SlideShare a Scribd company logo
1 of 8
Download to read offline
‫ّ‬
              ‫سوريا- تركيا – إسرائيل وحرب الطاقة األكبر في الشرق األوسط‬
                                                                               ‫مقال بقلم : ويليام إندغال‬
                                                                                     ‫ترجمة : باسل وطفه‬
    ‫دخلت الثورة السورية ومنذ وقت ليس بقصير في مرحلة لم يعد بإمكاننا القول فيها أن الوضع السوري مقتصر‬
                                          ‫ّ‬                                       ‫ّ‬      ‫ّ‬
    ‫على الثورة الشعبية والنظام الدموي فقط، ال يغيب عن عين المراقب أن ثمة أطراف دولية تمارس دورها ليس‬
  ‫لمصلحة الشعب السوري ومطالبه التي قامت عليها ثورته أصالً،بل لتصفية حسابات وتحصيل مكاسب من التركة‬
      ‫ّ‬                                                                                             ‫ّ‬
‫األسدية تلعب فيها المصالح " الجيوسياسية" الدّور األهم. البعد الجيوسياسي هو الغائب في كتاباتنا وتحليالتنا عن‬
                                                           ‫ّ‬
‫الحالة السورية بينما تمتلئ الصحف والدّوريات المهتمة بهذا المجال بالتحليالت المختلفة والمغايرة تماما ً لما نراه.‬
                                                                                                      ‫ّ‬
                 ‫ّ‬                              ‫ّ‬                               ‫ّ‬
     ‫األساس في ذلك " وهذا دقيق" أنه ما من دولة تقدّم الدّعم ألخرى إال لغايات سياسية تترواح بين التشارك في‬
  ‫المصا لح كما هو حال الدّول الندّية أو استغالل إمكانيات الدّولة الضعيفة "كما هو حال سورية" والعبث في موجة‬
                                                         ‫ّ‬
                                                   ‫التغيير الجارية فيها الستغالل ما يمكن أن يثمر عنه هذا التغيير.‬

  ‫قرأت هذا المقال قبل أشهر، ولكني عدت إليه وترجمته لما الحظته من انتشاره الواسع وعلى الكثير من المواقع‬
     ‫ّ‬                  ‫ّ‬                                            ‫ّ‬
 ‫المهتمة بموضوع الصراعات على منابع الطاقة ومكانة الغاز الطبيعي الصاعدة. رغم تحفظاتي على الكاتب إال أن‬   ‫ّ‬
 ‫هذا النوع من المقاالت يبقى مهما ً ألنه على األقل يلقي الضو على ما يدور خلف ما هو مطروح إعالميا ً وبرأيي‬
                                                       ‫ّ‬                         ‫ّ‬
    ‫اقة الدّور األساس في الحروب القديمة والجديدة وليست سورية اليوم‬       ‫الشخصي يلعب الصراع على مصادر الطّ‬
                                                                                            ‫ّ‬
                       ‫في الكثير من تحليالته.‬                      ‫ّ‬
                                              ‫بعيدة عن هذا الصراع بل هي في قلبه. ال أتبنى رأي الكاتب إطالقا ً‬
                                                                                              ‫ّ‬

                                                                                     ‫تنويه حول المقال والكاتب :‬

        ‫-‬    ‫ينتمي الكاتب وليام إنغدال إلى أصحاب المنهج الداعي لمحاربة السياسات األمريكية في العالم ، وهو‬
                                                              ‫ّ‬
          ‫السياسات المتعلقة‬  ‫متخصص في الكتابة عن األكاذيب التي تقف خلف سياسة الشركات الكبرى وتحديداً‬
                                                                               ‫ّ‬
          ‫بالنفط والسيطرة على منابع الطأقة. له مؤلّفات عديدة في هذا الباب : قرن الحرب- آلهة المال – بذور‬  ‫ّ‬
                                                                      ‫التدمير. والكتب مترجمة إلى لغات كثيرة.‬‫ّ‬
     ‫مشكلة هذا النمط من التفكير، هو عدم الخبرة والقرا ة في تاريخ األنظمة الديكتاتورية الدموي والقمعي -‬
                        ‫ّ‬
                 ‫والتي ستؤدي حتما ً إلى تفجر األوضاع فيها، بل يكفي في نظرهم وجود الدّعم األمريكي "لغاياته‬
                                                                                   ‫ّ‬
         ‫الخاصة" وتقاطعه مع مطالب الشعوب لتكون ثورات الربيع العربي نوع من األلعاب الدولية في المخطط‬
                                       ‫األمريكي أو مخطط أرباب المال في العالم لخلق األزمات واالستفادة منها.‬
                                                         ‫ّ‬
        ‫تندرج هذه المقالة تحت بند " مقاالت المعلومات" والتحليل الجيوسياسي، ويجب االنتباه إلى تناول -‬
         ‫الكاتب الموضوع من جهة "الجيوسياسة" الصرفة دون التطرق إلى تاريخ نظام األسد القمعي والفاسد.‬
      ‫المقالة مهمة كونها تفتح بابا ً (حتى لو اختلفنا معها) لفهم الصراع من جوانب أخرى مغيبة عن الحرب -‬
                          ‫ّ‬                       ‫ّ‬                                              ‫ّ‬
           ‫اإلعالمية، وفهم هذا الجانب والبحث فيه ووضعه في عين االعتبار كمحور أساسي في الصراع الدولي‬
               ‫ّ‬
                                             ‫ّ‬
         ‫الجاري اآلن حول سورية. وحتى لو اعتبرنا أنّ هؤال المحللين يؤثرون سلبا ً على الثورة السورية، فال‬
                                                           ‫مانع أبداً من معرفة أدوات تحليلهم واالستفادة منها.‬

                                                                                                     ‫باسل وطفه‬
‫في الثالث عشر من أكتوبر أعاد الجيش التركي إطالق قذائف الهاون داخل األرض السورية.قام الجيش التركي‬
   ‫بهذا العمل بغية خلق منطقة عازلة بعرض 10 كم داخل األراضي سورية، والذي كان ردّ اً على مزاعم تقول أن‬
  ‫مدنيين أتراك قتلوا برصاص الجيش السوري على الحدود بين البلدين. ثمة تخمين انتشر على نطاق واسع على‬
                                         ‫ّ‬
         ‫أن قذائف الهاون السوري التي قتلت خمسة مدنيين أتراك قد تم اطالقها من قبل قوى المعارضة السورية‬
                       ‫ُ ّ‬            ‫ّ‬         ‫ّ‬                ‫ّ‬
       ‫المسلحة والمدعومة من تركيا إلعطا تركيا الذريعة الالزمة للتحرك عسكريا ً. وهذا ما يسمى في مصطلحات‬ ‫ّ‬
         ‫المخابرات العسكرية " عملية الراية المزيفة" . وزير الخارجية التركي الرجل الغامض والصديق لألخوان‬
                                                                     ‫ّ‬
       ‫المسلمين أحمد داوود أوغلو هوفعليا المهندس الرئيسي لالستراتيجية التركية الهادفة إلى تدمير بشار األسد‬
                                             ‫ّ‬                             ‫ّ‬
    ‫ّ‬
  ‫حليفه السابق ذاتيا ً. بحسب أحد التقارير الصادرة عام 2116، حول حكومة رئيس مجلس الوزرا المسلم السني‬
                                                                                            ‫ّ‬      ‫ّ‬
‫رجب طيب أردوغان و حزب العدالة والتنمية الداعم لألخوان المسلمين،فإن تركيا قد أصبحت المركز الجديد لحركة‬
           ‫األخوان المسلمين العالمية. أحد مصادر المعلومات الجيدة والتي ينسب إليها التقرير القول إلى أنه: قبل‬
  ‫االنتخابات التركية األخيرة ، تلقى حزب أردوغان "العدلة والتنمية " تبرعا ً بقيمة 10 مليارات دوالر من حكومة‬
      ‫المملكة السعودية، قلب العالم السلفي الجهادي المحكوم بالعبا ة الوهابية المتشددة والمتزمتة.منذ عام 1950‬
            ‫وعندما قامت وكالة المخابرات االمريكية بنقل األعضا القياديين المنفيين من جماعة األخوان المسلمين‬
  ‫المصريين إلى السعودية ، كان قد حصل نوع من الدمج بين الصيغة السعودية الوهابية وبين العدوانية المتطرفة‬
                                                            ‫ّ‬
                                                                                 ‫الجهادية لالخوان المسلمين.‬

‫ردّة الفعل التركية على قذيفة هاون سورية واحدة والتي قوبلت باعتذار مباشر عن الحادثة هي بمثابة اعالن حرب‬
                                     ‫ُّ‬
  ‫على طول الحدود بين الدولتين واللتين كانتا حتى العام الماضي حليفين مقربين تاريخيا وثقافيا واقتصاديا وحتى‬
                                                                                                     ‫دينيا ً.‬

  ‫خطر الحرب هو احتمال أكثر جدية. تركيا هي عضو كامل العضوية في حلف الناتو والذي ينص ميثاقه صراحة‬
                  ‫ّ‬                                                        ‫ّ‬
  ‫اتو هو هجوم على جميع دول الحلف. وفي الحقيقة فإن الدوليتين‬    ‫على أن : الهجوم على أي دولة عضوة في النّ‬
        ‫النوويتي ن روسيا والصين قد وضعتا الدفاع عن نظام الرئيس السوري بشار األسد على رأس أولوياتهما‬
             ‫ّ‬
               ‫االستراتيجية مساهمتين في جعل شبح حرب عالمية يقترب إلى درجة أكثر مما يمكن لنا أن نتخيل.‬

‫في ديسمبر للعام 0016 ،وفي تحليله حول القوى المتنافسة في اإلقليم، ، قال المحلل السابق في وكالة المخابرات‬
                                                        ‫األمريكية "فيليب غير" كاشفا ً ببصيرة عميقة الرؤية:‬

