬.. ‫من‬‫الناس‬‫من‬‫يتابع‬‫ما‬‫ينمي‬ ‫فكره‬‫المعرفي‬..‫ويطور‬‫ذكاءه‬ ..‫ويستفيد‬‫من‬‫خبرات‬‫الخرين‬ ‫من‬‫خلل‬‫متابعة‬‫الحوارات‬ ‫الهادفة‬..‫يكتسب‬‫منها‬‫مهارات‬ ‫رائعة‬‫في‬‫النقاش‬..‫واللغة‬.. ‫والفهم‬..‫وسرعة‬‫البديهة‬.. ‫ومن‬‫الناس‬‫من‬‫ل‬‫يكاد‬‫يفوته‬ ‫مسلسل‬‫يحكي‬‫قصة‬‫حب‬‫فاشلة‬ ..‫أو‬‫مسرحية‬‫عاطفية‬..‫أو‬ ‫فيلم‬‫خيالي‬‫مرعب‬..‫أو‬‫أفلم‬ ‫تعال‬‫بالله‬‫عليك‬..‫وانظر‬‫إلى‬ ‫حال‬‫الول‬‫وحال‬‫الثاني‬‫بعد‬ ‫خمس‬‫سنوات‬..‫أو‬‫عشر‬.. ‫أيهما‬‫سيكون‬‫أكثر‬‫تطورا‬‫في‬ ‫مهاراته‬‫؟‬‫في‬‫القدرة‬‫على‬ ‫الستيعاب‬‫؟‬‫في‬‫سعة‬‫الثقافة‬‫؟‬ ‫في‬‫القدرة‬‫على‬‫القناع‬‫؟‬‫في‬ ‫ل‬‫شك‬‫أنه‬‫الول‬.. ‫بل‬‫تجد‬‫أسلوب‬‫الول‬‫مختلفا‬.. ‫فاستشهاداته‬‫بنصوص‬‫شرعية‬..‫أو‬ ‫أرقام‬‫وحقائق‬.. ‫أما‬‫الثاني‬‫فاسشهاداته‬‫بأقوال‬ ‫الممثلين‬..‫والمغنين‬.. ‫حتى‬‫قال‬‫أحدهم‬‫يوما‬‫في‬‫معرض‬ ‫كلمه‬..‫وا‬‫يقول‬:‫ع‬َ ‫س‬ْ ‫ا‬ِ‫يا‬‫عبدي‬ ‫وأنا‬‫أسعى‬‫معاك‬!! ‫فنبهناه‬‫إلى‬‫أن‬‫هذه‬‫ليست‬‫آية‬.. ‫فتغير‬‫وجهه‬‫وسكت‬.. ‫ثم‬‫تأملت‬‫العبارة‬..‫فإذا‬‫الذي‬‫ذكره‬ ‫هو‬‫مثل‬‫مصري‬‫انطبع‬‫في‬‫ذهنه‬‫من‬ ‫إحدى‬‫المسلسلت‬!! ‫نعم‬..‫كل‬‫إناء‬‫بما‬‫فيه‬‫ينضح‬.. ‫بل‬‫تعال‬‫إلى‬‫جانب‬‫آخر‬.. ‫في‬‫قراءة‬‫الصحف‬‫والمجلت‬..‫كم‬ ‫هم‬‫أولئك‬‫الذين‬‫يهتمون‬‫بقراءة‬ ‫الخبار‬‫المفيدة‬‫والمعلومات‬‫النافعة‬ ‫التي‬‫تساعد‬‫على‬‫تطوير‬‫الذات‬.. ‫وتنمية‬‫المهارات‬..‫وزيادة‬‫المعارف‬ ‫بينما‬‫كم‬‫الذين‬‫ل‬‫يكادون‬‫يلتفتون‬ ‫إلى‬‫غير‬‫الصفحات‬‫الرياضية‬‫والفنية‬ !‫؟‬‫حتى‬‫صارت‬‫الجرائد‬‫تتنافس‬‫في‬ ‫تكثير‬‫الصفحات‬‫الرياضية‬‫والفنية‬.. ‫على‬‫حساب‬‫غيرها‬.. ‫قل‬‫مثل‬‫ذلك‬‫في‬‫مجالسنا‬‫التي‬ ‫نجلسها‬..‫وأوقاتنا‬‫التي‬‫نصرفها‬.. ‫فأنت‬‫إذا‬‫أردت‬‫أن‬‫تكون‬‫رأسا‬‫ل‬‫ل‬ً ‫ذي‬ ..‫احرص‬‫على‬‫تتبع‬‫المهارات‬‫أينما‬ ‫كانت‬..‫رب‬ّ ‫د‬‫نفسك‬‫عليها‬.. ‫كان‬‫عبد‬‫ا‬‫ل‬ً ‫رج‬‫متحمسا‬..‫لكنه‬ ‫تنقصه‬‫بعض‬‫المهارات‬..‫خرج‬‫يوما‬ ‫من‬‫بيته‬‫إلى‬‫المسجد‬‫ليصلي‬‫الظهر‬ ..‫يسوقه‬‫الحرص‬‫على‬‫الصلة‬ 7
  • 8. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫كان‬‫يحث‬‫خطاه‬‫خوفا‬‫من‬‫أن‬ ‫تقام‬‫الصلة‬‫قبل‬‫وصوله‬‫على‬ ‫المسجد‬.. ‫مر‬‫أثناء‬‫الطريق‬‫بنخلة‬‫في‬ ‫أعلها‬‫رجل‬‫بلباس‬‫مهنته‬ ‫يشتغل‬‫بإصلح‬‫التمر‬.. ‫عجب‬‫عبد‬‫ا‬‫من‬‫هذا‬‫الذي‬‫ما‬ ‫اهتم‬‫بالصلة‬..‫وكأنه‬‫ما‬‫سمع‬ ‫إذانا‬‫ول‬‫ينتظر‬‫إقامة‬!!.. ‫فصاح‬‫به‬‫غاضبا‬:‫انزل‬‫للصلة‬.. ‫فقال‬‫الرجل‬‫بكل‬‫برود‬:‫طيب‬.. ‫طيب‬.. ‫فقال‬:‫عجل‬..‫صل‬‫يا‬‫حمار‬!! ‫فصرخ‬‫الرجل‬:‫أنا‬‫حمار‬!!..‫ثم‬ ‫انتزع‬‫عسيبا‬‫من‬‫النخلة‬‫ونزل‬ ‫ليفلق‬‫به‬‫رأسه‬!! ‫غطى‬‫عبد‬‫ا‬‫وجهه‬‫بطرف‬ ‫غترته‬‫لئل‬‫يعرفه‬..‫وانطلق‬ ‫يعدو‬‫إلى‬‫المسجد‬.. ‫نزل‬‫الرجل‬‫من‬‫النخلة‬‫غاضبا‬.. ‫ومضى‬‫إلى‬‫بيته‬‫وصلى‬‫وارتاح‬ ‫ل‬ً ‫قلي‬..‫ثم‬‫خرج‬‫إلى‬‫نخلته‬ ‫دخل‬‫وقت‬‫العصر‬‫وخرج‬‫عبد‬‫ا‬ ‫إلى‬‫المسجد‬.. ‫ر‬ّ ‫م‬‫بالنخلة‬‫فإذا‬‫الرجل‬‫فوقها‬.. ‫فقال‬:‫السلم‬‫عليكم‬..‫كيف‬ ‫الحال‬.. ‫قال‬:‫الحمد‬‫لله‬‫بخير‬.. ‫قال‬:‫بشر‬!!‫كيف‬‫الثمر‬‫هذه‬ ‫السنة‬.. ‫قال‬:‫الحمد‬‫لله‬.. ‫قال‬‫عبد‬‫ا‬:‫ا‬‫يوفقك‬ ‫ويرزقك‬..‫ويوسع‬‫عليك‬..‫ول‬ ‫يحرمك‬‫أجر‬‫عملك‬‫وكدك‬ ‫ابتهج‬‫الرجل‬‫لهذا‬‫الدعاء‬.. ‫فأمن‬‫على‬‫الدعاء‬‫وشكر‬.. ‫فقال‬‫عبد‬‫ا‬:‫لكن‬‫يبدو‬‫أنك‬‫لشدة‬ ‫انشغالك‬‫لم‬‫تنتبه‬‫إلى‬‫أذان‬‫العصر‬!! ‫قد‬‫أذن‬‫العصر‬..‫والقامة‬‫قريبة‬.. ‫فلعلك‬‫تنزل‬‫لترتاح‬‫وتدرك‬‫الصلة‬.. ‫وبعد‬‫الصلة‬‫أكمل‬‫عملك‬..‫ا‬ ‫فقال‬‫الرجل‬:‫إن‬‫شاء‬‫ا‬..‫إن‬‫شاء‬ ‫ا‬.. ‫وبدأ‬‫ينزل‬‫برفق‬..‫ثم‬‫أقبل‬‫على‬‫عبد‬ ‫ا‬‫وصافحه‬‫بحرارة‬..‫وقال‬: ‫أشكرك‬‫على‬‫هذه‬‫الخلق‬‫الرائعة‬.. ‫أما‬‫الذي‬‫مر‬‫بي‬‫الظهر‬‫فيا‬‫ليتني‬‫أراه‬ ‫نتيجة‬ ‫مهاراتك‬‫في‬‫التعامل‬‫مع‬‫الخرين‬.. ‫على‬‫أساسها‬‫تتحدد‬‫طريقة‬‫تعامل‬ ‫الناس‬‫معك‬.. 5.‫ل‬‫تبك‬‫على‬‫اللبن‬‫المسكوب‬.. ‫بعض‬‫الناس‬‫يعتبر‬‫طبعه‬‫الذي‬‫نشأ‬ ‫عليه‬..‫وعرفه‬‫الناس‬‫به‬..‫وتكونت‬ ‫في‬‫أذهانهم‬‫الصورة‬‫الذهنية‬‫عنه‬ ‫على‬‫أساسه‬..‫يعتبره‬‫شيئا‬‫لزما‬‫له‬ ‫ل‬‫يمكن‬‫تغييره‬..‫فيستسلم‬‫له‬ ‫مع‬‫أن‬‫الذكي‬‫يرى‬‫أن‬‫تغيير‬‫الطباع‬ ‫لعله‬‫أسهل‬‫من‬‫تغيير‬‫الملبس‬!! ‫فطباعنا‬‫ليست‬‫كاللبن‬‫المسكوب‬ ‫الذي‬‫ل‬‫يمكن‬‫تداركه‬‫أو‬‫جمعه‬..‫بل‬ ‫هي‬‫بين‬‫أيدينا‬.. ‫بل‬‫نستطيع‬‫بأساليب‬‫معينة‬‫أن‬‫نغير‬ ‫طباع‬‫الناس‬..‫بل‬‫عقولهم‬–‫ربما‬ !! -‫ذكر‬‫ابن‬‫حزم‬‫في‬‫كتابه‬‫طوق‬ 8
