SlideShare a Scribd company logo
1 of 58
معهد التخطيط 
مؤتمر "القدرة التنافسية للاقتصاد الليبي" 
2104 طرابلس /2/4- يومي 3 
عنوان الورقة: 
قانون المصارف الإسلامية وأثره في زيادة 
القدرة التنافسية للاقتصاد 
إعداد 
د.محمد وفيق محمد زين العابدين 
القاضي بالمحاكم الابتدائية بجمهورية مصر العربية 
والأمين العام لمركز د ا رسات التشريع الإسلامي وتطوير العدالة
مقدمـــة :  
بسم الله ، والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ،، 
الحمد لله الذي رفع لنا في كل ثغر علمًا ، وأجرى لنا في جوار كل بحر ما يضاهيه كرمًا ، وجعل في هذه الأمة 
من المسلمين إلى اليوم من يزيد الناس علمًا ويمحو من الظلمات ظلمًا .. 
الحمد لله الذي اختص هذه الأمة بشريعة محكمة مباركة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، شريعة 
ربانية سماوية ثابتة لا تتبدل ولا تتغير ، شريعة دائمة مرنة عامة تتسع لحاجات البشر في كل زمان ومكان مهما 
تعددت ومهما تنوعت وكيفما تطورت ، شريعة سامية راقية غنية بالمحاسن ووجوه الإعجاز ، ومن أحسنُ من الله 
حُكْمًا لقوم يوقنون . 
ومن أبرز الجوانب التي عنيت بها الشريعة عنايةً بالغة وضبطتها على أتم وجه الجانب الاقتصادي ، حيث 
اشتمل القرآن الكريم والسُّنة النبوية على أحكام وقواعد بنى عليها الفقهاء المسلمون خلفًا عن سلف قوانين 
ونظريات هي الأكمل والأفضل من حيث الفعالية في تحقيق سعادة البشرية ونهضة الشعوب . 
ومن هذه القوانين : تقديم درء المفاسد على جلب المنافع إذا ما تعذر الجمع في الوقت نفسه بين درء المفسدة 
وجلب المصلحة ، الموازنة بين رغبات جميع الأط ا رف في المعاملات وعدم تغليب رغبة صاحب المال أو صاحب 
السلعة على رغبة غيرهما لميزة حيازة المال أو السلعة ، حماية الملكيات الخاصة ورعاية المصالح العامة 
للجماعة في نفس الوقت ، إذابة الفوارق الطبقية ونبذ العنصرية وتحقيق العدالة الاجتماعية بين الأغنياء 
والفقراء وبين الأصحاء وذوي الاحتياجات الخاصة من خلال أدوات وآليات خاصة متعلقة بالتضامن والتكافل على 
وجه ملزم لكل فرد أحيانًا من خلال ف ر وض أعيان ، وللأمة كلها أحيانًا أخرى من خلال ف روض كفاية ، إعمار 
الأرض وتشجيع الاستثمار والحث على العمل بجد اوحت ا رم العلم وترجمته في الواقع إلى عمل ، حماية القيم 
الأخلاقية وتهذيب السلوك ومحاربة المادية الطاغية ، المحافظة على المال العام للدولة وحسن استغلال موارد 
الأمة وتنمية القدر المشترك المملوك لكل أف ا رد المجتمع من المنافع ، الحزم في محاسبة الولاة والموظفين والعمال 
2
والتشدد في رقابتهم ، وغير ذلك من أفكار وجوانب مثالية عظيمة لم تكن محض أفكار نظرية علمية ، بل ت رجمت 
في الواقع إلى تطبيق ملموس ابتداءً بعهد النبوة ثم الخلافة الراشدة وما بعدها وانتهاءً بعصر الخلافة العثمانية . 
لقد تمتعت القواعد الاقتصادية الإسلامية بخصائص ومقومات ميزتها عن النظريات الاقتصادية الوضعية من عدة 
نواح : من جهة العدالة فعدالتها مطلقة لا تُجامل فئةً ولا تُحابي أحدًا ، ومن جهة فلسفتها فهي حكيمة لا تقدم 
مفسدة ولا تغفل مصلحة ا رجحة على حساب مصلحة مرجوحة ، ومن جهة دوامها فهي ثابتةٌ لا تتبدل ولا تتغير 
بتغير الزمان أو المكان ، ومن جهة عموميتها فهي عامة صالحة لكل مجتمع وكل شعب ، ومن جهة شمولها 
فهي غنيةٌ محيطةٌ لا تُغفل شيئًا ، ومن جهة فعاليتها فهي تلتزم الحدود العملية المفيدة الجائز البحث فيها دون 
مبالغة في تساؤلات غير مبررة بخلاف الاقتصاد الوضعي القائم في جزء كبير منه على الفروض الخيالية 
والسفسطـة الجدلية ، ومن جهة أثرها فهي طريق السعادة ولا بد لمن امتثل أوامرها وتجنب نواهيها ما استطاع 
إلى ذلك سبيلا . 
ولا خلاف في أن البنوك بصفة عامة قد صارت اليوم من أهم وسائل وأدوات تفعيل النظريات الاقتصادية وتنفيذ 
السياسات المالية لما تميزت به الحضارة المعاصرة من المؤسسية ، فعمل البنوك الرئيسي يقوم على تجميع 
المدخرات وتوظيفها في خدمة الاقتصاد الوطني بما يُساعد على تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية العامة للدولة 
، ولذلك كان لا بد أن تنظم أعمالها تشريعات خاصة هي التقنينات المص رفية التي تتناول أحكام تنظيم أعمالها 
ورقابة البنك المركزي عليها ضمانًا لتحقيق الهدف من إنشائها . 
ولهذه الأهمية البالغة للبنوك ، فقد باتت أيضًا المصارف الإسلامية نظريًا وواقعيًا الآلية الأهم في ترجمة النظريات 
الاقتصادية والفقه المالي الإسلاميين إلى واقع عملي تطبيقي ، يُمكن من خلاله إب ا رز أُسس الاقتصاد الإسلامي 
ومحاسنه واعجازه وأثره في تقدم المجتمعات وتحسين معيشة الأفراد ، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال قوانين تنظم 
الأحكام الفقهية التي يجب م ا رعاتها والالت ا زم بها حتى لا تصير تلك المصارف نوع من أنواع المتاجرة بالدين 
وتخرج عن الإطار والغرض من إنشائها وهو تلبية رغبات الشعوب والمجتمعات الإسلامية في إيجاد قنوات للتعامل 
3
المصرفي البعيد عن المخالفات الشرعية لاسيما استخدام معدلات الفائدة في الادخار والاستثمار ، إذ التدوين في 
أي فن يُمثل مرحلة متقدمة من تطوره . 
وتقنين أي مسألة ما هو إلا تعبير عن مدى الت ا زم المجتمع بها واحت ا رمه لها واتفاقه بشأنها ، فالخلافات عندما 
تكثر بسبب ما تنشأ حاجة ملحة لتسويتها من خلال وضع قانون يُمكن به التمييز بين حقوق المتنازعين 
والت ا زماتهم في تعاملاتهم ، ثم توحيد الإج ا رءات القانونية فالأحكام القضائية ، وهو ما من شأنه الإس ا رع بالفصل 
في المنازعات وانهاء الخلافات على نحو يُشعر معه المتقاضين بالعدالة ويُحقق الاستقرار في المجتمع . 
فالقانون إذًا يُمكن أن يكون بمثابة العصا السحرية التي تمسكها السلطة السياسية لتحقيق المساواة بين الناس 
والاستق ا رر في المجتمع شريطة أن يكون محققًا لمتطلبات المجتمع وآماله الثقافية والفكرية والمادية التي تُمليها 
طبيعة بيئته الدينية والاجتماعية ، حتى لا تكون ثمة فجوة بين طبيعة واقع الأف ا رد الاجتماعي وبين القوانين التي 
تحكمهم ، فقانون أي أمة هو مرآة أحوالها المادية والفكرية والاجتماعية ، واذا كان من المفترض أن يكون 
القانون هو مصدر سعادة كل مجتمع ونهضته كما يقول فلاسفة القانون ، فإنه لن يكون كذلك إذا لم يحقق 
متطلباتهم وآمالهم الثقافية والفكرية والمادية التي تُمليها طبيعة بيئتهم الدينية والاجتماعية ، بل سيكون وبالًا 
عليهم ، وسيكون مصدرًا لتعاستهم وشقاوتهم لا إسعادهم ونهضتهم ، إذ كُل فرد أسير قيمه ومبادئه الدينية 
والاجتماعية ، وهي أعلى عنده من أي تقنين وتشريع ، وما يدفعه إلى احت ا رم أي قانون عادل إلا عدالتــه ، ولا 
يدفعه إلى انتهاك أي قانون ظالم إلا ظلمه وجوره .. 
وهذا البحث ما هو إلا مساهمة في ضبط الحياة الاقتصادية للأمة الإسلامية وفق نظم قانونية تتفق وانتمائها 
الحضاري والثقافي الأصيل ، والله أسأل أن يوفقني لإتمام هذا العمل على الوجه الذي يحبه ويرضاه ، فما كان 
من توفيق فمن الله عز وجل وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان وكلٌ بقدر الله تعالى .. 
4
مقدمة في : نشأة المصارف الإسلامية 
تعود فكرة إنشاء بنوك ذات صبغة إسلامية من حيث العمليات والأنشطة التي تقوم بها إلى منتصف القرن 
المنصرم ، ويُعد الدكتور أحمد النجار رحمه الله هو أول من حاول إعداد تجربة لها في أوائل النصف الثاني من 
القرن الماضي حيث أنشأ في عام 3691 م بنك للادخار المحلي في محافظة الدقهلية بمدينة ) ميت غمر ( وذلك 
لتعبئة المواطنين ليشاركوا مشاركة إيجابية في عملية تكوين أ رس المال بطريقة تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية ، 
وذلك في سبيل تنمية المجتمع الريفي من خلال بتجميع المدخ ا رت من صغار الفلاحين والعمال ، وقد تمكن البنك 
من جذب مليون عميل تميزت مدخ ا رتهم بصغر مبالغها ، وانتهت التجربة مبكرًا في منتصف عام 3691 م بعد 
أربع سنوات من إنشائه الممارسة . 
وفى نفس العام كانت تجربة أحمد إرشاد رحمه الله في باكستان التي قامت بدعم من الملك فيصل والشيخ أمين 
الحسيني رحمهما الله ، ولم يقدر لهذا المصرف الاستم ا رر لأكثر من أربعة أشهر . 
وفي عام 3613 م تم إنشاء بنك ناصر الاجتماعي في جمهورية مصر العربية الذي نُص في لائحة تأسيسه 
على أنه أُنشأ بغرض تحقيق التكافل الاجتماعي ، وأنه لا يتعامل بالفائدة الربوية أخذًا أو عطاءً ، لكنه لم يكن 
على المستوى الإسلامي المفروض والمطلوب ، إذ كان يُغالي في مصاريف القروض حتى كادت تقرب من سعر 
. الفائدة كما أنه انتهج المنهج التجاري التي انتهجته البنوك التقليدية الربوية في بعض أنشطته 1 
اولاهتمام الحقيقي بإنشاء مصارف تعمل وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية كان في مؤتمر وز ا رء خارجية الدول 
الإسلامية بمدينة جدة السعودية عام 3611 م حيث أصدروا توصية بضرورة إنشاء مصرف إسلامي دولي للدول 
الإسلامية ، ثم وفي عام 3611 م بمناسبة مؤتمر القمة الإسلامي في لاهور بباكستان صدرت ذات التوصية 
بضرورة إنشاء المصا رف الإسلامية والبنك الإسلامي للتنمية ، ونتيجة لهذه التوصيات فقد تم عقد اتفاقية 
1 تطور مسيرة فكرة وتجربة المصارف الإسلامية عبر نصف قرن : مجلة الد ا رسات التجارية الإسلامية ، العدد الثالث ، السنة الأولى ، 
5 
. ) يوليو 4891 م ، ) ص 444
تأسيس البنك الإسلامي للتنمية وتم التوقيع عليها عام 3611 م ، وبالفعل باشر تم تأسيس البنك وباشر نشاطه 
بمدينة جدة اعتبارًا من عام 3611 م ، وتميز بأنه مصرف حكومات لا يتعامل مع الأف ا رد في النواحي الاقتصادية 
أشبه ما يكون بصندوق النقد الدولي . 
وفي عام 3611 م تم إنشاء بنك دبي الإسلامي في دولة الإما ا رت العربية المتحدة ، ويعتبر هذا البنك أول 
مصرف إسلامي خاص يتعامل مع الأف ا رد ، والبعض يعتبره أول مصرف إسلامي متكامل يتعامل وفقًا لأحكام 
الشريعة الإسلامية حقيقةً ، أو يا ما كان الأمر فإن النظام الأساسي لبنك دبي الإسلامي كان مصد رًا فكريًا رئيسيًا 
لعدد من المصارف الإسلامية التي أ سست بعده ، ثم وفي عام 3611 م تم إنشاء بنك فيصل الإسلامي السوداني 
، وفي ذات العام تم إنشاء الا تحاد الدولي للبنوك الإسلامية بمدينة مكة المكرمة بهدف دعم الروابط وتحقيق 
التعاون بين المصارف الإسلامية والتنسيق بين أنشطتها وتوحيد أساليب عملها وممارساتها وفقًا لأحكام الشريعة 
الإسلامية . 
وفي عام 3611 م تم إنشاء بنك فيصل الإسلامي المصري ، وبيت التمويل الكويتي ، وبنك البحرين الإسلامي ، 
والبنك الإسلامي الأردني ، وفي العام التالي تم إنشاء المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية في مصر ، 
ودار المال الإسلامي . 
فقد تم إنشائها عام 3611 م ، وفي ) BIMB ( وأما مجموعة بنوك فيصل الإسلامية وبنك ماليزيا الإسلامي 
العام التالي تم إنشاء مجموعة بنوك البركة الإسلامية ، وبنك بنجلاديش الإسلامي ، وبنك قطر الإسلامي ، كما 
تم إنشاء الهيئة العُليا للفتوى والرقابة الشرعية التي تتشكل من رؤساء هيئات الرقابة الشرعية بالمصارف 
والمؤسسات المالية الإسلامية الأعضاء في الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية يُضاف إليهم بعض علماء العالم 
الإسلامي . 
6
وبعد ذلك توالى إنشاء المصارف الإسلامية حتى أن بعض حكومات الدول الإسلامية اتجهت إلى تغيير نظمها 
المصرفية 2 بالكامل ليتمش مع أحكام الشريعة الإسلامية ، كما حدث في إي ا رن عام 3611 م 3 ، ثم باكستان 
عام 3611 م ، ثم السودان عام 3663 م ، وجزئ يا ل تُمكن من قيام مصارف إسلامية إلى جانب البنوك التقليدية 
القائمة ولتسمح للبنوك التقليدية بتقديم خدمات مصرفية إسلامية كما حدث في ماليزيا وتركيا ومصر والإما ا رت 
واليمن والكويت وسوريا والأردن ولبنان وغيرها من الدول . 
وفي العاشر من يوليو 3666 م تم الاتفاق بين رؤساء البنوك والمؤسسات المالية الإسـلامية في الاجتماع الذي 
عُقد في مقر البنك الإسلامي للتنمية بجدة على إنشاء مجلس عام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية ، 
وبالفعل تم تأسيسه عام 1003 م في دولة البحرين مع اعتباره شخصية اعتبارية مستقلة تتمتع بأهلية التعـاقـد 
اولتصرف واستثمار أمواله وفقًا لنظامه الأساسي . 
وفي أغسطس 1001 م تم إنشاء البنك الإسلامي في بريطانيا وهو أول مصرف إسلامي مرخص في دولة غير 
إسلامية ، ثم توالى إنشاء المصارف الإسلامية المرخصة في عدد كبير من الدول غير الإسلامية كالولايات 
المتحدة الأمريكية وفرنسا وايطاليا وهولندا وسويسرا وروسيا واليابان والهند ودول أخرى آخرها بلجيكا . 
وقد ازداد عدد البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية من مؤسسة واحدة عام 3611 م ) بنك دبي الإسلامي ( إلى 
ما يزيد على ثلاثمائة وستين مؤسسة مالية إسلامية عام 1001 م تتواجد في أكثر من خمسة وسبعين دولة من 
دول العالم متخذةً مسميات عدة منها ؛ البنك الإسلامي ، المصرف الإسلامي ، بيت التمويل ، وذلك حسب ما 
أعلنه المجلس العام للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بالبحرين بوصفه الجهة المسئولة عن البيانات 
والمعلومات الخاصة بالمصارف الإسلامية . 
2 مع ما وجه إليها من نقد وما أُثير بشأن ممارساتها من مخالفات . 
3 بعد أن أممت الحكومة الإي ا رنية جميع البنوك خلال الفترة من 4898 م حتى 4891 م بعد قيام الثورة الإسلامية ، وفي أغسطس 
4891 م أصدرت الحكومة قانون الأعمال المصرفية الخالية من الربا ، وطلبت من جميع البنوك تحويل ودائعها والانتهاء من التحول 
الإسلامي في عملياتها كافةً في غضون ثلاث سنوات . 
7
المحور الأ ول : خصائص المصرفية الإسلامية 
تتميز المصارف الإسلامية ببعض الخصائص التي تُميزها عن غيرها من البنوك التقليدية ، وأهم هذه الخصائص 
التي تُميز عملها ) نظريًا ( تبعًا لطبيعتها الإسلامية : 
أولًا : شرعية أنشطتها وعملياتها من الناحية الإسلامية ، أي الت ا زمها أحكام الشريعة الإسلامية في كافة أعمالها 
وأنشطتها ، وهو أهم وجه من الوجوه المميزة لعمل هذه المصارف وأنشطتها ، ويترتب عليه عدة نتائج ، أهمها : 
3 ( حظـر ممارسة المصارف الإسلامية عملياتها وخدماتها المصرفية والاستثمارية على أساس الفائـدة في ( 
جميع صورها وأشكالها ، حفاظًا على مصداقية العمل المصرفي الإسلامي وتكريس الثقة في هذا العمل . 
1 ( ضبط المصارف الإسلامية أنشطتها وأعمالها من خلال هيئة رقابية شرعية مكونة من عناصر علمية ( 
شرعية واقتصادية وقانونية متخصصة . 
1 ( تلتزم المصارف الإسلامية بالقيم والمبادئ الأخلاقية الإسلامية في العمل المصرفي ، وما كان متفقًا مع ( 
هذه القيم من القواعد والأسس المصرفية والاقتصادية الوضعية . 
ثانيًا : تقوم أنشطة المصارف الإسلامية على م زاولة عمليات الاستثمار المباشر في الأنشطة التجارية والصناعية 
والز ا رعية وغيرها من الأنشطة النوعية غير المصرفية أو المالية ضمن ضوابط خاصة تتفق مع أحكام الشريعة 
الإسلامية ، وهذا من أهم مقاصد السياسة المصرفية الإسلامية وهو الاستثمار الفعلي لتحقيق التنمية الشاملة . 
وهي بهذا تختلف عن البنوك التقليدية التي تقوم أنشطتها الأساسية على استثمار المال ذاته عن طريـق 
الإقــ ا رض . 
ثال ثًا : تُمارس البنوك الإسلامية أنشطتها من خلال عقود وأساليب تمويل متعددة قائمة على أساس المشاركة في 
الربح أو الخسارة في المعاملات تُعرف بصيغ الاستثمار ، وأهمها في الواقع العملي : المرابحة ، المُضاربة ، 
المشاركة ، الاستصناع ، ال س ل م ، الإجارة . 
8
والحق أن صيغ الاستثمار التي يمكن للمصارف الإسلامية العمل بها أكثر بكثير من المعمول بها ، فتنوع العقود 
في التشريع الإسلامي ما بين مسماة وغير مسماة ، يجعل صيغ المعاملات المصرفية كثيرة بحسب تنوع هذه 
العقود ، وهذه الصيغ تقوم على ثلاثة عناصر : الإيجابية في المشاركة ، الاستثمار ، التنمية . 
رابعًا : تتطلب أساليب التمويل التي تعمل بها المصارف الإسلامية تملك المصرف للأصل محل التعامل لفترة 
طويلة من الوقت . 
خامسً ا : للبنوك الإسلامية أدوات خاصة بها لتنظيم السيولة المصرفية . 
سادسًا : من أهم سمات عمل المصارف الإسلامية المخاطرة ، وذلك لأن أنشطتها تقوم في الأساس على 
الاستثمار النوعي الحقيقي الذي تُعد المخاطرة من أهم سماته وخصائصه بخلاف الإقراض النقدي الذي تنعدم فيه 
نسبة المخاطرة بالمقارنة بالاستثمار النوعي ، فقدرة البنك التقليدي على خلق النقود وزيادة العرض النقدي تعتبر 
كبيرة جدًا بالمقارنة بما عليه الحال في المصرف الإسلامي الذي يُمارس عمله على أُسس شرعية صحيحة . 
ومن ث م فليس هناك أي الت ا زم على المصرف الإسلامي بضرورة رد الأموال المودعة لديه كاملةً لأصحابها ، لأنها 
ليست مضمونة على المصرف كما هو الحال بالنسبة للودائع الآجلة في البنك التقليدي ، والتي تعتبر ديونًا في 
ذمة البنك ، أما المصرف الإسلامي فلا يضمن سوى الودائع الجارية باستحقاقه ربحها 4 ، تطبيقًا للقاعدة 
5 ، أي : ملك الخ ا رج وهو الدخل » الْ خ راجُ بِال ض مانِ « : الفقهية المأخوذة من قول النبي صلى الله عليه وسلم 
والمنفعة بضمان الأصل . 
9 
. ) 4 د ا رسات في التمويل الإسلامي ) 401 
1040 / الإجارة ( ، والترمذي في سننه ) 4190 / البيوع ( ، والنسائي في سننه ) ، 5 حسن : أخرجه أبو داود في سننه ) 1009 
/ 1111 / التجا ا رت ( ، والشافعي في مسنده ) 110 ( ، وأحمد في مسنده ) 6 ، 1180 / البيوع ( ، وابن ماجه في سننه ) 1111 
1819 / البيوع ( ، والحاكم في ، 0 ( ، وابن حبان في صحيحه ) 1819 / 119 ( ، والدارقطني في سننه ) 1 ، 109 ، 18 
111 ( وغيرهم من طرقٍ متعددة تعضد بعضها ، 114 / 48 ( ، والبيهقي في الكبرى ) 0 ، 49 / مستدركه على الصحيحين ) 1 
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
سابعًا : تتميز المصارف الإسلامية بتقديم مجموعة من الأنشطة الخدمية لا تقدمها البنوك التقليدية ، ومنها : 
3 ( أنشطة الق ر وض الحسنة وانشاء المشروعات الصغيرة لبعض فئات المجتمع . ( 
1 ( أنشطة جمع أموال الزكاة وانفاقها في مصارفها الشرعية من خلال ما يُعرف بــ ) صندوق الزكاة ( . ( 
1 ( أنشطة اجتماعية تكافلية ، ككفالة الأيتام ومساعدة الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة ، وغير ذلك . ( 
1 ( أنشطة تثقيفية اقتصادية بصفة عامة ، ومصرفية بصفة خاصة . ( 
10
المحور الثاني : معوقات العمل المصرفي الإسلامي 
لا يُمكن لنا ونحن نتكلم عن العمل المصرفي الإسلامي أن نُغفل الكلام عن موضوع هام يرتبط به ارتباطًا وثيقًا 
مؤثرًا وهو معوقات العمل المصرفي الإسلامي ، فبرغم نجاح المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية وازدهار 
العمل المصرفي الإسلامي لاسيما في العقد الأخير إثر الأزمات المالية التي اجتاحت العالم وعصفت بالبنوك 
والمؤسسات المالية ، وتسبب في إقالة وزراء بل وحكومات بأكملها ، برغم هذا فإن العمل المصرفي الإسلامي لا 
يزال يُعاني من مشاكل ومعوقات كثيرة تحول دون تحقيق مزيد من الازدهار والتقدم . 
وبوسعنا أن نُقسم هذه المشاكل والمعوقات إلى قسمين : 
الأول : معوقات داخلية متعلقة بالعمل المؤسسي ذاته داخل المصارف الإسلامية . 
الثاني : معوقات خارجية متعلقة بالبيئة الإدارية والقانونية والقضائية التي تعمل فيها المصارف والمؤسسات 
المالية الإسلامية . 
القسم الأول : المعوقات الداخلية المتعلقة بالعمل المؤسسي ذاته : 
أولًا : ضعف العلم الفقهي الشرعي لدى بعض العاملين بالمصارف الإسلامية ، لاسيما المتعلق بالمعاملات 
الشرعية ، وعلى وجه الخصوص الم ا ربحة وضوابطها الشرعية باعتبارها تمثل أكثر من 60 % من تعاملات 
المصارف الإسلامية ، يقول الدكتور رفعت السيد العوضي : ) أسلوب وسياسات التوظيف بالبنوك الإسلامية لا 
تهتم بمعايير الجدارة ولا بالالتزام بالسلوك الإسلامي ، ولا تهتم كثيرًا بتنويع مصادر الاستقطاب ، وتعتمد على 
المعرفة كثيرًا والعلاقات الشخصية ( 6 ، لذلك فقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره 
الثامن في ) بروناي دار السلام ( في الأسبوع الأول من شهر الله المحرم سنة 3131 هـ ) الموافق الفترة من 
13 حتى 11 يونيو 3661 م ( توصيته بضرورة : ) اهتمام البنوك الإسلامية بتأهيل القيادات والعاملين فيها 
11 
. ) 140 / 6 موسوعة الاقتصاد الإسلامي ) 8
بالخب ا رت الوظيفية الواعية لطبيعة العمل المصرفي الإسلامي ، وتوفير الب ا رمج التدريبية المناسبة بالتعاون مع 
المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب وسائر الجهات المعنية بالتدريب المصرفي الإسلامي ( . 
ثانيًا : عدم الالت ا زم بخطوات الإج ا رءات التنفيذية الواجب اتباعها ، حيث يعتبرها بعض العاملين في المصارف 
الإسلامية شكلية . 
ثالثًا : رغبة بعض العاملين في المصارف الإسلامية وبعض المتعاملين معها في سرعة إنجاز المعاملة في أقل 
وقت ممكن ، ولو على حساب الضوابط الشرعية والالت ا زم بتسلسل الإج ا رءات ، بل يجعلهم ذلك أحيانًا يقومون في 
عقود الم ا ربحة بالتوقيع على نموذج الوعد بالش ا رء وعقد بيع الم ا ربحة واستلام الضمانات وتسليم الشيك للعميل 
لتسليمه للمورد في آن واحد دون ترتيب أو م ا رعاة للإج ا رءات . 
رابعًا : بعض المتعاملين مع المصارف الإسلامية يسعون للتعامل معها لا لتجنب المعاملات الربوية مع البنوك 
التقليدية ، بل محض بُغية الحصول على السلعة أو النقد بأي وسيلة ، فصيغ الم ا ربحة والمشاركة والمُضاربة لا 
تعدو بالنسبة لهم وسيلة للتمويل لا نوع من أنواع التجارة والبيوع ، وهو ما يدفعهم إلى التحايل على الإج ا رءات 
وتقديم المستندات الوهمية والمعلومات غير الحقيقية متجاهلين الجوانب الشرعية في المعاملة التي يقوم بها 
المصرف ، فتكون صورة المعاملة في حقيقتها صورية . 
خامسًا : قلة خبرة المُضاربين والمشاركين المتعاملين مع المصارف الإسلامية في الأعمال والأنشطة الاستثمارية 
، فضلًا عن الانحدار الأخلاقي المتعلق بالأمانة والسلوك القويم جعل كثيرًا من المصارف والمؤسسات المالية 
تُحجم عن إبرام عقود المُضاربة والمشاركة وما يماثلهما خوفًا على أموال المودعين وتحرزًا من تعريض أموال 
المصرف للضياع ، فمن المعلوم قوة الضمانات في مثل هذه الصيغ من صيغ الاستثمار ليست هي أساس 
التمويل بل الأساس هو الثقة في العميل وهو ما لا يمكن الاستيثاق منه بسهولة ، وهو ما أدى إلى ازدهار صيغة 
الم ا ربحة كصيغة من صيغ التمويل على حساب باقي الصيغ . 
سادسًا : ضعف نظم المراجعة والرقابة الداخلية والمالية على معاملات المصارف الإسلامية حتى باتت الأخطاء 
والمخالفات جزءًا من إج ا رءات العمل . 
12
سابعً ا : ضعف نظم الرقابة الشرعية على معاملات والمصا رف والتأكد من تطبيق الضوابط الشرعية . 
ثام نا : عدم استقلالية هيئة الرقابة الشرعية عن مجالس إدا ا رت المصارف الإسلامية ، وتأثرها بالنظام المصرفي 
في الدولة وتوجهات المصرف ومجلس إدارته . 