 ‫" كان الناتو قد شارك مسبقا ً وبصورة سرية في الصراع في سوريا، بالتعاون مع تركيا التي تعمل بمثابة الوكيل‬
                                                                         ‫ّ‬
  ‫الرئيسي للواليات المتحدة. وزير خارجية أنقرة أحمد داوود أوغلو قد أقر بشكل صريح أن بالده تستعد لالجتياح‬
                                          ‫ّ‬
       ‫حالما يتم االتفاق بين حلفائنا في الغرب على أن نفعل ذلك. سيتم التدخل على أسس انسانية لحماية السكان‬
                                                                                                   ‫ّ‬
             ‫ل في ليبيا.‬‫المدنيين وعلى أساس مبدأ " مسؤولية حماية" العقيدة التي تم االستعانة بها لتبرير التدخّ‬
                                                    ‫ّ‬
                                                                       ‫ّ‬
      ‫تصل طائرات حربية ال تحمل عالمة الناتو إلى القواعد العسكرية التركية قريبا ً من االسكندرون على الحدود‬
   ‫افي باإلضافة إلى المتطوعين من‬ ‫السورية،و تقوم بتسليم أسلحة من الترسانة العسكرية المتبقية بعد سقوط القذّ‬
    ‫المجلس الوطني االنتقالي الليبي وأصحاب الخبرة في كيفية تأليب المتطوعين وتأهيلهم ضد القوات العسكرية‬
                                                  ‫ّ‬
    ‫المدربة، تلك المهارة التي اكتسبوها في مواجهة جيوش القذافي. اسكندرون أيضا ً هي مركز الجيش السوري‬
   ‫الحر، الجناح المسلّح للمجلس الوطني السوري. مدربون من القوات الخاصة الفرنسية والبريطانية متواجدون‬
                                                          ‫ّ‬                                             ‫ّ‬
     ‫على األرض و يقدمون المساعدة للمتمردين السوريين ، بينما تقوم المخابرات المركزية األمريكية والعمليات‬
        ‫ّ‬
      ‫الخاصة بتأمين وسائل االتصال والدّعم االستخباراتي لمساعدة المتمردين وتمكين المقاتلين منهم من تجنب‬
                                                                                                          ‫ّ‬
                                                                           ‫التجمعات الكبيرة للجنود السوريين.‬
‫ّ‬            ‫ّ‬                                                    ‫َ‬
        ‫ثمة حقيقة لم تحظ بالعناية ، ذلك أنه في اليوم نفسه حين قامت تركيا بالرد المفرط نسبيا ً وبصورة عملية‬
                                                                                                        ‫ّ‬
        ‫عسكرية هجومية على األراضي السورية والتي ال تزال سارية حتى كتابة هذا المقال،شرعت قوات الدفاع‬
                                                             ‫ّ‬
     ‫االسرائيلية "دي آي إف) بشكل واضح بما بدا أنه عمل لتحويل انتباه السوريين عن األتراك ولخلق سيناريو‬
                                                                                      ‫ّ‬
     ‫رعب حول أحتمال تشكل حرب ثنائية الجبهة مشابهة لما واجهته ألمانية في الحربين العالميتين. قامت قوات‬
    ‫الدفاع االسرئيلي بحشد قوات برية مهمة في مرتفعات الجوالن االستراتيجية التي تشكل الحدود بين الدولتين،‬
                                                                     ‫ّ‬
                                    ‫والتي بقيت منذ استيال اسرائيل عليها عام 1250 منطقة خالية من التوتر.‬

                                     ‫ّ‬                                                             ‫ّ‬
‫ما يتكشف عنه الطور الجديد من التدخل العسكري األجنبي من قبل تركيا، أنه في الحقيقة قد تمت مساندته من قبل‬
                   ‫ّ‬
                                              ‫ّ‬
         ‫نظام اليمين االسرائيلي في حكومة نتنياهو وهو واضح أيضا ً إذ أنه بأنه أتى الحقا ً للرسالة التي أوجزت‬
 ‫السيناريو والتي صدرت عن المؤسسة البحثية التابعة للمحافظين الجدد في واشنطن " معهد بروكينغز" " في‬
               ‫ّ‬
   ‫مسودة استراتيجية أصدروها في مارس 6016 بعنوان :" حماية سورية وتقييم خيارات تغيير النظام". وضع‬
                                                            ‫ّ‬
 ‫االستراتيجيون الجيوسياسيون في معهد بروكينغز خطة إلسا ة استخدام ما يسمى االعتبار االنساني مقابل موت‬
    ‫المدنيين كما حدث في ليبيا عام 0016 لتبرير تدخل عسكري شرس في سوريا ،وهو شئ لم يتم استخدامه من‬
                 ‫ّ‬
                                                                                                       ‫قبل.‬

                                                                     ‫تقرير بروكينغز يذكر السيناريو التالي :‬

      ‫ّ‬
   ‫بإمكان اسرائيل أن تنشر قوات عسكرية قرب مرتفعات الجوالن ويمكن لهذا العمل أن يحول انتباه قوات النظام‬
   ‫السوري عن قمع المعارضة. هذه الحالة قد تثير مخاوف النظام في سوريا من احتمال حرب متعددة الجبهات‬
     ‫خاصة إذا كانت تركيا ستفعل الشئ ذاته على حدودها وإذا قامت كذلك بمد المعارضة بصورة ثابتة بالسالح‬
                                      ‫ّ‬
                                                                                            ‫والتدريب.‬

                                                                ‫ّ‬             ‫ّ‬
‫هذا ما يبدو أنه تكشف بدقة في األيام المبكرة من أكتوبر 6016. معدو تقرير معهد بروكينغز على صلة بجهة أكثر‬
                                       ‫ّ‬
  ‫شهرة بين المحافظين الجدد وهم المعروفون بصقور الحرب الذين وقفوا خلف حرب بوش- تشيني على العراق.‬
 ‫وعرابهم هو مركز سابان لسياسة الشرق األوسط ووالذي يضم مستشار السياسة الخارجية لمرشح جناح اليمين‬
                                             ‫ّ‬                                                    ‫ّ‬
                                                                          ‫ّ‬
                                     ‫الجمهوري ميت رومني، المرشح الصريح المفضل لالسرائيلي نتنياهو.‬

   ‫بروكينغز- مركز سابان لسياسة الشرق األوسط قد تم انشاؤه من المتبرع الرئيسي حاييم سابان. حاييم سابان‬
                                        ‫ّ‬                 ‫ّ‬
‫اسرائيلي –أمريكي وهو ملياردير اإلعالم والذي يمتلك أيضا ً عمالق اإلعالم األلماني . حاييم سابان يتحدّث بشكل‬
                                                            ‫ّ‬
   ‫صريح عن أن هدفه هو تمثيل مصالح اسرائيلية النوعية في عمله االنساني. كانت النيويورك تايمز قدّ لقبته‬
     ‫ّ‬
    ‫"مشجع اسرائيل الذي ال يمل ّ". سابان كان قد أخبر الصحيفة نفسها في مقابلة عام 2116 : أنا رجل صاحب‬‫ّ‬
                                                                     ‫قضية واحدة وهذه القضية هي اسرائيل.‬

 ‫مجلس إدارة مركز سابان إضافة إلى الباحيثين فيه يظهرون انحيازاً واضحا إلى المحافظين الجدد وحزب الليكود.‬
    ‫القديم الجديد "شلومو يناعي" القائد السابق لعمليات التخطيط العسكري في قوات الدفاع االسرائيلية."مارتين‬
   ‫إندايك" السفير األمريكي السابق لدى اسرائيل ومؤسس معهد واشنطن لسياسة الشرق األدنى الداعم إلسرائيل،‬
  ‫واللوبي الرئيسي لسياسة الليكود في واشنطن. الزائرون في هذا المعهد أيضا ً : "آفي دكتر" رئيس سابق لجهاز‬
  ‫المخابرات االسرائيلي " الشين بيت" ،" يوسف كوبرواسر" الرئيس السابق لدائرة االبحاث وإدارة جيش الدفاع‬
    ‫االسرائيلي في االستخبارات العسكرية. الباحثون الدائمون من أمثال: "بروس رايدل"، شاب في الثالثين خبير‬
  ‫وكالة االستخبارات االمريكية لشؤون الشرق األوسط ومستشار أوباما لشؤون أفغانستان. "كينيث بوالك" خبير‬
    ‫الشرق األ وسط سابق لدى وكالة المخابرات األمريكية والذي وردت اإلشارة إليه في فضيحة تجسس اسرائيلية‬
                                                                                           ‫ّ‬
                                        ‫حينما كان موظفا ً في وكالة األمن القومي في عهد إدارة الرئيس بوش.‬
‫لماذا تريد اسرائيل التخلّص من عدو تعرفه "بشار األسد" مقابل نظام يسيطر عليه اإلخوان المسلمون؟ على ما‬
       ‫يبدو أن أمن اسرائيل سيكون مهدّداً بصعود أنظمة األخوان المسلمين المتشددة في مصر من جهة الجنوب‬
                                                        ‫وسوريا من جهة الشمال وربما قريبا ً في األردن؟؟‬
                                                                              ‫ّ‬

                                                                                    ‫البعد الجيوسياسي :‬
‫السؤال المهم الذي ينبغي طرحه في هذا النقطة، مالذي يمكن أن يجمع اسرائيل،مع تركيا وقطر في صيغة تحالف‬
                                                                                       ‫ّ‬
 ‫شرير من جهة. وسوريا وايران والصين وروسيا في جهة أخرى في مواجهة مميتة كهذه على حساب المستقبل‬
                                      ‫السياسي لسوريا؟ جواب وحيد هو "الجيوسياسة" المتعلقة بالطاقة.‬

   ‫ما يجب أن يؤخذ في عين االعتبار بعد ذلك هو الحسابات الجيوسياسية للشرق األوسط واألهمية التي تتزايد‬
 ‫بصورة مضطردة للسيطرة على الغاز الطبيعي ليس فقط من أجل مستقبل دول الشرق األوسط المنتجة للغاز، بل‬
        ‫أيضا ً من أجل مستقبل االتحاد األوروبي وأوراسيا التي تضم روسيا كمنتجة للغاز والصين كمستهلكة له.‬
                                                ‫ّ‬
                                              ‫ّ‬
  ‫الغاز الطبيعي يبرز على نطاق واسه بصفته الخيار األمثل للطاقة "النظيفة"، ليحل محل ّ الفحم ومولدات الطاقة‬
    ‫الكهربائية النووية في منطقة االتحاد االوروبي وخاصة بعد القرار األلماني بإيقاف عملها تدريجيا ً عقب كارثة‬
                 ‫ّ‬
  ‫فوكوشيما. يعتبر استخدام الغاز بأنه " صداقة للبيئة" فيما يتعلق بما يسمى بصمة الكربون " مصطلح يدل ّ على‬
                                          ‫ّ‬
  ‫كمية ثاني أوكسيد ا لكربون المنبعث نتيجة استخدام الوقود األحفوري". الطريقة العملية التي ستمكن حكومات‬
        ‫االتحاد األوروبي بد اً من المانية مرورا بفرنسا،إيطاليا وإسبانيا لتحقيق هدفها بتخفيض غاز ثاني أوكسيد‬
  ‫الكربون بحلول العام 1616 هو تحقيق االنتقال الرئيسي الستخدام الغاز بصورة رئيسية عوضا ً عن الفحم. يقلل‬
     ‫استخدام الغاز انبعاث ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 19-12% قياسا ً للفحم. يحقق استخدام الغاز أيضا ً كلفة‬
                                                          ‫ّ‬
   ‫اقتصادية أقل بكثير من استخدام طاقة الرياح وأشكال الطاقة البديلة . يتصاعد الطلب على الغاز كمصدر للطاقة‬
                                                                        ‫ّ‬
                    ‫اشئ واألكبر للغاز في العالم.‬ ‫وبشكل أساسي من قبل االتحاد األوروبي، والذي يشكل السوق النّ‬
                                                             ‫ّ‬