  • 9. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫الحمامة‬: ‫أنه‬‫كان‬‫في‬‫الندلس‬‫تاجر‬ ‫مشهور‬..‫وقع‬‫بينه‬‫وبين‬‫أربعة‬ ‫من‬‫التجار‬‫تنافس‬..‫فأبغضوه‬.. ‫وعزموا‬‫على‬‫أن‬‫يزعجوه‬.. ‫فخرج‬‫ذات‬‫صباح‬‫من‬‫بيته‬‫متجها‬ ‫لقيه‬‫أولهم‬‫فحياه‬‫ثم‬‫نظر‬‫إلى‬ ‫عمامته‬‫وقال‬:‫ما‬‫أجمل‬‫هذه‬ ‫العمامة‬‫الصفراء‬.. ‫فقال‬‫التاجر‬:‫ي‬َ ‫أعم‬‫رك‬ُ ‫بص‬!!‫؟‬ ‫هذه‬‫عمامة‬‫بيضاء‬.. ‫فقال‬:‫بل‬‫صفراء‬..‫صفراء‬ ‫لكنها‬‫جميلة‬.. ‫تركه‬‫التاجر‬‫ومضى‬.. ‫فلما‬‫مشى‬‫خطوات‬‫لقيه‬‫الخر‬.. ‫فحياه‬‫ثم‬‫نظر‬‫إلى‬‫عمامته‬‫وقال‬ :‫ما‬‫أجملك‬‫اليوم‬..‫وما‬‫أحسن‬ ‫لباسك‬..‫خاصة‬‫هذه‬‫العمامة‬ ‫فقال‬‫التاجر‬:‫يا‬‫رجل‬‫العمامة‬ ‫بيضاء‬.. ‫قال‬:‫بل‬‫خضراء‬.. ‫قال‬:‫بيضاء‬..‫اذهب‬‫عني‬.. ‫ومضى‬‫المسكين‬‫يكلم‬‫نفسه‬.. ‫وينظر‬‫بين‬‫الفينة‬‫والخرى‬‫إلى‬ ‫طرف‬‫عمامته‬‫المتدلي‬‫على‬ ‫كتفه‬..‫ليتأكد‬‫أنها‬‫بيضاء‬.. ‫وصل‬‫إلى‬‫دكانه‬..‫وحرك‬‫القفل‬ ‫ليفتحه‬..‫فأقبل‬‫إليه‬‫الثالث‬: ‫وقال‬:‫يا‬‫فلن‬..‫ما‬‫أجمل‬‫هذا‬ ‫نظر‬‫التاجر‬‫إلى‬‫عمامته‬‫ليتأكد‬ ‫من‬‫لونها‬..‫ثم‬‫فرك‬‫عينيه‬.. ‫وقال‬:‫يا‬‫أخي‬‫عمامتي‬‫بيضااااااء‬.. ‫قال‬:‫بل‬‫زرقاء‬..‫لكنها‬‫عموما‬ ‫جميلة‬..‫ل‬‫تحزن‬..‫ثم‬‫مضى‬.. ‫فجعل‬‫التاجر‬‫يصيح‬‫به‬..‫العمامة‬ ‫بيضاء‬..‫وينظر‬‫إليها‬..‫ويقلب‬ ‫جلس‬‫في‬‫دكانه‬‫ل‬ً ‫قلي‬..‫وهو‬‫ل‬‫يكاد‬ ‫يصرف‬‫بصره‬‫عن‬‫طرف‬‫عمامته‬.. ‫دخل‬‫عليه‬‫الرابع‬..‫وقال‬:‫ل‬ً ‫أه‬‫يا‬ ‫فلن‬..‫ما‬‫شاء‬‫ا‬!!‫من‬‫أين‬ ‫اشتريت‬‫هذه‬‫العمامة‬‫الحمراء‬!‫؟‬ ‫فصاح‬‫التاجر‬:‫عمامتي‬‫زرقاء‬.. ‫قال‬:‫بل‬‫حمراء‬.. ‫قال‬‫التاجر‬:‫بل‬‫خضراء‬..‫ل‬..‫ل‬.. ‫بل‬‫بيضاء‬..‫ل‬..‫زرقاء‬..‫سوداء‬.. ‫ثم‬‫ضحك‬..‫ثم‬‫صرخ‬..‫ثم‬‫بكى‬.. ‫وقام‬‫يقفز‬!! ‫قال‬‫ابن‬‫حزم‬:‫فلقد‬‫كنت‬‫أراه‬ ‫بعدها‬‫في‬‫شوارع‬‫الندلس‬‫مجنونا‬ ‫يحذفه‬‫الصبيان‬‫بالحصى‬!! )1( ‫فإذا‬‫كان‬‫هؤلء‬‫بمهارات‬‫بدائية‬ ‫غيروا‬‫طبع‬‫رجل‬..‫بل‬‫غيروا‬‫عقله‬.. ‫فما‬‫بالك‬‫بمهارات‬‫مدروسة‬..‫منورة‬ ‫بنصوص‬‫الوحيين‬..‫يمارسها‬‫المرء‬ ‫تعبدا‬‫لله‬‫تعالى‬‫بها‬.. ‫فطبق‬‫ما‬‫تقف‬‫عليه‬‫من‬‫مهارات‬ ‫حسنة‬‫لتسعد‬.. ‫وإن‬‫قلت‬‫لي‬:‫ل‬‫أستطيع‬!..‫قلت‬: ‫حاول‬.. ‫وإن‬‫قلت‬:‫ل‬‫أعرف‬!! ..‫قلت‬:‫تعلم‬ .. ‫قال‬r:‫إنما‬‫العلم‬‫بالتعلم‬،‫وإنما‬ ‫الحلم‬‫بالتحلم‬.. ‫وجهة‬‫نظر‬.. 1 )‫القصة‬ (‫على‬‫ذمة‬‫ابن‬‫حزم‬‫رحمه‬ ..‫ا‬. 9
  • 10. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫البطل‬‫يتجاوز‬‫القدرة‬‫على‬ ‫تطوير‬‫مهاراته‬..‫إلى‬‫القدرة‬ ‫على‬‫تطوير‬‫مهارات‬‫الناس‬.. 6.‫كن‬‫متميزا‬.. ‫لماذا‬‫يتحاور‬‫اثنان‬‫في‬‫مجلس‬ ‫فينتهي‬‫حوارهما‬‫بخصومة‬.. ‫بينما‬‫يتحاور‬‫آخران‬‫وينتهي‬ ‫إنها‬‫مهارات‬‫الحوار‬.. ‫لماذا‬‫يخطب‬‫اثنان‬‫الخطبة‬ ‫نفسها‬‫بألفاظها‬‫نفسها‬..‫فترى‬ ‫الحاضرين‬‫عند‬‫الول‬‫ما‬‫بين‬ ‫متثائب‬‫ونائم‬..‫أو‬‫عابث‬‫بسجاد‬ ‫المسجد‬..‫أو‬‫مغير‬‫لجلسته‬ ‫بينما‬‫الحاضرون‬‫عند‬‫الثاني‬ ‫منشدون‬‫متفاعلون‬..‫ل‬‫تكاد‬ ‫ترمش‬‫لهم‬‫عين‬‫أو‬‫يغفل‬‫لهم‬ ‫إنها‬‫مهارات‬‫اللقاء‬.. ‫لماذا‬‫إذا‬‫تحدث‬‫فلن‬‫في‬ ‫المجلس‬‫أنصت‬‫له‬‫السامعون‬.. ‫ورموا‬‫إليه‬‫أبصارهم‬.. ‫بينما‬‫إذا‬‫تحدث‬‫آخر‬‫انشغل‬ ‫الجالسون‬‫بالحاديث‬‫الجانبية‬.. ‫أو‬‫قراءة‬‫الرسائل‬‫من‬‫هواتفهم‬ ‫إنها‬‫مهارات‬‫الكلم‬.. ‫لماذا‬‫إذا‬‫مشى‬‫مدرس‬‫في‬ ‫ممرات‬‫مدرسته‬‫رأيت‬‫الطلب‬ ‫حوله‬..‫هذا‬‫يصافحه‬..‫وذاك‬ ‫يستشيره‬..‫وثالث‬‫يعرض‬‫عليه‬ ‫مشكلة‬..‫ولو‬‫جلس‬‫في‬‫مكتبه‬ ‫مجالسته‬.. ‫بينما‬‫مدرس‬‫آخر‬..‫أو‬‫مدرسون‬.. ‫يمشي‬‫أحدهم‬‫في‬‫مدرسته‬‫وحده‬.. ‫ويخرج‬‫من‬‫مسجد‬‫المدرسة‬‫وحده‬.. ‫فل‬‫طالب‬‫يقترب‬‫مبتهجا‬‫مصافحا‬.. ‫أو‬‫شاكيا‬‫مستشيرا‬..‫ولو‬‫فتح‬‫مكتبه‬ ‫من‬‫طلوع‬‫الشمس‬‫إلى‬‫غروبها‬.. ‫وآناء‬‫الليل‬‫وأطراف‬‫النهار‬..‫لما‬ ‫إنها‬‫مهارات‬‫التعامل‬‫مع‬‫الناس‬.. ‫لماذا‬‫إذا‬‫دخل‬‫شخص‬‫إلى‬‫مجلس‬ ‫عام‬‫هش‬‫الناس‬‫في‬‫وجهه‬‫وبشوا‬.. ‫وفرحوا‬‫بلقائه‬..‫وود‬‫كل‬‫واحد‬‫لو‬ ‫بينما‬‫يدخل‬‫آخر‬..‫فيصافحونه‬ ‫مصافحة‬‫باردة‬-‫عادة‬‫أو‬‫مجاملة‬– ‫ثم‬‫يتلفت‬‫يبحث‬‫له‬‫عن‬‫مكان‬‫فل‬ ‫يكاد‬‫أحد‬‫يوسع‬‫له‬‫أو‬‫يدعوه‬ ‫إنها‬‫مهارات‬‫جذب‬‫القلوب‬‫والتأثير‬ ‫في‬‫الناس‬.. ‫لماذا‬‫يدخل‬‫أب‬‫إلى‬‫بيته‬‫فيهش‬ ‫أولده‬‫له‬..‫ويقبلون‬‫إليه‬‫فرحين‬.. ‫بينما‬‫يدخل‬‫الثاني‬‫على‬‫أولده‬..‫فل‬ ‫يلتفتون‬‫إليه‬.. ‫إنها‬‫مهارات‬‫التعامل‬‫مع‬‫البناء‬.. ‫قل‬‫مثل‬‫ذلك‬‫في‬‫المسجد‬..‫وفي‬ ‫العراس‬..‫وغيرها‬.. ‫يختلف‬‫الناس‬‫بقدراتهم‬‫ومهاراتهم‬ ‫في‬‫التعامل‬‫مع‬‫الخرين‬..‫وبالتالي‬ ‫يختلف‬‫الخرون‬‫في‬‫طريقة‬‫الحتفاء‬ ‫والتأثير‬‫في‬‫الناس‬‫وكسب‬‫محبتهم‬ ‫أسهل‬‫مما‬‫تتصور‬!.. ‫ل‬‫أبالغ‬‫في‬‫ذلك‬‫فقد‬‫جربته‬‫مرارا‬.. ‫فوجدت‬‫أن‬‫قلوب‬‫أكثر‬‫الناس‬‫يمكن‬ 10