القسم الثاني : المعوقات الخارجية المتعلقة بالبيئة الإدارية والقانونية والقضائية التي تعمل فيها 
المصارف والمؤسسات الإسلامية : 
أولًا : عدم وجود البيئة الشرعية المناسبة التي تشجع على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في المجال 
الاقتصادي والمالي ، فمعظم النظم الاقتصادية والمالية بعيدة كل البعد عن أحكام الشريعة الإسلامية لا تتفق 
وطبيعة معاملات المصارف الإسلامية وأنشطتها ، فمعظم البنوك المركزية لا ت ا رعي اختلاف بيئة البنوك التقليدية 
عن التي ينبغي أن تعمل فيها المصارف الإسلامية . 
فمثلًا سياسة الاحتياطي القانوني التي يتبعها البنك المركزي في تعامله مع البنوك التقليدية والمصارف الإسلامية 
على حد سواء تؤدي إلى تعطيل جزء من موارد هذه المصارف على غير رغبة المودعين وتتعارض مع حسن 
استثمار المال كاملًا ، لأن أنشطة هذه المصارف تقوم في الأساس على الاستثمار النوعي الحقيقي الذي تُعد 
المخاطرة من أهم سماته وخصائصه بخلاف الإق ا رض النقدي الذي هو أساس عمل البنوك التقليدية والذي تنعدم 
فيه نسبة المخاطرة بالمقارنة بالاستثمار النوعي ، فقدرة البنوك التقليدية على خلق النقود وزيادة العرض النقدي 
تعتبر كبيرة جدًا بالمقارنة بما عليه الحال في المصارف الإسلامية التي تُمارس عملها على أُسس شرعية صحيحة 
، فالاحتياطي القانوني يُؤثر سلبًا على العائد الموزع على أصحاب الحسابات الاستثمارية في هذه المصارف ، 
كما أن البنوك التقليدية تستفيد من طرح أذون الخ ا زنة - التي لا تتعامل بها المصارف الإسلامية لحرمتها - من 
نسبة الاحتياطي القانوني ، هذا فضلًا عن أن الاحتياطي القانوني بالدولار يتم احتساب فائدة له بسعر الإيداع في 
13
سوق لندن مما يحول دون استفادة المصارف الإسلامية من تلك الفائدة لكونها محرمة على عكس البنوك 
. التقليدية 7 
ثان يا : المشكلات الإدارية والإج ا رءات التنظيمية المعقدة المتعلقة بتراخيص التشغيل وانشاء الشركات وممارسة 
العمل المصرفي الإسلامي ، وهو ما تسبب في إغلاق بعض المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية كبنك فيصل 
الإسلامي في المملكة المتحدة . 
فعمل المصارف الإسلامية يقوم على أساس المشاركة والمُضاربة والم ا ربحة وغير ذلك من صيغ الاستثمار ، وهذا 
يتطلب بيئة مختلفة تنظيميًا عن تلك التي تعمل في ظلها البنوك التقليدية . 
بل إنه في كثير من البلدان - لاسيما غير الإسلامية - تضطر المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية للجوء 
لبعض الحيل القانونية لممارسة أعمالها وأنشطتها وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية أو قريبة منها ، لكنها قد 
تعرض نفسها لخطر الخروج من مظلة التأمين التي يوفرها البنك المركزي ، وقريب من هذا ما حدث مع مؤسسة 
إخلاص للتمويل الإسلامي الموجودة في تركيا - المؤسسة المصرفية الوحيدة التي لم تنج من الأزمات المالية 
1003 بسبب مشاكل في السيولة ، ولم / العالمية - التي أُغلقت في أعقاب الأزمة المالية في عامي 1000 
تجد حينئذٍ معونة من الحكومة التركية - كتلك التي عاونت بها معظم حكومات دول العالم بنوكها ومؤسساتها 
المالية - لأنها لم تكن محمية من قبل نظام التأمين في البنك المركزي التركي . 
ثال ثًا : مشكلات المنظومة القانونية والقضائية ، بدءًا من ضعــف التشريعات الاقتصاديــة ، وتأخر الفصل في 
القضايــا لاسيما الماليــة منها ، وضعف مستوى المعاونين من الخب ا رء المختصين ببحث المسائل الفنية 
والحسابية . 
رابعًا : الأعباء المالية الملقاة على عاتق المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية مقارنةً بالبنوك التقليدية ، لأن 
أنشطة هذه المصارف والمؤسسات تقوم في الأساس على الاستثمار النوعي الحقيقي الذي تُعد المخاطرة من أهم 
14 
. ) 7 د ا رسات في التمويل الإسلامي ) 401
سماته وخصائصه بخلاف الإق ا رض النقدي الذي هو أساس عمل البنوك التقليدية والذي تنعدم فيه نسبة المخاطرة 
بالمقارنة بالاستثمار النوعي ، فقدرة البنوك التقليدية على خلق النقود وزيادة العرض النقدي تعتبر كبيرة جدًا 
بالمقارنة بما عليه الحال في المصارف الإسلامية التي تُمارس عملها على أُسس شرعية صحيحة . 
كما أن المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في الغالب ما تتعرض لحالات من الازدواج الضريبي بخصوص 
الأنشطة التي تمارسها المصارف الإسلامية ، وقد عانت شركات بناء وبيع العقا ا رت التي كانت تتعامل وفق أحكام 
الشريعة الإسلامية في بعض الولايات الأميركية من عبء دفع الضريبة مرتين للبيوع والمعاملات التي كانت تقوم 
بها ، وهو ما جعل دولة مثل إندونيسيا تُقر في غضون عام 1006 م قانونًا بإلغاء الازدواج الضريبي على 
المصارف الإسلامية والذي كان عقبة رئيسية أمام نمو تلك المصارف ، كما حدا بتركيا أن تصدر في غضون عام 
1033 م تشريعًا تمنح بموجبه إعفاءات ضريبية على صكوك الإجــارة التي تُصدرها المصارف والمؤسسات 
المالية الإسلامية . 
ونظرًا لتعدد المعاملات في العمليات المالية الإسلامية ازداد خضوع العملية الواحدة لرسوم الدمغات والطوابع والتي 
تصل في بعض الأحيان إلى مبالغ كبيرة ، ولتلافي تأثير هذه التكاليف والرسوم على تطور الصيرفة الإسلامية في 
ماليزيا تم تعديل قانون رسوم الدمغة لقصر هذه الرسوم على التصرف الأول ) سند التمويل ( دون التصرف 
الثاني ) سند البيع الثاني بين المموّل والعميل ( وذلك في حالة تعدد التصرفات والعقود ، كما خص المرسوم رقم 
11 لسنة 1001 م بشأن إحداث المصارف الإسلامية في سوريا تلك المصارف بميزة الإعفاء من رسوم الطوابع 
على العقود وض ا رئب الربح عليها حتى لا تتحمل عبء دفع الضريبة مرتين للبيوع التي تقوم بها وفقًا لأحكام 
الشريعة . 
بالإضافة إلى ما تقدم فإن قيام المصارف الإسلامية بم ا زولة عمليات الاستثمار المباشر في الأنشطة التجارية 
والصناعية والز ا رعية وغيرها من الأنشطة النوعية يوجب منحها التمتع بالامتيا ا زت والإعفاءات المقررة بموجب 
ق وانين الاستثمار . 
15
المحور الثالث : أهمية قانون المصارف الإسلامية وأثره في زيادة القدرة التنافسية 
قامت المصارف الإسلامية في ظل نظم قانونية وضعية بعيدة كل البعد عن الشريعة الإسلامية ، وفي بيئة 
اقتصادية وضعية يقوم العمل المصرفي فيها على أساس الفائدة الربوية أ يا كان هذا العمل المصرفي أو طبيعته 
إلى الحد الذي جعل غالبية الدول إسلامية وغير إسلامية تنظم هذه الفائدة وتحميها بنصوص قانونية ملزمة . 
وبرغم ما لاقته المصارف الإسلامية من ع ا رقيل ومعوقات قانونية واقتصادية نتيجة عدم خضوعها لتنظيم قانوني 
يضمن استم ا رر نشاطها ونجاحها ، فقد تمكنت هذه المصارف من تلبية حاجات المواطنين عبر خلق آليات 
وأوعية هامة لجذب الأموال والمدخ ا رت من خلال مرونة الفقه الإسلامي ، وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية من 
شأنها التخفيف من حدة الفقر وتعزيز تعبئة الموارد والمساهمة في التقليل من البطالة المستشرية في العالم 
الإسلامي لاسيما في البلاد التي مارست فيها أنشطتها بحرية كماليزيا وتركيا ، بل استطاعت هذه المصارف 
العبور بنظم الدول التي قامت فيها من الأخطار الاقتصادية التي حاقت بكثير من دول العالم إثر الأزمات المالية 
العالمية المتتالية 8 حتى بلغت من آثارها عام 1006 م أن نحو سبعمائة شركة رهن عقاري وعشرين بنكًا أعلنت 
إفلاسها في الولايات المتحدة الأمريكية فضلًا عن انهيار أسواق المال ) البورصات ( العالمية وانخفاض أسعار 
أسهم المؤسسات المصرفية بشكل كبير ، مما أدى إلى فقدان الثقة بالم ا ركز الاقتصادية العالمية ووجود حالة من 
التجميد الائتماني أدت إلى شلل قطاع الأعمال وتوقف التيا ا رت النقدية المحركة للنشاط الاقتصادي العيني 
كصناعة السيا ا رت وغيرها ، وانهيار عدد من الصناعات الرئيسية مما أدى إلى زيادة أزمة البطالة حتى وصل إلى 
8 وجدير بالذكر أن المؤسسة المصرفية الوحيدة التي لم تنج من الأزمات المالية العالمية هي مؤسسة إخلاص للتمويل الإسلامي 
1004 بسبب مشاكل في السيولة ، ولم تجد حينئذٍ / الموجودة في تركيا ، حيث أُغلقت في أعقاب الأزمة المالية في عامي 1000 
معونة من البنك المركزي - كتلك التي عاونت بها معظم البنوك المركزية في مختلف دول العالم بنوكها ومؤسساتها المالية - لأنها لم 
تكن محمية من قبل نظام التأمين في البنك المركزي التركي . 
16
أرقام قياسية في كبريات دول العالم الصناعية ، كال ولايات المتحدة الأمريكية التي بلغ عدد العاطلين فيها في عام 
1006 م نحو خمسة ملايين عاطل ، وفي الصين بلغ ما يقرب من ثلاثين مليون عاطل . 
وهو ما أجبر البرلمان الياباني على السماح للبنوك بافتتاح فروع إسلامية في اليابان وتسهيل منح التراخيص 
اللازمة لها ، وجعل ) ك ريستين لاغارد - وزيرة المالية والشؤون الاقتصادية والصناعية الفرنسية سابقًا ( تشجع 
نظام الصيرفة الإسلامية في كلمتها أمام مؤتمر باريس الثاني للمالية الإسلامية المنعقد عام 1001 م ملحةً على 
جعل باريس مركزًا ماليًا تقنوقراطيًا للصيرفة الإسلامية داعيةً إلى جلب الاستثما ا رت الإسلامية إلى فرنسا وتحويلها 
إلى بيئة لكُبريات المصارف الإسلامية ، وفي الإطار ذاته كتب ) رولان لاسكين - رئيس تحرير صحيفة لوجرنال 
دفينانس ( مقالًا بعنوان ) هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية ؟! ( نادى فيه بضرورة 
تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد للأزمات المالية العالمية التي تهز أسواق 
العالم . 
كما دعت كبرى الصحف الاقتصادية في أوروبا وهي مجلة ) تشالينغجر ( أن تنشر مقالًا تدعو فيه الشركات 
والمؤسسات الاقتصادية لتطبيق الشريعة الإسلامية كحل أوحد للتخلص من ب ا رثن ال أ رسمالية التي تقف وراء 
الكارثة الاقتصادية التي تجثم على العالم على حد تعبيرها ، وقالت صحيفة ) كريستيان ساينس مونيتور ( 
البريطانية إنه في وقت تفاقم الأزمة المالية العالمية ينظر حاليًا إلى البنوك الإسلامية على أنها قاعدة مصرفية 
آمنة , مشيرةً إلى أن أعداد المنتسبين إليها من الأف ا رد والشركات في ت ا زيد مستمر ، وتسعى الحكومة 
البريطانية عبر تغيير القوانين ومنح الإعفاءات الضريبية إلى تحويل لندن إلى المركز الغربي الأول للمصارف 
الإسلامية حيث تقوم البنوك التقليدية والمؤسسات المالية بإصدار منتجات متطابقة مع أحكام الش ريعة . 
ودفعت المنافسة التي تقوم بها المصارف الإسلامية كثي رًا من البنوك والمؤسسات المصرفية التقليدية - لاسيما 
الأجنبية الكبيرة منها كمجموعة ) سيتي بنك ( ، ) يونيون بانكو سويس ( ، مؤسسة ) هونج كونج ( ، ) باركليز 
( ، ) دويتش بنك ( ، ) إيه بي إن إمرو ( ، ) جي بيه مورجان تشيس ( ، ) رسدنر كلاينوون بنس ( ، 
الأست ا رلية النيوزيلندية وغير ذلك - إلى إدخال بعض الخدمات المصرفية الإسلامية على ) ANZ ( مجموعة 
17
أنشطتها وأعمالها كإنشاء وادارة محافظ وصناديق استثمار موافقة لأحكام الشريعة الإسلامية ، فضلًا عما قامت 
) HSBC ( ومجموعة ) CITICORB ( به بنوك أخرى من إنشاء فروعً ا للمعاملات الإسلامية كمجموعة 
البريطانية وغيرهما ، حتى وصل عدد هذه الفروع وحدها إلى نحو ثلاثمائة وعشرين فرعًا في أكثر من خمسة 
وسبعين دولة من دول العالم ، وهو ما أعلنه المجلس العام للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بالبحرين 
بوصفه الجهة المسئولة عن البيانات والمعلومات الخاصة بالمصارف الإسلامية ، هذا بالإضافة إلى ما قامت به 
الكثير من الجامعات وم ا ركز الأبحاث في أوروبا والولايات المتحدة من إنشاء أقسام متخصصة في مجال د ا رسات 
الاقتصاد الإسلامي وعمليات الصيرفة الإسلامية . 
وكل هذا كان بفضل تخلص المصارف الإسلامية من التبعية للنظام الربوي الذي تقوم عليه البنوك التقليدية ، 
وبفضل القيم والمبادئ الإسلامية التي أقامت المصارف الإسلامية كيانها عليها ، وأمضت على أساسها معاملاتها 
منذ ظهورها في البلاد الإسلامية ثم غير الإسلامية ، وعلى قدر الت ا زم هذه المصارف بهذه القيم والمبادئ اختلفت 
نسبة النجاح الذي حققته . 
لقد باتت الصيرفة الإسلامية تجربة ا رئدة وناجحة باعتبارها صناعة مالية إسلامية ا رسخة سريعة التطور على 
الصعيدين الوطني والدولي ، وقد أثبت الواقع المصرفي أن الدول الذي أخذت على عاتقها تنظيم أعمال المصارف 
الإسلامية قانونًا هي أكثر الدول التي نجحت فيها تجربة المصارف الإسلامية كما هو الحال في ماليزيا وتركيا 
والإما ا رت العربية المتحدة ، فالاقتصاد الإسلامي لا يقوم على الحرية المطلقة للفرد في نشاطه الاقتصادي ، بل 
السلطة الإسلامية ملزمة بإدارة النشاط الاقتصادي والتحكم فيه وتوجيهه ومراقبته مراقبة صارمة ليكون مطابقًا 
للقوانين الاقتصادية التي جاء بها القرآن الكريم وجاءت بها السُّنة النبوية . 
وقد غدا قانون المصارف الإسلامية ضرورة حتمية للدول التي تأخذ بنظام المصارف الإسلامية سواء كنظام 
مصرفي أوحد أو كنظام مصرفي مشارك للبنوك التقليدية ، وذلك لعدة أسباب ، أهمها : 
3 ( تلبية رغبات الشعوب والمجتمعات الإسلامية في إيجاد قنوات للتعامل المصرفي البعيد عن استخدام معدلات ( 
الفائدة في الادخار والاستثمار . 
18
1 ( باتت المصارف الإسلامية نظريًا وواقعيًا الآلية الأهم في ترجمة أسس الاقتصاد الإسلامي والنظريات ( 
الاقتصادية الإسلامية والفقه المالي الإسلامي إلى واقع عملي تطبيقي ، لأن المصارف الإسلامية إنما أُنشئت 
لتكون بديلًا عن البنوك التقليدية التي تتعامل بنظام الفائدة الربوية التي سببت للعالم الأزمات المالية وأدت إلى 
انهيار الأنظمة الاقتصادية ، لكن المصارف الإسلامية غ لّبت الم ا ربحة التي هي - على النحو الذي تُجريه 
المصارف حاليًا - أقرب وسائل التمويل إلى نظام الإق ا رض الربوي ) على حد تعبير الدكتور يوسف القرضاوي ( 
وغيّبت البدائل الشرعية كالمشاركة اولمُضاربة والم ا زرعة والاستصناع وغير ذلك ، ولذلك فقد أصدر مجمع الفقه 
الإسلامي الدولي في مؤتمره الثامن المنعقد في ) بروناي دار السلام ( في الفترة من 3 حتى 1 محرم 3131 هـ 
11 يونيو 3661 م ( توصيته بضرورة : ) التقليل - ما أمكن - من استخدام أسلوب الم ا ربحة للآمر : 13 ( 
بالش ا رء ، وقصرها على التطبيقات التي تقع تحت رقابة المصرف ويؤمن فيها وقوع المخالفة للقواعد الشرعية 
التي تحكمها ، والتوسع في مختلف الصيغ الاستثمارية الأخرى من المُضاربة والمشاركات والتأجير ( . 
1 ( عامل الثقة هو صمام الأمان للعمل المصرفي ، وهو أهم العوامل المؤثرة في نجاح أي بنك ، لكن الثقة في ( 
عمل المصارف الإسلامية تزداد بسبب تبني هذه المصارف أساليب شرعية جائ زة في معاملاتها من خلال هيئات 
للرقابة الشرعية , وتحدث المخاطر الناتجة عن فقدان الثقة بين المصرف وعملائه عندما يكون هناك إهمال أو 
إخلال بالعقود الاستثمارية من جانب المصرف ، وبالتالي تقل العوائد والأرباح التي يتم توزيعها على المساهمين 
والمستثمرين ، ويصاحب ذلك تشكيك في قدرة وكفاءة العاملين بهذه المصارف ، فيتسبب ذلك في قيام المودعين 
بسحب ودائعهم ، وربما ي ؤدي هذا إلى انهيار بعض المصارف ، ويمكن تلافي مثل هذه المخاطر الناجمة عن 
فقدان الثقة بالمصرف من خلال سن وضع قواعد إل ا زمية تنظم عمل المصارف الإسلامية وتضمن شرعية أعمالها 
وأنشطتها . 
1 ( صفة شرعية المصارف الإسلامية تتطلب دومًا التحقق من مدى التزام هذه المصارف بأحكام الشريعة ( 
الإسلامية في أعمالها وأنشطتها ، وهو أمر منوط بصفة أساسية بهيئة رقابية علمية شرعية متخصصة لابد أن 
19
تضم في عضويتها علماء وخبراء اقتصاديين لم ا رقبة هذه الأعمال والإش ا رف على هذه الأنشطة للتحقق من مدى 
التزام المصرف دائمًا بأحكام الشريعة الإسلامية باعتبار ذلك أحد مقومات إنشائه . 
1 ( المصارف الإسلامية تعتبر في جوهرها وسيطًا ماليًا بين أصحاب الودائع والمدخ ا رت وبين المستثمرين ( 
ا ولمستفيدين من الخدمات المصرفية والمالية للمصارف الإسلامية ، وهي بهذا تتعامل في جانب مهم من ثروة 
المجتمع التي يتعين الحفاظ عليها وتنميتها وتحجيم المخاطر المفترضة التي قد تتعرض لها نتيجة المشاركة في 
العمل الاستثماري . 
9 ( تتطلب طبيعة نشاط المصارف الإسلامية أدوات لتنظيم السيولة المصرفية وفق أحكام الشريعة الإسلامية ، ( 
إذ تنشأ مخاطر السيولة في المصارف الإسلامية في حال العجز عن الوفاء باحتياجات العملاء من النقود أو في 
حال وجود فائض من النقود ، وحدوث فائض من النقود يعني عدم الكفاءة في توظيف الأموال , وبما أن 
المصارف الإسلامية ليس بإمكانها اللجوء إلى المصرف المركزي كمُقرض أخير فإن مشكلة السيولة لديها تكون 
أكبر من نظيرتها في البنوك التقليدية ، وبما أن الحسابات تحت الطلب ) الجارية ( في المصارف الإسلامية تكون 
كبيرة ، واحتمالات السحب منها كبيرة جدًا ، ولا يمكن للمصرف الإسلامي بيع الديون فإن المصارف الإسلامية 
تلجأ إلى الاحتفاظ بقدر كبير من الأموال لمواجهة السحوبات وهذا بلا شك يُؤثر على العائد الناتج من 
الاستثما ا رت لأن هذه الأموال تعتبر مجمدة ، وبالتالي فإن العائد الموزع على المستثمرين سيكون أقل مقارنةً مع 
العوائد الموزعة في البنوك الأخرى وهذا ما يُؤثر على المركز التنافسي , وهذا ما يوجب على المصارف الإسلامية 
ابتكار أدوات استثمارية جديدة وبأ طر شرعية تحل الربحية محل الفائدة وأيضًا إيجاد الصيغ والطرق المناسبة 
20 
. لتسييل الأصول بالسرعة المطلوبة ودون خسارة 9 
1 ( تتطلب طبيعة نشاط المصارف الإسلامية م ا زولة عمليات الاستثمار المباشر في الأنشطة التجارية ( 
والصناعية والز ا رعية وغيرها من الأنشطة النوعية غير المصرفية أو المالية بضوابط خاصة تتفق مع أحكام 
. ) 9 إدارة مخاطر المصارف الإسلامية ) 40
الشريعة الإسلامية في سبيل تلبية حاجات الشعوب واشباع رغباتهم والتقليل من البطالة المستشرية وتحقيق 
التنمية الاقتصادية . 
1 ( مرونة الفقه الإسلامي وتنوع العقود فيه سواء المسماة أو غير المسماة ، يتيح تعدد صيغ التمويل ( 
والمعاملات المصرفية ، وهذا يتطلب إيجاد آلية لإيجادها وتطويرها وضبطها والتحقق من شروطها الشرعية . 
6 ( اتباع سياسة الاحتياطي القانوني من قِبل البنك المركزي في تعامله مع البنوك التقليدية والمصارف ( 
الإسلامية على حد سواء ، يجعل الأولى أكثر قدرةً على توظيف مواردها من المصارف الإسلامية ، حيث تؤدي 
إلى تعطيل جزء من موارد هذه المصارف على غير رغبة المودعين وتتعارض مع حسن استثمار المال كاملًا ، 
لأن أنشطة هذه المصارف تقوم في الأساس على الاستثمار النوعي الحقيقي الذي تُعد المخاطرة من أهم سماته 
وخصائصه بخلاف الإق ا رض النقدي الذي هو أساس عمل البنوك التقليدية والذي تنعدم فيه نسبة المخاطرة 
بالمقارنة بالاستثمار النوعي ، فقدرة البنوك التقليدية على خلق النقود وزيادة العرض النقدي تعتبر كبيرة جدًا 
بالمقارنة بما عليه الحال في المصارف الإسلامية التي تُمارس عملها على أُسس شرعية صحيحة ، فالاحتياطي 
القانوني يُؤثر سل با على العائد الموزع على أصحاب الحسابات الاستثمارية في هذه المصارف ، كما أن البنوك 
التقليدية تستفيد من طرح أذون الخ ا زنة - التي لا تتعامل بها المصارف الإسلامية لحرمتها - من نسبة 
الاحتياطي القانوني ، هذا فضلًا عن أن الاحتياطي القانوني بالدولار يتم احتساب فائدة له بسعر الإيداع في سوق 
لندن مما يحول دون استفادة المصارف الإسلامية من تلك الفائدة لكونها محرمة على عكس البنوك التقليدية 10 
، وهو ما يُعطي ميزة أفضلية للأخيرة من جراء سياسة البنك المركزي التي لا تُفرق بين طبيعة عملها وطبيعة 
عمل المصرف الإسلامي ، لذا فحُسن السياسة المالية والمصرفية في الدولة يتطلب إعادة النظر في شأن تطبيق 
الاحتياطي القانوني على الودائع الاستثمارية في المصارف الإسلامية . 
21 
. ) 10 د ا رسات في التمويل الإسلامي ) 401
30 ( نتيجة لطبيعة العقود المالية الإسلامية فقد تنشأ مخاطر تواجه المصارف الإسلامية في توثيق العقود ( 
وتنفيذها ، وعدم وجود صورة قانونية موحدة لهذه العقود وعدم ت وافر التشريعات القضائية الخاصة بتنفيذ هذه 
. العقود من جانب الطرف الآخر تزيد من المخاطر المرتبطة بالاتفاقيات التعاقدية 11 
33 ( طبيعة عمل المصارف الإسلامية وانطلاقًا من رسالتها السامية في تفعيل الاقتصاد الإسلامي وتحقيق ( 
التكامل والتكافل الاجتماعي المأمور به في الشريعة - والذي يُعد جزء أصيل من السياسة المالية والاقتصادية في 
الإسلام - يتطلب ذلك إيجاد آليات يمكن معها للمصارف الإسلامية ممارسة أعمال الجمعيات الاجتماعية 
وخضوعها في ذلك لرقابة الدولة كتلك التي تخضع لها هذه الجمعيات ، وذلك ابتداءً من تحصيل زكاة أموالها 
وأموال عملائها وغيرهم من ال ا رغبين في حساب الزكاة ، وانفاق هذه الأموال في مصارفها الشرعية ، فضلًا عن 
كفالة الأيتام ومساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة وغير ذلك من صور التكافل الاجتماعي ، وتيسير بعض الأعمال 
الدينية والخيرية كالحج والمساعدة في إقامة المشروعات الصغيرة لشباب الخريجين . 
كما أن دور هذه المؤسسات في تفعيل الاقتصاد الإسلامي وتحقيق نهضة اقتصادية شاملة يُلقي على عاتقها 
التزامًا بتشجيع البحث العلمي في المالية الإسلامية من خلال عقد الندوات والمؤتم ا رت والمجامع العلمية للباحثين 
وعقد الدو ا رت التدريبية للمصرفيين والعاملين في هذا مجال الصيرفة الإسلامية . 
31 ( في مجال العمل المهني - لاسيما المؤثر في المصالح المشتركة للمجتمع - لا بد من وضع أنظمة ( 
وتشريعات ولوائح رقابية تنظم أخلاقيات العمل المهني ، لأنها تعمل على تسهيل العمل ونجاحه ورفع درجة الثقة 
التي هي أهم عوامل نجاح العمل المصرفي بصفة عامة والعمل المصرفي الإسلامي بصفة خاصة . 
31 ( نتيجة تعدد أنشطة وأعمال المصارف الإسلامية والعقود التي تبرمها تحدث اختلافات كثيرة تُؤثر على ( 
أعمال هذه المصارف ابتداءً من الاختلافات الفقهية الناجمة عن تباين الفتاوى الخاصة بالمعاملات الاقتصادية 
الحديثة ، ونتيجة الاختلاف في فهم وتفسير النصوص التشريعية ، وهو ما يجعل الحاجة مُلحة لتحديد مرجعية 
22 
. ) 11 إدارة مخاطر المصارف الإسلامية ) 8
واضحة معلومة سلفًا يمكن الرجوع إليها في حالة الاختلاف في شيءٍ من ذلك سواء من جهة المصرف أو من 
جهة الدولة ممثلةً في البنك المركزي أو من جهة المحكمة المختصة بنظر الن ا زع . 
23
المحور ال ا ربع : د ا رسة مقارنة لتشريعات المصارف الإسلامية في العالم 
في ضوء الطبيعة الخاصة للبنوك التي تعمل وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية مقارنةً بالبنوك الأخرى ، لاسيما في 
مجالات تجميع المدخ ا رت وتوظيفها فقد سعت بعض الدول الإسلامية إلى سن قوانين تنظم عملها على وجه 
الخصوص من أجل وضع إطار عام مشترك للمصارف الإسلامية يتضمن القواعد التنظيمية لتسيير النشاط فيها 
على نحو لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية . 
ويُمكن تقسيم هذه القوانين إلى ثلاثة أقسام رئيسية : 