                           ‫ّ‬
  ‫ال ثروات هائلة من الغاز المكتشفة في اسرائيل، قطر، وسوريا تلتقي مع صعود االتحاد األوروبي كأكبر مستهلك‬
       ‫محتمل للغاز الطبيعي في العالم. يلتقي كل هذا ليشكل األساس في الصراع الجيوسياسي ضد نظام األسد.‬

                                                           ‫خط أنابيب الغاز الطبيعي إيران – العراق- سوريا:‬

‫في يوليو 0016 وحين كانت عمليات زعزعة االستقرار التي يقوم بها الناتو ودول الخليج على أعلى مستوياتها ،‬
                              ‫َ‬                   ‫ّ‬
     ‫وقعت حكومات سوريا والعراق وإيران اتفاقية تاريخية لمد خط أنابيب الغاز ولم تحظ بالمالحظة على نطاق‬ ‫ّ‬
     ‫واسع ضمن تقارير وكالة األخبار سي إن إن حول االضطرابات في سوريا. بتكلفة قُدرت بحوالي 10 مليارات‬
                                                ‫ّ‬
    ‫دوالر وفترة زمينة لالنجاز حوالي 3 سنوات ،سيمتد هذا الخط من مينا "أسلويه" اإليراني قرب حقل فارس‬
  ‫الجنوبي على الخليج العربي، إلى دمشق في سوريا عبر األراضي العراقية. تخطط إيران أساسا ً لتمديد خط الغاز‬
                            ‫ّ‬
    ‫من دمشق إلى موانئ لبنان على البحر المتوسط ليتم تسليمه من هناك إلى أسواق االتحاد األوروبي. وتشتري‬
         ‫سوريا الغاز اإليراني حسب االتفاق العراقي الحالي لشرا الغاز االيراني من حصة إيران في حقل فارس.‬
                                 ‫ّ‬

              ‫ّ‬
  ‫جنوب فارس حيث يتجمع احتياطي الغاز الضخم بين قطر وإيران في الخليج العربي والذي يعتقد أنه حقل الغاز‬
                                                               ‫ّ‬
      ‫المنفرد األكبر في العالم. في الواقع سيكون هذا هو خط الغاز "الشيعي" عبر األرض ذات الغالبية الشيعية‬
   ‫"العراق" إلى الشيعة -علويي األسد األصدقا ، ما يزيد الصورة درامية ، هو وقوع الغاز المكتشف في فارس‬
                                        ‫ّ‬
            ‫ّ‬                                                               ‫ّ‬
‫الجنوبية تماما ً في منتصف التقسيم اإلقليمي في الخليج العربي بين إيران الشيعية وقطر السلفية السنية. حدث أن‬
                     ‫ّ‬
  ‫كانت قطر أيضا ً محور القيادة المركزية للبنتاغون- مركز قيادات القوة الجوية األمريكية – المجموعة الجوية‬
‫المحمولة آر إي إف رقم 33 – والجناح 513 للقوة الجوية المحمولة األمريكية. باختصار، قطر إضافة المتالكها‬
‫واستضافتها لتلفزيون الجزيرة المعادي لألسد، والذي ينشر الدعاية المضادة لسوريا على امتداد العالم العربي،‬
                          ‫فإن قطر مرتبطة على نحو وثيق بوجود الناتو والواليات المتحدة العسكريين في الخليج.‬

  ‫على ما يبدو فإن لقطر خطط أخرى بما يتعلق بحصتها بحقل فارس الجنوبي بعيداً عن االنضمام إليران والعراق‬
                                                            ‫ّ‬
 ‫وسوريا لتجميع الجهود. ليس لدى قطر مصلحة في نجاح خط الغاز اإليراني – العراقي –السوري والذي سيكون‬
  ‫مفصوالً تماما ً عن مناطق العبور الخاصة بتركيا وقطر للوصول إلى السوق األوروبية. في الحقيقة تفعل قطر كل‬
 ‫ما بوسعها لتخريب هذا المشروع وصوالً إلى ما يشمل تسليح مقاتلي المعارضة السورية المشرذمة. العديد منهم‬
                                           ‫جهاديون تم إرسالهم من بالد أخرى مثل السعودية، باكستان وليبيا.‬

                                                                           ‫ّ‬
  ‫يضاف إلى عزم قطر على تحطيم التعاون اإليراني العراقي السوري،اكتشاف حقل الغاز الضخم في يوليو 0016‬
                    ‫ّ‬
       ‫في منطقة قارة من قبل الشركات السورية قريبا ً من الحدود اللبنانية وقريبا ً أيضا ً من مينا طرطوس الذي‬
                       ‫ّ‬     ‫ّ‬
   ‫تستأجره البحرية الروسية في مدينة طرطوس السورية على البحر المتوسط وبالتالي أية عملية لتصدير الغاز‬
                                    ‫ّ‬
                                                                                  ‫ّ‬
  ‫السوري أو اإليراني إلى االتحاد األوروبي ستتم عبر المينا الذي تسيطر عليه روسيا. بحسب مصادر جزائرية‬
  ‫مطلعة، فإن اكتشافات الغاز الجديدة في سورية،برغم تقليل الحكومة السورية من أهميتها، تقارب أو تفوق تلك‬   ‫ّ‬
                                                                                          ‫المكتشفة في قطر.‬
                                                                                    ‫ّ‬
         ‫بحسب المحلل الجيد االطالع في آسيا تايمز بيب إسكوبار، فقد أشار في ورقته األخيرة، أن المخطط القطري‬
                                                                                         ‫ّ‬
‫يهدف لتصدير المخزون الهائل من الغاز لديها عبر خليج العقبة في األردن، حيث يشكل األخوان المسلمون تهديداً‬
                                                      ‫ّ‬
          ‫لدكتاتورية الحكم الملكي. كان األمير القطري قد قطع مؤخراً صفقته مع األخوان المسلمين والتي دعم فيها‬
     ‫توسعهم على المستوى الدولي في مقابل ميثاق يحقق له السالم في بلده قطر. نظام أخوان مسلمين في األردن،‬ ‫ّ‬
    ‫وآخر في سوريا مدعومان من قطر، سيغيران كليا ً الوضع الجيوسياسي المتعلق باسواق الغاز في العالم مفاجئ‬
                                                             ‫ّ‬      ‫ّ‬
      ‫وعلى نحو مفاجئ و حاسم لمصلحة قطر وضد مصلحة روسيا وسورية وإيران والعراق وسيشكل تأثيرا ً سلبيا‬
       ‫ّ‬
                                                                                                         ‫ّ‬
                                                                                              ‫اتجاه الصين.‬

                              ‫ّ‬             ‫ّ‬
‫كما يشير إسكوبار : من الواضح أن هدف قطر هو قتل مشروع خط الغاز الذي يكلف 10 مليارات دوالر بين إيران‬
 ‫والعراق وسورية، الصفقة التي تم حسمها حتى حين كانت االحتجاجات في سورية قد وقعت مسبقا ً. نرى هنا قطر‬
                                                                          ‫ّ‬
    ‫وقد دخلت في منافسة مباشرة مع إيران كبلد منتج وسورية كنقطة وصول. وبدرجة أقل مع العراق كبلد عبور.‬
                                               ‫ّ‬                                        ‫ّ‬
‫من المفيد أن نتذكر أن طهران وبغداد تقفان بعناد ضد تغيير النظام في سورية. يضيف أسكوبار: إذا كان هناك من‬
                                                                                                 ‫ّ‬
  ‫تغيير للنظام في سورية بمساعد ة اجتياح مدعوم بالغاية القطرية فإن األمور ستغدو أسهل فيما يتعلق بشبكة مدّ‬
   ‫خطوط الغاز بايبالينستان . مصطلح ابتكره إسكوبار لوصف الشبكات الواسعة من خطوط النفط والغاز الممتدّة‬
    ‫والتي تتقاطع ساحات القتال المحتملة بين اإلمبراطوريات على الكرة األرضية. من المرجح أكثر أن يرحب نظام‬
                          ‫ّ‬
                                                                 ‫ّ‬
      ‫الحق لسقوط لألسد ذو طبيعة إخوانية بخط الغاز القطري مما سيجعل إمكانية توسيعه لألراضي التركية أكثر‬
                                                                                            ‫سهولة كذلك.‬