  • 11. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫صيدها‬‫بطرق‬‫ومهارات‬‫سهلة‬.. ‫بشرط‬‫أن‬‫نصدق‬‫فيها‬‫ونتدرب‬ ‫عليها‬‫فنتقنها‬.. ‫والناس‬‫يتأثرون‬‫بطريقة‬‫تعاملنا‬ ..‫وإن‬‫لم‬‫نشعر‬.. ‫أتولى‬‫منذ‬‫ثلث‬‫عشرة‬‫سنة‬ ‫المامة‬‫والخطابة‬‫في‬‫جامع‬ ‫الكلية‬‫المنية‬.. ‫كان‬‫طريقي‬‫إلى‬‫المسجد‬‫يمر‬ ‫ببوابة‬‫يقف‬‫عندها‬‫حارس‬‫أمن‬ ‫يتولى‬‫فتحها‬‫وإغلقها‬.. ‫كنت‬‫أحرص‬‫إذا‬‫مررت‬‫به‬‫أن‬ ‫أمارس‬‫معه‬‫مهارة‬‫البتسامة‬.. ‫فأشير‬‫بيدي‬‫مسلما‬‫مبتسما‬ ‫ابتسامة‬‫واضحة‬..‫وبعد‬‫الصلة‬ ‫وفي‬‫الغالب‬‫يكون‬‫هاتفي‬ ‫المحمول‬‫مليئا‬‫باتصالت‬ ‫ورسائل‬‫مكتوبة‬‫وردت‬‫أثناء‬ ‫الصلة‬..‫فأكون‬‫ل‬ً ‫مشغو‬ ‫بقراءة‬‫الرسائل‬‫فيفتح‬‫الحارس‬ ‫حتى‬‫تفاجأت‬‫به‬‫يوما‬‫يوقفني‬ ‫وأنا‬‫خارج‬‫ويقول‬:‫يا‬‫شيخ‬!.. ‫أنت‬‫زعلن‬‫مني‬!‫؟‬ ‫قلت‬:‫لماذا‬‫؟‬ ‫قال‬:‫لنك‬‫وأنت‬‫داخل‬‫تبتسم‬ ‫وتسلم‬‫وأنت‬‫فرحان‬..‫أما‬‫وأنت‬ ‫خارج‬‫فتكون‬‫غير‬‫مبتسم‬‫ول‬ ‫وكان‬‫ل‬ً ‫رج‬‫بسيطا‬..‫فبدأ‬ ‫المسكين‬‫يقسم‬‫لي‬‫أنه‬‫يحبني‬ ‫ويفرح‬‫برؤيتي‬.. ‫فاعتذرت‬‫منه‬‫وبينت‬‫له‬‫سبب‬ ‫انشغالي‬.. ‫ثم‬‫انتبهت‬‫ل‬ً ‫فع‬‫إلى‬‫أن‬‫هذه‬ ‫المهارات‬‫مع‬‫تعودنا‬‫عليها‬‫تصبح‬ ‫من‬‫طبعنا‬..‫يلحظها‬‫الناس‬‫إذا‬ ‫غفلنا‬‫عنها‬.. ‫إضاءة‬.. ‫ل‬‫تكسب‬‫المال‬‫وتفقد‬‫الناس‬..‫فإن‬ ‫كسب‬ ‫الناس‬‫طريق‬‫لكسب‬‫المال‬.. 7.‫أي‬‫الناس‬‫أحب‬‫إليك‬‫؟‬ ‫تكون‬‫أقوى‬‫الناس‬‫قدرة‬‫على‬ ‫استعمال‬‫مهارات‬‫التعامل‬‫مع‬ ‫الخرين‬‫عندما‬‫تتعامل‬‫مع‬‫كل‬‫أحد‬ ‫ل‬ً ‫تعام‬‫رائعا‬‫يجعله‬‫يشعر‬‫أنه‬‫أحب‬ ‫فتتعامل‬‫مع‬‫أمك‬‫ل‬ً ‫تعام‬‫رائعا‬‫مشبعا‬ ‫بالتفاعل‬‫والنس‬‫والحتفاء‬‫إلى‬ ‫درجة‬‫أنها‬‫تشعر‬‫أن‬‫هذا‬‫التعامل‬ ‫وقل‬‫مثل‬‫ذلك‬‫عند‬‫تعاملك‬‫مع‬‫أبيك‬.. ‫مع‬‫زوجتك‬..‫أولدك‬..‫زملئك‬.. ‫بل‬‫قل‬‫مثله‬‫عند‬‫تعاملك‬‫مع‬‫من‬ ‫تلقاهم‬‫مرة‬‫واحدة‬..‫كبائع‬‫في‬ ‫دكان‬..‫أو‬‫عامل‬‫في‬‫محطة‬‫وقود‬.. ‫كل‬‫هؤلء‬‫تستطيع‬‫أن‬‫تجعلهم‬ ‫يجمعون‬‫على‬‫أنك‬‫أحب‬‫الناس‬‫إليهم‬ ‫إذا‬‫أشعرتهم‬‫أنهم‬‫أحب‬‫الناس‬‫إليك‬ ‫وقد‬‫كان‬r‫قدوة‬‫في‬‫ذلك‬.. ‫إذ‬‫أن‬‫من‬‫تتبع‬‫سيرته‬..‫وجد‬‫أنه‬‫كان‬ ‫يتعامل‬‫بمهارات‬‫أخلقية‬‫راقية‬.. ‫فيعامل‬‫كل‬‫أحد‬‫يلقاه‬‫بمهارات‬‫من‬ ‫احتفاء‬‫وتفاعل‬‫وبشاشة‬..‫حتى‬ ‫يشعر‬‫ذلك‬‫الشخص‬‫أنه‬‫أحب‬‫الناس‬ ‫إليه‬..‫وبالتالي‬‫يكون‬‫هو‬‫أيضا‬r ‫كان‬‫عمرو‬‫بن‬‫العاص‬t‫داهية‬‫من‬ 11
  • 12. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫دهاة‬‫العرب‬..‫حكمة‬‫وفطنة‬ ‫ء‬ً ‫وذكا‬..‫فأدهى‬‫العرب‬‫أربعة‬.. ‫عمرو‬‫واحد‬‫منهم‬.. ‫أسلم‬‫عمرو‬‫وكان‬‫رأسا‬‫في‬ ‫قومه‬.. ‫فكان‬‫إذا‬‫لقي‬‫النبي‬r‫في‬‫طريق‬ ‫رأى‬‫البشاشة‬‫والبشر‬‫والمؤانسة‬ ..‫وإذا‬‫دخل‬‫مجلسا‬‫فيه‬‫النبي‬r ‫رأى‬‫الحتفاء‬‫والسعادة‬‫بمقدمه‬ ..‫وإذا‬‫دعاه‬‫النبي‬r..‫ناداه‬‫بأحب‬ ‫السماء‬‫إليه‬.. ‫شعر‬‫عمرو‬‫بهذا‬‫التعامل‬‫الراقي‬ ..‫ودوام‬‫الهتمام‬ ‫والتبسم‬‫أنه‬‫أحب‬‫الناس‬ ‫فأراد‬‫أن‬‫يقطع‬‫الشك‬‫باليقين‬.. ‫فأقبل‬‫يوما‬‫إلى‬‫النبي‬r ‫وجلس‬‫إليه‬..‫ثم‬‫قال‬: ‫يا‬‫رسول‬‫ا‬..‫أي‬‫الناس‬‫أحب‬ ‫إليك‬‫؟‬ ‫فقال‬r:‫عائشة‬.. ‫قال‬‫عمرو‬:‫ل‬..‫من‬‫الرجال‬‫يا‬ ‫رسول‬‫ا‬‫؟‬‫لست‬‫أسألك‬‫عن‬ ‫أهلك‬.. ‫فقال‬r:‫أبوها‬.. ‫قال‬‫عمرو‬:‫ثم‬‫من‬‫؟‬ ‫قال‬:‫ثم‬‫عمر‬‫بن‬‫الخطاب‬.. ‫قال‬:‫ثم‬‫أي‬..‫فجعل‬‫النبي‬r ‫يعدد‬‫ل‬ً ‫رجا‬..‫يقول‬:‫فلن‬..‫ثم‬ ‫فلن‬..‫بحسب‬‫سبقهم‬‫إلى‬‫السلم‬.. ‫وتضحيتهم‬‫من‬‫أجله‬.. ‫قال‬‫عمرو‬:‫ت‬ّ ‫فسك‬‫مخافة‬‫أن‬ ‫يجعلني‬‫في‬‫آخرهم‬.. ‫فانظر‬‫كيف‬‫استطاع‬r‫أن‬‫يملك‬‫قلب‬ ‫عمرو‬‫بمهارات‬‫أخلقية‬‫مارسها‬‫معه‬ ..‫بل‬‫كان‬‫عليه‬‫الصلة‬‫والسلم‬‫ينزل‬ ‫الناس‬‫منازلهم‬.. ‫وقد‬‫يترك‬‫أشغاله‬‫لجلهم‬.. ‫لشعارهم‬‫بمحبته‬‫لهم‬‫وقدرهم‬ ‫عنده‬.. ‫لما‬‫توسع‬r‫بالفتوحات‬‫وبدأ‬‫ينتشر‬ ‫السلم‬.. ‫جعل‬r‫يرسل‬‫الدعاة‬‫من‬‫عنده‬ ‫لدعوة‬‫القبائل‬‫إلى‬‫السلم‬..‫وربما‬ ‫احتاج‬‫المر‬‫أن‬‫يرسل‬‫جيشا‬.. ‫وكان‬‫عدي‬‫بن‬‫حاتم‬‫الطائي‬..‫ملكا‬ ‫ابن‬‫ملك‬.. ‫فوقع‬‫بين‬‫قبيلته‬"‫طي‬"‫وبين‬ ‫المسلمين‬‫حرب‬..‫وكان‬‫عدي‬‫قد‬ ‫هرب‬‫من‬‫الحرب‬‫فلم‬‫يشهدها‬.. ‫وصل‬‫جيش‬‫المسلمين‬‫إلى‬‫ديار‬ ‫طيء‬.. ‫كانت‬‫هزيمة‬‫طيء‬‫سهلة‬..‫فل‬‫ملك‬ ‫يقود‬..‫ول‬‫جيش‬‫مرتب‬.. ‫وكان‬‫المسلمون‬‫في‬‫حروبهم‬.. ‫يحسنون‬‫إلى‬‫الناس‬..‫ويعطفون‬ ‫وهم‬‫في‬‫قتال‬.. ‫كان‬‫المقصود‬‫صد‬‫كيد‬‫قوم‬‫عدي‬‫عن‬ ‫المسلمين‬..‫وإظهار‬‫قوة‬‫المسلمين‬ ‫لهم‬..‫أسر‬‫المسلمون‬‫بعض‬‫قوم‬‫عدي‬.. ‫وكان‬‫من‬‫بينهم‬‫أخت‬‫لعدي‬‫بن‬‫حاتم‬ ..‫مضوا‬‫بالسرى‬‫إلى‬‫المدينة‬..‫حيث‬ ‫رسول‬‫ا‬..‫وأخبروا‬‫النبي‬ ‫بفرار‬‫عدي‬‫إلى‬‫الشام‬.. ‫فعجب‬‫من‬‫فراره‬!!‫كيف‬‫يفر‬‫من‬ ‫الدين‬‫؟‬‫كيف‬‫يترك‬‫قومه‬‫؟‬ 12