الأول : تنظيمات قانونية كاملة مستقلة لعمل المصارف الإسلامية . 
الثاني : تنظيمات قانونية جزئية في القوانين المنظمة لعمل البنوك بصفة عامة . 
الثالث : قوانين خاصة بإنشاء بعض البنوك . 
القسم الأول : تقنينات قانونية كاملة مستقلة لعمل المصارف الإسلامية : 
وأشهر هذه التقنينات وفق ترتيب صدورها : 
3 ( القانون رقم 119 لسنة 3611 م بشأن الخدمات المصرفية الإسلامية في ماليزيا : ( 
وتكمن قيمة هذا القانون في أنه أول قانون صيغ لتنظيم عمل المصارف الإسلامية ، وفضلًا عن هذا فإنه أكبر 
القوانين المصرفية الإسلامية وأشملها ، إذ تضمن أكثر من ستين مادة تميزت من الناحية الشكلية بكثرة 
التقسيمات والبنود . 
وبرغم أن القانون قد جاء شاملًا لإجراءات ترخيص المصارف الإسلامية وكيفية إدارتها والمسئوليات والقيود 
المفروضة عليها وعقوبات على بعض المخالفات المتعلقة بالعمل المصرفي المهني من قِبل المصارف أو 
موظفيها ، بيد إنه استعاض عن رقابة الهيئات الشرعية برقابة البنك المركزي الذي قام في عام 3669 م بإنشاء 
مجلس استشاري شرعي يتولى الإش ا رف على الخدمات المصرفية والتكافلية المالية الإسلامية ، ويجدر بالذكر أن 
البنك المركزي الماليزي يلتزم بالمعايير الإسلامية الخاصة بضبط الائتمان التي يصدرها مجلس الخدمات المالية 
24
الإسلامية في ماليزيا ، وكذا المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والإسلامية في 
25 
. ) AAOIFI ( البحرين 
1 ( قانون الأعمال المصرفية الخالية من الربا لسنة 3611 م الإي ا رني ، والصادر بتاريخ 10 أغسطس ( 
3611 م : 
وهو أيضًا من القوانين الأولى التي صدرت لتنظيم العمل المصرفي الإسلامي ، وبموجبه تحول القطاع المصرفي 
الإي ا رني بالكامل إلى نظام إسلامي ، وأهم ما ميزه أنه أجاز إعفاء المصارف الإسلامية من الض ا رئب التجارية 
ومنحها الإعفاءات الضريبية التي يمنحها القانون للمصانع والمؤسسات الإنتاجية إذا ما مارست الأعمال 
والأنشطة التي تمارسها سواء على الملكية أو الواردات ، كما أنه انفرد بإ ا زلة أوجه التعارض التي قد تحدث عند 
التطبيق بين تفعيل نصوصه ونصوص القوانين الأخرى المخالفة له من خلال إعطاء نصوصه أولوية في التطبيق 
والغاء كل نص مخالف لها . 
ويُؤخذ على هذا القانون أنه لم يتضمن النص على أية وسائل للرقابة الشرعية على عمل تلك المؤسسات مكتفيًا 
برقابة البنك المركزي على أعمال المصارف . 
كما أنه أورد في مقدمته وتحديدًا في المادة الأولى منه أهداف النظام المصرفي وهذا مما لا يدخل في عمل 
القانون ، بل محل ذلك الأعمال التحضيرية والمذاكرات التفسيرية والإيضاحية التي تُلحق بالقانون ، والقانون 
وظيفته ترجمة هذه الأهداف إلى نصوص آمرة من خلال بيان الاختصاصات والأنشطة المسموح بها والأعمال 
المحظورة ، وكان أولى بالقانون تخصيص باب أو مادة أو أكثر لأخلاقيات المهنة المصرفية مصحوبةً بجزاءات 
توقع على مخالفتها .
1109 الصادر بتاريخ 39 ديسمبر 3611 م بشأن تأسيس بيـوت التمويــل الخاصـة / 1 ( المرسـوم رقم 11 ( 
في تركيا والمقابلة للمصارف الإسلامية 12 ، والمُستبدل بقانون البنوك رقم 1163 لسنة 3666 م ) SFHs ( 
المعدل بالقانون 1116 لسنة 1003 م والمستبدل بقانون البنوك رقم 1133 لسنة 1001 م : 
لا تقل قيمة هذا المرسوم عن قانون الخدمات المصرفية الإسلامية الماليزي ، إذ صدر في ذات الفترة ، وكان في 
طليعة التشريعات الاقتصادية المصرفية الإسلامية ، فقد أجاز هذا المرسوم للمؤسسات المشار إليها أن تقبل 
الودائع في حسابات جارية لا يستحق المودع عليها أية فائدة أو ربح ، وتلتزم هذه المؤسسات بردها عند الطلب 
، كما تقبل حسابات المشاركة التي يُشارك فيها المودع المؤسسة الربح والخسارة ولا تدفع المؤسسة للمودع عنها 
أي فائدة أو دخل ثابت ، ويجوز لها القيام بجميع عمليات تمويل الأنشطة الز ا رعية والتجارية والصناعية 
والاستي ا رد والتصدير وكافة الأنشطة المتعلقة بالاستثمار والتأجير . 
غير أن هذا المرسوم وما لحقه من تعديلات لم يتضمن النص على أية وسائل للرقابة الشرعية على عمل تلك 
المؤسسات . 
كما أن هذا المرسوم كان لا يوفر للمؤسسات المالية الإسلامية الحماية التي يوفرها قانون البنوك للبنوك التقليدية 
في حالة تعثرها أو مرورها بأي ضائقة مالية ، حيث يُبقيها هذا المرسوم بعيدةً عن مظلة التأمين التي يوفرها 
البنك المركزي ، ولذلك فقد تم إلغاؤه واخضاع البيوت المالية الخاصة لقانون البنوك رقم 1163 لسنة 3666 م 
المستبدل بقانون البنوك رقم 1133 لسنة 1001 م الذي قام بتعزيز الإطار التنظيمي للبيوت المالية الخاصة 
بعد تعديل اسمها إلى ) مصارف المشاركة ( وأصبحت خاضعة لإش ا رف البنك المركزي . 
12 وبناء على هذا التحول في التشريع الاقتصادي التركي تم إنشاء بنكي بركة وفيصل الإسلاميين في تركيا عام 4890 م ، ثم بيت 
عام 4898 م ، ثم مؤسسة الأناضول للتمويل عام 4884 م ، ثم مؤسسة التمويل إخلاص في ) KTEFK ( التمويل الكويتي التركي 
عام 4880 م ، وفي العام التالي تأسست جمعية التمويل الآسيوي في عام 4886 م ، وتوالي إنشاء المؤسسات المالية التي لا تتعامل 
9006 لسنة / بالفائدة الربوية في تركيا بعد العمل بقانون البنوك رقم 1184 لسنة 4888 م الذي ألغى العمـل بالمرسـوم رقم 91 
26 
4891 م .
1 ( القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 3611 م بشأن المصارف والمؤسسات المالية والش ركات الاستثمارية ( 
الإسلامية في دولة الإما ا رت العربية المتحدة ، والصادر في الخامس عشر من ديسمبر سنة 3669 م ) الثالث 
من ربيع الآخر 3109 هـ ( : 
وقد أحسن هذا القانون بالنص على تشكيل هيئة شرعية عليا - فضلًا عن هيئة الرقابة الشرعية التابعة لكل 
مصرف - تضم في عضويتها عناصر شرعية وقانونية ومصرفية تُلحق بوزارة الشئون الإسلامية والأوقاف للتحقق 
من مشروعية أعمال المصارف والمؤسسات والشركات الإسلامية الخاضعة لأحكام هذا القانون من الناحية 
الشرعية ، ولإبداء ال أ ري في شأن اختيار أعضاء هيئات الرقابة الشرعية في هذه المصارف والمؤسسات ، وكذا 
فيما يُعرض عليها من مسائل ، وجعل رأيها ملزمًا . 
ويُؤخذ على هذا القانون من الناحية الشكلية أنه لم يتضمن تبويبًا موضوعيًا على نحو ما هو متعارف عليه من 
الصياغة القانونية الفنية للأحكام التي تضمنها ، وبالرغم من أنه استلزم وجود هيئة رقابة شرعية في كل مصرف 
لمراقبة مدى التزامه في معاملاته وتصرفاته بأحكام الشريعة الإسلامية إلا أنه لم ينص صراحةً على إلزامية قرارات 
هذه الهيئة كما فعل في شأن الهيئة الشرعية العُليا المشار إليها سلفًا ، كما أنه أحال في كيفية تشكيلها - أي 
هيئة الرقابة الشرعية الداخلية للمصرف - واختصاصاتها وأسلوب ممارستها لعملها إلى عقد التأسيس والنظام 
الأساسي لكل مصرف اللذين أوجب القانون المذكور أن يُنص فيهما على هذه الهيئة ، ومن ناحية أخرى لم يُشر 
القانون بأي صورة إلى أخلاقيات العمل المصرفي المهني . 
1 ( قانون تنظيم العمل المصرفي لسنة 3663 م في دولة السودان ، والصادر بتاريخ 11 نوفمبر 3663 م ( 
والمستبدل بقانون تنظيم العمل المصرفي لسنة 1001 م الصادر بتاريخ 11 ديسمبر 1001 م : 
ويعتبر هذا القانون أفضل التشريعات التي تُنظم الصيرفة الإسلامية ، وهو أكبر التشريعات في هذا المجال بعد 
قانون الخدمات المصرفية الإسلامية الماليزي ، إذ تضمن ستين مادة مقسمة على ثمانية فصول ، وهو أشمل 
التشريعات المصرفية من الناحية الموضوعية . 
27
وقد تميز القانون الجديد الصادر في عام 1001 م باستحداثه هيئة رقابة شرعية عُليا مستقلة تتولى إصدار 
الفتاوى الشرعية والتوصيات بغرض توحيد الأسس والأحكام الشرعية التي ينبني عليها النشاط المصرفي والمالي ، 
ومتابعة سياسات وأداء ونشاط البنك المركزي والمصارف والمؤسسات المالية بغرض إخضاعها لأحكام وقيم 
الشرعية الإسلامية ، وتنقية قوانين ولوائح وتعليمات البنك المركزي وغيره من المصارف والمؤسسات ونشاطها من 
المعاملات الربوية وحيلها الظاهرة والخفية ، وكل ما من شأنه أن يؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل . 
وجعل رأي هذه الهيئة ملزمًا للبنك المركزي والمصارف والمؤسسات المالية في أي ن ا زع في المسائل الفقهية ، 
وجعلها واجبة التنفيذ ما لم يطعن فيها الغير أمام القضاء ، وحدد القانون عناصر ومقومات تلك الهيئة الشرعية 
من ناحية طريقة التعيين فيها وأعمالها واختصاصاتها . 
كما استحدث هذا القانون العديد من العقوبات على المخالفات المتعلقة بالعمل المصرفي المهني . 
وكذلك أجاز لمحافظ البنك المركزي أن يطلب من المصارف والمؤسسات المالية رصد مخصصات لمقابلة الديون 
الهالكة والمشكوك في تحصيلها بالكيفية التي يحددها ، وكذلك أية احتياطيات أو مخصصات أُخرى ي ا رها ضرورية 
، وقد أحسن القانون إذ أعفى من الض ا رئب المخصصات المرصودة لمقابلة الديون المشار إليه من الض ا رئب ، 
وكان أولى به منح هذه المصارف والمؤسسات امتيازات واعفاءات ضريبية أخرى كتلك التي تُمنح للأنشطة 
الاستثمارية أو التي تمنع الازدواج الضريبي . 
9 ( القانون رقم 13 لسنة 3669 م بشأن المصارف الإسلامية في الجمهورية اليمنية : ( 
وقد تميز هذا القانون باشتماله على أُطر التنظيم المصرفي الإسلامي الرئيسية والهامة ابتداءً من ترخيص 
المصارف الإسلامية و أ رس مالها ومي ا زنيتها وحساباتها وأعمال التمويل والاستثمار التي تقوم بها وضوابط العمل 
وصلاحيات الجمعيات العمومية لها واجراءات تصفيتها وعلاقتها بالبنك المركزي ، واستلزم وجود هيئة للرقابة 
الشرعية لم ا رقبة مدى الت ا زم المصارف بأحكام الشريعة وجعل رأي هذه الهيئة ملزمًا لها ، وحدد القانون عناصر 
ومقومات تلك الهيئة الشرعية من ناحية طريقة التعيين فيها وأعمالها واختصاصاتها . 
28
وقد أحسن هذا القانون بمنحه المصارف الإسلامية المرخص له بموجب أحكام القانون الامتيا ا زت والإعفاءات 
الواردة في قانون الاستثمار . 
غير أنه أورد في المادة ال ا ربعة منه أهداف النظام المصرفي الإسلامي وهذا مما لا يدخل في عمل القانون كما 
سبق وأن أوضحت ، بل محله الأعمال التحضيرية والمذاكرات التفسيرية والإيضاحية التي تُلحق بالقانون ، 
والقانون وظيفته ترجمة هذه الأهداف إلى نصوص آمرة من خلال بيان الاختصاصات والأنشطة المسموح بها 
والأعمال المحظورة . 
كما أنه لم يورد أية عقوبات على المخالفات المتعلقة بالعمل المصرفي الإسلامي المهني مُكتفيًا بالعقوبات 
المنصوص عليها في قانون البنك المركزي وقانون البنوك في حالة مخالفة أحكام هذا القانون . 
1 ( قانون رقم 111 لسنة 1001 م الصادر في الحادي عشر من فب ا رير بإنشاء المصارف الإسلامية في دولة ( 
لبنان : 
وقد جاء هذا القانون مختصرًا جدًا حيث اقتصر على تسعة مواد ، ولم يتضمن تبويبًا موضوعيًا على نحو ما هو 
متعارف عليه من الصياغة القانونية الفنية للأحكام التي تضمنها ، هذا من الناحية الشكلية ، ومن الناحية 
الموضوعية فبرغم أنه استلزم وجود هيئة استشارية شرعية في كل مصرف لم ا رقبة مدى الت ا زمه بأحكام الشريعة 
الإسلامية بيد أنه جعل أعمالها محض استشارية ولم يرتب أي ج ا زء على مخالفة ما تصدره من فتاوى وق ا ر ا رت 
وما يعن لها من مآخذ وملاحظات ، فضلًا عن أنه لم يورد بشكل كافي عناصر ومقومات تلك الهيئة من ناحية 
استقلالها وطريقة التعيين فيها والعزل منها وأعمالها واختصاصاتها بشكل واضح ومحدد . 
لكن يُحمد لهذا القانون أنه أورد التزامًا أخلاقيًا على المصارف الإسلامية أغفلته معظم التشريعات الأخرى ، إذ 
أوجب على المصارف الإسلامية أن تُعلم عملائها بالنتائج ونوع وماهية ومخاطر العمليات والاستثمارات 
والتوظيفات التي تقوم بها . 
29
1 ( الم رسوم رقم 11 لسنة 1001 م بشأن إحداث المصارف الإسلامية في دولة سوريا : ( 
ويعتبر هذا المرسوم من أفضل التشريعات العربية التي تُنظم الصيرفة الإسلامية ، حيث حظر على المصارف 
الإسلامية أن تمارس أيًا من عملياتها وخدماتها المصرفية والاستثمارية على أساس الفائدة في جميع صورها 
وأشكالها . 
كما استحدث أدوات يُمكن للمصارف من خلالها تحقيق شروط الاستثمار وفقًا لمعايير الشريعة الإسلامية ، وذلك 
لتفادي أن تقوم المصارف بأعمال وتصرفات تعتبر في حقيقتها تعامل بالفائدة بصورة مقنّعة ، كما خص 
المصارف الإسلامية بميزة الإعفاء من رسوم الطوابع والدمغات على العقود وض ا رئب الربح عليها حتى لا تتحمل 
هذه المصارف عبء دفع الضريبة مرتين للبيوع التي تقوم بها وفقًا لأحكام الشريعة . 
واستلزم المرسوم وجود هيئة رقابة شرعية في كل مصرف لم ا رقبة مدى الت ا زم المصرف بأحكام الشريعة ، وجعل 
رأيها ملزمًا للمصرف ، وحدد بعض عناصر ومقومات تلك الهيئة الشرعية من ناحية طريقة التعيين فيها والعزل 
منها وأعمالها واختصاصاتها . 
ومما يُؤخذ على هذا المرسوم من الناحية الشكلية خلوه من التبويب الموضوعي على نحو ما هو متعارف عليه 
من الصياغة القانونية الفنية للأحكام التي تضمنها ، ومن الناحية الموضوعية لم يُشر بأي صورة إلى أخلاقيات 
العمل المصرفي المهني . 
كما أنه أورد في المادة السادسة منه أهداف النظام المصرفي الإسلامي وهذا مما لا يدخل في عمل القانون كما 
سبق وأن أوضحت ، بل محله الأعمال التحضيرية والمذاكرات التفسيرية والإيضاحية التي تُلحق بالقانون ، 
والقانون وظيفته ترجمة هذه الأهداف إلى نصوص آمرة من خلال بيان الاختصاصات والأنشطة المسموح بها 
والأعمال المحظورة . 
30
القسم الثاني : تنظيمات قانونية جزئية في القوانين المنظمة لعمل البنوك بصفة عامة : 
هناك بعض القوانين التي أدرجت أبوابًا خاصة بأحكام المصارف الإسلامية ضمن القوانين التي تنظم عمل البنوك 
بها ، وأشهرها : 
3 ( قانون البنوك رقم 11 لسنة 1000 م في المملكة الأردنية الهاشمية ، والذي تضمن قسمًا خاصًا بالبنوك ( 
: ) الإسلامية ابتداءً من المادة ) 10 ( حتى المادة ) 16 
تميز بإي ا رده بعض الامتيا ا زت والإعفاءات الضريبية للمصارف الإسلامية ، إذ أعفى ما نسبته 30 % سنويًا من 
معدل كل من رصيد الوديعة الاستثمارية ورصيد قيمة سندات المقارضة والمحافظ الاستثمارية والصناديق 
الاستثمارية في نهاية السنة المالية ذات العلاقة ، وأجاز لمجلس الوزراء تعديل هذه النسبة على النحو الذي ي ا ره 
مناسبًا . 
كما استلزم المرسوم وجود هيئة رقابة شرعية في كل مصرف لم ا رقبة مدى الت ا زم المصرف بأحكام الشريعة ، وجعل 
رأيها ملزمًا للمصرف ، وحدد بعض عناصر ومقومات تلك الهيئة الشرعية من ناحية طريقة التعيين فيها والعزل 
منها وأعمالها واختصاصاتها . 
وقد أورد هذا القسم في مستهله وتحديدًا في المادة ) 10 ( منه أهداف النظام المصرفي الإسلامي كشأن 
تشريعات المصارف الإسلامية في إي ا رن وسوريا واليمن ، وهذا مما لا يدخل في عمل القانون كما سبق وأن 
أوضحت ، بل محله الأعمال التحضيرية والمذاكرات التفسيرية والإيضاحية التي تُلحق بالقانون . 
1 ( قانون رقم 10 لسنة 1001 م الذي صدر في غرة يونيو سنة 1001 م ، والذي أضاف قسمًا خاصًا ( 
بالمصارف الإسلامية إلى الباب الثالث في القانون رقم 11 لسنة 3691 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي 
: ) وتنظيم المهنة المصرفية ابتداءً من المادة ) 19 ( حتى المادة ) 300 
والقسم المشار إليه مختصر جدًا اقتصر على إيراد أحكام تأسيس المصارف الإسلامية وشكلها وترخيصها 
وعلاقتها بالبنك المركزي ، وبالرغم من أنه استلزم وجود هيئة شرعية مستقلة في كل مصرف لم ا رقبة مدى الت ا زمه 
بأحكام الشريعة الإسلامية إلا أنه لم ينص صراحةً على إل ا زمية ق ا ر ا رت هذه الهيئة ، وأحال في كيفية تشكيلها 
31
واختصاصاتها وأسلوب ممارستها لعملها إلى عقد التأسيس والنظام الأساسي لكل مصرف الذي أوجب القانون 
المذكور أن يُنص فيه على هذه الهيئة . 
ويكاد يكون قانون النقد الكويتي هو القانون الوحيد الذي نص صراحةً على استقلالية هيئة الرقابة الشرعية ، كما 
تميز بالنص على مرجعية هيئة الفتوى بو ا زرة الأوقاف والشئون الإسلامية في حالة وجود خلاف بين أعضاء 
هيئة الرقابة الشرعية حول الحكم الشرعي ، وجعل الأمر في ذلك جوازي متروك لتقدير المصرف . 
كما تميز القانون المذكور بتحديد معيار ضابط لعلاقة البنك المركزي بالمصارف الإسلامية إذ نص على أن تتم 
جميع الأعمال بينهما وفقًا للقواعد والأوضاع التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ووفقًا لما يُقرره البنك 
المركزي . 
كما أجاز للبنك المركزي أن يُقدم للمصارف الإسلامية في الحالات الاضطرارية تمويلًا ، مستخدمًا الأدوات 
والأساليب التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وطبقًا للشروط والقواعد التي يقررها البنك المركزي . 
وأجاز للبنوك القائمة وقت صدور التعديل التشريعي - التقليدية والإسلامية على حد سواء - إذا ما رغبت في 
مزاولة أعمالها طبقًا لأحكام الشريعة الإسلامية أن تقوم بتعديل أوضاعها وفقًا لأحكام القانون المعدل وطبقًا 
للشروط والقواعد التي يحددها لها البنك المركزي في هذا الشأن . 
32
القسم الثالث : قوانين خاصة بإنشاء بعض البنوك : 
وهي أكثر أنواع التقنينات المنظمة لأعمال المصارف الإسلامية انتشارًا ، وأقدمها : 
3 ( قــ ا رر رئيس الجمهورية بالقانون رقم 99 لسنة 3613 م بإنشاء هيئة عامة تكافلية باسم بنك ناصر ( 
33 
. الاجتماعي 13 
1 ( المرسوم رقم 1 لسنة 3611 م بتأسيس بنك دبي الإسلامي كشركة مساهمة عامة محدودة . ( 
1 ( القانون رقم 6 لسنة 3611 م بإنشاء بنك فيصل الإسلامي السوداني . ( 
1 ( القانون رقم 11 لسنة 3611 م بإنشاء بنك فيصل الإسلامي المصري ، والمعدل بالقانون رقم 311 لسنة ( 
. 3613 م 14 
1 ( المرسوم بقانون رقم 11 لسنة 3611 م بالترخيص في تأسيس شركة مساهمة كويتية باسم بيت التمويل ( 
الكويتي . 
9 ( المرسوم رقم 1 لسنة 3616 م بتأسيس بنك البحرين الإسلامي . ( 
1 ( المرسوم رقم 11 لسنة 3611 م بتأسيس مصرف قطر الإسلامي . ( 
1 ( القانون رقم 91 لسنة 3611 م بإنشاء البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار . ( 
13 نُص فيه على أنه أُنشأ بغرض تحقيق التكافل الاجتماعي ، وأنه لا يتعامل بالفائدة الربوية أخذًا أو عطاءً ، وكان البنك يتكون من 
ثلاث إدا ا رت : الإدارة العامة للزكاة ، الإدارة العامة للتأمين التعاوني والمعاشات ، الإدارة العامة للقروض ، لكن الواقع العملي لممارسة 
هذا البنك أنه كان يُغالي في مصاريف القروض حتى تكاد تصل إلى سعر الفائدة الربوية . 
14 وقد انفرد هذا القانون بإي ا رد نظام التحكيم للفصل في منازعات المساهمين بصفاتهم وفي المنازعات المصرفية الأخرى التي تعترض 
أعمال البنك .
المحور الخامس : الأُطر العامة لقانون المصارف الإسلامية 
أولًا : حظـر ممارسة المصارف الإسلامية عملياتها وخدماتها المصرفية والاستثمارية على أساس الفائـدة في 
جميع صورها وأشكالها ، حفاظًا على مصداقية العمل المصرفي الإسلامي وتكريس الثقة في هذا العمل ، إذ 
الصفة الأساسية في عمل المصارف الإسلامية وأنشطتها هو موافقتها للشريعة الإسلامية . 
ثان يا : ذكر أساليب التمويل والاستثمار التي يسمح للبنك بممارستها لا يكون إلا على سبيل المثال وليس الحصر 
، لإمكانية ظهور أساليب جديدة غير المتعارف عليها حاليًا في مجال العمل المصرفي الإسلامي . 
ثال ثًا : اختلاف الأ سس التي تقوم عليها أنشطة المصارف الإسلامي عن تلك المُ تعارف عليها في البنوك التقليدية 
يتطلب أن يُسمح للمصارف الإسلامية بتملك الأموال المنقولة وغير المنقولة وبيعها واستثمارها وتأجيرها 
واستئجارها ، وم ا زولة كافة عمليات الاستثمار المباشر في الأنشطة التجارية والصناعية والز ا رعية والسياحية 
وغيرها من الأنشطة النوعية غير المصرفية أو المالية الداخلية والخارجية ، سواء لحسابها أو لحساب الغير أو 
بالاشت ا رك مع الغير ، بما في ذلك إنشاء الشركات والمشاريع والمساهمة فيها ، لأن هذا هو الأساس الذي يقوم 
عليه عمل المصرف الإسلامي ، بخلاف البنك التقليدي الذي يقوم عمله على استثمار المال ذاته عن طريق 
الإق ا رض . 
رابعًا : طبيعة المصارف الإسلامية تُلقي على عاتقها النهوض بمهام وخدمات اجتماعية وتكافلية تمليها الأخلاق 
الإسلامية ، حيث لا تنظر الشريعة للتنمية الاقتصادية منفصلة عن التنمية الاجتماعية بحال من الأحوال ، ومن 
هذه الخدمات : 
3 ( تقديم القروض الخيرية الحسنة لبعض فئات المجتمع . ( 
34 
1 ( إقامة المشروعات الصغيرة لشباب الخريجين . ( 
1 ( جمع أموال الزكاة وانفاقها في مصارفها الشرعية من خلال ما يُعرف بــ ) صندوق الزكاة ( . (
. 1 ( تيسير سبل الحج من خلال ما يُعرف بــ ) صندوق الحج ( 15 ( 
1 ( القيام ببعض الأ نشطة الاجتماعية التكافلية مثل : كفالة الأيتام ، ومساعدة الفق ا رء وذوي الاحتياجات ( 
الخاصة ، وغير ذلك . 
9 ( القيام بأنشطة تثقيفية اقتصادية بصفة عامة ، ومصرفية بصفة خاصة . ( 
خامسً ا : قيام المصارف الإسلامية بم ا زولة عمليات الاستثمار المباشر في الأنشطة التجارية والصناعية والز ا رعية 
وغيرها من الأنشطة النوعية يوجب منحها التمتع بالامتيا ا زت والإعفاءات المقررة بموجب قوانين الاستثمار . 
وكذلك رسوم الطوابع والدمغات على العقود وكافة الض ا رئب المتعلقة بالعقود ، وكل عبء ضريبي من شأنه خلق 
حالة من الازدواج الضريبي بخصوص الأنشطة التي تمارسها المصارف الإسلامية ، وقد عانت شركات بناء وبيع 
العقا ا رت التي كانت تتعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية في بعض الولايات الأميركية من عبء دفع الضريبة 
مرتين للبيوع التي كانت تقوم بها ، وهو ما جعل دولة مثل إندونيسيا تُقر في غضون عام 1006 م قان ونًا بإلغاء 
الازدواج الضريبي على المصارف الإسلامية والذي كان عقبة رئيسية أمام نمو تلك المصارف ، ولتلافي تأثير 
هذه رسوم الطوابع والدمغات على تطور الصيرفة الإسلامية قامت ماليزيا أيضًا بتعديل قانون رسوم الدمغة لقصر 
هذه الرسوم على التصرف الأول ) سند التمويل ( دون التصرف الثاني ) سند البيع الثاني بين المموّل والعميل ( 
وذلك في حالة تعدد التصرفات والعقود . 
15 وأول صندوق تم إنشاؤه من هذا النوع هو صندوق ) تابونغ حاجي ( في ماليزيا في نوفمبر 4861 م كوسيط مالي غير بنكي يقوم 
بتعبئة مدخ ا رت الماليزيين ال ا رغبين في أداء فريضة الحج ، ومع زيادة المشتركين في هذا الصندوق تم إعادة هيكلة الصندوق وتطويره في 
عام 4880 م ليتحول إلى مؤسسة استثمارية إسلامية معنية ليس فقط بالادخار ولكن باستثمار وتوظيف أموال الصندوق وتقديم خدمات 
أخرى متعلقة بتيسير سبل الحج وتوفير ال ا رحة للحُجاج ، وقد حققت هذه المؤسسة نجاحًا باه اً ر حيث ا زد عدد المشتركين ) المودعين ( 
في هذا الصندوق إلى ما يربو على خمسة ملايين شخص بواقع إيداعات تزيد على ثلاثة عشر بليون وثلاثمائة ألف رينجت ماليزي ، 
وقد حصل الصندوق على جائزة الملك فيصل للاقتصاد الإسلامي عام 4880 م . 
35
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي
محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي

More Related Content

Similar to محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي

الوعي القانوني
الوعي القانونيالوعي القانوني
الوعي القانونيAzsma33
 
العرض التقديمي
العرض التقديميالعرض التقديمي
العرض التقديميALANOUDD
 
التمويل عن طريق البنوك الاسلامية.pptx
التمويل عن طريق البنوك الاسلامية.pptxالتمويل عن طريق البنوك الاسلامية.pptx
التمويل عن طريق البنوك الاسلامية.pptxssuser90692e
 
2 المدارس الفكرية في الإسلام
2 المدارس الفكرية في الإسلام2 المدارس الفكرية في الإسلام
2 المدارس الفكرية في الإسلامfiamly
 
وثيقة الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي
وثيقة الشيخ الشهيد معشوق الخزنويوثيقة الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي
وثيقة الشيخ الشهيد معشوق الخزنويBasel Watfa
 
منظومة النزاهة الوطنية الميثاق والخطة التنفيذية 2013
منظومة النزاهة الوطنية الميثاق والخطة التنفيذية 2013منظومة النزاهة الوطنية الميثاق والخطة التنفيذية 2013
منظومة النزاهة الوطنية الميثاق والخطة التنفيذية 2013WissamDouglas33
 
مقتطفات من برنامج حركة النهضة
مقتطفات من برنامج حركة النهضةمقتطفات من برنامج حركة النهضة
مقتطفات من برنامج حركة النهضةEnnahdha
 
المبادئ و الأهداف و الأفكار
المبادئ و الأهداف و الأفكارالمبادئ و الأهداف و الأفكار
المبادئ و الأهداف و الأفكارSamer El Masry
 
أصول النظام الاجتماعي في الإسلام
أصول النظام الاجتماعي في الإسلامأصول النظام الاجتماعي في الإسلام
أصول النظام الاجتماعي في الإسلامSami Bahi
 
Bahrain online بحرين اون لاين (14)
Bahrain online   بحرين اون لاين (14)Bahrain online   بحرين اون لاين (14)
Bahrain online بحرين اون لاين (14)bahrainonline
 
الحوار الوطني التونسي حول الدستور وترسيخ الديمقراطية
الحوار الوطني التونسي حول الدستور وترسيخ الديمقراطيةالحوار الوطني التونسي حول الدستور وترسيخ الديمقراطية
الحوار الوطني التونسي حول الدستور وترسيخ الديمقراطيةMohamed Kanjaa
 
البيان التأسيسي____ حزب البناء الوطني
البيان التأسيسي____ حزب البناء الوطنيالبيان التأسيسي____ حزب البناء الوطني
البيان التأسيسي____ حزب البناء الوطنيHosni 620
 
حزب الإتحاد الوطني الأردني
حزب الإتحاد الوطني الأردنيحزب الإتحاد الوطني الأردني
حزب الإتحاد الوطني الأردنيSamer El Masry
 
حماية المساهمين من تحيّل بعض مؤسسات توظيف الأموال( أستاذ (بسرور
حماية المساهمين من تحيّل بعض مؤسسات توظيف الأموال( أستاذ  (بسرورحماية المساهمين من تحيّل بعض مؤسسات توظيف الأموال( أستاذ  (بسرور
حماية المساهمين من تحيّل بعض مؤسسات توظيف الأموال( أستاذ (بسرورKarim Boulaabi
 

Similar to محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي (20)

الوعي القانوني
الوعي القانونيالوعي القانوني
الوعي القانوني
 
العرض التقديمي
العرض التقديميالعرض التقديمي
العرض التقديمي
 
التمويل عن طريق البنوك الاسلامية.pptx
التمويل عن طريق البنوك الاسلامية.pptxالتمويل عن طريق البنوك الاسلامية.pptx
التمويل عن طريق البنوك الاسلامية.pptx
 
مسودة مشروع قانون الجمعيات الجديد بالمغرب
مسودة مشروع قانون الجمعيات الجديد بالمغربمسودة مشروع قانون الجمعيات الجديد بالمغرب
مسودة مشروع قانون الجمعيات الجديد بالمغرب
 
SlideShare.
SlideShare. SlideShare.
SlideShare.
 