                                                                                 ‫مأزق الغاز اإلسرائيلي:‬
        ‫ما يزيد تعقيد الصورة أكثر، هو االكتشافات األخيرة لمخزونات هائلة من الغاز الطبيعي في المياه البحرية‬
      ‫اإلسرائيلية. حقل الغاز الطبيعي ( تامار) الواقع قبالة الساحل شمال إسرائيل من المتوقع أن يبدأ انتاج الغاز‬
   ‫لالستخدام االسرائيلي في اواخر 6016. ما غير اللعبة هو االكتشاف الدراماتيكي في أواخر 1016 لحقول ذات‬
                                                               ‫ّ‬
  ‫رقي. في‬  ‫مخزون ضخم من الغاز الطبيعي في المياه البحرية االسرئيلية فيما يسميه الجيولوجيون : الحوض الشّ‬
                                          ‫ّ‬
    ‫أكتوبر 1016 اكتشفت اسرائيل حقالً عمالقا ً للغاز الطبيعي في المياه البحرية في المنطقة التي تطلق عليها :‬
                                                                                                          ‫ّ‬
                                                                                    ‫النطاق االقتصادي الخاص.‬
‫االكتشاف يقع على بعد 23 ميل إلى الغرب من مينا حيفا وبعمق ثالثة أميال. وقد أسموه " اللوياثان" = وحش‬
                                                             ‫ّ‬                       ‫ّ‬
‫البحر المذكور في التوراة. ثالثة من شركات الطاقة اإلسرائيلية بالتعاون مع هيوستن تكساس نوبل للطاقة أعلنت‬
                                            ‫ّ‬                                               ‫ّ‬     ‫ّ‬
‫أن توقعات أولية تشير إلى أنّ الحقل يحتوي 20 تريليون قدم مكعب من الغاز بما يجعله الحقل األكبر في المياه‬
                         ‫ّ‬                     ‫ّ‬                  ‫ّ‬
‫العميقة الذي تم اكتشافه خالل عقد من الزمن.ذلك ما يضعف الثقة بنظريات " ذروة النفط " التي تقول أن األرض‬
                                                                                          ‫ّ‬
     ‫تعيش حالة من التناقص والغير مسبوق من النفط والغاز والفحم. من المنظور الرقمي فإن حقل "اللوياثان"‬
                              ‫ّ‬
                                    ‫سيمتلك من االحتياطي ما يكفي لتلبية حاجات اسرائيل من الغاز لمئة عام.‬

                                                                                       ‫ّ‬          ‫ّ‬
‫االكتفا الذاتي من الطاقة كان قد استعصى في اسرائيل منذ نشوئها عام 3250. اكتشافات كثيرة جداً للنفط والغاز‬
                ‫ّ‬
    ‫خلُصت وبصورة مكررة إلى نتيجة هزيلة. على عكس جيرانها من البلدان العربية الغنية، بدت اسرائيل معدومة‬
‫الحظ. بعدئذ في العام 5116 نوبل للطاقة شريك اسرائيل تكساس اكتشف حقل "تامار" في الحوض الشرقي على‬         ‫ّ‬
        ‫بعد حوالي 19 ميل غربي مينا حيفا بمخزون متوقع حوالي 3.3 تريليون قدم مكعب ألعلى نوعية من الغاز‬
                                ‫ّ‬
‫ي‬ ‫الطبيعي. تامار كان أكبر الحقول المكتشفة في العالم للعام 5116. في ذلك الوقت كان االحتياطي االسرائيلي الكلّ‬
                                                                                                     ‫ّ‬
     ‫المتوقع من الغاز حوالي 9.0 تريليون قدم مكعب. توقعات الحكومة االسرائيلية كانت على أن لدى اسرئيل حقل‬
                                                                 ‫ّ‬
 ‫وحيد هو يام تيتايس. والذي يؤمن حوالي 11% من حاجة البلد للغاز الطبيعي والذي من المتوقع أن ينضب في‬
‫غضون ثالث سنوات. مع اكتشاف حقل تامار بدأت االفاق لتبدو افضل كثيراً، وبعد سنة من اكتشاف تامار، نفس‬
    ‫المجموعة بقيادة نوبل للطاقة، حققت ضربتها باكتشاف أكبر حقل للغاز خالل تاريخها الطويل في نفس الحوض‬
        ‫الجيولوجي الشرقي نفسه. التقديرات الحالية تشير إلى أن حقل اللوياثان يختزن على األقل 10 تريليون قدم‬
          ‫مكعب من الغاز الطبيعي. اسرائيل انتقلت من حالة المجاعة في الغاز إلى مرحلة التخمة في غضون أشهر.‬  ‫ّ‬

  ‫تواجه إسرائيل حاليا ً مأزقا ً استراتيجيا ً شديد الخطورة، بطبيعة الحال اسرائيل ليست متحمسة كثيراً لرؤية سوريا‬
                       ‫ّ‬                                                                    ‫ّ‬
     ‫األسدية، والمرتبطة بالقوس المعادي لها " إيرا- العراق- لبنان" قادرة على منافستها في عملية تصدير الغاز‬
     ‫لألسواق األوروبية، هذا ما يمكن أن يفسر العبث الذي مارسته حكومة نتنياهو ضمن صفوف القوات المعادية‬
                ‫ّ‬                                                   ‫ّ‬
        ‫ة حول محمد شقفة ستواجه‬   ‫لألسد. على أية حال، حكم اإلخوان المسلمين في سوريا بقيادة الجماعة الملتفّ‬
                                                                                                  ‫ّ‬
   ‫إسرائيل بعدائية أكبر كما هي الحال في انقالب األخوان المسلمين المصريين برئاسة محمد مرسي والتي أسست‬
                                                                  ‫لنظام معادي على حدود اسرائيل الجنوبية.‬

‫ليس سراً أن هناك عدائية تمتد إلى الكراهية بين نتنياهو وإدارة الرئيس أوباما. البيت البيض والخارجية األمريكية‬
                                                                               ‫ّ‬                     ‫ّ‬
  ‫تدعم وبشكل صريح نظام األخوان المسلمين في الشرق األوسط.اجتماع هيالري كلينتون مع الوزير التركي أحمد‬
                       ‫ّ‬
 ‫داوود أوغلو في أغسطس من هذا العام هدف بحسب التقارير إلى دفع تركيا لتصعيد تدخلها العسكري في سورية‬
                                                                   ‫َ‬
                    ‫ّ‬
   ‫، ولكن دون دعم أمريكي مباشر بسبب التوجهات السياسية لالنتخابات األمريكية الهادفة لتجنب تورط جديد في‬
               ‫ّ‬
                                                                              ‫كسر الجليد في الشرق األوسط.‬

                                        ‫ّ‬                                               ‫ّ‬
  ‫نائبة رئيس الموظفين في وزارة الخارجية األمريكية " هما عابدين" ، اتهمت من قبل عدد من نواب الكونغرس‬
                 ‫ّ‬
       ‫الجمهوريين بارتباطاتها مع منظمات خاضعة ليسطرة األخوان المسلمين. داليا مجاهد التي عينها أوباما في‬
‫المجلس االستشاري لألديان وشراكات الجوار، وهي عضوة في المجلس االستشاري األمريكي التابع لوزارة األمن‬
   ‫الوطني. لها ارتباطات واضحة مع األخوان المسلمين ،و عدا واضح إلسرائيل باالضافة إلى مطالبتها بإسقاط‬
        ‫أسد سورية. واشنطن أوباما تبدو بصورة مؤكدة داعمة ل "حصان" األخوان المسلمين" في السباق على‬
                                                              ‫السيطرة على الغاز المتدفق في الشرق األوسط.‬
‫والدّ ور الروسي:‬


                    ‫ّ‬                                                                     ‫ّ‬
  ‫تدخل واشنطن مؤقتا ً في لعبة شد الحبل آملة إضعاف األسد على نحو مهلك بشكل ال يظهر تدخلها المباشر، وفيما‬
                            ‫ُ‬                                               ‫ّ‬
    ‫يتعلق بالجز الروسي، تلعب روسيا لعبة حياة أو موت من أجل مستقبل أكثر مفاتيحها الجيوسياسية فعالية وهو‬
                                                                                            ‫ّ‬
     ‫دورها كمزود رئيسي للغاز الطبيعي إلى اإلتحاد األوروبي. "غازبروم" الشركة المملوكة للدولة الروسية بدأت‬
      ‫بتزويد الغاز الروسي إلى شمال ألمانية عبر خط غاز المعبر الشمالي تحت بحر البلطيق من المينا القريب من‬
         ‫سان بطرسبرج. من الناحية االستراتيجية يبدو حيويا ً لروسيا من اجل مستقبل الدور الروسي كمزود للغاز‬
‫الطبيعي لإلتحاد األوروبي، استمرار قدرتها على لعب دور استراتيجي في استغالل مخزونات الغاز المكتشفة حديثا ً‬
     ‫في عالقتها مع زبائنها السابقين إبان فترة الحرب الباردة.، كانت سورية وموسكو قد تشاركتا العمل في تعزيز‬
                                                                          ‫ّ‬
                                                                                               ‫ّ‬
    ‫وتسويق خط الغاز في المجرى الجنوبي في قلب أوروبا كبديل عن مشروع واشنطن خط أنابيب "نابوكو" والذي‬
                                                          ‫تم تصميمه بغية حصر روسيا ضمن األرض الباردة.‬   ‫ّ‬

    ‫"غازبروم" هي المزود األكبر للغاز الطبيعي لالتحاد األوروبي عبر المعبر الشمالي وخطوط أخرى، و تخطط‬
                                                                                 ‫ّ‬
 ‫لزيادة نسبة الغاز المتدفق إلى أوروبا هذا العام بنسبة 60% أي إلى 990 مليارمتر مكعب، "غازبروم" تسيطر‬
   ‫حاليا ً على ما نسبته 96% من مجموع سوق الغاز األوروبية وتهدف إلى الوصول إلى نسبة 13% مع اكتمال‬
                                                                ‫المعبر الجنوبي والمشروعات األخرى.‬

                                          ‫ّ‬
   ‫راينر سيلي، رئيس ينترشال األلمانية، شريك كازبروم في المعبر الشمالي عبر عن أن التفكير بالمنحى الجيو‬
                                  ‫ّ‬
   ‫سياسي هو ما يقف خلف القرار باالنضمام إلى "المعبر الجنوبي" : "في السباق الدولي ضد البلدان اآلسيوية‬
      ‫حول المواد الخام، المعبر الجنوبي كما هو المعبر الشمالي سوف يؤمن العبور نحو مصادر الطاقة الحيوية‬
 ‫بالنسبة إلى اقتصادنا". ولكن بدالً من آسيا، فإن التركيز الفعلي للمعبر الجنوبي سيكون موجها للغرب. المعركة‬
                      ‫ّ‬
     ‫ز. الرابح‬
        ‫ّ‬      ‫الجارية بين المعبر الجنوبي الروسي ونابوكو المدعوم من واشنطن هي جيوسياسية على نحو مركّ‬
                    ‫ٍ‬
                                    ‫سيحوز ميزة أساسية في ملعب السياسة المستقبلية على الساحة األوروبية.‬