  • 13. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ولكن‬‫لم‬‫يكن‬‫إلى‬‫الوصول‬‫إلى‬ ‫عدي‬‫سبيل‬.. ‫لم‬‫يطب‬‫المقام‬‫لعدي‬‫في‬‫ديار‬ ‫الروم‬..‫فاضطر‬‫للرجوع‬‫لديار‬ ‫العرب‬..‫ثم‬‫لم‬‫يجد‬‫بدا‬‫من‬‫أن‬ ‫يذهب‬‫إلى‬‫المدينة‬‫للقاء‬‫النبي‬r ‫ومصالحته‬..‫أو‬‫التفاهم‬‫على‬ ‫يقول‬‫عدي‬‫وهو‬‫يحكي‬‫قصة‬ ‫ذهابه‬‫إلى‬‫المدينة‬: ‫ما‬‫رجل‬‫من‬‫العرب‬‫كان‬‫أشد‬ ‫كراهة‬‫لرسول‬‫ا‬r‫مني‬.. ‫وكنت‬‫على‬‫دين‬‫النصرانية‬.. ‫وكنت‬‫ملكا‬‫في‬‫قومي‬‫لما‬‫كان‬ ‫يصنع‬‫بي‬. ‫فلما‬‫سمعت‬‫برسول‬‫ا‬r‫كرهته‬ ‫كراهية‬‫شديدة‬.. ‫فخرجت‬‫حتى‬‫قدمت‬‫الروم‬‫على‬ ‫قيصر‬.. ‫قال‬:‫فكرهت‬‫مكاني‬‫ذلك‬.. ‫فقلت‬:‫وا‬‫لو‬‫أتيت‬‫هذا‬‫الرجل‬ ..‫فإن‬‫كان‬‫كاذبا‬‫لم‬‫يضرني‬.. ‫وإن‬‫كان‬‫صادقا‬‫علمت‬.. ‫فقدمت‬‫فأتيته‬..‫فلما‬‫دخلت‬ ‫المدينة‬‫جعل‬‫الناس‬‫يقولون‬: ‫هذا‬‫عدي‬‫بن‬‫حاتم‬..‫هذا‬‫عدي‬ ‫فمشيت‬‫حتى‬‫أتيت‬‫فدخلت‬‫على‬ ‫رسول‬‫ا‬r‫في‬‫المسجد‬‫فقال‬ ‫لي‬:‫عدي‬‫بن‬‫حاتم‬‫؟‬ ‫قلت‬:‫عدي‬‫بن‬‫حاتم‬.. ‫فرح‬‫النبي‬r‫بمقدمه‬..‫واحتفى‬ ‫به‬..‫مع‬‫أن‬‫عديا‬‫محارب‬ ‫للمسلمين‬‫ر‬ٌ ‫وفا‬‫من‬‫الحرب‬.. 2 )(‫العرب‬ ‫إلى‬ ‫وردته‬ ‫الشام‬ ‫في‬ ‫إليه‬ ‫ذهبت‬ ‫التي‬ ‫هي‬ ‫أخته‬ ‫إن‬ ‫وقيل‬ . ‫ومبغض‬‫للسلم‬..‫ئ‬ٌ ‫ولج‬‫إلى‬ ‫النصارى‬..‫ومع‬‫ذلك‬‫لقيه‬r ‫بالبشاشة‬‫والبشر‬..‫وأخذ‬‫بيده‬ ‫عدي‬‫وهو‬‫يمشي‬‫بجانب‬‫النبي‬r‫يرى‬ ‫أن‬‫الرأسين‬‫متساويان‬!!.. ‫فمحمد‬)r(‫ملك‬‫على‬‫المدينة‬‫وما‬ ‫حولها‬..‫وعدي‬‫ملك‬‫على‬‫جبال‬‫طي‬ ‫وما‬‫حولها‬.. ‫ومحمد‬)r(‫على‬‫دين‬‫سماوي‬" ‫السلم‬.. "‫وعدي‬‫على‬‫دين‬‫سماوي‬ "‫النصرانية‬.. " ‫ومحمد‬)r(‫عنده‬‫كتاب‬‫منزل‬" ‫القرآن‬.. "‫وعدي‬‫عنده‬‫كتاب‬‫منزل‬" ‫النجيل‬.. " ‫كان‬‫عدي‬‫يشعر‬‫أنه‬‫ل‬‫فرق‬‫بينهما‬‫إل‬ ‫في‬‫القوة‬‫والجيش‬.. ‫في‬‫أثناء‬‫الطريق‬‫وقعت‬‫ثلثة‬ ‫مواقف‬: ‫بينما‬‫هما‬‫يمشيان‬‫إذا‬‫بامرأة‬‫قد‬ ‫وقفت‬‫في‬‫وسط‬‫الطريق‬‫فجعلت‬ ‫تصيح‬:‫يا‬‫رسول‬‫ا‬..‫لي‬‫إليك‬ ‫فانتزع‬‫النبي‬r‫يده‬‫من‬‫يد‬‫عدي‬ ‫ومضى‬‫إليها‬..‫وجعل‬‫يستمع‬‫إلى‬ ‫حاجتها‬.. ‫عدي‬‫بن‬‫حاتم‬..‫الذي‬‫قد‬‫عرف‬ ‫الملوك‬‫والوزراء‬‫جعل‬‫ينظر‬‫إلى‬‫هذا‬ ‫المشهد‬..‫ويقارن‬‫تعامل‬‫النبي‬r‫مع‬ ‫الناس‬‫بتعامل‬‫من‬‫رآهم‬‫من‬‫قبل‬‫من‬ ‫فتأمل‬‫ل‬ً ‫طوي‬‫ثم‬‫قال‬:‫وا‬‫ما‬‫هذه‬ ‫بأخلق‬‫الملوك‬..‫هذه‬‫أخلق‬ ‫النبيااااااء‬.. ‫وانتهت‬‫المرأة‬‫من‬‫حاجتها‬..‫فعاد‬ ‫النبي‬r‫إلى‬‫عدي‬..‫ومضيا‬‫يمشيان‬.. 13
  • 14. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫فبينما‬‫هما‬‫كذلك‬..‫فإذا‬‫برجل‬ ‫يقبل‬‫على‬‫النبي‬r.. ‫فماذا‬‫قال‬‫الرجل‬‫؟‬‫هل‬‫قال‬:‫يا‬ ‫رسول‬‫ا‬‫عندي‬‫أموال‬‫زائدة‬ ‫أبحث‬‫لها‬‫عن‬‫فقير‬!‫أم‬ ‫؟‬‫قال‬: ‫حصدت‬‫أرضي‬‫وزاد‬‫عندي‬‫الثمر‬ ..‫فماذا‬‫أفعل‬‫به‬‫؟‬ ‫يا‬‫ليته‬‫قال‬‫شيئا‬‫من‬‫ذلك‬..‫لعل‬ ‫عديا‬‫إذا‬‫سمعه‬‫يشعر‬‫بغنى‬ ‫المسلمين‬‫وكثرة‬‫أموالهم‬.. ‫قال‬‫الرجل‬:‫يا‬‫رسول‬‫ا‬.. ‫أشكو‬‫إليك‬‫الفاقة‬‫والفقر‬.. ‫ما‬‫يكاد‬‫هذا‬‫الرجل‬‫يجد‬‫طعاما‬ ‫يسد‬‫به‬‫جوعة‬‫أولده‬..‫ومن‬ ‫حوله‬‫من‬‫المسلمين‬‫يعيشون‬ ‫على‬‫الكفاف‬‫ليس‬‫عندهم‬‫ما‬ ‫يساعدونه‬‫به‬.. ‫قال‬‫الرجل‬‫هذه‬‫الكلمات‬‫وعدي‬ ‫يسمع‬..‫فأجابه‬‫النبي‬r‫بكلمات‬ ‫ومضى‬.. ‫فلما‬‫مشيا‬‫خطوات‬..‫أقبل‬‫رجل‬ ‫آخر‬..‫قال‬:‫يا‬‫رسول‬‫ا‬‫أشكو‬ ‫إليك‬‫قطع‬‫الطريق‬!! ‫يعني‬‫أننا‬‫يا‬‫رسول‬‫ا‬‫لكثرة‬ ‫أعدائنا‬‫حولنا‬‫ل‬‫نأمن‬‫أن‬‫نخرج‬ ‫عن‬‫بنيان‬‫المدينة‬‫لكثرة‬‫من‬ ‫يعترضنا‬‫من‬‫كفار‬‫أو‬‫لصوص‬.. ‫أجابه‬‫النبي‬r‫بكلمات‬‫ومضى‬.. ‫جعل‬‫عدي‬‫يقلب‬‫المر‬‫في‬‫نفسه‬ ..‫هو‬‫في‬‫عز‬‫وشرف‬‫في‬‫قومه‬ ..‫وليس‬‫له‬‫أعداء‬‫يتربصون‬‫به‬.. ‫فلماذا‬‫يدخل‬‫هذا‬‫الدين‬‫الذي‬ ‫أهله‬‫في‬‫ضعف‬‫ومسكنة‬..‫وفقر‬ ‫وحاجة‬.. ‫وصل‬‫إلى‬‫بيت‬‫النبي‬r..‫فدخل‬.. ‫فإذا‬‫وسادة‬‫واحدة‬‫فدفعها‬ ‫النبي‬r‫إلى‬‫عدي‬‫إكراما‬‫له‬..‫وقال‬: ‫خذ‬‫هذه‬‫فاجلس‬‫عليها‬..‫فدفعها‬ ‫عدي‬‫إليه‬‫قال‬:‫بل‬‫اجلس‬‫عليها‬‫أنت‬ ..‫فقال‬r:‫بل‬‫أنت‬..‫حتى‬‫استقرت‬ ‫عند‬‫عدي‬‫فجلس‬‫عليها‬.. ‫عندها‬..‫بدأ‬‫النبي‬r‫يحطم‬‫الحواجز‬ ‫بين‬‫عدي‬‫والسلم‬.. ‫يا‬‫عدي‬‫أسلم‬..