حزب ليبيا المستقبل
حزب ليبيا المستقبلحزب ليبيا المستقبل
حزب ليبيا المستقبل
 
2 المدارس الفكرية في الإسلام
2 المدارس الفكرية في الإسلام2 المدارس الفكرية في الإسلام
2 المدارس الفكرية في الإسلام
 
وثيقة الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي
وثيقة الشيخ الشهيد معشوق الخزنويوثيقة الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي
وثيقة الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي
 
Sukuk
SukukSukuk
Sukuk
 
منظومة النزاهة الوطنية الميثاق والخطة التنفيذية 2013
منظومة النزاهة الوطنية الميثاق والخطة التنفيذية 2013منظومة النزاهة الوطنية الميثاق والخطة التنفيذية 2013
منظومة النزاهة الوطنية الميثاق والخطة التنفيذية 2013
 
مقتطفات من برنامج حركة النهضة
مقتطفات من برنامج حركة النهضةمقتطفات من برنامج حركة النهضة
مقتطفات من برنامج حركة النهضة
 
قانون العمل الفلسطيني 111
قانون العمل الفلسطيني 111قانون العمل الفلسطيني 111
قانون العمل الفلسطيني 111
 
المبادئ و الأهداف و الأفكار
المبادئ و الأهداف و الأفكارالمبادئ و الأهداف و الأفكار
المبادئ و الأهداف و الأفكار
 
أصول النظام الاجتماعي في الإسلام
أصول النظام الاجتماعي في الإسلامأصول النظام الاجتماعي في الإسلام
أصول النظام الاجتماعي في الإسلام
 
Bahrain online بحرين اون لاين (14)
Bahrain online   بحرين اون لاين (14)Bahrain online   بحرين اون لاين (14)
Bahrain online بحرين اون لاين (14)
 
قوانين الوقف في أوربا
قوانين الوقف في أورباقوانين الوقف في أوربا
قوانين الوقف في أوربا
 
الحوار الوطني التونسي حول الدستور وترسيخ الديمقراطية
الحوار الوطني التونسي حول الدستور وترسيخ الديمقراطيةالحوار الوطني التونسي حول الدستور وترسيخ الديمقراطية
الحوار الوطني التونسي حول الدستور وترسيخ الديمقراطية
 
البيان التأسيسي____ حزب البناء الوطني
البيان التأسيسي____ حزب البناء الوطنيالبيان التأسيسي____ حزب البناء الوطني
البيان التأسيسي____ حزب البناء الوطني
 
حزب الإتحاد الوطني الأردني
حزب الإتحاد الوطني الأردنيحزب الإتحاد الوطني الأردني
حزب الإتحاد الوطني الأردني
 
حماية المساهمين من تحيّل بعض مؤسسات توظيف الأموال( أستاذ (بسرور
حماية المساهمين من تحيّل بعض مؤسسات توظيف الأموال( أستاذ  (بسرورحماية المساهمين من تحيّل بعض مؤسسات توظيف الأموال( أستاذ  (بسرور
حماية المساهمين من تحيّل بعض مؤسسات توظيف الأموال( أستاذ (بسرور
 