                                                                                      ‫ّ‬
‫في الوقت الحالي، تشكل سورية خياراً رئيسيا ً جديداً كمصدر رئيسي لتدفقات الغاز التي تديرها روسيا في عالقتها‬
                                                                             ‫ّ‬
       ‫مع االتحاد األوروبي. إذا كتبت النجاة لألسد، ستكون روسيا في موقع المنقذ لتلعب دورا ً حاسما ً في تطوير‬
   ‫واستغالل الغاز السوري. اسرائيل، حيث لروسيا العديد من األوراق القوية لتلعبها. من الممكن نظريا ً أن تنتقل‬
 ‫لدعم مجموعة الغاز : روسيا – سورية- إيران- العراق حيث من الممكن السرائيل وإيران أن يصال إلى نقطة لقا‬
    ‫في المصالح النووية أو القضايا األخرى. ليس ذلك مستحيالً حيث مجموعة المصالح السياسية قد تتغير عقب‬
‫االنتخابات األخيرة. تركيا، الغارقة في معركة داخلية بين محمد داوود أوغلو والرئيس غول من جهة ورجب طيب‬
   ‫أردوغان من جهة أخرى، تعتمد على غازبروم الروسية للحصول على حوالي 12% من الغاز الالزم للصناعة‬
                             ‫ّ‬
    ‫التركية، وإن كتبت الخسارة لداود أغلو وفريقه، من الممكن لتركيا أن تلعب دوراً بنا ً في المنطقة كبلد عبور‬
                                                                                    ‫للغاز السوري واإليراني.‬

 ‫معركة السيطرة المستقبلية على سورية، هي في قلب هذه الحرب الجيوسياسية الشاملة الجارية بين شد وجذب.‬
           ‫ّ‬
‫ار‬ ‫وحلها سيحمل نتائج جمة إما لسالم عالمي أو لحرب وصراع وذبح ال ينتهي. تركيا العضوة في الناتو تلعب بالنّ‬
                                                                                      ‫ّ‬                  ‫ّ‬
  ‫كما يفعل أمير قطر، تماما ً مع ما يفعله نتنياهو اسرائيل وأعضا الناتو فرنسا والواليات المتحدة. الغاز الطبيعي‬
                                                                              ‫ّ‬
                         ‫مادة القابلة لالشتعال والتي تغذي نار هذا التتنافس المجنون على الطاقة في هذه المنطقة.‬

 ‫-‪ http://www.globalresearch.ca/syria-turkey-israel-and-the-greater‬الرابط األصلي للمقال :‬
                                                        ‫2097035/‪middle-east-energy-war‬‬
سوريا  تركيا - اسرائيل وحرب الطّاقة الأكبر في الشرق الأوسط