‫تسلم‬..‫أسلم‬‫تسلم‬ ..‫أسلم‬‫تسلم‬.. ‫قال‬‫عدي‬:‫إني‬‫على‬‫دين‬.. ‫فقال‬r:‫أنا‬‫أعلم‬‫بدينك‬‫منك‬.. ‫قال‬:‫أنت‬‫تعلم‬‫بديني‬‫مني‬‫؟‬ ‫قال‬:‫نعم‬..‫ألست‬‫من‬‫الركوسية‬.. ‫والركوسية‬‫ديانة‬‫نصرانية‬‫ربة‬ّ ‫مش‬ ‫بشيء‬‫من‬‫المجوسية‬..‫فمن‬‫مهارته‬ r‫في‬‫القناع‬‫أنه‬‫لم‬‫يقل‬‫ألست‬ ‫نصرانيا‬..‫وإنما‬‫تجاوز‬‫هذه‬ ‫المعلومة‬‫إلى‬‫معلومة‬‫أدق‬‫منها‬ ‫فأخبره‬‫بمذهبه‬‫في‬‫النصرانية‬ ‫تحديدا‬.. ‫كما‬‫لو‬‫لقيك‬‫شخص‬‫في‬‫أحد‬‫بلد‬ ‫أوروبا‬‫وقال‬‫لك‬:‫لماذا‬‫ل‬‫تتنصر‬‫؟‬ ‫فقلت‬:‫إني‬‫على‬‫دين‬.. ‫فلم‬‫يقل‬‫لك‬:‫ألست‬‫مسلما‬..‫ولم‬ ‫يقل‬:‫ألست‬‫يا‬ّ ‫ن‬ُ ‫س‬..‫وإنما‬‫قال‬: ‫ألست‬‫شافعيا‬..‫أو‬‫حنبليا‬.. ‫عندها‬‫ستدرك‬‫أنه‬‫يعرف‬‫كل‬‫شيء‬ ‫عن‬‫دينك‬.. ‫فهذا‬‫الذي‬‫فعله‬‫المعلم‬‫الول‬r‫مع‬ ‫عدي‬..‫قال‬:‫ألست‬‫من‬‫الركوسية‬.. ‫فقال‬‫عدي‬:‫بلى‬.. ‫فقال‬r:‫فإنك‬‫إذا‬‫غزوت‬‫مع‬‫قومك‬ ‫تأكل‬‫فيهم‬‫المرباع‬‫؟‬)3( 3 )‫المرباع‬ (‫إذا‬ :‫غزت‬‫ـة‬‫ـ‬‫القبيل‬‫ـم‬‫ـ‬‫قس‬‫ـها‬‫ـ‬‫رئيس‬ ‫الغنيمة‬‫أربعة‬‫أقسام‬‫فأخذ‬‫الربع‬‫له‬‫وحده‬،‫وهذا‬ 14
  • 15. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫قال‬:‫بلى‬.. ‫فقال‬r:‫فإن‬‫هذا‬‫ل‬‫يحل‬‫لك‬ ‫في‬‫دينك‬.. ‫فتضعضع‬‫لها‬‫عدي‬..‫وقال‬: ‫نعم‬.. ‫فقال‬r:‫أما‬‫إني‬‫أعلم‬‫الذي‬ ‫يمنعك‬‫من‬‫السلم‬.. ‫أنك‬‫تقول‬:‫إنما‬‫اتبعه‬‫ضعفة‬ ‫الناس‬‫ومن‬‫ل‬‫قوة‬‫لهم‬.. ‫وقد‬‫رمتهم‬‫العرب‬.. ‫يا‬‫عدي‬..‫أتعرف‬‫الحيرة‬‫؟‬ )4( ‫قلت‬:‫لم‬‫أرها‬‫وقد‬‫سمعت‬‫بها‬.. ‫قال‬:‫فوالذي‬‫نفسي‬‫بيده‬‫ليتمن‬ ‫ا‬‫هذا‬‫المر‬‫حتى‬‫تخرج‬ ‫الظعينة‬‫من‬‫الحيرة‬‫حتى‬‫تطوف‬ ‫أي‬‫سيقوى‬‫السلم‬‫إلى‬‫درجة‬ ‫أن‬‫المرأة‬‫المسلمة‬‫الحاجة‬ ‫تخرج‬‫من‬‫الحيرة‬‫حتى‬‫تصل‬‫إلى‬ ‫مكة‬‫ليس‬‫معها‬‫إل‬‫محرم‬..‫من‬ ‫غير‬‫أحد‬‫يحميها‬..‫وتمر‬‫على‬ ‫مئات‬‫القبائل‬‫فل‬‫يجرؤ‬‫أحد‬‫أن‬ ‫يعتدي‬‫عليها‬‫أو‬‫يسلبها‬‫مالها‬.. ‫لن‬‫المسلمين‬‫صار‬‫لهم‬‫قوة‬ ‫فلما‬‫سمع‬‫عدي‬‫ذلك‬..‫جعل‬ ‫يتصور‬‫المنظر‬‫في‬‫ذهنه‬..‫امرأة‬ ‫تخرج‬‫من‬‫العراق‬‫حتى‬‫تصل‬‫إلى‬ ‫مكة‬..‫معنى‬‫ذلك‬‫أنها‬‫ستمر‬ ‫حرام‬‫في‬‫دين‬‫النصرانية‬،‫جائز‬‫عند‬‫العــرب‬ . 4 )‫الحيرة‬ (‫مدينة‬ :‫بالعراق‬ ‫بجبال‬‫طي‬..‫ديار‬‫قومه‬.. ‫فتعجب‬‫عدي‬‫وقال‬‫في‬‫نفسه‬:‫فأين‬ ‫عنها‬‫عار‬ّ ‫ذ‬ُ‫طي‬‫الذين‬‫سعروا‬‫البلد‬!! ‫ثم‬‫قال‬r:‫وليفتحن‬‫كنوز‬‫كسرى‬‫بن‬ ‫هرمز‬.. ‫قال‬:‫كنوز‬‫ابن‬‫هرمز‬‫؟‬ ‫قال‬:‫نعم‬‫كسرى‬‫بن‬‫هرمز‬.. ‫ولتنفقن‬‫أمواله‬‫في‬‫سبيل‬‫ا‬.. ‫قال‬r:‫ولئن‬‫طالت‬‫بك‬‫حياة‬‫لترين‬ ‫الرجل‬‫يخرج‬‫بملء‬‫كفه‬‫من‬‫ذهب‬ ‫أوفضة‬‫يطلب‬‫من‬‫يقبله‬‫منه‬‫فل‬‫يجد‬ ‫يعني‬‫من‬‫كثرة‬‫المال‬‫يخرج‬‫الغني‬ ‫يطوف‬‫بصدقته‬‫ل‬‫يجد‬‫فقيرا‬‫يعطيه‬ ‫إياها‬.. ‫ثم‬‫بدأ‬‫يعظ‬‫عديا‬‫ويذكره‬‫بالخرة‬ ..‫فقال‬: ‫وليلقين‬‫ا‬َ‫دكم‬ُ ‫أح‬‫يوم‬‫يلقاه‬‫ليس‬ ‫بينه‬‫وبينه‬‫ترجمان‬،‫فينظر‬‫عن‬‫يمينه‬ ‫فل‬‫يرى‬‫إل‬‫جهنم‬،‫وينظر‬‫عن‬‫شماله‬ ‫سكت‬‫عدي‬‫متفكرا‬.. ‫ففاجأه‬‫ل‬ً ‫قائ‬:‫يا‬‫عدي‬..‫فما‬ ‫يفرك‬‫أن‬‫تقول‬‫ل‬‫إله‬‫إل‬‫ا‬..‫أو‬ ‫؟‬ ‫تعلم‬‫من‬‫إله‬‫أعظم‬‫من‬‫ا‬!‫؟‬ ‫قال‬‫عدي‬:‫فإني‬‫حنيف‬‫مسلم‬.. ‫أشهد‬‫أن‬‫ل‬‫إله‬‫إل‬‫ا‬..‫وأشهد‬‫أن‬ ‫محمدا‬‫عبده‬‫ورسوله‬.. ‫فتهلل‬‫وجه‬‫النبي‬r‫فرحا‬‫مستبشرا‬.. ‫قال‬‫عدي‬‫بن‬‫حاتم‬: ‫فهذه‬‫الظعينة‬‫تخرج‬‫من‬‫الحيرة‬ ‫تطوف‬‫بالبيت‬‫في‬‫غير‬‫جوار‬..‫ولقد‬ ‫كنت‬‫فيمن‬‫فتح‬‫كنوز‬‫كسرى‬.. ‫والذي‬‫نفسي‬‫بيده‬‫لتكونن‬‫الثالثة‬ ‫لن‬‫رسول‬‫ا‬r‫قد‬‫قالها‬.. " )5( 5 )‫رواه‬ (‫مسلم‬‫وأحمد‬.. 15
  • 16. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫فتأمل‬‫كيف‬‫كان‬‫هذا‬‫النس‬‫منه‬ ‫لعدي‬..‫وهذا‬‫الحتفاء‬‫الذي‬ ‫قابله‬‫به‬..‫حتى‬‫شعر‬‫به‬‫عدي‬.. ‫تأمل‬‫كيف‬‫كان‬‫كل‬‫ذلك‬‫جاذبا‬ ‫فلو‬‫مارسنا‬‫هذا‬‫الحب‬‫مع‬‫الناس‬ ..‫مهما‬‫كانوا‬..‫لملكنا‬‫قلوبهم‬ ‫فكرة‬.. ‫بالرفق‬‫واستعمال‬‫مهارات‬ ‫التعامل‬‫والقناع‬..‫نستطيع‬‫أن‬ ‫نحقق‬‫ما‬‫نريد‬.. 8.‫استمتع‬‫بالمهارات‬.. ‫المهارات‬‫متعة‬‫حسية‬،‫ل‬‫أعني‬ ‫بها‬‫الجر‬‫الخروي‬‫فقط‬،‫ل‬ ‫وإنما‬‫هي‬‫متعة‬‫وفرح‬‫تشعر‬‫به‬ ‫فاستمتع‬‫بها‬،‫ومارسها‬‫مع‬ ‫جميع‬‫الناس‬،‫كبيرهم‬ ‫وصغيرهم‬،‫غنيهم‬‫وفقيرهم‬، ‫قريبهم‬‫وبعيدهم‬..‫كلهم‬.. ‫إما‬‫لتقاء‬‫أذاهم‬.. ‫أو‬‫لكسب‬‫محبتهم‬.. ‫أو‬‫لصلحهم‬..‫نعم‬‫إصلحهم‬.. ‫كان‬‫علي‬‫بن‬‫الجهم‬‫شاعرا‬ ‫فصيحا‬..