1. ‫المرأة المصرية ما بين نار التحرش وجحيم البطالة‬
‫ابتسم لها عامل المصعد مشيرا إليها بالصعود وقد كان الهلع يبدو على وجهها نظرت‬
‫ ً‬
‫إليه وهى متوجسة، ثم جرت نحو السلم، نزلت درجات السلم الثانية والعشرين الموازية‬
‫لعمرها وفى كل درجة تتذكر شيئا، فهاهى فى عامها العاشر عندما جاءت فى رحلة‬
‫ ً‬
‫لزيارة معالم القاهرة وعندها وقعت فى غرام العاصمة، وقفت لتستريح وهنا تذكرت‬
‫تخرجها بتفوق من الجامعة، أخذت تجفف عرقها متذكرة محاولتها لقناع والديها‬
‫بالمجيء للقاهرة لتستكمال دراتستها العليا وإيجاد فرصة عمل، عادت مهرولة بالنزول‬
‫مرة أخرى إلى أن وصلت إلى الشارع، عبرت غير عابئة بالنظر يمينا أو يسارا‬
‫ ً‬ ‫ ً‬
‫وكلمات رب العمل تحدث طنينا فى أذنيها "إحنا وافقنا نعينك علشان حلوة ومش‬
‫ ً‬
‫هتتثبتي فى الشغل إل إذا قدمتي تنازلت"، ركضت قبل أن تنقضي تساعات عمل يومها‬
‫الول، حملت نحيبها المكتوم واندفعت نحو الشارع، ولم تعد تتذكر فرحتها بالحصول‬
‫على فرصة عمل من بعد عناء لكنها تتذكر جيدا تلك اليد الغليظة التى التفت حولها‬
‫ ً‬
‫وهى تنظم أوراقها اتستعدادا للعمل، وتقول متأثرة "بستعيد ذكريات تسيئة لما بروح نفس‬
‫ ً‬
‫المكان مرة تانية ولما بشوف نفس الشخاص ببقي عارفة إن شغلي مش هيتعطل وإنه‬
‫علشان يتقبل لزم أقدم تنازلت، بس أنا مش هبطل أشتغل"‬
‫وبالفعل أخذت "نسرين" تبحث عن عمل من بعد آخر وفى كل مرة يتكرر ذات المشهد‬
‫مع إختلف البطال وتسياق المشهد فتارة تأتيها نظرة خادشة للحياء وتارة مغازلة ذات‬
‫مغذى جنسي وفي كثير من الحيان يصل المر إلى لمسات متعمدة، وكعادتها فى عدم‬
‫التستسلم جاء عدم اتستسلمها أيضا جراء ما يحدث لها، فهى دائما ما تتجه بالشكوى‬

2. ‫إلى الدارة قبل أن تترك العمل، وفى كل مرة تجد التجاهل واللمبالة ردا على‬
‫ ً‬
‫شكواها.‬
‫أرقام كاشفة‬
‫ولم يكن قرار ترك العمل قرار "نسرين" بمفردها، فهى واحدة من ضمن 08% من‬
‫بين ثلثين امرأة عاملة شاركوا فى اتستطلع للرأي يتراوح 57% منهم ما بين 02 إلى‬
‫03 عام قد أكدوا على أن أكثر أشكال التحرش الجنسي شيوعا هي التعرض اللفظي‬
‫ ً‬
‫عن طريق اليحاءات الجنسية والمغازلت، حيث بلغت نسبة التحرش اللفظي ما يقرب‬
‫من 84% وجاء فى المرتبة الثانية التحرش البصري بنسبة 04% بينما تسجلت حالت‬
‫اللمس 8.11%، كما كشف التستطلع عن زيادة التحرش فى الدرجات الوظيفية‬
‫المنخفضة حيث تسجلت نسبة التحرش بالموظفات 8.77% بينما تسجلت الدرجات‬
‫الدارية العليا 2.22%، وقد أوضح التستطلع مدى تخوف الموظفات من الفصاح‬
‫عن التحرش حيث تسجلت نسبة الموظفات التى اتخذن موقف إدارى بشأن حالت‬
‫التحرش بهم 8.11% وبنسبة 3.38% كان موقف إدارة الشركة تسلبي تجاه تلك‬
‫الشكاوى.‬
‫الصمت الطضطراري‬
‫ومن بين النسبة المرتفعة التى فضلت الصمت وعدم الفصاح عن المر، أومات‬
‫برأتسها رافضة فظننتها بكماء، مضيت والتستمارة فى يدي بعد أن رفضت أن تملها،‬
‫ ُ‬
‫تقدمت لعدة خطوات فاتستوقفتني منادية: "لن أملها لكنني تسأحكي" ثم بدأت تفصح عن‬
‫أن هذا النوع من التحرش الجنسي يحدث فى أماكن مغلقة من قبل شخص لديه تسلطه‬
‫على مرؤوتسه، وقوعها ل يؤدي إلى أزمات ومعاناة نفسية وفقدان للثقة وشعور بالدونية‬
‫فحسب بل يمتد إلى الرزق ومصادره، وهو ما أكد عليه الدكتور أحمد عبد ال الطبيب‬