سوريا تركيا - اسرائيل وحرب الطّاقة الأكبر في الشرق الأوسط

  • 1. ‫ّ‬ ‫سوريا- تركيا – إسرائيل وحرب الطاقة األكبر في الشرق األوسط‬ ‫مقال بقلم : ويليام إندغال‬ ‫ترجمة : باسل وطفه‬ ‫دخلت الثورة السورية ومنذ وقت ليس بقصير في مرحلة لم يعد بإمكاننا القول فيها أن الوضع السوري مقتصر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫على الثورة الشعبية والنظام الدموي فقط، ال يغيب عن عين المراقب أن ثمة أطراف دولية تمارس دورها ليس‬ ‫لمصلحة الشعب السوري ومطالبه التي قامت عليها ثورته أصالً،بل لتصفية حسابات وتحصيل مكاسب من التركة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األسدية تلعب فيها المصالح " الجيوسياسية" الدّور األهم. البعد الجيوسياسي هو الغائب في كتاباتنا وتحليالتنا عن‬ ‫ّ‬ ‫الحالة السورية بينما تمتلئ الصحف والدّوريات المهتمة بهذا المجال بالتحليالت المختلفة والمغايرة تماما ً لما نراه.‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األساس في ذلك " وهذا دقيق" أنه ما من دولة تقدّم الدّعم ألخرى إال لغايات سياسية تترواح بين التشارك في‬ ‫المصا لح كما هو حال الدّول الندّية أو استغالل إمكانيات الدّولة الضعيفة "كما هو حال سورية" والعبث في موجة‬ ‫ّ‬ ‫التغيير الجارية فيها الستغالل ما يمكن أن يثمر عنه هذا التغيير.‬ ‫قرأت هذا المقال قبل أشهر، ولكني عدت إليه وترجمته لما الحظته من انتشاره الواسع وعلى الكثير من المواقع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المهتمة بموضوع الصراعات على منابع الطاقة ومكانة الغاز الطبيعي الصاعدة. رغم تحفظاتي على الكاتب إال أن‬ ‫ّ‬ ‫هذا النوع من المقاالت يبقى مهما ً ألنه على األقل يلقي الضو على ما يدور خلف ما هو مطروح إعالميا ً وبرأيي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اقة الدّور األساس في الحروب القديمة والجديدة وليست سورية اليوم‬ ‫الشخصي يلعب الصراع على مصادر الطّ‬ ‫ّ‬ ‫في الكثير من تحليالته.‬ ‫ّ‬ ‫بعيدة عن هذا الصراع بل هي في قلبه. ال أتبنى رأي الكاتب إطالقا ً‬ ‫ّ‬ ‫تنويه حول المقال والكاتب :‬ ‫-‬ ‫ينتمي الكاتب وليام إنغدال إلى أصحاب المنهج الداعي لمحاربة السياسات األمريكية في العالم ، وهو‬ ‫ّ‬ ‫السياسات المتعلقة‬ ‫متخصص في الكتابة عن األكاذيب التي تقف خلف سياسة الشركات الكبرى وتحديداً‬ ‫ّ‬ ‫بالنفط والسيطرة على منابع الطأقة. له مؤلّفات عديدة في هذا الباب : قرن الحرب- آلهة المال – بذور‬ ‫ّ‬ ‫التدمير. والكتب مترجمة إلى لغات كثيرة.‬‫ّ‬ ‫مشكلة هذا النمط من التفكير، هو عدم الخبرة والقرا ة في تاريخ األنظمة الديكتاتورية الدموي والقمعي -‬ ‫ّ‬ ‫والتي ستؤدي حتما ً إلى تفجر األوضاع فيها، بل يكفي في نظرهم وجود الدّعم األمريكي "لغاياته‬ ‫ّ‬ ‫الخاصة" وتقاطعه مع مطالب الشعوب لتكون ثورات الربيع العربي نوع من األلعاب الدولية في المخطط‬ ‫األمريكي أو مخطط أرباب المال في العالم لخلق األزمات واالستفادة منها.‬ ‫ّ‬ ‫تندرج هذه المقالة تحت بند " مقاالت المعلومات" والتحليل الجيوسياسي، ويجب االنتباه إلى تناول -‬ ‫الكاتب الموضوع من جهة "الجيوسياسة" الصرفة دون التطرق إلى تاريخ نظام األسد القمعي والفاسد.‬ ‫المقالة مهمة كونها تفتح بابا ً (حتى لو اختلفنا معها) لفهم الصراع من جوانب أخرى مغيبة عن الحرب -‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلعالمية، وفهم هذا الجانب والبحث فيه ووضعه في عين االعتبار كمحور أساسي في الصراع الدولي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجاري اآلن حول سورية. وحتى لو اعتبرنا أنّ هؤال المحللين يؤثرون سلبا ً على الثورة السورية، فال‬ ‫مانع أبداً من معرفة أدوات تحليلهم واالستفادة منها.‬ ‫باسل وطفه‬
  • 2. ‫في الثالث عشر من أكتوبر أعاد الجيش التركي إطالق قذائف الهاون داخل األرض السورية.قام الجيش التركي‬ ‫بهذا العمل بغية خلق منطقة عازلة بعرض 10 كم داخل األراضي سورية، والذي كان ردّ اً على مزاعم تقول أن‬ ‫مدنيين أتراك قتلوا برصاص الجيش السوري على الحدود بين البلدين. ثمة تخمين انتشر على نطاق واسع على‬ ‫ّ‬ ‫أن قذائف الهاون السوري التي قتلت خمسة مدنيين أتراك قد تم اطالقها من قبل قوى المعارضة السورية‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المسلحة والمدعومة من تركيا إلعطا تركيا الذريعة الالزمة للتحرك عسكريا ً. وهذا ما يسمى في مصطلحات‬ ‫ّ‬ ‫المخابرات العسكرية " عملية الراية المزيفة" . وزير الخارجية التركي الرجل الغامض والصديق لألخوان‬ ‫ّ‬ ‫المسلمين أحمد داوود أوغلو هوفعليا المهندس الرئيسي لالستراتيجية التركية الهادفة إلى تدمير بشار األسد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حليفه السابق ذاتيا ً. بحسب أحد التقارير الصادرة عام 2116، حول حكومة رئيس مجلس الوزرا المسلم السني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫رجب طيب أردوغان و حزب العدالة والتنمية الداعم لألخوان المسلمين،فإن تركيا قد أصبحت المركز الجديد لحركة‬ ‫األخوان المسلمين العالمية. أحد مصادر المعلومات الجيدة والتي ينسب إليها التقرير القول إلى أنه: قبل‬ ‫االنتخابات التركية األخيرة ، تلقى حزب أردوغان "العدلة والتنمية " تبرعا ً بقيمة 10 مليارات دوالر من حكومة‬ ‫المملكة السعودية، قلب العالم السلفي الجهادي المحكوم بالعبا ة الوهابية المتشددة والمتزمتة.منذ عام 1950‬ ‫وعندما قامت وكالة المخابرات االمريكية بنقل األعضا القياديين المنفيين من جماعة األخوان المسلمين‬ ‫المصريين إلى السعودية ، كان قد حصل نوع من الدمج بين الصيغة السعودية الوهابية وبين العدوانية المتطرفة‬ ‫ّ‬ ‫الجهادية لالخوان المسلمين.‬ ‫ردّة الفعل التركية على قذيفة هاون سورية واحدة والتي قوبلت باعتذار مباشر عن الحادثة هي بمثابة اعالن حرب‬ ‫ُّ‬ ‫على طول الحدود بين الدولتين واللتين كانتا حتى العام الماضي حليفين مقربين تاريخيا وثقافيا واقتصاديا وحتى‬ ‫دينيا ً.‬ ‫خطر الحرب هو احتمال أكثر جدية. تركيا هي عضو كامل العضوية في حلف الناتو والذي ينص ميثاقه صراحة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اتو هو هجوم على جميع دول الحلف. وفي الحقيقة فإن الدوليتين‬ ‫على أن : الهجوم على أي دولة عضوة في النّ‬ ‫النوويتي ن روسيا والصين قد وضعتا الدفاع عن نظام الرئيس السوري بشار األسد على رأس أولوياتهما‬ ‫ّ‬ ‫االستراتيجية مساهمتين في جعل شبح حرب عالمية يقترب إلى درجة أكثر مما يمكن لنا أن نتخيل.‬ ‫في ديسمبر للعام 0016 ،وفي تحليله حول القوى المتنافسة في اإلقليم، ، قال المحلل السابق في وكالة المخابرات‬ ‫األمريكية "فيليب غير" كاشفا ً ببصيرة عميقة الرؤية:‬ ‫" كان الناتو قد شارك مسبقا ً وبصورة سرية في الصراع في سوريا، بالتعاون مع تركيا التي تعمل بمثابة الوكيل‬ ‫ّ‬ ‫الرئيسي للواليات المتحدة. وزير خارجية أنقرة أحمد داوود أوغلو قد أقر بشكل صريح أن بالده تستعد لالجتياح‬ ‫ّ‬ ‫حالما يتم االتفاق بين حلفائنا في الغرب على أن نفعل ذلك. سيتم التدخل على أسس انسانية لحماية السكان‬ ‫ّ‬ ‫ل في ليبيا.‬‫المدنيين وعلى أساس مبدأ " مسؤولية حماية" العقيدة التي تم االستعانة بها لتبرير التدخّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تصل طائرات حربية ال تحمل عالمة الناتو إلى القواعد العسكرية التركية قريبا ً من االسكندرون على الحدود‬ ‫افي باإلضافة إلى المتطوعين من‬ ‫السورية،و تقوم بتسليم أسلحة من الترسانة العسكرية المتبقية بعد سقوط القذّ‬ ‫المجلس الوطني االنتقالي الليبي وأصحاب الخبرة في كيفية تأليب المتطوعين وتأهيلهم ضد القوات العسكرية‬ ‫ّ‬ ‫المدربة، تلك المهارة التي اكتسبوها في مواجهة جيوش القذافي. اسكندرون أيضا ً هي مركز الجيش السوري‬ ‫الحر، الجناح المسلّح للمجلس الوطني السوري. مدربون من القوات الخاصة الفرنسية والبريطانية متواجدون‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫على األرض و يقدمون المساعدة للمتمردين السوريين ، بينما تقوم المخابرات المركزية األمريكية والعمليات‬ ‫ّ‬ ‫الخاصة بتأمين وسائل االتصال والدّعم االستخباراتي لمساعدة المتمردين وتمكين المقاتلين منهم من تجنب‬ ‫ّ‬ ‫التجمعات الكبيرة للجنود السوريين.‬
  • 3. ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ثمة حقيقة لم تحظ بالعناية ، ذلك أنه في اليوم نفسه حين قامت تركيا بالرد المفرط نسبيا ً وبصورة عملية‬ ‫ّ‬ ‫عسكرية هجومية على األراضي السورية والتي ال تزال سارية حتى كتابة هذا المقال،شرعت قوات الدفاع‬ ‫ّ‬ ‫االسرائيلية "دي آي إف) بشكل واضح بما بدا أنه عمل لتحويل انتباه السوريين عن األتراك ولخلق سيناريو‬ ‫ّ‬ ‫رعب حول أحتمال تشكل حرب ثنائية الجبهة مشابهة لما واجهته ألمانية في الحربين العالميتين. قامت قوات‬ ‫الدفاع االسرئيلي بحشد قوات برية مهمة في مرتفعات الجوالن االستراتيجية التي تشكل الحدود بين الدولتين،‬ ‫ّ‬ ‫والتي بقيت منذ استيال اسرائيل عليها عام 1250 منطقة خالية من التوتر.‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ما يتكشف عنه الطور الجديد من التدخل العسكري األجنبي من قبل تركيا، أنه في الحقيقة قد تمت مساندته من قبل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نظام اليمين االسرائيلي في حكومة نتنياهو وهو واضح أيضا ً إذ أنه بأنه أتى الحقا ً للرسالة التي أوجزت‬ ‫السيناريو والتي صدرت عن المؤسسة البحثية التابعة للمحافظين الجدد في واشنطن " معهد بروكينغز" " في‬ ‫ّ‬ ‫مسودة استراتيجية أصدروها في مارس 6016 بعنوان :" حماية سورية وتقييم خيارات تغيير النظام". وضع‬ ‫ّ‬ ‫االستراتيجيون الجيوسياسيون في معهد بروكينغز خطة إلسا ة استخدام ما يسمى االعتبار االنساني مقابل موت‬ ‫المدنيين كما حدث في ليبيا عام 0016 لتبرير تدخل عسكري شرس في سوريا ،وهو شئ لم يتم استخدامه من‬ ‫ّ‬ ‫قبل.