محمد وفيق محمد زين العابدين ورقة بحتية عن مؤتمر التنافسية والاقتصاد الليبي

  • 1. معهد التخطيط مؤتمر "القدرة التنافسية للاقتصاد الليبي" 2104 طرابلس /2/4- يومي 3 عنوان الورقة: قانون المصارف الإسلامية وأثره في زيادة القدرة التنافسية للاقتصاد إعداد د.محمد وفيق محمد زين العابدين القاضي بالمحاكم الابتدائية بجمهورية مصر العربية والأمين العام لمركز د ا رسات التشريع الإسلامي وتطوير العدالة
  • 2. مقدمـــة :  بسم الله ، والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ،، الحمد لله الذي رفع لنا في كل ثغر علمًا ، وأجرى لنا في جوار كل بحر ما يضاهيه كرمًا ، وجعل في هذه الأمة من المسلمين إلى اليوم من يزيد الناس علمًا ويمحو من الظلمات ظلمًا .. الحمد لله الذي اختص هذه الأمة بشريعة محكمة مباركة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، شريعة ربانية سماوية ثابتة لا تتبدل ولا تتغير ، شريعة دائمة مرنة عامة تتسع لحاجات البشر في كل زمان ومكان مهما تعددت ومهما تنوعت وكيفما تطورت ، شريعة سامية راقية غنية بالمحاسن ووجوه الإعجاز ، ومن أحسنُ من الله حُكْمًا لقوم يوقنون . ومن أبرز الجوانب التي عنيت بها الشريعة عنايةً بالغة وضبطتها على أتم وجه الجانب الاقتصادي ، حيث اشتمل القرآن الكريم والسُّنة النبوية على أحكام وقواعد بنى عليها الفقهاء المسلمون خلفًا عن سلف قوانين ونظريات هي الأكمل والأفضل من حيث الفعالية في تحقيق سعادة البشرية ونهضة الشعوب . ومن هذه القوانين : تقديم درء المفاسد على جلب المنافع إذا ما تعذر الجمع في الوقت نفسه بين درء المفسدة وجلب المصلحة ، الموازنة بين رغبات جميع الأط ا رف في المعاملات وعدم تغليب رغبة صاحب المال أو صاحب السلعة على رغبة غيرهما لميزة حيازة المال أو السلعة ، حماية الملكيات الخاصة ورعاية المصالح العامة للجماعة في نفس الوقت ، إذابة الفوارق الطبقية ونبذ العنصرية وتحقيق العدالة الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء وبين الأصحاء وذوي الاحتياجات الخاصة من خلال أدوات وآليات خاصة متعلقة بالتضامن والتكافل على وجه ملزم لكل فرد أحيانًا من خلال ف ر وض أعيان ، وللأمة كلها أحيانًا أخرى من خلال ف روض كفاية ، إعمار الأرض وتشجيع الاستثمار والحث على العمل بجد اوحت ا رم العلم وترجمته في الواقع إلى عمل ، حماية القيم الأخلاقية وتهذيب السلوك ومحاربة المادية الطاغية ، المحافظة على المال العام للدولة وحسن استغلال موارد الأمة وتنمية القدر المشترك المملوك لكل أف ا رد المجتمع من المنافع ، الحزم في محاسبة الولاة والموظفين والعمال 2
  • 3. والتشدد في رقابتهم ، وغير ذلك من أفكار وجوانب مثالية عظيمة لم تكن محض أفكار نظرية علمية ، بل ت رجمت في الواقع إلى تطبيق ملموس ابتداءً بعهد النبوة ثم الخلافة الراشدة وما بعدها وانتهاءً بعصر الخلافة العثمانية . لقد تمتعت القواعد الاقتصادية الإسلامية بخصائص ومقومات ميزتها عن النظريات الاقتصادية الوضعية من عدة نواح : من جهة العدالة فعدالتها مطلقة لا تُجامل فئةً ولا تُحابي أحدًا ، ومن جهة فلسفتها فهي حكيمة لا تقدم مفسدة ولا تغفل مصلحة ا رجحة على حساب مصلحة مرجوحة ، ومن جهة دوامها فهي ثابتةٌ لا تتبدل ولا تتغير بتغير الزمان أو المكان ، ومن جهة عموميتها فهي عامة صالحة لكل مجتمع وكل شعب ، ومن جهة شمولها فهي غنيةٌ محيطةٌ لا تُغفل شيئًا ، ومن جهة فعاليتها فهي تلتزم الحدود العملية المفيدة الجائز البحث فيها دون مبالغة في تساؤلات غير مبررة بخلاف الاقتصاد الوضعي القائم في جزء كبير منه على الفروض الخيالية والسفسطـة الجدلية ، ومن جهة أثرها فهي طريق السعادة ولا بد لمن امتثل أوامرها وتجنب نواهيها ما استطاع إلى ذلك سبيلا . ولا خلاف في أن البنوك بصفة عامة قد صارت اليوم من أهم وسائل وأدوات تفعيل النظريات الاقتصادية وتنفيذ السياسات المالية لما تميزت به الحضارة المعاصرة من المؤسسية ، فعمل البنوك الرئيسي يقوم على تجميع المدخرات وتوظيفها في خدمة الاقتصاد الوطني بما يُساعد على تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية العامة للدولة ، ولذلك كان لا بد أن تنظم أعمالها تشريعات خاصة هي التقنينات المص رفية التي تتناول أحكام تنظيم أعمالها ورقابة البنك المركزي عليها ضمانًا لتحقيق الهدف من إنشائها . ولهذه الأهمية البالغة للبنوك ، فقد باتت أيضًا المصارف الإسلامية نظريًا وواقعيًا الآلية الأهم في ترجمة النظريات الاقتصادية والفقه المالي الإسلاميين إلى واقع عملي تطبيقي ، يُمكن من خلاله إب ا رز أُسس الاقتصاد الإسلامي ومحاسنه واعجازه وأثره في تقدم المجتمعات وتحسين معيشة الأفراد ، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال قوانين تنظم الأحكام الفقهية التي يجب م ا رعاتها والالت ا زم بها حتى لا تصير تلك المصارف نوع من أنواع المتاجرة بالدين وتخرج عن الإطار والغرض من إنشائها وهو تلبية رغبات الشعوب والمجتمعات الإسلامية في إيجاد قنوات للتعامل 3
  • 4. المصرفي البعيد عن المخالفات الشرعية لاسيما استخدام معدلات الفائدة في الادخار والاستثمار ، إذ التدوين في أي فن يُمثل مرحلة متقدمة من تطوره . وتقنين أي مسألة ما هو إلا تعبير عن مدى الت ا زم المجتمع بها واحت ا رمه لها واتفاقه بشأنها ، فالخلافات عندما تكثر بسبب ما تنشأ حاجة ملحة لتسويتها من خلال وضع قانون يُمكن به التمييز بين حقوق المتنازعين والت ا زماتهم في تعاملاتهم ، ثم توحيد الإج ا رءات القانونية فالأحكام القضائية ، وهو ما من شأنه الإس ا رع بالفصل في المنازعات وانهاء الخلافات على نحو يُشعر معه المتقاضين بالعدالة ويُحقق الاستقرار في المجتمع . فالقانون إذًا يُمكن أن يكون بمثابة العصا السحرية التي تمسكها السلطة السياسية لتحقيق المساواة بين الناس والاستق ا رر في المجتمع شريطة أن يكون محققًا لمتطلبات المجتمع وآماله الثقافية والفكرية والمادية التي تُمليها طبيعة بيئته الدينية والاجتماعية ، حتى لا تكون ثمة فجوة بين طبيعة واقع الأف ا رد الاجتماعي وبين القوانين التي تحكمهم ، فقانون أي أمة هو مرآة أحوالها المادية والفكرية والاجتماعية ، واذا كان من المفترض أن يكون القانون هو مصدر سعادة كل مجتمع ونهضته كما يقول فلاسفة القانون ، فإنه لن يكون كذلك إذا لم يحقق متطلباتهم وآمالهم الثقافية والفكرية والمادية التي تُمليها طبيعة بيئتهم الدينية والاجتماعية ، بل سيكون وبالًا عليهم ، وسيكون مصدرًا لتعاستهم وشقاوتهم لا إسعادهم ونهضتهم ، إذ كُل فرد أسير قيمه ومبادئه الدينية والاجتماعية ، وهي أعلى عنده من أي تقنين وتشريع ، وما يدفعه إلى احت ا رم أي قانون عادل إلا عدالتــه ، ولا يدفعه إلى انتهاك أي قانون ظالم إلا ظلمه وجوره .. وهذا البحث ما هو إلا مساهمة في ضبط الحياة الاقتصادية للأمة الإسلامية وفق نظم قانونية تتفق وانتمائها الحضاري والثقافي الأصيل ، والله أسأل أن يوفقني لإتمام هذا العمل على الوجه الذي يحبه ويرضاه ، فما كان من توفيق فمن الله عز وجل وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان وكلٌ بقدر الله تعالى .. 4
  • 5. مقدمة في : نشأة المصارف الإسلامية تعود فكرة إنشاء بنوك ذات صبغة إسلامية من حيث العمليات والأنشطة التي تقوم بها إلى منتصف القرن المنصرم ، ويُعد الدكتور أحمد النجار رحمه الله هو أول من حاول إعداد تجربة لها في أوائل النصف الثاني من القرن الماضي حيث أنشأ في عام 3691 م بنك للادخار المحلي في محافظة الدقهلية بمدينة ) ميت غمر ( وذلك لتعبئة المواطنين ليشاركوا مشاركة إيجابية في عملية تكوين أ رس المال بطريقة تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية ، وذلك في سبيل تنمية المجتمع الريفي من خلال بتجميع المدخ ا رت من صغار الفلاحين والعمال ، وقد تمكن البنك من جذب مليون عميل تميزت مدخ ا رتهم بصغر مبالغها ، وانتهت التجربة مبكرًا في منتصف عام 3691 م بعد أربع سنوات من إنشائه الممارسة . وفى نفس العام كانت تجربة أحمد إرشاد رحمه الله في باكستان التي قامت بدعم من الملك فيصل والشيخ أمين الحسيني رحمهما الله ، ولم يقدر لهذا المصرف الاستم ا رر لأكثر من أربعة أشهر . وفي عام 3613 م تم إنشاء بنك ناصر الاجتماعي في جمهورية مصر العربية الذي نُص في لائحة تأسيسه على أنه أُنشأ بغرض تحقيق التكافل الاجتماعي ، وأنه لا يتعامل بالفائدة الربوية أخذًا أو عطاءً ، لكنه لم يكن على المستوى الإسلامي المفروض والمطلوب ، إذ كان يُغالي في مصاريف القروض حتى كادت تقرب من سعر . الفائدة كما أنه انتهج المنهج التجاري التي انتهجته البنوك التقليدية الربوية في بعض أنشطته 1 اولاهتمام الحقيقي بإنشاء مصارف تعمل وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية كان في مؤتمر وز ا رء خارجية الدول الإسلامية بمدينة جدة السعودية عام 3611 م حيث أصدروا توصية بضرورة إنشاء مصرف إسلامي دولي للدول الإسلامية ، ثم وفي عام 3611 م بمناسبة مؤتمر القمة الإسلامي في لاهور بباكستان صدرت ذات التوصية بضرورة إنشاء المصا رف الإسلامية والبنك الإسلامي للتنمية ، ونتيجة لهذه التوصيات فقد تم عقد اتفاقية 1 تطور مسيرة فكرة وتجربة المصارف الإسلامية عبر نصف قرن : مجلة الد ا رسات التجارية الإسلامية ، العدد الثالث ، السنة الأولى ، 5 . ) يوليو 4891 م ، ) ص 444
  • 6. تأسيس البنك الإسلامي للتنمية وتم التوقيع عليها عام 3611 م ، وبالفعل باشر تم تأسيس البنك وباشر نشاطه بمدينة جدة اعتبارًا من عام 3611 م ، وتميز بأنه مصرف حكومات لا يتعامل مع الأف ا رد في النواحي الاقتصادية أشبه ما يكون بصندوق النقد الدولي . وفي عام 3611 م تم إنشاء بنك دبي الإسلامي في دولة الإما ا رت العربية المتحدة ، ويعتبر هذا البنك أول مصرف إسلامي خاص يتعامل مع الأف ا رد ، والبعض يعتبره أول مصرف إسلامي متكامل يتعامل وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية حقيقةً ، أو يا ما كان الأمر فإن النظام الأساسي لبنك دبي الإسلامي كان مصد رًا فكريًا رئيسيًا لعدد من المصارف الإسلامية التي أ سست بعده ، ثم وفي عام 3611 م تم إنشاء بنك فيصل الإسلامي السوداني ، وفي ذات العام تم إنشاء الا تحاد الدولي للبنوك الإسلامية بمدينة مكة المكرمة بهدف دعم الروابط وتحقيق التعاون بين المصارف الإسلامية والتنسيق بين أنشطتها وتوحيد أساليب عملها وممارساتها وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية . وفي عام 3611 م تم إنشاء بنك فيصل الإسلامي المصري ، وبيت التمويل الكويتي ، وبنك البحرين الإسلامي ، والبنك الإسلامي الأردني ، وفي العام التالي تم إنشاء المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية في مصر ، ودار المال الإسلامي . فقد تم إنشائها عام 3611 م ، وفي ) BIMB ( وأما مجموعة بنوك فيصل الإسلامية وبنك ماليزيا الإسلامي العام التالي تم إنشاء مجموعة بنوك البركة الإسلامية ، وبنك بنجلاديش الإسلامي ، وبنك قطر الإسلامي ، كما تم إنشاء الهيئة العُليا للفتوى والرقابة الشرعية التي تتشكل من رؤساء هيئات الرقابة الشرعية بالمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية الأعضاء في الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية يُضاف إليهم بعض علماء العالم الإسلامي . 6
  • 7. وبعد ذلك توالى إنشاء المصارف الإسلامية حتى أن بعض حكومات الدول الإسلامية اتجهت إلى تغيير نظمها المصرفية 2 بالكامل ليتمش مع أحكام الشريعة الإسلامية ، كما حدث في إي ا رن عام 3611 م 3 ، ثم باكستان عام 3611 م ، ثم السودان عام 3663 م ، وجزئ يا ل تُمكن من قيام مصارف إسلامية إلى جانب البنوك التقليدية القائمة ولتسمح للبنوك التقليدية بتقديم خدمات مصرفية إسلامية كما حدث في ماليزيا وتركيا ومصر والإما ا رت واليمن والكويت وسوريا والأردن ولبنان وغيرها من الدول . وفي العاشر من يوليو 3666 م تم الاتفاق بين رؤساء البنوك والمؤسسات المالية الإسـلامية في الاجتماع الذي عُقد في مقر البنك الإسلامي للتنمية بجدة على إنشاء مجلس عام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية ، وبالفعل تم تأسيسه عام 1003 م في دولة البحرين مع اعتباره شخصية اعتبارية مستقلة تتمتع بأهلية التعـاقـد اولتصرف واستثمار أمواله وفقًا لنظامه الأساسي . وفي أغسطس 1001 م تم إنشاء البنك الإسلامي في بريطانيا وهو أول مصرف إسلامي مرخص في دولة غير إسلامية ، ثم توالى إنشاء المصارف الإسلامية المرخصة في عدد كبير من الدول غير الإسلامية كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وايطاليا وهولندا وسويسرا وروسيا واليابان والهند ودول أخرى آخرها بلجيكا . وقد ازداد عدد البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية من مؤسسة واحدة عام 3611 م ) بنك دبي الإسلامي ( إلى ما يزيد على ثلاثمائة وستين مؤسسة مالية إسلامية عام 1001 م تتواجد في أكثر من خمسة وسبعين دولة من دول العالم متخذةً مسميات عدة منها ؛ البنك الإسلامي ، المصرف الإسلامي ، بيت التمويل ، وذلك حسب ما أعلنه المجلس العام للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بالبحرين بوصفه الجهة المسئولة عن البيانات والمعلومات الخاصة بالمصارف الإسلامية . 2 مع ما وجه إليها من نقد وما أُثير بشأن ممارساتها من مخالفات . 3 بعد أن أممت الحكومة الإي ا رنية جميع البنوك خلال الفترة من 4898 م حتى 4891 م بعد قيام الثورة الإسلامية ، وفي أغسطس 4891 م أصدرت الحكومة قانون الأعمال المصرفية الخالية من الربا ، وطلبت من جميع البنوك تحويل ودائعها والانتهاء من التحول الإسلامي في عملياتها كافةً في غضون ثلاث سنوات . 7
  • 8. المحور الأ ول : خصائص المصرفية الإسلامية تتميز المصارف الإسلامية ببعض الخصائص التي تُميزها عن غيرها من البنوك التقليدية ، وأهم هذه الخصائص التي تُميز عملها ) نظريًا ( تبعًا لطبيعتها الإسلامية : أولًا : شرعية أنشطتها وعملياتها من الناحية الإسلامية ، أي الت ا زمها أحكام الشريعة الإسلامية في كافة أعمالها وأنشطتها ، وهو أهم وجه من الوجوه المميزة لعمل هذه المصارف وأنشطتها ، ويترتب عليه عدة نتائج ، أهمها : 3 ( حظـر ممارسة المصارف الإسلامية عملياتها وخدماتها المصرفية والاستثمارية على أساس الفائـدة في ( جميع صورها وأشكالها ، حفاظًا على مصداقية العمل المصرفي الإسلامي وتكريس الثقة في هذا العمل . 1 ( ضبط المصارف الإسلامية أنشطتها وأعمالها من خلال هيئة رقابية شرعية مكونة من عناصر علمية ( شرعية واقتصادية وقانونية متخصصة . 1 ( تلتزم المصارف الإسلامية بالقيم والمبادئ الأخلاقية الإسلامية في العمل المصرفي ، وما كان متفقًا مع ( هذه القيم من القواعد والأسس المصرفية والاقتصادية الوضعية . ثانيًا : تقوم أنشطة المصارف الإسلامية على م زاولة عمليات الاستثمار المباشر في الأنشطة التجارية والصناعية والز ا رعية وغيرها من الأنشطة النوعية غير المصرفية أو المالية ضمن ضوابط خاصة تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ، وهذا من أهم مقاصد السياسة المصرفية الإسلامية وهو الاستثمار الفعلي لتحقيق التنمية الشاملة . وهي بهذا تختلف عن البنوك التقليدية التي تقوم أنشطتها الأساسية على استثمار المال ذاته عن طريـق الإقــ ا رض . ثال ثًا : تُمارس البنوك الإسلامية أنشطتها من خلال عقود وأساليب تمويل متعددة قائمة على أساس المشاركة في الربح أو الخسارة في المعاملات تُعرف بصيغ الاستثمار ، وأهمها في الواقع العملي : المرابحة ، المُضاربة ، المشاركة ، الاستصناع ، ال س ل م ، الإجارة . 8
  • 9. والحق أن صيغ الاستثمار التي يمكن للمصارف الإسلامية العمل بها أكثر بكثير من المعمول بها ، فتنوع العقود في التشريع الإسلامي ما بين مسماة وغير مسماة ، يجعل صيغ المعاملات المصرفية كثيرة بحسب تنوع هذه العقود ، وهذه الصيغ تقوم على ثلاثة عناصر : الإيجابية في المشاركة ، الاستثمار ، التنمية . رابعًا : تتطلب أساليب التمويل التي تعمل بها المصارف الإسلامية تملك المصرف للأصل محل التعامل لفترة طويلة من الوقت . خامسً ا : للبنوك الإسلامية أدوات خاصة بها لتنظيم السيولة المصرفية . سادسًا : من أهم سمات عمل المصارف الإسلامية المخاطرة ، وذلك لأن أنشطتها تقوم في الأساس على الاستثمار النوعي الحقيقي الذي تُعد المخاطرة من أهم سماته وخصائصه بخلاف الإقراض النقدي الذي تنعدم فيه نسبة المخاطرة بالمقارنة بالاستثمار النوعي ، فقدرة البنك التقليدي على خلق النقود وزيادة العرض النقدي تعتبر كبيرة جدًا بالمقارنة بما عليه الحال في المصرف الإسلامي الذي يُمارس عمله على أُسس شرعية صحيحة . ومن ث م فليس هناك أي الت ا زم على المصرف الإسلامي بضرورة رد الأموال المودعة لديه كاملةً لأصحابها ، لأنها ليست مضمونة على المصرف كما هو الحال بالنسبة للودائع الآجلة في البنك التقليدي ، والتي تعتبر ديونًا في ذمة البنك ، أما المصرف الإسلامي فلا يضمن سوى الودائع الجارية باستحقاقه ربحها 4 ، تطبيقًا للقاعدة 5 ، أي : ملك الخ ا رج وهو الدخل » الْ خ راجُ بِال ض مانِ « : الفقهية المأخوذة من قول النبي صلى الله عليه وسلم والمنفعة بضمان الأصل . 9 . ) 4 د ا رسات في التمويل الإسلامي ) 401 1040 / الإجارة ( ، والترمذي في سننه ) 4190 / البيوع ( ، والنسائي في سننه ) ، 5 حسن : أخرجه أبو داود في سننه ) 1009 / 1111 / التجا ا رت ( ، والشافعي في مسنده ) 110 ( ، وأحمد في مسنده ) 6 ، 1180 / البيوع ( ، وابن ماجه في سننه ) 1111 1819 / البيوع ( ، والحاكم في ، 0 ( ، وابن حبان في صحيحه ) 1819 / 119 ( ، والدارقطني في سننه ) 1 ، 109 ، 18 111 ( وغيرهم من طرقٍ متعددة تعضد بعضها ، 114 / 48 ( ، والبيهقي في الكبرى ) 0 ، 49 / مستدركه على الصحيحين ) 1 عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
  • 10. سابعًا : تتميز المصارف الإسلامية بتقديم مجموعة من الأنشطة الخدمية لا تقدمها البنوك التقليدية ، ومنها : 3 ( أنشطة الق ر وض الحسنة وانشاء المشروعات الصغيرة لبعض فئات المجتمع . ( 1 ( أنشطة جمع أموال الزكاة وانفاقها في مصارفها الشرعية من خلال ما يُعرف بــ ) صندوق الزكاة ( . ( 1 ( أنشطة اجتماعية تكافلية ، ككفالة الأيتام ومساعدة الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة ، وغير ذلك . ( 1 ( أنشطة تثقيفية اقتصادية بصفة عامة ، ومصرفية بصفة خاصة . ( 10
  • 11. المحور الثاني : معوقات العمل المصرفي الإسلامي لا يُمكن لنا ونحن نتكلم عن العمل المصرفي الإسلامي أن نُغفل الكلام عن موضوع هام يرتبط به ارتباطًا وثيقًا مؤثرًا وهو معوقات العمل المصرفي الإسلامي ، فبرغم نجاح المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية وازدهار العمل المصرفي الإسلامي لاسيما في العقد الأخير إثر الأزمات المالية التي اجتاحت العالم وعصفت بالبنوك والمؤسسات المالية ، وتسبب في إقالة وزراء بل وحكومات بأكملها ، برغم هذا فإن العمل المصرفي الإسلامي لا يزال يُعاني من مشاكل ومعوقات كثيرة تحول دون تحقيق مزيد من الازدهار والتقدم . وبوسعنا أن نُقسم هذه المشاكل والمعوقات إلى قسمين : الأول : معوقات داخلية متعلقة بالعمل المؤسسي ذاته داخل المصارف الإسلامية . الثاني : معوقات خارجية متعلقة بالبيئة الإدارية والقانونية والقضائية التي تعمل فيها المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية . القسم الأول : المعوقات الداخلية المتعلقة بالعمل المؤسسي ذاته : أولًا : ضعف العلم الفقهي الشرعي لدى بعض العاملين بالمصارف الإسلامية ، لاسيما المتعلق بالمعاملات الشرعية ، وعلى وجه الخصوص الم ا ربحة وضوابطها الشرعية باعتبارها تمثل أكثر من 60 % من تعاملات المصارف الإسلامية ، يقول الدكتور رفعت السيد العوضي : ) أسلوب وسياسات التوظيف بالبنوك الإسلامية لا تهتم بمعايير الجدارة ولا بالالتزام بالسلوك الإسلامي ، ولا تهتم كثيرًا بتنويع مصادر الاستقطاب ، وتعتمد على المعرفة كثيرًا والعلاقات الشخصية ( 6 ، لذلك فقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن في ) بروناي دار السلام ( في الأسبوع الأول من شهر الله المحرم سنة 3131 هـ ) الموافق الفترة من 13 حتى 11 يونيو 3661 م ( توصيته بضرورة : ) اهتمام البنوك الإسلامية بتأهيل القيادات والعاملين فيها 11 . ) 140 / 6 موسوعة الاقتصاد الإسلامي ) 8
  • 12. بالخب ا رت الوظيفية الواعية لطبيعة العمل المصرفي الإسلامي ، وتوفير الب ا رمج التدريبية المناسبة بالتعاون مع المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب وسائر الجهات المعنية بالتدريب المصرفي الإسلامي ( . ثانيًا : عدم الالت ا زم بخطوات الإج ا رءات التنفيذية الواجب اتباعها ، حيث يعتبرها بعض العاملين في المصارف الإسلامية شكلية . ثالثًا : رغبة بعض العاملين في المصارف الإسلامية وبعض المتعاملين معها في سرعة إنجاز المعاملة في أقل وقت ممكن ، ولو على حساب الضوابط الشرعية والالت ا زم بتسلسل الإج ا رءات ، بل يجعلهم ذلك أحيانًا يقومون في عقود الم ا ربحة بالتوقيع على نموذج الوعد بالش ا رء وعقد بيع الم ا ربحة واستلام الضمانات وتسليم الشيك للعميل لتسليمه للمورد في آن واحد دون ترتيب أو م ا رعاة للإج ا رءات . رابعًا : بعض المتعاملين مع المصارف الإسلامية يسعون للتعامل معها لا لتجنب المعاملات الربوية مع البنوك التقليدية ، بل محض بُغية الحصول على السلعة أو النقد بأي وسيلة ، فصيغ الم ا ربحة والمشاركة والمُضاربة لا تعدو بالنسبة لهم وسيلة للتمويل لا نوع من أنواع التجارة والبيوع ، وهو ما يدفعهم إلى التحايل على الإج ا رءات وتقديم المستندات الوهمية والمعلومات غير الحقيقية متجاهلين الجوانب الشرعية في المعاملة التي يقوم بها المصرف ، فتكون صورة المعاملة في حقيقتها صورية . خامسًا : قلة خبرة المُضاربين والمشاركين المتعاملين مع المصارف الإسلامية في الأعمال والأنشطة الاستثمارية ، فضلًا عن الانحدار الأخلاقي المتعلق بالأمانة والسلوك القويم جعل كثيرًا من المصارف والمؤسسات المالية تُحجم عن إبرام عقود المُضاربة والمشاركة وما يماثلهما خوفًا على أموال المودعين وتحرزًا من تعريض أموال المصرف للضياع ، فمن المعلوم قوة الضمانات في مثل هذه الصيغ من صيغ الاستثمار ليست هي أساس التمويل بل الأساس هو الثقة في العميل وهو ما لا يمكن الاستيثاق منه بسهولة ، وهو ما أدى إلى ازدهار صيغة الم ا ربحة كصيغة من صيغ التمويل على حساب باقي الصيغ . سادسًا : ضعف نظم المراجعة والرقابة الداخلية والمالية على معاملات المصارف الإسلامية حتى باتت الأخطاء والمخالفات جزءًا من إج ا رءات العمل . 12