‫لكنه‬‫كان‬‫أعرابيا‬‫جلفا‬ ‫ل‬‫يعرف‬‫من‬‫الحياة‬‫إل‬‫ما‬‫يراه‬ ‫وكان‬‫المتوكل‬‫خليفة‬‫متمكنا‬.. ‫يغدى‬ُ‫عليه‬‫ويراح‬‫بما‬‫يشتهي‬.. ‫دخل‬‫علي‬‫بن‬‫الجهم‬‫بغداد‬‫يوما‬ ‫فقيل‬‫له‬:‫إن‬‫من‬‫مدح‬‫الخليفة‬ ‫حظي‬‫عنده‬‫ولقي‬‫منه‬‫العطيات‬ ‫فاستبشر‬‫علي‬‫ويمم‬‫جهة‬‫قصر‬ ‫الخلفة‬.. ‫دخل‬‫على‬‫المتوكل‬..‫فرأى‬‫الشعراء‬ ‫ينشدون‬‫ويربحون‬.. ‫والمتوكل‬‫هو‬‫المتوكل‬..‫سطوة‬ ‫وهيبة‬‫وجبروت‬.. ‫فانطلق‬‫مادحا‬‫الخليفة‬‫بقصيدة‬ ‫مطلعها‬: ‫يا‬‫أيها‬‫الخليفة‬.. ‫أنت‬‫كالكلب‬‫في‬‫حفاظك‬‫للود‬.. ‫وكالتيس‬‫في‬‫قراع‬‫الخطوب‬ ‫أنت‬‫كالدلو‬‫ل‬‫عدمتك‬‫دلوا‬..‫من‬ ‫كبار‬‫ل‬ْ ‫الد‬‫كثير‬‫الذنوب‬ ‫ومضى‬‫يضرب‬‫للخليفة‬‫المثلة‬ ‫بالتيس‬‫والعنز‬‫والبئر‬‫والتراب‬.. ‫فثار‬‫الخليفة‬..‫وانتفض‬‫الحراس‬.. ‫واستل‬‫السياف‬‫سيفه‬..‫وفرش‬ ‫النطع‬..‫وتجهز‬‫للقتل‬.. ‫فأدرك‬‫الخليفة‬‫أن‬‫علي‬‫بن‬‫الجهم‬‫قد‬ ‫غلبت‬‫عليه‬‫طبيعته‬..‫فأراد‬‫أن‬ ‫يغيرها‬.. ‫فأمر‬‫به‬‫فأسكنوه‬‫في‬‫قصر‬‫منيف‬.. ‫تغدو‬‫عليه‬‫أجمل‬‫الجواري‬‫وتروح‬‫يما‬ ‫يلذ‬‫ويطيب‬.. ‫ذاق‬‫علي‬‫بن‬‫الجهم‬‫النعمة‬..‫واتكأ‬ ‫على‬‫الرائك‬..‫وجالس‬‫أرق‬ ‫الشعراء‬..‫وأغزل‬‫الدباء‬.. ‫ومكث‬‫على‬‫هذا‬‫الحال‬‫سبعة‬‫أشهر‬ ‫ثم‬‫جلس‬‫الخليفة‬‫مجلس‬‫سمر‬‫ليلة‬.. ‫فتذكر‬‫علي‬‫بن‬‫الجهم‬..‫فسأل‬‫عنه‬، ‫فدعوه‬‫له‬..‫فلما‬‫مثل‬‫بين‬‫يديه‬.. ‫فانطلق‬‫منشدا‬‫قصيدة‬‫مطلعها‬: ‫عيون‬‫المها‬‫بين‬‫الرصافة‬‫والجسر‬.. ‫جلبن‬‫الهوى‬‫من‬‫حيث‬‫أدري‬‫ول‬‫أدري‬ ‫أعدن‬‫لي‬‫الشوق‬‫القديم‬‫ولم‬‫أكن‬.. ‫سلوت‬‫ولكن‬‫زدن‬‫جمرا‬‫على‬‫جمر‬ ‫ومضى‬‫يحرك‬‫المشاعر‬‫بأرق‬ 16
  • 17. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫الكلمات‬..‫ثم‬‫شرع‬‫يصف‬ ‫الخليفة‬‫بالشمس‬‫والنجم‬ ‫والسيف‬.. ‫فانظر‬‫كيف‬‫استطاع‬‫الخليفة‬‫أن‬ ‫يغير‬‫طباع‬‫ابن‬‫الجهم‬.. ‫ونحن‬‫كم‬‫ضايقتنا‬‫طباع‬‫لولدنا‬ ‫أو‬‫أصدقائنا‬‫فسعينا‬‫لتغييرها‬.. ‫فغيرناها‬.. ‫فمن‬‫باب‬‫أولى‬‫أن‬‫تقدر‬‫أنت‬ ‫على‬‫تغيير‬‫طباعك‬..‫فتقلب‬ ‫العبوس‬‫تبسما‬..‫والغضب‬‫حلما‬ ..‫والبخل‬‫كرما‬..‫وهذا‬‫ليس‬ ‫صعبا‬..‫لكنه‬‫يحتاج‬‫إلى‬‫عزيمة‬ ‫ومن‬‫نظر‬‫في‬‫سيرة‬‫محمد‬r ‫وجد‬‫أنه‬‫كان‬‫يتعامل‬‫مع‬‫الناس‬ ‫بقدرات‬‫أخلقية‬،‫ملك‬‫بها‬ ‫ولم‬‫يكن‬r‫يتصنع‬‫هذه‬‫الخلق‬ ‫أمام‬‫الناس‬..‫فإذا‬‫خل‬‫بأهل‬ ‫بيته‬..‫انقلب‬‫حلمه‬‫غضبا‬.. ‫ل‬..‫ما‬‫كان‬‫بساما‬‫مع‬‫الناس‬ ‫عبوسا‬‫مع‬‫أهل‬‫بيته‬.. ‫ول‬‫كريما‬‫مع‬‫الخلق‬‫إل‬‫مع‬‫ولده‬ ‫وزوجه‬.. ‫ل‬..‫بل‬‫كانت‬‫أخلقه‬‫سجية‬.. ‫يتعبد‬‫لله‬‫تعالى‬‫بها‬..‫كما‬‫يتعبد‬ ‫بصلة‬‫الضحى‬‫وقيام‬‫الليل‬.. ‫يحتسب‬‫ابتسامته‬‫قربة‬..‫قه‬َ ‫ورف‬ ‫عبادة‬..‫وه‬َ ‫وعف‬‫نه‬َ ‫ولي‬‫حسنات‬.. ‫إن‬‫من‬‫اعتبر‬‫حسن‬‫الخلق‬‫عبادة‬ ..‫تحلى‬‫بها‬‫في‬‫جميع‬‫أحواله‬.. ‫في‬‫سلمه‬‫وحربه‬..‫وجوعه‬ ‫وشبعه‬..‫وصحته‬‫ومرضه‬..‫بل‬ ‫نعم‬..‫كم‬‫من‬‫الزوجات‬‫تسمع‬ ‫عن‬‫أخلق‬..‫وسعة‬ ‫زوجها‬‫صدره‬.. ‫وابتسامته‬‫وكرمه‬.. ‫ولكنها‬‫لم‬‫تر‬‫من‬‫ذلك‬‫شيئا‬.. ‫فهو‬‫في‬‫بيته‬‫ئ‬َ ‫سي‬‫الخلق‬..‫ق‬َ ‫ضي‬ ‫الصدر‬..‫س‬َ ‫عاب‬‫الوجه‬..‫صخابا‬ ‫لعانا‬..‫ل‬ً ‫بخي‬‫ومنانا‬.. ‫أما‬‫هو‬r‫فهو‬‫الذي‬‫قال‬) :‫خيركم‬ ‫ركم‬ُ ‫خي‬،‫لهله‬‫وأنا‬‫خيركم‬‫لهلي‬( )6( ..‫وانظر‬‫كيف‬‫كان‬‫يتعامل‬‫مع‬‫أهله‬.. ‫قال‬‫السود‬‫بن‬‫يزيد‬:‫سألت‬‫عائشة‬t :‫ما‬‫كان‬‫رسول‬‫ا‬r‫يصنع‬‫في‬‫بيته‬ ‫؟‬‫فقالت‬:‫يكون‬‫في‬‫مهنة‬‫أهله‬..‫فإذا‬ ‫حضرت‬‫الصلة‬‫يتوضأ‬‫ويخرج‬‫للصلة‬ ..‫وقل‬‫مثل‬‫ذلك‬‫مع‬‫الوالدين‬..‫فكم‬ ‫هم‬‫أولئك‬‫الذين‬‫نسمع‬‫عن‬‫حسن‬ ‫أخلقهم‬.. ‫وكرمهم‬‫وتبسمهم‬..‫وجميل‬ ‫معاشرتهم‬‫للخرين‬..‫أما‬‫مع‬‫أقرب‬ ‫الناس‬‫إليهم‬..‫وأعظم‬‫الناس‬‫حقا‬ ‫عليهم‬..‫مع‬‫الوالدين‬‫فجفاء‬‫وهجر‬ ‫نعم‬..‫خيركم‬‫خيركم‬‫لهله‬.. ‫لوالديه‬..‫لزوجه‬..‫لخدمه‬..‫بل‬ ‫ولطفاله‬.. ‫في‬‫يوم‬‫مليء‬‫بالمشاعر‬..‫يجلس‬ ‫أبو‬‫ليلى‬t‫عند‬‫رسول‬‫ا‬e..‫فيأتي‬ ‫الحسن‬‫أو‬‫الحسين‬‫يمشي‬‫إلى‬‫النبي‬ e..‫فيأخذه‬e..‫فيقعده‬‫على‬‫بطنه‬ ..‫فبال‬‫الصغير‬‫على‬‫بطن‬‫رسول‬‫ا‬ ‫قال‬:‫فوثبنا‬‫إليه‬..‫فقال‬e:‫دعوا‬ 6 )(‫ماجة‬ ‫ابن‬ ‫رواه‬ 17
