1. ة
جالد دنشواي وجالدي الثور
بقلم : د.ماجد رمضان
دنشواى تلك القرية التابعة لشبين الكوم بمحافظة المنوفية بدلتا مصر.والتي شهدت
ي الحديث .
أرضها الواقعة المأساوية في التاريخ المصر
وكلنا يعرف أحداث هذه الحادثة ولكن هناك جانبا فيها ال يهتم به الكثير وهو
المحاكمة الشهي ة لمن تم القبض عليهم من الفالحين من أبناء هذه القرية .
ر
حية ت اجيدية مخرجها اللورد كرومر المندوب السامي
ر
إن هذه المحاكمة كانت مسر
البريطاني في مصر وقضاتها من أبناء جلدتنا وهم بطرس غالي الذي عين فيما بعد
ي سعد غلول
ز
رئيسا للوز اء وأحم د فتحي غلول باشا،( األخ األكبر عيم المصر
للز
ز
ر
الذي كان في أثناء هذه المحاكمة في فرنسا لد اسة القانون الفرنسي) وكان مدعي
ر
النيابة "إب اهيم الهلباوى باشا". و كان اللورد كرومرقد أصدر الحكم الذي نطقه قضاة
ر
ي في مزبلته ج اء وفاقا ألنهم باعوا أنفسهم
ز
مصر الذين وضعهم التاريخ المصر
هم لعنة المصريين التي الحقتهم فقتل بطرس غالي
للمحتل خوفا أوطمعا فكان مصير
علي يد إب اهيم ناصف الورداني وانصرف الناس عن الهلباوي كأنه األجرب وقد
ر
قاطع سعد غلول أخيه فتحى باشا غلول بسبب عضويته لتلك المحكمة الظالمة .
ز
ز
نتذكر هذه الحادثة المؤلمة اآلن والتي لم ننساها ليعلم الجميع أن التاريخ يصدر
أحكامه بعدالة منقطعة النظير فبعض الناس يضعهم التاريخ في م اتب عالية وان
ر
كانت أفعالهم تبدوا للوهلة األولي مجرمة فهذا إب اهيم ناصف الورداني الذي لُقب
ر
2. بغ ال البر والذي نفذ حكم الشعب علي القاضي الظالم بطرس غالي بعد أن صار
ز
رئيسا للوز اء وعلي الجانب اآلخر ثالثة من قضاة مصر وضعوا في مزبلة التاريخ
ر
هم ونطقوا بحكم أماله عليهم اللورد كرومر
بجدا ة ألنهم باعوا ضمائر
ر
وقد استحق أحدهم وهو اب اهيم الهلباوي لقب "جالد دنشواي" الذي أطلقه عليه الشيخ
ر
عبد العزيز جاويش ، وذلك لقبوله أن يكون المدعي العام في هذه القضية ، بل
وتواضعه في تحديد أتعابه، فمع أنه – كما قال فيما بعد- "كان يتقاضى 550 جنيه
ى، فإنه خفض أتعابه في هذه القضية، فق ِل أن يت افع فيها ب
ر
في القضايا الكبر
بَ
550 جنيه فقط"
غم من أن الناس عرفوه كأحد أعظم المحامين الذين أنجبتهم مصر،ووصفه
وبالر
رٍ
ٍ
عباس محمود العقاد ذات م ة بأنه "كان ذا ذالقة لسان ال تطيق نفسها ال تريح
و
صاحبها". وكان الهلباوي خطيبً مفوهً وممثال ائعً ج بين العربية الفصحى
ً ر ا يمز
ا
ا
ٍ
والعامية البسيطة ويتحرك بخفة ورشاقة، يجبر المحكمة على سماعه ويجعل من
يسمعه وي اه مشدوهً بعبقرية هذا جل.
الر
ا
ر
هذا هو الهلباوي..ال فارق لديه بين أن يدافع عن المتهم ليطالب بتبرئته، أو أن يكون
المدعي العام الذي يثبت عليه االتهام ليطالب بإعدامه .
وقد هجاه الشاعر حافظ اب اهيم في قصيدة قال فيها:
ر
أيها المدعي العمومي مهال 55 بعض هذا فقد بلغت الم ادا
ر
قد ضمنا لك القضاء بمصر 55 وضمنا لنجلك اإلسعادا
فإذا ما جلست للحكم فاذكر 55 عهد مصر فقد شفيت الفؤادا
ال ى النيل في نواحيك يا مصر.. ال جادك الحيا حيث جادا
و
جر
أنت أنبت ذلك النبت يا مصر.. فأضحى عليك شوكا فتادا
أنت أنبت ناعقا قام باألمس.. فأدمى القلوب واألكبادا
ً
أيا مد ة القضاء ويا من 55 ساد في غفلة الزمان وشادا
ر
أنت جالدنا فال تنس أنا 55 لبسنا على يديك الحدادا
وعاش الهلباوي 30 عاما بعد تلك المأساة، ذاق أثناءها الذل والهوان من المصريين
ً
الذين لم ينسوا له دو ه في تلك المحاكمة، غم من محاولته التكفير عن ذلك،
بالر
ر
3. وحورب حربا شديدة من الناس وخصومه وأصدقائه، وطارده لقب "جالد دنشواي" في
ً
كل مكان
وهكذا تكون مكانة كل قاض يبيع ضمي ه بعرض ائل من الدنيا فما أشبه الليلة
ز
ر
حة ، وماأكثر جالدي الثو ة من قضاة مصر وأبنائها الذين نبتوا من أرضها
ر
بالبار
وشربوا من نيلها فصاروا شوكا أدموا القلوب واألكبادا .
ال نملك غير ان نردد ماقاله حافظ إب اهيم إثر حادثة دنشواي:
ر
و
أيها القائمون باألمر فينا..هل نسيتم الءنا والودادا؟
و
خ ّضوا جيشكم وناموا هنيئً..وابتغوا صيدكم وجوبوا البالدا
ا
ف
واذا أعوزتكم ذات طوق ..بين تلك الربا فصيدوا العبادا
ُ
إنما نحن والحمام سواء..لم تغادر أطواقنا األجيادا
ولكن التاريخ ال يرحم وذاكرته التنسى