‬ ‫تقرير بروكينغز يذكر السيناريو التالي :‬ ‫ّ‬ ‫بإمكان اسرائيل أن تنشر قوات عسكرية قرب مرتفعات الجوالن ويمكن لهذا العمل أن يحول انتباه قوات النظام‬ ‫السوري عن قمع المعارضة. هذه الحالة قد تثير مخاوف النظام في سوريا من احتمال حرب متعددة الجبهات‬ ‫خاصة إذا كانت تركيا ستفعل الشئ ذاته على حدودها وإذا قامت كذلك بمد المعارضة بصورة ثابتة بالسالح‬ ‫ّ‬ ‫والتدريب.‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫هذا ما يبدو أنه تكشف بدقة في األيام المبكرة من أكتوبر 6016. معدو تقرير معهد بروكينغز على صلة بجهة أكثر‬ ‫ّ‬ ‫شهرة بين المحافظين الجدد وهم المعروفون بصقور الحرب الذين وقفوا خلف حرب بوش- تشيني على العراق.‬ ‫وعرابهم هو مركز سابان لسياسة الشرق األوسط ووالذي يضم مستشار السياسة الخارجية لمرشح جناح اليمين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجمهوري ميت رومني، المرشح الصريح المفضل لالسرائيلي نتنياهو.‬ ‫بروكينغز- مركز سابان لسياسة الشرق األوسط قد تم انشاؤه من المتبرع الرئيسي حاييم سابان. حاييم سابان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اسرائيلي –أمريكي وهو ملياردير اإلعالم والذي يمتلك أيضا ً عمالق اإلعالم األلماني . حاييم سابان يتحدّث بشكل‬ ‫ّ‬ ‫صريح عن أن هدفه هو تمثيل مصالح اسرائيلية النوعية في عمله االنساني. كانت النيويورك تايمز قدّ لقبته‬ ‫ّ‬ ‫"مشجع اسرائيل الذي ال يمل ّ". سابان كان قد أخبر الصحيفة نفسها في مقابلة عام 2116 : أنا رجل صاحب‬‫ّ‬ ‫قضية واحدة وهذه القضية هي اسرائيل.‬ ‫مجلس إدارة مركز سابان إضافة إلى الباحيثين فيه يظهرون انحيازاً واضحا إلى المحافظين الجدد وحزب الليكود.‬ ‫القديم الجديد "شلومو يناعي" القائد السابق لعمليات التخطيط العسكري في قوات الدفاع االسرائيلية."مارتين‬ ‫إندايك" السفير األمريكي السابق لدى اسرائيل ومؤسس معهد واشنطن لسياسة الشرق األدنى الداعم إلسرائيل،‬ ‫واللوبي الرئيسي لسياسة الليكود في واشنطن. الزائرون في هذا المعهد أيضا ً : "آفي دكتر" رئيس سابق لجهاز‬ ‫المخابرات االسرائيلي " الشين بيت" ،" يوسف كوبرواسر" الرئيس السابق لدائرة االبحاث وإدارة جيش الدفاع‬ ‫االسرائيلي في االستخبارات العسكرية. الباحثون الدائمون من أمثال: "بروس رايدل"، شاب في الثالثين خبير‬ ‫وكالة االستخبارات االمريكية لشؤون الشرق األوسط ومستشار أوباما لشؤون أفغانستان. "كينيث بوالك" خبير‬ ‫الشرق األ وسط سابق لدى وكالة المخابرات األمريكية والذي وردت اإلشارة إليه في فضيحة تجسس اسرائيلية‬ ‫ّ‬ ‫حينما كان موظفا ً في وكالة األمن القومي في عهد إدارة الرئيس بوش.‬
  • 4. ‫لماذا تريد اسرائيل التخلّص من عدو تعرفه "بشار األسد" مقابل نظام يسيطر عليه اإلخوان المسلمون؟ على ما‬ ‫يبدو أن أمن اسرائيل سيكون مهدّداً بصعود أنظمة األخوان المسلمين المتشددة في مصر من جهة الجنوب‬ ‫وسوريا من جهة الشمال وربما قريبا ً في األردن؟؟‬ ‫ّ‬ ‫البعد الجيوسياسي :‬ ‫السؤال المهم الذي ينبغي طرحه في هذا النقطة، مالذي يمكن أن يجمع اسرائيل،مع تركيا وقطر في صيغة تحالف‬ ‫ّ‬ ‫شرير من جهة. وسوريا وايران والصين وروسيا في جهة أخرى في مواجهة مميتة كهذه على حساب المستقبل‬ ‫السياسي لسوريا؟ جواب وحيد هو "الجيوسياسة" المتعلقة بالطاقة.‬ ‫ما يجب أن يؤخذ في عين االعتبار بعد ذلك هو الحسابات الجيوسياسية للشرق األوسط واألهمية التي تتزايد‬ ‫بصورة مضطردة للسيطرة على الغاز الطبيعي ليس فقط من أجل مستقبل دول الشرق األوسط المنتجة للغاز، بل‬ ‫أيضا ً من أجل مستقبل االتحاد األوروبي وأوراسيا التي تضم روسيا كمنتجة للغاز والصين كمستهلكة له.‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الغاز الطبيعي يبرز على نطاق واسه بصفته الخيار األمثل للطاقة "النظيفة"، ليحل محل ّ الفحم ومولدات الطاقة‬ ‫الكهربائية النووية في منطقة االتحاد االوروبي وخاصة بعد القرار األلماني بإيقاف عملها تدريجيا ً عقب كارثة‬ ‫ّ‬ ‫فوكوشيما. يعتبر استخدام الغاز بأنه " صداقة للبيئة" فيما يتعلق بما يسمى بصمة الكربون " مصطلح يدل ّ على‬ ‫ّ‬ ‫كمية ثاني أوكسيد ا لكربون المنبعث نتيجة استخدام الوقود األحفوري". الطريقة العملية التي ستمكن حكومات‬ ‫االتحاد األوروبي بد اً من المانية مرورا بفرنسا،إيطاليا وإسبانيا لتحقيق هدفها بتخفيض غاز ثاني أوكسيد‬ ‫الكربون بحلول العام 1616 هو تحقيق االنتقال الرئيسي الستخدام الغاز بصورة رئيسية عوضا ً عن الفحم. يقلل‬ ‫استخدام الغاز انبعاث ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 19-12% قياسا ً للفحم. يحقق استخدام الغاز أيضا ً كلفة‬ ‫ّ‬ ‫اقتصادية أقل بكثير من استخدام طاقة الرياح وأشكال الطاقة البديلة . يتصاعد الطلب على الغاز كمصدر للطاقة‬ ‫ّ‬ ‫اشئ واألكبر للغاز في العالم.‬ ‫وبشكل أساسي من قبل االتحاد األوروبي، والذي يشكل السوق النّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال ثروات هائلة من الغاز المكتشفة في اسرائيل، قطر، وسوريا تلتقي مع صعود االتحاد األوروبي كأكبر مستهلك‬ ‫محتمل للغاز الطبيعي في العالم. يلتقي كل هذا ليشكل األساس في الصراع الجيوسياسي ضد نظام األسد.‬ ‫خط أنابيب الغاز الطبيعي إيران – العراق- سوريا:‬ ‫في يوليو 0016 وحين كانت عمليات زعزعة االستقرار التي يقوم بها الناتو ودول الخليج على أعلى مستوياتها ،‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وقعت حكومات سوريا والعراق وإيران اتفاقية تاريخية لمد خط أنابيب الغاز ولم تحظ بالمالحظة على نطاق‬ ‫ّ‬ ‫واسع ضمن تقارير وكالة األخبار سي إن إن حول االضطرابات في سوريا. بتكلفة قُدرت بحوالي 10 مليارات‬ ‫ّ‬ ‫دوالر وفترة زمينة لالنجاز حوالي 3 سنوات ،سيمتد هذا الخط من مينا "أسلويه" اإليراني قرب حقل فارس‬ ‫الجنوبي على الخليج العربي، إلى دمشق في سوريا عبر األراضي العراقية. تخطط إيران أساسا ً لتمديد خط الغاز‬ ‫ّ‬ ‫من دمشق إلى موانئ لبنان على البحر المتوسط ليتم تسليمه من هناك إلى أسواق االتحاد األوروبي. وتشتري‬ ‫سوريا الغاز اإليراني حسب االتفاق العراقي الحالي لشرا الغاز االيراني من حصة إيران في حقل فارس.‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫جنوب فارس حيث يتجمع احتياطي الغاز الضخم بين قطر وإيران في الخليج العربي والذي يعتقد أنه حقل الغاز‬ ‫ّ‬ ‫المنفرد األكبر في العالم. في الواقع سيكون هذا هو خط الغاز "الشيعي" عبر األرض ذات الغالبية الشيعية‬ ‫"العراق" إلى الشيعة -علويي األسد األصدقا ، ما يزيد الصورة درامية ، هو وقوع الغاز المكتشف في فارس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجنوبية تماما ً في منتصف التقسيم اإلقليمي في الخليج العربي بين إيران الشيعية وقطر السلفية السنية. حدث أن‬ ‫ّ‬ ‫كانت قطر أيضا ً محور القيادة المركزية للبنتاغون- مركز قيادات القوة الجوية األمريكية – المجموعة الجوية‬ ‫المحمولة آر إي إف رقم 33 – والجناح 513 للقوة الجوية المحمولة األمريكية. باختصار، قطر إضافة المتالكها‬
  • 5. ‫واستضافتها لتلفزيون الجزيرة المعادي لألسد، والذي ينشر الدعاية المضادة لسوريا على امتداد العالم العربي،‬ ‫فإن قطر مرتبطة على نحو وثيق بوجود الناتو والواليات المتحدة العسكريين في الخليج.‬ ‫على ما يبدو فإن لقطر خطط أخرى بما يتعلق بحصتها بحقل فارس الجنوبي بعيداً عن االنضمام إليران والعراق‬ ‫ّ‬ ‫وسوريا لتجميع الجهود. ليس لدى قطر مصلحة في نجاح خط الغاز اإليراني – العراقي –السوري والذي سيكون‬ ‫مفصوالً تماما ً عن مناطق العبور الخاصة بتركيا وقطر للوصول إلى السوق األوروبية. في الحقيقة تفعل قطر كل‬ ‫ما بوسعها لتخريب هذا المشروع وصوالً إلى ما يشمل تسليح مقاتلي المعارضة السورية المشرذمة. العديد منهم‬ ‫جهاديون تم إرسالهم من بالد أخرى مثل السعودية، باكستان وليبيا.‬ ‫ّ‬ ‫يضاف إلى عزم قطر على تحطيم التعاون اإليراني العراقي السوري،اكتشاف حقل الغاز الضخم في يوليو 0016‬ ‫ّ‬ ‫في منطقة قارة من قبل الشركات السورية قريبا ً من الحدود اللبنانية وقريبا ً أيضا ً من مينا طرطوس الذي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تستأجره البحرية الروسية في مدينة طرطوس السورية على البحر المتوسط وبالتالي أية عملية لتصدير الغاز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السوري أو اإليراني إلى االتحاد األوروبي ستتم عبر المينا الذي تسيطر عليه روسيا. بحسب مصادر جزائرية‬ ‫مطلعة، فإن اكتشافات الغاز الجديدة في سورية،برغم تقليل الحكومة السورية من أهميتها، تقارب أو تفوق تلك‬ ‫ّ‬ ‫المكتشفة في قطر.‬ ‫ّ‬ ‫بحسب المحلل الجيد االطالع في آسيا تايمز بيب إسكوبار، فقد أشار في ورقته األخيرة، أن المخطط القطري‬ ‫ّ‬ ‫يهدف لتصدير المخزون الهائل من الغاز لديها عبر خليج العقبة في األردن، حيث يشكل األخوان المسلمون تهديداً‬ ‫ّ‬ ‫لدكتاتورية الحكم الملكي. كان األمير القطري قد قطع مؤخراً صفقته مع األخوان المسلمين والتي دعم فيها‬ ‫توسعهم على المستوى الدولي في مقابل ميثاق يحقق له السالم في بلده قطر. نظام أخوان مسلمين في األردن،‬ ‫ّ‬ ‫وآخر في سوريا مدعومان من قطر، سيغيران كليا ً الوضع الجيوسياسي المتعلق باسواق الغاز في العالم مفاجئ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وعلى نحو مفاجئ و حاسم لمصلحة قطر وضد مصلحة روسيا وسورية وإيران والعراق وسيشكل تأثيرا ً سلبيا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اتجاه الصين.‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كما يشير إسكوبار : من الواضح أن هدف قطر هو قتل مشروع خط الغاز الذي يكلف 10 مليارات دوالر بين إيران‬ ‫والعراق وسورية، الصفقة التي تم حسمها حتى حين كانت االحتجاجات في سورية قد وقعت مسبقا ً. نرى هنا قطر‬ ‫ّ‬ ‫وقد دخلت في منافسة مباشرة مع إيران كبلد منتج وسورية كنقطة وصول. وبدرجة أقل مع العراق كبلد عبور.‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫من المفيد أن نتذكر أن طهران وبغداد تقفان بعناد ضد تغيير النظام في سورية. يضيف أسكوبار: إذا كان هناك من‬ ‫ّ‬ ‫تغيير للنظام في سورية بمساعد ة اجتياح مدعوم بالغاية القطرية فإن األمور ستغدو أسهل فيما يتعلق بشبكة مدّ‬ ‫خطوط الغاز بايبالينستان . مصطلح ابتكره إسكوبار لوصف الشبكات الواسعة من خطوط النفط والغاز الممتدّة‬ ‫والتي تتقاطع ساحات القتال المحتملة بين اإلمبراطوريات على الكرة األرضية. من المرجح أكثر أن يرحب نظام‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحق لسقوط لألسد ذو طبيعة إخوانية بخط الغاز القطري مما سيجعل إمكانية توسيعه لألراضي التركية أكثر‬ ‫سهولة كذلك.‬ ‫مأزق الغاز اإلسرائيلي:‬ ‫ما يزيد تعقيد الصورة أكثر، هو االكتشافات األخيرة لمخزونات هائلة من الغاز الطبيعي في المياه البحرية‬ ‫اإلسرائيلية. حقل الغاز الطبيعي ( تامار) الواقع قبالة الساحل شمال إسرائيل من المتوقع أن يبدأ انتاج الغاز‬ ‫لالستخدام االسرائيلي في اواخر 6016. ما غير اللعبة هو االكتشاف الدراماتيكي في أواخر 1016 لحقول ذات‬ ‫ّ‬ ‫رقي. في‬ ‫مخزون ضخم من الغاز الطبيعي في المياه البحرية االسرئيلية فيما يسميه الجيولوجيون : الحوض الشّ‬ ‫ّ‬ ‫أكتوبر 1016 اكتشفت اسرائيل حقالً عمالقا ً للغاز الطبيعي في المياه البحرية في المنطقة التي تطلق عليها :‬ ‫ّ‬ ‫النطاق االقتصادي الخاص.‬