  • 13. سابعً ا : ضعف نظم الرقابة الشرعية على معاملات والمصا رف والتأكد من تطبيق الضوابط الشرعية . ثام نا : عدم استقلالية هيئة الرقابة الشرعية عن مجالس إدا ا رت المصارف الإسلامية ، وتأثرها بالنظام المصرفي في الدولة وتوجهات المصرف ومجلس إدارته . القسم الثاني : المعوقات الخارجية المتعلقة بالبيئة الإدارية والقانونية والقضائية التي تعمل فيها المصارف والمؤسسات الإسلامية : أولًا : عدم وجود البيئة الشرعية المناسبة التي تشجع على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في المجال الاقتصادي والمالي ، فمعظم النظم الاقتصادية والمالية بعيدة كل البعد عن أحكام الشريعة الإسلامية لا تتفق وطبيعة معاملات المصارف الإسلامية وأنشطتها ، فمعظم البنوك المركزية لا ت ا رعي اختلاف بيئة البنوك التقليدية عن التي ينبغي أن تعمل فيها المصارف الإسلامية . فمثلًا سياسة الاحتياطي القانوني التي يتبعها البنك المركزي في تعامله مع البنوك التقليدية والمصارف الإسلامية على حد سواء تؤدي إلى تعطيل جزء من موارد هذه المصارف على غير رغبة المودعين وتتعارض مع حسن استثمار المال كاملًا ، لأن أنشطة هذه المصارف تقوم في الأساس على الاستثمار النوعي الحقيقي الذي تُعد المخاطرة من أهم سماته وخصائصه بخلاف الإق ا رض النقدي الذي هو أساس عمل البنوك التقليدية والذي تنعدم فيه نسبة المخاطرة بالمقارنة بالاستثمار النوعي ، فقدرة البنوك التقليدية على خلق النقود وزيادة العرض النقدي تعتبر كبيرة جدًا بالمقارنة بما عليه الحال في المصارف الإسلامية التي تُمارس عملها على أُسس شرعية صحيحة ، فالاحتياطي القانوني يُؤثر سلبًا على العائد الموزع على أصحاب الحسابات الاستثمارية في هذه المصارف ، كما أن البنوك التقليدية تستفيد من طرح أذون الخ ا زنة - التي لا تتعامل بها المصارف الإسلامية لحرمتها - من نسبة الاحتياطي القانوني ، هذا فضلًا عن أن الاحتياطي القانوني بالدولار يتم احتساب فائدة له بسعر الإيداع في 13
  • 14. سوق لندن مما يحول دون استفادة المصارف الإسلامية من تلك الفائدة لكونها محرمة على عكس البنوك . التقليدية 7 ثان يا : المشكلات الإدارية والإج ا رءات التنظيمية المعقدة المتعلقة بتراخيص التشغيل وانشاء الشركات وممارسة العمل المصرفي الإسلامي ، وهو ما تسبب في إغلاق بعض المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية كبنك فيصل الإسلامي في المملكة المتحدة . فعمل المصارف الإسلامية يقوم على أساس المشاركة والمُضاربة والم ا ربحة وغير ذلك من صيغ الاستثمار ، وهذا يتطلب بيئة مختلفة تنظيميًا عن تلك التي تعمل في ظلها البنوك التقليدية . بل إنه في كثير من البلدان - لاسيما غير الإسلامية - تضطر المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية للجوء لبعض الحيل القانونية لممارسة أعمالها وأنشطتها وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية أو قريبة منها ، لكنها قد تعرض نفسها لخطر الخروج من مظلة التأمين التي يوفرها البنك المركزي ، وقريب من هذا ما حدث مع مؤسسة إخلاص للتمويل الإسلامي الموجودة في تركيا - المؤسسة المصرفية الوحيدة التي لم تنج من الأزمات المالية 1003 بسبب مشاكل في السيولة ، ولم / العالمية - التي أُغلقت في أعقاب الأزمة المالية في عامي 1000 تجد حينئذٍ معونة من الحكومة التركية - كتلك التي عاونت بها معظم حكومات دول العالم بنوكها ومؤسساتها المالية - لأنها لم تكن محمية من قبل نظام التأمين في البنك المركزي التركي . ثال ثًا : مشكلات المنظومة القانونية والقضائية ، بدءًا من ضعــف التشريعات الاقتصاديــة ، وتأخر الفصل في القضايــا لاسيما الماليــة منها ، وضعف مستوى المعاونين من الخب ا رء المختصين ببحث المسائل الفنية والحسابية . رابعًا : الأعباء المالية الملقاة على عاتق المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية مقارنةً بالبنوك التقليدية ، لأن أنشطة هذه المصارف والمؤسسات تقوم في الأساس على الاستثمار النوعي الحقيقي الذي تُعد المخاطرة من أهم 14 . ) 7 د ا رسات في التمويل الإسلامي ) 401
  • 15. سماته وخصائصه بخلاف الإق ا رض النقدي الذي هو أساس عمل البنوك التقليدية والذي تنعدم فيه نسبة المخاطرة بالمقارنة بالاستثمار النوعي ، فقدرة البنوك التقليدية على خلق النقود وزيادة العرض النقدي تعتبر كبيرة جدًا بالمقارنة بما عليه الحال في المصارف الإسلامية التي تُمارس عملها على أُسس شرعية صحيحة . كما أن المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في الغالب ما تتعرض لحالات من الازدواج الضريبي بخصوص الأنشطة التي تمارسها المصارف الإسلامية ، وقد عانت شركات بناء وبيع العقا ا رت التي كانت تتعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية في بعض الولايات الأميركية من عبء دفع الضريبة مرتين للبيوع والمعاملات التي كانت تقوم بها ، وهو ما جعل دولة مثل إندونيسيا تُقر في غضون عام 1006 م قانونًا بإلغاء الازدواج الضريبي على المصارف الإسلامية والذي كان عقبة رئيسية أمام نمو تلك المصارف ، كما حدا بتركيا أن تصدر في غضون عام 1033 م تشريعًا تمنح بموجبه إعفاءات ضريبية على صكوك الإجــارة التي تُصدرها المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية . ونظرًا لتعدد المعاملات في العمليات المالية الإسلامية ازداد خضوع العملية الواحدة لرسوم الدمغات والطوابع والتي تصل في بعض الأحيان إلى مبالغ كبيرة ، ولتلافي تأثير هذه التكاليف والرسوم على تطور الصيرفة الإسلامية في ماليزيا تم تعديل قانون رسوم الدمغة لقصر هذه الرسوم على التصرف الأول ) سند التمويل ( دون التصرف الثاني ) سند البيع الثاني بين المموّل والعميل ( وذلك في حالة تعدد التصرفات والعقود ، كما خص المرسوم رقم 11 لسنة 1001 م بشأن إحداث المصارف الإسلامية في سوريا تلك المصارف بميزة الإعفاء من رسوم الطوابع على العقود وض ا رئب الربح عليها حتى لا تتحمل عبء دفع الضريبة مرتين للبيوع التي تقوم بها وفقًا لأحكام الشريعة . بالإضافة إلى ما تقدم فإن قيام المصارف الإسلامية بم ا زولة عمليات الاستثمار المباشر في الأنشطة التجارية والصناعية والز ا رعية وغيرها من الأنشطة النوعية يوجب منحها التمتع بالامتيا ا زت والإعفاءات المقررة بموجب ق وانين الاستثمار . 15
  • 16. المحور الثالث : أهمية قانون المصارف الإسلامية وأثره في زيادة القدرة التنافسية قامت المصارف الإسلامية في ظل نظم قانونية وضعية بعيدة كل البعد عن الشريعة الإسلامية ، وفي بيئة اقتصادية وضعية يقوم العمل المصرفي فيها على أساس الفائدة الربوية أ يا كان هذا العمل المصرفي أو طبيعته إلى الحد الذي جعل غالبية الدول إسلامية وغير إسلامية تنظم هذه الفائدة وتحميها بنصوص قانونية ملزمة . وبرغم ما لاقته المصارف الإسلامية من ع ا رقيل ومعوقات قانونية واقتصادية نتيجة عدم خضوعها لتنظيم قانوني يضمن استم ا رر نشاطها ونجاحها ، فقد تمكنت هذه المصارف من تلبية حاجات المواطنين عبر خلق آليات وأوعية هامة لجذب الأموال والمدخ ا رت من خلال مرونة الفقه الإسلامي ، وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية من شأنها التخفيف من حدة الفقر وتعزيز تعبئة الموارد والمساهمة في التقليل من البطالة المستشرية في العالم الإسلامي لاسيما في البلاد التي مارست فيها أنشطتها بحرية كماليزيا وتركيا ، بل استطاعت هذه المصارف العبور بنظم الدول التي قامت فيها من الأخطار الاقتصادية التي حاقت بكثير من دول العالم إثر الأزمات المالية العالمية المتتالية 8 حتى بلغت من آثارها عام 1006 م أن نحو سبعمائة شركة رهن عقاري وعشرين بنكًا أعلنت إفلاسها في الولايات المتحدة الأمريكية فضلًا عن انهيار أسواق المال ) البورصات ( العالمية وانخفاض أسعار أسهم المؤسسات المصرفية بشكل كبير ، مما أدى إلى فقدان الثقة بالم ا ركز الاقتصادية العالمية ووجود حالة من التجميد الائتماني أدت إلى شلل قطاع الأعمال وتوقف التيا ا رت النقدية المحركة للنشاط الاقتصادي العيني كصناعة السيا ا رت وغيرها ، وانهيار عدد من الصناعات الرئيسية مما أدى إلى زيادة أزمة البطالة حتى وصل إلى 8 وجدير بالذكر أن المؤسسة المصرفية الوحيدة التي لم تنج من الأزمات المالية العالمية هي مؤسسة إخلاص للتمويل الإسلامي 1004 بسبب مشاكل في السيولة ، ولم تجد حينئذٍ / الموجودة في تركيا ، حيث أُغلقت في أعقاب الأزمة المالية في عامي 1000 معونة من البنك المركزي - كتلك التي عاونت بها معظم البنوك المركزية في مختلف دول العالم بنوكها ومؤسساتها المالية - لأنها لم تكن محمية من قبل نظام التأمين في البنك المركزي التركي . 16
  • 17. أرقام قياسية في كبريات دول العالم الصناعية ، كال ولايات المتحدة الأمريكية التي بلغ عدد العاطلين فيها في عام 1006 م نحو خمسة ملايين عاطل ، وفي الصين بلغ ما يقرب من ثلاثين مليون عاطل . وهو ما أجبر البرلمان الياباني على السماح للبنوك بافتتاح فروع إسلامية في اليابان وتسهيل منح التراخيص اللازمة لها ، وجعل ) ك ريستين لاغارد - وزيرة المالية والشؤون الاقتصادية والصناعية الفرنسية سابقًا ( تشجع نظام الصيرفة الإسلامية في كلمتها أمام مؤتمر باريس الثاني للمالية الإسلامية المنعقد عام 1001 م ملحةً على جعل باريس مركزًا ماليًا تقنوقراطيًا للصيرفة الإسلامية داعيةً إلى جلب الاستثما ا رت الإسلامية إلى فرنسا وتحويلها إلى بيئة لكُبريات المصارف الإسلامية ، وفي الإطار ذاته كتب ) رولان لاسكين - رئيس تحرير صحيفة لوجرنال دفينانس ( مقالًا بعنوان ) هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية ؟! ( نادى فيه بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد للأزمات المالية العالمية التي تهز أسواق العالم . كما دعت كبرى الصحف الاقتصادية في أوروبا وهي مجلة ) تشالينغجر ( أن تنشر مقالًا تدعو فيه الشركات والمؤسسات الاقتصادية لتطبيق الشريعة الإسلامية كحل أوحد للتخلص من ب ا رثن ال أ رسمالية التي تقف وراء الكارثة الاقتصادية التي تجثم على العالم على حد تعبيرها ، وقالت صحيفة ) كريستيان ساينس مونيتور ( البريطانية إنه في وقت تفاقم الأزمة المالية العالمية ينظر حاليًا إلى البنوك الإسلامية على أنها قاعدة مصرفية آمنة , مشيرةً إلى أن أعداد المنتسبين إليها من الأف ا رد والشركات في ت ا زيد مستمر ، وتسعى الحكومة البريطانية عبر تغيير القوانين ومنح الإعفاءات الضريبية إلى تحويل لندن إلى المركز الغربي الأول للمصارف الإسلامية حيث تقوم البنوك التقليدية والمؤسسات المالية بإصدار منتجات متطابقة مع أحكام الش ريعة . ودفعت المنافسة التي تقوم بها المصارف الإسلامية كثي رًا من البنوك والمؤسسات المصرفية التقليدية - لاسيما الأجنبية الكبيرة منها كمجموعة ) سيتي بنك ( ، ) يونيون بانكو سويس ( ، مؤسسة ) هونج كونج ( ، ) باركليز ( ، ) دويتش بنك ( ، ) إيه بي إن إمرو ( ، ) جي بيه مورجان تشيس ( ، ) رسدنر كلاينوون بنس ( ، الأست ا رلية النيوزيلندية وغير ذلك - إلى إدخال بعض الخدمات المصرفية الإسلامية على ) ANZ ( مجموعة 17
  • 18. أنشطتها وأعمالها كإنشاء وادارة محافظ وصناديق استثمار موافقة لأحكام الشريعة الإسلامية ، فضلًا عما قامت ) HSBC ( ومجموعة ) CITICORB ( به بنوك أخرى من إنشاء فروعً ا للمعاملات الإسلامية كمجموعة البريطانية وغيرهما ، حتى وصل عدد هذه الفروع وحدها إلى نحو ثلاثمائة وعشرين فرعًا في أكثر من خمسة وسبعين دولة من دول العالم ، وهو ما أعلنه المجلس العام للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بالبحرين بوصفه الجهة المسئولة عن البيانات والمعلومات الخاصة بالمصارف الإسلامية ، هذا بالإضافة إلى ما قامت به الكثير من الجامعات وم ا ركز الأبحاث في أوروبا والولايات المتحدة من إنشاء أقسام متخصصة في مجال د ا رسات الاقتصاد الإسلامي وعمليات الصيرفة الإسلامية . وكل هذا كان بفضل تخلص المصارف الإسلامية من التبعية للنظام الربوي الذي تقوم عليه البنوك التقليدية ، وبفضل القيم والمبادئ الإسلامية التي أقامت المصارف الإسلامية كيانها عليها ، وأمضت على أساسها معاملاتها منذ ظهورها في البلاد الإسلامية ثم غير الإسلامية ، وعلى قدر الت ا زم هذه المصارف بهذه القيم والمبادئ اختلفت نسبة النجاح الذي حققته . لقد باتت الصيرفة الإسلامية تجربة ا رئدة وناجحة باعتبارها صناعة مالية إسلامية ا رسخة سريعة التطور على الصعيدين الوطني والدولي ، وقد أثبت الواقع المصرفي أن الدول الذي أخذت على عاتقها تنظيم أعمال المصارف الإسلامية قانونًا هي أكثر الدول التي نجحت فيها تجربة المصارف الإسلامية كما هو الحال في ماليزيا وتركيا والإما ا رت العربية المتحدة ، فالاقتصاد الإسلامي لا يقوم على الحرية المطلقة للفرد في نشاطه الاقتصادي ، بل السلطة الإسلامية ملزمة بإدارة النشاط الاقتصادي والتحكم فيه وتوجيهه ومراقبته مراقبة صارمة ليكون مطابقًا للقوانين الاقتصادية التي جاء بها القرآن الكريم وجاءت بها السُّنة النبوية . وقد غدا قانون المصارف الإسلامية ضرورة حتمية للدول التي تأخذ بنظام المصارف الإسلامية سواء كنظام مصرفي أوحد أو كنظام مصرفي مشارك للبنوك التقليدية ، وذلك لعدة أسباب ، أهمها : 3 ( تلبية رغبات الشعوب والمجتمعات الإسلامية في إيجاد قنوات للتعامل المصرفي البعيد عن استخدام معدلات ( الفائدة في الادخار والاستثمار . 18
  • 19. 1 ( باتت المصارف الإسلامية نظريًا وواقعيًا الآلية الأهم في ترجمة أسس الاقتصاد الإسلامي والنظريات ( الاقتصادية الإسلامية والفقه المالي الإسلامي إلى واقع عملي تطبيقي ، لأن المصارف الإسلامية إنما أُنشئت لتكون بديلًا عن البنوك التقليدية التي تتعامل بنظام الفائدة الربوية التي سببت للعالم الأزمات المالية وأدت إلى انهيار الأنظمة الاقتصادية ، لكن المصارف الإسلامية غ لّبت الم ا ربحة التي هي - على النحو الذي تُجريه المصارف حاليًا - أقرب وسائل التمويل إلى نظام الإق ا رض الربوي ) على حد تعبير الدكتور يوسف القرضاوي ( وغيّبت البدائل الشرعية كالمشاركة اولمُضاربة والم ا زرعة والاستصناع وغير ذلك ، ولذلك فقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي في مؤتمره الثامن المنعقد في ) بروناي دار السلام ( في الفترة من 3 حتى 1 محرم 3131 هـ 11 يونيو 3661 م ( توصيته بضرورة : ) التقليل - ما أمكن - من استخدام أسلوب الم ا ربحة للآمر : 13 ( بالش ا رء ، وقصرها على التطبيقات التي تقع تحت رقابة المصرف ويؤمن فيها وقوع المخالفة للقواعد الشرعية التي تحكمها ، والتوسع في مختلف الصيغ الاستثمارية الأخرى من المُضاربة والمشاركات والتأجير ( . 1 ( عامل الثقة هو صمام الأمان للعمل المصرفي ، وهو أهم العوامل المؤثرة في نجاح أي بنك ، لكن الثقة في ( عمل المصارف الإسلامية تزداد بسبب تبني هذه المصارف أساليب شرعية جائ زة في معاملاتها من خلال هيئات للرقابة الشرعية , وتحدث المخاطر الناتجة عن فقدان الثقة بين المصرف وعملائه عندما يكون هناك إهمال أو إخلال بالعقود الاستثمارية من جانب المصرف ، وبالتالي تقل العوائد والأرباح التي يتم توزيعها على المساهمين والمستثمرين ، ويصاحب ذلك تشكيك في قدرة وكفاءة العاملين بهذه المصارف ، فيتسبب ذلك في قيام المودعين بسحب ودائعهم ، وربما ي ؤدي هذا إلى انهيار بعض المصارف ، ويمكن تلافي مثل هذه المخاطر الناجمة عن فقدان الثقة بالمصرف من خلال سن وضع قواعد إل ا زمية تنظم عمل المصارف الإسلامية وتضمن شرعية أعمالها وأنشطتها . 1 ( صفة شرعية المصارف الإسلامية تتطلب دومًا التحقق من مدى التزام هذه المصارف بأحكام الشريعة ( الإسلامية في أعمالها وأنشطتها ، وهو أمر منوط بصفة أساسية بهيئة رقابية علمية شرعية متخصصة لابد أن 19
  • 20. تضم في عضويتها علماء وخبراء اقتصاديين لم ا رقبة هذه الأعمال والإش ا رف على هذه الأنشطة للتحقق من مدى التزام المصرف دائمًا بأحكام الشريعة الإسلامية باعتبار ذلك أحد مقومات إنشائه . 1 ( المصارف الإسلامية تعتبر في جوهرها وسيطًا ماليًا بين أصحاب الودائع والمدخ ا رت وبين المستثمرين ( ا ولمستفيدين من الخدمات المصرفية والمالية للمصارف الإسلامية ، وهي بهذا تتعامل في جانب مهم من ثروة المجتمع التي يتعين الحفاظ عليها وتنميتها وتحجيم المخاطر المفترضة التي قد تتعرض لها نتيجة المشاركة في العمل الاستثماري . 9 ( تتطلب طبيعة نشاط المصارف الإسلامية أدوات لتنظيم السيولة المصرفية وفق أحكام الشريعة الإسلامية ، ( إذ تنشأ مخاطر السيولة في المصارف الإسلامية في حال العجز عن الوفاء باحتياجات العملاء من النقود أو في حال وجود فائض من النقود ، وحدوث فائض من النقود يعني عدم الكفاءة في توظيف الأموال , وبما أن المصارف الإسلامية ليس بإمكانها اللجوء إلى المصرف المركزي كمُقرض أخير فإن مشكلة السيولة لديها تكون أكبر من نظيرتها في البنوك التقليدية ، وبما أن الحسابات تحت الطلب ) الجارية ( في المصارف الإسلامية تكون كبيرة ، واحتمالات السحب منها كبيرة جدًا ، ولا يمكن للمصرف الإسلامي بيع الديون فإن المصارف الإسلامية تلجأ إلى الاحتفاظ بقدر كبير من الأموال لمواجهة السحوبات وهذا بلا شك يُؤثر على العائد الناتج من الاستثما ا رت لأن هذه الأموال تعتبر مجمدة ، وبالتالي فإن العائد الموزع على المستثمرين سيكون أقل مقارنةً مع العوائد الموزعة في البنوك الأخرى وهذا ما يُؤثر على المركز التنافسي , وهذا ما يوجب على المصارف الإسلامية ابتكار أدوات استثمارية جديدة وبأ طر شرعية تحل الربحية محل الفائدة وأيضًا إيجاد الصيغ والطرق المناسبة 20 . لتسييل الأصول بالسرعة المطلوبة ودون خسارة 9 1 ( تتطلب طبيعة نشاط المصارف الإسلامية م ا زولة عمليات الاستثمار المباشر في الأنشطة التجارية ( والصناعية والز ا رعية وغيرها من الأنشطة النوعية غير المصرفية أو المالية بضوابط خاصة تتفق مع أحكام . ) 9 إدارة مخاطر المصارف الإسلامية ) 40
  • 21. الشريعة الإسلامية في سبيل تلبية حاجات الشعوب واشباع رغباتهم والتقليل من البطالة المستشرية وتحقيق التنمية الاقتصادية . 1 ( مرونة الفقه الإسلامي وتنوع العقود فيه سواء المسماة أو غير المسماة ، يتيح تعدد صيغ التمويل ( والمعاملات المصرفية ، وهذا يتطلب إيجاد آلية لإيجادها وتطويرها وضبطها والتحقق من شروطها الشرعية . 6 ( اتباع سياسة الاحتياطي القانوني من قِبل البنك المركزي في تعامله مع البنوك التقليدية والمصارف ( الإسلامية على حد سواء ، يجعل الأولى أكثر قدرةً على توظيف مواردها من المصارف الإسلامية ، حيث تؤدي إلى تعطيل جزء من موارد هذه المصارف على غير رغبة المودعين وتتعارض مع حسن استثمار المال كاملًا ، لأن أنشطة هذه المصارف تقوم في الأساس على الاستثمار النوعي الحقيقي الذي تُعد المخاطرة من أهم سماته وخصائصه بخلاف الإق ا رض النقدي الذي هو أساس عمل البنوك التقليدية والذي تنعدم فيه نسبة المخاطرة بالمقارنة بالاستثمار النوعي ، فقدرة البنوك التقليدية على خلق النقود وزيادة العرض النقدي تعتبر كبيرة جدًا بالمقارنة بما عليه الحال في المصارف الإسلامية التي تُمارس عملها على أُسس شرعية صحيحة ، فالاحتياطي القانوني يُؤثر سل با على العائد الموزع على أصحاب الحسابات الاستثمارية في هذه المصارف ، كما أن البنوك التقليدية تستفيد من طرح أذون الخ ا زنة - التي لا تتعامل بها المصارف الإسلامية لحرمتها - من نسبة الاحتياطي القانوني ، هذا فضلًا عن أن الاحتياطي القانوني بالدولار يتم احتساب فائدة له بسعر الإيداع في سوق لندن مما يحول دون استفادة المصارف الإسلامية من تلك الفائدة لكونها محرمة على عكس البنوك التقليدية 10 ، وهو ما يُعطي ميزة أفضلية للأخيرة من جراء سياسة البنك المركزي التي لا تُفرق بين طبيعة عملها وطبيعة عمل المصرف الإسلامي ، لذا فحُسن السياسة المالية والمصرفية في الدولة يتطلب إعادة النظر في شأن تطبيق الاحتياطي القانوني على الودائع الاستثمارية في المصارف الإسلامية . 21 . ) 10 د ا رسات في التمويل الإسلامي ) 401
  • 22. 30 ( نتيجة لطبيعة العقود المالية الإسلامية فقد تنشأ مخاطر تواجه المصارف الإسلامية في توثيق العقود ( وتنفيذها ، وعدم وجود صورة قانونية موحدة لهذه العقود وعدم ت وافر التشريعات القضائية الخاصة بتنفيذ هذه . العقود من جانب الطرف الآخر تزيد من المخاطر المرتبطة بالاتفاقيات التعاقدية 11 33 ( طبيعة عمل المصارف الإسلامية وانطلاقًا من رسالتها السامية في تفعيل الاقتصاد الإسلامي وتحقيق ( التكامل والتكافل الاجتماعي المأمور به في الشريعة - والذي يُعد جزء أصيل من السياسة المالية والاقتصادية في الإسلام - يتطلب ذلك إيجاد آليات يمكن معها للمصارف الإسلامية ممارسة أعمال الجمعيات الاجتماعية وخضوعها في ذلك لرقابة الدولة كتلك التي تخضع لها هذه الجمعيات ، وذلك ابتداءً من تحصيل زكاة أموالها وأموال عملائها وغيرهم من ال ا رغبين في حساب الزكاة ، وانفاق هذه الأموال في مصارفها الشرعية ، فضلًا عن كفالة الأيتام ومساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة وغير ذلك من صور التكافل الاجتماعي ، وتيسير بعض الأعمال الدينية والخيرية كالحج والمساعدة في إقامة المشروعات الصغيرة لشباب الخريجين . كما أن دور هذه المؤسسات في تفعيل الاقتصاد الإسلامي وتحقيق نهضة اقتصادية شاملة يُلقي على عاتقها التزامًا بتشجيع البحث العلمي في المالية الإسلامية من خلال عقد الندوات والمؤتم ا رت والمجامع العلمية للباحثين وعقد الدو ا رت التدريبية للمصرفيين والعاملين في هذا مجال الصيرفة الإسلامية . 31 ( في مجال العمل المهني - لاسيما المؤثر في المصالح المشتركة للمجتمع - لا بد من وضع أنظمة ( وتشريعات ولوائح رقابية تنظم أخلاقيات العمل المهني ، لأنها تعمل على تسهيل العمل ونجاحه ورفع درجة الثقة التي هي أهم عوامل نجاح العمل المصرفي بصفة عامة والعمل المصرفي الإسلامي بصفة خاصة . 31 ( نتيجة تعدد أنشطة وأعمال المصارف الإسلامية والعقود التي تبرمها تحدث اختلافات كثيرة تُؤثر على ( أعمال هذه المصارف ابتداءً من الاختلافات الفقهية الناجمة عن تباين الفتاوى الخاصة بالمعاملات الاقتصادية الحديثة ، ونتيجة الاختلاف في فهم وتفسير النصوص التشريعية ، وهو ما يجعل الحاجة مُلحة لتحديد مرجعية 22 . ) 11 إدارة مخاطر المصارف الإسلامية ) 8
  • 23. واضحة معلومة سلفًا يمكن الرجوع إليها في حالة الاختلاف في شيءٍ من ذلك سواء من جهة المصرف أو من جهة الدولة ممثلةً في البنك المركزي أو من جهة المحكمة المختصة بنظر الن ا زع . 23