3. ‫النفسي " التحرش الجنسي في أماكن العمل هو نوعا من أنواع القهر على من يقع عليه‬
‫ ً‬
‫"ولعدم الوعي والحاطة بطبيعة الفعل هذا فكثيرا ما يؤدى التحرش الجنسي الشفوي‬
‫ ً‬
‫على وجه الخصوص إلى تشويش وإضطراب وإرتباك في ذهن ضحاياه على إعتبار‬
‫أنه لم يرقى لمستوى العتداء الملموس مما قد يضع من وقع عليه العتداء فريسة لحالة‬
‫من عدم التأكد والخوف من اللجوء إلى الشكوى، مضيفا إلى إن هذا النوع من التحرش‬
‫ ً‬
‫غالبا ما يقع من القوي على الضعيف وهو ما يعتبر اتسوأ أنواع التستغلل وأبشعه في‬
‫ ً‬
‫مصدر رزق النسان وقوته وغالبا ما يقابله الصمت أوالتضحية بالمرتب والعمل‬
‫ ً‬
‫كوتسيلة للنجاة .‬
‫القانون يحمي المتحرشين‬
‫وبعكس الصامتين الباحثين عن تسبل النجاة, خرجت "نيرفانا" الناشطة النسوية عن‬
‫صمتها حين جاءتها رتسالة بريدية من زميلها فى العمل ليسألها إن كان لها علقات‬
‫جنسية أم ل!؟!، فتوجهت على الفور بطباعة نص الرتسالة ووضعتها على مكتب المدير‬
‫مطالبة باتخاذ موقف حاتسم، فلجئت الدارة إلى قانون العمل رقم 731لسنة 1891‬
‫ ً‬
‫فتبين لها إنه خل تماما من أى بند يجرم التحرش الجنسي فى أماكن العمل وكذلك لم‬
‫ ً‬
‫تتطرق للمر التعديلت التي طرأت على القانون فى تسنة 3002 رغم تخصيص‬
‫القانون لبابا كامل عن تشغيل النساء لكنه تغافل عن حمايتها من التحرش الجنسي.‬
‫ ً‬ ‫ ً‬
‫لكن وليد العنتبلي الناشط القانوني وعضو منظمة العفو الدولية أكد على إنه من الطبيعي‬
‫أن يكون العقاب ضمن نصوص القانون الجنائي لن الفعل أيا كان الشكل الذي اتخذه‬
‫ ً‬
‫شفوي أوغير شفوي فيجب أن يعاقب عليه جنائيا. وبالرغم من ذلك فأن المشرع‬
‫ ً‬
‫المصري حتى الن لم يتعرض لهذا المر بالتجريم، مشيرا إلى إن الحاجة باتت ملحة‬
‫ ً‬
‫لجراء تعديل تشريعي لقانون العقوبات يستهدف معاقبة المتحرشين أتسوة بما حدث في‬

4. ‫كثير من الدول العربية المجاورة بدأت منذ مدة في طرق باب التحرش الجنسي في‬
‫مواقع العمل مثل تونس والمغرب، فمن الضروري اليوم طرح المسألة والخروج من‬
‫دائرة الصمت وتناول المر بالدراتسة واقتراح تعديل على التشريع الجنائي بما يكفل‬
‫تحقيق الحماية منه وتوقيع العقاب على مرتكبه بإصدار تشريعات لمواجهتها.‬
‫"سياسات الحماية" الطريق المختصر‬
‫"إصدار التشريعات تسيستغرق وقتا وطويل" بهذة الكلمات بدأت منى عزت الباحثة فى‬
‫ ُ‬ ‫ ً‬
‫مؤتسسة المرأة الجديدة حديثها عن تسياتسات الحماية، حيث أشارت إلى إنه يتعين على‬
‫صاحب العمل أو الشخص المسئول وضع القواعد والقوانين المناتسبة على شكل مدونة‬
‫تسلوك وتشتمل على إجراءات فورية لردء التحرش الجنسي بالضافة الى تحمل‬
‫لّ‬
‫صاحب العمل مسؤلية التحرش عندما يرتكبه المشرف على الضحية أو مديرها أو‬
‫زميلها وفى حالة علم صاحب العمل بأمر بالتحرش وعدم اتخاذه إجراءات تصحيحية‬
‫لّ‬
‫مباشرة لمعاقبة المتحرش إداريا وكذلك وضع آلية مناتسبة لتلقي الشكاوى تضمن تسرعة‬
‫ ً‬
‫التستجابة والتحقق من الشكوى المقدمة وتضمن أيضا السرية للمشتكي بأكبر قدر‬
‫ ً‬
‫ممكن، كما شددت "منى عزت" على ضرورة توفير بيئة عمل مناتسبة في ما يتعلق‬
‫لّ‬
‫بفصل دورات المياه وغرف تغيير الملبس وذلك بهدف ضمان عدم وجود بيئة معادية‬
‫للمرأة في مكان العمل، كما ينبغي إلزام الشركات وجهات العمل ذات العمالة الكثيفة‬
‫والمتوتسطة على عقد دورات تدريبية وفرض انعقادها على الشركات الكبرى ذات‬
‫العداد الكبيرة من العاملين لتوعيتهم وتثقيفهم بالمر، إضافة إلى حثها على تعيين‬
‫أخصائي اجتماعي لمواجهة هذه الحالت.‬