  • 6. ‫االكتشاف يقع على بعد 23 ميل إلى الغرب من مينا حيفا وبعمق ثالثة أميال. وقد أسموه " اللوياثان" = وحش‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫البحر المذكور في التوراة. ثالثة من شركات الطاقة اإلسرائيلية بالتعاون مع هيوستن تكساس نوبل للطاقة أعلنت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن توقعات أولية تشير إلى أنّ الحقل يحتوي 20 تريليون قدم مكعب من الغاز بما يجعله الحقل األكبر في المياه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العميقة الذي تم اكتشافه خالل عقد من الزمن.ذلك ما يضعف الثقة بنظريات " ذروة النفط " التي تقول أن األرض‬ ‫ّ‬ ‫تعيش حالة من التناقص والغير مسبوق من النفط والغاز والفحم. من المنظور الرقمي فإن حقل "اللوياثان"‬ ‫ّ‬ ‫سيمتلك من االحتياطي ما يكفي لتلبية حاجات اسرائيل من الغاز لمئة عام.‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫االكتفا الذاتي من الطاقة كان قد استعصى في اسرائيل منذ نشوئها عام 3250. اكتشافات كثيرة جداً للنفط والغاز‬ ‫ّ‬ ‫خلُصت وبصورة مكررة إلى نتيجة هزيلة. على عكس جيرانها من البلدان العربية الغنية، بدت اسرائيل معدومة‬ ‫الحظ. بعدئذ في العام 5116 نوبل للطاقة شريك اسرائيل تكساس اكتشف حقل "تامار" في الحوض الشرقي على‬ ‫ّ‬ ‫بعد حوالي 19 ميل غربي مينا حيفا بمخزون متوقع حوالي 3.3 تريليون قدم مكعب ألعلى نوعية من الغاز‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫الطبيعي. تامار كان أكبر الحقول المكتشفة في العالم للعام 5116. في ذلك الوقت كان االحتياطي االسرائيلي الكلّ‬ ‫ّ‬ ‫المتوقع من الغاز حوالي 9.0 تريليون قدم مكعب. توقعات الحكومة االسرائيلية كانت على أن لدى اسرئيل حقل‬ ‫ّ‬ ‫وحيد هو يام تيتايس. والذي يؤمن حوالي 11% من حاجة البلد للغاز الطبيعي والذي من المتوقع أن ينضب في‬ ‫غضون ثالث سنوات. مع اكتشاف حقل تامار بدأت االفاق لتبدو افضل كثيراً، وبعد سنة من اكتشاف تامار، نفس‬ ‫المجموعة بقيادة نوبل للطاقة، حققت ضربتها باكتشاف أكبر حقل للغاز خالل تاريخها الطويل في نفس الحوض‬ ‫الجيولوجي الشرقي نفسه. التقديرات الحالية تشير إلى أن حقل اللوياثان يختزن على األقل 10 تريليون قدم‬ ‫مكعب من الغاز الطبيعي. اسرائيل انتقلت من حالة المجاعة في الغاز إلى مرحلة التخمة في غضون أشهر.‬ ‫ّ‬ ‫تواجه إسرائيل حاليا ً مأزقا ً استراتيجيا ً شديد الخطورة، بطبيعة الحال اسرائيل ليست متحمسة كثيراً لرؤية سوريا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األسدية، والمرتبطة بالقوس المعادي لها " إيرا- العراق- لبنان" قادرة على منافستها في عملية تصدير الغاز‬ ‫لألسواق األوروبية، هذا ما يمكن أن يفسر العبث الذي مارسته حكومة نتنياهو ضمن صفوف القوات المعادية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ة حول محمد شقفة ستواجه‬ ‫لألسد. على أية حال، حكم اإلخوان المسلمين في سوريا بقيادة الجماعة الملتفّ‬ ‫ّ‬ ‫إسرائيل بعدائية أكبر كما هي الحال في انقالب األخوان المسلمين المصريين برئاسة محمد مرسي والتي أسست‬ ‫لنظام معادي على حدود اسرائيل الجنوبية.‬ ‫ليس سراً أن هناك عدائية تمتد إلى الكراهية بين نتنياهو وإدارة الرئيس أوباما. البيت البيض والخارجية األمريكية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تدعم وبشكل صريح نظام األخوان المسلمين في الشرق األوسط.اجتماع هيالري كلينتون مع الوزير التركي أحمد‬ ‫ّ‬ ‫داوود أوغلو في أغسطس من هذا العام هدف بحسب التقارير إلى دفع تركيا لتصعيد تدخلها العسكري في سورية‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫، ولكن دون دعم أمريكي مباشر بسبب التوجهات السياسية لالنتخابات األمريكية الهادفة لتجنب تورط جديد في‬ ‫ّ‬ ‫كسر الجليد في الشرق األوسط.‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نائبة رئيس الموظفين في وزارة الخارجية األمريكية " هما عابدين" ، اتهمت من قبل عدد من نواب الكونغرس‬ ‫ّ‬ ‫الجمهوريين بارتباطاتها مع منظمات خاضعة ليسطرة األخوان المسلمين. داليا مجاهد التي عينها أوباما في‬ ‫المجلس االستشاري لألديان وشراكات الجوار، وهي عضوة في المجلس االستشاري األمريكي التابع لوزارة األمن‬ ‫الوطني. لها ارتباطات واضحة مع األخوان المسلمين ،و عدا واضح إلسرائيل باالضافة إلى مطالبتها بإسقاط‬ ‫أسد سورية. واشنطن أوباما تبدو بصورة مؤكدة داعمة ل "حصان" األخوان المسلمين" في السباق على‬ ‫السيطرة على الغاز المتدفق في الشرق األوسط.‬
  • 7. ‫والدّ ور الروسي:‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تدخل واشنطن مؤقتا ً في لعبة شد الحبل آملة إضعاف األسد على نحو مهلك بشكل ال يظهر تدخلها المباشر، وفيما‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫يتعلق بالجز الروسي، تلعب روسيا لعبة حياة أو موت من أجل مستقبل أكثر مفاتيحها الجيوسياسية فعالية وهو‬ ‫ّ‬ ‫دورها كمزود رئيسي للغاز الطبيعي إلى اإلتحاد األوروبي. "غازبروم" الشركة المملوكة للدولة الروسية بدأت‬ ‫بتزويد الغاز الروسي إلى شمال ألمانية عبر خط غاز المعبر الشمالي تحت بحر البلطيق من المينا القريب من‬ ‫سان بطرسبرج. من الناحية االستراتيجية يبدو حيويا ً لروسيا من اجل مستقبل الدور الروسي كمزود للغاز‬ ‫الطبيعي لإلتحاد األوروبي، استمرار قدرتها على لعب دور استراتيجي في استغالل مخزونات الغاز المكتشفة حديثا ً‬ ‫في عالقتها مع زبائنها السابقين إبان فترة الحرب الباردة.، كانت سورية وموسكو قد تشاركتا العمل في تعزيز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتسويق خط الغاز في المجرى الجنوبي في قلب أوروبا كبديل عن مشروع واشنطن خط أنابيب "نابوكو" والذي‬ ‫تم تصميمه بغية حصر روسيا ضمن األرض الباردة.‬ ‫ّ‬ ‫"غازبروم" هي المزود األكبر للغاز الطبيعي لالتحاد األوروبي عبر المعبر الشمالي وخطوط أخرى، و تخطط‬ ‫ّ‬ ‫لزيادة نسبة الغاز المتدفق إلى أوروبا هذا العام بنسبة 60% أي إلى 990 مليارمتر مكعب، "غازبروم" تسيطر‬ ‫حاليا ً على ما نسبته 96% من مجموع سوق الغاز األوروبية وتهدف إلى الوصول إلى نسبة 13% مع اكتمال‬ ‫المعبر الجنوبي والمشروعات األخرى.‬ ‫ّ‬ ‫راينر سيلي، رئيس ينترشال األلمانية، شريك كازبروم في المعبر الشمالي عبر عن أن التفكير بالمنحى الجيو‬ ‫ّ‬ ‫سياسي هو ما يقف خلف القرار باالنضمام إلى "المعبر الجنوبي" : "في السباق الدولي ضد البلدان اآلسيوية‬ ‫حول المواد الخام، المعبر الجنوبي كما هو المعبر الشمالي سوف يؤمن العبور نحو مصادر الطاقة الحيوية‬ ‫بالنسبة إلى اقتصادنا". ولكن بدالً من آسيا، فإن التركيز الفعلي للمعبر الجنوبي سيكون موجها للغرب. المعركة‬ ‫ّ‬ ‫ز. الرابح‬ ‫ّ‬ ‫الجارية بين المعبر الجنوبي الروسي ونابوكو المدعوم من واشنطن هي جيوسياسية على نحو مركّ‬ ‫ٍ‬ ‫سيحوز ميزة أساسية في ملعب السياسة المستقبلية على الساحة األوروبية.‬ ‫ّ‬ ‫في الوقت الحالي، تشكل سورية خياراً رئيسيا ً جديداً كمصدر رئيسي لتدفقات الغاز التي تديرها روسيا في عالقتها‬ ‫ّ‬ ‫مع االتحاد األوروبي. إذا كتبت النجاة لألسد، ستكون روسيا في موقع المنقذ لتلعب دورا ً حاسما ً في تطوير‬ ‫واستغالل الغاز السوري. اسرائيل، حيث لروسيا العديد من األوراق القوية لتلعبها. من الممكن نظريا ً أن تنتقل‬ ‫لدعم مجموعة الغاز : روسيا – سورية- إيران- العراق حيث من الممكن السرائيل وإيران أن يصال إلى نقطة لقا‬ ‫في المصالح النووية أو القضايا األخرى. ليس ذلك مستحيالً حيث مجموعة المصالح السياسية قد تتغير عقب‬ ‫االنتخابات األخيرة. تركيا، الغارقة في معركة داخلية بين محمد داوود أوغلو والرئيس غول من جهة ورجب طيب‬ ‫أردوغان من جهة أخرى، تعتمد على غازبروم الروسية للحصول على حوالي 12% من الغاز الالزم للصناعة‬ ‫ّ‬ ‫التركية، وإن كتبت الخسارة لداود أغلو وفريقه، من الممكن لتركيا أن تلعب دوراً بنا ً في المنطقة كبلد عبور‬ ‫للغاز السوري واإليراني.‬ ‫معركة السيطرة المستقبلية على سورية، هي في قلب هذه الحرب الجيوسياسية الشاملة الجارية بين شد وجذب.‬ ‫ّ‬ ‫ار‬ ‫وحلها سيحمل نتائج جمة إما لسالم عالمي أو لحرب وصراع وذبح ال ينتهي. تركيا العضوة في الناتو تلعب بالنّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كما يفعل أمير قطر، تماما ً مع ما يفعله نتنياهو اسرائيل وأعضا الناتو فرنسا والواليات المتحدة. الغاز الطبيعي‬ ‫ّ‬ ‫مادة القابلة لالشتعال والتي تغذي نار هذا التتنافس المجنون على الطاقة في هذه المنطقة.‬ ‫-‪ http://www.globalresearch.ca/syria-turkey-israel-and-the-greater‬الرابط األصلي للمقال :‬ ‫2097035/‪middle-east-energy-war‬‬