  • 18. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ابني‬..‫ل‬‫تفزعوا‬‫ابني‬.. ‫فلما‬‫فرغ‬‫الصغير‬‫من‬‫بوله‬..‫دعا‬ e‫بماء‬‫فصبه‬‫عليه‬..)7( ‫فلله‬‫دره‬‫كيف‬‫تروضت‬‫نفسه‬ ‫على‬‫هذه‬‫الخلق‬..‫فل‬‫عجب‬ ‫إذن‬‫أن‬‫يملك‬‫قلوب‬‫الصغار‬ ‫والكبار‬.. ‫رأي‬.. ‫بدل‬‫أن‬‫تسب‬‫الظلم‬..‫حاول‬ ‫إصلح‬‫المصباح‬.. 9.‫مع‬‫الفقراء‬.. ‫عدد‬‫من‬‫الناس‬‫اليوم‬‫أخلقهم‬ ‫تجارية‬..‫فالغني‬‫فقط‬‫هو‬‫الذي‬ ‫تكون‬‫نكته‬‫طريفة‬‫فيضحكون‬ ‫عند‬‫سماعها‬..‫وأخطاؤه‬‫صغيرة‬ ..‫فيتغاضون‬‫عنها‬.. ‫أما‬‫الفقراء‬‫فنكتهم‬‫ثقيلة‬.. ‫يسخر‬‫بهم‬‫عند‬‫سماعها‬.. ‫وأخطاؤهم‬‫جسيمة‬..‫يصرخ‬‫بهم‬ ‫عند‬‫وقوعها‬.. ‫أما‬‫رسول‬‫ا‬r‫فكان‬‫عطفه‬ ‫على‬‫الغني‬‫والفقير‬‫سواء‬.. ‫قال‬‫أنس‬t: ‫كان‬‫رجل‬‫من‬‫أهل‬‫البادية‬‫اسمه‬ ‫زاهر‬‫بن‬‫حرام‬.. ‫وكان‬‫ربما‬‫جاء‬‫المدينة‬‫في‬ ‫حاجة‬‫فيهدي‬‫للنبي‬r‫من‬‫البادية‬ ‫شيئا‬‫من‬‫إقط‬‫أو‬‫سمن‬.. ‫يجهزه‬ُ ‫ف‬‫رسول‬‫ا‬r‫إذا‬‫أراد‬‫أن‬ ‫يخرج‬‫إلى‬‫أهله‬‫بشيء‬‫من‬‫تمر‬ ‫ونحوه‬.. ‫وكان‬‫النبي‬r‫يحبه‬..‫وكان‬ ‫يقول‬) :‫إن‬‫زاهرا‬‫باديتنا‬.. ‫ونحن‬‫حاضروه‬..(‫وكان‬‫زاهرا‬ 7 )‫رواه‬ (‫أحمد‬‫والطبراني‬. ‫دميما‬.. ‫خرج‬‫زاهر‬t‫يوما‬‫من‬‫باديته‬..‫فأتى‬ ‫بيت‬‫رسول‬‫ا‬r..‫فلم‬‫يجده‬.. ‫وكان‬‫معه‬‫متاع‬‫فذهب‬‫به‬‫إلى‬ ‫السوق‬..‫فلما‬‫علم‬‫به‬‫النبي‬ ‫مضى‬‫إلى‬‫السوق‬‫يبحث‬‫عنه‬.. ‫فأتاه‬‫فإذا‬‫هو‬‫يبيع‬‫متاعه‬..‫والعرق‬ ‫يتصبب‬‫منه‬..‫وثيابه‬‫ثياب‬‫أهل‬ ‫البادية‬‫بشكلها‬‫ورائحتها‬.. ‫فاحتضنه‬r‫من‬‫ورائه‬،‫وزاهر‬‫ل‬ ‫يبصره‬ُ..‫ول‬‫يدري‬‫من‬‫أمسكه‬.. ‫ففزع‬‫زاهر‬‫وقال‬:‫أرسلني‬..‫من‬ ‫هذا‬‫؟‬.. ‫فسكت‬‫النبي‬‫عليه‬‫الصلة‬‫والسلم‬.. ‫فحاول‬‫زاهر‬‫أن‬‫يتخلص‬‫من‬‫القبضة‬ .. ‫وجعل‬‫يلتفت‬‫وراءه‬..‫فرأى‬‫النبي‬r ..‫فاطمأنت‬‫نفسه‬..‫وسكن‬‫فزعه‬.. ‫وصار‬‫صق‬ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ ‫يل‬ُ‫ظهره‬‫بصدر‬‫النبي‬r.. ‫حين‬‫عرفه‬.. ‫فجعل‬‫النبي‬r‫يمازح‬‫زاهرا‬.. ‫ويصيح‬‫بالناس‬‫يقول‬:‫من‬‫يشتري‬ ‫العبد‬‫؟‬..‫من‬‫يشتري‬‫العبد‬‫؟‬.. ‫فنظر‬‫زاهر‬‫في‬‫حاله‬..‫فإذا‬‫هو‬ ‫فقير‬‫كسير‬..‫ل‬‫مال‬..‫ول‬‫جمال‬.. ‫فقال‬:‫إذا‬‫وا‬‫تجدني‬‫كاسدا‬‫يا‬ ‫رسول‬‫ا‬.. ‫فقال‬r:‫لكن‬‫عند‬‫ا‬‫لست‬‫بكاسد‬.. ‫أنت‬‫عند‬‫ا‬‫غال‬.. ‫فل‬‫عجب‬‫أن‬‫تتعلق‬‫قلوب‬‫الفقراء‬‫به‬ ‫وهو‬‫يملكهم‬‫بهذه‬‫الخلق‬.. ‫كثير‬‫من‬‫الفقراء‬..‫قد‬‫ل‬‫يعيب‬‫على‬ ‫الغنياء‬‫البخل‬‫عليه‬‫بالمال‬‫والطعام‬ ..‫لكنه‬‫يجد‬‫عليهم‬‫بخلهم‬‫باللطف‬ ‫وحسن‬‫المعاشرة‬.. ‫وكم‬‫من‬‫فقير‬‫تبسمت‬‫في‬‫وجهه‬.. 18
  • 19. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وأشعرته‬‫بقيمته‬‫واحترامه‬.. ‫فرفع‬‫في‬‫ظلمة‬‫الليل‬‫يدا‬‫داعية‬ ..‫يستنزل‬‫بها‬‫لك‬‫الرحمات‬‫من‬ ‫ورب‬‫أشعث‬‫أغبر‬‫ذي‬‫طمرين‬ ‫مدفوع‬‫بالبواب‬‫ل‬‫يؤبه‬‫له‬..‫لو‬ ‫أقسم‬‫على‬‫ا‬‫لبره‬.. ‫فكن‬‫دائم‬‫البشر‬‫مع‬‫هؤلء‬ ‫الضعفاء‬.. ‫إشارة‬.. ‫لعل‬‫ابتسامة‬‫في‬‫وجه‬‫فقير‬.. ‫ترفعك‬‫عند‬‫ا‬‫درجات‬.. 10.‫النساء‬.. ‫كان‬‫جدي‬‫يستشهد‬‫بمثل‬‫قديم‬: "‫من‬‫غاب‬‫عن‬‫عنزه‬‫جابت‬‫تيس‬ .. "‫بمعنى‬‫أن‬‫من‬‫لم‬‫تجد‬‫عنده‬ ‫زوجته‬..‫ما‬‫يشبع‬‫عاطفتها‬.. ‫ويروي‬‫نفسها‬..‫فقد‬‫تحدثها‬ ‫نفسها‬‫بالستجابة‬‫لغيره‬..‫ممن‬ ‫وليس‬‫مقصودهم‬‫بهذا‬‫المثل‬ ‫تشبيه‬‫الرجل‬‫والمرأة‬‫بالتيس‬ ‫والعنز‬..‫معاذ‬‫ا‬.. ‫المرأة‬‫شقيقة‬‫الرجل‬..‫ولئن‬ ‫كان‬‫ا‬‫قد‬‫وهب‬‫الرجل‬‫جسما‬ ‫قويا‬..‫فقد‬‫وهبها‬‫عاطفة‬‫قوية‬ ‫وكم‬‫رأينا‬‫سلطين‬‫الرجال‬ ‫وشجعانهم‬‫تخور‬‫قواهم‬‫عند‬ ‫قوة‬‫عاطفة‬‫امرأة‬.. ‫ومن‬‫مهارات‬‫التعامل‬‫مع‬‫المرأة‬ ‫أن‬‫تعرف‬‫المفتاح‬‫الذي‬‫تؤثر‬‫من‬ ‫خلله‬‫فيها‬..‫العاطفة‬..‫تقاتلها‬ ‫كان‬‫النبي‬e‫يوصيك‬‫بالحسان‬‫إلى‬ ‫المرأة‬..‫واحترام‬‫عاطفتها‬..‫لجل‬ ‫أن‬‫تسعد‬‫معها‬.. ‫وأوصى‬‫الب‬‫بالحسان‬‫إلى‬‫بناته‬.. ‫فقال‬) :‫من‬‫عال‬‫جاريتين‬‫حتى‬ ‫تبلغا‬..‫جاء‬‫يوم‬‫القيامة‬‫أنا‬‫وهو‬ ‫وأوصى‬‫بها‬‫أولدها‬‫فقال‬‫فإنه‬‫لما‬ ‫سأله‬‫رجل‬‫فقال‬:‫من‬‫أحق‬‫الناس‬ ‫بحسن‬‫صحابتي‬‫؟‬ ‫قال‬:‫أمك‬..‫ثم‬‫أمك‬..‫ثم‬‫أمك‬..‫ثم‬ ‫أبوك‬.. )9( ‫بل‬‫أوصى‬r‫بالمرأة‬‫زوجها‬..‫م‬ّ ‫وذ‬ ‫من‬‫غاضب‬‫زوجته‬‫أو‬‫أساء‬‫إليها‬.. ‫وانظر‬‫إليه‬r‫وقد‬‫قام‬‫في‬‫حجة‬ ‫الوداع‬..‫فإذا‬‫بين‬‫يديه‬‫ة‬ُ ‫مائ‬‫ألف‬ ‫حاج‬..‫فيهم‬‫السود‬‫والبيض‬..‫والكبير‬ ‫والصغير‬..‫والغني‬‫والفقير‬.. ‫صاح‬r‫بهؤلء‬‫جميعا‬‫وقال‬‫لهم‬: ‫أل‬‫واستوصوا‬‫بالنساء‬‫خيرا‬..‫أل‬ ‫واستوصوا‬‫بالنساء‬‫خيرا‬.. )10( ‫وفي‬‫يوم‬‫من‬‫اليام‬‫أطاف‬‫بأزواج‬ ‫رسول‬‫ا‬r‫نساء‬‫كثير‬‫يشتكين‬ ‫أزواجهن‬..‫فلما‬‫علم‬‫النبي‬r‫بذلك‬.. ‫لقد‬‫طاف‬‫بآل‬‫محمد‬r‫نساء‬‫كثير‬ ‫يشتكين‬‫أزواجهن‬..‫ليس‬‫أولئك‬ ‫بخياركم‬.. )11( ‫وقال‬: )‫ركم‬ُ ‫خي‬‫ركم‬ُ ‫خي‬‫لهله‬‫وأنا‬‫خيركم‬ 8 )‫رواه‬ (‫مسلم‬ 9 )‫متفق‬ (‫عليه‬ 10 )‫رواه‬ (‫الترمذي‬‫ومسلم‬ 11 )‫رواه‬ (‫أبو‬‫داود‬ 19