  • 24. المحور ال ا ربع : د ا رسة مقارنة لتشريعات المصارف الإسلامية في العالم في ضوء الطبيعة الخاصة للبنوك التي تعمل وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية مقارنةً بالبنوك الأخرى ، لاسيما في مجالات تجميع المدخ ا رت وتوظيفها فقد سعت بعض الدول الإسلامية إلى سن قوانين تنظم عملها على وجه الخصوص من أجل وضع إطار عام مشترك للمصارف الإسلامية يتضمن القواعد التنظيمية لتسيير النشاط فيها على نحو لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية . ويُمكن تقسيم هذه القوانين إلى ثلاثة أقسام رئيسية : الأول : تنظيمات قانونية كاملة مستقلة لعمل المصارف الإسلامية . الثاني : تنظيمات قانونية جزئية في القوانين المنظمة لعمل البنوك بصفة عامة . الثالث : قوانين خاصة بإنشاء بعض البنوك . القسم الأول : تقنينات قانونية كاملة مستقلة لعمل المصارف الإسلامية : وأشهر هذه التقنينات وفق ترتيب صدورها : 3 ( القانون رقم 119 لسنة 3611 م بشأن الخدمات المصرفية الإسلامية في ماليزيا : ( وتكمن قيمة هذا القانون في أنه أول قانون صيغ لتنظيم عمل المصارف الإسلامية ، وفضلًا عن هذا فإنه أكبر القوانين المصرفية الإسلامية وأشملها ، إذ تضمن أكثر من ستين مادة تميزت من الناحية الشكلية بكثرة التقسيمات والبنود . وبرغم أن القانون قد جاء شاملًا لإجراءات ترخيص المصارف الإسلامية وكيفية إدارتها والمسئوليات والقيود المفروضة عليها وعقوبات على بعض المخالفات المتعلقة بالعمل المصرفي المهني من قِبل المصارف أو موظفيها ، بيد إنه استعاض عن رقابة الهيئات الشرعية برقابة البنك المركزي الذي قام في عام 3669 م بإنشاء مجلس استشاري شرعي يتولى الإش ا رف على الخدمات المصرفية والتكافلية المالية الإسلامية ، ويجدر بالذكر أن البنك المركزي الماليزي يلتزم بالمعايير الإسلامية الخاصة بضبط الائتمان التي يصدرها مجلس الخدمات المالية 24
  • 25. الإسلامية في ماليزيا ، وكذا المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والإسلامية في 25 . ) AAOIFI ( البحرين 1 ( قانون الأعمال المصرفية الخالية من الربا لسنة 3611 م الإي ا رني ، والصادر بتاريخ 10 أغسطس ( 3611 م : وهو أيضًا من القوانين الأولى التي صدرت لتنظيم العمل المصرفي الإسلامي ، وبموجبه تحول القطاع المصرفي الإي ا رني بالكامل إلى نظام إسلامي ، وأهم ما ميزه أنه أجاز إعفاء المصارف الإسلامية من الض ا رئب التجارية ومنحها الإعفاءات الضريبية التي يمنحها القانون للمصانع والمؤسسات الإنتاجية إذا ما مارست الأعمال والأنشطة التي تمارسها سواء على الملكية أو الواردات ، كما أنه انفرد بإ ا زلة أوجه التعارض التي قد تحدث عند التطبيق بين تفعيل نصوصه ونصوص القوانين الأخرى المخالفة له من خلال إعطاء نصوصه أولوية في التطبيق والغاء كل نص مخالف لها . ويُؤخذ على هذا القانون أنه لم يتضمن النص على أية وسائل للرقابة الشرعية على عمل تلك المؤسسات مكتفيًا برقابة البنك المركزي على أعمال المصارف . كما أنه أورد في مقدمته وتحديدًا في المادة الأولى منه أهداف النظام المصرفي وهذا مما لا يدخل في عمل القانون ، بل محل ذلك الأعمال التحضيرية والمذاكرات التفسيرية والإيضاحية التي تُلحق بالقانون ، والقانون وظيفته ترجمة هذه الأهداف إلى نصوص آمرة من خلال بيان الاختصاصات والأنشطة المسموح بها والأعمال المحظورة ، وكان أولى بالقانون تخصيص باب أو مادة أو أكثر لأخلاقيات المهنة المصرفية مصحوبةً بجزاءات توقع على مخالفتها .
  • 26. 1109 الصادر بتاريخ 39 ديسمبر 3611 م بشأن تأسيس بيـوت التمويــل الخاصـة / 1 ( المرسـوم رقم 11 ( في تركيا والمقابلة للمصارف الإسلامية 12 ، والمُستبدل بقانون البنوك رقم 1163 لسنة 3666 م ) SFHs ( المعدل بالقانون 1116 لسنة 1003 م والمستبدل بقانون البنوك رقم 1133 لسنة 1001 م : لا تقل قيمة هذا المرسوم عن قانون الخدمات المصرفية الإسلامية الماليزي ، إذ صدر في ذات الفترة ، وكان في طليعة التشريعات الاقتصادية المصرفية الإسلامية ، فقد أجاز هذا المرسوم للمؤسسات المشار إليها أن تقبل الودائع في حسابات جارية لا يستحق المودع عليها أية فائدة أو ربح ، وتلتزم هذه المؤسسات بردها عند الطلب ، كما تقبل حسابات المشاركة التي يُشارك فيها المودع المؤسسة الربح والخسارة ولا تدفع المؤسسة للمودع عنها أي فائدة أو دخل ثابت ، ويجوز لها القيام بجميع عمليات تمويل الأنشطة الز ا رعية والتجارية والصناعية والاستي ا رد والتصدير وكافة الأنشطة المتعلقة بالاستثمار والتأجير . غير أن هذا المرسوم وما لحقه من تعديلات لم يتضمن النص على أية وسائل للرقابة الشرعية على عمل تلك المؤسسات . كما أن هذا المرسوم كان لا يوفر للمؤسسات المالية الإسلامية الحماية التي يوفرها قانون البنوك للبنوك التقليدية في حالة تعثرها أو مرورها بأي ضائقة مالية ، حيث يُبقيها هذا المرسوم بعيدةً عن مظلة التأمين التي يوفرها البنك المركزي ، ولذلك فقد تم إلغاؤه واخضاع البيوت المالية الخاصة لقانون البنوك رقم 1163 لسنة 3666 م المستبدل بقانون البنوك رقم 1133 لسنة 1001 م الذي قام بتعزيز الإطار التنظيمي للبيوت المالية الخاصة بعد تعديل اسمها إلى ) مصارف المشاركة ( وأصبحت خاضعة لإش ا رف البنك المركزي . 12 وبناء على هذا التحول في التشريع الاقتصادي التركي تم إنشاء بنكي بركة وفيصل الإسلاميين في تركيا عام 4890 م ، ثم بيت عام 4898 م ، ثم مؤسسة الأناضول للتمويل عام 4884 م ، ثم مؤسسة التمويل إخلاص في ) KTEFK ( التمويل الكويتي التركي عام 4880 م ، وفي العام التالي تأسست جمعية التمويل الآسيوي في عام 4886 م ، وتوالي إنشاء المؤسسات المالية التي لا تتعامل 9006 لسنة / بالفائدة الربوية في تركيا بعد العمل بقانون البنوك رقم 1184 لسنة 4888 م الذي ألغى العمـل بالمرسـوم رقم 91 26 4891 م .
  • 27. 1 ( القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 3611 م بشأن المصارف والمؤسسات المالية والش ركات الاستثمارية ( الإسلامية في دولة الإما ا رت العربية المتحدة ، والصادر في الخامس عشر من ديسمبر سنة 3669 م ) الثالث من ربيع الآخر 3109 هـ ( : وقد أحسن هذا القانون بالنص على تشكيل هيئة شرعية عليا - فضلًا عن هيئة الرقابة الشرعية التابعة لكل مصرف - تضم في عضويتها عناصر شرعية وقانونية ومصرفية تُلحق بوزارة الشئون الإسلامية والأوقاف للتحقق من مشروعية أعمال المصارف والمؤسسات والشركات الإسلامية الخاضعة لأحكام هذا القانون من الناحية الشرعية ، ولإبداء ال أ ري في شأن اختيار أعضاء هيئات الرقابة الشرعية في هذه المصارف والمؤسسات ، وكذا فيما يُعرض عليها من مسائل ، وجعل رأيها ملزمًا . ويُؤخذ على هذا القانون من الناحية الشكلية أنه لم يتضمن تبويبًا موضوعيًا على نحو ما هو متعارف عليه من الصياغة القانونية الفنية للأحكام التي تضمنها ، وبالرغم من أنه استلزم وجود هيئة رقابة شرعية في كل مصرف لمراقبة مدى التزامه في معاملاته وتصرفاته بأحكام الشريعة الإسلامية إلا أنه لم ينص صراحةً على إلزامية قرارات هذه الهيئة كما فعل في شأن الهيئة الشرعية العُليا المشار إليها سلفًا ، كما أنه أحال في كيفية تشكيلها - أي هيئة الرقابة الشرعية الداخلية للمصرف - واختصاصاتها وأسلوب ممارستها لعملها إلى عقد التأسيس والنظام الأساسي لكل مصرف اللذين أوجب القانون المذكور أن يُنص فيهما على هذه الهيئة ، ومن ناحية أخرى لم يُشر القانون بأي صورة إلى أخلاقيات العمل المصرفي المهني . 1 ( قانون تنظيم العمل المصرفي لسنة 3663 م في دولة السودان ، والصادر بتاريخ 11 نوفمبر 3663 م ( والمستبدل بقانون تنظيم العمل المصرفي لسنة 1001 م الصادر بتاريخ 11 ديسمبر 1001 م : ويعتبر هذا القانون أفضل التشريعات التي تُنظم الصيرفة الإسلامية ، وهو أكبر التشريعات في هذا المجال بعد قانون الخدمات المصرفية الإسلامية الماليزي ، إذ تضمن ستين مادة مقسمة على ثمانية فصول ، وهو أشمل التشريعات المصرفية من الناحية الموضوعية . 27
  • 28. وقد تميز القانون الجديد الصادر في عام 1001 م باستحداثه هيئة رقابة شرعية عُليا مستقلة تتولى إصدار الفتاوى الشرعية والتوصيات بغرض توحيد الأسس والأحكام الشرعية التي ينبني عليها النشاط المصرفي والمالي ، ومتابعة سياسات وأداء ونشاط البنك المركزي والمصارف والمؤسسات المالية بغرض إخضاعها لأحكام وقيم الشرعية الإسلامية ، وتنقية قوانين ولوائح وتعليمات البنك المركزي وغيره من المصارف والمؤسسات ونشاطها من المعاملات الربوية وحيلها الظاهرة والخفية ، وكل ما من شأنه أن يؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل . وجعل رأي هذه الهيئة ملزمًا للبنك المركزي والمصارف والمؤسسات المالية في أي ن ا زع في المسائل الفقهية ، وجعلها واجبة التنفيذ ما لم يطعن فيها الغير أمام القضاء ، وحدد القانون عناصر ومقومات تلك الهيئة الشرعية من ناحية طريقة التعيين فيها وأعمالها واختصاصاتها . كما استحدث هذا القانون العديد من العقوبات على المخالفات المتعلقة بالعمل المصرفي المهني . وكذلك أجاز لمحافظ البنك المركزي أن يطلب من المصارف والمؤسسات المالية رصد مخصصات لمقابلة الديون الهالكة والمشكوك في تحصيلها بالكيفية التي يحددها ، وكذلك أية احتياطيات أو مخصصات أُخرى ي ا رها ضرورية ، وقد أحسن القانون إذ أعفى من الض ا رئب المخصصات المرصودة لمقابلة الديون المشار إليه من الض ا رئب ، وكان أولى به منح هذه المصارف والمؤسسات امتيازات واعفاءات ضريبية أخرى كتلك التي تُمنح للأنشطة الاستثمارية أو التي تمنع الازدواج الضريبي . 9 ( القانون رقم 13 لسنة 3669 م بشأن المصارف الإسلامية في الجمهورية اليمنية : ( وقد تميز هذا القانون باشتماله على أُطر التنظيم المصرفي الإسلامي الرئيسية والهامة ابتداءً من ترخيص المصارف الإسلامية و أ رس مالها ومي ا زنيتها وحساباتها وأعمال التمويل والاستثمار التي تقوم بها وضوابط العمل وصلاحيات الجمعيات العمومية لها واجراءات تصفيتها وعلاقتها بالبنك المركزي ، واستلزم وجود هيئة للرقابة الشرعية لم ا رقبة مدى الت ا زم المصارف بأحكام الشريعة وجعل رأي هذه الهيئة ملزمًا لها ، وحدد القانون عناصر ومقومات تلك الهيئة الشرعية من ناحية طريقة التعيين فيها وأعمالها واختصاصاتها . 28
  • 29. وقد أحسن هذا القانون بمنحه المصارف الإسلامية المرخص له بموجب أحكام القانون الامتيا ا زت والإعفاءات الواردة في قانون الاستثمار . غير أنه أورد في المادة ال ا ربعة منه أهداف النظام المصرفي الإسلامي وهذا مما لا يدخل في عمل القانون كما سبق وأن أوضحت ، بل محله الأعمال التحضيرية والمذاكرات التفسيرية والإيضاحية التي تُلحق بالقانون ، والقانون وظيفته ترجمة هذه الأهداف إلى نصوص آمرة من خلال بيان الاختصاصات والأنشطة المسموح بها والأعمال المحظورة . كما أنه لم يورد أية عقوبات على المخالفات المتعلقة بالعمل المصرفي الإسلامي المهني مُكتفيًا بالعقوبات المنصوص عليها في قانون البنك المركزي وقانون البنوك في حالة مخالفة أحكام هذا القانون . 1 ( قانون رقم 111 لسنة 1001 م الصادر في الحادي عشر من فب ا رير بإنشاء المصارف الإسلامية في دولة ( لبنان : وقد جاء هذا القانون مختصرًا جدًا حيث اقتصر على تسعة مواد ، ولم يتضمن تبويبًا موضوعيًا على نحو ما هو متعارف عليه من الصياغة القانونية الفنية للأحكام التي تضمنها ، هذا من الناحية الشكلية ، ومن الناحية الموضوعية فبرغم أنه استلزم وجود هيئة استشارية شرعية في كل مصرف لم ا رقبة مدى الت ا زمه بأحكام الشريعة الإسلامية بيد أنه جعل أعمالها محض استشارية ولم يرتب أي ج ا زء على مخالفة ما تصدره من فتاوى وق ا ر ا رت وما يعن لها من مآخذ وملاحظات ، فضلًا عن أنه لم يورد بشكل كافي عناصر ومقومات تلك الهيئة من ناحية استقلالها وطريقة التعيين فيها والعزل منها وأعمالها واختصاصاتها بشكل واضح ومحدد . لكن يُحمد لهذا القانون أنه أورد التزامًا أخلاقيًا على المصارف الإسلامية أغفلته معظم التشريعات الأخرى ، إذ أوجب على المصارف الإسلامية أن تُعلم عملائها بالنتائج ونوع وماهية ومخاطر العمليات والاستثمارات والتوظيفات التي تقوم بها . 29
  • 30. 1 ( الم رسوم رقم 11 لسنة 1001 م بشأن إحداث المصارف الإسلامية في دولة سوريا : ( ويعتبر هذا المرسوم من أفضل التشريعات العربية التي تُنظم الصيرفة الإسلامية ، حيث حظر على المصارف الإسلامية أن تمارس أيًا من عملياتها وخدماتها المصرفية والاستثمارية على أساس الفائدة في جميع صورها وأشكالها . كما استحدث أدوات يُمكن للمصارف من خلالها تحقيق شروط الاستثمار وفقًا لمعايير الشريعة الإسلامية ، وذلك لتفادي أن تقوم المصارف بأعمال وتصرفات تعتبر في حقيقتها تعامل بالفائدة بصورة مقنّعة ، كما خص المصارف الإسلامية بميزة الإعفاء من رسوم الطوابع والدمغات على العقود وض ا رئب الربح عليها حتى لا تتحمل هذه المصارف عبء دفع الضريبة مرتين للبيوع التي تقوم بها وفقًا لأحكام الشريعة . واستلزم المرسوم وجود هيئة رقابة شرعية في كل مصرف لم ا رقبة مدى الت ا زم المصرف بأحكام الشريعة ، وجعل رأيها ملزمًا للمصرف ، وحدد بعض عناصر ومقومات تلك الهيئة الشرعية من ناحية طريقة التعيين فيها والعزل منها وأعمالها واختصاصاتها . ومما يُؤخذ على هذا المرسوم من الناحية الشكلية خلوه من التبويب الموضوعي على نحو ما هو متعارف عليه من الصياغة القانونية الفنية للأحكام التي تضمنها ، ومن الناحية الموضوعية لم يُشر بأي صورة إلى أخلاقيات العمل المصرفي المهني . كما أنه أورد في المادة السادسة منه أهداف النظام المصرفي الإسلامي وهذا مما لا يدخل في عمل القانون كما سبق وأن أوضحت ، بل محله الأعمال التحضيرية والمذاكرات التفسيرية والإيضاحية التي تُلحق بالقانون ، والقانون وظيفته ترجمة هذه الأهداف إلى نصوص آمرة من خلال بيان الاختصاصات والأنشطة المسموح بها والأعمال المحظورة . 30
  • 31. القسم الثاني : تنظيمات قانونية جزئية في القوانين المنظمة لعمل البنوك بصفة عامة : هناك بعض القوانين التي أدرجت أبوابًا خاصة بأحكام المصارف الإسلامية ضمن القوانين التي تنظم عمل البنوك بها ، وأشهرها : 3 ( قانون البنوك رقم 11 لسنة 1000 م في المملكة الأردنية الهاشمية ، والذي تضمن قسمًا خاصًا بالبنوك ( : ) الإسلامية ابتداءً من المادة ) 10 ( حتى المادة ) 16 تميز بإي ا رده بعض الامتيا ا زت والإعفاءات الضريبية للمصارف الإسلامية ، إذ أعفى ما نسبته 30 % سنويًا من معدل كل من رصيد الوديعة الاستثمارية ورصيد قيمة سندات المقارضة والمحافظ الاستثمارية والصناديق الاستثمارية في نهاية السنة المالية ذات العلاقة ، وأجاز لمجلس الوزراء تعديل هذه النسبة على النحو الذي ي ا ره مناسبًا . كما استلزم المرسوم وجود هيئة رقابة شرعية في كل مصرف لم ا رقبة مدى الت ا زم المصرف بأحكام الشريعة ، وجعل رأيها ملزمًا للمصرف ، وحدد بعض عناصر ومقومات تلك الهيئة الشرعية من ناحية طريقة التعيين فيها والعزل منها وأعمالها واختصاصاتها . وقد أورد هذا القسم في مستهله وتحديدًا في المادة ) 10 ( منه أهداف النظام المصرفي الإسلامي كشأن تشريعات المصارف الإسلامية في إي ا رن وسوريا واليمن ، وهذا مما لا يدخل في عمل القانون كما سبق وأن أوضحت ، بل محله الأعمال التحضيرية والمذاكرات التفسيرية والإيضاحية التي تُلحق بالقانون . 1 ( قانون رقم 10 لسنة 1001 م الذي صدر في غرة يونيو سنة 1001 م ، والذي أضاف قسمًا خاصًا ( بالمصارف الإسلامية إلى الباب الثالث في القانون رقم 11 لسنة 3691 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي : ) وتنظيم المهنة المصرفية ابتداءً من المادة ) 19 ( حتى المادة ) 300 والقسم المشار إليه مختصر جدًا اقتصر على إيراد أحكام تأسيس المصارف الإسلامية وشكلها وترخيصها وعلاقتها بالبنك المركزي ، وبالرغم من أنه استلزم وجود هيئة شرعية مستقلة في كل مصرف لم ا رقبة مدى الت ا زمه بأحكام الشريعة الإسلامية إلا أنه لم ينص صراحةً على إل ا زمية ق ا ر ا رت هذه الهيئة ، وأحال في كيفية تشكيلها 31
  • 32. واختصاصاتها وأسلوب ممارستها لعملها إلى عقد التأسيس والنظام الأساسي لكل مصرف الذي أوجب القانون المذكور أن يُنص فيه على هذه الهيئة . ويكاد يكون قانون النقد الكويتي هو القانون الوحيد الذي نص صراحةً على استقلالية هيئة الرقابة الشرعية ، كما تميز بالنص على مرجعية هيئة الفتوى بو ا زرة الأوقاف والشئون الإسلامية في حالة وجود خلاف بين أعضاء هيئة الرقابة الشرعية حول الحكم الشرعي ، وجعل الأمر في ذلك جوازي متروك لتقدير المصرف . كما تميز القانون المذكور بتحديد معيار ضابط لعلاقة البنك المركزي بالمصارف الإسلامية إذ نص على أن تتم جميع الأعمال بينهما وفقًا للقواعد والأوضاع التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ووفقًا لما يُقرره البنك المركزي . كما أجاز للبنك المركزي أن يُقدم للمصارف الإسلامية في الحالات الاضطرارية تمويلًا ، مستخدمًا الأدوات والأساليب التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وطبقًا للشروط والقواعد التي يقررها البنك المركزي . وأجاز للبنوك القائمة وقت صدور التعديل التشريعي - التقليدية والإسلامية على حد سواء - إذا ما رغبت في مزاولة أعمالها طبقًا لأحكام الشريعة الإسلامية أن تقوم بتعديل أوضاعها وفقًا لأحكام القانون المعدل وطبقًا للشروط والقواعد التي يحددها لها البنك المركزي في هذا الشأن . 32
  • 33. القسم الثالث : قوانين خاصة بإنشاء بعض البنوك : وهي أكثر أنواع التقنينات المنظمة لأعمال المصارف الإسلامية انتشارًا ، وأقدمها : 3 ( قــ ا رر رئيس الجمهورية بالقانون رقم 99 لسنة 3613 م بإنشاء هيئة عامة تكافلية باسم بنك ناصر ( 33 . الاجتماعي 13 1 ( المرسوم رقم 1 لسنة 3611 م بتأسيس بنك دبي الإسلامي كشركة مساهمة عامة محدودة . ( 1 ( القانون رقم 6 لسنة 3611 م بإنشاء بنك فيصل الإسلامي السوداني . ( 1 ( القانون رقم 11 لسنة 3611 م بإنشاء بنك فيصل الإسلامي المصري ، والمعدل بالقانون رقم 311 لسنة ( . 3613 م 14 1 ( المرسوم بقانون رقم 11 لسنة 3611 م بالترخيص في تأسيس شركة مساهمة كويتية باسم بيت التمويل ( الكويتي . 9 ( المرسوم رقم 1 لسنة 3616 م بتأسيس بنك البحرين الإسلامي . ( 1 ( المرسوم رقم 11 لسنة 3611 م بتأسيس مصرف قطر الإسلامي . ( 1 ( القانون رقم 91 لسنة 3611 م بإنشاء البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار . ( 13 نُص فيه على أنه أُنشأ بغرض تحقيق التكافل الاجتماعي ، وأنه لا يتعامل بالفائدة الربوية أخذًا أو عطاءً ، وكان البنك يتكون من ثلاث إدا ا رت : الإدارة العامة للزكاة ، الإدارة العامة للتأمين التعاوني والمعاشات ، الإدارة العامة للقروض ، لكن الواقع العملي لممارسة هذا البنك أنه كان يُغالي في مصاريف القروض حتى تكاد تصل إلى سعر الفائدة الربوية . 14 وقد انفرد هذا القانون بإي ا رد نظام التحكيم للفصل في منازعات المساهمين بصفاتهم وفي المنازعات المصرفية الأخرى التي تعترض أعمال البنك .
  • 34. المحور الخامس : الأُطر العامة لقانون المصارف الإسلامية أولًا : حظـر ممارسة المصارف الإسلامية عملياتها وخدماتها المصرفية والاستثمارية على أساس الفائـدة في جميع صورها وأشكالها ، حفاظًا على مصداقية العمل المصرفي الإسلامي وتكريس الثقة في هذا العمل ، إذ الصفة الأساسية في عمل المصارف الإسلامية وأنشطتها هو موافقتها للشريعة الإسلامية . ثان يا : ذكر أساليب التمويل والاستثمار التي يسمح للبنك بممارستها لا يكون إلا على سبيل المثال وليس الحصر ، لإمكانية ظهور أساليب جديدة غير المتعارف عليها حاليًا في مجال العمل المصرفي الإسلامي . ثال ثًا : اختلاف الأ سس التي تقوم عليها أنشطة المصارف الإسلامي عن تلك المُ تعارف عليها في البنوك التقليدية يتطلب أن يُسمح للمصارف الإسلامية بتملك الأموال المنقولة وغير المنقولة وبيعها واستثمارها وتأجيرها واستئجارها ، وم ا زولة كافة عمليات الاستثمار المباشر في الأنشطة التجارية والصناعية والز ا رعية والسياحية وغيرها من الأنشطة النوعية غير المصرفية أو المالية الداخلية والخارجية ، سواء لحسابها أو لحساب الغير أو بالاشت ا رك مع الغير ، بما في ذلك إنشاء الشركات والمشاريع والمساهمة فيها ، لأن هذا هو الأساس الذي يقوم عليه عمل المصرف الإسلامي ، بخلاف البنك التقليدي الذي يقوم عمله على استثمار المال ذاته عن طريق الإق ا رض . رابعًا : طبيعة المصارف الإسلامية تُلقي على عاتقها النهوض بمهام وخدمات اجتماعية وتكافلية تمليها الأخلاق الإسلامية ، حيث لا تنظر الشريعة للتنمية الاقتصادية منفصلة عن التنمية الاجتماعية بحال من الأحوال ، ومن هذه الخدمات : 3 ( تقديم القروض الخيرية الحسنة لبعض فئات المجتمع . ( 34 1 ( إقامة المشروعات الصغيرة لشباب الخريجين . ( 1 ( جمع أموال الزكاة وانفاقها في مصارفها الشرعية من خلال ما يُعرف بــ ) صندوق الزكاة ( . (
  • 35. . 1 ( تيسير سبل الحج من خلال ما يُعرف بــ ) صندوق الحج ( 15 ( 1 ( القيام ببعض الأ نشطة الاجتماعية التكافلية مثل : كفالة الأيتام ، ومساعدة الفق ا رء وذوي الاحتياجات ( الخاصة ، وغير ذلك . 9 ( القيام بأنشطة تثقيفية اقتصادية بصفة عامة ، ومصرفية بصفة خاصة . ( خامسً ا : قيام المصارف الإسلامية بم ا زولة عمليات الاستثمار المباشر في الأنشطة التجارية والصناعية والز ا رعية وغيرها من الأنشطة النوعية يوجب منحها التمتع بالامتيا ا زت والإعفاءات المقررة بموجب قوانين الاستثمار . وكذلك رسوم الطوابع والدمغات على العقود وكافة الض ا رئب المتعلقة بالعقود ، وكل عبء ضريبي من شأنه خلق حالة من الازدواج الضريبي بخصوص الأنشطة التي تمارسها المصارف الإسلامية ، وقد عانت شركات بناء وبيع العقا ا رت التي كانت تتعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية في بعض الولايات الأميركية من عبء دفع الضريبة مرتين للبيوع التي كانت تقوم بها ، وهو ما جعل دولة مثل إندونيسيا تُقر في غضون عام 1006 م قان ونًا بإلغاء الازدواج الضريبي على المصارف الإسلامية والذي كان عقبة رئيسية أمام نمو تلك المصارف ، ولتلافي تأثير هذه رسوم الطوابع والدمغات على تطور الصيرفة الإسلامية قامت ماليزيا أيضًا بتعديل قانون رسوم الدمغة لقصر هذه الرسوم على التصرف الأول ) سند التمويل ( دون التصرف الثاني ) سند البيع الثاني بين المموّل والعميل ( وذلك في حالة تعدد التصرفات والعقود . 15 وأول صندوق تم إنشاؤه من هذا النوع هو صندوق ) تابونغ حاجي ( في ماليزيا في نوفمبر 4861 م كوسيط مالي غير بنكي يقوم بتعبئة مدخ ا رت الماليزيين ال ا رغبين في أداء فريضة الحج ، ومع زيادة المشتركين في هذا الصندوق تم إعادة هيكلة الصندوق وتطويره في عام 4880 م ليتحول إلى مؤسسة استثمارية إسلامية معنية ليس فقط بالادخار ولكن باستثمار وتوظيف أموال الصندوق وتقديم خدمات أخرى متعلقة بتيسير سبل الحج وتوفير ال ا رحة للحُجاج ، وقد حققت هذه المؤسسة نجاحًا باه اً ر حيث ا زد عدد المشتركين ) المودعين ( في هذا الصندوق إلى ما يربو على خمسة ملايين شخص بواقع إيداعات تزيد على ثلاثة عشر بليون وثلاثمائة ألف رينجت ماليزي ، وقد حصل الصندوق على جائزة الملك فيصل للاقتصاد الإسلامي عام 4880 م . 35