  • 20. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫لهلي‬.. ( )12( ‫بل‬..‫قد‬‫بلغ‬‫من‬‫إكرام‬‫الدين‬ ‫للمرأة‬..‫أنها‬‫كانت‬‫تقوم‬ ‫الحروب‬..‫وتسحق‬‫الجماجم‬.. ‫وتتطاير‬‫الرؤوس‬..‫لجل‬‫عرض‬ ‫كان‬‫اليهود‬‫يساكنون‬‫المسلمين‬ ‫في‬‫المدينة‬.. ‫وكان‬‫يغيظهم‬‫ل‬ُ ‫نزو‬‫المر‬ ‫بالحجاب‬..‫ر‬ُ ‫وتست‬‫المسلمات‬.. ‫ويحاولون‬‫أن‬‫يزرعوا‬‫الفساد‬ ‫والتكشف‬‫في‬‫صفوف‬‫المسلمات‬ ‫وفي‬‫أحد‬‫اليام‬‫جاءت‬‫امرأة‬ ‫مسلمة‬‫إلى‬‫سوق‬‫يهود‬‫بني‬ ‫قينقاع‬.. ‫وكانت‬‫عفيفة‬‫متسترة‬..‫فجلست‬ ‫إلى‬‫صائغ‬‫هناك‬‫منهم‬.. ‫فاغتاظ‬‫اليهود‬‫من‬‫تسترها‬ ‫وعفتها‬..‫وودوا‬‫لو‬‫يتلذذون‬ ‫بالنظر‬‫إلى‬‫وجهها‬..‫أو‬‫سها‬ِ ‫لم‬ ‫ث‬ِ ‫والعب‬‫بها‬..‫كما‬‫كانوا‬‫يفعلون‬ ‫ذلك‬‫قبل‬‫إكرامها‬‫بالسلم‬.. ‫فجعلوا‬‫يريدونها‬‫على‬‫كشف‬ ‫فأبت‬..‫وتمنعت‬.. ‫فغافلها‬‫الصائغ‬‫وهي‬‫جالسة‬.. ‫وأخذ‬‫طرف‬‫ثوبها‬‫من‬‫السفل‬.. ‫وربطه‬‫إلى‬‫طرف‬‫خمارها‬ ‫فلما‬‫قامت‬..‫ارتفع‬‫ثوبها‬‫من‬ ‫ورائها‬..‫وتكشفت‬‫أعضاؤها‬.. ‫فضحك‬‫اليهود‬..‫منها‬ ‫فصاحت‬‫المسلمة‬‫العفيفة‬.. 12 )‫رواه‬ (‫ابن‬‫ماجة‬‫والترمذي‬ ‫وودت‬‫لو‬‫قتلوها‬‫ولم‬‫يكشفوا‬‫عورتها‬ .. ‫فلما‬‫رأى‬‫ذلك‬‫رجل‬‫من‬‫المسلمين‬.. ‫ل‬ّ ‫س‬‫سيفه‬..‫ووثب‬‫على‬‫الصائغ‬ ‫فقتله‬..‫فشد‬‫اليهود‬‫على‬‫المسلم‬ ‫فلما‬‫علم‬‫النبي‬r‫بذلك‬..‫وأن‬‫اليهود‬ ‫قد‬‫نقضوا‬‫العـهد‬‫وتعرضوا‬ ‫للمسلمات‬..‫حاصرهم‬..‫حتى‬ ‫فلما‬‫أراد‬‫النبي‬r‫أن‬‫ينكل‬‫بهم‬.. ‫ويثأر‬‫لعرض‬‫المسلمة‬‫العفيفة‬.. ‫قام‬‫إليه‬‫جندي‬‫من‬‫جند‬‫الشيطان‬.. ‫الذين‬‫ل‬‫يهمهم‬‫عرض‬‫المسلمات‬.. ‫ول‬‫صيانة‬‫المكرمات‬.. ‫وإنما‬‫هم‬‫أحدهم‬‫متعة‬‫بطنه‬‫وفرجه‬ .. ‫قام‬‫رأس‬‫المنافقين‬..‫عبد‬‫ا‬‫بن‬ ‫ي‬ّ ‫أب‬ُ‫ابن‬‫سلول‬.. ‫فقال‬:‫يا‬‫محمد‬‫أحسن‬‫في‬‫موالي‬ ‫اليهود‬‫وكانوا‬‫أنصاره‬‫في‬‫الجاهلية‬ ‫فأعرض‬‫عنه‬‫النبي‬r..‫ـى‬َ ‫وأب‬.. ‫إذ‬‫كيف‬‫يطلب‬‫العفو‬‫عن‬‫أقوام‬ ‫يريدون‬‫أن‬‫تشيع‬‫الفاحشة‬‫في‬‫الذين‬ ‫آمنوا‬!! ‫فقام‬‫المنافق‬‫مرة‬‫أخرى‬..‫وقال‬: ‫يا‬‫محمد‬‫أحسن‬‫إليهم‬.. ‫فأعرض‬‫عنه‬‫النبي‬r..‫صيانة‬ ‫لعرض‬‫المسلمات‬..‫وغيرة‬‫على‬ ‫العفيفات‬.. ‫فغضب‬‫ذلك‬‫المنافق‬..‫وأدخل‬‫يده‬ ‫في‬‫جيب‬‫درع‬‫النبي‬r..‫ره‬ّ ‫وج‬‫وهو‬ ‫يردد‬:‫أحسن‬‫إلى‬‫ي‬ّ ‫موال‬..‫أحسن‬‫إلى‬ ‫ي‬ّ ‫موال‬.. ‫فغضب‬‫النبي‬r‫والتفت‬‫إليه‬‫وصاح‬‫به‬ 20
  • 21. ‫ع‬ْ ‫تـمـتـ‬َ ‫سـ‬ْ ‫ا‬‫تـك‬ِ ‫حـيـا‬َ ‫بـ‬ِ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وقال‬:‫أرسلني‬.. ‫فأبى‬‫المنافق‬..‫وأخذ‬‫يناشد‬ ‫النبي‬r‫العدول‬‫عن‬‫قتلهم‬.. ‫فالتفت‬‫إليه‬‫النبي‬r‫وقال‬: ‫هم‬‫لك‬.. ‫ثم‬‫عدل‬‫عن‬‫قتلهم‬..‫لكنه‬r ‫أخرجهم‬‫من‬‫المدينة‬.. ‫ردهم‬ّ ‫وط‬‫من‬‫ديارهم‬.. ‫نعم‬‫المرأة‬‫العفيفة‬‫تستحق‬ ‫أكثر‬‫من‬‫ذلك‬.. ‫كانت‬‫خولة‬‫بنت‬‫ثعلبة‬t‫من‬ ‫الصحابيات‬‫الصالحات‬.. ‫وكان‬‫زوجها‬‫أوس‬‫بن‬‫الصامت‬ ‫شيخا‬‫كبيرا‬‫يسرع‬‫إليه‬‫الغضب‬.. ‫دخل‬‫عليها‬‫يوما‬‫راجعا‬‫من‬ ‫مجلس‬‫قومه‬..‫فكلمها‬‫في‬ ‫شيء‬‫فردت‬‫عليه‬..‫فتخاصما‬.. ‫فغضب‬‫فقال‬:‫أنت‬‫علي‬‫كظهر‬ ‫كانت‬‫هذه‬‫الكلمة‬‫في‬‫الجاهلية‬ ‫إذا‬‫قالها‬‫الرجل‬‫لزوجته‬‫صارت‬ ‫طلقا‬..‫أما‬‫في‬‫السلم‬‫فل‬ ‫رجع‬‫أوس‬‫إلى‬‫بيته‬..‫فإذا‬ ‫امرأته‬‫تتباعد‬‫عنه‬.. ‫وقالت‬‫له‬:‫والذي‬‫نفس‬‫خويلة‬ ‫بيده‬‫ل‬‫تخلص‬‫إلي‬‫وقد‬‫قلت‬‫ما‬ ‫قلت‬..‫حتى‬‫يحكم‬‫ا‬‫ورسوله‬ ‫ثم‬‫خرجت‬‫خولة‬‫إلى‬‫رسول‬‫ا‬ e‫فذكرت‬‫له‬‫ما‬‫تلقى‬‫من‬‫زوجها‬ ..‫وجعلت‬‫تشكو‬‫إليه‬‫ما‬‫سوء‬ ‫فجعل‬‫رسول‬‫ا‬e‫يصبرها‬ ‫ويقول‬:‫يا‬‫خويلة‬‫ابن‬‫عمك‬.. ‫شيخ‬‫كبير‬..‫فاتقي‬‫ا‬‫فيه‬.. ‫وهي‬‫تدافع‬‫عبراتها‬‫وتقول‬:‫يا‬ ‫رسول‬‫ا‬..‫أكل‬‫شبابي‬..‫ونثرت‬‫له‬ ‫بطني‬..‫حتى‬‫إذا‬‫كبرت‬‫سني‬.. ‫وانقطع‬‫ولدي‬..‫ظاهر‬‫مني‬..‫اللهم‬ ‫وهو‬e‫ينتظر‬‫أن‬‫ينزل‬‫ا‬‫تعالى‬ ‫فيهما‬‫حكما‬‫من‬‫عنده‬.. ‫فبينما‬‫خولة‬‫عند‬‫رسول‬‫ا‬e‫إذ‬ ‫هبط‬‫جبريل‬‫من‬‫السماء‬‫على‬‫رسول‬ ‫ا‬e.. ‫بقرآن‬‫فيه‬‫حكمها‬‫وحكم‬‫زوجها‬.. ‫فالتفت‬e‫إليها‬‫وقال‬:‫يا‬‫خويلة‬.. ‫قد‬‫أنزل‬‫فيك‬‫وفي‬‫صاحبك‬‫قرآنا‬.. ‫ثم‬‫قرأ‬"‫قد‬‫سمع‬‫ا‬‫قول‬‫التي‬ ‫تجادلك‬‫في‬‫زوجها‬‫وتشتكي‬‫إلى‬‫ا‬ ‫وا‬‫يسمع‬‫تحاوركما‬‫إن‬‫ا‬‫سميع‬ ‫ثم‬‫قال‬‫لها‬e‫مريه‬ُ‫فليعتق‬‫رقبة‬.. ‫فقالت‬:‫يا‬‫رسول‬‫ا‬..‫ما‬‫عنده‬‫ما‬ ‫يعتق‬.. ‫قال‬:‫فليصم‬‫شهرين‬‫متتابعين‬.. ‫قالت‬:‫وا‬‫إنه‬‫لشيخ‬‫كبير‬‫ما‬‫له‬‫من‬ ‫صيام‬.. ‫قال‬:‫فليطعم‬‫ستين‬‫مسكينا‬‫وسقا‬ ‫من‬‫تمر‬.. ‫قالت‬:‫يا‬‫رسول‬‫ا‬..‫ما‬‫ذاك‬‫عنده‬ .. ‫فقال‬e:‫فإنا‬‫سنعينه‬‫بعرق‬‫من‬ ‫تمر‬.. ‫قالت‬:‫وا‬‫يا‬‫رسول‬‫ا‬..‫أنا‬ ‫سأعينه‬‫بعرق‬‫آخر‬.. ‫فقال‬e:‫قد‬‫أصبت‬‫وأحسنت‬.. ‫فاذهبي‬‫فتصدقي‬‫به‬‫عنه‬..‫ثم‬ ‫استوصي‬‫بابن‬‫عمك‬‫خيرا‬.. )13( 13 )‫رواه‬ (‫أحمد‬‫وأبو‬‫داود‬،‫صحيح‬. 21